رواية أسرت قلبه الفصل الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم سولييه نصار حصريه وجديده على مدونة أفكارنا

 رواية أسرت قلبه الفصل الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم سولييه نصار حصريه وجديده على مدونة أفكارنا 


رواية أسرت قلبه الفصل الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم سولييه نصار حصريه وجديده على مدونة أفكارنا 


السادس (خطيئة )

الشوق اليك  يقت.لني ...

-رحيق افتحي الباب عشان خاطري!!!

قالها أمجد بتوسل لشقيقته التي تحبـ س نفسها داخل الغرفة ...كان قلبه يحتر ق من اجلها...كان حقا حزين من اجلها ....

بينما رحيق كانت تد فن رأسها في الوسادة وتبكي بعنـ ف ...تشعر بقلبها يتمز ق .....انها حقاً تمو ت من الأسى..... لماذا لا يتقبلها احد ...لماذا لا يحبها احد. ..لم ترى ابدا نظرات الإعجاب بعيني أحدهم...كانت ترى جميع زميلاتها يتزوجن ممن يحبن ....كانت ترى اصدقائها وهم يحظون بالحب. ..ولكن هي ...هي لم يفكر بها أي احد ....لم يحاول احد التقرب منها ...لم يقبل احد بالزواج منها وكأنها لا يحق لها الزواج ...لا يحق لها أن تُحب ...هي أيضا بحاجة للحب...تتوق لترى نظرات العشق فيمن سيختارها....تتوق لتشعر بحب أحدهم لها ...الى متى سوف تتحمل...الى متى ...

...

فقد الأمل في ان تفتح له الباب لذلك جلس أرضاً وهو يريح ظهره على الباب ويقول :

-انا عارف أنك مش هتفتحي ....وعارف قد ايه انتِ مجروحة ....أنا آسف على كل حاجة عانيتي منها يا رحيق...حقك عليا أنا ....أنا آسف ...كان مفروض احميكي ...كان مفروض اسأل عليه....سامحيني يا رحيق لاني مكنتش الأخ المثالي ليكي ....بس هقولك حاجة وافتكري كلامي كويس. ....نصيبك موجود....مع واحد احسن منه بكتير ...تعرفي بعد ما صليت الفجر النهاردة حلمتلك حلم حلو اووي ...اووي يا رحيق...حلمت أنك فيما معناه هتتجوزي راجل وسيم ...واحد هيحقللك كل احلامك ....واحد هيعوضك عن أي حاجة و حشة عشتيها....واحد هيحبك بجد ....

ابتسمت ساخرة وكلامه يطـ عنها في الصميم...لن يحبها احد ...لا أحد سوف ينظر إليها....هذا مجرد وهم ...لا أحد سوف يهتم بها ...بالاساس لا أحد يراها ...لا أحد يفكر بها .....هي كأنثى لن تستطيع ان تجذب أي رجل ....مستحيل .....ضمت ساقيها الى جسدها وهي مستمرة في البكاء ...لا ترغب بسماع أي مواساة.....

......

-أمجد!!

قالتها دلال وهي تراه ما زال يجلس ويواسي شقيقته ...


نظر امجد الى والدته بحزن ...اقتربت والدته وساعدته لكي ينهض وقالت :

-تعالى يا ابني أنا هحاول اتكلم معاها....

نهض امجد وقال بقهر :

-أنا كان مفروض اكسر عضمه ...مفروض مكانش يطلع من هنا عايش بعد ما خلى اختي في الحالة دي ....

ارتعبت دلال وهي ترى الغضب بعيني ابنها...الشر الذي يطل من عينيه ....هي غير معتادة على امجد هكذا ...ابنها ليس عنيف ابدا ...ولكنها تعرف كيف يحب شقيقاته ولن يسمح ابدا لأي احد ان يؤذيهما

...

-ميستاهلش والله يا بني ...بكرة هيجيلها نصيبها بإذن الله ...اصبر بس وهي تصبر كمان ...

-انا عارف ان نصيبها مستني...بس محدش راحمها يا امي ...محدش أبداً.....

تنهدت دلال وهي تضم ولدها وقالت:

-كل حاجة هتكون تمام...بكرة تتعدل وتلاقي ابن الحلال اللي هيعمل المستحيل عشان يسعدها ...

ربت على كتف والدته وهو يقول :

-يارب يا أمي ...يارب 

.......


في اليوم التالي ....

خرجت من غرفتها وعينيها منتفخة ...كانها لم تنام جيدا بالأسفل...بشرتها جافة للغاية ....وشعرها مشعث ....كانت بحالة يؤثر إليها .....ولجت للحمام سريعا وهي تنظر الى نفسها بالمرآة التي بالحمام ....لمست وجهها وهي تبحث عن أي معلم للجمال فلا تجد...لقد كانت تجد نفسها مقبولة ولكن الآن تبحث عن جمالها فلا تجده...أين جمالها..اين؟!....انها دوما ترى أن لكل فتاة ميزة تميزها ...او علامة جمال محددة ...وهي الآن تبحث عن أي معلم يدل على انها جميلة فلا تجد ...مهما فعلت لن تكون جميلة....فلتقبل بقدرها وتتحمل حتى تمو ت !!!

فتحت صنبور المياة وهي تغسل وجهها...ثم امسكت الفرشاة وبدأت بتمشيط شعرها ولفته جيدا....يجب أن تستعد للذهاب الى عملها .....

خرجت من الحمام ووجدت دلال قد جهزت هي ونوران لها الافطار بينما امجد احضر لها المثلجات التي تحبها ....

انهمرت الدموع من عينيها وهي ترى هذا الاهتمام الغريب منهما....ابتعدت نوران وولجت لغرفتها بينما اقتربت دلال منها وعانقتها بحب وقالت:

-مهما حصل افتكري ان ليكي عيلة بتحبك انتِ مش لوحدك يا رحيق ...

انفجـ رت الدموع من عينيها اكثر وهي تعانق والدتها بقوة وتبكي بصوت مرتفع ...كان قلبها ممز.ق ولكنها سعيدة ...سعيدة للغاية ....انها تحظي بحب العائلة الآن ...العائلة التي تمنتها .

.لا يمكنها ان تكون اكثر سعادة من هذا ...ابتعدت عنها دلال ومسحت دموعها وقالت :

-يالا يا حبيبتي عشان تفطري ...مفروض متزعليش ...بالعكس تفرحي أن ربنا خلصك من واحد زي ده ...وانا واثقة ان ربما هيعوضك بالاحسن منه بكتير ....

هزت رحيق رأسها وهي ترسم ابتسامة رائعة على وجهها تناقض ذلك الحزن الذي يطل من عينيها.....

اجلستها دلال برفق على المقعد وقالت:

-يالا يا حبيبتي افطري....عشان متتأخريش على شغلك ...

هزت رحيق رأسها وهي تمسح دموعها بكف يديها ....جلست بجوار شقيقها وقالت :

-اومال فين نوران ؟!

-اقعدي ارتاحي وانا هروح اجيبها ...

ثم ذهبت دلال الى غرفة نوران لتحضر ابنتها...

ولجت دلال لغرفة نوران الرائعة والتي صممها لها شقيقها بنفسه ...وجدتها تجلس على فراشها وهي شاردة الذهن....

اقتربت دلال من ابنتها وجلست بجوارها وقالت:

-سرحان في ايه يا بنت ؟!

انتبهت نوران ونظرت الى والدتها وابتسمت ساخرة وقالت:

-سرحانة في الحنية الغريبة اللي ظهرت لرحيق دي ....ايه الحب الغريب ده اللي حبتهولها فجأة ...ايه قدرت تتدحلب..تتدحلب لحد ما تتمكن!!!

-ايه اللي انتِ بتقوليه ده يا بنت ؟!

قالتها دلال بغضب لترد نوران؛

-بقول الحقيقة يا ماما...الحقيقة أنك نسيتي ان رحيق دي تبقى بنت ضرتك مش بنتك...ازاي تعامليها زينا ..ازاي ...مفروض متحبهاش....مش قولتي ان امها تبقى الست اللي سر قت بابا منك...مش دي بنت الست اللي بابا اتجوزها وفضلها عليكي عشان خلفت قبلك...وبعد ما ماتت جاب بنته هنا عافية ذوق عشان تشاركنا في كل حاجة وطبعاً عملت نفسها ملاك برئ عشان تخليكي تحبيها....صدقيني متثقيش في وشها البرئ ده لانها هتبقى خطا فة رجالة زي امها وهتش....

-بس خلاص اسكتي !!!!

قالتها رحيق بإنهيار وهي تلج للغرفة وقد سمعت كل كلام شقيقتها....

نهضت نوران وهي تنظر إليها بكر ه وقالت:

-مش بس خطافة رجالة دي كمان بتتسمع على كلام الناس ....طالعة زي ...

-اسكتي اياكي تجيبي سيرة امي على لسانك...انا متسمعتش على كلام حد ...أنا جيت عشان نفطر مع بعض ....لقيتك بتتكلمي بالطريقة دي عني ..حرام عليكي...أنا عملتلك ايه لده كله؟!

-والله يعني مش عارفة انتِ عملتي ايه....مش كفاية اللي أمك عملته...ايه مش عايزة تعترفي ان أمك المحترمة خطا فة رجالة ...خـ طفت ابويا من امي ....حتى انتِ شكلك هتطلعي زيها....

-بس خلاص اسكتي !!!

قالتها رحيق بصوت عالي وبإنهيا ر وقد انفـ جرت الدموع من عينيها لتكمل نوران بحـ قد بالغ:

-بس سبحان الله ربنا عادل ...اهو انتِ هتمو تي وحد يعبرك. يتجوزك ...بس محدش هيبصلك ...وفي الاخر هيبقى مصيرك زي مصير والدتك...خطا فة رجالة!!

-خلاص اخرسي بقا...

صرخت دلال وهي ترفع كفها وتضر ب نوران بكل قوتها....

-امي لا...

قالتها رحيق بصدمة وهي تبعد والدتها عن نوران بينما كان قد اتى امجد ثم اقترب من نوران وامسك ذراعيها بقوة وقال:

-اعتذري ...

توسعت عينيها العسلية بأ لم وقد طفرت الدموع من عينيها ...ولكنها لم يرحمها بل ضغط على ذراعها اكثر وقال:

-قولتلك اعتذري ....

نظرت هي الى رحيق وقالت بصوت مختنق:

-انا اسفة....اسفة ...اسفة...

ظلت تكررها وهي تبكي ...ولكنها لم تكن حقاً تشعر بالندم ...بل بالقهـ ر ....فها هو شقيقها الذي تحبه يأخذ صف رحيق ..لقد اقتنعت انه يحب رحيق أكثر منها !!

.........

نهض من نومه بإنزعاج....هذا السرير الصغير لم يكن مريحاً له ابدا ..رباه الى متى سوف تعا.قبه ....اتجه الى الخزانة الصغيرة واخرج منها ملابسه وهو ينفخ بضيق ..قبل ان تعا قبه كانت تنظم له ملابسه بنفسها ...حتى انها كانت تكي ملابسه ....كانت تمنحه عناية مميزة ...ولكنه كان قد اعتاد الأمر فلم يكن الأمر مبهر له ابدا ...بل احيانا كان يخنقه لانه يراها تعطيه الحب الذي لن يستطيع ابدا ان يعطيه اياها...كان يشعر بتأنيب الضمير احيانا ولكنه كان يقتـ ل هذا الشعور وهو يخبر نفسه ان ليس خطأه انها تعلقت به ....وان تلك هي مشكلتها الخاصة وليست مشكلته ....هو ابدا لم يخبرها انه سوف يفعلها وهو بالطبع لن يحبها....لن يفعل هذا .... اخرج ملابس العمل وخرج كي يقوم بكيها....تجمد وهو يجد طعام افطار مميز على الطاولة ...اقترب بسعادة وامتدت يده الا الطعام الا انه صر خ  بأ لم وهي تضر به بالشوكة على يده وتصر خ به:

-اياك...الاكل دي جايباها بفلوسي.....وانا اللي وقفت وعملته ...أعمل انت لنفسك...

-يا ماريانا أنا ....

-ششش مش عايزة اسمع ولا كلمة سمعتني....أعمل اكلك بنفسك ...

ثم لتقهر ه جلست على الطاولة وبدأت تأكل بتلذذ..

نظر إليها بغيظ وقال:

-طيب مين هيكو ي هدومي اروح بيها كده ؟!

نظرت إليه بدهشة مصطنعة وقالت:

-عفوا وانا مالي ...ما تكويها بنفسك ليكون فاكر اني الجا رية اللي اشترتها بفلوسك ...أنا كنت بهتم بيك عشان بحبك...وحبي ليك انتهى اهتم ليه تاني ...وزي ما أنا مش بطالبك بحاجة أنا مش عايزة منك أي حاجة....

ضغط على اسنانه بقوة وقال:

-انا هكوي هدومي بنفسي...مش عايز منك اي حاجة ...

هزت كتفها بإستفزاز وقالت:

-اكيد اتفضل 

ثم بدأت بالأكل ....

............

بعد ساعة تقريبا...

كان يرتدي ملابسه بضيق وهو ينظر الى ذراعه العضلي ....كان تظهر عليه علامة الحر ق بفعل الكي....لم يتم كي قميصه بطريقة مثالية ...ولكن الأمر مقبول ...فقط مع بضع محاولات سوف ينجح ان يستغنى عنها ...لن يعترف ابدا انه بحاجة إليها ... لكنه لن يجعلها تنتصر ......

....

خرج من الغرفة ليتجمد وهو يجدها قد تجهزت وقد ارتدت فستان بنفسج قصير للغاية كما أنه وقماشه يطوق كتفيها ويظهر جزء كبير منه ...قد بدت رائعة الجمال ...حقاً خاصة مع مساحيق التجميل الرقيقة التي تضعها....لابد ان الرجال سوف ينظرون إليها كما ينظر هو إليها الآن ...رغم انه لا يحبها الا انها سلبت عقله ...فكيف بالرجال في الخارج ...

-ايه اللي انتِ لابساه ده يا هانم!!

هدر بها بعنف لتنتفض وهي تنظر إليه بدهشة وتقول :

-انت مالك؟!

اقترب منها بغضـ ب وهو يعتصر ذراعيها ويقول:

-لا لحد هنا وتتلمي يا ماريانا ...مش عايز ازعلك بجد مني ...ايه اللي انتِ لابساه ده وفاكرة نفسك هتخرجي بيه ...

حاولت ان تسحب يديها من بين سجن كفه وتقول:

-ملكش دعوة بيا....مسرحية جوازنا السـ خيفة خلصت ...فمتعملش نفسك غيران عليا !!!

-روحي غيري الفستان احسنلك

قالها بغضب وقد شابت عينيه الزرقاء اللون الاحمر بفعل الغضب...عرفت ماريانا انها قد اخرجته عن طوره ولكنها صممت ان تفقده صوابه كما افقدها هو صوابها فقالت بإستفزاز ...

-ولو مخلعتهوش هتعمل ايه ؟!

-انتِ هتخرجي كده !!وتخلي الناس تتفرج عليكي !!!

هزت رأسها بعناد وقالت؛

-ايوة أنا حرة هخرج كده ...واللي يتفرج يتفرج...وانت مش هتقدر تعمل حاجة...

-بقا كده ؟!

رفعت رأسها بقوة وقالت :

-ايوة كده....

-طيب ...

قالها بغموض ثم في ثواني امتدت ذراعيه الى حافتيه الفستان ليصدح صوت تمزق الفستان عاليا اتبعه بصرختها وهي تمسك فستانها الممزق وقالت:

-ايه اللي أنت عملته.ده يا ابن المجانين ؟!!

نظر إليها ببرود وقال:

-تروحي زي الشاطرة وتلبسي فستان محتشم أنا فاضي النهاردة مستعد اقطع كل فساتينك اللي مش هتدخل دماغي !!!

..........

-فين دبلتك يا هانم ؟!

قالها بغضب وهو يراها تخرج لعملها وتمسك كف صغيره عمر ...كانت قبل زواجهما تعمل بمدرسة خاصة وقررت ان تأخذ عمر معها حتى تكون معه ....يجب أن يعترف انها رتبت امورها جيدا كي تعمل دون ان يخترع أي حجة ويمنعها من العمل ....

نظرت إليه سما ببرود وقالت:

-دبلة ايه....

اقترب منها وعينيه السوداء تلمع بغضب وقال:

-متخلنيش افقد اعصابي وقوليلي فين دبلتك ؟!

-سيبتها في الدولاب ....

نظر إليها بغيظ وولج للغرفة وهو يفتح خزانتها ويرى طوق زواجها وقد وضعته برفق بجوار ملابسها....اخرجه واتجه إليها في الصالة وامسك كفها ثم ألبسها اياه وقال:

-متخلعهوش تاني.....لازم اللي تتعاملي معاهم بره يغرفوا أنك على ذمة راجل ...

ذلك التملك الذي تحدث به جعل الفراشات تتحرك في معدتها وقد سمعت دقات قلبها وهي تهدر داخل صدرها ...ابتلعت ريقها بعسر وعينيه البنية اسيرة عينيه...كلما أخبرت نفسها انها سوف تكرهه تجد.نفسها تذوب فيه اكثر ...ماذا يمكن أن تفعل كي تتخلص من ذلك الحب ...لا البعد عنه يجعلها تنسى ولا القرب منه أيضا ...انها لا تستطيع التخلص من سيطرته عليها ...انها تموت حرفيا بسبب شعورها بالذنب ...لقد اصبحت ترغب به اكثر ...تحلم كثيرا ان يصبح زواجهما حقيقي ...ترسم في عقلها حياة لهم سويا ..هو وهي وعمر ...وربما طفل آخر ...ولكنها تعود لرشدها وتخبر نفسها انها خائنة ...انها تخون شقيقتها وان شقيقتها لا تستحق هذا ابدا .....تختنق وهي تكون خيالات عنه ....شعور بالذنب يثقل ضميرها ...لا يمكنها ان تحبه بسهولة لذلك تصطنع البرود...بمهارة تصطنع اللامبالاة نحوه ...تخبره ان مشاعرها نحوه انتهت...ولكن الحقيقة لا ....مشاعرها لن تنتهي الا بموتها هي ...

-هييي سما انتِ سامعاني ....

انتفضت على صوته ووجدت عينيه مركزة عليها بحيرة ....

فركت كفيها بتوتر وهي تعدل من وضع حجابها وقالت:

-سامعاك ....

وضع كفيه على خصره وقال بدون رضا :

-طيب أنا قولت ايه ؟!

نظرت إليه بتشويش ليهز رأسها بتعب ويقول:

-كنتِ سرحانة صح ...طيب أنا كنت بقول انك متخلعيش الدبلة دي من ايديك...أنا سيبتك تشتغلي رغم آني مش بحب ان مراتي تشتغل ...لكن أنا اديت كلمتي لأهلك ...فخليكي مسؤولة واعرفي أنك في عصمة راجل ....

نظرت إليه ببرود استطاعت تصنعه بمهارة وقالت:

-معرفش قصدك ايه ؟!بس أنا واحدة بحترم نفسي وعارفة حدودي ...وده مش عشانك ده عشان ربنا اللي اهم منك ....أنا لو عايزة اخون او ابقى وحشة ده مش هيمنعني ...

قالتها وهي ترفع طوق الزواج وتريه اياه وتكمل:

-انا انضف من كده بكتير ...

-معرفش ليه اخدتيها بالشكل ده...بس أنا سمعت أن خطيبك القديم معاكي في نفس المدرسة ...مش عايزة يتأمل حاجة...مش حابب ابدا اني اضطر اكسرله صف اسنانه ...أنتِ فاهماني أكيد ....

نظرت إليه وقالت:

-حاسب لافتكر أنك غيران عليا ...

-لا طبعا ده بعدك...بس انتِ مراتي...وقدام الكل انتِ تخصيني ...لازم الكل يعرف ان اللي بيقرب على حاجة تخصني أنا ممكن أعمل فيه ايه ....

-ماجد متجوز ...مفيش داعي لخوفك ده...

-استاذ ماجد....

قالها ببرود ...

نظرت إليه بحيرة ليرد ويقول:

-لو سمحتي متشليش التكلفة ما بينكم ...تعامليه بالطريقة دي ...فهمتي ؟!!

نظرت إليه بضيق....تكره الطريقة التي يلقي بها اوامره....ولكنها لا تنكر ان غيرته تلك اسعدتها...نعم هو يخفي ...لكنه يغار ...ولكن لا يجب أن تتمادي ...هي لا تريد أن تثير غضبه ...مهمتها واضحة وهي عمر فقط !!!


..........

-رحيق يا بنتي !!

قالتها السيدة وفاء وهي تقترب من رحيق وقد قابلتها صدفة على باب المدرسة ....نظرت رحيق إليها وقالت بصوت باهت:

-ازيك يا مس وفاء ...

شعرت وفاء بالخجل لانها من وضعت رحيق بهذا الموقف السئ واقتربت منها وهي تقول :

-سامحيني يا بنتي ... سامحيني حقك عليا،،،، أنا ....مكنتش اعرف انه راجل لسانه طويل للدرجادي ....

ربتت رحيق على كفها وقالت:

-محصلش حاجة يا مس وفاء ...أنا كويسة ...هو نصيب الحمدلله أنا راضية بنصيبي...مش زعلانة ....

ابتسمت وفاء براحة وربتت على كف رحيق وقالت :

-ربنا يراضيكي يا بنتي ....صدقيني ربنا شايلك الاحسن من ده كله ..متزعليش خلي املك في ربنا كبير ...

ابتسمت لها رحيق ولكن خلف ابتسامتها كان المها أكبر ....كان تثق في ان الله سوف يعوضها ولكن قلبها كان متضـ رر كانت لا يمكنها ان توقف الأ لم الذي يتصاعد في قلبها....تشعر وكأن ا لمها لن ينتهي ...البارحة قد تضر رت كثيرا....تضر ر قلبها وكرامتها...واليوم ...اليوم ما قالته نوران حطـ م الباقي من قلبها ....انه من المؤل م ان يكرهك.شخص تحبه.....ان تكر هك شقيقتك....ان تكر.هك من تتشرك معها في نفس الد ماء...تمنت ان تحبها نوران ...حقا تمنت هذا من كل قلبها ولكن لا بأس نحن لا نحصل على كل شئ في تلك الحياة ...والدتها اصبحت تحبها ولن تطمع اكثر من هذا فلتشكر ربها....

