" أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه"
نوفيلا هوس يامن بقلم سارة بركات الفصل الثالث حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
![]() |
نوفيلا هوس يامن بقلم سارة بركات الفصل الثالث حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
"نصمت كثيرًا، ولكن أعيننا تحمل الكثير من القصص والمعاناة"
تجلس بالفراش الذي إستيقظت به صباحًا منكمشة؛ فهي بذلك الوضع بعد أن إستغلت إنشغاله بالمطبخ وعادت للغرفة لتطمئن أنه لن يفعل شئ أثنا تحركها، كانت تتجاهل النظر إليه؛ بينما هو جالسٌ على أرضية الغرفة الباردة مستندًا بجسده على الباب وينظر إليها بأعين تحمل الحب والشوق، يريدها أن تشعر به، تشعر بحبه لها .. كيف لا تفعل وهو من فهمها دونًا عن الجميع؟
كانت شاردة تفكر كيف تهرب من هنا وتعود لوالديها ولكنها إستفاقت من شرودها على صوته الهادئ..
"تعرفي إنك حلوة قوي."
أغمضت عينيها بتقزز وتجاهلته وتتمنى لو يختفي من أمامها الآن؛ فهي لا تٌطيق وجوده .. تنهد "يامن" ثم شرد قليلًا وتحدث بهدوء وهو ينظر أمامه..
"تعرفي إن أنا وإنتِ شبه بعض."
لم تنظر إليه وظلت على وضعها ..
"أنا وإنتِ قصتنا شبه بعض الفرق في سير الأحداث، مرينا بحاجات كتير صعبة بس بعدها بدأنا ندور على الحرية عشان كان عندنا أمل، إنتِ سبتي النهاية مفتوحة وقررت إني أكمل النهاية دي بوجودي معاكي."
ظلت ساكنة لا تتحدث، تنهد ثم إستأنف حديثه ..
"نفسي أعمل أي حاجة المهم إني أشوف ضحكتك."
تأففت ورفعت رأسها ونظرت إليه ..
"إنت مريض نفسي، وأنا مش قادرة أستحملك أكتر من كده، ياريت تسيبني أمشي هنا، مش قادرة أفضل هنا دقيقة واحدة، وبعدين إزاي كنت بتقول إنك مش عايزني أعمل حاجة غصب عني طالما هتضرني، أنا وجودي معاك بيضرني، أنا محتاجة أرجع لأهلي."
"فيروز......"
قاطعته بصراخ وإنفعال ..
"عهد ... ده إسمي، وإياك تنطق الإسم التاني ده مرة تانية."
صمت قليلًا ثم أردف بهدوء كأنها لم تصرخ بوجهه..
"بالنسبة للنقطة إللي بتتكلمي فيها، وجودك معايا ده مش بيضرك، بالعكس هو بيفيدك، وأنا مش هسيبك غير لما أرسم الضحكة على وشك، وأخليكي سعيدة وكل ده هيكون معايا أنا وبس."
كادت أن تتحدث ولكنه إعتدل من جلسته وتوقف على قدميه، إنكمشت أكثر خوفًا من أن يقترب منها ويؤذيها ولكنه فاجأها بحديثه ..
"أنا هسيبك دلوقتي، أكيد أعصابك تعبانة إنتِ محتاجة ترتاحي شويه."
خرج من الغرفة دون أن يعطي لها فرصة بالحديث وسمعت صوت باب الشقة يغلق، نهضت من الفراش راكضة لخارج الغرفة وحاولت فتح باب الشقة ولكنه من الواضح أنه أغلقه بقفل من الخارج .. جلست أرضًا مستندة على الباب تبكي بقهر، تتمنى لو تعود لوالديها، لقد إشتاقت لهما كثيرًا.
يقف والدها أمام الضابط الذي يقوم بتسجيل محضر إختفائها فالآن قد مر أربعة وعشرون على إختفائها يدعوا داخله أن تكون إبنته على ما يرام ..
"هنحتاج إبن عمها لإنه آخر واحد كان معاها وقتها."
هز أحمد رأسه بصمت وقام بالضغط على بضعة أزرار على هاتفه وهنا ظهر رقم أخيه "حسن" .. وبعد عدة رنات رد "حسن" بضيق ..
"عايز إيه يا أحمد؟ مش كفاية إللي قولته لإبني؟؟"
أردف أحمد متجاهلا حديثه؛ فالأكيد أن أخيه قد علم بإختفاء "عهد" وعلى الرغم من أنها إبنة أخيه لم يتصل ليطمئن عليه ويقف بجانبه ..
