رواية ومقبل على الصعيد الفصل 21/22/23/24/25 بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا

رواية ومقبل على الصعيد الفصل 21/22/23/24/25 بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا


رواية ومقبل على الصعيد الفصل 21/22/23/24/25 بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا


بعد تردد وتفكير سأله مصطفى بشك 

_ هى ماما مجاتش معاك ليه؟

احتار منصور هل يخبره ويحزنهم في تلك المناسبة أم ينتظر حتى انتهاء الزفاف

فقال بثبات

_ رفضت تيجي لأنها مش موافقة على الجوازة دي.

كما توقع مصطفى فلم يمهله منصور للتفكير في هذا الأمر فسأله

_ معرفتش من أختك ليه سابت البيت وجات بالشكل ده؟

علم أنه لا يريد التطرق في ذلك الأمر ورد بمغزى

_ عملت كدة لما يئست أنكم تسمحولها تجي وبعدين هى مرحتش عند حد غريب دول أهلنا.

حمحم منصور بإحراج عندما لاحظ تلميحات ابنه

_ مش وقته الكلام ده تعالى نشوف أختك وبعدين ننزل مع الرجالة تحت.

أومأ مصطفى ونهضوا خارجين من الغرفة ثم توجهوا إلى غرفة سارة و طرقوا الباب لتفتح ليلى بعد قليل، وعندما رأت منصور بجوار مصطفى علمت حينها بهويته فقالت بإقتضاب

_ أهلًا ياعمي حمد لله على السلامة

رد منصور بابتسامة

_ أهلًا يادكتورة ليلى عاملة أيه؟

ابتسمت بمجاملة

_ الحمد لله كويسة

أشارت له بالدخول

_ أتفضل 

خرجت ليلى بعد ولوجهم كي تتركهم معًا قليلًا 

دخل منصور ليجد سارة واقفة تنظر إليه نظرة يملؤها العتاب

أما هو فكان يود تعنيفها على فعلتها تلك وذهابها دون علمه لكن عندما لاحظ جمودها ونظرت العتاب التي ترمقه بها جعله يشك في الأمر وأنها ربما علمت شيئًا من الحقيقة

إذا فعلية أن يكون هادئ فتحدث بلين

_ مبروك ياسارة

حاولت الابتسام لكنها لم تستطع فأجابت بثبوت

_ الله يبارك فيك

اهتزت نظراته وقد أيقن بأنها قد علمت الحقيقة فتحدث بإضطراب

_ انا مش هعاتبك دلوقت واسيبك تفرحي بس أكيد هيكون لينا كلام مع بعض.

لم تندهش لعدم وجود والدتها لكنها سألته بفضول

_ هى ماما مجتش معاك؟

زم شفتيه بأسف

_ انتي عارفه مامتك مش بتحب حياة الصعيد وعشان كدة زعلت لما انتي سيبتيها وجيتي هنا 

وخصوصاً إنك حتى مفكرتيش تكلميها،

أومأت بصمت ليزداد يقينه ثم تعلل قائلاً

_ طيب أنا هنزل واسيبك تكملي لبس

تقدم منها وقبل رأسها ثم خرج من الغرفة ويتركها تنظر في أثره بدموع لم تستطيع كبتها


عادت ليلى إليها فور خروجه لتجدها تبكي بإنهيار 

تقدمت منها مسرعة لتحتضنها وتسألها بقلق

_ مالك ياسارة في أيه 

تشبثت سارة بها وقد تلاشى ثباتها عند تلك النقطة فقد كانت على أمل مجيئها وقد خذلتها ورفضت المجيئ 

ربتت ليلى على ظهرها وقد علمت سبب بكاءها وتحدثت بتعاطف

_ أهدي ياسارة أكيد في ظروف منعتها.

ابعدتها عنها قليلًا كي تقول بجدية

_ سارة الليلة حنتك وبتكون مرة في العمر بلاش تضيعها في العياط والحزن

أومأت سارة بصمت ثم

مسحت دموعها براحة يدها مما جعل ليلى تنهرها بغيظ

_ كدة بوظتي اللي انا عملته، نعيد من تاني 


❈-❈-❈


في منزل عاصم 

انتهت زينة من ارتداء ثيابها وخرجت من الغرفة لتجد والدتها تنتظرها في الخارج فنهرتها قائلة

_ كل ده بتلبسي عمتك اكدة هتزعل اننا أخرنا عليها 

كانت سعادتها لا توصف وهى تطلق لمشاعرها المكبوتة بداخلها العنان، فلم يعد هناك عائقًا يفصل بينهم الآن فقالت بفرحة

_ عمتي مفيش حاچة في الدنيا تزعلها منينا

تحدثت ياسمين بغيظ

_ طيب يالا يافالحة لاحسن اخوكي برة شوية كمان وهيسيبنا ويمشي 


❈-❈-❈


طرقت زينة غرفة ليلى بعد أن أخبرتها وسيلة بتواجدهم في غرفتها 

فتحت ليلى الباب لتجد زينة أمامها رحبت بها بحفاوة وقد اندهشت من السعادة التي تظهر عليها فلم تتخيل حتى مجيئها

_ تعالي أعرفك على العروسة 

دلفت زينة لتنبهر وهى ترى سارة بكل ذلك الجمال

_ ماشاء الله اللهم بارك، ليه حج جاسر يعچل بچوازكم، طالعة كيف البدر

ابتسمت سارة بمجاملة وقالت ببسمة

_ شكرًا لذوقك

أكدت ليلى

_ فعلًا ياسارة انتي طالعة زي القمر، أنا واثقة إن جاسر لو شافك مـش هينام الليلة.

ضحكت معهم لكن داخلها يأن ألمًا على نصيبها من تلك الدنيا

قدمتها ليلى 

_ دي زينة بنت خالي وأختي التانية 

ابتسمت سارة بود وهي تصافحها

_ أهلاً وسهلاً

ردت زينة بصدق

_ اهلًا بيكي وسطينا جاسر ولد عمتي راچل صُح ويستاهل كل خير، وانتي شاكلك طيبة وبنت حلال وانتو الاتنين تستاهلوا بعض.

أومأت بصمت ليزداد شعور الخزي بداخلها، هو حقًا رجلًا يستحق كل خير لكن هى ليست ذلك الخير، بل معضلة فرضت عليها ويقبلها هو مرغمًا.

❈-❈-❈


كانت وسيلة تقف في المطبخ تساعد العاملات عندما نداها جمال، خرجت مسرعة إليها ليخبرها

_ المأذون جاه، البنات خلصوا ولا لسة

ردت وسيلة بفرحة

_ هطلع أشوفهم دلوجت، مبروك يابو جاسر

غمز لها بعينيه وهو يقول بمكر

_ المباركة دي فوج مش أهنه جدام الخلج لإن ردها مينفعش جدامهم.

ضحكت وسيلة بخفوت وقالت بيأس منه

_ ماشي يا أبو العريس هو اني بجدر أجولك لا على حاچة.

ضحك جمال ورد بمزاح

_ لما نشوف

خرج جمال وصعدت وسيلة إليهم وفور دخولها ابتسمت بسعادة غامرة وهى ترى سارة بكل ذلك الجمال

_ بسم الله ماشاء الله طالعة كيف الجمر.

ضحكوا جميعهم لتندهش وسيلة

_ بتضحكوا على ايه؟

أجابت زينة

_ أصل كل اللي يشوفها يجول الكلمتين دول.

تطلعت إليها لتقول بحب

_ ليهم حج، هى أصلًا زينة من غير حاچة واصل

خجلت سارة من مدحهم لتأخذها وسيلة في أحضانها بحب 

_ يارب يفرح قلبك يابنتي ويسعدك انتي وجاسر

طرق الباب وقامت ليلى بفتحة لتجد والدها الذي ما إن رآها أمامه حتى قال بحب

_ عجبالك ياليلى 

قبلته ليلى بحب 

_ ربنا يخليك لينا.

ارتدت سارة الشال على كتفيها عندما علمت بدخوله وفور رؤيتها تقدم منها يقبل رأسها وقال بسعادة

_ مبروك يابنتي 

ردت بخجل

_ الله يبارك فيك ياعمي

قام بتقديم القسيمة لها وأمسكت القلم بيد مرتعشة وقامت بالإمضاء لتتعالى الزغاريد ويصل صداها إلى جاسر الذي يحاول مسح آثار البصمة عن أصبعه بقلب حائر

أصبحت زوجته قولًا وكانت لقبله فعلًا 

نظر لمنصور الذي يتلقى التهنئة ممن حوله 

ولا أحد منهم يعلم بما يعانيه هو.

كُتب عليه هو ووالده أن يتحملوا أخطاء منصور حتى في أبناءه

عاد والده ليسلم الأوراق إلى المأذون ليوثق شهادة العذاب الي حكم به عليه

أراد في تلك اللحظة تحطيم كل شئٍ من حوله لكنه كبت تلك الرغبة بداخله وتظاهر بالابتسام كي لا يلاحظ أحد ذلك الصراع الذي يثور بداخله.


نزلت سارة إلى الأسفل وهى ترى السعادة في أعين الجميع

جدتها التي ظلت ترقيها بقلق من أعين الحاضرين ووسيلة التي عوضتها عن غياب والدتها وليلى التي وجودها هون عليها الكثير 

لن ترحل بعيدًا عنهم وستظل تحتضن بهم حتى لو قرر هو عكس ذلك…


❈-❈-❈


تذكرت وسيلة الشبكة التي ابتاعها جاسر أمس عندما طلب منه والده شراءها وأخبره أن يقدمها هدية لها في ذلك اليوم.

أرادت أن يرى جاسر كل هذا الجمال

فاقتربت من ليلى تحدثها بمكر

_ اني هطلع أجيب الشبكة وأنادي لجاسر يلبسها وانتي داري الشال اللي لفحتيها بيه ده، خلينا نلحلحه شوية.

ضحكت ليلى وقالت 

_ مطلعتيش سهلة واصل ياحاچة وسيلة 

وكزتها وسيلة بحدة

_ اتحشمي يابت وروحي زي مـ جلتلك 

عادت ليلى إلى سارة التي أندمجت مع الموجودين وفضولهم الذي لا يرحم 

تقدمت لتأخذ الشال من عليها وهى تقول ببراءة زائفة

_ الجو حار آوى انتي طيقاه إزاي؟

تمسكت سارة به وهي تقول 

_ مينفعش ياليلى ممكن حد يدخل فجأة.

طمئنتها ليلى بخبث

_ لأ متقلقيش محدش بيدخل عند الحريم إلا بإذن.

أخذت الشال وغمزت لزينة التي فهمت مبتغاها فتعثرت بزيف كي تسكب كوب العصير الذي تحمله بيدها عليه وكان الشال باللون الأبيض فطبع العصير عليه ليصتبغ بلون العصير ثم قالت باعتذار مصطنع

_ اني آسفه مكنش جصدي

حزنت سارة عليه لأنه الوحيد الذي يتماشى مع الثوب وقالت ليلى بهدوء

_ حصل خير انا هخلي سعدية تغسله بسرعة وتكوية.

تحدثت زينة مسرعة

_ خليكي انتي معاها وانى هوديه لسعدية..


أخرجت وسيلة العلبة من الخزانة ونزلت للأسفل

وبعثت لجاسر الذي جاء يسألها بقلق

_ خير ياأمي في حاچة؟

أجابت وسيلة بابتسامة عريضة

_ خير ياولدي متجلجش بس تعالى لبس عروستك الشبكة

تجهم وجهه وقال برفض

_ ايه اللي بتجوليه ده يااماي، هدخل كيف عند الحريم واعمل اللي بتجولي عليه ده.

اغتاظت وسيلة من امتعاضه وقالت بأمر

_ انتي زودتها جوي، ادخل اعمل اللي جلتلك عليه

عارض جاسر 

_ جلتلك….

قاطعته وسيلة بحدة

_ ولا كلمة هتفضل كاسر بخاطرها لحد ميتي، دي خلاص بجت مرتك.

زفر بضيق ورد بصبر نافذ

_ طيب اتفضلي وسعيلي الطريج

سار خلفها حتى اقترب منها لكن ما إن رآها حتى تسمر مكانه عندما وقعت عيناه عليها ليراها بكل ذلك الجمال الذي لم يحلم به مطلقًا

وذلك الثوب الذي كشف عن فتنتها بطريقة تخطف الأنفاس

خصلاتها التي تتناغم برقة مع حركاتها التلقائية

وابتسامتها التي يراها لأول مرة جعلت قلبه يدق بعنف

وعنقها المرمري مع اكتافها التي تدل على تناسق عودها الذي التف الثوب حوله بشكل لا يرحم أما شفتيها التي اصطبغت بذلك اللون القاني جعلته ينتفض في وقفته.

