رواية ليالي(الوجه الآخر للعاشق) الحلقه الخامسه والسادسه والسابعه والثامنه والتاسعه والعاشره بقلم رحاب ابراهيم حصريه وجديده على مدونة أفكارنا

رواية ليالي(الوجه الآخر للعاشق) الحلقه الخامسه والسادسه والسابعه والثامنه والتاسعه والعاشره بقلم رحاب ابراهيم حصريه وجديده على مدونة أفكارنا 


رواية ليالي(الوجه الآخر للعاشق) الحلقه الخامسه والسادسه والسابعه والثامنه والتاسعه والعاشره بقلم رحاب ابراهيم حصريه وجديده على مدونة أفكارنا 


حملقت ريهام بذهول وهي ترى ما حدث وللحظة شعرت وكأن تفكيرها توقف و عجزت  عن الحركة وما انبأها من هذه الحالة إلا  صوت تامر ....


حدق تامر بتفاجئ ثم اتجه مسرعاً لمكتبه بشكل متهرّب ودخل هشام  المصعد وهو يبلع ريقه بخوف من الأتي والتورط في هذه الحادثة الغير متعمدة  فلولا أن تامر جذبه ما كان وقع جمال بهذه الطريقة .....


هبطت ريهام إلى الاسفل بعد أن فاقت من صدمتها ،،نظرت للدماء برعب ثم صرخت وهي تركض إلى مكتب "عمر " المغلق 

بمجرد أن سمع عمر الصرخة نهض سريعا وفتح الباب ليراها بوجهها المذعور أمامه وتشير إلى السلم وكأنها خرساء لا تتحدث 

قال بقلق وعدم فهم :- 

_ مالك يا ريهام .في إيه؟ 


ريهام ونبرتها مرتعشة بخوف :- 

_عم ..عم جمال ..برا .....

لم تستطع أن تستطرد في الحديث وضعت يدها على وجهها وهي تبكي ...


ركض عمر إلى خارج الطابق لتتسع عينيه بصدمة لما رآه وهتف بحدة وهو يهبط عدة درجات  إلى الأسفل حتى وصل إليه 

_عم جمااال 


*************************


سمعت ليالي قرع على الباب وزاد سرعة دق قلبها بشكل غريب ،اتجهت إلى الباب حتى فتحته لترى طفلة ذات سن الثامنة من عمرها تقف وتنظر لها بابتسامة طفولية :- 

_أمي بتقولك يا ليالي هاتي أمل وتعالي اتفرجوا على الحاجات اللي جابتها  لأسماء اختي في حاجتها 


ابتسمت ليالي  وهي تمرر يدها برقة على رأس الصغيرة وقالت :- 

_ حاضر يا سما قوليلها خمس دقايق وهنيجي 


ركضت الفتاة إلى منزلها بجانب منزل جمال ..

اغلقت ليالي الباب ،، ثم ذهبت لغرفتها واردفت قائلة :- 

_ أمل ... أم اسماء بعتتلنا نتفرج على عفش بنتها ، البسي وتعالي معايا ..حتى تفكي شوية 


ردت أمل وهي تنهض ببطء :- 

_ خلاص ماشي روحي انتي وانا هغير واسبقك ،عايزة اتهوى شوية ....

أخذت ليالي حجاب وغطت  شعرها الطويل  الشديد السواد على عبائتها المحتشمة ثم ذهبت ....


بدّلت أمل ثيابها بعبائة سوداء والقت على رأسها إيشارب واستعدت للذهاب  هي الآخرى حتى أوقفها صوت الهاتف الأرضي ....... 


رفعت السماعة وأجابت :- 

_ الو 


ردّ عمر من هاتفه الخاص بعد أن أخذ رقم هاتف جمال من أحد زملائه العاملين وقال بصوت قلق :- 

_ لو سمحتي لو ده بيت عمي جمال فهو في المستشفى ،وقع على السلم ونقلناه المستشفى 


اتسعت عين أمل بصدمة وتمتمت بصدمة :- 

_ بابا في المستشفى !!؟  


حاول عمر أن يطمئنها عندما شعر بصدمتها من صوتها واستطرد :- 

_ بس إن شاء الله هيبقى كويس ماتقلقيش 

وتابع بايجاز عندما لمح خروج الطبيب من غرفة جمال :- 

_ طب انا هضطر اقفل ،،عنوان المستشفى .......... 


ثم اغلق الهاتف واتجه للطبيب حتى صدم من رد الطبيب :- 

_ ادعوله ..الأمل ضعيف أووي ،،يستحسن محدش يدخله دلوقتي الممرضات معاه جوا  ...أنا أسف 

ذهب الطبيب ليترك عمر يقف متجمداً في مكانه واقتربت منه ريهام وقالت باكية :- 

_ربنا يقومك بالسلامة ياعم جمال ..ربنا قادر على كل شيء يا عمر


لاح على وجهه الحزن وقال  :- 

_ ربنا يقومه بالسلامة ،،انا مش عارف ازاي وقع !! 


زاد القلق والتوتر على وجه ريهام فهي لم تخبره بما حدث وترددت في اخباره فهذه كارثة أخرى ستدمر هذه العائلة والتزمت الصمت 

وخصوصاً أن الواقعة كانت قضاء وقدرا وليست متعمدة ..

أتاها اتصال هاتفي بضرورة وجودها في أحد المواقع ..استأذنت من عمر وانصرفت بوعد العودة خلال ساعة حتى تنهي العمل ...


جلس عمر على أحد المقاعد ونظر للأسفل بألم و لم يتحمل الجلوس أكثر ،،دخل الغرفة وراقب ذلك الوجه الشاحب والساكن  ..


عدى بعض الوقت حتى بدأت جفون "جمال" ترتعش  ثم فُتحت قليلا ليرى نفسه  وسط كم هائل من الاجهزة الطبية حوله غمغم بتيهة وهو في حضرة الموت .....

اقترب منه "عمر" بشكل سريع وتأمل وجهه الشاحب وقال :- 

_ سلامتك ياعم جمال ،بأذن الله هتقوم بالسلامة 


بلع جمال ريقه بصعوبة بعين دامعة وحرك فمه ببطء بكلمات حروفها متقطعه حتى استطاع أن يقول بصعوبة :-

_بن....بناتي 


حرك عمر رأسه وقال بتأكيد :- 

_ ما تقلقش عليهم ،هما جايين في الطريق ..اتصلت بيهم 

بس قوم انت بالسلامة أهم حاجة 


تهته جمال قبل أن يتلفظ أنفاسه الآخيرة :- 

_ وصيتك ..بناتي 

ولم يستطع قول المزيد أو يقول أي شيء آخر 

ثم ارتفع أصبع التشهد وبعدها سقطت يده إلى الأبد ......

اغلق عمر جفن عين جمال بيده  وعينيه تملأها نظرات حزينة على فراق هذا الرجل الطيب الذي كان يعتبره  بمثابة والده 

وكرر الشهادة بجانب اذنه عدة مرات وقال :- 

_ مع السلامة يا راجل ياطيب ...مع السلامة ياعم جمال 

هتوحشني ااوي 💔 


على وصول أمل إلى المشفى بأقصى سرعة دون أن تخبر أي أحد بما حدث ....

وقفت  عند الباب بلا حراك وقد شهدت على آخر لحظات والدها ووصيته الآخيرة لهذا  الرجل ،دخلت بحركة بطيئة إلى الغرفة ونظرت بعدم تصديق ودموع تسقط لا ارادياً وقالت بصدمة :- 

_  ابويا ماله ؟؟ 


وضع عمر طرف الفراش على وجه والدها وقال بأسف :- 

_ البقاء لله ..الله يرحمه 


خطت أمل خطوات إلى الجسد المغطى بالأبيض وازالت الغطاء ونظرت بدموع متألمة وقالت بخفوت  :- 

_ هتمشي قبل ما تسامحني ؟ هتسيبنا خلاص ؟ 

والقت رأسها على صدره وبكت بألم ...


تركها عمر وذهب لينهي اجراءات  خروج الجثة بأسرع وقت ولكن أخذت إجراءات الخروج بعض الوقت ....


******************* 

عادت ليالي إلى المنزل بعد أن أصرّت جارتهم السيدة الطيبة "أم اسماء" أن تريها كل شيء اشترته مؤخراً لجهاز ابنتها العروس ،،وانتظرت مجيء شقيقتها أمل ولكن لم تأتي ،، واكتشفت بعد عودتها أن أمل ليست بالمنزل .....


شعرت بقبضة قاتلة في قلبها وأرادت أن تبكي بشدة بدون سبب حتى سمعت ضوضاء صادرة من الخارج ،، اقتربت من نافئة مطلة على الشارع لترى فِراشة "صوان" خاصة بالعزاء ينصبها بعض الرجال 

انكمش حاجبيها بضيق وقالت :-  

_ يا ساتر يا رب ،مين اللي مات !! 


وضعت يدها على صدرها بخوف وكررت بعض الاذكار حتى سمعت صوت "أم اسماء "  بصريخ عالٍ ،، أسرع نبض قلبها ركض واعتقدت أن زوجها "الحاج محمد" وهو زميل والدها في العمل  حدث له مكروه وركضت إليها لتتفاجئ بأن هذه السيدة بمجرد أن رأتها اسرعت اليها وصرخت :- 

_ ابوكي مااات يا ليالي ،،ابوكي ماااات 

وعادت للصريخ مرة أخرى 

تجمد وجه ليالي من تجمد قلبها  حتى اسودت الدنيا حولها وسقطت مغشياً عليها .....


(هنا ..تبكي كل نبضة ...هنا ...تصرخ الاهات ...هنا ...يبتسم الألم ويعانق نسمات الحياة في قلب طفلة ذات هيئة شبابية تسمى ...رح... ليالي 💔 

طبطبوا وطبطبوا عليا ..بس مش حنية !! 

ده عشان تاخدوا أجر اليتيم فيا 💔 

الله يرحمك يابويا 😢😢) 


لم يستطع قلبها التصديق ،لم يستطع مواجهة الحقيقة،لم يجعلها تفيق بسهولة ،،استمرت تفيق وتعود سريعاً للسقوط في هذا البئر المظلم ،، ولم تغفي الدموع او تشرد ..استمرت تسرد 

تسرد بدء أول الطريق في مواجهة هذا اليتم .......


وصلت سيارة عمر ومعها سيارة أخرى بها" الجثمان " حتى يأتي ويغسّل ويخرج من منزله ،، التف الناس بحزن وهم يخرجون الجثمان ،، ووقف عمر بنفسه مع بعض المقربين للمتوفي في الغسل وكل هذا وليالي بعالم آخر بغرفتها وبجانبها بعض الفتايات المتشحات بالوان الأسود ......

دخلت أمل سريعاً إلى ليالي عندما أخبرتها جارتها بما حدث لليالي 

هزت جسدها بعنف وقالت :- 

_ فووووقي ،،قومي سلمي على ابوكي قبل ما يمشي 

بدأت تفيق بالفعل وكأن هذه الجملة القت عليها اسلاك مكهربة ،،

لم تتفوه ولكن عينيها متسعة على آخرهم بدموع حارقة ،،

صفعتها أمل  بقوة وقالت :- 

_فووقي قبل ما يمشي 

وقد نجحت الصفعة في وهج هذا البركان حتى نهضت سريعاً وفتحت الغرفة لترى الرجال قد اخرجوه من المنزل ويهبطون على السلم ......

صرخت بأعلى صوتها :- 

_بااااااابااااااا ،،هتسيبني لمين ؟؟

صرخت وصرخت ولكن لم يتغير شيء ،لا الموتى يفيقون ولا الاحياء استمعوا لها ولصرخاتها ،،

اتجهوا للمسجد القريب وذهب حشد غفير وراء الجثمان لصلاة الجنازة ...

دخلت مسجد النساء ورغم إنها على وضوء ولكن توضأت مرة أخرى وصلت الجنازة وهي لم تستوعب بعد ما يحدث وكأنه كابوس ......

لم ترى أمامها أحد ،ولم ترى عمر لأنه كان يتقدم الجميع ويحمل أحد زوايا "النعش" ...تصرف بشهامة خالصة 


انتهت الصلاة وتوجه الجميع للمدافن ،، أخذت أحد الفتايات ليالي إلى سيارة أجرة حتى تذهب خلفهم ،، ولم تستطع أمل الذهاب بسبب العزاء ....


وصلت السيارات إلى المدافن وحمل الرجال ومعهم عمر "النعش" مرة أخرى  واستعدوا للدفن ،، خرجت ليالي من السيارة وركضت إليهم ،، كان عمر يحدث أحد الرجال في أمراً ما يخص الدفن ولم يلاحظ تلك التي تركض ونظرتها ساقطة على الجثة ذات الكفن الابيض على الأرض حتى وصلت له وسقطت على الأرض باكية 

وضمته بقوة وهي تصرخ 

انتبه عمر لها ولم يرى وجهها لكونها أمامه وهو خلفها ،، حتى اشتد بها الصراخ وهم يأخذوه من يدها ويدخلوه قبره واسندها عمر حتى صدم ....

نظر بذهول لوجهها الباكي من الألم والقهر وقال بصدمة :- 

_ لياااالي !!!! 

كانت تغمض عينيها وتصرخ وهي تحاول الافلات من يده وتعود لضم والدها حتى سمعت صوته ...فتحت عيونها وبعينيها نظرة عميقة تعترف صراحة بالضعف لأول مرة أمامه 


ما يفكر به الآن لن يستطع تنفيذه ، فهذا خارج نطاق الأصول والتعقل ...أراد ضمها بقوة ..بقسوة ..بدفء ..بحنان ..باحتواء 

ولكن كيف؟ 


حتى صرخت مرارا وتكرارا مما جعل قلبه يعتصر لاجلها وقال :- 

_ اللي بتعمليه ده هيعذبه ..احسن حاجة تدعيله بالثبات على السؤال ...أكتر حاجة محتاجها دلوقتي 


بكت بحرقة وهي تقول :-

_ مات ازاي ،كان كويس ،انا ماشوفتهوش ..ماودعنيش ولا ودعته 

ازاي مش هشوفه تاني ..ازاي بس 


بلع ريقه بألم وهو يشعر بما تشعر به فهو مر به سابقاً .

انتهى الرجال من الدفن وذهبوا ،، جلست ليالي أمام القبر تبكي وهي تقرأ بعض الايات القرآنية بقلب يصرخ من الألم ثم قالت :- 

_ سيبتني لوحدي يابابا ،، دحنا مالناش حد 


أجاب عمر بقوة :- 

_ ليكي ربنا .....وأنا 

صدمتها جملته والقت عليه نظرة متسعة ثم تابع هو حديثه :- 

_ انتي واختك تحت وصايتي ..دي وصية ابوكي الله يرحمه 

ولازم تتنفذ سواء رضيتي أو لأ ..أنا ماقدرش أخالف الوصية 


الحلقة السادسة ...ليالي (الوجه الآخر للعاشق) 


لا أعرف ماذا بي ....لماذا أشعر هكذا ؟ 

لماذا تخلل الأمل وداعب احزاني برؤيتك مرة أخرى 

هناك خفقة قلب تهوي مراراً  بداخلي..أريد أن اسألها !! 

ماذا بكٍ ؟ ولكن تهرب مني ...وتتركني حائر بين ازقة التيهة 

وقلبي يتفقد طريق العشق دون اخباري ...دون استاذاني 

دون أن يدرك إنه يبحث عن طريق لاحزاني 

انتبه أيها القلب .......


