رواية أبو الرجاله الفصل الرابع عشر والخامس عشر بقلم الفراشه شيماء سعيد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
رواية أبو الرجاله الفصل الرابع عشر والخامس عشر بقلم الفراشه شيماء سعيد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
بمنزل بمكان شبه خالي بمدنية القاهرة، ظل نوح ثابتا أمامها يتابعها وهي نائمة بصمت، ربما أنفذ حياتها من بين يديه بآخر لحظة إلا أنه مازال يريد أخذ روحها، جلس على أقرب مقعد وهو بحالة معقدة، ملامح وجه شاحبة وعيون يخرج منها شرارات حمراء، أنفاسه ثقيلة ورأسه بداخلها ضجة وصراخات مكتوبة، أغلق عينيها وتاه بعيدا يتذكر زيجاته السابقة وطلاقه المتكرر عندما تأتي لأي منهن فكرة الإنجاب..
كان يهرب دائماً بحجة الملل خائفا من كشف الحقيقة، حاول العلاج سنوات والفشل حليفه بكل مرة، مؤلم الشعور بالعجز والألم الأكبر من شعور الحرمان، ربما يكون مثل الطير لا يحبذ الجلوس بمكان واحد ولا يعترف بالمسؤولية والأطفال مسؤولية كبيرة هو غير قادر عليها، عندما اكتشف الكارثة أصبح شغله الشاغل مشاهدة أي طفل وضمه لصدره..
سقطت دمعة ساخنة من عينه وهو يؤكد لنفسه أن هذا الحلم مستحيل، حاول أن تعتاد يا نوح إنك لن تسمع كلمة أبي أو تحمل بين يديك قطعة منك أبداً، تعالت شهقاته مثل الطفل الرضيع الخائف بمفرده، رجفة ضعيفة أصابت جسده بالكامل مع نبرة صوتها المختنقة وهي تهمس بأسمه :
_ نوح..
يا ليته قادر على تلك المواجهة يا ليته شجاع حتى ينظر إليها، ضغط على عينيه أكثر يمنعها من خوض تجربة أكثر ألما وهي النظر لعطر، ابتلعت لعابها بصعوبة من وجودها بمكان غير منزلها معه، جسدها بالكامل يؤلمها رغم أنه لم يمد يده عليها، آخر ما تذكرته نعته لها بالخيانة، ضغطه على عنقها حتى فقدت وعيها وفقدت معه الأمل بالحياة، تحاملت على جسدها وقامت من على الفراش مقتربة منه مردفة :
_ نوح..
أخذ الأمر منه عدة ثواني قبل أن يرفع وجهه إليها بإبتسامة حنونة قائلا :
_ يا قلب نوح..
ذهلت من هذا التغيير العجيب وعادت للفراش مرة أخرى بخوف مرددة :
_ إنت طلقتني والا أنا كنت بحلم؟!..
جلس بجوارها على الفراش وقال :
_ أنتِ بجد حامل يا عطر؟!..
إذا فهو طلقها بالفعل، كيف تقول أنها قالت هذا فقط حتى تظل زوجته؟!.. عضت على شفتيها وأكملت كذبتها قائلة :
_ أيوة حامل..
حامل... كلمة بسيطة من أربعة أحرف تمنى سماعها لسنوات طويلة وعندما أتت إليه طعنته، هل تلك الصغيرة بالفعل تخونه؟!.. هل كان أمامها مغفل لتلك الدرجة؟!.. قدر شيطانه على اللعب برأسه ليقول ببرود :
_ مبروك..
_ أنتِ طلقتني يا نوح صح؟!..
للمرة الثانية تعيد الجملة وتتمنى لو كذب عليها وقال ما تود سماعه إلا أنه قال بقوة :
_ طلقتك يا عطر خلينا هنا كام يوم لحد ما فرح فريد وهادية يعدي مش عايزين نبوظ فرحتهم..
جذبته من خلف ملابسه صارخة بعصبية :
_ فرحة إيه فيروز كان عندها حق إنتم عيلة قذرة، أنا لازم أروح أقول لهادية الحقيقة قبل ما تقع فيكم هي كمان..
ضحك ساخرا وأردف :
_ إحنا عيلة قذرة يا زبالة أحمدي ربك إني سايبك لحد دلوقتي عايشة، عارفة أنا ليا مزاج إبنك ييجي للدنيا عشان أخد روحه قصاد عينك..