يبدوا أنها لم تعلم بمجيئه إذ اتسعت عينيها ذهولًا إثر رؤيته لها

أخذ شهيقًا قوية فيبدوا أنه نسى أن يتنفس إلا عندما شعر بحاجته للهواء

حمحم بإحراج ليخفض عينيه عن ذلك الجمال الآخذ 

وترحمه وسيلة من ذلك الإحراج

_ جاسر چاي عشان يلبسك الشبكة

إزدرأت ريقها بصعوبة وهي تتهرب من نظراته ليتقدم منها جاسر وهو لا يستطيع مقاومة ذلك السحر الذي رشق في قلبه منذ أن رآها

تقابلت الأعين التي أخفت ببراعة اشتياقًا بعتابٍ قاسٍ لا يبالي بما حوله

وكأن تعويذة ألقت عليهم لتفصلهم عن من حولهم ويبدأ كل واحدًا منهم نجواه

هى تناچي ذلك القدر الذي جعلها تقف أمامه وتشعر بدقات قلبها الذي تسلل العشق إليه رويدًا رويدًا دون أن تدري

وتلعن حظها العثر الذي جعلها تقف امام من أحبته بخزي وإنكسار

أما هو فقد كانت نظراته إليها تحمل عتاب لمس قلبها 

لماذا اتيتي وأسقطي ذلك القلب الذي كان يخشى عليه من الهوى 

أتيتي بعينيكي التي أصاب سهمها قلبه الذي حافظ عليه من عذاب العشق لتدميه بعشق قاسٍ لا يرحم


عاد لواقعه على يد والدته وهى تنبه

_ جاسر خد ياولدي لبس عروستك

رمش بعينيه وحمحم بإحراج وهو يأخذ منها الخاتم وينظر إليها منتظر منها رفع يدها كي يضعه في إصبعها

بتردد وريبة مدت يدها ليده لتتلامس وينتفض كلاهما إثر تلك المشاعر التي تخفق القلوب ليزدرء ريقه وهو يحاول التماسك أمامها 

وتبدلت الأدوار لتأخذ هى خاتمة بيد مرتعشة وقامت بوضعه في إصبعه وعينيه تلتهم ملامحها دون إرادة منه

تعالت الزغاريد من حولهم لكنهم لم ينتبهوا لشئ

وها قد جاء الأصعب من كل ذلك 

ذلك الطوق الذي سيجعله يلمس عنقها الذي جعل يده تهتز ما أن لامسه وهو يغلق الطوق

مما جعله أمرٍ شاق عليه وجعله يتعرق بشدة 

اقترب أكثر كي يستطيع غلقه لتخترق أنفه عطرها الآخذ وخصلاتها التي حجبت الرؤية عنه وبدون وعي منه أبعد شعرها عن عنقها فيظهر أمامه بإغراء قاتل مما جعل تنفسه يزداد صعوبة فيرفض متابعة ذلك ويرحم نفسه من ذلك العذاب تاركًا الأمر في يد اخته ويلوذ بالفرار 

مما جعل وسيلة تبتسم بمكر وتكمل الباقي هى وليلى.


❈-❈-❈


وفي القاهرة 

كانت سمر مستلقية على فراش والدها تبكي بألم

على كل شئ 

فقد ذاقت من نفس الكأس الذي تذوقه غيرها

حُرمت من أولادها كما حرمته من أهله 

حُرمت من حضور زفاف ابنتها كما حرمتهم من حضور زفاف ابنهم 

أُخذت بغدر ممن علمته الغدر فتجد نفسها وحيدة 

منبوذة من الجميع

كانت تود السفر إليها والبقاء معها لكن لن تستطيع النظر في وجهه بعد ما فعله بها

فـهذا ما جنته يداها وعليها أن ترضى بما قسم لها.

شعرت بحنين جارف للوقوف بين يدي الله والتضرع إليه كي يهدئ من نيران قلبها 


❈-❈-❈


كان حازم يقف على أعتاب المنزل يتلهف شوقًا لرؤيتها فقد رآها تدلف المنزل لكنه لم يستطيع التحدث معها لوجود والدتها معها 

تقدم منه معتز الذي يعلم كل شيء من البداية فقال بمكر

_ تدفع كام و اخليك تشوفها وتحددتها كمان.

تحدث حازم بلهفه

_ اللي تطلبه بس كيف؟

أجاب ببساطة وهو يعد من ياقة جلبابه

_ مليكش صالح استناني انت بس عند الباب الوراني واني چايلك

سأله بتوجس 

_ هتعمل ايه؟

رد بثقة

_ جلتلك مليكش صالح انت

وتركه وغادر 

ولم يمضي الكثير حتى وجدها تخرج بطلتها التي تخطف أنفاسه منذ صغرهم من الباب الخلفي للمنزل تتلفت حولها وتتساءل

_ هو راح فين؟

بلهفة وشوق ناداها حازم

_ زينة

نظرت زينة إلى مصدر الصوت كي تتأكد من صحة ما سمعت فتجده حقًا أمامها، حاولت الثبات والتحكم في مشاعرها التي عادت تطلق لها العنان

_ حازم!

تلفتت حولها

_ معتز جالي إن عمر عايزني

حمحم بإحراج وهو يقول

_ بصراحة مش عمر اللي عايزك، أني اللي بعتلك عشان رايد اتحدت معاكي في كلمتين

اهزت نظراتها وقد دق قلبها كالطبول وهم بالتحدث لكنها منعته قائله

_ متجولش حاچة ياحازم اني خابره زين اللي رايد تجوله بس صدجني مينفعش

أندهش حازم و سألها بقلق

_ ليه مينفعش، لو كنتي فاكرة إني ممكن …

قاطعته مرة أخرى

_ لاننا لسه جدامنا طريق طويل، تلات سنين دراسة ومينفعش نتزوچ احنا بندرس، ياريت نأچل كلام في الموضوع ده لحد ما تعدي اول سنتين في الدراسة وبعدها ممكن تطلبني مع خالك.

اقتنع برأيها لكنه يخشى ضياعها منه مرة أخرى 

_ بس اني خايف لتضيعي مني مرة تانية المرة دي مش هتحمل.

ابتسمت زينة وهى تطمئنه

_ متجلجش محدش هيچبرني على حاچة مش رايدها

تلفتت حولها بقلق وقالت

_ اني ارچع لحد يوعلنا وقبل أن يتحدث أسرعت بالولوج إلى الداخل.


❈-❈-❈


انتهى الحفل وتجمعوا على طاولة العشاء وأصرت جليلة أن تجلس سارة بجوار جاسر وهى جلست بجوار ولدها الذي مهما فعل سيظل قلبها ودارها مفتوحًا له، وهذا حال الوالدين 

أما عمران فقد شعر أخيرًا بأكتمال عائلته وهو يترأس تلك الطاولة التي شملت كل عائلته 

أما جمال فكان يصب كامل اهتمامه لأخيه ويضع الطعام أمامه باهتمام بالغ

مما جعل جاسر وجهه يتجهم وهو ينظر إلى والده بضيق

أما سارة فمازالت تتذكر نظراته لها لمساته لبشرتها دون قصدٍ منه أنفاسه التي كادت تحرق عنقها وهو يطوقه بهذا الطوق الذي مازال ملتفًا حول عنقها

أما هو فقد كان ينظر إليها بجانب عينيه بين الحين والآخر كي يتأكد من وضع الشال حول كتفيها، لكن تلك المرة وجده متزحز قليلًا مما جعل الغيرة تأخذ منحنى آخر وهو ينظر إلى أعين الجميع من حولهم فعاد ينظر إليها قائلًا بأمر

_ ياريت تطلع تغيري الفستان ده.

 انتبهت إليهم جليلة وقالت باستغراب

_ مـ تسيبها ياولدي لما تخلص وكلها، هو في حد غريب وسطينا؟

أكد حازم قائلاً بمزاح

_ أني ومعتز يا چدتي بس متجلجش أحنا خلصنا وكل وجايمين خليها براحتها 

ارتبكت سارة ومنعتهم بإصرار وهي تنهض من مقعدها 

_ لأ خليكم أنا أصلًا شبعت

لم يتقبل منصور رضوخها له بهذا الشكل مما جعله يرفض ذلك ويقول بانفعال

_ انا مش شايف يعني أن الموضوع ميستاهلش أنها تقوم من على الأكل عشانه، وزي ما قالت أمي مفيش حد غريب.

لم يعد جاسر يستطيع التحكم في أعصابه أكثر من ذلك فقال بحدة

_وأني شايف ان دي حاجة بيني وبين مراتي محدش ليه صالح بيها.

صاح به منصور

_ يعني أيه الكلام ده؟ أنت هتتحكم فيها من دلوقت.

أجاب جاسر باحتدام

_ دي عمرها مـ كانت تحكمات أني راچل صعيدي ودمي حامي وبخاف على أهل بيتي وزي مـ انت شايف تربية جمال لابسة الحچاب جدامنا كلنا وزي ما بتجول مفيش حد غريب

أنفعل منصور من تلميحه وقال بغضب

_ أنت زودتها أوي

وقف جمال حائلًا بينهما وقال بلهجة حادة لا تقبل نقاش

_ أهدوا ياچماعة مينفعش أكدة

نظر إلى جاسر وتحدث بأمر

_ وانت ياجاسر اطلع على اوضتك دلوجت

كان جاسر يشتعل غضبًا بداخله لكنه لم يريد التقليل من شأن والده كما فعل هو من قبل ونظر إلى سارة التي ترتعد خوفًا وتركها ودلف غرفته

قالت جليلة بقلق

_ دي عين وصابتنا اغزوا الشيطان وبلاش تكبروا الموضوع

نظرت إلى ليلى وأردفت

_ وانتي ياليلى خدي بنت عمك واطلعي اوضتكم انتوا كمان

اخذتها ليلى وصعدوا إلى غرفتهم وحينها تحدث عمران بفتور

_ في أيه يامنصور أني شايف إن جاسر مغلطش مرته وبيغير عليها أيه المشكلة؟

تحدث منصور برفض

_ دي مش غيرة ده تحكم وانا مقبلش أن أى حد يجرحها او يضايقها بكلمة 

ضرب عمران بعصاه الأرض وقال بحنق

_  تجصد مين بحد ده يامنصور؟

شعر منصور بحماقة قوله وتحدث باعتذار 

_ مقصدش يا حاج أنا اقصد جاسر اللي بدأ يتحكم فيها من أول يوم.

رغم الاستياء الشديد الذي شعر به جمال إلا إنه تحدث بحيادية

_ جاسر مش بيتحكم فيها هي بس مسألة غيرة، ودي حاچة تسعدها، الواحدة بتفرح لما چوزها يغير عليها حتى لو من أبوها

وبنتك هى بنتنا ومعزتها من معزت ليلى واللي مجبلوش على بنتي مجبلوش عليها

أطمن يامنصور بنتك وسط أهلها 

ايد مصطفى رأي عمه قائلًا

_ فعلًا يابابا أنا شايف إن جاسر مغلطتش مراته ومن حقه يغير عليها، ممكن يكون التعبير خانه شوية بس بس هو ميقصدش حاجة في المدة البسيطة اللي قعدتها معاه اقدر اقولك إن ده اللي أسيب أختي معاه وانا مطمن 

هز عمران رأسه برضى عندما تحدث مصطفى برجاحة عقل 

وقال بأمر

_ جاسر ومرته محدش يتدخل بيناتهم إلا إذا لزم الأمر او طلبوا هما إننا ندخل غير كدة محدش ليه صالح بيهم

ومقبل على الصعيد

الفصل الثاني والعشرين


❈-❈-❈


تحدثت وسيلة كي تهدئ الوضع

_ أستهدوا بالله ياچماعة دي عين وصابتنا زي مـ جالت مرات عمي هعملكم الشاي وجيبه في الچنينه يهدي أعصابكم شوية.

ربت جمال على كتفه وقال بابتسامة

_ تعالي نجعد في الچنينة بره

نظر إلى والده

_ يالا يابوى

تحدث عمران بفتور

_ روحوا انتوا اني داخل اوضتي أرتاح

نظر إلى مصطفى وقال

_ دخلني ياولدي


ساعد مصطفى جده على الولوج لغرفته

وذهب الجميع إلى غرفهم ماعدا جمال ومنصور الذين خرجوا إلى الحديقة كي يتحدثوا في أمر الزفاف غدًا.


❈-❈-❈


في المشفى

مر اليوم عليه ببطئ حتى شعر بأن عقارب الساعات قد توقف عن الدوران 

بدأ يشعر بالاختناق من المكان وعاد اليأس يأخذ طريقه إلى قلبه الواهن.

بدأ الألم يشتد لكن هناك أيضًا ألم من نوع آخر وهو ألم الفراق يشتد أكثر عليه

يشتاقها بكل كيانه حتى تساءل كيف كانت تمر أيامه قبل معرفتها

سبق وظل ايام داخل ذلك المكان لكن لم يشعر بوحشيته كما يشعر بها الآن 

ماذا فعلت به تلك الفتاة؟

اراد سماع صوتها بحنين جارف لكن يعلم جيدًا إن سماع صوتها سيجعل الأمر شاقًا عليه

دلفت سهى الغرفة هى والدكتور ساهر كي يطمئن عليه أثناء غياب الدكتور عصام 

_ عامل ايه يامستر أمجد؟

أجاب أمجد بجمود

_ بخير الحمد لله

قام الطبيب بالكشف عليه ليظهر العبوس على ملامحه وقال 

_ انا شايف إنك مكنش لازم أبدًا تسيب غرفة العناية، وأنا من رأيي إنك لازم ترجعها تاني

رد أمجد بإقتضاب

_ لأ 

اندهش ساهر وسأله بجدية

_ يعني أيه لأ؟! وجودك في العناية ضروري عـ…..

قاطعه أمجد بلهجة لا تقبل نقاش

_ قلت لأ ومش عايز أسمع كلام كتير وياريت تسيبوني لوحدي

لم يريد الطبيب الضغط عليه كي لا يتعبه وخرج من الغرفة 


❈-❈-❈


في غرفة ليلى 

كانت سارة تجلس على الفراش بثبات زائف وشعرت ليلى بما يدور بخلدها فجلست بجوارها وهى تقول بتعاطف

_ متزعليش ياسارة هو جاسر أسلوبه حاد شوية بس مفيش أطيب وأحن منه، والموضوع جاه معاه غيرة مش أكتر.

حاولت سارة الابتسام وهي تقول بتفاهم

_ عارفه ياليلى وصدقيني مزعلتش أنا بس قلقانه إنه يشد قصاد بابا والأمور تتعقد بينهم تاني.

