رواية صمت الفتيات الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه خديجه السيد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
![]() |
رواية صمت الفتيات الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه خديجه السيد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
كنت لا أريد شيئاً سوى أن أنتهي من هذا الضياع الذي يسكُنني ، أريد استِعادة طُمأنينتي والمضي قدماً في الحياة ، أريد أن أرتاح ويزول الثقل عن قلبي ، أريد أن تعود رغبتي بالحياة وأستعيد شغفي الذي تلاشى مع الأيام ، أحتاج أن يختفي الخوف بداخلي الذي يزداد يوماً بعد يوم ، أريده أن يبتعد عني قدر الإمكان أن يهدأ قلبي قليلاً عن الخفقان ، لقد مرّت عليّ أيام طويلة لم يُفارقني القلق فيها ، غادرني الجميع في البدايه ، عشتُ ما يكفي من الإضطرابات ، أحلامي سُرِقت أمام عيني ، غدرني أعز الناس ، تخلّى عني الأهل والأحباب ، إلا الحزن وحده أقسمَ على البقاء ، لم أعد أريد أن أحلم ، أريد أن أحيا بلا ألم ، أريد أن يتوقف الوجع يسار صدري ، أريد ذاكرة مفلتَرة ، لا أتذكر شيء مضَى ، أحتاج بشدة أن يتوقف عقلي عن التفكير ، أن أنام دونَ أرق ، أن محطمه من داخلي وخارجي حطامي يطفيني كلما حاولت من جديد ، أحتاج الهروب من ذلك العالم ..لم أعُد قادرة على تحمّل الحياة بما أنا عليه..ما أريده بحق أن أغسِل روحي من جروحي..لكنّ الماء لا يصل إلى عمق الروح وهذا ما يوجعني.. لذلك ادعي نفسي للبكاء على ما مضى وعلى ما أواجهه الآن..
كان في كل مره يقترب مني يدي المرتخيه ترتفع بصعوبة لتمسك بقميصه تتوسل رجولته املٌ أخير في ان تنتفض النخوة فيه ليرحمني ! أبعد يديّ عنه بينما عجز جسدي عن ابداء أي حركة ولو صغيرة ، وسحابة سوداء تأخذني لأعماقها فأغمضت عيني لأسمع كلماته تحذرني بآخر قطرة وعي تبقت في عقلي
عقلي ، آه من عقلي ! لا افهم لمَ بدأ يتراخى ! يرسل ايعازاته لكل خلايا جسدي بالمقاومة والقتال ولا يتم تنفيذها لقد اعلن جسدي تمرده على عقلي حتي انهكني التفكير
بينما صورة عمي تحولت الى توأم متطابقة أمامي وانامله قد وصلت لشفتي يسكتني بالضغط فوقه فمي بعد ان حاولت الصراخ لكن خرجت صراختي تلك كالزمجرة المكتومة بفعل يده التي كانت تغلق فمها بقوة.. كنت دائما احاول النجاه والخرج من هذا المستنقع المثير للاشتمزاز.
❈-❈-❈
شعرت بيدي التى كانت ترتجف بشدة فوق مكتب المامور وعقلي يشرد في تلك السيناريوهات البشعة رمشت بعيني بصعوبة كما لو كنت اقاوم الغمامة التى تحيطتني و تطلعت الي الفراغ بتشوش كما لو كنت لا اراه لكني حاولت التماسك..
شعر بي الضابط و توجه مسرعاً يمد يده بقليل من الطاقة ليجد كوب ماء بجانب فنجان القهوه الخاص به ثم اخذ الكوب الملئ بالماء مني واخذته وانا على نفس حالتي المجهده، رفعت الماء الي شفتي احثها برفق على الارتشاف و عندما انتهيت وضعت الكوب أعلي الطاوله ببطء ليردف الضابط باستفسار
= بقيتي احسن دلوقتي؟
ظليت انتفس بصعوبة حتي شعرت بتنفسي اللاهث ينتظم و يعود الي طبيعته.. و هززت رأسي بصمت إليه اني علي ما يرام.
عقد حاجبيه الضابط بانتباه وقال بصوت مقتضب
=انتي امتى ابتداتي تفهمي وتستوعبي كويس اللي بيحصل بينكم ده اسمه ايه؟
لقد استيقظتُ مبكراً في الساعة 6:30 صباحاً وكانت السماء تمطر بشدة في الخارج، اليوم قد اكملت سنه الثالث عشر من عمري! العمر الذي قد اكتشفت فيه جميع الحقائق حولي وكيف كنت تدور أحداثها وانا كنت كالمغيبه أسير في ذلك الطريق دون فهم الأمر، لكن للاسف قد اتضح امامي كل شئ وكانت هي الحقيقه المره.. لكن أنا أعلم شيئاً واحداً ،انني لا استطيع الهرب من ذلك العالم المزيف بالحنان والأمان.. الامانه الذي افتقدته منذ طفولتي! عندما كنت في عمر الخامسه وبعدها بالتدريج بدات انضج ويتطور عقلي وبدأت أفهم جيدا ما معنا ما كان يحدث وأن جهل عقلي حينها كان اكبر خطا حدث لي.
فتحت عيني ببطئ والدموع تملاها بغزارة والاحداث كانت تمر امامي كشريط سينمائي وضعت يدي على قلبي الذي اصبح ينبض بجنون وبدأت اهمس له بصوت مخنوق منخفض: ألم تشبع مني يا وجع؟ أكلت جسدي؛ ومزقت أوردتي،رفقاً ببقايا إنسانة قد ماتت و هي على قيد الحياة؛ ثم إنه،أرهقني الزمان،و خذلني البشر،و أبكاني من رحل،و قتلني الوجع فرحماك يا اللّه...
حاولت ان اهدئ انفاسي وانا اتذكر حكمه قراتها قبل سابق كانت تقول: هروبك مما يؤلمك سيؤلمك أكثر، لا تهرب تألم حتى تشفى، لكني في الواقع انا اتالم ولا اشفى مطلقا من هذا الالام.. فسيء جداً أن تمارس دور السعادة، وأنت مرهق من الداخل.. فـ كتمان الالام؟ هو ذبحة القلب ووجع الروح و غصة العمر هو تلك الدفعة التي تخرج الدمعة التي انحصرت و جفت ..وهي الصرخة التي تفرغ الألم الذي حبسته الأيام.
هناك مشاعر ومواقف مهما مرت أيام لم تنساها، مثل اللحظة الأولى التي أسقطت فيها دموعي بلا انقطاع وعندما شعرت بالشفقة على نفسي، وعندما كذبوني من قبل أقرب الناس إليه ولم يصدقني أي منهم، عندما بدأت اروي الأحداث داخل عقلي قد اكتشفت أني تعرضت للأذى كثير جدا، حتى لو تجاوزت الموقف وتسامحت مع الشخص فإن سيظل الوجع في ذلك الوقت بداخلي، وسيجعلني اقاتل حتى لا أسقط في نفس الفخ مره أخري.. لكن هل سانجح في ذلك؟
فيوجد مقوله اخرى اصعب تقول: المجروح من عائلته لا يشفى ابداً
بعد مرور الوقت سَمِحت لى والدتى بعدم الذهاب إلى المدرسة فى ذلك اليوم، و ذهبت إلى نومى العميق مرة أخرى بكل يأس و استيقظت بعدها في الساعة 8:00 صباحًا. لا يزال الجو ممطراً والطقس باردًا وأنا أشاهد المطر من نافذتى، أشعر أنى في حالة غريبه! نعم فجميع الاطفال في هذا السن يعيشون في جو سعاده ومرح
مثل ان أذهب إلى مقعدى وأقوم بتشغيل جهاز الكمبيوتر الخاص بى وتصنع والدتى بعض مقرمشات لي وأنا ألعب بكل حماس وبراءه بينما احتسب كوب من الكاكاو الساخن ويكون ليس لدى أي اكتئاب ،فأنا من المعتقد اني اعيش في مرحله طفولتي، وكان همى الوحيد هو أن أكبر فقط فى أسرع وقت ممكن
وتكون الحياة جيدة جداً.. لكن كل احلامي هذه تظل وهم مجرد سراب! وقد اكتشفت مع مرور الزمن أن أصعب ألم حقيقي هو إجبار ملامح وجهك على إتخاذ معالم أخرى تعاكس إحساسك تماماً
فيصديقي لو تعلم ماذا يدور في عقلي الآن وانا في سني هذا؟ وما احمل من هموم ستصاب بالصدمة والذهول وتعطيني سنوات أخري اكبر من عمري.
فانا لم اعيش مرحله طفوليه طبيعيه بل اعيش حياه محطمة.. انا بالفعل لا اعيش يومي انا انجو منه فقط! وكل فتاه تعيش وتتعرض لما انا اتعرض اليه أنها تنجوي مثلي..
زفرت أنفاسي بعنف و النيران التى بصدري تشتعل اكثر و قد تاكلني من الداخل وقلت بصوت منخفض
= دايما بيجيبوا الغلط علي البنات حتي لو معلمناش حاجه لو محجبه يقولوا ايه المنظر ده هو ده حجاب لو لابسه خمار يفضلوا يقولوا مالك مكبره نفسك ليه و يفضلوا يتريقوا والشيخه جات الشيخه راحت، و لو خارجه مع أصحابها يفضلوا يقولوا.. هو في بنات بتخرج لازم نمشي في الشارع متكتفين ولا نضحك ولا نهزر ولا نعمل حاجه حتي التعليم طلعوهم بحجه جديده ويقولوا البنت ملهاش غير بيت جوزها وهتقعدي خدامه والشهاده ملهاش لازمه ،احنا بنعاني من الكلام ونظرات الناس لينا اللي هو طب هو انا لابسه اي وحش طب انا فيا حاجه غلط؟ بيشككونا في نفسنا وحرفيا حقنا ضايع
أكملت هاتفة بانفعال بينما صدري يعلو وينخفض بشدة
= ولا الناس الي بتبرر أو بتقول حصل خير سواء رجالة أو ستات ميعرفوش أد ايه البنت أصلا بتحاول علي أد ما تقدر ميحصلش حاجة زي دي، مش مستنياهم يدوني نصائح ويقولوا خذي احتياطاتك عشان ما تتحطيش في موقف زي ده...سواء من توسيع و تطويل هدوم، سواء من قاعده ورا عشان محدش يبقي قاعد ورايا ولا جنبي.. سواء من النزول بسرعة جبارة عشان و انا نازله محدش يلمسني و في الأخر بردو أنا الي باتلام.
ابتلعت ريقي بصعوبة الغصة التى تشكلت بحلقي و انا أدرك تلك الحقيقه البشعه.. ومرت امام عيني مشاهد لما فعله بي و تفاصيل انتهاك جسدي وانا بعمر لا يتجاوز الخمس سنوات و صوت صراختي المتألمة تتردد بأذني تعذبني بل تقتلني... وقلت بحدة لاذعة
= انا من اللي بقيت بشوفه حوليا بقيت متاكده أن مفيش بنت متحطتش في الموقف دا؟ سواء تحرش او اكثر!! و للاسف اول مرة بتكون صدمة لاي بنت لانها مش فاهمة في اية بيحصل، بس هي بتعرف انها حاجة مش طبيعة و غلط حتي لو كان سنها اية؟ بس هتفضل فاكره انه احساس وحش قوي و هتفضل في الاول تلوم نفسها جدا انها ممكن تكون السبب في كده وهي مش عارفه حاجه!
مش عارفه ان اللي بيعمل كده هو اللي مريض
ومش طبيعي وما يستاهلش يتقال عليه راجل
وما عندوش اخلاق ويستاهل الموت!
التحرش الجنسي:-
إذا كان بسبب الجهل فلماذا يتحرش المعلم والأستاذ الجامعي والطبيب؟
وإذا كان بسبب الفقر فلماذا يتحرش رجل الأعمال؟
وإذا كان بسبب تأخر الزواج فلماذا يتحرش الرجل المتزوج و والد بالصبيان والبنات؟
وإذا كان بسبب القمع الجنسي ،فلماذا يتحرش بشابة تبلغ من العمر 14 عامًا؟
وإذا كان بسبب لباس المرأة فلماذا يتم التحرش بالمنتقبة والمحجبة؟
التحرش الجنسي إذا كان سببه جسد المرأة وشكلها المثير، فلماذا يتم التحرش بالأطفال؟
الموضوع ، مسألة مبادئ ، فشل في التربية ، التزام بالدين ، ضبط النفس ، مسألة أخلاقية لا شيء أكثر!