أجاب عمر بقوة :- 

_ ليكي ربنا .....وأنا 

صدمتها جملته والقت عليه نظرة متسعة ثم تابع هو حديثه :- 

_ انتي واختك تحت وصايتي ..دي وصية ابوكي الله يرحمه 

ولازم تتنفذ سواء رضيتي أو لأ ..أنا ماقدرش أخالف الوصية 


كانت الشمس ساطعة بنهار كشف على وجهها وضوح الضعف،، وضوح الألم المطل من عينين ذابلة يكمن بها قوة الألم البركانية الذي تطوق أمواج المجهول وتُبهت الوانه حد القتامة ...

رمقته بنظرة مذهولة من حديثه ورددت جملته الآخيرة بتساؤل:- 

_ بابا وصاك عليا انا واختي ؟!!! 


صوب نظرته للأمام ،لقبر والدها بالتحديد وتعابير وجهه ثابته وقوية ولكن نظرة عينها بعدها كي لا تكشف بعض الحقائق ،،

إنه رحب بهذه الوصية بشكل أراح قلبه كثيراً ،بشكل اكثر من حيرته وشعوره الغامض نحو هذه الفتاة بالتحديد ..

حرك رأسه بالايجاب :- 

_ آخر حاجة قالهالي ..وصيتك بناتي ...دي وصية والدك ولازم تتقبليها 


وضعت رأسها على قدميها وتعالى صوت شهقاتها ببكاء زرع في قلبه لهفة عنيفة باحتوائها ،، اسرعت يده لتربت على كتفها  بحنان ولكن ارجعها سريعا وغمر عيناه فيض من حنان لم يصدق إنه كان مدفون بداخله وتحدث :- 

_ ليالي ...لازم تبقي قوية ،،الحياة مش هتتقبلك وانتي كدا ولا والدك هيبقي مرتاح وانتي كدا ،، هو سابكم تحت وصايتي لأنه واثق فيا عشان هو تقريبا اللي مربيني وكان دايما جانبي انا ووالدي ،، وده شيء انا عمري ماهنساه ابدًا ،، وگ شيء من ردّ الجميل لازم تصدقيني وتعتبريني مكانه .....


رفعت رأسها بشراسة وزاد اسوداد عينيها وقالت بهتاف حاد وهي تنهض وتقف أمامه :- 

_ مافيش حد زي بابا ،،محدش هيقدر ياخد مكانه ،، 

لا انت ولا غيرك ..ثم توقفت 

ازعجها طنين  الذباب الذي يحوم في الجو حتى اقتربت ذبابة بقرب عينيها ثم طارت 


اجابها بنبرة دافئة حنونة تشع من عينيه ذات اللون الفاتح وملامحه الشديدة الوسامة والرجولية الذي غلفت دفء حديثه بشكل يعصف بمقاومتها  :-

_ والدك ما ماتش ،، انا موجود ،، انا عارف إن الفراق صعب بس لو بتحبيه ماتعذبهوش بحزنك ده ،،ادعيله على أد ما تقدري 

و اقوي يا ليالي ..وانا جانبك ومش هسيبك ابدًا 


تاهت  عينيها من الحزن والحيرة وقلب حياتها رأسا على عقب هكذا في عدة ساعات فقط !! ،، تركته وابتعدت عائدة إلى المنزل 

هناك حالة غائمة من الضعف لا تريد إلا الانفراد 


قال وهو ينظر للقبر بنبرة صادقة :- 

_ بناتك في رقبتي ياعم جمال ...وليالي ....


ذهب خلفها حتى اقترب منها ولاحظ يدها التي لم تكف عن كفكفت دموعها المنهمرة ولم يريد أن يغضبها أكثر بالحديث 


وقف سائقه في أول مدخل المدافن ينتظره ،، قال لها بلطف:- 

_اركبي عشان تروحي البيت ،، مش هتلاقي تاكسيات بسهولة هنا 


تعرف ذلك جيدًا لذلك لم تعترض ودخلت السيارة وجلس هو بجانبها ثم تحركت السيارة في الطريق 


تنظر من النافذة بنظرة ضائعة ،نسمات الهواء جعلتها تختنق بحزن وتساءلت ...ألم يستنشق والدها هذا الهواء مجددًا ،، ألم يراه أي شخص في الكون بعد الآن ،، ألم يعد له وجود من الاساس 

تريد رؤيته الآن بأي طريقة ..تريد رؤيته بأي شكل ،، اختفى من حياتها فجأة ..بدون وداع ..بدون أن تشبع عينيها منه 


وصل السائق إلى منزل المتوفي وتوقف بعيدًا عن" الصوان" 

نظرت ليالي من بعيد وهي تترجل من السيارة ،، نظرت للوجوه 

أرادت أن تركض وتقول لهم ...لا ...هذا ليس صحيح ..هناك خطأ ما 

..سيعود ..ولكن تصفعها الحقيقة 


ركضت إلى المنزل وهي تضع يدها على فمها لتكتم صرختها وخرج عمر من السيارة أيضاً ونظرته عليها بقلق ،،ثم ذهب ليتولى مهمة أخذ العزاء بنفسه .....


****************

شقوق الحوائط وهي تصعد إلى شقتهم كشقوق حنايا القلب ،بل القلب أكثر شقوق ،، شقوق لا يطببها الزمن ولا يشفيها الدواء ،، 

دخلت إلى المنزل الذي باب مفتوح على مصراعيه يستقبل المعزيين ،، حتى وقف بعضهم واقتربوا منها ليقدموا تعازيهم ببالغ الاسى والحزن لهذه الفتاة الذي اصبحت يتيمة الأب والام 

جلست بجسد متراخي وكأن كل مفصل انفصل بذاته كالعجوز 

وانتقلت نظرتها للوجوه الحزينة ...


هل هذا حقيقة أم حلم ....مضى ساعات وإلى الآن لم تصدق كلياً إن هذا حقيقة بالفعل ،، تاهت ثم ضاعت في خلايا الحزن والقهر 

حتى ادخلها بعض النسوة لغرفتها عندما لاحظوا شحوبها القوي وكأنها على وشك الاغماء من جديد ......


مضى الوقت واتى المساء ولم ينتقل عمر من أمام المنزل وقلبه معلق بالأعلى وفي كل لحظة تمر عليه يزداد لهفة لرؤيتها مرة أخرى ،، دق هاتفه باتصال من "ريهام " 


ابتعد قليلاً ثم اجابها :- 

_ ايوة يا ريهام ..انا في العزاء مش هعرف اكلمك دلوقتي 


تنهدت ريهام بحزن وقالت بأسف :- 

_ البقاء لله ،، على وما وصلت المستشفى تاني عرفت إن عم جمال توفى وانت استلمت جثته ومشيت ..انا أسفة بجد يا عمر ماقدرتش أجي على طول 


زفر عمر بضيق وهتف:- 

_ريهام انا في عزا ..مافيش وقت للكلامك 


تعجبت ريهام بعض الشيء من عصبيته التي لا يستخدمها معها إلا نادراً فدائماً كان متزن في غضبه وقالت :- 

_ انا عايزة اجي اعزي اولاده بس مش عارفة البيت 


لم يعرف لماذا كره مجيئها وقال بعجالة :- 

_ مش مشكلة ..انا هقفل دلوقتي ..ونبقى نتكلم بعدين 


بعد أن اكمل جملته تحدثت ريهام ولكن لم يستعب ما قالته بسبب صريخ ليالي بالأعلى بصوت ينتحب 


بعد أن دخلت ليالي الغرفة جلست قليلاً وانتابها شعور جنوني بالفقد وصرخت بأعلى صوتها :- 

بااااابااااا ،، عايزة أشوفك مش قااادرة يابابا على الفراق 

وكررت الصريخ مرة أخرى 


اغلق عمر الهاتف بوجه ريهام دون أن يدري وهو ينظر للنافذة التي يأتي الصوت منها ،، ولو استطاع أن يركض إليها الآن لمَ تردد ثانية واحدة ...بلع ريقة بضيق من قيده هكذا وتوجه ناحية "الحاج محمد" وهو أيضاً يعمل عنده بالشركة في أمن البوابات 

وقال بقلق :- 

_ هي هتفضل تصرخ كدا 


مسح الآخر عينه وقال بأسى :- 

_ الله يكون في عونها يابني ،، دي كانت نن عيون ابوها ،،ومالهمش حد غيره دي حتى امها متوفية 


تفاجا عمر من هذا الخبر فبرغم أن جمال يعمل بالشركة من سنين ولكن لم يتحدث أبداً عن حياته الخاصة لأي احداً ورفع نظره للأعلى بنظرة متوعدة بالحنان وكأنه ينظر لها الآن 


انتهى وقت العزاء وذهب الجميع ،، أخذ الحاج محمد عمر لمنزل الذي يواجه منزل جمال وقال :- 

_ اتفضل يا عمر بيه عندي في البيت ..ام اسماء والبنات عند ليالي وأمل وهيفضلوا عندهم كام يوم مش هيسيبوهم 


ذهب معه عمر الذي منعه قلبه أن يتركها ويذهب ،، وعندما ادخله الحاج محمد إلى منزله ..اتصل عمر فورا بوالدته ليطمئنها عليه ولكن والدته كانت تعلم الخبر من ريهام وقالت :- 

_ لا إلا إلا الله ،، انا اتصدمت لما ريهام قالتلي ،، الله يرحمه كان راجل طيب 


اجابها عمر بايضاح :- 

_ انا اسف يا امي بس مضطر ابقى هنا لبكرا عشان العزا انتي عارفة إنه مالوش اولاد ولا حتى قرايب ومش معقول هسيب بناته لوحدهم في الوقت ده 


وافقته فريدة بقوة وقالت :- 

_ ايوة طبعا ماينفعش ،، دول بنات ،، انا هاجي بكرا اعزيهم بنفسي وريهام هتيجي معايا وخليت تامر يجبلي عنوانه 


ضاق عندما اتت على ذكر مجيء ريهام وقال مختصرا الحديث :- 

_ خلاص ،، هقفل دلوقتي 


انهى الاتصال بشعور حانق لم يعرف مصدره ولكن ما يعرفه إنه لا يريد مجيء ريهام ،،ثم تكرر صريخ ليالي مجددًا مما جعله يفتح نافذة الصالة الذي يقف فيها والقى نظرة على نافذتها المفتوحة وظهرت امامها وهى تريد الافلات بصريخ من الفتايات للخروج 

وتصرخ بقهر وتنادي على والدها ببكاء صارخ .....


ظهرت تقطيبة على وجهه ونظرته أرسلها بموجة حنونة كي تضمها وتربت على قلبها الحزين وتوعد مرة أخرى بشكل تعجب منه هو شخصياً إنه سيكون في مكانة والدها


اتى الحاج محمد من المطبخ ببعض الاطعمة الخفيفة ومشروب ساخن وقدمه لعمر وقال :- 

_ حاجة بسيطة يا عمر بيه ،، انا عارف إنه مش اد المقام 


رد عمر بنظرة ممتنة وقال :- 

_ اوعي تقول كدا يا عم محمد تاني   بس انا والله ما جعان ،، من ساعة اللي حصل وانا ماليش نفس لأي حاجة 


تنهد الآخر بحزن وقال بألم :- 

_ الله يرحمه ، كان أكتر من أخ ،، بس ده حال الدنيا 

كاس وداير على الكل .....ثم تابع 

_ انت جدع أووي يابني ،،وقفت طول النهار تاخد العزا وكأنك ابنه  


اجابه عمر بحزن :- 

_ كنت بعتبره ابويا ..وده أقل واجب اقدر اقدموله 


وافقه الحاج محمد ثم تابع بتساؤل :- 

_ بما إنك هتفضل عشان تكمل واجب العزا بكرا يبقى هتبات معايا هنا ..

وافقه عمر وأجاب :- 

_ خلاص ماشي


دخل عمر غرفة الضيوف في منزل  الحاج محمد وللصدف هذه الغرفة كانت تتطل مباشرةً  على نافذة غرفة ليالي أكثر من نافذة الصالة ........سمع اهاتها مرة أخرى وتألم من اجلها 

حتى قال بخفوت :-

_ ياارب اقدر انسيكي الحزن ده ...لو تعرفي انا حاسس بأيه دلوقتي يمكن كنتي تهدي شوية 


******************** 


حاول تامر الاتصال بهشام ولكن لم يجيب الآخر فأعتقد تامر إنه في أحد سهراته ....


دخلت والدة هشام "فريدة" إلى غرفة ابنها وتطلعت إليه مبتسمة وقالت :- 

_ اظاهر كدا دعوتي استجابت ،، الساعة ١٢ وانت هنا ،،يارب دايمًا 


كان يجلس في شرفة غرفته بشرود ولم ينتبه لحديثها على الاطلاق حتى لاحت بيدها أمام عينيه حتى ينتبه لوجودها 

أجاب بعصبية :- 

_ ايوة يا ماما ..في حاجة ؟؟؟!! 


مطت شفتيها بتعجب وجلست أمامه على أحد المقاعد وقالت :- 

_ إيه اللي واخد بالك ..قولي !! 


هتف بعصبية وهو ينهض واقترب من فراشه والتقت هاتفه :-

_ كل كلامكم معايا اسئلة يأما اوامر ،،يأما مستغربين من تصرفاتي 

نظر للهاتف الذي جعله صامت لا يزعجه أحد بالاتصال 

ولاحظ كم الاتصالات من تامر ..اغلق الهاتف بعصبية ثم رماه بغضب 


قامت والدته وقالت وهي تشير يدها باستسلام وقالت :- 

_ خلاص خلاص ،، مش هسألك ..المهم تفضل كدا 


اقتربت من الباب لتخرج والقت عليه نظرة آخيرة بشك ثم خرجت واغلقت الباب خلفها بهدوء 


ملأ القلق على وجه هشام وقال بتوتر :- 

_ يا ترى تامر بيتصل ليه دلوقتي ؟؟ معقول حد يكون عرف حاجة ؟؟!! 


***********************


في فيلا والد ريهام 

جلست في غرفتها شاردة وبيدها الهاتف المحمول ثم فُتح باب الغرفة لتدخل والدتها مبتسمة ..قالت :- 

_ ريرووو ،،لسه صاحية يا قلبي ؟ 

انتبهت ريهام لصوت امها ورسمت بسمة على وجهها وقالت :- 

_ اه يا مامي صاحية ..تعالي اقعدي معايا شوية لو مش جايلك نوم 


جلست الام امامها وقالت بشك :- 

_ أنا عارفة إنك بتفكري عمر ،، لانك تقريبًا مش بتفكري غير فيه 

بس عايزة اقولك حاجة مهمة اوووي 


تعجبت ريهام من كشف افكارها لهذه الدرجة أمام والدتها وقالت :- 

_ حاجة إيه ؟ 


استطردت الام في القول بشكل جدي :- 

_ انا اتكلمت بصراحة مع فريدة عشان عارفة إنك بتحبي عمر من زمان وكنت عايزة تاخدي فرصة معاه لكن مش عايزاكي تقللي من نفسك قدامه 


رمقتها ريهام بقلق وقالت بعبوس:- 

_ اقلل من نفسي !!! ازاي ؟ 


تابعت الام موضحة :- 

_ لو ماحبكيش ماتكمليش معاه ،، اوعي تعملي كدا ،، لو ماخدتيش واحد عايزك وعايز يكمل معاكي يبقى بلاش لأنك هتتعبي اووي 

عمر محترم جداا وشخصية قوية  لكن يا ريهام مابيعجبنيش اهماله ليكي 

ومش عاجبني تأجيله للخطوبة كل شوية ومافيش سبب لده !! 