-رحيق بنتي انتِ كويسة ؟!

قالتها السيدة وفاء بقلق وهي ترى شرودها....كانت حقا قلقة عليها خاصة بعد ما حدث بالأمس...هي حقا تشعر بتأنيب الضمير ....لقد قالت للرجل ان الفتاة جميلة وهي لم تكن تكذب بهذا الشأن...لا أحد يرى هذا ولكن بالفعل رحيق تمتلك جمال مميز للغاية...سمراها جذاب للغاية 

..وانفها الدقيق يمنح ملامحها تناسق جبار ...من سيتزوجها سوف يكون محظوظ للغاية بكل تأكيد....سوف تدعو يوميا ان تحصل تلك الفتاة على حب حياتها....سوف تطلب هذا من ربها يوميا ...ولن تمل او تكل فتلك الفتاة الرائعة تستحق ان يحبها احدهما ..ان يقدم لها كل السعادة على الارض ....وهي تثق ان احد ما سوف يراها يوما وسوف يقع بحبها وسوف يكون الشخص المناسب تماما !!

.......

-معرفش ليه متعترفيش انك بتحبيه يا أريام ...باين عليكي على فكرة !!!,...

قالتها سلوى صديقتها المقربة وهي تجدها تنظر إلى أمجد ....

كانت اريام تتنهد بتفكير. ...أنه بعيد كبعد النجوم عنها...لا يراها .....دوما يضع عينيه في الأرض ...لا يتعامل مع أي فتاة الا في أضيق الحدود ....تشك اصلا أنه يحفظ ملامحها رغم عملها معه في نفس الشركة لثلاث سنوات ...تعرف أن هذا بسبب تدينه الشديد وان هذا ما يجذبها بقوه فيه ...تتمنى أن تتمتلك هذا القدر من التدين ...صحيح انها ترتدي ملابس واسعة ...حجابها يرضي الله تصلي فروضها وتقرأ وردها اليومي ولكنها لا تستطيع غض عينيها عنه ....عينيها السوداء تبحر في ملامحه الرجولية الجذابة ....عينيه العسلية التي تغرق بهما ....انها تحبه....نعم لن تنكر بعد الآن ...كلما تراه قلبها يقصف بعنف ...

انجذابه الشديد له بدأ من اليوم الذي ساعدها فيه .....عندما كانت تعمل في الشركة منذ فترة بسيطة...هو الوحيد الذي ساعدها ولم ينتظر مقابل ...هو حتى لم يكن ينظر إليها ...كان يغض بصره عنها ... يعاملها بإحترام ....كل تلك الأشياء جعلتها تحبه بصمت ...هي فقط تدعو الله يوميا ان يراها ...يشعر بها....يحبها !!!

تنهدت اريام وهي ما زالت تنظر إليه ....رباه كم هو وسيم ..

فجأة توسعت عينيها عندما وجدته نظر إليها فجأة ....بسرعة انخفضت كي تختبئ ولكنها دون ان تقصد اصطدمت بقوة في اللوح الخشبي في جبهتها ...وللاسف انجرحت جبهتها....اقترب منها أمجد وعثمان بتوتر وقال امجد:

-أنسة اريام انتِ كويسة ؟!

-كويسة ..كويسة.  .

قالتها بإرتباك ثم ذهبت مسرعة نحو الحمام....وذهبت صديقتها سلوى خلفها..نظر امجد الى اثرهما وقال:

-هو ايه اللي حصل أنا عملت ايه ؟!

-يعني متعرفش؟؛

قالها عثمان بخبث لصديقه...

-أنا معرفش أنا عملت ايه عشان اوترها كده ؟!يعني أنا مش مديرها عشان تخاف مني بالشكل ده ؟!

قالها أمجد بحيرة لصديقه عثمان ...ضحك عثمان وقال:

-لو تعرف مهندسة أريام هتعرف أنها مبتخافش بسهولة دي .....دي واحدة قوية شوف في وقت بسيط بقت من أشطر المهندسين في الشركة وفاتت ناس اكبر منها ...فمعتقدش مديرنا الطيب يوترها ...انت الوحيد اللي بتوترها ....

رفع حاجبيه بدهشة وقال:

-وأوترها ليه ؟!هو انا عفريت مثلا !!!

-أنت غبي يا أمجد...معقول مش واخد بالك منها ...ولا بتستهبل ...البنت بتحبك!!!

نظر إليه أمجد بصدمة وقال:

-ايه اللي انت بتقوله ده ...

رفع عثمان حاحبيه وقال:

-على أساس مش واخد بالك ..ولا أساس انت برضه مش منجذب ليها

-ايه اللي أنت بتقوله ده يا عثمان ...عيب كده باشمهندسة اريام زي اخت....

-طيب بطل هبل ومش عليا وبعدين فيه ايه يا اخي لما تعترف أنك منجذب ليها...دي الست الوحيدة اللي قبلت تتعامل معاها وتساعدها في الشركة...مش حرام روح اتقدملها وتبقي ملكك بدل ما تضيع من ايديك وتقعد تغني ظلموه!

..........


بعد أسبوع ...


خرجت من غرفتها أخيرا بعد ان حجزت نفسها لمدة أسبوع ....

قررت ان تستعين بعمها كي يساعدها لكي تعود لدراستها.....

وجدت عمها وسيف يجلسان سويا على طاولة الافطار ....اقتربت هي وجلست عليها بدون حديث ...كانت تخفى وجهها بغطاء الوجه الأسود بينما عينيها تنظران اليهما بجمود ...قالت في الأخير :

-انا عايزة اكمل.دراستي !!!

هز عمها رأسه وقال:

-حقك طبعا يا بنتي ...هتكملي دراستك ....بس في بيت جوزك!!!

-نعم !!

قالتها بصدمة ليرد هو :

-انا عايزك تتجوزي سيف ابني...

حينها كان سيف يشرب كوب قهوته ....قام ببصق القهوة من فمه وهو يصرخ:

-نعم!!!بتقول ايه !!!


................


-بس أنا كنت عايز اقابل باباك النهاردة ...انت وعدتني يا عادل ...

قالتها نوران بضيق ....

كانا سويا بالسيارة بينما هو يرمقها بنظرات غريبة ....كانت تلك فرصته ليفعل بها ما يريد .....لقد وافقت بعد محاولات ان تثق به وتستقل سيارته واتي بها الى هذا المكان المهجور نوعا ما لكي يفعل ما يريده بها ...لن يتركها حتى ينالها.....

-خلاص يا قلبي بكره نشوفه وانا وبعدها هاخد رقم اخوكي ونتقدم وتبقي بتاعتي ...بتاعتي وبس ...

احمر وجهها بخجل وابتسمت بسعادة فجأة رفع كفه وثقلت أنفاسه

-عايز اشوف شعرك ...

قالها بنبرة ثقيلة وهو يمد كفه إلى رأسها ...أبعدت كفه بغضب مرتبك وقالت:

-عادل ..رجعت لحواراتك دي !!!!احنا قولنا ايه ؟!

-ده شعرك بس ...وهشوفه لآخر مرة ...نفسي بجد اشوفه ...

هزت رأسها وهي تقول :

-لا ...مينفعش ...بعد الجواز شوفه براحتك .....

-عشان خاطري يا نوري.....عشان خاطري ...أنا هشوفه مرة واحدة بس ...عشان خاطري....

-يوووه يا عادل قولت ...

ولكنه قاطعها وهو. يمسك كفها بلهفة ويقول :

-مرة واحدة ...واحدة وخلاص ...لو بتحبيني ...يارب اموت لو مشوفتش شعرك ....أنا بس هشوفه...عشان خاطري ....

زفرت بضيق وهي عاجزة عن الكلام ...الحاحه الشديد جعلها تلين ...ازدردت ريقها وهي تنظر إليه بإرتباك ليبتسم بخبث وقد امتدت كفه إلى حجابها وبدأ بفك الحجاب ببطء....وسرعان ما كتم أنفاسه عندما فك شعرها الذي انحدر على كتفها مثل الشلال ....

وعلى غرة باغتها وهو يجذبها نحوه ويقبلها ....

تجمدت بين ذراعيه وتوسعت عينيها بصدمة كبيرة ...حاولت دفعه عنها ولكنها فشلت بينما هو يقبلها بجنون ....

-عادل لا ....

قالتها برعب وهي تحاول ان تبعده عنها ولكنه تمكن منها بينما يديه تعبث بملابسها ...ليفوز الذئب وتقع هي فريسة للخطيئة!!!

الفصل السابع (الي الهاوية)..

-عادل ابعد ابعد!!!!

قالتها نوران بفزع وهي تبكي بينما هو مستمر فيما يفعله ....كان يريد أن ينالها بأي شكل ...هي تثير جنونه ...ولكن صراخها وبكاؤها جعله يتوقف ....

ابتعد فجأة ....لينظر إلى جسدها الذي انكشف أمامه....فمها الذي أصبح متورما وشعرها المشعث بجنون....

-نوران!!!

رفعت كفها وصفعته بعنف وقالت:

-انا بكر هك ...بكر هك !!!!...اطلع برا العربية !!!

بهت وهو ينظر إليها ...لقد أخرجته من تلك اللحظات السحرية بصفعة قوية ...غزا وجهها الابيض الاحمرار بسبب بكاؤها الشديد ثم أخذت تدفعه وقالت:

-اطلع...بقولك اطلع...أنا بكرهك ..بكرهك !!!

حاول ان يهدئها ولكنها كانت تبكي بعنف شديد ....خرج من السيارة مسرعا تاركا اياها تبكي بعنف ....

عدل من وضع ملابسه وهو يخرج سجائره التقط واحده بين فمه ثم دخنها وهو يغمض عينيه....كان الغرق بها متعة ....ولكنها أوقفته في آخر لحظة ...لا بأس ...سيستمتع بها قدر ما يشاء ...هو يعرف كيف يخضعها . . وحينها سوف يرد الصفعة لها أقوى !!!......

انتهى من سيجارته وعاد إلى سيارته وجدها قد عدلت من ثيابها وارتدت حجابها...ولكنها كانت مستمرة في البكاء.....

-روحني البيت مش عايزة اشوف وشك تاني ...

قالتها وهي تبكي بعنف ...وهو لم يتحدث ...سيتركها تهدأ ......ثم سيهاجم مجددا....لن يتركها حتى يخضعها ...هي سوف تظل فريسته حتى  ينال منها ما يريد ..ثم سوف يلقيها خارج حياته بالطريقة التي تستحقها !!!

....

كانت تسير في غرفتها كأسد حبيس ...عينيها تشتعلا ن بالنير ان ...كانت قد خلعت نقابها ....الدموع التي في عينيها لم تقلل من تلك النيران التي تشتـ عل في عينيها ...من يظن نفسه ليفرض عليها شئ لا تريده...هي لا تريد الزواج من ابنه ؟!لا يمكنه أن يجـ برها على هذا ...لا يمكن لأحد أن يجـ برها على شئ لا تريده....ما هذا العبث ...

جلست على الفراش...شعرها يرتاح على ظهرها وهي تتنفس بحد ة ...تتذكر الموقف التي تعرضت له ...تتذكر المها نة التي تعرضت إليها عندما رفض سيف الزواج منها ...لقد بدا وكأن أحدهما سكب مياه باردة عليه...كان يبدو مصدوم للغاية وهذا المها...جعلها تشعر بالذل ...وكأن عمها عرضها على من لا يريدها....اغمضت عينيها وهي تتذكر رفضه المهين لها ....

....

-نعم انت بتقول ايه يا بابا ...مستحيل اللي بتقوله ده مش هيحصل ؛!!!انت عايزني اتجوز مين ؟!

كلام سيف اندفع بقوة وغضب ....غضبه جعل غضبها يبهت للحظات ...رمشت وهي تحاول محاربة الدموع التي بدأت بحر ق عينيها...شعرت بشئ ثقيل على صدرها ...ماذا يحدث ...هي من المفترض ان ترفض وتهرب ..ولكنها تجد سيف من يرفض بكل قوته ......بالطبع سوف يرفضها ...فبعد ان رأى وجهها لا يمكن لأحد الزواج منها....هو بالطبع لن يحبها ..لن يرغبها ...فمن سوف يرغب فتاة مشوهة مثلها ....مستحيل ...لن ينظر إليها احد وخاصة رجل وسيم مثل سيف ...تنفست بحدة والدموع تطفر من عينيها ....لقد هزمتها دموعها ....زلزل الاشمئزاز التي يعلو وجه سيف شئ بداخلها...لقد ظن ان لن يستطيع احد ان يجرحها بعد اليوم ولكنها كانت مخطئة ....هي محطمة....منهارة....وغاضبة ...غاضبة للغاية ...غاضبة لان حياتها انهارت بسبب انسان مريض نفسي قرر ان يسلب جمالها....غاضبة لان عمها من تخلى عنها من قبل ...يأتي الآن ويفرض عليها شئ لا تريده....من هو ليفعل هذا ....ولكن غضبها الاكبر ....تحطمها كان بسبب سيف الذي كان مصدوما وقد رفض الزواج منها بطريقة مهينة....هو حتى لم يحاول أن يخفى اشمئزازه منها .....

-سيف اقعد لو سمحت !!!

قالها والده وهو يحذره بعينيه ولكن سيف هدر بقوة :

-هو أنا لعبة في ايديك يا بابا ...هتجوزني بمزاجك...زي ما خلتني اسيب الموسيقي برضه وادخل كلية ادارة اعمال ...وانا مش عايزها ...خلتني اشتغل في شركتك وانا مش عايز ....ودلوقتي عايز تجوزني لواحدة أنا مبحبهاش ...هو أنا ابنك ولا العبد الي اشترتني !!!

-خلاص يا سيف اسكت !!!

هدر والده بقوة ليهز راسه ويقول :

-لا مش هسكت ...مش هسكت بعد النهاردة...أنا مبحبش مياس...ومش عايز اتجوزها وهو مش عافية...حضرتك مش تقرر ومستني أننا ننفذ اللي عايزه ...ده مستحيل يحصل يا بابا ...

ثم ذهب بعنـ ،ف وتركه ...بينما مياس كانت جامدة لي مكانها ...الدموع تنهمر من عينيها دون توقف ...هي لن تنسى هذا طوال حياتها ...لن تنسى تلك الطريقة المهينة في الرفض ابداً...ظنت.ان قلبها محصن ضد أي جرح ...ولكنه الآن تحطم ...تحطم وابن عمه يظهر ملامح الاشمئزاز على وجهه ...ولكن السبب الاكبر هو عمها...عمها فقط !!!

خرجت من شرودها وصوت بكاؤها يعلو تسطحت على الفراش وهي تكتم صوت بكاؤها ...كانت تشهق بقوة وهي تضرب الوسادة بقوة ...تشعر وكأنها عاجزة عن التنفس ...كل من حولها يؤلمها ...تمنت في تلك اللحظة ان تموت...تمنت ان تلحق.بعائلتها...لا أحد يحبها هنا...لا أحد يهتم بها ...لا أحد ...الكل يتفنن في تعذيبها وهي ملت...لن تستطيع التحمل بعد الآن ....

-يارب اموت يارب ....يارب !!!

قالتها بصوت مختنق وهي تبكي وضمت ساقيها الى جسدها وبكاؤها يزداد حده 


..

كان سيف يقف أمام غرفتها وهو يشعر بتوتر بالغ ...لقد أخطأ وهو يرفضها بتلك الطريقة ...كان يشعر بالذنب يقتـ له .... ولكن الأمر لا يتعلق بها...مشكلته هي والده ...والده الذي يريد أن يفرض عليه شئ لا يريده ...يريده أن يعيش حياته كما يريد هو ...ولا يهم ما يريده!!!

طرق الباب برفق وقال:

-مياس ممكن نتكلم !!!

ولكن لم يحصل على رد ...انتظر دقيقتين أمام الباب ثم أخيراً فُتح الباب له ....كانت تقف أمامه...ترتدي نقابها ولكن عينيها الزرقاء تنظر إليه بغضب ....بكره !!!

ابتلع ريقه بتوتر :

-مياس أنا اسف ...بجد أنا آسف ...صدقيني مش أنتِ المشكلة ده والدي....أنتِ ميعبكيش حاجة أنا اللي....

-أنت رفضتني عشان أنا مشوهة متنكرش !!!

صرخت بها بقوة....كانت الدموع محبوسة في عينيها ....كان قلبها ينزف بقوة ....كلما تذكرت ملامحه المشمئزة عندما عرض عليه والده الزواج منها قلبها يحترق....ظنت ان لا أحد قادر على تحطيم قلبها ولكنها كانت مخطئة...فها هو قلبها تحطم مرة أخرى ....تشوهها هو أكبر لعنة في حياتها ....

بهت سيف وهو ينظر إليها....اراد دحض ذلك الاتهام....لم يكن هذا هو سبب رفضه ...نعم يعترف ان رد فعله كان قوي للغاية...ولكنه يقسم ان هذا ليس بسببها هي ...مشكلته مع والده الذي يريد ان يفرض عليه مالا يطيقه ...بريده ان يتزوج وهو يعلم انه يعشق فتاة اخرى ...كيف يمكنه أن يقرر بسهولة قرار مهم جدا بشأن حياته وهو عليه ان ينفذ ...الا يكفي انه قد حرمه من ان يلتحق بكليته المفضلة ....دمر احلامه والان يريد ان يحرمه من حبه ...نعم هو يحب والده ولكنه يتخذ قرارات عجيبه تحطمه دون ان يهتم بقلبه هو ...والمبرر انه يريد له الأفضل ولكن هذا يكفي ...هو لن يخضع مجددا ...قراراته لن يتدخل فيها والده بعد الآن

-محصلش ...صدقيني يا مياس ...أنا بحب واحدة تانية عشان كده انفعلت أنا آسف بجد....

ضحكت بسخرية وهي تقول :

-ما تبطل كدب بقا ....

ثم كشفت عن وجهها وهي تقول :

-رفضتني عشان كده ...الحروق اللي مالية وشي صح ....

كانت الدموع تطفر من عينيها وهي تضحك بألم وتكمل؛

-الحروق دي مخلياك تشمئز مني صح ...

كان ينظر إليها بعيني متسعة ...الألم في عينيها وصوتها لاقى صدى كبير في قلبه ...لقد تألم لألمها وكأنها جزء منه ...وبالفعل هي جزء منه ...هي من دمه ...ابن عمه وصديقته المفضلة منذ صغره....

أكملت وهي تبتعد وتغطي وجهها وتقول :

-بس اقولك الحروق دي سببها انت وأبوك...انتوا اللي اتخليتوا عني ...مبقاش ليا ضهر ...فبقيت فريسة سهلة ....انتوا السبب في اللي انا فيه وهفضل اكرهكم طول حياتي !!!

ثم أغلقت الباب بوجهه ...ليتنهد بتعب وهو يشعر بقلبه يتألم ...أنها مصرة على جعله يشعر بالذنب ...ولكنها محقة ...محقة للغاية ..هما تخلوا عنها .....

......

ارتمت مياس على فراشها مرة أخرى وهي تبكي بعنف ....ها هي تصاب بسهم اخر في قلبها ...الن تنتهي آلامها قط....الى متى سوف تعاني ¡!!!لو فقد  يتركوها وشأنها...هي لا تريد أن تتزوج ...لا تريد أن تحب أحد ...تريد أن يتركها الجميع وشأنها...هل هذا صعب عليهم !!!!لماذا يؤذوها....لماذا لا يدعوها وشأنها ....الأ يكفي تشوهها الذي دمر كل أحلامها ....

أغمضت عينيها والدموع تنهمر أكثر من عينيها ...تتذكر كيف كانت سعيدة في الماضي مع الإنسان الذي عشقته أكثر من أي شئ في تلك الحياة  ...اعتقدت وقتها ان السعادة يمكن أن تدوم ...اعتقدت أن حبهما قوي لدرجة أنه سيدوم لمدى الحياة ولكنها كانت مخطئة ...فحبه لها كان ضعيفاً 


*************

في اليوم التالي ...

أمسك الهاتف وعينيه تشتعلان بغضب ....شد على الهاتف بقوة ...لا يصدق ما يراه بعينيه ....

خرجت تولين من الحمام وهي ترتدي مئزر الحمام وتنشف شعرها جيدا بينما ترسم ابتسامة رائعة على ثغرها وهي تقول:

-ها يا حبيبي ...هنخرج فين النهاردة ؟!.

وعندما لم يرد عليها نظرت إليه وبهتت ابتسامتها وهي تراه يمسك هاتفها ....ازدردت ريقها وهي تقول :

-عمر...

نظر إليها فشهقت وهي ترى نظراته الغاضبة ...تراجعت للخلف قليلا وهي تتلعثم:

-انت بتعمل ايه بتليفوني ؟!....

أقترب منها وعينيه السوداء تشتعلان ثم أمسك ذراعها وقال:

-انا بس حابب اعرف ايه الهبل اللي أنتِ باعتاه لمياس ده ...ها انطقي ايه الهبل ده !!!!

تألمت...قلبها حقاً تألم وهي ترى الغضب بعينيه ...فغضبه يعني الاهتمام ...والاهتمام يعني الحب ...حتى لو تركها ما زال يتذكرها ...ما زال يكن مشاعر لها ....وهذا يقتلها ....لقد أحبت عمر طوال حياتها....كانت ابن خالتها وأهم شخص في حياتها ...ولكنه لم يكن يراها ...بل خطب مياس ...حب حياته ....كان يعيش قصة حبه معها هي ....كل شئ تم أمام عينيها ...لن تنسى انها كانت تبكي بسببه يوميا ...لانه كان قاسي عليها ...لم يهتم بها....ولكن الذي حدث لمياس ...فتح لها الطريق لحياته وليس قلبه...هي ما زالت لا تجد طريقاً لقلبه...تتخبط وسط الظلام لعلها تجد قلبه فتختنق وهي لا تجد إلا الظلام يحيطها من كل اتجاه .....

عندما لم يجدها تتحدث زعق بها وقال:

-ما تنطقي وتقولي ايه القرف اللي كاتباه.ده لمياس ...انطقي يا تولين ...

