رواية ومقبل على الصعيد الفصل الخامس عشر حتى الفصل العشرون بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
رواية ومقبل على الصعيد الفصل الخامس عشر حتى الفصل العشرون بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
اجتمع الجميع على مائدة الإفطار بسعادة بالغة بوجود مصطفى
كان عمران ينظر إليهم بسعادة غامرة وشعر باكتمال أسرته، ورويدًا رويدًا سيعود كل شئٍ لما كان عليه من قبل.
لكن ذلك المحتج له رأيٌ آخر عندما تحدث بتبرم
_ وانت چاي عشان تاخد أختك ولا چاي زيارة؟
بوغت مصطفى بسؤاله وكذلك سارة التي تبدلت ملامحها للخوف فتنظر إلى أخيها بتوجس تنتظر رده
_ بصراحة بابا كان بعتني الأول عشان أجيبها
أنقبض قلبها خوفًا ونظرت إلى جاسر تستنجد به لكنه لم يبالي بها وأردف مصطفى
_ بس بابا لما لاحظ فرحتي وأد أيه أنا عايز اشوفكم واتعرف عليكم، فاجئني وانا جاي بأني أقعد معاكم زي ماأنا عايز
تراقص الأمل بداخل جليلة بعودته مرة أخرى وسألته بلهفة
_ مجالكش انه هياچي
أخفض مصطفى عينيه وبهت آثر سؤالها ورد بهدوء
_ أكيد طبعًا بس هو مشغول آوي الفترة دي وأكيد بعد ما يخلص شغله هييجي.
هزت جليلة رأسها بعدم تصديق فيرفع جمال ذلك الإحراج عن الجميع قائلاً برباطة جأش
_ بكرة ليلى بنتي چاية هى ومعتز وحازم وإن شاء الله هنخليه أحتفال بوچودكم معانا.
لم يجد مصطفى الكلمات التي تصف مدى امتنانه لهم وخاصةً عندما ربت جمال على يده وهو يقول بترحاب
_ نورت الدار والبلد كلياتها.
ابتسم بحب
_ منوره بيكم ياعمي.
❈-❈-❈
أنتهى دوامها وقررت العودة إلى المنزل كي تستعد للسفر
حملت حقيبتها وهمت بالذهاب لكن حنينها هزمها تلك المرة لتقرر الذهاب إليه كي تودعه قبل رحيلها وكأنها سترحل دون عودة.
طرقت الباب قبل دخولها لتتفاجئ بالغرفة فارغة
فينقبض قلبها خوفًا عليه، أسرعت بالخروج وسؤال إحدى الممرضات فأخبرتها أنه في قسم الأشعة
أغمضت عينيها بألم تحاول تهدئة أعصابها التي أنهارت إثر تلك الصدمة.
ذهبت إلى قسم الأشعة لتجده مستلقيًا على سرير الأشعة يكاد لا يشعر بشئٍ من حوله، تسارعت وتيرة تنفسها وهي تراه بتلك الحالة نظرت إلى عصام الذي يباشر الأشعة مع الطبيب المختص بها وسألته بقلق
_ دكتور عصام أيه اللى حصل؟
هز عصام رأسه بقلق
_ للأسف الحالة مبقتش مستحملة أكتر من كده، كل مدى الحالة بتسوء أكتر.
آزاد انقباض قلبها خوفًا وسألته بريبة
_ وبعدين؟
_ هيفضل في العناية لحد ما نشوف حل.
انتهى الطبيب من عمله وأسرعوا للعودة إلى غرفة العناية
قاموا بوضعه مره أخرى على الأجهزة لتجد أن مؤشرات القلب عنده اصبحت بالفعل بطيئة وهذا لا يبشر بالخير مطلقًا
عاتبت نفسها على صدها له في الصباح، وندمت أشد ندم على فعلتها، ما كان عليها أن تصدمه بتلك الحدة
رن هاتفها فعلمت بهويته الذي لم يكن أحدًا سوى حازم الذي أصبح جاف التعامل معها منذ أن أعترفت له
خرجت من الغرفة لتجيب بثبات زائف
_ أيوة ياحازم
رد حازم من الجانب الآخر
_ هتاچي ولا هنعدي عليكي في المستشفى؟
مسحت دمعه تدحرجت على وجنتها وردت بهدوء
_ لأ سافروا أنتوا أنا مش هسافر
أندهش حازم وسألها بجدية
_ يعني أيه الكلام ده؟ واللي مستنيينك هناك دول أجولهم أيه؟
أخذت نفس عميق تهدئ به حزنها وأجابت بإصرار
_ مش هينفع أرجع معاكم، في حالات هنا مش هينفع اسيبها.
سألها حازم بشدة
_ مين هما بجى الحالات دي؟
نظرت ليلى إلى الممرضة التي خرجت من الغرفة وقالت
_ حالات تعبانه ياحازم.
إزداد الشك بداخله وقال بحدة
_أجولك أنا هچيكي بنفسي أشوف الحالات دي.
اغلق الهاتف قبل أن تعارضه مما جعلها تغمض عينيها بريبة خشيةً من عناده
عادت إلى الداخل لتجد عصام ممسكًا بهاتفه يشير لها بالبقاء معه وخرج من الغرفة.
تقدمت منه وهى تتحلى بقوة زائفة لكن ما أن جلست بجواره حتى تلاشت قوتها وانهارت في البكاء.
وتساءلت إلى متى ستظل بذلك العذاب؟
❈-❈-❈
هم حازم بالخروج من المنزل بعد أن أغلق هاتفه لكن معتز منعه بحده
_ أنت في أيه؟ أيه حكايتك بالظبط معاها؟ من وقت ما صرحتنا بموضعها وأنت واقفل لها على الغلطة، أيه اللي في دماغك بالظبط.
تهرب حازم من الإجابة وهو يهاجمه بالرد
_ انت اللي يومين جضتهم أهنه خلوك تنسى عوايدنا وإننا صعايدة ومينفعش نسكت على اللي بيحصل ده.
تحدث معتز بإنفعال
_ هى معملتش حاچة تتعدى عوايدنا عشان تعاملها بالشكل ده، هى بتتعامل معاه كمريض وأظن واحد في حالته مش هيكون واعي لعشج وغيره
أختنا وخبرينها زين وعارفين تربيتها عمرها ما هتكون موضع شك.
رد حازم بوجل وهو يجلس على المقعد
_ مهما كان ثقتنا فيها بس ده ميخلناش نوافج على اللي بتعمله ده.
ارتبك وهو يضيف
_ وكمان أني خايف عليها تتعلج بيه أكتر من أكده والآخر تتعذب بفراجه
علم معتز سبب تعنده معها والذي أيقن بأنه نابع من خوفه عليها كي لا تمر بما مر به هو وسأله بتعاطف
_ انت لساتك بتفكر فيها
نفى حازم بحدة
_ انا مـ بفكرش بحدا.
جلس معتز قبالته وقال بجدية
_ لأ لساتك بتفكر فيها وبلاش عناد جصادي انا بالذات لأنك لو داريت عن الدنيا كلها مستحيل تخيل عليا.
تنهد حازم بأسى وقال
_ مش هينفع نتكلموا فى حاچة منتهي أمرها
نهض من مقعده وهو يتابع بإصرار
_ اني رايح أجيب أختك جبل مـ العشج يتملك منيها وتعيش عمرها كله في عذاب
لم يمنعه معتز علمًا بحالته وتركه يغادر
❈-❈-❈
في منزل عاصم
لم تصدق زينا ما تسمعه أذنها عندما أخبرتها والدتها بما حدث، هل حقًا انحل ذلك الحبل الذي كان ملتفًا حول عنقهم، وأصبح كل واحدٍ منهم على سجيته؟
هى تعلم علم اليقين بأنه لا يكترث لها.
لكن ذلك أيضًا لن يقرب المسافات الطويلة التي كتبت عليهم
وسيظل جاسر بينهم ولن يستطيع أحد فعل شئ، فليصبروا قليلًا لربما تتبدل الأحوال بينهم ويستطيعوا حينها الإقتراب وعودة الأمور لما كانت عليه قبل أن يفاجئها زوج عمتها بذلك الطلب.
❈-❈-❈
في غرفة سارة
جلس مصطفى بجوارها وسألها بعتاب
_ ايه ياسارة اللي خلاكي عملتي كده وجيتى لوحدك؟
ياستي على الأقل كنتي عرفيني يمكن كنت اتجننت انا كمان وروحت معاكي.
لا تعرف ليلى بماذا تخبره، هو حقًا شقيقها ومنبع أسرارها لكن تعلم أيضًا بأنه لن يقبل بما حدث ولن يمر الأمر مرور الكرام وربما يتصدى لذلك الشخص ويدمر مستقبله.
رسمت ابتسامه لم تصل لعينيها وردت بهدوء
_ خفت لبابا يعرف زي المرة اللي فاتت فقلت افاجئهم أحسن واحطهم ادام الأمر الواقع
_ طيب والمحاضرات اللي سبتها دي؟
ساد الصمت قليلًا حتى تحدثت
_ تعرف أيه أكتر حاجه بندم عليها؟
ضيق عينيه متسائلًا لتجيبه بألم
_ اني معملتش كده من زمان
تنهدت بألم وأردفت
_للأسف ماما ضحكت علينا لما فهمتنا أنهم ظلموا بابا وأخدوا حقه، والحقيقة أنها العكس تمامًا.
عقد حاجبيه مندهشًا وتساءل
_ إزاي؟
قصة عليه كل ما حدث منذ أن وطئت قدماها داخل المنزل حتى تلك اللحظة، وكأن مصطفى أصيب بالصدمة مما سمعه الآن وقد اظهرت حقائق عجيبة لم يكن يتخيلها
_ إنتي بتقولي إيه ياليلى؟
ردت بتأكيد
_ للأسف دي الحقيقة ولحد النهارده بيكمل خيانته ليهم، وده خلاني أتمسك بيهم أكتر وأصر إني أفضل هنا
_ ودراستك؟!
ردت بلهجة لا تقبل نقاش
_ هنقل هنا في الجامعة ومش هرجع تاني
خفضت عينيها وهى تكمل
_ وفي حاجه بردوا، إن جاسر أتقدملي وأنا وافقت
انصدم مصطفى مما قالت لكنه تحدث برجاحة وهو يسألها
_ إزاي مش فاهم.
يعني إيه هتكملى هنا؟ وأيه اللي يخليكي ترتبطي بواحد لسه شيفاه من أسبوعين وأقل كمان
حاولت الثبات وألا تظهر التعاسة التي عرفت طريقها إلى قلبها وأجابت بصدق
_ يمكن جاسر باين عليه أنه شديد وعصبي بس صدقني النوع اللي زي ده بيداري حنانه وطيبة عشان مينجرحش زي ما أبوه أنجرح
لأن اللي شافه عمك محدش أبدًا يقدر يتحمله
عارض مصطفى حديثها
_ بس مش معنى كده إنك ترتبطي بيه، أنا شايف أن الجوازة دي متنفعش خالص ده غير طبعًا رأي ماما في الموضوع ده، مستحيل توافق
نعم محق في كل كلمة نطق بها لكن عليها أن ترضى بواقعها الذي فرضه القدر عليها لتقول بإصرار
_ أنا خلاص عرفتهم إني موافقة ومش هتراجع.
شعر مصطفى أن هناك سببًا آخر وراء ذلك لكنه لم يريد الضغط عليها الآن فـ حالتها لا تسمح بالاستفسار عن أي شئ.
❈-❈-❈
في غرفة أمجد
ظلت ليلى قابعة بجواره لا تستطيع مفارقته لحظة واحدة
تخشى إذا تركته تعود ولا تجده كما حدث اليوم
حتى عندما سمعت الآذان قررت الصلاة في الغرفة كي تظل قريبة منه.
انهت صلاتها وانتبهت على صوت همهمه تصدر منه
نهضت وأسرعت إليه بلهفة وشوق وهى تسأله
_ أمجد أنت سامعني؟
لم تجد منه ردًا سوى تلك الهمهمة الخافتة
قامت بجس نبضه والنظر للمؤشر لتجد الحالة كما هى.
فتعاود سؤاله بلوعة
_ أمجد لو سمعني حرك إيديك
ولم يمضي ثانية واحدة حتى وجدت يده تتحرك ببطئ على الفراش
ابتسمت بسعادة كبيرة لكن ساعدتها تلاشت عندما طرق الباب ووجدت الممرضة تدلف قائله
_ دكتورة ليلى، اخوا حضرتك بره وعايزك ضروري
أومأت برأسها وهى تقول
_ طيب روحي قوليله إني جايه.
قامت بوضع بعض الأدوية داخل المحلول
همت بالذهاب لكن يده أمسكت يدها بضعف تمنعها من المغادرة، أو ربما تكون لمست رجاء بألا تتركه لتعود ابتسامتها مرة اخرى وهي تقول
_ متقلقش هرجع تاني
تراخت يده عنها وتخرج من الغرفة متجهه إلى مكتبها حيث ينتظرها حازم
وعندما رآها تحدث بجدية
_ يالا يا ليلى لأن القطر بقيله ساعة ويطلع
ردت ليلى بثقة
_ أنا كلمت بابا وعرفته إني مش هقدر انزل الأجازة دي
رد حازم باحتجاج
_ وعرفته السبب الحقيقي ولا أعرفه أنا؟
رد ليلى بهدوء
_ لأ ياحازم مقولتش ولو عايز تقول أنا مش همنعك، بس خليك واثق وقتها إني عمري ما هسامحك
زم حازم فمه بغيظ وشعر بأنه أصبح مكبل بسبب تهديدها له وقال بتبرم
_ ده تهديد ولا ايه مش فاهم.
تقدمت منه ليلى وقالت برباطة جأش
_ اطمن ياحازم أنت عارفني كويس وواثق إني عمري ما هعمل حاجه تغضب ربنا ولا تزعل بابا مني، بالنسبة لأمجد أنا فعلًا حبيته وهو كمان بس محدش من صرح للتاني بمشاعره، وعشان تكون عارف أنا مش هتنازل عن الحب ده لأى سبب من الأسباب، ومش هتخلى عنه وهفضل سند ليه لحد ما يقف على رجليه من تانى.
قربت منه أكثر لتردف بألم
_ أرجوك ياحازم خليك أنت كمان سند ليا لحد ما نلاقي المتبرع وصدقني وقتها هبعد مجبره لأن دوري إني أوقفه على رجليه من تانى، وبعدها مش هيكون في سبب لتواجدي معاه، وبالنسبه لخطواته هو اللي هيخطيها لوحده.
لم يستطيع حازم الوقف أمام ذلك العشق الذي أعترف به بكل وضوح وقال بمثابرة
_ حاضر ياليلى هسكت وهسيبك وهديكي ثقة أكبر بس لو رجعتي موجوعه مش هقدر أعملك حاجة
اومأت بعينيها ثم تركها وغادر
عادت ليلى إليه لتجده قد عاد لسباته تقدمت منه بشغف وجلست على المقعد بجواره وقالت بهيام
_ إن شاء الله مفيش حاجة هتقدر تبعدني عنك غير الموت، حتى الموت هفضل أحارب معاك لحد ما تتغلب عليه بإذن الله
❈-❈-❈
في منزل منصور
دلف منصور مكتبه بعد أن تأكد من نومها وقام بإخراج الملف من مكتبة وابتسم بتشفي وهو يرى امضتهم على أوراق التنازل
امسكت هاتفه واتصل على المحامي الذي ما إن أجابه حتى تحدث بقوة
_ الصبح الأوراق هتكون عندك عايزك تخلص الأجراءات بأسرع وقت
_ تمام يافندم
أغلق الهاتف وابتسامة نصر مرتسمة على فمه وهو يقول بتوعد
_ إن مـ رجعتكم للشحاته تاني مبقاش أنا منصور عمران.
❈-❈-❈
دلفت ساندي غرفة أخيها لتجده يغلق حقيبته ويستعد للذهاب فقالت بامتعاض
_ بردوا هتسافر من غير ما تعرف البنت راحت فين؟
رد وائل باستهزاء
_ هتكون راحت فين يعني، أكيد عند حد من قرايبها، بس المهم اول ما تشوفيها تكلميني فورًا.
ردت ساندي بقلق
_ أنا خايفة الموضوع ده يتعرف ووقتها مش هيرحمونا.
أجابها بثقة وهو يحمل حقيبته يستعد للذهاب
_ قُلتلك متقلقيش هترجع هترجع مـ عندهاش حل تاني.
يالا خلي بالك من نفسك وسلمي على عمتي.
_ الله يسلمك ياحبيبي.
خرج وائل وأغلقت هى الباب خلفه وعادت إلى الداخل تجلس على الاريكة وتمسك بهاتفها وابتسامة سعادة مرتسمة على وجهها عندما أجابها
_ حبيبة قلبي وحشتيني موت
ردت ساندي بدلال
_ لو كنت وحشتك بصحيح مكنتش فضلت المدة دي كلها متكلمنيش
_ مكنش ينفع طول مـ وائل هنا وخلاص وائل مشي وكده ولا كده انا فضيلك ياجميل
تحولته لهجته بخبث وهو يتابع
_ مش ناوية بقى تيجي عندي الشقة؟
ردت ساندي بجدية
_ لأ طبعًا انت عارف رأيي في الموضوع ده
ترجع مسرعًا
_ خلاص ياستي انا بقول هنبقى براحتنا وبعدين انتي هتروحي عند عمتك ومش هنعرف نتكلم براحتنا
أيدت ساندي رأيه وهى تقول بحيرة
_ عندك حق بس متقلقش انا هحاول أكلمك وانا في الجامعة
تظل تتحدث معه حتى شعرت بتأخر الوقت وقالت
_ أقفل بقى عشان أخرت آوى على عمتي.