"تِجيلي إنت وإبنك القسم دلوقتي."
وأغلق الهاتف بوجهه ثم أرسل له العنوان الذي يوجد به وبعد مرور وقت بسيط كان "حسن" وإبنه "حمزة" يقتربان من "أحمد" الذي ينتظرهما بوجهٍ متجهم.
أردف أخيه بضيق:
"إيه إللي عملته ده يا أحمد عايز تفضح بنتك؟"
لم يستوعب "أحمد" مايقوله أخيه له، وما أذهله أكثر ما تفوه به ..
"إنت عايز الناس تعرف إنها هربت مع واحد."
نظر أحمد بشرٍ نحو حمزة وكاد أن يقترب منه ليقوم بضربه ولكن مامنعه أخيه ...
"إهدى يا أخويا، إلغي المحضر إللي إنت عامله وإحنا هندور عليها بمعرفتنا وحمزة إبني موجود وهعتبر إنك ماقولتلوش حاجة، هيصلح غلطتها."
"كلمة زيادة لو نطقتها تاني يا حسن يبقى ماتعرفنيش تاني ولا هعتبرك أخويا الكبير أنا ساكت إحترامًا ليك، أنا بنتي محترمة ومتربية وعمرها ماتعمل كده أبدًا، وأكيد إبنك المحترم هو إللي قال كده لإن الأستاذ كان آخر شخص معاها وسابها في الشارع لوحدها؛ فبيبرر عدم رجولته في إنها هربت مع حد، أنا ماجبتكوش هنا عشان تقفوا جنبي أنا جبتكم هنا عشان محتاجين ياخدوا أقوال البيه إللي إسمه خطيبها ويا عالم ممكن الشكوك تكون عليه أصلا، بس أنا عشان أصيل مارضتش أقولهم إني شاكك في إبن أخويا."
لم يتفوه بحرف آخر وتركهم ودخل ولحقوا به وبدأت إجراءات التحقيق.
لم تنم بل كانت مستيقظة حتى الصباح، كانت جالسة أرضًا مستندةً على باب الغرفة وظلت تنظر للنافذة التي بالغرفة والتي هي محاطة بقضبان حديدية تتذكر بالأمس بعدما تركها ذلك المدعو "يامن" ظلت تبحث في تلك الشقة عن مخرج لها ولكن مع الأسف كل النوافذ كانت محاطة بقضبان حديدية ويفصل بينها وبين تلك القضبان زجاج عازل للصوت، وعندما نظرت للخارج وجدت أنها بمنطقة فارغة لا يوجد بها أحد؛ فمستحيل أن يراها أحد لينقذها من ذلك الجحيم الذي وقعت به .. تتذكر عندما شعرت بالجوع الشديد أمس واضطرت لتناول الطعام الذي أعده ذلك الخاطف، ولدهشتها كان الطعام لذيذ، إنه يعلم كيف يقوم بإعداد الطعام جيدًا، تتذكر عندما ظلت تتفحص الشقة بالأمس شعرت بأن الجدارن تم طلائها حديثًا؛ كأنه تم تجديدها وغير ذلك لم تجد أي شئ قد يلفت إنتباها أو قد يساعدها للهرب من هنا نظرت حولها في الغرفة التي تجلس بها تتفحصها بعينيها ولكن لم يُلفت إنتباهها أي شيء .. تنهدت باستسلام وأخفضت بصرها أرضًا تحاول أن تفكر بمخرج من هنا قبل أن يأتي ذلك المخبول، ولكنها انتبهت عندما وقع بصرها على صندوق موجودٍ أسفل السرير بالغرفة.
اقتربت بتوجسٍ من ذلك الصندوق وأخذته من أسفل السرير وقامت بفتحه، كانت به اكسسوارات قديمة للنساء يبدو أن إحداهنَّ كانت تعيش هنا قبلها؟! .. تلك الفكرة أرعبتها بشدة! .. أين هي؟ هل هي بخير؟ هل ... هل قتلها؟! .. وهي تبحث بالاكسسوارات لمست يدها كُتيبٌ موجود أسفل تلك الاكسسوارات حملته بيدها وهي ترتعش وتطالعه .. يبدو أنه قد مر عليه السنين لقد كان يبدو على مظهره أنه كذلك، فتحته بتوتر ووقعت عينيها على خطٍ غير واضح .. أخطاءٌ إملائيةٌ كثيرة! .. يبدو أن من كتب داخل ذلك الكُتيب هو طفلٌ وليس إمرأة.