كنت اجلس على الارجوحة فى حديقة المدرسه شاردة فى مستقبل حياتي المجهول،اشعر بأن الجميع حولي يريد أن يفرض سيطرته عليا ولا يعطيني حريتي! حرية رأيي فى التحدث عن ما يؤلمني، ابسط اشيائي كنت أريدها للتعبير عما بداخلي "هذا حلمي، لكن في الحقيقة الاحلام مش لألنا، لأنها أكبر منا"
صحيح أن قد اكملت سنه الثالث عشر من عمري! العمر الذي بصق الحقيقة المجردة في وجهي بكل قسوة، الحقيقة المُغيبة عن العالم وتتوسع في الخفاء، والعالم من حولي يكتفي فقط بتجاهل وجودي !. صحيح اني قبل هذا العمر عندما كنت صغيره كنت اعلم اشياء صغيره عن العالم المخيفه الذي ادخلني في عمي رغم عني، لكن قبل عده ايام في حصه المدرسة شرحت المعلمه لنا عن هذه الاشياء بوضوح اكثر! وكانت كل كلمه تقولها تجعل جسدي يرتعش من الافكار و تشعرني بالاشمئزاز و الخجل من نفسي.. و الاسي!
لا اعلم لماذا فكرت في هذه الفكره مره ثانيه وهي ان اجرب اتحدث مره مع احد مره اخرى؟ وهذه المره فكرت في معلمتي يمكن ان تساعدني، صحيح ان عمي حمدي منذ سنوات توقف عن الاقتراب مني! لكن ما زالت بداخلي اوجاع لا تتوقف.
تشجعت قليلا وفتحت عيني ببطئ شديد لانهض و أبحث عن المعلمه حتى وجدتها بداخل الفصل بمفردها مما شجعني أكثر، تحركت بخطوات متوتره حتى استعد ربطة جاشي؟وظليت احدق بالمعلمه بصمت مترددة حتى انتبهت لي وقالت دون النظر إليه متسائلة
= عاوزه حاجه يا ريحانه؟
شعرت بارتباك فاخشى ان ينفذ الذى يدور فى بالي ولم اجد المساعده! وانا اشعر بالارهاق من ذلك الأمر الذي لا اعلم الى متى ساضل اخفيه عن الجميع، همست بصوت منخفض جدا وقلت
= كنت عايزه اقول لحضرتك حاجه
نظرت لي باستغراب وهزت رأسها لي حتي أتكلم وهي تنظر نحوي باستفهام! وعندما سمحت لي بالحديث شعرت اني أريد أن ابكي بشده لكن...لا وقت للبكاء..وأهم ما اسيطر عليه الآن التكلم و كسر صمتي! أخبرتها وأنا اشعر بتمزق روحي
= انا في حد من قرايبي حاول يتحرش بيا لما كنت صغيره عن كده شويه.. و آآ لحد دلوقتي اهلي ما يعرفوش حاجة وبخاف اقول لي حد
وبعدها لم اشعر بنفسي غير والدموع تنهمر أمام عيني وأنا ابكي بمرارة.. لانت ملامح المعلمة قليلا وهي تشهق بصدمه حين استمعت الى كلماتي بعدم استيعاب و ذهول لتنهض بسرعه واقتربت مني باسطة كفيها على كتفي بحنان هاتفة
= بس يا حبيبتي كفايه عياط.. بس يا ريحانه خلاص مش كده اهدي
مسحت دموعي وحاولت التوقف عن البكاء وهي تسألني باهتمام
= حبيبتي انتي مش بتقولي أن خلاص الشخص ده بطل يعمل اللي كان بيعمله معاكي مش كده
هززت رأسي بصمت بنعم وانا داخلي فرحه بانها سوف تساعدني أخيرا، صمتت هي لحظه ثم ابتسامه هادئه تلوح بين شفتيها وهي تتحدث قائله
= خلاص يا حبيبتي محلوله ان شاء الله ابعدي عنه وما تحاوليش تقربيله ولا تقعدي معاه في مكان لوحدكم، عشان ما يعملش اللي كان بيعمله معاكي ثاني.. الحمد لله انه بعد عنك وبطل يلمسك! ممكن ربنا هداه وعرف انه غلط وما ينفعش يعمل كده معاكي ،بس يا حبيبتي مش كل حاجه تحصل لازم نحكيها لاهلنا.. في حاجات لازم نعديها كانها ما حصلتش وما نحكيهاش
توقعت ان تسالني عن تفاصيل اكثر! فلم يتوقف الأمر على التحرش فقط بلا تمادي، توقعت ان تسالني عن هويه ذلك الشخص ماذا يقرب لي! و توقعت ايضا ان تساعدني كيف اخذ حقي، في الحقيقه توقعت الكثير منها؟ لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وتفاجئت باغرب تعليق سمعته منها؟
هل كان هذا الحل من وجهه نظرها؟ اصمت ولم اتحدث ولا احاول الشكوى لمجرد أنه ابتعد عني وتوقف عما يفعله؟
اعترف إني تصرفت بحماقة عندما اعتقد ان سوف يساعدني شخص في ذلك الأمر؟ فالجميع يهرب من مواجهتي بالحديث.. فلم اشعر سوى بالقسوة والعنف كلما تحدثت مع أحدهم.. وغلطه أخري ستكلفني الكثير فيما بعد.. وكأنهم يعاقبوني انا بتلك الطريقة المهينة..!
وفي النهايه رجعت الى صمتي مره أخري الذي سيظل لازمني طول حياتي! لا أعرف الي متي؟ فلا أعلم إلي أين الهروب نحوه الأمان لاترتمي بأحضانه واشكوا وجعي الدامي له !!
تطلع الضابط نحوي متنهد بقوة وهو يقول بجدية
= انا فاهم كويس انتي بتتكلمي في ايه ،وده موقف صعب جداً بس انا متأكد ان دايماً في حل ..وربنا اكيد ما يرضاش بالظلم، وانا شايف ان انتي كنتي بتلجاي لناس هم نفسهم عاوزين مساعده ومش شايفين أن اللي بيتحرش بواحده شيء مش طبيعي و غلط..
نظرت إليه ثواني قبل أن أجيب بصوت مخنوق باقتضاب
= صح انا عرفت واتعلمت متاخر مش أي حد ينفع الجأ لي ..مش أي حد ينفع اقول له انا محتاجه مساعده .. مش أي حد اسمح لنفسي اني ابان ضعيفه قدامه.. لان في ناس لما بيحسوا إني ضعيفه كسروني اكتر وداسوا عليا أكتر .. في ناس كنت فاكره ممكن لما الجاه ليهم استقوى بيهم بس اكتشفت انهم هما اللي دمروني
قال بهدوء و عينيه مسلطة عليا بتركيز و اهتمام يراقب ردة فعلي
= على العموم خلينا ندخل في المهم قتلتي حمدي ليه يا ريحانه؟ مش حاسس ان الاسباب اللي بتحكيها كلها وكل اللي عمله فيكي هو ده السبب الرئيسي!! فيا ريت ما تحاوليش تلفي وتدوري في الموضوع ده عشان مش هصدقك بصراحه لو قلتلي هو ده السبب، ما هو بالعقل كده لو عاوزه فعلا تنتقمي منه ايه اللي يخليكي تصبري السنين دي كلها؟ وما تحاوليش غير يوم فرحك وانتي عارفه ان بعد جوازك هتسافري ومش هتشوفي ثاني.. اكيد في سبب تاني وانا عاوز اعرفه؟
انتفض جسدي مرتجفاً بينما قلبي يكاد يغادر صدري من شدة خوفي و ارتعابي من القادم.. فـ تلك الاحداث بالذات كنت لا اريد التحدث فيها، حتى لا اتسبب بالمشاكل والازمات إلي غيري! همست بصوت مختنق متألم
= انا فعلا عمري ما فكرت ان انتقم منه ولا حتى اتخلص منه و اقاتله ولا أن حتى اوجه واساله عملت كده ليه؟ بس الموقف اللي اتحطيت فيه ما لقيتش حل قدامي غير كده؟
عقد الضابط حاجبيه متسائلا باهتمام بالغ
= ايوه، اللي هو ايه بقى؟
أسندت رأسي بتعب للخلف علي المقعد و أنا شبه غائبة عن الوعى و قد كان صدري يعلو و ينخفض بقوة اكافح لالتقاط انفاسي بينما اخذت احداث ذلك اليوم تمر امامي بذاكره فولاذيه وانا امرر يدي علي رأسي بألم حاد وعيني مظللة بالألم و القلق و وجهي الذى كان خالى من اى لون يدل على الحياة و شفتي الشاحبة المرتجفة بينما كانت عيني غائرة بشدة تحيطها الهالات السوداء التى تدل على مدى تعبي.. انفجرت باكية بشهقات ممزقة
= انا ما كنتش عاوزه اقتله والله العظيم ما كانت نيتي اتخلص منه في يوم رغم كل اللي عمله معايا وان يستاهل فعلا القتل، بس مش انا اللي كنت اعمل كده؟ انا ازاي اصلا قلبي طاوعني اقتل بني ادم مهما كنت باكرهه.. انا فاكره فضلت أردد الكلام ده كله جوه عقلي وحسيت جسمي اتشل وفين هو فين لما استوعبت كل اللي حواليا وطلعت بره ومشيت وسط الناس غرقانه في دمه وقلت لهم انا قتلت عمي.
هززت رأسي بألم بينما عيني اصبحت حمراء بشده من كثره البكاء على كل ما مريت بي و ما فقدته.. بينما عيناي كانت ضبابيتين وأنا احاول مكافحة الدموع مما جعلني ادفن وجهي بين يدي بينما حلقي ينقبض وانا احاول كتم شهقات بكائي لكنها فلتت مني منكسرة
= انا جاهز اكون غلطانه لاني ما ضيعتش نفسي وبس؟ لا كسرت فرحه ناس ثانيه كانوا بيحبوني وعشمانين اكثر فيا! بس انا ضيعت كل ده لما قتلت؟ ولما اعترفت بالحقيقه اللي كنت مخبيها جوايا سنين طويله.. بس عمر القتل ولا الانتقام في حد ذاته ما كان حل
أحسست أنني اريد أن أصرخ بكل ما حدث في عمري دُفعة واحدة و قلت بنبرة وجع بين دموعي التي اغرقت وجهي بشدة
=بس في نفس الوقت مش ندمانه ان انا أنقذت طفله بريئه كانت ممكن تروح ضحيه زيي وهتدخل في صراع طويل قوي ما لوش آخر.. اذا كان مع المجتمع أو مع الاهل!!.
قلت لنفسي لم اتركها ضحيه له هي ايضا؟ لما اتركها تشعر بما شعرت به لسنوات طويله لأني صمت! ولم استطيع ان اتخطى حتى الان؟ اقتربت منهم وتعثرت فى خطواتي ليشعر هو بي وابتعد عنها قليلا بصدمه وقلق..!! وتحدثت بصوت مختلط بالدموع، وأنا اهز رأسي بنفي بغضب شديد وصرخت بقوة بأن يتركها ويبتعد عنها الآن..!!