_ ماشي ياحبيبتى بس لو اخرتي عليا ومعرفتيش تكلميني يبقى لازم نتقابل
_ هشوف الاول يالا باى
اغلقت الهاتف وقامت بتبديل ملابسها وخرجت هى الأخرى.
❈-❈-❈
في غرفة جمال
خرج من المرحاض ليجدها جالسة على الفراش ومازالت على وجومها منذ أن علمت بعدم مجيئ ليلى
تنهد بحيره
ماذا يفعل أمام هذين الأثنين الذي يبقى مسلوب الإرادة أمامهم، هى ترجته أن يتركها لأجل عملها
وهى تعاقبه أشد عقاب على موافقته لها بتجاهله
وآااه من ذلك التجاهل الذي يجعله بسهولة يرضخ لكل ما تريد
ابتسم وهو يتقدم منها ليجلس بجوارها وقبل رأسها بحب وهو يقول
_ لساتك زعلانه؟
نظرت إليه بعتاب وهمت بالإبتعاد لكن نظرات العشق التي يرمقها بها جعلتها تظل مكانها وخاصةً ابتسامته التي تضئ ظلمتها وأردف قائلاً
_ إنتي خابرة زين إنك لما بتزعلي الدنيا كلها بضيق عليا
ردت وسيلة بعتاب
_ اضحك عليا زي عوايدك
ضحك جمال وهو يقربها منه ويأكد بحب
_ ولو مضحكتش عليكي انتي اضحك على مين؟
وبعدين إنتي بتسمي حبي ليك ده ضحك؟
ده عشج متملك من الجلب وخلاه مش شايف غيرك
وعشان إكده مش بجدر على زعلك واصل.
إزداد عتابها أكثر
_ وعشان إكده راضتها هي ومهمكش زعلي
هز جمال رأسه بتعب من الجدال معها في هذا الأمر وقال بجدية
_ ياوسيلة بنتك بقيت دكتورة ومهنتها هى اللي بتحكمها، بلاش نضغط عليها ونسيبها بحريتها.
تحدثت وسيلة بقلق
_ بس ياجمال البنت بجد وحشتني وجلبي جلجان عليها، ديمًا بحلم أنها مهمومة وفـ ضيق.
احتواها جمال بين ذراعيه وقال يطمئنها
_ متجلجيش، ليلى من يومها ميتخافش عليها
وهى طمنتني وجالت إن اليومين دول هتقضيهم في المستشفى وأني كلمت الدكتور عصام وهو واخد باله منيها، اطمني بجى وخليكي مع أبوها اللي زعلتيه دلوجت
ابتسمت له بحب لتضع رأسها على صدره العريض وقالت بولع
_ لا عشت ولا كنت عشان ازعل حبيب الجلب مني
بس غصب عني، ده من خوفي على بنتنا.
تحولت نظراته لمكر وسألها بولع
_ لساتك بتعشجيني كيف لول
بعدت رأسها عنه قليلًا كي تنظر إلى عينيه التي تهيم بها عشقًا وأجابت بعشق
_ وكيف محبكش وأنت مالك الجلب والروح، كل مدى حبك في جلبي بيزيد وبحس انك كيف الهوا اللي بتنفسه لو أتمنع أموت.
_ بعد الشر عنيكي من الموت
قرب وجهه منها كي يقبل ثغرها الذي دائمًا يسعى للأرتواء منه حد الشبع لكنه لم يشبع يومًا ويظل دائمًا متلهف للإرتواء منه.
أما هى فمستسلمه لغزوه بكل ترحاب وكأنها تريد أيضًا الأرتواء من عشقه حتى التشبع.
❈-❈-❈
رفع أمجد جفنيه بصعوبة شديدة وقد شعر بثقل يجثم على صدره جعل تنفسه شديد الصعوبة
حرك يده كي يزيل جهاز التنفس لكن يد حانية منعته من ذلك وصوتها الذي يبث الاطمئنان بداخله يمنعه من ذلك
وأعادت يده إلى موضعها
تمكن أخيرًا من رفع جفنه كي ينظر إليها ويرى وجهها الذي يعشقه
لكن التنفس أصبح أصعب بكثير، حاول التحدث لكن العائق يمنعه من ذلك
حرك عينيه بصعوبة تجاهها فيجد ابتسامتها التى تنير ظلمته مرتسمة على محياها
فتحدث بوهن
_ لسه معايا؟
أومأت برأسها وهى تقول بتأكيد
_ هفضل معاك العمر كله، بس انت قاوم.
ابتسم بحزن وهى يسألها
_ هو فين العمر ده؟
أجابته بأمل وهي تحثه على المقاومة
_ موجود وإن شاء الله هتلاقي المتبرع وهتعمل العملية وتبقى أحسن من الأول.
هز رأسه بنفي وأردف
_ انا بسمع الكلام ده بقالي اكتر من ست شهور فخلاص مبقاش بيديني أمل زي الأول
حاولت كبت عبراتها من النزول وقالت بروية
_ صدقني انا متباشرة وظني في الله خير وهنلاقي المتبرع بأقصى سرعة، وهتشوف.
ازدرد ريقه بصعوبة وشعر بجفاف حاد في جوفه فشعرت هى بذلك وقامت بملئ الكوب ومساعدته على الارتواء
اكتفت برشفة قليلة وأعادت الكوب إلى موضعه وقالت
_ كفاية كده.
نظر إليها طويلًا ثم سألها
_ طلعتيلي مني، أنا كنت صابر وراضي بقدري جيتي إنتي ضيعتي الرضا ده وخلتيني أتمسك بالحياة اللي مش مكتوبالي
رغم الحزن بداخلها إنها تحدثت بمرح
_ كنت داخله أشوف الحرامي اللي دخل بيت عمران المنشاوي، ومش عارفه لحد النهارده انا كنت داخله أعمله ايه؟
ابتسم أمجد وأجاب بمزاح
_ كنتي داخله عشان تخطفي قلبي مش تنقذيه.
رغم الحياء الذي شعرت به جراء كلماته إلا إنها أجابت بصدق
_ بالعكس انا دخلت عشان تخطف أنت قلبي وتهد الجدار اللي بنيته حوالين قلبي بنظرة واحدة.
نظر إليها أمجد مطولًا وكأنه يعاتبها على ظهورها في حياته التي لا أمل منها وقال بكمد
_ الكلام لو سمعته في وضع غير اللي أنا فيه ده كان زماني أسعد واحد في الدنيا، بس للأسف بسمعه وأنا بتألم إني معنديش العمر اللي أقدر أسعدك فيه
أكدت بحب
_ خلي ظنك بالله خير، هو قال " أنا عند حسن ظن عبدي بي" وإن شاء الله هتخف وتبقى أحسن من الأول.
شعر بالتعب من التحدث
ولاحظت هى ذلك
فقالت بثبات
_ كفاية كلام لحد كده وأرتاح
_ متسبنيش
أومأت بحب
_ عمري مـ هسيبك.
اغمض عينيه وعاد لسباته وعادت هى لأحزانها.
ومقبل على الصعيد
الفصل السادس عشر
❈-❈-❈
في الصباح
في منزل عمران
كان جاسر يستعد للخروج من الغرفة عندما طرق الباب فقام بفتحه ليجد أمامه مصطفى الذي وقف ينظر إليه بملامح مبهمه لا تعبر بشئ وقال
_ ممكن لو وقتك يسمح نتكلم مع بعض شويه؟
رغم الضيق الذي شعر به إلا إنه تحدث بهدوء
_ أتفضل
دلف مصطفى وأغلق جاسر الباب خلفه فيجلس كلاهما على الأريكة وتحدث مصطفى بجدية
_ سارة كلمتنى امبارح في موضوع جوازكم وأنا جاي أسألك أنت عايز أيه من أختي
بغت بسؤاله وفكر في تلك اللحظة أن يقص عليه ما حدث لكنه تراجع ليس خوفًا عليها إنما خشيةً من رد فعله مما قد يؤدي إلى وصول الخبر لجده.
فرد السؤال بآخر
_ بعد مـ تجولي أنت كمان عايز أيه من چدي.
تبادل كلاهما النظرات؛ أحدهم بتحدي والآخر يطلب منه أبعادها عن الأمر فقال بجدية
_ أنا مش هلومك وبلتمسلك العذر على أسلوبك الجاف معانا بعد اللي عرفته بس أحب أقولك إن أنا وأختي ملناش ذنب في اللي حصل زمان
للأسف أحنا عرفنا كل حاجة متأخر وكانت صدمتنا كبيرة، بس صدقني كنا بنحاول أنا وأختي نوصلكم من زمان وتقدر تسأل بنفسك دكتور خالد وهو هيأكدلك.
سأله جاسر بسخرية
_ أيه هو بقى اللي عرفته؟
شعر مصطفى بالضيق من أسلوبه من السخرية التي يتحدث بها وتحدث جاسر تلك المرة بجدية
_ أحب أجولك إنك متعرفش حاچة واصل لإن اللي حصل أصعب من إكده بكثير، تحب تعرفها؟
أجابه بإيماءة من رأسه ليتابع جاسر
_ أبوك لما أخد الفلوس وسافر ومهموش أيه اللي ممكن يحصل لأهله وهو سايبهم في الظروف دي
مع إن لو كان وقف جانبهم ورچع الفلوس كانت هتحل مشكلة كبيرة جوي ومكنوش داجوا الجوع ولا جدي فضل في فرشته سنه كامله وهو مش جادر يجف على رجليه من الصدمة اللي أخدها من أبوك.
عمك كان بيفضل بالتلات ليالي ميشوفش فيهم النوم ويشجى ليل ونهار عشان يسدد الديون والحمد لله قدر بعد تعب سنين طويلة يجف على رجله من تانى وبعد كل ده چاي يجول عايز ورثي، يعني عايز كمان ياخد ورثه وأبوه لساته عايش
كان أبوك عايش في رفاهية وبيتمتع في الفلوس اللي أبوي وچدي تعبوا فيها وهما أهنه بيدوجوا طعم الجوع وهو ولا على باله.
وده جزء بسيط من الحجيجة.
لم يجد مصطفى الكلمات التي تصف مدى الخزي الذي يشعر به تجاه والديه، كيف استطاعوا تزييف الحقائق ويظهر كلاهما بدور المظلوم.
فيردف جاسر كي يخرجه من شروده
_ أنا رايد أختك بعيد عن أى حاچة وعايزك تساعدني
سأله بشك
_ وايه اللي يأكدلي إنك مش بتعمل كده عشان تنتقم من أبويا
أجابه جاسر بحنق
_ مش اني اللي أنتقم من حرمه، لأن أنا جاسر جمال عمران راچل من ضهر راچل، وعمري مـ ادخل الحريم في مشاكلنا.
وبعدين إحنا معدش فيه بناتنا حاچة عشان ننتقم منيها، أنا فعلًا رايد اختك وهى كمان مش عايزه تفارج اهلها وعزوتها، هتساعدني ولا لأ؟
رغم الحيرة التي اصابته إلا إنه ترك الأمر بيد والديه علمًا بأنهم لن يوافق أحدهم على ذلك الزواج.
_ على العموم أنا هكلم بابا النهاردة واشوف رايه في الموضوع ده بس اللي انا واثق منه أنه مستحيل يوافق؛ مش عشان حاجة لأ عشان مش هيقدر يقف أدام ابوه وعمي بعد اللي حصل ده.
نهض من مقعده وأردف
_ بس بردوا هكلموا وحاول أقنعه.
نهض جاسر بدوره وهو يقول بثبات
_ هنشوف.
الثقة التي يتحدث جاسر بها تقلقه لكن ما يطمئنه هو وجودها بين عائلتهم ومع عمه جمال الذي يعاملهم بكل الحب الذي يكمن بداخله منذ أن رآهم
اوما برأسه ونزلوا إلى الأسفل ليجدوا توأم عمه بجوارة على طاولة الأفطار يواصلون مرحهم مع سارة التي استمتعت كثيرًا بمزاحهم.
لكنها اندهشت عندما كفوا عن المزاح ما إن رأوه ليقتربوا منه ويصافحوه بإحترام
ثم نظروا إلى مصطفى تحدث معتز بابتسامه
_ أنت طبعًا مصطفى ولد عمي، نورتنا.
صافحه مصطفى وهو يبادله الابتسامه
_ منوره بأهلها.
صافح حازم أيضًا وأجتمعوا جميعًا حول المائدة ووسيلة تنظر إلى مكان ابنتها الفارغ باشتياق
ليشعر بها جمال الذي ربت على يدها بحنو فتبتسم بثبات وتتداخل معهم.
خرج مصطفى إلى حديقة المنزل كي يجيب على الهاتف وهو يحاول بصعوبة جعل صوته ثابتًا كي لا تشك بشئ
_ صباح الخير ياماما
أجابت سمر وهى تنظر إلى منصور النائم على الفراش بجوارها
_ صباح النور ياحبيبي عامل ايه؟
رد بهدوء
_ بخير الحمد الله، بابا راح الشركة ولا لسه؟
تنهدت بحيرة وهي تنظر إليه
_ لأ لسه المهم اختك فين خليني أكلمها
_ هى جوا مع جدي أول مـ أدخل اخليها تكلمك لإني برة في الجنينة
علمت انها تتهرب منها فقالت باحتدام
_ سيبك من الحجج الفارغة دي وخليها تكلمني يا إما
تجيبها وترجع سواء برضاها أو غصب عنها فاهم؟
أستيقظ منصور على صوتها وهو يسألها بنعاس
_ في أيه بتزعقي ليه؟
تابعت حديثها مع أبنها
_ زي ما قلتلك يا إما أنا بنفسي اللي هاجي أخدكم.
أخذ منصور الهاتف منها عندما علم انه تحدث أبنه وقال بتثاءب
_ ازيك يامصطفى عامل ايه؟
رد بهدوء
_ الحمد لله كويس بس أنا كنت عايز حضرتك في موضوع مهم
نهض منصور وقد شعر بالقلق من حديث أبنه وقال بجدية
_ خير في حاجه حصلت؟ أختك كويسة؟
_ اه يابابا كويسة متقلقش.
ازداد قلقه من أن يكون والده أخبرهم كل شئ فتابع مصطفى بتمالك
_ أصل جاسر ابن عمي عايز يتقدم لـ ليلى وهى موافقة، وعمي عايز يفاتحك في الموضوع.
ألجمته الصدمة قليلًا لكنه تمالك نفسه كي لا تشعر سمر بشئ وقال بمثابرة
_ تمام يبقى نتكلم بعدين.
أغلق الهاتف ومازال على إندهاشه فتسأله سمر بتوجس
_ في حاجه حصلت؟
أنتبه منصور لها وقال بجدية
_ مفيش هما بس عايزين يقعدوا أسبوع هناك وانا قُلتلهم هشوف.
لم تقتنع بحديثه وشعرت بوجود خطب ما
_ يعني مش مخبيين عليا حاجة؟
رد بثبات وهو يدلف للمرحاض
_ لأ مفيش، ولو فيه أنا مش هكون هادي كده.
أغلق منصور الباب خلفه وقام بالوقوف أسفل المياة وهو لا يعرف ماذا يفعل
ساوره الشك ان يكون جاسر يأخذها للأنتقام
لكنه يعرف أخيه جيدًا لن يقبل بالظلم مطلقًا
إذًا ماذا يحدث
لن يقتنع بأن أبنته أحبت في تلك الفترة الوجيزة
قد يكون تعلقها بهم سبب من ضمن الأسباب لكنه يشعر بأن هناك شئٍ آخر وعليه معرفته.
❈-❈-❈
في المشفى
أستيقظ أمجد ليجد نفسه مازال داخل تلك الغرفة التي يبغضها وذلك الطنين الذي يصدر من الأجهزة المحيطة به من كل جانب تزعجه
بحث بعينيه عنها ليجدها نائمة على المقعد كعادته بها، ابتسم بحب وظل يتأمل ملامحها التي حفرت بداخله منذ أن رآها أول مرةٍ في حديقة منزلهم.
ليدق قلبه بعنف وكأنه يخبره بأنه وجد ضالته أخيرًا
والأهم من كل ذلك أنها أيضًا بادلته نفس المشاعر
لن يصدها بعد الآن؛ وليستسلم كلاهما لذلك الشقاء الذي كتب عليهم.
ومن يدري؛ ربما يكون للعمر بقية وحينها لن يفرقهم شيئًا
تململت ليلى في نومتها وقد شعرت بتيبس عضلاتها من تلك النومة
انتبهت على صوت أمجد الذي تحدث بهدوء
_ صباح الخير
نظرت ليلى إليه بلهفة وقالت بابتسامه أرهقت قلبه
_ صباح النور
تقدمت منه كي تلقى نظرة على الأجهزة وأردفت
_ الحمد لله بقينا أحسن بكتير
ابتسم بحزن لعلمه جيدًا بحالته ويعلم أيضًا أنها تقول ذلك كي توهم نفسها قبل أن توهمه، فتحدث بيأس
_ أحسن دي تقوليها لحد مش عارف حالته كويس إنما أنا لأ
ألمها نبرة اليأس التي يتحدث بها وقالت بحب
_ خلي أملك في ربنا كبير.