"ماما أنا خايف..."
اقشعر جسدها عندما بدأت قراءة المكتوب..
"بابا بيضربني كتير ومش عارف هو بيعمل كده ليه؟ .. حتى مراته اللي اتجوزها بعد مإنتِ روحتي عند ربنا بتشجعه على كده، أنا معرفش أنا عملت إيه؟ .. أنا كل اللي قولتهوله إني بحبه ومش عايزُه يبعد عني زي مإنتِ سبتيني لوحدي."
ظلت تقرأ ذلك الكٌتيب وهي تضع يدها على قلبها من المعاناة التي عاشها ذلك الطفل مع والده وزوجته ..
"أنا مش بخرج من البيت، بابا قافل عليا أوضتي وبيرميلي كتبي وأكلي عشان أذاكر .. بابا بيقولي لو ماجبتش الدرجات النهائية هيكون بموتك!، بابا بيضربني ياماما لما بنقص في الامتحان درجة واحدة"
أكملت قراءتها حتى ثبتت عينيها على جُملة آلمت قلبها.
"أنا عايز أجيلك يا ماما، مباقتش حابب أبقى مع بابا سمعت مراته وهي بتقوله دخل يامِن مدرسة داخلية أهو نرتاح منه، للدرجادي هما مش بيحبوني؟ خديني عندك ماتسيبينيش لوحدي."
هبطت عبرة من مقلتيها كيف يحدث كل ذلك لطفل كل ما أراده فقط هو أن يبقى والده بجانبه ليقوم بتعويضه عن فقدانه لوالدته؟! .. الطفل لم يُذنب تمامًا بل الأب هو المذنب في تلك القصة .. نظرت إلى الإكسسوارات الموجودة وتبقنت أنها تخص والدته .. آخر ماتبقى له من الذكريات.
انتبهت عندما سمعت باب الشقة يُغلق .. تحركت بهرولة من مكانها وأعادت الكتيب في الصندوق كما كان وقامت بإغلاقه وأخفته حيث كان وعادت تجلس أرضًا تضم نفسها تنتظر أن يقوم بفتح باب الغرفة طال انتظارها ولكنه بعد عدة دقائق قام بفتح باب الغرفة.
نوفيلا/ هوس يامِن.. بقلم/ سارة بركات
أردف بابتسامة:
"أنا شايف إنك أكلتي، أتمنى يكون الأكل عجبك."
لم تتحدث ولكنها قامت بإبعاد نظراتها عنه .. هي لم ولن تتقبل وجود خاطفها أمامها، تمقُتُه.
"فيروز."
أغمضت عينيها بقوة تحاول أن تتحكم في غضبها، أصبحت تكره ذلك الإسم أيضًا .. كرهت اليوم الذي كتبت فيه تلك الرواية! مريض!.
اقترب نحوها أكثر عندما لم تُجيبه وجلس أمامها أرضًا محاولاً أن يمسك بوجهها ولكنها انتفضت عندما حاول ذلك.
"إنت بتعمل إيه؟"
يامِن باستفسار:
"إنتِ لسه زعلانة مني؟"
لم تُجِبه تتمنى أن تغضب وتثور في وجهه ولكن مايوقفها طفولته التي قرأت عنها في ذلك الكُتيّب، ابتعدت عنه درجة انها التصقت أحد جدران الغرفة ونظرت نحوه بخوف ممزوجٌ بشفقة مُرّة.
اعتدل في مكانه وتوقف في الغرفة يطالعها يحاول أن يجد كلامًا يتحدث به معها، وأثناء تفكيره ذاك استغلت شروده وأسرعت لتخرج من الغرفة واتجهت نحو باب الشقة والتي مع الأسف تم إغلاقها بالقفل .. كانت تعتقد أنه من الممكن أن ينسى إغلاق الباب به ولكن خابَ ظنها.
تحدث بهدوء وهو يقف خلفها:
"أنا مش عايزك تمشي، مش عايز أبقى لوحدي."
التفتت تطالعه بهدوء وصمت لعدة ثوانٍ ثم عادت للغرفة التي كانت بها تحتضن جسدها وتنظر أمامها بشرود، فعل مثلما فعلت وجلس بجانبها وأردف بتفاؤل:
"مافيش مشكلة مع الأيام هتتعودي عليا."