توقف حمدي عما يفعله بصدمه وتحول شحوب وجهه الى لون رمادى كما لو كان قد فقد الحياة فور سماعه كلماتي تلك التي همست بين بشفيتن مرتجفة
= سيبها وابعد عنها مش هاسمحلك تعمل فيها نفس اللي عملته معايا فاهم.. سيبها بقول لك احسن والله العظيم اصوت والم عليك الناس و هفضحك والمره دي مش هسكت
حاولت الطفله دهب أن تركض إليه لكنه امسك بيديها بقوة و انفجرت دهب باكية بينما تهز رأسها بخوف و الارتعاب واضح على وجهها تدعيني بأن لا اتركها واذهب؟ صرخت بي مره ثانيه بغضب شديد
= باقول لك سيب البنت، ما تحلمش اللي انا هاسيبها لك وهامشي واسيبك تلوث براءتها زي ما عملت معايا.. والله العظيم لافضحك باقول لك سيبها
بينما ظل حمدي يقبض على يد دهب بقوه وأنا ازجره بنظرات سامة قاتلة و صدري يعلو و ينخفض بسبب شدة انفعالي و توتري ثم تطلع حمدي نحوي بصمت وقال مبتسم ابتسامه لعينه
=مالك بس يا حبيبتي متعصبه ليه انا لقيتها تائهه هنا ومش عارفه تخرج حاولت اساعدها.. روحي انتي للفرح وما تخافيش انا هاوصلها بنفسي لاهلها.. روحي انتي يا ريحانه زمان اهلك بيدوروا عليكي بره
هزت رأسها دهب بذعر شديد وهي تتلوي من قبضته يده بصعوبة دون فائده وتصرخ باكية بخوف شديد
= لا ما تسبنيش معاه يا ريحانه انا ما كنتش تايهه هو اللي جابني هنا عشان نلعب.. بس بيعمل حاجات وحشه وانا خايفه منه أوي
استمريت بالاقتراب من حمدي حتى اصبحت اقف امامه رغم ضربات قلبي السريعة تحذرني بالخطر وعدم الاقتراب.. بينما هو ظل واقف بهدوء وثبات ولم يتوتر كان لديه ثقه بانه مظلوم! لا اعلم هل هذه الثقه حقيقيه ام كان يظهرها حتى اصدقه.. لمحت في الارض مفك حديد كبير من الواضح انه سقط من احد هنا في الكراج، اخفضت جسدي لاقبض علي المفك وارفعه حتى اتحامى فيه وقلت بتهديد
= هو انت فاكراني هصدقك بلاش انا؟ انا اكثر واحده شافت اذيتك وعارفه اللي فيها وعارفه انك انسان واطي وجبان ودائما راسم ليهم قناع البراءه وهم ما يعرفوش حقيقتك.. سيب البنت مش هطلع من غيرها
لا إلا هقول لهم بره كنت عاوز تعمل معاها ايه؟ وخليهم يعرفوا بقي حقيقتك القذره
هنا قد ظهر التوتر و الارتباك عليه وقد علمت اني انا الآن الأقوى هنا؟ ولوح بيده امام وجهي قائلا بصوت منخفض مظلم
= ما تهدي يا ريحانه في ايه قلت لكم شفتها بالصدفه هنا تايهه وكنت هاوصلها لسه لاهلها، روحي انتي كملي الفرح وانا هاوصلها بنفسي لاهلها.. انا مش فاهم اصلا مالك قلقانه عليها مني كده ليه، هي زي بنتي و اكيد مش هضرها
لاول مره كنت في مواجهه معه وتحدثت وعاتبته اعلم ان العتاب لا يفيد لكن من يعلم من الاحتمال كنت بحاجه إلى تلك المواجهه، وكنت اعلم لماذا هو مصر على ان اتركها واذهب حتى يهددها لا تقول لاحد ما كان يفعله معها، مثلما كان يفعله معي.. قلت بغل وانا أتطلع في بنظرات سامة ممتلئة بالحقد و الكراهية
=انت اذيت بنت اخوك مش هتاذي الغريب.. كل اللي يهمك بس رغبتك القذره وعمرك ما فكرت بنحس بايه وانت بتعمل كده، عشان انت مريض مش بني ادم.. سيبي البنت بقول لك ولاخر مره بقول لك سيبها بدل ما هصوت وهالم عليك الناس
ابتسم بسخرية واستهزاء مني وكان يرسل بعيناه سخرية مني ولم يصدق تهديدي كاني ضعيفه وليس امتلك تلك الشجاعه لادافع عنها؟ فبالاحر لو كنت امتلك الشجاعه والقوه لا كنت انقذت نفسي اولا منه؟!.
لكن فجأة شعرت به يقترب مني بخطوات سريعة و يديه تجذبني بشراسة وقسوة كان في نيته اني يرعبني مثل ما كان يفعله في الماضي، لكن لا يعرف ان الطفله الصغيره التي قتلها بيده سابقاً نضجت مبكراً بسببه، استمر في ارعبي وأنا اقاوم حتي تعثرت وسقطت مرتمية على الارض بقسوة و دهب تصرخ عليه برعب و خوف
وعندما وجدتني دهب اتالم علي الأرض ازداد صراخها هذا بشكل هستيري ليلتفت اليها حمدي بغضب شديد واقترب منها حتى يسكتها خوفا من ان يسمعها احد وياتي الى هنا فهو لا يريد مصائب أخري.. و عندما وجدته دهب قادم إليها بوجه غاضب شعرت بالرعب والفزع مما جعلها تطلق صرخة مدوية وهى تتراجع بتعثر للخلف بعيداً عنه... واستمر هو في الاقتراب إليها
نهضت ببطئ متالمه وكنت ما زلت احمل المفك الحديد بيدي و أنا اطلق انات منخفضة بسب الالم الذى يعصف بانحاء جسدي و ركضت نحوه لابعده عن دهب لكنه لم يبتعد.. اخذت دهب جسدها ينتفض على الارض بحركات عصبية شبة هستيرية محاولة أبعاد حمدي الذي يقترب بخطواته تجاهها وهي لا تعرف ماذا سيفعل بها
تقدمت منه مره ثانيه بغل كبير داخلي ولم اشعر بنفسي غير وأنا اغرز الفك براسه من الخلف بعنف شديد لتنطلق الدماء بوجهي وقد ظهر احشاء عقله..!
اتسعت عيناي بالفزع و قد جفت الدماء بعروقي فور ان رأيته يسقط بالأرض الصلبه بقوه فاقد الوعي دون حركه أو نفس!
تركت المفك من يده الملوث بالدماء ليسقط تحت اقدامي... اخذت اتطلع اليه عدة لحظات بأعين فارغة متسعة كما لو كاني احلم او ما يحدث سراباً امامي وعقلي يتساءل هل قتلت حقا؟ وعندما وجدت الدماء تنزف من حوله بغزاره تاكدت من الكارثه التي فعلتها.
بينما انتبهت الى دهب التي بدأت تخاف مني أنا الأخري وهي تتراجع الى الخلف بخوف و تطلق صرخة مرتعبة نظرت إليها بحده وصرخت باعلى صوتي مغمغمة بعصبية حادة
= اهربي يا دهب اهربي واجري من هنا بسرعه وما تجيش هنا ثاني ولا تحكي لحد اللي حصل.. يلا بسرعه باقول لك اخرجي من هنا
قد جن جنوني فور ان رأيت دهب ترتعد بخوف و هى تحاول النهوض و التراجع الي الخلف بعيداً عن جثه حمدي و الخوف ظاهر علي وجهي الشاحب... حتي تمكنت لتنهض وتهرب لبعيدا اخيرا
اهتز جسدي بقوه شاعرة بالبرودة تتسلل الي عروقي و قد اتسعت عيني بعدم استيعاب فعلتي.. لي اسقط بفستان الزفاف بالأرض جانب جسده الملوث بالدماء الحمراء.. و شعرت بقبضة تعتصر قلبي و بألم يكاد يحطم روحي الي شظايا و تجمعت دموع كثيفة في عيناي لم استطع اقاومها اطلاقا..
ظليت علي هذا الحال لاستوعب "لقد قتلت روح وانقذت براءه طفله " ثم رفعت عيني الي جثه حمدي والدماء حوله بغزاره وأنا اشعر بعجز و خوف بينما الدموع تغرق وجهي الشاحب.. لانهض وأنا أحمل فستاني الابيض الذي تلوث بالدماء وتحركت بروح خاويه للخارج..
وضعت يدي فوق راسي والحجاب بدا يتزحزح قليلا من فوق راسي وانا اضغط علي رأسي بعنف شديد حتى يتوقفى الالام وصرخت عندما راجع عقلي ما حدث ذلك اليوم مما جعل الخوف و الذعر يسيطران عليا
= اللحظه دي حياتي كلها سكتت ما سمعتش اي حاجه من اللي حواليا غير حاجه واحده بس؟ فضلت تدور في عقلي كاني بشوف فيلم سينمائي، وبشوف حياتي حد بيجسدها بالضبط و بيمر بنفس اللي انا بمر بي؟ شفت نفسي في ذهب! ايوه فجاه شفت ملامحها وهي بتعيط وبترفض اللي بيحصل كانت نفس ملامحي ونفسي وجعي ونفسي حسرتي ونفس خوفي.. شفتها بعد كده وهي تائهه في الدوامه اللي انا عشتها وانا واقفه عجزه ومش عارفه اعمل ايه؟؟ باحاول اشتكي ما حدش بيسمعني؟ بحاول ابعد عنه ما بعرفش هو اقوى مني؟ وانا الضعيفه المكسوره
هززت رأسي و أنا أرفض ان اتذكر هذا وهمست بارتجاف و خوف
= وكل ما بحاول اهرب برجع ثاني لنفس القرف ده ويجبرني يعمل معايا حاجات عقلي لسه فاكرها لحد دلوقتي ومش بتروح ولا هتروح! عامله زي جرح عميق معلم في جسمي وما بيروحش وكل ما بابص في اي مرايا بشوفه بكل تفاصيله.. بس فجاه عقلي نبهني أن ما ينفعش في اللحظه دي اهرب واسيبها تعيش اللي انا عشته ما ينفعش هي كمان تطلع زيي ولا هي ولا غيرها.. كان لازم اتصرف اعمل اي حاجه بس انقذها وما تقعش في نفس اللي انا وقعت فيه
قد بدأت افقد السيطرة على نفسي و وجعي فكل ما يحدث يضغط على اعصابي و قوة تحملي
=عشان انا عارفه اللي هيحصل بعد كده هيفضل وراها ومش هيسيبها غير لما يحولها لمسخ.. وصمه عار.. و الفضيحه والخوف هيفضلوا ملازمنها طول حياتها.. و الكوابيس المخيفه هتصحي كل يوم مفزوعه عليها من الرعب.. ولما هتحكي ما حدش هيصدقها ولو صدقوها مش هياخذوا موقف ويعاقبوا الجاني..! وعشان تعيش وسط مجتمع مقرف بيحبوا يرسموا لنفسهم صوره البراءه ورافضين الاعتراف بالغلط.. لازم الصمت يفضل هو القاعده الرئيسيه لحياتها.. انا ما فكرتش في نفسي ولا في اي حاجه غيرها هي.. كان لازم اتصرف ان شاء الله حتى اقتل!
الفصل العاشر
#روايه_صمت_الفتيات
✍️ #بقلم_خديجة_السيد
______________
في منزل زبيده فجاه تعالت أصوات طرقات عنيفه علي باب المنزل بقوة لتنتفض زبيده معتدلة نصف جالسة فوق فراشها بدهشة لتنهض محاولة معرفة من هذا المقتحم الغبي الذي يطرق الباب بتلك الهمجية وعندما خرجت من غرفتها وجدت مني هي الأخري تهرول بقلق شديد لتفتح باب المنزل و تفاجأت به عده افراد من الشرطه علي عتبه المنزل..
تراجعت زبيد للخلف بخوف فكان الضابط يتفحص شكلهم بدقة و تركيز و كانه فنان علي وشك رسمهم، ابتلعت زبيده ريقها بتوتر قائله بحده
= في ايه انتم مين؟ وعاوزين ايه؟
التفت الشرطي حوله باحثا بعينيه الثاقبة وهو يقول بنبرة خشنه
= مش هنا منزل المرحوم حمدي عبد المجيد ..هو كان مقيم هنا؟
هتفت مني بصوت مرتبك وهي تنظر إليه بتعجب
= ايوه صح حمدي اخويا كان ساكن هنا مع ماما بس هو في ايه ؟ هو حضرتك اللي بتحقق في قضيه قتله و عاوزين تحققوا معنا ثاني؟ بس احنا سبق ورحنا وقلنا إللي نعرفه في القسم واحنا ما نعرفش حاجه أصلا ولا نعرف ريحانه قتلته ليه لحد دلوقتي؟
كأنه لم يكن يسمعها لتوه ثم أشار الضابط بكفه بطريقة حازمة و قال بصوت عالٍ
= ادخلوا فتشوا كل مكان في البيت يلا
ضغطت زبيده علي شفتيها السفلي و الغضب يملئ عينيها وهي تقول بعصبية
= حيلك انت وهو تخشوا تفتشوا ايه وليه؟ يعني احنا إللي لينا حق وتيجي تفتشوا بيوتنا هو في ايه بالضبط
صاح الضابط إليها كـثور ثائر وقال بصوت مزدوج بغضب وتحذير
= وطي صوتك واتكلمي معايا باحترام انا لحد دلوقتي بتكلم بكل هدوء واحترام معاكي.. وانا معايا إذن بالتفتيش و دلوقت حالا هتعرفي في ايه؟
شعرت مني بالخوف والقلق لتتحرك تجاه والدتها وهمست بصوت منخفض
= ماما استني عشان نعرف في ايه
اطلقت زبيده تنهيدة قوية مرتخية باعصابها وهي تربع يدها عند صدرها علي مضض في حين هتف الضابط بجدية متسائلا باهتمام
= فين اوضه حمدي اي اوضه من الاوض دي كان بيبات فيها
عقدت مني حاجبيها بدهشة وقلق وهي ترفع يدها قائله بحيره
= اللي هناك دي.. ومن ساعه الحادثه ما حدش قرب ليها هو في ايه بالضبط يا حضره الضابط ما تفهمنا عشان نساعدك
لم يجيب عليها في حين اشاره الضابط برأسه بحزم الي باقي العساكر بينما اخذت الشرطه تتفحص المنزل والغرفة بنهم حتي وجد أحد الأفراد كرتون أسفل الفراش ويبدو انها هي المطلوبة حيث عندما أمسكها الضابط وجد بداخلها صور لفتيات صغيرات وبعض اوراق وملفات و كاميرا فيديو! ابتسم الضابط بسخرية واستهزاء هاتفاً
= الظاهر زي ما توقعنا البيه ابنك ما كانش متوقف بس على بنت اخوه لا الموضوع كان متطور معاه وبيصطاد بنات ثانيه عشان يمارس شهوته القذره عليهم هما كمان
ثارت زبيده من داخلها و امتعاض وجهها بغضب متماسك وهي تقول بغيظ
=هو في ايه بالضبط ما تتكلم على ابني كويس انا مش فاهمه اصلا انتم بتدوروا علي ايه؟ ولا ايه اللي في ايدك ده
تطلع فيها الضابط بثبات ثواني ثم ارداف بحدة
= في أن استاذ حمدي ابن حضرتك كان بيستغل بنات صغيره وقاصر ومنهم ريحانه بنت اخوه عشان يتحرش بيهم ويعتدي عليهم جنسيا..!
