بسم الله الرحمن الرحيم
رواية وعود الليل الفصل الحادي عشر حتى الفصل الخامس عشر بقلم نداء علي
رواية وعود الليل الفصل الحادي عشر حتى الفصل الخامس عشر بقلم نداء علي
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
الإنسحاب عمره ما كان سهل، إنك تختار تبعد عن شخص، مكان أو شيء بتحبه، بتعشقه ده من أصعب الأمور، لكن أحيانا بيكون هو الحل الوحيد للنجاة لأن الإستمرار معناه موت أكيد.
حاولت تبعده عنها بكل قوتها مقدرتش، قوتها خانتها وهربت منها بسبب الخوف، وهو كان مغيب، مش مدرك ولا واعي إنه بيأذيها،
فاق وبعد عنها بعد ما غمضت عنيها باستسلام، فقدت وعيها بين ايديه، فتح عيونه برعب، شالها ونيمها بحذر على السرير، وقعد جنبها، جسمه بيترعش وحاسس بالبرد، راسه مصدع وكأنه هينفجر من الألم.
سابها ودخل اوضة مكتبه، دور على الحبوب، أخذ منها واحدة ولأن الألم فوق طاقته، أخذ حبة تانية وقعد على الكرسي، عاجز إنه يفكر أو ياخد قرار.
اما وعد، فتحت عينيها بعد دقايق، دورت عليه بعينيها ولما ملقتهوش جنبها بدأت تبكي بخنقة، فين وعودهم لبعض، فين حياتهم وسعادتهم، إزاي كل حاجة بقت غلط بالشكل ده، هتعمل ايه وتتصرف معاه إزاي بعد ما واجهته.
لما حس إنه بدأ يتحسن، جسمه اتخدر والحبوب بدأت تعمل مفعولها، اتنفس بارتياح وراحلها، لقاها بتبكي، قرب منها لكنها رجعت لبعيد بفزع، ابتلع ريقه بحزن واعتذر بأسف
سامحيني يا وعد، مكنتش في وعيي، أنا هروح لدكتور واتعالج بس خليكي جنبي واوعي تتخلي عني.
بصتله بأمل وسألت بتردد
بجد يا أمجد، هتتعالج!
أكد كلامه وقالها
لازم أعمل كده علشانك انتِ ويوسف. بس ياريت محدش يعرف حاجة، بلاش أصغر في نظر الكل، كفاية إني صغرت في نظرك.
ابتسمت بحب وقالتله
كلنا بنغلط، إحنا بشر، وانا معاك مش هسيبك يا أمجد، وأن شاء الله هترجع أحسن من زمان.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
بدأت الرحلة الحقيقية، رحلة بيتمنوا تكون سهلة، رحلة عاشق بيحلم بلحظة اللقاء.
مد ايده بزجاجة ماية باردة، خدتها منه بلهفة بعد ما العطش تعبها، شربت بسرعة وارتوت، مدت له الزجاجة وقالت بتردد :
تشرب!
شرب من غير ما يتكلم وبعد ما خلص، ابتسم وقالها
انتِ لسه عطشانة؟
كاريمان : لأ خالص، الحمد لله شربت كتير.
أكرم : أصل وانتِ بتديني الماية كنتي مترددة.
كاريمان : يعني، في ناس بتقرف،ممكن متحبش تشرب مكاني.
أكرم كان مركز بصره على شفايفها وهي اتوترت وقالت
بص قدامك يا أكرم
ضحك بقوة وقالها بصوت هامس
يعني بذمتك مش الطبيعي إني اشتري زجاجتين ماية، إلا إذا كنت بخيل طبعاً، وانا والله مش بخيل، بس كان نفسي اشرب من نفس المكان، مكان شفايفك.
كاريمان : يوه بقى، على فكرة شكل الحر أثر عليك.
أكرم : اه والله، أنا حالتي خطر ولازم نتجوز بسرعة
ضحكت كاريمان وقالت بتفاؤل
ان شاء الله ربنا ييسر ونشتغل علطول وبعدها كل حاجة هتبقى تمام.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
كان بيشرب الشاي وعقله شارد في اللي بيحصل والكلام اللي بيسمعه، مش قادر يصدق ويمكن رافض يصدق لأنه مسؤول بشكل كبير عن مصير بنته.
سألته مراته بتعجب
مالك يا ممدوح، بقالك كام يوم حامل الهم وبالك مشغول، حصل حاجة ياخويا.
ممدوح : هي البت وعد مجتش يا سعاد، بقالي كتير مشفتهاش.
سعاد : والله ما عارفة حصلها إيه، البت دي انظلمت، كانت زي البدر، شايف بقت عاملة إزاي، دي الضحكة مكنتش بتفارقها، ياحبة عيني اتغيرت، دبلت من يوم ما اتجوزت.
ممدوح حرك رأسه بموافقة وسكت، سعاد قلقت من سكوته، عادته إنه يدافع عن أمجد وأهله، إيه اللي جد وخلاه يوافق، بصتله بترقب وسألت
هو في حاجة مخبيها عني يا ممدح ،اتنهد بتعب وقالها
مش عارف اقولك ايه يا سعاد، الواد أمجد متغير أوي، لا بقى يصلي معانا في الجامع زي زمان ولا بيشتغل في المحلات، وكل ما اسأل حد عنه أسمع كلام مش تمام.
سعاد : كلام إيه، اتجوز على البت وعد؟
ممدوح بصلها بسخرية وقالها : اتجوز ! لأ يا ستي متنيلش.
سعاد : الله، ما تقول يا راجل انت، قلقتني.
ممدوح بتردد : بيقولوا إنه بيشم.
سعاد : بيشم إيه ؟
ممدوح بنفاذ صبر : بيشم زفت مخدرات، مدمن يعني، هيشم هوا ياختي يعني، إيه الذكاء بتاعك ده يا سعاد.
سعاد : لأ طبعاً، تلاقي حد بيغير منه في السوق ومطلع عليه الكلام ده، أمجد متعلم ومتربي كويس.
ممدوح : وهي الأيام دي بقى في متعلم وجاهل يا سعاد، ده إحنا بنشوف دكاترة ومهندسين مدمنين.
سعاد برفض قاطع : مستحيل بقولك، ده متربي تحت عنينا، وبعدين لو في حاجه كانت بنتك هتعرف.
ممدوح : ابقي روحلها يا سعاد، اطمني عليها بس اوعي تفتحي معاها الموضوع ده نهائي.
سعاد : حاضر، بكرة وأنا رايحة السوق هحود عليهم، ربنا يسترها.
ممدوح : يارب، استجعلت وقولت اجوزها وأعلم باقي أخواتها، طلعت هي الوحيدة فيهم اللي غاوية تعليم، كان زمانها بتدرس طب ولا بقت مهندسة زي أصحابها.
سعاد : على رأيك، كانت شاطرة والكل بيحسدها، وأخواتها اسمالله عليهم، ما بينهم وبين التعليم عداوة وتار بايت، لا عاوزين يذاكروا ولا يتحركوا من قدام الموبايلات
ممدوح : ربنا يسامحني بقى.
سعاد : خلاص يا ممدوح، كل شيء نصيب وبعدين انت عمرك ما قصرت معاهم، لولا بس الظروف.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
رجع البيت قابلته بلهفة، عيونها بتتفحصه بقلق، حاول يتقن دوره كويس، ابتسملها بخفوت، شاورلها تسكت علشان والدته ووالده ميسمعوش، خدها من ايدها ودخلوا اوضتهم.
سألته من غير تردد
ها، رحت للدكتور يا أمجد
خرج من جيبة الروشتة ووراها المعاد واسم الدكتور.
ابتسمت بارتياح وقالت
ان شاء الله خير، ربنا يجعل في ايده الشفا، هتعمل ايه وهتروحله تاني امتى.
كشر وقالها
خلاص بقى يا وعد، علشان خاطري بلاش تحاصريني بالشكل ده، بحس إني صغير قدامك أوي لما نتكلم في الموضوع ده، أنا هروح للدكتور علطول، ولو قفلت هدخل مصحة اتعالج المهم ابعد عن القرف ده، رغم أني سألت وعرفت إن العلاج مواله طويل وهيتكلف، والأيام دي الدنيا ملخبطة ومش عارف هسحب ازاي فلوس من غير أبويا ما ياخد باله.
وقفت قدامه وقالت بدون تفكير
خد دهبي، شبكتي تعمل مبلغ كبير، خد منها اللي تحتاجه.
أمجد : هي وصلت لكده، مستحيل طبعاً.
صممت بحب : فداك الدنيا كلها، إنت أهم عندي من كنوز الدنيا وفلوسها، أنا من غيرك مسواش يا أمجد، هيفيدني بأيه الدهب وإنت بعيد عني.
وبعدين يا حبيبى أول ما تخف هتجبلي أحسن منه، ولا إيه.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
والدته قفلت مع بنتها بعد ما وعدتها تديها المبلغ اللي هي محتاجاه، راحت تصحي زوجها، بعد فترة فاق من نومه وسألها بضيق وهو بيقول
بتصحيني ليه يا وردة، جسمي تعبني ومش قادر أقوم من النوم.
وردة : اسمعني بس وهسيبك تنام براحتك
إسماعيل : نعم ياستي.
وردة : البت سماح بنتك كلمتني دلوقت، بتقول إن جوزها هيفتح مطعم كبير في منطقة حلوة أوي.
إسماعيل : ربنا يرزفهم من وسع عليهم، يعني بتصحيني تقوليلي الكلام ده.
وردة : ياراجل افهم، البت لما عرفت ان سوق الأقمشة نايم اليومين دول والمحلات مش جايبة همها، كلمت جوزها وعرضت عليه نشاركه، وهو ماشاء شاطر وفي نفس الوقت أمين ومضمون، قولتلها هسأل أبوكي واخوكي أمجد، إيه رأيك؟
إسماعيل : ياريت والله، المحلات بتخسر وخايف ألاقي نفسي مديون.
وردة : مش للدرجة دي يا إسماعيل.
إسماعيل : لأ للدرجة دي وأكتر، ابنك عمال يجيب بضاعة ويبيعها ويلبس ده في ده وكل ما اسأله عن فلوس يقول مفيش، عيون اسماعيل دمعوا وقالها بكسرة نفس
امبارح سألته عن فلوس لأني فتحت الخزنة لقيتها فاضية، رفع صوته عليا قدام العمال، خدت بعضي ومشيت.
وردة : انت بتقول ايه يا إسماعيل، رفع صوته إزاي، ده أمجد روحه فيك وتحت إيدك طول عمره.
إسماعيل : ما أنا بقيت تقيل يا وردة، راجل مريض لا بيهش ولا بينش، هيعملي اعتبار ليه.
وردة اتجننت، يمكن جوزها مريض فعلاً وملوش دور في الشغل والبيت لكن هو أمانها وسندها، راجل طول عمره مكبرها وعاملها قيمة.
