رواية لاحب بيننا الفصل الأول بقلم الكاتبه خديجه السيد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
رواية لاحب بيننا الفصل الأول بقلم الكاتبه خديجه السيد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
ابتسمت فيروز خجلاً وهي ترى مدى الإهتمام والرعاية من خطيبها وحبيبها الوسيم، ابن عمها نجيب، الذي لم يتردد لحظة واحدة في التعبير عن حبه واهتمامه بها أحياناً يشعرها كأنها شخصية استثنائية وغير عادية، حيث استطاع نجيب أن يرفعها إلى سابع سماء بسبب أفعاله.
دائماً يتذكر جميع مناسباتها، وهو الوحيد الذي يحتفل بها معها ويغمرها بالكثير من الهدايا. كل هذه الأفعال جعلتها تشعر بأهميتها الكبيرة لديه وبمدى هيمنته عليها، وأنه غارق في حبها، مما جعلها تثق فيه وتفعل كل ما يريد دون تفكير.
فماذا يمكن أن تريد أكثر من شخص يحبها ويهتم بها ويفعل المستحيل من أجلها ولا يحرمها من شيء؟ فهل بعد كل ذلك ستبخل بشيء عليه؟!
رفع نجيب رأسه فجأة لينظر ناحيتها فأمسك بها وهي تتأمله مليًا مما دفعها لخفض ناظريها في حرجٍ كبير رغم أنه خطيبها وخلال فتره قصيره سيكون زوجها، أبتسم قليلًا وسألها بغموض
= عملتي ايه في اللي قلتلك عليه يا حبيبتي
معقول كل ده لسه بتفكري ومش واثقه فيا.
توترت وارتكبت وتملكها القلق فرفعت يدها المرتعشة لتسوي مقدمة رأسها الذي مغطى بالحجاب وهتفت بتبرير
= مش كده يا نجيب بس انا مش فاهمه انت بتطلب مني طلب زي ده ليه واحنا خلاص قريب هنتجوز، بلاش عشان خاطري حكايه الصور دي انا مش فاهمه ايه لازمتها اصلا وليه كل شويه تزن عليا في الموضوع ده بالذات.
بقي محدق في وجهها وهو لا يزال يخاطبها بغضب مكتوم
= تاني يا فيروز ما انا قلتلك بتأخر في الشغل كتير وما بقيتش أشوفك الأيام دي كتير بسبب اني مشغول في تجهيزات الفرح كمان فعاوز زي ما بنتكلم مع بعض تبعتيلي صورلك فيها إيه بقى؟!.
قامت فيروز بتجلية أحبال صوتها لترد برعشة خفيفة ما زالت ناجمة عن شعورها بالحرج
= بس انت مش طالب اي صور انت بتقولي عاوز صور أكون فيها من غير طرحه و آآ و لابسه قصير!.
أطلت من عينيه لمعة ماكرة أتبعها قوله المليء بالإصرار
= طب وفيها ايه مش انا خطيبك برده وانتٍ بتحبيني و واثقه فيا ولا شكلك كده ولا بتحبيني ولا حاجه، بقى انا عاوز اي حاجه تطفي شوقي ليكي وانا بعيد عنك ومشغول في طلباتك للفرح وانتٍ تبخلي عليا بحاجه صغيره زي كده؟ خلاص يا فيروز انسي ولا اكني طلبت منك حاجه.
امسكت ذراعيه بسرعه بضعف وقالت بعتاب
= يا نجيب استنى هو انت كل مره هتمشي و تسيبني وتقفل بعد كده تليفونك وما شافكش إلا بعد اسبوعين على الاقل، انت زعلك بقى وحش كده ليه؟ يا حبيبي انا واثقه فيك و بحبك فوق ما تتصور بس افرض يعني الصور دي وقعت في ايد حد غريب إيه الوضع ساعتها؟ ولا حد من اهلنا أكيد هيفهمني غلط.
نفخ بضيق شديد قائلًا بصيغةٍ شبه غاضبة ويده مرفوعة قليلًا في الهواء
= انتٍ غبيه يا فيروز ما اكيد حاجه زي كده مش هوريها لهم ولا بسيب تليفوني مع حد أصلا وانتٍ عارفه كده كويس، وبعدين خلاص وصلت اللي فيها أنك مش بتحبيني ولا واثقه فيا قفلي بقى على الموضوع ولا اكني طلبت منك حاجه.. يلا عشان نروح قبل ما عمي مسعد والدك يتصل بينا ويستعجلنا.
تحرك من أمامها مجدداً لتعلم جيد بأنه بعد ذلك سيختفي فتره من حياتها كعقاب على رفضها للأمر مثلما يفعل كل مره، والغريب بأن لم تكن أفعاله كذلك من قبل بل تغير في الوقت الأخير عندما اقترب زفافهما واصبح يصر عليها بذلك الطلب بإصرار عجيب!
لتفكر بأن زواجهم بعد أسبوعين ولا هناك مانع اذا ارسلت إليه هذه الصور مثلما يريد حتى تنتهي هذه المشكله ومن غضبه الغير مبرر، لتهز رأسها هاتفه بسرعه متهورة
= نجيب استنى خلاص انا موافقه!
لم يبدو عليه الفرحه أو الارتياح بل تجهمت ملامحه بصدمة كبيرة وهو يسألها بذهول
= موافقه على ايه هتنفذي اللي انا قلتلك عليه بجد؟!.
ضغطت على شفتيها بتردد كبير وتحدثت بحذر
= ايوه هبعتلك الصور بس خد بالك منها وما تخليش حد يشوفها زي ما وعدتني اتفقنا، عشان تعرف بس ان انا بحبك قد ايه وبثق فيك.
نظر لها مطولاً بصمت، فابتلعت ريقها واضافت بصوتٍ كان أقرب للهمس مقلق
= نجيب انت كويس مالك مش ده طلبك سكت ليه دلوقتي طيب، ما بلاش بقى الصمت العقابي اللي بتستخدمه عليا ده انا تعبت من خناقاتنا كل شويه عشان كده هوافقك واريح دماغي.