تعالت شهقات مني لتضع يدها فوق فمها بعدم تصديق بينما حلت اثار الصدمة علي وجه زبيده التي ظليت ساكنه في حالة عدم استيعاب ثم ارتعشت لتنظر له بصدمة قائلة
-ايه ؟
***
في مكتب المأمور جلس حمزه ناظرا إليه بأعين متسعه بصدمه هاتفاً باستفسار
= يعني ريحانه ما كذبتش وفعلا عمها اعتدى عليها لمده ثلاث سنين وهي طفله صغيره
هز رأسه بالايجابي قائلا بجدية
= ايوه بالضبط اللي لقيناه في بيت حمدي بيقول كده، الظاهر أنه كان بيحتفظ بصورة من كل ضحيه عنده ده غير ورق كاتب فيه بعض مواصفات البنات طبعا بطريقه غير لائقه، وقائمه باسماء البنات نفسهم.. وكمان البيه كان بيصورهم بالكاميرا خاصه بي وهو بيتكلم معاهم بطريقته الخبيثة .. الاطفال ما تستوعبهاش وهم في سنهم ده عشان يعرف يصطاد الضحايا وتطمئن لي في البدايه.
جحظ حمزه عينيه وانطلق منهما شرارة اللهب وتبدل لونهما من اللون العسلى الى كتله من النار وهو يقول بغضب مكتوم
= الحيوان.. ده مستحيل يكون انسان ده مريض نفسي وكان لازم اهله يودوه مستشفى الامراض العقليه مكانه بين الناس كان اكبر خطر ليهم.. وانتم لقيته دليل في الكاميرات وهو بيمارس معاهم القرف ده
تحدث الضابط قائلا بتوضيح
= لا هو ما كانش بيصور تفاصيل زي كده بس كان بيصور حاجات ثانيه طريقه كلامه معاهم بحنيه ضحكوهم ولعبهم مع بعض والهدايا اللي كان بيجيبها ليهم عشان يحبوه.. وحاجات من دي كثير تخلي اي طفل يتعلق به.. بس في وسط الحاجات دي وهو بيصورهم كان بعض التجاوزات بتحصل ذي مثلا انه يحط ايديه في اماكن على جسمهم باستمرار واوقات بيحضنهم ويبوسهم كانه بيعبر عن حبه ليهم بالطريقه دي.. الظاهر انه كان بيصور الحاجات دي عشان يتفرج عليهم لوحده بعد كده.. تخيل اننا لما حاولنا نعرف عدد البنات اللي عمل معاهم كده من الصور و الفيديوهات اكتشفنا انهم حاولي ٢٤ بنت اعتدى عليهم جنسيا؟؟
اتسعت حمزه عينا بذهول وصدمه هاتف بصوت بطيء أثار اشئمزازه من الحديث
= ٢٤ بنت و ولا واحده منهم اهلها قدمت بلاغ ضده؟ ما هو اكيد مش كل البنات خافت انها تتكلم زي ريحانه او على الاقل الاهلي تلاحظ حاجه زي كده، لان حالات البنات بعد كده بتبقى معاناه بطريقه واضحه جدا ليهم.. ما هو مش ممكن كل الاهالي زي أهل ريحانه مادوش فرصه لاولادهم يحكوا ويتكلموا
ارجع الضابط ظهره للخلف متحدث دون تفكير بعدم رضي
= هو اكيد حد منهم اتكلم طبعا بس اكيد الاهالي هي اللي هتخاف وهتمنع اولادهم انهم يحكوا حاجه زي كده حصلت معاهم، وده طبعا عشان هيخافوا من الفضيحه والسمعه الوحشه اللي هتفضل ملازمه اولادهم طول حياتهم
جز على أسنانه بغضب شديد وهو يقول بعدم تصديق
= بس لو كل اب وام فكروا بالطريقه دي يبقى عليه العوض في حق البنات وبكده هيخفوا يتكلموا لو اتعرضوا لموقف زي كده ثاني و حالات التحرش ليها حق بقي تزيد باعدد كبيره.. ازاي في اب وام يعرفوا حاجه زي كده حصلت مع اولادهم وهم اللي يمنعوهم من أخذ حقهم.
هز الضابط كتفه يتنهد مرددا بيأس
= للاسف ده تفكير ناس كثير وفعلا معاك حق هم كده مش عارفين انهم بيساعدوا اولادهم على السكوت لما يتعرضوا لحاجه زي كده مره ثانيه ويا عالم المره الجايه هتوصل لحد فين!
نظر له حمزه بتوجس وهو يقول بنبرة شاردة بإحباط
= معنى كده من ضمن اسباب صمت الفتيات و جزء كبير من سكوت كل بنت هم الأهالي نفسهم!
***
دلف اسماعيل الشقة بهدوء ليجد الردهة فارغة و الهدوء يعم المكان مما جعل القلق ينبض بداخله... اتجه نحو غرفة النوم على الفور و هو يشعر بقلبه يعصف بداخله لكن لم يجدها ليخرج يبحث عنها بالخارج معتقد انها قد خرجت بدون علمه مثل المره السابقه، لكن عندما خرج وجد باب غرفة أبنته ريحانه مفتوح على مصراعيه دلف الى الداخل بهدوء و عينيه مسلطة بقلق علي تلك التي تجلس على عقبيه الارض بجانب الفراش.. مغلقة العينين والدموع تنهمر من عينيها بغزارة، ليشعر بقبضة حادة تعتصر قلبه فور ان رأى اثر الدموع على وجنتيها الشاحبتين ليعرف انها كانت تبكي لفتره طويله وبالتأكيد كانت تتذكر ريحانه!! وبعد فترة قد شعرت به نشوي و نهضت بتثاقل حتى أصبحت أمامه متسائلة
= كنت فين يا اسماعيل؟
حمحم قائلا بهدوء مفتعل
= كنت بشوف محامي كويس لبنتك عشان يمسك القضيه
رفعت رأسها بحدة فور سماعها كلماته و اخذت تتطلع اليه عدة لحظات بأعين فارغة متسعة ثم ضحكت بشده طريقه مولمة وهي تقول بصوت غاضب بشده
= دلوقتي بس فكرت في بنتك ورحت دورت ليها على محامي بنفسك، مش كانت في الاول ولا تهمك ولا فكرت حتى تسال عليها وتشوفها عامله ايه وهي في السجن ده انت كنت خلاص هتتبرى منها.. دلوقتي بس حنيت لما عرفت ان اخوك هو السبب وأنه يستاهل القتل بسبب اللي عمله معاها
هل شعرت يوماً ما هي كسره الرجل الحقيقيه؟ أن يكون الرجل الذي مصدر القوه و الحمايه الي عائلته وفجاه بين ليله وضحاها يصبح هو الخطر الرئيسي الى عائلته وهو يقف عاجز يشاهد ما يحدث بقله حيله، وها هي تظهر على ملامح وجه اسماعيل الان الانكسار! غمغم بصوت يملئه الكسره بوضوح
= بس يا نشوى انا قلت لك مش رامي بنتي ولا مش بفكر فيها كل الحكايه كنت مشغول ومتلخبط ومش عارف اشوفها منين ولا منين بس الاكيد كنت لما اهدي هشوف الصح ليها واعمله
انتفضت في وقفتها و اخذت تتطلع اليه عدة لحظات بتشوش قبل ان تصيح بصوت عالي و هى تهتف بحده لازعه
= مشغول اه كالعاده كل اللي يهمك شغلك وانك تترقى وتكون احسن واحد بين صحابك والكل يقعد يشكر فيك ويهنيك على العمل العظيم اللي انت عملته! انما عمرك فكرت فيا ولا في بنتك الغلبانه اللي كانت بتشوفك فين وفين وما كنتش طول الوقت جنبها ولا تعرف حاجه عنها، اهو في الاخر اخوك دمرها وضيع مستقبلها بسببك
اتسعت عينا بغضب شديد ليقول صائحا بعصبية حادة
= نعم هو انتي هتجيبيها في دلوقت.. وانتي كنتي فين يا هانم مش انتي برده المفروض امها وتكوني جنبها طول الوقت وقريبه منها.. مش البنت برده قريبه من امها اكتر في الحاجات دي بالذات ما قربتيش ليه منها وصاحبتها على الأقل كنا عرفنا المصيبه دي و لحقناها، بس انا زي ما بيهمني شغلي عنكم زي ما انتي بتقولي انتي كمان كان كل إللي يهمك مصلحتك وشغلك برضه وبس.
لتقول نشوي صائحه بشراسة و قد تسارعت انفاسها و احتدت بشدة و غضب عاصف يشتعل داخل صدرها يجعل عروق عنقها تتنافر!! فهي امي موجوعة علي ابنتها الوحيده التي تصارع بمفردها خلف القضبان الحديدية
ذئاب بشرية.
