رواية أبو الرجاله الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم الفراشه شيماء سعيد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
رواية أبو الرجاله الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم الفراشه شيماء سعيد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
بمنزل راقي به لمحة من التراث رغم بساطته بعروس البحر المتوسط، مكون من طابقين الأول به محلات والثاني خاص بصاحبة المنزل، به شقة كبيرة مكونة من خمس غرف ومطبخ كبير ومرحاض بحجم غرفة...
على أغنية أم كلثوم "أنت خلتني أعيش الحب واياك ألف حب" بدأت السيدة ثريا إعداد وجبة الإفطار في السادسة صباحا قبل موعد ذهابها للمدرسة، وضعت الطعام على المائدة وأردفت بنبرة مرتفعة بعض الشيء :
_ عطر يلا أدخلي صحي الهانم عايزين نفطر..
خرجت عطر من المرحاض وهي تربط رأسها بقطعة سميكة من القماش قائلة :
_ البرد تقيل عليا أوي ومش قادرة أفرهد نفسي مع الست هادية.
رفعت ثريا حاجبها ساخرة من أصغر بناتها، بارعة عطر بتمثيل المرض حتى تهرب به من مصائبها، رفعت سكينة الطعام الصغيرة مشيرة للأخري بالاقتراب قائلة :
_ والبرد ده جالك فجأة كدة، والا عشان باقي على فرحك أسبوع؟!..
بلعت عطر ريقها بتوتر من نظرات والدتها الثاقبة وفرت من أمها بسرعة البرق وهي تزيح عن رأسها قطعة القماش مردفة :
_ خمس دقايق وهنكون عندك يا ماما أنا ورايا كلية ولازم أفطر..
أجابتها ثريا بقوة وهي تجلس على أحد مقاعد السفرة مردفة :
_ طلعي من دماغك ابن أبو الدهب يا بنت بطني وارضي بنصيبك..
أغلقت عطر الباب خلفها بقوة، تبقى أسبوع واحد فقط على تنفيذ حكم الإعدام الذي حكمت به والدتها، رأت هادية مثل عادتها تقف أمام المرايا تتأمل بجمالها الساحر وتغازل نفسها بكل ما لذ وطاب، جزت عطر على أسنانها مردفة بغيظ :
_ أنتِ مالك باردة ومستفزة كده ليه، مش الأولى تقفي جانبي وتوقفي المهزلة اللي ماما عايزة تعملها دي..
تركت هادية الروج من بين أصابعها ودارت بوجهها لشقيقتها الصغرى مخرجة تنهيدة طويلة من أعماق صدرها قبل أن تقول :
_ هو أنتِ خليتي قدام ماما حلول تانية بعد عمايلك السودة، نوح أبو الدهب الكل عارف إنه مطلق مرتين ده غير إن أخوه مطلق أختك وأكبر منك وفوق كل ده جنابك مقفوشة معاه في السطح من أمك بدل المرة اتنين، احمدي ربنا إنها جات على قد جوازك من حسن واحدة غير ماما كانت غسلت عارها بايدها..
شهقت عطر مردفة :
_ عار إيه يا متخلفة أنتِ إحنا كنا بنتكلم مع بعض عادي، وبعدين أنا بحبه ومتأكدة من حبه ليا، اتقدم لأمك بدل المرة عشرة ومفيش فايدة..
ردت عليها هادية ساخرة :
_ مش كفاية اللي حصل في فيروز هتبقى أنتِ كمان متعلم عليكي من عيال أبو الدهب كدة كتير أنا رايحة أفطر..
تركتها بمفردها وخرجت لتلقي عطر بنفسها على الفراش بقلة حيلة، ظلت صامته لعدة ثواني قبل أن تسمع باب الشقة يفتح وتدلف فيروز بعد نهاية عملها فهي كانت تعمل بالمساء بأحد المشافي الخاصة..
دلفت إليها فيروز مردفة بابتسامة حنونة :
_ الصغنن قاعد حزين لوحده ومش بيفطر ليه؟!..
_ ماليش نفس مفيش حد في البيت ده كله حاسس بيا، حرام عليكم أنا مش عايزة أتجوز غير نوح..
جلست فيروز بجوارها على الفراش وحركت يدها على ظهر الأخرى بحنان قائلة :
_ أنتِ لسة صغيرة ومش فاهمة الدنيا يا عطر بس نصيحة مني ارضي بنصيبك، لو نوح ده بيحبك بجد زي ما بتقولي ومش بيلعب بيكي هيعمل المستحيل عشان تبقي على إسمه..
رفعت عطر عينيها لها بالكثير من الأمل مردفة :
_ تفتكري يا فيروز؟!..
_ أيوة طبعاً يلا نفطر بقى قبل ما ماما تقيم علينا الحد وربنا هيحلها من عنده..
_ يلا...
_______ شيماء سعيد _______
على بعد مسافة صغيرة من منزل أم البنات نجد عمارة أخرى ولكنها أكثر فخامة، من الطراز الحديث بمساحة أربع شقق، ملفتة للأنظار بشكل غريب وأسفلها أكبر سلسلة محلات ذهب بمحافظة الإسكندرية..
بداخل المحل الرئيسي، رفع نوح أبو الدهب ساقيه على سطح مكتبه ثم وضع ساق على الآخر وهو يسمع لأحد رجاله الذي يقول :
_ كله زي ما أمرت يا باشا..
رسمت على ملامحه الوسيمة إبتسامة إجرامية وهو يسأله بنبرة صوته الخشنة بطبقة أكبر من باقي الرجال :
_ وعريس الغفلة أخباره إيه؟!..
رد عليه مرتضى بقوة :
_ لما نخلص اللي حضرتك عايزه هيتحاسب يا باشا، لا عاش ولا كان اللي يرفع عينه في حاجة تخصك..
أومأ إليه نوح برضا تام وقبل أن يرد عليه دلف كمال للمحل بهيبته ووقاره، من يراه يستحيل أن يعطي له عمره أبداً قادر على إيقاع أي أمرأة به من نظرة واحدة، أشار نوح لمرتضى بالانصراف ليختفي بنفس اللحظة، قام من مكانه باحترام لوالده ليجلس محله مردفا :
_ ناوي على إيه يا إبن كمال أنا مش مرتاح لك..
أبتسم نوح إبتسامة ماكرة قبل أن يقول :
_المثل بيقول إبن الوز عوام وأنا بصراحة يا وز مش ناوي أسيب حاجة نفسي فيها لحد مين ما كان..
ضحك كمال ضحكة رنانة مردفا بفخر :
_ صح يا واد طول عمري بقول عليك إبن أبوك، بس عايزك تلعبها صح وعلى الهادي..
غمز إليه نوح وهو يتجه لمحل آخر قائلا بذات المغزى :
_ متخافش يا كبير أنا عامل حساب اللي ليك كويس أوي، هاخد اللي يخصني من غير أضرار..
حرك كمال رأسه بمعنى لا فائدة، ثم أخذ نفس عميق وأخرج هاتفه من جاكيته وقام بإرسال رسالة صغيرة عبر تطبيق الواتساب :
_ عايزك بالليل الساعة 11 تكوني في الشقة...
______ شيماء سعيد ______
بمنطقة المعادي بشقة من الطراز الحديث استيقظ خاطر أبو الدهب، الإبن الأصغر والنسخة الحقيقية من والده، تلك العائلة يمكن أن نطلق عليها لقب أسوأ عائلة على وجه الأرض، نظر أمامه بضجر وهو يزيح كف زوجته السرية بعيداً عنه مردفا :
_ جرى إيه يا نوسة أنا بدأت أفصل منك، قولتلك تخفي من وشي لحد ما أصحى بمزاجي..
رفعت له حاجبها وهي تعود خطوة للخلف مبتعدة عن الفراش مردفة :
_ وأنا عملت إيه بس يا سي خاطر، ده نوح باشا برة..
أنتفض خاطر من فوق الفراش بالقليل من التوتر وسحب ملابسه من الدولاب وهو يشير إليها على باب الغرفة قائلا :
_ أطلعي أعملي لنا فطار وبعدها أياكي تخرج من الأوضة فاهمة..
أومأت إليه بابتسامة واسعة وخرجت، بعد دقيقة دلف لغرفة الصالون ليجد نوح ينام على الاريكة بكل أريحية وكأنه بمنزله، جلس خاطر على المقعد المقابل إليه ثم قال بسخرية :
_ معلش لو هقلق منامك يا باشا بس أنت هنا بتعمل إيه؟!..
تكاسل نوح عدة مرات ثم أعتدل بجلسته ورد علي أخيه ببرود :
_ قول للبنت المعفنة دي تشوف لها مكان تاني تقعد فيه الفترة الجاية، الشقة تلزمني..
رفع حاجبه بسخرية وسأله :
_ من أمتا ليك في الجواز اللي في السر، ده أنا ياما قولتلك تفرفش عن نفسك شوية بعد ما طلقت جوز المعيز اللي كانوا معاك..
رفع نوح رأسه بكبرياء وهو يضع ساقا على الآخر قائلا ببساطة :
_ لأ اطمن يا حبيب أخوك المرة دي من غير جواز خالص..
أنتفض خاطر بفزع، من المحتمل إن يكون ينقصهم هم ووالدهم الكثير والكثير من التربية والأخلاق ولكن لكل شيء خطوط حمراء، تحدث بأعين غير مصدقة :
_ لأ عندك يا نوح كله إلا الحرام مالناش فيه، عايز واحدة أتجوزها ولما تزهق قولها مع السلامة غير كدة لأ يا إبن الحاج كمال..
رد عليه نوح ساخرا :
_ يعني كدة هيبقى حلال وبعدين حاج إيه ده أبوك معملش باي باي للكعبة من بعيد..
_ يمكن احنا غلط بس غلط عن غلط يفرق..
قام نوح من على الأريكة بنفس اللحظة التي دلفت بها نوسة بالافطار ليأخذ قطعة من الجبن مجيبا قبل أن يذهب :
_ نفذ اللي بقولك عليه يا خاطر عايز على آخر الأسبوع الشقة تبقى فاضية..
_ آخر الأسبوع؟!.. يبقى الموضوع فيه عطر بنت ثريا، ناوي على ايه؟!..
ألقى عليه نظرة خبيثة وقال :
_ناوي أعمل فضيحة طالما الأصول مش جايبة نتيجة..
______ شيماء سعيد _______
مر الأسبوع سريعاً وأتى اليوم الموعود، حفل كتب كتاب عطر بأجواء عائلية بسيطة بين أهل الحي وبعدها من المفترض تذهب مع زوجها لعش الزوجية، ارتدت فستانا من الستان باللون الأبيض وخرجت بيد والدتها وخلفهما فيروز وهادية، أزالت دمعتها سريعاً قبل أن يراها أحد ولكن رأتها ثريا التي أردفت من بين أسنانها :
_ افردي بوزك ده أنتِ عروسة مش محكوم عليكي بالإعدام..
ابتسمت إبتسامة ساخرة على حديث والدتها التي تتحدث ببساطة وكأنها لم تحكم عليها بالإعدام بالفعل، أرتفعت دقات قلبها أكثر وأكثر مع كل خطوة تقترب بها من زوجها المستقبلي الذي يضحك بسعادة، ضغطت على كفيها وهي تجلس على الأريكة بجواره وتهمس لنفسها :
_ أنت فين يا نوح الحقني..
تقريباً كان يسمعها ووصل بنفس اللحظة ومعه جيش من الرجال، اقتحم البيت بطريقة هجومية، صدم الجميع من هيئة إبن أبو دهب، يقف أمام الجميع عاري الصدر لا يرتدي غير بنطلون من الجينز، اقترب منها بخطوات واثقة وسحبها من بين يدي والدتها مشيراً للمأذون بالرحيل قائلا :
_ بالسلامة أنت يا شيخنا. معندناش حد للجواز..
فر الرجل سريعاً كأنه يهرب من الموت وقفت أمامه ثريا بقوة مردفة :
_ مشيت المأذون ليه يا إبن أبو الدهب؟!.. عطر مش هتبقى على إسمك لو مسكت نجوم السما..
شهقت عطر برعب وهي تحمل مثل شوال البطاطس على ظهره ورجاله تمنع أي شخص من بالاقتراب، وصل بها لباب المنزل وهي تصرخ بكل قوتها ليضربها على ظهرها مردفا :
_ بس يا بت كفاية صداع..
صرخت ثريا :
_ نزل البنت رايح بيها على فين..
_ طلبت الحلال قولتي لأ دلوقتي بنتك معايا وفي الحرام يا أبلة ثريا..
الفصل الثاني
بفيلا راقية خرج صوت ضحكات رجولية رنانة من غرفة المكتب الجالس بها الابن الأكبر لكمال أبو الدهب " فريد" مع شقيقه " خاطر"..للحق فريد وسيم جداً وجذاب بطريقة مدهشة، لديه شخصية رجولية مميزة تجعله مثل المغناطيس، ألقى القلم من يده وهو يضحك على ما فعله نوح، حرك خاطر رأسه بجنون قائلا :
_ أنت بتضحك على إيه يا جدع أنت، الواد أخد البت من نص فرحها ورفض يكتب عليها كمان وأنت وأبوك كأنكم جوا مسرحية ضحك بس..