قالت بتقطع :
_ إنت بتقول إيه عايز تموت إبنك عشان مني؟!..
لا لم يتحمل أكثر من ذلك، سقط بكل قوته على وجهها لتسقط بعدها على الأرض، حاولت أخذ أنفاسها بألم وهي تراه يضغط بساقه محل بطنها مردفا :
_ لو مات دلوقتي هبقي برحمك وبرحمه وأنا مفيش حاجة هتشفي ناري إلا لما أحرق قلبك عليه..
ما تمر به الآن على يده مرعب، ابتعد عنها وهو يشعر بالاشمئزاز لتتكور حول نفسها بنظرات نادمة على هذا الحب، يا ليتها قادرة على العودة بالزمن للخلف أو حتى على الهروب من بين براثنه الآن..
______ شيماء سعيد _____
عند هادية..
خرجت من المطبخ وهي تحمل فنجانا من القهوة ثم دلفت به لغرفة المعيشة لتجد فريد يجلس أمام التلفاز بانتظارها، تنهدت بعمق قبل أن تضع الفنجان أمامه على الطاولة بصمت، أرتشف منه عدة مرات قبل أن يقول بهدوء :
_ طلبتي أننا نتقابل ضروري ومن أول ما دخلت وأنتِ قاعدة ساكتة إسمه إيه ده؟!..
كان التردد على ملامحها واضحا جداً لذلك ابتسم إليها بهدوء يحثها على التحدث لتقول :
_فريد أنا عمري ما طقتك في حياتي كلها وقبل ما فيروز تتجوزك قولتلها إنك هتبقى غلطة عمرها..
صدم من جرائتها أو ليكون أصدق وقاحتها، ومثل العادة لو للوقاحة عنوان سيكون أبو الدهب ورجاله، أومأ إليها ببساطة قائلا :
_ إحلويت في عينك بعد تجربة فيروز والا إيه؟!..
رسمت على وجهها إبتسامة باردة فهي تعلم أخلاقهم جميعا ثم قالت :
_ لأ كنت بعاند في خاطر بصراحة وبحاول أحرق دمه بس مادام الموضوع دخل في الجد فأحب أقولك أنا مش لعبة خلينا نفضها سيرة أحسن..
رفع حاجبه بسخرية واضحة وأخذ كوب القهوة ليكمله بهدوء، كانت تتابعه بتعجب من هذا الرد، تعتبر هي مجنونة ووقعت بداخل عائلة تربوا جميعا بإحدى المستشفيات النفسية، زفرت بملل قائلة :
_ ها يا فريد رأيك إيه عايزين نخلص بقى..
أخيراً انتهى فنجان القهوة، قام من محله بخطوات بطيئة أغلق التلفاز وبعدها عاد إليها بنفس البطء، مريب هذا الرجل وقدر على إرعاب قلبها، خرجت منها شهقة خفيفة وعادت للخلف وهي تشعر بشفتيه تضع قبلة أعلى رأسها هامسا وهو يأخذ أكبر قدر من رائحة عطرها :
_ من أول مرة شوفتك حبيت عنادك قوي وكنت أتمنى أروضك إلا إني وقتها كنت جوز أختك، دلوقتي الفرصة دي جات ليا على طبق من ذهب يا هادية ومش ناوي أحلك إلا لما أحس إني عايز كدة، عايزك باقي الأسبوع ده تهتمي بصحتك كويس جداً وتفكري إزاي تكوني زوجة مطيعة للدكتور فريد أبو الدهب..
هذا الرجل مريض نفسي.. تعترف أنه قدر بكل بساطة بث الخوف بأعماق قلبها، أبتعد عنها وبداخله شعور بالانتشاء رهيب، يعترف أنها أول فتاة تقف أمامه وهذا ما جذبه ليخوض تلك التجربة معها، غمز لها بطرف عينه مردفا :
_ هي القطة أكلت لسانك والا إيه؟!.. عايز أسمع صوتك..
_ أنت طبيعي؟!..
خرجت نبرة صوتها مهزوزة، أومأ إليها وهو ينظر إلى ساعته قائلا :
_ تعرفي يا هادية لو كنتي بتخافي كان هيبقى أفضل لك بكتير، أنا عايزك تفضلي على نفس القوة اللي أنتِ فيها دي لحد ما تعيشي في حضني وقتها بس هتعرفي فايدة الخوف في حياة أي بني أدم..