سابت الأوضة وطلعت على أوضة أمجد، خبطت بحدة مرة واتنين، فتحلها الباب وهو متضايق، سألها بصوت غاضب
في إيه يا أم أمجد، بتخبطي جامد كده ليه؟!
وردة : انت عليت صوتك على أبوك ياواد انت وقدام الناس كمان
أمجد : هو لحق اشتكالك.
قالها بأسلوب ساخر، كله استهزاء.
وردة انصدمت، رفعت ايدها من غير ما تحس ولأول مرة في حياتها كلها تمد ايدها عليه.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
مر إسبوع، كل يوم الإنتظار بياخدهم لقمة الأمل وينزلهم لقاع اليأس، قدموا في شركات ومصانع كتير، متوقعين مكان عالأقل يتصل ويعلن إنهم اتقبلوا، هيشتغلوا ويحققوا جزء من حلمهم، لكن للأسف مفيش أخبار.
أكرم وصل البيت عند كاريمان، قلبه سعيد ومحمل بالإشتياق وفي نفس الوقت فيه غصة ووجع، كان نفسه يفرح ويفرحها، كان بيتمنى يشتغلوا في نفس المكان لكن للأسف هي اتقبلت وهو لسه.
فتحت الباب بعد ما استأذنت خالتها سميرة وفهمتها إن أكرم هيتغدي عندهم، سميرة متحفظة على أكرم لكن في نفس الوقت بتعرف تفصل ما بين مشاعرها تجاه أي شخص وبين الواجب، لما أكرم بيزورهم بتقابله أفضل مقابلة، بتحاول قدر المستطاع ترحب بيه، لكن من جواها بدأت تخاف من والدته، شايفه انها ست مش سهلة ومتسلطة.
أكرم قدم لكاريمان بوكيه ورد رقيق من أزهار البنفسج لأنها بتعشقه، خدت الورد بسعادة وبعدين اتكلمت بعتاب هادي
ليه كده مش اتفقنا نلم ايدينا.
أكرم : عارف انك بتحبي الورد.
كاريمان : بحبه ماشي، بس مش لازم، في أولويات.
أكرم : شكلي كده داخل على منعطف تاريخي، كاريمان هانم من الستات اللي بتحب توفر ولا إيه؟
كاريمان : أبدا والله، أنا حتى طول عمري مش بعرف أحوش وبصرف براحتي، ومعتمدة على ماما في كل حاجة، لكن من وقت ما بابا...
سكتت دقيقة َبعدين قالت
بعد الظروف اللي منعت بابا يبعتلي فلوس كل شهر، الدنيا اختلفت، لو تلاحظ أنا كنت متعودة البس براندز، ومفيش طقم بكرره، حاليآ بحاول مكلفش ماما زيادة عن طاقتها، انت شايف الدنيا بقت عاملة إزاي.
أكرم : إن شاء الله أول ما اشتغل أنا كمان، هجبلك كل اللي بتتمنيه.
كاريمان : ولو قولتلك إني مش عاوزة أي حاجة غيرك يا أكرم.
هقولك مبروك ياقلب أكرم، الباشمهندسة كاريمان ثابت هتتعين في شركة توربيدو الأسبوع الجاي.
هللت بسعادة وسألته بلهفة
بجد، حقيقي اتقبلنا؟!
نكس راسه لحظة وحاول يداري عنها حزنه، رد عليها بمرح
لأ، انتِ بس، أنا لسه محصلش نصيب، شكلي معجبهمش تقريباً، هو يعني لازم أبقى قمر زيك كده علشان اشتغل.
كاريمان بحزن :
خلاص مش هروح، أصلا هما الخسرانين.
أكرم : حبيبتي أنا هشتغل في أي مكان متقلقيش عليا، لو قفلت هنزل مطعم او ورشة واشتغل، لكن انتِ محتاجة مكان راقي ومرتبه كويس.
كاريمان : لأ برده، أنا وأنت هنشتغل مع بعض.
أكرم : أنا بحبك.
ابتسمت بخجل قالت بتلعثم :
ماما تسمعك.
أكرم : عادي هي عارفة إنك حبيبتي.
كاريمان : برده مش هروح الشركة دي.
أكرم : علشان خاطري، انتِ مفكرة إني هزعل مثلاً، انتِ انا يعني مفيش فرق، وبعدين مستقبلك ودراستك سنين فاتت مكانهم في مكان زي ده، شركة لها سمعتها واسمها.
كاريمان : وانت!
أكرم : أنا زي ما قولتلك، متعود طول عمري عالبهدلة، ياما اشتغلت في ورش ومحلات، طالما حاجة بتجيب فلوس حلال خلاص، ولا هتستعري مني؟
كاريمان : على فكرة هزار مش مقبول، أنا بحبك مهما حصل وفخورة بيك، انت إنسان مكافح وراجل بجد.
أكرم : يبقى تسمعي الكلام جهزي نفسك بقى علشان تنزلي الأسبوع الجاي، قومي يلا فرحي ماما وأنا همشي.
منعته بلهفة : لأ طبعاً، أنا عاملة حسابي نتغدا ومأكلتش أي حاجة، لو مشيت مش هاكل.
أكرم : بس انا مليش نفس والله.
كاريمان : أنا هفتح نفسك، اقعد بقى، علشان خاطري.
غمزلها بحب وهمس :
تفتحي نفسي إزاي يا ناني، بوسة ولا حضن ولا الاتنين.
بعدت عنه خطوتين وقالت
هتسكت ولا اندهلك ماما.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
مابين النهار والليل، حياة، مواقف، وعود، وكل قلب بيتمنى الوعود تتحقق، في مننا اللي بيحاول بكل طاقته، بيسعى وما بيعرف اليأس، وفي غيرنا بيتعب من الدنيا وبينسى وعوده
أمجد كل اللي حواليه أصابهم الشك من ناحيته، الإدمان بدأ يظهر على ملامحه وسلوكه،البداية كانت مجرد مجاملة بين الأصحاب، هزار اتحول لطريق مفيش منه رجوع، زميل قديم عرض عليه نوع جديد من المسكنات، يقلل الألم والتعب ويمنحك شعور بالاسترخاء، كذبة بنجمل بيها الحقائق وللأسف خدع أمجد نفسه وصدق.
وعد بتخبي وتداري عن الكل بتمثل إنها سعيدة وهي بتتقطع من الخوف، بقى عنيف في كل كلمة يقولها، لمساته بقت قاسية، حتى العلاقة بينهم بقت جسدية، خالية من أي مشاعر.
الفلوس اللي بياخدها من المحل مبقتش تكفى إنه يشتري المخدرات، بيستلف بحجة الشغل وهو في الحقيقة مضيع الفلوس على الجرعات بتاعته، صاحب واحد واخته بيبيعوا كل أنواع المخدرات، بيتعامل معاهم من شهور، الست عينها منه، نفسها يتجوزها وفعلاً عرضت عليه.
قالتله بوقاحة :
نتجوز، وهديك اللي تطلبه ببلاش وتحت امرك، مزاج جامد أوي، أنا والبودرة وببلاش.
أمجد بتعب : أنا متجوز وبحب مراتي.
جاوبته بجرأة : ياعم هو أنا بقولك حبني، بقولك نتجوز، تاخد مزاجك وأنا بصراحة عاوزاك.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
أكرم تعب، الشغل هلك جسمه، بياكل في الصخر علشان يعمل قرش ويدوب اللي جاي أد اللي رايح ويمكن أقل، كاريمان هي نسمة الربيع في حياته، فعلاً نعمة وربنا وهبها له، عمرها ما اشتكت ولا فكرته بالتزاماته لكنه فاكر، خايف السنة تعدي وهو محلك سر، هي بتتقدم في شغلها، بتثبت كفاءتها وهو نزل ورشة تصليح سيارات، مرتب بسيط ومجهود قاسي.
واحد زميله عرض عليه يهاجر، هجرة غير شرعية لكنها أمله الوحيد، يوصل دولة اوروبية ويحقق حلمه ويجتمع بحبيبته، لكن إزاي يقنعها، إزاي يبعد عنها، والأهم إزاي يقنع والدته!
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
ثابت مبقاش عنده أمل في أي شيءٍ، أيام وبيقضيها، جاسم بيزوره كل فترة، يطمنه عن الشغل وعن مارية لكن للأسف قلقه بيزيد، مارية من وقت زيارتها الأخيرة، قررت تبعد ، لكنه متابعها، علطول جاسم مراقبها وبينقله تحركاتها.
بتدرس ومتفوقة لكنها بتنتقم من الظروف ومن أبوها وأمها بالسهر و الخروجات، بتشرب سجاير بشراهة، والفترة دي بتدرس كورسات إدارة أعمال وبتخطط تدير الشركات وتنسى كل حاجة، جاسم لاحظ إنها مصاحبة ولد مقضية معاه معظم وقت فراغها وده جنن ثابت، خايف تضيع وميلحقش حد يساعدها
هدى، لسه في الغييوبة ومحدش عارف هتفوق ولا لأ.
جاسم راح لثابت في زيارة مفاجئة، سمع كلامه للآخر، سأله بترقب :
لسه عند موقفك يا جاسم، موافق تساعدني.
جاسم : تحت أمرك يا ثابت بيه
ثابت : دي أمانه، أغلى من الفلوس والشركات، دي بنتي.
جاسم : برقبتي والله قولي أعمل إيه وأنا هنفذ
خدها مصر، بأي حجة، وأول ما توصلوا خبي منها الباسبورت وأي ورق يخصها، اتصرف معاها زي ما تحب المهم تبعدها عن المستنقع اللي رمت نفسها فيه.
جاسم : متقلقش، هي لو عنيدة قيراط، فأنا متخصص في المجال
ضحك ثابت غصب عنه وقال
خايف هي اللي تجننك
جاسم : تفتكر ممكن تقتلني لو عرفت إنك جوزتهالي
ثابت : إحتمال مش بعيد، انت وحظك بقى.
#بسم الله الرحمن الرحيم
#البارت الثاني عشر
#وعود الليل
#نداء_علي
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
وعود الليل مخيفة كظلمته، بعيدة كليله الذي يأبى الظهور، تتلاعب بقلوب أعياها الإنتظار واسقمها البعد.
كان متردد، زي الإنسان اللي قرر يرمي نفسه في البحر وهو عاجز عن العوم لكنه مضطر، حاول مرة واثنين يتراجع لكن أحيانا الرجوع عن القرار بيكون تضييع وقت ومهما حاولنا نهرب هنرجع لنفس الخطوة من جديد.
اتكلم بهدوء وكأنه بيكلم طفلة صغيرة خايف يزعلها:
اسمعيني وسيبي الموبايل من ايدك.