توقف فريد عن الضحك وغمز لأخيه قائلا :
_ فخور بأخويا يا جدع ده عمل اللي محدش فينا قدر يعمله..
جز خاطر على أسنانه قبل أن يرد عليه بسخرية :
_ هو في زيك رسمت الحب واتجوزت وفي الآخر طلقتها واتجوزت غيرها ده أنت جبروت يا راجل..
أختفت إبتسامته من على وجهه ليعلم خاطر أنه تحدث عن أكثر ما يريد شقيقه الهروب منه، أخرج فريد تنهيدة طويلة، ذكرياته معها سارت أمام عينيه مثل شريط السينما، كل لحظة كانت بين أحضانه، كل لحظة ابتسمت له بها، وها هي لحظة النهاية أتت بذاكرته من جديد، طلقها لأنها تعوق مستقبله كطبيب..
تحدث خاطر بأسف :
_ فريد أنا مكنتش أقصد..
تنهد فريد وقال ببساطة :
_ لأ عادي، فيروز كانت كتير عليا ربنا يوفقها، قوم خلينا نتصرف في المصيبة اللي عملها أخوك العاقل..
_____ شيماء سعيد ______
ترك خاطر بالسيارة وصعد هو لغرفة نومه لكي يبدل ملابسه، رآها تجلس على الفراش بهدوء تنتظره، ألقى عليها نظرة ساخرة واتجه لغرفة الملابس، قامت من فوق الفراش وذهبت خلفه بخطوات سريعة وللمرة الثانية يتجاهل وجودها لتصرخ بعصبية :
_ اللي أنا سمعته ده صح؟!..
خرجت منه ضحكة عالية قبل أن يرد عليها وهو يختار بذلته :
_ بذمتك مش عيب لما تبقي هالة هانم صفوان ورامية ودنك معايا أنا وأخويا، ده عيب في حقك..
حبها له أكثر شيء قلل منها وأفقدها قيمتها، تعبت من غرام هي فقط من تدفع ثمنه وهو يشاهد ويأخذ، وضعت كفها على كفه برجاء :
_ بلاش تروح هناك يا فريد، تقدر تقابل إخواتك في أي مكان إلا هناك..
اقترب منهاورفع أحد أصابعه ليجذب خصلة كبيرة من خصلاتها السوداء هامسا :
_ بتعملي كل حاجة عشان تخليني أحبك وأنسى فيروز، بس ده مش هيحصل طول ما أنتِ نسخة منها حتى شعرك الأصفر اللي غيرتي لونه..
حركت رأسها مردفة برجاء :
_ أنا متقبلة تشوفني فيها بس تبعد عنها يا فريد أرجوك..
حملها فجأة لتتعلق برقبته وسندت رأسها على صدره مغلقة عينيها بخوف، أخذها بخطوات هادئة وخرج بها لغرفة النوم ثم وضعها على الفراش قائلا :
_ لو كانت تلزمني مكنتش أتجوزتك عليها، ولو كنت باقي عليها كنت خليتها على ذمتي حتى لو غصب عنها، أنا شبعت من فيروز يا هالة ريحي قلبك..
سألته بتردد :
_ وأنا هتشبع مني أمتا يا فريد؟!.
_ لما أوصل للمرحلة دي هتأخدي ورقتك يا روحي لا تقلقي..
تركها على الفراش وأخذ هاتفه المحمول ومفاتيحه الخاصة ثم ارتدى جاكيت البذلة ملقيا لها قبلة بالهواء، رن عليه خاطر بعد شعوره بالملل ليقول :
_ سلام يا روحي، نامي بقى لحد ما أرجع لك..
_____ شيماء سعيد _____
بمنزل بعيد عن الحي.. خاص بكمال أبو الدهب..
استيقظ بضجر على صوت جرس الباب، أخرج تنهيدة طويلة وهو يعلم المعركة التي تنتظره على باب المنزل، تناول كوب الماء الموضوع بجوار الفراش على دفعة واحدة وانحنى ليأخذ بنطلونه الملقى على أرضية الغرفة مردفا بمرح :
_ يااا على الصداع اللي هيحصل دلوقتي..
أخذ نفسا عميقا ليأخذ القليل من الطاقة قبل أن يفتح الباب، وكما توقع وجدها أمامه بطلتها القادرة دائماً على سحب أنفاسه من أعماق قلبه، من أول مرة دلفت بها الحي الخاص به وبيدها بناتها الثلاثة وضعها برأسه وقرر الحصول عليها، وبالفعل حصل عليها إلا إنها مازالت فرسة لا تقبل الترويض..
دفعته من صدره ليعود للخلف عدة خطوات، رفع يده باستسلام مردفا :
_ اهدي ونتفاهم قلة الأدب مش هتجيب نتيجة خالص..
هذا كثير جداً عليها ألا يكفي ما فعله هو معها؟!.. أغلقت الباب بقوة قبل أن تجذبه من قميصه مردفة بشراسة :
_ بنتي فين يا كمال بدل ما أخرج بروحك وروح عيالك في أيدي..
وضع يديه فوق يديها ورد عليها ببساطة حرقت أعصابها :
_ يا واد يا قادر أنت بدوب في شخصيتك القوية دي يا ثريا..
جزت على أسنانها من الغيظ، كل ما تتمناه أن يرحمها الله ويأخذ كمال أو يأخذها هي، أبتعدت عنه بنفور وهي تتحدث بصوت منهار :
_ بطل لعب بالكلام يا كمال، إبنك أخد البنت من الفرح، الله في سماه لو ما رجعت الليلة لابلغ عنك وعنه..
غمز إليها بمكر مردفا :
_ إخص عليكي بجد يا ثريا يهون عليكي جوزك برضو، ده إحنا حتى إمبارح كانت ليلتنا زي الفل..
ثريا شخصية قوية جداً ولم يقدر عليها رجل أو امرأة إلا هذا المغرور، دارت حول نفسها بجنون ولم تجد أمامها حلول إلا الصريخ بكل قوتها، نظر إليها بذهول واقترب منها بسرعة واضعا يده على شفتيها مردفا :
_ بس الله يخرب بيتك هتعملي ليا فضيحة في نص الليل..
عضت على يده بقوة ليبتعد فقالت بقوة :
_ أنت لسة متعرفش أنا ممكن أعمل إيه، اللي يقرب من بناتي أنا أطلع بروحه في أيدي، عايزك تفضل فاكر إني اتجوزتك في السر غصب عني عشان بس البنات تفضل في أمان يا أبو الرجالة غير كدة لأ..
عاد ثلاث خطوات للخلف ليجد مقعد جلس عليه بكل أريحية قبل أن يرد عليها بنبرة باردة :
_ يا ما قولتلك الواد طالب الحلال قولتي لأ، الموضوع بصراحة خرج من أيدي يا ثريا كل اللي أقدر أعمله أصلي وادعي لها تطلع من تحت أيده سليمه أصله يا قلب أبوه من يوم ما طلق وهو محروم وأنتِ أقول فيكي إيه قلبك من حجر..
لا فائدة من رجل مثل هذا، حركت رأسها بنفس بروده قبل أن ترد عليه وهي تذهب من المنزل :
_ ابقى ادعي لابنك لأن موته هيبقى على أيدي، كله إلا بناتي يا أبن أبو الدهب..
رد عليها بقوة بثت الخوف بداخلها :
_ بنتك في أمان طول ما هي تحت أيد نوح، لما يديها لك اعرفي وقتها إنها نهايتها، وخدي بالك كله إلا ولادي يا ثريا.. مش حلوة في حقك لما بناتك تعرف إن أمهم متجوزة في السر..
_______ شيماء سعيد ______
بمنزل خاطر الذي أخذ نوح عطر إليه...
أغلق باب المنزل عليها بإحكام قبل أن يخلع قميصه بهمجية بعده البنطلون ليبقى بشورت قصير، عادت للخلف برعب حتى وصلت للفراش لتصعد فوقه بجسد مرتجف، أشارت إليه بتحذير تمنعه من الاقتراب ليأخذ الحزام من بنطلونه ويلفه حول يده صارخا بغل :
_ بقى أنا يا بت أدخل ألقى ابن **** أيده في إيدك،و المأذون كان ناوي يكتبك له، أمال أنا إيه يا بت..
حركت رأسها بكل الاتجاهات تحاول البحث عن مخرج وبالنهاية نظرت إليه برجاء وقلة حيلة :
_ والله والله يا نوح من قلة حيلتي، أنا قولتلك بدل المرة ألف الحقني ومكنتش بتعمل حاجة..
ضرب بالحزام على طرف الفراش لتنتفض أكثر، دقات قلبها ترتفع بشكل مريب تشعر أن روحها أوشكت على الخروج:
_ كنتي تيجي عندي وتسيبي الدنيا كلها مش تروحي تلبسي فستان فرح يا بت ثريا..
سقطت دموعها وأشارت إليه بيد مرتجفة :
_ أنا عايزة أمشي من هنا يا نوح..
نظراته الاجرامية أوصلت إليها رسالة واضحة، هي على باب نهايتها، جذبها بقوة لتسقط بين يديه، نيران تأكل أعماق قلبه جعلته يقول :
_ هتمشي بس لما أجيب منك حفيد لعيلة أبو الدهب..
لو على موتها لن يحدث ما يريده، أغلقت عينيها بانهيار تام وهي تشعر بشفتيه تقترب منها، لحظة والثانية وشعرت أنها ضعيفة، عاجزة أمامه، نظرت بطرف عينيها بجانب الفراش وسحبت الفازة وعندما لم تجد أمامها حلول أسقطتها فوق رأسه..
_____ شيماء سعيد _______
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
الفصل الثالث
#الفراشة_شيماء_سعيد
#أبو_الرجالة
بمنزل ثريا..
ضمت فيروز هادية المنهارة بالبكاء، أخذت نفسا عميقا وأصابعها تسير بين خصلات شقيقتها وهي شاردة بعالم آخر، لعنة أولاد أبو الدهب أصابت عائلتها ولو وضعت اللوم على أحد ستكون هي المذنبة الأولى..
ذهب عقلها ببحر من الذكريات متذكرة ليلة طلاقها..
فلاش باااااك...
سقط جسدها المزين بفستان قصير من الستان الأسود على أرضية الغرفة بين الورود، فكان اليوم عيد زواجها الأول فعلت كل شي ليكن الأمر رائعا خالدا بالذاكرة وبالفعل سيظل خالدا، ألقى عليها جملة ظلت دقيقة كاملة تحاول فهمها :
_ أنتِ طالق..
شعور غريب لم تتخيل بأبشع كوابيسها أن تشعر به، جسدها ينتفض من البرودة رغم حرارة أغسطس من حولها، قلبها يضعف وقدرتها على التنفس تقل مع نغزة سامة بمنتصف صدرها، أطرافها بدأت تفقد شعورها بهم، أمر مرعب غير مفهوم، خرج صوتها مثل الغريق الذي يلفظ جملته الأخيرة :
_ ليه؟!..
كانت إجابته الأصعب، لو لم يحبها يوما وكان يلعب بها هل قلبه أيضا خالي من القليل من الرحمة؟!.. نبرته أهانتها :
_ تقبلي تبقي نمرة اتنين؟!..
حركت رأسها برفض لتلك الفكرة وهي غير واعية لما يحدث حولها ليقول بهدوء :
_ ولا أنا أقلبها عليكي يا فيروز أنتِ بالنسبة ليا أغلى من كدة بكتير، عايزك تنسى السنتين اللي فاتوا من حياتك وتبدأي من جديد، كل حقك هيوصل لك..
تركها وذهب أو ربما يكون فر من المواجهة، ظلت ثلاث ليالي بعد تلك الليلة تجلس كما هي دون طعام أو شراب تدلف للمرحاض وتعود بعدها بمحل جلوسها، على أمل عودته على أمل أن يضمها ويعتذر، فاقت عندما أتت إليها والدتها تأخذها مردفة :
_ أنتِ قاعدة هنا بتعملي إيه إبن أبو الدهب فرحه الليلة..
انتهى الفلاش باااااك..
_ تفتكري عطر هترجع يا فيروز..
خرجت من دوامة ذكرياتها على صوت هادية، تنهدت بتعب مردفة :
_ متخافيش عليها عطر بمية راجل وهترجع..
شهقت هادية بقهر :
_ هما ليه بيعملوا فينا كدة عشان إحنا غلابة من غير راجل الراجل ده وعياله شياطين..
فيروز :
_ نطمن على عطر وهنسيب إسكندرية كلها ليهم ونمشي..
