القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار الرياضة

رواية زيغة الشيطان أضواء_مبعثرة الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم فاطمة طه سلطان & فاطمة محمد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا


رواية زيغة الشيطان أضواء_مبعثرة الفصل الثالث والرابع والخامس بقلم فاطمة طه سلطان & فاطمة محمد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا 


اذكروا الله

يَخرجُ جمالُكِ عن السيطرة في كلِّ مرةٍ أراك فيها .

مقتبس.

"في مساء يوم الخميس" 


حل المساء و تلألأت السماء بالنجوم المنيرة.

وامتلأت الحديقة بعدد لابأس به من الصحافيين، الذي قام أمجد بدعوتهم، فبات هناك صراع خفي بينهم، راغبين بالانفراد بصورهم التي ستلتقطها عدساتهم…. 


كانت المقاعد والطاولات الدائرية الصغيرة المغطاة بمفارش حمراء داكنة اللون ناعمة الملمس، تلفت الأنظار بشدة، خاصة تلك الورود الحمراء الموضوعة عليها و يتخللها  لون أبيض براق، زادها جمالًا، وباتت خاطفة للألباب لا محال..


كما تزينت الأشجار الكبيرة التي تحاول الحديقة، بأضواء بيضاء ساطعة…


أما بالأعلى تحديدًا داخل حجرة نوم الزوجين..


كان يذرع الغرفة ذهابًا وإيابًا وصوته يدوى بمرح مستعجلًا إياها وبسمة محبة تزين ثغره:

-إيه يا بتول، كل ده بتلبسي، مكنش حتة فستان، يلا هموت واشوفه عليكي..


-حاضر حاضر خارجة اهو.


قالتها وهى تفتح باب الغرفة الخاصة بالملابس لتطل بفستانها الراقي الكلاسيكي، أحمر اللون يتماشى مع لون الكرافت الخاص بأمجد.. 


طالعها من أسفلها لأعلاها بدءًا من كعبها العالي الذي ينبه عن حضورها، حتى خصلاتها الطويلة التي جعلتها تناسب على ظهرها فسوف تأتي إحدى المتخصصين بهذا المجال لتصفيفه…


كانت هيئتها خاطفة الأنفاس والأنظار بـ آن واحد، رغم بساطتها واحتشامها إلا أنه لن يستطع أحد أن ينافسها اليوم في نظره.

بارح مكانه مقتربًا منها حد الالتصاق، لا يستمع لكلماتها المستفسرة عن هيئتها، ملتقطًا يدها بحب مُقربًا إياها من ثغره مقبلًا إياها بنهم شديد.


اتسعت ابتسامتها من نظراته التي تكاد تلتهمها، وأخذت تعيد سؤالها على مسامعه لعله يجيب تلك المرة:

-بقولك إيه رأيك، وحش ولا إيه. 


استمع لكلماتها تلك المرة، فأجاب عليها ويداه تحاوط خصرها بتملك وحب، وعيناه ترتكز على عيناها البنية بينما هي يأسرها بعينه الخضراء

-وحش إيه بس، حرام عليكي، هتعملي فيا إيه اكتر من كدة.


أنهى كلماته مقتربًا من عنقها ملثمًا إياه بهدوء..اتسعت عيناها من فعلته وابتعدت عنه طاردة تأثيره عليها قائلة بتلعثم وضحكة خجولة:

-خلينا ننزل يا أمجد.


لم يجيبها فقط قطع المسافة بينهم وحاوطها ثانية، هاتفًا بمرح شديد:

-أمجد مين !!


كادت تكمل لولا اصبعه الذي وضع على ثغرها يمنعها من استرسال الحديث، هامسًا جوار أذنيها:

-هششش، متكمليش، أنا بس حابب اقولك قبل ما ننزل تحت، كل سنة وأحنا مع بعض، ونحتفل بعيد جوازنا السنة الجاية مع البيبي أن شاء الله يا أحلى حاجة في عُمري كله… 


شردت به وبعد لحظات كانت تتذكر هديتها لتقرر أن تهديه إياها قبل هبوطهم….


________ 


ترجل شهاب من السيارة واستقل المصعد حتى وصل إلى الطابق المنشود والتي تقطن به ريما وعائلتها .. ضغط على الجرس وما هي إلا ثوان وفتحت له الخادمة مُرحبة به، فأجابها بأقتضاب وقسمات حانقة واجمة وهو يلج المنزل:

-ريما فين؟ لسة مجهزتش !!


أجابته نافية برأسها:

-آنسة ريما في اوضتها، ثوانِ وهبلغها أن حضرتك وصلت..


اماء لها وتحرك تجاه غرفة الصالون يجلس بها منتظرًا وصولها..


على الطرف الآخر طرقت الخادمة على الباب طالبة الآذن، فـ آتاها صوت ريما مرددة:

-ادخل 


دخلت الخادمة قائلة بنبرة مهذبة:

-شهاب بيه وصل ومستني حضرتك. 


هزت لها رأسها وقالت وهى تتلفت حولها فهى لم ترتدي ولم تتجهز بعد فـ يا لحماقتها حينما تمسك قلمها وتبدأ بالرسم تنسى كل شيء.. 

-ماشي يا دادة، روحي وانا خرجاله وبلغي ماما بوصوله. 


أغلقت الخادمة الباب، ثم اتجهت صوب حجرة رشا والدتها حتى تخبرها بمجئ خطيب ابنتها..


بينما خرجت ريما من الحجرة متجهه لحجرة الصالون، فوجدته يقف أمام الشرفة المتواجدة ومن حين لآخر ينظر بساعة معصمه..

خرج صوتها هادئًا معتذرًا بحرج شديد:

-معلش يا شهاب، آسفة على التأخير، اديني بس عشر دقائق وهبقى جاهزة بأذن الله..


التفت شهاب مطالعًا إياها، وسرعان ما تحولت قسماته الحانقة إلى أخرى أشد حنق وصاح بأنفعال متفحصًا هيئتها، فحتى الآن لم تستعد بعد.

-أنتِ بتهرجي يا ريما، أنا مش متفق معاكي، المفروض أجي الاقيكي جاهزة، مش تلطعيني جمبك..


ازدردت ريقها الجاف، تطالعه بصدمه، لم تتوقع أن يغضب لتلك الدرجة...

اطرقت رأسها للأسفل وقالت بصوت مكتوم، محاولة كتم عبراتها التي أرادت التحرر من مقلتيها:

-أنا آسفه يا شهاب، بس


كادت أن تُكمل فقاطعها قائلًا:

-مش عايزك تتبرريلي يا ريما، عايزك تجهزي علشان نخلص..


بارحت مكانها دون أن تتفوه بحرف واحد، والضيق كان يعتريها من أسلوبه الحاد، فوجدت أمامها والدتها التي استمعت لتعنيفه لها ومحادثته لها بتلك الطريقة المنفعله..

ابتسمت لابنتها وربتت على ذراعيها مهونه عليها، فابتسمت لها ريما لا ترغب بأظهار ضيقها أمامها فأردفت رشا:

-ادخلي كملي يا ريما وانا هكلم مع شهاب شوية عقبال ما تخلصي..


غادرت ريما وولجت رشا الصالون مرحبة به على مضض:

-أهلًا يا شهاب نورت البيت..


ابتسم لها مجبرًا وأجابها:

-بنور حضرتك..


جلست على الأريكة مشيرة له حتى يجلس هو الآخر:

-اقعد يا شهاب واقف ليه!!


انصاع لها وجلس أمامها، فتحدثت هى اولًا جاذبة حواسه وانتباه لها..

-أنا سمعتك وأنت بتزعق في ريما ... ده مش أسلوب أقبله على بنتي .. إذا كنت بتزعقلها وهى لسة في بيت أبوها أومال لما تبقي في بيتك هتعمل أيه ؟!!! 

ريما حساسة أوي يا شهاب، ولما بتزعل بتكتم زعلها ومبتكلمش، بنتي رقيقة لأقصى درجة أحنا مجبناش غيرها يا شهاب..يعني مجلناش ولا هيجلنا اغلى منها…


صمتت قائلًا تتابع وقع حديثها عليه وعلى ملامحه، ومن الواضح ندمه على فعلته وتعنيفه لها، ثم استرسلت قائلة بحدة وتحذير طفيف: 

-لو مش هتعرف تحافظ عليها سيبها للي يحافظ عليها .. وياريت اللي حصل ميتكررش تاني علشان ساعتها هيكون في كلام تاني خالص…


_________ 


في الصعيد..


تتواجد في غرفته المتواجدة بالحديقة والذي انتقل إليها منذ أن وطأت بقدميها إلى الدوار…


عيناها تجوب بكل انش بها..تتأملها...تستنشق عبق رائحته التي تملأ المكان..وتشعر بتواجده من حولها...

مضت لحظات وهى على وضعها هذا ضاربة بتحذيره للجميع بألا يدخل أحد ل

غرفته...عرض الحائط…


التقطت عيناها صورة زوجته المتوفاه منذ عدة سنوات معلقة على الحائط والذي تزوج بها وهو شابًا يبلغ فقط عشرون عامًا....


كانت طفلة حينها...لم تكن تعي لشيء...فقط ما تدركه هو حديث رضوان عن أنها نصيب نجم العائلة ولن تكن لسواه....


اقتربت منها وأخذتها من مكانها... وأثناء تأملها سيطرت الغيرة على كل انش بها...فحتى الآن يتذكرها يرفض أن يراها..ولا يفكر سوى بها...تراها العائق الوحيد بينهم.... متغاطية عن فرق السن الشاسع بينهم....


زفرت بقوة متوعدة أن يكن لها..وليس لسواها..رفعت يدها كي تعلق الصورة ثانية لكنها سقطت منها رغمًا عنها... 


وضعت يدها على فوها...ذعرًا مما سيفعله بها....

ابتلعت ريقها وظلت تفكر فيما عليها أن تفعله...

واخيرًا قررت لملمة ذلك الزجاج الذي تناثر على الأرضية..

خرجت من الغرفة وولجت المنزل جالبة أدوات التنظيف…


لملمت ما فعلته ورفعت الصورة واضعة إياها على الفراش...وما ان انتهت خرجت من الغرفة وهى تحمل الادوات...

لكن تسمر جسدها وهى تراه أمامها..قد عاد من الخارج...ويطالعها..علامات الاستفهام بادية على قسماته..

متمتم بخشونة وحدة:

-أنتِ بتعملي إيه هنا..ايه اللي دخلك اوضتي مش قايل محدش يدخلها؟؟؟ 


انتهت كلماته و وقعت عيناه على ما بين يداه...

ازدردت غرام ريقها ومدت يدها تعطيه ادوات التنظيف التي تحوي على الزجاج المهشم مغمغمة بطريقة طفولية قبل أن تفر ركضًا من أمامه:

-بص متتعصبش بس اوضتك كانت منتنة وانا قولت انظفها و والله ما كان قصدي اكسر برواز حسناء...اققولك هجبلك واحد غيره عن إذنك هطير انا بقى بدل ما تطيرني انتَ…


_______ 


"بعد مضي نصف ساعة تقريبًا …

داخل سيارة شهاب" 


كانت ريما تجلس بالخلف بعدما آبت الجلوس جواره متحججة أنها ستنهي زينتها بالخلف…

وبالفعل أخرجت بعض من أدوات التجميل من الحقيبة الصغيرة التي تتواجد معها، فهي لم تضع لمساتها الأخيرة فكانت تتجهز بأقصى سرعة حتى تتفادي شجار بين والدتها وشهاب..

فقد كانت ترتدي فستان هادئ أسود اللون..


بينما هو كان يرتدي بدلة سوداء وقميص أسود لا يغلقه للنهاية وكعادته لا يحب أن يضع رابطة عنق….


كانت تحاول وضع أحمر الشفاة الخاص بها ويراقبها في المرآة وهو يشعر بالندم الشديد تجاهها فـ ريما هى اكثر فتاة نقية عرفها ورآها كونه في وسط لا يتواجد به إلا النساء التي تسعى للتنافس، حاول أن يتخلص من غضبه، فأردف بنبرة رسمية حاول صُنعها:

- ريما هانم تحبي انزلك فين ..


انتبهت له قائلة باستغراب وحنق فاستطاع جذب انتباها:

- تنزلني فين ايه !!!


- حضرتك رايحة فين يعني ما انا السواق بتاعك..


التمست المرح في حديثه..و ردت بانزعاج وهى تلوي فمها بتهكم فهو يحاول الحديث معها لا غير:

- تصدق انا غلطانة اني برد عليك..


- خلاص متزعليش بقى..


قالها بانزعاج من نفسه قبله، كونه تسبب في ازعاجها، فلم تجيب عليه واستمرت في وضع أحمر الشفاة فليكن هو الشيء الملفت بها أكثر من فستانها ومن أي شيء فهتف بغيرة شديدة لاول مرة يشعر بها بعدما جذبه ذلك اللون الذي تضعه:

- بعدين ايه الاحمر اللي حطاه في وشك ده…


- متحاولش تتكلم معايا واسكت يا شهاب.


قالتها بنبرة صارمة فظنت أنه يحاول أن يخلق حديثًا بأن يعلق على ذلك الشيء، فعاد شهاب مضيفًا بجدية فهو لا يمزح الآن: 

- لا امسحيه ايه القرف ده ملفت بشكل مش طبيعي..ومستفزززز...


- شهاب انا لابسة اسود و الشوز سودا والشنطة كمان لازم اكسر السواد ده وبعدين لونه هادئ جدا..


قالت كلماتها بحنق شديد فتمتم شهاب بانزعاج سيطر على ملامحه: 

- بت متقعديش تكلميني في حاجات مليش فيها بدل ما تكسري السواد هكسر انا دماغك، حطي غيره لون اهدا من ده...ده مش لايق عليكي ولا على شخصيتك ..


تلفظ بنبرة ماقطة فـ ثغرها ملفت بالفعل ولا يليق على ملامحها البريئة كونه تعود على رؤية ملامح وجهها طبيعية وطفولية ليست جريئة وانثوية هكذا..


علقت ريما بسُخط شديد فهو يتعمد التقليل منها..ولا يراها أنثى تستطيع أن تتزين:

- هو ايه اللي مش لايق على شخصيتي مالها شخصيتي يا أستاذ مش فاهمة !!!!


- متخلنيش اقولك كلام مش عايز اقوله، امسحيه بدل ما أنا أمسحه..


- خلاص همسحه..


وافقت على مضض وحرج شديد فتسربت الحمرة إلى وجنتيها، وأخرجت من الحقيبة لون وردي هادئ لحسن الحظ وجدته معها، دام الصمت بينهم لدقائق بعدما تأكد من تنفيذها لما أمرها له فتمتم شهاب بغموض وهو ينظر لها بالمرآة...


- بتعرفي تعومي…


- طالعين الساحل ولا ايه ؟


قالتها بسخرية شديدة فلما يسألها عن ذلك الآن ؟!!!


تحدث بنبرة مرحة: 

- لا أصل داخلين على النيل وعندي افكار انتحارية عجيبة انا على العموم مبعرفش اعوم روحت التدريب وانا صغير شهرين وقعدت خدت الأساسيات معرفش هتخدمنا ولا لا ..


قالها وهو يزيد من سرعة السيارة فصاحت ريما بخوف: 

- شهاب اهدا شوية ..


- انا هادي اهو... قوليلى بقى انا مسمحاك بدل ما اخدك diving بالعربية في النيل..


- بطل جنان.. أشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله...


قالتها وهى تهبط من جلستها بالفعل تختبئ خلف المقعد فقد زاد من سرعة السيارة ولكن ليس بالدرجة الكبيرة ولكنها تهاب وتذعر من أقل شيء


- عليه أفضل الصلاة والسلام توبتي دلوقتي..


هتفت ريما برجاء وذعر: 

- وحياة أبوك يا شهاب سوق عدل ..


- أبويا يا عالم هشوفه تاني ولا لا ..


نطق شهاب كلماته بنبرة درامية لتجيبه بخوف حقيقي :

- وحياة امك يا شهاب اهدا


و بنبرة مرحة وبها بعض من الجنون أجابها:

- هنروحلها الله يرحمها كان نفسها تشوفني عريس هتتعرفي عليها هناك وهتحبيها …


- مسمحااااك والله..