طمئنتها ليلى قائلة 

_ لا ياستي من الجهة دي اطمني جاسر على اد جبروته ده بكلمة واحدة من عمك جمال بيرجع عيل صغير من تاني.

أرادت التخفيف عنها قليلًا فقالت بمكر

_ بس مـ أخدتيش بالك من جاسر لما شافك من غير الشال كان عامل إزاي، بجد كان عايز اللي يصوره

كنت خايفه يتهور ويعمل حاجة

ابتسمت سارة بألم وهى تتذكر تلك اللحظات التي عاشتها معه

كانت تتمنى أن تعيش حقًا تلك اللحظة دون شعورها بالخزي الذي يجعلها منكسرة أمامه 

احتارت ليلى من شرودها الذي لا تكف عنه، لكنها اقنعت نفسها بأنها تشتاق لوالدتها ليس اكثر

ولم تدري عن تلك المعاناة التي تعيشها وحدها دون أن تجد من يهون عليها 


تبدلت ملامح ليلى عندما رن هاتفها برقم سهى

أخذت الهاتف وخرجت إلى الشرفة وقلبها يدق بعنف

_ خير ياسهى.

أجابت سهى 

_ أستاذ أمجد أصر إنه يخرج من العناية ومن وقتها وهو تعبان ورافض إن حد يدخل عنده

أنخفق قلبها خوفًا وسألتها بريبة

_ وفين دكتور عصام

_ دكتور عصام مش موجود والدكتور ساهر حاول يقنعه أنه يرجع بس رافض

_ طيب ادخلي عنده واديله الفون

ارتبكت سهى وقالت بتوجس

_ بس ده مش طايق حد وكل اللي بيدخل عنده بيتعصب عليه ويخرجه تاني

آلمها حالته فقالت لسهى برجاء

_ معلش ياسهى ادخلي بس وقوليله إني عايزة أكلمه.

وافقت سهى على مضد ودلفت الغرفة لكن ما إن رآها حتى عنفها قائلاً

_ انا مش قلت مش عايز حد يدخل

أشارت سهى بالهاتف وهي تقول 

_ دي دكتورة ليلى عايزة تكلمك 

ازداد غضبه أكثر وقال بحدة

_قلت مش عايز اكلم حد 

خرجت سهى من الغرفة 

_ زي ما سمعتي كدة مش عايز يشوف ادامه

_ طيب سيبيه لحد ما يهدى ومتدخليش حد عنده عشان الانفعال غلط عليه.

قالت سهى بتعاطف

_ من وقت مـ سافرتي وهو بالحالة دي

اخذت نفس طويل تهدئ به روعها وقالت بحزن

_ إن شاء الله هيكون كويس وبكرة الصبح هكون عندكم

اغلقت الهاتف وعادت إلى الغرفة بوجه متجهم لترمقها سارة بقلق

_ في إيه ياليلى، حاجة حصلت؟ 

ملامحها التي تبدلت لحزن ووجع جعلت سارة تتناسى اوجاعها وتقترب منها بلهفه عندما رأت الدموع تلمع في عينيها 

_ طمنيني عليكي

لم تستطيع ليلى التظاهر بالثبات اكثر من ذلك فقالت بحزن

_ بيضيع مني ومش قادرة اعمله حاجة 

تحيرت نظراتها لتقص وسألتها بقلق

_ هو مين؟ وبيضيع إزاي؟

قصت عليها ليلى كل شئ منذ البداية حتى تلك المكالمة التى رفضها 

تعاطفت سارة معها وقالت بهدوء

_ متزعليش مني ياليلى انتي غلطتي لما سيبتي مشاعرك تتمادى مع مريض عندك وخصوصًا واحد في حالته

وعلى فكرة حبك ليه هيتعبه أكتر وأكبر دليل على كدة أنه كل شوية بحال معاكي، مرة يقولك قربي والتانية يقولك ابعدي

عايز ينعم بحبك وفي نفس الوقت خايف عليكي من ألم الفراق

يعني عايش في صراع طول الوقت.


نظرت إليها تسألها بتوجس 

_ انتي يعني عيزاني ابعد عنه؟

هزت رأسها برفض

_ لا طبعًا لانكم ببساطة وصلتوا لنقطة مينفعش تهربوا منها، خليكي معاه للآخر لإنه أكيد محتاجلك

الصبح إن شاء الله حاولي تكلميه تاني هيكون هدي وممكن تلاقيه بيكلمك ويعتذر لك كمان.


مسحت دموعها براحة يدها وقالت بتمني

_ يارب ياسارة.


وهنا الكل حكيم مادام القصة ليست قصته


❈-❈-❈


اوى الجميع إلى فراشهم إلا هو ظل قابعًا في غرفته يفكر كيف ستكون حياته معها؟

 فبعد ساعات ستجمعهما غرفة واحد وربما فراش واحد ماذا سيفعل حينها!

وإن تجاهلها؛ فـ إلى متى؟

وإن استطاع تجاهلها كيف سيتجاهل تلك المشاعر التي لم يعد باستطاعته كبتها.

ها قد أشرقت شمس الصباح ومازال على وضعه 

وقف ينظر من شرفة غرفته ليجد الحديقة قد عمت بالعمال 

لم يبتسم وجهه كما يراها في وجه أصدقاءه وفرحتهم بتلك المناسبة 

تمر عليه وهو قلبه يئن آلمًا 

ولم يختلف حالها عن حاله وهى تقف في الشرفة أعلى شرفته وكلاهما ينظر إلى استعدادات العمال بقلب مثقل بالألم


عادت لغرفتها لتنظر إلى ذلك الثوب الأبيض الذي حلمت به كثيرًا لكنها الآن تقف أمامه تنظر إليه بإنكسار 

تلمسته بيدها تستشعر ملمسه بلوعة تتخيل ليلتها الأولى معه

كيف ستكون حياتها معه؟ هل سيظل ينظر إليها بنظراته المبهمة؟ أم بنظرات العتاب التي تلمحها أحيانًا في عينيه؟ ام نظرة الإشمئزاز التي مرقها بها عندما علم الحقيقة ومازالت تتذكرها حتى الآن.


لم تغمض عينيها تلك الليلة وهى تفكر فيما سيحدث بعد غلق باب غرفتهم عليهم

كيف تستطيع النظر إليه؟

تذكرت تلك الليلة عندما آوى الجميع إلى الفراش وظلت هى تجول بحديقة المنزل ولم تعلم بأنه واقفًا أمام شرفته التي تطل على حديقة المنزل 


فلاش باك 

تسمرت في وقفتها عندما صادفته يقف أمام شرفة غرفته، وعندما رآها اخفضت عينيها كي لا ترى نظراته التي لا ترحمها وعندما همت بالعودة أوقفها قائلًا

_ أستني

رفعت عينيها تنظر إليه بترقب فتقدم منها ليقف أمامها بطلته المهيبة وقال بلهجة حادة

_ ايه اللى نزلك دلوجت من اوضتك؟

كانت تجابه عينيه الحادة لترى لونهما الرمادي والذي تشبه عين أبيها توجه إليها نظرات قاتله لا ترحم فازدرأت ريقها بصعوبة 

_ مفيش أنا بس قلقت شوية وقلت انزل اتمشى في الجنينة

رفع جفنيه بسخرية وقال متهكمًا

_ وانتي متعوده انك تخرچي من اوضتك الساعة اتنين بالليل وتمشي في الضلمة إكدة؟

تهكمه جرحها لكنها قالت بقوة زائفة 

_ أنا خرجت لإني عارفه إن المكان آمان، واه في البيت عندنا كنت بطلع من اوضتي في وقت زي ده لإن البيت فيه حراسة يعني آمان برده

ابتسامة متهكمة مع لهجة ساخرة وجهها إليها

_ وياترى بجى كان بيمشي وراكي حراسة بردك ولا كان سايبك تدوري براحتك

التفتت إليه بحدة وعينيها تلك المرة تنظر إليه بغضب عارم وقالت بحدة

_ انا مسمحلكش إنك تتكلم عني بالطريقة دي.

تحولت نظراته من السخرية إلى غضب وعينيه تطلق لهيب حارق وهو يقول من بين أسنانه

_ مش دي الحجيجة؟ ولا تنكري؟ 

لم تزيدها كلماته سوى مرارة وإزدراء فأرادت إيلامه كما يفعل هو وقالت بحدة

_ هو ميختلفش عنك كتير، هو غدر بيا وبثقتي في أخته، وانت بتكمل غدره وبتقتلني في كل نظرة بتبصلي بيها بكل كلمة بتوجهها ليا 

بتحاسبني على شئ خارج إرادتي واتخذت فيه غدر من صاحبتي، لو زي ما بتقول انا اللي رميت نفسي في التهلكة فهى كانت محتجاني ومرحتش معها إلا لما اكدتلي انه مش موجود 

اول ما شربت القهوة محستش بنفسي؛ وفقت لقيته واقف أدام المرايا 

وقالي انه عمل كده لما يأس إني أوافق اتجوزه

فكرت في الانتحار بس خفت من عذاب ربنا ولجأت ليكم اتحامى فيكم والآخر عرفتك انت وللأسف مرحمتنيش 

بس هلوم عليه ليه؛ وانا اقرب الناس ليا بيعمل فيا كده..


اهتزت نظراته وشعر بحماقة فعلته ليلقى اللوم عليها كي يقنع نفسه قبل أن يقنعها بأنها هى المخطئة

_ بس انتي بردك اللي رميتي نفسك في التهلكة متجيش تجولي غصب عني

ردت بألم

_ وانا لو أعرف إن ده هيحصل كنت حبست نفسي بين أربع حيطان ولا إني أنجبر أتجوز واحد قاسي ومبيرحمش زيك.

ساد الصمت بينهم وبدأت العيون حديثها بما لا تقوى الشفاه على التفوه به

عينيها التي ترمقه بإزدراء جعلت نظراته تهتز 

ودقات قلبه التي تزداد وتزداد كلما رآها جعلته يعترف لنفسه أخيرًا بما يكبته بداخله وينكره 

واعترف لنفسه بأنه عاشق متيم مهما أنكر ذلك.


أما هى فكانت نظرتها تحمل عتابًا حادًا جعلته يقول بهدوء تام رغم ما بداخله من نيران

_ أرچعي اوضتك دلوجت ومتخرجيش منها في وجت زي ده لأي سبب من الأسباب.

لم تجادل او تناقش بل أنسحبت بكل هدوء وعادت إلى غرفتها 


باك


عادت إلى واقعها على صوت ليلى التي رأتها تقف أمام الثوب بشرود فقالت بمرح

_ صباح الخير على أحلى عروسة

ابتسمت سارة بامتنان وقالت 

_ صباح النور، شكلي قلقتك

نظرت ليلى في ساعتها لتجدها العاشرة صباحًا 

_ قلقتيني ايه انا اول مرة أخر في النوم كدة

يالا بسرعة عشان زمان جليلة ووسيلة محتاسين تحت.


❈-❈-❈


خرجت ليلى وسارة من الغرفة لتتفاجئ بهم وسيلة وهى تخرج من غرفتها وتسألهم

_ انتوا رايحين فين؟

اندهشت ليلى ونظرت إلى سارة

_ نفطر معاكم ونشوف إذا كنتوا محتاجين حاجة

تحدثت برفض

_ لا مش محتاچين حاچة ارجعوا يالا اوضتكم واني هبعتلكم الفطار مع سعدية

نظرت إلى سارة وقالت بتحذير 

_ وانتي ياسارة مش عايزاكي تخرجي من اوضتك نهائي لحد ما الكوفيرة اللي بتجولوا عليها دى تاچي 

اومأت بتفاهم 

_ حاضر ياطنط 

وعادوا إلى الغرفة مرة أخرى.


خرج جمال من الغرفة ليجدها مازالت واقفة أمامها فسألها باهتمام

_ واجفة إكدة ليه ياوسيلة؟ في حاچة؟

أجابت وسيلة بابتسامة عريضة

_ لا ياجلبي أنا بس لجيت ليلى وسارة نازلين خلتهم عاودوا تاني.

عقد حاجبيه مندهشًا وتسائل بحيرة

_ ليه؟ كنتي خليهم يفطروا معانا 

اقتربت منه لتمسك ياقة جلبابه تعدلها وهى تقول بمكر

_ خلينا نشوجه شوية، حكم إني خبراه زين جفل ومفيش حاچة هتحركة غير طريجتي دي، اراهنك انه فضل صاحى طول الليل من تفكيره فيها.

ضيق عينيه متسائلًا

_ عملتي ايه ياوسيلة مش مطمنلك.

ضحكت وسيلة واقتربت من أذنه لتتابع مكرها

_ كل خير وبكرة تجول وسيلة جالت

ضحك جمال وقال بمزاح

_بخاف اني من مكر الحريم ده بس مادام شايفة أنه هيحرك الجفل اللي مخلفه ده أني معاكي


كان حازم ومعتز خارجين من غرفتهم عندما وجدوا هذا المشهد ليوكز حازم معتز قائلًا

_ شايف المحن بتاع أبوك وامك، تحس أنهم عرسان جداد 

ضحكهم لفت انتباه جمال ووسيلة الذي أبتعد عنها قليلًا ونظر إليهم ليقول بصلابة 

_ واجفين اكدة ليه، ماتنزلوا تجفوا جانب أخوكم.

تحدث حازم بجدية مصطنعة

_ مـ كنا نزلين بس جولنا نشوفكم لو محتاچين حاچة

حرك رأسه بيأس منهم وقال بنفى

_ لا مش محتاچين حاجة يالا على تحت.