سحب ذراعها عن قبضتيه قائلاً بجمودٍ
= مش زعلان ولا حاجه بس افتكرت مشوار مهم، يلا عشان اوصلك في سكتي وما تنسيش الصور اللي هتبعتيها.
❈-❈-❈
في منزل عائلي كبير، حيث تجتمع العائلة باستمرار لتعزيز الروابط بينهم، كانت هذه هي وصية الوالد قبل وفاته. كان يتمنى أن يبقى الأبناء الثلاثة مأمون وسعد والفتاة الوحيدة إجلال) في منزل واحد، ليؤسسوا عائلة جديدة و يجتمعون هنا بالنهاية.
وفي صالة المنزل، بعد إزالة معظم الأثاث لتكون مناسبة لاستقبال الضيوف في هذه الليلة المميزة، حيث سيتم اليوم عقد قران نجيب وفيروز، كان الجميع في حالة من الفرح بينما تولى ريان الأخ الأكبر، مهمة تعليق الزينات والأضواء اللامعة بنفسه، بينما أضافت الأم ابتهال باقة من الورود وضعتها بين الأريكتين المخصصتين للعروسين في وسط الحضور.
استقام ريان في وقفته بعد أن انتهى ونظر حوله ليبحث عن أي شيء ينقص، بينما كان يحرك خاتم خطوبته بين أصابعه بتفكير، ثم نظر إلى مني بحب وهو يتنهد بحرارة، متمنياً أن يأتي يومه هو الآخر ليجتمعون في منزل واحد ابتسمت مني بخجل وحب عندما فهمت نظراته تجاهها.
اقترب ريان من مني بحب صادق وقال بعد تنهيدةٍ خافتة
= عقبالنا يا حبيبتي.
في تلك اللحظة، كانت هناك فتاة صغيرة في السادسة عشر من عمرها تراقبهم بعينين مليئتين بدموع الغيرة وكانت تدعي رغد، الأخت الصغرى لفيروز لكن من أم مختلفه
وعندما رأت ريان أبن عمها، يقترب من منى بحب وحنان كعادته، تحركت من مكانها قبل أن يراها أحد، لتندب حظها التعيس.. فهي تحبه بشدة رغم فارق السن بينهما ورغم أنه يعتبرها مثل شقيقته ويحب غيرها، وهو على وشك الزواج قريباً.
قاطع ثرثره ريان مع مني خطيبته حضور إجلال عمته وهي تحمل في يدها صينية مليئة بالكؤوس لتوزعها على المعازيم في المنزل، تحرك ريان نحوها على الفور وأصر على أخذ الصينية منها بتهذيبٍ
= عنك إنتٍ يا عمتي، انا هلف بيها على المعازيم ارتاح انتٍ.
تركتها إجلال له بالفعل وقالت بوديةٍ حانية
= تسلم وتعيش يا حبيبي عقبالك يا ريان انت ومنى.
نظر لها بابتسامة عريضة وهتف مازحاً
= ايه بالله عليكي ادعيلنا يا عمتي، مش كفايه انا الكبير والصغير اتجوز الأول بس يلا نمشيها المره دي عشان خاطر نجيب و فيروز.
دون تفكير، علمت أنه يمزح، فرَيان شخصية طيبة على عكس شقيقه نجيب تماماً على الرغم من أن الآخر طبيب ورَيان أستاذ جامعي، إلا أنه هادئ الطبع ويحب مساعدة الآخرين، بالإضافة إلى أنه يختتم يومه بالذهاب إلى المسجد للصلاة وسؤال الإمام عما ينقصه من أعمال ليؤديها برضا وسعادة. ثم ضحكت إجلال قائلة
= كتك إيه يا ريان اللي يسمع كده يقول غيران مش انت اللي فضلت تزن على ابوك وامك مع اخوك نجيب عشان يخلوا فرحه قبل فرحك، وقلتلهم مش فارقه مين يتجوز قبل مين وكبروا دماغكم من العادات دي، بس خلاص طالما دفعت آخر قسط في الشقه يبقى أكيد فرحك انت كمان هيتحدد قريب.
هز رأسه مبتسمًا ثم أستاذن منها بلطف وسار بين المدعوين يوزع الكؤوس المملوءة وهو يتلقى عبارات التهنئة والمباركة منهما.
❈-❈-❈
في نفس الوقت في إحدى الغرف، نظرت فيروز إلى وجهها الذي أصبح أكثر نعومة و جاذبية بعد استخدام مساحيق التجميل، لتكون شبه جاهزة للخروج ومقابلة خطيبها و العائله لم ترغب في الإفراط في وضع المكياج واكتفت بالقليل الذي زين بشرتها.
كان الجميع من حولها سعداء، لكنها شعرت بالتوتر قليلاً بسبب عدم رد نجيب على اتصالاتها منذ الصباح، ولم يصل حتى الآن!
بالإضافة إلى ذلك، كانت حالته قد تغيرت معها بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، خاصة بعد آخر لقاء بينهما عندما وافقت على إرسال بعض صورها الغير المناسبة له. كانت تعلم أن ذلك كان خطأً كبيراً، لكنها ضعفت أمام حبه الكبير وثقتها العمياء به وإصراره القوي و ضغطه المستمر عليها بأنه قد يتركها، وهي لا تثق فيه.
حاولت طرد هذه الأفكار من ذهنها، فبالتأكيد سيأتي، لكنها لم تستطع تهدئة قلبها فما مضى من عمرها قبل هذه اللحظة الفارقة لم يكن يثير قلقها مثلما كانت تخشى من تلك الليلة. تخشى أن تهبط من سماء أحلامها الوردية إلى أرض الواقع، فيُكسر قلبها و يتحطم ما نما بداخلها لذا، ظلت تكتم ما يشتعل في صدرها من مشاعر متلهفة وأحاسيس متصارعة، داعية الله في سرها أن يصل نجيب بخير ويتم عقد الزواج!
سارت نحو الشرفة للمره التي لا تعرف عددها نظرت من خلف الزجاج بعدما أزاحت الستارة قليلًا وتساءلت في تحيرٍ وبقلب مقبوض
= يا رب ما يكون حصلك حاجه يا نجيب يا حبيبي وتوصل على خير.