نظرت إليه كاريمان بدهشة قائلة :
في إيه، أنا ملاحظة إنك متغير من أول ما قعدنا، على فكرة أنا مش بكلم حد، ابتسمت بحب قائلة :
ده جروب منزل اثاث حلو جدااا، ذوقهم حلو والأسعار ممتازة بالنسبة للحاجات اللي شفناها قبل كده.
أغمض عيناه متردداً لكنه حسم الأمر
أنا هسافر.
انتظر منها إجابة لكنها لم تفعل، استكمل قائلاً بيأس
مفيش فايدة من اللي بعمله يا كاريمان، أنا تعبت، كل دقيقة الأسعار بتزيد وأملي بيبعد، نفسي احققلك أحلامك لكني عاجز.
التفتت إليه بأعين دامعة
انت بتتكلم بجد، يعني إيه تسافر، عاوز تسيبيني لوحدي!
تنهد بحزن :
مش بأيدي، لازم ألاقي حل.
كاريمان : والحل ده من وجهة نظرك إنك تبعد عني، ومن غير حتى ما تاخد رأيي، بتبلغني بقرارك والمفروض أعمل إيه، أوافق واقولك مع السلامة، ولا أرفض.
نكس رأسه قليلاً، عاود النظر إليها قائلاً بصوت عاشق
وانتِ مفكرة إنه قرار سهل، أنا لما بيعدي يوم واحد من غير ما اشوفك بتجنن، بحس ان الدنيا ملهاش معني ولا تلزمني، لكن مفيش في ايدي حاجة، وعدت والدتك إني اشتري الشبكة أول السنة،والسنة قربت تخلص، بحاول اقلل زياراتي علشان متسألنيش.
كاريمان : أنا كلمتها وفهمتها الظروف.
أكرم : وأنا تعبت، خلاص الأوضاع كل يوم من سيء لاسوأ، معايا بكالوريوس هندسة وشغال في ورشة ، عامل زي أي حد غيري، أنا تعبت سنين علشان اخلص تعليم واعوض أمي وابني لنفسي حياة لكن إيه النتيجة!
بتعامل مع ناس شايفه إني لازم يطلعوا روحي في الشغل مقابل المرتب، تعبت ولازم تحسي بيا، أنا مستحيل اقبل أكون جوز الست، ومش غيرة منك وانتِ عارفه إني بتمنى تبقى أحسن حد في الدنيا بس الناس مبترحمش.
كاريمان باكية : وأنا كمان مش هقبل تبيعني، اشمعنى أنا الكل بيختار يتخلى عني، ليه؟! مستاهلش إنك تتمسك بيا.
أكرم : أنا بعمل كل ده علشانك.
كاريمان : كداب، لو علشاني كنت هتفهم وتحس إنك بعدك عني هيموتني.
أكرم : علشان خاطري، بلاش تزوديها عليا.
كاريمان : أنا عاوزة أروح، وانت اعمل اللي يعجبك، طالما مخطط وواخد قرار اعتقد ان كلامنا تضييع وقت على الفاضي، بس خليك فاكر واعمل حسابك إنك لو سافرت هترجع مش هتلاقيني.
اتحركت من قدامه بسرعة، قبل ما يحاول يهديها كانت خرجت ووقفت تاكسي، لحقها وقلبه بيدق بعنف وغضب وضعف، دور بعيونه عن الموتوسيكل بتاعه، كان بيسابق الوقت والحياة ونفسه، القرب من حبيبته بقى شبه مستحيل والبعد عنها هو المستحيل بعينه لكنه مجبر والاجبار على البعد أقسى أنواع العقاب.
وصل قبل ما هي توصل، انتظرها تحت بيتها، عيونه تغني عن أي كلام، نزلت كاريمان من التاكسي ودموعها رافضة تهدي، سمعته بينده عليها وقفت غصب عنها، قرب منها بلهفة وقال
علشان خاطري، أنا ممكن أسمع كلامك والغي فكرة السفر لكن وقتها هنفضل طول عمرنا بعيد عن بعض، أنا جربت كل الطرق وكلها مقفولة في وشي، مبقتش عارف اتصرف ولا قادر يا حبيبتي.
التفتت وبصتله بيأس، هي متأكدة ان كلامه صح لكن الصح ده معناه ألم متقدرش تتحمله، خايفه يبعد وينساها، ويمكن قلبه يتغير، وليه لأ، أبوها نفسه نسيها وخرجها من قلبه وحياته.
ابتسمت بانكسار وقررت تكمل وتعرف النهاية، مش هتخسر أكتر من كده، هتسيبه يبعد وتشوف، هيفضل يحبها ولا الحياة هتأكدلها إن السعادة والفرح ممنوعين عليها.
جليلة كانت أشد رفض لسفر وحيدها، رفض مصحوب برهبة وكأنه روحها هتسافر معاه، اترجته كتير يتراجع لكنه كرر قدامها نفس كلامه لكاريمان ومشي.
مقدرتش تتحمل، جريت على اخواتها، رغم إنهم في بلد بعيدة ونفوسهم كمان بعيدة لكنها محتاجة وجودهم، عاوزة تتكلم مع حد منها حتى لو عجز عن فهمها، أول ما وصلت واتجمعت مع أخوها واختها انهارت، كانت بتبكي ونظراتهم بتقول إنها بتبالغ، اختها سألتها بغباء
انتِ بتعيطي ليه، مش بتقولي صاحبه جيبله عقد، خايفة ليه طالما مش مسافر تهريب، حد طايل، ياريت يشوف حاجة معاه للواد عمر ابني.
جليلة : أنا مقدرش اتحمل ابني يسيبني، أنا مليش غيره مليش حد.
أخوها اتكلم بشيء من الحنية
يا جليلة الحياة بقت صعبة، وابنك معذور، يعني مهندس ويشتغل في ورشة كأنه ميكانيكي لا اتعلم ولا خد شهادة سيبيه يشوف مستقبله.
اختها اتدخلت من تاني وقالت :
اخوكي معاه حق، متنسيش إنه خاطب وأكيد عاوز يتجوز.
جليلة : يقوم يبعد وياعالم يرجع وأنا عايشة ولا يرجع يلاقيني ميتة.
اجابتها اختها بفضول : يمكن خطيبته اللي طلعتها في راسه، كلميها وخليها تقنعه.
جليلة : لأ، خطيبته طيبة وبتحبه، مش معقول تطلب منه يسافر، هو اللي زهق يا قلب أمه وتعب.
أخو جليلة قعد جنب منها، طبطب على كتفها وقالها بصدق
يعلم ربنا بالظروف وإلا كنت هساعده، متقفيش في وش ابنك، لو فضل قاعد لا هيتجوز ولا هيتحرك من مكانه، وانتِ طول عمرك جدعة وواقفة في ضهره، كملي للآخر وبلاش تضغطي عليه.
💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖
وعد رغم يأسها من كل شيء عشقها لأمجد كان مقويها، عندها وهم بيقنعها إن الموضوع بسيط وان المهم الإرادة، صحيح أمجد وقع في فخ الإدمان لكنه قدر يقنعها إن العلاج بسيط، وللأسف كلنا مدمنين على تصديق الأوهام لأنها بتريح قلوبنا.
خلصت شغل البيت ونيمت ابنها، دخلت اخذت شاور ولبست فستان لطيف وجهزت عشا خفيف لها ولأمجد، كان راجع من الشغل وطلب منها تسيبه ينام علشان يسهر معاها بالليل، قربت من غرفة نومهم علشان تصحيه لكنها سمعت صوته بيتكلم بهمس مع حد، قربت بحذر تسمع بيقول إيه وياريتها ما قربت، معقول، بيكلم ست غيرها، بيندهلها باسمها من غير ألقاب، بيراوغ ومش قادر يرفض عرضها اللي قدرت تفهمه من ردود فعله، معقول أمجد وصل للمرحلة دي، خيانة!
ألم وقهر، شعور إنها ولا حاجة ، وجع صعب يتوصف، زي البركان، مستحيل تمنعه إنه ينفجر ويدمر كل شيء.
دخلت فجأة شدت الموبايل من إيده بشراسة وقبل ما يتكلم حدفت الموبايل بكل قوتها اتكسر زي قلبها ما اتكسر.
صرخت بجنون وهي بتخبطه بأي حاجة تقع تحت ايدها وهو كان مصدوم عقله مشوش، أسير بداخل عالم مظلم، عاجز عن الهروب.
سألها بغضب
فيه إيه يا وعد، اتجننتي.
وعد : اتجننت! طبعاً مجنونة يا شمام يا مدمن.
بتخوني، بعد كل ده، ضحيت بحياتي ومستقبلي علشانك، استغنيت بيك عن الدنيا كلها، كذبت نفسي وظنوني وقولت مستحيل يوصل للمستوى ده، بتكلم ستات، وفين هنا! في بيتي وقدام عنيا.
أمجد : ستات إيه وزفت إيه، محصلش، دي مجرد زبونة وبتطلب شغل معين.
دفعته بقرف ونفور، عالمها كله اتقلب، الصح والخطأ اتبدلوا، لسه بيكذب ولسه بيبرر، وقفت قدامه وملامحها بتأكد إن كلامها هيكون نهاية لكل شيء كان موجود بينهم.
شاورت على جسمها وقالتله
ليه، مقصرة معاك، مش قادرة اكفي طلباتك، بالعكس أنا اكفيك إنت والأحسن منك.
اتجنن من كلامها وصرخ بصوت قاسي
اخرسي واتكلمي بأدب.
ابتسمت بشماته
إيه، جيت عالجرح، عندك حق، ملوش لزمة الكلام ده، مش هيفيد بحاجة، اللي زيك ميتعاتبوش، انت أخرك تنداس بالجزم، زيك زي أي حاجة ملهاش قيمة.
غلطت عمري ولازم تتصلح.
قرب منها بعيون زايغة، تركيزه معدوم لكن بيقاوم لأنه مرعوب من بعدها.
حاول يلمسها لكنها ضربته بكل قوتها بالقلم، وسحبت نفسها بعيد عنه.
دقايق كانت فاصل في حياتهم الإثنين، ملحمة عشق بدأت بينهم من سنين طفولتهم اتغيرت بمرور الوقت وظروف الحياة،طرف مظلوم والثاني ظلمته اخطاءه والنتيجة.
كان بيضربها بقسوة كأنه عمره ما شافها قبل كده، كأنها عدو ولازم ينتصر عليه وهي استسلمت وكأنها يتعاقب روحها إنها عشقته في يوم من الأيام.
دخلت والدته وضربته بكل قوتها وخوفها وحزنها فبعد من قوة الضربة، صرخت أمه بذهول لما شافت ملامح وعد المتغطية بدمها، عيونها مفتوحة لكن نفسها مقطوع، لطمت اكتر من مرة، أمجد فضل مكانه ثابت، تايه، لكن أول ما بدأت الجيران تدخل البيت بفضول بعد ما صوت الصراخ وصلهم، اتراجع للخلف برعب، بيبص حواليه بتخبط، لحد ما عينه وقعت على وعد، كان شعرها مغطي جزء من وشها، ملابسها مرفوعة وجسمها معظمه مكشوف.