نزل حازم ومعتز وهم يتحدثون بخفوت وتعلوا ضحكاتهم وجمال ينظر إليهم بيأس 

_ الولد ده بيفكرني بخاله وليد كل حاچة يتمسخر عليها

ضحكت وسيلة وقالت بحب

_ ربنا يخليك ليهم، يالا بجى لحسن أخرنا جوي على عمي وزمان سعدية محتاسة 

اوما لها وترجلوا إلى الأسفل ليجدوا الجميع على طاولة الإفطار إلا من جاسر ولده

_ صباح الخير

رد الجميع ثم سألهم وهو يجلس في مقعده.

_ اومال جاسر وينه؟

أجاب عمران 

_ فطر من بدري وواجف برة مع الرچالة.

أومأ جمال ثم سأله منصور 

_ وسارة لسة مصحيتش؟

أجابت وسيلة

_ صحيت من بدري بس مينفعش تطلع من اوضتها النهاردة وخليت ليلى معها وبعتلهم فطارهم.


❈-❈-❈


بعد محاولات عديدة رد عليها أمجد الذي أجابها بجمود 

_ نعم ياليلى 

تحدثت ليلى بعتاب

_ مش بترد ليه؟

تنهد أمجد بتعب وأجابها بفتور

_ مـ انا رديت اهه

_ بعد كم محاولة

ساد الصمت قليلًا وكلًا يتحرى شوقًا لرؤية الآخر ثم رد بهدوء

_ مكنتش عايز اكلم اى حد 

تحدثت بعتاب

_ وانا أي حد؟

عاد لصمته يهرب منها إليه وهى علمت بذاك فقالت بتفاهم

_ خلاص ياأمجد أنا هسيبك دلوقت وبكرة الصبح إن شاء الله هكون عندك.

أغلقت الهاتف دون أن تنتظر منه ردًا، وألقى هو الهاتف على الفراش بغضب من نفسه على أحزانها 

يحتار بشدة ولا يعرف ماذا يفعل

يبعد فلا يستطيع

يُبعدها فيندم

شتان ولا يعرف اى طريق يتخذ

سخر من نفسه؛ وهل له طريق حتى يختار.


❈-❈-❈


وقف ينظر إلى إنعكاس صورته في المرآة وقد أصبحت عينيه الرمادية قاتمة وهو يتخيل حياته بعد ساعات قليلة من الآن

هل فرض عليه أن يتزوج رغمًا عنه، سواء ابنة خاله التي اقنعه بها والده

أم ابنة عمه التي فرضتها الظروف عليه او بمسمى أدق فرضها هو على نفسه.

دقات قلبه الرتيبة جعلته ينتبه إلى شيءٍ آخر وهو عشقه الخفي لها والذي تصدى له كثيرًا لكنه لم يستطيع الصمود أكثر من ذلك وليرضخ لذلك العشق الذي استوطن قلبه بعد أن جابه بكل بسالة.

كتب عليه مرارته وعليه التحمل.


طرقات خافتة على باب غرفته أعادته من شروده

سمح للطارق وهو يجذب سترته ليرتديها

دلف حازم ومعتز وهم ينظرون إليه بإعجاب وقد زادته بدلته جاذبية فصفر حازم بإعجاب

_ ايه الشياكة دي كلها، دا انت طالع ولا نجوم السيما

ايد معتزة رأيه

_ فعلًا دي الحاچة جليلة لو شافتك مش هتخرجك بره الاوضة دي

نظر إليهم وهو يرتدي ساعته وقال بثبات 

_ عقبالكم 

آمن الاثنين خلفه ليعاود ينظر لهيئته في المرآة فقال حازم 

_ عارف أحلى حاجة لحظتها فيك دلوجت

نظر إليه بطرف عينيه وهو يعدل رابطة عنقه

_ خير؟

اقترب منه ليعدلها بدلاً عنه وهو يقول 

_ إن الكراڤتة دي شبه لون عينيك

لم يستطيع الثبات أكثر من ذلك أمام مزاحهم ليبتسم لهم بحب 

_ طيب يلا بجى لان كلهم مستنيينك برة

خرجوا من الغرفة ليجدوا الجميع منتظرينه بالخارج تعالت الزغاريد والكل بيارك له بفرحة عارمة وهو يرسم ابتسامة زائفة على محياه يخفى بها ما بداخله من ألم

تحدث جمال بفخر وهو يتقدم منه

_ مبروك ياجاسر

كانت ابتسامته تلك المرة صادقة وهو يقبل يد والده ويقول بامتنان

_ الله يبارك فيك يابوي

ربت جمال على كتفه وقال

_ يالا بجى أطلع هات عروستك 

اومأ برأسه وصعد إليها في سعادة فرحة من الجميع 


❈-❈-❈


في غرفة سارة

دلف مصطفى الغرفة ليجدها تقف أمام المرآة بطلتها التي تخطف الأنظار وثوبها الأبيض الذي جعلها تبدو كأميرة الأحلام

دنى منها أكثر وهو مأخوذًا بجمالها وتحدث بولع

_ ايه الجمال ده كله؟ 

ابتسمت سارة بود وقالت

_ انت اللى عينيك حلوة عشان كدة ديمًا بتشوفني حلوة 

هز راسه بنفي وقال 

_ لأ انتي فعلاً جميلة آوي بالفستان الابيض والحجاب اللي مخليكي زي الملايكة ده.

جذبها إليه ليحتضنها بشوق 

_ النهاردة أجمل يوم في حياتي وانا شايفك عروسة وبسلمك للأنسان اللي فعلًا يستاهلك بإيدي.

أختفت ابتسامتها عند سماعها تلك الكلمة لتخفي وجهها أكثر في صدره كي تداري ذلك الوجع الذي بات يؤلمها أكثر من ذي قبل.

ابعدها عنه قليلًا لينظر داخل عينيها وقال بحب

_ مبروك ياقلبي

ابتسمت سارة رغماً عنها وهي تقول بامتنان 

_ الله يبارك فيك 

تناول يدها وخرج بها من الغرفة لتجد جاسر أمامها وقد أخذ ينظر إليها وهو يراها خارجة من الغرفة في يد مصطفى

أمعن النظر بها ليتوقف قلبه عن النبض عندما طلت عليه بإطلالة تخطف الأنفاس وجعلته يجاهد كي يتنفس

ازدرد ريقه بصعوبة وهو يراها تتقدم منه بكل هذا الجمال الذي يلقي سحره على من يراه


كانت تخفض عينيها وتحجبها عنه إلى أن رفعتها إليه عندما اقترب بها مصطفى منه لتقف أمامه وياليتها لم تفعل

ازدادت وتيرة تنفسه ودقات قلبه تعلوا بصخب حتى أيقن بأن الجميع يسمعها بوضوح عندما رمشت بأهدابها الساجية خجلًا من نظراته 

ومن عينيه التي تلتهم ملامحها دون هوادة وكأنه فقد السيطرة عليهم كما فقد لسانه النطق.

وليكن صادقًا اكثر فـ قد فقد حتى السيطرة على مشاعره التي أخمد نيرانها التي تهدد بالانفجار


أما هى فكانت عينيها تنظر إليه نظرة يملؤها الإمتنان، نعم الامتنان له على وقفته بجوارها وسترها من ذلك العار على حساب سعادته


انتشله حازم من تلك الفقاعة الوردية عندما وضع يده على كتفه ينبه بأن الجميع ينتظره 

فحمحم بإحراج وتقدم منها يأخذها من يد أخيها وهو يغصب نفسه على الابتسام أمام الجميع ويقول بثبات

ومقبل على الصعيد

الفصل الثالث والعشرون


❈-❈-❈


في غرفة سارة

دلف مصطفى الغرفة ليجدها تقف أمام المرآة بطلتها التي تخطف الأنظار وثوبها الأبيض الذي جعلها تبدو كأميرة الأحلام

دنى منها أكثر وهو مأخوذًا بجمالها وتحدث بولع

_ ايه الجمال ده كله؟ 

ابتسمت سارة بود وقالت

_ انت اللى عينيك حلوة عشان كدة ديمًا بتشوفني حلوة 

هز راسه بنفي وقال 

_ لأ انتي فعلاً جميلة آوي بالفستان الابيض والحجاب اللي مخليكي زي الملايكة ده.

جذبها إليه ليحتضنها بشوق 

_ النهاردة أجمل يوم في حياتي وانا شايفك عروسة وبسلمك للأنسان اللي فعلًا يستاهلك بإيدي.

أختفت ابتسامتها عند سماعها تلك الكلمة لتخفي وجهها أكثر في صدره كي تداري ذلك الوجع الذي بات يؤلمها أكثر من ذي قبل.

ابعدها عنه قليلًا لينظر داخل عينيها وقال بحب

_ مبروك ياقلبي

ابتسمت سارة رغماً عنها وهي تقول بامتنان 

_ الله يبارك فيك 

تناول يدها وخرج بها من الغرفة لتجد جاسر أمامها وقد أخذ ينظر إليها مزدرأ ريقه بصعوبة وهو يراها تتقدم منه بكل هذا الجمال الذي يلقي سحره على من يراه


كانت تخفض عينيها وتحجبها عنه إلى أن رفعتها إليه عندما اقترب بها مصطفى منه لتقف أمامه وياليتها لم تفعل

إزدادت وتيرة تنفسه ودقات قلبه تعلوا بصخب حتى أيقن بأن الجميع يسمعها بوضوح عندما رمشت بأهدابها الساجية خجلًا من نظراته 

ومن عينيه التي تلتهم ملامحها دون هوادة وكأنه فقد السيطرة عليهم كما فقد لسانه النطق.

وليكن صادقًا اكثر فـ قد فقد حتى السيطرة على مشاعره التي أخمد نيرانها التي تهدد بالانفجار

انتشله حازم من تلك الفقاعة الوردية عندما وضع يده على كتفه ينبه بأن الجميع ينتظره 

فحمحم بإحراج وتقدم منها يأخذها من يد أخيها وهو يغصب نفسه على الابتسام أمام الجميع ويقول بثبات

_ مبروك ياسارة


انها المرة الأولى التي تسمعه ينطق اسمها وقد شعرت برعشة تسري في أوصالها جعلتها ترتجف لوهلة وهو يمد يده ليمسك يدها التي أصبحت باردة كالثلج

وليس حالها بأفضل من حاله وقد عكس الأمر ليشعر هو بدمائه تفور داخل أوردته

وخاصةً عندما اجابت

_ الله يبارك فيك ياجاسر.

كان منصور وجمال يشاهدون الموقف بسعادة لكن شتان بين الاتنين

فسعادة منصور لها أهدافها الذاتية؛ أما جمال فكانت سعادته بنظرات الحب التي يرمق ابنه بها حبيبته

_ ايه ياچامعة هنفضل واجفين أكدة كتير؟

نظر جاسر إلى والده بابتسامة لم تصل لعينيه وأومأ له وهو يأخذها ويذهب معهم إلى حيث ينتظرهم الجميع بسعادة كبيرة

بدأ الاحتفال وكان جاسر ينظر إليها بين الحين والآخر يجابه شوقه الذي يحسه على أن يتناسى كل شيء وينعم في تلك اللحظة التي ربما لن يعيشها مرة أخرى

كما يريد أن يرتوى من بحور العشق التي يعيشها لأول مرة.

لكن يتلاشى كل شيء عندما يتخيل أن غيره نعم بها قبله؛ مما يجعل فمه يتشنج بغضب أصبح من الصعب اخفاؤه.


وقفت وسيلة بجوار جمال الذي نظر إليها وقال بحب

_ مبروك ياام جاسر 

بادلته وسيلة الابتسامة التي تشرق ظلمته وردت بولة

_ الله يبارك فيك ياغالي وعجبال مـ تفرح بليلى

نظر جمال ناحية ليلى التي تقف بجوار أخيها بسعادة بالغة وتحدث بتبرم

_ أني مش جادر أتخيل إنها في يوم من الأيام هتهملنا وتبجى في حضن حد غيري.

ضحكت وسيلة وقالت بتذمر 

_ اني كل ما غيرتي منيها تهدي بتيجي أنت تشعللها بكلامك ده

رفع حاجبيه بمكر وهو يقول

_ بس حبك انت حاچة تانية واخده الجلب والعجل وكل كياني هتجومي تحسديها على الحبة البسيطة دي.

ضيقت عينيها بغيظ منه 

_ ثبتني كعادتك بكلمتين، بس المرة دي هيكون عقابها جاسي عليك 

ضحك جمال بعلو صوته مما جذب انتباه معتز الذي قال لأخيه 

_ وبعدين في أبوك وأمك اللي فضحينا دول 

انتشل حازم عينيه بصعوبة عن زينة التي تقف بالقرب من ليلى وقال بضيق 

_ وانت مالك؛ مركز معاهم ليه؟


_ واني يعني هركز مع مين! انت مركز مع زينة اللي كل ما عينها تيجي في عينك تتكسف وتبص بعيد 

وجاسر أخوك اللي كل شوية بيتحول مرة يبصلها بحب ومرة بحس انه عايز يجوم يديها ألمين

وستك اللي جاعدة جنب الحاچ عمران بيتودود معرفش بيجولوا أيه

وعمك منصور اللي مبطلش كلام في التليفون.

حتى مصطفى عينيه متشالتش من على صفوة صاحبت زينة 

انا بجى ليا مين اركز معاه؟

أجابه حازم بغيظ

_ واني مالي بكل اللي بتجول عليهم دول، أجولك روح أجف مع ابوك خليه يهدى شوية، دا العريس نفسه مش مبسوط أكده.

وبالفعل اقترب معتز من أبيه الذي تعجب من فعلته عندما وقف حائلًا بينهما وسأله 

_ أنت واجف أكده ليه؟

مال معتز على وسيلة يقبلها ورد بمكر

_ أصلها وحشتني جوي ولسة مشبعتش منيها واني كمان مسافر الصبح 

تحدث جمال بأمر 

_ طب اتحشم شوي إحنا جدام الخلج

نظر معتز لوالده متسائلًا بعدم فهم

_ انت بتجولي أني الكلام ده

عقد حاجبيه مندهشًا

_ تجصد إيه يامخبول انت.