واخيرًا لبت له ما يريد وقالتها برعب شديد فهى لديها رهاب من كل شيء تقريبا، بدأ في تخفيض السرعة تدريجيًا حتى أخذت أنفاسها وأطمأنت...وتوقف بجانب الطريق ونظر لها آمرًا إياها بالترجل والجلوس جواره فهو ليس سائقها الخاص…


_____ 


"في فيلا أمجد الشيمي"


دخل شهاب هو وريما بخطوات ثابتة وهى تتأبط ذراعه كطفلة صغيرة...كما سارعت بعض العدسات بألتقاط الصور السريعة لهم…فتوقف برفقتها سامحًا لهم بأخذ الصور...


وبتلك اللحظة كانت تجوب عيناه فقد تخلله الاستغراب فكان يظن أن الحفل عائلي وهناك بعض من المقربين فقط …


لكن ما يراه نافي ظنونه...فهناك حشد كبير من الشخصيات التي يعرفها او لا يعرفها وكأنه حفل زفافه…

انشغل بتلك الأفكار لا ينتبه لريما التي تبخر ارتباكها وخوفها وبدأت بالاندماج مع المصورين…


دخل شهاب وهو يحاول أن يخفيها عن الأنظار لا يدري ما بها اليوم مُلفته وجذابة بشكل عجيب وجديد، فرُبما لانه نادرًا ما يذهب معها إلى حفل أو مناسبة فدائمًا تكن لقاءاته معها بعد العمل التي ترتدي فيه أبسط الاشياء ولا تترك شعرها بتلك الطريقة…


كانت امرأة فاتنة وخاطفة للأنظار رغم أنها لم تبالغ في فستانها المحتشم فقط أكمامه من الشيفون وبها بعض الفصوص من اللون الاسود ويأخذ شكل جسدها... 


أخذ شهاب يبحث ببصره عن والده حتى وقعت عيناه عليه و رآه يجلس على الطاولة التي تجاوره بها داليا والده بتول.


سحب ريما من يدها واتجه لهم 

ثم جذب المقعد حتى تجلس ريما عليه …


صافحت ريما داليا وفهمي ثم جلست، وجلس شهاب بجانبها .. وبدأ التوتر يعتريها من جديد…


أردفت داليا بنبرة هادئة وتلقائية ومتعالية كعادتها :

- قمر يا ريما، طالعه النهاردة ملكيش حل أحسن من يوم خطوبتك كمان…


ابتلعت ريما ريقها بتوتر فتلك المرأة تشعر بالرهبة من أحاديثها كونها تتفحص هيئة من يجلس أمامها وكلماتها حادة..


امسك شهاب يد ريما ليُقبلها بحب وفخر شديد أمام داليا وفهمي وهو يحاول أن يخفف من حدة كلمات داليا عليها، فهتف بنبرة هادئة: 

- ريما طول الوقت حلوة وفي أي حالة ليها...اصل زي ما بيقوله القالب غالب..


حدقته ريما بحب وخجل شديد في آن واحد وكأنه خطف عقلها بتلك الحركة لا تدري هل هناك أمراة تتأثر بأي شيء يفعله شريكها إلى تلك الدرجة أم أنها فقط من تبالغ في مشاعرها تجاهه


ابتسم فهمي وعقب على حديث داليا قائلا بنبرة هادئة :

-ليه يا داليا دي كانت زي قمر...ده انا اللي مختارها لشهاب.. وأكيد مش هختارله اي واحدة..دي بنت صاحب عمري...ومعزتها من معزة شهاب واكتر كمان...


ابتسمت ريما بخجل وامتنان من كلمات فهمي، فتنهدت داليا لتشرب من العصير المتواجد أمامها وأردفت بانزعاج  ونبرة مستنكرة:

- انا مش عارفة أمجد هيقول المفاجأة اللي صدعنا بيها أمتى، ولا بيعملوا إيه فوق كل ده ده عازم ناس بالهبل ولا كأنه يوم فرحه ..


حرك فهي رأسه بعدم إكتراث ولا مبالاة فهو يعلم كره داليا لزوج ابنتها :

- هو حر يا داليا، بطلي تنتقدي أي حاجة وخلاص هو فرحان وعايز يفرح بنتك دي حاجة المفروض تسعدك…


- اه انا سعيدة أصلا من يوم ما اتجوزها وأنا في قمة سعادتي كمان…


رددتها داليا بنبرة ساخرة وهى تحاول ان تخفي حنقها فلا تدري أي ريح ألقت به في وجه ابنتها، جاء أمجد من خلفها مُقبلا رأسها، وكأن الإنسان الجيد يأتي عند ذكره: 

- أيه يا حماتي الجمال ده كله، ناوية تخطفي الأضواء مننا ولا ايه ؟؟ 


قالها أمجد بمرح ليضحك جميع من يجلس وحاول شهاب أن يبتسم بهدوء رغم غضبه منه، فأستكمل أمجد حديثه قائلا وهو يرى شهاب وريما:

- شهاب كمان جه، ده ايه الهنا اللي احنا فيه ده تقريبا من يوم ما اتجوزنا وانتَ مجتش بيتنا رغم أننا عزمنا عمي فهمي اكتر من مرة…


حاول شهاب أن يتحدث بنبرة هادئة ومرحة وابتسامة مزيفة حاول صنعها: 

- معلش بقى الشغل، واغلبية الوقت عند ريما وعمو ياسر، أصل طنط رشا أكلها ميتقاومش..


- لا اذا كان كده مفيش مشكلة منورة يا أنسة ريما..


قالها أمجد بنبرة مهذبة، كادت ان تجيب عليه ريما ولكن قاطع أمجد أن هناك أحد من العاملين يحتاجه في شيء فصاح معتذرًا:

- ثواني وهرجعلكم..


ذهب أمجد فهتفت داليا باستنكار و بنبرة حانقة وغيظ مما يفعله :

- حماتي vulgar 


تحدثت ريما معقبة على حديث داليا بتلقائية واستغراب من الكلمات التي تطلقها داليا علي زوج ابنتها رغم أنه يعاملها بأقصي درجات الرُقي والاحترام :

- مش عارفة مالك يا طنط داليا ايه المشكلة لو قالك حماتي، أنا شايفة أن أسلوبه تلقائي وكفايا أنه عامل كل ده علشان يفرح بتول وواضح انه بيحبها جدا…


رمقها شهاب بمعنى ألا تدخل فيما لا يعنيها... فما كان ينقصه سوى ان تعجب ريما بتصرفات أمجد وتصبح محاميًا له…


أردف فهمي بنبرة حاسمة حتى ينتهي النقاش في هذا الامر:

- كل واحد حر في حياته يا جماعة وكلنا هنا ضيوف جايين نقعد شوية ونمشي 


ردت داليا بهدوء محاولة تغيير الموضوع أيضا فلا شك أن مجرد الحديث عنه يذكرها بتلك الزيجة التي تبغضها:

- صحيح فرحكم امتى انتِ وشهاب يا ريما وبدأتي تدوري على الفستان وتشوفي هتتصمميه عند مين ولا لسة...لو عايزة اقتراحات اقولك سواء برا مصر او جوا مصر ..


تنهدت ريما بتوتر فهي لا تحب تلك المبالغات!! 

تحب البساطة وحتى والدها ووالدتها لا يحبوا المبالغة في كل شيء .. فهي أحلامها أبسط من تلك الأشياء رُبما أكثر ما يزعجها من ارتباطها من شهاب كونه في وسط مُسلطة عليه الأنظار طوال الوقت…

لحقها فهمي واجاب بدلًا منها بنبرة غامضة: 

-  يعني شهر كده او شهرين بالكتير انا عايز افرح بيهم بقا ونشوف عيالهم وابقي جد..


- معقوله شهر ولا شهرين ولسه الفستان متعملش 

قالتها داليا باستغراب فهي تحب التميز والترتيب 

شعرت ريما بالاحراج ولا تدري شيء عن حديث فهمي عن اي شهر يتحدث؟؟؟!!!


فالموعد الذي اتفقا عليه أن تكن مدة الخطوبة عام على الأقل!!! 


كان شهاب في عالم آخر ليس معهم فيراقب نظرات ذلك الشاب الذي يجلس في الطاولة الآخري التي تتواجد أمامهم ويسلط بصره على ريما، رمقه شهاب بغضب شديد .. فنهض من مكانه ليراقبه فهمي باستغراب، خلع جاكت بدلته ليضعه على أكتاف ريما التي أردفت بدهشة شديدة: 

- شهاب أنتَ بتعمل ايه ..


- ولا حاجة كده أحسن الجو سقعة كمان، وبعدين ابقي البسي حاجة معقوله عن كده..


قالها بغضب شديد فلا يغيب عنه تركيز بعض الأبصار عليها…


لم تنل أفعاله اعجاب داليا وقالت باستنكار حينما تذكرت تحكمات امجد ببتول أيضًا :

- I can't believe it شهاب متعملش زي الناس المتخلفة اللي حارقين دمي..


- الغيرة مفيهاش تخلف ..


قالها فهمي بنبرة جادة فهو سعيد بتصرف ابنه، جلس شهاب في مقعده حينما اخافت نظراته الشاب ولم يجده مكانه…


مالت ريما على إذن شهاب وقالت بنبرة خافتة وساخطة :

- ابقي قابلني لو روحت معاك حته تاني، الفستان حلو جدا ومفيهوش أي حاجة ملفته على فكرة انتَ اللي من الصبح عايز تعمل مشكلة على أي حاجة…


- ريما من اول ما دخلنا والناس كلها باصة عليكي انتِ مش واخده بالك...ولا عاملة نفسك عامية…


قالها شهاب بغضب لترمقه ريما بغضب شديد وكأن من يحدثها شخص أخر فكيف يغضب من ملابسها لأول مرة رغم الوسط المتواجد به شعرت أن به شيء عجيب…


جاءت كلمات داليا جارحة متمتمة:

- علشان انتَ جنبها يا شهاب لو لابسة أيه العيون عليها بسببك في كام واحدة لابسين ومش لابسين متفهمش ازاي والناس مش بصالها…


نظرت ريما لها بغضب فهي لا تفهم لما تتعمد تلك المرأة أن تقلل من شأنها وإظهار شهاب فقط وتمدح في وسامته وأيضا شهرته، تكاظم حنق فهمي من داليا وتفوه بنبرة باردة: 

- داليا، واضح انك مش في المود النهاردة وناوية تطلعي غلك في الكل ..


- انا مكنش قصدي حاجة يا ريما أنا بهزر معاكي..


قالتها داليا حينما أدركت ما تفوهت به من غضبها من كل شيء، فهتف ريما بنبرة هادئة رغم حنقها

- مش زعلانة عادي يا طنط….


صرت داليا على أسنانها من كلمتها الأخيرة واشاحت بعيناها بعيدًا محاولة أن تهدأ…..


_________ 


خرج كل من بتول وأمجد من المنزل ويديها مطوقة إياها، فكانت أقرب للأحتضان..


اتسعت بسمتها عند رؤيتها اقتراب عدسات التصوير والتقاط الصور لهم بوضعهم الرومانسي ذلك…

فمن يراهم قد يظنهم في بادئ زواجهم..

عشقهم لم يقل!!

بل يزداد يومًا بعد يومًا ..

حركت رأسها رامقة زوجها ببسمة محبة حامدة ربها على ذلك الزوج المحب، الذي يفعل لها ما تشاء..

لم يغضبها يومًا، حنون لأقصى درجة، لا يتحمل رؤية عبراتها..يغار عليها كثيرًا.. 


شعر بنظراتها المسلطة عليه، فأستدار برأسه وحرك ذراعيها المطوقة إياه، رافعًا إياها أمام ثغره مقبلًا إياها بنهم وعينيه ترتكز بعيناها… 


ظلت العدسات تلتقط تلك اللحظة الرومانسية، ثم افسحت لهم المجال ليعبروا خاصة عندما دوى صوت تلك الأغنية الرومانسية العاشقة لها…. 


ازدادت بسمتها وقالت بخفوت لم يسمعه سواه:

-دي الأغنية اللي بحبها….


اماء لها واقفًا بمنتصف الحديقة مقربًا إياها منه بحنان، ويديه تطوق خصرها بعذوبة، فرفعت يديه واضعه إياه على كتفيه والأخرى كانت بين يديه وبدأ جسدهم بالتناغم مع الموسيقى وكذلك أرواحهم… 

لا يشعران بشيء من حولهم..

نظراتهم كانت كفيلة لتثبت مدى عشقهم… 

كانت ترقص بين يديه كالفراشة.

تشعر حالها ملكة، جميع النساء تحسدها على ذلك الزوج، كذلك هو فكان هناك العديد ممن يحسدونه على زواجه بها.. 

وكان شهاب من بينهم، كانت عيناه تراقبهم بترصد….

قلبه يؤلمه بشدة، لا يعلم ماذا يفعل؟ 

لكنه لا يتحمل رؤيتها بين ذراعيه يتبادلان النظرات الرومانسية…. 

وبعد وقت ليس بكثير، توقفت الموسيقى وحل صمت عظيم، وتسلطت الأضواء عليهم… 


ابتعد عنها وصدح صوته بتلك الكلمات، وهو يحملق بها لا يرى أنثى سواها.. 

-أنهاردة حبيت احتفل معاكم بعيد جوازنا، انهاردة كملنا سنتين، ومش هكون ببالغ لو قولت أنهم كانوا أجمل سنتين في حياتي، أمي دايمًا كانت تدعيلي ربنا يرزقني ببنت الحلال، الجواز مكنش في بالي، بس أول مرة شوفتها فيها وقعتني، لقيت نفسي بفكر فيها ليل ونهار، خلتني أقول هى دي اللي كنت بدور عليها، خلتني أعرف أنه ربنا بيحبني، مفيش غيرها عرفت توقع أمجد الشيمي… 


صمت قائلًا يطالع عيناها الجميلة المليئة بالعبرات تأثرًا بحديثه، رفع يديه مربتًا على وجهها ثم أكمل وهو يشير تجاه داليا :

-أنا حابب اشكرك يا حماتي، انتِ جبتيلي أغلى حاجة في حياتي، وطبعا كان نفسي حمايا يبقى معانا، وهدية مني ليه هشارك في تجهيزات مستشفى لعلاج مرضى القلب وهتبقى بأسمه…


أنهى كلماته التي صعقتها وجعلت الكلمات تتجمد على طرف لسانها مخرجًا علبه قطيفة حمراء اللون….


طالعت العلبة بعينيها الجاحظة، ثم قام بفتحها كاشفًا عما تحتويه، فلم يكن سوى أسورة تحمل شعار القناة الذي يكن والدها شريكًا بها…. 


طالعته بصدمه وسرعان ما ارتمت بأحضانه وعبراتها تتسابق على وجهها فهديتها البسيطة له لا تأتي شيء جوار ما يفعله …..

-أمجد أنا مش عارفة اقولك إيه بجد؟! 


-متقوليش حاجة، خليكي جمبي وبس مش عايز أكتر من كدة!!! 


زادت من احتضانها له قائلة من بين عبراتها:

-علطول، طول العُمر هفضل جمبك… 


اخرجها من أحضانه ماسحًا عبراتها بأنامله متمتم بحنان:

-متعيطيش بقى.


استجابت له وتوقفت عن البكاء مبتسمة باتساع فلا أحد سعيدًا بتلك اللحظة مثلها… 

أما هو فرفع يداه وقال بمرح مشيرًا على ساعة معصمة ملوحًا يديه للحاضرين:

-وادي هديتها يا جماعه لبستهاني فوق قبل ما ننزل.. 


وعلى الطرف الآخر ...

كان يجلس سمير بصحبة خطيبته فرح المبهورة بذلك الرجل، فلطالما رأت تلك الأفعال بالتلفاز فقط..


لم يسبق لها أن رأت رجل يعشق زوجته لذلك الحد .. وكأنها في فيلم سينمائي تحملق بهم بعدم تصديق…


مال عليها سمير وهمس حينما لاحظ شرودها: 

-مالك يا فرح عاملة زي الهبلة كدة لية كأنك في السينما؟


- هبلة إيه بس، أنتَ مش شايف عمل إيه، أنا حقيقي مبهورة، مكنتش فاكرة أنه في راجل بيحب مراته كدة الا في الأفلام ..


ابتسم لها سمير وقال:

-اللي معاه فلوس بيعرف يبسط نفسه ويبسط مراته لأنه مش شايل هم بكرا، بالك لو معايا فلوس زيه كنت عملت اكتر من كدة… 


أما والده بتول فكانت تشتعل منه لا تطيقه وتراه لا يستحق ابنتها مهما فعل ….

ومن داخل المنزل كانت تلك الخادمة المسماه وردة تطلق شرار من عيناها….