= دلوقتي هتجيب الذنب عليا وهو الزفت حمدي ده يقرب لمين فينا مش اخوك اللي كنا بنامن لي ونسيب البنت معاه واحنا مطمنين ان عمره ما هيؤذيها اتاري البيه كان بيستغلها وبيستغل سنها و بيستغل ثقتنا فيه عشان القرف اللي بيعمله معاها بكل جبروت.. من غير ما يحس بذره ندم واحده
فرك وجهه بعصبية ثم نظر إليها مغمغماّ بصوت مثقل محاولاً تهدئتها لينهي ذلك النقاش والحوار المتعب قائلاً بعصبية و خشونة
=وانا مش ياما قلت لك الافضل ليكي تقعدي من شغلك وتفضلي جنب البنت عشان تربيها وتخلي بالك منها والدنيا مش امان.. بس انتي اللي رفضتي وقلتلي لا كله إللي شغلي ما اقدرش اسيبه انا اخذت عليه من زمان وما اقدرش اعيش من غير شغل صح ولا لا؟؟ مش طول الوقت كنت خايف عليكم وعاوز اوفر لكم الامان عشان ما تتاذوش من اللي بره، وياما حذرتك وكنت بعمل اللي عليا وزياده
اتجهت نحوه و هى تلفظ بصوت مرتجف وقد احتقنت عينيها بدموع حارقة لتردف من بين شهقات بكائها بعصبية شديدة
= ايوه ارمي الحق عليا زيك زي اي راجل عشان ما تطلعش نفسك غلطان واطلع انا في الاخر الام الجاحده اللي مش بتدور على مصلحه بنتها.. فضلت صحيح تحرص وتحمي بنتك من العالم اللي بره وكنت خايف عليها من كل الناس إلا اهلك وفي الاخر الطعنه جاءت منهم .. وبنتي كانت بتعاني واحنا مش داريين بيها وبدل ما كنا بنحميها كنا بنوديها بيدينا لي
توقف اسماعيل مكانه و هو يشعر بالعجز واليأس فهو لم يكن يرغب سوا بالوقوف بجانب ابنته عكس ما فعله بالماضي.. حتي يخفف شعورها باليتم التي باتت تشعر بي الان وهي بمفردها داخل الحبس و يهدئ من الالم الذى اصبح لا يطاق بصدره.. شحب وجهه فور سماعه كلماتها برعب حقيقي قائله
= انت مستوعب وفاهم كويس اللي رشوان قالوا لينا بنتك حكت جزء واحد ولسه في كلام ثاني! يعني مش بعيد اللي كان بيحصل ده ما حصلش معاها مره واحده لا استمر اكثر من مره، واحنا كنا فين نايمين في العسل ولا حاسين ولا دريانين اخوك ييعمل ايه ولا كنا نتوقع اصلا انه يعمل حاجه زي كده، وفي الاخر احنا اللي بنلمها وشايفين انها وحشه وظالمه عشان قتلت اخوك.. اخوك الطيب الحنين اللي ما تطلعش منه العيبه مش كده.. واتاري البيه كان راسم قناع البراءه قدامنا ومن وراءنا بينهش في لحم بنتك
اخذ اسماعيل نفساً طويلاً مرتجفاً بينما عينيه مسلطة علي زوجته لا يصدق أنها من تتحدث معه بتلك الطريقة القاسية... لكن يعلم معها كل الحق فـ الوضع أصبح صعب عليهم.. امتلئ قلبه بالألم شاعراً لأول مرة في حياته معنى انه يطعنه شخص في ظهره ويخون الثقه فهو دائماً كان يغرق شقيقه حمدي بحنانه و لين قلبه و يعطي ثقه عمياء و الان قد رد ذلك بـ سلب روحه أبنته! اصبحت عينيه ضبابيبتين ممتلئتين بالدموع همس بصوت متحشرج ملئ بالألم لكنه حاول مكافحة الدموع قائلا
= بس يا نشوى اسكتي
شعرت نشوي أنها كما لو كانت تحلم او ترى سراباً امامها قد صوره لها عقلها هزت راسها و هى شبه منهارة تبكى بشهقات طويلة مرتفعة تجعل كامل جسدها ينتفض مرتجفاً بينما قلبها يكاد يغادر صدرها من شدة خوفها و ارتعابها وهي تتذكر تلك التفاصيل البشعه
= لا مش هاسكت انا تعبت مخي مش موقف تفكير كل ما افتكر اللي انا سمعته وعرفته! ازاي اخوك جاء له قلب يعمل كده في بنتي؟ ازاي يعمل كده في عيله صغيره عندها خمس سنين؟ ازاي ما راعاش ان البنت دي تبقى بنت اخوه وما فكرش فيك؟ ولا فكر في اللي هتعاني بعد كده بنتك؟ انا كل ما افتكر اللي انا بنفسي كنت باسيب البنت معاه وانا متطمنه واوديها لي غصب عنها كمان، بابقى عاوزه اموت نفسي!! انا كنت باوديها بيدي لي يعني انا شاركت معاه في اذيه بنتي
بداخل مدرسه نشوى كانت تجلس كعادتها خلف المكتب تعمل ثم لتنتبه الى ابنتها ريحانه التي تجلس بجانب النافذه وتضع يديها الاثنين فوق بعضهم علي السور و تسند وجنتيها اعلي يدها وهي شارده بالخارج بصمت منذ دخولها معها الى المدرسه على غير العاده تجلس بهدوء ولم تفتعل الفوضى والمشاكل، عقدت والدتها حاجبيها باستغراب قائله مستنكرة
= غريبه يعني قاعده ساكته ومش بتعملي دوشه ذي كل مره، سرحانه في ايه في الشباك ومخليكي هاديه وساكته كده
كانت حينها ريحانه تلتزم بالهدوء والسكينة رغم عنها حتى لا ترسلها والدتها الى عمها حمدي بعد ان ياست أن يصدقها أحد! ثم أجابت علي والدتها بقولها بصوت خافت وهي تحدق من خلف الزجاج
= بتفرج علي عم حسن (بوابه المدرسة) وهو بيرش الزرع
نهضت نشوي وهي تحمل حقيبتها وتضع بداخلها الهاتف و مفاتيح الغرف مرادفا
= طب لو زهقتي تعالى اتصل بعمك حمدي تقعدي معاه شويه عشان كمان شويه هخرج ومش هينفع اسيبك لوحدك هنا.. وكمان النهارده الوزاره هتبعت لجنه تمر على الفصول و ما ينفعش يشوفوكي هنا
انتفضت ريحانه من مكانها بذعر لتركض إلي والدتها تقول بتوسل وخوف
= لا انا مش عاوزه اروح في حته انا هفضل هنا ساكته ومش هعمل دوشه خالص .. ونبي يا ماما عشان خاطري ما تودينيش عند عم حمدي انا عاوزه اقعد هنا معاكي
لم تعطي نشوي الامر كثيرا اهميه معتقد انها تتدلل حتي توافق على جلوسها بداخل المدرسه لتلعب بحريه اكثر وهي بعيده عنها ..هزت رأسها برفض وقالت بحده
= قلت لك مش هينفع افرضي حد دخل لك هنا ولا عملك حاجه و ممكن بعد الشر تبصي جامد ناحيه الشباك وتقعي انا عارفاكي ما بتبطليش شقاوه، وانا هفضل طول اليوم مع اللجنه إللي بعتاها الوزاره.. مش هكون متطمني عليكي كده الافضل تعقدي الفتره دي مع عمك حمدي عشان اطمن عليكي اكثر
همس اسماعيل بصوت يملئه الحزن و اليأس و هو ينظر اليها بتضرع
= بس يا نشوى اسكتي وكفايه إللي احنا فيه.. مش وقت دلوقتي نقعد نلوم بعض ونفكر مين اللي غلطان.. واحنا الاثنين غلطانين خلاص ارتحتي اسكتي بقى
صف حمدي سيارته امام مدرسه ريحانه ليهبط منها وهو يتحدث بالهاتف قائلا
= خلاص يا نشوى اطمني انا وصلت المدرسه بتاعتها اهي هاخذها واخليها تقعد معايا لحد ما تعدي عليها بالليل وتاخذيها مني ..زي ما اتفقنا سلام
تعالى اصوات جرس المدرسه لخروج الاطفال الي منازلهم مع اهاليهم.. وعندما خرجت ريحانه تركض معتقده ان والدتها جاءت لتاخذها مثل كل مره، لكن تفاجئت بعمها حمدي هو من يقف بانتظارها امام المدرسه!! توقفت بفزع وهي ترجع بخطوات الى الخلف بقدمها بخوف متسائلة بتوجس
= هي ماما فين ؟.
أبتسم حمدي وأجاب بهدوء شديد
= ماما يا حبيبتي عندها شغل كثير ومش هتعرف تاجي تأخذك من المدرسه النهارده وانا أهو جئتلك بنفسي عشان اخذك بدلها.. يلا تعالي عشان نروح
سحبت يدها منه بقوه و رفض وهي تصيح بخوف وذعر
= لا انا مش عاوزاك انا عاوزه ماما او اتصل بـ بابا يجي ياخذني.. مش عاوزه اروح معاك
جز على أسنانه بغضب مكتوم عندما وجد بعض المدرسين نظروا اليه بشك علي صراخ ريحانه ثم قال بحده خفيف
= في ايه بس يا ريحانه اهدي يا حبيبتي ما قلت لك مشغولين الاثنين تعالي معايا وانا هجيبلك حاجه حلوه..
هزت راسها برفض عده مرات وهي ترتجف برعب منه، في حين اقتربت المعلمه منهم.. بينما حمحم حمدي بتوتر وقال
= انا عمها حمدي في مقام ابوها برده لو عاوزاني اتصل لك بحد من اهلها عشان تتاكدي اتفضلي التليفون هما اللي بعتوني اخدها
هزت راسها المعلمه مبتسمة لتردف بتفهم
= مفيش داعي يا استاذ حمدي مدام نشوى اتصلت بينا فعلا وقالت لينا نسيب البنت تروح معاك النهارده ،وكمان هي مديانا خبر في اي وقت حضرتك تيجي تاخدها أنت أو والدها نسيبلك الطفله تروح معاك
ثم انزلت المعلمه على ركبتها لتصل لمستوى ريحانه وهي تتحدث بابتسامه هادئه
= في ايه بس يا ريحانه ده عمك برده يا حبيبتي مش حد غريب يلا يا حبيبتي روحي معاه عشان زمايلك هم كمان ماشيوا ومش هينفع تقعدي لوحدك في المدرسه
أما حمدي فقد تنهد مبتسم بارتياحيه..
تحدثت نشوي ببطئ ليرى اسماعيل الألم المرتسم داخلها مما جعله يرغب بسحق ذلك الخسيس شقيقه لتخريبه لحياتهم وحياه أبنته المسكينه.. وقد اغمقت عينيها بالألم قائله
= ايوه صح انت كمان غلطان عشان انت كمان كنت ساعات بتسيبها هنا في البيت معاه لوحدهم وتروح مشاويرك اللي وراك براحتك.. وانت مش متوقع هو بيعمل ايه مع بنتك في البيت.. ايوه احنا الاثنين غلطانين احنا اللي وصلنا بنتنا لكده
تسارعت انفاسه و احتدت بشدة شاعراً بالارض تميد اسفل قدميه و قد فرت من جسده الدماء فور سماعه كلماتها تلك استقرت عينيه المتسعة الى نقطه بعيداً مولمة حدثت بالفعل؟ في ليالي كان يجبر ابنته للجلوس معه هنا بالمنزل بمفردهم..!! هل معنى ذلك انه ايضا شريك في هذه الجريمه؟
بداخل منزل إسماعيل.. أغلق الباب وهو ينظر إلى شقيق باسف مرددا بقله حيله
= معلش يا حمدي جبتك على ملا وشك، بس انت عارف شغلي ملوش مواعيد ولازم لما يطلبوني في القسم اروح ليهم على طول.. وللاسف النهارده نشوي مسافره رحله تبع المدرسه و امك اكيد في الوقت ده نامت وما رضيتش ازعجها.. فملقتش غيرك يجي يقعد مع ريحانه لحد ما ارجع من الشغل
ابتسم حمدي من زوايا فمه هاتفاً بلهجة حنونه
= ولا يهمك يا حبيبي هو انا غريب يعني.. ده انا في مقام ابوها روح انت شغلك وبراحتك وما تخافش عليها ..ريحانه دي في عيني
ثم رحل والدها و اغلق حمدي خلفه ليلتفت وراه بينما عينيه مسلطة على ريحانه التي تقف خلف المقعد تتحامى فيه تلك الطفلة التي تراجعت الى الخلف بفزع عندما وجدت نفسها بمفردها معه..! وقد أزال حمدي وجه البراءه ليحل وجه الشيطان الخبيث ..امتلئ ريحانه قلبها بالرعب واصبحت عينيها ضبابيبتين ممتلئتين بالدموع ..لكن ما اقترب منها شعرت بيدين تجذبها بقسوة من الخلف المقعد نحوه.