أستطاع إحياء روح الاستفزاز بداخلها لتقف أمامه بقوة مردفة :
_ روح أتعالج يا فريد هيبقى أفضل لك كتير من الحالة اللي أنت فيها دي، وعايزك تأخد بالك كويس أوي أنا مش فيروز اللي رسمت عليها الحب لحد ما دابت فيك،، أنا هادية..
_ ما أنا عارف إنك هادية ويمكن متحمس جداً للموضوع عشان أنتِ هادية..
عادت للصمت من جديد وهي تجد نفسها بالفعل تائهة بعالم بعيدا عنها كل البعد، ربما الأفضل لها الآن هو إعلان الاستسلام والفرار، همست بتردد :
_ فكرة إن خاطر عايزني مش فارقة معاك للدرجة دي؟!..
ألقى عليها نظرة سريعة ثم أرسل لها قبلة بالهواء وهو يأخذ أشياءه الموضوعة على الطاولة بعجل مردفا :
_ أنتِ اللي مش فارقة مع خاطر يا هادية..
______ شيماء سعيد _____
بمشفى فريد انتهت فيروز من يومها أخذت نفسا أخرجته بإرهاق من أعماق قلبها قبل أن تخلع زيها الطبي وترتدي حذائها الرياضي، أنتفض جسدها وهي ترى باب الغرفة يُفتح وتدلف منه المساعدة الخاصة بها ويبدو عليها الهلع، رفعت حاجبها بتعجب قائلة :
_ في إيه يا مريم وشك بيقول إنك عاملة مصيبة أو حد بيجري وراكي..
ابتلعت مريم لعابها بصعوبة ونظرت للخارج قبل أن تقول وهي تضع كفها على صدرها بمحاولة يائسة منها لأخذ أنفاسها بطريقة صحيحة :
_ موسى الراوي هنا والمستشفى مقلوبة..
سمعت هذا الإسم من قبل ولما لا فهو أكبر رجل أعمال على مستوى عالمي ولكن سبب شهرته الحقيقة زواجه من الفنانات الأكثر أنوثة وجمالا وهذا يجعله دائماً محطا للأحاديث، وما يزيد الأمر جماله الخاطف للقلوب، لديه أكثر من ثلاثين مليون متابع عبر حسابه الخاص على تطبيق الانستقرام، تحمست كثيرا وقامت من محلها بطفولية شديدة تود أن تراه على الحقيقة فقالت :
_ طيب ومالك مرعوبة كدة ليه وسعي عايزة أشوفه على الحقيقة..
أجابتها مريم :
_ مفيش داعي تطلعي من مكانك هو هييجي لحد مكتبك ده جاي عشانك مخصوص..
تجمدت ساقيها بالأرض وقالت بتردد :
_ جاي عشاني أنا مخصوص إزاي هو يعرفي منين أصلاً؟!..
_ إمبارح إبنه كان هنا مع أخته وأنتِ كشفتي عليه مش عارفة حصل إيه عشان ييجي هو بنفسه النهاردة ومعاه جيش حراسة وبيسأل عنك..
ارتعبت من الفكرة، هل حدث للصغير شيء وأتى هنا حتى ينتقم منها؟!.. اللعنة عليكِ فيروز ما هذا الهراء يبدو أن الروايات خربت عقلها، تعلقت بذراع مريم مردفة بتوتر :
_ هو دكتور فريد هنا وإلا لأ؟!..
_ لأ يا دكتور مشي من نص ساعة كدة..
من سينقذها إذن؟!.. للمرة الثانية يتم فتح باب المكتب بلا إذن ولكن تلك المرة دلف خمسة من الرجال يبدو أن لعبتهم المفضلة الملاكمة، عدت خطوة للخلف بخوف لتجد ساقيها تجبرها على الجلوس على أقرب مقعد،يا الله ما هذا؟!..
نعم هو يا سادة " موسى الراوي " دلف لغرفتها بطلة مهيبة، وقور، ضخم، وسيم، قوي، مرعب، جذاب، رجل ساحر بالمعنى الحرفي للكلمة، لديه قوة خارقة تجبر من أمامه على الخضوع إليه، أشار للرجاله بالخروج مردفا ببحة رجولية مميزة :
_ خدوا الآنسة معاكم واستنوا على الباب برة..