رد بصدق
_ ونعم بالله، بس أنا بحب الوضوح والصراحة أكتر
مش بحب تزييف الواقع، وأنا شايف إن الأمل في حالتي كل مدى مـ بيضعف
لم تريد التطرق في ذلك الأمر أكثر من ذلك وغيرت مجرى الحديث قائله بمرح
_ على فكرة أنا جعانه آوي أيه رأيك لو اخلي سهى تجيب لنا فطار
أومأ لها مبتسمًا كي يتركها تترك العنان لدموعها التي تجمعت داخل مقلتيها، فتخرج مسرعة من الغرفة وتستند بظهرها على الباب لتحرر تلك العبرات التي تدفقت بغزارة داخل عينيها
فمؤشراته لا تبشر بخير مطلقًا.
وقد أصبح الأمل ضعيف.
كل ذلك يحدث وهو يشعر بها خارج الغرفة تذرف دموعها بغزارة
ليته يستطيع النهوض والذهاب إليها كي يأخذها داخل أحضانه ويهون كلاهما على الآخر
لكن يعلم جيدًا بأنه لن يستطيع الوقوف على قدميه مرة أخرى
وظل مكانه ينظر إلى الباب الذي يحجبها عنه بقلب ملتاع، يلعن حظه العسر الذي وضعه في ذلك الموقف.
عادت بعد قليل وهى ترسم ابتسامة لم تصل لعينيها التي احمرت من شدة البكاء وقالت بحب وهى تجلس على المقعد بجواره
_ معلش أخرت عليك بس كنت في الكافتيريا بوصي على الفطار.
يعلم جيدًا بأنها لم تتزحزح من أمام الغرفة وأنها طلبت الفطار بالهاتف، فأراد أن تكون أكثر صراحة معه
فتحدث بوهن من شدة الألم الذي يشعر به
_ مفيش داعي إنك تكدبي عليا، أنا عارف إنك متنقلتيش من أدام الأوضة، وكنت حاسس بدموعك بتقطع في قلبي
همت بالمعارضة لكنه منعها قائلًا
_ متحاوليش لإني واثق من اللي بقوله
خفضت عينيها بألم ليتابع هو
_ أنا مش زعلان، كل الحكاية إني حسيت بالعجز وأنا مش قادر اقوم من مكاني عشان اهون عليكي
ازدرد ريقه بصعوبة وهو يحاول تلاشي الألم الذي يزداد وأردف بوهن
_ عايزك لما تعيطي تعيطي وأنتي جنبي عشان أنا اللي أديكي الأمل مش أنتي.
اخذت نفس عميق تهدئ به من لوعتها وقالت بشجن
_ الأمل الوحيد اللي عايزاة من الدنيا هو إنك تخف وصدقني مش طالبه منها حاجة تاني.
ليته يستطيع امساك يدها التي تضغط عليها بمحاولة فاشلة منها على الصمود وألا تعاود البكاء مرة أخرى
وقال بغصة
_ نفس إحساسي ورغبتي في الحياة، واللي عايز أتمسك بيها لأول مرة في حياتي
وجودك فرق كتير أوى وأتمنيت أني اقابلك في ظروف أفضل من كدة
إزدراءت تلك الغصة التي وقفت في حلقها وتحدثت بحب
_ المهم إننا إتقابلنا، ودا غير كتير آوى في حياتي، أمجد أنا قبل مااعرفك كانت الحياة بالنسبالي هي المذاكرة وبس انت خلتني أشوفها بمنظور تاني خالص، لأول مرة بعرف يعني أيه حب والقلب اللي بيدق كل ما بيسمع أسم اللي بيحبه ولا حتى اسم مشابه لاسمه.
لما بتشوفه ولو حتى من بعيد تحس إن الحياة هى اللحظات اللي بتشوفه فيها ولما بيفارقك الأشتياق بيقـ.ـتلك ونفسك تهرب معاه من الدنيا كلها
كان يستمع لكلماتها بابتسامه شغف وولع لتلك التي أطربته بأجمل الكلمات التي تصف مدى تعلقها به فأيدها قائلاً بتوق
_ كل الكلام ده حسيت بيه من وقت مـ شفتك بتذاكري في الجنينه، خطفتي قلبي من وقتها وكل ما أخزي الشيطان وابعد عينيه عنك ألاقيها بتروح ناحيتك من تاني
ضيقتك ليلى عينيها وهى تقول بغيظ
_ أمم يعني كنت بتبص عليا وانا بذاكر
رفعت اصبعها في وجهه وهي تتحدث بلهجتها الصعيدي بتحذير مرح
_ أنت خابر لو كان جاسر ولد الحاچ جمال شافك كان هيعمل فيك ايه؟
رفع حاجبه متسائلًا لتجيبه بحدة
_ هيجتلك من غير مـ يرفله جفن
ضحك كلاهما ليطرق الباب وتدلف سهى تحمل الإفطار وهى تقول
_ أحلى فطار زي ما وصيتي يادكتورة ليلي.
شكرتها ليلى وهمت سهى بتحضيرة على الطاولة لكنها منعتها
_ لأ روحي أنتي ياسهى وأنا هفتحه
اومأت وخرجت من الغرفة
فقامت ليلى بوضع الطعام على الطاولة وقربته من الفراش بعد ان قامت برفعه حتى يستطيع تناوله بأريحية، لكنه نظر لها بخبث وهو يقول
_ بس انا هاكل إزاي بالأجهزة اللي في إيدي دي كلها.
نظرت ليلى إلى يديه وقالت بحيرة
_ اه صحيح
إزداد خبثه وهو يقترح
_ خلاص أكليني أنتي
اتسعت عيناها ذهولًا مما نطق به وقالت بحدة صعيدية
_ أنت بتجول أيه؟
تراجع بمرح وهو يقلد لهجتها قائلاً
_ بجول إنك تبعتي لسهى هى اللي توكلني
نشبت الغيرة بداخلها وقامت بإزالة المحلول من يده وتعليقه حتى ينهي طعامه وقالت باستنكار
_ كده مش محتاج حد.
تابع مكره
_ بس أنا فعلاً تعبان مش قادر أرفع إيدي.
زمت شفتيها بغيظ
_ لما تاكل هتقدر
استسلم امجد في النهاية وبدا بتناول طعامه وهو يبعد عينيه عنها بصعوبة كي لا تحرج منه
أما هى فكانت مندهشة من تلك الجرئة التي أصبحت عليها
تركت نفسها لتغرق أكثر في بحر عشقه دون أن تبحث عن البر
ربما لأنها تعلم جيدًا أن لا بر لها معه، ربما تكون عودة لكن تخرج منها ضائعة
أو تعود معه لبر الأمان بأحلام وردية
لا تبالي بشئ
كل ما يهم الآن أنها تأخذه ملجأ لها كما أخذها هو ملجأ له ويستند كلا منهم على الآخر باسم الحب
فقد أصبحت مثل خيلٍ حبيس أطلق سراحه فرفرف عاليًا فرحًا بحريته التي لم يعلم بأنها الخطوة الأولى نحو آلامه
كانت تختطف النظرات إليه بحسرة على ذلك العشق الذي حكم عليه بالموت وهو مازال وليدًا.
تدحرجت دمعه حاره على وجنتيها مسحتهم بظهر يدها قبل أن يلاحظها ذلك المعشوق
وهى تتساءل كيف تكون حياتها بدونه
انتبهت لصوته الذي يسألها
_ سرحتي في أيه؟
ابتسمت ليلى وهي تقول باعتراض لما تفعله
_ مش عارفه إن كنت هتفهمني ولا لأ، بس بما إنك صعيدي أكيد هتفهمني
حرك رأسه مستفسرًا لتتابع هى بوجل
_ أنا حاسة نفسي بعمل حاجة غلط؛ وأولهم إن تعاملي معاك مش تعامل مع مريض لأ ده حاجة تانية خالص
نظرت إليه لتجد وجوم على ملامحه وتابعت
_لأول مرة بعمل حاجة من ورا اهلي
صحيح أنا عرفت حازم ومعتز ومغلطني جدًا بس ده بردوا ميدنيش الحق إني أخون ثقتهم فيا
قاطعها أمجد بجدية
_ بس انتي معملتيش حاجة غلط عشان تخوني ثقتهم
سألته بحيرة
_ أومال تسمي أيه اللي بعمله ده؟ تفتكر أنت كنت هتقبلها على أختك
ساد الصمت قليلًا ليتحدث بعدها بصدق
_ لو بينهم الحب اللي بينا ده أكيد كنت هقبل.
همت بالمعارضة لكنه قاطعها بجدية
_ ليلى أنا بحالتي دي مقدرش أوعدك بحاجة بس اللي واثق منه إني لو في ظروف غير دي مكنتش حاجة هتمنعني اني اتجوزك حتى لو العالم وقف قصادي
إنما حاليًا أنا معنديش عُمر اوعدك بيه.
حاولت تنظيم أنفاسها التي هدرت بقوة حزنًا وألمًا من كلماته التي تمزق قلبها بغير رحمة
وهذا ما لاحظة أمجد
فيشعر بالألم يعاوده فأراد تغيير مجرى الحديث وسألها
_ بابا وفارس مسألوش عليا؟
ردت بتأكيد وهى تحاول بصعوبة الثبات أمامه
_ لا طبعًا محدش منهم بيسيبك بس دكتور عصام مانع الزيارة عشان حالة باباك.
أومأ برأسه وشعر بالتعب يزداد فقامت ليلى بإضافة بعض الأدوية وقالت
_ كفاية كلام لحد كدة وأرتاح شوية
اغمض أمجد عينيه بإرهاق وقال بألم
_ متسيبنيش
أكدت بألم مماثل
_ مش هسيبك.
❈-❈-❈
في مكتب منصور
دلف خالد المكتب ليصافح منصور هو يقول بغيظ
_ في إيه تاني؟ جايبني على ملى وشي ليه؟
أشار له منصور بالجلوس
_ تشرب أيه الأول.
_ ولا حاجة قول بسرعة في أيه؟
تنهد منصور وعاد بظهره للوراء وهو يقول
_ جاسر ابن جمال عايز يتجوز سارة.
تحدث خالد بدهشة
_ جمال أخوك
اومأ بصمت ليقول خالد بجدية
_ وأيه اللي فيها، جاسر أنا عارفه كويس إنسان محترم جدًا ورجل يعتمد عليه ميتخيرش عن جمال اخوك، انا لو مكانك مترددش لحظة واحدة
زم شفتيه بحيرة ثم تحدث بقلق
_ أنا معاك في كل ده بس اللي انا مستغرب له إزاي
لحق يحبها ويقرر يرتبط بيها في المدة البسيطة دي؟
أجاب خالد ببساطة
_ وايه المشكلة؟! بتحصل كتير جاسر أبن ناس ومتعلم ووسيم وفيه صفات كتير حلوة أى واحدة تتمناه، وكفاية انك هتنام وانت مطمن عليها وسط أهلها بدل مـ ييجي ولد من بتوع اليومين دول يكون طمعان فيها.
تحدث منصور بتهكم
_ يعني ابن جمال هو اللي مش هيكون طمعان فيها؟ ولا يمكن يقول ……
قاطعه خالد بنفي
_ مستحيل جاسر يعمل كده وأنا واثق فيه زي ما أنا واثق إنك انت اللي قاعد أدامي دلوقتي، وبعدين جمال اللهم بارك بقى عنده اد اللي عندك واكتر كمان.
وافق يامنصور وقرب المسافات بينك وبين أهلك، يا سيدي دا حتى المثل بيقول أهلك لتهلك.
فكر في أبوك فكر في أمك اللي ملهاش ذنب في كل ده، أرجع وأعتذر وانا واثق أنهم هيسامحوا.
مراتك دي اللي مش قادرة تتحمل فراق ولادها من أسبوعين شوف أنت بقى ولدتك اللي بقالها أكتر من خمسة وعشرين سنه مشفتش أبنها.
تنهد خالد بتعب عندما لم يرى بادرة أمل للأستجابة وأردف
_ أنا الكلام معاك بيتعبني وأنا أصلًا تعبان لوحدي
عايز نصيحتي وافق وأبعد بنتك عن الحرب اللي هتقوم الفترة الجاية دي مع مراتك
رد منصور بارتباك
_ بس أنا مش هقدر أروح هناك واتكلم في جواز وغيره وكأن شيئًا لم يكن
_ صدقني وقت مـ تدخل عليهم كل حاجه هتتنسي وكأن فعلًا شيئًا لم يكن.
ومقبل على الصعيد
الفصل السابع عشر
❈-❈-❈
في منزل عمران
كان حازم جالسًا في غرفته يحارب شوقة الذي يأخذه إليها
ويفكر ماذا سيفعل عندما تدخل منزلهم زوجةً لأخيه
هل يترك مشاعره للنظر إلى زوجة جاسر الذي يعتبره صديق قبل أن يكون أخ يعزه ويقدره.
هو يعلم جيدًا بأن جاسر لا يكمن لها حبًا وكذلك هى، لكنه أمر فرض على كلاهما ورضوا به
طرق الباب ودلف معتز الذي نظر إليه بتخابث وهو يقول
_ عندي خبر لو عرفته هتقوم دلوجت وتاخدني بالحضن
نظر إليه حازم وقال بسخرية
_ خير؟
تقدم منه ليجلس بجواره وقال بمكر
_ جاسر أخوك غير رأيه وهيتزوچ سارة بنت عمك منصور
اعتدل حازم في فراشه وتحدث بجدية
_ انت بتجول أيه يامخبول انت؟
أجاب معتز بتأكيد
_ ده اللي سمعته من أبوك وهو بيتحدت مع جاسر، وبيجولوا انهم كلموا عمك خالد عشان يفاتحوا أبوها في الموضوع.
سأله بحيرة
_ وزينة؟
_ ما هو ده اللي انا چايلك عشانه واللي عرفته من وسيلة
جالت إن زينة اتحددت مع چدك عاصم وجالتله انه زي أخوها وأنها مش عايزة تكمل في الچوازة دي، وجاسر أخوك ما صدج وخطب سارة طوالي.
تراقص الأمل بداخله وسأله بلهفة
_ أنت بتتحدت بچد ولا بتكذب عليا.
نهره معتز بحده
_ هو الحديت ده فيه هزار، دلوجت خلاص مبقاش في حاچة تجف جدامك.
نهض حازم مسرعًا تحت نظرات معتز المندهشة وقام بإرتداء جلبابه فسأله معتز
_ أنت رايح فين؟
أجاب معتز وهو يفتح الباب ويخرج منه
_ رايح أشوف أيه الحكاية
نزل إلى الأسفل يبحث عن والدته حتى عثر عليها في المطبخ
اقترب منها وقام بجذبها وهو يقول
_ تعالي معاي عايزك في موضوع
اندهشت وسيلة وحاولت إيقافة لكنه لم يمهلها للأعتراض ودلف بها غرفة المكتب وأغلق الباب خلفه
نهرته وسيلة
_ فيه أيه؟ ساحبني كيف البهيمه أكده ليه؟
اقترب منها حازم وسألها بجدية
_ أيه اللي في دماغ ابنك بالظبط ياأمي؟
لم تفهم مقصده وسألته بعدم فهم
_ تجصد مين؟
أجابها حازم بحزم
_ جاسر يا أمي هو فيه غيره
فهمت وسيلة مقصده وجلست على المقعد وهى تقول بحيرة
_ والله مـ انا خابرة يا ولدي هو فجأنا أنه رايد يتزوچها وبيجول أنه بيحبها
سألها بتهكم
_ بيحبها ولا في غرد تاني؟
قطبت جبينها بحيره وسألته
_ تجصد أيه؟
جلس حازم أمامها وقال بكمد
_ أجصد عمي منصور
ردت بنفي تقنع بيه نفسها قبل أن تقنعه
_ لا أخوك مـ ياخدش سارة بذنب أبوها أبدًا، مستحيل أصدج حاچة زي دي.
_ عايزة تجوليلي أنه لحج يعشجها في اليومين اللي جعدتهم عندينا.
نهرته وسيلة بحدة
_ عشج أيه ومسخرت أيه ياجليل الرباية أنت.
أكد ظنه وهو يقول بحدة
_ يبجي اللي شاكك فيه صح، وأنه عايز يوصلها عشان يعذب بيها منصور.
ردت وسيلة بثقة
_ قلتلك لا، جاسر مستحيل يعمل أكدة، وأوعاك تشك في أخوك مرة تانية.
_ ياأمي أنا خايف ليظلمها وهى ملهاش ذنب في كل اللي عمله عمي زمان، صدجيني البنت دي من اول مـ اتكلمت معاها حسيتها صداجه في مشاعرها نحيتنا
غير ابوها خالص
أيدت كلامه قائله
_ نفس اللى جلته والله، والبنت دخلتي جلبي من وجت مـ شوفتها، وبعدين متخافش ميجدرش يعملها حاچة وإحنا موچودين.