اجبر شفتيه على التحرك هامساً بصوت مختنق مرتجف
= خلاص بقى يا نشوى اسكتي بقولك ،هو انتي مفكره قلبي حجر مش بحس ولا حاسس نفسي إني عاجز ..انا لحد دلوقت زيك مصدوم ومش عارف اعمل ايه؟ واذا انتي زعلانه عشان بنتك وصدمتك في اخو جوزك فانا زعلان على بنتي ومصدوم في اخويا اكثر منك
شعرت أنها فقدت نشوي أعصابها و هي في حالة شبه هستيرية لتكمل و عينيها تلتمع بالقسوة لأول مره تشعر بها تجاه شخص متحدثه بغل كبير بحرقه
= حسبي الله ونعم الوكيل ..حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا حمدي من هنا ورايح مش هادعيلك في صلاتي واترحم زي ما كنت بعمل زمان وصعبان عليا.. لااا دلوقت هفضل ادعي عليك ما تتهنيش يوم واحد في تربتك غير وربنا واخذ لي حقي بيني منك.. اه يا ناري يا ريتك كنت عايش يا حمدي الكلب كنت انا اللي قتلتك بيدي
***
بداخل جريده الصحافه بالتحديد في مكتب المدير أخفض عبد الجواد الاوراق اعلى المكتب بصدمه ونظر إمامه بدهشة هاتفاً
= ايه ده يا حمزه اول مره تتكلم عن موضوع التحرش والمواضيع دي من امتى وانت بتحقق وراء القضايا دي ولا بتشغلك حتى، وبعدين مش شايف انك مبالغ قوي في التقرير اللي انت عاوز ننشره ده وممكن يهيج ناس عليك
هز رأسه حمزه بضيق شديد وهو يقول بنبرة عميقه
= ليه وانا بقول حاجه غلط فيه، وبعدين اللي متعرفيش حضرتك ان جزء من اللي أنا كاتبه كبير اوي منه بيحصل في الواقع واخرهم الحكايه اللي انا كلمت حضرتك عليها قبل كده حكايه ريحانه اسماعيل البنت اللي قتلت عمها كل الناس نزلت هجوم عليها وسب فيها وفي اهلها وقالوا كلام ما ينفعش يتقال عليها وهم مش عارفين القصه الحقيقيه ايه؟؟ وانا بصراحه شايف ان واجب عليا طالما عرفت الحقيقه انشرها عشان الناس تعرف وتبطل الهجوم اللي عليها
خلع عبد الجواد نظاره القراءه وهو يتحدث بوضحه
= انا ما قلتش حاجه على القصه بس التقرير ذات نفسه انت ذكر فيه كذا حاجه يعني القضيه بتتكلم عن القتل وانت قلبتها قضيه تحرش واعتداء ممكن كده الناس تهجمنا احنا ويقولوا ان احنا بنبرر ليها اللي عملته.. زي ما بنشوف دلوقتي بيعملوا ايه في قضايا قتل البنات الايام دي!!.
تنهد حمزه عددا لحظات يتنفس الصعداء ثم هتف بجدية قائلا
=لا معلش قضيه ريحانة حاجه والقضايا اللي حضرتك بتتكلم عليها حاجه ثانيه خالص وما ينفعش اصلا حد يتكلم ويدافع عنهم.. هو حضرتك قرات بدايه القصه كويس و شفت المعاناه اللي شافتها وهي صغيره طب بلاش عرفت السبب الحقيقي اللي خلاها تقتل عمها ده كان بيتحرش بي بنت ثانيه يعني كان مستمر في اللي بيعمله سواء معاها او مع غيرها ومين عالم عمل كده مع كام بنت.. حضرتك اصلا مستوعب لما عم يعمل كده في بنت اخوه
نظر إليه بيأس وقال بصوت مقتضب
= بس في النهايه هي قتلت يا حمزه، غير مفيش شاهد واحد على اللي هي عملته يقول فعلا هي كانت بتدافع عن طفله.. عشان كده عاوزك تستنى شويه على الكلام اللي انت كاتبه ده مش عاوزين حد يقول ان احنا بندافع عن القاتل وكمان بنخترع لي مبررات لان مفيش شاهد لحد دلوقتي
جز على أسنانه بغضب مكتوم قائلاً بحده
= ما فيش شاهد صحيح وقت جريمه قتلها بس الحمد لله الحكومه لقيت دليل في بيت حمدي عمها وانه فعلا كان بيمارس شهواته على الاطفال يعني هي ما طلعتش كذابه ولا بتالف واكيد في موضوع قتل عمها كانت بتقول الصدق برده لان مفيش تفكير واحد يقول انها ممكن تقتله بعد المده دي كلها يوم فرحها كمان الا لو في سبب فعلا..وانا بصراحه شايف انها مظلومه ما هي كانت بتدافع عن طفله ولما حطيت نفسي في نفس موقفها و لو شوفت واحد بيعمل كده في عيله صغيره قدامي اكيد مش هستوعب أنا بعمل ايه فيه عشان انقذ البنت منه، ما بالك بقى هي واللي عمله فيها..انا فاهم حضرتك عاوز تقول ايه انا ولا عاوز ابرر للقاتل ولا عاوزه اطلعها براءه، بس الموضوع غير ريحانه تعتبر قتل دفاع عن النفس
ليكمل حمزه قائلا بحزم
= وبعدين الموضوع ده المفروض يتقلب قضيه راي عام في بنات كثير بتعاني من القرف ده ومش عارفين يتكلموا ولا ياخذوا حقهم.. وكله كوم وحكايه التحرش العائلي دي حكايه لوحدها بعض الاهالي هي نفسها اللي بتمنع البنت تتكلم عشان الفضيحه ما تطولهمش هم كمان مهو واحد من العيله بقى نستر عليه.. تخيل حضرتك لما طفله صغيره تلاقي ابوها ولا امها يقول لها اعملي نفسك مش واخده بالك وحصل خير اكيد ما يقصدش وكلام من ده كتير.. بدل ما يجيبوا ليها حقها واللي يوجع بقى ان الشخص ده يفضل عايش حياته عادي ويستمر يؤذي الغير ما هو للاسف ملقاش اللي يعاقبه
نظرت إليه عبد الجواد وهو يتحدث بقلق عليه مرددا
= حمزه انا عارف كويس انك ما بتحبش الظلم ولا الافتراء و اول ما بتشوف قضيه شبه كده والجاني مظلوم فيها.. بتفضل وراها وتقعد تنشر وتنزل تقطيع في الناس كلها والحكومه كمان، واخره إللي بيحصل كل مره بيدوك تحذير لاما الحبس لو مسكتش و ساعات كثير بيتجاهلوك ولا اكنك بتتكلم أصلا.. نصيحه مني يا ابني بلاش تعمل مشاكل وما تخليش تعاطفك مع البنت دي يوقعك في مصائب انت مش قدها
عقد حمزه حاجبيه باقتضاب هاتفاً بلهجة جديه
= انا بعمل اللي يريح ضميري وواجبي الانساني قبل كصحفي يا أستاذ عبد الوجود، ولازم اي حد بايده حاجه يساعد و ما يتاخرش لان القضيه هتتقلب قضيه قتل وبس والمتهمه هتتعدم والقضيه تتقفل على كده ومحدش هيفكر في اللي كان بيعمله القتيل وأنه قضي على طفولتها لان بكل بساطه هو مات وماعتش لي وجود.. المهم حضرتك هتنشر الموضوع ولا اشوف جريده ثانيه
***
كنت أسير بين الممرات العنبر حتي وصلت إلى مكتب المامور لادخل الي الداخل لاتفاجا بي والدتي وابي امامي!! اغمضت عيني بقوه غير قادره ولا مرحبه بهذه المواجهه الان فيكفي ما احمله بين طيات روحي الكثير والكثير من المعاناة التي لا تنتهي ابدا.. اندفعت أمي نحوي تحضني بشده واخرجت صوت صغير متألمه كان كسكين غرز بقلبي
= يا حبيبتي يا قلب امك عامله ايه يا حبيبتي طمنيني عليكي.. مالك خاسه كده ليه شكلك تعبان قوي.. ما بترديش ليه؟
نظر ابي نحوي هاتفاّ بصوت يملئه اللهفة و الخوف
= براحه عليها يا نشوى انتي كويسه يا ريحانه محتاجه حاجه؟
كنت منذ دخولي الحبس لم يسالني أحد عن صحتي واحوالي هنا؟.. الآن فقط تذكروا أنني بحاجة إليهم والي اهتمامهم!!.
ظليت صامتة بمكاني عدة لحظات بجمود و أنا اتطلع الى كل أرجاء الغرفة إلا وجه أمي وأبي.. ابتعدت عني أمي بعد فترة قصيرة ثم مسحت علي وجنتي بحنان وقالت بقلق مزدوج بعتاب
= ليه يا حبيبتي ما حاولتيش تقولي لينا على اللي كان بيعمله عمك فيكي الهي يجحمه مطرح ما راح ولا يشوف راحه في جهنم البعيد ربنا ينتقملك منه يارب ..بس كان لازم تقول لينا يا حبيبتي وتعرفينا عشان نساعدك
لم استطيع الي هنا بالاستمرار في السكوت نظرت إليها باعين مظلمة ممتلئة بالغضب العاصف
= هو انتي بتتكلمي بجد ولا بتهزري تاعبه نفسك وجايه لحد هنا عشان تساليني السؤال البايخ ده؟ تبقى مصيبه فعلا لو مش عارفه الرد عليه
تطلع ابي وامي الى بعض بدهشة واستغراب فانا لأول مره اتحدث معهم بهذه اللهجه الغليظة، لكن كان ذلك السؤال ثقيل على قلبي بشده.. ثم اشعلت كلماتي تلك الالم الذي ينبض بداخلي و قد تذكرت جميع ما حدث لي بسببهم عندما لم يعطوني اي فرصه للحديث ولا يصدقني احد منهم، وهتفت بقسوة
= انا ياما حاولت اقول لك و مش انتي وبس على فكره وانت كمان يا بابا حاولت المحلك كثير أوي و حتي تيته حاولت اقول ليها، و قلت كمان للمدرسه بتاعتي بطريقه مباشره ان انا بتعرض لتحرش من حد من اهلي.. بس عارفه كل دول ردوا عليا و قالوا لي ايه؟؟
غمغمت بصوت مختنق بوجهي الشاحب كشحوب الاموات و عينين الذابله من البكاء و الإرهاق بينما العرق يملئ جبيني
= في إللي ما ادانيش فرصه يسمعني زي حضراتكم و تيته كمان.. وفي اللي ما صدقنيش اصلا وقالوا عليا تلاقيها عيله صغيره بتهزر، وفي اللي قاللي اسكتي خالص وما تفتحيش بقك باللي حصل عشان ما تخربيش على اهلك وتجيبي ليهم الفضيحه والعار .. مش هو بطل يقرب منك خلاص اعتبري نفسك ما حصلش حاجه وطنشي ايه يعني حصل خير!!
اتسعت عين أمي بصدمه و همست بصوت متشنج بالتوتر
= هو انتي كنتي تقصدي بكلامك لما كنتي زمان بتقولي في واحده صاحبتك بيحصل معاها كده كنتي تقصدي انتي؟ والله العظيم ما كنت متخيله انك تقصدي كده ولا كنت اعرف أن الاسئله الغريبه اللي بتساليها عشان كده.. ولا جاء في دماغي حاجه زي كده اصلا ،حقك عليا يا بنتي، يا ريتني كنت اديتك فرصه وسمعتك
يقولون دائما الندم بعد فوات الاوان لن يفيد بشيء؟ الان قد عرفت أنهم كانوا معهم كامل الحق في ذلك.
تطلع أبي الي أمي بعدم فهم ليجد زوجته انفجرت في البكاء بحرقه.. ثم تنهد أبي بعمق شديد وهو يحدق بوجهي الشاحب باهتمام وداخل روحه وعقله يبدأ بنسج خيوط ما يحدث... ليقول بصوت متردداً
= هو اللي حصل ده حصل لمده قد ايه؟
قد فهمت ما يقصده! نظرت اليهم عده ثواني ولم اقدر على النظر اليهم وانا اتحدث لذلك اخفضت رأسي عنهم و قد كان صدري يعلو و ينخفض بقوة اكافح لالتقاط انفاسي بينما قلت بجمود
= ثلاثه سنين! بدأ وانا عندي خمس سنين واستمر لحد ما بقى عندي تمن سنين..هو بعيد عني فجاه بس انا فهمت متاخر ان انا كنت كبرت خلاص وما بقتش انفعه !!
سقط قلب أبي فور سماعه كلماتي الثقيلة بعدم استيعاب و الألم المرتسم بعيني بوضوح ...بينما شهقت أمي لاطمة خدها بيدها دون وعي و قد شحب وجهها بشدة وعينيها اصبحت محتقنة بالدموع وهتفت بارتجاف و خوف
= يا نهار اسود ومنيل.. يا نهار اسود، ثلاث سنين!
زفرت أنفاسي بعنف و النيران التى بصدري تشتعل دون رحمة وقلت
= انا الكلام اللي هقوله دلوقتي حاولت كثير اتشجع واقوله لاني كنت دائما متلخبطه وخايفه ومكسوفه وخجلانه حتى من نفسي كاني انا اللي عامله مصيبه.. كنت دائما بابقى خايفه من رد الفعل ومش عارفه هتبقوا معايا ولا ضدي.. ومن كثر ما انا ياست ان حد يسمعني ما توقعتش ان هاجي يوم وهحكي كل حاجه؟ و بالذات ليكم انتم الاثنين..!!
ثم ابتلعت الغصة التى تشكلت بحلقي وأنا أتحدث بتصميم
= بس انا خلاص اخذت عهد على نفسي ان انا مش هاسكت ثاني مهما حصل وهتكلم وهقول كل حاجه للكل.