بررت ريهام وقالت باعتراض :- 

_ لأ انتي فاهمة غلط ،، هو بس بيبقى ورا شغل كتير جدا ومستني وقت يكون فاضي فيه أكتر من كدا 


نهضت الأم وقالت بتصريح واضح :- 

_ يوم ما الراجل بيحب واحدة بيسيب الدنيا عشانها مش بيسيبها عشان دنيته ...فكري قبل ما تاخدي الخطوة دي انتي لسه على البر


ثم خرجت من الغرفة تاركة ريهام في بئر أكبر من الحيرة والخوف من الأتي وقالت بضيق :- 

_ بقى بعد الحب ده كله يا عمر ولسه مش حاسس بيا !! 

مش عارفة اعمل إيه اكتر من كدا .......


*******************


لم تستيقظ لأنها لم تنام من الاساس وكذلك هو 

وكيف يغفى والقلب يوقظه كلما سمع صوتها المتألم ،، 

واتى الصباح بساعاته الأولى بشكل بطيء حتى بدأ صوان العزاء يستقبل القادمين مرة أخرى .... ......


حتى لمح سيارة سيارة والدته تقف من بعيد ترجل منها كلا من والدته وريهام .....هب واقفاً بعصبية واقترب منهم ونظر لريهام بحدة مما جعلها تشك إنها فعلت شيء عصبه منها بهذا الشكل 


قالت فريدة :-

_ وصلني للبيت يا عمر عايزة اعزي بناته 

اجابها بهدوء :- 

اتفضلي يا أمي 

اتجهوا إلى منزل جمال وصعدوا إلى الشقة حتى دخلت فريدة ومعها ريهام إلى المنزل واستقبلتهم زوجة الحاج محمد ووجهتهم إلى ليالي الجالسة بزاوية بعيدة وتائهة في عالم احزانها 


جال بنظره في انحاء المكان حتى وقع نظره عليها وضاقت عيناه لمرآها هكذا ثم ذهب ليعود إلى العزاء بقلب قد اختار أكثر طرق العشق...ألم ....دون أن يدري 


حقاً لم أعرف ...حقاً لا استطيع أن اصف هذا 

ولكن اكره دمعتك يا فتاة تمنى القلب تبنّيها 

واقسم أن يتصدى لألامك ويشفيها 

اتركيني بجانبك وجراحك سأداويها 


*******************

الحلقة السابعة ....ليالي( الوجه الآخر للعاشق) 


اتجهت فريدة ومعها ريهام إلى ليالي ومعم "ام أسماء"  ،، تحدثت ام اسماء  أولًاوقالت :- 

_دي الست فريدة مرات كامل بيه يا ليالي ..صاحب الشركة اللي كان بيشتغل فيها المرحوم ابوكي 


طعنتها كلمة "المرحوم" بسلاح بارد حتى تنفست الحزنت وبالكاد قامت ...ضمتها فريدة وهي تربت على كتفها بلطف وقالت :- 

_ البقاء لله يابنتي ،،الله يرحمه كان راجل طيب 


تأملت ريهام وجه ليالي وحزنت لأجلها فيبدو عليها الكسرة والضياع ثم بعد أن ابتعدت فريدة صافحتها ريهام بعناق سريع وقالت بنبرة هادئة :- 

_ البقاء لله ...عم جمال كان غالي علينا كلنا ..ربنا يرحمه ويغفرله ياارب 


اجابت ليالي بنبرة حزينة :- 

_ياارب 


جلست فريدة وريهام على أحد الارائك الضيقة بالقرب من ليالي ،،

كان  التفاز مثبت على قناة القرآن الكريم والجميع شارد في ملكوته الخاصة .....


تطلعت ريهام إلى ليالي وتذكرت حديث هشام ...هل هذه ما كان يتحدث عنها هشام ....يبدو انها هي !!


....داخل غرفة ليالي وأمل .....

كانت امل ممددة على فراشها بعد أن  شعرت بالارهاق والمرض ..وعينيها تبكي بصمت ..ولسان حالها يسأل سؤال واحد 

هل توفى وهو غضبان عليها  ؟؟ 

شعرت بالألم واحست إنها السبب في كل ما يحدث


بعد عدة ساعات ...يذهب اناس ويجيء غيرهم 

نهضت فريدة ومعها ريهام واستاذنت للانصراف وعندما خرجت من المنزل إلى الشارع أتى لها مسرعا واخبرها ببياته هذه الليلة ايضاً مما ادهش ريهام باستغراب ....

وجلس في "الصوان" حتى انتهى بعد وقت العشاء وذهب النسوة ايضاً من شقة جمال ..... 


استأذن عمر من  الحاج محمد حتى يصعد إلى الاعلى ليخبرهم وصية والدهم ،  تعجب منه الرجل وقال :- 

_ هو سابلك وصية !! 


اجاب عمر بقوة :- 

_ ايوة ..قبل ما يموت بدقيقة وصاني على بناته وانا وعدته إنهم هيبقوا تحت رعايتي 


شعر الرجل  بالحيرة وقال:- 

_ خلاص اتفضل معايا عشان تقولهم ويبقوا عارفين 


اقترب ادهم من المنزل وكل خطوة تربت على قلبه الملهوف واقسم إن لو ما كان والدهم وصاه لكان وصى نفسه عليهم من تلقاء نفسه .... 


وصل أمام الشقة ووقف ...دخل محمد إلى الشقة وهو يتظاهر بالسعال حتى ينبه الفتايات بحضوره ثم قال لزوجته وبناته 

_ روحو انتوا دلوقتي على البيت على ما نخلص كلامنا وابقوا ارجعوا تاني ....


ونفذت زوجته "ام اسماء" الآمر وأخذت بناتها وذهبت ....

أما ليالي فتجلس في تيهاتها منزوية بعيداً وادركت ما سيكون محور الحديث .....


هتف محمد بأسم أمل حتى تأتي وبعد دقيقة كانت تخرج من الغرفة وتحكم رباط حجابها،، نظرت إلى عمر ملياً وجلست بجانب شقيقتها ليالي 

جلس محمد وأشار لعمر أن يأتي ...اتي عمر الذي هام في وجه فتاته الغامضة منذ وصوله 

بدأ الرجل الكبير "محمد"  بالحديث وقال :- 

_ في آمر يا بنات لازم تعرفوه 


نطقت أمل مسرعة وقالت :- 

_ عارفة ..ابويا وصى علينا ...انا سمعته 


التفتت لها ليالي بصدمة وقالت :- 

_الكلام ده بجد يا أمل !! 


اومئت امل بالايجاب وقالت :-

_ايوة بجد


بعد أن استراح عمر من اختصار الحديث باعتراف أمل بمصداقية الوصية تعجب من ليالي الذي ظنت إنه يكذب عندما اخبرها وقال بثبات:- 

_ أنتوا دلوقتي في رقبتي ...ودي امانه هتحاسب عليها 

فكل شيء يخصكوا من دلوقتي يخصني 


زاد منسوب الأمل بداخل "أمل " وتذكرت أمر هشام وكيف أن هذا سيخدمها كثيراً ،، فهي علمت وهي في المشفى أن هذا نجل الراحل كامل الشريف ..إذا هذا عمر شقيق هشام ...

ستوافق على هذه الوصية الذي اتت على طبق من ذهب لتنقذها من العار ....وقالت بموافقة :- 

_ واحنا ما نقدرش نكسر وصية ابويا الله يرحمه 


نهضت ليالي وركضت إلى غرفتها ،،وضعت يدها على فمها حتى لا تصرخ  .فكيف تتقبل بهذه السهولة رجل غريب بتولى شئونها بهذه البساطة !!! 


على قدر قلقه عليها ولكن شعر براحة كبيرة بموافقة شقيقتها واستأذن بالانصراف ..خرج معه محمد وانتقل زوجته وبناته إلى ليالي مرة أخرى ودخل غرفة الضيوف مرة أخرى ....


****************** 


تركت أمل شقيقتها ليالي بعض الوقت حتى تهدأ وبعد أن جائت ام اسماء والفتايات دلفت الغرفة بهدوء ....

اقتربت من ليالي التي تبكي في صمت وقالت :- 

_ هتعملي إيه بالبكا ،، ماتبقيش عبيطة وفكري في مصلحتك 


نظرت ليالي بذهول للتغير الجذري لمستوى فكر أمل وقالت :- 

_ مصلحتي !!  انتي قابلة الوصية دي ازاي !! 

قابلة ازاي إن حد ياخد مكان ابوكي بالسهولة دي وخصوصا إنه غريب عننا !!


تنفست أمل بعمق وقالت صراحة :- 

_ خليكي فاكرة إني مش انا اللي وصيته ..ابوكي اللي وصاه قبل ما يموت بدقيقة وده حصل قدام عيني 


بعدت ليالي وجهها وقالت بصريخ:- 

_ ماتقوليش كلمة مات تاني قدامي ..بتوجعني 


ردت أمل بحزن وقالت  وهي تحني وجهها للاسفل:- 

_ هي دي الحقيقة ،، وعشان كدا لازم تقبلي الوصية وتوافقي بيها 

انتي تعبانة ياليالي ولازمك مصاريف كتير عشان علاجك ،،مش هنقدر عليها لوحدنا ولو اشتغلنا ليل نهار ...


هبت ليالي واقفة وقالت برفض صارخ :- 

_ ده لو آخر انسان في العالم عمري ما هطلب منه إنه يساعدني في علاجي ابداً ..حتى لو هموت 


"بداخلها ترفض أن يعرف حتى لا يتحول هذا الحنان لشفقة وهذا ما سيجعلها تتعذب أكثر "


تعجبت أمل وقالت :- 

_ اشمعنى ده يعني ؟؟!! 


توترت نظرة ليالي وقالت :- 

_ مش عايزة شفقة من حد 


وقفت أمل وقالت بعصبية :- 

_ خليكي فكري بالغباء ده لحد ما تلاقي نفسك بتموتي ومش لاقية حتى تمن الدوا ،، ولا تكوني فاكرة إن المعاش اللي هيطلع لابوكي هيقدر يعيشنا ..اذا كان مرتبه نفسه ماكنش بيعيشنا ومصاريفي اشتغلت عشان اجيبها ...ودلوقتي هقعد من الشغل عشان تعبت ومابقتش قادرة اشتغل زي الأول ...


قالت ليالي باعتراض وهي تأخذ أحد المناشف وتجفف وجهها من الدموع:-

_ هاكل عيش حاف بس مش هخليه يصرف عليا ،،والدكتور قالي إنه هيكلم دكتور زميله عشان العملية ومستنية الرد 


هتفت أمل بغضب وقالت :- 

_ طب لو تعبتي قبل ما يتصل بيكي او يبعتلك ، لو احتجتي علاج ومالقيتهوش ..لو حالتك وصلت للخطر ..هتفضلي تفكري كدا 


بكت ليالي بحرقة وقالت :- 

_ لو عمري قريب يبقى ربنا رحمني من العذاب اللي انا فيه 


نظرت أمل بغضب لها ثم ذهب وخرجت من الغرفة وصفقت الباب وهي تتمتم 

_ غبية !!! 


قالت ليالي بخفوت :- 

_ لا مش غبية يا امل ،، بس ده بالذات مش عايزاه يشفق عليا ..مش هستحمل ....خليني بعيد عنه احسن 😢💔 


*****************

عدى وقت الليل كلآمس حتى ظهر نور الصباح ..

خرج عمر من الغرفة وذهب إلى شركته سريعا حتى ينفذ مع فكر به بفترة الليل .....


بعد ساعة بسيارته وصل إلى مقر الشركة وصعد إلى مكتبه ليلتقي بتامر الذي ظهر على وجهه التوتر وقال :- 

_ صباح الخير يا عمر 


رد عمر بلا اكتراث:- 

_ صباح الخير 


حمحم تامر بنبرة متوترة وقال:- 

_ انا عارف إنك زعلان إني ماعزيتش في عم جمال بس إنت عارف العملاء وطلاباتهم والمكتب هنا شغله كله على دماغي 


دخل عمر مكتبه دون أن يعير لحديثه اهتمام واشار له أن يأتي خلفه :- 

_ عايزك تخلص ورق المعاش لعم جمال بأسرع وقت 

ثم جلس أمام المكتب واخرج دفتر الشيكات وكتب مبلغ شهق له تامر عندما لمحه وقال:- 

_ اوعى تقول إن المبلغ ده مكأفئته !!! ده كان ساعي مش مهندس !! 

رفع عمر رأسه وقال بحدة :- 

_ وانت مالك ؟! هي فلوسك ولا فلوسي 

المبلغ ده من حسابي الخاص 


كتم تامر موجة غيظ هائلة وقال في خاطره 

"ما لولا اللي حصل كان زمان ده كله بقى ملكي " 


تحدث عمر بآمر :- 

_ الشيك ده يتصرف دلوقتي وتجيبلي الفلوس على ما اخلص الشغل اللي هنا عشان ماعنديش وقت ...


أخذه تامر بتأفف وخرج .....


تنهد عمر بعمق وقال بضيق:-

_ انا مش عارف ليه واخده الموقف ده مني !! 


نفذ تامر الآمر واتى بالمبلغ إلى مكتب  عمر ،، في هذا الوقت كان عمر يستعد للذهاب حين دخل تامر 

قال:- 

_ كويس إنك جيت عشان كنت ماشي 

وضع تامر الحقيبة على المكتب وقال:- 

_ المبلغ في الشنطة بالكامل 


أخذ عمر الحقيبة وخرج ...ثم دخل سيارته وذهب متوجهاً إلى منزل جمال ....


*******************


كانت تغفى ثم تستيقظ فزعة ثم تذهب في غفوة مؤرقة مجددًا ،،وذهب لها الارهاق والتعب إلى مدى بعيد 

وجلست أمل بالخارج في صالة المنزل شاردة ،،ثم نهضت ودخلت غرفة والدها واتصلت برقم هشام ..لكن الهاتف مغلق 

زفرت بضيق وقالت:- 

_ يوم لما بحتاجك دايما مش بلاقيك ...اصبر عليا يا هشام 

لحد ما افوق شوية من اللي انا فيه 


سمعت دق خفيف على الباب ..اتجهت لتفتحه لترى سما الصغيرة تقف وتقول :- 

_ في واحدة عايزاكي برا يا أمل 


سألت امل وقالت :- 

_ مين يا سما ؟


مطت الطفلة شفتيها بعدم معرفة ثم ركضت ،،خرجت أمل لتتقابل بوجه سميرة الملفوف بححاب اسود وعندما رأتها أمل ركضت إليها باكية ....