❈-❈-❈
بجسدٍ مشدود وكتفان منتصبان وقف ريان
خلف مقعد أبيه مأمون بمسافة خطوةٍ بين الجميع ينتظر في صمتٍ تام يشعرون بالقلق بسبب عدم ظهور نجيب ابنهما حتى الآن، فاليوم هو عقد قرانه على فيروز و منذ الصباح وهو مختفي وقد بدأ المعازيم في الوصول وحتى المأذون أيضا وهو لا يجيب على اتصالاتهم، بدأ الجميع في حاله قلق أن يكون أصابه مكروه بالأخص ابتهال والدته و والد العروسه مَسعد.. فالأمر حقا بدأ ياخذ منحنى آخر كلما مر وقت طويل على اختفاء نجيب.
نهضت ابتهال وهي تصيح بقلق شديد
= لا انا خلاص مش قادره امسك اعصابي اكتر من كده! شوفوا ابني راح فين، ما تتحرك يا ريان روح دور عليه في اي حته عند اصحابة حتي.
تنهد ريان وهو يقول موضحاً بجدية
= يا ماما اروح أدور فين وهم كلهم بره اصلا مستنيين زينا، هو انا لو عارفله مكان ادور عليه فيه كنت فضلت واقف معاكوا.. ما تقلقش يا ماما ان شاء الله هيجي.
نفخت ابتهال في صوتٍ مسموع ودمدمت بتأفف
= انا في ياجي عشان يتجوز ولا يكون بخير وبعد كده يتزفت، انا عاوزه اطمن عليه الاول ليكون جريله حاجه ما تتصرفوا يا جماعه يعني هنفضل كده.
استمرت النقاشات حول اين ذهب ولما اختفى كذلك فجاء، حتي تفاجأ ريان أخيرا باتصال من شقيقه ليقول بسرعه
= أهو! نجيب بيتصل عليا أخيراً.
اقتربت فيروز من الخلف خطوه منهم، وهتف والدها مسعد مرددا بلهفة
= رد بسرعه يا ابني وطمنا.
أجاب الآخر علي الفور وقطب جبينه متسائلاً بتوجسٍ حائر
= انت فين يا نجيب ومش بترد على حد فينا ليه؟ انا مش اخر مره شفتك الصبح وقلتلي هروح اجيب البدله وجي على طول ومن ساعتها اختفيت فين.. يا ابني الناس كلها مستنياك هنا عشان كتب الكتاب.
رد عليه ببرودٍ تام قاصدًا وهتف بنبرة أمر
= قبل ما اقول اي حاجه افتح مكبر الصوت عشان اسمعكم كلكم الكلام مره واحده!.
عقد ريان شقيقه الأكبر حاجيبة باستغراب لكنه فعل ما يريد، انتظر نجيب لعدة دقائق قبل أن يبلغهم بقوله النزق
= ما تقلقوش عليا انا كويس، بس انا مش عارف اجيبها لكم ازاي بس انا مش جاي كتب الكتاب بسبب الصور اللي بعتتها ليا فيروز انا صحيح فضلت ازن عليها انها تبعتهالي بس اللي كانت ما تعرفيش ان ده كان اختبار و لو كانت رفضت كنت هطمن على أخلاقها وزماني بتجوزها دلوقتي.. انما اكيد مش هتجوز واحده بعتتلي صورها بالشكل ده واكون مطمن وانا سايبها مع اي حد...وبنتكم عندكم أهي واسالوها بنفسكم.
أنصدم ريان مكانه بملامح مبهوتة و حملق في الهاتف مصدومًا من شقيقه، حيث برزت عيناه في محجريهما وهو يكاد لا يصدق ما يتفوه به. و زاد تأثير الصدمة على قسماته عندما تابع نجيب توضيحه المتباهي
= انا هبعتلك دلوقتي الصور يا ريان وريها لهم بنفسك عشان ما حدش يقول ان انا بتبلى عليها، وانا حالياً في المطار مسافر بعثه شغل جاتلي من فتره وانا رفضتها بس حالياً بعد اللي حصل لازم اوافق عليها.. اشوف وشكم بخير ومحدش يقلق عليا لو قعدت فتره ما اتصلش بيكم ولا ارد على اتصالاتكم زي النهارده. سلام!.
انقطعت أنفاس فيروز في صدمةٍ جلية، بينما استشاط ريان غضبًا مما اعتبره وقاحه من أخيه وغير مقبول، وهاجمه في الحال
= نجيب استنى.. انت يا مجنون استنى عاوز اكلمك.. الو.. الو.. قفل السكه الغبي.
تطلع الجميع إلي بعضهم البعض بصدمة كبيرة لعدة دقائق كثيره يستوعبون الأمر والمازق الذي أصبحوا فيه بينما عادت فيروز بخطوات الى الخلف فذلك الصمت يزيد في إرعابها، ثم اقترب مسعد من ريان مرددًا بحذر
= وريني يا ريان الصور اللي بعتها لك مش ده صوت الرسائل عندك برده.
ازدرد ريان ريقه بصعوبة وقال واضعًا بنبرة مهزوزة حاول عبرها إخفاء حنقه المغتاظ من أخيه
= عم مَسعد سيبك منه ده بيقول اي كلام تلاقيه وانا همسحها دلوقتي اصلا من قبل اشوفها .
لكن الآخر أقترب منه بتصميم وصاح به بنبرة مرتفعة وهو يأخذ الهاتف رغم عنه
= ريان ما تمسحش حاجه وقلتلك هات التلفون وريني.
حول ريان و إجلال منعه من رؤيه تلك الصور لكنه قد رآها وانتهى الأمر، تحولت أنظار مسعد إلي أبنته ورمقها بنظرة نارية لم يصدق ان يرى ابنته في موقف كذلك مخجل وتجعله مسخره للجميع، أقترب منها بهدوء مريب قبل أن يردد كلامه المهدد
= ده كلامه طلع حقيقي! انتٍ بعتيله صورلك بالمنظر ده؟ انتٍ يا فيروز تحطيني في موقف زي ده؟!.