صمتت هادية وهي بداخلها رغبة ترفض الهروب بتلك الطريقة، ترفض الهزيمة والخسارة من تلك العائلة، أغلقت عينيها تحسم قرارها بداخل اللعبة مع الإبن الأصغر ومن هنا ستبدأ حرب من نوع خاص..
_____ شيماء سعيد _____
بمحل وجود عطر ونوح، فزعت من سقوطه أمامها، أمسك برأسه وهو ينظر لها بذهول، كيف للعبته الرقيقة ان تخرج من تحت جناحه وتتجرأ عليه؟!.. اشتد عليه الألم ليغلق عينيه مردفا بتقطع قبل أن يقفد الوعي :
_ نصيحة مني تهربي قبل ما أفوق لك..
انهارت ببحر من الخوف منه وعليه، اقتربت منه بخطوات مترددة لتجلس بجواره على الأرض مردفة ببكاء :
_ نوح فوق أبوس أيدك كل ده من فازة أمال لو رشيت عليك مياة نار هيحصل إيه، فتح عينك أنا خايفة..
ارتخاء جسده أسفلها جعلها تنتفض، جذبت خصلاتها ولم تجد أمامها حلول، نطرت إليه بقلة حيلة قائلة :
_ قوم يا حبيبي أنا من غيرك أموت يا نوح..
ببريق من الأمل سحبت هاتفه الساقط بجواره لتحمله وتقوم بالاتصال على والدتها مردفة :
_ ماما أنا عطر..
قدرت ثريا أخيراً أخذ أنفاسها، ردت عليها بنبرة ملهوفة :
_ أنتِ فين يا قلب أمك قوليلي هكون عندك..
ارتفعت شهقاتها وهي تكتم دماء رأسه بكفها مردفة :
_ نوح بيموت يا ماما أنا ضربته ومش عارفة أعمل إيه..
جاء إليها صوت والدتها القوي وهي تقول :.
_ سبيه واهربي..
حركت رأسها بذهول :
_ مستحيل أسيبه يموت..
أغلقت الخط وقامت بالاتصال على الإسعاف، رغم خوفها من السجن إلا أنه عندها أهم بكثير، ضمته لصدرها وقبلت رأسه عدة مرات هامسة :
_ متخافش يا حبيبي الإسعاف جاية، خليك معايا يا نوح أنا ريحة قلبك زي ما بتقولي على طول...
_____ شيماء سعيد ______
بالحي..
دلف فريد إلى محل والده لأول مرة منذ طلاقه لفيروز، وجد كمال يجلس بهدوء وبيده بعض الحسابات، ابتسم فريد على والده وقال بمرح :
_ ولا كأن في مصيبة بتحصل قاعد على المكتب برنس..
ترك كمال ما بيده وضحك مردفا :
_ أخيراً دخلت المكان هتفضل خايف من بنت ثريا لحد أمتا؟!..
جلس على المقعد المقابل للمكتب وقال :
_ عيب عليك يا كبير هو أنا وش خوف برضو، ها ناوي تعمل إيه في إبنك جلاب المصايب..
أجابه كمال وهو يرتشف فنجان القهوة بلذة :
_ الواد نفسه في البت وأمها دماغها جزمة، يبقى اللي مايجيش باللين ييجي بالشدة، نوح ملوش في الحرام البت هترجع سليمة يضمن وجودها معاه مش أكتر..
حرك فريد رأسه بمعنى لا فائدة، بعدها نظر بطرف عينه للشارع أمامه، وجدها تسير بخطوات سريعة وكأنها تركض خلف أحد، قام هو الآخر وذهب خلفها ليقول كمال بسخرية :
_ وقال عيب عليك يا كبير، الواد ده واخد قلب أمه مش زيي لأ..
بالخارج وقف فريد أمام فيروز يمنعها من تكملة طريقها، رفعت وجهها إليه ويا ليتها لم تفعل، سنوات حياتها وهي مخدوعة بحب أعمى قلبها عن الحقيقة، أرتفع صدرها وهي تحاول كتم أنفاسها، أما هو كان منبهرا من جمالها الذي يزيد كل يوم، مشتاق للمسة شفتيها، لتمرير يده على جسدها الناعم، ليكن صريحا كان يهرب من رؤيتها وها هو يقف أمامها متلهفا، حلت بعينه من جديد، يريدها ليطفئ تلك النيران التي أشتعلت بجسده، شهر واحد فقط بين أحضانها يرتاح قليلا ويأخذ أكبر قدر من الطاقة وبعدها يعود لحياته وزوجته..
سألها بنبرة حانية :
❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️
_ أخبارك إيه يا فيروز..
بداخلها غل لو خرج من قلبها لحرقته، ردت عليه ساخرة :
_ أحسن منك ومن عيلتك كلها..
معذورة لذلك تحدث بهدوء :
_ وحشتيني يا فيروز..
طوال حياتها معه وهي بين يديه مثل قطعة البسكويت يفعل بها ما يشاء، لأول مرة يراها بتلك القوة و الكره، عنيفة هي ولكن كل هذا غير مهم يكفي أنه مستمتع :
_ وحشك قطر لما يلهفك أوعى من طريقي..
مسك كفها سريعاً يمنعها من الذهاب لتنظر إليه بحدة محاولة الإبتعاد عنه، زاد من ضغطه على كفها مردفا بوقاحة :
_ أحلويتي بقيتي شبه الكريم كراميل، وأنا بصراحة بضعف قصاد الحلويات..
_ بطل أسلوبك ده، الجو ده خلاص شبعت منه أبعد من طريقي بدل ما ألم عليك الناس كلها..
بالفعل ابتعد وغمز لها قبل أن يعود لداخل محل والده :
_ فوق الجمال كمان شراسة يا بت الموضوع بنا هيبقى محتاج المطافي... الواحد بدأ يتحمس..
______ شيماء سعيد _____
بغرفة هادية..
أغلقت على نفسها الباب بإحكام وهي تفكر وتفكر حتى جذبت هاتفها من فوق الفراش وبدأت في البحث عن صفحة خاطر الخاصة على الفيسبوك، وجدتها ومن هنا شعرت بالقليل من القلق قبل أن ترسل إليه طلب صداقة..
أغلقت بعدها الهاتف وألقت جسدها على الفراش، أولاد أبو الدهب لابد لهم من لعنة حب تصيبهم كما أصابت فيروز وعطر..
______ شيماء سعيد _____
بمنزل خاطر وصلت سيارة الإسعاف لتحمل نوح، تمسكت عطر بيده أكثر وقالت من بين شهقاتها :
_ عايزة أروح معاه أنا مستحيل أسيبه لوحده..
أومأ إليها الطبيب وسألها بهدوء :
_ هو حصل فيه إيه؟!..
أبتلعت ريقها بخوف، لو قالت الحقيقة ستؤخذ للسجن، أزالت دموعها بطرف أكمامها مردفة بنبرة مترددة :
_ الفازةوقعت على دماغه من غير ما يأخد باله..
نظر الطبيب لهيئتها بشك ورد :
_ طيب يلا..
مرت ساعتان على وجودها معه بقلب المشفى، تجلس على المقعد المقابل للفراش الخاص به تبكي دون حديث، لم تتخيل أن تفعل بحبيبها هذا ولكنها كانت مجبرة، نوح غيرته أعمت قلبه وكان سيصل بها للنهاية، رفعت كفها المترجف وبدأت تمر به على ذقنه بحنان، سقطت دمعة منها على كف يده مردفة :
_ حقك عليا، أو حقي عليك، بصراحة مش عارفة مين فينا اللي مفروض يعتذر من التاني يا نوح بس صدقني أنا مكنش عندي حلول تانية...
تقريبا سمعها، بدأ مفعول المخدر يذهب منه بالتدريج حتى وصل لأرض الواقع مرة أخرى، فتح عينيه ورآها بجواره باكية ليرفع يده ممرا أحد أصابعه على خدها الأحمر المتوهج من انفعالها، همس بتعب :
_ اشششش مش عايز أشوف دموعك انتِ عارفة هي غالية عليا ازاي..
أومأت إليه عدة مرات بابتسامة متلهفة :
_ عارفة عارفة يا حبيبي، سامحني يا نوح بس أنت وقتها وضعك مكنش طبيعي خالص..
ابتسم إليها قائلا بتعب :
_ كنت زي المجنون عايز بس أثبت لنفسي إنك ليا ومش هتكوني لحد تاني، لو حد المفروض يطلب السماح هيبقى أنا يا حبيبتي مش أنتِ..
عضت على شفتيها بخجل مع قوله لكلمة حبيبتي، نوح قادر على أخذ روحها من بين ضلوعها من مجرد كلمة صغيرة تخرج من فمه، تحبه وتعترف أنه نقطة ضعفها الوحيدة، أزالت دموعها سريعاً وقالت :
_ أنا مش زعلانة منك بس خوفت أوي يا نوح، أرجوك مش عايزة أشوف منك الوش ده تاني خليك دايما نوح حبيبي..
ضحك بمرح مردفا :
_ ده وش الغيرة يا قلبي مش عايزة تشوفيه اياكي تثيري غيرتي عليكي..
أومأت إليه بطاعة وقبل ان ترد دق باب الغرفة ليأذن نوح للطارق بالدخول، دلف أحد الضباط مردفا :
_ المستشفى بتقول إن اللي حصل لحضرتك بفعل فاعل، عايزين نفتح محضر لو حابب تتهم حد..
رد نوح بتعب :
_ الآنسة عطر هي اللي عملت كدة وأنا فعلاً عايز أفتح محضر لأني مش هسيب حقي..
_____ شيماء سعيد _____
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
الفصل الرابع
#الفراشة_شيماء_سعيد
#أبو_الرجالة
بمحل أبو الدهب..
دلفت ثريا وهي لا ترى أمامها، أعصابها منهارة منذ إتصال عطر بها ومعرفتها بالقبض عليها، تلك الحمقاء لو كانت هربت مثلما قالت لها لفرت من براثن تلك العائلة، رآها كمال ليشير للعمال بالخروج وأغلق الباب خلفهم، عاد الي مقعده وأخذ رشفة من فنجان القهوة مردفا :
_ طول عمرك ماشية جنب الحيط ومش بتحبي الفضايح جاية لحد باب المحل كدة عادي ومش عاملة حساب للناس.؟!..
صرخت وهي تجذبه من فوق المقعد من مقدمة ملابسه :
_ عشان بناتي أنا أدخل جهنم يا إبن أبو الدهب، اخلص ويلا بينا على القسم..
رفع حاجبه متعجبا ومعجبا للذاذة تلك المرأة وكلما اقترب منها خطوة يود الغوص بداخلها أكثر وأكثر، وضع يده على يدها ثم وضعهما خلف ظهرها مردفا :
_ عيب في حقي لما ايدك تترفع على رقبتي في المحل، استني لما نروح عشان برستيجي..
رغم جبروته وبروده إلا أن دمعتها أمامه قاتلة، سقطت دمعة مقهورة من عينيها، ونظرت إليه برجاء واضح مردفة :
_ خلي عندك شوية رحمة يا كمال وانا عندي أستعداد أعمل لك أي حاجة بس يلا نروح القسم..
رفع أحد أصابعه وأزال دمعتها، لأول مرة سيقف أمام أحد من أبنائه ومن أجل من؟!.. ثريا.. تنهد بهدوء ثم ابتعد عنها قائلا بقوة :
_هخلي الواد يرجع البت يا ثريا ويتجوزوا قدام الحي كله من غير كلام كتير، أما موضوع القسم ده فأكيد أنا مش هروح معاكي أبلغ عن إبني ولا هسمحلك تعملي كدة..
يحلم، يستحيل أن تبقى معه بنفس المكان، تطمئن على ابنتها وبعدها ستأخذهم وتفر بعيدا، مسحت على وجهها قائلة بتعب :
_ أنا مش عايزة أبلغ عن ابنك يا كمال بس قليل الأصل بلغ عن البت وقال إنها فتحت دماغه، بنتي لو نامت ليلة واحدة في الحجز أنا عندي استعداد أفتح كرشه وكرشك أنت كمان، اللي زيك مكنش ينفع يخلف كان المفروض تتوئد أو ما اتولدت..
صدم من فعلة نوح ولكنه فهمها، ماكر ومكره هذا ورثه منه، ضحك بصوت عالي وهي تسبه دون أن تخشى موقفها، عاد خطوة للخلف مع رؤيته للغدر بداخل عينيها وأشار إليها محذرا :
_ اياكي تقربي مني أنا لحد دلوقتي مش عايز أستخدم معاكي العنف..
ردت بقوة :
_ لأ استخدمه..
عدل من موضع ملابسه ورد بكبرياء وهو يخرج من باب المحل :
_ نحل مشكلة البنت بدل ما تنام على البرش وبعدين نتصرف مع بعض..
____ شيماء سعيد ______
بعد عشرة دقائق نزلت هادية من منزلها، ربما ما تفعله خطأ كبير ولكنها أخذت أول خطوة وانتهى الأمر، مرت بخطوات واثقة من أمام المحل الجالس به خاطر، ألقت عليه نظرة سريعة وابتسامة بها الكثير من الدلال..