تحدثت وقلت كل شيء دون تفاصيل وبسرعه فائقه حتي اتخلص من ذلك الموقف الصعب واستطيع التنفس براحه ..وبعد ان انتهيت تحركت للخارج بسرعه دون ان انتظر رد أحد منهم!!
***
بداخل القسم بالتحديد داخل مكتب المامور فتح العسكري الباب ليدلف بدر الدين والد الطفله دهب، اشار الضابط الى العسكري بالخروج ثم هتف بهدوء
= اتفضل يا استاذ بدر استريح
ابتلع بدر ريقه بصعوبة بالغة وهو يتقدم للجلوس أعلي المقعد، ثم تفحصه الضابط مبتسماً قائلا
= مالك قلقان كده ليه هما كلمتين هناخدهم منك وهتمشي على طول الموضوع مش محتاج قلق ولا حاجه
نظر بدر له مرتبك وهو يقول بنبرة متلعثمة
= معلش اصل اول مره في حياتي ادخل قسم وبعدين مش فاهم لحد دلوقتي انتم عاوزاني ليه؟ حتى العسكري لما جي بالمحضر عند بيتي اترعبت اول ما شفته وما ادانيش عقاد نافع يا ريت تطمئني وتقول لي في ايه بالضبط
هتف الضابط بجدية متسائلا بخشونة
= تعرف واحده اسمها ريحانه اسماعيل
عقد بدر حاجبيه باستغراب قائلا بعدم فهم
= هاه ايوه بس مش معرفه قوي ممكن اكون شفتها مره ولا مرتين بحكم انها ساكنه جاره جنب بيتنا وانا بسافر كثير بره لشغلي وكنت بسمع من مراتي ان بنتي بتقعد معاها تعلمها الرسم عشان هي مدرسه.. و اخر حاجه عرفتها عنها انها قتلت عمها ليله فرحها
صمت الضابط قليلاً ثم قال بجدية
= وما تعرفش أنها قتلت عمها عشان تنقذ بنتك من حمدي عم ريحانه عشان كان عاوز يعتدي على بنتك دهب!
اتسعت عينا بدر بصدمه وعدم استيعاب ليقول بحده
= ايه اللي حضرتك بتقوله ده يا حضره الضابط انا اول مره اسمع الكلام ده ما فيش حاجه زي كده حصلت مع بنتي، هي استاذه ريحانه هترمي بلاها على بنات الناس وتلبسهم فضيحه عشان تطلع نفسها براءه
أردف الضابط متسائلا باهتمام
= يعني بنتك ما قالتلكش حاجه زي كده ولا انت لاحظت ان في حاجه زي كده حصلت يا استاذ بدر، ارجوك لو تعرف ساعدنا دي ما مساله حياه او موت.. يوم الفرح على حسب اللي قالته ريحانه في التحقيق أن القتيل حمدي حاول يستدرج بنتك للجراج عشان يعمل معاها نفس اللي كان بيعمله مع بنات ثانيه غيرها كتير وهو انه يمارس عليهم شهواته ويتحرش بيهم ويعتدي عليهم
جز بدر علي أسنانه بغضب شديد وهو يقول بعصبية
= حضرتك لسه بتسالني انا بنتي شريفه وبعدين وهي اي واحد يقول ليها تعالي هتيجي معاه انا بنتي متربيه كويس جداً ومستحيل تسمح بحاجه زي كده تحصل معاها.. شوف حضرتك الهانم اللي عاوزه تسوق سمعه طفله صغيره عشان تطلع نفسها براءه، انا لو كنت اعرف انها نيتها كده ما كنتش خليت مراتي تسيب بنتي تقعد معاها الظاهر كده انها كانت بتدبرها عشان تستغل عيله صغيره مش فاهمه حاجه
ثم تابع حديثه وهو ينهض بعنفوان
= يا ريت لو التحقيقه خلص تقول لي عشان امشي مش ناقص حرقه دم اكثر من كده
***
مددت بقدميها امام الطاولة الصغيرة المتواجدة امام التلفاز و تمعن بجثتها علي الاريكة غير مباليه وهي تأكل بعض "اللب" و تبصق بقشرتها علي السجاد تحت قدمها.. لتخرج والدتها في نفس اللحظه من المطبخ لتشهق بدهشة وغضب وكانت نظراتها تحمل كل انواع الاشمئزاز
= ايه القرف الي حضرتك عامله ده روح اكنسي الارض..و نضفي مكانك ، انا ليله ونهار عماله الم وراكم حرام عليكم انا تعبت الاسم مخلفه اربع بنات و ولا واحده عندها دم فيكم تساعدني
كانت الفتاه الثانية ذاته خمس عشر سنوات تجلس بجانب شقيقتها احلام و اعتدلت جالسة باستقامة و رفعت اعينها الحادة لها لتقول
= انا ماليش دعوه انا اصلا مش بحب اللب وأنتي عارفه كده كويس.. دي احلام وانا قلت ليها ماما هتزعق وما سمعتش الكلام
ادارت أحلام ذاته تسعه عشر سنوات محور رأسها تجاه والدتها بعدم مبالاه و عاودت رأسها الي التلفاز لتقول بعدم اهتمام
= لما البرنامج يخلص هقوم المه انا يا ماما خلاص ارتحتي كده
جزت رحاب علي أسنانها بغضب مكتوم وهي تهتف بعصبية
= يلا يا بت اجري أنتي وهي من هنا هو انا لسه هاستنى لما الزفت اللي بتتفرجوا عليه يخلص قومي هاتي المكنسه ونظفي قبل ما ابوكي يجي.. و يلا يا هانم انتي الثانيه روحي ذاكري يا أم ثانويه عامه مع اختك التوام جوه.. وبعدين هي فين اختكم دهب كمان لتكون بتعمل مصيبه جوه انا عارفاكم لما بتخفوا عني فجاه بتحصل كارثه في البيت
تنهدت بعبس شديد كلا من الفتيات لتنهض واحده منهم قائله بضيق شديد
= ولا كارثه ولا حاجه اهي قاعده جوه ربنا هديها وعماله تذاكر مع نفسها بقيلها على الحال ده اكثر من شهرين، اما اروح انا كمان اذاكر احسن ادبس في لم اللب اللي ماليش فيه ده
وفي نفس اللحظه تعالي طرقات علي باب المنزل بعنف لتذهب رحاب تفتح الباب لكن تراجعت الى الخلف بفزع عندما دلف بدر زوجها الى الداخل كالاعصار و هو يندفع نحوها بوجه اسود عاصف
= دهب فين.. فين بنتك يا هانم؟
عقدت حاجبيها بدهشة وقلق ثم نظرت إليه متسائلة بحيره
= مالك يا بدر في ايه بتسال على دهب ليه قاعده جوه بتذاكر هي عملت حاجه؟ انا قلت مش متطمنه لقعادتها للمذاكره لوحدها دي
لكن ما انهت كلماتها تلك الا ان أبعدها بقسوة من أمامه لبعيداً عنه و صوت بدر الغاضب يعصف بانحاء الارجاء بقسوة
= دهـب انـتـي يـا بنـت تـعالـي هـنـا
تجمعت الثلاث فتيات بقلق ورعب وهم لا يفهمون ماذا فعلت شقيقتهم الصغيره دهب حتى تغضب والدها هكذا؟
وبعد فترة خرجت دهب و انتفضت متراجعة للخلف بقوة كما لو كانت لمسته قد احرقتها و الخوف يرتسم على وجهها من غضب والدها هذا... تراجعت للخلف اكثر مبتعدة عنه قدر الامكان و هى تتذكر ما حدث بها وعند اخر لحظه انقذتها ريحانه قبل ان تقع أحد ضحايا حمدي المتحرش.. شعرت دهب يوجد أمر مريب وان قد كشف امرها والدها مما جعل الخوف و الذعر يسيطران عليها لتهتف بارتجاف
= نعم
ظل والدها يقف بمكانه عدة لحظات بجمود و هو يتطلع الى طفلته ويتذكر حديث الضابط عنها، نظر لها باعين مظلمة ممتلئة بالغضب العاصف
= هو سؤال واحد ويا ويلك لو عرفت ان ده حصل فعلا وانتي مخبيه عليا، عشان مش على اخر الزمن اتجرجر في الاقسام وسيرتي تبقى على كل لسان من تحت راسك.. الزفت اللي اسمه حمدي يوم فرح ريحانه اللي على طول ماسكه فيها وقاعده ليل ونهار معاها.. الراجل ده حاول يعمل لك حاجه ولا يقرب منك ؟!.
سقط قلب دهب فور رؤيتها غضب والدها الشديد لتشعر بالرعب المرتسم بعينيها بوضوح فقد كانت خائفة منه حقاً...ابتلعت بصعوبة ريقها بتوتر ملحوظه بينما اقتربت رحاب منه بدهشة وغضب
= هو في ايه يا بدر ايه الكلام اللي انت بتقوله للبنت ده وهي مالها بالزفت حمدي اللي الجرائد مليانه بالقرف اللي كان بيعمله ده! بي بنتك
زمجر بشراسة من بين اسنانه المطبقة بقسوة
= مش عاوز ولا نفس .. وأنتي انطقي ما تفضليش ساكته حمدي قريب ريحانه قرب منك ولا لمسك؟
صمت الجميع بخوف منتفض علي صراخ بدر وهو ينتظر اجابه ابنته بفارغ الصبر؟؟
امتصت دهب شفتيها السفلي و جسدها يرتجف متوجهه بنظرها الي والدتها المشفقة الحال عليها.. وعلي أشقائها الثلاث فتيات.. ثم ازاحت دمعاتها عن عينيها وقالت بصوت خافض مؤلم يخرج من ثغرها بالغصب
= لا معرفوش و معمليش حاجه
كان اسلوب قاسي جدآ ليستجيب طفله بذلك العمر ويهددها بشيء لم يكن لها يدي فيه؟ لكن هكذا تتولى الامور مع بعض الفتيات المذنبه بالتحرش! بينما تنهد والدها بارتياح شديد معتقد ان ابنته تقول الحقيقه لا يعرف انها اضطرت للكذب حتى تنقذ نفسها من غضبه الشديد..انقذت نفسها منه حقا لكن اوقعت غيرها في الهلاك.. لكن قد شعرت رحاب والدتها بالشك من خوف ابنتها الزائد.
***
فى المحكمه فى تلك البقعه التى تعج بالناس من متهمين وذويهم ومحامين وعساكر وحاجب ينادى على القضايا كل حسب دوره.. كانت تقف ريحانه بالخارج و الكلبشات حول يديها باحكام في انتظار مصيرها المجهول؟ فقد ارهقت فى الأشهر الماضيه بما فيه الكفايه ،كانت تتمنى مؤازرة اسرتها لها لكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه ،حتى خطيبها تركها تواجه مصيرها بمفردها كأنها أفه ،لا يحق لها معاتبته فماذا تنتظر منه بعد أن أضاعت مستقبلها وحلمه في ليله زفافهما! ثم عادت الى رشدها عندما تقدم منها رجل في سن الأربعين قائلا بهدوء
= ازيك يا انسه ريحانه انا مامون المحامي اللي هامسك قضيتك ان شاء الله و هترافع عنك
جحظت عينها من الغضب و تحدثت ببرود قائله بلهجة ساخره
= ويا ترى المره دي هيكون ايه الحل عشان تطلعني من هنا؟ المره اللي فاتت كنتم عاوزين تطلعوني مجنونه ..المره دي ايه هتطلعوني فاقده الذاكره ولا هتطلعوا لي شهاده اني محتاجه معامله اطفال
ابتسم المحامي من زاويه فمه فهو لديه علم بكل شئ من والدها اسماعيل ليقول بابتسامه هادئه
= ولا مجنونه ولا فاقده الذاكره انا جاي ادفاع عن الحق وبس ،وبدون ما ازوق الواقع واغير فيه!