تراجعت فيروز للخلف حتى كادت ان تسقط من رعبها منه وهي تحاول التبرير والدفاع عن نفسها بخوف شديد
= بابا بالله عليك اسمعني الاول، أنا والله ما كنت عاوزه بس هو اللي فضل يزن عليا وفهمني أنه مش هيوريها لحد وأن... آآه
لم يعلموا متى وأين اقترب مسعد منها بسرعه فائقه وانهال عليها بضربات وصفعات قويه للغاية دون رحمة، وهو ينهرها على فعلتها بابشع الألفاظ وبصعوبة شديده أبعده عنها بعدما ترك الكثير من الجروح على وجهها والكدمات المتفرقه في جسدها المؤلم.
❈-❈-❈
بنوعٍ من الإحباط وقف ريان يتأمل لبضعة دقائق عبر زجاج الشرفة المعازيم والاصدقاء وهم يرحلون من المنزل بعد ان اعتذروا لهم عن إتمام عقد الزواج اليوم بحجه أن نجيب شعر بالمرض الشديد وسيتم تأجيل الاحتفال الى يوم اخر، أنزل هاتفه عن أذنه وقال بضيق شديد
= برده مش بيرد ولا هيرد يا ماما ريحي نفسك خلاص هو فجرلنا القنبله واختفى، الله يسامحه بقى على عملتيه السوداء دي.
جلست إجلال بجانب فيروز التي لم تتوقف عن البكاء ووجهها متورم، بالإضافة إلى نظرات الجميع المليئة بالعار والخزي تجاهها، مما زاد من شعورها بالاختناق حتى كاد أن يطبق على أنفاسها، لم تستطع حتى الآن استيعاب كيف غدر بها نجيب بهذه الطريقة بسبب اختبار تافه تدفع ثمنه الآن!
وبدأت تلوم نفسها لأنها وافقت على طلبه وثقت في شخص حقير مثله وهو فضحها أمام الجميع، أهلها وعائلته هل هناك حقارة ودناءة أكثر من ذلك؟ حتى إذا كان فعلها غير مناسب، كان يجب أن يتركها دون أن يجعلها تقع في هذا المأزق، ولا تعرف كيف تخرج منه..
نظر مسعد نحوها بغضب شديد وهو يتنفس الصعداء بصعوبة وردد باحتقار
= منك لله يا فيروز ليه كده يا بنت الـ**
كانت رغد تجلس جانبها وهي تنفخ بملل من تلك الاوضاع، لكنها سلطت نظرها على شقيقتها لترمقها بهذه النظرة الشامتة، ثم لوت شفتاها باستخفاف هامسه إليها
= تستاهلي عامله لي فيها ناصحه وعماله تنصحيني أبطل أفكر في واحد خاطب... طب
كنتي نصحتي نفسك الأول، جاتك ستين خيبه عليكي وعلي اختياراتك اللي شبهك.
استمعت فيروز إلى كلمات شقيقتها، لكنها كانت في وضع لا يسمح لها بالرد، فهي تعلم جيداً أنها لم تحبها يوماً والعلاقة بينهما ليست جيدة على الإطلاق ربما لأنهما ليسا شقيقتين من نفس الأم، بالإضافة إلى أن فيروز كانت دائماً تنصحها بالتوقف عن أحلامها الوهمية وحبها لريان، فهو يعشق خطيبته ولا يرى غيرها وهي بالنسبة له مثل شقيقة صغيرة أو فتاة مراهقة ستصدم في النهاية وهذا جعل رغد تشعر بالحقد تجاهها ولم تتقبل نصيحتها على الإطلاق وما زالت حتى الآن تأمل أن ينظر إليها ريان يوماً ما ويحبها ويترك منى، عشقه الأول والأخير.
انفلتت من ابتهال صيحة مغلفة بالهجوم علي فيروز وهي تلوح بيدها لها بإهانة صريحه
= أنا حاسه اني بحلم مش قادره اصدق اللي حصل شايفين الناس واحنا بنمشيهم من البيت بصوا لنا ازاي؟ ولا الفضيحه اللي اتفضحناها من تحت بنتك يا مَسعد، هي دي اللي متربيه احسن تربيه بتبعتيله صورلك وانتٍ بالمنظر ده.
بالكاد كبح مأمون زوجها نيران غضبه المستعرة بداخله وتوعد في نفسه وهو يكز على أسنانه ويكور قبضة يده المتشنجة
= مش لوحدك اللي مصدومه فيها عاجبك الفضايح دي مش كده، هنوري وشنا للناس دلوقتي ازاي؟ الله يحرقكوا انتم الاتنين احنا طول عمرنا الناس بتسمع عننا كل خير تختموها كده.. حد يغور البنت دي من وشي مش طايقها.
لم يرق لريان هذا الوضع، أن كان الجميع في حالة هجوم عليها فقط! ولم يذكر أحد أن نجيب مخطئ أيضاً مثلها، فهو على الأقل لم يفعل ذلك مع فتاة غريبة، بل كانت في النهاية ابنة عمه والفضيحة ستطال الجميع، وكان يجب أن يدرك ذلك قبل أن يفكر في هذا الإختبار السخيف لكن ربما كان ذلك بسبب الطاقة الغاضبة التي يشعرون بها نتيجة ما حدث ويريدون تفريغها في أي شخص، ولم يكن أمامهم سوى هي.
رفع ريان بصره إليهم وهتف في دهشة مستهجنة
= الاتنين غلطانين، انتم لو خدتوا بالكم نجيب الصور اللي باعتها ظاهر فيها كلامهم من الدردشه وقد ايه هي حاولت ترفض كثير وهو اللي كان بيصر.
أطبقت ابتهال على شفتيها محاولة ضبط أعصابها، والتفتت له في انفعال
= بتدافع على مين انت التاني هي فارقه يعني ما لو ما كانتش بعتت الصور دي ما كانش التاني اتلكك وسافر على بره، لو عارف يربيها ابوها كويس وهي محترمه ما كانتش سابته يمسك عليها حاجه زي كده ويكسر عينها وعينا معاها.. ما هي للاسف قريبتنا واي حاجه هتعملها في وشنا احنا كمان.
