بسم الله الرحمن الرحيم
رواية وعود الليل بقلم الكاتبه نداء علي الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
رواية وعود الليل بقلم الكاتبه نداء علي الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
وعود الليل وهم، بتخدعنا وتدينا أمل كذاب وفجأة نكتشف إنها سراب، مجرد كلام صعب يتحقق
من وقت ما اتصل وطلب يشوفها وهي مقهورة، مش عاوزة تشوفه، ولكن مضطرة تقعد وتسمع، لما بعتلها كاريمان من أسبوع اتجنبت تقابله، اكتفت انها تاخد بنت اختها في حضنها تصبر نفسها وتصبرها على ألم الفراق، لكن مواجهتها معاه صعبة، هتفكرها بمواقف وذكريات أليمة.
صوت خناقها مع اختها لسه في ودانها، زي الصدى بيتكرر في كل وقت، بتتمنى لو الزمن يرجع وتقف في وشها، تمنعها ولو بالقوة من علاقتها بثابت، ياما حاولت تبعده عنه لكن للأسف اختها اختارته، بعدت عن الكل علشانه، ولما رجعت تودها وتقرب منها فقدتها للأبد.
افتكرت آخر زيارة له مع رحمة قبل ما تموت، كانت متحمسة إنها قربت تولد، كان باقي شهور بسيطة وتخلف إبنها الثاني، أد أيه كانت رقيقة، طيبة، متعرفش تكذب ولا تراوغ، حبها لثابت كان واضح زي الشمس لكن للأسف حبه كان فاتر، كل الناس كانت ملاحظة ده إلا هي.
سمعته بيخبط، ادعت القوة والصلابة،استعدت وراحت ناحية الباب، هي متوقعة إنه يوصل ويتكلم ويبرر لكنها مش هتسمحله يشرح حاجة لأنها ببساطة مش فارق معاها كلامه
فتحتله الباب بوجه خالِ من البهجة، دخل في صمت، بدأ يتكلم ويشرح ظروفه لكنها منعته عن الإستمرار.
اتنهدت سميرة بسخرية وكلمته ببرود وكأنه إنسان غريب أول مرة تشوفه :
مفيش داعي لكل الكلام ده، قول إنك هتتجوز وإن العروسة مش هتقدر تهتم بكاريمان، وبعدين إيه الغريب في الموضوع، من أول يوم دخلت فيه البيت ده وأنا قلبي كارهك، سبحان الله كأني قرأت جوة عينيك الندالة اللي اختي المسكينة كانت معمية عنها.
كلامها جرحه، اغضبه لكنه فضل ساكت، خايف من المواجهة لأن مواجهته معاها اكيد هتنتهي بمكسب جديد على حسابه
ابتسم بخفة وقالها:
عارف، والقلوب عند بعضها، أنا كمان عمري ما حبيتك، شخصيتك جافة، معندهاش مشاعر، اختك كانت ملاك مش فاهم ازاي انتِ وهي أخوات من نفس الأب والأم.
ضحكت سميرة واتحدته بنظراتها فنكس هو رأسه وبص على الأرض.
قالتله بقهر : اختي كانت ملاك، وقعت أسيرة لحب ما خدتش منه غير الألم، كانت هي الطرف المضحي، وقفت جنبك، اتحملت ظروفك وفي النهاية ماتت وهي بتحاول تسعدك، وشايف النتيجة، انت عايش بالطول والعرض، هتتجوز وتبدأ من جديد وترمي الذكرى الوحيدة الباقية منها وهي اندفنت تحت التراب، وللأسف ماتت مخدوعة وشايلة همك، كانت فاكرة إنك هتحزن عليها.
حاولت تهدي انفعالها، مش عاوزة تكمل نقاش معاه، هو ميستحقش حتى العتاب لكنها مقدرتش كملت كلامها بلهجة حزينة :
أنا عمري ما اعترضت على شرع ربنا، وفاهمة ان الحياة لازم تستمر وتمشي، لكن عمري ما فهمت إزاي الإنسان في لحظة بينسى عشق صعب يتكرر، يبيع ذكريات مستحيل يبنيها من جديد، نفسي افهم نوعيتك دي بتقدر تغير جلدها بسرعة كده إزاي، حقيقي نفسي اعرف يمكن اقدر أعمل زيك في يوم من الأيام.
قرب منها واتكلم بعصبية بعد ما كلامها قدر ينزع عن وشه ملامح البرود :
اسمعي يا ست انتِ، حياتي ملكيش علاقة بيها نهائي، أنا حر، كل اللي يربطني بواحدة زيك كان اختك الله يرحمها ومن بعدها كاريمان، أنا بخيرك، هتقدري تربيها خديها، مش عاوزة تشيلي مسؤوليتها قولي لأ وخلصنا، مش هتديني درس في الأخلاق علشان اسمع رأيك، الموضوع بسيط يا أه، يا لأ وبس، أي حاجة تانية مش من حقك تتكلمي عنها، فاهمة!
شاورت ناحية الباب، همست بتعب ظهر على ملامحها وقالتله، مع السلامة، ياريت تشوف حياتك بعيد واطمن بنت أختي هتعيش وهعوضها عن أمها وأبوها.
وصل للباب، اتراجع خطوتين واتكلم بتوتر
ممكن أشوف كاريمان قبل ما أمشي.
رفضت رفض غير قابل للمناقشة وهي بتقوله
كاريمان عند جارتنا، مفكرني هسيبها هنا وتسمع كلامنا، معتقدش إن وداعك لها هيفرق كتير، سيبها تتعلم القوة وتعرف ان التخلي واقع، خليها تفهم ان مفيش إنسان مضمون ولا حتى أقرب الناس ليها.
قفل الباب بغضب، عارف ومتأكد إن دي هتكون آخر مره يشوف فيها بنته، لكن عقله صورله إن ده في مصلحتها، خايف زوجته تظلمها، وهو معندوش طاقة يهد حياته الجديدة، يمكن ده الحل الأفضل له وللكل، أقنع نفسه بالكلام ده وسكن تأنيب ضميره خاصة وإن معظم اصدقاءه شجعوه على الخطوة دي.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
حضنته بسعادة وراحة، خلاص هيكملوا حياتهم من غير قلق، هي وثابت اتزوجوا من ٦ شهور، وافقت إنهم يتزوجوا من غير فرح، قدرت حزنه على زوجته المتوفية ورضيت بالقليل لأنها ببساطة بتحبه، من أول ما دخل بيتهم واتقدم لها وهي مغرمة به، ملامحه الوسيمة، وقاره وشخصيته الهادئة، كل حاجة فيه تتحب، لكن للأسف الشديد قابلته متأخر، بعد ما حب واتزوج غيرها وفوق كده مخلف.
في البداية كانت متقبلة وجود كاريمان لكن مع الوقت كانت بتحس ان البنت بتمثل سور بينها وبين ثابت ، نظراته بتقول إنه صعب ينسى الماضي، صبرت لحد ما اتأكدت إنها حامل ومن اللحظة دي بقى وجود كاريمان مستحيل يستمر، كرهت وجودها، خافت تأذي إبنها اللي بتتمناه، إيه المانع إنها تعيش مع خالتها، هتهتم بها وتربيها، وأكيد هو هيشيل مصاريفها وكده ميبقاش قصر معاها.
لمحت في عيونه ندم وتردد قابلته هي بابتسامة وحماس، جذبته ناحيتها وحطت ايدها فوق بطنها وهي بتقول بوعد كاذب زي حياتنا، أول ما أولد والدنيا تستقر هناخد كاريمان تاني، هنربيهم سوا وصدقني مفيش فرق بينهم أبدا، أنا بس الفترة دي تعبانة علطول، زي ما انت شايف الحمل صعب، لا عارفة أكل ولا أركز في حاجة، لكن بعد كده هتلاقي حياتنا كلها زي الفل.
بصلها بترقب : حقيقي الكلام ده يا هدى، يعني هنرجع كاريمان تعيش معانا!
هدى بتأكيد : طبعاً، أنا عارفة إنك صعب تبعد عنها سنة أو اثنين، بس غصب عني، مكنتش متوقعة إني أحمل ويكون حملي وحش أوي كده.
ضمها بقوة واتكلم بعشم زايد ميتناسبش مع تفكيرها وتفكيره.