انهمرت الدموع من عينيها السوداء واختنق صوتها وقالت :

-ايه خايف على مشاعرها للدرجادي ؟!...خايف على مشاعر حبيبتك القديمة !!...

-متغيريش الموضوع ...انطقي قولي ايه اللي بتهببيه ده ...ليه بتدوري على المشاكل ...مش خلاص اتجوزتك ...وأنتِ اللي كسبتي ...عايزة ايه منها تاني مش كفاية اللي حصلها ...

-عايز قلبك ...عايزاك تحبني زيها ...أنا بحبك يا عمر ...وانت قلبك ضايع ومعاها ...

-قلبي مش معاها ...لو بحبها فعلا مكنتش سبتها....أنا مش بحبها ..استوعبي ده ...ومتحطهاش في دماغك اكتر من كده عشان أنتِ اللي هتتعبي ...أنا مش ناقص وجع دماغ ...

اقتربت منه وهي تلمس وجهه وتقول بصوت مختنق:

-احلف انك مبتحبهاش ...احلف أنها مش بتمثلك اي حاجة ..انك مش حاسس بالذنب والندم انك سبتها ...انك مش بتهلوس بإسمها بالليل ...وان زي ما في جزء جواك مقدرش يتقبلها ...بس انت لسه بتحبها....أنا مش موجودة يا عمر...لا موجودة في قلبك ولا في حياتك!!....

نظر إليها بجمود وقال ؛

-هو ده اللي عندك قادرة تتقلبيه ماشي ...مش قادرة أنا مش هقدر اعملك اكتر من كده ...مش عايزة تصدقي انك الوحيدة اللي في حياتي حاليا براحتك ...أنا مش هحاول مع حد !!...

توسعت عينيها والدموع تنهمر بقوة أكبر ولكن هذا لم يهمه بل ذهب مسرعا من أمامها ....

جلست هي على الفراش وهي تبكي بقوة ....لقد نالته ولكنها لم تحصل على قلبه !!!!

...

كان يجلس في صالة منزله وهو يشعر بالإختناق ...يشعر أنه في دوامة كبيرة ...هو بالطبع لا يريد العودة لمياس ...هو لن يتحمل أن ينظر لوجهها...لكل إنسان قدرات وتلك هي قدرته ...ولكنه لما لا يستطيع تقبل زوجته ....لماذا لا يستطيع أن يعشقها وهي تمتلك جمال وأنوثة لا بأس بها ؟!لماذا جزء منه يشتاق لمياس ...رغم أنه عندما راي وجهها هلع وخاف منها ...هو لن يعود لمياس ولكنها لا يستطع أن يحب تولين ..هو غارق دون نجاه ...هو تائه...تائه للغاية !!

************

ولج لقاعة المحاضرة  الكبيرة عينيه العسلية  تنم عن بروده ...انعزاله عما حوله ....توقف الطلاب عن الكلام من أن اطل هو ...نظر حوله وهو يرى نظرات الفتيات المصدومة منه ...هو يعرف نظرات الإعجاب تلك وطالما نال من تلك النظرات ... 

-انا يوسف الرشيدي ...هكون دكتور الاحصاء بتاعكم ....اول حاجة حابب انكم تعرفوها عني اني مبحبش حد يتخلف عن محاضراتي ....لو حد جاي يهرج هنا يبقى يوفر فلوسه ووقته وميجيش ...اتفقنا !!!

-اتفقنا ..

قالها طلبة الدبلومة بتوتر ...على الرغم أنهم ليسوا صغار كطلاب الجامعة في سنواتهم الاولى. ..فمنهم من تزوج ثم عاد لتحضير الدبلومة ثم الماجستير  ولكن هذا الرجل بعث داخلهم التوتر ....هما يعرفان أن مادة الاحصاء مهمة جدا اذا ارادا تحضير الماجستير ...ويجب الاهتمام بها ...

هز يوسف رأسه بإستحسان وكاد أن يبدأ في الشرح إلا أن صوت بكاء طفل مزعج جمده مكانه....استدار بحدة ونظر إلى مصدر الصوت ليجد امرأة في أواخر الثلاثينات تمسك طفلها الصغير وتحاول تهدئته...كان عمره خمس سنوات تقريبا ....تقلصت ملامحه بغضب وقال:

-ايه الفوضى دي ...

ارتجفت ماجدة وهي تنظر إليه ...وقد ترطبت عينيها بدموع الاحراج ....

ألقى يوسف القلم الذي بيده ثم اقترب منها وهو يقول :

-انتِ جايبة ابنك هنا ؟!فاكراها حضانة ؟!!...ده مش هزار يا مدام ...هنا ناس جاية تتعلم مش جاية تهزر .....

-انا والله ...

-بس متتكلميش ...اطلعي برا محاضرتي...ولما تتعلمي تحترميني يبقى تحضري محاضراتي ...غير كده خليكي في بيتك ...مفهوم ؛!!

هزت رأسها بتوتر وهي تحمل طفلها وتمسح دموعها بحجابها ثم خرجت مسرعة...يتبعها نظرات الباقية في قاعة المحاضرات ...كانوا ينظروا اليها بشفقة ....الجميع يعلم الظروف السيئة لماجدة ولكن لم يجرؤ أحد على التحدث !!

،**********

-أحب اعرفكم يا جماعة  مستر مؤيد مدرس الفيزياء الجديد....

قالتها وفاء بإبتسامة وهي تظهر في غرفة المعلمين بجانبها شاب يافع في منتصف العشرينات تقريباً ....عينيه سوداء واسعة وملامحه سمراء مريحة ..كان يمتلك طولاً لا بأس به ...بالمجمل كان حقاً وسيم .....

ابتسمت مريم إحدى المعلمات الصغيرات بهيام وهي تنظر إليه بينما نهضت رحيق وماونا للترحيب به .....ابتسم مؤيد وهو يهز رأسه ويحييهم وردوا التحية له....

-اهلا بيك وسطنا...

قالتها مادونا بلطف ثم أكملت :

-انا ميس مادونا مدرسة الفرنساوي هنا ....واما دي ...

أشارت على رحيق واكملت :

-دي مس رحيق مدرسة العربي ....مدرس خبير ...

ابتسم لرحيق وهو ينظر إليها ....كانت ترتدي النقاب ولا يظهر منها سوا عينيها ....ولكن لا يعلم لماذا شعر بإنجذاب نحوها ..انجذاب غريب !!

-ازاي حضرتك يا مس رحيق ...

ثم مد كفه ليصافحها ....

ارتبكت هي ....وقالت بخجل :

-بعتذر منك بس انا....

توسعت عينيه بإدراك وهو يسحب كفه محرجا....كيف لم ينتبه ...هي بالطبع لن تصافح الرجال ...ولا هو من عاداته أن يصافح النساء ...ولماذا هي الوحيدة التي مد كفه لها ؟؟هو حقاً لا يفهم ....

-انا بجد بعتذر يا مس رحيق .....

هزت رأسها وهي تقول :

-حصل خير يا استاذ ...

*************

استيقظ من نومه وهو يشعر بألم كبير في حلقه....اتجه الى المطبخ حيث كانت تغسل اطباق الإفطار قبل أن تذهب لعملها ...نظرت إليه بلا مبالاة واكلمت ما تفعله....وجدته يقترب منها ارتجفت وهي تشعر به قريب منها لهذا الحد ...توترت بشكل مبالغ به وهي ترتجف من راسها لأغمض قدميها ...كيف يمكن لاقتراب بسيط من ان يزلزلها لهذا الحد ...عينيها كانت تدوران بتوتر ...وهي تبتلع ريقها بعسر...انها تحبه بشكل ميئوس منه...وكأنه حبه شئ لا تستطيع التخلص منه ...كأنه مرض مزمن ينهش في.قلبها دون رحمة ...تجمدت وهي تنتظر ما سيفعله ...ولكنه صدمها وهو يأخذ كوب زجاجي...كان يريد فقط كوب ....احمر وجهها الأبيض من الغضب ...ونظرت الى ملامحه المتعبة وقالت:

-لو هتستخدم الكوباية يبقى تغسلها أنا مش الخدامة بتاعتك ....

هز رأسه بتعب وقال بصوت مبحوح بفعل مرضه :

-حاضر ...

غزا الخوف الكبير ملامحها واطل القلق من عينيها الواسعة وهي تقول :

-فيه ايه مالك؟!انت تعبان ولا حاجة ؟!

-انا كويس متقلقيش ... 

قالها وهو يستدير عنها ليصنع له شئ ساخن ليشربه .....ولكنها وامسكت ذراعه وجعلته ينظر إليها ثم رفعت كفها وهي تجس حرارته ...

شهقت بصدمة وهي تشعر انها ساخن للغاية ...

-جورج انت سخن اوووي....

-انا كويس متقلقيش عليا ...هشرب حاجة سخنة واروح الشغل....

قالها وهو يبتعد عنها....امسكت كفه بحزم وقالت:

-تروح فين انت مجنون ...انت تعبان يا جورج...

نظر إليها بتعب وقال:

-والله على أساس أنك مهتمة يعني ...مش قولتي انا مليش دعوة بيك....التزمي بكلامك بقا وسيبيني في حالي....لو سمحتي ابعدي!!!

ملامحه كانت متألمة ...متعبة ...شعرت انها تتألم مثله...كانت متعبة حقاً منه...متعبة من عشقها المؤلم....لقد ارادت ان تتصنع البرود...ارادت الا تهتم ولكن قلبها هو آفتها ...عشقها سبب شقاؤها ....كيف لشئ جميل ان يكون مؤلم بتلك الطريقة....كيف لسبب سعادتها ان يكون شقاؤها لتلك الدرجة ...كيف يمكن لشئ جميل مثل الحب تم يقتلك من الداخل ....كيف يمكن أن يتحول الجمال للعنة !!!! .....

كانت تنظر لعينيه...تغرق بهما بينما هو ينظر إليها بتلك النظرة المتعبة ...نظرات يغرقها الشعور بالذنب لانه عجز ان يحبها ...حاول اخفاء شعوره بالذنب مرات عديدة ولكن للأسف لا يستطيع ...هو يشعر بالذنب لانه لا يحبها ....وهي تشعر بالاختناق لأنها لا تستطيع الوصول لقلبه !!!

-بطل اللي بتعمله ده ..انت تعبان ....تعالى ارتاح!!!

ثم أمسكته من ذراعه وشدته خلفه ...ثم اولجته إلى غرفة نومهما....

ابتسم بسخرية وقال:

-ايه قررتي اخيرا تعطفي عليا ....خلصت فترة عقابك ليا ...

-اخرس وارتاح !!!

قالتها بضيق وهي تساعده على التسطح على الفراش وقالت :

-متتحركش ....

ثم ذهبت مسرعة إلى المطبخ ...تعرف كيف تعالجه....هي تحفظ تعبه جيدا وتعرف كيف تداويه ....الاول قامت بإخراج الدجاجة كي تصنع له حساء ....

ثم ذهبت إليه مسرعة كي تحاول تخفيف حرارته عن طريق الكمادات ......

كان جورج ينظر إليها بذنب وهو يجدها تتحرك بنشاط اكبر وهي تحاول أن تجعل حرارته تهدأ قليلا ...لقد ترجته أن تحضر له الطبيب ولكنه عنيد ...يظن أن تلك الحالة لا تستحق وجود طبيب ...ولكن رغم هذا لم تيأس ...صنعت له حساء الدجاج وأجبرته بحزم على أن يأكل ...لم يستطع أن يعترض...هو يعرف أنه لن يستطيع أن يقنعها بالعكس لذلك اكل جيدا رغم الوهن الذي يحل وفقدان الشهية ....ثم جعلته يأخذ ادويته ....أخرجت له ملابس جديدة وساعدته حتى يبدل ثيابه ثم غطته كويس وهي تطمئن أن حرارته قد انخفضت ...حينها فقط تنهدت براحة وقررت أن ترتاح قليلا وتأكل شيئا ...

**************

في المساء 

-مبتاكلش ليه يا مؤيد ؟!

قالتها منى والدته بحيرة وهي تراه جالس على طاولة العشاء ولم يضع الطعام في فمه ....هو فقط  شارد وعلى وجهه ابتسامة بلهاء ....

-هاااا ...

قالها وقد بدا أنه انتبه لكلامها فجأة ....

نظرت منى إلى والده محمد وقالت :

-ما تشوف ابنك يا محمد شكله ساهم كده ومش على بعضه.....عايزين نعرف ماله ....

حك مؤيد رأسه بإحراج وقال:

-ها ...لا مفيش حاجة يا ماما ...أنا بس مرهق شوية ....النهاردة اول يوم شغل...

-والمرهق بيكون مبتسم زي الاهبل كده يا مؤيد ...

ردت والدته بخبث ليتوتر أكثر ويقول :

-ايوة مرهق ....

ضحكت والدته وهي تكمل طعامها وتقول :

-تمام صدقتك يا كداب ...كل قبل ما الاكل يبرد ....

ثم بدأت بتناول طعامها ....

......

في غرفة مؤيد التي لاذ بالفرار  بها كان متسطح على الفراش وهو ينظر للسقف....عينيه شاردة تماما.....عينين سوداء مميزة تلاحقه ولا تتركه وشأنه....شئ غريب يجعل قلبه يهدر في صدره وكأنه مراهق .......

-مؤيد!!.

أخرجه من شروده والده ...انتفض مؤيد على صوت والده ونهض بتوتر وهو يقول:

-بابا ...انت بتعمل ايه هنا ...من امتى هنا؟!

-من تلت ساعة تقريباً....براقبك وانت بتضحك زي الاهبل 

قالها والده وهو يبتسم ...ارتبك مؤيد فضحك محمد وجلس بجواره وقال:

-مين اللي واخدة عقلك قولي ؟!

-ها ...لا مفيش حد ...

-يا واد مش عليا الكلام ده ...قولي مين اللي واخدة عقلك بالشكل ده ...مخلياك مش مركز في اي حاجة النهاردة ..... سرك في بير يا مؤيد ....

تنهد مؤيد وقال:

-حقيقي معرفش يا بابا ....هي مدرسة معانا في المدرسة ...المشكلة اني مشوفتهاش اصلا لأنها منتقبة ...بس لقيت نفسي بفكر فيها بشكل غريب...

ثم ابتسم وهو يفرك كفيه ويقول :

-اسمها رحيق.  .

-رحيق ...اسمها حلو اووي ...يعني نقول وقعت ؟!

-انا مشوفتهاش يا بابا ....

-وماله يا حبيبي نتقدم وتشوفها شرعي ....

-بسرعة كده ؟!

قالها بتوتر فهز والده رأسه وقال:

-اومال انت فاكر ايه ...مضيعش وقت يا بني ....الحقها قبل ما حد يخطفها منك !!

..................

ابتسمت سما بلطف عندما نظرت إلى عمر الصغير ووجدته قد نام ...قبلت رأسه بلطف ثم وضعت القصة التي كانت تقرأها ثم نهضت بهدوء وقامت بتغطيته جيدا ثم أغلقت الانوار وخرجت من الغرفة وهي تفرك رأسها بتعب ....حقا العمل مع مسؤوليات البيت صعبة للغاية ...ولكنها يجب أن تقاوم ...لا يمكنها أن تترك عملها ...لقد تعلمت أن عملها هو السند لها بعد ربها ولن تتركه ...

خرجت من الغرفة ليجذبها صوت قدوم رسالة على هاتف أمير  ....بفضول ذهبت وامسكت هاتفه لترفع حاجبيها وهي تجد أن الرسالة من فتاة تدعي شوق.....

-ماسكة موبايلي ليه؟!

انتفضت على صوت امير ولكنها نظرت إليه ببرود وقالت:

-مفيش ...دي بس رسالة جاتلك وانا جالي فضول بس ....

اقترب منها وأمسك الهاتف ....ثم رفع حاجبيه بدهشة وقال:

-أنتِ بتتجسسي عليا ولا ايه ؟!...

هزت كتفها وقالت:

-لا بتجسس ولا حاجة فضول وبس ...

رفع حاجبيه وابتسم بخبث وقال:

-لاحسن تكوني بتغيري ؟!

ضحكت بسخرية وقالت:

-وهغير ليه؟!ايه السبب اللي يخليني اغير عليك ؟!

-يمكن عشان جوزك ؟!

-ده مش سبب كفاية يخليني اغير عليك ...هغير عليك لو بحبك غير كده لا ....


-أنتِ مبتحبنيش صح ؟!

-تؤ...

-بس كلامك اللي في المذكرات بيقول عكس كده خالص !

-انت بتحب ترجع للموضوع ده ليه؟!ليه بتلف تلف وترجعله ...عايز تبين اني بحبك عشان كبرياءك يكون راضي ...بس للاسف هزعلك واقول كانت مشاعر هبلة وانتهت نهائيا ...أنا مبقتش احبك ولا حتى بحتك بيك ...انت اللي بتنكش كل شوية ...وعشان اطمنك اكتر لو عايزني بنفسك اجوزك اي بنت تشاور عليها وتعيش حياتك معاها شاور على البنت وامتى حابب تخطبها وعيوني ليك هلبس اجمل طقم عندي واروح اخطبلك...انت جوزي برضه ...

ثم تركته يكاد ينفجر من الغضب وهربت لغرفتها ...أغلقت الباب سريعا ثم أغلقت عينيها والدموع تنهمر من عينيها بقوة.....متى ستتوقف عن حبه ...متي ؟!


..........

اقتربت منه بهدوء لتحس حرارته ...توترت قليلا وهي تجدها ارتفعت مرة أخرى قليلا  ....رباه ......ذهبت مسرعة واحضرت طبق به ماء مثلج وقطعة قماش بيضاء نظيفة ثم بدأت بوضع القماش على رأسه ثم جلست بجواره وهي تمسك كفه ....تصاعدت الدموع بعينيها...رباه كم تحبه ...أنها تحب كل شئ به ....شبكت يديها بيده وقامت بتقبيل كفه ودموعها الساخنة تسقط على كفه.....

ثم بدأت بتلمس وجهه بلطف وهي تقول بإختناق :

-اي علاج هوسي بيك يا جورج ...ايه اللي يخليني أبطل احبك بالجنون ده ...قولي ...ساعدني انت ..ساعدني ابطل هوسي بيك ...ساعدني أن قلبي ميدقش في كل مرة اشوفك .....كل ما بحاول انساك حبي ليك بيهزمني ...أنا اللي بخسر كل مرة قصاد حبك ...ياريت تعرف قد ايه بحبك....بحبك لدرجة انت متتخيلهاش ...ازاي انسان ميحس بإنسان بيحبه للدرجة دي ....مش حاسس بيا ...مش حاسس قد ايه انا بحبك ....

أغمضت عينيها وهي تتسطح بجواره لترتاح  ثم عانقته وهي تغمض عينيها والدموع تنهمر منها بقوة ....أنها المرة الأولى التي تكون قريبة منه لهذا الحد ...حتى علاقتهما الخاصة كانت باردة ...نادرة ....مؤلمة...حتى توقف عن لمسها بالفعل ... .....كانت دوما جائعة لحبه ولكنه كان بخيل معها ....لم يعطها ولو حتى القليل من حبه أو اهتمامه ...حقيقة أنه كان يهتم بالجميع الا هي تقتلها ....جورج كان لطيف مع الجميع الا هي ...دوما يذكرها بطريقة غير مباشرة أنه أُجبر عليها ...حتى أنه قالها مباشرة  ...حتى  أنها كانت تشك احياناً أنه يكرهها....في كل مرة حاولت أن تقترب منها كان يصدها بكل برود محطماً قلبها لقد تحطم قلبها مرات عديدة على يديه ....لقد قتلها من تحبه مرارا وتكرارا...ولكن هي ما زالت تحبه...كيف يحب المرء من يؤذيه ....ما هي الطريقة لكي تتوقف عن حبه وترتاح !!!

فكرت بها وصوت بكاؤها يرتفع قليلا .....تنهدت بتعب وهي تضمه أكثر ...أنها المرة الأولى التي سوف تقترب منه بتلك الطريقة ...بعدها سوف تعامله مثلما يعاملها ...سوف تنبذه خارج حياته.....سوف تجرحه ببروده كما جرحها ...لكن اليوم ...اليوم فقط سوف تحبه....اليوم سوف تعطيه حبها ...ستكون بجواره....اليوم سوف تعانقه بحرية...تقبله...تنال منه ما منعه عنها ...حقها فيه. ..اليوم فقط ...هكذا أقنعت عقلها الغاضب ....فقلبها ضعيف ...ضعيف للغاية أمامه!!! ....نهضت قليلا وهي تمسح دموعها برفق ...ثم وضعت كفها على رأسه لتجد حرارته قد هدأت قليلا .....

ابتسمت دامعة وهي تقبل صفحة وجهه ...تقبله بهوس عاشقة ...ثم اتجهت إلى فمه لتقبله ولكنه فتح عينيه فجأة ...تجمدت وهي ترى عينيه الزرقاء تنظران إليها بتشوش....

-انتِ بتعملي ايه ؟!

قالها بحيرة ...ازدردت ريقها وعينيها السوداء الواسعة تنظران إليه...بينما الدموع تتساقط من عينيها....احتار أكثر وهو يقول :

-بتعيطي ليه؟!

-انت ليه محبتنيش ؟!هو ايه كان ناقصني ؟!

قالت بإختناق ....غزا الشعور بالذنب ملامحه ...وعجز على التبرير ...عجز عن التحدث ....لم يعرف ماذا يقول وهي تبكي أمامه بتلك الطريقة .....تساقطت دموعها أكثر على وجهها وقالت؛

-انا حبيتك ...حبيتك بطريقة مجنونة ...حبيتك اكتر من حياتي والله....كان ليك الأولوية دايما ...قلبي بيوجعني لما اشوفك مش قادر تحبني ....ازاي اوصل لقلبك يا جورج....مش قادرة أوصله ...حاولت ابينلك انك مش مهم الايام اللي فاتت بس كنت بكدب على نفسي وعليك ....انت مهم ....مهم اووي....

أحرقت الدموع عينيه ... ورفع يده ثم جذب رأسها إليه ليقبلها بقوة ....توسعت عينيها بصدمة ولكن سرعان ما أغمضت عينيها كليا وهي تذوب ....شهقت بقوة وهي تجده عكس وضعهما بينما يديه تعبث بملابسها. . 