اختنق صدر فيروز أكثر وغصت بالمزيد من البكاء، فتركت عبراتها تنساب على وجنتيها، لم تطق هذه الوضع مُطلقًا الجميع ضدها واصبح يراها فتاة وضيعه، حاولت إجلال التدخل وقالت بجدية
= خلاص يا جماعه اللي حصل حصل خلينا نفكر ازاي دلوقتي هنحلها ونرجع اللي مشي بره ده، احنا قلنا للناس انه تعب واضطرينا نلغي الفرح لكن اكيد بعد كده هيسالوا الفرح امتى وهو عامل ايه دلوقتي ومش بعيد هيجوا هنا يطمنوا عليه فلازم نكون عارفين هنقولهم ايه.
نهض مأمون وهدر في غضب شديد
= هي بقى فيها حل ما خربتها بنت الكلب، لا وانا اللي عازم ناس كتير تبع شغلي بقلب جامد، خلال يوم بالظبط وكل حاجه هتتعرف هودي وشي ازاي ليهم وانا بنت اخويا بتبعت للشباب صور زي دي وهي بالمنظر ده.. عشان ما لقيتش اللي يربيها.
حدجتها ابتهال بنظرة احتقارية مملوءة بحقدها العميق تجاهها قبل تتسائل بشك
= هو معقول سابك عشان الموضوع ده بس ولا فيه حاجه اكبر انتطقي يا بنت هو لمسك ولا قفشك مع غيره.. ما هي خلاص اللي تعمل كده تعمل اكتر من كده.
لاذ مَسعد بالصمت وهو يسمع احاديثهم ويشعر بالغل اكثر تجاه ابنته الكبيرة فيروز، كما لو كانوا يوغروا صدره ويحفزه ضدها بذلك، فا اتخذ موقفًا مناوئًا ومعاديًا لها قبل أن ينهض يصيح بها في تجهمٍ ساخط
= آه يا بنت الـ** والله لا اموتك واغسل عارك بايدي
انهال عليها بالضربه المباح مره ثانيه بقوه أكبر وهي بين يديه ولا حول ولا قوه تبكي وتقام بألم شديد وحسرة، لم يستطيع ريان واجلال هذه المره ابعاده عنها حتى شعره بأنها ستموت في يده بأي لحظة ما، لذلك بدأت أخته تستنجد بالجميع وهي تردد بخوف
= بس بقى يا مَسعد البنت هتموت في ايدك وهتضيع نفسك سيبها خلاص، سيبها واهدى وانا هعرف منها كل حاجه ابعد عنها بقى هتموتها الحقونا..
❈-❈-❈
مر أسبوعان، وعاشت العائلة في صمت مؤلم بسبب ما حدث رحيل نجيب جاء فجأة ودون سابق إنذار ولم يتواصل معهم إلا مرة واحدة ليخبرهم بالمصيبة الكبرى، ثم ترك فيروز تواجه تبعات خطأه وخطأها معًا.
كان خطأه في اختبارها بطريقة مهينة، رغم أنها ابنة عمه، ولم يراعِ حرمة المنزل الذي نشأوا فيه و لم يحميها حتى بعد أن أخطأت، بل كشف سترها وعورتها لعائلته دون أن يفكر في ربه وثقتها به.
بقت فيروز محبوسة في المنزل، ولم تعد تذهب إلى جامعتها أو ترى الشارع منذ أكثر من شهر وكل ذلك بتوجيهات من الجميع وليس والدها فقط، أصبح الجميع يتدخل في شؤونها خوفًا من أن تكرر ذلك الخطأ وكأنهم قرروا إعادة تشكيل حياتها من جديد ومن جهة أخرى، لم يتوقف والدها عن تعنيفها بأبشع الألفاظ ولم تسلم من تعليقات عمها وزوجته طوال الوقت.
كانت فيروز تمر بفترة صعبة للغاية، حاولت التغلب على مشاعر الحزن والضيق من الجميع، فمن يصدق أن ذلك الشخص الذي فضحها كان بينهما قصة حب استمرت ثلاث سنوات، لكنه فجأة تركها لتواجه مصيرها مع أسرتها وأسرته. لم تكن تعرف إلى متى ستظل تدفع ثمن هذه الخطيئة، فالجميع يتعامل مع الأمر وكأنها الوحيدة الملامة. كأنه لم يكن هو من طلب منها ذلك في البداية وكان يصر .
لم تعد تفهم لماذا يحدث كل هذا معها، هل لأن الخطأ يقع عادة على عاتق الأنثى فقط كالعادة، أم لأنه هرب وتركها وحدها في هذا الموقف بينهم.
❈-❈-❈
في إحدى الكليات، كان ريان يسير في الممرات بعد أن أنهى محاضراته مع الطلاب، يبحث عن منى خطيبته ليغادرا معًا، فهي تعمل أيضًا معه في نفس الجامعة معيدة. اقتربت منه منى وهتفت بتساؤل حذر
= اخبارك ايه يا ريان واخبار اللي في البيت وفيروز.. ولسه برده اخوك ما ظهرش.
هز رأسه بهدوء وأجاب باختصار شديد
= الحمد لله كلنا تمام، معلش يا منى انا عارف ان المفروض فرحنا يكون خلال شهر بس انتٍ عارفه الظروف فمضطر أجله بس هي فتره صغيره وبعد كده هروح لوالدتك البيت ونتفق على الميعاد .
عملت بأنه لا يريد ان يتحدث حول ذلك الموضوع معها واحترامك ذلك فهذه طبيعته لا يتحدث عن مشاكل أسرته مع احد ابدا، حتى وان كانت هي حبيبته، هزت رأسها بالايجاب بتفهم ثم تذكرت شيء وهتفت بتردد
= تمام يا ريان مش هتفرق يعني لو اتاخرنا كام شهر بس انا كنت عاوزه اقولك على حاجه،
انا عاوزه اغير نوع الخشب اللي اتفقنا عليه المره اللي فاتت لنوع تاني ماما قالتلي عليه وعجبني أوي وقالتلي انه مش غالي اوي على فكره وبيعيش.