عندك حق، ان شاء الله تقومي بالسلامة ونطمن على البيبي وفي والوقت ده تكون ناني كبرت شوية ولما ترجعلنا تهتم كمان بأخوها، كلامك مظبوط.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
حضنت ابنها بكل قوتها، حاوطته بجسمها وغمضت عنيها، محستش بأي حاجة غير الخوف، مش على نفسها ولكن خوف إنها تفقد إبنها، وحيدها، ملهاش غيره، اتجوزت راجل عمره كبير، يمكن ضعف عمرها، عاشت معاه سنة، اتوفى وسابها مع طفل مكملش شهرين، عاشت علشانه هو وبس، عوضها عن طفولتها وشبابها لا عندها أب ولا أم، أخواتها شغلتهم الدنيا واتفرقوا، بتشوفهم من السنة للسنة وبس.
بتقاوم الحياة والناس ورغم كل ده بيتها القديم مقدرش يقاوم، اتصدع وتعب وقرر ينهار فوقها، حضنت ابنها وقررت تحميه بروحها، دقايق واتراكم فوقهم جدران البيت، غمضت عينيها باستسلام، هتموت بس عالأقل هيكون ضناها معاها مش هتسيبه للعالم المرعب ده.
اتجمع جيرانها، حاولوا بكل الطرق يساعدوها، صرخت واحدة من الستات الواقفين
الحقوا الست جليلة، والنبي ياجدعان حد يلحقها، هي وابنها جوة البيت.
الكل اتعاون، حاولوا باستماته يخرجوهم وفعلاً قدروا يوصلوا، انصدموا من المنظر، جليلة فاقدة الوعي لكن أكرم كان في كامل وعيه بيبكي بخوف إن والدته تكون ماتت وسابته، سأله واحد من الناس
انت كويس يابني؟!
حرك رأسه في صمت ونظراته متسلطة على أمه ، وصلت الإسعاف بعد مدة طويلة، حاولوا يبعدوه عن أمه لكنه اتشبث بها، خدوهم الإثنين على المستشفى والكل كان بيدعيلهم بالسلامة.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
استقر ثابت في ألمانيا، مقيم في مدينة فرانكفورت، اختارها لأنها حيوية، هتساعده يحقق طموحه وينجح بسرعة.
كان معاه مبلغ كبير، باع كل ممتلكاته واختار يغامر ويسافر، وفعلاً قدر يفتح مشروع بسيط، ثابت إنسان ذكي جدا، عملي وبيحب يطور من نفسه، بيتكلم لغات كتير وبيجيد اللغة الألمانية وده خلاه يكون صداقات مع ألمان كتير.
بيصدر منتجات ألمانية لدول عربية، لأن الصناعة الألمانية جودتها بتميزها.
لكن خططه كلها مخققتش النجاح المطلوب، قدر يحقق مكاسب مالية في وقت قصير لكن خسر الألفة اللي بدأ يحس بها مع هدى.
رجع من شغله مرهق، الدنيا كلها في وشه صغيرة كأنها ملهاش منافذ يلتقط منها أنفاسه، حاسس انه بيصارع نفسه ومراته ومنافسينه، بيصارع الدنيا كلها وللأسف كل يوم بيزيد الضغط عليه، اتنهد بقرف وهو شايف البيت حواليه مقلوب كالعادة، مفيش حاجة مترتبة، كل يوم أكل جاهز ولو اتكرمت مراته وعملت أكل بيكون على هواها هي، عمرها ما سألته تاكل ايه، رجع بتفكيره شوية وعرف إنها كانت في أول سنة من زواجهم بتسأل، بتهتم بتفاصيله، للأسف أول ما سافروا ألمانيا واشتغلوا هناك وعرفت ناس جديدة.
من يوم ما ولدت وهي بعيدة، كان متخيل إنها هتكون أم مثالية لكن محصلش.
اتغيرت، اتبدلت كأنها مش هي، بقت زي الأجانب، بارده متعرفش معنى المودة والدفا، ضحك على سذاجته، كان مصدق إنهم هياخدوا كاريمان وتهتم بيها، دي رامية بنتها للشغالين، متعرفش عنها حاجة، حتى هو كمان ميعرفش، مش قادر يحبها، يمكن فقد قدرته انه يحب بعد رحمة، بعدها ظهر اسوأ ما فيه عقابه كان الست دي.
دخلت من باب الفيلا بتطوح، فكر في البداية إنها تعبانة أو فيها حاجة بتوجعها، قرب منها بسرعة لكنها دفعته بعنف وهي بتقول
يوووة، ابعد عني يا ثابت، راسي مصدعة ومش قادرة أقف.
صدمته مكنتش سهلة، حاسس بالعجز، مراته راجعة نص الليل، سكرانة!
مستوعبش الكلمة، بصلها وسألها بترقب
انتِ شاربة خمر، سكرانة!
نفخت بملل، رمت نفسها على الكرسي وقالت بجرأة :
سكرانة إيه بس، ده كاس واحد اخدته مع سيلين وجيكوب بعد ما المكتب اخد مناقصة مهمة، بلاش تبقى أوفر كده.
رجعت راسها للخلف وغمضت عنيها، دقيقة وكانت نايمة وهو لسه مكانه، مصدوم، ندمان وخايف من اللي جاي.
توقعاتكم للأحداث، رأيكم ايه في الشخصيات
#وكل ما في الليل هامس بالصمت سوى أوجاعه فإنها صاخبة يتردد صداها بين القلب والافئدة تذكرهما بما كان من وعود.
#بسم الله الرحمن الرحيم
#البارت الثاني
#وعود الليل
#نداء_علي
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
قدام غرفة الجراحة كان واقف جسمه كله بيألمه، مش عارف مصدر الوجع بالظبط لكنه حاسس ببرودة في اطرافه، كأنه عريان قدام الناس، أمه كانت دايما مصدر حمايته الوحيد، مش معقول يتحرم منها، اتعود من صغره انها تساعده، تسانده، تقويه، إزاي ممكن يكمل من غيرها.
خرج الدكتور وهو جرى عليه بأمل، سأله بخوف
يا دكتور، أمي كويسة، عايشة، صح!
الدكتور بصله بشفقة، لأنه عرف حكايته، المستشفى كلها بتتكلم عن الست اللي دخلت العمليات في حالة حرجة بعد ما أنقذت ابنها، رد عليها بهدوء
اطمن، والدتك بخير، حصلها نزيف داخلي بس الحمد لله لحقناه، وكام كدمة كده بسيطة، عالعموم دي معجزة ومفروض تحمدوا ربنا.
قربت منهم ممرضة وقالت
محتاجين الأدوية دي من برة يا دكتور، خلي إبنها يروح يجبهم.
الدكتور بص على أكرم لقاه صغير، أصغر من إنه يشيل مسؤولية زي دي لوحده، فضوله دفعه يسأله :
انت معاك حد كبير، فين أهلك.
أكرم : مليش أهل غير أمي.
في الوقت ده وصل المستشفى أخوات والدته، سمعوا كلام أكرم اتضايقوا جدا وهاجموه بعنف وتعجب.
خالة أكرم : كلام إيه ده ياواد يا أكرم، ملكش أهل ازاي واحنا فين؟
خاله جابر : عيل قليل الأدب بصحيح، إحنا موجودين يادكتور، خير ان شاء الله.
الممرضة : خد يا أستاذ هاتلنا الأدوية دي المريضة محتاجاها.
جابر : ودي غالية يا ست الكل.
الدكتور : مش غالية أوي، لكن للأسف مش متوفرة عندنا في المستشفى، ياريت بسرعة لأن الحالة محتاجاهم.
أكرم انسحب ما بينهم، وقف على جنب، علاقته بيهم فاترة، مبيحسش معاهم بألفة، خاله جاف في التعامل معاه، وحتى في تعامله مع والدته، بيحس إنها علاقة واجب عليهم وبيقضوها، أكرم مبيحس إنه قريب من حد غير والدته وبس.
خرج جابر برة المستشفى، هيدور على الأدوية، واخته التانية وقفت مكانها، بتبص على أكرم بغيظ من اسلوبه معاهم.
جوة غرفة الجراحة كانت جليلة تايهة، أثر البنج مخليها مغيبة، لكنها طول الوقت بتدور بقلبها عن ابنها، بتنده اسمه وهي بتصرخ بخوف، طمنتها واحدة من الواقفين جنبها وقالتلها
اطمني يا حجة، نامي متخافيش، إبنك بخير.