❈-❈-❈
في منزل منصور
عاد إلى المنزل وابتسامة نصر مرتسمة على محياة بعدما سجل كل اسهم الشركة بإسمه فقد إستطاع أخيرًا أسترداد ما هو حقًا له وأصبحوا الآن في قبضته
أيام قليلة وسيفاجئهم بتلك الضربة التي ستجعلهم تحت اقدامه
دلف المنزل ليجدها تخرج من غرفة مكتبه
حاول رسم ابتسامه على فمه لكنها ظهرت باهته وخاصة عندما تحدثت بهدوء
_ أنت مش قلت إنك أجازة النهاردة؟
تقدم منها يقبل رأسها وأجاب بروية
_ عادي يا حبيبتي كان في ورق مهم لازم يتمضي خلصت وجيت على طول
جلس على المقعد وقال بجدية
_ اه نسيت أقولك
جلست على المقعد المقابل تسمع له
فتحدث برسوخ
_ جاسر ابن أخويا عايز يتجوز سارة وانا وافقت
ضيقت سمر عينيها بعد أستيعاب لما يقول وسألته مستفسرة
_ أنت بتقول أيه؟ وسارة مين اللي بتتكلم عنها؟
أجابها ببساطة
_ سارة بنتي هى في غيرها!
هزت رأسها بدهشة وعادت تسأله
_ وقولتلي جاسر ده يبقى مين؟
عاد بظهره للوراء وتحدث بكل بساطة
_ جاسر ابن أخويا جمال وهى موافقة
ساد الصمت قليلًا وهى مندهشة من الهدوء الذي يتحدث به وقالت بتحذير
_ انا هعتبر إني مسمعتش حاجة وإن الكلام السخيف اللي قلته ده ملوش اى أساس من الصحة، أنا مستحيل أجوز بنت في وسط الناس الـ……
لم تكمل تحذيرها حتى وجدت بسرعة البرق يد منصور تلتف حول عنقها وقد طفح به الكيل منها ولم يعد يأبى بشئ وزائر من بين أسنانه
_ كلمة تانية على حد من أهلي وهخلص عليكي بإيدي
ضيق يده أكثر على عنقها وتابع
_ لو كنتي فاكرة أني منصور بتاع زمان وهقولك آمين وحاضر تبقي غلطانه
انتي وابوكي دلوقت تحت رجليا وأي حركة منك هفعصكم ومش هرأف بيكم
اصابها الذعر من ذلك الغضب الذي يتحدث به وقالت بحدة
_ منصور انت اتجننت؟
هز راسه بنفي
_ لأ بس أنتوا اللي اتجننتوا لما فكرتوا تلعبوا عليا وتستولوا على حقي، وانتوا عارفين كويس إن اللي بيقرب من حقي مـ برحموش أيًا كان هو
تسارعت ضربات قلبها خوفًا وسألته بتلعثم
_ أنت بتقول أيه أنا مستحيل أعمل كده.
شدد يده أكثر على عنقها حتى كاد أن يزهق روحها وقال بسخط
_ بطلي كدب أنا سمعكم بودني وأنتوا بتخططوا إزاي تخلصوا مني، ودلوقتي الدور عليا عشان أرميكم في الشارع واخليكم تشحتوا زي زمان.
وسارة هتتجوز ابن عمها ومصطفى هعرفه حقيقة أمه وجده اللي فخور بيهم آوي دول، وأنتي هتفضلي هنا خدمتي وتحت رجلي لحد ما ييجي اليوم اللي أصفي فيه كل حاجة.
شعرت سمر بالإختناق لتحاول جذب يده بعيدًا عن عنقها وقالت
_ مـ.. مـ… محصلش انت أكيد سمعت غلط
ضغط أكثر على أسنانه حتى كاد أن يدميها وقال بغضب
_ لسه بردوا بتقاوحي
جذبها حتى تقف على قدميها وهى في شدة رعبها وأردف
_ أنا هصبر عليكي لحد مصطفى ما يخلص جامعته واسفره بره وبعدها هرميكي لأبوكي واطوي صفحتكم السودة دي من حياتي
زجها بيده حتى كادت أن تسقط على الأرضية مما جعلها تتنفس بعمق وتلهث من شدة حاجتها للهواء
ثم رفع أصبعه في وجهها وتابع تهديده
_ أنا رايح البلد وهجوز سارة لابن أخويا عايزة تيجي تمثلي دور أم العروسة كان بيها، مش هتيجي وتحاولي تلعبي من ورايا يبقى انتي اللي جنيتي على نفسك
رغم رعبها الشديد منه إلا إنها قالت بغضب
_ مستحيل اروح البلد واشهد على موت بنتي.
أيد رأيها قائلاً
_ تمام آوى وهو ده اللي عايزه
ولعلمك انا مأمن نفسي كويس آوى عشان لو فكرتوا تلعبوا بديلكم
دلف غرفته وتركها في ذهول تام مما يحدث، كيف علما بكل ذلك
اغلق الباب خلفه بحده ثم امسك هاتفه كي يهاتف خالد الذي أجابه
_ ابن حلال كنت لسه هكلمك
تحدث منصور بحدة
_ قبل أى حاجة عايزك تتصل على جمال وتقوله إني موافق وقوله كمان يعجل بالفرح
_ طيب مـ تكلمه أنت، الحاجات اللي زي دي مينفعش انا اللي أتكلم فيها.
زفر منصور بضيق
_ أعمل اللي بقولك عليه وخلاص أنا مينفعش أسيب الشركة في الوقت ده بالذات
_ طيب كلمه حتى في التليفون وفهمه كل حاجة، إنما كده مينفعش
تنهد منصور وقال باستسلام
_ خلاص هكلمه بكرة واحدد معاه كل حاجه
أغلق الهاتف والقاه بأهمال على الفراش ثم جلس على الأريكة يفكر في المنفعة التي ستعود إليه من ذلك الزواج.
❈-❈-❈
في منزل عمران
اغلق جمال الهاتف وعاد إلى والديه ليقول براحه
_ مبروك ياحاچ عمران منصور أخوي وافج
هلل الجميع بذلك الخبر ما عدا جاسر الذي أخذ يستمع إليهم بوجوم
فتحدث جليلة بفرحة
_يعني منصور ولدي چاي؟
أرتبك جمال من سؤالها وأجاب بإضطراب
_ لا هو مش هيجدر ياچي غير على كتب الكتاب عشان مشغول شوية
أومأ عمران بصمت أما جليلة فقد بُغتت بحسرة على ذلك الذي لم يتغير ولن يتغير يومًا
تحدث جاسر بإستهزاء
_مش هتفرج
نهره جمال بحدة
_ جاسر
قاطعه عمران بألم
_ سيبه ياولدي هو مغلطش، صحيح مش هيفرج وچوده زي عدمه
المهم اتصل عليه وحدد معاه ميعاد الفرح ولو مش رايد ييجي خليه.
_ لا يابوي هياچي، خالد أكدلي أن فيه مشاكل في شغله وميجدرش يهمله وأني هكلموا دلوجت واحدد معاه الميعاد اللي هيجدر ياچي فيه.
نهضت وسيلة وهى تقول بسعادة
_ واني هروح أبشر سارة
نظرت إلى جاسر وتابعت بمكر
_ أصلها كل شوية تسألني عملوا ايه مع بابا
سخر جاسر بداخله من ظن والدته، وتحدث عمران بإعتراض
_ اصبري ياأم جاسر لما جمال يتحدت معاه لول ويشوفوا هيوصلوا لأيه.
أكد لها جمال
_انا بقول أكده بردك
عادت وسيلة إلى مقعدها فتسألت جليلة
_ بس انتوا لحد دلوجت مـ حددوش هيسكنوا فين؟
رد عمران بعدم فهم
_ هيسكنوا حدانا في الدار
_ لا اقصد يعني إن اوضة جاسر متنفعش لعرسان هو اختارها عشان تكون جريبة منيك بس دلوجت متنفعش واصل
أيد جمال رأي والدته
_ فعلًا الاوضة صغيرة جوي ومتنفعش لعرسان
نظر لجاسر وسأله
_ متجول حاچة ياجاسر
نظر جاسر لوالده وقال بفتور
_ الاوضة دي ولا غيرها مش هتفرج شفوها هى واللي رايده اعملوه ليها، أني رايح اشوف العمال خلصوا ولا لأ، بعد أذنكم
انهى حديثه ثم تركهم وخرج من المنزل ليندهش الجميع من بعدم أهتمامه بالأمر.
❈-❈-❈
في غرفة منصور
رن هاتفه برقم غير مدون، وهو بعادته لا بجيب على أرقام غير مدونة لا يعرف لما دق قلبه بمعرفته بهوية المتصل
أجاب قلبه قبل لسانه
_ اهلًا ياجمال
تحدث جمال بلهجة عاتبه
_ بخير يامنصور كيفك أنت؟
آجاب بشوق
_ الحمد لله بقيت أحسن لما كلمتك، أبويا وأمي عاملين ايه؟
ليس وهذا بالوقت المناسب كي يعاتبه على عدم تواصله معهم والاطمئنان عليهم فقال بإيجاز
_ بخير وبيسلموا عليك.
المهم أنا كنت رايد أجيلك وأطلب منك إيد سارة لجاسر ولدي بما إنك مشغول ومش هتجدر تاچي.
سعادة لم يشعر بمثلها من قبل من عودة المياة لمجاريها رويدًا رويدًا فقال بسرور
_ البنت بنتك ياجمال وعارف كويس إن جاسر ميتخيرش عنك حدد ميعاد الفرح وعرفني لإن حقيقي مش هقدر أسيب الشركة الفترة دي، بس أوعدك إن وقت مـ كل حاجة تتظبط هاجي من غير مـ حد يقولي.
لم يستوعب جمال معنى كلماته وتسائل بحيرة
_ يعني مش هتحضر فرح بنتك؟
اجاب مسرعًا
_ أكيد طبعًا هكون موجود بس قبل كده صعب، بس أهم حاجة إنك تعجل بالفرح مفيش داعي للتأجيل، وخصوصاً أنها في نفس البيت معاه.
اومأ جمال بإستسلام
_ اللي تشوفه ياخوي، ومتخافش على بنتك هى في الحفظ والصون
رد منصور بثقة
_ وأنا واثق من ده، وإلا مكنتش سيبتها الفترة دي كلها.
أغلق جمال الهاتف وألقاه بضيق على الفراش
لم يتغير أخيه قيد أنملة مازال كما هو ذلك الذي لا يبالي بشئ سوى مصلحته، حتى مع أولاده يفضل مصلحته عليهم
دلفت وسيلة الغرفة بعد أن تركته كي يحدث أخيه بأريحية
تقدمت منه وهى تنظر إليه بتعاطف عندما لاحظت ذلك الوجوم المرتسم على ملامحه
جلست بجوارة على الأريكة وسألته مستفسرة
_ عملت أيه؟
تنهد جمال وأجابها بهدوء
_ لسه زي ما هو متغيرش، مش هامه غير مصلحته وبس، عايزني أخلص كل حاچة وأعزمه على كتب الكتاب كيفه كيف الغريب.
هونت عليه قائله
_ مـ هو جال لخالد أنه غصب عنه، وبعدين هو سايبها لمين يعني! ده جدها وعمها والأتنين هيخافوا عليها زييه وأكتر كمان، متعجدش الأمور وخلينا نفرحوا بچوازة جاسر
نظر إليها جمال وقال بإبتسامة ماكرة
_ كبرتي ياحاچة وسيلة وهتكوني چدة.
تحدثت جليلة بغرور وهى تتلاعب بخصلاتها
_ مين يجدر يجول إكدة، دا اللي بيشوفني چانب ليلى بتك بيفتكرني أختها
ضحك جمال ورد بمزاح
_ والصبغة اللي لاجتها في هدومك دي، كنتي چيباها ليه؟
أغتاظت وسيلة من معرفته بهذا الأمر الذي أستطاعت أخفاءه بإتقان لكنه إستطاع العثور عليه فنهرته بغيظ
_ وأنت بتجلب في حاچتي ليه؟
رد بتخابث وهو يتلاعب بخصلاتها
_ صدفه بريئه والله، وعلى العموم أني جابلك على أى شكل.
هم بتقبيلها لولا تلك الطرقات الخافته التي منعته من ذلك فزم فمه بضيق
_ ده أكيد حازم ولدك
ضحكت وسيلة ونهضت لتفتح الباب فوجدتها سارة
_ تعالي ياسارة أتفضلي
شعرت سارة بالإحراج وقالت بخجل
_ كنت عايزة أتكلم مع عمي شوية، بس لو هينام اجي في وقت تاني
رد جمال بترحيب
_ ولو نايم أجوملك، تعالي.
فتحت وسيلة الباب كي تدلف منه
ودلفت سارة الغرفة لينهض جمال لإستقبالها واشار لها بالجلوس على الأريكة
جلست بجواره وترددت كثيرًا قبل ان تقول بإستحياء
_ كنت عايزة أسألك حضرتك عملت أيه مع عمو خالد بالنسبة للنقل
أخفضت عينيها بإحراج ليبتسم جمال قائلًا
_ أني مش جلتلك متشليش هم حاچة.
اومأت برأسها وهمت بالتحدث لكنه قال بحب
_ أني كلمت خالد النهاردة وخلصت معاه كل حاچة وكمان كلمت أبوكي وحددنا معاه ميعاد الفرح
رفعت عينيها إليه تسأله بلهفه
_ بجد ياعمي يعني هفضل هنا معاكم ومش هرجع القاهرة؟
أومأ بحب
_ بجد ياجلبي وهكلم جاسر عشان تختاري الأوضة اللي تعجبك، وليلى چاية بكرة إن شاء الله عشان تساعدك في فستان الفرح.
تبدلت ملامحها ليلاحظها جمال مما جعل الشك يزحف إلى قلبه لكنه قطعه قائلاً
_ اني أختارتلك أفضل اوضه في الدار كلها، وفرشها اللي تأمري بيه.
افترى ثغرها عن ابتسامه لم تصل لعينيها وردت بهدوء
_ مش هيفرق المكان مادام معاكم هنا، أنا كنت خايفة بابا يرفض إني أفضل معاكم، بس مادام وافق بلاش نستعجل وتضغطوا على نفسكم.
تحدث بجدية
_ سارة لو بچد في حاچة چواتك وخايفة تجوليها…
قاطعته سارة بإصرار
_ صدقني ياعمي مفيش أى حاجة كل الحكاية إني تعبت من المشاكل اللي بين بابا وماما وأهملهم لينا اغلب الوقت، جوى العيلة ده أنا محستش بيه إلا وسطيكم عشان كده مصره إني أفضل معاكم
_ وجاسر
رمشت بعينيها مرات متتالية تحاول العثور على كلمات مقنعه وقالت برزانه
_ زي ما قلت لحضرتك قبل كده، جاسر شخصية محترمة وأى بنت تتمناه، وهو لما فاتحني في الموضوع ملقيتش أى سبب أرفض عشانه.
هز جمال رأسه بإقتناع وقال بإبتسامة
_ على خيرة الله، من بكرة هنبدأ الترتيبات والفرح هيبقى آخر الأسبوع
نظرت إليه بدهشة لذلك التسرع وسألته بحيرة
_ حضرتك مستعجل كدة ليه؟
_ مش مستعجل ولا حاجة بس ابوكي اللي قرر إننا نعجل بالفرح، وبردك مينفعش تفضلوا انتوا الاتنين في مكان واحد من غير ما يكون في حاچة رسمي.
اومأت بتفاهم
_ خلاص ياعمي اللي تشوفه
نهضت من مقعدها
_ بعد إذن حضرتك
خرجت من الغرفة لتنصدم بوسيلة التي تحمل القهوة بيدها وعند رؤيتها سألتها
_ رايحة فين ياسارة أنا عملت الجهوة وجلت هتشربيها معانا
هزت رأسها برفض
_ لا ياطنط أنا مش بحب القهوة
_ طيب خليكي جاعدة معانا شوية؟
_ خليها وقت تاني.
أسرعت سارة بالذهاب تحت نظرات وسيلة المندهشة من تسرعها، ولم تكن تعلم بأنها تجاهد كي تظل ثابته أمامهم ولا تنهار كما فعلت وقت وصولها الغرفة.
❈-❈-❈
ومقبل على الصعيد
الفصل الثامن عشر
❈-❈-❈
في شركة منصور
دلف منصور مكتب رئيس مجلس الإدارة وهو يدفع الباب بقدمه لتندهش مديرة المكتب من تصرفه
اسرعت بالدخول خلفه لتسأله بريبة
_ في حاجة يامنصور بيه؟
تقدم منصور من المكتب ليجلس على المقعد وتحدث بأمر
_ اعملي ميتنج حالًا لمدراء الأقسام في الشركة، وكمان كلمي المحامي يحضر معاهم.
لم تفهم شيئًا مما يحدث وردت باستسلام
_ حاضر يافندم
خرجت من المكتب كي تهاتف سمر أولًا لكنها تفاجأت بشريف يتقدم من مكتبه وعندما رآها تخرج من مكتبه سألها بحيرة
_ في أيه يامريم؟
أجابت باضطراب وهى تنظر للمكتب
_ مش عارفه، منصور بيه طلب إني أعمل ميتنج دلوقت لمدراء الأقسام
أندهش شريف ودلف المكتب فيجد منصور جالسًا على مكتبه مما جعله يندهش أكثر من بروده
فتقدم منه قائلًا
_ في أيه يامنصور؟ وليه عامل اجتماع دلوقت؟
ابتسم منصور بسخرية وعاد بظهره للوراء وهو يتحدث ببرود قـ.ـاتل
_ لأ مفيش حاجة مهمة أنا بس عملت شوية تعديلات في الشركة وعشان كدة عملت الميتنج.