-جورج انت تعبان استني .. 

-ششش....

قالها 

ثم كتم كل اعتراضاتها بطريقته!!!


................

في اليوم الثاني ....

كان يسير في بهو المدرسة وهو يفرك كفيه بتوتر ....لا يعرف كيف يكلمها ..بالأمس قابلها واليوم يريد أن يتزوجها ....ستعتقد أنه فقد عقله بالطبع ....فكر بتوتر ....

أخيراً وجدها تقترب منه وهي مطرقة برأسها ...تمسك حقيبتها السوداء الكبيرة ...

-مس رحيق ...

قالها وهو يقترب منها ...نظرت إليه بتشويش...تحاول تذكر من هو ...بهت وقال:

-انا مؤيد مدرس الفيزياء...

-اهلا بيك ...بعتذر ...

-ولا يهمك ...مس رحيق أنا هدخل في الموضوع علطول ...أنا عايز رقم والدك عشان اتقدملك !!!!

..............

-أخبارك دلوقتي يا آنسة أريام ؟!

قالها أمجد فجأة  لاريام لتسقط أريام فجأة الملف الذي كان بكفها ثم اطرقت بإرتباك....لم يستطع منع ابتسامته من الظهور ....لقد صلى استخارة وارتاح الفكرة....لن يضيع الوقت ....

-انسة اريام مش هاخد من وقتك كتير عشان شغلك ...أنا بس حابب اخد رقم والدك ...طبعا لو حضرتك موافقة اني اطلب ايديكي!!!

الفصل الثامن (يكفي )

كتمت انفاسها وهي تنظر إليه بصدمة ...هل تحلم يا ترى ...هل هذا حلم مجنون تحلمه كعادة احلامها ما ان رأته ...هل تهلوس....لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً...اخذت تتنفس بعنف بينما جسدها بأكمله يرتعش ....ضرب من السعادة هز قلبها ....شعرت ان قلبها سوف يقفز من مكانه ....بالتأكيد امجد أستمع لدقات قلبها...مستحيل الا يكون سمع هدير قلبها ....

-آنسة اريام ...هتديني رقم والدك ولا لا ؟؟حضرتك موافقة اتقدملك ؟!

سألها عندما وجدها شاردة لم تنبت بحرف...وهذا اقلقه ان يكون كلام صديقه خاطئ ...الا تكون لديها مشاعر له كما هو لديه مشاعر ...وان هذا هو وهم ...وهم سوف يحطمه ...لان رجل مثله ...صعب التعلق بأمراة...وهو لن ينكر قد تعلق بها ...ووجد نفسه يفكر بها كثيرا ...لذلك قرر ان يتبع الطريق الصحيح ...يريد الزواج منها اليوم قبل الغد ...هذا ما يريده هو ....لا يريد ان ينزلق في الخطأ....هو يريدها فسيتزوجها.....هذا هو الأمر....

لم تستطيع منع ابتسامتها من الظهور....كانت تشعر ان قلبها ينبض بعنف ...رباه ..هل هذا حلم جميل كباقي احلامها....هل حقاً يعرض عليها الزواج ....ارتاح قلبه وهو يرى تورد وجهها...الابتسامة الخجولة على شفتيها تلك إشارات انها راغبة...هي تريد الزواج منه ...ابتسم وعينيه العسلية لمعت ولكنه وضع عينيه في الارض وقال:

-رقم الوالد ممكن ؟!

امسكت ورقة ودونته بسرعة وهي تعطيه اياه ثم تختفي من امامه بسرعة ....

ضحك وهو يضع الورقة بجيبه ....ثم اتجه الى صديقه عثمان وهو يعانقه بقوة ويقول:

-عثمان اخدت رقم والدها وخلاص هتقدملها ....

ضحك عثمان وهو يربت على ظهره ويقول :

-مبروك يا صاحبي ....

........

-هيتقدملك!!

صرخت بها سلوى بحماس لتضع اريام كفها على فمها وتقول :

-بس اسكتي ...اسكتي فضحتيني ...

ابعدت سلوى كف اريام وقالت :

-خلاص هيتقدملك يعني ...

ابتسمت اريام بسعادة وهي تهز رأسها وتقول :

-هو اللي قالي ....

ضحكت سلوي وهي تعانقها وتقول :

-الف مبروك يا روحي. ..ألف مبروك ...بجد فرحتلك اوووي ....

ابتسمت اريام وقالت:

-الله يبارك فيكي يا عمري وعقبالك يارب ...

ابتسمت سلوى ببهوت وقال؛

-خلاص أنا اخدت نصيبي الحمدلله وراضية بيه ...ربنا يراضيكي يارب ...انتِ بنت حلال وتستاهلي

نظرت اريام بحزن الى صديقتها سلوى ...تمنت ان تواسيها ولكنها فشلت كعادتها فاكتفت بالدعاء لها أن يعوضها الله عن كل لحظة حزن عاشتها ....

.......

-دلوقتي يا بطل الاهم ازاي هتفتح الموضوع مع اهلك...أكيد هيتصدموا...

قالها عثمان وهو. يمازح.امجد ...فجأة بهتت ابتسامة امجد وكأنه تذكر شئ وقال:

-عثمان أنا كده أناني صح ؟!

-ليه بتقول كده؟!

قالها عثمان عابساً ليرد هو :

-انا قررت اتجوز واشوف حياتي ...مش كان اولى اطمن على اختي  الأول ....رحيق لازم تتجوز وبعدين أنا ...

-ايه اللي أنت بتقوله ده يا صاحبي...متخيلتش تكون بالتفكير ده ..يا أمجد دي قدر وربنا كاتبه...واختك بإذن الله نصيبها موجود وهتشوف هتتجوز قريب بإذن الله ...لكن حرام توقف حياتك ...انت ادعي ربنا وقول يارب ...

-بس أنا كده بجرحها ...

ربت عثمان على كتفه...

-لا بتجرحها ولا حاجة ...اختك.طيبة وهتتمنالك الخير ...انت توكل على الله بس ...هو لو عرفت أنك عايز توقف حياتك عشانها هتزعل والله ...انت كده هتزعلها مش هتقف جمبها...وبعدين خلاص قولت للبنت.انك.هتتقدم حرام عليك تكسر قلبها...

تنفس امجد بعنف وهو يحاول تهدئة ضميره....هو يخاف على مشاعر رحيق ..لو اخبرها بهذا الأمر...هل من الممكن ان تحزن ....رباه هو لا يريد احزانها ...يتمنى من كل قلبه ان تتزوج من يقدرها


.......

تجمدت للحظات وهي تنظر إليه بصدمة ...لا يمكن أن يكون جدي!!!ماذا يقول هذا ...هل فقد عقله !!!

ظلت تنظر إليه للحظات وقالت :

-افندم حضرتك بتقول ايه ؟!

ارتبك وهو ينظر إليها وقال:

-ايه اللي قولته غلط ...أنا عايز اتقدملك حسب الشرع والأصول ...أنا غلطت ولا ايه !!!

هزت رأسها وهي تشعر أنها فقدت عقلها ....ثم قالت :

-أنت عندك كام سنة؟!

-خمسة وعشرين سنة ....

ابتسمت بسخرية وقالت:

-وأنا هكمل التلاتين بعد شهرين ...يعني اكبر منك بخمس سنين.....انت ازاي بس فكرت كده ...

ثم تركته مصدوم ....لا يصدق أن المرأة الوحيدة التي أُعجب بها اكبر منه بخمس سنوات ....شعر بالإرتباك وكأن جميع الأحلام التي رسمها تدمرت أمامه الان وهي تلقي الحقيقة في وجهه ...خمس سنوات ...رباه ...هذا كثير!!!

......

ولجت رحيق ال. غرفة المعلمات قبل الطابور المدرسي وهي تنهت بإنفعال ولحسن الحظ لم تجد أحد ....اقتربت من المنضدة الكبيرة وجلست عليها وهي تشعر بنفسها ترتعش بقوة...

رباه ...هل ما حدث منذ قليل حقيقي...هل عرض عليها الزواج شاب اصغر منها .....

ابتسمت ساخرة وهي تردد:

-الراجل من همه هيتجوز قد امه.....

ثم اطرقت برأسها وهي تنظر أرضا ...

-صباح الخير يا جميل ...

قالتها مادونا بإبتسامة سعيدة وهي تلج للغرفة ولكن الابتسامة تلاشت من شفتيها وهي ترى حالة رحيق المتوترة....اقتربت منها وهي تقول :

-فيه ايه يا رحيق ؟!

تنفست رحيق بتوتر وقالت:

-لا مفيش حاجة .....

-مفيش حاجة ايه يا بنتي ...باين على وشك التوتر ليه ؟!....رحيق أنتِ مخبية عليا ايه ...بجد هزعل منك لو متكلمتيش ...يالا انطقي ...ايه اللي حصل وخلاكي في الحالة دي ....

ازدردت رحيق ريقها وقالت :

-مش هتصدقي اللي حصل ....

-يا بنتي ما تقولي ايه اللي حصل؟!أنا اكيد مش هنجم واعرف من نفسي يعني ...ايه اللي حصل وزلزلك كده ...فيه حد ضايقك ....

أغمضت رحيق عينيها بتعب وهي تفرك عينيها بينما كفيها يرتعشان بشكل واضح .....كيف تخبرها بهذا الهراء ...من المؤكد أن مادونا سوف تسخر منها الآن.....

-نظرت إليها مادونا بحيرة وقالت:

-يا بنتي ما تنطقي فيه ايه؟!هنقعد طول العمر واحنا باصين لبعض كده....

-أنا فيه واحد عايز يطلب ايدي؟!

-مين ده...حد من طرف.مس وفاء تاني ....

هزت رحيق رأسها وهي تقول :

-لا حد تاني ....

توسعت عيني مادونا وهي تقترب منها اكثر وتقول بفضول :

-مين ها....قولي مين ؟!

أطرقت برأسها وهي تحاول ان تجمع كلامها....ما زالت تشعر ان جسدها بالكامل يرتعش ...

-يا بنتي ما تقولي مين بس ...

-استاء الفيزياء الجديد...

قالتها بسرعة. هي تفرك كفيها بتوتر ...ثم اكملت:

-وقفني النهاردة وطلب مني رقم حد من عيلتي عشان يتقدملي...أنا اتصدمت ...

-طيب وكان رد فعلك ايه ؟!

-رفضت طبعا يا مادونا ....الراجل اصغر مني بخمس سنين...خمس سنين بحالهم !!!!

-وفيها ايه يعني؟!

قالتها مادونا بإعتراض ...لتتسع عيني رحيق وتقول :

-سامعة نفسك بتقولي ايه يا مادونا ...بقولك اصغر مني بخمس سنين ...ازاي بس اتجوزه...لا طبعا ...

-هو حرام يا رحيق....مادام الراجل عايزك على سنة الله ورسوله خلاص ...لا حرام ولا عيب ....

-لا عيب يا مادونا ...لو حصل وارتبطت بيه مش هخلص من كلام الناس ...

-يا  روحي الناس كده كده بتتكلم انتِ مش هتقدري تمنعيهم....

-بس كلامهم هيأثر للأسف ...هيخلونا تحت ضغط ...وانا الوحيدة اللي هخسر لما يتكسر قلبي تاني !!!متحاوليش تقنعيني يا مادونا ... الموضوع ده مرفوض !!!


................

فتحت عينيها وهي تجد نفسها بمفردها في الفراش.....ظلت لثواني لتستوعب ماذا حدث بالأمس وسرعان ما تخضب وجنتيها باللون الاحمر ...شعرت بأن قلبها ينبض بعنف داخل صدرها ....هل ما حدث حقيقي ؟!هل لمسها جورج بتلك الطريقة .....غطت وجهها وهي تشعر بالخجل من تدافع الذكريات لعقلها .

.كانت الذكريات تندفع بقوة لعقلها  دون ان تستطيع ايقافها .....هزت رأسها وهي تحاول نفس تلك الافكار عنها ثم بحثت عن ملابسها كي تنهض ....

.......

خرجت من الغرفة وهي تزرر منامتها الحريرية بينما عينيها تبحث عنه ...أخيرا وجدته في المطبخ يعد له كوب قهوة...ابتسمت بسعادة وهي تقترب منه بهدوء ...ثم برفق عانقته وهي تحاوط خصره بينما تضع رأسها على ظهره وتقول :

-صباح الخير يا حبيبي ...

تجمد جسده كليا بينما هي تطبع قبلة على ظهره ....

-انت بتعمل ايه ؟!

سألته وهي غير مدركة لتجمده بين ذراعيها ....

-هكون بعمل ايه يعني ؟!بعمل قهوة عشان اروح الشغل !!

نبرته الساخرة دمرت اللحظة التي تعيشها ....ابتعدت قليلا ليستدير هو ...نظراته العاطفية اختفت تماما وحل محلها البرود .....كان ينظر إليها ببرود وسخرية ...كان مختلف تماماً عن هذا الرجل الذي كان بين ذراعيها أمس...

-فيه حاجة يا جورج ..أنا عملت حاجة غلط...

-لا معملتيش....اهتميتي بيا وانا مريض وانا بشكرك على ده رغم أنك.مش ملزمة خالص. . 

-مش ملزمة!!!

قالتها بصدمة ليرد هو ببساطة:

-ايوة مش ملزمة ولا حاجة ...ده كلامك ...مش قولتي  ان حياتنا هتبقى منفصلة ...كل واحد يعتمد  على نفسه ...بس كتر خيرك يعني مش هنسى جميلك ده طول حياتي ....

توسعت عينيها وهي تنظر إليه وكأنه فقد عقله....وقالت :

-انت بتقول ايه ؟!

-بقول ايه ؟!ده.كلامك .....

تراجعت قليلا وهي تشعر بالتشويش ...ماذا يعني كلامه ...وماذا يعني ما حدث بالأمس بينهما ....

-مالك مصدومة كده ليه ؟!أنا بردد كلامك مش اكتر من كده ....

-واللي حصل بيننا امبارح ؟!

قالتها ببهوت ليهز كتفيه ببرود ويقول :

-غلطة !!!

-غلطة!!!شايف اللي حصل امبارح غلطة !!

قالتها بصدمة الدموع تملأ عينيها ولكن بطريقة ما حبستها قهراً...كانت تشعر انها بكابوس....رباه ماذا يقول ...هي تحلم بكل تأكيد ....

كان الشعور بالذنب يكسو وجهه ...كان عاجز عن التحدث  او التبرير ...لا يعرف أين كان عقله ....

-ماريانا ممكن تسمعيني...

-لا لا متبررش ...انت كرر اللي قولته ..اللي حصل بيننا امبارح غلطة صح ...على أساس اني صاحبتك مش مراتك ...انت مختل عقلياً مستحيل تكون انسان طبيعي !!!

-ماريانا لو سمحتي ...

-اخرس بقا !!!

صرخت بها والدموع تنفجر من عينيها ثم اخذت تحطم الاكواب الزجاجية وهي تصرخ بكل انهيار ...خاف من ردة فعلها القوية ...وكأنها أخيراً قررت تنفجر به ....

غطت اذنها بقوة وهي تصرخ:

-لحد امتى ...لحد امتى هتموتني وانا حية ...لحد امتى مصر تحرق قلبي ...أنا عملتلك ايه ...بتعاقب ليه ؟؟

-ماريانا ابوس ايديكي اهدي ...

-اخرس ...اياك تتكلم ...أنا بكرهك ....بكرهك يا جورج ....اطلع برا مش عايزة اشوفك ...مش عايزة خلاص !!

ثم سقطت على الأرض وهي تغطي وجهها بكفيها وتبكي كما لم تبكي من قبل  ...

ارتعب وهو يراها في تلك الحالة وجلس بجوارها وحاول لمسها الا انها انتفضت وهي تنتحب وتصرخ ؛

-متلمسنيش ...اياك تلمسني ...انت فاهم ...اياك!!!

كانت تصرخ به وهي تشعر وكأنها  سوف تموت .....

لقد خذلها مجددا ...حطمها مجدداً....

لم يتكلم وهو ينظر إليها وهي تموت ....كانت مجروحة كجندي خسر اهم معركة بحياته...لقد خسرت مجدداً...في قصة حبهما تلك كانت هي الخاسرة دوما ...هي المحطمة للأبد...

نظرت إليه بخيبة أمل وقالت؛

-أنا بكرة قلبي عشان حبك.....وبكره الحب....بكره الحب اللي مخليني ضعيفة قصادك للدرجة دي ....ادفع عمري كله وابطل احبك وساعتها مش هتردد لثانية اني أمشي ...صدقني يا جورج اليوم ده هيجي ...هيجي اليوم اللي هقولك اني بطلت احبك ...هيجي اليوم اللي هقول فيه اني اتحررت منك !!!

  .........

في المساء 

وقفت امام المرآة وهي تسرح شعرها ...كانت تنفخ بضيق ...لقد فعلت ما قالته نوران لها ولكن لا فائدة ...لم تتغير لا نظراته ولا تعامله ...كل ما نالته هي نظرة الدهشة التي تلقتها منه عندما ارتدت الخمار...هي الآن تختنق ...تشعر انها منافقة ...ترتدي واسع لكي تعجب امجد...تلك الحقيقة تجعلها تشعر بالإختناق ...تلك الحقيقة تثقل ضميرها حقاً.....لا يمكنها العيش في صراع اكثر من هذا ...صحيح انها بدأت هذا الطريق من أجل أمجد ولكنه سوف تكمله للنهاية لانها احبت القرب من الله .....سواء حصلت على امجد ام لا هذا هو سيكون نمط حياتها ...لا مزيد من الملابس التي لا ترضي الله او من العطور...او مستحضرات التجميل ...لن تغضب ربها أبداً...وكما انها سوف تضع النقاط على الحروف اليوم. ...ستعترف بحقيقة مشاعرها لامجد....ستخبره انها تراه اكثر من شقيق ....لن تنتظره ليعترف......

انتهت من تمشيط شعرها ثم ارتدت فستانها الكريمي ثم اتبعته بالخمار ....ابتسمت وهي تنظر لشكلها دون مساحيق تجميل...انها جميلة حقاً دون اي شئ ...وعينيها الواسعة هي أساس جمالها ....

خرجت من غرفتها وامسكت حقيبتها وهي تقول :

-ماما أنا رايحة اقعد مع نوران شوية ....

ابتسمت شربات من التغير الملحوظ لابنتها ....جيلان تغيرت كلياً بالفعل ..نضجت قليلا و اصبحت ملابسها محتشمة ...حتى انها توقفت عن وضع مساحيق التجميل ...بدأت تهتم بدروسها وصلاتها....لا تعرف كيف تغيرت ابنتها بهذا الشكل...ولكنها حقاً ممتنة  للسبب مهما كان ....

......

في غرفة نوران ...

كانت نوران متسطحة على فراشها تنظر للسقف بينما الدموع تحرق عينيها ...ضميرها لا يتوقف عن جلدها ...يخبرها كم أن هي أمرأة رخيص لانها كادت ان تسلم نفسها لهذا الحقير..منذ ما حدث وهي تحبس نفسها بغرفتها ...حتى لم تذهب إلى الجامعة ...ادعت المرض وقررت ان تنام.لتنسى ما حدث ...ولكن عادل لا يتركها ...كان يتصل بها كالمجنون ولكنها لم ترد...ولن ترد عليه...ولن تسامحه على ما فعله بها ...هي تكرهه وتكره نفسها .....

تكورت على نفسها والدموع تنسكب من عينيها دون توقف ....فجأة انتفضت وطرقة خفيفة على الباب ...

نهضت بسرعة وهي تمسح دموعها وقالت:

-اتفضل...

ولجت جيلان للغرفة وهي تقول :

-مالك يا نوران فيه ايه ؟!

ابتسمت بشحوب وقالت:

-مفيش يا روحي بس أنا تعبانة شوية ...

نظرت إليها جيلان بقلق وقالت؛

-طيب تحبي نروح الدكتور ...

هزت نوران راسها وهي تقول:

-امي من الصبح بتضغط عليا بس أنا مش عايزة ..مجرد ارهاق بس ...فكك مني أنا ...انتِ ايه الجمال ده ...برافو عليكي ماشية في الطريق الصح ...

ابتسمت جيلان بإيجاز وقالت:

-تعرفي...أنا فعلا دخلت الطريق ده عشان اخوكي وعشان اعجبه..بس بجد دلوقتي أنا حبيت نمط حياتي ده ...حبيت اووي اني قريبة من ربنا ...القرب من ربنا يا نوران بيخلينا حاسيين براحة ملهاش زي ...

ابتسمت نوران وقالت والذنب يثقل ضميرها :

-عندك حق  

وكادت ان تتكلم مرة آخرى الا انهما انتفضا على صوت زغرودة !!!

عبست جيلان وهي تنظر الى نوران ...وسرعان ما نهضا وهما.يخرجان ... 

كان امجد يقف ورحيق تعانقه وهي تبارك له بإبتسامة سعيدة حقيقية ....

-هو فيه ايه ؟!

قالتها نوران بحيرة ...لتبتسم والدتها وتقول:

-اخيرا امجد ربنا كرمه ...خلاص اخوكي هيتجوز ....رايح الأسبوع اللي جاي عشان يتقدم لزميلته في الشغل ...

بهتت نوران بينما تراجعت جيلان للخلف وهي تشعر وكأن احدهما مزق قلبها....حاربت الدموع.كي لا تتسلل من عينيها وقالت بصوت مرتجف وهي تطرق برأسها أسفل :

-مبروك يا أمجد ربنا يتمملك بخير 

ابتسم لها وقال:

-الله يبارك فيكي يا جيلان عقبالك يارب ...

...........


-كل سنة وانتِ طيبة .

قالها أمير بلطف لسما التي تجلس على الاريكة تقرأ احدى رواياتها الرعب المفضلة ...

نظرت إليه بحيرة ليرد :

-مش النهاردة عيد ميلادك...

-مبحتفلش بعيد ميلادي ...

قالتها ببرود وهي تكمل قراءة رواياتها ...ابتسم وه. يسحب الرواية منها ويقول :

-خلاص نحتفل بيه لأول مرة ...

نهضت وقالت بإنفعال :

-انت عايز ايه يا أمير ؟!ايه الحنية الغريبة دي ....