قالتلها الكلام ده مرات متتالية، وفي كل مرة كانت جليلة بتغمض عيونها لحظات وتفتح تاني بنفس الخوف واللهفة والممرضة بتجاوبها بنفس الطريقة.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
كانت مكشرة، سألتها سميرة بلطف
هتفضل مكشر كتير كده يا قلبي، خلاص بقى ان شاء الله فترة وبعدها نستغنى عنها.
كاريمان : بس البنات بتتريق عليا، وكمان النضارة دي بتخلي شكلي وحش.
سميرة بهدوء : يعني عينيكي توجعك علشان شوية بنات مخها فاضي، اوعي تهتمي برأي حد طالما بتعملي الصح ومبتأذيش غيرك، ابتسمت وقربت منها، رفعت وشها وقالتها بمشاكسة
عموماً كده أحسن، كنت بخاف عليكي من كتر ما الناس بتقول عيونك حلوة، النضارة هتخبي الجمال ده شوية.
مقتنعتش كاريمان لكنها مجبرة تلبسها لأنها بتعاني من فترة بسبب ضعف نظرها.
حاولت تهرب من احساسها السيء بأنها هتلبس الشيء ده طول الوقت، سألت خالتها بتردد
ممكن أروح عند وعد؟!
سميرة بحدة طفيفة : هو كل يوم وعد، على فكرة إحنا وقت امتحانات، يعني لازم تدرسي كويس
كاريمان : نص ساعة بس، والله مش هتأخر.
سميرة : نتغدى الأول، وبعدها روحي، متاكليش حاجة عندهم مفهوم!
كاريمان : ليه بقى، ماهي وعد هتزعل مني.
سميرة، خلاص متروحيش، أنا أساساً مبحبش الخروج كل يوم من غير سبب.
كاريمان : يا ماما، خروج إيه، دي معانا في نفس العمارة.
سميرة ضعفت، كلمة ماما دي لها معاني كتير، كلمة غريبة زي السحر، بتاخد من القلب والروح أوامر للعقل إنه يسكت، لازم بين حين وآخر يميل غصب عنه، أد إيه كاريمان جميلة، رقيقة وذكية ورغم كل ده فيها صفات من والدتها، رحمة كانت جميلة وذكية، لكنها كانت مع ثابت ساذجة وكأنها معاه كانت بدون عقل.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
كانت متضايقة، عاوزة ترفض ولكن زوجها حذرها كتير من عصبيتها، مش من حق أي حد يتدخل في تربية بناتها لكن للأسف هتسكت، ده نظامهم ودي حياتهم.
كانت وعد قاعدة جنب عمة أبوها، بتسمع كلامها بسعادة، طفلة مكملتش ٨ سنين بتأكد جوة منها فكرة واحدة وهي إن عريسها موجود، أمجد هيكون من نصيبها وبالتالي لازم تسمع كلامه وكلامه أهله، مقدرتش تصبر أكتر من كده واعتضرت بحدة خفيفة
كل شيء نصيب يا أم أمجد، العيال لسه صغيرين.
وردة : تقصدي ايه يا حبيبتي، مش عاجبك إبني ولا ايه، ما تشوف مراتك يا ممدوح، إحنا مش اد المقام ولا أيه؟
ممدوح : وده كلام ياعمة، ده إحنا نتمنى بس سعاد مش عاوزة تفتح عين البنات وكده
وردة :وانت شفتني بقول حاجة عيب، أنا بهزر معاهم، ثم إننا عاوزين نطبع البنت بطبعنا، لا طريقة لبسها ولا أسلوبها تمشي معانا.
سعاد : ليه يا أم أمجد، مالها وعد؟!
وردة بجدية : كبرت يا حبيبتي، ولازم تتحجب وتلبس فضفاض، انتِ عارفة نظامنا.
سعاد : آه عارفة، بس معلش وعد لسه عيلة، لا بلغت ولا تفهم حاجة، وأبوها ربنا يبارك في عمره هو المسؤول عنها مش اي حد تاني.
وردة بصدمة : الكلام ده ليا يا سعاد، قصدك متدخلش يعني، طيب يابنتي، اول وآخر مرة هندخلك حتة، واعتبري إنك متعرفنيش خالص، أنا الغلطانة من الأول.
مشيت وردة وممدوح مقدرش يمنعها لأنه شايف إن مراته غلطت، طلب من بناته يدخلوا غرفهم وقرب من زوجته بغضب وقالها
لو مروحتيش لعمتي تصالحيها وتراضيها روحي على بيت أهلك وخليكي عندهم.
سعاد : انت بتهددني يا ممدوح! أنا مغلطتش.
ممدوح : لأ غلطانة وقليلة الذوق، دي ست في بيتك، عقلها صغير، بتحب عيالك ومحتارة تعملهم إيه، بتجيبلهم زي ما بتجيب لعيالها، وفي الآخر تبهدليها وقدامي كمان.
سعاد : يعني اسيبها تبوظ دماغ بنتي، عيلة إيه دي اللي تفهم في الجواز والقرف، دي طفلة.
ممدوح : وأنا أبوها، واديت كلمة لعمتي وجوزها، يعني فعلاً بنتك مخطوبة لأمجد، وده كلام مفهوش مناقشة، مش هطلع عيل بسببك قدام الناس، تعملي اللي طلبته منك يا إما تمشي وأنا هربي عيالي بطريقتي.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
في ألمانيا كان بيوقع أوراق مهمة، زوجته قدرت تقنعه يشاركها، ومن وقت ما حصل وهو بيعلي، شغله اتطور وثروته بقت أضعاف، لكن كل شيء بيمتلكه هي كمان مشركاه فيه، حاسس انه متكتف لكن طموحه بيشجعه يكمل، مهما كان هي شاطرة وقدرت في فترة بسيطة تكون معارف وصداقات مع ناس مهمة، هدى خريجة تجارة انجليزي كانت بتشتغل في شركة مقاولات كبيرة في مصر، لكن لما اتجوزوا طلب منها تسيب الشغل لأنهم هيسافروا.
بص في ساعته وشاف التاريخ، دقايق والموبايل عمله تذكير بعيد ميلاد كاريمان، اتردد شوية قبل ما يمسك موبايله ويطلب رقم سميرة، كان ناوي يكلم بنته ويسأل عنها لكن هدى دخلت المكتب فجأة وهي بتصرخ بحماس وبتقوله
قوم بسرعة يا ثابت، ستيفن رتبلنا لقاء مهم اوي مع مجلة
D IE WELT, يلا يدوب نروح البيت نجهز ونشوف هنعمل ايه.
ثابت : هعمل تليفون واحصلك.
شدته من ايده بحماس وقالتله بتوضيح
يووة بقى، بقولك لقاء صعب ويمكن مستحيل يتكرر، بكرة لما الخبر ينزل والناس تقرأ المكتوب عن شركتنا مش هنلاحق على الشغل، دي جريدة شعبية وملايين بيتابعوها.
ثابت : وهما عرفونا ازاي.
هدى : اتحرك بس معايا وأنا هفهمك في الطريق، أنا اتقابلت مع صحفية شغالة هناك من فترة ووقتها استيفن عزمها على الغدا واتكلمنا، وبعدها بقينا أصحاب، فهمت.
ثابت بتردد : طيب هكلم كاريمان، النهاردة عيد ميلادها.
نفخت بضيق واتحركت ناحية الباب وقالتله
بعدين كلمها، متقلقش الموضوع مش هياخد ساعة بالكتير، يلا ياحبيبي علشان تحفظ الاسئلة والإجابات.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
حاسس انه جعان، لأول مرة يعرف كلمة ميت من الجوع، بقاله يومين مأكلش حاجة، بدأ يحس إنه هيفقد وعيه بس هيطلب من مين، فلوسهم وكل ممتلكاتهم خلاص ضاعت تحت الانقاض، اتلفت شمال ويمين ملقاش حد، ممرضين ودكاترة بيمروا من قدامه وكأنه مش موجود، وخاله وخالته سابوه وروحوا، وعدوه أنهم هيرجعوا تاني، خالته عندها بيتها وولادها، متقدرش تفضل معاه اكتر من كده، زوجها مش هيسمح، وخاله تاجر، شغله معتمد عليه ميقدرش يسيب مصالحه، اتحججوا إن جليلة نايمة معظم الوقت ومش حاسة بحاجة ومشيوا.
بعد فترة، يمكن ساعة سمع صوت ست بتنده عليه، بصلها بترقب، قالتله
تعالى كلم أمك، فاقت وبتدور عليك، مش انت أكرم؟!