إندهش شريف أكثر ليسأله بجدية
_ تعديلات إيه اللي هتعملها وإزاي ده يحصل من غير متعرفني؟
وضع منصور قدم فوق الأخرى وسأله بهدوء مثير للأعصاب
_ بصفتك أية؟
قطب جبينه بذهول
_ بصفتي رئيس مجلس إدارة
اعتدل منصور في جلسته وقال بثبوت
_ ده كان زمان، إنما دلوقت كل حاجه اتغيرت وأنصحك تنسحب بهدوء من الشركة قبل ما تنسحب بفضيحة أدام اللي شغالين في الشركة
اتسعت دائرة عينيه وقال بحدة
_ لاا انت شكلك اتجننت.
نهض منصور من مقعده ليقترب منه ويقول بصوت هادر
_ أنت اللي أتجننت لما فكرت انت وبنتك أنكم تلعبوا مع منصور المنشاوي
وأوعى تكون فاكر إني مش عارف حاجة عن تخطيطك انت وبنتك بس سيبتكم لحد مـ أخططلكم أنا كويس بغبائك أنت مضيتك على تنازل بأسهمك في الشركة أنت والهانم التانية اللي نضفتها وعملتها بني أدمة والآخر بتخطط معاك عشان تخلصوا مني
أقترب منه أكثر ليتابع بتهديد وعينيه تقدح شررًا
_ ولولا إني عامل خاطر لولادي كنت طلقتها ورمتكم في الشارع بس انا هعمل بأصلي و هسيبلك البيت اللي بردوا كتبته بأسمي تعيش فيه.
هز شريف راسه بعدم أستيعاب لما يحدث
_ لا انت فعلًا اتجننت وأنا…..
قاطعه منصور بغضب
_ ولا كلمة زيادة ولو مش مصدق
أمسك الهاتف وحدث مديرة المكتب
_ مدحت جاه ولا لسه
_ جاه يافندم وهيدخل حالًا
أغلق الهاتف ودلف المحامي ليضع شريف يده على قلبه من هول ما رأى
فقد مضى بيده على كل شئ دون أن يدري فلم يتحمل قلبه تلك الصدمة وسقط على الأرض دون حراك..
❈-❈-❈
في مكتب عصام
دخلت ليلى التي ذبلت كثيرًا وظهر الشحوب واضحًا عليها فشعر عصام بالأسى عليها وقال بتعاطف
_ أتفضلي ياليلى أقعدي
جلست على المقعد أمام مكتبه وسألته بتوجس
_ كنت عايزة أسألك عن أى أخبار بخصوص حالة أمجد؟
زم عصام شفتيه بيأس وأجابها
_ كان فيه حالة مطابقة ليه بس للأسف على ما عملوا التحاليل وعرفوا النتيجة كان القلب وقف، وعشان كده بفضل إننا نسافر في أقرب وقت
أجابته بحيرة
_ بس أنا موضوع السفر ده صعب آوي، أنت عارف كويس أنا جيت هنا بمعجزة، وحتى لو بابا وافق
وسافرت مش هينفع أطول في السفر يعني بالكتير اوى هيكون أسبوع.
اومأ عصام بتفاهم ثم تحدث بجدية
_فاهم ياليلى، بس أنا بردوا شايف إنها فرصة علمية بصرف النظر عن كونها شخصية وهتفيدك كتير في مسيرتك المهنية، دي فرصة أي حد يتمناها
غير كمان إن تواجدك معاه هيكون دافع كبير للمقاومة.
شعرت ليلى بالإحراج مما يرمي إليه وقالت بثبات
_مقدرش أرد على حضرتك دلوقتي بس أنا إن شاء الله هروح البلد بكرة أو بعده بالكتير وهحاول أقنع بابا وإن وافق وده صعب جدًا هكون متواجده معاكم
وإن رفض مش هقدر طبعًا
_ على العموم أنا هبدأ في إجراءات السفر بحيث نكون مستعدين( سألها) إنتي معاكي جواز سفر؟
اومأت برأسها فأردف براحة
_ تمام ولو عايزاني أكلم الحاج عشان أقنعه معنديش مانع
_ لأ مفيش داعي أنا هحاول معاه، بعد إذن حضرتك
خرجت من المكتب وهي تفكر في طريقة تقنع بها أبيها.
مرت امام غرفته ولم تستطيع الولوج بسبب وجود أبيه وفارس
دلفت مكتبها وجلست كي تهاتف والدتها وتعلم منها أمر ذلك الزواج وعندما أجابتها
_ ازيك يا أمي عاملة أيه
أجابت وسيلة بلهفة
_ زينة ياجلبي طمنيني عليكي إنتي
حاولت جعل صوتها ثابتًا واخفاء نبرة الحزن التي أحتلت كيانها بأكمله
_ الحمد لله بخير متجلجيش علي، بس الاول أيه الكلام اللي جاله أبويا ده؟
جلست وسيلة على الأريكة وتحدثت
_ والله يابنتي حكاية أغرب من الخيال زي ما بيجولوا، انا طبعًا كنت حكيالك عن سارة بنت عمك منصور لما چات، وشكل أخوكي جاسر حبها وطلبها للجواز
زاد اندهاشها لتسأله بترقب
_ وزينة؟
_ أنتي خابره زين أن جاسر مكنش بيحبها بس جولنا الحب بياچي بعد الجواز، والآخر لا هى قدرت تكمل ولا هو كمان وكل واحد راح لحاله
لم تقتنع بحديثها لأنه تعلم جيدًا مدى بغض جاسر لعمه منصور فكيف إذًا يتزوج ابنته
_ وعمي منصور قال ايه
_ أبوكي كلموا أمبارح واتفجوا على كل حاچة والفرح آخر الأسبوع
لم تقتنع كغيرها بذلك الأمر وشعرت بأن هناك خطب ما وتابعت وسيلة
_ المهم ياغالية لازمن تنزلي البلد عشان تكوني چامبيها انا كلمت لها جاسر وهياخدها وينزلوا المركز عشان تختار خلجاتها بنفسها، وانتي تكملي الباجي معاها
سألتها بحيرة
_ طيب وليه الاستعجال ده؟ مـ تصبروا شوية يدرسوا بعض أكتر.
تنهدت وسيلة بقلة حيلة
_ والله اني كمان مكنتش موافجة على التسرع ده بس أول مرة أخوكي يتفج مع عمك منصور في حاچة والاتنين عايزين يعجلوا بالفرح.
إزداد شكها لكنها لم تريد الانشغال بذلك الأمر حتى تعود وتتحدث مع كلاهما
_ حاضر ياأمي هحاول أرجع البلد بأسرع وقت بس مش هقدر أطول عندكم
لم تفهم وسيلة شئ و سألتها باهتمام
_ وايه اللي يمنع؟
أغمضت عينيها بتعب وقالت بثبات رغم تجمع العبرات بداخل عينيها
_ في حالات بتابعها ومش هقدر اتأخر عليها
تحدثت وسيلة بإنفعال
_ يعني عايزة تفهميني إن مفيش دكاترة غيرك في المخروبة دي؟!
دلف جمال على صوت وسيلة ورأى انفعالها ليسألها بحيرة
_ في أيه ياوسيلة بتتعصب أكدة على مين؟
وضعت الهاتف في يده وردت بحدة
_ خد شوف ايه حكايتها بالظبط بدل ما تجلطني دلوجت
أخذ منها الهاتف وتحدث برجاحة
_ في أيه ياليلى؟ مزعلاها ليه؟
حاولت كبح عبراتها وتحدث باضطراب
_ مفيش حاجة يابابا غير إني بقولها مش هقدر أطول في البلد وعشان كدة اتعصبت عليا
رد جمال باعتراض
_ ليها حج بردك هى بجالها دلوجت عشرين يوم مشفتكيش وغير كل ده كمان مش عايزة تحضري فرح اخوكي
ردت برجاء
_ ارجوك يابابا أتحملوني الفترة دي بس لحد مـ السنه دي تخلص وبعدها هشتغل في المستشفى اللي عندنا ومش هسيبكم نهائي، وإن كان على فرح جاسر أكيد هحضره بس لازم أمشي تاني يوم.
تنهد جمال بحيرة لا يعرف ماذا يفعل الآن فسألها بتمالك
_ يعني هتاچي أمتى؟
أجابت باضطراب
_ هاجي يوم الخميس… والسبت لازم أمشي.
زم شفتيه بحيرة وهو ينظر إلى وسيلة التي تأكله بعينيها ورد بحيادية
_ حاضر ياليلى اللي تشوفيه، بس الأچازة الچاية تعوضيها.
اومأت دون تفكير
_ إن شاء الله
أغلقت الهاتف ووضعته على المكتب باستياء
لا تعرف لما موافقته لها طعنتها في الصميم، وشعرت بأنها خائنة لتلك الثقة التي حُملت إليها
لكنها بررت لنفسها بأنها لم تتجاوز حدها والقلب ليس عليه بسلطان
❈-❈-❈
في غرفة عمران
كان عمران مستلقيًا على الفراش شاردًا في أمر حفيده الذي أصبح مهمومًا شاردًا طوال الوقت، يعلم جيدًا بأن هناك خطب ما يخفيه عليه، لكنه أيضًا يعلم حفيده جيدًا ويعلم أنه يستطيع بجسارة التغلب على الصعوبات التي تواجهه
سألته جلية وهي تجلس بجوارة
_ مالك ياحاچ سرحان في أيه؟
تحدث عمران بقلق
_ أني جلجان من الچوازة دي، جاسر من وجت ما طلبها مني وهو ديمًا مهموم، جلبي بيجولي إن في حاچة وهو رافض يجول
أجابت جليلة بثقة
_ مفيش جلج ولا حاچة ياحاچ أني خابره جاسر زين وخابره انه بيحبها من أول يوم جات فيه، وده واضح من نظراته ليها مهما حاول يبين عكس إكده، أنت خابره زين مبيحبش يبين مشاعره
رد عمران بإستنكار
_ مشاعر أيه اللي بتتحدتي عنيها وهو كان بيهاچمها كل ما يشوفها
نفت جليلة بثقة
_ ده بيهاجم حبه ليها عشان شايف إن منصور هيفضل بناتهم وأنت خابر هو اد ايه مكدر من ناحيته
_ بس منصور يبجى أبوها يعني هيفضل بيناتهم العمر كله.
وبعدين الولد ده جفل جوي، معرفش أيه اللي عجابها فيه
ضحكت جليلة وقالت بتأكيد
_ بكرة لما تبجى مرته الوضع هيتغير، أديك شوفت أبوه اللي كان بيتكسف من خياله أول ما وسيلة بجت مرته معدش حتى بيستحي منينا.
لاح الحزن على قسمات وجهه وقال بشرود
_ لأن جمال وجتها كان عايز يبين جدامنا أنه سعيد وإن مفيش حاچة تعباه، بس أني كنت حاسس بيه وبتعبه اللي بيحاول يداريه عنينا
إبنك آسى كتير جوي لحد ما جدر يُجف على رچليه من تاني
وده اللي تعب جاسر وبيخليه يغضب من عمه أكتر.
_ أهي أيام وراحت لحالها والحمد لله ربنا عوضه خير.
طرق الباب فسمحت جليلة للطارق بالدخول فوجدت مصطفى يدلف عليهم، ابتسمت بسعادة
_ تعالي ياولدي.
تقدم منهم ليجلس بجوار جده يقبل يده
_ انا قُلت ألحق أتكلم معك شوية قبل ما تنام.
ربت عمران على قدمه وقدم فهم سبب مجيئه وتحدث برجاحة
_ خابر ياولدي باللي تاعبك وجالج منامك.
سأله مبتسمًا
_ أيه عرفك ياجدي باللي قالق منامي؟
نظر عمران داخل عينيه التي تحتوى اسأله كثيرة يبحث عن إجاباتها
_ أسأله كتير واضحة في عينيك ورايد تعرف إجابتها
عقد مصطفى حاجبيه متسائلًا
_ أيه اللي حصل ياجدي زمان، وياترى اللي سمعته ده حقيقي ولا ايه الحكاية بالظبط.
انسحبت جليلة بهدوء لا تريد سماع المزيد من ذلك الأمر
خرجت من الغرفة متجهة إلى غرفة منصور التي اتخذتها منذ ذهابه مكانًا تشكي فيه أوجاعها
وتبكي شوقًا على من رحل تاركًا قلبًا يإن آلمًا بفراقه.
تحدث عمران بشرود وهو يعود بذاكرته للوراء
_ أني خلفت الأتنين مميزتش حد منهم عن التاني والاتنين ربيتهم تربية واحدة
بس عمك جمال من يوم وهو هادي ومصلحة الكل عنده أهم من مصلحته
بس أبوك مختلف عينيه؛ حبه لذاته كان أجوى شوية.
كبروا ودخلوا الچامعة، بس عمك فضل أنه يدخل جامعة قنا عشان مـ يفارجناش ويكون چاري لو احتاچته، إنما أبوك أصر أنه يدرس في الچامعة اللي في مصر لإنه مش حابب العيشة أهنه
بنا أحلامه كلها هناك وقرر أنه يستجر في مصر على طول وأصر على أنه يعمل مشروع التخرچ بتاعه زي ما بيجولوا.
للأسف في الوجت ده كانت السيولة معايا متكفيش ولما واحد جريب مني جالي على مشروع بصراحة مكسبه كان زين جوي
جررت وجتها إني أرهن الأرض وبفلوس الرهنية أدي جزء كبير منيها لأبوك والجزء التاني أدخل بيه المشروع ومن مكسبه أسد بيه الرهنية
ولجل النصيب الفلوس أتسرجت وراح كل حاچة.
أبوك متخيلش إن الحكاية صعبه أوى إكدة واخد الفلوس وسافر عشان يبني حلمه، وعمك جمال هو اللي شجي وتعب وأتحمل البهدله لجل مـ يرچع الأرض لينا من تاني وفضل يعاني من سكات لحد مـ سدد ديونها كاملة
كان عمران يتحدث ومصطفى خافضًا رأسه بخزي مما فعله والده، رغم أن عمران لم يخبره الحقيقة كاملة كي لا يشوه صورة أبيه في عينيه وخاصةً عندما لاحظ حزنه
فمد عمران يده رفع رأسه قائلاً
_ أني مش بقولك إكدة عشان تحني راسك لا، أني بحكيلك بس لجل مـ تعرف إنه هو اللي بعد مش إحنا، واني كنت بعرف أخباركم بإستمرار من خالد، وأحيانًا كان بيبعتلنا صوركم يعني أول ما شوفتك عرفتك طوالي.
ابتسم مصطفى بحزن
_ هو فعلًا كان بيكلمنا عنكم كتير آوى وأد أيه أنتوا نفسكم تشفونا، بس لما كنا نسأله عن سبب بعدكم عننا كان بيرفض يقولي ويتحجج بأي حاجة ويتهرب
ربت عمران على يده وقال برباطة جأش
_ المهم أنكم رچعتوا لأصلكم وربنا عوض صبري خير وشوفتكم جدامي
قبل مصطفى تلك اليد التي وضعت على يده بحب ثم تحدث برجاحة
_ أطمن ياجدي مفيش حاجة هتفرقنا بعد النهاردة.
❈-❈-❈
ظلت سمر تزرع الردهه ذهابًا وإيابًا وكأنها تسير على جمر ملتهب لم تتجاوز حتى الآن الصدمة التي اعترتها
لم تتخيل يومًا أن ينكشف كل شئ بتلك السهولة
لتصبح بين ليلة وضحاها حبيسة داخل ذلك المنزل حتى أنه اخذ منها هاتفها ومنع عنها كل شئ.
لابد أن تتواصل مع والدها بأى شكل
تذكرت أمر العاملة فأسرعت إلى المطبخ لتجدها جالسة تحدث ابنتها فقالت بأمر
_ هاتي الفون ده.
ارتبكت العاملة وردت بخوف
_ دا انا بكلم بنتي ياست سمر
تحدثت بحدة
_ قلت هاتي الفون ده.
شعرت المرأة بالخوف من غضبها وناولتها الهاتف لتأخذه منها بحدة ثم تذهب إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها
رنة وراء أخرى ولا تجد من يجيب
إزداد خوفها أكثر عندما أجابت مديرة المكتب
فتسألها بتوجس
_ أنتي بتردي على فون بابا ليه؟
أرتبكت مريم عندما علمت بهويتها وقالت بتلعثم
_ أصل .. أصل يعني
صاحت بها
_ ما تنطقي في أية؟
تحدثت بخوف وهي تنظر إلى منصور الذي وقف امام غرفة الطوارئ ينتظر الطبيب
_ أصل شريف بيه تعب شوية وجبناه المستشفى
انقبض قلبها خوفًا و سألتها بخوف
_ مستشفى أيه؟
أخبرتها مريم عندما أشار لها منصور بإخبارها
_ مستشفى…..