-سما ممكن نتكلم مرة من غير ما نتخانق ...مرة واحدة بس ...عشان خاطر عمر على الأقل ....

زفرت بضيق وجلست مكانها وهي تقول :

-خير عايز ايه ؟!

-عايز نبدأ صفحة جديدة أنا وانتِ ...من غير تجاوز او مشاكل مع بعض ....أنا عارف ان كنت سخيف اووي معاكي ...وانا بعتذر ...وجاي امد ايدي ليكي عشان نبدأ من جديد...

نظرت إليه بتوجس وهي تقول :

-انت عايز ايه بالضبط...أصل اللي في دماغك مش هيحصل ...جوازنا مش حقيقي ...

-لا لا مخك راح بعيد أنا أقصد أننا نبقى اصدقاء بس ....يعني بلاش نتخانق ونحافظ على الور بيننا أنا عمري ما هنسى أنك اهتميتي بإبني ... جميلك هشيله فوق راسي طول عمري ..عشان كده أنا بمد ايدي وبقول:

-خلينا نبقى اصحاب او اخوات زي ما تحبي ...ايه رأيك...جربيني مش هتخسري..

نظرت إليه بتوجس وهي تصافعه وتقول:

-اوك خلينا اخوات...ممكن تجيب الرواية بتاعتي بقا عايزة اخلصها ...

-طيب مش هنحتفل بعيد ميلادك ...

-لا الاحتفال الحقيقي أنك تسيبني اقرا روايتي بسلام ...

ثم اخذت منه الرواية وبدأت تقرأ وهي تسحب اهتمامها عنه ..

..........


-ولا واحدة فيهم تنفع تكون زوجة ...ولا واحدة فيهم تنفع تكون ام ....أنا عايز زوجة وام مش عارضة أزياء....

صرخ عاصي في المساعد الخاص به ليرتجف الشاب وهو يتلعثم ويقول:

-عاصي بيه اديني فرصة تانية ...ابوس ايديك ...المرة دي هجيب طلبك بالضبط .....

لمعت عينيه الزرقاء بغضب وهو ينظر إليه ...كان غضبه مخيف ....الفترة العصبية التي يمر بها غيرت هذا الرجل اللطيف لذلك الوحش الكاسر...جلس عاصي على مقعده وكفيه يرتعشان بتوتر ...كان غاضب ...لا الغضب كلمة قليلة مقارنة ما يشعر به ....لم يكن غاضب ....بل يشتعل...تلك هي الكلمة المناسبة وكأن النيران بداخله لا تهدأ...

نيران الخيانة تقتله ....لقد عشق حد الموت ...ومات بفعل العشق ولن يسمح لهذا الخطأ ان يتكرر.....لن يسمح به ابدا !!

......

-اكبر منك بخمس سنين ؟!لا يا بني كتير اوووي ايه اللي يرميك الرمية دي بس ...

قالتها متى بصدمة لمؤيد الذي فرك كفيه بتوتر ليقول:

-ماما أنا عاوزها ....

-يا بني انت شوفت شكلها ؟!

هز مؤيد راسه لترد هي ؛

-يعني ممكن يكون باين عليها السن ...اتعلقت بيها ازاي بس ...ما البنات كتير يا بني ...سيبها لصاحب نصيبها وانت شوف بنت اصغر منك مش واحدة أكبر منك بخمس سنين ...

-ماما أنا عايزها هي !!

ضربت منى.كف على كف وقالت:

-ما تتكلم يا محمد مع ابنك و عقله أنا مخي.هيشت ...معرفش بيفكر ازاي !!!

نظر محمد الى ابنه وقال:

-يا بني لو أكبر منك بسنة ماشي ...سنتين نتقبلها لكن خمس سنين كتير اوووي ...صعب لا انت ولا هي هتكونوا مبسوطين ....انت مش هتفهمها ولا هي كمان ...فرق السن بينكم كبير ....

-انا كل ده ميهمنيش ومش فاهمة...هو حرام اني اتجوز اللي عايزها ...

-يا بني انت بس مبتبصش لقدام....صدقني الجواز ده محكوم عليه بالفشل....

عبس مؤيد وقال:

-بتحكموا عليا بالفشل ليه ؟!طيب ما تخلوني اتقدم يمكن هي اللي تكون من نصيبي ....يمكن ابقى مبسوط ...ليه.حكمتوا عليا وعليها يا ماما ...أنا مش عايز غيرها ...ساعدوني ...متقفوش في طريقي....

هزت والدته رأسها بيأس وهي تنظر إليه ...ثم نظرت الى والده وقالت :

-حاول تقنعه انت ...أنا مش هتدخل ...خلاص ...

نظر مؤيد الى والده وقال:

-بابا انت عودتني اني لما اسمع قلبي ...وقلبي عايزها....فرق السن ميهمنيش ...أنا حاسس أن دي هي اللي هحبها ....أنا عايزها...هي مش غيرها...لو عايز واحدة اصغر.كنت اخدت اصغر.عادي ...بس في لحظة بتقابل شخص قلبك بيقول هو ده....وقلبي بيقولي هي دي ....

-للاسف يا مؤيد اللي بيفكر بقلبه دايما خسران  ...لازم تحكم عقلك ...انت وهي مش هتتفقوا ...الست بتحب الراجل يكون أكبر منها  ...كده يا بني هتشوفك عيل ....

-انتوا بتحكموا بناء على ايه نفسي افهم بتحكموا عليها وعليا وعلى حياتنا ....هو أنا مليش راي ...

-لا ليك بس احنا اهلك وخايفين على مصلحتك ....يا بني افهم...مش هنقدر نشوفك بتدمر حياتك ونسكت كده ..الجواز ده محكوم عليه بالفشل ...مش بنفكر فيك بس ...بنفكر فيها كمان .. مش هتتحمل كلام الناس ...

-طز في الناس ...ميهمنيش رايهم ...أنا هتجوزها وخلاص انتهى الموضوع ...لو سمحتوا محدش يحاول يقنعني بالعكس ....هتقفوا جمبي ولا لا ....

زفرت منى بضيق من عناد ابنها ولكن محمد قال :

-طيب يا ابني هنروح نتقدملها ....بس لازم تعرف ان ده قرارك انت واحنا نصحناك . 

هز رأسه وقد تشكلت ابتسامة رائعة على شفتيه ...لا يصدق...هو يحلم بكل تأكيد ...

اقترب من والده ووالدته ثم ضمهما بقوة وهو يقول :

-شكرا ...بجدا شكرا ...شكرا أوووي !!!..

.....

ولج لغرفته وهو يكاد يطير من السعادة ...لا يصدق متى يأتي الغد كي يخبرها بهذا الخبر الرائع ...لقد تيقن انه يريدها....لا يهم.شكلها او سنها...هو يشعر بإنجذاب غريب نحوها ....يريد ان يمر الوقت سريعاً كي يأخذ منها رقم والدها ويتقدم لها ...لن يتركها....سيجعل والديه يقتنعان انه لن يفشل ...وانه جدير بالثقة....سيحمي رحيق من كلام الناس....سيكون حارسها الأول ...

تسطح على الفراش وهو يغمض عينيه بينما يتخيل وجهها....يا ترى كيف ستبدو.....يجب أن يعترف انه لم يرى الا عينيها فقط ولكن رغم ذلك اضحى يفكر بها دوما ....ربما هي جميلة فاتنة او متوسطة الجمال...حسناً لا يهتم ...المهم أنه يريدها في حياته بأي طريقة....

.............

في احد المقاهي الراقية...

-عايزني اتجوز على مزاجه يا نوال ..طول عمره كده عايزني أعمل اللي على مزاجه وبس ...

قالها سيف بغضب ثم اكمل :

-لا اهتم بمشاعري ولا بمشاعر مياس ...أنا هتجنن يا نوال ليه بيعمل كده...

نظرت إليه بحزن ليقول :

-انا بحبك انتِ يا نوال وهتجوزك ...مهما قال ومهما حاول يضغط عليا انتِ هتكوني اختياري الوحيد ...أنا هحارب عشانك ....

كانت تنظر إليه والذنب يثقل ضميرها ...تنهدت وقالت:

-سيف متحاربش باباك عشان أي حد ولا حتى عشاني ...انت فاهم...صدقني مستاهلش ده كله !!!

وقبل ان يفهم قصدها نهضت مسرعة وهي تغادر المقهي

............


-انتِ مانعاني من ابني !!!

صرخ لطيف بماجدة التي وقفت امامه بكل قوة وهي تقول :

-ابنك تقدر تشوفه هنا وقدام عيوني ...أنا مأمنش انه يروح معاك في مكان....وده.كان شرطي عشان احفظ سرك فجاي  دلوقتي تتكلم ليه ؛!!

توسعت عينيه بغضب وقال:

-ماجد متنسيش ان كريم يبقى ابني....

-انا فاكرة كويس ...بس أنت اللي نسيت يا لطيف...وخلاص كفاية مش عايزة اقلب في الماضي ....تشوف ابنك هنا قدام عيني ....

-ما انت في معظم الاوقات مش موجودة لا انتِ ولا ابنك ...

-عشان بشتغل....

-وبتحضري دبلومة كمان ...

رفعت رأسها بقوة وقالت:

-ايوة بحضر دبلومة عشان اقدر اشتغل في مكان كويس وأمن مستقبل ابني ....

اغمض لطيف عينيه وقال:

-طيب وليه العند يا بنت الناس ...ارجعيلي وانا معايا خير كتير مش هتحتاجي تتبهدلي بالشكل ده ...

-مستحيل ارجعلك لو هموت من الجوع أنا وابني...انسى الموضوع ده يا لطيف ..ولو سمحت امشي دلوقتي يالا الوقت اتأخر ...

ثم دون انتظار اغلقت الباب بوجهه!!


........

في اليوم التالي ....

انتظرها في بهو المدرسة وهو يرسم ابتسامة رائعة على شفتيه ....اليوم سوف يأخذ خطوة رسمية ...لن يتراجع ابدا ....خفق قلبه داخل صدره بعنف وهو يراها تتقدم  ما ان رأته حتى ارتبطت واطرقت رأسها في الارض  وكادت ان تتجاوزه لتذهب الا انه اوقفها وقال:

-انسة رحيق أستني لو سمحتي ....

تكلمت بإنفعال وقالت:

-استاذ مؤيد مينفعش كده...مش كل شوية توقفني ...شكلي هيبقى وحش قدام زمايلي والطلبة...أنا بحاول بقدر الامكان اني مضايقش حضرتك فلو سمحت متضايقنيش ....

ابتسم بسماحة وقال:

-حقك عليا ...أنا بس عايز رقم والدك...عايز اتقدملك ...

توسعت عينيها بصدمة وقالت بإنفعال:

-هو حضرتك مفهمتش اللي قولته ولا ايه ؟!يا فندم أنا أكبر منك بخمس سنين ...ولسه مصر .....

ابتسم وهز رأسه وقال:

-ده مغيرش رأيي خالص ما زلت حابب اخد رقم والدك عشان اتقدملك ...لو سمحتي .....

تجمدت مكانها...ارادت ان تهرب ولكنه بدا.جدي للغاية ....خافت حقا أن تفعل ما يطلبه وعندما يراها يبتعد ويهرب كما فعل آخر رجل تقدم لها ...تخاف ان تُكسر مجددا ...

ابتلعت ريقها وهي تقول :

-اسفة حضرتك ...أنا اصلا مش موافقة ...حضرتك اصغر مني سناً مش شايفة ان فيه توافق ...

ثم حاولت أن تذهب الا انه وقف في طريقها وقال :

-انسة رحيق ...ليه متدنيش فرصة واحدة بس ...خلينا نقعد ووقتها اعرفيني كويس وبعدين ارفضيني براحتك....لكن مترفضنيش كده من غير أي فرصة ..حرام ...أنا بجد عايز اتقدملك في الحلال ونيتي خير ...صحيح ممكن اكون اصغر منك بس ممكن تلاقي تفكيري انضج...واقعدي معايا وليكي الحق ترفضيني لو لقيتي العكس...بس لو سمحتي اديني فرصة واحدة بس ....فرصة بس لو سمحتي !!

نظرت إليه وقلبها يعتصر من الألم.  .الخوف كان يسيطر عليها ...خوف الرفض ...وخوف ان تضيع تلك الفرصة منها ....هي مشتتة ...لا تعرف ماذا تفعل ....ولكنها قررت ان تخاطر....اسوأ ما سيحدث انه سيرفضها عندما يراها وهي اعتادت على الرفض ...اصبح انكسار قلبها هو شئ اعتيادي تواجهه كل يوم ....

-والدي متوفي ...هديك رقم اخويا ...

قالتها بخفوت ثم ذهبت من أمامه ليبتسم بكل سعادة ....


..........

-طيب جاية اهو!!

قالتها بتول بسرعة وهي تتجه نحو باب المنزل ...فتحت الباب سريعا لتتجمد وهي تجد.شقيقتها أمامها ...

-سيلا!!!انتِ رجعتي!!!


.......


امسكت الهاتف وهي تنظر إليه بشرود ....هو حتى لم يحضر جنازة خالته...هل يعقل ان تتصل به ليساعدها....علاقة مياس بإبن خالتها معاذ  انقطعت منذ زمن ...لانها رفضت الزواج منه...لذلك ابتعد عنها وسافر وتزوج أيضا ....ولكن رغم هذا لم يتصل بها مرة ...لم يحاول مساعدتها....هل مناسب ان تطلب مساعدته الآن ...كانت حائرة حقاً....اغمضت عينيها وهي تتصل به بالفعل ....انتظرت بصبر الى ان فتح الاتصال وقال بصوت مصدوم:

-مياس!!!!

-معاذ  أنا محتاجاك ..لو سمحت تعالى خدني من هنا ...لو سمحت !!!


الفصل التاسع (رفض )

أغمض عينيه وصوتها ينسل داخل روحه ....لقد ظن أنه خسرها للابد ...ابتلع ريقه وهو يتنهد بقوة ....وهو يقول :

-مياس...مياس ...

علي الجانب الآخر انفجرت الدموع من عينيها وهي تقول :

-معاذ ...ابوس ايديك تعالى خدني من هنا ....تعالى يا معاذ ...عمي عايز يجوزني ابنه غصب عني ...عايز يفرض رأيه عليا ....

ازدادت دقات قلبه وشعر بدمه يغلي....كيف يجرؤ على التفكير اصلا بهذا ....

-وانتِ اللي وداكي عنده اصلا يا مياس؟!

-لان محدش كان معايا ..لانك المفروض اللي كنت اخويا بعدت عني ...حتى جنازة خالتك محضرتهاش...مكانش عندي اي حد غير عمي ...

أغمض عينيه بيأس وقال:

-عشان أنا حبيتك !!!

-ارتجف صوتها وهي تقول :

-لو سمحت متكررش الكلمة دي تاني ...ميصحش كده ...انت متجوز !!!

-متجوز صحيح بس مبحبهاش ...أنا بحبك أنتِ وبكلمة منك بس هطلقها ونتجوز

أغمضت مياس عينيها بيأس ...لقد اخطأت بالإتصال به....اخطأت عندما فكرت أنه سوف يساعدها

تنهدت بيأس وقالت:

-انا غلطت ...مكانش لازم اتصل بيك يا معاذ ....افتكرت انك هتساعدني لاني من دمك وهتنجدني ...بس انت عايز حاجة معينة وانا بعتذر ...مقدرش اكسر قلب واحدة ملهاش ذنب وقولتها وهقولها تاني ...أنا مش شايفاك الا اخويا ...متقلقش أنا هقدر اساعد نفسي ....وبعتذر لو ازعجتك ...أنا عن نفسي مش هزعجك تاني ....سلام !!!!

ولكنها قبل أن تغلق معه صرخ بها:

-متقلقيش السكة !!

توقفت لبرهة على أمل أن ينسى كل هذا الهراء ويساعدها ....تنهد معاذ وحك رأسه بتوتر وقال:

-طيب قوليلي اساعدك ازاي ...اعمل ايه ؟!

-عايزاك تيجي تاخدني من بيت عمي ... عايزاك تكون جمبي الفترة دي لحد ما اقدر اعتمد على نفسي واقف على. رجلي وبعدين انا بخليك من مسؤوليتي للأبد ....هتساعدني يا معاذ....

هز رأسه بدون تردد وقال:

-اكيد هساعدك ...أنا هحجز واجي اسكندرية فورا واخدك من هناك ....ومحدش هيقدر يمنعني !!!


.........

أغلق الخط بإبتسامة ....كان يطير من السعادة حقاً ...لقد فقد الامل أن تلجأ إليه ولكن ها هي فريسته تقترب منه...سوف ينالها...سوف يتزوجها ...لن تفلت من يديه مجددا...تلك هي حبيبته ...ملكه هو فقط ....

اخذ يدور حول نفسه وهو يغني بسعادة ...توقف فجأة وهو يرى زوجته تنظر إليه بتوتر كعادتها...ابتسم وهو يقترب منها انكمشت على نفسها وهو يقترب منها ....ابتسم بلطف وقال:

-متقلقيش مش هضربك النهاردة خالص ....أنا النهاردة سعيد .....سعيد اووي يا مياس....

ثم جذبها نحوه وهو يرقص معاها بسعادة وقال:

-مياس الحقيقية قربت تدخل حياتي ...مش هيبقى ليه لازمة تمثلي انك هي ...مش هجبرك تلبسي عدسات تاني  ...ولا كمان هيكون فيه باروكة ...هي هتكون هنا ....مش هتحتاجي تمثلي انك هي مرة تانية .....

تنفست عهد براحة وقالت بلهفة :

-يعني ..يعني هتطلقني خلاص ...

نظر إليها بلوم مصطنع وقال:

-لا طبعا يا بيبي أنا مش هسيبك ...هتبقي معانا في البيت بعد ما نتجوز ...على الأقل عشان تخدمينا......

اكتسى وجهها بالإحباط ...كانت تتمنى حقا أن يتركها وشأنها ....قبلها معاذ على وجنتها وقال:

-يالا يا بيبي بقا أنا هجهز نفسي عشان اسافر ...متحاوليش تلعبي من ورايا وتسيبي البيت وتروحي لوالدتك ...أنتِ عارفة انا ممكن اعمل ايه ...

ارتجفت والدموع تتساقط من عينيها وقالت بنبرة مرتجفة:

-حاضر ...حاضر ...

-شاطرة يا بيبي ...

قالها ضاحكاً ثم خرج من المنزل لتهرع هي إلى غرفتها وتتنفس بعنف وهي تضع كفها على قلبها ...هذا المجنون المختل. ...لن يتركها وشأنها...ليتها لم تتزوجه ..لو تعرف أنه بهذا الاختلال العقلي لم تكن لتتزوجه ...نظرت إلى غرفة النوم الخاصة بهما وهي ترى صور عديدة لمياس ...تلك المرأة التي يعشقها زوجها بهوس لدرجة أنه جعلها نسخة عنها رغماً عنها ...أجبرها على ارتداء العدسات الطبية طوال الوقت لتصبح عينيها زرقاء ...جعلها تصبغ شعرها ولكنه عندما لم ترضيه النتيجة أجبرها على ارتداء الشعر المستعار ... أجبرها على اتباع حمية قاسية ليكون جسدها مثل جسد مياس...لم يدعوها ابدا بإسمها الاصلي ...دوما يخبرها أنها مياس ..أجبرها أن تتصرف كمياس....كم تتمنى أن تتحرر منه ...أنها تشفق على مياس لأنها سوف تكون في حياة تلك المختل !!!!

........

-عايز اعرف ايه اللي مبعوت على الميل ده يا نوال ؟!

قالها صالح وهو يجلس على كرسيه براحة بينما يتفحصها جيدا ....

حافظت هي على ملامحها ثابتة وقالت بهدوء شديد :

-زي ما حضرتك شوفت يا فندم ...أنا بقدم استقالة .....

-ليه؟!

قالها متسائلاً لتنظر إليه بحرقة وتقول :

-ليا أسبابي الخاصة ....

لمعت عينيه البنية وهو ينظر إليها ثم نهض واقترب منها ...ترجعت بتوتر وهي تقول بإرتجاف:

-ممكن حضرتك تقف ؟!...انت ليه بتقرب مني ؟!

-أنتِ خايفة من ايه ؟!مني ...ولا من مشاعرك ناحيتي ...خصوصاً بعد ما ارتبطت بهبة. ..

احمر وجهها من الغضب وقالت :

-وأنا مالي ترتبط  ولا تتجوز .... وبعدين أنا مفيش مشاعر جوايا ناحيتك خالص ...أنا هتخطب لسيف .....

-بتحبيه؟!

-دي حاجة متخصكش .. 

قالتها بإندفاع فرد مبتسماً وهو يحاصرها أكثر :

-خايفة من ايه يا نوال ...خايفة تعترفي انك بتحبيني...خايفة تقولي انك عمرك ما حبيتي سيف ...خايفة تقولي الحقيقة دي صحيح ...

-لا مش صح ...أنا بحب سيف ...

-أنتِ كدابة ...أنتِ بتحبيني أنا ...باين من نظراتك وغيرتك وهروبك مني ...قوليلي ازاي هتتجوزيه وفي قلبك واحد تاني ...هترتاحي ازاي وأنتِ بتبصي في عيونه بس عينيكي مش شايفة غيري انا ...فاكراه لما يكتشف هيكون مبسوط يا نوال...صحيح لو سيبتيه دلوقتي هيزعل  بس كمان لما في يوم من الايام يكتشف أنه مش الراجل اللي كان في قلبك وعقلك هينتهي خالص  ويتدمر ...أنتِ عايزة كده ......

انفجرت الدموع من عينيها وهي تنظر إليه بعجز ...كان الذنب يقتلها من الداخل...انها تموت حقاً...كيف سمحت لمشاعرها بأن تنجرف...كيف سمحت لنفسها أن تحب صالح .... رباه ماذا عن سيف الذي يحارب العالم لأجلها اطرقت رأسها للاسف وارتفع نشيجها ...تنهد صالح واقترب منها وهو يحاصر وجهها ويجعلها تنظر إليه وقال:

-اسمعيني كويس اووي ...أنا بحبك ...مش عارف امتى بس حبيتك ...وأنتِ مهما حاولتي تنكري فأنتِ كمان بتحبيني أوووي كمان....وعلى فكرة أنا وهبة لعبنا اللعبة دي عشان اشوف غيرتك عليا ...وشوفتها ...أنا دلوقتي مرتاح مش هاممني اي حاجة ...أنا عايز اتقدملك ....