ابتسم وكأنه رجع للحياة من تاني، دخل الغرفة يلهفة لكن منظر والدته صدمه، وشها متغير، مش هي دي والدته الجميلة، لون بشرتها الأبيض بقى أزرق، مرهق، الكدمات مبدلة ملامحها، ندهت عليه بحنان.
تعالي ياقلب أمك.
رمي نفسه في حضنه وفضل يبكي كتير، من تعبه وخوفه وهي كانت حضناه في صمت، بعد ما سكت وهديت ثورته، سألته أمه بحب
اتغديت ياحبيبي، حد جابلك أكل؟!
مردش عليه في البداية، خاف يحملها الهم، لكن بعد دقايق قالها
مليش نفس، متشغليش بالك انتِ، المهم إني اطمنت عليكي.
جليلة عرفت من شكله إنه تعبان ومأكلش، بس في ايدها أيه تعمله، سألت الممرضة بتردد
مش العيانين بيطلعلهم اكل يابنتي؟!
ردت عليه باختصار
لما تطلعي من العناية، لسه الدكتور مسمحش إنك تاكلي.
غمضت جليلة عنيها وعقلها بيفكر في اللي جاي، الحادثة دي خلتها تترعب على ابنها، لو حصلها حاجة هيجراله إيه وهيعيش منين، ولما تطلع من المستشفى هيروحوا فين، مليون سؤال في رأسها ملهمش إجابة ولا حل.
اتعودت طول عمرها تكفى طلبات إبنها، بيتها اللي وقع كان ساترها، عايشة فيه، بتربي طيور على السطوح، بتاكل منها وتبيع وتجيب لأكرم اللي نفسه فيه.
دخل الدكتور، فحصها بهدوء، بصلها واتكلم بسرعة :
حمد الله على سلامتك يا حجة، ان شاء الله هتقعدي معانا كام يوم ونكتبلك خروج، ممنوع تعملي مجهود الفترة الجاية لأن الكسور هتاخد وقت لما تخف، وممنوع ترفعي حاجة تقيلة أو تهملي علاجك.
كلم الممرضة وهو بيتحرك ناحية الباب :
انقلوها غرفة عادية وخلوها تاكل.
##بسم الله الرحمن الرحيم
#البارت الثالث
#وعود الليل
#نداء_علي
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
انتهت سميرة من صلاتها، غمضت عينيها ودعت ربها في صمت، دعوة ثابتة مبتتغيرش كل يوم، دعوة من قلب بقى فاقد الأمل في الناس وصدقهم وبالتالي بتتمنى ربنا يبعدهم عن طريقها هي وطفلتها الصغيرة، ابتسمت بسعادة لأن البنوتة الصغيرة كبرت ٣ سنين، سنين عدت متعرفش امتى وإزاي، هي وكاريمان اتعودوا بسرعة على بعض، أحيانا بتحس إنها فعلاً بنتها مش بنت أختها، حمدت ربنا إن طول السنين دي ثابت اختفى، مفكرش ينزل مصر ولا مرة، اكتفى بمكالمة موبايل كل كام شهر بيطمن فيها على بنته ويوعدها إنه نازل قريب.
قامت بسرعة من مكانها لما حست ان الوقت هيخدعها، النهاردة يوم مهم، عيد ميلاد حبيبتها، ياه الأيام بتجري بسرعة، امتى يعدي الوقت وتكمل ٢٠ سنة، سعادتها اختفت لما تخيلت اليوم ده، كاريمان هتكبر وتقابل ناس جديدة، ممكن تحب وترتبط بشخص متعرفوش، إنسان ترمي بين ايديه روحها وحياتها وتثق فيه وفي الاخر يخون ثقتها.
حركت رأسها اكتر من مرة وكأنها بترمي الفكرة بعيد، لسه كتير لحد ما اليوم ده يجي، ومن هنا لحد ما يحصل عليها تقوى كاريمان، تعلمها ان الحياة خداعة وإن الأمان معناه نفسي وبس.
جالها رسالة، عرفت مصدرها بس حبت تتأكد، اتحركت كام خطوة، مسكت الموبايل وشافت الرسالة، كانت من حسابها في البنك، الحوالة بتاعت كل شهر، ثابت لحد النهاردة ملتزم بمصاريف بنته، حمدت ربها إنه مخذلهاش في النقطة دي كمان، هي صحيح بتشتغل لكن للأسف مرتبها ميكفيش حاجة، يدوب بتدفع منه إيجار البيت ومواصلاتها، دخلت كاريمان بسرعة من غير ما تخبط، شهقت سميرة بفزع وهي بتتأمل ملامح كاريمان، سألتها بقلق
في إيه يا حبيبي، بتنهجي كده ليه، حد زعلك؟!
كاريمان : لأ، بس أنا ندهت عليكي كتير ومردتيش وخوفت عليكي أوي.
حضنتها سميرة واتكلمت بود : متقلقيش يا ناني، كنت بصلي العصر، يلا قوليلي بقى كنتي بتدوري عليا ليه؟!
كاريمان : عاوزة اروح مع وعد وأخواتها، قالولي أدخل عندهم البيت بس قولتلهم هسأل ماما الأول.
سميرة : ماشي يا قلبي، نص ساعه، خليكي معاهم وهجيلك اخدك ونخرج، هنشتري حاجات ونتغدي برة كمان.
فرحت كاريمان جدا وجريت على بيت وعد علشان تلحق وقتها معاهم وسابت سميرة بتبص على أثرها بحب بيزيد كل يوم أضعاف.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
خرجوا من المستشفى، أخوات جليلة عرضوا عليها تروح تقعد عنده لحد ما تدبر أمورها لكنها رفضت، خدت ابنها وراحت الحارة، الناس قابلتهم بفرحة وترحيب، ساعدوهم باللي يقدروا عليه لكن جليلة كانت فكرت وقررت هتعمل ايه، طلبت من سمسار يشوفلها مشتري لأرض البيت، مفيش حل ثاني، مستحيل تتحمل تكلفة بناء بيت تاني غير اللي وقع ولا عندها فلوس تأجر شقة جديدة، هتبيع الأرض وتشتري شقة صغيرة تعيش فيها مع ابنها.
سألها أكرم بصوت خافت : هنقعد فين لحد ما نلاقي مكان يا أمي، أنا تعبان ونفسي أنام.
جليلة : متقلقش ياقلب أمك، أنا هاخد عربون من الحاج اللي هيشتري الأرض، هنأجر شقة لحد ما تفرج ونلاقي شقة تمليك على أد ظروفنا.
أكرم : ماشي، ربنا هيحلها ان شاء الله، المهم إنك بخير.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
كانت الحفلة صاخبة، كأنها ملهي ليلي، موسيقى عالية، دخان السجاير معبي المكان، ناس بترقص وناس تانية في أوضاع حميمية كأنهم مغيبين، هدى كانت مشغولة مع أصحابها بتحاول تجاريهم، أما ثابت فكان حاسس بنفور غريب، هو عمره ما كان متدين بالشكل المعروف، يمكن طول عمره عايش حياته، شايف إن الصح والغلط بيعتمدوا على تقييم الإنسان وتفكيره، لكن عمره ما كان منحل بالشكل ده، متعود يخرج ويستمتع بحياته لكن ده مش استمتاع، الحياة دي مخيفة.
حاول قدر استطاعته يكمل الحفل، مقدرش، انسحب بهدوء، عارف إنه مفروض ياخد مراته معاه وهو ماشي لكن خاف ترفض وتحرجه، وفي نفس الوقت كان عاوز يبعد عنها.
وصل البيت، لقى بنته الصغيرة بتصرخ، وقعت وهي بتلعب وواضح إن مفيش حد جنبها، قرب منها بفزع وشالها بلهفة، البنت كانت بتصرخ بشكل هيستيري، وهو كان محتار مش فاهم إيه بيوجعها، فحصها بسرعة وأول ما لمس ذراعها صرخت بفزع، نده بصوت عالي، حاد على المربية، مردتش عليه، اضطر ياخد بنته ويدور عليها بنفسه، دخل غرفة مارية، انصدم لما شاف المربية حاطة سماعات في ودانها وبترقص بمنتهى السعادة، بتسمع أغاني ومندمجة معاها.