ضمتها سميرة بقوة وقالت مواسية :- 

_ البقاء لله يا حبيبتي ..والله لسه عارفة من ساعة وجتلك جري 


قالت أمل بتفهم :- 

_ انا عارفة انك لو عرفتي على طول كنتي جيتي 


ثم اخذتها أمل لغرفة والدها واغلقت الباب جيداً واطلقت لدموعها العنان حتى اعترفت بمعرفة والدها قبل وفاته مما جعل سميرة تنظر لها بدهشة وقالت :- 

_ ياااربي على الوجع ،،لا حول ولا قوة إلا بالله 


قالت أمل ببكاء:- 

_ انا عارفة إني قهرته ...ربنا يسامحني 

ربتت علي كتفها سميرة ثم قالت بتساؤل:- 

_ طب ودلوقتي هتعملي إيه ؟ 


مسحت امل دموعها بتحدي وقالت :- 

_ هو مات ومات سري معاه ،،همشي في خطتي زي ما انا 

وبعدين في حاجة جت في مصلحتي ....ابويا قبل ما يموت وصى اخو هشام علينا وبقينا تحت وصايته وهو كمان مصمم ينفذ الوصية بشكل غريب 


تعجب سميرة قم قالت :- 

_ فعلا هي حاجة في مصلحتك بس انا قلقانة من اللي اسمه هشام ده ..انتي قولتي إنه زي الشريك المخالف مع اهله وبيعند معاهم 


أمل بحيرة :- 

_ منا عمالة افكر من امبارح اقول لهشام على الوصية ولا لأ 

ومترددة بصراحة 

اجابتها سميرة بتفكير :- 

_ لأ استني دلوقتي ،، سيبي الموضوع شوية كدا ،، خليها تيجي من اخوه احسن ما يعرف منك ويشك فيكي او يفتكرك بتهدديه 


حركت امل راسها بموافقة :- 

_ عندك حق ،، هستني شوية يأما يعرف من اخوه يأما اخلي اخوه ياخدلي حقي منه 


أخذ الحديث فترة طويلة حتى سمعت أمل قرع على باب الغرفة مرة اخرى واقتربت لتفتحه 

قالت ام اسماء :- 

_ عمر بيه مستنيكي انتي واختك مع ابو اسماء برا في الصالة بس انا دخلت لليالي وهي رفضت تخرج 


ربطت أمل ايشارب اسود على شعرها وقالت :- 

_ طب انا جاية اهو 


اغلقت الباب ثم خرجت للصالة وجلست أمامهم 

أشار عمر لحقيبة موضوعة على الطاولة وقال :- 

_ دي مكافأة نهاية الخدمة الخاصة بوالدك وورق المعاش هيخلص باسرع وقت ما تقلقوش 

"التزم الحاج محمد الصمت حتى لا يشعرها بالحرج "


تعجبت أمل وقالت :- 

_ بالسرعة دي !! 


اجابها عمر بهدوء :- 

_ ورق الشركة كلها تحت ايدي واقدر اخلص اللي انا عايزة في ثواني ..


تنهدت أمل بسخرية وقد بدأت تقتنع بشكل مخادع  أن المال هو السلاح الاقوي في هذا الزمان وقالت :- 

_ عندك حق  ....شكرا لحضرتك جدا 


اعترض عمر وقال بلطف :- 

_ مافيش شكر ...مافيش واحدة بتشكر اخوها ...صح؟ 


هزت راسها قليلا بموافقة وقالت :- 

_ صح 


تردد في السؤال ولكن لم يتمالك شوقه 

_ هي انسة ليالي فين ؟ 


اجابت أمل :- 

_ نايمة جوا ..وبعدين هو في حد يقول لاخته انسة ؟؟!!! 


الجمه ردها وضاق به ولكن حاول أن لا يظهر ذلك وراقبت امل تعابير وجهه بحيرة 

ثم قال مجدداً:- 

_ طب انا هستأذن دلوقتي واسمحيلي اجي ازوركم في وجود عم محمد طبعاً 


وافقت امل وقالت :- 

_ تتفضل تشرف في أي وقت 


خرج الرجال وأخذت امل الحقيبة وفتحتها لترى شيك المبلغ اعلي النقود وتفاجئت عندما قرأت الرقم  فهو 300 الف جنيه 

وهذا بالنسبة لعمل والدها في الشركة مبلغ يثير الشك ولكن هو اتى به بنفسه ولم يجبره أحد وهذا حقهم .....

دخلت إلى غرفتها

وحفظت الحقيبة في دولابها وانتظرت استيقاظ ليالي حتى تخبرها ...ثم ذهب سمرة لبيتها 


******************


عند عودته الشركة قال بضيق 

_ لولا إني خايف منها وعارف إنها هتشك كنت زودت المكافأة اكتر من كدا بكتير ...

وعاد الى الشركة واستأنف عمله ........


جلست ريهام بحيرة في مكتبها وهي بين نار اخباره ورد فعله ونار الصمت وعذاب الضمير ......

وتذكرت ليالي وقالت بشفقة :- 

_ البنت شكلها غلبان اووي واكيد هشام عرف يضحك عليها 

حرام عليك يا هشام والله ..عموما انا هستنى شوية لما الموضوع يهدى واكلم عمر أو أواجه هشام نفسه ...وهقف معاها 


************** 

نهضت ليالي بتعب وبحثت عن دوائها لتأخذه ،دلفت امل إلى الغرفة وقالت :- 

_ اخيرا صحيتي !!! عمر جاب مكافاة نهاية الخدمة بتاعت ابوكي والمبلغ كويس اووي 


لم تعير ليالي للحديث اهمية واستمرت في البحث ثم قالت :-

_ ماشوفتيش الدوا بتاعي ؟؟


اجابت أمل بسخرية وقالت :- 

_ خلص ولسه رامياه الصبح 


نظرت ليالي بتيهة حتى تذكرت بالفعل أن اخر قرص أخذته بالآمس ...جذبتها أمل حتى اجلستها على الفراش وقالت بجدية :- 

_ احنا هنقسم الفلوس ...هو المبلغ كبير ٣٠٠ الف جنيه 

انتي النص وانا النص ،، وماتنسيش انك المفروض ليكي عملية 


نظرت لها ليالي بألم وقالت :- 

_ العملية هتتكلف ازيد من المبلغ ده ،، وعشان اعملها مجاني لازم استنى اربع شهور ...مش قدامي الا الخيارين دول 


تهربت أمل بعينيها وقامت وهي تغير مجرى الحديث حيث قالت :- _ طب قومي عشان تاكلي حاجة   وهبعت حد يجيبلك الدوا 


قالت ليالي برفض :- 

_ لا مش جعانة ...اسماء الصبح فطرتني غصب عني 


خرجت أمل من الغرفة ولم تدرك ليالي ان شقيقتها بدأت تخرج من طباعها الطيبة ....وسيظهر وجهاً آخر في القريب 


****************** 

في اليوم التالي 

عدت ساعات النهار الاولى لتاتي ساعات الظهيرة 

اتى مغلف ابيض لمنزل ليالي واستلمته أمل ،،فتحت المغلف لترى مبلغ كبير من المال ومعه رسالة تنص أن هذا المبلغ سيرسل شهريا من أ\ عمر كامل 

تعجبت امل وهي تذهب به لليالي وقالت :- 

_ الناس دي الفلوس عندها اسهل حاجة 


لم تفهم ليالي مقصد شقيقتها وقالت :- 

_ ناس مين ؟


اعطتها امل المغلف لتقرأ ليالي الرسالة وتصاعد غضبها وقالت :-

_ هو فاكرنا إيه ؟ بنشحت !!! احنا مش عايزين منه حاجة 


رفضت امل بداخلها هذا الشيء ولكن لسبب آخر وهو أن هذا سيقلل منها أمام هشام ولولا ذلك لكانت تقبلته بترحاب 

قالت موضحة :- 

_ هو نيته سليمة وشايف إن ده عادي عشان هو واصي علينا وكدا بس بردوا انا كمان مش راضية 


نهضت ليالي وبدلت ملابسها واخذت المغلف بعصبية وخرجت من المنزل متوجه لشركته بغضب 


**************** 


ابتسم وهو يتوقع رد فعلها وهي تستلم المبلغ والرسالة ،،

وهو متأكد إنها سترفض هذا الشيء ولكن هذا سيوصله لشيء آخر خطط له 


وصلت ليالي وهي ترتدي عبائة سوداء وحجاب نفس اللون وكسر اللون الابيض للظرف بيدها هذه الكأبة ..وتوجهت مباشرة إلى الباب الذي صعدت منه عندما التقت به أول مرة وهو باب خلفي للشركة غير الباب الرئيسي الذي لم ترى ما بداخله ابدًا

ادخلها الحاج محمد أمن هذا الباب بعد أن علم بانها اتت لمعرفة شيء يخص أوراق المعاش .....ولم تخبره بحقيقة مجيئها نظرا لأن هذا الشيء سيهنيها بشدة ......


صعدت إلى الطابق الاداري بحركات عصبية حتى وصلت إليه ......


*************************

الحلقة الثامنة ....ليالي (الوجه الآخر للعاشق) 


صعدت إلى الطابق الاداري بحركات عصبية حتى وصلت إليه ......

أول خطوة بداخل المبني بالطابق الإداري جعلتها تتذكر والدها مما جعل الحزن يأخذ آخر مجريات الهدوء  بداخلها ..


وقفت أمام مكتبه وكادت أن تدق على الباب حتى اوقفها صوت تامر بحدة ...

_ انتي يا انسة ..يااانسة 


استدارت ونظرت له بقوة وردت بنبرة لا تقل حدة عن نبرته :- 

_ايوة ..انا داخلة المكتب ده ..في حاجة ؟! 


رفع تامر حاجبه بتعجب ودهشة من جرائتها وهو لا يعرف من هي ،فلأول مرة يراها وانتبه إلى مظهرها الذي يدل على بساطتها ..صاح بعصبية:-

_ هو إيه اللي داخلة !! هي سينما !! إنتي مين وبتعملي إيه هنا ؟! 


لم تعيره أي انتباه وضغطت على مقبض باب المكتب وفتحته لتتلاقى عينيها بأعين ظهرت بها لمعة مرحة بمجرد أن رأها ،،


دلف تامر إلى المكتب بعصبية واحتجاج وهتف:-

_ اطلعي من نفسك  احسن ما اجيب الآمن يجوا ويرموكي براا 

إيه البلاوي اللي بتتحدف علينا دي !!! 


نهض عمر من مقعده ورمق تامر بنظرة غاضبة وهتف به :- 

_ تاااامر ،اوعي تكلمها كدا تاني ..انا بحذرك 


ضيقت عينيها باستغراب ويجب أن تعترف إن دافعه عنها اعجبها كثيراً وطمئنها بطريقة قللت من توترها ولكن زادت سرعة دقات القلب بتوتر من نوع آخر ....


حدق تامر بدهشة لعمر الذي ينظر له بغضب وقال بعدم فهم :- 

_ مين دي يا عمر اللي بتزعقلي عشانها ؟؟! 


زفر عمر بضيق وقال :- 

_ دي بنت عم جمال ..ولو سمحت اقفل الباب وانت خارج 


فهم تامر سبب دفاع عمر وجز على اسنانه بعنف وهو يتوجه للباب ليخرج واغلق الباب بشيء من الحدة 


التفت عمر لليالي وتبدلت ملامحه بالنقيض واصبح ذات ملامح دافئة بشكل يثير الريبة والقلق ..حتى قال بنبرة هادئة لطيفة ومد يده بالسلام :-

_ اهلا وسهلا 


هربت عينيها ونظرت باتجاه آخر ولم تصافحه مما جعل تقطيبة تظهر على وجهه وارجع يديه بجانبه وهو يتنهد بغيظ 

وقال بصوت حاول أن لا يظهر به أي عصبية :-

_ اتفضلي اقعدي يا ليالي 


التفتت له سريعا بحدة وقالت :- 

_ انسة ليالي لو سمحت.. أو أي حاجة قبل اسمي ..ماتنساش إنك غريب بالنسبالي ..وانا ما اسمحش لحد غريب يعاملني عادي كدا !! 


جلس في مقعده وحاول أن يسيطر على الغضب الذي بدأ يتصاعد وأجاب بثبات :- 

_ اوك ..عندك حق ..ممكن تتفضلي تقعدي بقى !


اقتربت من مكتبه ووضعت المغلف بحدة وقالت باستياء :- 

_ احنا مش محتاجين لا انا ولا اختي أي مساعدة منك ،، والمكافأة حاسة إن فيها مزايدة عشان كدا هسأل بنفسي وهعرف ..انا ما اقبلش أي مساعدة ..ابويا سايبلنا اللي مكفينا الحمد لله ،،وكمان انا  هشتغل بأذن الله قريب ومش محتاجة لفلوسك 


للحقيقة عزة نفسها ابرزت جمال روحها واخلاقها بعينيه أكثر ولكن لابد أن تكون أكثر تفهم من ذلك ..وابتسم بمكر لنفسه على ذكر كلمة "الشغل" ..واضاف:-

_ انسة ليالي ..دلوقتي انا واصي عليكوا سوا رفضتي أو قبلتي ..وبخصوص المكافأة ففعلا عندك حق بس ماتنسيش إن والدك لما وقع ...وقع هنا في الشغل يعني اصابة عمل  وده حقه 


بعدت عينيها الذي انساب منها الدمع بمجرد ذكر والدها وارتعش عصب فمها من الحزن ولم تستطع إلا أن تغمض عينيها ووجهها للاسفل 


اغتال حزنها أي غضب شعر به وقام من مقعده وجلس في المقعد المقابل أمامها وقال بنبرة ذاب فيها الحنان :-

_ انا آسف ..عشان خاطري ما تعيطيش 

ولو كان على الفلوس اللي اتبعتت النهاردة فأعتبري إنها ما اتبعتتش من الاساس 


بأي حجة ستتعصب عليه وهو يتحدث هكذا بلعت ريقها ورفعت عينيها على وجه القلق من اجلها وقالت:-

_ لو سمحت احنا مش عايزين أكتر من حقنا وبس 


رد بموافقة ونظر لعينيها الحمراوين ..التقط منديل من علبة على المكتب واعطاه لها ...

_ المكافأة مافيهاش أي زيادة للسبب اللي قولتهولك أما المرتب الشهري فانا آسف ....لكن عندي حل عشان اكون مريح ضميري للآخر ....


ملأ عينيها الحيرة وقالت:-

_ حل إيه ؟ 


تنفس بعمق وتمنى أن توافق بدون معارضة ونقاش لا لزوم له :-

_  بما إنك هتشتغلي ،،فتشتغلي هنا في الشركة 


نظرت له بدهشة وفغرت فاها ثم نطقت بعد دقيقة وهى تجول بنظرها على أرجاء المكتب :- 

_ اشتغل هنا ؟! هشتغل إيه هنا ؟! 


ما تقلقيش هختارلك مكان مريح وشغله مش صعب ،انا ماينفعش اسيبك تروحي تشتغلي في مكان والله اعلم المكان ده هيبقى ازاي ومين اللي فيه وانتي امانة في رقبتي 


نهضت وقالت بعصبية :- 

_ لا مش هشتغل معاك وانا مش تحت وصيتك 


وقف أمامها بغضب وقال بهتاف :-

_ انتي ليه بتعامليني كدا !!  انا زي ما يكون بيني وبينك تار 

معاملتك دي مالهاش أي مبرر وخصوصاً إني ما حاولتش ااذيكي في أي شيء ولا خايفة من حاجة تانية !! 