نظرت لمريم حتى تظل معها ولكن الأخرى خذلتها وخرجت مع الرجال كما أمر، تعلقت عيناها بالباب متوترة ليمد يده إليها قائلا بوقار :
_ موسى الراوي..
مدت كفها المرتجف بين يده ثم قالت ببعض السكينة :
_ اتشرفت بحضرتك أنا دكتورة فيروز، لو في حاجة أقدر أساعدك فيها مش هتأخر أبداً..
أومأ بحركة بسيطة من رأسه ثم جلس على المقعد المقابل لها مردفا :
_ سادة.
_ نعم؟!..
_ قهوتي سادة..
_ اه تمام طبعاً يا فندم ثواني..
جذبت سماعة الهاتف من المكتب وقالت :
_ واحد قهوة سادة ..
ليجذب منها الهاتف قبل أن تكمل حديثها قائلا بنفسه :
_ واحد قهوة سادة وواحد عصير ليمون..
أغلق الخط وعاد بنظره لها لتردف بتعجب :
_ لمين عصير الليمون ده؟!
أجابها بإبتسامة جذابة جعلتها تتأمل ملامحه رغما عنها :
_ليكي شكلك متوترة جداً الليمون هيهدي أعصابك وهتقدري تتحكمي في جسمك اللي بيترعش ده..
زاد توترها مع حديثه يا ليته لم يبرر، وضعت كفها على وجهها وفركته لعدة ثواني قبل أن ترفع نظرها إليه مردفة :
_ بيقولوا إن حضرتك طلبت تشوفني مخصوص خير؟!..
_هيبقى خير لو فكرتي كويس يا دكتورة..
_يعني إيه ؟!..
_ إياد إبني حضرتك شوفتي حالته بنفسك وأنه للأسف البرد تاعبه جامد، كل اللي محتاجة منك تبقي معاه طول الشهر الجاي تاخدي بالك منه طول فترة سفري..
نظرت إليه مردفة بذهول :
_ هي دي مشاكل الأغنياء اللي بيقولوا عليها، إبنك عنده شوية برد هتحجز له دكتورة شهر؟!..
أجابها بنبرة غريبة لم تفهمها :
_ والله أنتِ اللي عملتي كدة الواد عجبته الحقنة من أيدك هنعمل إيه قدرك تقعي في سكتنا..
_____ شيماء سعيد _____
للأسف أنا قلبي حنين ومش بقدر أخد موقف بس يا ريت يبقي فيه تقدير.
الحلقة الجاية هتبقي الفرح وهيبقي فرح جامد كمان.
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
الفصل الخامس عشر
#الفراشة_شيماء_سعيد
#أبو_الرجالة
بالمحل الخاص بكمال، كان يجلس وبيده فنجانا من القهوة يرتشف منه بغيظ، أربعة أشهر مروا على زواجه من ثريا أمام الجميع ومن يومها ترفض قربه، جز على أسنانه وهو يتذكر ليلة أمس التي صممت بها على نومه بمرحاض الغرفة لأن صغيره يرفض رائحته بالمكان..
هز رأسه مردفا :
_ ماشي يا ثريا ادلعي أنتِ وإبنك براحتك خالص لحد ما أجيب آخرى وأعمل زي الشباب المراهق واتهجم عليكي، شكلك مش هتيجي غير بالعنف..
رسمت إبتسامة سعيدة على وجهه متذكرا اليوم الذي قرر به إخبار بناتها بالحمل بعد زواجه منها بشهر واحد..
فلاش باااااك..
بغرفة السفرة كانوا جميعا.، كل شخص على مقعده، مالت فيروز على هادية مردفة بسخرية :
_ كل ما الحاج جوزك أمك يجمعنا في قعدة واحدة يبقى وراه مصيبة..
وصل همسها لفريد الذي كان كل تركيزه عليها ليضرب ساقها من أسفل السفرة حتي تنتبه إليه، رفعت رأسها له بنظرة متعجبة ليزيح خاطر الجالس بينهما مقتربا منها هامسا :
_ المرة دي مش مصيبة دي حاجة هترفع رأس عيلة أبو الدهب كلها..
صمتت فيروز بضيق لترد عليه هادية بنبرة ساخرة :
_ هو أنتوا عمركم عملتوا حاجة تشرف عشان ترفعوا رأسكم..
قهقة فريد بمرح وألقى لها غمزة سريعة، لم يتحمل خاطر الصمت أكثر ليبعد كف فريد عنه بغل وأعتدل بجلسته مردفا :
_ يا سلام على تاريخ عيلتكم أنتوا المشرف..