تدخلت وسيلة 

_ ميجصدش حاچة 

نظرت لمعتز وتابعت

_ المهم انت خلي بالك من أختك اني أصلاً حالها مش عاچبني من وجت مـ رجعت.

_ متجلجيش ياوسيلة هى في عينيه

اقترب من أذنها وقال بخفوت

_ بس خفوا انتوا شوية؛ الناس هتحسدكم

اومأت وسيلة بابتسامة ثم تركهم وغادر

سألها جمال 

_ بيجولك ايه المخبول ده؟

_ ولا حاچة سيبك منيه، المهم اني هروح اشوف عشا العرسان چهز ولا لسة

همت بتركه لكنه اوقفها قائلاً

_ وعشايا انا فين؟ اوعى يكون أجل منيه اني كمان الليله عريس مش معجول ابنك يبجى عريس لوحده.

هزت راسها بيأس منه وقالت بغيظ

_ اهدى ياجمال الله يرضى عليك، كلها سنه وهتبجى چد 

تابع مكره

_ وهو مين اللي يشوف الجمر ده جدامه ويفكر غير أكده.

ازدادت سعادتها بكلماته التي تجعل قلبها يهتز ثباته وقالت بولة

_ ربنا يخليك لينا وما يحرمنا منيك أبدًا.

آمن بحب

_ ولا منك ياغالية.

انتبه جمال على صوت من خلفه يقول

_ لساتك عايش في المحن ده ولد الحاچ عمران 

التفت جمال لصاحب الصوت الذي لم يكن احدًا غيره خالد صديق عمره فأجابه بتأكيد وهو يحتضنه بسعادة

_ اني جلت هتطلع ندل ومتاچيش

ضحك خالد وقال بنفي

_ مقدرش طبعًا اتأخر عن فرح ولادي بس غصب عني معرفتش اجي بدري عن كده 

رحبت وسيلة به وبزوجته 

_ الصعيد نورت بأهلها حمد لله على السلامة

أجابت منال بصدق

_ منورة بوجودك انتي ياأم جاسر تعالي معايا بقى نورح نبارك للولاد 

وافقتها وسيلة 

_ تعالي ياجلبي.

ذهبوا وتركوا خالد الذي تلفت حوله 

_ أومال فين أبو العروسة

أجاب جمال باستغراب

_ أكيد بيتحدت فـ التليفون من وقت مـ چاه وهو مبطلش كلام فيه.

أومأ بتفاهم وسأله بجدية 

_ عملت ايه معاه؟

أجاب بهدوء

_ ولا حاچة ومرديتش افتح معاه أى مواضيع ولا حتى ابويا وامي محاولوش يعاتبوه وسكتوا

_ احسن حاجة عملتوها لأن العتاب هيفتح جروح كتيرة مـ صدقنا انها اندملت 

المهم تعالى نبارك للعرسان

تقدموا من جاسر وسارة التي ما إن رأته حتى ابتسمت بسعادة

نهض جاسر ليصافح خالد بود وقال 

_ كنت خايف متجيش.

نفى خالد قائلًا 

_ وانا اقدر برده

نظر إلى سارة وصافحها 

_ مبروك ياعروسة، الف مبروك

ردت سارة بحب

_ الله يبارك فيك ياعمي مبسوطة اوى انى شوفتك 

أكد خالد بفرحة

_ وانا أكتر ياحبيبتي انتي عارفة غلاوتك عندى اد ايه.

رغم شعور الغيرة الذي اعتراه لكنه قال بامتنان

_ متشكر جوي لچيتك وحمد لله على السلامة

ربت على كتفه

_ الله يسلمك هسيبكم انا بقى واروح اقعد شوية مع الحاج عمران

وقبل ذهابه اوقفته سارة 

_ عمي انت عملت أيه في أوراق النقل انا بقالي شهر بعيد عن الجامعة 

طمئنها خالد 

_ متقلقيش انا عامل حساب كل حاجة وإن شاء الله في خلال يومين أوراق النقل هتكون خلصانة

نظر إلى جاسر وتابع

_ ومعلش بقى هنتعب العريس وييجي يستلم مني الاوراق ويقدمها في الجامعة هنا.

أومأ جاسر 

_ إن شاء الله.


❈-❈-❈


كان مصطفى واقفًا ينظر إلى تلك الفتاة التي تقف بجوار ليلى وقد شعر بالإنجذاب تجاهها

لكن وجد يد توضع على كتفه ليلتفت إليه فيجده معتز الذي تحدث بهدوء

_ انسى، دي بالذات متفكرش حتى.

قطب جبينه بدهشة وسأله

_ هى مين؟

أشار له بعينيه

_ اللي عينيك متشالتش من عليها، دي مخطوبة لإبن عمها أو مجبوره زي مـ بتجول ليلى لأنهم مبيدخلوش حد غريب وسطيهم 

اندهش مصطفى من تلك العادات التي لم تتغير رغم التقدم والازدهار الذي وجده في الصعيد وسأله 

_ اومال ايه اللي اتغير فيكم مادام لسة متمسكين بالاعراف دي.

_ ومين جابك إننا متغيرناش! وأكبر دليل على أكدة أنها بتكمل علامها في كلية الطب وفي القاهرة كمان  وحاچات كتير أتغيرت، بس في ناس جليلة جوي اللي لساتها متمسكة بعرفها ودول منيهم.

اشتعلت النيران بداخله وهو يسأله بغيرة

_ وهو شغال أيه ابن عمها ده؟

_ هو اللي ماسك أعمالهم بعد موت أبوها، الأرض والمزرعة 

هز رأسه بتفهم

_ المقصود إن خيرهم ميطلعش بره

وضع معتز يده على صدره مأكدًا 

_ عليك نور بالظبط كده، وعشان كده بجولك متعلجش نفسك بحبال دايبة 

زم فمه بحيرة

_ بس البنت حلوة آوي وحرام انها تدفن نفسها مع واحد زي ابن عمها ده أخدها طمع.

أجابه معتز بتعب

_ وهى خابره ده زين بس دي عوايدنا ومش هتجدر تهرب منيها

عاد بنظره إليها وقد أشفق عليها من تلك الحياة التي فرضتها عليها الظروف

وشئٍ بداخله يدفعه إلى أن يكون هو دافعًا لها للمقاومة ورفض ذلك التسلط.

وهذا ما لاحظه معتز لُينبه

_ أوعاك ياولد عمي تعاند، الناس دي مبترحمش جبروت بمعنى الكلمة.

تنهد مصطفى وشعر بأن القادم أصعب 


❈-❈-❈


وكزت ليلى حلم وهى تقف بجوارها وقالت بمكر

_ خدي بالك من الواد الحليوة اللي واجف چانب معتز أخوي

نظرت حلم إلى حيث أشارت فوقع نظرها على مصطفى فسألتها ببراءة

_ ماله؟

أجابت ليلى بفطنة

_ أصله عينيه مترفعتش من عليكي من وجت مـ چيتي.

لاح الحزن على ملامحها وردت باستياء

_ شكلك رايجة واني مش ناجصه، أني چيت دلوجت بمعچزة، ولولا إن چدي ومهران مسافرين مكنتش جيت واصل 

_ انتي هتسافري ميتى.

_ مش هجدر اسافر الا لما چدي ياچي واخد منيه المصروف، غير كدة مجدرش.

_ تعرفي ياحلم مفيش حاچة هتخليكى تتحركي وتعترضي إلا لما تحبي بچد.

ضحكت باستهزاء وهى تسألها

_ ومين ده بجى اللي هيجدر يجف جدامهم؟

وكزتها في ذراعها وقالت بمكر

_ شكله هيكون الواد ابن عمي ده، وصراحة هيكون احسن واحد ليكي لأنه هيخلص السنة دي ويسافر طوالي، يبجى تسافري معاه وتخلصي منيهم.

هزت راسها بنفي وقالت 

_ أني خلاص عرفت نصيبي من الدنيا ومستحيل افكر في حب وكلام من ده، ولو زي ما بتجولي جوليله مفيش أمل منيها

نظرت ليلى إليه لتجده يرمقها بنظرات تعلمها جيدًا فقررت أن تقرب المسافات بينهم ربما يستطيع هو انتشالها من هذا الجحيم.


❈-❈-❈


انتهى الزفاف وها قد جاء ما يخشى منه كلاهما وهو ذلك الباب الذي أغلق عليهم فور دخولهم 


نظرت سارة إلى الغرفة التي تراها لأول مرة بعد أن منعت وسيلة كلاهما بالولوج إليها قبل تلك اللحظة

استقرت عينيها على ذلك الفراش الذي زين بالورود ولم يعلموا بأن تلك الورود قد سحقت من قبل ولم يعد لها بريق

أما هو فقد عقد حاجبيه مندهشًا عندما لم يجد الأريكة التي ابتاعها خصيصًا للاستلقاء عليها ليست في الغرفة 


نظر إليها ليقول بجمود 

_ أدخلي انتي الحمام غيري هدومك 

اومأت بصمت واخرجت ملابس لها من الخزانة ودلفت المرحاض

اما هو فأخرج هاتفه من سترته وقام بالاتصال على والده الذي خرج من المرحاض لتوه وعندما وجده المتصل أجاب بقلق

_ خير ياجاسر في حاچة؟

سأله جاسر بدون تفكير 

_ فين يابوي الكنبة اللي چيبتها مع الفرش

اندهش جمال من سؤاله وقال بعدم أستيعاب 

_هو ده وجته تسأل عن حاچة زي إكده؟

زم جاسر فمه بضيق من تسرعه وقال 

_ لا اني بس استغربت لما ملجتهاش في الاوضه

تنهد جمال بيأس منه وتحدث بلين

_ خليك في عروستك دلوجت والصبح اشوف اللي بتجول عليه ده لأنه مش وجته.

أغلق جمال الهاتف وجلس على الأريكة يفكر في أمر ابنه، ولما لاحظ غياب الأريكة فور دخوله، وكأنه دلف ليبحث عنها

ولجت وسيلة الغرفة لتندهش عندما وجدته يجلس على الأريكة شاردًا فتقدمت منه تجلس بجواره وتسأله بتوجس

_ مالك ياجمال؟

هز رأسه بحيرة وهو يجيبها 

_ اني جلجان من ولدك ياوسيلة

قطبت جبينها بعدم فهم وجلست بجواره تسأله بريبة 

_ ولدي مين؟ 

تنهد وهو يجيبها 

_ هو فيه غيره، جاسر اللي تعبني

ازدادت حيرتها

_ جلجان منيه في أيه؟

نظر إليها جمال بوجوم وأجابها قائلًا 

_ ابنك لما دخل مفيش دجيجتين ولقيته بيتصل يسأل على الكنبة

تقدري تقوليلي ليه؟ وايه السبب؟

احتارت هى أيضًا لكنها قالت بثبوت كي لا تقلقه

_ عادي يعني تلجاه ملجاش حاچة يريح عليها وعشان كده سأل

هز رأسه بنفي

_ لا ده كان بيسأل عليها وهو مضايج زي ما يكو…..

قاطعته وسيلة بصبر نافذ

_ لو كنت فاكر انه هيسيبها وينام على الكنبة فبجولك انت غلطان انت مش بتاخد بالك هو بيطلعلها كيف

وبعدين حتى لو هينام على الكنبه يمكن حب يسيبها براحتها لحد ما تتعود عليه، أو هى خجلانه منيه، حياته ودنيته مع مراته محدش ليه دخل بيها

وأني الصبح إن شاء الله هدخل اطمن عليهم.

ابتسمت عينيه قبل شفتيه وهو ينظر إليها بنظرات رضا تحمل لها كل الحب الذي يكنه بداخله لها وحدها.

تلك المرأة التي كانت ومازالت مستمرة في العطاء دون مقابل

لكن كيف يظن بأنه دون عطاء وهو ينعم عليها بكل هذا العشق. 


❈-❈-❈


في غرفة جاسر

خرجت سارة من المرحاض وقد ارتدت منامه قطنية فضفاضة 

وحررت خصلاتها المموجة لتنساب حول وجهها بأريحية 

وها قد بدأت رحلة العذاب والأدهى من كل ذلك إقترابها منه وهى تتهادى بخطوات مترددة ثم رفعت عينيها إليه تسأله بريبة

_ أنا هنام فين؟

حمحم كي يسترد ثباته وأشار لها بجمود ناحية الفراش

_ على السرير هيكون فين يعنى.

نظرت ناحية الفراش وقد اهتزت نظراتها بإرتباك وعلم هو ما يدور بخلدها فتقدم من الخزانة يخرج ملابس له وتحدت بلين وهو يدلف المرحاض

_ متجلجيش أني هنام على الأرض

وقبل أن ترفض أو تعترض كان جاسر يغلق الباب خلفه دالفًا إلى المرحاض

نظرت إلى الفراش وظلت تفكر هل ستتركه يستلقي على الأرضية! لكن إلى متى؟

انتبهت لذلك السؤال حقًا " إلى متى؟" سيظلوا على هذا الحال

وماذا ستفعل هى إذا أراد يومًا الزواج؟

فلن يظل دون زوجة وأولاد طوال عمره.

لا تعرف لما شعرت بإنقباض حاد في قلبها عندما تخيلت زواجه من أخرى.


أما هو فقد ظل قابعًا على حافة حوض الاستحمام يفكر ماذا يفعل؟

هل ينسحب بهدوء دون أن يراه أحدًا ويعود إلى غرفته؟!

لكن ماذا إن رآه أحدًا!


وضع رأسه بين يديه لا يعرف ماذا يفعل، لن يستطيع البقاء معها فهو لم يعد يثق في مشاعره بعد الآن.