أخذ الأخر نفسا متلذذا من رائحة عطرها وقام من مكانه ذاهبا خلفها، مرت من أمام العمارة الخاصة بعائلة أبو الدهب، حدقت بالمكان ساخرة يبدو على المنزل من الخارج كأنه قصر ومن الداخل مقبرة انتهت بها حياة فيروز وعطر..
سقط قلبها أسفل قدميها بفزع وهي تشعر بيد تجذها لداخل عمارة أبو الدهب، كتم خاطر صرختها بيده الأخرى ووضع جسدها بينه وبين الحائط أسفل السلم، حدقت به بفزع وعينيها تدور بالمكان تبحث عن مخرج لها، أما هو كان بعالم آخر أتلك الجميلة كانت أمام عينيه طوال السنوات الماضية وهو يبحث بالخارج، أحمق!! ربما كان أحمقا أما الآن فاهي بين يديه ولن يتركها، أقترب من أذنها لتدلف رائحة عطرها إليه تسكره، لا يصدق أن هذا العطر مجرد مسحوق للغسيل ممزوج برائحة جسدها الناعم، أخذ أكبر قدر من الرائحة هامسا بنعومة :
_ اهدي هشيل أيدي ونتكلم كلمتين وهتمشي مافيش داعي للصريخ والفضايح..
أومأت إليه عدة مرات وهي كل ما تريده الخلاص، سحب كفه لتأخذ نفسها المكتوم براحة، وضعت كفها على صدرها تحاول التحكم بتلك الدقات، لا تصدق أرسلت إليه طلب صداقة الأمس ورفضه اليوم يفعل هذا؟!..
اتسعت ابتسامته مردفا :
_ شاطرة كدة بقى نعرف نتكلم..
أبتلعت ريقها بتوتر وأشارت إليه بالابتعاد قائلة :
_ هو أحنا هنتكلم في إيه حضرتك ميصحش كدة لو سمحت ارجع خطوة لورا..
غمز إليها بمكر قائلا :
_ يا بت أطلعي من دول ده أنتِ عينك هتطلع عليا، وبعدين بدل ما نتكلم على الفيسبوك ما نختصر على بعض الطريق..
اللعنة، كيف لم تفكر بتلك النقطة فهو ابن أبو الدهب كتلة من الوقاحة مثل باقي العائلة الكريمة، رسمت على وجهها التعجب قائلة :
_ إيه اللي حضرتك بتقوله ده، طلب الصداقة ضغطت عليه بالغلط لما طلعت ليا في الاقتراحات، عن إذنك لازم أمشى..
وضع يده على ذراعيها يمنعها من الحركة قائلا بهمجية :
_ مهو كل حاجة حلوة أولها غلطة، هطلق الزفتة اللي على ذمتي ونعيش بقي يا جميل..
تحولت، سقط عن وجهها قناع البراءة، نظر إليها منبهرا بحركة يديها حول خصرها وعينيها التي تحول لونها، ردت عليه من بين أسنانها وقالت :
_ مالك فخور أوي إنك ناقص تربية كدة ليه؟!.. وسع من وشي..
ضحك بلذة، هذا ما كان ينقصه بكل علاقاته المرح، تلك الفتاة لذيذة وكأن ثريا وبناتها عصير كوكتيل ممتعة، وضع يده على يديها مردفا :
_ شكلك غيرانة، بس متخافيش هطلقها وبعدها هلزق فيكي لحد ما نجيب كمال الصغير..
تركها وذهب ، ذهب هو ولعنت نفسها على غبائها، ثواني معدودة وابتسمت بخبث مردفة :
_ طيب وماله ما ده اللي كنت برسم عليه من الأول وهو كتر خيره سهل عليا المشوار أوي، قال عايز كمال الصغير ومش لما كمال الكبير وعياله يتربوا الأول، على أيدي هقطع النسل المعفن ده...
____ شيماء سعيد ______
بقسم الشرطة دلفت ثريا لمكان ابنتها متلهفة لتجد نوح يجلس بالخارج وضعا ساق على الآخر يتابع ما يحدث مثل نشرة الأخبار، أقترب منه كمال مردفا بقلق :
_ إيه اللي عمل في دماغك كدة أنت كويس؟!..
رد نوح ساخرا :
_ كويس ايه بس يا أبو الرجالة البت عملت عليا، فخور بيها أوي تربية أيدي..
ردت عليه ثريا بهجوم :
_ بقى عامل نفسك بتحبها وأنت عايز تحبسها يا بحج..
نظر لوالده ثم لها قبل أن يقول بخبث :
_ ما تلم المدام يا حاج كمال بدل ما البنات يعرفوا ووقتها هيبقى شكلك وحش خالص يا مرات أبويا..
حديثه هزها من الداخل، عاجزة عن قول أي كلمة وهي تعلم جيدا إنه يفعلها، كيف ستقف أمام بناتها وتقول إنها زوجة سرية لكمال أبو الدهب، رمقها كمال بطرف عيناه ولأول مرة ينصرها مردفا بقوة :
_ وعشان هي مراتي فهي في حمايتي يا نوح أتكلم معاها بأدب، ويلا روح اتنازل عن التخلف ده أنت عارف عطر مش هتقدر تقعد هنا ساعة كمان..
أوما إليه الاخر بأحترام وهذا نارد ما يحدث، ثم نظر لثريا قائلا :
_ هنخرج كلنا من هنا بس بشرط صغير خالص..
ردت عليه بنفاذ صبر :
_ ما تخلص بقى أنا مش عارفة إيه اللي بيحصل لبنتي جوا..
_ المأذون على وصول نكتب الكتاب ونعيش مع بعض بالحب والا نجيب عيش وحلاوة؟!..
بعد أقل من ربع ساعة بغرفة الضابط صديق فريد جلس نوح وبالمقابل له كمال والمأذون بالمنتصف لتتم مراسم عقد القرآن بين نوح وعطر، اردف المأذون جملته الشهيرة ليقوم نوح من مكانه بسعادة يضمها إليه مردفا :
_ ألف مبروك يا مدام نوح أبو الدهب..
تفاجأ منها عندما أزاحت يده بعيدا عنها بنفور قبل أن تلقى عليه نظرة مبهمة وتذهب لتقف بجوار والدتها مردفة :
_ مش أنت عملت اللي في دماغك أنا هعمل اللي في دماغي يا أبن أبو الدهب، مش هروح معاك في حتة وخلي الورقة اللي معاك تنفعك..
_ ورقة مين يا بت ده أنا قتيل الدخلة أمشي معايا بالذوق..
لا تنكر خوفها من ملامح وجهه الا إنها وضعت يدها بيد ثريا لتشعر بالأمان والقوة مردفة :
_ مش ماشية..
نظر إليها بخبث قبل أن يأخذها من يد ثريا واضعا أياها فوق ظهره ونظر للضابط صديق شقيقه :
_ الا قولي يا غالي مفيش أوضة فاضية ندخل فيها ونخلي الدخلة ميري..
_ في طبعا.. هو أنا عندي أغلى منك يا نوح..
______ شيماء سعيد ____
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
من الأول إلي الخامس
الفصل الأول
#الفراشة_شيماء_سعيد
#أبو_الرجالة
بمنزل راقي به لمحة من التراث رغم بساطته بعروس البحر المتوسط، مكون من طابقين الأول به محلات والثاني خاص بصاحبة المنزل، به شقة كبيرة مكونة من خمس غرف ومطبخ كبير ومرحاض بحجم غرفة...
على أغنية أم كلثوم "أنت خلتني أعيش الحب واياك ألف حب" بدأت السيدة ثريا إعداد وجبة الإفطار في السادسة صباحا قبل موعد ذهابها للمدرسة، وضعت الطعام على المائدة وأردفت بنبرة مرتفعة بعض الشيء :
_ عطر يلا أدخلي صحي الهانم عايزين نفطر..
خرجت عطر من المرحاض وهي تربط رأسها بقطعة سميكة من القماش قائلة :
_ البرد تقيل عليا أوي ومش قادرة أفرهد نفسي مع الست هادية.
رفعت ثريا حاجبها ساخرة من أصغر بناتها، بارعة عطر بتمثيل المرض حتى تهرب به من مصائبها، رفعت سكينة الطعام الصغيرة مشيرة للأخري بالاقتراب قائلة :
_ والبرد ده جالك فجأة كدة، والا عشان باقي على فرحك أسبوع؟!..
بلعت عطر ريقها بتوتر من نظرات والدتها الثاقبة وفرت من أمها بسرعة البرق وهي تزيح عن رأسها قطعة القماش مردفة :
_ خمس دقايق وهنكون عندك يا ماما أنا ورايا كلية ولازم أفطر..
أجابتها ثريا بقوة وهي تجلس على أحد مقاعد السفرة مردفة :
_ طلعي من دماغك ابن أبو الدهب يا بنت بطني وارضي بنصيبك..
أغلقت عطر الباب خلفها بقوة، تبقى أسبوع واحد فقط على تنفيذ حكم الإعدام الذي حكمت به والدتها، رأت هادية مثل عادتها تقف أمام المرايا تتأمل بجمالها الساحر وتغازل نفسها بكل ما لذ وطاب، جزت عطر على أسنانها مردفة بغيظ :
_ أنتِ مالك باردة ومستفزة كده ليه، مش الأولى تقفي جانبي وتوقفي المهزلة اللي ماما عايزة تعملها دي..
تركت هادية الروج من بين أصابعها ودارت بوجهها لشقيقتها الصغرى مخرجة تنهيدة طويلة من أعماق صدرها قبل أن تقول :
_ هو أنتِ خليتي قدام ماما حلول تانية بعد عمايلك السودة، نوح أبو الدهب الكل عارف إنه مطلق مرتين ده غير إن أخوه مطلق أختك وأكبر منك وفوق كل ده جنابك مقفوشة معاه في السطح من أمك بدل المرة اتنين، احمدي ربنا إنها جات على قد جوازك من حسن واحدة غير ماما كانت غسلت عارها بايدها..
شهقت عطر مردفة :
_ عار إيه يا متخلفة أنتِ إحنا كنا بنتكلم مع بعض عادي، وبعدين أنا بحبه ومتأكدة من حبه ليا، اتقدم لأمك بدل المرة عشرة ومفيش فايدة..
ردت عليها هادية ساخرة :
_ مش كفاية اللي حصل في فيروز هتبقى أنتِ كمان متعلم عليكي من عيال أبو الدهب كدة كتير أنا رايحة أفطر..
تركتها بمفردها وخرجت لتلقي عطر بنفسها على الفراش بقلة حيلة، ظلت صامته لعدة ثواني قبل أن تسمع باب الشقة يفتح وتدلف فيروز بعد نهاية عملها فهي كانت تعمل بالمساء بأحد المشافي الخاصة..
دلفت إليها فيروز مردفة بابتسامة حنونة :
_ الصغنن قاعد حزين لوحده ومش بيفطر ليه؟!..
_ ماليش نفس مفيش حد في البيت ده كله حاسس بيا، حرام عليكم أنا مش عايزة أتجوز غير نوح..
جلست فيروز بجوارها على الفراش وحركت يدها على ظهر الأخرى بحنان قائلة :
_ أنتِ لسة صغيرة ومش فاهمة الدنيا يا عطر بس نصيحة مني ارضي بنصيبك، لو نوح ده بيحبك بجد زي ما بتقولي ومش بيلعب بيكي هيعمل المستحيل عشان تبقي على إسمه..
رفعت عطر عينيها لها بالكثير من الأمل مردفة :
_ تفتكري يا فيروز؟!..
_ أيوة طبعاً يلا نفطر بقى قبل ما ماما تقيم علينا الحد وربنا هيحلها من عنده..
_ يلا...
_______ شيماء سعيد _______
على بعد مسافة صغيرة من منزل أم البنات نجد عمارة أخرى ولكنها أكثر فخامة، من الطراز الحديث بمساحة أربع شقق، ملفتة للأنظار بشكل غريب وأسفلها أكبر سلسلة محلات ذهب بمحافظة الإسكندرية..
بداخل المحل الرئيسي، رفع نوح أبو الدهب ساقيه على سطح مكتبه ثم وضع ساق على الآخر وهو يسمع لأحد رجاله الذي يقول :
_ كله زي ما أمرت يا باشا..
رسمت على ملامحه الوسيمة إبتسامة إجرامية وهو يسأله بنبرة صوته الخشنة بطبقة أكبر من باقي الرجال :
_ وعريس الغفلة أخباره إيه؟!..
رد عليه مرتضى بقوة :
_ لما نخلص اللي حضرتك عايزه هيتحاسب يا باشا، لا عاش ولا كان اللي يرفع عينه في حاجة تخصك..