قطب الآخر جبينه متسائلًا بصوت حانق
= جرى ايه يا منى هو انتٍ كل ما والدتك تقولك على حاجه تغيري رايك! مش كده يا حبيبتي
بللت مني شفتيها تحاول أن تحدثه بارتباك
= في ايه يا ريان هو انت كل ما تسمع سيره ماما تتعفرت كده؟ عادي والدتي وباخد رأيها والمفروض تفرح بحاجه زي كده مش تضايق يعني.
تنهد ريان في شيءٍ من الاستهجان وقال
= افرح لو ده قرارك من نفسك بس انتٍ المشكله تروحي معايا تتفقي على حاجه واول ما والدتك تلعب في دماغك تغيري رايك و تمشي وراها على طول حتى لو الحاجه دي مش عاجباكي وما تنكريش ده لان انا عارف ذوقك كويس..و امك على عيني وراسي بس
انتٍ اللي هتتجوزي مش هي.
نظرت إليه بضيق وقبل ان تتحدث مجدداً، لوح بيده في الهواء مغمغمًا باستسلام
= خلاص يا مني هعملك اللي انتٍ عاوزاه ما تلويش بوزك مش هنخسر بعض يعني ولا نبوظ الجوازه عشان خشب، بس نفسي مره حاجه في الشقه نعملها بناء عن رايك انتٍ مش رأي ماما.
أخفضت مني رأسها بتوتر وقالت بتلبكٍ حرج
= على فكره ده رايي انا مش عارفه انت ليه حاطط في دماغك كده، على العموم يعني شكراً وبالمره وانت بتتفق انا اقتنعت ان احنا ما نركبش نجف ومراوح سقف احسن.
رفع حاجيبة للاعلي باستنكار وهتف بلا تصدق
= ده بجد هو مش انا فضلت اتحايل عليكي في موضوع النجف ده وانتٍ قلتيلي لا و صممتي على رايك وانا في الاخر مشيت الموضوع، آه فهمت اكيد والدتك هي اللي اقترحت عليكي الاقتراح ده كمان عشان كده غيرتي رأيك مش عشان انتٍ عاوزه كده ولا أنا.. هو انتٍ يا منى هيكونلك رأي أمتي في البيت اللي عمالين نبني فيه انا وانتٍ و اللي هنسكن فيه بالاخر؟!.
أغاظها بكلامه الجارح والمهين لطبيعة تصرفاتها فحقا كل شيء تخبرها به والدتها تفعله دون تفكير أو نقاش حتى وإن كانت ضد رغباتها فهكذا تربت ونشأت مع الأسف الرأي الأول والاخير الى والدتها وهي التي تعلم مصلحتها أكثر منها حتى في ابسط الأشياء لذلك لا تستطيع معارضتها، فانفعلت عليه بصوتها الحانق
= ما تحاسب على كلامك يا ريان قصدك يعني ان انا ما عنديش شخصيه! آآ انا كل الفكره مش بحب ازعل ماما ولا ارفضلها طلب وعلى فكره انا بقتنع بكلامها جدا وبثق في ذوقها .
هز رأسه بعدم جدال ورد بها كنوعٍ من النصيحة المشوبة بالتحذير
= حاضر هعملك اللي انتٍ عاوزاه يا مني لما اشوف بس في الاخر قرارات والدتك دي هتفضل تمشي علينا قبل الجواز بس ولا بعده كمان، عشان الموضوع ده لو استمر كده كتير حتى بعد الجواز انا وانتٍ هنقابل مشاكل كثير في حياتنا قدام، وانا يا بنت الناس ما بحبش حد يتحكم في حياتي مهما كان مين ولا يقولي اعمل إيه وما اعملش ايه، نتناقش ماشي انما محدش يفرد رايه عليا، اتفقنا!.
❈-❈-❈
مر أسبوعين آخرين، أصبح لا وجود للنوم ولا للراحه، لذلك تظل غالبية ساعات الليل يقظها العقل وعذاب الضمير، فطول الوقت بسبب محاسبتهم تجلد نفسها حرفياً بلوم على تهورها واطاعه ذلك الحقير نجيب، والذي من المفترض انها أحبته وأحبها، طغى عليها إحساسها بأنها ضحية الاستغلال والخداع لشخص مريض مثل نجيب فبالتاكيد تلك الأفعال لا تخرج من شخص قوه العقليه سليمه، ليشعرها ذلك بمدى الحقارة والوضاعة التي كانت عليها حينما تساهلت في التعامل معه.
كم كانت سذاجة عندما وقعت له وصدقته لكنه كان يستغلها لصالح أهوائه وهي الحمقاء صدقته، وما زاد الطين بلة أيضًا بأنه كشفها وعرها أمام نفسها قبل أسرتها كلها.
مسحت الدموع المتأثرة من عينيها، ورددت تلوم نفسها بصوتٍ محمومٍ خافت
= غبيه.. غبيه تستاهلي كل اللي يحصلك، منك لله يا نجيب عمري ما هسامحك حتى لو جيتلي راكع.
دخلت عليها في تلك اللحظه إجلال ونظرت إليها بضيق شديد وهي تتسائل بحده
= هو انا كل ما ادخل عليكي هلاقيكي بتعيطي لما انتٍ ندمانه أوي كده وعارفه انك عملتي حاجه غلط وحرام بتعمليها من الاول ليه؟ فيروز صارحيني مش انتٍ بتعتبريني زي امك الله يرحمها، الواد ده لمسك؟ ما هو على راي مرات عمك فعلا هو سابك عشان موضوع الصور وبس!؟.
أغمضت عينيها بيأس فشعور أن تكون مشكوك في أخلاقك وحتى اقرب الناس اليك لا يصدقون ذلك، شعور صعب ومرير بشكل لا يوصف، لتقول بنبرة حزينة
= يا عمتي حرام عليكي سالتيني اكتر من خمسين مره وبتسمعي نفس الرد وهم كمان، اعملكم ايه هو اللي طلع شخص مريض و بيعمل كل ده عشان يخليني اثق فيه و كان بيرسم عليا الحب وفي الاخر يقول كنت بختبرك وانتٍ مش مناسبه ليا وما اقدرش اثق فيكي بعد اللي عملتيه رغم ان هو اللي طلب مني كده وكان بيزن عليا ليل ونهار.