برغم إنه احس إنه تسرع في حديثه لكن راقب وجهها جيداً حتى يعرف أي شيء 

أو يتلقى منها أي اجابة تريح قلبه قليلاً

اتسعت حدقتيها وهي تنظر له بذهول ،،اضطرب نبضها وهي تشعر إن افكارها واضحة أمامه إلى هذا الحد 

بالفعل تخاف ..تخاف أن تقترب منه ..تخاف من نفسها أمامه ..تخاف من مرضها ..تخاف من كل شيء 

في وقت لا يجب أن تخاف من أي شيء ولابد أن تواجه الحياة بمفردها


اسرعت إلى الباب لتخرج حتى اوقفها صوته بعتاب ونظرة عيناه تضج بمشاعره عاصفة  :- 

_ انتي جبانة 

ركضت إلى الخارج بخطا متسارعة واطلقت لدموعها العنان حتى خرجت من الشركة ولحسن الحظ لم يكن صديق والدها يقف حينها  أمام البوابة.....


راقب خطواتها وهي تركض في الشارع من نافذة مكتبه وطرق جانب النافذة بحدة وغضب وقال :- 

_ ليه بتهربي مني ..ليه!!! 


قذفه قلبه في طريق لابد أن يتخلى فيه عن جميع الطرق الآخرى ....اتصل على هاتف ريهام 

اجابته  من مكتبها وقالت:-

_ أيوة يا عمر ...انا خلصت فحص كل تفاصيل المشروع تحب اجيلك دلوقتي ؟ 


رد عمر وقد نوى على ما اقدم عليه :- 

_ لا مش بتصل عشان الشغل ...تعرفي تجي دلوقتي ؟ 

ابتسمت ريهام وهي تنتفض من مقعدها وقالت بدهشة :-

_ حاضر جيالك دلوقتي حالاً 


وضعت سماعة الهاتف وفحصت وجهها في المرآة وتتسع ابتسامتها سعادة فلأول مرة يطلبها لسبب شخصي،، والأكيد إنه موعد الخطوبة 

ركضت إلى مكتبه حتى وصلت وفتحت المكتب دون أن تطرق ...نظر لها بضيق وقلق من ردة فعلها 


جلست ريهام أمام مكتبه بوجه مبتسم  وقالت :-

_  كنت عايز إيه ؟  


سكت قليلا ثم قال  بدون مقدمات :-

_ كنت عايز اتكلم معاكي بخصوص الخطوبة 

تأملت وجهه العابس وبدأت دقات قلبها تتبدل من الفرحة للخوف 

تابع حديثه :- 

_ انا اديت لنفسي واديتك فرصة عشان نتأكد من مشاعرنا وقررانا لكن ....


استوعبت سريعا ما يحاول أن يقوله ونظرت له بعدم تصديق 

ثم هبت واقفة وقالت بصوت يرتجف :- 

_ خلاص يا عمر ..انا فهمت ..فهمت كل حاجة 


نظر لها بأسف وقال:-

_ انا اسف يا ريهام ..بس لو كملت هبقى بظلمك وانتي ما تستحقيش كدا 


بلعت ريقها بصعوبة ثم بالكاد نطقت :- 

_ عمر ..هو انا ممكن أخد فترة أجازة ..مش هطول ما تقلقش 


حرك رأسه بموافقة وقال:-

_ طبعا تقدري ..رغم إن الشغل مش هيقدر يستغنى عنك بس ده حقك 


استأذن ريهام وخرجت من مكتبه وهي تكتم دموعها حتى وصلت إلى مكتبها وارتطمت على مقعدها منهارة من البكاء


******************************


ركبت ليالي حافلة النقل العام وجلست بمقعد بجانب النافذة 

وتهاطلت دموعها بحزن ....ثم حدثت نفسها بصمت حزين 


ليه يابابا وصيته علينا ،، ليه قربته مني اووي كدا ،، هو فاكر إنه بكرها بسبب معاملتي ليه ...بس مايعرفش إني خايفة ...

لم تستطع حتى التصريح لنفسها بأنها تخاف أن تحبه 

ثم تابعت بصمت ...

يا عالم انا هعيش اد إيه ،، هعمل العملية ولا لأ ،، ومستحيل اقوله على مرضي مش هستحمل إني اصعب عليه ..لأ😢 

وهو مصمم يقرب ...اعمل إيه بس😢 


وصلت الحافلة بموقف السيارات وخرجت ليالي متجهة إلى المنزل ......

بعد دقائق صعدت إلى شقتهم ورأت بثينة شقيقة خطيب أمل السابق وعلى وجهها الضيق ...

دخلت الشقة لترى امل تجلس وعلى وجهها العصبية ففهمت ما حدث ولم تناقش الآمر .....

دخلت غرفتها مباشرةً ودخلت خلفها أمل لتعرف ما حدث 

اخبرتها ليالي بأنها اعطته ماله ،واخبرتها بآمر العمل 


شهقت أمل بذهول ثم هتفت :- 

_ يااااغبية ،،ودي فرصة تترفض !! 

ليالي بحزن وهي تهرب بعينيها :-

_ مش عايزة اشتغل عنده 


هتفت امل بغيظ :-

_ إنتي مش قولتي إنك بتفكري تشتغلي ولا ده كان كلام وبس 


نفت ليالي :-

_ لأ مش كلام ..بجد ،، فلوس المكافاة مش هلمسها يا امل غير لما اتأكد إنها فعلا من حقنا ومش زيادة عشان صعبانين عليه 


زفرت أمل بعصبية وقالت بغضب :-

_ انا ما شوفتش اغبى منك في حياتي ،،فلوس المكافاة لو نقصت جنيه يا ليالي يبقى ماتعرفنيش تاني ،،انا خلاص رتبت حياتي عليها 

قالت ليالي بخجل :-

_ أمل انا خايفة استنى على العملية اربع شهور ساعتها المرض ممكن يبقى خطير اكتر من كدا 


رفع أمل حاجبيها بحقد وقالت:-

_ محدش بيموت قبل عمره 


بلعت ليالي ريقها بتوتر وتابعت:-

_ هكتبلك حقي في الشقة بس سيبيني اعمل العملية قبل ما يجرالي حاجة وحشة او انتكاسة 


هتفت أمل بسخرية وقالت :-

حقك !! في البيت ده !! بصي يا ليالي 

أمل بتاعت زمان انسيها خلاااص انتهت ..عرفت الدنيا صح 

ومش هفكر غير في نفسي وهجيب كل اللي نفسي فيه عشان محدش يحسسني إني اقل منه 

"قصدت بحديثها هشام ولكن بشكل غير مباشر " 


صدمت ليالي من حديثها وسقط الدمع من عينيها بقوة وقالت :- 

_ اتغيرتي أووي ..وبقيتي  قاسية أوووي 

ثم تابعت بقوة :-

_ انا مش عايزة منك حاجة ولو عايزة كل الفلوس خديها 

انا كرهتها ومش قبلاها نهائي ...وهشتغل واصرف على نفسي وهستحمل لحد ما ربنا يكرمني والدكتور يجي مصر ويعملي العملية 


قالت أمل بنبرة غير مكترثة :-

_ برافو ،،انتي كدا بدأتي تفهمي الدنيا صح 

خرجت من الغرفة وتركت ليالي تبكي بحسرة على دنيتها التي تبدلت بين ليلة وضحاها 


*********************


شعرت أمل ببعض الندم مما تفوهت به ولكن تريد أن تواجه هشام وهي قوية وتستعد لأي غدر يقوم به

دخلت غرفتها وسرح بها الفكر للبعيد 


اتصلت ليالي على صديقتها "هبة " واجابتها هبة كعادتها بنبرتها المرحة ولكن توقفت عندما لاحظت بكاء ليالي وصدمت لمعرفة خبر وفاة والدها ...

_ ليالي انا جيالك حالاً 

اجابتها ليالي :-

_ يابنتي والله عارفة ومتأكدة إن الخبر ما وصلكيش إنتي بيتك بعيد عني ..هو انا لو زعلانة منك كنت كلمتك دلوقتي 


اجابت هبة بحزن وتصميم :-

_ انا هجيلك دلوقتي ..يلا اقفلي 


اغلقت ليالي الخط واحست بالامتنان لصديقتها المخلصة دائما 

حتى بعد مرور أكثر من نصف ساعة بقليل ...

اخبرتها سما الصغيرة بمجيء هبة ...لم تستطع هبة الانتظار ودخلت الغرفة مباشرة وارتمت ليالي بين ذراعيها باكية 

استمرت على هذا الوضع لعدة دقائق ....ثم روت لهبة ما حدث مؤخراً وذلك لثقتها العالية فيها 


بانت الصدمة على وجه هبة وقالت في تشتت :-

_ انتي تعبانة كدا يا ليالي 😢

ومش معقول أمل بقت كدا ،، دحنا كلنا كنا بنحسدك عليها وعلى عقلها !! 


قالت ليالي ببكاء :-

_ انا زعلانة عليها مش منها ،أمل ادمرت بسبب اللي عمله فيها خطيبها وصدمتها فيه بعد حب السنين دي كلها ،، مابقتش هي وبقت واحدة تانية 


اعترضت هبة وقالت:-

_ كلنا كنا عارفين اد إيه كانت بتحبه وقصتهم كانت معروفة بس ده مايديهاش الحق في اللي بتعمله ده ،،بس انا شايفة إنك اتسرعتي لما رفضتي الشغل عند عمر 


اجابت ليالي بضيق :-

_ اهو اللي حصل بقى 

انا عايزة اشتغل يا هبة ..أي حاجة المهم اشتغل 


ردت هبة بقلق:-

_ بس إنتي تعبانة والشغل هيتعبك أكتر !! 


نفت ليالي بقوة :- 

_ بالعكس هخرج من اللي  انا فيه ،،وفيه دوا مسكن باخده بيضيعلي أي صداع ومابقاش يغمى عليا زي الأول 


اجابت هبة بتفكير :- 

_ خلاص هشغلك معايا في المصنع ،،يومين تلاتة كدا وهرد عليكي عشان صاحب الشغل مش بيجي غير يومين بس في الاسبوع


***********************


ذهبت ريهام إلى منزلها وهي منهارة وركضت إلى غرفتها مباشرة ،، وذهبت خلفها امها بقلق 

_ مالك يا حبيبتي في إيه ؟ 

روت لها ريهام ما حدث ،تنهدت الأم بضيق وقالت :-

_ كنت حاسة إن ده اللي هيحصل ،، بس تعرفي رغم إنك زعلانة كدا بس هو عمل الصح ....ارتباطكوا ماكنش صح 

ومحدش فيكوا كان هيبقى مرتاح 


زاد بكاء ريهام وقالت معترضة :- 

_ انا بحبه ..عارفة يعني إيه بحبه يا مامي ..مش متخيلة إني هتجوز حد غيره ،، كنت راضية بمعاملته عشان هبقى جانبه 

ازاي بعد ده كله مش هبقى مرتاحة !! 


نظرت لها امها بقوة وقالت :- 

_عشان ما فكرتيش غير في نفسك وبس ،،انا عارفة إن كلامي صعب بس لازم تفوقي ..ماينفعش في الارتباط تفكري في نفسك بس لأ،،لازم تفكري في الشخص اللي معاكي مرتاح ولا لأ ...مش يبقى كل همك إنك مبسوطة وانتي جانبه وهو مش مهم ...اللي مخليني مش قادرة اعتب عليه إن السبب في الخطوبة دي أنا 


صاحت ريهاد بعتاب لأماها وقالت :- 

_ مامي ..انا مش مستحملة كلامك ..اللي فيا مكفيني 


بانت لمعة حزينة في عيون الأم وقالت :-

_ لو تعرفي إني حزينة ليكي أكتر منك هتقدري كلامي 

ثم ربتت على كتفها بحنو وقالت:-

_ مسيرك هتقابلي اللي يقدرك ويعمل المستحيل عشان يسعدك وساعتها هتفهمي كلامي وهتعرفي الفرق 

ثم تركتها وذهبت 

شهقت ريهام مرة اخرى من البكاء وقالت:-

_ مش هقدر انساك يا عمر بسهولة كدا ..مش هقدر 


*************************


اتصل تامر على هاتف هشام ولكن الآخر لم يجيب وكرر الاتصال كثيراً ولكن بلا جدوى ....

ارسل له رسالة نصية تقول أن ....

_بنت عم جمال الساعي كانت هنا يا هشام ،وحاولت أعرف جاية ليه بس ما عرفتش ...خلي بالك 


كان بالخارج عندما لمح بوجود رسالة على هاتفه ..فتحها لتتسع حدقتيه واتصل على أمل في الحال 


اجابت أمل بلهفة وهدد صوتها بالبكاء وقالت:-

_ بقى كدا يا هشام تسيبني كدا 


هدر صوته وقال بعصبية :-

_ روحتي الشركة ليه النهاردة يا امل !؟ 

تفاجئت من عصبيته وقالت :-

_ انت متصل تطمن عليا ولا متصل تزعقلي ،،ولا انت ماعرفتش بموت ابويا لحد دلوقتي !!! 


اضطرب صوته وهو يجيبها وقال:-

_ وانا هعرف منين يعني ؟! 

وبعدين ما رديتيش عليا كنتي في الشركة بتعملي إيه ؟ 


حزنت كثيرا لأنه حتى لم يواسيها في وفاة والدها وقالت بغضب :-

_ ادام بقت كدا يا هشام يبقى مالكش تسألني في أي حاجة 


صاح بغضب وقال:-

_قولتيله على موضوع الحمل صح ؟ 


نهضت من مكانها بصدمة وقالت:-

_ انت عرفت منين إني حامل ؟!! 


نعت نفسه وشعر بالغباء ثم قال بمراوغة :-

_ عرفت بطريقتي ولا انتي فاكرة إني مش عارفة خطواتك 


تصاعد الغضب بداخلها وقالت :- 

_ طب وانت إيه رأيك؟ 

اجابها بسخرية وقهقهة عالية :-

_ رأي إيه يا حبيبتي هي دي فيها رأي ،لازم تنزليه بأسرع وقت 


شعرت بالذعر من تحوله وقالت بغضب :-

 مستحيل ،، وهقف قدامك يا هشام لحد ما أخد حقي منك ادام بقى ورقنا على المكشوف كدا 


مط شفتيه بازدراء وقال:- 

_ هتقفي قدامي !!! وانتي لما روحتي وقولتي لأخويا صدقك !!!!! لو كان صدقك كان زمانه قدامي دلوقتي


تحدثت أمل بغضب وقالت دون أن تشعر :-

_ اخوك بقى واصي علينا انا واختي الصغيرة وغصب عنك هتصلح غلطتك ،، وهقف قدامك يا هشام وهاخد حقي 

وماتفتكرش إني أمل الضعيفة اللي إنت عرفتها 


ثم اغلقت الخط بوجهه وهي تغلي من الغضب 


زفر بحدة واتصل بتامر فوراً واجابه الآخر بهتاف 

_ مليون مرة اتصل عليك وانت ولا معبرني 


صاح هشام بنفاذ صبر وقال:-

_ البت اللي جت النهاردة الشركة ما تعرفش قالت لعمر إيه ؟؟ 


اجاب تامر :-

_ لا مش عارف بس امبارح عمر صرف شيك ب٣٠٠ الف جنيه مكافأة نهاية الخدمة لابوهم ووصلهم بنفسه 


اندهش هشام وقال مراجعا حديثها :-

_ عشان كدا اتجرأت عليا ،، بقى معاها شوية فلوس  مالهمش لازمة  فرحانة بيهم لا وكمان اخويا بقى واصي عليهم !!