ضرب كمال على السفرة بقوة لينهي تلك المناقشات الحادة، إنتبه إليه الجميع وقالت عطر بحماس :
_ ها يا عمو يا ترا إيه الخبر الحلو اللي قالي عليه نوح، أنا متحمسة جداً..
بعث لها قبلة بالهواء فتلك الفتاة خسارة كبيرة بنوح، رغم أنه قطعه منه إلا أنها مثل البسكوتة الناعمة بأقل ضغطة تنقسم وهذا الشبل مثل اللوح، نفض تلك الأفكار من رأسه ثم ضم يد ثريا الصامتة بين يديه وقال بفخر :
_ أصغر راجل في عيلة أبو الدهب في الطريق..
فتحت فيروز عينيها من الصدمة وحدقت بوالدتها منتظرة منها أي تعقيب أما عطر قامت من مقعدها بفرحة غريبة وضمت ثريا وكمال مردفة :
_ الله هيبقى عندنا بيبي ألف مبروك يا ماما..
هنا أطلقت هادية ضحكتها الرنانة لتغطي على الجميع، هذا كثير جداً عليها، هل سيبقى لها أخ من نسل أبو الدهب؟!.. نظر إليها خاطر قائلا :
_ مالك يا مرات أخويا بنقول نكت؟!..
_ لأ أبوك دايماً بيعمل مفاجأت تقصر العمر..
ساد الصمت بعدها لتنظر الثلاث فتيات لوالدتهن صاحبة الأعين الدامعة، خرجت منهن تنهيدة طويلة وقامت فيروز وجذبت معها هادية ليضممن ثريا إليهن بحب مردفات بجملة واحدة :
_ ألف مبروك يا ماما..
قبلت هادية رأسها مردفة :
_ حقك عليا من الصدمة رد فعلي كان وحش، بس أنتِ عارفة إني بحبك صح؟!..
أومأت ثريا بابتسامة باهتة مردفة :
_ وأنا كمان بحبكم ومعنديش في الدنيا أغلى منكم..
انتهى الفلاش بااااااك..
أخذ آخر رشفة من الفنجان وقام من محله بغضب، يكفي هذا العناد لهنا، الآن فيروز وهادية بالتسوق وهي بالمنزل بمفردها فرصة جيدة جداً له..
أردف بقوة :
_ خد بالك من المكان يا حسن وأنا نص ساعة وجاي..
أومأ إليه الآخر ليذهب بخطوات سريعة للمنزل، اشتاق وأحرقته نيران الإشتياق، فتح الباب ليجدها تضع يدها على بطنها المنتفخة وتبكي بصمت، اقترب منها بلهفة مردفا ويده تمر على صغيره :
_ مالك يا ثريا حاسة بأيه؟!..
زاد نحيبها مثل الطفلة الصغيرة ليضع رأسها على صدره بحنان وأخذ يمسح على خصلاتها بيد والأخرى يمررها على بطنها لعلها تشعر بالقليل من الراحة، مر عشر دقائق على هذا الحال حتى قالت بنبرة مرتجفة :
_ لو ربنا ياخدك أنا هرتاح يا كمال..
صدمته من جملتها تلك، أبعد رأسها عنه قليلاً وسألها بهدوء وهو مازال يمرر يده على بطنها بحنان :
_ للدرجة دي؟!..
أومأت إليه بتعب وعادت لتضع رأسها على صدره، تشعر بثقل رهيب بجسدها، ابتسم بقلة حيلة على هذا الجنون مردفا :
_ نايمة في حضني ليه طالما أنا تقيل على قلبك أوي كدة؟!..
أخذت نفسا طويلا من رائحة عطره وكتمتها بصدرها بمتعة رهيبة، بداخلها شعور باللذة وكأنه أصبح لها إدمان، ثواني معدودة وانهارت بالبكاء مبتعدة عنه وهي تقول بغل :
_ عيانة وأنت عايش حياتك عادي وبصحتك، فخور بنفسك قوي في كل حتة كأنك عملت إنجاز بس أنا حاسة إني مش هقوم منها يا كمال وهسيب بناتي مع عيالك الزبالة..
مسح على خصلاتها مردفا بلهفة :
_ ثريا إياكي تجيبي سيرة الموت على لسانك أبداً ومتخافيش على البنات من يوم ما دخلوا بيتي وهما بناتي وتحت حمايتي..