شهقت دموعها تنسكب أكثر ليقترب منها وهو يطبع قبلة قوية على جبهتها ويقول :

-انفصلي عنه ...أنتِ مبتحبهوش !!!

تدمرت اللحظات السحرية فجأة وهي تبتعد عنه وتهرب خارجاً تاركاً إياها تنظر إلى أثرها بحزن ....ذهب وجلس على مقعده وهو يفكر بها ...لماذا تعقد الأمور ...هي تحبه هو متأكد من هذا ...لماذا تصر على أبعاده عن حياتها ....

اغمض عينيه وهو يضع  رأسه على مسند المقعد ....سوف تعود له ....هو لن يتركها لغيره !!

..........

في الحمام ....

كانت تقف نوال أمام المرآة...تتحسس رأسها بينما تبكي بعنف....أنها تخطئ...تنزلق في طريق مظلم ...طريق سوف يدمرها ويدمر سيف .. لا يمكنها أن تفعل هذا بسيف. .  لا يمكنها أن تخونه خاصة هو يفعل ما بجهده لكي يتزوجها .... رباه كم هي حقيرة...شعرت بأنها رخيصة ...أخذت تبكي أكثر وقلبها يؤلمها ....قلبها ...أنها تكره قلبها ....هذا القلب الذي عشق شخص غير سيف ..لماذا لم يحب سيف ....لماذا أحبت صالح ....لا يمكنها أن تؤسس حياة معاه وتبني سعادة على حساب مشاعر سيف ...لا يمكنها فعل هذا ....رباه ماذا تفعل ... أخفت وجهها بين يديها وهي تبكي بعنف أكثر ...سيف لا يستحق منها هذا ابداً...الرجل الذي منحها كل شئ لا يستحق الخيانة ...هي خائنة ....خائنة لا مجال للإنكار 

........

-ابعد يا عادل عني ؟!

قالتها نوران وهي تكتم دموعها بينما تتذكر ما حدث بينهما ...منذ ما حدث هي لا تفعل شئ سوى البكاء ...تبكي وتبكي وهي تشعر بالقهر ...تشعر أنه تم انتهاكها من قبله ...ابتلعت شهقاتها وهي تضم كتبها إلى صدرها كأنها تتاخذها حماية لها...ولكنه وقف أمامها وقال:

-مش هبعد يا نوران غير ما تسامحيني ...والله أنا مش عارف عملت كده ازاي ...أنا غلطان ...أنا آسف يا حبيبتي والله ...مش هعمل كده تاني ....

ولكنها لم تنظر إليه حتى واكملت سيرها ....وقف أمامها مرة أخرى وقال:

-والله لو ما وقفتي لأكون مصرخ في نص الكلية واقول اني بحبك ....

وقفت فجأة وهي تنظر إليه ...الدموع تتساقط من عينيها فقال برقة :

-دموعك اغلى مني متعيطيش ...أنا آسف ...اسف والله مكنتش في وعي...اوعدك اني مش هعمل حاجة تاني زي كده سامحيني !!!!

تنهدت وهي تنظر إليه وقالت بصوت مختنق :

-اوعي تعمل كده تاني يا عادل ...اوعى تأذيني بالطريقة دي ....

-عمر ما هعمل كده تاني يا روحي ...عمري !!!


.........

في قاعة المحاضرات....

كانت ماجدة تجلس وهي تفرك كفيها بتوتر ...لقد تركت ابنها مع جارتها ....وهي مرعوبة الان...هي تأخذه حتى للعمل وصاحب العمل رجل طيب لا يتذمر...ولكن الدكتور الجامعي الجديد صارم للغاية لا يقدر حالتها ...نظرت إليه وحاولت التركيز بينما هو يشرح ولكنها لم تفهم شئ ...فجأة توقفت عيني يوسف العسلية عليها وقال ؛

-أنتِ قومي أنا كنت بقول ايه ؟!

ارتجفت ماجدة وهي تنظر خلفها ليكمل هو :

-انا بكلمك أنتِ يا ام طرحة سودا ...أنا كنت بقول ايه ؟!

نهضت ماجدة بتوتر وأخذت تفرك كفيها ليعيد يوسف كلامه بصبر ويقول:

-كنت بقول ايه ؟!

اطرقت برأسها وقالت بخفوت ؛

-اسفة يا دكتور ...أنا ...

ولكنه قاطعها بقوة وقال:

-يا جماعة هو مين اجبركم تعملوا الدبلومة ؟!يعني ليه جايين مادام هتسرحوا أو مش هتستفادوا.....اللي يكون في المحاضرة بتاعتي ياريت يكون  مركز لو سمحتوا! 

ثم نظر إلى ماجدة وقال بصرامة:

-تقدري تقعدي وركزي!!

هزت رأسها بينما الدموع تلسع عينيها ..ولكنها أمسكت نفسها بالقوة وجلست 

.......

-ايه ده ؟!

قالتها تولين بصدمة بينما عمر يعطيها عبوة دواء ....

هز كتفه وقال ببساطة:

-ما هو واضح قدامك اهو ...دي حبوب منع الحمل ...

لسعت الدموع عينيها وقالت:

-ما أنا عارفة أنها حبوب منع الحمل بتدهاني أنا ليه ؟!مش عايز تخلف مني يا عمر ...للدرجادي ....

زفر هو بضيق وقال؛

-خديها من غير اي كلام...أنا مش عايز نقاش يا تولين ...لو عايزة نكمل حياتنا مع بعض خدي الحبوب دي بإنتظام !!

.........

-سيلا أنتِ بتعملي ايه هنا ؟!رجعتي ليه من فرنسا ....

قالتها بتول بقلق وهي ترى نظرات شقيقتها لا تبشر بالخير...هزت سيلا كتفيها وقالت بتصميم ؛

-جاية ارجع اللي كان حقي...جورج حبيبي ...

-ايه اللي بتقوليه ده جورج اتجوز !! 

قبضت على كفيها وقالت والغضب يشتعل بعينيها:

-يعني ده هيمنعني .....جورج حتى لو متجوز ملكي أنا وبس ...

تنهدت ونظرت إلى شقيقتها وقالت:

-غلطت لما سيبته بس خلاص انا رجعت وجورج هيبقى ملكي وبس ....بس طبعا مش هظهر في حياته دلوقتي خالص !!


...........

في اليوم التالي .....

كان يقف أمام قصر الحسيني وهو ينظر إليه بحقد ....هذا الرجل لا يكفي أنه لديه الأموال ..هو يريد سرقة مياس منه أيضاً....كان على وشك الحصول على مياس ولكنه تدخل هو ...ولكن اليوم هو مصمم أن يأخذها ....سوف يتزوجها ....اقترب من حارس القصر وقال بقوة :

-قول لجلال الحسيني ان معاذ جابر هنا !!!

..........

كان جلال يعمل بمكتبه بالمنزل ...بينما الأفكار تعصف به ...لقد تمنى أن يتم زفاف مياس وابنه ....كان يريد أن يضمن الحماية الكاملة لها قبل أن يموت ....ضميره يؤلمه بشأنها.  ..يكفي ما عانته ....هو يضع اللوم على. نفسه في كل ما حدث لها....لو كان معها ...لو كان يحميها لما حدث هذا ...ولكنه ترك الخلاف بينه وبين شقيقه يؤثر عليه ...فترك من من دمه ولم يساعدها ...ولكن الآن هو سيفعل المستحيل ليساعدها....حتى لو لم تتزوج سيف سوف يضمن لها أن تكون آمنة ...طرقة على الباب أخرجته من شروده فورا ...

-اتفضل ...

قالها بصوته المميز ليلج أحد العاملين بالمنزل ...

-نعم يا عم بكر فيه حاجة ؟!

-يا بيه في واحد برا بيقول أنه اسمه معاذ جابر وبيقول أنه عايزك ....

لمعت عينيه وضم كفه بقوة ...هذا الرجل ...ماذا يفعل هنا؟!ماذا يريد؟!هل يمكن أن يكون هنا من أجل مياس ولكن لا هو لن يسمح له بأن يأخذها ابداً...

.-خليه يدخل يا عم بكر ...وضايفه كويس عقبال ما اجي...

هز بكر رأسه بطاعة وخرج من فوره بينما أسند جلال رأسه على ظهر المقعد وهو يفكر ...هل يمكن أن تكون مياس هي من لجأت عليه ...هل هذا يعقل ...ولكن رغم هذا هو لن يسمح له ابدا بأن يأخذ مياس ...هو لا يرتاح لهذا الشاب ....

..........

كان معاذ جالساً على الأريكة المريحة وهو يضع ساق على ساق وينظر لكل ما حوله بحقد لا يخفيه ... لطالما كره عائلة الحسيني بأكملها ....حتى والد مياس ...كانوا دوما يمتلكون المال ....خالتها عاشت حياة مرفهة بسبب هذا....مياس من صغرها كان تنظر إليه كشخص أقل منها ...لم تشير إلى هذا ابدا ولكنها كانت دوما تعطيه العابها القديمة ....وخالته كانت دوما تبتاع له الملابس التي لا يستطيع أهله أن يبتاعوها له ...كره تلك العائلة بشدة ولكنه رغم هذا صمم أن تكون مياس له....احبها بشدة رغم كرهه لوالدها ووالدتها التي هي خالتها ...مياس كانت الجزء الجميل بحياته ...وقد صمم على الحصول عليها ولكنها رفضته ....كسرت قلبه...ولكن الآن الوضع تغير لقد اختفى جمال مياس ...وهي الآن من تحتاجه...هو الآن الطرف القوي....

-اهلا بيك يا معاذ ....

قالها جلال وهو يتقدم لصالة القصر لينهض معاذ ويصافح جلال ببرود ويقول :

-اهلا بيك ..

-خير ايه اللي جابك هنا ؟!

-جاي اخد مياس ....

ضحك جلال بسخرية وقال:

-تاخدها فين يا حبيبي ...وبصفتك ايه ؟؛

-بصفتي ابن خالتها

-طيب انا عمها وبقولك مش هتخرج من هنا....

-مياس واحدة كبيرة وهي اللي تقرر يا جلال ..مش انت خالص ....

كاد جلال أن يتكلم ولكن ظهرت فجأة مياس خلفه وهي ترتدي نقابها ...

-كويس انك جيتي يا مياس ....معاذ بيقول انك لجأتي ليه صح ؟!

لم تتكلم مياس ليكمل جلال :

-السكوت علامة الموافقة يا مياس ...

استجمعت مياس شجاعتها وقد لمعت عينيها وهي تقول :

-ايوة انا لجأت ليه !!

كان معاذ مأخوذا بلمعان عينيها وصوتها الذي به نغمة خاصة ...لطالما كانت مميزة ....

-طيب حابب اعرف لو روحتي معاه هتقعدي فين؟! معاه هو ومراته مثلا؟!ولا هتقعدي معاه على اي اساس ....

هنا تدخل معاذ وقال بقوة ؛

-هتقعد معايا على أساس أنها مراتي أنا هتجوز مياس ...

انقبض قلب مياس وهي تنظر إليه وقالت:

-ايه اللي انت بتقوله ده ؟!

-دي الطريقة الوحيدة يا مياس صدقيني مفيش غيرها  ...

هزت راسها بقوة وقالت ؛

-احنا متفقناش على كده ...أنا مش عايزة اتجوزك...

نظر إليها بكره ...كان يريد أن يضربها حقا في تلك اللحظة ...نظراته اللطيفة تغيرت وأصبحت على النقيض تماما لدرجة أنها ارتجفت وشعرت بالخوف منها...ازدردت ريقها وهي تفرك كفيها بتوتر ...

ابتسم جلال الحسيني وقال:

-اهو سمعت !! يالا ورينا جمال خطوتك ....

-مستحيل هي هتيجي معايا ...

قالها وهو يحاول أن يقترب من مياس ولكن بسرعة وجد سيف أمامه...ينظر إليه ببرود .....لم يعرف معاذ متى ظهر اساسا وكأنه ظهر من العدم ...أبعده سيف قليلا وقال ؛


-مياس مش هتخرج من هنا ....بابا كان لطيف معاك وهو بيفهمك....بس يظهر أن مستوى ذكاءك متدني وانا بعرف اتعامل مع نوعك ده ....فقبل ما اخلى الأمن يرميك برا ...اطلع بكرامتك !!

..........  


بعد أسبوع ...

ولجت  للصالة وهي تمسك صينية القهوة...بينما ترتجف من الداخل ...تعلم أن الأمر لن يمر على خير ...ما أن يرى وجهها سوف يذهب ولن يعود مرة أخرى ولكنها قررت أن تتوكل على الله ...وضعت الصينية على الطاولة الزجاجية المستديرة ثم جلست وهي تفرك كفيها بتوتر ...

أعطتها منى ابتسامة مصطنعة وهي تقول :

-ايه يا عروسة مش هتورينا وشك ولا ايه ؟!...

هزت رحيق رأسها وهي ترفع النقاب بهدوء ......ظهر على وجه منى الصدمة وهي تنظر إلى ابنها ولكن صُدمت أكثر وهي تراه ينظر إليها وعلى وجهه ابتسامة سعيدة ...لا.يصدق أنها جميلة ....بل رائعة للغاية .....

........

انتهت الرؤية الشرعية وتبادلا بعض الاسئلة سريعاً.....

تنهدت رحيق وهي تخلع فستانها الرمادي بينما اقترب منها شقيقها وقال:

-شفت في عيونه القبول ...

ابتسمت بسخرية وقالت:

-بس عيون مامته لا يا أمجد ومستحيل هو يعارض أهله ....

-هتتجوزيه هو مش أهله ... 

هزت رأسها وقالت:

-للاسف في مصر احنا بنتجوز الأهل كمان مع الشاب....عموما مش زعلانة لو رفضني مش هتكون اول مرة يعني....

........

-أنت مجنون مش شايف شكلها ؟!

قالتها منى بعصبية لابنها الغبي هذا بعد أن عادا إلى المنزل ليرد بعبوس:

-ماله شكلها يا ماما ...ما هي زي القمر اهي 

-أنت مجنون يا بني ولا ايه ...ولا اعمى ...انت شايف دي حلوة ...

احمر وجهه بغضب وقال:

-ايوة شايفها حلوة وعايزها يا ماما ....وهخطبها !!!

هزت والدته رأسه وقالت:

-طيب ما دام كده خلاص يا مؤيد يا انا يا بنت دي ...لو خطبتها اعتبر أن امك ماتت ...ايه رايك ؟!!وده قراري النهائي.....

.........

كانت رحيق تجلس على الأريكة وتقرأ القرآن عندما رن هاتف أمجد ...أمسك امجد الهاتف وهو يقول :

-ده مؤيد ....

رد عليه وهو مبتسم بسعادة ...ولكن سرعان ما تلاشت الابتسامة من شفتيه ...نظرت إليه رحيق وقد فهمت ولكنها لم تعلق بل عادت تقرأ القرآن والدموع تلسع عينيها ...تهدد بالإنهمار.....

اشعرت بشخص ما يمسك كتفها بقوة ...نظرت لتجد دلال تنظر إليها بشفقة ...ابتسمت لها رحيق دامعة واكملت قراءة القرآن وقد هزمتها دموعها وأصبحت تنهمر من عينيها ....كان أمجد ينظر اليها بشفقة ...قلبه يعتصر ألما على شقيقته بينما يتذكر كلام مؤيد وهو يقول :

-كل شئ قسمة ونصيب ....

لا يفهم ماذا حدث ...حقا لا يفهم....لقد رأى الإعجاب بعينيه ...لماذا تراجع ...هل يمكن  أن يكون السبب هي والدته ....لقد رأى نظرات عدم الرضا بعيني والدته...ربما هي التي اعترضت عليها وربما هذا خير لها ....ربما سوف يكون مصيرها مع شخص افضل منه بكثير ....

اقترب امجد من شقيقته وجثا على ركبتيه بجوارها....صدقت هي وأغلقت المصحف الخاص بها .. أمسك أمجد كف شقيقته وقال بهدوء.:

-مش نصيبك يا حبيبتي ....عارفة ليه عشان نصيبك مع حد احسن منه بكتير ...

هزت رأسها والدموع تنهمر من عينيها :

-المشكلة فيا أنا يا امجد ...بس الحمدلله على كل حال ...

هز رأسه وقال:

-لا خالص المشكلة مش فيكي ولا حاجة ...أنتِ ربنا شايلك الاحسن .....

مسحت دموعها وقالت :

-مش مهم انا دلوقتي ...المهم انت كمان امتى هتروح تتقدم للبنت اللي قولت عليها ....انت قولت مش هتقدم الا لما موضوعي يخلص واهو موضوعي خلص الحمدلله اتقدم بقا وخلي الفرحة تدخل البيت

-متفكريش في ده دلوقتي ...

-أنت وعدتني يا أمجد ....ابوس ايديك متزعلنيش اكتر

تنهد وقال:

-حاضر يا حبيبتي هعمل اللي أنتِ عايزاه 

......

اقترب عاصي من ابنته الصغيرة وهي نائمة ...كانت تبدو كالملاك ....جلس بجوارها وهو يمسك كفها ويقبله برقة ...ابنته الصغيرة ...التي حُرمت من والدتها منذ صغرها ....لقد حاول أن يربيها ولا يجعلها تحتاج لأم ولكن للأسف فشل ...هو يرى نظراتها الحزينة في كل مرة ترى امهات صديقاتها معهن....ابنته تشعر بالحرمان ...لقد حاول أن يعوضها عن كل شئ ولكنه فشل عن تعويضها عن أم ....ولكنه سيفعل المستحيل كي لا يحرم ابنته من شئ تريده ....سيتزوج مرة أخرى من امرأة تتقى الله بها ....سوف يبحث ويبحث حتى يجد المرأة المناسبة ..

..........

بعد اسبوع آخر ...

كانت تدفن رأسها في الوسادة وهي تبكي بعنف ...تشعر أن قلبها يتمزق من فرط الألم ...رباه ...سوف يكون لغيرها ...لقد تقدم للفتاة وتمت الموافقة واليوم سوف تكون خطبته عليها ....خطبة بسيطة سوف تقام في منزل العروس وقد دعتهم بما أنهما من أقاربه ....كانت تشعر بالمرض وان قلبها يتفتت من الألم ...

-جهزتي يا جيلان ...

قالتها شربات وهي تلج لغرفتها ولكنها شحبت وهي ترى ابنتها بتلك الحالة ....

-يالهوووي مالك يا بنتي ...

هرعت شربات إليها وهي تشدها إلى حضنها ثم تملس على شعرها وتقول :

-بسم الله الرحمن الرحيم يا حبيبتي الف سلامة عليكي ...ايه اللي حصل ؟!

-ما...ماما...أنا بحب امجد ...بحبه اووي ...أنا مش هقدر احضر خطوبته....

-بتقولي ايه يا بت ؟!

قالتها شربات وهي تبتعد عنها ثم أمسكتها من كتفيها وهي تقول:

-وده حصل امتي ؟!

-من زمان ....من زمان بس محدش كان حاسس بيا ...اتغيرت عشانه...بس هو مشافنيش ...أنا بموت يا ماما ...ابوس ايديكي متخلنيش احضر الخطوبة دي ....والا هعيط وافضح الدنيا عشان خاطري !!!!

تنهدت شربات بحزن على ابنتها ثم سحبتها إليها وضمتها برفق 

..........

بعد شهر .....

-مش مصدقة انك هتجبرني احضر عيد ميلاد بنت خالتك ....أنا مبحبهاش البنت دي ؟؛

قالتها سما بضيق وهي تلف حجابها بشكل مميز ....كان يقف خلفها وعينيه تمر عليه بإنبهار وقال بمكر:

-لتكوني بتغيري منها ؟!

عبست وهي تنظر إليه وقالت:

-واغير منها ليه؟!

-عشان كانت بتحبني مثلا...

ضحكت بفكاهة وقالت:

-أنت عارف ان الموضوع ده اخر همي يا حبيبي ...لو تحب كمان اطلب ايديها ليك عشان تتجوزها ...والله ما اتاخر عليك ....

إدراها وجعلها تنظر إليه وقال؛

-موافق...

توترت وهي تنظر إليه وقالت:

-موافق على ايه ؟!

+موافق انك تطلبي ايديها اتجوزها ...أنا عايز اعف نفسي. ...وانا وانتِ جوازنا مش هياخد الطريق 

ده فهسيب ليكي الطلعة دي انا عايز اتجوز ....

-أنت ...انت ...عايز تتجوز ؟!!

ابتسم بمكر وهو ينظر إلى وجهها الشاحب وقال:

-مال وشك صفر ليه ...مش كل شوية بتقولي هتجوزيني بنفسك واني اختار العروسة ...شكلك متردد ليه .....

كان يقصد أن يجعلها تغضب تعرف هذا وكان يجب أن تقاوم غضبها  ....ولكنها لم تستطع مقاومة الغضب الذي لون وجهها الأبيض باللون الأحمر ....حافظت على هدوءها بشق الأنفس في الوقت الذي تمنت بشده ان تشوه وجهه الجميل ...

.رفعت رأسها وقالت بإبتسامة مغيظة :

-وماله يا بيبي ...خد ميعاد وانا هطلب ايديها وازغرط كمان في فرحك ...

رفع حاجبيه وقال؛

-انتِ قد الكلام ده ؟!

-ايوة قده ...

ابتسم بسخرية وقال :

-طيب ...يالا عشان منتأخرش على العيد ميلاد ...انا سيبت عمر مع والدتك وقولت أننا مش هنتاخر اكتر من ساعتين ....

هزت رأسها وهي تتبعه ....

.....

في عيد الميلاد ....

كانت سهيلة تقف وسط اصدقائها وهي تضحك بقوة ...ترتدي فستان أزرق فاتح بأكمام طويلة وقد تركت شعرها الطويل ينسدل مغطياً ظهرها....

-سهيلة أمير جه ...

قالتها إحدى صديقاتها بإبتسامة فنظرت من فورها إليه ثم ركضت بلهفة وعينيها تلمع وكادت أن تعانقه ولكن سما وقفت في طريقها وعانقتها وهي تقول :

-كل سنة وأنتِ طيبة يا سوسو ....