هزت كتفها بشكل متردد تريد تصديقها فهي تشعر بالعطف نحوها نعم لكن بنفس الوقت غير مستوعبه فعلته نجيب، لتهتف قائله بشيء من الجدية
= مش عارفه اقولك ايه بس لو بتكدبي انا حايشه ابوكي بالعافيه عاوز يوديكي لدكتوره ويفضحنا اكثر.. واحنا بالعافيه عرفنا نلم يوم كتب الكتاب وقلنا ان ما حصلش نصيب وانتم سبتوا بعض وبرده الناس مش ساكته.
اتسعت عينا فيروز بذهول وبدأت تصيح باكية بحسرة وقهر
= ايه! يا جماعه حرام عليكم هو انتم سايبينه وماسكين فيا انا ليه؟ مش كفايه ضربه ليا كل شويه والكلام اللي زي السم اللي بسمعه منهم وابنهم هو اللي سايبني وعمل فيا كده وفي الآخر كمان عاوز آآ ... يا عمتي افهميني والله العظيم ما بكدب وما حدش لمسني.
فتح الباب في تلك اللحظه ودخل مسعد والدها، شعرت فيروز بالدماء تنسحب من عروقها عندما رأت والدها أمامها يقترب منها اخذت تطلع بعينين متسعة برعب و بجسد متجمد تتابع تقدمه منها فاصبحت بالفعل تشعر بالخوف كلما رأته لأنه يعنفها وبصوت ارعبها تساءل
= البنت دي صوتها عالي ليه يا اجلال؟ إيه
خلاص فجرتي من كله وبتقلي ادبك على الكبير كمان ما انا هستنى إيه اكتر من واحده زيك بتبعت صورها وهي عـ ـريانه .
حاولت إجلال التحدث بهدوء واحتواء الموقف قائله بهدوء زائف
= ما فيش حاجه يا مَسعد روح انت شوف مصالحك بقى وسيبها في حالها.
لكن فيروز لم تستطيع هذه المره تمالك اعصابها فقد طفح الكيل بها وأن الجميع أصبح يرى اهانتها وضربها واتهمها في شرفها شيء عادي ولا يرون مخطئ غيرها في القصه يحاسبوا طوال الوقت، لذا اخذت تصرخ بهستريه منفعلة
= طب ما نجيب هو اللي طلب مني كده و فضل يزن عليا وما اقدرش ان احنا متربين في بيت واحد وان انا بنت عمه ليه ما حدش حاسبه ذي ما بيتحاسبوني، ولا عشان أنا بنت وهو راجل وهرب ومحدش قادر يتشطر عليه فبيطلعه فيا انا.
احمرت عيناه بغل واندفع نحوها يصفعها بقوة مما جعلها تفقد توازنها وتسقط علي الارض من شدة الصفعة صاح قائلاً وهو يصفعها علي وجهها مرة اخري
= انتٍ كمان هتردي عليا وتبجحي يا بنت الـ***
أخذ مسعد يسدد لها الضربات دون ان يلتفت او يهتم باجلال شقيقته التي تصيح عليه بان يتركها ويبتعد عنها، لكنه لم يرد عليها وواصل ضربها بابشع الطرق، حتي أخيرا انتفض مبتعداً عن فيروز التي كانت ملقيه علي الأرض و وجهها غارقاً بالدماء، لكنها شعرت بألم شديد في ذراعها لدرجه كانت شبه متاكدة بأنه تم تكسيره !!.
ومع كل ذلك لم يهتم بها او يشعر بالعطف حتى، بل تحرك بكل هدوء متجهاً نحو باب الغرفة للخارج.
❈-❈-❈
في نفس التوقيت بالخارج كانت تجلس ابتهال ببرود شديد تتابع التلفاز متجاهله صرخات فيروز الصائحه من الداخل، ليفتح ريان باب المنزل ويدلف قائلاً
= مساء الخير يا ماما ايه ده؟ إيه الصوت ده؟!.
هزت ابتهال رأسها بعدم مبالاة وأجابت بهدوءٍ وبساطة
= تلاقي عمك مَسعد افتكر متاخر ان لي بنت ناقصه ربايه وبيربيها دلوقتي، خليها تشرب اخر عمايلها السوداء.
شعر ريان بالصدمه تتخلله ليرد بزفيرٍ حانق
= هو انتٍ سايبه جوه يضربها بدل ما تخشي تحوشي وبعدين انا مش فاهم انتم كلكم شايفين بس أن هي اللي غلطانه و نجيب اللي هرب ده ولحد دلوقتي مش لاقيينه، ده كفايه حتى أنه ما سترش عليها وفضحها قدامنا كلنا.
انزعجت والدته من دفاعه عنها ومغالطه ابنها، لترد في تبرمٍ يشوبه سمة العنجهية
= انا مش فاهمه انت عمال كل شويه تدافع عنها علي ايه، يعني هي بذمتك مش غلطانه؟ لا يا ريان غلطانه من ساسها لراسها والغلط الكبير عليها، عشان لو ما كانتش بعتت الصور دي من الاول حتى لو هو اللي طلب كان زمان الليله عدت وابني جنبي مش سابنا كلنا من تحت راسها.
هز رأسه قليلًا وعلق بشيءٍ من التفهم والتعقل
= انا مش بقول انها مش غلطانه، بالعكس غلطانه غلطه كبيره ولازم تدعي ربنا يسامحها عليها لكن لازم نغلط الاثنين! ماما دي قريبتنا في النهايه يعني ابنك فضحها وفضحنا معاها لو مش واخده بالك.. وبعدين انتٍ بتلوميها على ان نجيب سافر وسابنا وهي مالها ابنك عمل كده بمزاجه مش عشان هي بعتت الصور لي.. يبقى انا فهمت ليه بقي دلوقتي انتٍ مش طايقاها عشان نجيب سافر وسابك ومحملاها هي الذنب.