_______ 


مرت الحفلة على خير دون حدوث شيء ملحوظ تناولوا الطعام، والتقطوا الصور مع الجميع، فأستأذن شهاب انه سيذهب لتوصيل ريما الى منزلها نظرًا لمكالمات والدتها الكثيرة وكلماتها الغاضبة والحادة على ريما، فهي لا تحب أن تتأخر ابنتها لتلك الدرجة فاقتربت الساعة من الثانية بعد منتصف الليل ومازالت معه !!!


"أمام البناية"

أوقف شهاب سيارته أمام البناية ثم هبط وفتح لها الباب ونادرا ما يفعل تلك الحركة، هبطت ريما من السيارة وأردفت قائلة بنبرة مرحة: 

- حاسة أن خلاص النهاردة هدخل التاريخ فتحتلي الباب بنفسك ..


- يلا أهو كله بثوابه ..


حاول شهاب ان يتصنع المرح فعلى الأقل يُنهي الليلة وهي سعيدة دون ان يتسبب في تعاستها، ثم استكمل حديثه قائلا: 

- لو مامتك اتعصبت عليكي أوي قوليلي وانا هبقي أجيلها بكرا..


هزت رأسها موافقة، فهي تعلم ان والدتها ستفتك بها عند صعودها ولا تبالي فهي تعودت على طبعها تحديدًا منذ خطبتها من شهاب، فأردفت ريما باستغراب حينما شعرت بأن هناك شيء أخر يشغل عقل شهاب: 

- شهاب انتَ كويس ؟؟ 


- كويس... ليه بتسألي؟


قالها شهاب باستغراب شديد؛ فعلقت ريما بنبرة حانية وصادقة فهي لا تستطيع التصنع 

- حساك النهاردة من في المود من ساعة ما جيت تاخذني من البيت وانتَ مش طبيعي وطول اليوم باين أنك مش مرتاح او في حاجة مش طبيعية فيك..


- مفيش يا ريما أنا بس مُرهق الفترة دي وتحت ضغط علشان الشركة اللي بابا بدأ فيها دي وبقي في مسؤولية كبيرة عليا، ومكنش ينفع مروحش..


تحدث شهاب بكلمات بعيدة كل البُعد عن الحقيقة فهو حزين لما حدث اليوم فتاة أحبها لسنوات كانت تحتفل بزواجها للعام الثاني، تابعت ريما بنبرة هادئة وهى تتأمله مستشعر كذبه: 

- شهاب، لو سمحت لو في حاجة متكدبش عليا..


- مفيش يا بنتي هيكون في ايه..


- انا حسيتك مضايق من أمجد وبتتكلم معاه بطريقة مختلفة عن الكل..


قالتها بصدق شديد فهذا ما تراه وتشعر به ولا تستطع تجاهله،  سخر شهاب وحاول كتم غضبه:

- هضايق منه ليه يعني، انا مبحبش التصنع..


- هو الواحد لما يعبر عن حبه لمراته قدام الناس يبقي تصنع أيه المشكلة يبين قد أيه بيحبها وبيعشقها ويعزز ثقتها في أنوثتها …


كانت ريما تتحدث بنبرتها الخيالية التي تلازمها دائما…

رد شهاب بوجوم:

- انا مبحبش الاستعراض يا ريما، اللي بيحب حد مش لازم يستعرض حبه، الحب هو اللي بيظهر بين اتنين مش لازم كل الناس تشوفه ونقعد نتكلم عنه…. الحب أعمق من استعراضه..


أردفت ريما باستغراب شديد فهو يظهر لها دائما رجل يعشق العمل فقط.. 

- انتَ شهاب بجد؟؟؟! 

انتَ خطيبي؟؟!!!!! 


- اه انا ياستي ..

قالها بمرح فأجابت عليه 

- اومال يعني مش حساك عميق يعني، دايما محسسني أني واحد صاحبك ما انتَ طلعت عارف يعني أيه حب أهو..


قالتها بتلقائية شديدة كعادتها، فعلق شهاب وهو ينظر بساعته يريد الاختلاء بذاته:

- مش طنط قالتلك أنك اتأخرتي وبقالنا ساعة عمالين نرغي..


- انتَ بتهرب مني يا شهاب، أنا بهزر معاك عموما أنا عارفة أننا مخطوبين يعني خطوبة تقليدية..


قالتها بنبرة حاولت جعلها مرحة ولكنها خرجت منها يائسة وحزينة فهو لم يعترف ولو لمرة بأنه يكن لها القليل من الحب، ثم تابعت بنبرة هادئة :

- تصبح علي خير يا شهاب …


ذهبت من أمامه وهي تضع سترته على كتفيها فلم تعطيها له فقد نست الأمر حينما شعرت باليأس فهو مختلف عنها اكثر مما توقعت تخشى أن يستمؤ هكذا والا يقع في حبها….مثلها!!!


فهي أحبته كثيرا لا تدري متى وكيف أصبح فارس وبطل أحلامها..

حك شهاب مؤخرة رأسه بغضب شديد ومسح وجه كعادته أستطاع أن يحزنها فهو شعر بانزعاجها كونها انتظرت منه أي كلمة …


استقل السيارة حينما رأها صعدت في المصعد، وشرب من زجاجة المياه الصغيرة المتواجدة بجانبه حتى يقضي على عطشه، وأمسك هاتفه وابتلع ريقه ليفتح (الواتس اب) ويُسجل لها رسالة صوتية: 

- ريما انتِ اجمل بنت أنا شوفتها وأكتر واحدة شوفتها نقية وطفلة من جواها، كنتي زي القمر النهاردة وكنت غيران عليكي علشان كده قومت حطيت الجاكت علي كتفك، اصل اول مرة تبقي باينة مزة كده علطول كنتي لابسه بنطلونك الملتون وشنطة ضهرك كأنك جاية من المدرسة …


ضحك قليلا ليستكمل حديثه بعد أن ابتلع ريقه: 

- عرفت ازعلك كعادتي في اخر أي يوم نكون فيه سوا، انا مبعرفش أعبر عن مشاعري والله عارف أنها سخافة مني بس انا مبعرفش اقول لحد انا حاسس بايه ناحيته بقيت عملي زيادة عن اللزوم معلش بكرا لما نتجوز واكون معاكي وقت أطول يمكن اتغير وأتصرف بقلب وبتلقائية زيك واكون رومانسي.. 

تصبحي علي خير يا اجمل بنت في الدنيا..


ارسل الرسالة تاركًا الهاتف بجانبه وبدأ في التحرك والاتجاة نحو منزله…


"بينما في الأعلى" 


أغلقت الباب بهدوء شديد وهى تعلم أن والدتها لم تمر ذلك التاخير مرور الكرام وصدقت توقعاتها حينما هتفت والدتها الجالسة على الأريكة وعلى ما يبدو أنها انتهت لتوها من قيام الليل التي تحرص عليه دائما:

- ما لسه بدري يا هانم ما كنتي روحتي معاه أحسن تباتي عندهم جاية تاعبة نفسك ليه..


هتفت ريما بنبرة هادئة :

- ابوس أيدك يا ماما دي مرة واحدة خرجت فيها خروجة بعيد عن الشغل .. 


نهضت والدتها من مجلسها قائلة بنبرة غاضبة مقاطعة حديثها :

- قسما بالله يا ريما تاخيرك ما هيعدي على خير .. حفلة أيه الصيع دول اللي تخليكي ترجعي بيتك الساعة اتنين…


تمتمت ريما قائلة بلا مبالاة وسذاجة أثارت حنق والدتها: 

- اولا انا مع شهاب واونكل فهمي .. مش لوحدي .. وشهاب موصلني لحد تحت ..


هتفت رشا بنبرة صارخة :

- متخلنيش أهزقك يا ريما .. شهاب أيه وفهمي ايه .. ادي اللي كنت خايفة منه .. شهاب ده خطيبك مش جوزك يعني زيه زي الغريب .. أنا مليش دعوة بوسط شهاب وبمعارفه .. لولا ابوه أنه صاحب أبوكي مكنتش وافقت عليه .. بس النهاردة اتاكدت أني كنت صح شهاب مينفعكيش ..


نظرت لها ريما باستغراب قائلة بانزعاج وحنق 

- جرا أيه يا ماما شهاب مش غريب وهيبقي جوزي ثم أنا تعبانة وعايزة أنام بلاش ننام متخانقين نتخانق الصبح .. تصبحي علي خير..


قالت كلماتها الاخيرة راكضة نحو غرفتها بطفولية . تحت غضب وحنق والدتها التي لا تدري ماذا تفعل بابنتها الحمقاء فهتفت صارخة قبل أن تغلق ريما باب غرفتها :

- ابوكي لو عرف بتاخيرك ده مش هيحصل طيب .. ومتفتكريش أنه علشان مسافر هتتاخري براحتك 

ماشي يا ريما هوريكي هتهربي لغايت امته يعني... أبوكي راجع الصبح ومش هخبي عليه..


______ 


خرج امجد من دورة المياه الملاحقة لغرفته بعدما أبدل ملابسه لأخرى مريحة، والبسمة المشرقة تزين ثغره الواسع..ثم سرعان ما انتبه لها وهى تقف أمام الخزانة ومن الواضح بحثها عن شيء ما.. ظل محافظًا على بسمته مردفًا:

-في إيه يا بتول بدوري على إيه؟


التفتت تناظره بنظرة خاطفة، ثم عادت لبحثها مرة ثانية وهى تجيبه:

-بدور على البرشام، مش لقياه..


تبخرت بسمته تدريجيًا ليُدرك أنها تبحث عن تلك الحبوب لتمنع إنجابها منه، واقترب منها محتضنًا إياها من الخلف محاوطًا خصرها بحب هامسًا جوار أذنيها:

-أحنا مش اتكلمنا في الموضوع ده، وقولتلك أني عايز ولاد منك،ومدوريش كتير أنا رميته..


توقفت عما تفعله وهى تستمع لحديثه، واستدارت واقفة قبالته، قائلة بتوتر 

-احنا اتفقنا بعد ما السيزون يخلص يا أمجد…


-فاضل حلقة واحدة يا بتول خلاص …


ابتلعت ريقها وصاحت بتردد:

-أنتَ متأكد يا أمجد من القرار ده!


- يعني ايه متأكد دي ؟؟؟ انا بحبك وعايز أخلف منك وبعدين أنتِ مش عايزة ولاد يتنططوا حولينا وينادوا حماتي يا تيتا...


ثم تنهد واستكمل حديثه قائلا بنبرة مرحة :

- مشفتيهاش انهاردة كانت هتأكلني ازاي كل ما  اقولها يا حماتي، اومال لو جبنا عيل بقى وقعد يقولها يا تيتا، ويا ستو دي ترفع عليا قضية في حقوق الإنسان…أو قضية سب وقذف..دي بتحسسني اني بشتمها لما بقولها يا حماتي...


هتف الأخيرة بمرح شديد، جعلت الابتسامة تأخذ مسارها على وجهها الجميل... 

ابتسم على بسمتها ورفع يديه وسار بها ببطء على طول ذراعيها المكشوفة من قميص نومها، قائلًا:

-متعرفيش بحب ضحكتك قد إيه...انا دايب فيها والله…


حاولت بتول إيجاد حديث يضاهي حديثه جمالًا، لكنها لم تستطع، رفعت رأسها وما أن تقابلت عيناهم حتى أقترب منها وبثها شوقه وهوسه بها.... 


____________


في الصباح الباكر ..


كان أمجد يجلس في مكتبه بسعادة شديدة تسيطر عليه .. ليلة أمس لم تكن ليلة عادية واستطاع فيها أن يرسم البسمة على وجه زوجته... فتح إحدى الملفات العائدة لإحدى القواضي...منتظرًا أن تأتي الخادمة بفنجان قهوته …


وبالفعل فُتح الباب لتطل منه وردة وهي تحمل القهوة له مغلقة الباب من خلفها...ليمرقها بنظرة قاتلة فهي تتعمد أن تظهر أمامه…

هتف من بين أسنانه بطريقة ساخطة حينما أغلقت الباب :

- هو أنا مش قولتلك مشوفش وش أمك تاني طول ما أنا في البيت .. مفيش غيرك يجيب القهوة..


تمتمت وردة بانزعاج من لهجته ولكن صبغتها بلهجة ساخرة :

- بقولك أيه علشان نخلص من الموضوع ده .. هات شغل لجوزي برا وتديني مبلغ محترم عيشني مبسوطة وأنا أخلصك مني خالص…


قهقه بسخرية شديدة قائلا وهو يحاول السيطرة على ضحكاته:

- وأيه كمان يا روح أمك عايزاه…


نهض من مجلسه ووقف أمامها ليتمتم هامسًا وهو يجز على أسنانه نادمًا أشد الندم على تلك الليلة التي جعلت فتاة مثلها تتحدث معه بتلك الطريقة: 

- بقولك إيه مش هديكي حاجة واعلى ما في خيلك اركيبه.. ومش بس كدة لا ممكن كمان اطردك لو حابب ومخليش حد يشغلك عنده .. ولا أقولك البسك قضية كمان لو فضلتي شغاله في الشغل ده...اللي قدامك مش واحد بتاع مكاتب وهيخاف من الكلمتين بتوعك وهينفذ اللي انتِ عايزاه .. جنية واحد مش هدفع سامعة يا روح امك…


رمقته بغضب قائلة وهي تقترب من الباب لتخرج حينما وجدت لهجته المتعالية كعادته: 

- الفلوس دي بالنسبالك مش حاجة .. بس على العموم براحتك ... مدام انتَ مستخسرهم أنك تعيش انتَ ومراتك مبسوطين .. يبقي هقول على كل حاجة…


فتحت الباب وكادت تخرج فقابلت بتول في وجهها...فهتفت دون تردد بعدما اختطفت نظره ماكرة تجاه أمجد:

-صباح الخير يا هانم..ينفع اتكلم مع حضرتك..اصل الموضوع مهم اوووووي…


الفصل الرابع من #زيغه_الشيطان 

#اضواء_مبعثرة 

بقلم (فاطمة محمد & فاطمة طه سلطان)

_____


اذكروا الله 

_____


ما سأتذكره دائماً هو أنني شعرتُ بالألفة تجاهك ، كأنني إستيقظت بجانبك في أول يومٍ مِن حياتي ورأيتك أولًا وألفتك قبل الجميع .

#مقتبس.


______


رمقتها بتول باستغراب جلي فما الذي تريده منها في الصباح الباكر هكذا .. فهى قد هبطت لرؤية أن كان أمجد قد ذهب إلى عمله أو لا ولكن رغم دهشتها هتفت بابتسامة رسمتها على ثغرها :

- صباح النور يا وردة .. خير ان شاء الله في إيه ؟! 


كادت وردة أن تتحدث ولتقل كل شيء وتفسد عجرفته الزائدة وثقته بنفسه ليهتف أمجد مقتربًا من بتول مُقبلا رأسها خافيًا توتره بمهارة عالية: 

- صباح النور يا قلبي .. متتعبيش نفسك يا وردة بتول مش هتعرف تلاقي شغل لجوزك في القناة عندها .. انا ليا واحد صاحبي في دبي هخليه يشوف شغل لجوزك انا وعدتك قلقانة ليه ..


نظرت بتول لهما وقد فهمت ما تريده، لتنظر وردة إلى أمجد بخبث قائلة: 

- بجد يا أمجد بيه .. يعني اعتمد عليك .. ولا هتنسى


كانت تتعمد النظر في عينه مباشرًا وتهديده فكلمة واحدة تهدد سعادته مع زوجته، ليهتف أمجد وهو يحاول اخفاء سُخطه وغيظه بقدر الإمكان راسمًا ابتسامة على وجهه :

- اه .. ان شاء الله ..


هتفت بتول أخيرًا بنبرة لينة: 

- متقلقيش مدام أمجد وعد هيوفي


أردفت وردة بنبرة خبيثة وممتنه له متأكدة بأنها رأت الخوف بعينه ولن يستطع الا يفعل ما تريده كونه قال تلك الكلمات أمام زوجته 

- اه ربنا يخليه ليكي يارب أمجد بيه مفيش منه ربنا يكرمه يارب .. عن اذنكم ..


ذهبت وردة بسعادة ماكرة ليتنفس أمجد الصعداء بذهابها من أمامه فلا يعرف كيف سيطر على أعصابه...


______


كانت ريما تجلس في غرفتها العشوائية التي يتواجد بها بعض اللوحات والرسوم التي قامت بنقشها ورسمها على جدرانها، فغرفتها لها طابع خاص بها ويعبر عنها…


فرُبما هى من الأشخاص الذين يفضلون المكوث في المنزل لأطول وقت ممكن .. فلا تحب التنزه كثيرًا..