رمى نفسه بالقرب منها وغطاها بفزع، مراته مكشوفة قدام الناس، رجالة غريبة شافت جسمه، وهو السبب هو مش اي حد تاني، وعد اللي كان بيتجنن لما تسيب شعرها قدام والده، كشف سترها بايده للناس وكل ده ليه وامتى بقى معدوم الرجولة، وعدها من سنين إنه مستحيل يمد ايده عليها ودلوقت قتلها!
فوقه من أوهامه وضياعه والآلام الشرسة المسيطرة عليه صراخ ابنه المتواصل، الولد كان بيبكي بخوف من الوجوه الغريبة عليه، وبيستنجد بوالدته، أمجد حرك رأسه بعنف وهو بيقول :
أنا مقصدش، أنا معملتش كده، مستحيل اقتل وعد.
..........................................
في نفس الوقت بنت مراهقة، عمرها في حدود ال١٧ سنة، طلعت جري على بيت وعد، خبطت بهلع على الباب، طلع ممدوح وهو بيردد بخوف
سترك يارب، مين اللي جاي وقت زي ده.
بص للبنت اللي بتاخد نفسها بالعافية من جريها وسألها بترقب:
نعم يا بنتي، عاوزة مين؟!
قالتله : أنا خديجة، جارة أبله وعد بنتك.
ممدوح بخوف : خير يا ان شاء الله.
خديجة : الحق بنتك ياعم ممدوح، جوزها ضربها والدنيا مقلوبة عندنا في الشارع.
جت من وراهم سعاد، بصت ناحية خديجة وابتسمت، تعرفها كويس وتعرف أهلها، جيران قدام لأهل أمجد ومعروف إنهم ناس ولاد حلال، قالتلها بترحاب :
ادخلي يا خديجة، تعالي جوة يا حبيبتي.
ممدوح : الحقي يا سعاد، دي بتقول ان بنتك جوزها ضاربها.
سعاد : بنتي مين!
ممدوح بغضب : وانتِ عندك بنات متجوزين غير وعد يا سعاد.
قالت بكل ثقة : لأ، بس أمجد عمره ما يضرب وعد، بنتي مستحيل تنضرب.
صرخت البنت بتعاطف معاهم ومع وعد
الحقوا بنتكم، الحقوها قبل ما يموتها.
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
نفخت بملل واتكلمت بعصبية ونفاذ صبر
انت بتشتري كل ده ليه، الحكاية كلها يومين وراجعين تاني.
جاسم مردش، وصل عند الكاشير وهي ماشية بالقرب منه مستغربة سكوته، دفع وخرج وهي وراه، فتح عربيته ودخل الأكياس ولما خلص قالها :
اركبي يلا.
مارية ركبت بهدوء، لحد ما اتحرك بالعربية، سألته بجدية واصرار
ممكن تتكلم بقى وتقولي فيه إيه، من أول ما نزلنا مصر وانت غامض كأنك خاطفني مثلاً.
جاسم وقف قدام الفندق وفضل قاعد منزلش وقالها :
اسمعي كلامي للنهاية ممكن.
حركت رأسها في هدوء، عاوزة تعرف بيفكر ازاي أو إيه نوايا.
اخذ نفس عميق وقالها
والدك طلب مني انزل أنا وانتِ مصر
مارية : اممم، وبعدين، إيه الجديد، أنا عارفة إنه طلب منك ننزل مصر علشان نبيع الأرض بتاعته هنا.
جاسم : أنا معايا توكيل منه، يعني اقدر أبيع لوحدي من غير وجودك.
مارية بتعجب : صحيح، بس ليه قولتلي إنك محتاج وجودي.
جاسم : لأن والدك....
اتردد لأنه خايف تصرخ أو تتصرف بعنف لكنه حسم الأمر وقال بسرعة
والدك بما انه المسؤول عنك جوزك ليا، يعني انتِ مراتي دلوقت وعلشان كده نزلنا مصر، هنعيش هنا لحد ما نتعود على بعض.
ضحكت بقوة وكأنها سمعت نكته ملهاش مثيل، بصتله كأنه غبي أو مجنون وقالتله
أنا اتجوزك انت، أنا اتجوز ومن غير ما أعرف كمان!
جاسم : هو ده اللي حصل.
مارية ملامحها اتبدلت بشكل خوف جاسم، لهجتها اتغيرت وسألت بتحذير
انت واعي لكلامك، فاهم بتقول إيه.
جاسم باصرار جننها
أيوة، فاهم ومعنديش كلام تاني.
قبل ما يخلص كلامه، نزلت من السياره صرخت بصوت عالي، صرخت بكل قوتها وهي بتقول
الحقوني، بليز حد يساعدني، الراجل ده خطفني.
الناس اتلمت عليهم وجاسم من صدمته فضل قاعد في مكانه.
#بسم الله الرحمن الرحيم
#وعود الليل
#نداء_علي
البارت الثالث عشر
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
في المستشفى الكل ساكت، الصمت عقاب لكل أفعالهم، أبوها صدمته لجمته عن الكلام، أمها فقدت وعيها أول ما شافت وعد شبه ميتة، أمجد اختفى، هرب ويمكن هروبه كان طريقه الوحيد للحياة، وعد كانت في غيبوبة لكنها سامعة كل شيء، حاسة بألم ولسانها عاجز عن النطق،
الدكتور خرج من عندها وملامحه مرهقة.
والدها قرب منه بلهفة وخوف سأله بقلب مكسور
بنتي عايشة يا دكتور؟!
الدكتور طمنه بهدوء
اطمن يا حاج، بنتك ربنا كتبلها عمر جديد، الضرب القاسي اللي اتعرضتله مش سهل أبدا، هتحتاج علاج ومتابعة لفترة طويلة وإن شاء الله بالتدريج هتقدر تتحرك.
ممدوح : يعني فاقت يا دكتور، اقدر أشوفها.
الدكتور : لسه مفاقتش من البنج، إحنا خيطنا الجروح اللي في وشها، وفي كسور في ذراعها اليمين وضلعين قريبين جدا من الرئة، ولمصلحتها وعلشان الألم هنخليها نايمة عالأقل النهاردة.
ممدوح غصب عنه دموعه نزلت بغزارة، مقدرش يسمع كلام الدكتور ولا يتخيل كمية العذاب والإهانة اللي بنته اتعرضتلها، ده مربيها على الحب والحنية، عمره ما قدر يمد ايده على حد من ولاده وخصوصا وعد، إزاي أمجد عمل كده وليه؟!
التفت ممدوح لما سمع صوت كاريمان بتنادي اسمه، قربت منه وملامحها مغمورة بالحزن :
وعد فين ياعمو، إيه اللي حصل؟!
ممدوح : ياريتني أعرف يابنتي، انتِ طول عمرك صاحبة بنتي، متكلمتش معاكي ولا قالتلك إن في بينها وبين جوزها مشاكل، مكنتش بتشتكيلك؟!
كاريمان : للأسف هي من وقت ما اتجوزت وهي بتبعد، كل ما اشوفها كنت بلاحظ إنها شاردة وحزينة لكنها كانت بتقلب الموضوع هزار، أنا خايفة عليها أوي.
كاريمان بكت بحرقة وممدوح مقدرش يواسيها أو يطمنها لأنه محتاج حد يطمنه ويساعده.
فضل ساكت مكانه لحد ما شاف وردة وزوجها داخلين، اتكلم بقوة وغضب
وليكم عين تيجوا لحد هنا.
وردة بصدق : جايين نطمن على وعد والله يا ممدوح.
ممدوح : صدق المثل، يقتلوا القتيل
وردة : ربنا عالم إحنا حاسين بأيه، وعد زيها زي بناتي.
ممدوح : كذب، مفيش حد بيعامل حد زي ولاده، وأكبر دليل إنك ساعدتي ابنك يهرب، استغليتوا خوفي على بنتي وهرب، بس وديني ما هسيبه، هجيبه يا وردة وهياخد جزاؤه، لو الحكومة مقدرتش تجيب حق بنتي هجيبه بنفسي.
كاريمان اتدخلت وقالت
كفاية كده يا جماعة، مينفعش تتخانقوا ووعد في العناية وحالتها بالشكل ده، نطمن عليها الأول عالأقل.
ممدوح : عندك حق يابنتي، اتفضلوا يلا من غير مطرود، مشفش حد منكم هنا، فاهمين.
وردة كانت مقدرة انفعاله، معاه كل الحق لكن هي في ايدها إيه، خايفة على وعد وخايفة على إبنها، الكل هيخسر ومفيش حد هيخرج من الحكاية دي كسبان.
وعد كانت في كابوسها القاسي، بتفتكر كلام أمجد وضربه المميت لها، لكن الأكثر وجع كان همسه مع ست غيرها بكلام يحمل معاني كتير عقلها رافض يستوعبها
بيوعد واحدة إنه يقابلها، يروحلها بيتها وينفذلها طلباتها مقابل إنها تديله الممنوعات، مش بس بقى مدمن ده بقى خاين وكذاب، حب عمرها وأمل سنين فاتت انتهى بشكل بشع، ياريتها ما حبته بالشكل ده، ياريت الزمن يرجع ووقتها هتبعد عنه، هترفض تحبه وتعشقه لكن الزمن لا بيرجع ولا بيسمح لحد ينسى، بيفضل يعاقبنا على اختيارتنا للأبد.
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
سميرة كانت برة البيت ولما رجعت سمعت من الناس كلام كتير، كل واحد بيحكي من وجهة نظره وبيزود بطريقته، حزنت على وعد، وخافت على كاريمان، طلعت بسرعة على شقتهم، دورت عليها وزي ما توقعت لقتها مش موجودة، اتصلت عليها موبايلها مغلق، فضلت قاعدة مكانها، بتفكر في كل حاجة بتحصل وتسأل نفسها ليه؟
إيه ذنب وعد يحصلها كده وعلى ايد حبيبها، ليه دايما الحب بيأذي، يا ترى العيب في مين، فيهم ولا في اختياراتهم الغلط.
رحمة أم كاريمان كانت زي وعد، موهومة ودفعت تمن الوهم ده، ووعد كمان، طيب كاريمان ليه تدخل دايرة معروف نهايتها، هيفرق إيه اكرم عن أمجد، كلهم في البداية يبانوا ملايكة ومع الوقت بتظهر حقيقتهم، كل حاجة بتحصل بتأكد إن علاقة كاريمان وأكرم محكومة بالفشل لكن...
غمضت عنيها واتكلمت بصوت هامس
البنت بتحبه يا سميرة، هيهون عليكي تكسري قلبها.
جاوبت على نفسها بحزن
لما تحزن سنة أفضل ما تخسر نفسها للأبد، أكرم سكته صعبة ووالدته ست مش مريحة، أعمل إيه ياربي.