قرب منها وشد السماعات وهي اتفزعت وبصتله بتعجب
سألته وكأنها معملتش حاجة: في إيه مستر ثابت؟
ثابت : انتِ قاعدة هنا ترقصي وسايبة البنت لوحدها، جاي ترقصي وتغني ولا تشتغلي؟!
نكست رأسها بحرج ومتكلمتش وهو كان هيطردها لكن بكاء بنته خلاه يتراجع، للأسف مش هيقدر يتعامل مغاها لوحده، حذرها بغضب وقالها
جهزي البنت وخلينا نروح المستشفى، خلي بالك من ذراعها لأنه غالباً مكسور
شهقت بفزع وحزن، هي مكنتش تقصد أبدا تأذي البنت، كل ما في الأمر إنها حبت تتبسط شوية.
اما ثابت فكان حاسس بالذنب، للأسف لا قدر يهتم بكاريمان ولا عنده استعداد يراعي مارية، واضح انه أب فاشل.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
١٠ سنين فاتت، كل حاجة بتتغير، الناس والنفوس والظروف، حتى البيوت بتختلف، بتتلون وتتجدد وفي بيوت بتموت، وفي حاجات حوالينا بتمثل إنها ثابتة متغيرتش لكن جواها اتغير وبدلته الدنيا.
كاريمان عايشة حياتها بنفس النمط، بتدرس وتجتهد، ملهاش أصحاب ولا عندها طموح، رافضة حتى تفكر في والدها، مبيجيش على بالها وكأن عقلها بنى بينه وبينها حواجز وأسوار ، كانت زمان وهي صغيرة بتستناه كل يوم، كل يوم كانت بتحلم برجوعه، بتتخيله بيحضنها وبيعتذر عن غيابه، لكن مع مرور الوقت مبقتش تفكر.
حياتها بتمر بسرعة وهي بتحاول تلحقها، صديقتها الوحيدة وعد رغم اختلاف شخصياتهم لكنها بتثق فيها، بتحبها.
وعد اتخطبت لأمجد، بعد قصة حب استمرت من صغرهم لحد ما كبروا.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
كان نايم ومغمض عيونه، خايف يكون قراره غلط، وفي نفس الوقت شايف حواليه الدنيا بقت غابة، مفيش أمان، لما بنته بتخرج من بيتهم للمدرسة أو الدرس بيخاف، كل خطوة بتبعدها عنه هي او أخواتها بيزيد خوفه، ليه ما يختارش الحل المتاح له، بنته مخطوبة، بتحب خطيبها وأهله عرضوا عليه يتمموا الزواج وتكمل تعليم عندهم.
زوجته كانت بتقنعه يرفض، هي عارفة إن الزواج حمل تقيل، مسؤولية وبنتها هتتحملها بدري، بتحاول تأجل لعل وعسى ظروفهم المادية تتحسن وبنتها تكمل تعليم خاصة وانها متفوقة.
اتعدل ممدوح في سريره وبصلها تحذير :
بقولك ايه، البنت في الأول والآخر ملهاش غير بيت
جوزها، وبعدين بنتك موافقة وراضية عاوزة ايه انتِ؟!
سعاد : بنتك صغيرة لسه، الحب عامي عنيها، الحياة صعبة وانها تفتح بيت في السن ده مش حاجة سهلة أبدا.
ممدوح : وأنا تعبت، الحمل تقل عليا والدنيا بقت صعبة، تتجوز وتكمل تعليم عندهم، واحمدي ربك إنهم مننا فينا ومش هيكلفونا فوق طاقتنا، خليني اشوف أخواتها، يكملوا تعليم ويشتغلوا ويساعدونا، أنا تعبت يا سعاد مبقتش قادر على الشقا والبهدلة.
قربت منه زوجته وطبطبت على ضهره بحنية وتفهم، ريحت راسه على كتفها وهو اتنهد بهدوء، كلمته بطاعة وهي بتقول :
خلاص يا ممدوح، اللي تشوفه أنا معاك فيه، أنا بس صعبان عليا البت وخصوصاً إن حماتها شديدة، يلا الخيرة فيما اختاره ربنا، هقوم ابشرها إنك وافقت وانت كلم أمجد واتفق معاه على المعاد،بس أهم شيء تأكد عليه إنها هتكمل جامعة، سامعني يا ممدوح!
ممدوح : ياستي خلاص فهمت، وبعدين انتِ عارفة ان منى عيني بناتي ياخدوا احسن شهادات بس هعمل ايه، العين بصيرة والإيد قصيرة، بأمر الله هنفرح بوعد وبعد كده مفيش بنت منهم هتتجوز ولا تتخطب غير بعد ما تخلص جامعة، وربنا عالم ان لولا ثقتي في الواد أمجد ما كنت هوافق ابدا، اطمني يا سعاد.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
سميرة عقلها في البداية مستوعبش طلب زميلها، معقول بيعرض عليها الزواج، بعد السن ده، دي عدت الخمسين، رفضت تتجوز في شبابها معقول تقبل في الوقت ده، وحتى لو فكرت وقبلت، كاريمان هتعمل ايه، هتروح فين، هل العريس هيتقبل وجودها، هيفهم علاقتهم، ولا هيكون سبب في حرمانها منها.
الناس هتقول عليها إيه، بعد ما شاب ودوه الكتاب، طيب ايه اللي حصل اشمعنى دلوقت بتفكر، ياما اتقدملها ناس ورفضتهم، ياما اتحايل عليها أبوها سنين أنها تتجوز وتشوف حياتها لكنها رفضت، ليه في الوقت ده عقلها بدأ يفكر وقلبها بدأ يميل؟!
#وعود الليل
#بسم الله الرحمن الرحيم
#البارت الرابع
#وعود الليل
#نداء_علي
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
غادرت سفن النسيان ميناء العقل لكنها بقيت عالقة بين أمواج الحنين وعواصف الذكريات وبين حين وآخر تعود مرغمة إلى موانيها فلا تجد مرفأ آمن ولا ربان يوجهها.
...............................
كانت سعيدة، زي الطير الصغير اللي بيتعلم الطيران، مندفعة في مشاعرها، أي حاجة بيطلبها أمجد بالنسبة ليها أمر، متقدرش تزعله، هي واثقة ومتأكدة من حبه وعلشان كده بتراضيه، معترضتش انها هتتجوز مع حماتها في نفس الشقة، ايه المانع طالما المكان كبير وهيكون لها جزء خاص بيها.
بعد زواجهم بأسبوع كانت قاعدة قدام التلفزيون بملل، أمجد وعدها يسافروا شهر عسل لكنه خلف وعده بسبب تعب والده، حماها حصله ازمة صحية من سنة وكل يوم حالته بتسوء، وامجد ابنه الكبير ومسؤول عن كل حاجة.
فردت ضهرها على الكنبة ونفخت بزهق، محتارة تعمل ايه، لو خرجت تقعد مع حماتها هتاكل دماغها بكلامها، من يوم الفرح وهي بتسأل عن كاريمان، عاوزة تاخدها لابن اختها، ولما كلمت كاريمان رفضت وقالتها إنها هتكمل جامعة ومش بتفكر تتجوز في السن ده، طيب تعمل ايه!
ابتسمت بسعادة وكأنها اكتشفت سر خطير، قررت تعمل زي ما بتشوف في الأفلام والبرامج، هتعمل مقلب في أمجد، زمانه قرب يرجع من برة.
جريت بسرعة وجهزت الحاجات اللي هتستخدمها، سمعت صوته بيقرب وقفت ورا الباب واول ما فتح خبطته بالطبق في وشه، طبق دقيق، وقبل ما يستوعب كانت دالقة فوق راسها كوباية ماية ساقعة متلجة.
أمجد عيونه كانت بتنطق بمدى غضبه، رفع ايده لفوق وهي غمضت عنيها بصدمة وذهول
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
اتقابلت معاه، رغم رفضها في البداية إنها تتكلم معاه بعيد عن الشغل، بقالها سنين شغالة في الإدارة التعليمية، موظفة مجتهدة وجادة، الكل بيحبها لكن ما بينها وبين زمايلها حدود ممنوع حد يتخطاها، من سنة ويمكن أكتر اتعين معاهم موظف جديد، منقول من محافظة تانية، راجل محترم عنده قبول، نظراته كانت بتقولها إنه معجب لكنها كانت بتنفي الفكرة دي، لحد ما طلب من واحدة زميلتهم تفاتحها في الموضوع.