ردت عليه بقلة حيلة :
_ لو اللي بتقوله ده فعلاً حقيقي وقف جواز فريد وهادية يا كمال، من وقت ما اتجوزتك مبقاش ليا كلمة ولا وجود بقيت بخاف أرفع عيني في عين بناتي وأقول لهم الغلط من الصح، لأني متأكدة إن أول رد هيبقى ما أنتِ أتجوزتي أبوهم وحامل في إبنه، هتبقى الحقيقة بس صدقني أنا مش هقدر أسمعها..
تنهد بتعب، لأول مرة يشعر بضغطه الدائم عليها، لأول مرة يري نفسه بعينيها هي، وضع قبلة حانية على رأسها مردفا :
_ أنتِ تعبانة يا ثريا أرتاحي شوية وأنا هقوم أعمل لك أحلى صنية بطاطس من أيدي وخديها مني وعد كل حاجة هتتصلح وهتبقى أحسن من الأول..
أومأت إليه بخمول وبعد أقل من دقيقة ذهبت لنوم عميق ليقوم هو ينفذ ما قاله لها، يعلم أنه عبارة عن أخطاء متحركة ولكنه ليس شيطان مازال بيده الفرصة حتى يبث بداخلها الأمان ويصلح ما أفسده قبل قدوم صغيره منها ويجد والدته تكره والده أو تكره وجودها معه..
_____ شيماء سعيد _____
بمنزل نوح بالقاهرة، تركها بغرفة النوم ودلف لغرفة أخرى مغلقا على نفسه الباب، لو بقي معها ثانية واحدة سيأخذ روحها بيده، ألقى بجسده على الفراش وأغلق عينيه، يحترق ولا يشعر به أحد، بدأ يعيد كل ذكرياته معها منذ أول مرة رآها بها وهي مع والدها إلى لحظة طلاقه لها، سأل نفسه بتعجب :
_ أنت زعلان ليه ما كدة كدة هي مش فارقة معاك، موجوع لأنها خانتك ومفيش ست تخونك والا إيه اللي واجعك يا إبن أبو الدهب..
لم يتحمل أكثر قام من فوق الفراش وهو يكسر بأي شيء يقع تحت يده وعاد بذاكرته لمرة حاول بها التقرب منها..
فلاش بااااااك..
صعد لسطح منزلها بتلك الغرفة السرية التي يقابلها بها، أغلق باب الغرفة خلفه ليجدها تجلس على الأرض تدفن وجهها بين يديها وتنتحب بنبرة مرتفعة، جلس بجوارها قائلا بلهفة :
_ بتعيطي ليه يا عطر قلبي؟...
رفعت وجهها البريء إليه مردفة :
_ أنا معرفتش أكذب زي ما أنت قولتلي يا نوح وقولت لماما على حبنا بس هي رفضت وقالت عليك بتاع ستات و وحش وبتلعب بيا عشان أنا عيلة صغيرة وعبيطة..
جز على أسنانه بغيظ من زوجة والده اللعينة، هو يريد تلك الفتاة بأي ثمن والست ثريا تخرب خطته، همس لنفسه :
_اهدى عشان البنت متخافش منك ويبقى كلام أمها صح وقتها مش هطول منها حاجة..
غصب نفسه على رسم إبتسامة بسيطة على وجهه ثم قال بحنان :
_ يمكن عشان اتجوزت مرتين قبل كدة وهي زي أي أم هتخاف على بنتها، بس متخافيش أنا مش هسيبك أبداً مهما عملت..
بكلمات بسيطة قدر على أن يؤثر عليها، أزالت دموعها بطرف كم فستانها ثم قالت بنبرة طفولية :
_بجد يا نوح ممكن تخلي ماما توافق على جوازنا..
_ طبعاً بس أنتِ أسمعي كلامي وهي هتقبل..
_كلام إيه؟!..
وضع يده بداخل جيبه وأخرج منه عقد زواج عرفي وفتح حقيبتها وأخذ منها قلما أزرقا مردفا بهدوء :
_ تمضي هنا يا حياتي ووقتها هتبقى مراتي والكل هيقبل جوازنا إجباري..
صدم من زيادة بكائها وصدمته الأكبر عندما قامت من مكانها وقالت قبل أن تتركه بالغرفة بمفرده :
_ اه يا نوح يا وحش، أنا متربية مش عيلة قليلة الأدب، ابقى اتفرج على مسلسلات وشوف اللي بتتجوز عرفي من ورا أهلها بيحصل فيها إيه في الآخر..