مرت الأيام وظلت عهد حبيسة ذلك المُختَل، فقط تظل صامته وهو يطالعها بنظرات عشق لها، وفي ذات الوقت الشرطة تبحث عنها ولكنهم لم يستطيعوا الوصول إليها.
"أنا جبتلك أكل من بره أتمنى يعجبك."
كان يمسك بيده عدة حقائب بلاستيكية وهو يقف عند باب الغرفة ولكنها لم تُعيره أي اهتمام.
"أنا هستناكي بره، على ما تخرجي أكون جهزت الحاجة بره."
ثم تركها وخرج من الغرفة؛ أما هي فقد وضعت يدها على معدتها تتحسسها لأنها جائعة كثيرًا فرائحة الطعام شهية .. دقيقة ..دقيقتان .. ثلاثة .. لم تتحمل وخرجت من الغرفة ووجدته ينتظرها جالسًا على المائدة ينتظرها.
لمعت عيناها عندما وجدت البيتزا المفضلة والشهية بالنسبة إليها، اقتربت من الطعام بحرص وأمسكت بالبيتزا تأخذ قضمة منها.
"اقعدي يا فيروز"
لم تهتم للإسم وجلست بالفعل تتناول البيتزا الخاصة بها، كانت لذيذة كثيرًا.
"أنا سعيد جدا إنها عجبتك."
ظل يتابعها وهي تتناول البيتزا.
"عشان بس تعرفي إني عارف عنك كل حاجة، لدرجة إني عارف إنتِ بتحبي إيه وبتكرهي إيه وكل ده من الرواية بتاعتك اللي بتحكي فيها قصة حياتك."
تحدثت وهي تأكل:
"مبكرهش حد قدك."
اتسعت ابتسامته عندما تحدثت إليه كأنها أخبرته أنها تحبه مثلا، تعجبت من ابتسامته واللمعة التي ظهرت في عينيه تلك، وعادت تُكمل طعامها.
"لو جابة تكتبي أي رواية ليكِ أو أي فكرة جاتلك وعايزة تدونيها أنا ممكن أجيبلك أدوات تساعدك."
توقفت عن تناول الطعام وطالعته باستفسار.
يامن بتأكيد:
"أيوه اللي سمعتيه، مش حابب أسيبك كده، حاسس إنك محتاجة تعبري عن حاجات كتير جواكِ وأنا عارف إنك هتقدري تخرجي كل اللي جواكِ في الكتابة، يمكن تقدري تعملي رواية قوية."
تعجبت من طريقة حديثه تلك؛ فها هو يشجعها على الكتابة وليس مثل خطيبها الغبي الذي يُقلل دائمًا من هوايتها.
"من بكرة هيكون عندك أجندة وقلم تكتبي فيهم كل اللي إنتِ عايزاه."
هزت رأسها وعادت تُكمل طعامها بحرص متعجبةً من نتيجة حديثهما تلك.
في اليوم التالي:
كانت تطالع الكُتيب الجديد الذي أمامها والذي يوجد به قلم مُعلق به.
"تقدري تكتبي اللي إنتِ حباه."
أمسكت بالكُتيب والقلم وأخذت تفكر كثيرًا ثم طالعته بهدوء ..
تحدث بمزاح:
"بتبصيلي كده ليه؟ بتفكري تكتبي عني زي ماكتبتي عن نفسك؟ للدرجادي أنا مهم عندك!"
لم تُجبه ولكنه أكمل حديثه.
"فيروز"
تحدثت بهدوء شديد كأنها اعتادت على ماتعيشه:
"عهد .. اسمي عهد."
تنهدت بثقل ثم تحدثت بتلقائية:
"أنا مش في المود مش عارفة أكتب حاجة، ولا عارفة أكتب إيه أصلا."
يامن بعقلانية:
"اكتبي عن حاجة نفسك فيها واعمليها قصة."
ابتسمت كأنه قرأ أفكارها.
"مكنتش اتوقع إنكم الرجالة بتهتموا بالحاجات دي، اللي هي الهوايات عمومًا."
يامن بهدوء:
"أعتقد إن اللي ملهوش هواية يبقى ملهوش لازمة في الحياة دي."
طالعته لعدة ثوانٍ ثم تحدثت:
"وانت؟ هوايتك إيه؟"
نظر في عمق عينيها ثم تحدث بصوت دافئ:
"إنتِ."
آرائكم؟ توقعاتكم؟؟
هنتظر ريفيوهاتكم
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
تعليقات
إرسال تعليق