عدى وقت وهما الأثنين متوترين، اتكلم هو الأول، حاول يلطف الجو وقالها
تحبي تشربي إيه يا أستاذة؟
سميرة : متشكرة، أنا مش متعودة أشرب حاجة برة البيت، كمان مليش في العصاير انا اخرى شاي وقهوة.
مصطفى : عارف، أنا عارف عنك حاجات كتير.
سميرة بهدوء : كويس، يعني أكيد عرفت إني عايشة مع بنت اختي، وبربيها، تقدر تقول بنتي.
مصطفى : وعارف إنها ما شاء الله كبرت، يعني كام سنة هتتجوز وممكن تعيش مع والدها عادي، معتقدش إنها صغيرة ويتخاف عليها، أعتقد عمرها ١٨ سنة.
سميرة : بالظبط، السنة دي دخلت أولى هندسة.
مصطفى : تمام، يبقى مفيش مشكلة، نتجوز لو في نصيب وهي تروح لوالدها، وأكيد علاقتك معاها هتستمر عادي.
سميرة اتضايقت من أسلوبه، اتخنقت من الفكرة نفسها، حست انه بيتكلم عن كاريمان وكأنها حمل وهيتخلص منه،هي من الأساس شخص رافض إن حد يتحكم فيه.
حسمت أمرها، هي من الأساس لما صلت استخارة محستش براحة، بالعكس رفضها بقى هو الاحتمال الأكبر، قامت وقفت، اخدت شنطتها، اتكلمت بأسلوب مهذب وهي بتقوله
فرصة سعيدة يا أستاذ مصطفى، على فكرة كاريمان بنت اختي بس عندي اغلى من بنتي، عمرك شفت واحدة بتسيب بنتها بحجة انها كبرت، للأسف مقدرش.
مصطفى بتعجب : يعني هتترهبني علشانها، على فكرة انتِ عايشة الدور أوي، أنا بتكلم بعقل، البنت أبوها عايش يبقى هو أولى بيها.
مردتش عليه اكتفت إنها ابتسمت بهدوء ومشيت، أحيانا المناقشة مع بعض الناس بيكون تضييع وقت، في مشاعر صعب تتوصف وصعب تتفهم، وده الحال معاها، مفيش حد هيفهم يعني ايه ترتبط بحد وتحس إنه منك، جوة روحك.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
بنته الصغيرة كبرت، بقت مراهقة، للأسف فجأة لقاها هربت من مرحلة الطفولة من غير ما ينتبه، إزاي واقفة قدامه بلبسها ده، جسمها كله وشم، شعرها متلون بألوان غريبة، دي مش بنته أكيد، صرخ في وشها بغضب قابلته هي بمنتهى القوة، قرب منها لكنها رجعت خطوتين منه وشاورتله بتحذير وهي بتقول :
اوعي تدخل في حياتي وطريقة لبسي، أنا حرة، دي حياتي لوحدي، وبعدين من امتى بتهتم بيا، أنا بشوفك صدفة في البيت، خلاص أنا مش طفلة صغيرة، أنا كبيرة وكلها كام سنه وأعيش لوحدي، بعيد عنكم.
ثابت : حرة إزاي مش فاهم، انتِ بنتي مسؤولة مني، بمزاجك أو غصب عنك لازم تسمعي الكلام، لبسك ده يتغير ومفيش خروج بعد كده غير بعلمي.
ضحكت بسخرية وقربت من الباب، قالتله بتحدي
حاول تمنعني أخرج، وفي نفس الوقت هتصل بالشرطة، هقول إنك بتستخدم معايا العنف، وصدقني وقتها هتخسر كتير، شغلك وشركاءك وكل حاجة.
مسكها من شعرها بشراسة، مهتمش لتهديدها، مارية واجهته بحقيقة اتجاهلها كتير، هو فعلاً سكت كتير لحد ما البنت خرجت عن سيطرته وكله بسبب أمها، هدى السبب في كل ده، اتكلم بصوت عالي
تمام، من بكرة الصبح هننزل مصر، هاخدك ونعيش هناك ونشوف موضوع الشرطة ده بعدين، ولو رفضتي تسافري معانا هرميكي هنا من غير ولا مليم.
البنت خافت، يمكن في الأول كانت مفكرة إنها تقدر تتحداه وتبين إنها قوية، حتى لما قالت إنها هتكلم الشرطة، كان لوي دراع مش أكتر، خافت من نظرات والدها وسكتت، لكن للأسف اتدخلت هدى اللي وصلت البيت وسمعت صراخ بنتها وصوت ثابت العالي.
هدى اتجننت لما شافته بيضرب بنتها وزاد جنونها لما سمعته بيقول هينزل مصر، بيقرر ويحدد من غير ما يرجعلها.
دفعته بعيد عن بنتها، خدتها من بين ايديه بالقوة ووقفت في وشه بملامح كلها غيظ وتحدي
سألت بتريقة وسخرية :
مصر مرة واحدة، ياترى بقى يا ثابت بيه القرار ده اخدته فجأة كده ولا بتخططله من فترة؟!
ثابت : وإيه المانع، بلدنا ومسيرنا نرجع لها، وبعدين عجبك العيشة دي، مش شايفة بنتك ومنظرها!
هدى : طبعاً عجباني عيشتنا، معانا ملايين، بنلبس براندات، بنخرج في أماكن عمرنا ما كنا نحلم بيها، وبالنسبة لبنتك مالها مش فاهمة، مفروض تلبس نقاب يعني وتقعد تستنى العريس، عادي تعيش سنها.
ثابت بتخبط وتيه :
انتِ مجنونة يا هدى، مش فاهمة بتقولي ايه ولا بتستعبطي، إحنا مسلمين، مش أجانب.
هدي : وهي كفرت، عادي لما تكبر تعقل وتركز في مستقبلها، من حقها تستمتع بكل مراحل عمرها.
خدت بنتها معاها وخرجت برة الفيلا بس قبل ما تمشي التفتت وقالتله :
لو ناوي تنزل مصر، سافر كام يوم غير جو وارجع، لكن اعمل حسابك هتنزل لوحدك، أنا وبنتي مش نازلين.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
من وقت ما والدها كلمها وقال أنه نازل مصر وهي محتارة، نفسها تشوفه، بس مش واحشها، يعني إحساس بيشبه مشاعر الناس اللي بتخاف من البحر، مستحيل تنزل في حضنه لكن بيعشقوا يشوفوه من بعيد.
هتقوله إيه، هيتكلموا في إيه، هتسلم بايدها ولا هتحضنه، ياترى حضنه زي زمان ولا اتغير، يا ترى أصلا هو لسه فاكرها ولا نازل صدفة وبالمرة هيشوقها.
كل حاجة في الفترة دي ملخبطة، وعد اتجوزت، وسميرة متغيرة، وثابت هينزل بعد غياب سنين كتير، ده غير الجامعة، والكلية الجديدة، لسه مش عارفة تتعود على النظام ولا الناس، خايفة تصاحب حد أو تتكلم مع حد.
كملت لبسها وحاولت متفكرش، عندها محاضرة ولازم تستعد وتخرج، انتهت من لبسها، اتأكدت إن كل حاجة مظبوطة وخرجت على الجامعة.
هناك اختارت مكان فاضي وقعدت، هي متعودة تروح بدري وتقعد بعيد عن الزحمة.
قرب منها شاب وسيم اول مره تلمحه في الدفعة.
سألها بترقب :
بعد اذنك ممكن أقعد ولا المكان محجوز هنا كمان؟!
ضحكت بخجل وشالت الكتب من جنبها وحركت رأسها بنفي، اتكلمت بصوتها اللي كان تميمة السحر وتعويذة خطفت قلبه لأول مرة في حياته وقالتله برقة، بحة مميزة في صوتها أول مرة يسمعها عند حد :
لأ أبدا، اتفضل اقعد.
قعد أكرم واتنهد مرتين بيحاول ياخد نفسه، لسه راجع من شغله وطلع جري على الجامعة بيحاول يلحق المحاضرة، فضل ساكت دقايق وبعدين ابتسم وقالها
متشكر جدا، أنا أكرم عبد الملك.
مد إيده يسلم عليها، رفعت وشها وابتسمت، بنت خمرية، شعرها أسود طويل، ملامحها مريحة بشكل عجيب، فضل باصص كتير لعنيها ولأنها متعودتش تتكلم مع حد غمضت عينيها بتوتر وقالتله :
أنا كاريمان ثابت.