خاطبته بحقدٍ يملأ صدرها وقالت بوجهٍ مال للوجوم
= انا مش طايقاها من الاول اصلا بس كنت بعدي عشان اخوك عاوزها لا وكمان ابوك كان بيقولي واحده متربيه قصادنا وعارفين اخلاقها أهي في النهايه طلعت ما عندهاش أخلاق ولا لقيت اللي يربيها، و طفشت اخوك كمان ده حتى التليفون حرمنا منه يطمني عليه بسببها.
هز رأسه بلا فائده منها وفي ذلك الوقت خرج مَسعد من غرفته أبنته بعد ما أعطاها درس قاسي كعادته في الاواني الاخيره.....
اقترب ريان مبديا بوجهه ضيقًا واضحًا من تصرفاته وهتف بنبرة ضائقة
= جرى ايه يا عم مَسعد هو انا كل ما ارجع من بره هلاقيك بتضربها مش هينفع كده في مره هيحصلها حاجه في ايدك، انت كده أصلا مش بتحل الموضوع بالضرب كل شويه..
وجه مَسعد حديثه إلى ريان ابن اخيه بصدرٍ ما زال يتحرك علوًا وهبوطًا جراء انفعاله، ثم تحدث بلا رحمة
= يا ريت ربنا ياخدها واخلص منها ومن عرها، ما تدخلش انت يا ريان لو سمحت وسيبني أربي بنتي زي ما انا شايف.
هز رأسه معترض على تصرفه معها، لينطق بتريثٍ
= لا يا عمي هتدخل لان الغلطه اللي عملتها فيروز بنتك نجيب كمان غلط زيها والمفروض الاثنين يتحاسبوا، لكن انتوا عشان مش طايلين التاني ماسكين فيها هي بس! خلاص غلطت و الموضوع انتهى ومش هنعرف نرجع اللي راح، يبقى ندور على الحل.. جرب يا عمي مَسعد تقرب منها وتفهم هي عملت كده ليه و تفهمها انه غلط وحرام، بدل الطريقه اللي بتستخدمها معاها ومش هتحل حاجه.
أصاب ريان في قوله، لذا نظرت ابتهال إلي أبنها بغيظ منه على إيجاد المبررات لجفاء الجميع ضد فيروز المتواصل، لتنهض قائلة بحذر صارم
= هو مش عمك قالك ما تتدخلش يبقى ما لكش دعوه بنته وهو حر فيها، وبعدين هو بيتصرف صح بدل ما نكبر دماغنا زيك نلاقيها داخله لنا بمصيبه اكبر وبعيل على ايديها ومين عارف ده اذا ما كانتش عملتها اصلا.
نهرها أبنها الكبير بنظرة صارمة من عينيه قبل نبرته
= ماما، ما يصحش كده.
هزت رأسها بعدم مبالاة وذلك الكلام بالفعل بدا ان يشحن مَسعد كعادته ضد ابنته أكثر، وفي نفس التوقيت ركضت إجلال نحوهم وهي تصيح بقلق شديد
= الحقني يا مَسعد البنت ايديها شكلها اتكسرت لازم بسرعه نوديها المستشفى بسرعه منهاره جوه من العياط و مش مستحمله اي خبط فيها، الله يسامحك قلتلك سيبها خلاص اديك هتعملها عاهه بسببك.
اتسعت عينا ريان بينما جاهد مسعد لإخفاء عِظمة مشاعره الابوه، وقال بجمود
= مش هتعتب بره الاوضه اعملوا لها اي حاجه هنا انا قلت ما فيش خروج من البيت بعد عملتها السوداء دي، ولا جامعه ولا حتى تروح تكشف البيت ده مش هتخرج منه مهما حصل، خليها عشان تتربى
شهقت إجلال في ذهولٍ قبل أن تهلل بعصبية منفعله
= نعملها ايه هنا بقولك البنت ايديها اتكسرت يعني ما ينفعش تفضل كده، لا انا تعبت منكم مش كلنا على البنت في ايه؟ دي كل ما جسمها يلم ترجع تاني تكسرها انت كده يعني حليتها يا مَسعد.. ده انت كل شويه تتلكك ليها على اي حاجه عشان تدخل تطلع غلك فيها وتضربها بالشكل ده طب قولي كانت عملتلك ايه عشان تستاهل تكسر دراعها دلوقتي ما هي كانت في حالها وبعيد عنك.
سئمت ابتهال من حديثها فهتفت بها بضيقٍ
= ما خلاص يا إجلال هي كانت عملت عامله عاديه برده دي بعتت صورها وهي لا مؤاخذه في الكلمه يعني شبه عـ ـريانه وكشفه شعرها واحنا صعايده في الاصل والحال ده ما يعجبناش ده كويس ان ما قتلهاش اصلا.
زمت الأخري شفتيها هاتفة بحده وعتاب
= جرى ايه انتٍ يا ابتهال هو انتٍ مش واخده بالك ان إبنك مشترك معاها في الكارثه دي و فضحنا هو كمان زيها بس البيه ثاني هرب عشان ما حدش يحاسبه، اما اشوف بس لما يرجع ويورينا وشه هتعملوا ربع اللي عملته في البنت ده ولا لاء.. انا كنت زيكم جايه عليها عشان عارفه انها غلطانه لكن خلاص مش هنعلقلها المشانق واللي بتعملوا فيها ده ما يرضيش ربنا بصراحه مش كلنا هنكون عليها بقى لازم شويه رحمه.
مسح ريان علي وجهه بنفاذ صبر وعدم رضا وقبل أن يتحدث أحد آخر هتف بصرامة حاده
= بعد اذنك يا عم مَسعد ومش عاوز اعتراض عمتي جهزيها وانا هجهز العربيه بتاعتي ونوديها المستشفى يلا بسرعه.
تبعته عمته بخطواتٍ شبه بطيئة، وهي تُحادث أخيها في عتابٍ خافت
= تسلم يا أبني وتعيش، طالما ما جتش من ابوها.
** ** **
يـتـبـع
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
قارئاتي وقمراتي وقرائي الغاليين بعد ما تخلصوا القراءه هتلاقوا الروايات الجديده والحصريه إللي هتستعموا بيها من هنا 👇 ❤️ 👇 💙 👇 ❤️ 👇
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
الوسوم:
روايات وقصص