أغلقت الهاتف وألقته على الفراش وأسرعت بالخروج من المنزل
هم احد الحرس بمنعها لكن أحدهم منعه قائلاً
_ سيبها يافتحي منصور بيه لسة قافل معايا
اشار لها ناحية السيارة
_ أتفضلي اوصلك
بقلب منقبض أسرعت بالصعود إلى السيارة وتولى الحارس القيادة ذاهبًا إلى المشفى كما أخبره منصور
❈-❈-❈
وقف جاسر بجوار السيارة ينتظر قدومها
خرجت من المنزل وقد ارتدت ذلك الحجاب الذي أمرها بإرتدائه مما جعلها تبدو بذلك البهاء الذي خطف لبه، وشعر بنغصه حادة تصيبه وهو يتذكر علتها، وتساءل هل هي حقًا ضحية لتدبير شيطاني ام كان بلحظة ضعف منها
لكن إصرارها على عدم العودة والبقاء معهم خوفًا منه يجعله يصدق حقًا أنها ضحية
انتبه على صوتها وهي تقول
_ أنا جاهزة
اومأ لها بصمت ثم أشار لها بالصعود إلى السيارة وتولى القيادة وأنطلق بها.
أخذ يراقبها وهى جالسة على أحد المقاعد داخل المتجر ويقوم العاملين به بعرض الأشياء أمامها فتقبل بإيماءة بسيطة من رأسها وكأنها سجينة حُكم عليها بالإعدام فلم تبالي بما ترتدي
لا يعرف لما شعر بنغصه حادة في قلبه وكأنه هو سبب احزانها
وقف ينظر إليها بنظرات تحمل بين طياتها الكثير والكثير من العتاب
ولكن العتاب الأقوى لذلك القلب الذي عشق من لا أهل لذلك
لما كتب عليه أن يعيش ذلك العذاب وكأن الدنيا لم تجد غيره لتقسوا عليه بتلك الحدة
وفرضت عليه أمرًا مجبرًا عليه
لم يكن القدر رحيمًا بقلبه عندما جعله يدق لها منذ أن فتح لها باب منزله وكذلك قلبه لتطعنه في مقتل وهى تخبره بأنها أبنة ذلك الذي لم يبغض أحد سواه
وينصدم بالطامة الكبرى عندما سمع تلك المكالمة التي قسمت ظهره ويتردد صداها حتى الآن داخل أذنه.
انتبه إليها تحمل بعض الحقائب التي تعد على الأصابع فتقدم منها يحملهم وسألها
_ هتروحي مكان تاني؟
هزت سارة راسها بنفي
_ لأ أنا خلصت وعايزة أروح
لم يجادل وترك ذلك الأمر بيد والدته.
انطلقوا بالسيارة عائدين إلى المنزل وكلًا في واديه
كان ينظر إليها بين الحين والآخر يتساءل كيف ستكون حياتهم بعد الزواج
لم يفكر في الأمر من قبل لذا لم يجد إجابة على سؤاله
فأيام قليلة وستجمعهم غرفة واحدة وقد يكون أيضًا فراشًا واحدًا
والأهم من ذلك هل ستقابلهم في الصباح بذلك العبوس!
عند تلك النقطة انعطف جاسر جانب الطريق وأوقف السيارة مقررًا التحدث معها في هذا الأمر
نظر إليها ليقول باستياء
_ ياريت تفردي وشك شوية، المفروض انتي عروسة وفرحها كمان يومين يعني تبيني إنك مبسوطة مش زي اللي محكوم عليها بالإعدام
نظرت إليه بعينيها التي القت سحرها عليه من النظرة الأولى مما جعله يبعد نظره عنها وخاصةً عندما تحدثت بأسى
_ عايزنى اعمل ايه؟
ازدرد ريقه بصعوبة ورد بثبات زائف
_ انا مجصدي يعني إنك تبيني انك سعيدة عشان محدش منيهم يشك في حاچة إكدة ولا إكدة.
عادت بنظرها للأمام وهي تقول بثبوت
_ متقلقش هما فاكرين إني زعلانة مع بابا وماما وعشان كدة باين إني زعلانه زي ما بتقول.
أومأ برأسه ثم نظر أمامه وقد تلاشت الكلمات التي راجعها مرارًا وتكرارًا كي لا ينسى كلمة منها فتتلاشى كلها من ذاكرته مقررًا العودة للمنزل
❈-❈-❈
كانوا جميعهم ملتفين حوله يحاولوا التخفيف عنها قليلًا
لكنهم لم يلمؤا الفراغ التي تركته هي
كانت عينيه على الباب دائمًا ينتظر عودتها على أحر من الجمر
وكلما انفتح الباب تراقص قلبه فرحًا ظنًا منه بأنها وردته، لكن يخيب أمله بدخول أحدى الممرضات
لم يعد يستطيع تحمل غيابها وبدأ قلبه الواهن بالإعتراض
حتى دخل عصام فاعترض على تواجدهم
_ مش كفاية كدة؟
تحدث صابر بتماسك رغم صعوبته
_ خلينا معاه شوية عشان ميزهقش
تقدم عصام من أمجد كي يتابع مؤشراته وتحدث بجدية
_ لأ كفاية كدة انتوا اجهدته بالكلام
نظر إلى أمجد وقال بأمر
_ كفاية كدة وأرتاح شوية
قضب أمجد جبينه بملل وقد ضاق به زرعًا بسبب غيابها عنه كل تلك المدة وتحدث بإيباء
_ أنا عايز أخرج من الأوضة دي
رد عصام بحزم
_ مينفعش دلوقت على الأقل.
أيد فارس رأيه
_ دكتور عصام عنده حق ياأمجد معلش استحمل شوية
غيابها مع نظرات الشفقة التي يراها بأعينهم جعلت تماسكه يتلاشى فلم يعد يستطيع التماسك أكثر من ذلك فصاح بهم رغم تعبه
_ اطلعوا برة
حاول عصام تهدئته
_ اهدى ياأمجد الانفعال غلط….
لكن أمجد قاطعه بانفعال أشد
_ مش عايز أسمع حاجة وقلت اطلعوا برا كلكم
أشار لهم عصام بالخروج كي لا ينفعل أكثر من ذلك
وخرجوا جميعًا.
وقف صابر أمام الغرفة وقد تلاشي ثباته وهو يرى ابنه بتلك الحالة وهو مكبل اليدين لا يملك شيئًا إلا التضرع إلى الله كي يشفيه
وضع عصام يده على كتف صابر وتحدث بتعاطف
_ معلش ياصابر أتحمله هو برده معذور.
قال صابر بألم
_ أنا مش زعلانه منه أنا زعلان عليه.
تحدث فارس بتفاؤل
_ تفائلوا بالخير تجدوه، وأنا حاسس أن ربنا هيوفقنا ونلاقي المتبرع
رفع صابر عينيه وهو يقول بتوسل
_ يارب 🤲
❈-❈-❈
دلفت سمر المشفى وهى ترتعد خوفًا من حدوث شيئًا لوالدها وهي الآن في أشد احتياجها له كي يساعدها على التخلص منه
وصلت أمام الغرفة لتجد منصور واقفًا بكل هدوء فأسرعت إليه وهى تصيح به
_ أيه اللي حصل؟ عملت فيه إيه؟
نظر إليها بنظرة محذرة كي تصمت لكنها لم تبالي بأي شئ سوى والدها
فعادت تصيح
_ فين بابا؟
تحدث منصور من بين أسنانه
_ لاحظي إننا في مستشفى؛ وطي صوتك
نظروا إلى الطبيب الذي خرج من الغرفة فتسرع هي إليه تسأله بريبة
_ طمني يادكتور
هز الطبيب رأسه بأسف
_ للأسف الشديد مقدرناش نعمله حاجة، البقاء لله
ومقبل على الصعيد
الفصل التاسع عشر
❈-❈-❈
جلست أسفل تلك الشجرة العتيقة التي تفرعت اغصانها بهيئة تخطف الأبصار
وقفت تحاول النظر خارجها لكن تفرع الاغصان بتلك الهيئة جعلتها لا ترى شيئًا خارجها حتى إنها احجبت عنها الرؤية
لكنها لم تبالي وجلست تستمتع بهالة النور التي تتسرب من بين أوراقها وتسحر المكان بضياء خافت
لكن فجأة أنطفئ الضوء، ورويدًا رويدًا ذبلت الأوراق وتساقطت من أغصانها وعمَّ الظلام المكان.
_ دكتورة ليلى
انتفضت ليلى على صوت سهى التي تحسها على الاستيقاظ عندما غفت على مكتبها
رمشت بعينيها بتتأكد من وجودها داخل مكتبها وقالت بتعب
_ هى الساعة كام دلوقت
أجابت سهى
_ الساعة سبعة، طول الليل وإنتي نايمة بالشكل ده حاولت أصحيكي عشان تنام على سريرك بس كنتي بترفضي
قامت بتدليك عنقها الذي تيبس من تلك النومة وسألت سهى
_ دخلتي عند أمجد؟
توترت ملامحها مما جعل قلب ليلى يرتعد خوفًا وسألتها بريبة
_ اوعى يكون ….
قاطعتها سهى بنفي
_ لا متقلقيش بس من امبارح وهو مش طايق حد ورافض إنه ياخد العلاج وعشان كدة جيت لحضرتك.
تنفست ليلى بعمق ثم تحدثت وهى تنهض من مقعدها
_ خلاص هتوضى واصلي الأول وبعدين أروحله.
اومأت سهى برأسها وخرجت
ودلفت ليلى المرحاض..
أنتهت ليلى من صلاتها وأخذت تتضرع لربها بالشفاء العاجل له
ثم قامت بالنهوض وخرجت من مكتبها لتذهب إليه
طرقت الباب ودخلت الغرفة لتجده مستلقيًا على السرير بوجوم، ابتسمت بداخلها من استياءه وتعنده فقط لأنها ابتعدت عنه تلك الليلة فقالت بابتسامة
_ صباح الخير.
حاول أن يظل على ثباته؛ لكن كيف يصمد أمام تلك الابتسامة التي تشق طريقها إلى قلبه قبل ثغرها عندما تهل عليها بطلتها التي تربك كيانه
فوجد نفسه بكل استسلام يجيب باشتياق
_ صباح النور
أقتربت منه كي تتابع حالته بأهتمام ثم نظرت إليه تسأله
_ ممكن أعرف حضرتك مش راضي تاخد العلاج ليه؟
نظر إليها قليلًا ثم سألها
_ يهمك آوي؟
سحبت المقعد لتجلس عليه وقالت باستياء
_ أنت شايف أيه؟
نظر أمامه وقد عاد الوجوم إلى ملامحه وتحدث بثبوت
_ أنا مش شايف حاجة غير إني عايز أخرج من الأوضة دي.
طفل عنيد وعليها التروي معه
_ تفرق اية عن غيرها؟
تجيب سؤاله بسؤال آخر وهذا حاله معها
_ هتفضلي تردي عليا السؤال بسؤال؟
ضحكت ليلى بخفوت ثم تحدثت بمرح وهى تسأله
_ فطرت؟
أجاب بتبرم
_ مليش نفس
هزت كتفيها بمرح
_ بس انا جعانة وكلمت سهى تجبلي فطار، أمم تحب تفطر معايا؟
نظر إليها مطولًا ليملأ عينيه من تلك الساحرة التي بابتسامة واحدة منها تجعله يرضخ لعينيها التي تشعل لهيب الشوق بداخله فسألها بولة
_ طلعتيلي منين بس؟
ابتسمت ليلى بخجل وردت بلهجتها
_ من مضيفة الحاچ عمران، ولا نسيت؟
رد أمجد بهيام
_ أنسى إزاي وانا من وقتها وانا ليلي نهاري.
حمحمت بإحراج وغيرت مجرى الحديث قائله
_ على فكرة جاسر أخويا فرحه بعد بكرة
انصدم حقًا من ذلك الخبر الذي سيجعله يعاني ما عناه أمس، فزم شفتيه بضيق
_ وطبعًا هتغيبي هناك فترة
أرادت التلاعب معه لكنها لم تستطع لتجيب بثبات
_ لأ مش فترة ولا حاجة هما يومين بالظبط ويوم السبت إن شاء الله هكون هنا
لم يتقبل الأمر لكن لن يجبرها على البقاء
طرق الباب ودلفت سهى وهى تحمل الإفطار فتأخذه منها ليلى وتضعه على الطاولة تحت نظراته العاشقة
قربت الطاولة من الفراش وهى تقول بمرح
_ يالا بقا لإني فعلًا جعانة جدًا
بدأوا بتناول طعامهم وهو ينظر إليها ويتخيل أنها زوجته ويتناولون طعامهم داخل غرفتهم
أو في حديقة منزله وأطفالهم يمرحون من حولهم
لكنه شئ صعب المنال.
تذكر بعدها عنه فتحدث باحتجاج
_ مش عارف اليومين دول هيمروا عليا إزاي!
١٧ ساعة غبتيهم عني وكنت هتجنن فما بالك يومين؟!
_ هيعدوا زي ما عدت التلات شهور اللي بعدنا فيهم
قال باعتراض
_ بس دلوقت غير، أنا دلوقت محتاجلك حتى في النفس اللى بتنفسه.
رغم خجلها الشديد منه إلا إنها قالت بولة
_ هتصدقني لو قلتلك انه نفس إحساسي، بس في إحساس تاني بيخليني أعارض رغبتي دي، هو إني لأول مرة بعمل حاجة من ورا أهلي خاصةً أمي.
حاولت كتير آوى أسيطر على مشاعري ونجحت في ده أو ضحكت على نفسي وأوهمتها إني نسيت، بس وقت مـ شوفتك تاني في المستشفى مشاعري رجعت أقوى من الأول
رفعت عينيها إليه فتجد نظراته مبهة لا تعرف ما يدور بخلده، فتابعت بحزن
_ حاولت كتير أتغلب عليها بس هى اللي اتغلبت عليا في الاخر واستسلمت ليها.
نظر إليها مطولًا ونظراته لها تحمل عتابًا حادًا لمشاعرها التي ندمت على تعلقها به وسأله بتوجس
_ ندمانه؟
تفاجئت بكلمته لكنها أجابت بصدق
_ ولا لحظة واحدة.
ساد الصمت قليلًا حتى قاطعه أمجد قائلاً بجدية
_ ليلى أنا مفيش حاجة بأيدي دلوقت اقدر اقدمهالك غير إني فعلًا بحبك ولو ربنا طول في عمري هعيشه كله عشانك ومش هضيع ثانية واحدة واحنا بعاد عن بعض، هو ده كل اللي في إيدي حالًا
أنا كمان زيك حاولت أحارب مشاعري كتير بس للأسف رجعت منها خسران واستسلمت فـ النهاية
اومأت بتفاهم وقد شعرت بأن هناك حرب تدور بداخله وعليها مراعاة ذلك.
سألها
_ هتسافري أمتى؟
_ بكرة الصبح إن شاء الله.
عاد يسألها
_ هتسافري إزاي؟
أجابت باقتضاب
_ بالطيارة
رغم الحزن الذي أستوطن قلبه إلا إنه تحدث بابتسامة
_ هتوحشيني
افتر ثغرها عن ابتسامة ولم تستطع الرد عليه
نهضت لترى الادوية التي عليه اخذها ولم يجادل معها بل كانت نظراته تحمل الكثير والكثير من العشق والامتنان
❈-❈-❈
في غرفة أخرى كانت سمر مستلقية على الفراش تنظر إلى سقف الغرفة بضياع
فـ بين ليلة وضحاها خسرت كل شئ من حولها، حتى والدها الذي كانت تستند عليه أو بالأصح كان الوحيد الذي يهتم لشأنها.
وخاصةً عندما لجأ ٱولادها إلى عائلتهم
فلم يعد هناك سوى ذلك الذي أصبح بيده كل شئ يواصل انتقامه كيفما يشاء.
أخطأت عندما فكرت بالتلاعب معه وظنت أن حبه لها سيجعله أعمى دائمًا، وتناست تمامًا أن منصور لا يرحم من يتعدى على أملاكه، كما فعلها من قبل مع أهله.
نهضت بصمت وخرجت من الغرفة تسأل عن والدها ليخبرها الجميع بأنه تم تسليم جثمانه إلى زوجها
إذًا فقد رحل حتى دون أن تودعه
خرجت من المشفى لا تعي بشئ مما يحدث، لأول مرة تشعر بالوحدة وكأنها لا تملك من الدنيا سوى ذاتها
لاول مرة تشعر بحنين جارف إلى أولادها وخاصةً مصطفى الذي تشعر بصدق حبه لها عكس تلك التي لا يهمها شئٍ سوى البحث عن أهلها وعندما أتتها الفرصة أسرعت إليهم وتشبثت بهم دون الإلتفات خلفها، كما والدها لكن بطريقة آخرى
أو بالأصح بدون غدر
انتهى كل شيء ولم يعد هناك ما يبقيها داخل منزله
عادت إلى المنزل لتجد الجميع على قدم وساق لأجل استقبال العزاء
ابتسمت بسخرية ودلفت إلى الداخل لا تستمع لأحد ممن يقومون بتعازيها وكأن عقلها توقف عن كل شئ
أنتهى منصور من مراسم الدفن ثم عاد إلى منزله ليخبره الأمن بعودتها
صعد إلى الغرفة ليجدها تحضر حقائبها فدنى منها قائلًا
_ بتعملي أيه؟
واصلت سمر لم أشياءها دون النظر إليه وقالت بهدوء
_ زي مـ انت شايف بلم هدومي.