ثم همست في أذنها وقالت:

-اقسم بالله لو فكرتي وحضنتيه لانتف شعرك شعراية شعراية فاهمة ولا لا!!!!

ثم ابتعدت عنها وهي تمسك الهدية من يد امير ثم اتعطيها لها وتقول :

-عقبال هدية جوازك.يا حبيبتي ....

ثم أمسكت ذراع امير بتملك ....

ابتسم امير وهو ينظر إليها ...لا يعرف لماذا ولكن غيرتها اسعدته...لقد ظن أنها باردة لا تهتم ...ولكن حقا صدمته وهي تعلن تملكها له دون أي خجل 

....

خرجت من عيادة الطبيبة وهي تمسك التحاليل الخاصة بها وهي تشعر أن العالم يدور حولها....تغمض عينيها والدموع تنساب منهما وهي تتذكر كلام الطبيبة ..

-مبروك يا مدام ماريانا أنتِ حامل !

لا تصدق هذا ...هي حامل منه ....تحمل طفلاً منه ....ماذا تفعل الان ؟!هذا الخبر يجب أن يكون الخبر الأكثر سعادة ولكنها تشعر بالبؤس ...طفلها سيأتي وسيعيش في منزل بلا حب !! يجب أن تخبره ....

.........


منذ أكثر شهر تقريباً قد مر وهي تتجاهله تماما...لا تتحدث معه ....حتى ابتسامتها قد اختفت ....استيقظ ثم تخرج لعملها ...تتجنبه كأنه مرض ...يعترف انه قد جرحها بتصرفاته...هو حقا يكره نفسه لانه عاملها بتلك الطريقة ...ولكنه لا يعرف ماذا يفعل حقاً....لماذا يبعدها عنه بتلك الطريقة ....لماذا يكذب عليها ....لقد أخبرها ان ما حصل بينهم منذ  أكثر من شهر كان خطأ ...ولكنه كان يكذب ...نعم لقد كذب عليها ...اغمض عينيه وهو يعترف بالإكراه انه كان واعي لما يفعله....انه اراد بشدة ان يلمسها ....اعترف مرغماً ان كل لحظة عاشها معها في تلك الليلة كانت من اجمل لحظات حياته...لن يكذب هو يرغب بها ...ربما لا يحبها ولكنه يرغب بها بشدة ...ولو حاولت مرة أخرى معه سوف يستسلم ويقبلها كما قبلها ذلك اليوم  وسيجعلها ملكه مجدداً ...لكن بعد ما حدث اختارت ان تتجاهله وهو لا يلومها ...ربما هذا افضل ..افضل ليتخلص من تلك الرغبة المزعجة  نحوها ....

اغمض عينيه وهو يتذكر يوم استيقظ بجوارها ...

........

فتح عينيه وهو يشعر بثقل على صدره ليرفع رأسه ويجدها تنام على صدره وتعانقه ....اغمض عينيه للحظات وعطرها ينسل الى روحه ...الذكريات اخذت تندفع الى عقله...هو من جذبها إليه ...ارادها ..اراد امتلاكها لن ينكر هذا ....لا يستطيع أن ينكره ....نظر إليها وهو يتلمس شعرها الأسود الطويل...ابتسم ابتسامة حقيقة وهو يتذكر هوسها بشعرها...هي دوما تصبغه بالألوان ...لا تلتزم بلون معين لعلها تنال اعجابه...ولكنه لا يخبرها أن اللون الأسود يناسبها اكثر من أي شئ ...لم يخبرها يوما ان عينيها جميلة ...بل رائعة....وان ابتسامتها رائعة ...هي امرأة رائعة ...مناسبة جدا ولكن ليست مناسبة له ....فقلبه ليس ملكه...هو ملعون بلعنة العشق ...الفقد ..

تلاشت الابتسامة من شفتيه ونهض وهو يرتدي بنطاله ثم اخرج ملابس له وقرر الذهاب لاخذ حمام ساخن....

......

وقف تحت صنبور المياه وهو يغمض عينيه ....رباه ماذا فعل؟! لقد اعطاها أمل....أمل ان يحبها .....بلمسها الأمس جعلها توقن أنه يمكن ان يحبها ...هو يجب أن يصلح هذا الخطأ...يجب أن يخبرها أن ما حدث بالأمس خطأ...وانه لا يريدها ...لا يمكنه أن يعطيها هذا الأمل ...لا يمكن ...

خرج من شروده وهو يتساءل لماذا هو حزين ...هذا ما أراده وهذا ما فعله...هو فعل الصواب ...يجب ألا يجعلها تأمل انه سيحبها ...هي من سوف تتحطم وهو لا يريد ان يحطمها...لا يريد !!!ولكن تجاهلها يضايقه ...بهوت ملامحها يقلقه...هي مريضة منذ ايام ....تتقيأ دوما...وقد نحفت ....اصبحت حزينة دوماً...يرى بعينيها الانكسار ...هي لا تدعي القوة ...هي مكسورة ...وقد كسرها من أحبت اكثر من الحياة....نعم يعترف بهذا ولن ينكر ...هو شخص حقير....فجأة فُتح الباب ...رفع رأسه بحيرة...لقد.انتهت مواعيد عمله وذهبت المساعدة الخاصة به ولكنه تجمد وهو يراها 

-سيلا!!!

ارتجف صوته ونهض بصدمة وهو يراها أمامه...نعم هي امامه هو لا يحلم ....هذا ليس حلم ...سيلا امامه....حب حياته أمامه ...أتت بنفسها الى عيادته ....

انهمرت الدموع من عينيها وهي تقترب منه سريعاً وتعانقه دون تفكير....دون الاهتمام بمكان وجودهما ....دون الاهتمام بكونه متزوج بآخرى !!!

كانت متجمد بين ذراعيها ...الدموع لسعت عينيه الزرقاء...هل يحلم ...بالتأكيد يحلم ...هي ليست هنا ....شعر بأن قلبه سوف يخرج من صدره ...لا يصدق انه يلمسها مرة أخرى ...

-سيلا!!!

خرج اسمها من فمه بصدمة 

-انا هنا يا حبيبي ...أنا هنا !!

قالتها. هي تضمه أكثر ثم اكملت:

-انا جيت ومش هسيبك أبداً...أنا وانت ملناش الا بعض !!!

انفتح الباب فجأة وظهرت ماريانا !!!

الفصل العاشر (خيانة )

تجمدت مكانها وكأنها غير قادرة على الحراك ....تنظر إلى زوجها وهو بين ذراعي امرأة أخرى ....امرأة أخرى ...ظلت الكلمة تتردد في عقلها ...لقد أخبرها أنه لن يخونها وهي بكل غباء صدقته ....وتلك المرأة لم تكن اي أمراة ...تلك هي كابوسها الابدي ...حبيبته القديمة غريمتها ... ولكن هل هي حقاً غريمتها ...هل هي اصلا ترتقي لمستواها....هي لا يمكنها أن تكون غريمة امرأة لا يمكن هزيمتها....امرأة تمتلك قلب زوجها ...ذلك القلب الذي سعت حثيثا لتمتلكه ولكنها فشلت تماماً....ولكن تلك المرأة امتلكته بسهولة ....أنها تشعر بحب زوجها الشديد لها ...نظرات عينيه ...ارتجافه ....ودموعه !!!تلك كانت صدمة أخرى ..أن ترى زوجها يبكي امرأة ...لقد ظنت أنه بارد ...لا يحمل أي مشاعر ولكن مشاعره المتفجرة ظهرت لتلك المرأة....أن تعرف أن زوجها يحب أخرى هو الجحيم بحد ذاته ولكن أن ترى هذا بنفسها ...ترى انهيار زوجها بين احضان أخرى ...بكاؤها هو الجحيم بحد ذاته ...انها تموت ...تموت حقاً....

انهمرت الدموع من عينيها دون أن تشعر  وهي تنظر إليهما بألم...تشعر بالخذلان ...ان من أحبته أكثر من أي شئ قتلها ...أنها تنزف بالفعل ....

-ماريانا !!

قالها جورج بحذر ...هو لا يريد احداث أي فضيحة ....كان الذنب يقتله من الداخل ...لم يكن يريد أن يفعل هذا ...ولكن الشوق غلبه ....بينما سيلا كانت تنظر لتلك المرأة التي سرقت منها حب حياتها بحقد ....

أمسكت سيلا ذراع جورج وقالت بغيرة:

-مشيها من هنا يا جورج ....أنت بتحبني أنا مش هي .....خليها تمشي .....

ثم كادت أن تعانقه مرة أخرى إلا أن ماريانا اقتربت بكل حقد منها وهي تشدها من شعرها بقوة وتصرخ بها :

-ابعدي عنه يا رخيصة ....

توسعت عيني جورج بصدمة وهو يحاول أبعادها عنه ويصرخ بها :

-ماريانا كفاية بقا....

-ابعد ...قولت ابعد بدل ما افضحكم انتوا الاتنين يا أحقر خلق الله ...بتقول منش هتخوني واجي الاقيك في حضن حبيبتك القديمة ...ده انا هفضحكم....

شدها جورج وهو يهزها بقوة ويقول :

-ماريانا فوقي !!!

نظرت إليه بكره ...الدموع تذرف من عينيها ...انها تموت. ..الا يشعر بها ...

-أنت اللي فوق يا جورج ...حرام عليك اللي بتعمله فيا ده ....أنا ..أنا مراتك ... مراتك...سامع يعني أنا اللي من حقي كل لحظة حب ...من حقي كل اهتمام منك ...دموعك مفروض تنزل عشاني مش عشانها هي ....بتعاملني بالطريقة دي ليه ...بتعاقب على ايه ...

-ممكن تهدي ...

هزت رأسها وهي تصرخ به وتقول :

-مش ههدى ...انت شايف أن اللي بيحصل طبيعي ...اني اجي الاقيك في حضن غيري ..

ثم بغضب كادت أن تشد شعر سيلا مرة أخرى إلا أنه امسكها بقوة ...نظرت إليها سيلا بتشفي ..أنها تعاني وهذا يعجبها ...يعجبها كثيرا أيضا ...

نفضت شعرها وهي تقول بهدوء :

-طيب عن إذنك يا بيبي دلوقتي همشي ...بس اكيد هنتكلم كتير بما اني رجعت ...

ثم ألقت قبلة في الهواء وغادرت وداخلها يتراقص من السعادة.......

ما أن اغلقت الباب حتى اقترب جورج من ماريانا وامسك ذراعها بقوة وقال:

-ايه اللي انتِ عملتيه ده ؟!...

دفعته وهي تصرخ :

-انا عملت ايه يعني ...وقفتها عند حدها ...

-أنتِ اتجننتي ؟!ازاي تمدي ايديكي عليها !!!

قالها جورج بصوت منفعل  لماريانا التي نظرت إليه بصدمة وقالت :

-انت سامع نفسك بتقول ايه ؟!...لما الاقي واحدة بتحضن جوزي بكل بجا حة قدامي ...ومش اي واحدة دي حبيبتك القديمة ...قولي اعمل ايه ؟!اخدها أنا كمان بالحضن ...هو انا مليش عندك قيمة للدرجادي يا جورج....هو انا صفر على الشمال في حياتك ؟!ودلوقتي عايز تر ميني عشان حبيبتك القديمة ظهرت في حياتك !!!

-بلاش كلام فارغ ...أنا اتجوزتك انت مش هي ...وانا مش هخو نك وأنتِ عارفة ده كويس فليه الدراما دي ...

-حبيبتك القديمة جاية بكل بجاحة وبتقول هتاخدك مني !!أنا مش هستني واحدة ر خيصة زي دي لما.....آه!!

قطع كلماتها المهينة وصفـ عها وقال:

-اياكي تتكلمي عنها كده ...أنا ممكن أقطـ ع لسانك فيها !!!!

اغمضت عينيها ودموعها تنهمر اكثر من عينيها ...كانت تبكي بصمت ....تضع كفها على فمها وتبكي وهي لا تنظر إليه ....تراجعت ثم جلست على الاريكة المقابلة وصوت بكاؤها يزداد ...ارادت ان تتوقف ان تتمسك بقوتها ولكنها فشلت تماما ...ان ما يحدث فوق قدرة تحملها....رباه انها تموت بالفعل .....رمش جورج وهو ينظر الى كفه لا يصدق انه فقد اعصابه بتلك الطريقة ....رؤيتها له  مع سيلا اغضبته بشدة ....غضب لانه جرحها ....لهذا تمسك بغضبه ...هو حقا لا يفهم نفسه ...يشعر ان رأسه يدور ولا يفكر بإستقرار...رغبته بماريانا وعشقه لسيلا....كيف يرغب بإمرأة ويحب اخرى ...هو ليس برجل يمنح مشاعره لاثنين...لطالما عرف انه رجل يكتفي بأمرأة واحدة .

.ولهذا كانت سيلا تسيطر على قلبه لسنوات..ولكن لا يعرف لماذا اصبحت ماريانا تشغله أيضا...رباه هو بالتأكيد سوف يجن ....اقترب من ماريانا  بهدوء ثم جلس بجوارها ....امسك كفها محاولاً مواساتها ..  لم تبعد كفها كما ظن ....بل وضعت رأسها على كتفه وهي تبكي وقالت بصوت مختنق:

-كنت بخدع نفسي ...فاكرة اني هقدر اكسب قلبك ..بس طلعت غلطانة وانا بشوف نظراتك ليها يا جورج ...اللي سعيت أنا ليه هي كسبته بسهولة.....أنا كان نفسي تحبني بالشكل ده ...نفسي تبصلي زي ما بتبصلها...نفسي اتحب منك لساعة واحدة ...حبني حتى لساعة واحدة ...

قلبي واجعني يا جورج حسيت اني فشلت...حاسة أن دي هي نهاية القصة ...والنهاية كانت هزيمتي .....

كان صامت لا يرد عليها.....هو مذنب ...لا يمكنه التبرير ...ولا يمكنه أن ينكر ...هو لم يخفي حبه لسيلا ابدا ...دوما أخبرها بشكل مباشر وغير مباشر أن غيرها في قلبها...والان هي رأت بعينيها ....كم بدت محطمة في تلك اللحظة ...وللمرة الأولى يتألم لتلك الدرجة ...تألم لألمها ...

ابتعدت عنه وابتسمت ابتسامة صُنفت أنها الاكثر حزناً على الأطلاق ...أنها النهاية ...هي لن تحارب بعد الآن....هي ستعيش من أجل طفلها.....طفلها الذي سيذكرها بالليلة الوحيدة التي شعرت بها أن جورج معها ....لن تنساه أبداً...رغم كل ما فعله ستظل تحبه إلى الأبد ...ربما حتى الموت ...

نظرت إليه...إلى عينيه الجميلة التي تنظر إليه بحزن ...ابتسمت له وقالت؛

-شكلها كده نهاية طريقنا .....نهاية حربي ...أنا بستسلم...انت مش هتحبني وانا مقدرش اعيش بشعور أن في قلبك غيري..صعب عليا ...أنا لغيت كرامتي عشانك وحاسة الموضوع بقا يخنقني يا جورج ...أنا برضه كرامتي بتوجعني ...بس حبي ليك كان عاميني...أنا هروح اعيش في بيت اهلى...وانت اعمل اللي انت عايزه .....

ثم كادت أن تذهب لكنه أمسك ذراعها وقال بغضب طفيف:

-بتقولي ايه ؟!

انهمرت الدموع من عينيها وقالت:

-بقول الحقيقة...مش هقدر اعيش معاك في نفس البيت واشوف حبك ليها في عينيها ....هي رجعت ...رجعت وهتاخدك بسهولة...مش هتحمل هزيمة تاني ....ده احسن ...خليني امشي عشان خاطري ....لو عندك اي رحمة خليني امشي ..والا هموت ...

-أنتِ مراتي !!!...

-للأسف !!

قالتها بصوت محطم ...ثم أكملت :

-غلطة عمري اني اتجوزتك ... اتجوزتك ومفيش مفر منك ....

ثم ابعدت كفه وذهبت بينما هو ينظر إلى أثرها والخوف يستوطن قلبه !!

...... .  

كانت سما تضحك وهي تعانق عمر بينما تشاهد أحد الرسوم المتحركة المضحكة ..تقبل رأسه بين الفينة والآخرى ...بينما كان امير يشاهدها من بعيد ...كان سعيد وهو يرى ابنه الذي ذاق اليتم منذ صغره يبتسم وسعيد بتلك الطريقة ....لقد غيرت سما الكثير في حياتهما ....تفعل ما تستطع لاسعادهما هو حقا يشعر بالندم لانه عاملها بسوء في بداية حياتهما ....هي ليست سيئة ابدا ...على العكس تماما ..حولت حياتهم لجنة....اتسعت ابتسامته وهو يتأملها كرجل ...أنها جميلة ...بل رائعة ...صحيح أنه لم يراها من قبل لانه كان يعشق مريم ....مريم..مريم....تكرر الاسم بعقله...نعم مريم حبيبته التي اقسم أنه أن يعشق غيرها ...والآن هو يميل لشقيقتها ...أخذ قلبه يلومه ...ماذا يحدث ... لماذا يقترب من سما بتلك.الطريقة ...لماذا يسعد عندما تغار عليه ....يخترع حجج واهية كي تحدثه ....ما الذي يفعله ...هل سينسى مريم بتلك السهولة .......كان يلوم نفسه بقوة لانجرافه بتلك الطريقة....عندما قاطعه صوتها الناعم وقالت :

-أمير معلش تعالى ودي عمر اوضته خلاص نام ...

..نظر إلى ابنه ليجده بالفعل نام ...تنهد وهو يقترب منه ويحمله بلطف ....ثم وضعها في فراشه ...ووضع عليه الغطاء ....ثم استدار ليتجمد وهو يراها خلفه تنظر إليه بإبتسامة سعيدة وتقترح ؛

-بما أن عمر نام ايه رايك نتفرج على فيلم مع بعض....

-مش فاضي ...أنا هنام ...

قالها بجمود ثم خرج من الغرفة لتنظر إلى أثره بدهشة 


..................


في اليوم التالي ....

-بطلتي تيجي عندنا وبطلتي تسألي فيا وكأن علاقتك بيا كانت بس بسبب أمجد اخويا ...

قالتها نوران بلوم لجيلان التي كان وجهها باهتاً...

ابتسمت لها جيلان بحزن وقالت:

-متقوليش كده...بس انا مش قادرة ادخل البيت تاني ...خايفة اشوفه واعيط ...أنتِ مش حاسة بيا ...

تنهدت نوران وقالت:

-حاسة كويس وعارفة يعني ايه الإنسان يحب حد اكتر من حياته....أنا بجد متضايقة منه أنه ماخدش باله منك ....شاف ايه فيها ...أنتِ احلى منها ...أنا اصلا مبحبش اتعامل معاها شكلها متكبرة ...لما جات هي واهلها عندنا في البيت كانت بتبص للبيت نظرات غريبة وكأنها قرفانة مننا ...البنت دي مش هتكمل مع اخويا أنا اضمنلك ...

تنهدت جيلان وقالت ؛

-ربنا يوفقه...انا مش حابة افكر في اي حاجة تخص أمجد ..أنا هركز في مستقبلي وبس ...

تنهدت نوران وقالت :

-زي ما تحبي يا جيلان ...يمكن ده افضل..بس برضه مش حابة انك تكوني باهتة كده ...قومي البسي ونخرج نتمشى شوية ....

نظرت إليها جيلان بتعب وقالت:

-اخرجي أنتِ أنا مليش نفس أخرج ...أنا حابة انام ...

--لحد امتى هتفضلي كده بجد ..مر شهر على خطوبة امجد...وأنتِ اهو بتقولي مش حابة تفكري فيه ...يبقى احسن حاجة انك تتصرفي بطريقتك وتخرجي وتتفسحي...وتشيلي اخويا الغبي من دماغك ...وبكرة هيجيلك الاحسن ...

ضحكت جيلان برقة وقالت:

-بجد مش مصدقة ...جاية في صفي وواقفة ضد اخوكي بالشكل ده ...

-بحب أمجد جدا والله بس هو غبي بيتخدع في كل اللي حواليه ..وخاصة اللي اسمها رحيق دي ...

نظرت إليها جيلان بلوم وقالت:

-حرام عليكي يا نوران ..دي اختك ...

نظرت إليها بغضب وقالت:

-متقوليش اختك دي بتعصبني ...دي مش اختى وميشرفنيش أنها تبقى كده...دي بنت الست اللي خطفت ابويا من امي ...بس سبحان الله اهي بتتعاقب مش لاقية حد يبص في وشها لدرجة أنها كانت هتتجوز واحد عنده خمسين سنة بس حتى الراجل العجوز ده هرب لما شاف شكلها ...ده كويس متفش عليها ...

كانت تنظر جيلان إليها مصدومة وتقول :

-نوران أنا مش مصدقة انك بتقولي كده على اختك ...نوران أنتِ مش كده ...

-معلش انتِ مش حاسة بيا ....أنا الكل واقف ضدي ومش شايف حقيقتها...البنت دي زي امها بتحب تاخد اللي في ايد غيرها ...بتتمسكن تتمسكن لحد ما تتمكن...بس سبحان الله ربنا مش هيكرمها أبداً بسبب اللي بتعمله ده ....اهو عريسين اتقدمولها والاتنين رفضوها وفضلت تبكي ....كنت مبسوطة اووي وانا بشوف دموعها ...

-متقوليش كده يا نوران ...ده نصيب ....وهي نصيبها موجود ...

ضحكت نوران بسخرية وقالت:

-مين هيبصلها اصلا وعلى ايه يعني ..دي لا جمال ولا اي حاجة .....مؤسف أن بابا اتجوز امها ودخلها العيلة ...كل بنات العيلة حلوين الا سوكا دي ....

كانت جيلان تنظر لنوران بصدمة بالغة...لا تصدق انها تتكلم بتلك الطريقة على شقيقتها ...لا تصدق الكره الذي يشع من عينيها ...كيف يمكن لنوران اللطيفة ان تحمل هذا الكره داخلها ...حقاً انزعجت من كلماتها وأشفقت على رحيق  بسبب كلماتها تلك ....

عبست نوران وهي تنظر إلى جيلان وتقول :

-مالك بتبصيلي كده ليه؟!