كانت تحاول البحث عن لون يتناسق مع لوحتها الجديدة التي تسهر عليها منذ ليالي فعند النظر إليها تراها غير مفهومة ..

لكن عند التمعن بها وبتفاصيلها تصل إلى مغزاها…


اقتحمت رشا الغرفة بحنق حتى لم تدق الباب كعادتها صافعة إياه بقوة، استنكرت ريما فعلتها بسبب دخولها بتلك الطريقة وانتشالها من اندماجها بتلك الرسمة…


- مالك يا ماما في ايه ضيعتي تركيزي برزعه الباب دي..


جلست رشا على طرف الفراش بعد أن رمقت الغرفة كالعادة بغضب من عشوائيتها، فجعلها زوجها تصاب بالجنون كونه يوافق صديقه فهمي على إتمام الزواج بتلك السرعة قبل الموعد المحدد، وزوجها يوافق على كل شيء كونه يحبه ويُحب شهاب...


هتفت رشا بنبرة غاضبة وهي تجز على أسنانها:

- انتِ امبارح شهاب قالك حاجة؟؟ 


نظرت لها ريما باستغراب وعدم فهم تاركه الألوان التي كانت تحملها على الطاولة، فهي ظنت أنها جاءت لتستكمل حديث ومشاجرة الأمس بسبب تأخيرها..

- لا هيقولي ايه في ايه .. مش فهماكي يا ماما !


- فهمي وابنه عايزين يقدموا الفرح الشهر الجاي ويخلوا كتب الكتاب والفرح في يوم واحد والمفروض اننا متفقين الخطوبة سنة على الاقل…


قالت رشا كلماتها بحنق شديد .. فرمقتها لها ريما باستغراب شديد لا يقل عن دهشة والدتها تلك المرة فلم يخبرها أحد بشيء فهتفت بتلقائية :

- شهاب مقالش حاجة زي كده ..


لتنقطع كلماتها ثم تنهدت وهى تتذكر كلمات فهمي أمام داليا والتي لم تتخذها على محمل الجد إطلاقًا فتمتمت: 

-بس أونكل فهمي قال امبارح أنه عايزنا نتجوز بعد شهرين او شهر قدام طنط داليا بس انا افتكرته بيهرج او في حاجة...و مختش كلامه بجد وشهاب مقاليش حاجة..


- انتِ موافقة على أن الفرح يتقدم بالشكل ده انتم مخطوبين بقالكم خمس شهور وانتِ ملحقتيش تخلصي حاجتك وبعدين شهر إيه ده الفستان عايز شهور لوحده ..


كانت رشا تتحدث بغضب شديد لرُبما هى لم تكن تريد تلك الزيجة أو الارتباط فهناك فارق كبير بينهم حتى ولو كان لا يتعلق بالماديات او الطبقة ولكن شهاب شاب في وسط لا تفضله كثيرًا….


تفاصيل كثيرة تشعر انها من الممكن أن تكن السبب في تعاسه صغيرتها، ولكن كون فهمي صديق زوجها ياسر منذ عشرون عام وأكثر…. يحبه ياسر ويعتبره كشقيقه ورغم أنها تشعر بحب ابنتها له ولكن لا تشعر بأن الارتباط والزواج بتلك السرعة خير، صاحت ريما بحيرة واستنكار وهى تمسح وجهها:


- انا معرفش حاجة يا ماما ولسه عارفة منك شهاب وراه اجتماع النهاردة في الشغل من الصبح بدري وحتى متكلمناش، ازاي أصلا عمو فهمي يقول لبابا كده ..


- ابوكي موافق على فكرة، وبعدين عايزة تفهميني أن شهاب ميعرفش ؟؟؟؟ 


نطقت رشا كلماتها الأخيرة بتهكم ومقط يسيطر على كل أنش فيها… 

لامست ريما حدة والدتها وللاسف هى نفسها لا تستطيع التحدث فهى لا تعرف شيء لكنها حاولت أن تجيب عليها بخفوت وهدوء شديد:


- والله يا ماما انا معرفش حاجة هبقي أكلمه وبعدين شهر قليل أوي وانا مش مستعدة دلوقتي...


- ابوكي راح المستشفى ابقي قوليله الكلام ده وابقي كلمي البيه، بس اعرفي أنك حرة في الاول والاخر بس فرح بالسرعة دي مش علامة خير أنتِ ملحقتيش تعرفي شهاب كويس ولا هو يعرفك كويس…


________ 


"في شركة فهمي للدعايا والإعلان" 


كان قد انتهى الاجتماع وخرج شهاب حينما لاحظ إتصال ريما لاكثر من مرة فعلم أن هناك شيء عاجل، وحينما عاد بعد أن قام بالحديث معها ..كان فهمي يجلس على الطاولة الكبيرة يلملم الأوراق المتواجدة أمامه بعدما غادر الجميع وبقى بمفرده.


اقتحم الغرفة كثور هائج، جعل فهمي يرفع عيناه يحملق به بدهشة من فعلته... قائلا بتعجب من حالته وعصبيته الغير مبررة بالنسبة له:

-في إيه يا شهاب إيه الدخلة دي؟ 


تقدم منه شهاب وانحنى بظهره قليلًا صافعًا الطاولة من أمامه براحة يديه، متحدث بنبرة مكتومة حملت بين طياتها ما يكفي من الحنق والأنفعال المفرط: 


-أنا هقولك في إيه، في إيه أنك بتقرر عني، هو مين اللي هيتجوز أنا ولا أنتَ، ازاي تحدد ميعاد الفرح لا وتكلم صاحبك وتقنعه، وأعرف بالصدفة من ريما...


كانت أعين فهمي تجوب على قسماته وتعابيره، كأنه حكم عليه بالموت وليس الزواج من فتاة يتمناها أي شاب... عدا ابنه الأحمق، الذي لا يقدر قيمتها بعد…


أراح فهمي ظهره للخلف وقال بهدوء وصوت رزين:

-أكيد مكنتش هخبي عليك وكنت هبلغك بس ريما سبقتني وزي ما أنتَ عارف كان عندنا اجتماع، وكلمت ياسر قبل الأجتماع علطول، يعني لو كنت صبرت شوية كنت هتلاقيني بكلمك عشان أبلغك.. 


ازدادت قتامة عيناه وقال شهاب من بين أسنانه:

- تبلغني كمان..لا حلوة تبلغني دي .. أنتَ خدت قرار أنا اللي المفروض  اخده لما اكون جاهز لكدة، أنتَ كدة بدبسني لا وكمان بعد ما تتفق على كل حاجة هتبقي تبغلني ما كنت تبعتلي الدعوة علطول أحسن مكلف وتتعب نفسك.. 


انزوى ما بين حاجبي فهمي، وحل الصمت عدة ثوانِ فقط يتبادلون النظرات المختلفة.. وأخيرًا خرج صوت فهمي متحدث بجدية:

-أنا عملت ده لمصلحتك، أنا مش صغير يا شهاب وبنظرة واحدة افهم ابني بيفكر في إيه وبيحس بإيه، صدقني الخطوة دي لمصلحتك، ريما بنت متتعوضش، ولما تجوزوا وتعاشرها هتحبها.. 


حرك شهاب رأسه بنفاذ صبر، فحديثه معه دون جدوى، اعتدل بوقفته وشاح بنظراته بعيدًا عنه مغادرًا الغرفة صافعًا الباب من خلفه.. تاركًا والده يطالع أثره وقلبه يؤلمه عليه، مدركًا بعشقه الأحمق والخاطئ تجاه بتول….


_____ 


"في فيلا عائلة الحناوي"


تقبع بتول أمام والدتها وتعاتبها على ما فعلته ليلة أمس فهى قد رفضت المكوث حتى نهاية الحفل رغم محاولات أمجد العديدة معها.. 


تلفظت بتول بحنق وهى تجد والدتها تجلس وتضع طلاء الأظافر بهدوء مميت: 

- يا ماما مش بكلمك !!


- عايزة ايه يا بتول مش وراكي النهاردة الحلقة الأخيرة في البرنامج عماله تجهدي نفسك وتتكلمي كتير ليه..


قالتها داليا بنبرة حانقة وباردة فلا يهمها اي شيء مما تتفوه به ابنتها فلن يتغير موقفها تجاه هذا الرجل حتى موتها..


أردفت بتول وهى تحاول السيطرة على غضبها وكبحه والحديث بنبرة لينة :

- ماما لو سمحتي احترمي أمجد شوية ميبقاش كل ما نعدي نلاقيكي بتتكلمي عليه مع حد، ده مش أسلوب أبدا ده الناس كلها عارفة انك مش طايقة جوز بنتك كان ناقص تقوليها في المايك …


كانت بتول تتحدث بعصبية وغيظ شديد من أفعال والدتها ولا مبالاتها بشعورها هى وزوجها ..  رُبما منذ زمن والدتها تحب التدقيق في كل شيء والحديث عن ما لا يعجبها بصراحة لكنها لم تكن فظة مع أحدهما كما تكن مع أمجد .. علقت داليا بنبرة مستنكرة والغضب يليح على قسماتها:


- هو البيه باعتك علشان تتخانقي معايا على الصبح، انا حرة ياستي وده أسلوبي اذا كان عجبكم انا مبحبش اشوف حاجة مش عجباني واسكت عليها، لو وجودي هيضايق الباشا انا مش هدخلك بيت تاني..


نظرت بتول لوالدتها بدهشة مما تتفوه به، فما الذي يحدث لها!!! .. تحدثت بتول بنبرة غاضبة وهى تنهض من جلستها بانزعاج جلي وألم يختلج قلبها فوالدتها لا يهمها سعادتها :


- انتِ مُدركة حضرتك بتقولي ايه هو علشان بقولك احترمي شكلي وجوزي... على الأقل قدام الناس تقوليلي مش هدخلك بيت تاني .. انا عايزة أفهم أمجد عملك ايه علشان تكرهيه بالشكل ده وتعامليه كده .... 


قاطعت داليا حديثها بحدة شديدة ونبرة ساخطة متهكمة فلن ترضي أبدا على تلك الزيجة لو مر بدل العامين مائتي عام:


- لو أمجد طلعله جناحات يا بتول ... والناس كلها شيفاه ملاك .. مش هحبه ولا هعتبره زي ابني وحياة ما قولتيلي انا هتجوزه برضاكي أو من غيره مش هصفي ليه أبدا مهما عملتي ومهما بين أنه كويس…


تنهدت بتول بغضب شديد وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها بصعوبة من شدة كلمات والدتها عليها فطالما كانت الابنة المدللة التي لا يغضب أحد عليها، رغم كل ذلك الغضب أبتلعت ريقها محاولة الحديث بنبرة هادئة 

- ماما الموضوع فات عليه اكتر من سنتين، خلاص انا بحبه وغلطت اني قولتلك حاجة زي دي وقتها بس انتِ وافقتي عليه..


قاطعتها داليا قائلة بنبرة ساخرة وهى تلوي شفتيها بتهكم:

- انا وافقت؟؟؟ .. انا وافقت بس علشان مش على اخر الزمن بتول الحناوي تتجوز من غير عيلتها .. وسيرتنا تبقي على كل لسان ... انا وافقت مجبرة وانتِ عارفة ده.


-إيه الوحش في أمجد علشان تفضلي كرهاه اللي حصل كان في الماضي انا غلطت في حقك وكنت طايشة... حتى أمجد لما عرف الموضوع ده عاتبني جامد على اللي قولته..


- وحش لنفسه حلو لنفسه ميفرقش معايا…


قالتها داليا بلا مبالاة فهتفت بتول وهى تأخذ حقيبتها محاولة السيطرة على دموعها ومنعها من الهبوط على وجنتيها:

- ماما اقبلي حقيقة أن أمجد ده جوزي، وفي يوم من الايام هيبقي ابو احفادك..


انكمشت ملامح داليا ساخرة رافعة حاجبيها ضاربة كفًا على الآخر:

- لا ده اللي ناقص حقيقي انك تخلفي منه…


-  ده جوزي واني أخلف منه مسأله وقت وشيء مش هيكون غريب…


قهقهت بسخرية قائلة بتخمين: 

- أهلا طبعا هو اللي عمال يزن على ودنك، انتِ مجنونة ولا ايه ؟؟؟


- انا قررت انا وأمجد اني أوقف حبوب منع الحمل وان مفيش داعي للتأجيل…


- وشغلك؟؟؟؟؟.. برنامجك!!!


تساءلت داليا بغضب شديد، فردت بتول بحنق:

- السيزون ده يعتبر خلص خلاص اخر حلقة انهاردة... وممكن السيزون الجاي اعتذر عنه..او نشوف حد يقدمه مكاني…


- بضحي بمستقبلك وشغلك علشان أمجد بيه…


- أمجد جوزي .. محسساني اني لو كنت اتجوزت غيره مكنتش هخلف يعني ..


ردت داليا بغضب شديد فلم تستطع كتمه أبدا:

- بكرا محدش هيدفع نتيجة ارتباطه بواحد زي امجد غيرك انتِ، الراجل ده لو خلاكي ماشية على الدهب وعايشة في الجنة انا مش هتقبله ولا هحبه..


سالت الدموع منها فلم تستطع الصمود أكثر من ذلك فوالدتها تؤلمها وبشدة :

- كفايا ارجوكي، أمجد مش صايع وإنسان مثقف ومحامي سمعته معروفة كويس جدا، وانا روحت معاه البلد كام مرة مفيش حد فكر يهيني زي ما انتِ بتعملي معاه، انا متجوزة امجد بقالي سنتين وعمري ما ندمت على قراري بالارتباط بيه ولا هندم…


تنهدت بتول مبتلعة غصتها ثم أستكملت حديثها قائلة :

- انا ماشية، ولو فعلا بتحبيني متنسيش أنك امي وكرامة جوزي من كرامة بنتك، ارجوكي احترمي أمجد واتقبلي حقيقة انه جوزي وبقي مننا..


________ 


"داخل مكتب المحاماة الخاص بـ امجد"


كانت فرح تقف أمام مكتب سمير عاقدة ذراعيها أمام صدرها مستغلة خلو المكتب من باقي الزملاء، متحدثة بحنق لاح على قسماتها، مستنكرة ما يقوله: 

-مش فاهمة .. يعني أنتَ عايز تجوزني في شقة إيجار، ازاي يعني يا سمير؟


رفع سمير رأسه المنكبة على الورق أمامه، وجابت عيناه حوله يتأكد من خلو المكتب، وعدم استماع أحد لحديثها اللاذع، مجيبًا عليها: 

-زي الناس يا فرح، أنا لسة شاب في بداية حياتي، معيش اللي يخليني أجيبلك تمليك الاسعار مولعة ..عارفة أقل شقة بكام ؟!! وتوضيبها هيكون بقد إيه ؟


لم تهتم بحديثه أو حتى بظروفه، رافضة تلك الفكرة فهتفت: 

-وأنا مش موافقة يا سمير، اللي متجوزين في تمليك مش احسن مني..


عض على شفتيه ونهض من مجلسه خلف المكتب، وهو يرد عليها بحدة وأسلوب جاف: 

-يا ستي كل واحد وظروفه وأنا ظروفي كدة ومضحكتش عليكي ولا على أهلك، وبعدين هو أنا بقولك هتبقى شقة العُمر، دي حاجة مؤقته، عقبال ما ربنا يفتحها علينا، واقدر اجبلك التمليك ونبني نفسنا…


صرَّت على أسنانها انزعاجًا، رامقة إياها بغيظ، ثم بارحت مكانها عائدة لمكتبها مرة أخرى، وما أن جلست خلفه، لتقع عيناها على أمجد الذي ولج إلى المكتب وابتسامتة مشرقة تزين وجهه وقسماته الرجولية 


اقترب منه سمير وقال بسعادة: 

-مدام بتضحك كدة يبقى كسبت القضيه بتاعة المغربي مش كدة.. 


اتسعت بسمة أمجد وهو يؤما برأسه مؤكدًا حديثه: 

-عيب عليك، مفيش قضيه تصعب على أمجد الشيمي، المهم عايزك تجبلي ملف القضية بتاع مرات الحسيني، وتحصلني .. 


اماء له سمير، فسبقه أمجد تجاه مكتبه المنفصل عنهم، ثم لحق به سمير بعدما جاء بما طلبه والجًا خلفه صافعًا الباب بهدوء تاركًا فرح تتذكر ليلة أمس وما فعله أمجد مع زوجته أمام الجميع.. 


ارتسم الغيظ بوضوح على ملامحها قائلة بحقد: 

-ادي الستات اللي بتقع صح، مش أنا أفضل مستنية بالسنين وفي الأخر عايز يجوزني في إيجار، جاتنا خيبه في حظنا الهباب.... 