عقد حاجبيه متسائلًا
_ ليه؟
أغلقت الحقيبة ونظرت إليه لتجيب بهدوء
_ خلاص معدش ليا مكان هنا
_ والناس اللي جاية عشان تعزي؟
نظرت إليه وتحدثت بسخرية
_ هو ده كل اللي همك! على العموم العز هيكون في بيت بابا مش في بيت الراجل اللي موته بحسرته، بس هقول ايه؛ اللي باع اهله مش هيبيع حماه
تقدم منها ممسكًا ذراعها بحدة وقال من بين أسنانه
_ أنا هراعي حالتك ومش هحاسبك على كلامك ده بس كلمة زيادة واقسملك حسابي هيكون عسير
ابتسمت بتهكم وهى تقول
_ خلاص مبقاش عندى حاجة أخاف عليها، بابا ومات من غير حتى مـ اودعه وولادي اللي تعبت لحد ما شوفتهم مشيوا ومسألوش فيا، خلاص مبقاش ليا وجود في البيت ده.
حملت الحقائب وهمت بالذهاب لتتوقف مكانها عندما سمعته يقول
_ لو خرجتي من البيت ده مش هترجعية تاني.
ألتفت إليه وقالت بتحدي
_ ومين قالك إني هرجع تانى انا لما بمشي عمري مـ بتلفت ورايا
التزمت الصمت قليلًا
_ زيك بالظبط.
وخرجت من الغرفة ومن المنزل بأكمله دون عودة.
❈-❈-❈
في منزل عاصم
تلاعب الشك بداخلهم عندما علموا بأمر زواجه من ابنة منصور وأيقن عاصم بأن حفيدة ينوي الأنتقام من عمه بإبنته، ولهذا قرر أن يتحدث إليه في هذا الشأن، لن يتركه ليكون نسخة اخرى من منصور
فتحدث وليد بشك
_ جلبي بيجولي إن في إنَّ في الچوازة دي، أكيد جاسر ناوي على حاچة.
زم عاصم فمه بحيرة وتحدث بشك
_ نفس تفكيري ياولدي، جاسر ابن أختك مش من النوع اللي بيعمل حاچة جبل مـ يفكر فيها مرة واتنين، وچوازه من بنت منصور اللي يطيج العمى ولا يطيجة يؤكد فعلًا أنه ناوي على حاچة
وخصوصًا أنه متسرع آوي في الچواز منيها.
_ على العموم اني شيعتله وهو زمانه چاي ونشوف ايه الحكاية بالظبط
لم ينهي حديثه حتى سمع طرق على الباب ودخول جاسر
تقدم ليلقى عليهم السلام وجلس بجوار جده
_ خير ياچدي؟ خالي جال إنك عايزني ضروري.
نظر عاصم إلى وليد
_ سيبني معاه شوية
أومأ وليد بتفاهم وخرج من المنزل
ثم توجه بنظره إلى جاسر وسأله باستياء
_ أيه حكايتك ياولد جمال، وأيه اللي في دماغك بالظبط؟
أبعد جاسر بصره عن مرمى عين عاصم الذي يعلم ما يدور بخلده من نظرة واحدة داخل عينين فيسأله بدهشة مصطنعة
_ تقصد أيه ياچدي مش فاهم
لم يخطئ في شكه بل أيقن الآن
_ قصدي انت خابره زين مفيش داعي تلاوع معاي، مهما تحاول تخبي على الكل بس بتاچي جدامي ومتجدرش
يعلم علم اليقين إنه لن يتركه حتى يعلم السبب الحقيقي لزواجه منها وهذا لن يحدث
لن يبوح بما يعذبه ويأرق مضجعه فقال بثبات
_ لو بتشك فيا زي أبوي وچدي يبجى الأفضل أن أنسحب بهدوء
انت خابر زين اني اكبر من اكدة بكتير.
_ أومال تفسر بإيه زواچك منيها بالسرعة دي.
تنهد جاسر بتعب ورد بثبات
_ للمرة التالتة بجولها بتزوچها عن اقتناع ولشخصها مليش دعوة بأبوها وهي موافجة واريدة انها تعيش معانا أهنه، اني مخدتش حد بذنب التاني وإن كان ابوها غلط زمان فهى ملهاش ذنب في كل ده، وياريت ياچدي تجفل عـ الموضوع ده لإني تعبت منيه.
شعر بالصدق في حديثه وقرر عدم التطرق في الحديث به مرة أخرى
_ هصدقك لأني خابر زين انك متجدرش تكدب عليا مع إني واثق إن في حاچة مخبيها بس هسيبك براحتك لحد ما تاچي انت وتجول
أومأ برأسه دون قول شيء فغير عاصم مجرى الحديث وسأله
_ هتعمل ايه مع عمك لما ياچي
أجاب جاسر بهدوء أعصاب
_ الموضوع ده فـ إيدي أبويا وچدي أني مليش دخل بيه.
_ كيف يعني! مش هتطلبها منيه؟
رد بنفس الهدوء الذي يخفي داخله نيران مشتعلة
_ لأ، أبويا هو اللي هيطلبها مش اني.
هز عاصم رأسه بيأس ثم تحدث بجدية
_ شوف ياجاسر اني مش هكلمك بصفتي چدك لا؛ اني هحدتك بصفتي عقلك اللي انت لاغيه وبتتصرف بطيش.
لو كنت فاكر إن بعد مـ تتزوچها منصور هيخرج من حياتها فـ تبجى غلطان، منصور هـيبجى معاك في كل لحظة، لأنه أبوها ووجت مـ ياچي البلد ويسلم على أبوه وأمه كل حاچة هتتنسي وأولهم أبوك هينسى كل حاچة وهيفتح دراعاته ليه.
وشوي شوي الماية هتعود لمجاريها وتلاجي منصور جدامك على طول، وياترى بجى على بعضك ليه ده هتجدر تتعايش معاه
زم جاسر فمه بضيق لأنه يعلم بصحة حديثه
فور أن يعود إليهم سيتلاشى إستياءهم منه
وسيبقى فقط عتاب القلوب.
_ زي مـ جلتلك أنا مليش صالح بيه، وإن كان على بنته عمري ما هجدر أمنعها عن أهلها مهما حصل، وياريت محدش يتحدت معاي في الموضوع ده تانى؟
أومأ عاصم برأسه
_ اللي تشوفه ياولدي وربنا يعملك اللي فيه الصالح.
❈-❈-❈
في غرفة سارة
جلس مصطفى بجوارها وقد آلمه اختفائها بهذا الشكل، هل حقًا كما أخبرته بأن حالتها تلك بسبب صدمتها بأبيهم أم أن هناك سببًا آخر
فحدثها بجدية
_ بردوا مش عايزة تقولي الحقيقة؟
نظرت إليه بحيرة وسألته
_ حقيقة أيه مش فاهمة؟
أكد لها بثبات
_ لأ فاهمة وعارفة كويس انا أقصد أي، ومتحاوليش تقنعيني بغير كدة لأنه واضح أوى عليكى، ده مش شكل عروسة فرحها بعد بكرة، إنتي حتى مدخلتيش اوضتك وشفتيها وكل مـ يسألوكي عن رأيك في حاجة تقولي كويسة وخلاص، في إيه ياسارة انا مـبنمش من خوفي عليكي
بللت شفتيها التي جفت من شدة التوتر و أجابت بابتسامة باهتة
_ صدقني يامصطفى أنا كويسة متقلقش عليا، انا بس متوترة من الحياة الجديدة اللى داخله عليها( تبدلت ملامحها للحزن وهى تردف) غير كمان إني متخيلتش إني أتجوز وبابا وماما بعاد عني، صحيح هما طول عمرهم بعاد بس مش في لحظة زي دي
ربت مصطفى على يدها وقال بحنو
_ معلش ياحبيبتي أكيد ماما هتيجي معاه أنا صحيح بكلمها بلاقي فونها مقفول بس أنا واثق أنها هتيجي
أراد تلطيف الجو قليلًا وسألها
_ متيجي افرجك على اوضتك، بصراحة الاوضة تحفة
ردت برفض
_ طنط وسيلة وتيتة منبهين عليا مدخلش الاوضة نهائي إلا يوم الدخلة، عوايد الصعيد بقى نعمل ايه
ضحك كلاهما فيقول مصطفى بحسد
_ تعرفي إني بحسدك انك هتفضلي معاهم، إنما انا مجبر إني أرجع، على الأقل عشان الدراسة
سألته بريبة
_ أفهم من كدة إنك مش هتيجي تزورني؟
نفى مصطفى ظنها
_ لأ طبعًا من قال كدة! ده مش بعيد أقضي الأجازة هنا بحجة إني مش قادر أفارق توأمي، وبعدين متقلقيش هبقى أكلمك كل يوم.
_ إن شاء الله.
تذكر مصطفى امر دراستها وسألها بجدية
_ اه بالحق هتعملي أيه في دراستك؟
_ عمو كلم دكتور خالد وهو قاله أنه هيساعدنا في النقل وربنا يسهل
نهض مصطفى وهو يقول بحب
_ طيب اسيبك بقى وروح أنام لأن الليلة اللي فاتت دي عنيه مغمضتش، تصبحي على خير ياحبيبتي.
_ وانت من أهله
خرج مصطفى وقررت هى الجلوس في حديقة المنزل كي تريح أعصابها قليلًا.
❈-❈-❈
التزمت ليلى بالوعد التي قطعته له بأن تذهب دون أن تودعه، فاكثر ما يبغضه هو لحظات الوداع حتى ولو كان لأيام معدودة
جلست في مقعدها في الطائرة شاردة الذهن، والقلق ينهش قلبها خوفًا عليه بلا رحمة
ماذا إذا عادت ولم تجده؟ ماذا إذا تعرض لنوبة أخرى وهى ليست بجوارة، هى تعلم جيدًا بأنه لن يكون وحيدًا
لكن وجودها معه يختلف
ولولا ذلك الزفاف ما تركته مهما حدث
شهر مر عليهم وهم معًا لا يبتعدون عن بعضهم البعض سوى ساعات قليلة إما وقت الراحة أو وقت دخولها غرفة العمليات ثم تعود إليه سريعًا
أوقات مريرة مرت عليهم لكن كان عشقهم يهون عليهم الكثير
اقلعت الطائرة وقد اغمضت عينيها وهي تشعر بقلبها يفارقها أخذًا وجهته إليه
لتُقبل على الصعيد تاركه قلبها معه
عكس الذي يقبع في أحد المقاعد بنفس الطائرة مُقبل على الصعيد بغرور وعنفوان وهو يرأس شركة بذلك الحجم
لم يفشل كما ظنوا به، ولم يهزم بل استطاع القضاء على أعدائه بكل سهولة وبلمح البصر كان يتربع على عرشها
ولولا أن أحد أعداءه أم أولاده لكان قضى عليها هى الأخرى دون أن يرف له طرف
لكنه مقيد بأولاده
أحكم قبضته عليها فلن تستطيع الغدر به بعد الآن.
وطئت الطائرة أرض الصعيد لينزل كلاهما متجاورين ولا يعرف أحدهما الآخر
هى وجدت معتز ينتظرها بالسيارة فاستلقت معه بعقل شارد
أما هو فقد فضل السير قليلًا في شوارعها التي أشتاق لها ولنسماتها التي عطرته هى بنسائم حب
وتركها هو برياح غدر
لم يعود ليبقى، فرغم حبه الشديد لبلدته إلا إنه لا يحبذ البقاء فيها
ليس مكانه ولا عالمه
ومقبل على الصعيد
الفصل العشرون
❈-❈-❈
في سيارة ليلى ومعتز
لاحظ معتز شرودها طوال الطريق ونظرات الحزن التي لاحت داخل عينيها منذ أن ذهبت معهم إلى القاهرة وتعرفت عليه.
أخطأت
ما كان عليها الوقوع في حب ذلك الشخص الذي لن تجني من ورائه سوى الآلام، تعاطف معها بشدة لكن ليس بيده شئ ليساعدها به
تساءل لما كتب على أولاد جمال أن يعيشوا عذاب الحب المستحيل فسألها بتعاطف
_ أمچد عامل إيه دلوجت؟
تطلعت إليه وهى على شرودها
_ زي مـ هو مفيش جديد.
_ ليلى انتي لو فضلتي على حالتك دي جدامهم أمك مستحيل تهملك ترچعي تاني وابوكي وجتها مش هيجولها لا
تنهدت بتعب ونظرت من نافذة السيارة ليهز رأسه بيأس منها فسألته دون النظر إليه
_ جاسر عامل ايه مع سارة؟
اجابها بحيرة
_ والله مـ انا خابر ايه قصته معها بالظبط بس لو زي مـ بيجول انه رايدها خلاص ربنا يسعده
_ وعمك منصور مجاش؟
هز راسه بنفي
_ لساته مـجاش بس چدك بيجول انه ممكن ياچي النهاردة او بكرة بالكتير
اندهشت ليلى من عدم مجيئها وعادت تسأله
_ معقول يبقى فرح بنته وميجيش!
رد معتز بحيرة
_ اني بردوك مستغرب، ومش عارف الچوازة دي هتم على أيه، ده إن تمت أصلًا.
عادت ليلى إلى المنزل لتجد الجميع يستقبلها بحفاوة مما جعلها تتناسى احزانها قليلًا وبدأت في الأندماج معهم تلفتت حولها وهى تسأل
_ أومال فين سارة ومصطفى؟
نزل مصطفى الدرج وهو يقول يجيب بهدوء
_ انا مصطفى وانتي أكيد ليلى
أكدت ليلى وهى تنظر إليه بابتسامة
_ أكيد طبعاً مفيش غيري في البيت ده.
تقدم منهم ليقول بمرح
_ خلاص مش هتبقي لوحدك سارة هتكون معاكي على طول
تلفتت حولها
_ اومال هى فين؟
أجاب حازم بمزاح
_ عاملة عروسة ومكسوفة منينا
وكزته وسيلة في كتفه ونظرت لليلي
_ هى فوج في اوضتك أطلعيلها
استأذنت منهم وصعدت إلى غرفتها وطرقت الباب حتى أذنت لها سارة بالدخول
ولجت ليلى لتجدها جالسة على الفراش في وجوم مما جعلها توقن بأن هناك خطب ما، فما تراه على ملامحها يؤكد ذلك، فسألتها بمرح
_ سارة مش كدة؟
نظرت سارة إليها ورسمت ابتسامة على وجهها وهي تجيب
_ وانتي أكيد ليلى
رحبت بها بحفاوة ثم جلسوا على الفراش
فتحدثت سارة باعتذار
_ معلش بقى اخدت اوضتك
_ عادي ياحبيبتي ولا يهمك المهم مبسوطة معانا
لاح الحزن على ملامحها لكنها أجابت بصدق
_ ندمانة بس إني معملتش كدة من زمان وجيت عشت وسطيكم، وقتها كانت حاجات كتير آوي هتتغير.
تأكدت ليلى بوجود أمرًا تخفيه بداخلها مما جعلها تسألها باهتمام
_ يعني انتي وافقتي على جاسر عشان تفضلي معانا ولا لإنك فعلًا مقتنعه بيه؟
لا تعرف لما شعرت بالراحة تجاهها وكانت تود أن تفيض بما تعانيه لكنها لم تستطع فتجيب بإبتسامة لم تصل لعينيها، وهى تقول بصدق
_ بصراحة الأتنين، أولًا لإن جاسر فعلًا أى واحدة تتمناه، هو صحيح عصبي حبتين" شردت بخيالها " بس راجل يعتمد عليه، تقدري تقولي سند بمعنى الكلمة حتى لو على حساب نفسه.
تذكرت نظراته المبهمة لها لا تعرف إذا كانت لوم أو عتاب
_والسبب الثاني إني عايزة أفضل هنا ودي الطريقة الوحيدة اللي هتخلى بابا يسيبني معاكم.
التمست ليلى الصدق في مشاعرها فسألتها بتوجس
_ مش هـ تحني في يوم للعيشة في المدينة والأجواء دي؟
هزت راسها بالنفي وتحدثت
_ أنا من النوع اللي بحب الهدوء و أجواء الريف، وجو العيلة والحياة دي، يعني لو فاكرة اني مش هقدر أكمل فـ بقولك متقلقيش.
ابتسمت ليلى بسرور وربتت على يدها وهى تقول بسعادة
_ طيب انا هدخل أخد شاور سريع كدة واطلع اجهز أحلى عروسة نورة البيت والنجع كله.
هزت سارة رأسها بابتسامة عريضة ودلفت ليلى المرحاض.
في الأسفل
كان الجميع على قدم وساق لأجل الحنة التي أقامها جمال في حديقة منزله إستعدادًا لتلك الليلة
طرق الباب ليفتح جاسر كعادته ويتفاجئ به أمامه
لم يبدي أى رد فعل على ذلك البركان الذي يفور بداخله
وخاصةً عندما وجده ينزع نظارته الشمسية وهو يلقي السلام بهدوء
_السلام عليكم، انت أكيد جاسر.