أكرم كان بيحاول يتكلم، عاوز يتعرف عليها، رغم انه في مكونش صداقات مع أي حد، اتكلم بصوت عالي شوية لأن المدرج كله أصواتهم متداخلة وصعب إنها تسمعه وسط العدد الكبير ده وقالها :
انا آسف لو اتكلمت في البداية بطريقة مش كويسة، بس حقيقي بقالي ساعة بحاول الاقي مكان اقعد فيه وللأسف كل بينش قاعد فيه واحدة وحاجزة الباقي كله لأصحابها.
ابتسمت كاريمان والمرة دي أكرم قلبه دق بشكل غريب، حاسس انه بيحلم، إزاي الإحساس ده غريب وفي نفس الوقت عاجبة جدا، قلبه بيدق بألم لذيذ، ابتسم هو كمان وكأن ابتسامتها عدوى بتتنقل للي حواليها، وضحتله هي بتردد :
معظم البنات هنا متصاحبين مع بعض، كل مجموعة بيحجزوا أماكن يقعدوا فيها.
أمجد : وانتِ؟!
رجعت شعرها لورا واتنهدت بحزن
لأ، أنا مش عندي أصحاب، مش بعرف اصاحب حد بسرعة، عندي صاحبة واحدة، بس للأسف مش بتحضر الترم ده بانتظام.
أكرم : وليه ما تصاحبيش ناس جديدة؟
كاريمان : أنا طبعي كده، بخاف اتكلم مع حد.
أكرم بترقب :
بس أنا شايفك بتتكلمي معايا واسلوبك جميل، مش فاهم المشكلة.
كاريمان بصدق:
انت أول حد اتكلم معاه على فكرة، ودي أول مرة اشوفك فيها، سكتت شوية وقالتله، أنا أول مره أشوفك.
أكرم بتوضيح : مش بحضر غير وقت الإمتحانات، أنا بشتغل وصعب أوفق بين مواعيد المحاضرات والشغل، اتكلم بحماس وكأنه بيوعدها بوعد :
بس هحاول أحضر علطول
كاريمان : ياريتني أقدر اعمل زيك.
أكرم بترقب :
وايه المانع؟!
رفعت كتفها وفكرت شوية وقالتله
ماما بتخاف عليا، أصل انا وحيدة، وماما بتقلق، بتقول الدنيا مش أمان.
للمرة الثانية قلبه بيدق بنفس الشكل الغريب لكن المرة دي ملامحه اتبدلت لأنه رجع للواقع، شكل لبسها وطريقتها في الكلام بيقولوا إنها مرتاحة مادياً، بنت وحيدة وأكيد أهلها مدلعينها، لعن غباءه وتفكيره اللي وصله لنقطة عمره ما دخلها، هو بيفكر في ايه، ارتباط وإعجاب فجأة ومن أول نظرة ومحادثة بينهم.
#بسم الله الرحمن الرحيم
#البارت الخامس
#نداء_علي
#وعود الليل
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
وأكثر ما يخيفنا في الحياة وجهها الباسم ومذاقها الحلو فكلاهما لا يدوم وكلاهما يأتي من بعده مرارة لا تنسى وعبوس دائم.
أمجد لحق نفسه في آخر لحظة، كان هيغلط غلطة صعب تتصلح بمليون إعتذار، عمره في حياته ما مد ايده على ست ولا حد أضعف منه وفي لحظة غضب كان هيضرب وعد، حبيبته ومراته، الأسوأ من كل ده إنهم مكملوش أسبوع جواز، يعني عروسة، يمكن المقلب بتاعها كان صعب وتقيل لكن رد فعله كان مبالغ فيه، لازم من اللحظة دي يتحكم في عصبيته، يحاول يفهم وضعهم الجديد، حضنها بقوة وهي كانت بتبعده عنها بحزن وصدمة :
قالتله بعتاب وصوت ممزوج بالبكاء
عاوز تضربني يا أمجد، معقول أهون عليك، أنا عاوزة أروح بيتنا، مستحيل أقعد معاك تاني.
ابتسم أمجد على كلامها، شدها لحضنه تاني وهمسلها بحب
آسف، باسها برقة وهي مقدرتش تبعد عنه، اتكلم بهدوء وفهمها إنه مكنش يقصد
قالها بصدق :
اقسم بالله مكنت قاصد، أنا من الصدمة رفعت ايدي غصب عني، وبعدين المقلب جامد اوي، إيه الغشومية دي يا وعد، حد يعمل كده.
وعد : متكلمنيش تاني، سامع، ومن هنا ورايح ولا هضايقك ولا أعمل مقالب مبسوط.
كشر وقالها :
لأ، مش مبسوط، أنا اعتذرت كتير خلاص بقى، من امتى قلبك أسود كده، مش أنا ميجو حبيبك.
وعد : لأ مش حبيبي، إنت وحش.
شالها بخفة بين ايديه وهمس بصوت خافت
بقى أنا وحش، طيب تعالي بقى علشان نتفاهم.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
أكرم طلع بيته بسرعه كأنه طاير، جواه طاقة جديدة وإحساس عجيب قلب حياته، مبسوط وخايف، سعيد وقلقان، بيضحك بدون سبب ولما يفتكر ملامحها بيتوه، نفسه اليوم يعدي ويبدأ يوم جديد ويقابلها، مش فاهم حصله إيه بس أكيد مشاعره دي ملكها هي وبس، اتفاجئ بوالدته شايلة أنبوبة الغاز وطالعة السلم، جري عليها بلهفة وعتاب وقالها بحدة بسيطة :
إيه ده يا ماما، كام مرة قولتلك بلاش تشيلي حاجة تقيلة علشان ضهرك، إيه مفيش رجالة في البيت، الناس تقول إيه، مخلفة شحط ملوش لزمة.
شهقت جليلة برفض :
بعيد الشر، ده انت سيد الناس كلها، هو في حد يقدر يجيب سيرتك على لسانه ياواد انت، ده أنا كنت أكلته باسناني.
أنا بس بخاف عليك ياقلب أمك، أنا معنديش غيرك يا أكرم.
اخذ الانبوبة من على رأسها، رفعها بايد واحدة
طيب اطلعي ياست الكل، أنا عارف إن دماغك ناشفة والكلام معاكي زي عدمه.
جليلة بحب :
ياواد ده أنا عملالك رز صيادية وهشويلك السمك في البيت زي ما بتحبه، صحتين وعافية على قلبك يا حبيبي، اطلع ياواد ده انا عندي خبر هيفرحك أوي.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
اتكلمت سعاد بلهجة حادة وعتاب وزوجها مقدرش يرد لأنه شايف إن كلامها صحيح
قالتله : شايف عمتك، بتلاوع في الكلام وأول ما جبنا سيرة الجامعة غيرت السيرة، صدقت أنهم كانوا بيكدبوا يا ممدوح.
جاوبها بهدوء وهو بيحاول يلاقي مبرر
ياستي متظلميش الناس، تلاقيهم بس خايفين عليها علشان عروسة وكده، اسبوع ولا اتنين وهتنزل كليتها ان شاء الله.
سعاد : ابقى قابلني، أقولك ابقى تف على وشي يا ممدوح لو حصل، عمتك وردة مخططة وعارفة إن بنتك هبلة وهتسمع كلامها وتسيب الجامعة، نقعد نربي ونتعب ونحمل هم المجموع الكبير وندخلها هندسة وفي الاخر تقعد زي خيبتها.
ممدوح : خلاص بقى يا سعاد، كل شيء نصيب، اعملك ايه أنا بس
سعاد : متعملش حاجة ياخويا، عليه العوض ومنه العوض.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
سميرة قدمت أكل وحلويات واجب ضيافة لثابت وبعدت عنه هو وكاريمان، فضلت إنها تدي الفرصة لكاريمان إنها تتعرف على والدها وتشبع منه، وفي نفس الوقت مش فارق معاها تشوفه، دخلت اوضتها وفضلت فيها.
كاريمان كانت منتظرة من والدها يتكلم، يحكي، يوضح لكن هو نفسه مش لاقي كلام يقوله، هيشرح إيه وهل هي هتفهم تصرفه.
اتنهد وبعد فترة قالها
انتِ نسخة من أمك، شبهها في كل حاجة.
كاريمان : كنت بتحبها!
ثابت : أكيد.
كاريمان : يبقى الحب حاجة وحشة أوي الصراحة، كدبة يعني.