______ 


"في بيت ريما وعائلتها"


كانت تبحث في محرك البحث {Google} على بعض اللوحات التاريخية التي تحدثت عنها إحدى الشخصيات الخاصة بمجالها وتنصت لأغنية من أغاني القيصر مغنيها المفضل فهى تعشق أغانيه بأكملها، ورُبما تحاول اضاعة الوقت بعد ذهاب والدتها رفقة ووالدها لزيارة أحد المعارف وتناست والدتها تمامًا اخبار ياسر بتأخيرها أمس.. 


{لاتزعل أنا أمزح ..شوق اللـي بالقلب يفضح .. أنا مثل الطفل أفرح .. اذا تضحك يامحبوبي .. تعال واغفى في صدري .. أشمّ عطرك تشمّ عطري ... حلاة الهوى ياعمري 

لمّا اثنينا نذوب ..ماريدك بعد روح ماحبك بعد روح} 


قاطع خلوتها إتصال شهاب فهو لم يجيب عليها أكتفى بإرسال رسالة أنه مشغول في العمل ولن يتمكن من الحديث معها الا في المساء رُبما لأنه لم يكن لديه من الكلمات التي يستطع أن يقولها...فقد الجمته الصدمة وجعلت النيران تضرم به..


أغلقت الأغنية، وأجابت عليه برقتها المعتادة معاتبة أياه برفق :

- أخيرًا اتصلت انا قولت زمانك روحت ويمكن نمت…


- ريما انا عايز اتكلم معاكي ومعرفتش ارد على اللي بعتيه ليا الصبح..


قالها بنبرة حاسمة وغريبة عليها فهتفت ريما بنبرة هادئة :

- ممكن بكرا نتقابل او نتكلم دلوقتي في الفون…


- مينفعش في التليفون ومش هينفع استني لبكرا ..


تفوه شهاب بإصرار عجيب، فتحدثت ريما بخجل وعدم فهم بعد أن نظرت على الوقت في الحاسوب ..

- الساعة عشرة وشوية يا شهاب ومش هينفع دلوقتي وحتى مش هينفع أقولك اطلع انا لوحدي بابا وماما راحوا مشوار وحتى الدادة مش هنا…


- انزليلي انا تحت البيت هنتكلم قدام البيت ومش هنخرج اكيد دلوقتي، انزلي نتكلم حتى ولو في العربية  أو نقف تحت .. المهم اني عايز اتكلم معاكي..


قالها بنبرة جعلتها تشعر بالاستغراب من اصراره المبالغ فيه لتنهض من مكانها وتدخل إلى الشرفة وتجده بالاسفل يقبع بسيارته…


أردف شهاب بنبرة متسائلة وجادة وهو يراها صامتة لا تعقب على حديثه: 

- هااا قولتي ايه ؟ 


عضت على شفتيها السفلية قبل أن تجيبه بموافقة: 

-حاضر يا شهاب، عشر دقايق وهنزل..


"بعد مرورعدة دقائق" 


كانت تقف بجواره كلاهما يحملقان في النيل أمامهم، فخرج صوته أولًا بعدما حمحم بخشونة، قائلًا: 

-عايزك تكلميني بمنتهى الصراحة يا ريما، أنتِ جاهزة لخطوة الجواز، يعني حاسة أني أنا الشخص اللي هتقدري تكملي معاه و 


كاد يكمل لولا مقاطعتها له، مضيقة عيناها متحدثة بترقب وعدم فهم: 

-مش مرتاحة لسؤالك يا شهاب .. مدام سألته يبقى أنتَ اللي حاسس أنك مش جاهز للخطوة دي، أو بمعنى أصح حاسس أني مش البني آدمه اللي تحب تكمل معاها ... 


قطب جبينه مندهشًا مما تحاول فعله، وقلب الأمر عليه فقاطع حديثها، قائلا :

-أنا اللي بسأل يا ريما، بس اظاهر معندكيش اجابة، بتحاولي تعكسي الأدوار... 


ارتخت ملامحها وكادت تجيبه لولا صوت جارها الذي مر من جوارها وتوقف ملقيًا السلام عليها: 

-ازيك يا ريما، اخبارك إيه؟ 


احتلت البسمة ثغرها مرة ثانية، وهى تجيبه بإحترام : 

-ازيك أنتَ يا سليم، أنا الحمدلله بخير.


-الحمدلله، ابقى سلميلي على اونكل وطنط..


اماءت له بموافقة وهى تراقب مغادرته، دون أن يبدي أي اهتمام لذلك القابع بجوارها والذي تحولت ملامحه لأخرى شرسة، جعلت القشعريرة تسري بجسدها خوفًا وشعور لا يدري أهو غيرة أم ماذا ولكن شيء ينهش في قلبه… 


هتفت ريما حينما لاحظت تغير ملامحه: 

-في إيه مالك وشك عمل كدة ليه..


-مين البيه، اللي شايفني قرطاس لب جمبك .. 


كان يتحدث بصوت مرتفع لم تعتاد عليه منه، فردت بحنق شديد : 

-إيه الأسلوب الهمجي ده يا شهاب، وبعدين اكيد مخدش باله مش شايفة مستعجل يعني ولا إيه؟ 


ارتفع حاجبيه بسخرية وصاح ملوحًا بذراعيه في الهواء الطلق: 

-لا يا شيخة وكمان عرفتي أنه مستعجل!! 


اكفهرت ملامحها وقالت بجمود وأسلوب جاد يراه للمرة الأولي وكأنها تبدلت لشخص آخر: 

-تلميحاتك مش عجباني يا شهاب، ومش معنى أن جاري سلم عليا، يخليك تكلمني بالاسلوب ده، وبعدين أنت شغلك كله ستات، وبتتعامل معاهم عادي، خصوصًا بتول..


أسودت عيناها عند ذكر اسم بتول، فاقترب بوجهه منها وانفاسه تلفحها: 

-متقارنيش بتول مع قليل الذوق ده، أنتِ فاهمة… دي متربية معايا واديكي قولتي شغل…


ضيقت عيناها بشك مريب، ثم نفضت تلك الفكرة من بالها، فهى إمرأة متزوجة وهو سيصبح زوجها عاجلًا أم أجلًا.. 


زفرت وهى تحيد انظارها عنه متمتمة: 

-ما تقولي بصراحة يا شهاب، موضوع تقديم الفرح ده، فكرتك ولا فكرة اونكل، متهيألي أنه فكرة اونكل مش كدة.. 


قالت الأخيرة بسخرية استفزته، فصاح نافيًا تلك الفكرة من رأسها قائلا بتحدي: 

-لا أنا اللي حابب كدة يا ريما، ومنزلك عشان اسالك وأشوف رأيك وأعرف إذا كنت استعجلت ولا أنتِ كمان موافقاني في القرار ده… 


صمتت قليلًا وما كادت أن تتلفظ وتجيب عليه، حتى تناهى لمسامعها صوت والدها من خلفهم :

-ريما 


تبسم وجه شهاب ببسمة مجاملة، مرحبًا به هو الآخر: 

- ازي حضرتك، ازيك يا طنط.. 


أجابته والدتها بأقتضاب وبسمة مزيفة تعتلي ثغرها رامقة ابنتها بضيق: 

-بخير ازيك أنتَ.. 


ثم حولت انظارها لابنتها وقالت: 

-إيه يا ريما اللي منزلك الوقت ده ..


أجابها شهاب بدلًا من ريما: 

-أنا اللي طلبت منها تنزل كان لازم أخد رأيها في موضوع ضروري …


لم ينال حديثه إعجاب والدتها، فصاح والدها: 

-طب يلا يا شهاب، اطلع تتعشى معانا بالمرة..


رفض شهاب وحاول الهروب من تلك العزومة لكن باءت محاولاته بالفشل و أصر والدها على صعوده... فلم يتمكن سوى أن يرضخ له ويصعد برفقتهم…. 


"بعد مرور نصف ساعة تقريبا" 


في الأعلى تحديدًا في المطبخ ..كانت ريما تقف مع والدتها التي كانت تتحدث بكلمات غير مفهومة وبنبرة خافتة، فأردفت ريما بعدم فهم:

- مالك يا ماما 


- المصيبة السودا أنك مش عارفة مالي يا ريما، يعني ارجع انا وابوكي من برا والساعة داخلة على ١١ ونص والاقيكي واقفه معاه تحت ولا تستأذني مني ولا من ابوكي حتي ؟ 


قالتها رشا بغضب شديد من أفعال ابنتها الحمقاء التي منذ خطبتها لشهاب قد نست وتخلت عن بعض القيود .. فابتلعت ريما ريقها بصعوبة وأردفت بنبرة خافتة واحراج شديد من أن يسمعهم شهاب كاذبة على والدتها:

- يا ماما وطي صوتك متفضحيناش، وبعدين انا مكنتش خارجة معاه ده انا نازلة بالسويت شيرت بتاع البيت علشان اديله الجاكت بتاعه، وكان عايز يتكلم معايا وواقف قصاد البيت مروحتش في حته أنا..


جزت رشا على أسنانها قائلة بسخرية وغضب شديد:

- وهو الكلام ميحلاش إلا بليل .. مينفعش يتأجل لبكرا..ده بدل ما تحمدي ربنا اني معرفتش ابوكي بتاخيرك..


أغلقت ريما باب المطبخ حتى لا يسمعهما أحد، وأردفت بنبرة هادئة وناعمة: 

- ماما لو سمحتي ممكن أفهم انتِ ليه من ساعة ما اتخطبت لشهاب وانتِ بتحاولي تقفي ليا على الواحدة وتنتقدي كل تصرفاتي مع انك عمرك ما عملتي كده..


- انا بقول الصح واللي ربيتك عليه، وانتِ وباباكي ماشيين ورا شهاب وأبوه ومحدش عاملي اعتبار انا من اول ما اتقدم ليكي وانا مش مرتاحة وبقالك فترة متغيرة وبقيتي توافقي على أي حاجة علشان ترضيه وباين أنك مدلوقه عليه…


شعرت ريما بالخجل الشديد والخزي من كلمات والدتها فلاول مرة تتحدث معها بتلك النبرة فحاولت التحدث بأي كلمات قد تجدي نفعًا ولكنها كانت صريحة مثلما تعودت:

- ماما .. أنا مكنتش عايزة اتخطب قبل شهاب لاني مكنتش بفكر فالموضوع بس لما قابلته كذا مرة حسيت بالقبول ناحيته رغم كل الاختلافات اللي انتِ شايفاها انا حبيت شهاب…


تنهدت واحمرت وجنتيها ثم أردفت بنبرة خجلة ولكنها خرجت من أعماق قلبها: 

- عارفة أني جريئة معاكي بس دي الحقيقة .. انا محبتش راجل واتمنيته جوزي زي ما حبيت شهاب .. ومش متخيلة فكرة أني اكون لغيره .. انا بحبه .. ممكن اكون بحب أريحه بس انا معملتش حاجة غلط وانا كنت معاه تحت قدام البيت بنتكلم…


"في الخارج"


كان ياسر يجلس بجانب شهاب ويجعله يرى ألبوم الصور الخاص بريما منذ ولادتها حتى الآن كان شهاب يشاهد تلك الدموع التي يخفيها هذا الرجل بصعوبة، انتهى أخيرا من اخر صورة في الألبوم وهي صورة لها اثناء حفل خطبتهما... 


أردف ياسر قائلا وهو يضع يده على كتف شهاب: 

- انا وريتك ألبوم صور ريما من يوم ولادتها لغايت ما خطبتها... شوفت انتَ الالبوم ده في دقايق بس انا عملته في سنين ..

معرفش أبوك قالك ولا لا بس انا مكنتش بخلف وقعدت عشر سنين بتعالج لغايت ما ربنا رزقنا بريما بعد محاولات كتير..


نظر له شهاب بنظرة هادئة وابتسم له، فاستكمل ياسر حديثه قائلا بحب شديد فابنته هى كل شيء له :

- ريما هي كل حاجة في حياتي أنا وامها مريت بكتير أوي حتى جه علينا وقت حرمنا نفسنا من حاجات كتير علشان ريما تفضل في نفس المستوى اللي هي فيه والضحكة متفارقش وشها ..


ليبتلع ريقه قائلا والدموع تأخذ مجراها 

- لسه بعيط في أي event بحضره وهي بتتكرم او بتكون في معرض بتقدم لوح كأنها لسه في المدرسة وبيكرموها ..


أردف شهاب بابتسامة فلم يشعر بكلماته جيدًا ولكن حينما يكن أب بالتاكيد سيشعر بتلك المشاعر والعاطفة :

- ربنا يخليها يارب 


- يارب يابني انا بوصيك على ريما يا شهاب لو جرالي حاجة . 


قاطعه شهاب قائلا باعتراض: 

- جرا ايه يا دكتور ياسر بعد الشر عليك أن شاء الله هتشوف عيالنا كمان وتشوف احفاد ريما ..


ابتسم ياسر بهدوء وأردف بنبرة حانية :

- ده العمر يابني ..محدش يعرف اجله امتى.. فانا حي أو ميت عايز تعرف أني مديك أمانه وجوهرة، هي عيني وبنتي وثروتي هي كل حاجة بملكها أوعى تزعلها في يوم، انا بثق فيك وأبوك أخويا ومتربين سوا علشان كده مطمن عليها، اوعدني يابني تشيلها في عينك..


- أوعدك 

قالها شهاب حينما شعر بالإصرار والقلق في نبرة الرجل، ثم أردف شهاب وهو يحسم قراره :

- بكرا هنيجي انا وبابا علشان نحدد ميعاد كل حاجة وخلال شهر هيبقي كتب كتابي انا وريما لو هي موافقة ومستعدة وحضرتك موافق ... 


_________  


"في المساء .. فيلا أمجد الشيمي" 


صعد أمجد إلي الغرفة وجدها جالسة على الفراش ولمحها وهى تمسح دموعها بسرعة حتى لا يراها، فأردف أمجد بلهفة وخوف وهو يقترب منها جالسًا أمامها :

- مالك يا بتول انتِ بتعيطي.. 


- لا مبعيطش يا أمجد، انتَ اتأخرت ليه ..


قالتها بنبرة حاولت جعلها طبيعية رغم أنها مُهشمة من الداخل كون والدتها تكره زوجها بل تتعمد إظهار تلك الصورة للجميع، ولا تبالي بالحزن التي تسببه لها، فهتف أمجد وهو يجيبها وينظر في عيناها الحزينة والمتورمة من كثرة دموعها فمنذ انهاء حلقتها اليوم عادت إلى البيت مباشرًا:


- أبدا كنت قاعد مع واحد صاحبي ..قوليلي يا بتول مالك بقى في حد زعلك ولا اتخانقتي تاني في القناة مع عم فهمي وشهاب..


هزت رأسها نافية، فأستكمل أمجد حديثه بنبرة غاضبة فهي تتعمد اغضابه فيكفي صمتها وعيونها الحزينة ليشعر بالألم في قلبه: 

- ما تخلصي يا بتول متعصبنيش بقى ده وشك ولا كأن في مصيبه مفيش حاجة ازاي اخلصي قولي مالك، ولا استني كده 


- استني ايه ؟؟ 


قالتها باستغراب فهتف أمجد بسخرية وهو يتذكر ما حدث صباحًا:

- انتِ روحتي عند مامتك يا بتول الصبح فأكيد اتخانقتي معاها، ياتري عملت ايه ضايق داليا هانم..


- لا الموضوع مش زي ما انتَ فاكر يا أمجد انا اتخانقت معاها فعلا وشديت معاها جامد بس مش  .. 


قاطعها أمجد قائلا بنبرة متفهمة وحكيمة: 

- بتول انا بحب طنط داليا رغم انها مش طيقاني، بس الأكيد أنها خايفة عليكي ويمكن حاسة بالغيرة لاني خطفتك منها وبقت لوحدها قدري النقطة دي حتى لو كنت انا السبب متتخانقيش مع أمك..


لا تدري ما التسامح الذي يتواجد في هذا الرجل فكيف يقبل ذلك رُبما لم تخبره ما تفوهت به والدتها ولكنه على الاقل يشعر ويتوقع ما يدور في ذهن والدتها عنه 

فهتف أمجد وهو ينظر في هاتفه ويرى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل: 

- قومي البسي علشان هنمشي 


- نمشي نروح فين ؟ 

قالتها بتول بعدم فهم لكنه لم يجيبها وجعلها تتجهز دون أن تفهم شيء.. 