صدم تامر وقال :-

_ واصي !!! ده اللي هو ازاي يعني ؟! ومين اللي وصاه ؟ 


قال هشام بتوعد :-

_  وانا ايه اللي هيخليني اسألك لو عارف بس انا هعرف اكسرها تاني ومش هتلحق تفرح بشوية الملاليم اللي معاها اما بخصوص عمر والوصية اللي ظهرت على غفلة دي فهلاقي حل وياويلها لما تبقى في ايدي تاني هعصرها عصر كدا ،، ولو عمر عرف حاجة اكيد هيواجهني بيها 


رد تامر بعدم فهم :-

_ طب ممكن تفهمني إيه اللي حصل من الأول !! 

اضاف هشام بسخرية :-

_ هفهمك بس اعمل اللي في دماغي الأول 

ثم اغلق الخط وهو يتوعد لأمل بالذل 


**************************


عاد عمر إلى منزله وعلى وجهه الضيق  بعد أن  باتت خطته  بالفشل 

وشعر بالحيرة من آمر هذه الفتاة وسبب هذا العناد الذي لا مبرر له ...

لاحظت والدته هذا الضيق وسألته ولكن علل ذلك بالأرهاق وصعد إلى غرفته ....


**************************

بعد مضي ثلاثة أيام اخبرت هبة ليالي بالمجيء إلى العمل في الصباح الباكر ....وستنتظرها عند موقف السيارات للذهاب معها 

تقبلت ليالي الخبر بعد أن قل حماسها للعمل بسبب حالة الحزن التي تمر بها وأيضاً أن عمر لم يتواصل معهم  في خلال هذه الايام رغم تظاهرها له بأنها تريد ذلك 


خرجت إلى الصالة ورأت أمل جالسة بشرود حزين ومخيف 

قالت:-

_ أنا رايحة الشغل بكرا مع هبة صحبتي 

لم تنتبه أمل لحديثها حتى قررت ليالي جملتها ،،

نظرت أمل بنظرة بعيدة ضائعة ثم قالت وكأن الآمر لا يعنيها 

_ روحي 

فحصت ليالي وجه شقيقتها بقلق ثم سألتها:-

_ مالك يا أمل ،،بقالي يومين حاسة إنك مش طبيعية ،مابقتيش تتكلمي خاالص لا معايا ولا مع غيري 


التزمت أمل الصمت ولم تجيب ،حتى تمردها في السابق تبخر 

والآن تعاني من صدمتها للمرة الثانية وبشكل اقوى 

وانتابها حالة من الصمت المخيف .....

اطرفت ليالي وهي تقترب من شقيقتها ثم وضعت يدها على كتفها وقالت:-

_ لو حاسة بالندم من الكلام اللي قولتهولي فأنا مش زعلانة والله وعارفة إنها ساعة شيطان وعدت 


كشرت أمل بيأس ممزوج بالسخرية وقالت شاردة:-

_ ساعة الشيطان ما بتعديش بسهولة كدا لازم تذلنا الأول 


استغربت ليالي وزاد القلق بداخلها أكثر من حالة التبلد والجمود الذي غمر شقيقتها بهذه البشاعة حتى اصبحت ذابلة هكذا 


نهضت أمل ودخلت الغرفة وتظاهرت بالنوم ،، وحاولت ليالي أن ترجع هذا لصدمتها من وفاة والدها .....


تذكرت شيء لابد أن تفعله ...ارتدت حجابها على ملابسها المحتشمة والسوداء وذهبت إلى منزل جارهم "الحاج محمد" 

حتى تخبره بعملها الجديد 

اندهش محمد وقال :-

_ ليه بس يا بنتي ..هو احنا قصرنا في حاجة ! 


نفت ليالي وقالت:-

_ لأ خالص والله ،بس انا محتاجة اخرج عشان نفسيتي ما تتعبش أكتر من كدا وكمان هشتغل مع هبة صحبتي يعني مش حد غريب 


قالت ام اسماء مشجعة :-

_ومالة يابنتي ،اخرجي وشمي هوا كدا ،قعدت البيت وحشة اسأليني انا 


قال زوجها بقلق:-

_ بس يا ام اسماء الناس هتقول ايه ،، بعد كام يوم راحت اشتغلت !! 

اعترضت ام اسماء وقالت:-

_ وهي هتشتغل حاجة وحشة لقدر الله وبعدين ابقى خلي أي واحدة تجيب سيرة ليالي كدا والله هجيلها من شعرها 

الناس عارفاها وعارفة اخلاقها وزي مانا فرحت انها هتطلع عشان نفسيتها كلهم هيقولوا كدا بردوا ماتقلقش 


تابعت ليالي حديثها وقالت:-

_ انا هشتغل مع هبة في المصنع وهاجي المغرب معاها بردوا ولو لقيت أي حاجة هضايقني مش هروحوا تاني 


وافق محمد وقال:-

_ خلاص يابنتي ،ربنا ييسرلك الطرق وانا معاكي وأي حاجة تحتاجيها قوليلي ...


**********************


الحلقة التاسعة ...ليالي(الوجه الآخر للعاشق) 


القلب الذي قرّبني منك ...هو نفس القلب الذي سيبعدني عنك

وتمضي الأيام ....وتضعني في ما لا أهواه 

لأصبح قريبة رغماً عني ...بشكل يخيفني .....ويتمرد قلبي البرئ كي يهرب من اغصانك ...ولم يستطع ...أين انا في متاهتي ؟ 

أين قلبي؟ ........


عادت ليالي إلى منزلها بعد أن أخبرت الحاج محمد على العمل ،دلفت إلى الشقة وهي تفكر في غداً 


"في صباح اليوم التالي "

استيقظت مبكراً واستعدت للذهاب ، ايقظت شقيقتها أمل لتخبرها إنها ستذهب ولكن أمل لم تكترث للآمر وتابعت نومها 

اغلقت ليالي الباب وشعرت بشيء من الانقباض ولكن تابعت سيرها بزيها الآسود الطويل 

بحثت عن "هبة" صديقتها في موقف السيارات ورأتها بعد دقائق ...ما إن رآتها هبة حتى ركضت إليها بعناق وطمئنتها قليلاً ......

دخلوا إلى حافلة ستمر من أمام المصنع "مصنع ملابس" 

وبعد ساعة تقريباً وصلت الحافلة بالقرب من المصنع ....

من الزحام وضوضاء الطريق شعرت ليالي بصداع مؤلم يزور رأسها ...لاحظت هبة ارهاقها وقالت :-

_ اوعي تقولي إنك ما فطرتيش ؟!! 


اطرفت ليالي عينيها بتعب وهي تتجه للباب حتى تخرج وقالت لهبة التي تقف خلفها وتتبع سير النزول البطيء من الحافلة :-

_ ماكنتش جعانة والله ،،وماليش نفس للأكل خالص 


تنهدت هبة بضيق وقالت بحدة :-

_ ننزل بس الأول وبعدين نتكلم 


خرجوا من الحافلة متوجهين لطريق المصنع الذي تظهر بنايته الضخمة من بعيد .....وتلقت ليالي توبيخ من صديقتها حتى تتناول فطورها بعد ذلك قبل العمل حتى لا تشعر بالارهاق ولا يؤثر هذا على صحتها بالسلب ......

وصلوا أمام المصنع ولاحظ أحد أفراد الأمن وهو شاب اسمه 

"ياسر " توبيخ هبة للفتاة التي بجوارها وتفحص وجهها جيداً ولكن يبدوا إنها جديدة بالمصنع ....

قال بتسلية لهبة  وعينيه على ليالي :-

_ براحة يا هبة شوية شكلها مش حملك خالص 


اشاحت ليالي وجهها عنه بضيق وصاحت هبة فيه بغيظ :- 

_ لأ خليك في حالك انت عشان انت اللي مش حملي 


رفع ياسر حاجبيه بمرح وقال:-

_ هي جديدة ولا إيه  اصلي أول مرة اشوفها؟؟ 

جذبت ليالي يد هبة حتى تدخل إلى المصنع وتتركه ولكن هبة كعادتها تعصبت وقالت بهتاف :-

_ أه جديدة ..ولو عاملتها زي اللي جوا هتعرف شغلك 

خليك بعيد عني احسنلك 


ردّ عليها بانفعال وغيظ:-

_ وانتي شيفاني كلمتها !! انا بسألك هي جديدة ولا لأ ،،اومال هدخلها ازاي مش ده شغلي !!! وبعدين براحة يا هبة شوية اعصابك  

القت عليه هبة نظرة محتقرة واخذت ليالي ودخلت إلى المبنى 


عاتبتها ليالي وقالت بلوم:- 

_ هو انا جاية هنا عشان اعمل مشاكل يا هبة !! 

اجابت هبة بتحذير :- 

_ ده بذات ادام سأل يبقى هيركز وده كارثة  لوحده ،، وياريت ماترميش عليه حتى السلام واتقي شر الشبهات يا ليالي ،،انا اديته كلمتين عشان مايفكرش حتى لأن ورحمة ابويا وابوكي لو ضايقك بكلمة لهفرج عليه أمة لا إله إلا الله 


احست ليالي بالقلق واضافت :-

_ يا ساتر يارب  هو مؤذي أووي كدا !! ،وبعدين ما تقلقيش انا اصلا مابحبش الاختلاط مانتي عارفة 


تحدثت هبة وهي تنظر حولها والقت نظرة على العاملين حتى اشارت لليالي على أحد الاركان التي يتوسطها طاولة خشبية كبيرة ويلتف عليها عدد من الفتايات التي يستعدون لبدء العمل وقالت :-

_ماتخافيش من حاجة ..بصي المكان اللي هناك ده هو اللي هتشتغلي فيه وانا وصيت البنات عليكي بس حذري منهم دول شياطين ....


بلعت ليالي ريقها بقلق ثم أخذتها هبة للمكان عندما لاحظت توترها وقالت للفتايات:-

_ صباح الخير يا بنات ..دي ليالي اللي قولتلكم عليها ..خلي بالكوا منها وعلموها براحة دي أول مرة تشتغل 


القوا الفتايات عليها تحية الصباح ثم ضحكت فتاة من بينهم تدعى سمر وقالت 

_ تعالي يا ليالي انا اللي هفهمك الشغل 

ابتسمت هبة لليالي ثم تركتها وذهبت إلى عملها على أحدى ماكينات الخياطة في مكان بعيد عن مكان ليالي 


بدأت سمر الحديث وقالت :-

_ انتي هتشطبي وهقولك تعملي إيه بالضبط 


************************


في مقر الشركة .....

عدى على وصوله حوالي نصف ساعة ولكن لم يجمع تركيزه بعد 

،،لهفته لرؤيتها الآن تحيره وتفتت تركيزه .....

دخل تامر وبيده بعض الاوراق وقال:-

_ دي أوراق محتاجة توقيعك يا عمر 


وضعها أمامه على المكتب وأخذ عمر قلم ووقع عليها سريعاً ،تردد تامر في السؤال ولكن تحدث بمكر 

_ هي البنت بتاعت امبارح كانت عايزة إيه يا عمر ؟؟ 


رمقه عمر بحدة وقال:-

_ ليه ؟؟ 

توتر تامر وقال بمراوغة :-

_ لا بسأل بس ،،افتكرت يعني إن مش عاجبها المكافأة ولا حاجة عشان كدا جت تاني يوم !! 


تنهد عمر وقال بضيق وحيرة :-

_ هي فعلا مش عاجبها المكافأة 

نظر تامر بدهشة وقال:- 

_ دي طماعة أوووي ،هي كانت عايزة أكتر من كدا !!! 


حدق به عمر بغضب وقال محذرا:-

_ لأخر مرة يا تامر بحذر تجيب سيرتها بالطريقة دي ،وانت عارف إني مابديش إلا فرصة واحدة 


حرك تامر رأسه بموافقة ولكن نظرته حاقدة وأخذ الاوراق الموقعة ثم خرج من المكتب .......


رمى عمر القلم من يده بعصبية وزفر بحدة من احساسه بنفورها من جهته ووخزه هذا الاحساس بشيء خانق جعل تقطيبة تظهر على وجهه....التقط هاتفه حتى يتصل بهاتفهم الارضي ولكن وضع الهاتف وقال بضيق :-

_  لأ مش هتصل ،ادام هي عايزة كدا !!


************************


اتصل تامر على هاتف هشام كي يخبره آخر الأخبار 

اجابه هشام بعد أن ايقظه اهتزاز الهاتف 

_ ايوة يا تامر ... ها في جديد 

ردّ تامر وهو يراقب باب مكتبه :-

_ اه في ، البنت جت عشان تطلب فلوس اكتر من اللي اديهالهم عمر ..المكافأة مش عجباها يا سيدي 😏 


تعجب هشام وقال بتفكير :-

_ هي بتطلب فلوس اكتر عشان توقف قدامي بس انا عارف هعمل إيه وهذلها ازاي ،،لو عمر ادالهم فلوس تاني قولي 


اجابها تامر بموافقة :-

_ اكيد طبعاً هقولك ،مع السلامة دلوقتي عشان ورايا شغل كتير 


اغلق هشام الخط وبدأ يفكر بشيئاً ما 


*************************


بعد مرور أكثر من ٤ساعات عمل ظهر الارهاق على ليالي بشكل ملحوظ وسخر منها بعض الفتايات وقالت احداهنً:-

_ اومال لو هتطبقي وردتين هتعملي إيه هههههههههه 

شاركها في الضحك الفتايات الاخريات ونظرت ليالي للقناش بيدها بحرج 

ثم صاحت بهم سمر وقالت :-

_ جرا إيه يابت منك ليها ما تخليكوا في شغلكم احسن 

ولا افكركم أول يوم ليكوا كنت عاملين ازاي !!! 

نظرت لها ليالي بنظرة شكر وبادلتها سمر بابتسامة بسيطة وتابعوا عملهم ......

اتت هبة بعد قليل لتطمئن على ليالي وتأخذها لاستراحة  الغداء .....


ارسلت هبة احد الاشخاص لشرا بعض الاكلات الشعبية نن الخارج وبدأت ليالي تأكل هي وهبة التي سألتها 

_ في حد زعلك من البنات؟

نفت ليالي وهي لا تريد جعل سخرية الفتايات آمراً هام حتى تجعله شيء قابل لضيقها 

وتذكرته أو بالأصح هي لم تنساه منذ أن رأته ولكن تحاول بقدر المستطاع أن تبعد تفكيرها عنه .....

قامت حتى تتوضأ لتصلي الظهر الذي فاتها ولم تستطع صلاته في وقته للاسف ......

وتركت لدموعها حرية السقوط من ألم اليتم وفراق الأحبة الذي يشتعل نار فراقهم يوماً بعد يوم .....


***************************


استيقظت أمل وبحثت عن الدواء الذي اعتطه لها الدكتورة وتناولت فطور سريع ثم تناولت الدواء وقد بدأت تشعر بوهن في جسدها بشكل جعلها لم تستطع الحركة .....

وارتاحت كثيراً من ذهاب ليالي للعمل ...إذاً لن تلاحظ هذا التعب وتبدأ في الحاحها في الكشف الطبي كعادتها الدائمة...


*وبعد مرور فترة كبيرة من نهار هذا اليوم *


سمعت قرع على الباب ،ذهب بخطوات بطيئة لتفتحه ووجهها يظهر عليه الشحوب ....