دخلت كاريمان وأول ما شافت سميرة جريت عليها ورمت نفسها في حضنها، يمكن سميرة مش إنسانة عاطفية، لكن حضنها أمان.
حاولت تهديها لكن كاريمان كانت منهارة وتعبانة من كل حاجة بتحصل، سابتها تاخد وقتها لحد ما تهدي وفعلاً بعد فترة استكانت في حضنها، سميرة اتنهدت بحزن وسألت بترقب
إيه الأخبار، وعد كويسة؟
كاريمان : لأ، وعد مش كويسة ابدأ، أمجد كان هيقتلها، لأ هو فعلاً قتلها ودمر حياتها، إزاي إنسان كانت مسلمة روحها ليه يعمل كده، إزاي يا ماما الحبيب ممكن يبقى عدو بالصورة البشعة دي.
سميرة : مفيش حاجة مضمونة في الحياة يا نانا، خليكي قوية وسانديها، وعد هتحتاج الكل حواليها.
اترددت سميرة قبل ما تقولها
أنا شايفة إن اللي حصل تحذير ليكي قبل وعد، ياريت تفكري بغقل في موضوع أكرم، كاريمان رفعت وشها وبصت بسميرة بصدمة.
سميرة قالت بصدق
أكرم شاب كويس، لكن أنا خايفة منه، معرفش ايه السبب لكن حياته مش سهلة وهيتعبك.
كاريمان : أكرم ملهوش ذنب في ظروفه.
سميرة : أنا مقصدش ظروفه المادية، أنا قصدي ان حياته ملخبطة، وارتباط والدته الشديد هيأثر بعدين عليكم، صدقيني البعد من البداية أسهل.
كاريمان بعدت عنها بصدمة وسألتها
حضرتك بتتكلمي جد، عوزاني اتخلى عنه، اسيبه رغم انه بيعمل كل اللي قدر عليه علشاني.
سميرة : ده في الأول بس، لحد ما تبقي ملكه ومعاه، صدقيني وفكري في كلامي.
كاريمان : أنا مقدرة خوفك عليا، بس آسفه انا مستحيل ابعد عن أكرم، حاولت والله ومقدرتش، مش بأيدي، أنا بحبه.
سميرة بحدة خفيفة : بلا حب بلا زفت، الكلمة دي مبقاش لها معنى في أيامنا، الناس بتحب مصالحها وبس، فوقي بقى.
كاريمان مقدرتش تجادل، هي من الأساس طاقتها خلصت، بصت لسميرة بتعب ولوم ودخلت غرفتها وقفلت عليها، بصت لموبايلها لقيته فاصل شحن، سابته مكانه لأنها مش عاوزة تكلم حد خصوصاً أكرم، قفلت النور وغمضت عيونها ونامت وكأنها بتهرب من كل حاجة.
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
جاسم كان حافظ تصرفات مارية، من أول ما بدأت تكبر وهو متابع تصرفاتها، بيشوفها كتير بحكم شغله مع أبوها وقربه منهم لكنه عمره ما تخيل إنها بقت بالشراسة والعناد ده، ورغم جنونه لكنه كان مبسوط، جواه شيء بيشجعه يكمل، يمكن عنادها قدر يكسر روتين حياته الممل، بعد ما صرخت والناس اتجمعت حواليهم، الأمن بتاع الفندق اتدخل، فضل جاسم مكانه وبعد فترة طلع للأمن وثيقة زواجهم، ومارية اتجننت اكتر، حاولت تاخد الورقة تقطعها لكنه قالها ببرود
متقلقيش معايا نسخة تانية.
مسؤول الأمن كلمها بتوضيح
حضرتك القسيمة صحيحة ومختومة من السفارة
مارية : الكلام ده محصلش، أنا مش مراته، بقولك إيه انت شكلك لا ظابط ولا حاجة ويمكن متفق معاه.
ابتسم الراجل من كلامها وبص لجاسم وقاله :
ربنا يعينك، ورجع وجه كلامه لماريا وقالها :
احمدي ربك إني سايبك، لا معاكي بطاقة ولا جواز سفر ولسانك طويل كمان.
مارية بتوتر : كل أوراقي مع البني آدم ده.
قالت كلامها وهي بتشاور على جاسم بغيظ
الأمن : دي مشاكل عائلية متخصناش، اللي يخصني أنكم تسيبوا الفندق، إحنا عندنا نزلاء مهمين وميصحش الدوشة دي.
بعد وقت، تقريباً نص ساعة كان جاسم دخل الفندق، اخذ شنطهم ودفع حسابهم ورجع لمارية، لقاها مغمضة عيونها باستسلام جوة السيارة ، تقريباً نامت أو بتدعي النوم، مهتمش وحاول يتجاهلها لكنها سألته
انت بتخطط لايه يا جاسم، فاكر إني هتغير على إيدك واقع في حبك والجو ده، متخيل إني هتعلم الأدب وابقى مطيعة.
جاسم : وليه لأ؟!
مارية : مفيش حد بيتغير غير لو كان عاوز، وانا مقتنعة بنفسي وبشخصيتي زي ماهي، مش بعيد انت اللي تتغير علي ايدي.
جاسم دور العربية وابتسم بغرور ورد عليها بنفس أسلوبها
عادي، أنا بحب التغيير، المهم ان حد فينا يتغير يا مدام.
مارية : أوك، زي ما تحب، بس صدقني هتندم.
مردش عليها وفضلوا ساكتين لحد ما سألته:
ياترى هنروح فندق ولا هننام في الشارع؟!
جاسم بغيظ : عندي بيت متقلقيش.
غريبة دي عندك في مصر بيت، أنا اعرف إنك طول عمرك عايش في أوروبا، إيه الداعي تشتري هنا؟!
جاسم : بلدي، مهما عشنا بعيد بلدنا يا مارية، ممكن نرجع في وقت، محدش يضمن الظروف.
اتنهدت وكأنها بتفتكر كل اللي فات، كلامه صحيح مين كان يصدق إن مصير أبوها يكون السجن وأمها غايبة عن الدنيا بعد ما كانوا عايشين الحياة بطولها وعرضها، أد إيه الدنيا بتتغير وتتلون على حسب فصول الواقع وتقلباته.....
فضلت تتأمل جاسم لفترة، ملامحه عادية، عمره ما لفت نظرها طول فترة شغله مع أبوها، كان ثابت بيتكلم عنه طول الوقت ومع ذلك عمرها ما اهتمت تعرف عنه شيء، كانت بتشوفه مجرد واحد شغال مع أهلها، زيه زي ناس كتير، يمكن الشيء الوحيد اللي كان بيلفت نظرها له، طريقة حياته واستايل لبسه، كانت بتشوف إنه شخصية جادة بزيادة، حتى ملابسه دائماً رسمي، عمره ما حضر سهرات معاهم، من الآخر حمار شغل.
ضحكت بصوت عالي لما قالت لنفسها الجملة الأخيرة وهو التفت ناحيتها بدهشة وسأل :
خير يارب ضحكينا معاكي.
قالتله بمكر : أبدا كنت عاوزة أسألك اخذت من ثابت بيه كام بقى علشان توافق تتجوزني وتعمله الخدمة الفظيعة دي؟!
جاسم : اخد فلوس ليه، انتِ كفاية يا حبيبتي، ولا إيه!
مارية ابتسمت بخبث وقررت تصبر لحد ما تجيلها فرصة مناسبة تقدر من خلالها تاخد ورقها وتهرب من جاسم، بس قبل ما ده يحصل هتنتقم منه بطريقتها.
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷
جليلة برغم كلام أخواتها لكنها بتموت، ازاي أكرم يسافر وتنحرم من وجوده معاها، ده سر حياتها، ابنها الوحيد وسبب تمسكها بالحياة، تعمل إيه، ازاي تمنعه من السفر، كان قلبها بيدق بعنف، دقات بتألم وخوفها سيطر عليها، فكرت كتير وفي الآخر لقيت حل مناسب من وجهة نظرها، لو أصر على السفر ليه ميتجوزش كاريمان الأول، تفرح بيهم ويمكن لما يتجوز يهدي ويرفض من نفسه السفر، ابتسمت بسعادة من الفكرة، أيوة ده حل مناسب، ابنها شاب ومحتاج يتجوز ويستقر، ولو على الفلوس تروح تاخد قرض، هتشوف حد يساعدها وبعدين ربنا يحلها، يارب، حلها من عندك يارب قالتها جليلة بحرقة ورجاء حقيقي من قلبها.
خرجت من اوضتها وراحت لأكرم اللي كان قاعد سرحان بيفكر في حبيبته وبعده اللي لسه مبدأش ومع ذلك مسببله إحباط ويأس
قربت منه وقالتله :
حبيب أمك، قاعد لوحدك ليه؟!
أكرم : تعالي يا ماما، مفيش حاجة قاعد انتِ ليه صاحية لحد دلوقت.
جليلة : كنت بعمل شوية قرص علشان تفطر منهم الصبح قبل ما تخرج.
أكرم ابتسم بحب لوالدته، وسكت، راحت قعدت جمبه وقالتله بتردد :
هقولك على حاجه، بس لو ليا خاطر عندك توافق.
أكرم : اطلبي عنيا يا أمي، خير!
جليلة : إيه رأيك نروح لكاريمان وخالتها ونطلب منهم تتجوزوا قبل ما تسافر، عالقليل تبقى مراتك وفي عصمتك، تجيلي تطمن عليا في غيابك وتبقى تحت عنيا برده.
أكرم ملامح وشه كانت بتتحرك مع مشاعره المختلفة، معقول يجتمع مع كاريمان، يضمها وتبقى مراته، لكن إزاي، وهل هي هتقبل، ولو وافقت معقول هيقدر يبعد عنها بعد ما تبقى ملكه.
سأل والدته وكأنه بيكلم نفسه
ازاي بس يا ماما، إذا كان سبب سفري هو قلة الحيلة، هتجوز ازاي بس وانا مفيش معايا فلوس.
جليلة : متشغلش بالك، هندبرها ولما تسافر ابقى سدد اللي عليك، هنشوف حد يسلفنا ولو قفلت ناخد قرض بضمان الشقة.
أكرم برفض : مستحيل طبعاً.
جليلة بدأت تبكي وهو مقدرش يتحمل ضمها بحنان وقالها
يا حبيبتي انا بتمنى اتجوز وأفضل جمبك لكن اللي حضرتك بتقوليه مغامرة ممكن تضيعنا، ومن قالك ان كاريمان وطنط سميرة هيقبلوا من الأساس.
جليلة : انت بس قول موافق وأنا هروحلهم اتكلم معاهم وبأمر الله هيوافقوا، علشان خاطري يا أكرم، ريحني يابني ربنا يريح قلبك.
#بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين استغفرك اللهم واتوب اليك
البارت الرابع عشر
#وعود الليل
#نداء_علي
🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹
المحامين قدموا اكتر من طلب لإعادة محاكمة ثابت ورغم رفضه لكلامهم لكنه بيتمني يخرج من سجنه يمكن يصلح جزء من الماضي.
ثابت كان بيسمع كلمات القاضي بقلب فقد الأمل من زمان لكنه حزين على نهايته، بعد ما كانت الأرض قدام عنيه ملهاش حدود ولا آخر بقت زي القبر، مخيفة مرعبة، مش فارق معاه حاجة غير بناته، مارية بنته الصغيرة اللي بعد ما اتولدت كان حاسس إنها وش الخير والسعادة، من يوم ميلادها ورزقه زاد وحياته اتغيرت للأحسن، بقى مليونير بعد ما كان بيحلم اتحقق حلمه، اتنهد بندم لأنه نسي ان عنده بنت تانية، مقدرش يعوضها عن اي شيء، حتى الفلوس خلاص اتمنعت وبقى مستحيل يديها حقها في فلوسه.
هدى عايشة على الأجهزة الطبية، حالتها كل يوم بتسوء ، وحتى لو اتحسنت هيحصل ايه؟ هيخرج براءة، ابتسم بتهكم وجواه صوت بيقول
حتى لو فاقت هقتلها، مرة واثنين ومليون، هقتلها زي ما خانتني وقتلتني.
القاضي رفض طلبه في البراءة، أكد الحكم السابق، هيقضي ١٥ سنة في سجن مشدد ومفيش إمكانية لخروجه قبل المدة، ابتسم وهو بيسأل نفسه، ١٥ سنة ياترى هيموت في السجن ولا هيخرج، عمره انتهى وأكيد بناته هينسوه زي ما هو نساهم، خاصة كاريمان، الطفلة اللي كانت أمانة تقيلة مقدرش يتقبلها، وعد أمها قبل ما تموت إنه يهتم بيها وبعد شهور من وفاتها حس أن الأمانة هم ولازم يخلص منه.
عيونه دمعت من احساسه بأن ده ذنب كاريمان وبس
🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹
أكرم حاول يتصل بكاريمان طول الليل، كان هيتجنن من القلق عليها وفي نفس الوقت متحمس يقولها على فكرة والدته، عاوز يعرف رد فعلها إيه قبل ما يروحوا البيت ويتكلموا قدام سميرة، معقول كاريمان ترفض! بس احتمال ضعيف اكيد الرفض هيكون من طرف سميرة وهو متوقع ترفض لأنها معذورة، لكنه بيتمنى توافق، جواه مشاعر صعب يحكيها أو يقولها، رغبته في كاريمان بقت مؤلمة، بيفكر فيها ليل نهار، وكل يوم بيزيد حبه وعشقه لها لكنه خايف، من كل شيء حواليه، لو اتجوزها احتمال ميقدرش يبعد عنها، وقتها السفر هيبقى عقاب وعذاب، ولو سافر من غير ما يتجوزوا هيبقى عذابه أكبر، كفاية إنه هيسيبها لوحدها، يمكن حد غيره يحاول يقرب منها، وخوفه ده مش شك أو تقليل من حبها له لكنه نابع من نعومة ورقة كاريمان، بالنسبة للعالم بتاعنا هي بتشبه الورد الرقيق، نسمة هوا في وسط رياح الدنيا.
الليل عدى عليه بصعوبة، ما صدق ان النهار طلع جهز نفسه ولبس ونزل جري عاوز يلحقها قبل ما تروح شغلها فضل واقف تحت بيتها أكثر من ساعة لحد ما شافها نازلة من البيت وواقفة تنتظر تاكسي، قرب منها بلهفة واشتياق نده اسمها وهي كانت محتاجة وجوده في اللحظة دي، قربت منه بلهفة وقالتله
أكرم، أنا عاوزة اتكلم معاك.
أكرم : ممكن أعرف موبايلك مقفول ليه، أنا هتجنن عليكي من امبارح، ولو والدتك بتسهر كنت اتصلت عليها بس مردتش أسبب قلق.
اعتذرت منه بابتسامة هادية وقالت
هقولك كل حاجة، بس خلينا نروح أي مكان نتكلم فيه.
مسك ايديها ووقف تاكسي وراحوا مطعم بعيد عن الزحمة، قعدوا فترة ساكتين، أكرم كان هيفاتحها علطول في موضوع جوازهم لكن ملامح وشها والحزن اللي مالي عيونها خلاه يتراجع ويسألها بحب
مالك يا ناني، شكلك متضايق؟!
كاريمان كانت زي الطفلة الصغيرة منتظرة منه يسألها، بكت بحرقة وهو اتوجع علشانها، قالتله اللي حصل لوعد وأد إيه هي مصدومة.
أكرم حاول يهون عليها : طيب اهدي، الحمد لله إنهم لحقوها، كان ممكن تموت في ايد جوزها زي ما بنسمع اليومين دول.
كاريمان : مش قادرة اتخيل إزاي هانت عليه، دي حبيبته وأم ابنه، يوسف البيبي الصغير، طفل مكملش ٤ سنين ده ذنبه إيه يشوف أمه بالشكل ده.
أكرم : ممكن بس تبطلي بكاء لأني هقوم حالا اخدك في حضني واللي يحصل يحصل.
كاريمان انكسفت من كلامه وقالتله :
بليز يا أكرم، أنا مش قادرة اهزر.
أكرم بصوت محمل بمشاعر حقيقية
مش هزار يا كاريمان، أنا بجاهد نفسي ليل نهار وبحاول امنع نفسي عنك، بحافظ عليكي لحد ما تبقي مراتي وفي بيتي، وده مش سهل أبدا، أنا بعشقك فاهمة يعني إيه!
كاريمان بعتاب ولوم : آه وعلشان كده عاوز تسافر.
أكرم : تقبلي نتجوز قبل ما اسافر.
🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹
أنينها مكنش بيتوقف، ليل نهار بتتألم وتئن لكنها رافضة تتكلم مع حد، أسبوع عدى وحالتها مفروض تتحسن لكن للأسف حالتها بتسوء، أهلها مش لاقيين حل وأمجد مازال مختفي.
انتقلت وعد من العناية لغرفة عادية، أهل جوزها دفعوا مصاريف المستشفى الخاصة ووالدها مقدرش يعترض لأنه ميقدرش يدفع مبلغ زي ده لكنه أصر إنهم يبعدوا عنهم وطبعاً استجابوا لطلبه لأنهم مش قادرين على المواجهة.
اول ما اتنقلت وعد لغرفة عادية كانت قصادها مريضة تانية، بنت في الثلاثينات، ملامحها قريبة جدا لوعد وكأنهم أخوات وده خلى البنت تقرب من وعد وتكلمها، في البداية وعد مكنتش بترد عليها، لكن مع تكرار محاولاتها قالتلها
أنا إسمي وعد، ممكن تسيبيني في حالي بقى.
ابتسمت بريق بهدوء وقالتلها
حاضر، هسيبك النهاردة بس، بكرة هنتكلم وهنبقى أصحاب، أنا اسمي بريق.
وعد غمضت عيونها ونامت وبريق فضلت باصة عليها وجواها فضول تعرف إيه حكايتها وإيه وصلها للحالة دي وليه.
خارج الغرفة كان ممدوح قاعد حزين ومكسور، حاسس بالعجز لا قادر يساعد بنته ولا عارف ياخد حقها، لو بلغ عن أمجد أول إنسان هيتضرر هو ابنه هو ووعد، ولو سكت يبقى بيضيع حق بنته للمرة الثانية، حاول يكلمها رفضت وكأنها عاوزة تقطع أي علاقة لها بالناس اللي تعرفهم، حتى كاريمان راحت مرة واثنين وعشرة ووعد رفضت تحكي معاها.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
مارية دخلت البيت بتاع جاسم، بيت فخم لكنه تراث قديم، بيشبه قصور الروايات، التفتت وسألته بإعجاب
واو، ده بيت جدك الباشا؟!
جاسم حدف في وشها فوطة كان بينضف بها الغبار من العفش وقالها بتهكم
لأ يا مدام، جدي كان راجل بسيط مش باشا ولا حاجة.
مارية : بس البيت ده تحفة جدا، مش بيت إنسان بسيط أبدا.
جاسم : ده بيت أمي، ورثته عن أهلها، كانت بنت العمدة لو تسمعي عنه.
مارية هزت كتفها بجهل وقالت
لأ، يعني ايه عمدة.
جاسم رد بهدوء : يعني حاجة زي mayor كده.
مارية بحماس : حقيقي! ده انت طلعت حد مهم.
جاسم : تخيلي بقى أنا تواضعت إزاي وتنازلت واتجوزت واحدة من عامة الشعب.
مارية بصت ناحيته بغموض نظرات كلها شر وهو ضحك من طريقتها وقالها
خلاص، خلينا نهدى وبلاش مشاكل، أنا جعان تحبي تاكلي إيه؟!
مارية : مش عاوزة أكل، أنا بالليل بنام من غير عشا علشان أحافظ على جسمي.
جاسم غصب عنه بص عليها بتقييم وقال
انتِ جميلة مش محتاجة رجيم.
مارية بمكر : عارفه، بس أحب افضل كده علطول، انت اتعشى مش تشغل نفسك بيا، أنا بس عاوزة أنام،بليز شوفلي مكان نضيف أنام فيه.
جاسم : اطمني، الدور الثاني كله مفروش ونضيف، أنا جبت ناس فرشته وجهزته، مدخل البيت بس محتاج توضيب بسيط.
طلع قدامها وفي ايديه الشنط بتاعتها وهي لحقته بفضول.
وقف قدام غرفة من الغرف، فتحها وقالها
تعالي هنا، دخل جوة الغرفة، حط الشنط وانتظر مارية لحد ما دخلت قالها بصوت نعسان ومرهق
سيبي الشنط زي ما هي والصبح نبقى نشوف هنعمل إيه، ارتاحي لأننا محتاجين ناخد فاصل من السفر ولو احتجتي حاجة انا في الغرفة الثانية جمبك.
جاسم خرج ومارية قفلت الباب وراه وملامح وشها اتغيرت وهمست لنفسها بتوعد
ماشي يا جاسم، أنا هخليك تندم على اليوم اللي قابلتني فيه.
دورت بعنيها في الغرفة لحد ما لمحت لاب توب محطوط في ركن، راحت بسرعة ناحيته حاولت تشغله لكنها انصدمت لما لقيته عطلان وتحت منه ورقة مكتوب عليها بخط جاسم
معلش يا حبيبتي، اللاب ده ديكور مش اكتر متحاوليش تشغليه ولما اطمن واتأكد إنك عقلتي هشتريلك واحد جديد
مارية اتعصبت جدا وقطعت الورقة، خرجت من غرفتها وراحت لجاسم، خبطت بعنف مرتين والمرة التالته فتحلها الباب وهو مبتسم بسماجة
سألها بطيبة مصطنعة
عاوزة حاجة ياحبي
مارية : حبك برص، انت بتلاعبني ياجاسم، حاطط في اوضتي لاب عطلان ليه؟
جاسم : وانتِ عاوزة لاب تكلمي مين، اصحابك.