أومأ له جاسر محاولًا التحلي بالصبر حتى يمر ذلك الزفاف وأشار له بالولوج
_ وعليكم السلام أيوة أنا، أتفضل
ولج منصور وبداخله رهبة من ذلك المكان الذي غاب عنه أعوام عديدة
ليتسمر مكانه وقد أنخفق قلبه وهو يرى والداه أمامه وقد الجمتهم الصدمة وجعلتهم غير قادرين على النطق وهم يروا فلذة كبدهم بعد طول غياب أرهق كلاهما
كانت لغة النظرات هى السائدة في تلك اللحظة
نظرات تحمل العتاب لذلك القلب الذي رحل دون حتى وداع، وترك خلفه قلوب تتحرى شوقًا لرؤيته
لذلك العقل الذي سعى خلف الأنانية وحب الذات
ساد الصمت بين الجميع
عمران يحاول بصعوبة بالغة الثبات أمام تلك الرغبة التي تحسه على أن يتناسى كل شئ وينعم بتلك اللحظة التي حلم بها وتمناها بشدة.
لكن لن يبادر بذلك حتى يرى مبادرته هو.
أما جليلة فقد شعرت بقدميها كالهلام ولم تستطيع الوقوف أكثر من ذلك لتخونها قوتها الزائفة وتسقط على المقعد وهي تقول بولة
_ ولدي.
أسرع الجميع إليها ولكن تلك المرة يد منصور كانت الأقرب إليها
_ أمي
جثا على ركبتيه أمامها وسألها بلهفة
_ أمي إنتي كويسة؟
تساقطت دموعها وهى تنظر إليه بإشتياق وعينيها تمر على ملامحه بلوعة، رفعت يدها لتمريرها على ملامحه وكأنها تتأكد بأن العين لم تخطئ وها هو ذا قابعًا أمامها بعد تلك الأعوام التي بكتها خفية كي لا تحزن أباه الذي كان أيضًا ما إن تأتيه الفرصة حتى يأن قلبه شوقًا لولده.
_ ولدي
قبل منصور يدها بحب وهو يقول
_ كيفك ياأماي؟
تطلعت إليه بولة وعيناها تجول ملامحة التي تحفظها عن ظهر قلب مهما غيرته السنين
_ زينة مادام شوفتك ياولدي
أحتضنته جليلة بكل الشوق الذي أرقها أعوام وأعوام وكلما جذبته إليها كلما زاد الشوق إليه
التفت ذراعاى منصور حولها لينعم بذاك الدفئ الذي أفتقده كثيرًا منذ أن رحل
وأكتشف أنه هو الخاسر الوحيد من بينهم
ابتعد عنها كي ينظر إلى والده الذي لم تسعفه قدماه على الوقوف فمال عليه يقبل يده ورأسه
_ كيفك يابوى؟
لا يعرف عمران لما صوب نظراته إلى جمال وتذكر ما عاناه بسببه لكن جمال أشار له بعينيه أن يتناسى كل شيء فأجابه بلهجة رغم العتاب الذي تحمله إلا إنها أيضًا تحمل شوقًا وولعًا له
_ الحمد لله ياولدي زين.
نهض منصور من أمام والده ليجد جمال ذلك الدرع الذي يتحامى به الجميع وأولهم هو
ابتسامته التي تبث الراحة والطمأنينة في داخل من يراها فيشعر في تلك اللحظة أنه مهما عَلَى وكبر سيظل دائمًا ذلك الصغير الذي يأخذ أخاه دائمًا درعًا له.
لم يتغير بل زاده الشيب صلابة وقوة، وكلما كبر كلما زاد وقارًا وشدة.
كانت تلك اللحظة بينهم خاصةً بحديث القلوب فيبادر ذلك القلب الصافي باحتضانه وهو يتحدث بصدق
_ نورت النجع ياخوى
أجابه منصور وهو يحتضنه بشوق
_ منورة بناسها
توجه بنظره إلى جاسر الذي يرمقه بجمود وتحدث
_ ازيك ياجاسر
اومأ له بجمود وتحدث بثبات
_ أهلًا بيك في نچعنا
حمحم جمال بإحراج من راعنة ابنه وقال برجاحة
_ تعالى لما اعرف على الباجى
لم يختلف حال توأمه عن حال جاسر وأبيهم يقدمهم له
أما مصطفى فقد صافحه ببرود لم يعده به من قبل
فسأله
_ اومال أختك فين
أجابت وسيلة تلك المرة
_ فوق مع ليلى في اوضتها
اومأ لهم ثم جلسوا جميعهم إلا جاسر الذي أستأذن منهم كي يرى العمال بالخارج.
❈-❈-❈
خرجت ليلى من المرحاض وهى تحاول تجاهل اشتياقها له وقلقها عليه، فحتى الآن لم تهاتفه مرة واحدة
خرجت لتجد سارة كما تركتها جالسة على الفراش في وجوم
يبدوا أن حالها ليس بأفضل حال منها
تظاهرت ليلى بالمرح وهى تقول
_ ايه ياعروسة هتفضلى قاعدة كدة
رفعت عينيها لتنظر إليها وقالت
_ أعمل أيه؟
اندهشت ليلى وجلست بجوارها على الفراش
_ النهاردة حنتك يابنتي وكلها ساعتين بالكتير وهتلاقي البيت مليان ناس جاية تبارك، ولو شافوكي بالحالة دي هيقولوا إننا خاطفينك
لم تستطيع الثبات أكتر من ذلك وبدأت العبرات تتجمع داخل مقلتيها
لم تتحدث ليلى بل جذبت رأسها داخل أحضانها وربتت على رأسها بحنو
أما سارة فقد كانت تبكي بشدة على كل شئ، على صدمتها في والديها وتخليهم عنها في أكثر الأوقات احتياجًا لهما وعلى صديقتها التي غدرت بها وتركتها لأخيها ليستحل عرضها على زوجٍ فرضته الأيام عليها، مجبرةً عليه ومجبرًا عليها
أزاحت ليلى خصلاتها عن وجهها وتطلعت بها تسألها بريية
_ مالك ياسارة؟ أحكي وأنا أوعدك انه هيفضل سر بيني وبينك.
أغمضت عينيها بشدة وددت لم تمتلك الجرأة لتقص عليها ما حدث، لكنها حقًا لن تستطيع.
ابتعدت عنها قليلًا وهى تمسح دموعها
_ صدقيني مفيش حاجة بس أنا ماخيلتش إنهم هيتخلوا عني في الوقت ده، أنا فعلاً محتاجها.
ربتت على يدها وهى تقول بتعاطف
_ معلش محدش عالم بظروفهم وبعدين معتز قالي إن باباكي جاي النهاردة وأكيد مامتك معاه متقلقيش
يالا بقى قومي خدي شاور لحد ما اجهز لك الفستان اللي هتلبسيه
لم تنهض سارة فقامت ليلى بجذبها
_ يالا بقى مفيش وقت
ابتسمت لها بامتنان ودلفت المرحاض.
بعد وقت قصير خرجت سارة من المرحاض فوجدت ليلى تخرج الملابس من الخزانة فسألتها بحيرة
_ في أيه يابنتي؟
ردت ليلى بغيظ وهى تواصل بحثها
_ بدور على فستان بدل فستان العزا اللي انتوا شريينوا ده.
ظلت تواصل البحث حتى عثرت عليه في أحد الحقائب، فأخرجته بسعادة وهى تقول
_ أخيرًا لقيته
قامت بفرده على طول الفراش لتنبهر سارة بروعته وبلونه الاوف وايت الساحر.
_ قولى بقى ايه رأيك
هدئ انبهارها عندما لاحظت انه عاري الأكتاف والذراعين
_ الفستان ده جميل جدًا بس عريان آوي، وممكن عمو وجاسر ميوفقوش.
_ من الجهة دي اطمني مفيش حد من الرجالة بيدخل عند العروسة إلا جاسر ووقتها نخلي شال جانبك لو هتتكسفي منه.
قالت بتردد
_ بس…
قاطعتها ليلى بإصرار
_ مفيش بس الفستان طويل ومش مبين غير الاكتاف ومحلولة إن شاء الله، أنا أصلًا كنت اشتريته أون لاين لانه عجبني وقلت اخليه لأى مناسبة وجات خلاص أحلى مناسبة.
تطلعت سارة إليها بامتنان وقالت بحب
_ انا عشت طول عمري أتمنى أخت والحمد لقيتها أخيرًا
ابتسمت لها بود وقالت بصدق
_ بس احنا أصلاً أخوات من زمان وخلاص اتلاقينا.
انا هكويه بسرعة وانتي اختاري حاجة على ذوقك ليا لحد ما أخلص.
اومأت برأسها ونظرت إلى الملابس الموضوعة على الفراش وأخذت تختار منها.
❈-❈-❈
في المشفى
جلس فارس بجوار أمجد يتحدث معه عن أمور العمل وما توصلوا إليه فشعر بأمجد شاردًا وفي عالم آخر فتحدث بخبث
_ اللي واخد عقلك
نظر إليه أمجد ليسأله
_ هو مين اللي واخد عقلي؟
رفع حاجبيه وهو يجيب بمكر
_ طبيب الجلوب اللي همل مصر من غير وداع.
شرد أمجد وقد لاح الحزن على ملامحه وهو يقول
_ فراق أيام وعمل فينا كدة، ياترى بقى هى هتعمل أيه بفراق العمر كله
ألمه رؤية اليأس في عين صديقه وقال بثقة
_ إن شاء الله مش هيكون فيه فراق وهتعيش معاها العمر كله.
ابتسم بحزن وهو يقول بصوت يأس
_ مظنش، أنا حاسس إن النهاية قربت، وعشان كدة رفضت أني أشوفها قبل ما تمشي، كنت خايف تكون آخر مرة
تحدث فارس بتفاؤل
_ إن شاء الله مش هتكون آخر مرة، ليلى بنت حلال وتستاهل انك تقاوم عشانها
تنهد أمجد بتعب
_ هى تستاهل أكتر من كدة بكتير بس للأسف دي حاجة مش بإيدي
دلف والده ليتطلع إليه بسعادة بعد أن فارق غرفة العناية وتم نقله في غرفة عادية بعدما أصر على تركها.
_ عامل ايه دلوقت ياأمجد؟
أجاب امجد بابتسامة لوالده
_ بخير يابابا الحمد لله
جلس على المقعد بجواره
_ يستاهل الحمد، اومال فين دكتورة ليلى مش شايفها النهاردة
_ سافرت الصعيد عشان فرح أخوها.
تذكر صابر أمر دعوتهم
_ اه صحيح دا جمال اتصل عشان يدعينا بس اعتذرت
قال أمجد بعتاب
_ ليه بس يابابا، كان لازم تروح.
ربت صابر على كتفه قائلاً
_ تتعوض إن شاء الله وتبقى الفرحة فرحتين
آمن فارس
_ يارب ياعمي ونشوف أخت ليها وتبقى تلاتة
ضحكوا جميعًا إثر دخول عصام الذي سألهم
_ بتضحكوا على ايه ضحكوني معاكم
قال صابر
_ بقوله شد حيلك عشان نخطبلك لاحسن العروسة تطير من إيدينا.
تابع عصام فحصه وقال بثقة
_ لا من الجهة دي أطمن انا ضمنها
نظر إلى أمجد وتابع بمكر
_ ولا أيه ياأمجد؟
رد فارس بمكر
_ شكله مالي إيده عـ الآخر
اقترح صابر
_ طيب ايه رأيك نروح نخطبها دلوقت وبعد العملية يبقى نعمل الفرح
نظر لعصام وسأله
_ هو هيخرج أمتى.
زم عصام فمه ونظر لصابر بعتاب، فما يقوله هو المستحيل بحد ذاته ويبدو أن أمجد يعلم حالته جيدًا إذ أجاب والده
_ لأ يابابا مينفعش اللي انت بتقوله ده، هنروح نقولهم أيه هحجز بنتكم لحد ما أشوف ابنى هيموت ولا يعيش، إن عاش خير وبركة وإن مات مش خسرانين حاجة!
اهتزت نظرات صابر فهو لم يفكر بتلك الطريقة، هو نظر للموضوع من جهة أنه رجل صعيدي ولا يقبل علاقة ابنه مع ليلى التي يعرف أهلها جيدًا ويريد ان تكون علاقتهم في النور
_ انا مفكرتش كدة كل الحكاية إني عايز علاقتكم تكون في النور ومن غير ما تحس بتأنيب ضمير إنك بتـ…..
قاطعة أمجد بثبات
_ بس أحنا مفيش علاقة بينا في الضلمة عشان نخليها في النور، كل الحكاية علاقة دكتورة بالمريض بتاعها، اه بحبها واتمناها تكون شريكة حياتي بس مش وأنا راقد على السرير؛ ومش وانا داخل بيتهم متسند
إن شاء الله لو ربنا كتبلي عمر هدخل البيت من بابه وانا ماشي على رجلي
تحدث عصام بجدية
_ كفاية كدة ياجماعة وخلوه يرتاح شوية
نظر إلى امجد وأردف
_ ياريت متفكرش فى اى حاجة غير صحتك
اومأ أمجد بصمت ثم خرجوا جميعًا من الغرفة
❈-❈-❈
دلف منصور غرفته ليجدها كما هى منذ تركها، لم يتغير بها شيء
مكتبه والكتب التي تركها عليه
فراشة وكأنه تركه أمس
خزانته، ملابسه التي تركها بها قبل سفره.
وقف ينظر إلى اربعة جدران شاهدوا آخر لقاء مع أخيه عندما طالبه بتلك النقود
وكم كان غـ……..
انكر
لا لم يخطئ بشئ كل ما في الأمر أنه تمسك بحلمه ليس أكثر ولا أقل
نعم لم يخطئ وأكبر دليل على ذلك نجاحه ونجاح أخيه أيضًا، تعب قليلًا لكنه كُفئ بعدها
هكذا أخمد ضميره الذي عاد يستيقظ من جديد
فرغ حقيبته ودلف المرحاض ليقف أسفل المياه
وتذكر كلماته معها عندما اخبرها بذهابه لزفاف ابنتهم
فلاش باك
بعد انتهاء العزاء طرق منصور باب غرفتها ليجدها جالسة على المقعد بوجوم، فتقدم منها ليتحدث بجدية
_ انا مطر أسافر البلد عشان فرح سارة هتيجي معايا ولا لأ؟
لم يزيدها كلماته سوى إزدراء من ذلك الشخص الذي لا يهتم بأحد إلا بما يريد هو فسألته بهدوء
_ انت عرفتهم بوفات بابا؟
رد ببساطة
_ لأ لإن مينفعش أقول لهم وهى حنتها بكرة
نظرت إليه باشمئزاز لا تجد الكلمات التي تصف مدى الخزي الذي تشعر به تجاهه
_ وانت مستني أروح معاك أحضر فرح بنتي اللي أنا مش موافقه عليه وكمان وبابا ميت مكملش تلات ايام؟
تحولت ملامحها إلى بغض وكراهية
_انت ايه ياأخي معندكش دم
زم منصور فمه بغضب وهدر بها بتحذير
_ أحفظي لسانك ياإما….
قاطعته سمر بحدة
_ ياإما أيه! هتعمل ايه أكتر من اللي عملته
انا مخنتكش ياأستاذ انا بس كنت بأمن نفسي لأنك ملكش امان كل ما كنت أشوف قسوتك على أهلك كنت بخاف منك أكتر وعشان كدة كان لازم أأمن نفسي من غدرك
أنت فكرك إن مصدقة إن جوازة بنتك لابن أخوك ملكش غرد منها؟!
لأ أنا واثقة كويس وكوبس آوي كمان إن موافقتك دي وراها مصلحة، عشان توصل بيك الحقارة إنك تدخل بنتك فـ…..
صفعة قوية سقطت على وجهها كادت أن تسقطها أرضًا لكن يده التي جذبتها من خصلاتها منعتها من السقوط وقال بفحيف كفحيح الأفعى
_ أنا ساكت من بدري ومراعي حالتك بس إنها توصل لإهنتي فأنا أدفنك زي ما دفنت أبوكي، وزي ما قولتي مليش عزيز ولا غالي بعد مصلحتي، بنتك أنا ببعدها عنك عشان مش عايزها تبقى نسخة تانية مني ومنك
أما بالنسبة للمصلحة اللي من ورا الجوازة دي فيكفي أنها هتعيش في نفس المستوى اللي عايشة فيه وكمان من إنسان مش هيطمع فيها وهيصونها، أنا مسافر الصبح عايزة تيجي معايا أتفضلي مش عايزة يبقى براحتك
ازاحها من أمامه حتى سقطت على المقعد خلفها
وخرج منصور صافقًا الباب خلفة بحدة
باك
عاد منصور على صوت الباب فأغلق صنبور المياه وارتدى ملابسه وخرج من المرحاض ليفتحه
فيجد مصطفى واقفًا ينظر إليه بعتاب واضح
_ تعالى يا مصطفى
دلف مصطفى الغرفة منتويًا التحدث مع أبيه فيما عرفه، أشار له منصور بالجلوس وجلس بجوارة ليربت على ساقه قائلاً
_ انبسطت في الصعيد
أومأ مصطفى برأسه دون قول شيء وكأنه متردد هل يصارحه بما سمعه؟ لكنه يخشى أن يكون سببًا في ألغاء الزواج
مما جعله يتراجع ورد بإقتضاب
_ أكيد
أندهش منصور من وجومه وسأله بقلق
_ مالك في حاجة مزعلاك؟
الهدوء الذي يتحدث به جعله لا يستطيع الصمود أكثر من ذلك و…….
تكملة الرواية حتى الفصل الخامس والعشرين من هنا
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