فتحت الباب لترى اسماء جارتها وبيدها  صينية عليها بعض أطباق طعام مغطاة ...وقالت بابتسامة :-

_ مارضيتش اتغدى لوحدي قولت اجي اكل معاكوا 😊 

هي ليالي جت؟ 

اجابت سمر بتأفف من حشرية هذه العائلة وقالت بنفي:-

_ لا لسه ،بس هي قالت هتيجي المغرب وفاضل ساعة على المغرب 


اضافت اسماء بلطف وهي تنظر حولها ولاحظت بعض الفوضى بترتيب المنزل وقالت:-

_ خلاص على ما تيجي هقوم اتسلي كدا واروق الشقة انا عارفة إنها متروقة بس انا بحب احط التاتش بتاعي 😁 


قامت ولم تبالي باعتراض أمل حيث قالت:-

_ انا اختكم وده بيتي اعترضوا بقى 😂 


دخلت أمل غرفتها وهي تزفر من الغيظ وتركت أسماء تهم بتنظيف المنزل .....

انتهت اسماء من التنظيف وكادت أن تجلس لتستريح حتى باغتها قرع على الباب ....قامت لتفتحه وهي تتوقع قدوم ليالي من العمل .....


دخلت ليالي بوجه يضج ارهاق ونظرت لأسماء ببسمة بسيطة وقالت :-

_ ازيك يا اسماء عاملة إيه 

ابتسمت اسماء واجابتها :- 

_ الحمد لله يا لولا 😊 

ابتسمت ليالي وتذكرت أن هذا الاسم كانت لا تكف شقيقتها أمل عن ترداده في الماضي 

وقالت :-

_ يستاهل الحمد 

ثم جلست على الاريكة بارهاق وضغطت على رأسها بقوة من شدة الصداع ....لاحظت اسماء ذلك بقلق وقالت 

_ لو الشغل هيتعبك يا ليالي بلاش 

نفت ليالي سريعا وقالت:-

_ لا بس انتي عارفة أول يوم شغل وكدا 

جلست اسماء وقالت بمزاح:-

_ هتتعودي ما تقلقيش كلنا كدا ،، المهم دلوقتي انا جعانة وجيت اكل معاكم ومحضره حتت اكلة 😋 


تعجبت ليالي ثم اردفت:-

_ بتتعبي نفسك ليه بس 

نهضت اسماء حتى تأتي بصينية الطعام وقالت بمرح:-

_ ولا تعب ولا حاجة ...انا بحب اتعب أووي في الأكل 😂 


اتت سريعاً ووضعت الصينية على الطاولة ،،قالت ليالي معترضة :-

_ طب استني هغير هدومي الأول واشوف أمل 

دلفت ليالي إلى غرفتها والقت نظرة على أمل الممدة في الفراش ونظرة عينيها ضائعة في الفراغ ثم قالت :-

_ انا جيت يا أمل ...اكلتي ؟؟ 


اجابتها أمل بضيق :-

_ ماليش نفس 

بدّلت ليالي ملابسها ثم خرجت دون أن تصر عليها حتى لا تنفعل أمل لشيء بسيط كهذا ....

اغتسلت سريعا ثم خرجت وجلست بجانب اسماء الذي تنتظرها ..........


**************************


مر اليوم لياتي اليوم التالي بنفس الروتين ويزداد الارهاق وضوح على ليالي 

وتزداد لهفة عمر اكثر لرؤيتها 


في نهاية اليوم الثاني اعتذرت هبة من ليالي بسبب إنها ستأخذ طيلة هذا الاسبوع أكثر من وردية في العمل ...مما ازعج ليالي إنها ستعود بمفردها في الليل .....


*************************

ترقب هشام معاملة عمر معه الذي لم تتبدل واطمئن أن عمر لم تخبره أمل بشيء إلى الآن لذلك لابد أن يجد طريقة بأسرع وقت كي يخضعها مرة أخرى لارادته 

ذهب به الفكر لعدة دقائق حتى لاحظ "وليد " الجالس بجانبه في أحد الملاهي اليلية وقال:-

_ اللي واخد عقلك يا اتش 

نظر له هشام بتفكير وقال:-

_ بقولك إيه يا وليد ،لو في حد كان تحت امرك في كل حاجة وفجأة لقى حاجة خليته يتمرد عليك ...هتعمل إيه؟ 


ردّ وليد بعنف وصاح:-

_ أخد منه الحاجة دي وارميها في البحر عشان ارجعه مذلول تاني ....

ضحك هشام عاليا وقال بموافقة :-

_ الله عليك يا صاحبي نفس اللي بفكر فيه ...بقولك إيه عايز منك خدمة 

اجاب وليد وهو يشرب آخر قطرة في كوب شرابه ثم قال:-

_ عنينا ليك ،، ده كفاية اللي عملته معانا بعد ما حصل سوء تفاهم بسبب البلاغ .....

ضحك هشام مرة أخرى وبدأ في الشرح .......


***********************

  

 كل يوم تعود ليالي من العمل تقرر إنها لن تذهب إلى هذا العمل المرهق بشكل لا يطاق ولكن في الصباح تذهب وهي لا ترى أي مخرج مما تمر به إلا العمل ......


حتى عدى ثلاثة أيام أخرى بنفس نمط سير الأيام الفائته ولم يتغير شيء غير كمية العمل المتزايدة يوم بعد يوم 


خرجت كعادتها من المنزل ولم تلاحظ الذي يراقب المنزل منذ يومان ........ 

شخص مجهول ..مرسل من أحد الاشخاص


**************************


بعد فترة الظهيرة  بكثير...في مقر الشركة 


بعد أن شعر بضجيج لهفته قرر عمر أن يرسل للحاج محمد كي يسأله عليها ويطفئ هذه النيران ولو قليلاً 

صعد محمد إلى مكتب عمر وجلس أمام مكتبه آمره عمر بذلك وقال وهو يحاول أن يخفي لهفته:-

_ بنات عم جمال عاملين إيه ؟؟ 

أجاب الحاج محمد وقال :-

_ كويسين أووي الحمد لله وبطمن عليهم كل يوم وببعت بنتي تطمن على ليالي 

نظر عمر بقلق وهتف:-

_ ليه مالها ليالي ؟؟ 

تابع الرجل بهدوء :- 

_ لا هي كويسة أوووي بس اشتغلت من كام يوم وبترجع المغرب فلازم اطمن عليها 

نهض عمر من مقعده بغضب وقال:-

_ هي اشتغلت !!! واشتغلت فين إن شاء الله ؟؟ 

اجابهعم محمد. باستغراب وقال:- 

_ اشتغلت في مصنع مع واحدة صحبتها ووو

هتف عمر بغضب مرة أخرى وقال:-

_ انا عرضت عليها تشتغل هنا ورفضت ، يعني المصنع اللي أمان وهنا مش هتبقى في أمان ،،انت دلوقتي يا عم محمد عارف إن كان حد بيضايقها ولا لأ والمصانع كلها شباب 


شعر الرجل بالاحراج وقال :-

_ والله يابني انا ما أعرف إنك عرضت عليها تشتغل هنا واكيد هنا احسن بكتير على الأقل هتبقى قصاد عنينا لكن ماردتش ازعلها خصوصا إنها اصرت تشتغل 


تناول عمر مفاتيح سيارته وقال بانفعال وعصبية 

_ انت عارف مكان المصنع ده فين ؟ 

اجابها الآخر بالايجاب :-

 _ ايوة أعرف بس ....


اعترض عمر وهو يخرج من المكتب وقال :-

_ تعالى معايا دلوقتي حالاً ......


***********************


تبقى على ميعاد الذهاب أكثر من ساعة ولكن لم تستطع مواصلة العمل بسبب التعب الذي شعرت به وشعورها القوي بالدوران ......

استأذنت ليالي من أحد مشرفين العمال ووافق على ذهابها ولكن بعد ان تمضي نصف ساعة أخرى نظراً لازدحام الطلبيات 

مرت النصف ساعة ببطء شديد وكل دقيقة تمر تزداد الغشاوة أمام عينيها بشكل عنيف .....حتى انتهت اخيراً وذهبت لتبدل ملابسها حتى تنصرف ......


خرجت من المصنع ليقابلها اعتراض ذلك الشاب الأحمق "ياسر" 

على بوابة المصنع وقال بخبث بعد أن اوقفها أمام البوابة من الخارج :-

_ انا ما جاليش أمر إني اطلع حد قبل الميعاد 


زفرت ليالي بضيق وتعب ثم قالت بعد أن استدارت للخلف بعصبية لتواجهه :-

_ انا استأذنت من مروة ،،ادخل اسألها لو مش مصدقني 

ابتسم ياسر ثم قال :-

_ مانتي لو تديني رقم تليفونك هبقى حلو معاكي لكن طول مانتي منشفة دماغك كدا هتبقى دي معاملتي وهتزعلي مني 

وبصراحة انتي عجباني ودخلتي دماغي أووووي


""بالآمس اعترض طريقها وطلب رقم هاتفها مستغلا عدم وجود هبة معها  ولكن صاحت به غاضبة ومعترضة وهددته بأفشاء الآمر أمام الجميع إذ لم يبتعد عنها""


نظرت له بعصبية وكادت أن تتحدث حتى انتبهت لنظرات ياسر لشيء خلفها .....

التفتت للخلف لتحملق بذهول لوجه عمر الغاضب وهو ينظر لياسر بعنف وشراسة .....ابعدها بقوة حتى كادت أن تسقط ولكن اسندها عم محمد بنظرة لوم 

والكم عمر ياسر على وجهه بقوة ولكمه في معدته بشكل جعل ياسر يصرخ من الألم .....

ثم التفت لها بنظرة جعلتها ترتجف وذهب إلى سيارته 

أخذ عم محمد ليالي إلى السيارة وقال بعتاب 

_ مش انتي قولتيلي لو حد ضايقك هتقوليلي يابنتي


احمرت وجنتيها من الخجل ولمعت عينيها بالدموع ،

دخل عمر سيارته مرة أخرى وجلس أمام المقعد وهو ينظر أمامه بغضب منها ومن نفسه .....

دخلت ليالي السيارة وجلست بجانب عم محمد وأخذ يلومها حتى قال :-

_ لما عمر بيه قالك على الشغل ما وافقتيش ليه طالما عايزة تشتغلي !!! 


اجابته ليالي بحدة :-

_ مش عايزة مساعدة من حد 

كان عمر يضغط على المقود بعنف وقوة من حديثها وهو يسير بالسيارة باتجاه المنزل 

حتى تابع محمد حديثه :-

_ يابنتي بلاش العند ده ماهو كله شغل ..إيه الفرق !! على الأقل إنتي في الشركة في أمان وقدامنا 


تذمرت ليالي وحقا لم تعي ما قالته بسبب شدة الصداع حيث قالت ....

_ ومين اللي قالك إني هبقى في أمان 

فرمل عمر السيارة بقوة جعلتها ترتطم على ظهر المقعد المواجه لها وقال بغضب وعصبية 

_ قصدك إيه يعني ؟؟ ولا انتي عايزة تمشي بمزاجك وبس

انتظر اجابتها ولكنها لم تجيب ..حتى اعتقد إنها تريد استفزازه أكثر ،التفت للخلف بوجه غاضب والقى عليها نظرة نارية ولكن انتبه لسكونها بشكل مريب وهي  ترمي رأسها على المقعد ووجهها مخفي 

نظر عم محمد بقلق لها وحرك يدها حتى سقط رأس ليالي على كتفه وهي فاقدة الوعي 

اتسعت عين عمر بخوف ورعب وهو يراها هكذا وخرج من سيارته سريعا واتجه للمقعد الخلفي وقد تبدلت ملامحه للخوف الشديد ..........


*********************** 


صداع من كتر المحن 👳

وبعدين بقى يا عمر  دنا ما صدقت إنك زعلت منها يا اخي 😭😭😭😭😭😭😭😭 

الحلقة العاشرة ...ليالي(الوجه الآخر للعاشق) 


قلبي !! يا قلبي ....ما بك ؟! 

رجفتك  هذه حديثة العهد عليك ... لهفتك تتحدى الجنون 

تفتت حصون قوتك ....تسدل الجمود على وجهك 

لتترك أثر العشق فقط ....انت !! هل انت ...عشقتها ؟


اتسعت عين عمر بخوف ورعب وهو يراها هكذا وخرج من سيارته سريعا واتجه للمقعد الخلفي وقد تبدّلت ملامحه للخوف الشديد ..........


فتح الباب بجانبها وقد هاجم الخوف عينيه وقال بصوت يسخر منه قوته :-

_ لياالي ..ليااااالي 

نظر لوجهها مليًا وحاول افاقتها ولكن تتيه بين اعاصير الغفوة الضائعة .....

رجع لمقعده سريعًا وذهب إلى اقرب مشفى ثم ترجل من السيارة وهو يحملها على ذراعيه إلى الداخل ....

حتى أخذها الممرضات على عربة المرضى المسطحة إلى داخل أحد الغرف ، دخل أحد الأطباء حتى يفحصها وآمر بإخلاء الغرفة إلا من الممرضة فقط ....


عند خروجه لم يستطع أن يبعد نظره عنها إلا بصعوبة وعندما استدار ليخرج ..توقف فجأة عندما سمع تمتمتها باسمه ...

عاد سريعا بجانبها ونظر إليها بنظرة متأسفة وقد راقب يقظتها بدون حتى تدخل الطبيب ...

بدأ تعكر الغشاوة يبتعد مع كل دقيقة تمر حتى فتحت عينيها وقال الطبيب بابتسامة ......

_ حمد الله على سلامتك ، انتي فوقتي لوحدك من غير مساعدتي 

لكن هي كانت نظرتها تقع على وجهه في نظرة طويلة مسترسلة مع نظرته في رباط عميق مع مشاعر جديدة لهما هما الاثنين وكلا منهم يحاول ترجمتها بلغة قلبه ....

لكن يبدو أن قلوبهم تحي نفس العلم وتعشق العروبة ....


اشاخت وجهها لجهة أخرى مما جعل شبح الابتسامة التي ظهرت عندما فاقت تمحى واعتدل في وقفته ثم قال للطبيب 

_ هي اغمي عليها قبل كدا ،فانا عايزك  تكشف عليها عشان اطمن 

كاد الطبيب أن يقترب ولكن اوقفه اعتراضها بحدة وعينيها متسعة بقلق ....

_ لا انا بقيت كويسة ،كويسة أووي 

نظر عمر باستغراب ثم قال:-

_ ليه ،ماتخافيش ،مافيش حاجة تخوف اصلا !! 

انتفضت ليالي من سريرها وتظاهرت بالقوة وإنها في اتم صحة رغم وهن ركبتيها ولكن بداخلها تخاف أن يلمح الطبيب إلى أي شيء يشير لمرضها بعد الكشف وبالتالي سيصمم عمر المتابعة وسيعرف مرضها في النهاية بشكل مؤكد ....