اتنهي الفلاش بااااااك...
عطر نقية يستحيل أن تجعل رجل يقترب منها، عطر قطعة من البراءة وشعلة من الحب، يعلمها ويثق بها أكثر من نفسه، ولكن كيف تحمل وهو بنفس اليوم سأل طبيبه الذي قال مازال يريد علاج طويل المدى، سيفقد عقله، خرج من الغرفة وذهب لغرفتها ليجدها كما تركها، حملها بقلب مرتجف ووضعها على الفراش قائلا برجاء :
_ بتحبيني يا عطر صح؟!..
خائفة من بطشه، عاجزة أمام سيطرته ونفوذه، تشعر باليتم وقلة الحيلة، سقطت دمعة أخرى من عينيها مردفة :
_ يا ريتني ما حبيتك يا نوح، أنت غلطتي الوحيدة واللي هدفع تمنها الباقي من عمري..
جعلها تعدل بجلستها ثم وضع كل ثقل رأسه على ساقيها مردفا بتعب :
_ مينفعش تكوني حامل يا عطر ما ينفعش..
صرخت به بقوة وجسدها بالكامل يؤلمها :
_ ليه مينفعش، مش عايز تخلف مني عشان تطلق براحتك ما أنت خلاص شبعت من العيلة الهبلة اللي بتحبك مش كدة، عايز لعبة جديدة لأن الستات والخيانة بيجروا في دمك..
شعر بصداع فظيع يسيطر عليه ليبتعد عنها صارخا :
_ لأني مش بخلف مستحيل أخلف..
تخشب جسدها من أثر هذا الإعتراف، جبل سقط بكل حمله على رأسها ليقسمها نصفين، نظرت إليه ثم إلى بطنها وتذكرت جملتها الغبية قبل أن تسقط بين يديه فاقدة الوعي " أنا حامل يا نوح"..
_______ شيماء سعيد _______
مرت الأيام سريعا وأتى اليوم الموعود يوم زواج فريد من هادية، لم تتحمل فيروز تلك الفكرة ولم تتوقع أن تصبح حقيقة ملموسة، أستيقظت في السادسة صباحاً ومازالت الشمس مختفية ارتدت ملابسها سريعاً وخرجت من منزل أبو الدهب..
ظلت أكثر من ثلاث ساعات تجلس بالشارع أسفل شركة موسى الراوي، اقترب منها أحد أفراد الأمن مردفا بشك :
_ أنتِ حكايتك إيه بالظبط وقاعدة هنا من الصبح ليه لو يلزمك خدمة أو تايهة قولي لكن قعدتك دي هتجيب ليا المشاكل خصوصاً إن باقي على ميعاد صاحب الشركة عشر دقايق..
بللت شفتيها بحرج شديد قبل أن تقول بنبرة صوت خرجت رغما عنها متوترة :
_ مهو أنا مستنية أستاذ موسى..
تعجب الحارس من ردها وقال :
_ لو مفيش ميعاد سابق مش هتقدرى تقابليه لو فضلتي قاعدة عندك لحد تاني يوم الصبح الأفضل إنك تمشي..
محق لماذا هي هنا من الأساس، وهو طلب منها أن تبقى مع صغيره ورفضت لما أتت إليه مجدداً؟!.. أومأت إليه وقامت من مكانها تجر خيبة أملها ورائها، كانت تود الهروب من منزل أبو الذهب وهذا أيضاً خطأ، حركت ساقيها مستعدة للعودة الا أن أصبح الطريق فجأة مغلقا من كم السيارات التي دلفت للمكان خلف بعضها..
ذهب الحارس للبوابة بسرعة البرق وخرج موسى من سيارته بعدما فتح له السائق، أغلق زر بذلته ووضع نظارته الشمسية متجها للداخل إلا أنه رآها تحاول الرحيل، غير مساره وذهب إليها مردفا :
_ أهلاً يا دكتورة فيروز كان ليكي حد هنا والا إيه؟!..
مدت كفها لتسلم عليه ولثاني مرة تشعر بالارتجاف أمامه، حاولت أخذ أنفاسها مردفة :
_ لأ بصراحة أنا كنت جاية أقابل حضرتك..