أومأ إليه نوح برضا تام وقبل أن يرد عليه دلف كمال للمحل بهيبته ووقاره، من يراه يستحيل أن يعطي له عمره أبداً قادر على إيقاع أي أمرأة به من نظرة واحدة، أشار نوح لمرتضى بالانصراف ليختفي بنفس اللحظة، قام من مكانه باحترام لوالده ليجلس محله مردفا :
_ ناوي على إيه يا إبن كمال أنا مش مرتاح لك..
أبتسم نوح إبتسامة ماكرة قبل أن يقول :
_المثل بيقول إبن الوز عوام وأنا بصراحة يا وز مش ناوي أسيب حاجة نفسي فيها لحد مين ما كان..
ضحك كمال ضحكة رنانة مردفا بفخر :
_ صح يا واد طول عمري بقول عليك إبن أبوك، بس عايزك تلعبها صح وعلى الهادي..
غمز إليه نوح وهو يتجه لمحل آخر قائلا بذات المغزى :
_ متخافش يا كبير أنا عامل حساب اللي ليك كويس أوي، هاخد اللي يخصني من غير أضرار..
حرك كمال رأسه بمعنى لا فائدة، ثم أخذ نفس عميق وأخرج هاتفه من جاكيته وقام بإرسال رسالة صغيرة عبر تطبيق الواتساب :
_ عايزك بالليل الساعة 11 تكوني في الشقة...
______ شيماء سعيد ______
بمنطقة المعادي بشقة من الطراز الحديث استيقظ خاطر أبو الدهب، الإبن الأصغر والنسخة الحقيقية من والده، تلك العائلة يمكن أن نطلق عليها لقب أسوأ عائلة على وجه الأرض، نظر أمامه بضجر وهو يزيح كف زوجته السرية بعيداً عنه مردفا :
_ جرى إيه يا نوسة أنا بدأت أفصل منك، قولتلك تخفي من وشي لحد ما أصحى بمزاجي..
رفعت له حاجبها وهي تعود خطوة للخلف مبتعدة عن الفراش مردفة :
_ وأنا عملت إيه بس يا سي خاطر، ده نوح باشا برة..
أنتفض خاطر من فوق الفراش بالقليل من التوتر وسحب ملابسه من الدولاب وهو يشير إليها على باب الغرفة قائلا :
_ أطلعي أعملي لنا فطار وبعدها أياكي تخرج من الأوضة فاهمة..
أومأت إليه بابتسامة واسعة وخرجت، بعد دقيقة دلف لغرفة الصالون ليجد نوح ينام على الاريكة بكل أريحية وكأنه بمنزله، جلس خاطر على المقعد المقابل إليه ثم قال بسخرية :
_ معلش لو هقلق منامك يا باشا بس أنت هنا بتعمل إيه؟!..
تكاسل نوح عدة مرات ثم أعتدل بجلسته ورد علي أخيه ببرود :
_ قول للبنت المعفنة دي تشوف لها مكان تاني تقعد فيه الفترة الجاية، الشقة تلزمني..
رفع حاجبه بسخرية وسأله :
_ من أمتا ليك في الجواز اللي في السر، ده أنا ياما قولتلك تفرفش عن نفسك شوية بعد ما طلقت جوز المعيز اللي كانوا معاك..
رفع نوح رأسه بكبرياء وهو يضع ساقا على الآخر قائلا ببساطة :
_ لأ اطمن يا حبيب أخوك المرة دي من غير جواز خالص..
أنتفض خاطر بفزع، من المحتمل إن يكون ينقصهم هم ووالدهم الكثير والكثير من التربية والأخلاق ولكن لكل شيء خطوط حمراء، تحدث بأعين غير مصدقة :
_ لأ عندك يا نوح كله إلا الحرام مالناش فيه، عايز واحدة أتجوزها ولما تزهق قولها مع السلامة غير كدة لأ يا إبن الحاج كمال..
رد عليه نوح ساخرا :
_ يعني كدة هيبقى حلال وبعدين حاج إيه ده أبوك معملش باي باي للكعبة من بعيد..
_ يمكن احنا غلط بس غلط عن غلط يفرق..
قام نوح من على الأريكة بنفس اللحظة التي دلفت بها نوسة بالافطار ليأخذ قطعة من الجبن مجيبا قبل أن يذهب :
_ نفذ اللي بقولك عليه يا خاطر عايز على آخر الأسبوع الشقة تبقى فاضية..
_ آخر الأسبوع؟!.. يبقى الموضوع فيه عطر بنت ثريا، ناوي على ايه؟!..
ألقى عليه نظرة خبيثة وقال :
_ناوي أعمل فضيحة طالما الأصول مش جايبة نتيجة..
______ شيماء سعيد _______
مر الأسبوع سريعاً وأتى اليوم الموعود، حفل كتب كتاب عطر بأجواء عائلية بسيطة بين أهل الحي وبعدها من المفترض تذهب مع زوجها لعش الزوجية، ارتدت فستانا من الستان باللون الأبيض وخرجت بيد والدتها وخلفهما فيروز وهادية، أزالت دمعتها سريعاً قبل أن يراها أحد ولكن رأتها ثريا التي أردفت من بين أسنانها :
_ افردي بوزك ده أنتِ عروسة مش محكوم عليكي بالإعدام..
ابتسمت إبتسامة ساخرة على حديث والدتها التي تتحدث ببساطة وكأنها لم تحكم عليها بالإعدام بالفعل، أرتفعت دقات قلبها أكثر وأكثر مع كل خطوة تقترب بها من زوجها المستقبلي الذي يضحك بسعادة، ضغطت على كفيها وهي تجلس على الأريكة بجواره وتهمس لنفسها :
_ أنت فين يا نوح الحقني..
تقريباً كان يسمعها ووصل بنفس اللحظة ومعه جيش من الرجال، اقتحم البيت بطريقة هجومية، صدم الجميع من هيئة إبن أبو دهب، يقف أمام الجميع عاري الصدر لا يرتدي غير بنطلون من الجينز، اقترب منها بخطوات واثقة وسحبها من بين يدي والدتها مشيراً للمأذون بالرحيل قائلا :
_ بالسلامة أنت يا شيخنا. معندناش حد للجواز..
فر الرجل سريعاً كأنه يهرب من الموت وقفت أمامه ثريا بقوة مردفة :
_ مشيت المأذون ليه يا إبن أبو الدهب؟!.. عطر مش هتبقى على إسمك لو مسكت نجوم السما..
شهقت عطر برعب وهي تحمل مثل شوال البطاطس على ظهره ورجاله تمنع أي شخص من بالاقتراب، وصل بها لباب المنزل وهي تصرخ بكل قوتها ليضربها على ظهرها مردفا :
_ بس يا بت كفاية صداع..
صرخت ثريا :
_ نزل البنت رايح بيها على فين..
_ طلبت الحلال قولتي لأ دلوقتي بنتك معايا وفي الحرام يا أبلة ثريا..
______ شيماء سعيد ______
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
الفصل الثانى
#أبو_الرجالة
#الفراشة_شيماء_سعيد
بفيلا راقية خرج صوت ضحكات رجولية رنانة من غرفة المكتب الجالس بها الابن الأكبر لكمال أبو الدهب " فريد" مع شقيقه " خاطر"..للحق فريد وسيم جداً وجذاب بطريقة مدهشة، لديه شخصية رجولية مميزة تجعله مثل المغناطيس، ألقى القلم من يده وهو يضحك على ما فعله نوح، حرك خاطر رأسه بجنون قائلا :
_ أنت بتضحك على إيه يا جدع أنت، الواد أخد البت من نص فرحها ورفض يكتب عليها كمان وأنت وأبوك كأنكم جوا مسرحية ضحك بس..
توقف فريد عن الضحك وغمز لأخيه قائلا :
_ فخور بأخويا يا جدع ده عمل اللي محدش فينا قدر يعمله..
جز خاطر على أسنانه قبل أن يرد عليه بسخرية :
_ هو في زيك رسمت الحب واتجوزت وفي الآخر طلقتها واتجوزت غيرها ده أنت جبروت يا راجل..
أختفت إبتسامته من على وجهه ليعلم خاطر أنه تحدث عن أكثر ما يريد شقيقه الهروب منه، أخرج فريد تنهيدة طويلة، ذكرياته معها سارت أمام عينيه مثل شريط السينما، كل لحظة كانت بين أحضانه، كل لحظة ابتسمت له بها، وها هي لحظة النهاية أتت بذاكرته من جديد، طلقها لأنها تعوق مستقبله كطبيب..
تحدث خاطر بأسف :
_ فريد أنا مكنتش أقصد..
تنهد فريد وقال ببساطة :
_ لأ عادي، فيروز كانت كتير عليا ربنا يوفقها، قوم خلينا نتصرف في المصيبة اللي عملها أخوك العاقل..
_____ شيماء سعيد ______
ترك خاطر بالسيارة وصعد هو لغرفة نومه لكي يبدل ملابسه، رآها تجلس على الفراش بهدوء تنتظره، ألقى عليها نظرة ساخرة واتجه لغرفة الملابس، قامت من فوق الفراش وذهبت خلفه بخطوات سريعة وللمرة الثانية يتجاهل وجودها لتصرخ بعصبية :
_ اللي أنا سمعته ده صح؟!..
خرجت منه ضحكة عالية قبل أن يرد عليها وهو يختار بذلته :
_ بذمتك مش عيب لما تبقي هالة هانم صفوان ورامية ودنك معايا أنا وأخويا، ده عيب في حقك..
حبها له أكثر شيء قلل منها وأفقدها قيمتها، تعبت من غرام هي فقط من تدفع ثمنه وهو يشاهد ويأخذ، وضعت كفها على كفه برجاء :
_ بلاش تروح هناك يا فريد، تقدر تقابل إخواتك في أي مكان إلا هناك..
اقترب منهاورفع أحد أصابعه ليجذب خصلة كبيرة من خصلاتها السوداء هامسا :
_ بتعملي كل حاجة عشان تخليني أحبك وأنسى فيروز، بس ده مش هيحصل طول ما أنتِ نسخة منها حتى شعرك الأصفر اللي غيرتي لونه..
حركت رأسها مردفة برجاء :
_ أنا متقبلة تشوفني فيها بس تبعد عنها يا فريد أرجوك..
حملها فجأة لتتعلق برقبته وسندت رأسها على صدره مغلقة عينيها بخوف، أخذها بخطوات هادئة وخرج بها لغرفة النوم ثم وضعها على الفراش قائلا :
_ لو كانت تلزمني مكنتش أتجوزتك عليها، ولو كنت باقي عليها كنت خليتها على ذمتي حتى لو غصب عنها، أنا شبعت من فيروز يا هالة ريحي قلبك..
سألته بتردد :
_ وأنا هتشبع مني أمتا يا فريد؟!.
_ لما أوصل للمرحلة دي هتأخدي ورقتك يا روحي لا تقلقي..
تركها على الفراش وأخذ هاتفه المحمول ومفاتيحه الخاصة ثم ارتدى جاكيت البذلة ملقيا لها قبلة بالهواء، رن عليه خاطر بعد شعوره بالملل ليقول :
_ سلام يا روحي، نامي بقى لحد ما أرجع لك..
_____ شيماء سعيد _____
بمنزل بعيد عن الحي.. خاص بكمال أبو الدهب..
استيقظ بضجر على صوت جرس الباب، أخرج تنهيدة طويلة وهو يعلم المعركة التي تنتظره على باب المنزل، تناول كوب الماء الموضوع بجوار الفراش على دفعة واحدة وانحنى ليأخذ بنطلونه الملقى على أرضية الغرفة مردفا بمرح :
_ يااا على الصداع اللي هيحصل دلوقتي..
أخذ نفسا عميقا ليأخذ القليل من الطاقة قبل أن يفتح الباب، وكما توقع وجدها أمامه بطلتها القادرة دائماً على سحب أنفاسه من أعماق قلبه، من أول مرة دلفت بها الحي الخاص به وبيدها بناتها الثلاثة وضعها برأسه وقرر الحصول عليها، وبالفعل حصل عليها إلا إنها مازالت فرسة لا تقبل الترويض..
دفعته من صدره ليعود للخلف عدة خطوات، رفع يده باستسلام مردفا :
_ اهدي ونتفاهم قلة الأدب مش هتجيب نتيجة خالص..
هذا كثير جداً عليها ألا يكفي ما فعله هو معها؟!.. أغلقت الباب بقوة قبل أن تجذبه من قميصه مردفة بشراسة :
_ بنتي فين يا كمال بدل ما أخرج بروحك وروح عيالك في أيدي..
وضع يديه فوق يديها ورد عليها ببساطة حرقت أعصابها :
_ يا واد يا قادر أنت بدوب في شخصيتك القوية دي يا ثريا..
جزت على أسنانها من الغيظ، كل ما تتمناه أن يرحمها الله ويأخذ كمال أو يأخذها هي، أبتعدت عنه بنفور وهي تتحدث بصوت منهار :
_ بطل لعب بالكلام يا كمال، إبنك أخد البنت من الفرح، الله في سماه لو ما رجعت الليلة لابلغ عنك وعنه..