قالت بقوة:-

_ لا انا كويسة اووي والله العظيم مالوش أي لزوم الكشف 

ولم تترك لاحد فرصة الشرح أو الاعتراض ..خرجت من الغرفة 


تنهد عمر بضيق مع التعجب ثم خرج ومعه الحاج محمد الذي لم يستطع الحديث من صدمته عند اغمائها 


خرجت ليالي إلى السيارة ووقفت بجانبها تنتظر خروجهم وقالت وهي تتنفس الصعداء :-

_ الحمد لله ، قدرت اهرب من الكشف ، كان ممكن الدكتور يقول حاجة أو يطلب اشعة وساعتها ما كنتش هخلص 


خرج عمر من المشفي سريعا ومعه محمد وتوجه إلى السيارة وعلى وجهها الغيظ ، وبمجرد أن رأته دخلت السيارة وحقاً خافت من نظرته  مما جعل ظل ابتسامة تظهر على محياه من طفوليتها 

دخلوا الرجال السيارة ونظر لها بقوة عبر المرآة الامامية للسيارة حتى وجهت عينيها لجهة أخرى واتسعت هو ابتسامته 

وقال بخفوت :-

_ عنيدة  

في خلال السير كان يلقي عليها بعض النظرات من خلال مرآة السيارة وهي تهرب بعينيها مما جعل ابتسامته لا تفارق وجهه الذي بدأ يخونه وينقش ملامح العشق على تعابيره


وصلت السيارة عند المنزل ...

خرجت ليالي منها وخرج الرجال أيضًا ثم ركضت إلى الداخل ونظرته تراقبها في صمت واعجاب واضح 


صمم الحاج محمد  أن يذهب عمر معه إلى منزله ووافق عمر بلطف ......


***********************


في شقة ليالي .....

بدّلت ملابسها وشعرت بالضيق عندما ظنت إنه غادر بهذه السرعة بمجرد أن وصلها إلى المنزل ..قالت بتذمر:-

_ مصدق مشي 😏 

لاحظت درجة حرارة المنزل العالية بسبب عدم فتح النوافذ وشقيقتها لم تستيقظ من المنوم إلا على الطعام فقط 


اقتربت من نافذة غرفتها وفتحتها لتلتقي بعينيه التي بان لها بسمة ماكرة وهو يجلس في منزل الحاج محمد في" الصالة" 

كان حجابها غير محكم وضعت يدها تلقائيًا على رأسها حتى تغطي كامل شعرها واحمرت وجنتيها من الحرج وبهجة حاولت أن تخفيها .....


اتت سما الصغيرة بعد قليل تنبأها بضرورة مجيئها لآمر ضروري ...اجابت ليالي بابتسامة :-

_ ماشي يا سما جاية وراكي 

خرجت الصغيرة تركض بمرح .....

شعرت أمل بهبوب الرياح من النافذة مما ازعجها وقالت بكسل من تحت دثارها .....

_ اقفلي الشباك ده 

تأففت ليالي وقالت بتعجب:-

_ البيت مقفول طول النهار سبيه يتهوى شوية !!!

نهضت أمل بعصبية إلى النافذة واستوقفها رؤية عمر من نافذة المنزل المواجه ..اشاح عمر نظره عنها تمامًا بمجرد أن رآها والتفت لاتجاه آخر وهو يحدث عم محمد 


استدارت أمل بخبث بعد أن اغلقت النافذة واردفت:-

_ إيه ده هو عمر هنا !! عشان كدا عايزة تفتحي الشباك !

تفاجئت ليالي من حديثها الصريح وبهذه السخرية التي تحاوط نبرتها واجابت بنفي:-

_ انا ماكنتش أعرف إنه عند عم محمد في البيت بلاش سوء الظن ده 

كانت ستخبر شقيقتها بما حدث ولك إن اخبرتها ستسخر منها أكثر وتنتبه لهذا الآمر ....


قالت وهي تتجه للخارج :-

_ عم محمد بعتلي وعايز يتكلم معايا ،انا هروح اشوفه عايز إيه 

ذهبت أمل إلى فراشها من جديد ولم تعير لحديث ليالي أي اهتمام .....


خرجت ليالي إلى منزل جارها وقبل أن تدلف إلى الشقة تنفست بعمق من شدة التوتر .....

جذبتها سما من يدها وهي تصيح بمرح 

_ لولا جت لولا جت 🙌 

ابتسم عمر وهو يردد بهمس :-

_ لو..لا 

رسمت على وجهها الجمود وجلست قبالته وقالت بثبات:-

_ ايوة يا عم محمد كنت عايزني في حاجة ؟


تحدث الرجل موضحًا بهدوء آمر العمل وقال:-

_ انا ما اعترضتش لما قولتيلي هشتغل لكن يابنتي انتي مش هتروحي الشغل ده تاني بتاع المصنع 

نظرت له بقوة وحاولت ان تعترض حتى تابع الرجل حديثه مرة أخرى ...

_ هتشتغلي في الشركة وهتبقي قدامنا كلنا ومعانا ومطمنين عليكي غير كدا مش هتشتغلي ..ماتزعليش مني بس انتي واختك امانة في رقبتي ورقابة عمر بيه اللي ابوكي وصاه عليكوا .....


تنهدت ليالي بحزن لذكر والدها ولم تستطع أن تتحدث ووجهها للاسفل حتى باغتها عمر بنبرة هادئة :-

_ عايزة تتطمني ، وماتقلقيش من أي حاجة يا انسة ليالي 

وربنا عالم إني هخاف عليكي أكتر من نفسي 

رفع عينيها إليه ونظرت له واعقب حديثه نظرة عين بها لمعة اكدت شكها باتجاه هذا الحديث 


ظاهريًا هذا واجبه ،أما قلبها له حساباتً أخرى ...

وهنا القلب هو الذي يعد وليس الواجب ... 


بلعت ريقها برجفة انتابتها من نظرته وهربت بعينيها مرة أخرى وقالت بحرج :-

_ بس شهاداتي ماتنفعش خالص لشغلي في الشركة 


حرك عمر رأسه بتفهم واستطرد بلطف:-

_ انا فاهم قصدك بس ما تخافيش ،هتخدي فترة تدريب زي أي حد بيشتغل جديد وهتفهمي الشغل بسرعة بأذن الله 


هتفت أم اسماء تنادي على زوجها حتى يغير أنبوب الغاز الفارغة كي تجهز الغداء ...نهض محمد إلى المطبخ وترك عمر وليالي في الصالة الذي تواجه المطبخ بفارق ستارة معلقة على الجوانب .....


تابع عمر مستغل ذلك الانفراد وقال بنبرة دافئة :-

_متخافيش ...متخافيش وانتي معايا 

توترت أكثر واسرعت دقات قلبها بشدة وهو لاحظ ذلك بمرح وقال كي يقلل من توترها :-

_ تاني مرة اشوفك مغمى عليكي 


اذ اعتقد إن هذا الحديث سيقلل من توترها فهو حتمًا مخطئ بل على العكس زاد أكثر .....ونطقت بالكاد :-

_ أصل ...أصل انا لما بزعل بيحصلي كدا 

ابتسم بحنان ثم اردف:-

_ مش هحاول حتى ازعلك ...هتشوفي بنفسك  

نهضت من مقعدها وانتفضت فاي كلمة تخرج منه تجعلها تتوتر ثم قالت بتلعثم:-

_ انا ماشية . بعد اذنك 

اتى عم محمد وقال باعتراض :-

_ لا هتتغدي معانا يأما هزعل منك 

حاولت ليالي ان تعترض :-

_ بس 

قاطعها الرجل بقوة :-

_ مافيش بس ،ادخلي ساعدي ام اسماء وجهزوا الغداء 

تابع عمر توترها بابتسامة وقال في خاطره :- 

_ دي لو قولتلها كلمة حلوة هيغمى عليها 😂 


*************************


في مقر الشركة .....

صعدت هايدي إلى الدور الاداري وتوجهت لمكتب تامر "خطيبها" ....دقت على الباب ثم دلفت ..

نظر لها تامر ببسمة وقال متعجباً:-

_ إيه ده القمر بنفسه في مكتبي !! 

ضحكت هايدي ثم قالت :-

اه هههههه ،بقولك إيه  هي ريهام ماجتش ليه النهاردة في حاجة ولا إيه ؟ 

مط شفتيه وقال بتفكير:- 

_ اللي عرفته إنها اخدت اجازة بس مش عارف ليه ،وبعدين دي صحبتك المفروض انا اللي اسألك !!! 


جلست هايدي امام مكتبه وتابعت بدهشة:-

_ هي ماقلتليش حتى على الاجازة ..اكيد في حاجة حصلت 

هي عادةً مش بتغيب عشان كدا استغربت 

هي زعلانة مع عمر ؟ 

حرك تامر كتفيه بعدم معرفة وقال:-

_ صدقيني مش عارف ،بس عموما كل شيء هيظهر 

نهضت هايدي وقالت وهي تهم بالمغادرة 

_ طب خلاص همشي انا بقى واروح لشغلي احسن عمر بجي على غفلة ويلاقيني هنا 

نظر لها تامر بتفاجئ وقال:-

_ يجي !! ليه هو مش هنا ؟!! 

ضحكت هايدي عاليًا وقالت بسخرية:-

_ ومفهمني إنك مسيطر ومافيش منك هههههه ،ايوة عمر طلع مع عم محمد من شوية وشكله كان متعصب 

وضع تامر يده على ذقنه بتفكير وقال :-

_ في حاجات بقت بتحصل وانا مش عارفها بس لازم اعرفها 


اشارت له هايدي بضحكة وهي تغلق باب المكتب 

_ سلام يا سيطرة  

ارجع تامر ظهره للخلف وقال بنظرة ضيقة :-

_ عمر ...وعم محمد الأمن!!!!!  يبقى هشام لازم يعرف 


**********************


التفوا على مائدة الطعام البسيطة واشتعل وجهها احمراراً من الخجل حتى هتفت ام أسماء وقالت :-

_ كلي يا حبيبتي هو انتي عايزة عزومة 

وقال زوجها لعمر بلطف :-

_ هي اكلة بسيطة يا عمر بيه على ادنا بقى ..يارب تعجبك 

بدا عمر بتناول الطعام ثم قال بمكر والقى نظرة على ليالي التي تتحاشى النظر له 

_ جميلة أووي يا عم محمد ..وعجبتني جداااا 

كادن أن تقف قطعة الخبز في حنجرتها وسعلت حتى ناولتها أم اسماء كوب ماء بجانبها وقالت :- 

_ اشربي يا ليالي اكيد حد بيجيب في سيرتك 

(.😂😂😂😂😂اخدين بالكوا هههههه😂😂) 


شربت ليالي كوب الماء ونظرة بنظرة جانبية لعمر الذي كتم ضحكته بالكاد ..........


وبعد أن وضعت كوب الماء الذي شربت نصفه... قالت بحدة :-

_ يارب اللي يجيب سيرتي بطنه توجعه 😡 


سعل لدقيقة  ونظر لها بغيظ ولم ينتبه إنه يأخذ كوب الماء الذي شربت منه وشرب الماء ...صاحت سما الصغيرة بعفوية 

هتجري وراهااااااا ههههههههههه😂 

شاركها عمر المرح وقال بخفوت 

ربنا يستر 😄


😕😕😕😕😕😕😕😕😕😕😕😕


اتصل تامر بهشام واخبره مما جعل هشام في حالة عصبية شديدة وقال:-

_ يبقى عي اللي جنت على نفسها 

تساءل تامر بشك:-

_ انت ناوي على إيه ؟ 

اجاب هشام بمكر متوعد بالشر:-

_ هكسرها تاني ،هخلي الحاجة اللي فرحانة بيها تضيع 

انا حذرتها وهي ما سمعتش كلامي 

قال تامر بشيء من الاعتراض :-

_ اهدى يا هشام وماتتهورش ما يمكن في حاجة تانية حصلت 

احتج هشام وهتف:-

_ حاجة إيه ،ماهي باينة زي الشمس ،وحتى لو في حاجة تانية اللي حصلت هعمل اللي في دماغي بردوا 


***********************


بعد الغداء جلسوا مرة أخرى في صالة المنزل وقال عمر بجدية :-

_ بكرا بأذن الله تجيبيلي ورقك عشان التقديم 

نهضت ليالي وقالت وهي تستفزه :-

_ بدل ما اجي هبعتهم مع عم محمد وهو هيجيبهملك بكرا 

واستأذنت الانصراف وحاولت أن لا تبتسم من وجهه الذي ظهر عليه الغيظ الشديد ......

بعد اذنكوا .....

وذهبت مسرعة إلى منزلها وهي تلهث ودقات قلبها متسارعة 

وابتسمت مرة أخرى عندما تذكرت إنها استفزته في الآخير 


***********************

 عاد إلى القصر بمشاعر متضاربة ما بين الغيظ والارتياح والفرحة من وجودها القادم في الشركة 

غلبته سعادته حتى دخل القصر بوجه مبتسم وجلس على ارجوحة المسبح شارد ......

اتت والدتها بوجه ضائق ولكن تغير ضيقها للتعجب من رؤيته هكذا وقالت :-

_ لو كنت اعرف إن فركشة الخطوبة هتخليك فرحان كدا كنت خليتك تفكرشها من زمان !!! 

أجابها بنفس الشرود :-

_ انا فعلا مبسوط يا امي ..مبسوط أووي 

ابتسمت تلقائيًا وقالت :-

_ ربنا يسعدك أكتر بس مع بنت الحلال اللي تريح قلبك 

التفت لها سريعًا ونهض وهو يضمها بشدة وقال:-

_ احلى دعوة جت في وقتها بالضبط 

ثم تركها وذهب إلى غرفتها .........


راقب هشام من الأعلى هذا المشهد من الشرفة وقال بتعجب :-

_هو في إيه بالضبط ..شكله مبسوط يعني !!!! 


***************************


في اليوم التالي 

اتي عم محمد بأوراق ليالي وسلمهم إلى عمر ثم ذهب لعمله 

شاهد عمر شهادتها ذات المراحل التعليمية المتوسطة ولكن ما استوقفها صورتها على أحد  الأوراق ....

ابتسم باشتياق وقال بتأكيد :-

_ المرة دي مش هسيلك تهربي تاني ..انتي دخلتي القفص خلاص ..........

اتي تامر ببعض الاوراق كعادته إلى مكتب عمر ،حيث اعطاه عمر أوراق ليالي في مغلف مقفول وقال:-

_ البنت دي تشغلها هنا في الشركة في مكان كويسة ،بس مايكنش فيه حواليها رجالة وموظفين كتير 


اندهش تامر ثم قال:-

_ أول مرة تديني اوراق حد !! بس عموما هسلمها لشئون العاملين وهأكد عليهم بنفسي 

بس مين دي يا عمر ؟ 

نظر عمر بحدة حتى فهم تامر ان الحديث انتهى ،اخذ المغلف وخرج دون أن  يتابع اسئلته .....

 وصل إلى مكتبه وقرر فتح الملف ثم تفاجئ إنها ابنة جمال الساعي ولم يستوقفه اسمها كثيراً لأنه لا يعرف أن الأخرى اسمها "أمل" 


اتصل على هشام في الحال وأخبره 

_ الحق يا هشام البت اياها هتشتغل عند عمر هنا في الشركة 


صدم هشام وقال بغضب :- 

_ بنت ال...... ماشي ..اقفل دلوقتي وانا هتصرف 

اغلق تامر الاتصال وهو يبتسم بشماته وقال 

_ اهو كدا الأخين هيقعوا في بعض ..وده المطلوب 


*************************

 😢😢😢😢😢😢 

روبا يتبع ادعموا الصفحة ب لايك و10 تعليقات عشان توصلكم باقي فصول الرواية 💯🌹


تكملة الرواية حتى الحلقه الرابعة عشر من هنا


بداية الروايه من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات كامله وحصريه من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

إرسال تعليق

أحدث أقدم