تنهدت ريحانه بعمق شديد ولم تجيب عليه في حين هرولت إليها والدتها وخلفها زوجها اسماعيل لتركض نشوي تحضن ابنتها وهي تقول بين دموعها
= قلب امك حبيبتي عامله ايه طمنيني عليكي انتي كويسه يا قلبي.. برادي قلبي وردي عليا انا قلبي واجعني من ساعه لما عرفت اللي حصل ..حقك عليا يا حبيبتي
ظلت ريحانه صامتة بريب تحدق بالفراغ ولم ترفع يدها تضمها مثلها حتي، ثم نظر اسماعيل إليها بقله حيله في حين سمعت اسمها من الحاجب حتي تدلف الي المحكمة، لتتحرك مع العسكري لم تنطق بحرف وأحد
انتفضت نشوي بعد رحيل ابنتها من بين احضانها ،ذارفا العديد من عبرات الندم وتحدثت من بين دموعها بتوجس
= البنت مش بترد عليا يا اسماعيل دي حتي ما رفعتش عينها في عينينا
صمت ثواني ثم هتف بصوت منخفض حزين
= كانت في الاول هي اللي بترفض تشوفنا ومش عاوزه تتكلم.. دلوقت احنا اللي مش عاوزين نشوفها عشان مش قادرين نحط وشنا في وشها ..ولا عارفين ممكن نقول ايه نهون عليها بي؟
***
كانت زبيده نصف نائمة تحاول ان ترتاح بعد موجة الصدمات التى اصابتها عندما سمعت طرق حاد متتالى على باب الشقة مما جعلها تتحامل على نفسها و تنهض بتثاقل لكى تذهب و تفتح الباب... لكن ما ان فتحته تراجعت الى الخلف بتوتر شديد عندما دلف اسماعيل ابنها الى الداخل كالاعصار.. ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهمست بخفوت
= اسماعيل
هتف اسماعيل و هو يندفع نحوها بوجه اسود عاصف
= مالك مصدومه كده ليه؟ ايه ما كنتش عاوزاني اجي ولا ايه! مش انتي اللي من ساعه اللي حصل عماله كل شويه تخلي مني تتصل بيا وتعاتبني عشان مش باجي اديني جيتلك أهو
تنهدت زبيده بضعف شديد وهتفت
= اتفضل يا ابني ادخل
ابتسم بسخرية وهو يقول بغضب شديد وعيناه تقدح شرار حاقد
= هو انا بجد لسه ابنك؟ طب كويس انا عندي سؤال واحد بس ولازم تجاوبيني عليه! انا النهارده وانا في المحكمه بتاعه ريحانه عرفت ان المحروس ابنك قبل ما يموت كان بيعمل نفس اللي عمله مع بنتي مع 24 بنت غيرها..
تشدد جسد زبيده بذهول وصدمه فور سماعها كلماته الاخيرة تلك و صوت اسماعيل الغاضب يعصف بانحاء الارجاء بقسوة
= سؤالي هنا انتي كنتي فين من كل ده؟ عايز اعرف ما كنتيش تعرفي ولا عندك خبر عن القرف اللي بيعمله ابنك في بنات الناس ومع اكثر من واحده.. ردي عليا كنتي فين من كل ده؟
***
دلفت نشوي من باب الشقة بمفردها بخطوات ثقيله وهي تدلف الي الداخل وأغلقت الباب خلفها دون انتباه حتي كادت ان تسقط على الارض...لكنها تماسكت بضعف بالطاولة التى بجانب الباب حتى تبقى على قدميها لكن جسدها ينتفض بارتجاف بالكامل حيث كلمات ابنتها ريحانه ترن بأذنها عندما قصت عليهم الحقيقه الكامل وكل ما كان يفعله معها حمدي ذلك الخسيس الذي لا يستحق لقب عم، لتنتحب بشهقات ممزقة بينما تنحنى على نفسها تخفض بجسدها من ألم قدمها لتجلس أرضا بإهمال وهي لا تستوعب كل ما مرت به طفلتها الوحيدة منذ طفولتها وهي كانت لا تشعر بها مطلقاً اي أم هي! حتي لا تشعر بوجع ابنتها و احتياجها إليها، ظلت تعاتب نفسها كثيراً بشده و ضميرها يونبها.
ضمت جسدها بذراعيها وهى تبكى بمرارة و ألم فقد كانت في حالة من الصدمة و الذهول لا تصدق ان كان يحدث كل ذلك وهي كانت كمغيبه؟ فماذا فعلت ابنتها حتى تستحق كل ذلك العذاب.. ماذا فعلت حتي يستغلها حمدي لمده ثلاث سنوات ليمارس شهوته القذره عليها دون رحمة.. و كيف امكنه فعل هذا بها.. دون ذره شفقه!
اهذا ذات الشخص الذي كان لا يتحمل رؤيتها تعانى او تتألم حتي ان كان مجرد ألم بسيط... ويعتبر في مقام والدها الأخري.. فكيف استطاع ايذائها و تعنيفها بهذا الشكل.. فقد فعل بها شئ قبيح لا يغتفر لكن ماذا فعلت طفله صغيره بريئه حتي تستحق ما فعله بها..
اخفضت رأسها بينما تنتحب علي حالتها تلك شاعرة بألم حاد يعصف بقلبها يكاد ان يحطم روحها الي شظايا من شدة الحزن.. ظلت جالسة بمكانها عدة دقائق تحاول تهدئت ارتجاف جسدها قبل ان تنهض بتثاقل تجر قدميها بصعوبة و هى تنوي الذهاب الي غرفه ابنتها لتفتح باب الغرفة وتدلف لتنام فوق فراش ابنتها وتضم وسادتها لتشم رائحتها به حتي تشعر بها جانبها ليرتاح قلبها حتي ولو قليل.
وضعت يدها فوق قلبها محاولة تخفيف الألم الحاد الذي يعصف به و هي تهمس دون وعى من بين شهقات بكائها المريرة بكلمات متقطعة غير مترابطة بصوت مكتوم باكي القهر ينبثق منه
= ريحانه.. سامحني يا قلب امك... ازاي هونتي عليا اعمل فيكي كده... انا مش أم ما استحقش تكوني بنتي.. سامحني يا حبيبتي امك.. اااه يا بنتي
***
بداخل السجن بالتحديد داخل مكتب المامور حاول حمزه رسم ابتسامه صغيره وهو ينظر إلي ريحانه بهدوء ثم هتف قائلا باستفسار
= اخبارك ايه يا انسه ريحانه شفتي زي ما وعدتك حصل، زي لما بتساعدي الشرطه هم كمان هيساعدوكي تجيبي حقك، الحمد لله ان لقوا دليل على كلامك ودلوقتي محدش يقدر انه يكذبك.. انا عرفت ان قضيتك اتاجلت بسبب الادله الجديده إللي ظهرت مش كده
لم يجد رد مني وقد وقعت عينيه على وجهي الذي كان يظهر عليه بوضوح علامات الحزن و الدموع ملات عيناي عقد حاجبيه بدهشة وقلق هاتفاً
= مالك انتي كويسه في حاجه مضايقاكي المفروض تكوني فرحانه دلوقت في امل ان شاء الله
ارتجفت شفتي في قهر و انا اهمس بصوت ممتلئ بالألم و الحسرة
= عرفت في النيابه ان في حوالي 24 بنت زيي حصل معاهم كده نفس اللي حصلي من عمي حمدي، عانه من نفس اللي انا شفته ما كانش بيكتفي بيا انا وبس .. ازي جاء له قلب يعمل في بنات كثير زيي كده، مش قادره اصدق اللي عرفته
تنهد حمزه بضيق شديد وقال
= على فكره دي حاجه متوقعه أصلا واحد بالاخلاق دي وما عندوش ضمير ولا حتى راعه انك بنت أخوه يبقى مش هيصعب عليه لما يعمل مع بنات ناس ثانيه غيرك.. بس تعرفي ايه اللي يغيظ ويضايق بجد؟ ان ما فيش ولا بنت من الـ 24 اللي عمل فيهم كده قدم بلاغ واحد بس ضده
تحولت دموعي الى شهقات بكاء عالية ممزقة و أنا أتحدث بصوت منخفض ملئ بالحسرة
= عشان كده للاسف فضل مستمر عادي في اللي بيعمله وبيدور على ضحايا جديده واحنا اللي خليناه يكمل في القرف ده و أنا واحده منهم شاركت في كده وكنت السبب في انه يدمر بنات غيري لما سكت ..يا ريتني كنت اتكلمت من بدري شويه يا ريتني كنت قتلته اصلا من اول ما عمل فيا كده.. وياترى انا رقم كام فيهم الاولى ولا العاشره ولا الخامسه و ايا كان.. كان لازم اتكلم كنت هنقذ نفسي وبنات غيري بعدي
انهيت من جملتي دافنة وجهي بين يدي بينما حلقي كان ينقبض وأنا احاول كتم شهقات بكائي لكنها فلتت مني منكسرة.. شعر حمزه بقبضة تعتصر قلبه و بألم يكاد يحطم روحه الي شظايا و هو يستمع الي ما عانته بسبب ذلك اللعين عمي، ثم هتف وقال
= ما عشان كده يا ريحانه بنقول ان السكوت في الاوضاع دي عمره ما كان حل ومهما هتكون النتيجه المهم ناخذ حقنا ونوقف الناس دي عن اللي بيعملوه
نظرت اليه وعيني تنبثق منها خيبة الامل و الجرح وقلت
= معاك حق انا كل ما افكر ان في بنات غيري عانت وشافت اللي انا شفته بحس نفسي بيروح مني وبموت من جوه، ما كنتش عاوزه حد يمر ولا يحس باللي انا حسيته احساس بشع و وحش قوي، المعاناه دي صعبه قوي في السن ده.. بس اكيد هو هددهم زي ما هددني عشان كده خايفوا
هز رأسه حمزه هو ينظر الي بتضرع وقال بصوت جاد
= الخوف ده احساس وحشه قوي وبيخلينا نخسر والنتيجه اهي.. بس انا برده مش قادر استوعب ازاي ولا حد من أهل البنات دي ما اعرفش وجي يبلغ او على الاقل يروح لعمك ويتخانق معاه يفضحوا ودي حاجه برده مش قادر استوعبها
همست بألم و قد بدأت عيني تصبح ضبابية ممتلئة بالدموع متسائلة
= قصدك ايه؟
اجاب حمزه بصوت خاب مختنق يملئه اليأس
= قصدي ان اكيد مش البنات بس اللي خافت اهاليها كمان خافت تتكلم عشان ما يجيبوش لنفسها العار و الفضيحه لاولادهم وليهم.. زي ما هم فاكرين ان السكوت هو الصح.. ما هو معلش اسف فاللي هقوله بس حسب كلامك في البدايه وانا اسف يعني اهلك السبب بسبب اهمالهم وانشغلهم لفتره طويله في شغلهم عنك ومن ناحيه ثانيه ودي الاهم ما كانوش بيديكي الفرصه انك تتكلمي وتعبري عن اللي جواكي.. فاكيد بعض الاهالي لاحظت على بناتها انهم فيهم حاجه واكيد في بنات حكت من نفسها بس المتوقع هنا انه الاهالي هي اللي سكتت!
تنفست بصعوبة وأنا أفكر في كلماته بعمق محاولاً تهدئت اعصابي التى كانت على حافة الانهيار.. فهو بالفعل معه حق الأهالي لديها دور كبير في هذه المسائل، مثلما ما عانت انا اكثر عندما لم اجد احد منهم يسمعني ولا يصدقني.. صمت للحظة قبل ان اتحدث وأتابع بكلماتي المتقطعة من بين نشيج بكائي
= ايوه الصمت اللي دائما فاكرين هو الحل لكل المشاكل، والخوف من الفضيحه! وفي النهايه بندمر نفسنا بايدينا .. المشكله مش في اللي بيتحرش ويغتصب وبس؟ المشكله الاكبر من كده في مجتمعنا!
صمت حمزه منخفض الرأس صامت و هو وغير قادر علي الرد عليا بينما الالم يمزق قلبي وهمست بصوت مختنق منتحبة
= عمر ما حد هيجيء يحكي مشكله زي كده الا وهنطلع 100 مبرر وسبب للجاني؟ وهنسال اسئله ما لهاش علاقه باللي حصل، لكن ازاي نراعي بعض ونفكر ان كل بنت بيحصل ليها كده بيبقى جواها خوف من اللي بيتحرش وما من رد فعل الناس؟ احنا بنبقى شايلين هم الاثنين كاننا احنا اللي غلطانين مش هم!
قاطعني حمزه سريعاً بانفس لاهثه و هو يشعر بكلماتي كالخنجر بصدره قائلا بتردد
= ريحانه انا اسف في اللي هقوله و لو هيضايقك ما تجاوبيش! بس هو انتي اتعرضتي للتحرش مره ثانيه غير من عمك؟
رفعت رأسي نحوه و الالم يمزق قلبي بقسوة وأنا امسح وجهي من الدموع العالقة بها وقلت
= ايوه حصل..! بس المره دي ما سكتش واتكلمت؟
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