تخللت أصابعه في خصلاته وقام بجذبها حتى كاد أن يقتلعها يريد أن يجد حلًا لتلك المعضلة لكنه لم يجد

 نهض من مجلسه بغضب عندما يأس من الوصول لحل

وقرر ألا يضعف وعليه أن يكون حازمًا معها؛ بغيض حتى لا يسمح لمشاعره بالانسياق خلف هواه.

خرج من المرحاض وقد ارتدي منامه من قطعتين فوجدها تجلس على الفراش في وجوم وحزن جعل قلبه يدق بعنف، ألمه رؤيتها بكل ذلك الحزن المرتسم على ملامحها لكن عليه ألا يرضخ لها ويوضح لها كل شئ من البدابة.

تقدم منها ليقف أمامها ويتحدث بجمود

_ أني كنت رايد اتحدت معاكي شوية

اومأت برأسها ثم جلس هو على المقعد بجوار الفراش وقال بامتعاض يتنافى تمامًا عمّ بداخله من نيران الشوق

_ جلتلك جبل سابج حاولي تبيني جدامهم إنك مبسوطة وسعيدة بزواچنا، وانتي طبعًا منفذتيش حاچة من اللي جلت عليه.

إحنا دلوجت جدامهم متزوچين وسعدا مع بعض، يعني الوش الخشب ده تنسية تمامًا.

أومأت له قائله

_ حاجة تاني؟

لم يعجبه ردها لكنه تابع 

_ الطرحة متجلعيهاش واصل طول ما معتز وحازم موچودين في البيت والأفضل إنك تفضلي بيه.

هزت رأسها باستسلام مما جعله يستاء من هدوءها وتابع

_ كمان موضوع الچامعة، كلها يومين وهروح عشان أجيب الورج زي مـ جال الدكتور خالد 

بس في حاچة تانية

مفيش مرواح الچامعة

ومقبل على الصعيد

رانيا الخولي

الفصل الرابع والعشرون


❈-❈-❈


لم تفهم معنى حديثه فسألته بعدم أستيعاب لما يقول

_ يعني أيه مش فاهمه

عاد بظهره للوراء وهو يقول بلهجة لا تقبل نقاش

_ زي ما جُلت مفيش مرواح الچامعة ولا حتى خروج برة البيت من غيري.

وقفت تنظر إليه بصدمة وهي تحاول استيعاب ما يأمر به ويتحدث عنه بكل بساطة وقالت برفض لأوامره

_ وانا مستحيل اقبل باللي انت بتقوله ده وأضيع مستقبلي 

اتعدل في جلسته ورد بحدة

_ اني مش بضيع مستجبلك ولا حاچة هسيبك تكملي السنة دي بس من غير ما تروحي 

قطبت جبينها بعدم فهم وسألته بتهكم

_ وده ازاي بقى

غضب من تهكمها عليه ونهض ليقف أمامها ويتحدث بحدة

_ اتكلمي عدل وانتي بتتحدتي معاي

ردت بحدة مماثلة 

_ اومال عايزني اتكلم إزاي وانت بتضيع مستقبلي بأيدك 

اشاح بوجهه بعيدًا عنها كي يظل على ثباته وألا يضعف أمامها

_ مش هتروحي غير على الامتحانات

عقدت حاجبيها بدهشة وسألته بعدم فهم

_ إزاي؟

أجاب بإستياء

_ زي الخلج وإن كان على المحاضرات أني هتصرف.

لم تعد تستطيع التحمل أكثر من ذلك وقد أشتد ضغطه عليها

فقالت بعذاب

_ انت ليه بتعمل معايا كدة؟ وليه بتعاقبني على حاجة أنا مليش ذنب فيها

ما كان عليها التطرق في هذا الأمر الذي جعله يتذكر كل شئ مما جعل الغضب الجحيمي يزحف إلى محياة وتشنج فمه وهو يتحدث من بين أسنانه كي يتحكم في صوته

_ انتي اللي عملتي في نفسك أكدة، انتي اللي روحتي للهلاك برچليكي، فـ مش هتفرق كان برضاكي أو غصب عنيكي.

عادت نظرة الانكسار إلى عينيها وهي تسمع كلامته التي لا ترحم، لن ينسى ولن تستطيع التعايش مع هذا العذاب.

هزت رأسه بألم وهى تقول بعذاب

_ حرام عليك بقى، كفاية إتهام

لن يضعف امامها، عليه أن يواصل أذا أراد أن يظل على ثباته 

_ هى ديمًا كدة الحجيجة بتجرح فمتحاوليش تعيشي دور البريئة لأنه مش هيخيل عليا.

تركها واقترب من الخزانة وأخرج بعض الأغطية ووضعهم على الأرضية كي يستلقي عليهم ويهرب للنوم الذي سيرحم قلبه من هذا الألم.


أما هى فقد كانت تنظر إليه بنظرات يملؤها الخزلان

عليها هى أيضًا أن تهرب منه إلى النوم ربما تنجح تلك المره وتستطيع النوم.

استلقت على الفراش وقد اولته ظهرها لكن ثباتها انتهى عندما توسدت الوسادة وبدأت عبراتها بالإنهمار، كانت تكتم شهقاتها كي لا يشعر بها لكن كيف لذلك القلب الذي أصبح فقط ينبض لأجلها ألا يشعر بما تعانيه الآن، وكم حارب شوقه الذي يجبره على الاستسلام والأقتراب منها كي يكتنفها بقلبه ومشاعره 

ويعتذر لها عن قسوته معها 

ظل يتقلب على صفيح ساخن حتى استطاع النوم أخيرًا بعد عناء.

وكذلك هى التي استطاعت الهرب إليه كي ينتشلها ولو قليلًا من تلك الدنيا التي كشفت عن وجهها الحقيقي.


❈-❈-❈


وقفت ليلى بجوار حلم تنتظر السائق لكنه لم يأتي حاولت الاتصال مرارًا وتكرارًا لكن هاتفه قيد الاغلاق

وعندما يأست ليلى من حضوره 

_ بقولك ايه شكله كدة مش هييجي، تعالي نخلي معتز ولا حازم يوصلنا.

اسرعت حلم بالرفض

_ لأ طبعًا انتي بتجولي أيه، دول ممكن يجتلوني فيها، اني هحاول مرة تانية

حاولت لكن لا فائدة

_ يابنتي متخافيش اني هكون معاكم ومادام هما مش في البيت وأمك خابره انتي فين يبجى خلاص خايفة من ايه؟!

ترددت حلم لكن ليلى اقنعتها

_ متجلجيش اصلًا الوجت اخر ومفيش حد هياخد باله.

وافقت على مضد ثم ذهبت ليلى لتبحث عن معتز لكنها صادفت مصطفى اثناء ولوجها، نظرت إليه بمكر وهو جالسًا مع والده فأشارت إليه 

وعندما رآها أسرع إليها وكأنه يعلم لما تريده وعندما اقترب منها قالت بمكر

_ معلش يامصطفى واحدة صاحبتي أخرت جوي والسواج تلفونه مجفول وكنت عايزك تاچي توصلنا.

حاول مصطفى اخفاء سعادته والثبات أمامها وقال بثبات

_ تمام هاخد عربية عمي وآجي اوصلها، أقصد اوصلكم 

همّ بالدخول لكنها اوقفته

_ لا اطلع انت اجف چانب العربية لحد مـ اچيبه.

اومأ لها وأسرع بالذهاب إلى حيث تقف بجوار السيارة وقال بابتسامة 

_ السلام عليكم

نظرت حلم إليه لتجده ذلك الشاب الذي لم يرفع عينه من عليها طول الوقت

اشاحت بوجهها بعيدًا عنه ولم ترد عليه.

لم ييأس واقترب منها اكثر وتابع

_ انا مصطفى ابن عم ليلى و….

قاطعته بحدة

_ ميخصنيش.

اسند ظهره على السيارة وقال بلوع

_ بس انا يخصني

التفتت إليه بصدمة من جرئته وقالت بغضب

_ هو ايه إن شاء الله اللي يخصك؟

اجاب مصطفى بابتسامة عريضة

_ انك تعرفي كل حاجة عني، انا بالنسبالي عرفت عنك اللي عايز أعرفه 

ازاد حنقها منه وقالت بانفعال

_ لا متعرفش حاچة عني لإنك لو تعرف مكنتش هتجدر تجف جدامي دلوجت، وابعد لأن لو حد شافك معاي مش عيطلع عليك سمس.

رفع حاجبيه بمكر وهو يقول 

_ للدرجة دي خايفة عليا.

اتسعت عينها من حديثه الذي يدفعها للجنون وقالت باحتدام

_ يظهر انك مخبول واني معنديش وجت اضيعه معاك

همت بالذهاب لكن صوت ليلى أوقفها 

_ استني ياحلم رايحه فين؟

نظرت إليه بشراسه وهى تقول

_ اسألي الاستاذ ده

نظرت ليلى إلى مصطفى وسألته بغيظ

_ عملت ايه؟

أجاب ببراءة زائفة

_ ولا حاجة هى بس اللي محبكاها حبتين.

ناولته مفتاح السيارة وقالت بغيظ

_ طيب اتفضل وصلنا 

غمز لها بعينيه وهو يأخذ مفتاح السيارة ويجلس في مقعده منتظرهم

قالت ليلى 

_ يالا ياحلم.

ردت بعناد

_ اني مهركبش معاه، شوفي حد تاني يوصلنا.

تنهدت بيأس منها وقالت 

_ مفيش غير جاسر اللي ممكن يوصلنا دلوجت لإن حازم ومعتز محدش عارفهم راحوا فين

ترددت قليلًا حتى اقنعتها ليلى

_ يابنتي دا ربع ساعة وتكوني في البيت اتحمليهم بجى.

طاوعتها حلم واستلقت السيارة وجلست ليلى بجوار مصطفى الذي وجه المرآة الأمامية عليها ثم تولى القيادة.


❈-❈-❈


دلف عمران غرفته بمساعدة حازم وقد شعر بأنه افتقد جاسر عن حق

لأول مرة يدلف غرفته بدونه وشعر حازم بذلك فقال بغيظ مرح

_ خابر زين انك مفتقد جاسر 

ربت عمران على يده التي تسنده وقال بصدق

_ متجولش إكدة انتو كلكم عندي واحد.

ساعده حازم في الاستقاء على الفراش وتابع عمران

_ كل الحكاية اني اتعودت على جاسر هو اللي يجومني من فرشتي وهو اللي يرچعني ليها وعشان أكدة مفتقده زي مـ بتجول.

جذب عليه الغطاء وهو يقول 

_ اعمل حسابك بعد إكده إن جاسر مبجاش ملك نفسه، وبجى عنده اللي يشغله 

ابتسم عمران وهو ينظر إليه ولمح قائلًا

_ عُجبالك انت كمان لما تلاجي اللي يشغلك

جلس حازم على حافة الفراش وقد شعر بأن جده يلمح لشئ فسأله 

_ ولو لجيته؟

ابتسم عمران وقال بلوع

_ مش لسة بدري على الكلام ده؟

محق وهو يعلم ذلك لكنه يخشي من ان يسبقه أحدًا إليها 

_ بس أني خايف حد تاني يسبجني ليها.

طمئنه قائلًا 

_ متخافش اني اتحددت مع عاصم النهاردة ولمحتله إن زينة مينفعش تخرج برانا.

عقد حاجبيه متسائلًا

_ وانت عرفت منين ياچدي انها زينه؟

رفع حاجبيه بمكر 

_ فكرك يعني إكمني عچوز ومجدرش أمشي زي لول هبجى مليش عازة ومعرفش أيه اللي بيدور حوليا؟

رد مسرعًا

_ العفو ياسيد الناس بس محدش يعرف الموضوع ده غير معتز ومحولتش افاتح حد فيه؟

وضع عمران يده على ساقه وقال بتعاطف

_ لو خبيت عن الدنيا كله؛ نظرة واحدة في عينيك بتعرفني كل حاچة، زي جاسر بالظبظ كلكم كتاب مفتوح جدامي، وبحاول اعملكم الصالح واللي يريحكم

ارتبك حازم 

_ چدي أنا….

قاطعة عمران 

_ متجولش حاچة، كل حاجة هتاچي في وجتها وبلاش نستعجل لإن الاستعجال بيخسرنا كتير 

أومأ حازم برأسه وقبل يد عمران الذي ابتسم بحب لحفيده وقال 

_ ربنا ميحرمني منكم.

آمن حازم

_ ولا يحرمنا منك ياچدي.


❈-❈-❈


كان جالسًا في غرفته يفكر فيما ينتوى فعله معها عندما يعود، يبدوا أنها قررت البقاء في منزل والدها 

ماذا إن أرادت الطلاق؟! 

ماذا لو أخبرت أولاده؟!

ظل على حاله حتى طرق الباب ودلفت جليلة 

نهض مسرعًا ليساعدها على السير وقال 

ايه طلعك بس ياأمي كنتي بعتيلي وانا جيتلك.

جلست على الفراش وجلس هو بجوارها وقالت باشتياق

_ رايدة اجعد معاك لحالنا واتحدت معاك زي زمان واعرف منك أخبارك

ابتسم بود 

_ انا الحمد لله بخير متقلقيش عليا

ابتسمت بحب

_ وان مجلجتش عليك انت اجلج على مين ياجلبي.

وضعت يدها على وجهه وأردفت

_ اتوحشتك جوي ياغالي، كنت كل مـ توحشني آچي اهنه واتخيلك فيها، فضلت محافظة عليها زي مـ سيبتها ورفضت أى حد يدخلها، كنت بنضفها يوماتي كأنك موچود فيها، كان ديمًا عندي أمل إنك هترچع وعشان إكدة كنت بنضفها عشان تاچي تلاجيها زي مـ سيبتها.