________ 


دخل أمجد بسيارته من بوابة فيلا الحناوي... فأردفت بتول بنبرة ساخرة :

- انتَ متأكد باننا جايين الساعة اتنين بليل لماما عشان نتصالح!!!! ده مش بعيد تقاطعني بقية عمرها، مبتكرهش قد ان حد يجي متأخر وهتقلق اصلا…


- انزلي يا بتول وخبطي الباب أكيد امك صاحية استحالة هتنام وهى مزعلاكي..


هبط أمجد لتلاحقه بتول وهي ترتدي معطفها الطويل فوق ملابسها المنزلية، دق الجرس وما هي إلا ثواني فتحت لها والدتها بدهشة وقلق حينما وجدتها أمامها فظنت أن هناك مصيبة وكارثة قد حدثت 

- بتول يا بنتي انتِ كويسة؟؟ في ايه، امجد عملك حاجة انطقي ايه اللي حصل..


- دايما ظلماني كده يا حماتي ..


قالها أمجد بمرح وهو يقترب من بتول، فنظرت له داليا بانزعاج ولكن أطمئن قلبها قليلا، فأردفت داليا بنبرة حانقة :

- في إيه انتم هتنشفوا دمي..


- أبدا وحشتيني وحسيت أن جوز بنتك وواحشك فمكنش ينفع انام الا لما اشوفك، بمجرد ما بشوفك بحس اني شايف امي.. 


قالها امجد بنبرة هادئة ومرحة ليقترب من رأس داليا ويقبلها، وأردف وهو يحاوط ذراعيها ..


- عرفت ان البت دي مزعلاكي قولت استحالة اخليها تنام وانتِ مضايقة منها..


كانت بتول تقف عاقدة ساعديها وتنظر الى الأسفل لم تكن تعلم ماذا يجب أن تقوله في ذلك الموقف ..

فصاح أمجد ليقطع هذا الصمت الذي يتواجد بينهم :

- بصي يا طنط داليا بلاش حماتي علشان بتعصبك، ممكن تكوني مش حباني لأي سبب وانا مدرك لده ومش زعلان يعني انا بكرة لما أخلف بنت انا وبتول وتسبني وتمشي هيكون جوزها ده عدوي مش جوز بنتي لأنه هيخطفها مني ..


ثم تنهد مبتلعًا ريقه مردفًا بهدوء :

- حتى لو انا السبب في خلافكم او مش أنا .. تتصافوا ومحدش فيكم ينام زعلان من التاني وشايل في قلبه وانا عموما هستني بتول في العربية واتكلموا براحتكوا ..


ذهب أمجد إلى سيارته وفتحها وجلس بداخلها ليترك لهما الحرية الكاملة في الحديث، فأردفت داليا بنبرة هادئة وحانقة ولكنها سعيدة أنها رأتها فلم تكن تستطع النوم بسبب التعاسة التي سببتها لابنتها :

- خلاص متزعليش يا بتول، واوعدك اني هحاول اسكت ولا هتكلم مع حد، ولا هضايق أمجد ياستي، المهم يكون هو الشخص اللي يسعدك ..


احتضنتها بتول بحب فور انهاءها تلك الكلمات وبكت في حضنها فمهما فعلت هي والدتها وكانت تشعر بالغضب منها ولكن لا تستطيع مقاطعتها، فابتعدت عنها بعد دقائق من ذلك العناق الذي أراح قلوبهما قليلا: 

- تصبحي على خير يا ماما ومتزعليش مني 

- وانتِ من أهل الخير ويارب دايمًا مبسوطة ويخيب ظني فيه ويطلع يستاهلك بجد ..


قالتها داليا بنبرة هادئة فعلى الأقل هو السبب في إتيان ابنتها لها فشيء يُحسب له، ودعتها بتول وذهبت إلى السيارة وفتحت الباب لتدخل السيارة ولتلقي بنفسها في أحضان امجد الذي بادلها قائلا بمرح: 

- خلاص يا مجنونة لسه مصالحين أمك لو شافتك ونظرها جابك وانتِ حضناني مش بعيد تعملي محضر تحرش في طريق عام..


ضحكت من قلبها وهي تحتضنه بحب وعشق شديد فيكفي أنه السبب في انهاء الخلاف بينها وبين والدتها بتلك الطريقة، فأردفت بنبرة مرحة :

- مش مهم نتحبس انتَ محامي شاطر وهتخرجنا..


ثم أستكملت حديثها قائلة بجدية وعشق 

- بحبك قد الدنيا يا أمجد، بحبك والكلام فيك مش هيوفيك ولا هيوصف حبي ليك 


ابتعدت عنه بعد دقيقة تقريبا فكانت تود قول الكثير من الكلمات التي تعبر له عن امتنانها ولكن وجدت العناق أسهل وسيلة للشكر..


ارتفع رنين هاتفه في هذا الوقت من الليل مما أثار دهشة بتول...مغمغمة بتساؤل:

-ايه ده مين بيتصل دلوقتي!!!


اخرج امجد هاتفه ونظر في الشاشة ليجد اسم نجم يزينه…

تغيرت ملامحه..وفتح المكالمة واضعًا الهاتف على أذنيها مستمعًا له:

-كنت متأكد انك صاحي..عشان كدة مترددتش اتصل عليك..اصلي خير الله ما اجعله خير كنت ماسك التليفون..وهوب طلعلي صورك أنت ومراتك..الا قولي يا أمجد يا شيمي مراتك عملت ايه في حياتها عشان ربنا يبتليها بيك ها…


كبح امجد غضبه امام بتول وقال بصوت هادئ:

-انجز بدل ما اقفل في وشك وقول عايز ايه عارفك مش بتتصل لله وللوطن.....


تجاهل نجم حديثه واسترسل:

-عارف يا واد يا أمجد اكيد امها اللي دعت عليها وقالتها روحي إلهي ربنا يبتليكي بمصيبة..اهو انت بقى المصيبة دي…


انتهى مقهقهًا عاليًا مما أثار حنق امجد..فقد نجح في استفزازه لأقصى درجة….توقف نجم عن اطلاق الضحكات وتابع بنبرة غامضة:

-بقولك ايه قولي مبروك الارض اللي كنت عايزها وقايل لاخوك يشتريها بقت ملكي...ملك نچم..


______________ 


في الصعيد ..تحديدًا في بيت عائلة الشيمي……


كانت صفية تجلس مع ابنها أكرم، وكان صوتهم مرتفع للغاية بسبب غضبها من إصابة ابنها في رأسه بجرح قام بخياطته

فأردفت صفية بسخرية لاذعة:

- ما شاء الله يعني نجم خد الأرض .. وكمان اتخانقت مع ابن صاحب الأرض ومسكت فيه .. و


هتف أكرم بغضب شديد مقاطعًا إياها فيكفيه الالم الذي يشعر به في رأسه وجميع أنحاء جسده 

- بكفياكي ياما ، انتِ عارفه أن نجم مش بيسيب أرض الا لما ياخدها واستحالة يسيب مصلحة لينا تكمل ..


- وانتَ فرحان بنفسك كده ليه، يا خيبتها ده انت عيل صغير ضربك وكمان بتحاول تلاقي سبب لخيبتك، الأرض دي كانت جنب أرضنا وهتفيد مصالحنا، مهوا لو كان أمجد هنا كانت كل مصالحنا مشيت..


قاطعها أكرم قائلا بغضب شديد وصوت مرتفع فمازالت لا تشعر بالنيران التي تتواجد به :

- اه هو أمجد اللي بيحل كل حاجة، سبحان الله بالشهور ميسألش فينا ولما يجي تعملي للباشا أماثل وهو أصلا مش داري بمصالحنا ماشي ورا السنيورة بتاعته، ولسه أمجد لو كان هنا... خليه يجي ياما خليه يجي وانا ههج من البلد كلها علشان ترتاحي وخليه يمشي مصالحك..


نهض وتحرك ناحية باب المنزل بخطوات سريعة وغاضبة .. هبطت رقية في تلك الاثناء من الأعلى وهى تحمل ابنها معاذ، ليرمقها أكرم بنظرة غاضبة هى الآخري فجاءت بسبب أصواتهم الحادة 

هتفت رقية بنبرة هادئة :

- جرا ايه ياما صوتكم عالي كده ليه..


- نجم مش هيجبها البر رأس اخوكي اتفتحت بسببهم، ومش عجبه كلامي أن امجد لو كان هنا كان هيحل كل حاجة انا لازم اكلمه..


قالتها بخوف على أبنائها من ذلك الخطر، فأردفت رقية بعتاب :

- ياما أمجد لو جه هتخلي أكرم يتجنن فيها وهيفهم أنك بتقللي منه وأمجد اكيد مش هيسيب شغله ويجي علشان يحل مشكلة بينا وبين عيلة نجم مفيش يوم بيعدي الا لما يحصل مشاكل انا مش مطمنة للي بيحصل ده. 


الفصل الخامس من #زيغه_الشيطان 

#اضواء_مبعثرة 

بقلم فاطمة طه سلطان & فاطمة محمد.

_________


اذكروا الله 

_________ 


'هناك لحظة تجد نفسك فيها عاجز عن إضافة أو تغيير شئ ..! كل ما تكره لا يتبدل ، وكل ما تحبه يتم تدميره بعناية..!'

- أحمد خالد توفيق. 

_______ 


-اتفضل... 


رددت غرام تلك الكلمة على مسامع نجم الجالس بحديقة الدوار.... واضعه أمامه ذلك (البرواز) التي وعدت إياه بجلبه بعدما تسببت في تحطم الآخر.... 


سحب نجم نفسًا من الارجيلة القابعة أمامه...ثم نفث دخانها بعيدًا عنها مجيبًا عليها ببروده المعتاد...وعجرفته الدائمة ولهجته الصعيديه الذي تعمد الحديث بها معها كي يصبح أكثر صرامة معها:

-إيه ده؟ 


-أنت شايف ايه ؟ 


ردت بترقب..منزعجة من أسلوبه معها.... 


-اعتبريني مش شايف حاجة...جوليلي ايه ده ؟؟ 


قالها ساخرًا فأجابته عاقدة ذراعيها أمام صدرها:

-ده برواز بدل اللي كسرته...واللي قولتلك هجبلك غيره...عشان المفروض لما الواحد يبوظ حاجة...يصلحها... 


رمقه نجم بنظرة سريعة ثم عاد يطالعها متمتم بخشونة:

-طب كويس انك عارفة أن من أفسد شيء عليه اصلاحه...بس متعرفيش انه مينفعش تخشي اوضة راجل غريب.... 


ردت بعفوية:

-بس انت مش غريب أنت ابن عمي.... 


-برضو غريب..أن شاء الله اكون مين..مدام الاسم اللي ورا اسمك في شهادة الميلاد مختلف ابجى غريب...واضح أن في حاجات كتير محتاجة تتعلميها زين..ابجي خلي توحة تعلمك..ولا اجولك...ابقى أعلمك انا مع بنتي سندس..ما أنتِ برضو لسة عيلة.... 


اعتراها الغضب...قطبت حاجبيها وقالت بتشنج واضح على قسماتها ورد فعل جسدها:

-مين دي اللي عيلة....انا بقيت كبيرة خلاص...انا عندي عشرين سنة.... 


ارتفع حاجبيه استهزاءًا وصاح:

-برضو عيلة.... 


-قولتلك مش عيله...بقولك ايه يا ابن عمي متعصبنيش... 


-لا اتعصبي انا عايزك تتعصبي..عشان تقصري اكتر ما أنتِ قصيرة.... 


دبدبت بقدميها أرضًا وهى على وشك الأنفجار من تعمده بتذكيرها بفرق السن بينهم....وقرب عُمرها من ابنته.... 


كادت تلج الدوار لكنها عادت عدة خطوات وقالت بصوت مسموع وصل إليه:

-أنا مش عيلة...أنت اللي اتجوزت بدري...ولو كنت اتجوزت متاخر..وبنتك اصغر شوية..مكنتش هبقى عيلة في نظرك...مش ذنبي..انك انت اللي حبيت واتجوزت وخلفت بدري...وانا مش عيلة.....ولا صغيرة عشان تكلمني بالطريقة دي..... 


_________ 


تقف أمام إحدى اللوحات، تتأملها بأعين شاردة، من يراها من بعيد قد يظنها منبهرة بها لأقصى درجة، حتى تقف أمامها بذلك الشرود، لكن الحقيقة كانت على النقيض تمامًا…. 


فذهنها كان منشغلًا به، وبذلك القرار الذي سيجعلهم يمكثان تحت سقف واحد. 


ترى هل والدتها محقة بشأن تلك الزيجة؟! 


فـ كثيرًا ما تشعر بأنها لا تعلمه، كأنه شخص غريبًا عنها لا تستطع التعرف عليه!!! 


عصبيته المفرطة، تحكمه الزائد.. 


كل تلك الأشياء تقلقها وبشدة… 


أغمضت جفونها لثوانِ متذكرة ما فعله أمس مع جارها، الذي لم يفعل له شيء سوى أنه القى السلام عليها … 


-للدرجة دي اللوحة عجباكي. 


انتفض جسدها فجأة وفتحت عينيها على مصراعيها وهى تستمع لصوته الهامس جوار أذنيها.. 


التفتت حولها ترى مصدر الصوت، فقد ظنت لوهله أنها تتوهم حضوره واستمعها لصوته الرجولي العميق… 


وجدته أمامها حقًا، يناظرها بنظرات عميقه حنونه جعلتها تتصنم أمامه، خاصة عند رؤيتها لتلك الورود الحمراء الذي يحملها بين يديه، ثم خرج صوته مجددًا.. 


-مالك، مخضوضة كدة لية، وأنا اللي عملك مفأجأة وجايلك المكان الملل الفاضي ده، وجيبلك ورد أحمر زي العيال الفافي.. 


ابتسمت دون إرادتها مع كلماته الأخيرة، فـ اتسعت عين شهاب ورفع يداه واضعًا إياها موضع قلبه متمتم بأسلوب مرح: 

-آه قلبي مش مصدق، ريما بتضحك ولمين لـ شهاب 


ارتفع صوت ضحكتها، ورفعت يديها ملتقطة منه الورود متناسية تمامًا أي غضب تجاهه، مرددة بنعومة: 

-بس يا شهاب. 


قام بتقليد كلماتها، مغمغم بمرح: 

-بس يا شهاب، عارفة يا ريما احسن حاجة عملتيها أنك خدتي الورد، كنت حاسس ان شكلي عبيط أووي وأنا شايلة.. 


عبست ملامحها مستنكرة كلماته الأخيرة: 

-عبيط، عشان جايب لخطيبتك ورد؟ 


نفى برأسه وأجاب بصدق: 

-لا عشان اول مرة أجيب ورد، كنت علطول بتريق على اللي بيجيب ورد لمراته ولا لخطيبتة. 


ازدادت خفقاتها و تخضبت وجنتيها مستمعه لاعترافه ذلك، فقالت بلهفة لاحت بعيناها: 

-بجد يا شهاب أول مرة تجيب ورد، يعني افهم من كدة اني اول بنت تجبلها ورد.. 


أزدرد ريقه وحافظ على بسمته، وقال: 

-أيوة يا ريما.. 


أجابها بهدوء، ثم حاول تغيير مجرى حديثهم وقال وهو يلتفت حوله: 

-طب إيه بقى، خلينا نخلع من هنا، ونروح نتغدا مع بعض …. 


-ماشي، بس استني اكلم ماما و


كادت تكمل حديثها، فأوقفها قائلًا: 

-مفيش داعي، انا كلمت عمي، ومديه خبر وهو اللي قالي اني هلاقيكي هنا، ويلا بقى لحسن شوية وممكن أكلك عادي، انا مش نباتي… 


__________ 


نهض أمجد من خلف مكتبه مرحبًا به بحرارة، وبسمة واسعة على ثغره الكبير...خافيًا غضبه من نجم الذي لا يدري كيف علم بـ أمر الأرض فقد اخبر شقيقه فقط..و والدته و رقيه ليس لهم علم بأنه من طلب من شقيقه شراء تلك الأرض المجاورة لأراضيهم…. 


تمتم امجد بعدم تصديق وهو يمد يده معلقًا إياها بالهواء: 

-يا مرحب يا مرحب فهمي بيه مشرفني في مكتبي، ده أنا المفروض احتفل والله. 