سكت لانه فهم تلميحات كاريمان، عندها حق، هو نفسه مش قادر يلتمس لنفسه أي أعذار.
حاول يتكلم عن نفسه ويفهمها شغله.
قالها : بتتابعي أخباري، تعرفي إن شركتنا فب ألمانيا من أكبر الشركات هناك.
كاريمان : هو حضرتك ليه جيت في الوقت ده، ليه؟
ثابت : حاولت الاقي نفسي هناك موصلتش لحاجة، فكرت إني رجوعي هيخليني أحس باختلاف لكن للأسف
حاسس إني غريب وتايه هنا او هناك.
لاخظ ملامحها الحزينة فكمل بتأكيد
انتِ طول الوقت في بالي يا كاريمان، عمري ما نسيتك، عارف إني أب سيء بس صدقيني انتِ أغلى إنسان عندي في الدنيا.
انتِ عندك أخت على فكرة، بتمنى تبقى زيك، شبهك لكن للأسف مختلفة عنك كتير.
اتكلم بتردد لكن جواه يتمنى إنها توافق يمكن يرتاح باله وضميره.
لو تحبي أنا اقدر اخدك معايا ألمانيا، هدخلك أفضل واغلى جامعات في العالم، هنعيش سوا علطول.
بصتله بجمود ورفض وقالت
آسفه، أنا معرفش خد غير ماما سميرة، عمري ما هبعد عنها ولا اسيبها.
ثابت بأمل : فكري على مهلك بلاش تتسرعي.
كاريمان، أنا آسفة لحضرتك، بس حتى لو ماما وافقت انا مش هحس معاك بالأمان، بنتك معرفهاش ومراتك كمان، ليه اسيب حياتي وأمي وبلدي علشانكم، عموماً متشكرة على العرض المغري ده.
قام وقف واستأذن منها إنه يمشي، سمحتله يروح، وغاب عن عنيها، لا اتأثرت لما وصل ولا فرق معاها إنه راح، للأسف التعود هو الأقوى دائماً.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
استمع لكلام أمه بترقب وكانت هي بتحكيله وتفصصله السمك بحب :
قالتله بحماس : هناخد الدكانة اللي جنبنا دي ونعملها بقالة صغيرة تساعدنا في المصاريف، أنا هفف فيها طول النهار وانت بالليل.
أكرم : ملوش لازمه تتعبي نفسك، أنا شغال وزي الفل.
جليلة : وأنا مش عجبني شغلانة النقاشة دي، يابني دي تعبت صدرك من ريحة الدهانات.
أكرم : حاجة مؤقتة بس لحد ما اخلص الجامعة، وإن شاء الله بعدها ابنك هيبقى مهندس إيه محصلش.
جليلة : يارب يابني اشوف اليوم ده بعيني واجوزك وأشوف عيالك، وبعدها اموت علطول.
بصلها بعتاب وقالها
وبعدين بقى في السيرة اللي تسد النفس دي، اقوم يعني واسيب الأكل.
جليلة : خلاص متزعلش، كمل أكل يا حبيبى، بألف صحة وعافية.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
رجع ألمانيا بعد أقل من أسبوع قضاه في مصر، كان خايف يغيب ومراته وبنته يعملوا مصيبة جديدة، حاول مع كاريمان اكتر من مرة إنه ياخدها معاه لكن ردها كان نهائي، وبعد ما فكر مع نفسه شاف إنها معذورة، تسافر ليه ومع مين، هو بالنسبة ليها شخص مجهول، غريب عنها.
رجع وكان متوقع يلاقي مراته وبنته في انتظاره لكن كالعادة ملقاش غير وحدة وشغل كتير وأوراق هيوقعها لأن غيابه الأسبوع ده ضيع منه وقت كبير لازم يعوضه، واضح ان الشيء الوحيد اللي بيحبه ونافع فيه هو الشغل وبس.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
في اليوم التالي راحت الجامعة بلهفة، عنيها بتدور عليه، أكرم، اسمه انحفر في ذهنها، نفسها يظهر قدامها بأي شكل لكن محصلش، حضنت الكتب واتوجهت للقاعة، قعدت في أول مكان فاضي قابلها، رمت الكتب قدامها وانتظرت وصول دكتور المادة، لكن بعد دقايق حست بحد بيقعد جمبها وبيتكلم بمشاكسة :
اعتقد إن المكان مش محجوز، ولا ايه؟
ملامحها اتبدلت بعد ما كانت حزينة وحاسة بالوحدة صوته وهو بيتكلم بعد عنها احساسها ده، ابتسمت بعد ما رفعت وشها واتأكدت إنه أكرم، اتكلمت بتأكيد :
لا، مكانك محجوز، كنت عارفة اننا هنتقابل تاني.
قعد أكرم وبدأ من اليوم ده يجرب يعني ايه حب، وخوفه كله إنه يكون عذاب جديد هو في غنى عنه ومع ذلك رغم خوفه كان سعيد، سعادة طعمها يخليه يكمل مشواره مهما حصل.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
ابتسمت وردة بسعادة حقيقية، هتبقى جدة وعيال ابنها هيبقوا حواليها، لكن وعد كانت حاسة إنها في حلم، دي مكملتش شهر متجوزة، كانت عاوزة تستمتع بوقتها وتخرج وتتفسح، تسافر مع أمجد وتبدأ تركز في دراستها، بالشكل ده كل حاجة هتتغير.
أمجد لاحظ إنها ساكته، قعد جنيها وسألها بقلق :
انتِ كويسة يا وعد؟!
قالتله بصراحة : انا ازاي هروح الجامعة، مش كفاية الفترة اللي فاتت.
وردة : ياختي احمدي ربنا غيرك بيتمنى الحمل والخلفة، أجلي الجامعة السنة دي، يابت متبقيش نكدية وتضيعي فرحتنا.
وعد : بس ماما وبابا..
وردة : متخافيش من حد، وبعد كده كلام جوزك هو اللي يهمك وبس، وتعليمك هيكمل هو هيطير يعني، بس على مهلنا، في الأول والآخر لا هتشتغلي ولا حاجة، لولا بس وعدنا أبوكي تكملي الكلية كنت قولتلك سيبك من وجع القلب وبهدلة المواصلات أحسن، بس يلا علشان خاطر ممدوح وسعاد.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
مش عارف تفكيره صح ولا غلط، يكلمها ولا يستنى، بقالها يومين غايبة من الكلية، عقله مشغول عليها وقلبه مشتاق يشوفها، ياترى حصلها إيه خلاها تغيب.
اتردد مرة واتنين لكن في النهاية اخد القرار واتصل، لحظات بسيطة وردت عليه وكأنها كانت بتنتظر اتصاله، صوت الصمت بينهم كان أجمل من أي كلام.
سألها بلهفة واضحة بصوته : كاريمان، انتِ كويسة، غايبة ليه بقالك يومين؟
كاريمان : أنا بخير، دور برد بسيط وان شاء الله بكرة أكون احسن وانزل الجامعة.
متشكرة أوي على إهتمامك، أول مره حد يحس بغيابي.
🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸🔸
ثابت كان محتار، حاسس إنه في دوامة، كان طاير من الفرحه في بداية زواجه من هدى وسفرهم، الحياة دائماً بتخدعنا بابتسامتها الكذابة وفجأة بنشوف الحقيقة.
اتصل على مراته اكتر من مرة، موبايلها مغلق، بنته كالعادة في اوضتها، صوت الموسيقى العالي اكدله إنها جوة، طيب فين هدى، قلق عليها، مهما كان هي مراته وأم بنته، صحيح بتجننه بتصرفاتها لكن مينكرش إنها ذكية وساعدته كتير في حياته وشغله، فكر شوية وقرر إنه يغير اسلوبه معاها، لازم يتكلموا ويلاقوا حل لعلاقتهم الفاترة دي.
أما هدى فكانت نايمة في السرير مش حاسة هي فين ولا بتعمل ايه، شربت كالعادة بس المرة دي زودتها، راسها تقيلة ومش قادرة تفتكر هي ازاي وصلت للمكان ده، ازاي نايمة عريانة بالشكل ده، معقول ثابت راحلها.
شهقت بصدمة ورفض إنها تكون عملت كده، الراجل اللي نايم جنبها ده مش ثابت، ده شخص تاني، غمضت عيونها بفزع وحاولت تفوق، اكيد ده حلم أو كابوس، مستحيل تكون وصلت للمستوى ده، مستحيل تكون خاينة!
الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر من هنا
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