غمز إليها بمكر مردفا :
_ إخص عليكي بجد يا ثريا يهون عليكي جوزك برضو، ده إحنا حتى إمبارح كانت ليلتنا زي الفل..
ثريا شخصية قوية جداً ولم يقدر عليها رجل أو امرأة إلا هذا المغرور، دارت حول نفسها بجنون ولم تجد أمامها حلول إلا الصريخ بكل قوتها، نظر إليها بذهول واقترب منها بسرعة واضعا يده على شفتيها مردفا :
_ بس الله يخرب بيتك هتعملي ليا فضيحة في نص الليل..
عضت على يده بقوة ليبتعد فقالت بقوة :
_ أنت لسة متعرفش أنا ممكن أعمل إيه، اللي يقرب من بناتي أنا أطلع بروحه في أيدي، عايزك تفضل فاكر إني اتجوزتك في السر غصب عني عشان بس البنات تفضل في أمان يا أبو الرجالة غير كدة لأ..
عاد ثلاث خطوات للخلف ليجد مقعد جلس عليه بكل أريحية قبل أن يرد عليها بنبرة باردة :
_ يا ما قولتلك الواد طالب الحلال قولتي لأ، الموضوع بصراحة خرج من أيدي يا ثريا كل اللي أقدر أعمله أصلي وادعي لها تطلع من تحت أيده سليمه أصله يا قلب أبوه من يوم ما طلق وهو محروم وأنتِ أقول فيكي إيه قلبك من حجر..
لا فائدة من رجل مثل هذا، حركت رأسها بنفس بروده قبل أن ترد عليه وهي تذهب من المنزل :
_ ابقى ادعي لابنك لأن موته هيبقى على أيدي، كله إلا بناتي يا أبن أبو الدهب..
رد عليها بقوة بثت الخوف بداخلها :
_ بنتك في أمان طول ما هي تحت أيد نوح، لما يديها لك اعرفي وقتها إنها نهايتها، وخدي بالك كله إلا ولادي يا ثريا.. مش حلوة في حقك لما بناتك تعرف إن أمهم متجوزة في السر..
_______ شيماء سعيد ______
بمنزل خاطر الذي أخذ نوح عطر إليه...
أغلق باب المنزل عليها بإحكام قبل أن يخلع قميصه بهمجية بعده البنطلون ليبقى بشورت قصير، عادت للخلف برعب حتى وصلت للفراش لتصعد فوقه بجسد مرتجف، أشارت إليه بتحذير تمنعه من الاقتراب ليأخذ الحزام من بنطلونه ويلفه حول يده صارخا بغل :
_ بقى أنا يا بت أدخل ألقى ابن **** أيده في إيدك،و المأذون كان ناوي يكتبك له، أمال أنا إيه يا بت..
حركت رأسها بكل الاتجاهات تحاول البحث عن مخرج وبالنهاية نظرت إليه برجاء وقلة حيلة :
_ والله والله يا نوح من قلة حيلتي، أنا قولتلك بدل المرة ألف الحقني ومكنتش بتعمل حاجة..
ضرب بالحزام على طرف الفراش لتنتفض أكثر، دقات قلبها ترتفع بشكل مريب تشعر أن روحها أوشكت على الخروج:
_ كنتي تيجي عندي وتسيبي الدنيا كلها مش تروحي تلبسي فستان فرح يا بت ثريا..
سقطت دموعها وأشارت إليه بيد مرتجفة :
_ أنا عايزة أمشي من هنا يا نوح..
نظراته الاجرامية أوصلت إليها رسالة واضحة، هي على باب نهايتها، جذبها بقوة لتسقط بين يديه، نيران تأكل أعماق قلبه جعلته يقول :
_ هتمشي بس لما أجيب منك حفيد لعيلة أبو الدهب..
لو على موتها لن يحدث ما يريده، أغلقت عينيها بانهيار تام وهي تشعر بشفتيه تقترب منها، لحظة والثانية وشعرت أنها ضعيفة، عاجزة أمامه، نظرت بطرف عينيها بجانب الفراش وسحبت الفازة وعندما لم تجد أمامها حلول أسقطتها فوق رأسه..
_____ شيماء سعيد _______
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
الفصل الثالث
#الفراشة_شيماء_سعيد
#أبو_الرجالة
بمنزل ثريا..
ضمت فيروز هادية المنهارة بالبكاء، أخذت نفسا عميقا وأصابعها تسير بين خصلات شقيقتها وهي شاردة بعالم آخر، لعنة أولاد أبو الدهب أصابت عائلتها ولو وضعت اللوم على أحد ستكون هي المذنبة الأولى..
ذهب عقلها ببحر من الذكريات متذكرة ليلة طلاقها..
فلاش باااااك...
سقط جسدها المزين بفستان قصير من الستان الأسود على أرضية الغرفة بين الورود، فكان اليوم عيد زواجها الأول فعلت كل شي ليكن الأمر رائعا خالدا بالذاكرة وبالفعل سيظل خالدا، ألقى عليها جملة ظلت دقيقة كاملة تحاول فهمها :
_ أنتِ طالق..
شعور غريب لم تتخيل بأبشع كوابيسها أن تشعر به، جسدها ينتفض من البرودة رغم حرارة أغسطس من حولها، قلبها يضعف وقدرتها على التنفس تقل مع نغزة سامة بمنتصف صدرها، أطرافها بدأت تفقد شعورها بهم، أمر مرعب غير مفهوم، خرج صوتها مثل الغريق الذي يلفظ جملته الأخيرة :
_ ليه؟!..
كانت إجابته الأصعب، لو لم يحبها يوما وكان يلعب بها هل قلبه أيضا خالي من القليل من الرحمة؟!.. نبرته أهانتها :
_ تقبلي تبقي نمرة اتنين؟!..
حركت رأسها برفض لتلك الفكرة وهي غير واعية لما يحدث حولها ليقول بهدوء :
_ ولا أنا أقلبها عليكي يا فيروز أنتِ بالنسبة ليا أغلى من كدة بكتير، عايزك تنسى السنتين اللي فاتوا من حياتك وتبدأي من جديد، كل حقك هيوصل لك..
تركها وذهب أو ربما يكون فر من المواجهة، ظلت ثلاث ليالي بعد تلك الليلة تجلس كما هي دون طعام أو شراب تدلف للمرحاض وتعود بعدها بمحل جلوسها، على أمل عودته على أمل أن يضمها ويعتذر، فاقت عندما أتت إليها والدتها تأخذها مردفة :
_ أنتِ قاعدة هنا بتعملي إيه إبن أبو الدهب فرحه الليلة..
انتهى الفلاش باااااك..
_ تفتكري عطر هترجع يا فيروز..
خرجت من دوامة ذكرياتها على صوت هادية، تنهدت بتعب مردفة :
_ متخافيش عليها عطر بمية راجل وهترجع..
شهقت هادية بقهر :
_ هما ليه بيعملوا فينا كدة عشان إحنا غلابة من غير راجل الراجل ده وعياله شياطين..
فيروز :
_ نطمن على عطر وهنسيب إسكندرية كلها ليهم ونمشي..
صمتت هادية وهي بداخلها رغبة ترفض الهروب بتلك الطريقة، ترفض الهزيمة والخسارة من تلك العائلة، أغلقت عينيها تحسم قرارها بداخل اللعبة مع الإبن الأصغر ومن هنا ستبدأ حرب من نوع خاص..
_____ شيماء سعيد _____
بمحل وجود عطر ونوح، فزعت من سقوطه أمامها، أمسك برأسه وهو ينظر لها بذهول، كيف للعبته الرقيقة ان تخرج من تحت جناحه وتتجرأ عليه؟!.. اشتد عليه الألم ليغلق عينيه مردفا بتقطع قبل أن يقفد الوعي :
_ نصيحة مني تهربي قبل ما أفوق لك..
انهارت ببحر من الخوف منه وعليه، اقتربت منه بخطوات مترددة لتجلس بجواره على الأرض مردفة ببكاء :
_ نوح فوق أبوس أيدك كل ده من فازة أمال لو رشيت عليك مياة نار هيحصل إيه، فتح عينك أنا خايفة..
ارتخاء جسده أسفلها جعلها تنتفض، جذبت خصلاتها ولم تجد أمامها حلول، نطرت إليه بقلة حيلة قائلة :
_ قوم يا حبيبي أنا من غيرك أموت يا نوح..
ببريق من الأمل سحبت هاتفه الساقط بجواره لتحمله وتقوم بالاتصال على والدتها مردفة :
_ ماما أنا عطر..
قدرت ثريا أخيراً أخذ أنفاسها، ردت عليها بنبرة ملهوفة :
_ أنتِ فين يا قلب أمك قوليلي هكون عندك..
ارتفعت شهقاتها وهي تكتم دماء رأسه بكفها مردفة :
_ نوح بيموت يا ماما أنا ضربته ومش عارفة أعمل إيه..
جاء إليها صوت والدتها القوي وهي تقول :.
_ سبيه واهربي..
حركت رأسها بذهول :
_ مستحيل أسيبه يموت..
أغلقت الخط وقامت بالاتصال على الإسعاف، رغم خوفها من السجن إلا أنه عندها أهم بكثير، ضمته لصدرها وقبلت رأسه عدة مرات هامسة :
_ متخافش يا حبيبي الإسعاف جاية، خليك معايا يا نوح أنا ريحة قلبك زي ما بتقولي على طول...
_____ شيماء سعيد ______
بالحي..
دلف فريد إلى محل والده لأول مرة منذ طلاقه لفيروز، وجد كمال يجلس بهدوء وبيده بعض الحسابات، ابتسم فريد على والده وقال بمرح :
_ ولا كأن في مصيبة بتحصل قاعد على المكتب برنس..
ترك كمال ما بيده وضحك مردفا :
_ أخيراً دخلت المكان هتفضل خايف من بنت ثريا لحد أمتا؟!..
جلس على المقعد المقابل للمكتب وقال :
_ عيب عليك يا كبير هو أنا وش خوف برضو، ها ناوي تعمل إيه في إبنك جلاب المصايب..
أجابه كمال وهو يرتشف فنجان القهوة بلذة :
_ الواد نفسه في البت وأمها دماغها جزمة، يبقى اللي مايجيش باللين ييجي بالشدة، نوح ملوش في الحرام البت هترجع سليمة يضمن وجودها معاه مش أكتر..
حرك فريد رأسه بمعنى لا فائدة، بعدها نظر بطرف عينه للشارع أمامه، وجدها تسير بخطوات سريعة وكأنها تركض خلف أحد، قام هو الآخر وذهب خلفها ليقول كمال بسخرية :
_ وقال عيب عليك يا كبير، الواد ده واخد قلب أمه مش زيي لأ..
بالخارج وقف فريد أمام فيروز يمنعها من تكملة طريقها، رفعت وجهها إليه ويا ليتها لم تفعل، سنوات حياتها وهي مخدوعة بحب أعمى قلبها عن الحقيقة، أرتفع صدرها وهي تحاول كتم أنفاسها، أما هو كان منبهرا من جمالها الذي يزيد كل يوم، مشتاق للمسة شفتيها، لتمرير يده على جسدها الناعم، ليكن صريحا كان يهرب من رؤيتها وها هو يقف أمامها متلهفا، حلت بعينه من جديد، يريدها ليطفئ تلك النيران التي أشتعلت بجسده، شهر واحد فقط بين أحضانها يرتاح قليلا ويأخذ أكبر قدر من الطاقة وبعدها يعود لحياته وزوجته..
سألها بنبرة حانية :
_ أخبارك إيه يا فيروز..
بداخلها غل لو خرج من قلبها لحرقته، ردت عليه ساخرة :
_ أحسن منك ومن عيلتك كلها..
معذورة لذلك تحدث بهدوء :
_ وحشتيني يا فيروز..
طوال حياتها معه وهي بين يديه مثل قطعة البسكويت يفعل بها ما يشاء، لأول مرة يراها بتلك القوة و الكره، عنيفة هي ولكن كل هذا غير مهم يكفي أنه مستمتع :
_ وحشك قطر لما يلهفك أوعى من طريقي..
مسك كفها سريعاً يمنعها من الذهاب لتنظر إليه بحدة محاولة الإبتعاد عنه، زاد من ضغطه على كفها مردفا بوقاحة :
_ أحلويتي بقيتي شبه الكريم كراميل، وأنا بصراحة بضعف قصاد الحلويات..
_ بطل أسلوبك ده، الجو ده خلاص شبعت منه أبعد من طريقي بدل ما ألم عليك الناس كلها..
بالفعل ابتعد وغمز لها قبل أن يعود لداخل محل والده :
_ فوق الجمال كمان شراسة يا بت الموضوع بنا هيبقى محتاج المطافي... الواحد بدأ يتحمس..
______ شيماء سعيد _____
بغرفة هادية..