قبل منصور يدها التي تضعها على خده وقال باسف

_ سامحيني ياأمي، عارف إني غلطت في حقك

وضعت يوها على فمه تمنعه من فتح جراح الماضي

_ بلاش نتحددت فـ اللي فات، ملوش عازة، خلينا في النهاردة

اومأ بابتسامة

_ وانا إن شاء الله هاجي ازورك على طول واكلمك في الفون باستمرار

تبدلت ملامحها للقلق عندما وجدت حقيبته بجوار الفراش وسألته

_ انت هتمشي؟

أجابها ببساطة

_ اه هركب طيارة الساعة تمانية، بس متقلقيش هفطر معاكي قبل مـ أمشي 

انزلت يدها من على وجهه وقالت بعتاب

_ فكرتك هتجعد معانا اسبوع على الأجل

قبل يدها وقال بأسف 

_ غصب عني والله مقدرش اسيب الشركة اكتر من كدة واوعدك كل مـ تجيني الفرصة هجيلك على طول اهم حاجة بس تخالي بالك من صحتك ومن سارة، انا سايبها هنا في آمانتكم

ربتت على يده وقالت بتلميح

_ متجلجش عليها بنتك وسط اهلها وناسها واللي وسط اهله مينضرش واصل 

مازال كما هو لم يتغير ويبدو انه لن يتغير..


❈-❈-❈


توقفت السيارة امام ذلك المنزل الشاهق والحرس الذين يحيطونه من كل جانب، لكن حلم توقف قلبها عن النبض لحظات عندما وجدته يقف أمام المنزل وعينيه تقدح شررًا قادرًا على حرق كل ما أمامه

نظرة ليلى إليها وقالت 

_ هنتجابل إن شاء أول مـ توصلي القاهرة

شعرت بأن الكلمات انحشرت في حلقها لفرط الخوف حتى خرج صوتها خافتًا

_ إ…ن… شاء… الله

ترجلت من السيارة لتجده أمامها ينظر إليها بنظرات قاتله جعلتها ترتجف بخوف 

وهذا ما لاحظة مصطفى لينظر إليها بتحدي بادله إياها بسخط مدمر 


التف مصطفى بسيارته حتى جعله يرى ليلى كي لا يشك بالأمر ويعنفها على ذلك

أما هى فقد كانت تنظر إلى السيارة حتى اختفت من امامها ثم عادت بنظرها إليها لتنتفض في وقفتها عندما وجدته يسألها

_ كنتي فين؟

إزدرأت ريقها بصعوبة حتى كادت تختنق لفرط الخوف وقالت بتلعثم

_ أ..أنـ..ـا كنت في فرح أخو ليلى صاحبتي.

أشار لها بالولوج لكنها شعرت بأن قدميها ثابته في الارض لا تتحرك، تحاملت على نفسها ودلفت البوابة الشاهقة وقد احتل الخوف أوصالها وجعلها ترتعد بشدة 

وفور وصولها للداخل سمعته يهدر بغضب

_ مين يافاجرة اللي كنت راكبة معاه ده؟

التفتت إليه بخوف وتحدثت برعب

_ دا.. دا أخو أقصد لما استعوجت السواج ليلى جالت تخلي ابن عمها يوصلني وهى كانت معاي.

أقترب منها وعينيه تنذرها بغضب جحيمي جعلها ترتعد بشدة وقال بفحيح يشبه فحيح الأفعى

_ غريب؟ بجى تركبي مع غريب عربيته وعادي عندك إكدة؟

هزت راسها برفض وقالت

_ لا والله بس مكنش ينفع أعاود لحالي وعشان اكدة ليلى ركبت معانا، يعني مكنتش معاه لحالي.

تقدم منها جاذبًا إياها من خصلاتها التي تخفيها خلف حجابها ليقربها من وجهه وقال بغضب عارم

_ انتي خابرة لو فكرتي في يوم من الأيام تلعبي بديلك هعمل فيكي أيه؟

هزت راسها بخوف وتابع هو

_ مش هجولك هرميكي للديابة تنهش فيكي لا، دانا هخليكي تتمني الموت في كل لحظة ومطلهوش، وأمك اللي بتتحامي فيها دي تموت بحصرتها عليكي.

دفعها حتى كادت تسقط على الأرض وقال بتحذير

_ مفيش خروج من البيت إلا على چامعتك وخدي بالك زين لإن النفس اللي بتتنفسيه بيوصلي واني نايم على السرير.

فخليكي زينة اكدة ومتخلنيش اعرف چدي باللي حُصل لإنه لو عرف مش هيخليكي تفضلي دجيجة واحدة برة البيت، وافتكري زين إني انا اللي اجنعته انه يوافج على علامك.

ودلوجت غوري من خلجتي.

اسرعت بالصعود إلى غرفتها وكانت والدتها تشاهد كل شئٍ من الأعلى لكنها لم تستطيع التفوه بكلمة خوفًا من بطشهم

دلفت الغرفة خلفها لتجدها جالسة على الأريكة تبكي بشدة

تقدمت منها لتجلس بجوارها وتهون عليها 

_ كفياكي بكي ياجلبي.

رفعت حلم وجهها إليها لتقول بألم

_ عيزاني أعمل ايه واني انكتب عليا اعيش المرار ده طول عمري

ربتت على كتفها

_ مفيش في يدنا حاچة نعملها دول ناس مبيرحموش وملناش مكان نهرب منيهم فيه مسحت دموعها براحة يدها وقالت بألم

_ لاميتى بس هفضل متحملة، اني احيانًا بفكر أهرب منيهم بس أني خابرة زين انهم هيلاجوني لو روحت فين.

ايتسمت بتهكم وعى تقول

 _ حاولت اعملها جبل منك بس چبوني ورموني في الحاصل كيف الكلاب من غير وكل ولا شرب وهددوني بيكي

ومن وجتها واني رضيت بجسمتي واتحملت عشانك

ربتت على كتفها وتابعت

_نامي يابنتي ويا عالم بكرة ايه اللي هيحصل فيه.

خرجت ريحانة من الغرفة وتركتها لاحزانها ثم تذكرت أمر ذلك الشاب ونظرة الأصرار الذي يرمقها بها كأنه يخبرها بأنها إذا أرادوا حربًا فهو على أتم الاستعداد للتصدي لهم.

لكن عليها إبعاده عنهم كي لا يرى جحيمهم.


❈-❈-❈


ظل أمجد قابعة في غرفته ينتظر شروق الشمس على أحر من الجمر 

 يشتاقها بكل كيانه وشعر بأنها غائبة عنه منذ أمد.

لم يتحدث معها منذ ذلك اليوم علمًا بأنه كلما سمع صوتها كلما أشتاق أكثر إليها


أما هى فحالها ليس بأفضل حال من حاله وهى تزرع الغرفة ذهابًا وإيابًا تنتظر الصباح بفروغ الصبر 

حاولت النوم الذي سيرحمها من عذاب الانتظار لكنها لم تستطيع

باقي من الزمن ثلاث ساعات حتى ميعاد الطائرة

قررت اخذ حمام والصلاة مرة اخرى ثم تستعد للذهاب


❈-❈-❈


في غرفة سارة وجاسر

ظلت طوال الليل مستلقية على الفراش تتظاهر بالنوم ولم تجف الدموع في عينيها لحظة واحدة 

حاولت النوم كثيرًا لكن لا فائدة

 

أما هو فقد ظل بتقلب على الأرضية الصلبة التي لم ترحمه وكأنها تعاتبه أيضًا على تركه لها.

وظل يتساءل إلى متى سـ يستمر على هذا الحال.


نهض جاسر لكنه شعر بألم حاد في ظهره لكنه تحامل على نفسه ونهض ليقوم بحمل الأغطية وأعادهم داخل الخزانة ثم دلف إلى المرحاض.


فور ولوجه نهضت سارة لتنظر إلى ساعة يدها لتجدها قد تعدت السابعة صباحًا تذكرت طائرة ليلى ومصطفى، لن تتحمل ذهابه دون رؤيته

قامت بتبديل ملابسها 

وهمت بالخروج من الغرفة لكنه فور خرجه من المرحاض وأوقفها بحدة

_ انتي رايحة فين؟

لم تلتفت إليه وردت بفتور

_ رايحة أسلم على ليلى ومصطفى قبل ما يسافروا 

قطب جبينه بدهشة وتحدتث بحدة

_ نعم ياختي؟ 

تقدم منا ليتابع بغضب

_ في واحدة المفروض تكون عروسه تخرج من اوضتها الساعة سبعة الصبح؟

التفتت إليه لتقول بتمالك

_ لازم اسلم عليه قبل ما يمشي وكمان ليلى 

تجهم وجهه من برودها معه وقال بلهجة حادة لا تقبل نقاش 

_ مفيش خروچ بره الأوضة دلوجت، ومتجلجيش  مش هيمشوا الا لما ياچوا يسلموا علينا

وقبل أن  ترفض تحكماته تلك سمعت طرقات خافته على باب الغرفة وعندما همت بفتحه أوقفها بنفاذ صبر

_ بردك

تابع بامر

_ أرچعي لورا اني اللي هفتح

ارتدت للخلف كي تفسح له الطريق وفتح الباب ليجدها ليلى تقف أمامه بإحراج 

_ معلش أن كنت صحيتكم من النوم بس انا ماشية وعايزة اسلم عليكم قبل ما امشي

ابتسم لها جاسر بود وقال 

_ لا عادي ياجلبي احنا صاحيين من بدري، ادخلي

دلفت ليلى لتجد سارة تظهر من خلفه وهى تبتسم لها وتقول

_ كنت خايفة تمشي من غير مـ تسلمي عليا.

احتضنتها بحب 

_ مقدرش امشي من غير مـ أشوفك مع إني مش بحب اسلم على حد وانا ماشية بس قلت لازم اباركلكم 

نظرت إلى جاسر وتابعت 

_ جاسر خلي بالك منها 

اوما لها وقبل رأسها بحب وقال 

_ خلي بالك انتي من نفسك واول مـ توصلي خبريني 

_ إن شاء الله

احتضنته بحب 

_ الف مبروك ياحبيبي

همت بالخروج لكنها وجدت مصطفى يدلف كي يودعهم قبل ذهابه

خرج جاسر مع ليلى كي يتركهم قليلًا قبل فراقهم

وعند خروج الجميع نظر إليها مصطفى مطولًا ثم تحدث بحزن

_ مش عارف أيامي هتكون عاملة ازاي من غيرك

هتوحشيني اوي.

تقدمت منه ترتمي في احضانه التي ستشتاقها كثيرًا وقالت بحزن مماثل

_ وانا كمان مش عارفه حياتي هتكون عاملة ازاي من غيرك

ابعدها عنه قليلًا كي ينظر إلى عينيها وقال بحب

_ متقلقيش انا هكلمك كل يوم لحد مـ تزهقي مني 

وهحاول أقنع ماما انها تكلمك

ابتسمت بحزن وهي تقول

_ دي مفكرتش حتى تتصل عاملة ايه او إن كنت محتاجة حاجة.

تحدث برجاحة 

_ هتكلمك ازاي وانتي قفلة فونك.

انا عني نفسي بقالي يومين بكلمها فونها غير متاح، ولما قلت لبابا قالي أنها قفلته عشان مشغولة اليومين دول 

قبل رأسها وهى يتابع

_ المهم خلي بالك من نفسك وانا اول ما اوصل هخليها تكلمك.

خرج من الغرفة دلف منصور بعدها وعند رؤيتها …

ومقبل على الصعيد

رانيا الخولي

الفصل الخامس والعشرون


❈-❈-❈


وقف منصور أمامها ينظر إليها باشتياق وعينيه يدقق في ملامحها الجميلة وقال 

_ مبروك ياحبيبتي

رغم شعور الخزي الذي تشعر بها تجاهه إلا أنها حقًا أشتاقت أيضًا إليه فردت بمصابرة

_ الله يبارك فيك يابابا.

تقدم منها ليقبل جبينها بشوق ثم نظر إليها قائلًا

_ مش مصدق إن بنوتي الصغيرة كبرت واتجوزت وخلاص هتبعد عني، بس أنا اديتك للي هيصونك وهيشيلك جوه عينيه.

صحيح هو قفل شوية ومدب بس أنا واثق أنه فعلًا بيحبك.

هزت رأسها بتأكيد مزيف منها لذلك الحب المزعوم الذي يتحدث الجميع عنه 

لم يعرف أحد انه في الحقيقة حب مزيف أجاد إتقانه كي لا يعلم أحد منهم بحقيقة الأمر.

حتى إخفاءه ليس بدافع خوفه عليها بل خوفًا من معرفة جده ويؤثر ذلك على صحته

انتبهت على صوت والدها

_ حبيبتي انا مُطر انزل واسيبك وإن شاء الله في أول فرصة هجيلك على طول

ذهب منصور وأغلقت الباب خلفه لتعود إلى الغرفة التي ستشهد على مآسيها منذ اليوم..


❈-❈-❈


تفاجئ عمران وهو ينهض من فراشة بطرق الباب ودخول جاسر عليه

_ صباح الخير ياچدي.

اندهشت جليلة التي تساعد جده على النهوض و سألته بدهشة

_ جاسر ياولدي أيه اللي جومك من چامب مرتك بدري أكدة

حاول ان يداري الوجع الذي آلم به ورد بثبات

_ عادة بجى ومش عايزين نجطعها.

تقدم من جده وساعده على النهوض فقال عمران بعتاب

_ مكنش ينفع ياولدي تسيبها أكدة، وبعدين انا مش تعبان للدرچة دي.