أومأ إليها وأشار للداخل مردفا بجدية :
_ طيب تعالي نتكلم جوا الوقفة دي على الباب مش حلوة خالص..
رفضت مردفة :
_ لأ مفيش داعي أكيد حضرتك مشغول أنا بس كنت جاية أقولك إني موافقة أبقى مع إبن حضرتك طول الشهر ده..
حرك عينيه بأسف قائلا :
_ هو إياد مبقاش محتاج دكتور بصراحة أنا اللي هبقي محتاج كمان دقيقة بالظبط..
نظرت إليه بتعجب وعدم فهم لكلماته إلا إنه أشار إليها بعينه على إحدى البنايات المقابلة له وقبل أن ترى ما يحدث كان ساقطا أمامها بعدما أخذ طلقة نارية..
______ شيماء سعيد ______
مساء بغرفة العروس بأحد الفنادق الراقية بمدينة الإسكندرية.
جلست هادية أمام الميكب أرتست بحزن، حتى الهروب جربته وكشفها فريد وعاد بها للمنزل، اللعنة عليه وعلى شقيقه وعلى ذكر شقيقه فتح باب الغرفة وهو يرتدي بذلة من اللون الأبيض جعلته أكثر جاذبية، رآها بثوب الزفاف ليأخذ نفسا عميقا براحة شديدة قبل أن يقول للفتاة بهدوء :
_ معلش اطلعي أنتِ يا أنسة هقول كلمتين للعروسة وبعدين أدخلي كملي شغلك..
أومأت إليه بهدوء وذهبت ليقترب من هادية بابتسامة قائلا :
_ شكلك حلو أوي في الفستان الأبيض يا هادية..
نظرته واضحة وهو وضعها بفك الأسد ويقف أمامها الآن بكل برود يشمت بها، ردت عليه بقوة ترفض إظهار ضعفها أمامه أكثر من ذلك مردفة :
_ أنت جاي تعمل إيه هنا؟!..
حرك كتفه ببراءة مجيبا :
_ مش أمك مرات أبويا يبقى أنتِ في مقام أختي الصغيرة وعليا ندر بصراحة أوصلك لحد سرير الزوجية بأيدي..
آخر ما تريده الآن حديثه الساخر ونظراته الباردة، أشارت إلى باب الغرفة مردفة من بين أسنانها :
_ أطلع برة يا خاطر فريد لو دخل وشافك هنا هيبقى شكلك وحش أوي قدامه، عينك من مراته حاجة وحشة أوي في حقك..
رفع حاجبه بسخرية ثم ضربها على رأسها ضربة خفيفة مردفا :
_ يعني أنا هيبقى شكلي وحش قدام فريد وأنتِ هيبقى شكلك إيه قدام أختك وأنتِ بتتجوزي الراجل اللي كانت مراته ونايمة في حضنه في يوم، عقلك كان فين وأنتِ بتقبلي بجوازك من فريد وبتحطي نفسك في صورة زي دي، للدرجة دي غبية والانتقام اللي مالوش أي لازمة واكل عقلك.. تقدري تقوليلي قربتي مننا ليه ودخلتي جوا دايرتنا برجلك لما احنا زبالة زي ما بتقولي، وفقتي على فريد عشان تأخدي حق أختك منه والا عشان تقعدي جنبها بعد كام شهر، أنطقي اتخرستي ليه دلوقتي..
أنتفض جسدها بذعر على أثر جملته الأخيرة، هو معه كل الحق هي حمقاء وخسرت كل شي بانتقام أحمق، هربت بعينيها بعيدا عن مرمى نظره مردفة :
_ كنت فاكرة إنك هتقف قصاده عشاني وتقعوا في بعض بس طلعت غبية يا ريت بقى تسبني في المصيبة اللي أنا فيها وتخرج برة أنت كسبت يا سيدي وأنا الخسرانة..
جذبها من خصرها لتبقى بين أحضانه قائلا بنبرة صوت مهزومة :
_ للأسف أنا اللي خسرت وأنتِ اللي كسبتي يا بنت ثريا..
_ يعني إيه مش فاهمة؟!..
_ مش كان نفسك أحبك وتشوفي العذاب في عيني ارفعي عينك ليا وشوفيه يا هادية، مش كان نفسك أخسر أخويا عشانك، أنا خطفت أخويا عشان أبقى العريس..
يتبع
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
نتفاعل بضمير بقي عشان مزعلش ونعمل شغل حلو
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