أغلقت على نفسها الباب بإحكام وهي تفكر وتفكر حتى جذبت هاتفها من فوق الفراش وبدأت في البحث عن صفحة خاطر الخاصة على الفيسبوك، وجدتها ومن هنا شعرت بالقليل من القلق قبل أن ترسل إليه طلب صداقة..
أغلقت بعدها الهاتف وألقت جسدها على الفراش، أولاد أبو الدهب لابد لهم من لعنة حب تصيبهم كما أصابت فيروز وعطر..
______ شيماء سعيد _____
بمنزل خاطر وصلت سيارة الإسعاف لتحمل نوح، تمسكت عطر بيده أكثر وقالت من بين شهقاتها :
_ عايزة أروح معاه أنا مستحيل أسيبه لوحده..
أومأ إليها الطبيب وسألها بهدوء :
_ هو حصل فيه إيه؟!..
أبتلعت ريقها بخوف، لو قالت الحقيقة ستؤخذ للسجن، أزالت دموعها بطرف أكمامها مردفة بنبرة مترددة :
_ الفازةوقعت على دماغه من غير ما يأخد باله..
نظر الطبيب لهيئتها بشك ورد :
_ طيب يلا..
مرت ساعتان على وجودها معه بقلب المشفى، تجلس على المقعد المقابل للفراش الخاص به تبكي دون حديث، لم تتخيل أن تفعل بحبيبها هذا ولكنها كانت مجبرة، نوح غيرته أعمت قلبه وكان سيصل بها للنهاية، رفعت كفها المترجف وبدأت تمر به على ذقنه بحنان، سقطت دمعة منها على كف يده مردفة :
_ حقك عليا، أو حقي عليك، بصراحة مش عارفة مين فينا اللي مفروض يعتذر من التاني يا نوح بس صدقني أنا مكنش عندي حلول تانية...
تقريبا سمعها، بدأ مفعول المخدر يذهب منه بالتدريج حتى وصل لأرض الواقع مرة أخرى، فتح عينيه ورآها بجواره باكية ليرفع يده ممرا أحد أصابعه على خدها الأحمر المتوهج من انفعالها، همس بتعب :
_ اشششش مش عايز أشوف دموعك انتِ عارفة هي غالية عليا ازاي..
أومأت إليه عدة مرات بابتسامة متلهفة :
_ عارفة عارفة يا حبيبي، سامحني يا نوح بس أنت وقتها وضعك مكنش طبيعي خالص..
ابتسم إليها قائلا بتعب :
_ كنت زي المجنون عايز بس أثبت لنفسي إنك ليا ومش هتكوني لحد تاني، لو حد المفروض يطلب السماح هيبقى أنا يا حبيبتي مش أنتِ..
عضت على شفتيها بخجل مع قوله لكلمة حبيبتي، نوح قادر على أخذ روحها من بين ضلوعها من مجرد كلمة صغيرة تخرج من فمه، تحبه وتعترف أنه نقطة ضعفها الوحيدة، أزالت دموعها سريعاً وقالت :
_ أنا مش زعلانة منك بس خوفت أوي يا نوح، أرجوك مش عايزة أشوف منك الوش ده تاني خليك دايما نوح حبيبي..
ضحك بمرح مردفا :
_ ده وش الغيرة يا قلبي مش عايزة تشوفيه اياكي تثيري غيرتي عليكي..
أومأت إليه بطاعة وقبل ان ترد دق باب الغرفة ليأذن نوح للطارق بالدخول، دلف أحد الضباط مردفا :
_ المستشفى بتقول إن اللي حصل لحضرتك بفعل فاعل، عايزين نفتح محضر لو حابب تتهم حد..
رد نوح بتعب :
_ الآنسة عطر هي اللي عملت كدة وأنا فعلاً عايز أفتح محضر لأني مش هسيب حقي..
_____ شيماء سعيد _____
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
الفصل الرابع
#الفراشة_شيماء_سعيد
#أبو_الرجالة
بمحل أبو الدهب..
دلفت ثريا وهي لا ترى أمامها، أعصابها منهارة منذ إتصال عطر بها ومعرفتها بالقبض عليها، تلك الحمقاء لو كانت هربت مثلما قالت لها لفرت من براثن تلك العائلة، رآها كمال ليشير للعمال بالخروج وأغلق الباب خلفهم، عاد الي مقعده وأخذ رشفة من فنجان القهوة مردفا :
_ طول عمرك ماشية جنب الحيط ومش بتحبي الفضايح جاية لحد باب المحل كدة عادي ومش عاملة حساب للناس.؟!..
صرخت وهي تجذبه من فوق المقعد من مقدمة ملابسه :
_ عشان بناتي أنا أدخل جهنم يا إبن أبو الدهب، اخلص ويلا بينا على القسم..
رفع حاجبه متعجبا ومعجبا للذاذة تلك المرأة وكلما اقترب منها خطوة يود الغوص بداخلها أكثر وأكثر، وضع يده على يدها ثم وضعهما خلف ظهرها مردفا :
_ عيب في حقي لما ايدك تترفع على رقبتي في المحل، استني لما نروح عشان برستيجي..
رغم جبروته وبروده إلا أن دمعتها أمامه قاتلة، سقطت دمعة مقهورة من عينيها، ونظرت إليه برجاء واضح مردفة :
_ خلي عندك شوية رحمة يا كمال وانا عندي أستعداد أعمل لك أي حاجة بس يلا نروح القسم..
رفع أحد أصابعه وأزال دمعتها، لأول مرة سيقف أمام أحد من أبنائه ومن أجل من؟!.. ثريا.. تنهد بهدوء ثم ابتعد عنها قائلا بقوة :
_هخلي الواد يرجع البت يا ثريا ويتجوزوا قدام الحي كله من غير كلام كتير، أما موضوع القسم ده فأكيد أنا مش هروح معاكي أبلغ عن إبني ولا هسمحلك تعملي كدة..
يحلم، يستحيل أن تبقى معه بنفس المكان، تطمئن على ابنتها وبعدها ستأخذهم وتفر بعيدا، مسحت على وجهها قائلة بتعب :
_ أنا مش عايزة أبلغ عن ابنك يا كمال بس قليل الأصل بلغ عن البت وقال إنها فتحت دماغه، بنتي لو نامت ليلة واحدة في الحجز أنا عندي استعداد أفتح كرشه وكرشك أنت كمان، اللي زيك مكنش ينفع يخلف كان المفروض تتوئد أو ما اتولدت..
صدم من فعلة نوح ولكنه فهمها، ماكر ومكره هذا ورثه منه، ضحك بصوت عالي وهي تسبه دون أن تخشى موقفها، عاد خطوة للخلف مع رؤيته للغدر بداخل عينيها وأشار إليها محذرا :
_ اياكي تقربي مني أنا لحد دلوقتي مش عايز أستخدم معاكي العنف..
ردت بقوة :
_ لأ استخدمه..
عدل من موضع ملابسه ورد بكبرياء وهو يخرج من باب المحل :
_ نحل مشكلة البنت بدل ما تنام على البرش وبعدين نتصرف مع بعض..
____ شيماء سعيد ______
بعد عشرة دقائق نزلت هادية من منزلها، ربما ما تفعله خطأ كبير ولكنها أخذت أول خطوة وانتهى الأمر، مرت بخطوات واثقة من أمام المحل الجالس به خاطر، ألقت عليه نظرة سريعة وابتسامة بها الكثير من الدلال..
أخذ الأخر نفسا متلذذا من رائحة عطرها وقام من مكانه ذاهبا خلفها، مرت من أمام العمارة الخاصة بعائلة أبو الدهب، حدقت بالمكان ساخرة يبدو على المنزل من الخارج كأنه قصر ومن الداخل مقبرة انتهت بها حياة فيروز وعطر..
سقط قلبها أسفل قدميها بفزع وهي تشعر بيد تجذها لداخل عمارة أبو الدهب، كتم خاطر صرختها بيده الأخرى ووضع جسدها بينه وبين الحائط أسفل السلم، حدقت به بفزع وعينيها تدور بالمكان تبحث عن مخرج لها، أما هو كان بعالم آخر أتلك الجميلة كانت أمام عينيه طوال السنوات الماضية وهو يبحث بالخارج، أحمق!! ربما كان أحمقا أما الآن فاهي بين يديه ولن يتركها، أقترب من أذنها لتدلف رائحة عطرها إليه تسكره، لا يصدق أن هذا العطر مجرد مسحوق للغسيل ممزوج برائحة جسدها الناعم، أخذ أكبر قدر من الرائحة هامسا بنعومة :
_ اهدي هشيل أيدي ونتكلم كلمتين وهتمشي مافيش داعي للصريخ والفضايح..
أومأت إليه عدة مرات وهي كل ما تريده الخلاص، سحب كفه لتأخذ نفسها المكتوم براحة، وضعت كفها على صدرها تحاول التحكم بتلك الدقات، لا تصدق أرسلت إليه طلب صداقة الأمس ورفضه اليوم يفعل هذا؟!..
اتسعت ابتسامته مردفا :
_ شاطرة كدة بقى نعرف نتكلم..
أبتلعت ريقها بتوتر وأشارت إليه بالابتعاد قائلة :
_ هو أحنا هنتكلم في إيه حضرتك ميصحش كدة لو سمحت ارجع خطوة لورا..
غمز إليها بمكر قائلا :
_ يا بت أطلعي من دول ده أنتِ عينك هتطلع عليا، وبعدين بدل ما نتكلم على الفيسبوك ما نختصر على بعض الطريق..
اللعنة، كيف لم تفكر بتلك النقطة فهو ابن أبو الدهب كتلة من الوقاحة مثل باقي العائلة الكريمة، رسمت على وجهها التعجب قائلة :
_ إيه اللي حضرتك بتقوله ده، طلب الصداقة ضغطت عليه بالغلط لما طلعت ليا في الاقتراحات، عن إذنك لازم أمشى..
وضع يده على ذراعيها يمنعها من الحركة قائلا بهمجية :
_ مهو كل حاجة حلوة أولها غلطة، هطلق الزفتة اللي على ذمتي ونعيش بقي يا جميل..
تحولت، سقط عن وجهها قناع البراءة، نظر إليها منبهرا بحركة يديها حول خصرها وعينيها التي تحول لونها، ردت عليه من بين أسنانها وقالت :
_ مالك فخور أوي إنك ناقص تربية كدة ليه؟!.. وسع من وشي..
ضحك بلذة، هذا ما كان ينقصه بكل علاقاته المرح، تلك الفتاة لذيذة وكأن ثريا وبناتها عصير كوكتيل ممتعة، وضع يده على يديها مردفا :
_ شكلك غيرانة، بس متخافيش هطلقها وبعدها هلزق فيكي لحد ما نجيب كمال الصغير..
تركها وذهب ، ذهب هو ولعنت نفسها على غبائها، ثواني معدودة وابتسمت بخبث مردفة :
_ طيب وماله ما ده اللي كنت برسم عليه من الأول وهو كتر خيره سهل عليا المشوار أوي، قال عايز كمال الصغير ومش لما كمال الكبير وعياله يتربوا الأول، على أيدي هقطع النسل المعفن ده...
____ شيماء سعيد ______
بقسم الشرطة دلفت ثريا لمكان ابنتها متلهفة لتجد نوح يجلس بالخارج وضعا ساق على الآخر يتابع ما يحدث مثل نشرة الأخبار، أقترب منه كمال مردفا بقلق :
_ إيه اللي عمل في دماغك كدة أنت كويس؟!..
رد نوح ساخرا :
_ كويس ايه بس يا أبو الرجالة البت عملت عليا، فخور بيها أوي تربية أيدي..
ردت عليه ثريا بهجوم :
_ بقى عامل نفسك بتحبها وأنت عايز تحبسها يا بحج..
نظر لوالده ثم لها قبل أن يقول بخبث :
_ ما تلم المدام يا حاج كمال بدل ما البنات يعرفوا ووقتها هيبقى شكلك وحش خالص يا مرات أبويا..
حديثه هزها من الداخل، عاجزة عن قول أي كلمة وهي تعلم جيدا إنه يفعلها، كيف ستقف أمام بناتها وتقول إنها زوجة سرية لكمال أبو الدهب، رمقها كمال بطرف عيناه ولأول مرة ينصرها مردفا بقوة :
_ وعشان هي مراتي فهي في حمايتي يا نوح أتكلم معاها بأدب، ويلا روح اتنازل عن التخلف ده أنت عارف عطر مش هتقدر تقعد هنا ساعة كمان..
أوما إليه الاخر بأحترام وهذا نارد ما يحدث، ثم نظر لثريا قائلا :
_ هنخرج كلنا من هنا بس بشرط صغير خالص..
ردت عليه بنفاذ صبر :
_ ما تخلص بقى أنا مش عارفة إيه اللي بيحصل لبنتي جوا..
_ المأذون على وصول نكتب الكتاب ونعيش مع بعض بالحب والا نجيب عيش وحلاوة؟!..