قهقه فهمي عاليًا وهو ينصت لكلماته، رافعًا يده يبادله سلامه وتحيته، ثم عقب على حديثه، قائلًا: 

-يا راجل، لا احتفال ولا حاجة، قولي اخبارك ايه أنت وبتول؟ 


اماء له أمجد برأسه مشيرًا بيده ناحية المقعد القابع أمام مكتبه، ثم عاد يجلس خلفه مرة ثانية، ورغبة شديدة تعتريه لمعرفة سبب تلك الزيارة الغير متوقعة، فلو أخبره إحدهم بأن فهمي سيقم بزيارته لم يكن سيصدق هذا الشيء. 


-الحمدلله، حضرتك اللي عامل إيه، وشهاب وريما.. 


أجاب فهمي على استفساره، مغمغم بهدوء: 

-كويسين، وأنا جاي انهاردة عشان اعزمك على فرحهم إن شاء الله هيبقى اول الشهر الجاي، وأدي دعوتك يا سيدي، قولت أجي وادهالك بنفسي.. 


اتسعت بسمة أمجد تدريجيًا ملتقطًا الدعوة من يد فهمي، مباركًا له: 

-ياااااه وأخيرًا هنفرح بـ شهاب الف مبروك، واكيد مش محتاج دعوة، وأكيد برضو مش ده اللي مخليك جاي لحد مكتبي ولا إيه.. 


قال الأخيرة بمكر شديد، مما جعل البسمة تحتل ثغر فهمي وتتسع، مدركًا مغزى كلماته.. 


فخرج صوته مؤكدًا شكوكه تلك، قائلًا بغموض: 

-طول عُمرك نبيهه يا أمجد وبتفهمها وهى طايرة، وفعلًا مش ده السبب الوحيد اللي خلاني اجيلك لحد هنا، في موضوع تاني مهم، وأنت اللي هتقدر تحله…


________ 


"بعد مرور شهر" 


كانت ريما تتحدث مع شهاب بالهاتف حتى تعرف هل يشعر بالحماس مثل الحماس الذي ينتابها، قلبها سيقفز من الفرحة لا محال…. 


بينما هو فكان يقنعها بأن تهدأ قليلًا وتقلل من حماسها فالغد هو يوم زفافهم ويجب أن تكن مرتاحة لكنها لم تصمت واستمرت تخبره عن الصعوبة التي تواجهها فقد هرب منها النعاس… 


كما ظل يمرح معها ويحاول أن يقلل من التوتر الذي يصيبها، فأردفت ريما بنبرة هادئة عذبة:

- خلاص يا شهاب، هنام انا حاسة أني بنتك ورايحة امتحان بكرا وعايزني انام علشان اركز… 


دخلت والدتها الغرفة وعيونها متورمة بسبب بكائها فصاحت ريما بقلق :

- طب سلام دلوقتي يا شهاب هبقى اكلمك تاني… 


أغلق شهاب معها، فنهضت وأمسكت يد والدتها تجذبها ناحية الفراش:

- مالك يا ماما حضرتك كويسة ؟ 


- انا مش كويسة حسبي الله ونعم الوكيل في أبوكي…


جلست رشا على طرف الفراش وجاورتها ريما، متابعة بأستفسار:

- اتخانقتم!! 


- البية عمال يقولي أن بكرة فرحك وحاططلي حاجتك اللي كنتي نسياها وهيوديها الصبح الفيلا...في الرسيبشن..وانا قلبي بيتقطع، مش عايزة أصدق انك بكرة مش هتنامي في أوضتك ولا كل شوية افتح الباب عليكي اشوفك نايمة ولا سهرانة…. 


ابتسمت ريما ومسحت تلك الدمعة الهاربة من عيناها و قالت وهى مدركة أنها ورثت حساسية ورقة المشاعر من والدتها:

- جرا إيه يا رشا، هتفضلي تعيطي كده ليلة فرحي وبعدين مش انتِ اللي نفسك اتجوز واريحك مني قلبتي قطة عند الجد ليه ؟! 


- انتِ عمري يا ريما، عارفة أن أي أم الموقف ده صعب عليها، انا مش مجرد واحدة اتجوزت وخلفت 

انا وابوكي قعدنا عشر سنين رايحين على الدكاترة وجايين دايخين بعلاجات، ولما حملت قبلك سقط، ولما حملت فيكي أبوكي قال كلام عمري ما نسيته….قالي هى تيجي بالسلامة وحتى لو مش هيجي بعدها احنا راضيين...بس هى تيجي وتكمل... والحمدلله ربنا استجبلنا والحمل كمل...وجيتي أنتِ… 


قبلت ريما يد والدتها فهى مدركة كل ذلك، وتعرف تضحيات والدتها ووالدها من أجلها فمروا بكثير من الأزمات المادية والصحية لكن لم يشعروها بشيء فعلوا كل شيء من أجلها: 

- ربنا يخليكم ليا وبعدين ده انا كل يوم هكون عندك هو انا ليا كام رشا يعني؟

اضحكي بقى يا قلبي عايزة سكرك يعلى وتتعبي في فرحي يعني..


- خلاص يا بنتي دي دموع الفرحة أنا فرحانة بيكي صورتك وانتِ بتقيسي الفستان مش رايحة من قدام عيني، مش مستوعبة أن حد هيخطفك مني..


ابتسمت ريما وحاولت كبح دموعها وقبلت يد والدتها مرة أخرى؛ متلفظة بحب:

- حد مين بس..ده شهاب وعمو فهمي اللي طول عمرنا بنروح بيتهم وهما بيجوا عندنا، وبعدين مفيش حاجة في الدنيا تلهيني عنكم ولا حتى مليون واحد زي شهاب، اقعدي عيطي لحد ما اتصل بشهاب أقوله انا مش جاية الفرح… 


ضحكت رشا رغم ان الدموع تهبط من عيناها ووضعت وجه ريما بين كفيها وقبلت جبينها قائلة: 

- ربنا ما يجعل الضحكة تفارق وشك يا حبيبتي، عايزاكي تكوني مبسوطة وبس مش عايزاكي تغيري الطفلة اللي جواكي وكل حاجة زرعتها فيكي تفضل زي ما هى علشان تكوني زوجة وأن شاء الله أم…اوعى تتغيري يا ريما…. 


- حاضر يا قلبي انا عمري ما انسى كلامك وبعدين اهدي بقا علشان خاطري 


جاء والدها وهو يضرب كف على الآخر: 

- يعني يا رشا فاكرك دخلتي الأوضة ولا في المطبخ الاقيكي جاية تعيطي مع البت هتنكدي عليها، لازم تنام بدري احسن تدوخ وتتعب..


أجابت عليه ريما بنبرة مرحة:

- معايا دكتور ياسر احلى دكتور في الدنيا يعني مقلقش وبعدين رشا قلبها رهيف… 


تنهد ياسر بهدوء لا يدري متى كبرت صغيرته حتى تكن زوجه لأحدهما، فتحدث بنبرة حانية وهو يقترب منهما:

- هو انا مينفعش ارجع في كلامي يعني...لازم شهاب ياخدك بكرة… 


ضحكت ريما عاليًا واحتضنته هاتفه بمرح:

- واضح أنك انتَ اللي محتاج حد يهديك يا دكتور… 


- الف مبروك يا قلبي، ان شاء الله تشوفي أسعد أيام حياتك مع شهاب وبكرة هتكوني أحلى عروسة شافتها عيني… 


قالها باسر ثم نظر إلى زوجتة التي تسيطر عليها السعادة والحزن سويا: 

- بعد أمك طبعًا..


_____________ 


عاد من الخارج، وكاد يصعد درجات السلم الرخامي، قاصدًا غرفته، لكن أوقفه صوت والده الساخر الذي صدح من خلفه، متمتم:

-والله عال أووي، فرحك بكرة، وأنت ولا في دماغك سايبني أنا اللي عمال افكر واضبط، وأنت فين معرفش.. 


ألتفت شهاب بعدما توقف يناظره بأعين شاردة إلى حد ما، متحدثًا بهدوء تام:

-في إيه يا بابا، هكون فين يعني أكيد مش بلعب.. 


ارتفع حاجبي فهمي بأستهزاء، مقتربًا منه واقفًا قابلته:

-مش بتلعب بس كمان مش مهتم يا شهاب، بكرة فرحك انت وريما، تقدر تقولي هتسافروا فين عشان تقضوا شهر العسل، فين بدلتك وصلت ولا لسة، بلاش كدة، اوضتكم اللي كنا بنوضبها يا ترى توضيبها خلص ولا لا..ريما جابت حاجتها ولا لسة…. 


ظهرت تقطيبة على جبينه، مستمعًا لحديث والده، ثم سرعان ما أغمض عيناه بقوة، فليس مندهشًا من حاله، كان يتوقع ما يحدث الآن، فحتى الآن لا يزال يفكر بها، ولا يتمنى إمرأة سواها.. 


فتح عيناه على حديث والده، والذي رفع يداه مربتًا على ذراعيه يخفف عنه، يشعر به وبما ينتابه:

-تعال يا شهاب خلينا نتكلم في اوضة المكتب في كلام كتير عايز اكلمه معاك، قبل ما تبدأ حياتك الجديدة… 


استجاب له شهاب، وأومأ برأسه موافقًا على ما يريد، متحركًا خلفه صوب حجرة المكتب.. 


ولج برفقته لحجرة المكتب، ثم اغلق الباب من خلفه، وبارح مكانه جالسًا على المقعد المقابل للمكتب، وعيناه ترتكز مع والده يشعر برغبة كبيرة لمعرفه ما سيحدثه والده عنه.. 


وأخيرًا خرج صوت فهمي عازمًا على إنهاء ذلك الأمر و وضع حدودًا له، فلو تركه سيدمر حياته بيده لا محال… 

-أول حاجة عايزك تعرف أنك ابني الوحيد، وانك الحاجة الوحيدة اللي طلعت بيها من الدنيا، محدش هيحبك ولا يخاف على مصلحتك قدي، عارف أنك مش بتحب ريما، وأن قلبك عُمره ما دق غير لـ بتول وبس، عشان كدة بتكرهه أمجد، لأنك حاسس أنه خدها منك، بس صدقني بتول مش هى البني آدمه اللي هتعرف تسعدك، وده مش كلام يا شهاب دي حقيقة و واقع، أنتم الاتنين شبه بعض لدرجة تخليكم متنفعوش لبعض، وبصراحة عُمري ما تمنيت بتول ليك زي ما تمنيت ريما… 


صمت قليلًا يتابع تعابير شهاب التي تبدلت لأخرى تئن ألمًا، فأسترسل حديثه عله يدرك قيمة تلك الفتاة التي اختارها له:

-من انهاردة، عايزك تخرج بتول من عقلك وقلبك، انساها لانها عُمرها ما هتفكر فيك، أنا مش فاهم أنت ازاي قابل على نفسك تحب في واحدة مش حاسة بيك لا والانقح متجوزة غيرك، أنت تستاهل تحب وتتحب يا شهاب، تستاهل أن اللي قدامك قلبها يكون بيدق ليك انت وبس، مش تكون مش حسة بيك ومش شيفاك غير اخ وصديق.. 


شحب لون وجهه، شاعرًا بنصل حاد يغرز في منتصف قلبه، ابتسم بوجع وهو يؤما برأسه متمتم بصوت مبحوح:

-معاك حق في كل كلمة يا بابا، بس مش بأيدي، لو كان عليا نفسي اخرجها من قلبي، بس الموضوع مش سهل… 


توقف عن استرسال حديثه مبتلعًا تلك الغصة المريرة، مكملًا بإصرار:

-بكرة هبدأ مع ريما، وصدقني هحاول اعمل اللي قولت عليه، هحاول ابدء من جديد وافتح قلبي ليها، لأن ريما متستاهلش غير كدة، ومين عارف يمكن مع الوقت احبها… 


شعر فهمي براحة كبيرة تتغلغله بسبب حديثه ذلك، فأراح ظهره للخلف وهو يبتسم باتساع:

-عاش يا بطل هو ده اللي عايز اسمعه منك، وبأذن الله هتحبها لأنها فعلا تتحب، ودلوقتي عايزك تتطلع تقيس بدلتك لأنها وصلت من ساعتين واوضتك أنت وريما بقت جاهزة وريما نقلت حاجتها خلاص… 


أنهى حديثه وهو يفتح إحدى أدراج المكتب مخرجًا تذاكر سفر متمتم بمكر:

-دول تذاكر سفرك أنت وعروستك عشان تقضوا شهر العسل بعيد عن البيت…..وتقضوا وقت اكبر مع بعض…


______________ 


اليوم التالي .. 


- وانتَ ايه اللي خلاك تاخد أرض مسعود يا نجم؟ 


صدع صوت رضوان الجهوري بتلك الكلمات، فلما يفعل ذلك هل يريد أن يتم إعادة بحور دماء حاول وقفها وردعها منذ سنوات حتي يُحافظ عليه ولا يخسره، هتف نجم القابع أمامه علي المكتب قائلا بصوت هادئ فهو لم يتوقع ردة فعل غير هذه منه 


- أبدا يا چدي عايزها وبجت ملكي 


- مش تجول لچدك تأخد رأيي حتى .. هنهببوا إيه بأرض ملهاش عازة ... ملهاش مصلحة جنب أراضينا دي جنب أرض عيلة الشيمي يعني ملهاش حل غير أنك عاوز ترجعنا لايام لما صدقنا خلصنا منيها…


كان رضوان يتحدث بصرامة شديدة فلن يتحمل وقوع أي ضرر لنجم هو حفيده ووريث العائلة فلا يوجد له سند غيره لقد فقد أثنان من ابنائه ولكن تحمل من أجل وجود نجم .. فهو أغلى عنده من بناته حتى


هتف نجم بصوت رخيم محافظًا علي ثبات ملامحه وهدوءه 

- انا كبير يا چدي بما يكفي أقرر أعمل إيه .. مكنش له داعي أشغلك بموضوع زي ده .. لان زي ما قولت شيء مش هيفيدك بس أنا اللي عايز أجده ..


التمس حنق نجم ورغبته كالعادة بالشجار مع أمجد فهو ليس بأحمق حتى لا يفهمه، الا يكفيه شجاراته المستمرة مع أكرم كان يريد تغيير الموضوع وقبل أن يتحدث حتى دق الباب لتدخل الخادمة وتخبرهما بمجئ أيمن ثم غادرت …


فهتف رضوان بحنق بعد أن أخذ رشفة من فنجان قهوته :

- ناقصين أيمن .. هي خطوبة سودا .. 


أجابه نجم وهو ينهض من مجلسه باستغراب 

- مش عارف ليه انتَ مش طايقه يا چدي رغم أنه معملش حاجة لحد دلوجتي تضايقك 


- أنا مش بس مش طايقه أنا بفكر أفشكل الجوازه أنا وافجت علشانك وعلشان أخوه عامر وأبوه .. لكن انا مكنتش أحب العيلة المفعوصة تتخطب والكبيرة جاعدة جارنا .. يارب تتجوز راضية قبل فرح ياسمين…


قال رضوان تلك الكلمات بانزعاج جلي على ملامحه 


ليهتف نجم بهدوء فلن يتغير رأي چده مهما فعل:

- أنا هروح أرحب بيه عقبال ما يچهزوا السفرة علشان الغدا وتكون انتَ خلصت قهوتك…


________ 


كانت بتول تجلس في غرفة ملابسها أمام المرآة بعد أن ارتدت فستانها، الذي كان زيتي اللون ناعم الملمس يأخذ شكل جسدها لا يتواجد به شيء يكشف أي من اجزاء جسدها هادئ تماما لا يتواجد به شيء وأرتدت (حلق)... وتلك الأسورة التي أهداها أمجد لها في عيد زواجهم الثاني أما رقبتها فقد كان يزينها (سلسال) والدها والتي لاتنزعه ابدًا … 


لم يكن ذلك الفستان من الفساتين التي تفضلهم أو الأنيقة بالنسبة لها فكانت تنوي ارتداء ذلك الفستان الذهبي الذي أتت به من اجل المناسبة واختارته والدتها ولكن لم تستطيع 


فهى تشعر بالارهاق الشديد والتعب بعد أن اغشى عليها ليلة أمس مع صديقتها، فلم يكن لها جهد لارتداء ذلك الفستان الذي يريد خبيرة تجميل لتزينها حتى تتناسب مع فخامته وهى لم تستدعي أحد…


ولولا أن اليوم زفاف شهاب لم تكن لتذهب .. 

دخل أمجد ونظر على ظهرها ليظهر انعكاس صورته في المرآة خلفها… 

طبع قبلة هادئه على ظهرها الذي لم يغلق سحابه بعد… 

تسللت يديه وأردف بنبرة هادئة وهو ينظر لها في المرآة ويغلق سحابها: 

- واضح أنك كنتي مستنية مساعدتي..