مارية : وانت مالك يا بارد.
جاسم : ليه الغلط بس، من شوية كنتي مؤدبة.
مارية : أوك، يعني انت مصمم تتحداني.
جاسم : لا أبدا، أنا بحاول أحميكي، أنا عارف إنك هتحاولي تتواصلي مع حد من الصيع اللي برة وعلشان كده مفيش موبايل ولا نت، أنا وانتِ والطبيعة الخلابة وبس.
🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹
أمجد وصل لمرحلة من الألم فاقت تحمله، وجع بينهش في جسمه وروحه، كان في البداية المخدر بيمنحه نشوة وسعادة اختفت وحل محلها هواجس ورعب، استلف من أصحابه لحد ما بعدوا عنه، ومبقاش عنده حلول، فكر رغم ان عقله رافض يشتغل، فجأة لمعت في راسه فكرة
هو معاه توكيل عام من أبوه، هيبيع البيت هيبقى معاه مبلغ كبير يكفي احتياجاته ويفيض، وممكن يتعالج، هز راسه بعشوائية وكأنه بيبرر لنفسه وبيقنعها إنه بيتصرف صح، مشي بتعب ووصل للمحلات بتاعتهم، دخل بهدوء من غير ما حد يلاحظ ولأنه كان مختار توقيت عارف ومتأكد إنه صعب حد يشوفه فيه قدر يدخل ويفتح الخزنة، دور على التوكيل لقاه قدامه، خده بسرعة وسعادته متتوصفش وقفل الخزنة والمحل من تاني ورجع مكان ما كان.
وصل لبيت نوسة واخوها، خبط عليهم بقوة لحد ما فتحتله، بصتله بغضب وهي بتقول
جرى إيه ياسي أمجد، بتخبط علينا زي الحكومة كده ليه.
أمجد : افتحي الباب ودخليني يا نوسة لحسن رجليا مش شايلاني.
نوسة : رجب أخويا مش هنا، ادخلك البيت إزاي.
زقها أمجد ودخل وهي بصت تتأكد إن مفيش حد من الجيران شايفهم، كلمته بحدة رغم إنها سعيدة إنه راحلها لكن بتحاول تبين العكس
إيه اللي جابك في ساعة زي دي؟!
أمجد : أنا عاوزكم في خدمة، بصي انا هبيع البيت ومحتاج مشتري بسرعة جدا، شوفيلي حد وهديلك نسبة.
نوسة بتعجب : بيت مين؟ بيتكم
أمجد بعيون زايغة وصوت هلكان
أيوة، قولتي إيه، هتساعديني.
نوسة : ما قولتلك نتجوز واديلك اللي تطلبه، عليك بأيه من البهدلة دي بس.
أمجد بدون وعي : ماشي ماشي، نتجوز بس ساعديني، أنا مش هقدر اصبر لما أبيع البيت واخد فلوسه، هاتيلي بطاقة، أي حاجة تريحني وأنا هكتب عليكي الليلة.
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين استغفرك اللهم واتوب إليك
البارت الخامس عشر
#وعود الليل
#نداء_علي
💞💞💞💞💞💞💞💞💞💕💕💕💕💕
وعودنا فقدت سبيلها فتاهت عنا، بحثت عنها كثيراً بروحي وقلبي فلم أجدها لكن اشتياقي لها حدثني بأنها ستعود مهما غابت.
كاريمان رجعت من شغلها على بيت وعد، ما صدقت إن ممدوح اتصل وقالها ان الدكتور كتب لوعد خروج من المستشفى، فرحت جدا لأن جواها حاجات كتيرة عاوزة تحكيها لوغد وحاجات اكثر عاوزة تسمعها منها، نفسها حد يفهمها ويساعدها تتخطى حيرتها مع أكرم وبالنسبة لها مفيش غير وعد هيقدر يفهمها.
وصلت عند وعد، استقبلها ممدوح بابتسامة حزينة، وشاورلها على غرفة وعد، نفس غرفتها قبل ما تتجوز أمجد، رحعتلها تاني لكن المرة دي رجعت بروح مشوهة ونفس مكسورة.
كاريمان زعلت علشان ممدوح، قالتله بصوت خافت
متقلقش ياعم ممدوح، وعد قوية وان شاء الله قادرة تطلع من المحنة دي، المهم خليكم معاها، ساعدوها.
ممدوح : ان شاء الله يابنتي انا اللي يهمني سلامتها وأي حاجة تانية تتعوض، أنا بس عاوزك تحاولي تنكشيها كده يمكن تتكلم وتفضفض، الكلام ساعات بيريح.
كاريمان هزت رأسها ودخلت عند وعد، لقيتها نايمة وفاتحة عيونها وباصة للفراغ، مهتمتش ان كاريمان دخلت ولا اتحركت من مكانها، كاريمان ندهت عليها لكنها فضلت ساكتة
راحت كاريمان ناحيتها وقعدت في السرير قصادها، ابتسمت بحب وقالتلها
وحشتيني أوي يا وعد، معقول ترفضي تشوفيني، هونت عليكي.
وعد ردت بصوت جامد، مفيهوش روح :
اهلا يا كاريمان، عاملة ايه!
كاريمان : طيب ممكن تبصيلي، أنا محتاجة اتكلم معاكي، اسمعك وتسمعيني.
وعد اتعدلت وبصت عليها بتركيز، قالتلها عاوزة تسمعي إيه، احكيلك الحكاية من أولها، ولا تحبي تسمعي النهاية علطول علشان متحسيش بالملل.
كاريمان : أنا مقصدش كده، أنا بس عاوزة اقولك إني جمبك وحاسة بيكي.
وعد قامت من السرير وقفت قصادها، ضحكت بسخرية
وقالت :
حاسة بيا! بجد يا كاريمان، وياترى حاسة بأيه، إنك ولا حاجة، هتقدري تحسي بيا وأنا مهانة، مدبوحة، وضعيفة.
هتقدري إحساسي بعد ما حياتي ضاعت على ايد حبيبي، الراجل الوحيد اللي كنت واثقة فيه اكتر من نفسي، ويمكن حاسة بيا بعد ما انسحلت قدام الناس وجسمي انكشف على القريب والغريب.
كاريمان كانت بتبكي في صمت وهي بتسمع وعد، مش زعلانة منها لكن مقهورة وزعلانة عليها، وعد اتغيرت، روحها ماتت وملامحها تايهه.
وعد قربت منها قالتلها :
تحسي بأيه إذا كان أنا مبقتش أحس يا كاريمان، عاوزة ابكي ومش عارفة، عاوزة اصرخ وصوتي رافض يطاوعني، أمجد قتلني وانا خلاص انتهيت.
حاولي تعيشي حياتك وتنسيني، أنا مبقتش صاحبتك اللي انتِ عارفاها، وكتر خيرك على اهتمامك وسؤالك عني، بس الأفضل تبعدي عني.
كاريمان : انتِ بتقولي إيه، انتِ صاحبتي الوحيدة، أختي يا وعد، ومهما حصل هنفضل مع بعض لحد ما ترجعي احسن من الأول كمان.
وعد بجمود وقسوة
انتِ مش اختى ولا عندك أخوات من الأساس، فوقي بقى من العبط والسذاجة بتاعتك دي، وبعدين في إيدك إيه تعمليه ، على أساس إنك قادرة تساعدي نفسك فهتساعديني.
كاريمان : تمام، أنا همشي دلوقتي لأنك مش عارفه بتقولي إيه ولما تهدي شوية نبقى نتكلم.
وعد شدت كاريمان وقالتلها بجدية :
افهمي يابنتي، أنا فعلاً مش عاوزة أعرف حد تاني، ولا انتِ ولا حتى أهلي، أنا هعيش لنفسي وبس، روحي شوفي مستقبلك، ونصيحة مني اتمنى تسمعيها، فوقي لنفسك، أكرم بتاعك ده مش هيفرق عن أمجد كتير كلهم زي بعض، وهنروح بعيد ليه، أبوكي نفسه رماكي وعاش حياته، أبوكي باعك تفتكري غيره هيشتريكي؟!
💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔💔
كانت بتدور عينيها في المكان بحيرة وكأنها بتفكر في سر خطير، خايفة تتكلم َتعترف بتعبها اللي عمال يزيد ووقتها جاسم هيشمت فيها، هو من شوية حذرها لما شاف إنها زودت في الأكل لكنها عاندت معاه واكلت فوق طاقتها ودلوقت حاسة بألم رهيب مش قادرة تتحمله
جاسم سألها :
مالك يا مارية، ساكتة ليه، مش عوايدك.
هزت كتافها بتردد وقالت بهدوء
حاسة إني تعبانة شوية، مش عارفة في إيه.
جاسم بقلق:
أنا قولتلك بلاش عك في الأكل، إحنا لسه نازلين مصر من فترة بسيطة ومعدتك مش واخدة عالاكل هنا.
مارية:
يعني اموت من الجوع
جاسم : لأ، هتموتي من الاكل، حد ياكل كشري مصري وفطير مشلتت وحمام محشي فريك مع بعض.
مارية : يووة، انت بتبالغ على فكرة، وبعدين طول عمري نفسي اجرب الحاجات دي.
جاسم : وإيه اللي منعك.
اتنهدت بحنين وقالتله
مامي، عمرها ما عملت أكلات مصرية، وعمرها ما سمحتلي أكل في مطعم بيقدم اكل من ده، بحس إنها كانت بتهرب من أي حاجة تربطها ببلدها.
جاسم : والدتك عكس والدتي، أنا أمي كانت دايما تعملنا أكل بايدها، الله يرحمها.
جاسم لاحظ إنها بتتألم بس بتكابر
سألها تاني بترقب :
تحبي نروح للدكتور
كانت هتعرض وتقول لأ لكنها فجاة صرخت بألم قوي وقالتله :
الحقني يا جاسم، بطني مش قادرة اتحمل الوجع.
جاسم اخدها بسرعة وركبها العربية وطلع يدور على دكتور، سأل اكتر من شخص في طريقه لحد ما وصل لعيادة خاصة، نزل وساعد مارية تنزل وطلعوا عند الدكتور، كشفت وبعد فترة الدكتور سألها، اكلتي حاجة من برة البيت.
جاسم رد : أيوة، كنا طالبين اكل من مطعم وهي زودت شوية.