بعد أقل من ربع ساعة بغرفة الضابط صديق فريد جلس نوح وبالمقابل له كمال والمأذون بالمنتصف لتتم مراسم عقد القرآن بين نوح وعطر، اردف المأذون جملته الشهيرة ليقوم نوح من مكانه بسعادة يضمها إليه مردفا :
_ ألف مبروك يا مدام نوح أبو الدهب..
تفاجأ منها عندما أزاحت يده بعيدا عنها بنفور قبل أن تلقى عليه نظرة مبهمة وتذهب لتقف بجوار والدتها مردفة :
_ مش أنت عملت اللي في دماغك أنا هعمل اللي في دماغي يا أبن أبو الدهب، مش هروح معاك في حتة وخلي الورقة اللي معاك تنفعك..
_ ورقة مين يا بت ده أنا قتيل الدخلة أمشي معايا بالذوق..
لا تنكر خوفها من ملامح وجهه الا إنها وضعت يدها بيد ثريا لتشعر بالأمان والقوة مردفة :
_ مش ماشية..
نظر إليها بخبث قبل أن يأخذها من يد ثريا واضعا أياها فوق ظهره ونظر للضابط صديق شقيقه :
_ الا قولي يا غالي مفيش أوضة فاضية ندخل فيها ونخلي الدخلة ميري..
_ في طبعا.. هو أنا عندي أغلى منك يا نوح..
______ شيماء سعيد ____
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
التفاعل مش حلو عايزين نتفاعل بقي عشان نكمل
الفصل الخامس
#الفراشة_شيماء_سعيد
#أبو_الرجالة
بعد شهر..
بالمشفى الخاصة بفريد..
كان يقف أمام شرفة مكتبه يتابعها وهي تخرج من الباص الخاص بالأطباء بملامح غاضبة، أخذت تعدل من موضع نظارتها الطبية أكثر من مرة بحركات متوترة، مازالت كما هي تهرب خلف نظارتها عند توترها وغضبها، ابتعد عن الشرفة وهو يضع يديه بداخل جيب بنطاله مردفا :
_ مكنتش عامل حساب الرجوع يا بنت ثريا بس أحلويتي في عنيا من جديد..
عاد ليجلس على مكتبه ثم رفع سماعة الهاتف الأرضي وقام بالاتصال على السكرتير مردفا :
_ في دكتورة إسمها فيروز حمدي مع الدكاترة الجديدة عايزها عندي حالا..
وضع السماعة محلها وبعدها سند ظهره على المقعد بكل أريحية، أغلق عينيه ودار بالمقعد ليعطي ظهره للباب وبدأ يعد واحد.. إثنان.. ثلاث.. ثلاثون.. دلفت هي بخطوات متوترة من مقابلة مديرها الجديد، خائفة من فشلها وهي أخيراً وجدت تلك الفرصة التي بحثت عنها سنوات، أغلقت باب المكتب الزجاجي خلفها واقتربت من المكتب بخطوات بطيئة، انتظرت أي رد فعل منه ولكن بلا فائدة، تنحنحت مردفة بنبرة منخفضة :
_ أنا دكتورة فيروز يا دكتور، بيقولوا حضرتك طلبتني..
توقعت شكل رجل وصل لمركز مدير مشفى بتلك الفخامة بأن يكون قصير القامة، أصلع، لديه بطن كبيرة، ومن المؤكد يكون تخطي السبعين عاما، سقطت تخيلاتها من دوران المقعد وظهور فريد أبو الدهب أمام عينيها.
قابلها بابتسامة مشرقة، لولا خطورة ما يريده لقام الآن وأخذها بين أحضانه، أبتلعت ريقها بذهول مردفة وهي تشير إليه :
_ أنت بتعمل ايه هنا؟!..
أجابها وهو مفتون بجمالها، ليكون صريحا زوجته الحالية أجمل بكثير من فيروز ولكن فيروز ساحرة قادرة على جذبه إليها من نظرة عين :
_ ما أنا المدير هنا المستشفى دي بتاعتي..
صرخت به :
_ لما هي بتاعتك طلبت من دكتور صفوت ليه يجيب لك دكاترة ووافقت على طلب تعييني هنا في المستشفى؟!..
قام من على المقعد وذهب ليقف أمامها، أخذ خصلتها الموضوعة امام وجهها ووضعها خلف أذنها ثم سحب نظارتها بين أصابعه مردفا :
_ قولتلك ألف مرة مش بحب حاجة تحجز عينيك عني..
حاولت جذب النظارة وهي تقول بعصبية :
_ بطل بجاحة وهات النضارة وبعدين أنا سألت سؤال وعايزة عليه إجابة..
وضع النظارة في فتحة قميصه وأشار إليها بخبث :
_ اللي عايز حاجة يمد ايده ياخدها أنا معنديش مانع، اعملي زيي لما حسيت إنك وحشتيني جبت للمستشفى فريق طبي كامل عشان بس تبقى معايا عرفتي طلبتك من صفوت مخصوص ليه؟!..
تفاجأت من رده ورفعت عينيها إليه ثم قالت بذهول :
_ طلبتني عشان وحشتك؟!..
أومأ إليها ببساطة قبل أن يبتسم على ملامحها، يعلمها أكثر من نفسها ويعلم أن الفأر وقع بالمصيدة من جديد، وضع النظارة على وجهها بحنان قائلا :.
_ عايز أردك لعصمتي يا فيروز..
______ شيماء سعيد ______
بنفس التوقيت بداخل منزل كمال..
انتهت ثريا من ارتداء ملابسها ثم خرجت من الغرفة لتجده بداخل المطبخ يقوم بعمل فنجان من القهوة، ألقت عليه نظرة سريعة قبل أن تقول :
_ لازم أمشي دلوقتي الوقت أتأخر..
أخذ الفنجان وقام بوضعه على سفرة المطبخ مقتربا منها، أخذ نفسا عميقا وطبع قبلة هادئة على وجهها هامسا :
_ ماليش مزاج تمشي خليكي في حضني النهاردة..
أزاحته بعيدا عنها، كل لحظة تقضيها معه بهذا المنزل تشعرها بالاختناق، إهانة بشعة تعيش بداخلها مع كل لحظة تمر عليها وهي بين أحضانه، بللت شفتيها بطرف لسانها ثم همست :
_ أنت عارف إنه مش هينفع يا كمال هقول للبنات كنت بايتة فين؟!..
زفر بضيق من تلك الحالة، هي ليست أول امرأة يتزوجها بتلك الطريقة ولكنها الوحيدة التي تزوجها رغما عنها، الوحيدة التي يرفض تركها رغم مرور أكثر من عامين على هذه الزيجة، عاد خطوة للخلف وضرب الطاولة بكل قوته لتسقط أرضا بكل ما عليها مع فنجان قهوته صارخا :
_ بقولك ايه الطريقة دي مش نافعة لما أقولك عايزك يبقى عايزك ولازم تفضلي، تصرفاتك زي العيلة الصغيرة اللي بتهرب من الإبرة بكل الطرق في إيه يا ثريا؟!...
قوية ثرياولكن أمام هذا الرجل بنظرة واحدة من عينه يسقط قلبها أرضا، ضمت نفسها بخوف قبل أن تعود للخلف عدة خطوات، لاحظها هو ليجذبها سريعا بين يديه حتى لا تفر مثل العادة مردفا بغضب :
_ اياكي تتحركي من مكانك وأنا بتكلم معاكي، بتهربي ليه يا ثريا..
حركت رأسها بكل الاتجاهات حتى لا يرى دموعها إلا أن فات الأوان وانهارت باكية وهي تجيبه بنبرة متقطعة :
_ مش مش ب بهرب بس هقول للبنات أنا هنام فين طيب..
رق لها، رغم عشقه لملامحها البريئة ونبرتها المتوترة، يسعد جداً برؤية رجولته الطاغية عليها، امرأة مثل ثريا وقوفها أمامه بتلك الحالة انتصار عظيم له، ومع ذلك رق، رفض هزيمتها، رفع أحد أصابعه ليزيل دموعها مردفا بحنان :
_ هششش بلاش دموع مش بحب أشوفها، ولو على بناتك محلولة اطلعي مؤتمر أسبوع في أي مكان أو المدرسة تطلع رحلة وهناك هنكون سوا اتفقنا؟!..
حركت رأسها بقلة حيلة قائلة :
_ اتفقنا ممكن أمشي دلوقتي؟!...
تركها وعاد لإعداد فنجان قهوة جديد قائلا :
_ مع السلامة يا بيبي..
_____ شيماء سعيد _____
بالشارع..
مرت عطر من أمام محل أبو الدهب وهي عائدة من كليتها، نظرت لنوح الجالس على مكتبه بطرف عينيها وأبتعدت عن المكان بخطوات سريعة، أخذت نفسها براحة بعدما ضمنت عدم رؤيته لها، عشقها لنوح أصبح مثل اللعنة لا تعلم كيف تعيش بداخلها أو كيف تخرج منها..
دلفت لمنزلها ورفعت حاجبها بدهشة من هدوء المكان، قالت بصوت مرتفع :
_ ماما يا عيال أنتوا روحتوا فين؟!.. الله معقولة لسة محدش رجع، بس البت هادية مفيش عندها خروجات النهاردة راحت فين؟!...
دق باب المنزل لتبتسم بسخرية مردفة :
_ يا ريت كنت جبت سيرة مليون جنيه أهي جات، استني يا عبيطة أنا جاية أهو..
ألقت شنطتها على الأريكة الموضوعة بجوار المطبخ وفتحت باب المنزل، تجمدت مكانها بخوف وهي ترى نوح يقف بطلة كانت تخطف قلبها والآن تشعرها باقتراب الخطر، جاءت لتغلق الباب ليضع هو ساقه بحركة سريعة ثم دفعها للداخل وأغلق الباب عليهما مردفا :
_ شهر كامل مش عارف أتلم عليكي وأنتِ حلالي، أعمل فيكي إيه؟!..
عادت للخلف مردفة بتوتر :
_ امشي من هنا لو سمحت يا نوح أنا مش حابة أتكلم كفاية اللي حصل لحد كدة، ماما قربت تيجي وأنا والله مش عايزة مشاكل زيادة..
ضربها بخفة على رأسها بيد وبالاخري سحبها من خصرها لتثبت أمامه مردفا بسخرية :
_ ماما مين يا بت ما تظبطي كدة، الحاجة مش فاضية وراها شغل مهم خلينا في حالنا احنا...
نظرت إليه نظرة حزينة، عيناها قادرة على ارسال العتاب إليه أسرع من لسانها، وجعها كثيرا بالفترة الماضية حتى لو فعل ذلك من أجلها، عضت على شفتيها قائلة :
_ وهو فين حالنا ده اتكتب كتابنا في قسم البوليس وكنت عايز تدخل عليا من غير فرح زي باقي البنات، أنا طلعت قليلة في نظرك أوي يا نوح..
رأي دمعتها وهذا ما يكره رؤيته وضع قبلة حنونة على شفتيها ثم قبل عينيها هامسا :
_ أنتِ ست الكل في نظري والبنت الوحيدة اللي جوا قلبي، عملت كدة عشان أمك مجنونة وكنت عايز أضمن وجودك معايا، هعملك فرح اسكندرية كلها هتتكلم عليه لسنين قدام بس أضمنك يا بت..
تاهت معه بسحر حديثه المعسول ونظراته الحانية، قدر بكلمات بسيطة اقناعها بوجهة نظره، وبالفعل أرسلت إليه ابتسامة لذيذة تعبر عن ميول قلبها ثم ردت :
_ ما أنا دلوقتي مراتك يا نوح عايز ضمان أكتر من كدة إيه؟!...
رفع وجهها إليه بطرف أحد أصابعه وعينيه مركزة على شفتيها المهلكة بالنسبة له، أجابها بخبث :
_ كل ده على الورق وأمك فى أي لحظة ممكن ترجع في كلامها، أنا عايزك يا عطر وأوعدك هعملك الفرح اللي نفسك فيه بس سيبي قلبك يحركك اللحظة دي..
أومأت إليه وهي مغيبة، زوجها حبيبها بين يديها وطلب القرب وهذا بالنسبة إليها بالدنيا وما فيها، ستعيش تلك اللحظة وكأنها الأخيرة بحياتها وبعد ذلك يحدث ما يحدث..
شهقت بخجل عندما حملها مردفا بابتسامة :
_ أوضة النوم بتاعتك فين؟!..
_ هي اللي هناك دي..
أجابته وهي شبه مخدرة ثم سندت رأسها على صدره بعدها أشارت إليه على غرفتها مع أخواتها ليأخذها بكل صدر رحب للداخل ويده تمر على جسدها بطريقة مغرية ليلعب على الوتر الحساس لديها مغلقا الباب خلفهما بساقه.. وبداخله يعلن إنتصاره العظيم.
_____ شيماء سعيد _______
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