-انا مش قادرة اصدق الطريقة اللي بتتكلمي بيها على أختك مش دي نوران اللي أنا اعرفها ...رحيق طيبة جداً ...متستاهلش منك كده ابدا...

ابتسمت نوران بسخرية مريرة وقالت:

-حتى أنتِ مخدوعة فيها !!!دي شيطانة وهتشوفي الايام اللي جاية ....

هزت نوران رأسها بيأس...

...............

يقف في بهو المدرسة ...ينظر إليها من بعيد ...لا يصدق أن شهر مر منذ أن تقدم لها ورفضها في نفس اليوم ...العجيب أنها تعاملت مع الأمر بطريقة اعتيادية ...لم تلومه أو تتكلم معه من الأساس ...هي تعمل بطريقتها الاعتيادية ....تمارس روتينها اليومي ...لا تغيير في الأمر ...ولكن هو ما زال يشعر بالتوتر بسببها ...يشعر بالحزن ..هو حزين لانه خسرها ...كان يريد أن يرتبط بها....لقد احبها حقاً لن ينكر الأمر ...أرادها بشدة ولكن والدته وقفت في طريقه...وهو لن يخسر والدته تحت اي ظرف ...هو احبها نعم...ولكن والدته اهم من اي شخص .....

تزلزل قليلا وهو يراها تقترب لتخرج من المدرسة ...ابتلع ريقه واستجمع شجاعته وهو يقترب منها ...نظرت إليه بحيرة ثم أطرقت برأسها وهي تحاول أن تتجاوزه ولكنه وقف أمامها ...شعرت بوجهها ساخن بفعل الغضب والخجل وقالت بإنفعال :

-استاذ مؤيد حضرتك بتعمل ايه ؟! ممكن تبعد!!!

-انا حابب اتكلم معاكي لو سمحتي ...

-مفيش حاجة نتكلم فيها ...ابعد بقا عيب ....

-لو سمحتي اسمعيني بس ..بعد اللي حصل مبررتش اللي حصل ...أنا 

نظرت إليه بغضب وقالت:

-مفيش داعي للتبرير....جيت اتقدمت ومحصلش قبول حاجة بتحصل مليون مرة وعادي ....مفيش حاجة تتكلم عنها ...ومتحاولش تبرر لاني مطلبتش تبرير اصلا ومش مهتمة اسمعه...ولو سمحت ابعد بقا شكلنا بقا وحش قدام الناس 

-اسمعيني بس ...ماما 

-استاذ مؤيد بقولك مش عايزة اي تبريرات....الموضوع انتهى خلاص ...أنا وضحتلك أن اللي بتفكر فيه ده صعب ....وانا مش زعلانة هو نصيب ...ابعد بقا لو سمحت شكلنا بقا وحش اووي ....

تنهد بتعب وقال:

-اسف . 

ثم ابتعد عن طريقها لتذهب هي مسرعة من أمامه وهي تتمنى الا يكون أحد رآها وهي تقف معه بتلك الطريقة ...رباه ماذا يريد منها ...ألم ينتهي كل شئ؛!!!

نظر إلى أثرها بتعب ...كم تمنى أن تكون له ...احيانا يتساءل هل هو جبان لانه تخلى عنها لمجرد ام والدته أرادت هذا ...هل هو جبان لانه لم يحارب من أجلها ....هل هو المخطئ !!!

أسئلة كثيرة تدور داخل عقله بدون إجابة !!!


................

في المقهي ...


ارتعش كفه وهو ينظر إليها بصدمة كبيرة ويقول :

-بتقولي ايه ؟!!

ازدردت ريقها وهي تنظر إليه ....قلبها يتألم وهي ترى الصدمة البالغة بعينيه....شعرت أنها بشعة ...بشعة للغاية لأنها لطوال شهر كانت تعامله ببرود لعله يكرهها...في الوقت الذي تفكر به بآخر وتحلم بآخر كان هو يصارع والده لكي يتزوجها ...ولكنها خانته بتلك الطريقة ...صحيح انها قاومت صالح ولكنها لم تتخذ أي خطوة لتبتعد عنه ...بل ظلت تعمل معه...تبتسم خفية وهو يغازلها .....تعشق كلمات الحب التي ينطق بها ...عندما تكون مع سيف لا تفكر الا به ...باتت تشعر بالقرف من نفسها ...باتت تشعر أنها مقرفة .....

اازدردت ريقها وقالت :

-تللي سمعته يا سيف أنا مش عايزة اكمل ...مش قادرة خلاص ....هو مش عافية ...

عبس وهو ينظر إليها لا يصدق أنها تكلمه بتلك الطريقة ...هل يمكن أن يكون السبب والده مثلا ......

تنهد وقال:

-نوال أنا عارف انك مضغوطة بسبب اللي بيعمله بابا ...بس انا بحارب ومش هتستلم لحد ما نتجوز ا...انا بحبك أنتِ يا نوال ...مش عايز غيرك ...

مسحت وجهها بتعب ...تريد أن تهرب من هذا المكان ...هي تشعر أنها تختنق ...لماذا لا يتخلى عنها ...لماذا يلتصق بها بتلك القوة ...لما لا يتركها ويفهم ...انهمرت الدموع من عينيها وقالت يإختناق :

-بس أنا مش عايزاك ....أنا مش بحبك...للدرجادي مش فاهم يا سيف....

بهت وهو ينظر إليها ...لا يمكنها أن تفعل هذا ...هي بالتأكيد تمزح ...لا يمكن  أن تفعل به هذا ... ..حاول أن يمسك كفها ولكنها أبعدت كفها ودموعها تنهمر أكثر ...الذنب يمزقها من الداخل ...تبكي أمامه بينما هو ينظر إليها بيأس ويقول :

-انا عارف ان اللي بيعمله ابويا صعب عليكي ....صعب الشعور اللي حاساه...أنا آسف ...عشان خاطري اديني فرصة بس عشان....

نهضت بعنف وهي تزعق به :

-كفاية...بقولك كفاية ...مش والدك هو السبب أنا مش.عايزاك...مش بحبك ...بحب واحد تاني ارتحت دلوقتي !!!!

نظر إليها مصدوماً لتضع هي كفها على فمها بينما ينظر إليها والصدمة تعلو ملامحه...كانت المشاعر تتعاقب على وجهه...الصدمة ....ثم الغضب ..ثم الألم ...ألم الخيانة ....

بكت بقوة وهي تزيح عينيها عنه وتستدير ثم تخرج من المقهى وقد جلب صوتهما العالي انتباه الموجودين بالمقهى....

كان ما زال جالس مكانه ...يشعر بالصدمة ...الدموع تلسع عينيه...هل أخبرته أنها تعشق اخر....لا هذا مستحيل ....

نهض وركض خلفها...واستطاع بالفعل الوصول إليها وأمسك ذراعها....نظرت إليه وهي تبكي ...هدر بها وقال ودموعه تنساب :

-أنتِ بتكدبي ...صح....مستحيل تعملي فيا كده ...حرام عليكي ...أنتِ كده بتموتيني ....متقوليش انك بتحبي حد غيري 

أغمضت عينيها وضميرها يجلدها أكثر ...ليتها تموت ...كيف يمكنها أن تجرحه مجددا....كيف يمكنها أن تفعل ما فعلته تلك الفتاة به ...كيف !!!

أبعدت ذراعها وقالت:

-للاسف حبيت غيرك...كنت بقاوم...بكدب نفسي ...قولت اني مبحبش غيرك ...بس كنت بكدب على نفسي ...كنت معاك صح ..بس عقلي وقلبي معاه هو ...مش قادرة اكدب على نفسي اكتر من كده سامحني ...سامحني يا سيف ....

-مين هو ؟!

قالها بقهر ....

-مش مهم هو مين ...صدقني أنا مش هكون معاه ابدا ....أنا هسافر برا مصر ....هسيب كل حاجة وامشي ...وانت ابقى اختار لمرة واحدة صح في حياتك !!

ثم تركته وذهبت ....استقلت سيارة الأجرة وهي تبكي ....من دون الجميع لم ترد جرح سيف ...سيف الذي أعطاها الحب الذي لم تحظى به حتى من أهلها...تعلم أن بعد تلك اللحظة لن تكون سعيدة ابداً في حياتها 

........


في المساء 

أغلقت النور وهي تفتح هاتفها ثم فتحت برنامج التواصل المرئى...ازدردت ريقها وهي تشعر بسخونة بكامل جسدها ...لا تعرف لماذا وافقت على طلبه ...ولكنه أخذ يلح واخبرها أنه يريد رؤية شعرها وتلك ستكون اخر مرة يطلب منها هذا ....وهي وافقت على مضض ....

اتصلت به ..ثم ظهر وهو يبتسم ...ولكن ابتسامته تلاشت وهو ينظر إليها ويقول :

-ايه ده ؟!قافلة النور ليه ...هشوف شعرك ازاي أنا دلوقتي ....

-لا يا نوران احنا متفقناش على كده ...ده غش ...أنا قولتلك اخر مرة هطلب اني اشوف شعرك فبلاش غش ...افتحي النور عايز اشوفه كويس ....

-عايز. اعرف ايه سبب هوسك بشعري .....

-انا مهووس بيكي أنتِ يا روحي ...مهووس بكل حاجة فيكي ...يالا بقا عايزة اشوف شعرك ...

أغمضت عينيها وهي تبتسم ...هو رجل يعرف كيف يدلل الانثى ...يعرف بذكاء كيف يلعب على نقاط ضعفها ...

تنهدت بإبتسامة وقامت بفتح الإنارة ....

صفر ما أن رأى شعرها وقال:

-عمري ما شوفت شعر بالجمال ده .....يا بختي بيكي لما.اتجوزك...

ثم غمز لها ...

نظرت إليه بضيق وقال:

-مر اكتر من شهر على فكرة وانت مكلمتش عمو ...

-طيب اعمل ايه يا روحي ...حماكي بيسافر كتير  عشان الشغل ...مش عارف اتلم عليه حرفيا ...بس هانت يا قمر قريب هكلمه عشاننا وتيجي وقتها بيتي ...

احمرت بشدة وابتسمت وهي تشعر كأنها تطفو على غيمة وردية بينما ابتسم بخبث وهو ينظر إليها ...لن يضغط عليها الليلة. ...هو أحرز تقدما ...اليوم بدأت بأن تريه شعرها ...غدا ستكون كلها ملكه ...هي بدأت تتنازل ...وسوف يتبع ذلك التنازل سلسلة من التنازلات. !

.......

في اليوم التالي ...

-أنت بجد ناوي أننا نعيش في الحارة بتاعتكم ...

قالتها أريام بتوتر ...عبس أمجد ونظر إليها ببرهة وقال:

-أيوة ...أنا شقتي هناك ومتوضبة ...

فركت كفيها بتوتر ونظرت لوالدتها التي تدخلت في الحديث وقالت:

-مش شايف يا بني أن المنطقة بتاعتكم بيئة شوية متليقش بمهندس ومهندسة ولا ايه ؟!

تجمدت ملامح امجد... ولمعت عينيه العسلية بغضب ولكنه سيطر على نفسه وقال:

-لا الحقيقة مش شايف كده ...وده البيت اللي أنا جهزته اتجوز فيه حضرتك ووضحت لأنسة اريام كده من البداية ...أنا مخدعتش حد ...

-اكيد يا بني استغفر الله مبنقولش كده ...بس ممكن تتنازل شوية عشان أريام...

--بعتذر حضرتك أنا مش هخرج برا حارتي ..اسف ..

-يبقى اريام مش غالية عندك انك تفضل حارة بيئة زي دي  عليها ...أنا اسفة يا بني بس لأما تجيب لبنتي شقة في مكان نضيف أو كل حي يروح لحاله !!!


...........

بعد أسبوع...

-مالك يا أحمد  شايل طاجن ستك ليه؟!

قالتها وفاء لابن شقيقتها وهي تجده شارد .....

نظر أحمد  إلى خالته وقال:

-انا واقع في ورطة يا خالتي ...مشكلة كبيرة ومش لاقي لها حل ...

عبست وهي تنظر إليه وقالت:

-اوعي يا واد تكون مشيت في سكة مشبوهة ...

نظر إليها احمد بدهشة ثم سرعان ما انفجر من الضحك وقال:

-يا خالتي الله يصلح حالك ايه اللي بتقوليه ده لا طبعا...الموضوع مش كده ...

-اومال ايه الموضوع ؟!

تنهد وقال:

-تعرفي طبعا عاصي بيه اللي أنا بشتغل عنده صح ؟!

هزت رأسها ليكمل هو :

-عاصي بيه بيدور على عروسة عشان يتجوزها...بس عايزها بمواصفات غريبة ...مش عايز واحدة تحبه....عايز يتجوز واحدة تهتم ببنته بس من غير ما تطمع أنه يحبها أو تخلف منه ...هو يعني ببساطة عايز مربية بدون مقابل ...

رمشت وفاء وقالت:

-ايه الراجل المجنون ده ...طيب ليه ...ما يتجوز طبيعي واللي يتجوزها تهتم ببنته عادي وتهتم بيه كمان هو حد لاقي يا ابني ...

-هو عايز حد يخلي بنته في المرتبة الأولى معرفش في دماغه ايه ...عاصي بيه مكانش كده الله يسامحها مراته عقدته في كل النسوان ...هو مش شارط جمال ولا حاجة ...ده هو شرطه الوحيد ...

-البيه بتاعك ده مجنون يا أحمد محدش هيوافق على اللي بيقوله....

هز احمد كتفه وقال:

-عرفتي أنا ليه في ورطة ... المشكلة أن ابن اللذينة حلو واي بنت بتشوفه بتحبه ...اصل ازاي واحدة عاقلة هتعيش مع واحد وسيم وغني من غير ما تتمنى أنه يحبها ....

هزت وفاء رأسها وقالت:

-فعلا ده مستحيل ...عمرك ما هتلاقي واحد....

ولكن فجأة وفاء صمتت وهي تتذكر شئ....تتذكر شخصا ما ...شخص قد يوافق أن يقوم بهذا الدور ...وجدت نفسها تفكر برحيق ...رحيق تلك الفتاة التي تم جرحها بسببها ....هل لو عرضتها الآن على عاصي هل سيكون جرح جديد ام قد يحدث الخير وتتزوج رحيق وترتاح من ألسنة الناس التي تشبه السياط ..تتخلص من هذا العذاب ...هي تريد حقاً لهذة الفتاة أن تتزوج ..تريدها أن ترتاح ...ولكن زيجة كتلك ستجرحها أكثر ...لتعرض عليها الموضوع أولا وبعدها لو وافقت سوف تعرض الأمر على أحمد ....

ابتسمت وهي تنظر لأحمد وتقول :

-استنى يا احمد فيه ممكن حد يساعدك في الموضوع ده ..

-بجد قوليلي مين ...عشان خاطري يا خالتي ...عاصي بيه مخلي حياتي جحيم ...شعري بدأ يقع من كتر التوتر 

ضحكت وفاء وقالت:

-يا واد اصبر شوية ..

ولكن أحمد أخذ يلح عليها وهو يقول :

-عشان خاطري يا خالتي...عشان خاطري ...

ضحكت وفاء مرة أخرى وقالت:

-يخربيتك زنك ...لا مش هقول ...استنى لما اكلم صاحبة الشأن الاول مش يمكن ترفض ...لو وافقت أنا هكلمك واقولك ..مش عايزة اعلقك ...استنى اتأكدلك ...

ابتسم احمد وقال:

-ياريت يا خالتي والله هتبقى عملتي فيا جميلة كبيرة والله ...أنا محتاج حل للمشكلة دي في أسرع وقت ....

-أن شاء الله تتحل يا حبيبي...يالا تعالى ساعديني عشان احط الأكل على السفرة ...

هز احمد رأسه بطاعة وهو يذهب خلف خالته ...كم يعشق تلك المرأة التى ربته واهتمت به أثناء فترة مرض والدته ...حتى عندما توفت بقت هي معه .....صحيح والده تخلى عنهما من صغره ولكن خالته لم تشعره ابدا بالنقص ...كانت تصارع ما بين علاج والدته وبين تربيته وأسرتها وزوجها ...خالته حقاً محاربة 

...


...................

-جاي ليه يا جورج ؟!

قالتها والدة ماريانا بلوم. ..عبس وهو ينظر إلى حماته وقال:

-جاي اخد مراتي يا حماتي. ..فيه ايه ؟!!...أنا سيبتها اسبوع تهدى لكن هي هتيجي معايا....

-مش كفاية اللي عملته معاها يا جورج...مش كفاية الجرح اللي جرحتهولها ...كفاية بنتي عانت كفاية معاك !!!

-دي حاجة بيني وبين مراتي يا حماتي ..لو سمحتي نادي ماريانا عشان تمشي معايا ....

وقفت هي بوجهه وقال:

-على جثتي بنتي تطلع من هنا ...انت فاهم...ماريانا مش هتطلع من بيتي لحد ما تتعلم الادب وتعرف انت خسرت ايه....أنا بنتي اتكسرت على ايديك ..وبعد ده كله جاي ببرود تاخدها بسهولة ...يا جبروتك يا أخي ....

-عايز مراتي ...

قالها ببرود ..

توسعت عينيها وصرخت به:

-أنت بارد ...

-طيب ما ده معروف ...هو أنا قولتلك العكس ....عيب احنا عشرة برضه واكيد عارفة اني مش همشي من هنا من غير مراتي ...يالا هاتيها ولا اروح اجيبها بنفسي ...

-لا مش هجيبها واتفضل اطلع برا ؛!!

ثم كادت أن تغلق الباب بوجهه ولكنه اوقفها وأبعدها  وولج للمنزل ...

-أنت بتعمل ايه يا بني ادم انت !!!

صرخت به ولكنه لم يهتم وهو يتجه إلى غرفة ماريانا ...فتح الباب لتصرخ ماريانا وهي تغطي نفسي حيث أنها كانت ترتدي قميص نوم قصير ...كانت توها استيقظت من النوم بعد ليلة قضتها متعبة بسبب الحمل ....

-أنت ايه اللي جابك هنا تاني ؟ 

-يالا عشان نروح بيتنا ...

هزت رأسها بعناد وقالت:

-ده مش بيتي ولا عمره كان بيتي ...مفيش حاجة ملكي هناك ...لا البيت ولا قلبك ...ده احسن خليني هنا ....

فرك عينيه وقال:

-ماريانا أنتِ اكيد مش عايزة تجربي جناني صح ...لانه والله مش هيعجبك!!!

رفعت حاجبيها وقالت :

-مش فاهم انت بتهددني يعني ....

لمعت عينيه وقال:

-ايوة بهددك ...

ثم جذب الغطاء عنها لتصرخ وتقول :

-أنت يا مجنون...هات..

-مفيش داعي للكسوف كنتي بتلبسي اكتر من ده عشان تغريني...

توسعت عينيها بصدمة ثم نظر إلى حماته وابتسم ابتسامة سخيفة وقال:

-لا مؤاخذة يا حماتي ....

ثم نظر إلى زوجته مجدداً وقال:

-قدامك حلين أما تلبسي وتيجي معايا بكرامتك....لاما أنا اللي هلبسك بنفسي واخدك برضه عادي...اختاري ...

-مش هاجي معاك...خلاص انتهى الموضوع ...لا انت ولا عشرة زيك هيقدروا يحركوني من هنا ....

لمعت عينيه وهو ينظر إليها...ثم نظر لحماته ودفعها برفق قليلا وقال:

-عن أذنك يا حماتي ....هلبس مراتي هي اكيد هتتكسف منك...

ثم اغلق الباب ...نظرت هي إلى الباب المغلق بصدمة ...ثم اتسعت ابتسامتها وهي تتمنى أن تنحل المشاكل بينه وبين ابنتها ...ليته يحبها كم ابنته تحبه ...ليته يسعدها ...ماريانا تستحق السعادة ....

......

بعد قليل ...

كانت تجلس في سيارته وهي تشعر بالصدمة ...المختل فعل ما يريده...لم تستطع أن توقفه...اليوم رأت جزء مختلف من جورج ...الجزء الشقى ..لم ترى هذا الجانب منه من قبل ....

....

توقفت سيارة جورج أمام مبنى ما ....نظرت هى إلى هذا المبني بحيرة وقالت:

-احنا فين ؟!

-انزلي بس ...

قالها بهدوء وقد بدا شارداً....يجب أن يعيد الأمور لنصابها ...هو ليس برجل خائن ..هو يمقت الخيانة ولكي يضمن أنه لن يقع في الخطأ يجب أن يفعل هذا ...ربما هو يستغل ماريانا قليلاً لإبعاد تأثير سيلا عليه...ولكن هذا افضل للجميع ...

أمسك كف ماريانا وهو يلج معها إلى المبنى ...ثم وقف أمام منزل معين وهو شارد قليلا ثم بآلية ضغط على جرس المنزل ليُفتح الباب وتخرج سيلا وتنظر إليهما بصدمة !!!

........

خرجت من منزلها وهي تمسك حقيبتها ...قررت أن تسافر وتهرب من كل شئ ...لن تبقى هنا ...بعد انفصالها عن سيف هذا هو الأفضل ....

توقفت أمام البناية وهي تبحث عن سيارة أجرة ولكنها فجأة كتمت انفاسها وهي تراه أمامها ...صالح ينظر إليها بضيق ...اقترب منها وقال:

-كنت حاسس انك هتهربي مني ..بعد الاستقالة الغريبة اللي قدمتيها ....

-ابعد لو سمحت .. 

قالتها وهي تحاول أن تبتعد عنه ولكنه أمسك ذراعها وقال:

-أنتِ سيبتي سيف صح ...سيبتيه عشاني ...

-صالح ابوس ايديك سيبني امشي ...أنا فيا اللي مكفيني....

حاصر وجهها ولم يهتم كونه بمنتصف الشارع وقال:

-ليه مش فاهمة إننا بنحب بعض ...ليه ...أنا بحبك ....

انهمرت الدموع من عينيها ...كادت أن تصرخ به ولكن صوت قوى جمد الدماء في عروقها ...

-نوال !!!

نظرت إلى مصدر الصوت لتشحب وهي ترى سيف !!!


الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من هنا


بداية الروايه من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات كامله وحصريه من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

إرسال تعليق

أحدث أقدم