الدكتور ابتسم لما شاف مارية وهي بتحذر جاسم بنظراتها، التفت لجاسم وقاله :
دي نزلة معوية، تقريباً معدة المدام حساسة شوية، ياريت بلاش اكل من برة البيت وناخد الأدوية في ميعادها، دفي بطنك، واشربي سوايل دافية وبلاش أكل مسبك الفترة دي.
مارية سكتت لأنها مرهقة، الدكتور ادالها إبرة مسكنة في محلول وجاسم توقع إنها تبكي أو تخاف من الإبر لكنه لاحظ إنها ثابته ومش فارق معاها.
اخذ الروشته ونزل هو وهي بعد ما المحلول انتهى، اول ما خرجوا من المصعد لقاها دايخة كانت هتقع لكنه شالها بخفة، مارية اعترضت بخجل ودهشة، قالتله إزاي تشيلني، نزلني يا جاسم.
جاسم قالها بجدية : هشش، الناس بتبص علينا، أنا جوزك على فكرة وانتِ تعبانة.
كانت هتعترض لكنها مقدرتش ومعندهاش طاقة.
أما جاسم فكان متلخبط حاسس وكأنها بنته، مسؤولة منه وزاد جواه خوفه عليها من الناس، من تهورها وعنادها، ومنه هو نفسه
💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖
هتتجنن، ابنها وسندها غايب ومفيش حد يعرف مكانه، برغم غضبها منه مقدرتش تغضب عليه، بتدعيله يرجع وتطمن عليه وبعدين تعاتبه وتعرف إيه وصله للحالة دي ويعالجوه، أكيد أمجد هيتعالج ويبقى أحسن من الأول، دموعها غلبتها لأنها خافت يكون ده مجرد حلم ويكون الوقت عدى ومفيش أمل تصلح اللي انكسر.
دخلت عليها بنتها الكبيره وملامحها حزينة، جريت ناحيتها وردة بلهفة وسألتها بترقب
ها، عرفتي حاجة عن اخوكي؟!
كانت لسه هترد لكن دخل وراها زوجها ساند على عكازه وبيتحرك بصعوبة وتعب، اتكلم بحدة وقالها
هتعرف عنه إيه تاني، مدمن وحرامي وكان هيقتل مراته.
وردة بشراسة :
ابني مش حرامي.
رد عليها بحدة وقوة :
لأ حرامي، لما يحاول يبيع البيت اللي أوينا يبقى حرامي، لما ياخد التوكيل من الخزنة يبقى خاين للأمانة، لولا راجل من رجالتنا شافه الفجر وهو خارج يتسحب من المحل وجه قالي كان زماني رحت في داهية، ابنك ال... راح فتح الخزنة واخد التوكيل وكلم نادر السمسار يقوله عاوز أبيع بيت أبويا علشان هشتري في حتة تانية.
شهقت وردة وضربت على صدرها بحسرة وفضلت تصرخ بخوف وهي بتردد :
يالهوي، ابني ضاع مني، ابني يارب احفظه ورجعه بالسلامة ومش مهم أي حاجة تاني.
وبعدين بدل ما عمال تقول على ابنك حرامي دور عليه وهاته وسطنا ولا هتسيبه كده؟!
نسمة بنتها أدخلت وقالت
أمجد لازم يدخل محصة ويتعالج قبل ما يأذي نفسه كفاية اللي عمله في مراته يا ماما.
وردة : مصحة! عاوزة تفضحي اخوكي!
اسماعيل رمى مزهرية كانت قدامه وقعت انكسرت على الأرض ووردة من الخضة بعدت عنه، أول مره جوزها يتصرف بعنف أو يتعامل معاها بعصبية، طول عمره شخص حنون ومسالم، بص عليها بخيبة امل وقالها
ياما قولتلك بلاش يا وردة تتريقي على خلق الله، كل إنسان معرض للغلط، مفيش إنسان شوفتيه إلا وعيبتي عليه، مكنش بيعجبك العجب لحد ما وقعنا في الوحل، ياما قولتلك ان أمجد ابنك محتاج يتشد عليه شوية تقوليلي لاااا ده راجل وهيسندك، أهو قسم ضهري، ضيع تعبي وشقايا، محلات تعبت فيها سنين عمري ورثتها أب عن جد وحافظت عليها وكبرتها خسرت وراحت من ايدي بسببه، ياما حذرتك وقولت بلاش تميزي أمجد عن اخواته تقوليلي اسكت انت مش فاهم حاجة، وفي الآخر ضيعنا كلنا ياوردة.
نسمة صعبت عليها والدتها، ردت بحنو
مش وقته يا بابا، وانتِ يا ماما لازم تفهمي إن أمجد وصل لمرحلة صعبة ولو متعالجش مش هتلاقيه، ادعى ربنا بس اننا نوصله ونساعده يبعد عن السم ده.
💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮
كاريمان رجعت من عند وعد مش مصدقة اللي حصل، منهارة ومش قادرة تتحمل، كانت في انتظارها سميرة، أول ما شافتها زعقتلها بحدة وقالتلها
انتِ فين لحد دلوقت، وبتصل مبترديش.
كاريمان : مفيش، كنت بشوف وعد
سميرة : ومقولتيش ليه؟
كاريمان : أنا كبرت على فكرة، مش هتخطف ولا هتوه.
سميرة انصدمت وده بان من ملامحها، سألتها بتحذير
انتِ بتقوليلي أنا الكلام ده.
كاريمان : يووه، أنا مش ناقصة بقى، أيوة بقول لحضرتك، ملوش داعي الخوف الزيادة ده.
سميرة بطبعها إنسانة حساسة، بتكره الصوت العالي، ولما بتزعل بتنسحب بسهولة، حركت راسها وقالت لكاريمان
أوك، أنا غلطانة إني قلقت، عندك حق يا باشمهندسة، انتِ كبرتي فعلاً.
مشيت وكانت هتدخل غرفتها وتقفل على نفسها وناوية تعاقب كاريمان إنها تخاصمها لكن اتسمرت مكانها لما سألتها كاريمان بصوت مهزوز
هو أنا نحس، انا اسمع ان الإنسان اللي دايما ببفارق الغاليين عنده منحوس.
سميرة رجعت من تاني، قلبها رق ومقدرتش تسيبها، سألتها بهدوء
النبي عليه الصلاة والسلام أبوه مات وهو في بطن أمه وامه ماتت وهو في عمر ست سنين، أي حد يقولك حاجة تضايقك ردي عليه وخليكي قوية، مهما كان الشخص ده، حتى لو كان أنا.
كاريمان : نكست راسها واعتذرت منها بخجل
أنا آسفة، أنا اتخانقت مع وعد علشان كده رديت على حضرتك بقلة ذوق.
سميرة : وعد مسكينة، في مرحلة صعبة، زي الإنسان اللي طالع من جراحة وبيفوق من أثر المخدر، منقدرش معتب عليه مهما قال.
كاريمان : بس كلامها وجعني أوي.
سميرة : الأصحاب لازم يتحملوا بعض، وعموما ابعدي عنها شوية علشان النفوس متشيلش.
كاريمان اعتذرت مرة تانية لكن سميرة مردتش لأن الباب خبط، التفتت لكاريمان وقالتلها:
روحي افتحي ده أكيد البقال انا طالبة حاجات.
راحت كاريمان لكنها اتخضت لما شافت أكرم ووالدته قدامها.
سميرة لما عرفت ان أكرم ووالدته على الباب دخلت بسرعة تغير ملابسها وتستعد وجواها فضول تعرف سر زيارتهم، أما كاريمان فبعتت لأكرم رسالة على موبايله علشان تفهم سبب الزيارة من غير والدته ما تلاحظ بعتتله تقول :
إنت جاي ليه دلوقت يا أكرم، مش اتفقنا تسيبيني أفكر وافاتح ماما سميرة الأول.
رد عليها : أمي صممت تيجي النهاردة وقالت إنها هتقدر تقنع مدام سميرة، وبصراحة أنا مش قادر استنى.
كاريمان سكتت، مش عارفه تقبل ولا ترفض، أكرم جاي في توقيت مزاجها ونفسيتها تعبانين ومع ذلك لما شافته جزء كبير من همها راح ،لكنها قلقانه من رد فعل سميرة، هتقول إيه تتصرف إزاي مع أكرم، تقبل ولا ترفض وإيه الصح وإيه الأصح بالنسبة لهم، غمضت عيونها بتوتر وهي بتدعي إن الأمور تعدي على خير.
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
وعد فضلت مكانها، مش حاسه بندم على كلامها مع كاريمان، بالعكس عندها رغبة توجع الكل، خلاص مش لازم تحب ولا تتعاطف مع حد، لازم تتغير، دخل عليها الغرفة يوسف ابنها، بصلها ببراءة وندلها بصوته الجميل
ماما، أنا عاوز أنام جمبك.
صرخت وعد في وشه بقسوة خلته يتفزع ويخاف، قالتله
اخرج برة، انت كبرت وهتنام لوحدك.
دخل ممدوح على صوتها وصريخ إبنها، سأله بحنان
مالك ياحبيب جدك، بتعيط ليه يا يوسف؟!
الولد اترمى في حضن جده.
وعد قالتله : مفيش حاجة، ده عيل متدلع ولازم يتربى.
ممدوح : عملك إيه الغلبان ده، هتقلبي عليه هو كمان، مش كفاية صاحبتك اللي مشيت من عندك معيطة.
وعد : محدش طلب منها تيجي، وبعدين أنا حرة أعمل اللي يعجبني.
ممدوح شال يوسف في حضنه وقاله
تعالى ناكل أنا وأنت رز بلبن وسيب أمك ترتاح، إيه رأيك؟
يوسف : لأ، أنا عاوز ماما.
ممدوح : ماشي، هناكل ونسيب ماما ترتاح شوية وبعدين نرجعلها.
ممدوح خرج وهي كتمت بكاها بايدها، قلبها محروق ومش فاهمة هي بتعمل ايه، يوسف ملوش ذنب لكنه حتة من أمجد، لما بتشوفه بتفقد عقلها، لكن هو ملوش غيرها دلوقت، كفاية أبوه سابه مش هترميه هي كمان، تعمل إيه وتتصرف إزاي.
افتكرت وهي بتبكي بريق البنت اللي كانت معاها في المستشفى، دورت على رقمها اللي سابته معاها وهي خارجة، اتصلت عليها وبريق ردت علطول بحماس، قالتلها
وعد، اخبارك ايه.
وعد من غير تردد قالتلها : أنا كويسة، وموافقة اشتغل معاكي في المشروع بتاعك، شوفي عاوزاني أعمل إيه وامتى.
بريق : صدقيني مش هتندمي، إحنا هنعمل قناة عاليوتيوب، هنتكلم عن مشكلتك وننصح الناس، ومن خلال المشاهدات هناخد فلوس، بس كده.
وعد : وافرضي مفيش مشاهدات
بريق : دي سيبيها عليا انا، اطمني.
الفصل السادس عشر حتى الفصل الثاني والعشرون من هنا
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