ابتسمت له بتول بخجل وحب وتركت تلك الفرشاة التي كانت تداعب بها وجنتيها، ونهضت من مكانها فردد أمجد وهو ينظر على فستانها :

- مش كان gold كده هحتاج اغير الجرافته... 

- اه لقيت اني مش قادرة البس التاني وكمان مكلمتش الميكب ارتست وخلتها تيجي فقولت كده أشيك واهدا كتير..


هتف أمجد مضيفًا بخبث:

- أحسن التاني كان هيخليني اتجنن عليكي رغم انه مش مكشوف، بتجننيني وبتطلعي حلوة في أي حاجة تلبسيها… 

حاوط خصرها وكان على وشك أن يُقبلها ويبثها من عشقه وينهل من شفتيها، ولكنها منعته قائلة بدلال عفوي: 

- أمجد، انا حطيت الميكب خلاص وهنتاخر مش وقتك…


- عادي عادي نتاخر شوية صغيرين هكلمك كلمتين … 


قالها وهو يغمز لها بعبث فأعترضت بتول معلقة بنبرة هادئة حاولت الا تظهر ارهاقها فهى لا تقدر على مجاراته الآن فهى تشعر بالتعب الشديد: 

- أمجد، الفرح يا بيبي وبعدين كلامك مش بيخلص وممكن نأجله بليل، ويلا غير الجرافته….


- انتِ الخسرانة والله..


تنهد قليلا وتمعن النظر في عيناها فأردف بنبرة هادئة يغلفها شك طفيف:

- بتول انتِ كويسة ؟ 


- اه كويسة .. 


- حاسك مش كويسه 


- مرهقة شوية يا حبيبي متقلقش، دي الفترة الطبيعية اللي بكون تعبانة فيها بعد كل سيزون انتَ عارف بقعد شهور بصور … 


قالتها وهى تقبل وجنتيه وتحاول ألا تقلقه حتى تظهر النتائج وتعلم هل شكوكها في محلها، أم أنها مريضة ؟؟ 


____________ 


"في إحدى الفنادق" 


كانت ريما قد ارتدت فستانها وباتت مستعدة….صديقتها واقاربها يلتقطون معها الصور، ووالدتها كانت تبكي في زاوية وهى ترى ابنتها اميرة بفستان زفافها وابتسامتها وضحكاتها تعلو في الجناح هى وصديقتها…. 


فأردفت مها قائلة بمرح:

- بطلي عياط يا طنط هتبوظي الميكب، يلا بقى علشان العريس زمانه جاي علشان السيشن…


ذهبت لها ريما وتركت صديقتها وأقاربها ومسحت دموعها بحنان وقالت بنبرة هادئة: 

- جرا إيه يا ماما فوكي بقى والا والله هعيط معاكي..


- لا متعيطيش يا قلبي ربنا يتمم فرحتنا بيكي على خير يارب… 

احتضنتها والدتها بحب وهى تشعر بالسعادة رغم تقديم ميعاد الزفاف وكل تلك الأحداث، لا تنكر أن لا شيء يضاهي في الدنيا تلك اللحظة… 


دخلت إحدى الفتيات ونطقت بحماس: 

- العريس جه، شهاب جه يا ريما واقف برا … 


تسارعت دقات قلبها بعد ان ابتعدت عنها والدتها 

وصديقتها، فأردفت مها قائلة بمكر :

- عذبوه شوية يا بنات مينفعش يدخل ياخد المزة من وسطنا كده … 


فصاحت احدى الفتيات قائلة بمرح 

- تحبي الخير قد عينيكي يا مها … 


تنحنحت ريما قائلة بقلق وتوتر شديد وسعادة أيضا... مشاعر متناقضة تحتل قلبها، لا تصدق أنها ستكون زوجته اليوم … 

- دخليه يا مها سبيهم يدخلوه هتسبيه برا على الباب .. 


تصنعت مها الحزن والعتاب وأردفت:

- من دلوقتي بتبيعي صاحبتك وتفضليه عليا، أومال لما استغفر الله العظيم هتعملي فيا إيه … 


خجلت ريما وضحك الجميع ليدخل شهاب بعد أن افسحوا له الفتيات الطريق في الخارج، ليدخل وهو يحمل باقة من الزهور، وسيم إلى أقصي درجة لا تدري هل يراه الجميع بتلك الوسامة ام أنها وحدها هى التي تشعر بأنه أوسم الرجال على وجه الارض … 


انطلقت الزغاريط من الفتيات وصافح شهاب رشا والتي أوصته عليها كعادتها، وتبادلوا الإبتسامة، فاقترب أخيرًا منها ليحدد ملامحها، لطالما كان يراها حينما يذهب مع والده الي بيتهم منذ سنوات، فتاة جميلة ورقيقة أقرب إلى الأطفال... كان لا يتعامل معها كثيرًا وحتي هي كانت تصافحهم وتجلس في غرفتها كعادتها… 


كانت أميرة بفستانها الأبيض التي كانت أكمامة من الشيفون عليه بعض التطريزات من الدانتيل الرقيقة كمن ترتديه ويتسع من بداية الخصر ممتلكًا ذيل طويل، وطرحه طويلة…. 


لا يُنكر أنه افتتن بجمالها الناعم وابتسامتها الخجولة والمتوترة اقترب منها وهتف بعذوبة وابتسامة ارتسمت عنوة عنه بمجرد رؤيتها رغم أنه ظن أنه من الصعب الإبتسام في وجهها اليوم، ولكن ماتت ظنونه… 


- مبروك عليا يا ريما وجودك في حياتي .. 


أجابت عليه بخفوت وخجل قائلة 

- الله يبارك فيك يا شهاب 


مد الباقة لها لتمسكها وتنطلق الزغاريط وأحاديث الفتيات ليقترب منها مُقبلا رأسها وأمسك يدها ليقبلها، بل أنه جذبها لاحضانه، ومال عليها هامسًا لها بنبرة مرحة خرجت منه رغم عنه:

- مش هكدب مش شبه واحد صاحبي النهاردة، زي القمر يا ريما ربنا يقدرني واخليكي أسعد واحدة…


لم تبادله ريما ولم تتحرك فكانت تشعر بالخجل الشديد لأول مرة يقترب منها ويحضتنها … 


احتقن وجه والدتها على الجانب الآخر، وقالت رافضة ما يفعله: 

- كتب الكتاب لسه متكتبش ايه التهريج ده… 


- يا طنط اهدي بقى كلها دقايق وهتبقى مراته، مش وقت تقولي حاجة زي كده…


قالتها مها بلا مبالاة، وكانت رشا على وشك الذهاب تجاهه... لتمسك مها يدها، وكان وقتها شهاب قد ابتعد عنها وأمسك يدها وخرجا إلى الخارج، فلزمت الصمت مجبرة.. 


____________


تم عقد قرآنهم ، ثم سحبها من يديها بنعومة تحت أنظار الجميع، كي يتراقص معها على كلمات تلك الأغنية الرومانسية التي خطفت قلبها، وكأنها تصف حالها وحال فؤادها الملتاع، تتلهف للبقاء معه وتكملة عُمرها رفقته… 


"سمعني نبضك دفيني بنار حضنك

ابيك الليلة وحدك اليا تكون

قرب عليا حس النار اللي فيا

ابي ايديك بايديا نلف الكون

انا وش اقول وانت معايا

وش اقول انسى هوايا

وش اقول انت غلاي

يا فرح عمري معاك الوقت يجري

من شوفك ليه مدري تدوب الروح

انسى اللى فيني من حضنك بين ايديني

يا حبي وكل سنيني فداك الروح

كل شي نسيته معاك…" 


أما على الجانب الآخر…. 


كانت بتول تجلس رفقة داليا و فهمي على الطاولة تتابع العروسان بأعين سعيدة، أما زوجها فكان يجري مكالمة خاصة بالعمل بالخارج… 


اتسعت عيناها سعادة وهى ترى رفيقه قديمة لها أمامها، نهضت من مجلسها مرحبة بها لا تصدق رؤيتها بعد كل تلك المدة الطويلة، ثم فعلت المثل مع فهمي وداليا، وجلست رفقتهم منتظرة انتهاء العروسان من تلك الرقصة حتى تبارك لهم، خاصة شهاب …. 


انتهت الأغنية وبدأت أخرى هادئة مناسبة لتلك الأجواء الرومانسية، فصاحت بتول وهى تشير لصديقتها بمرح:

-أنا شايفة أنك تقومي تباركيله مع الناس اللي بتباركله دي، عشان الأغاني بالشكل ده مش هتخلص، واهو بالمرة بدل ما تقطعيه من الجو الرومانتيكي ده. 


وافقتها رفيقتها وقامت بجذبها معها حتى لا تذهب بمفردها، استجابت لها بتول ونهضت معها تاركة والدتها رفقة فهمي…. 


حركت داليا رأسها بيأس وضيق، ومالت برأسها قليلًا تجاه فهمي الجالس جوارها متمتمة:

-بذمتك شوفت أغبى من بنتي في حياتك؟؟ 


قطب فهمي ما بين حاجبيه وقال بدهشة :

-لية يا داليا بتقولي كدة، مالها بتول! 


ردت بغيظ مكتوم، غافلة عن الذي أنهى حديثه بالخارج وبات الآن خلفهم ينصت لحديثها:

-غبية يا فهمي، بنتي غبية، ضيعت ابنك اللي بيحبها وبيعشقها من أيدها عشان خاطر أمجد بيه، أنت فاكر أنه سهل اشوف ابنك بيجوز غيرها وانا اللي دايما نفسي يبقى من نصيبها، بس نقول إيه بقى غبية… 


رفع أمجد رأسه مطالعًا شهاب الذي يحاول رسم بسمة وسعادة زائفة… 


انتبه أمجد لقسماته المقتضبة، ونظراته المصوبة من حين لآخر تجاه بتول الواقفة بإحدى الزوايا رفقة فتاة أخرى يلقيان التحية على بعض الحاضرين وقد جاءت رزان وصاحبتهم…. 


ابتعد عن الطاولة وصرَّ على أسنانه لا يستوعب ما علمه للتو… 


رفع عيناه حادقًا بزوجته، وخفقاته تزداد بسرعة فائقة، لا يتخيل بأنها كذبت عليه وتعلم بعشق ذلك الشهاب لها…. 


اماء برأسه وبسمة ساخرة ترتسم على فمه متيقنًا سبب كرهه شهاب له… 


وكيف لا يطيقه.. فهو عاشقًا لزوجته…. 


بارح مكانه بسرعة الفهد لا يطيق ذرعًا حتى يخفيها عن نظراته، فلو كان في مكان آخر لكان نشب شجارًا لن ينتهي بسهولة… 


وصل أمامها فكادت بسمة تشق شفتيها لحضوره، لكان ما فعله صدمها بل صعقها… 


فلأول مرة يتصرف معها بتلك الهمجية والوحشية، محكمًا قبضته حول ذراعيها، ساحبًا إياها بقوة تحت مرآة صديقاتها خاصة رزان ومن حولهم… 


جحظت عيناها وتوقفت مانعة إياه من استرسال ما يفعله وجذبه لها بتلك الطريقة:

-إيه ده في إيه!! براحة يا أمجد أنت ساحب جاموسة وراك؟ 


عض على شفتيه وطالعها بعيناه التي تطلق شرار متمتم بتحذير رافعًا سبابته أمام وجهها:

-اه ساحب جاموسة وأخرسي خالص، مش عايز اسمع صوتك أنتِ فاهمة؟


حاولت نفض يداه منزعجة من حديثه معها بتلك الطريقة، معقبة على كلماته الفظة:

-لا مش فاهمة، أنت ازاي تكلم معايا بالطريقة دي أنت مش عارف أنا مين… 


-لا عارف بكلم مراتي يا مدام.. 


إجابته بقوة وفخر:

-وإيه يعني مراتك أنا يا استاذ بتول الحناوي، يعني مش واحدة من البلد عندكم ومينفعش تكلم معايا بالطريقة دي.. 


تفوهت بالعديد من الترهات، فكان ينصت لها بملامح لا تبشر بالخير، منتبهًا لتطاولها على مكان منشأه.. 


طفح الكيل ورد بوجوم وشر:

-لا ينفع وأمد أيدي عليكي كمان لو لزم الأمر يا بتول يا حناوي… 


ابتسمت بتهكم وهى تستمع لكلماته محاولة رسم بسمة على وجهها حتى لا ينتبه أحد لما يحدث بينهم، فقالت بتهكم واضح:

-متقدرش… 


-لا أقدر ومتستفزنيش.. 


-لا يا أمجد متقدرش ولو راجل بحق وحقيقي ارفع ايدك وفكر بس تل 


كادت تكمل لولا حركته المباغتة ورفع يداه أمام أعين الجميع، ليهوى بصفعة قوية على وجهها تزامنًا مع انتهاء الأغنية مما جعل الصمت يحل عدا من صوت صفعته وآنينها المكتوم من فعلته، واضعة يديها مكان الصفعة تطالعه بصدمه ليست بهينة…. 


انتبه البعض لفعلته، ومن ضمنهم داليا وفهمي…


فنهضوا من مجلسهم مقتربين منهم… 


كذلك شهاب الذي انتبه لما حدث...والتفاف الحاضرين حول بتول وأمجد…. 


ارتخت ملامحه ما أن أدرك ما يحدث تاركًا ريما تقف بمفردها، لاحقًا بـ بتول 


الفصل السادس والسابع والثامن من هنا


بداية الروايه من هنا


رواية ملياردير الصعيد من هنا


رواية خلف كل باب من هنا


رواية نبضه صامته من هنا


رواية زيغة الشيطان من هنا


رواية معا تحلو الحياة من هنا








رواية وتبقي لي كامله من هنا


رواية زوجة أخي من هنا


رواية عشق لايموت من هنا


رواية ديب كامله من هنا


رواية عشقني متوحش من هنا


رواية حوريه في الجحيم من هنا


رواية عاشق بدرجة مجنون كامله من هنا


رواية سر الشيطان الأسود كامله من هنا


رواية العنود كامله من هنا


رواية رحيل الهواري كامله من هنا

رواية دكتور قلبي كامله من هنا


رواية انكسار امرأه كامله من هنا


رواية عشق بلا رحمه كامله من هنا


رواية جرح يداويه العشق كامله من هنا


رواية ظل حب قديم كامله من هنا


رواية من أجل أبنائي تزوجتك من هنا


رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا


رواية بسمه موجوعه كامله من هنا


رواية معشوقتي الصغيره كامله من هنا


رواية طلاق بلا تبرير كامله من هنا


رواية شهد حياتي كامله من هنا


رواية العاصفه كامله من هنا


رواية الفرار من الحب كامله من هنا


رواية توكيل زواج كامله من هنا


رواية شوق العمر كامله من هنا


رواية مستشفى بلا حياه كامله من هنا


رواية كيان الزين من هنا


نسيم العاصف من هنا


رواية فرقتنا الظروف وجمعنا القدر من هنا


نوفيلا الراهب كامله من هنا


رواية العشق الأخير من هنا


رواية زينه من هنا


غاردينيا من هنا


رواية الجميله والوحش من هنا


رواية دكتور نسا من هنا


رواية آصرة العزايزه من هنا


رواية رحلة قدر من هنا


رواية ليالي الغول من هنا


رواية لعنة الإرث من هنا


رواية متمرده عشقها الشيطان من هنا


رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم من هنا


رواية لعبه بين يديه من هنا


رواية نار قلبي وانكسار فؤادي من هنا


رواية قاصره في قلب صعيدي من هنا


رواية ملياردير الصعيد من هنا


رواية وتبقي لي من هنا


رواية عشق الحور من هنا


رواية طلاق غيابي من هنا


رواية اغتصب روحي من هنا


رواية غصن من هنا


رواية بلا ذاكره من هنا


رواية عودة الذئاب من هنا


رواية الجامحه والبدوي من هنا


رواية الحب والخطيئه من هنا


رواية جبرونا عالزواج من هنا


رواية لعبة الحب من هنا


رواية لما القلب بحب من هنا


رواية إبن الصعيدي من هنا


رواية مالم تخبرنا به الحياه من هنا


رواية بائعة الخضار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية غريق علي البر من هنا


رواية اللعب مع الشياطين من هنا


رواية كم من قلوب احرقت


رواية جمعتهم الاقدار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية لي نصيب من إسمي من هنا


سكريبت بنت الشارع من هنا


رواية طريقي كامله من هنا


رواية أحببت مربية ابنتي كامله من هنا


❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


الروايات الكامله والحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺




تعليقات