قبل جاسر يده ورد بصدق

_ ربنا يديك الصحة وطولت العمر، احنا عايشين في البيت بحسك إنت وچدتي، ربنا يديمكم في حياتنا.

خرج جاسر من الغرفة وهو يساعد جده على السير ليتفاجئ بها تنزل الدرج وتنظر إليه بعتاب.

أما نظراته لها فكانت تعبر تعبير قاتل على عدم طاعتها له.

تقدمت منهم ليبتسم لها عمران ويسألها 

_ وانتي بجى جايمة تساعدي مين؟

قبلت سارة يده بحب وأجابت

_ انا قلت نفطر كلنا مع بعض قبل ما يسافروا 

تحدثت جلية 

_ زين مـ عملتي تعالي ياغالية 

جلسوا جميعهم على المائدة يترأسها عمران الذي تحسنت صحته كثيرًا بعد عودة الجميع 


❈-❈-❈


في منزل الشرقاوي

كانت حلم تنزل الدرج وهي تحمل حقيبتها بجوار والدتها التي أخذت توصيها ألا تعرض نفسها لغضبهم كما تفعل كل مرة

كان جدها يجلس على رأس الطاولة بجبروت لا ترى مثله من قبل 

مات اولاده لكنه لم ينكسر بل إزداد تجبره وسطوته على كل من حوله

وصنع من مهران نسخة اخرى منه 

تقدمت منه بوجل لتقبل يده 

_ صباح الخير يا چدي

أشار لها بعينيه

_ أجعدي.

نظرت إلى والدتها التي ظهر الخوف عليها ثم جلس على المقعد وهى تقول بريبة

_ نعم ياچدي.

نظر إليها بقوة وهو يقول

_ اللي حصل امبارح ده اني هخليه يعدي من غير عقاب وهجول بأنها صاحبتك وحبيتي تچامليها بما إن فرحك جرب 

رفع أصبعها في وجهها وأردف بتحذير جعل الدنيا تلتف من حولها

_ بس لما حصل وخرچتي من البيت تاني بدون علمنا إنتي خابرة زي اني هعمل أيه؟

فاهمة ولا لا

قال كلمته الأخير بصوت جهورى جعلها تنتفض في مقعدها وأومأت برأسها دون النطق بشئ.

فتابع حديثه

_ اتفضلي دلوجت عشان ميعاد الطيارة واعملي حسابك، زي ما في هنا رجيب هناك بردك فيه وبيوصلني كل أخبارك.

إزدرأت تلك الغصة التي انحشرت في جوفها وحملت حقيبتها وخرجت من المنزل لتجد السيارة في انتظارها..

انطلقت إلى وجهتها ولم تجف دموعها لحظة واحدة 

حتى وصلت إلى المطار..


……….


في الطائرة

جلست ليلى تنتظر صعودها الطائرة حتى وجدتها تدلف للداخل

اشارت لها بالتقدم لتجلس بجوارها وتسألها بقلق

_ انتي اخرتي كدة ليه انا قلت إنك مش هتيجي

جلست حلم بجوارها واجابت بتأييد

_ اني فعلًا مكنتش هاچي نهائي بعد مـ مهران شافني وانتو بتوصلوني امبارح، وكان يوم منيل.

اندهشت ليلى وسألتها

_ هو اللي كان واجف جدام الباب ده مهران ابن عمك؟

اومأت بصمت فقالت ليلى بأسف

_ حجك عليا لو كنت اعرف مكنتش خليت مصطفى يوصلك.

ابتسمت حلم بحزن وقالت 

_ خلاص اللي حصل حصل وهو ده اللي انا عايشة فيه

كانوا يتحدثون ومصطفى خلفهم يسمع كل شئ 

قرر التمسك بها وانتشالها من جحيمهم حتى لو اطُر لخطفها 

بعد قليل أشار لـ ليلى انا يبدلو أماكنهم

حاولت ليلى الرفض لكنها وافقت تحت اصراره 


كانت حلم تنظر من نافذت السيارة بشرود عندما شعرت بحركة بجوارها 

تفاجئت عندما وجدته هو من يجلس بجوارها اتسعت عينيها بخوف شديد وقالت 

_ انت بتعمل ايه اهنه؟

اجاب مصطفى ببساطة 

_ راجع القاهرة وانتي؟

ظلت تتلفت حولها بخوف وقالت برجاء

_ أرچوك الله يكرمك جوم لو حد وعيلنا دلوجت هنروح في داهية 

اجاب بأريحية

_ متقلقيش محدش في البلد يعرفني وبعدين ده مكاني أصله مش باص هو هتحددي من يقعد جامبك.

تحدثت بغيظ

_ انت شكلك ناوي على موتي، ابعد عني وخايك في حالك

اجاب بمزاح وهو يقلد لهجتها

_ اخليني في حالي كيف وانتي بجيتي كل حالي.

إزداد غيظها منها فنهضت لتتركه لكنه منعها

_ ارجوكي اسمعيني هما كلمتين بس وهسيبك براحتك.

نظرت إليه بشك فأكد

_ صدقيني هما كلمتين.

جلست تستمع إليه على مضد حتى تحدث

_ حلم صدقيني انا اخد الموضوع جد وعايز اتجوزك

ابتسمت بسخرية ثم تحدثت بتهكم

_ بالبساطة دي؟

ضايقته بتهكمها عليه ثم تحدث بجدية

_ انا عارف عنك كل حاجة……

قاطعته بحدة

_ انت متعرفش أي حاچة واصل لإنك لو تعرف مكنتش جلتلي الكلام ده، مكنتش فكرت حتى انك تجعد چاري إكدة بكل سهولة

ابعدي عني وابعد حالك عني لإن اللي انت بتجوله ده مش هنچني من وراه غير الموت.

تركها تنهض من جواره وهو يفكر في كل كلمة نطقت بها


❈-❈-❈


عادوا جميعًا إلى القاهرة لكن كلًا إلى وجهته 

عاد منصور إلى شركته 

ومصطفى الذي أخذ ينظر في اثرها حتى استلقت السيارة التي كانت بانتظارها 

عاد إلى منزله ليندهش عندما لم يجد والدته في المنزل فظن أنها في العمل وبدأ هو في مراجعة ما فاته تلك الأيام التي ابتعادهم عن دراسته


أما ليلى فقد تركت حقيبتها داخل الغرفة وقامت بأخذ حمام سريع وأسرعت إلى المشفى


طرقت الباب لتدلف بعدها عندما سمح لها بالولوج

فوجدته مستيقظًا في فراشه وقد ازداد شحوبه عن ذي قبل فتبسمت في وجهه وهي تقول بسعادة

_ صدقت في وعدي ولا لأ؟

تبخر استياءه منها على تركها له كل هذه المدة وقال بنفي

_ لأ

قطبت جبينها بعدم فهم وسألته وهى تتقدم لتجلس على المقعد بجواره

_ إزاي بقى؟ انا وعدتك اني هرجع يوم السبت الصبح واديني رجعت.

صحح لها 

_ بس احنا بقينا الضهر يعني مش الصبح زي مـ وعدتي.

تظاهرت ليلى بالغضب

_ تصدق انا غلطانه إني سايبة فرح أخويا عشانك وبردوا زعلان 

ابتسم وهو يقول باشتياق

_ وحشتينى

ارتبكت ليلى وغيرت مجرى الحديث 

_ ممكن اعرف ايه اللي عملته ده؟

عقد حاجبيه متسائلًا

_ عملت ايه؟

تحدثت بعتاب 

_ رفضت تاخد العلاج واصريت تخرج من العناية 

تنهد أمجد وقال بتعب

_ انتي عارفة كويس إني مش بحب جو العناية ده بس بستحمله لما تكوني معايا، انتي عارفه إن وجودك بيهون عليا حاجات كتير آوي، ولما بتغيبي كل حاجة بتبقى صعبه مهما كانت سهولتها

تورد وجهها رغم الخجل الذي يعتريه وخاصةً عندما اردف

_ الحياة من غيرك صعبة آوي

لاح الحزن على ملامحها وقالت وهى تنظر داخل عينيه لأول مرة بأسى

_ انا كمان كنت زيك، واللي تعبني اكتر إني مكنتش قادرة اعبر عن اللي جوايا 

بضحك وبهزر بس كان جوايا ليك أشتياق ولهفة عمري مـ حسيتهم قبل كدة 

حاولت اتأقلم واتوه بس لما سهى كلمتني وقالتلي إنك رافض تاخد العلاج، كنت زي العاجزة وانا متكتفه ومش قادرة اعمل حاجة، والأدهى لما رفضت تكلمني فـ الفون….

قاطعها بعذاب 

_ صوتك مكنش بيرحمني وبيخليني اشتقتلك اكتر وعشان كدة رفضت اكلمك، حتى المكالمة الوحيدة اللي كانت بينا تعبتنى اوى وعشان كده قفلت على طول ورفضت اكررها.

ليلى انتي الوحيدة اللي بتديني دافع للمقاومة اوعي تبعدي تاني

اومات له بابتسامة جعلت تماسكه يتلاشى وقال بكمد

_ نفسي اعيش عشان اعوضك عن المآسي اللي عيشاها بسببي، مش هخليكي تبعدي لحظة واحدة بس بعيد عن حضني

شعرت بأن حديثة يأخذ مجرى آخر فتطرقت إلى حديث آخر وقبل أن تتحدث سبقها هو

_ عارف هتهربي بأيه؛ أكيد مفطرتش! لا ياحبيبتي فطرت من بدري واخذت العلاج

نظرت إليه بشك ليأكد هو 

_ حقيقي فطرت، بصراحة بعتولي ممرضة جديدة بس ايه حاجة من الآخر ولما جابت الفطار غصب عنى مقدرتش أرفض لها طلب وخصوصًا إنها كانت مستعدة تأكلني بأديها.

زمت فمها بغيظ وتحدثت بتعنيف

_ تصدق انا غلطانه إني فضلت من غير فطار عشان افطر معاك؟!

رفع حاجبيه متسائلًا بعدم تصديق

_ عايزة تفهميني يعني إنك ماكلتش حاجة كدة ولا كدة في الطيارة أو قبل ما تركبي حتى 

تظاهرة بالتفكير

_ أمممم يعني ساندويتش اتنين مش أكتر يعني.

ضحك أمجد وقال 

_ بالهنا والشفا المهم احكيلي العريس اخباره أيه؟ تعرفي كان نفسي أحضر فرحه اوي

_ عارفة لإني لقيتهم بيتكلموا عن باباك أنه اعتذر وقالهم إنك مسافر وهو صعب يسيب الشركة.

تحدث بتمني

_ كان نفسي يبقى الفرحة فرحتين 

طرق الباب ودلف عصام الذي ما ان رآها حتى رحب بها بشدة

_ ازيك ياليلى حمد لله على السلامة، اخبارك ايه؟

أجابت بابتسامة مجاملة

_ الحمد لله بخير 

نظر إلى أمجد وتحدث برجاحة

_ اظن كدة معندكش مانع ترجع العناية

هم بالمعارضة لكنه منعه بحزم

_ مش هسمح بأى تهاون بعد كدة، تواجدك في العناية ضروري الفترة دي.

نظرات الرجاء التي رمقته بها جعلته يرضخ كعادته ووافق مجبرًا


❈-❈-❈


دلفت الخادمة غرفة مصطفى لتسأله عن غداءه

_ لأ مش هاكل دلوقت خليه لما ماما ترجع.

اندهشت الخادمة وقالت 

_ بس مدام سمر عايشة في بيت باباها من وقت العزا

قطب جبينه بعدم أستيعاب

_ عزا مين؟

ارتبكت الخادمة عندما شعرت بجهله عمّ حدث فصاح بها عندما التزمت الصمت 

_ مـ تردي، عزا مين؟

ارتدت للخلف بخوف عندما لاحظت انفعاله وقالت بارتباك

_ جدك حضرتك تعيش انت.

اتسعت عينيه ذهولًا مما نطقت به الخادمة وقال بصدمة

_ انتي بتقولي ايه؟ وامتى الكلام ده؟

_ من أربع أيام

أسرع مصطفى بالخروج من غرفته منتويًا الذهاب إليها 

لما لم تخبره، لما أخفى عليه والده ذلك الخبر 

أسئلة كثيرة تدور بخلده ويريد إجابة


❈-❈-❈


عاد الاثنان إلى غرفتهم بعد إصرار من جليلة ليغلق باب العذاب خلفه كما يطلق عليه.

كان يشعر برغبة شديدة في النوم، فقد بات ليالى ساهدًا لا يستطيع النوم

نظر إلى الفراش برغبة ملحة في الاستلقاء عليه وشعرت هى بذلك فتحدثت بجدية

_ تقدر تنام على السرير براحتك وانا هذاكر شوية.

أومأ لها واستلقى على الفراش ليغمض عينيه على صورتها وهى تتناول كتابها وتجلس على المقعد لتبدأ في مراجعته.


كانت تنظر إلى كلمات الكتاب وكأنها نسيت أبجديته واخذتها عيناها إليه وهو نائم بكل هدوء على فراشها

دققت لأول مرة في ملامحه التي تشبه إلى حد كبير ملامح أبيها، لكن ملامحه هو أكثر رعونة وشدة.

عينيه الرمادية التي تتحول لسوداء عندما يغضب 

وخصلاته التي تحتار في وصف لونها مزيج من الأسود والبُنيْ معًا 

تاهت في ملامحه وتساءلت

ماذا لو نجحت في خطتها الأولى وجاءت إليهم وتعرفت عليه وهي نقائها وقبل أن يحدث ما حدث؟


شعرت هى أيضًا برغبتها في النوم لكنها لا تعرف أين تنام

فكرت ان تنام هي على الأرضية لكنها تعلم جيدًا انها لن تستطيع النوم هكذا.


استلقت على الفراش بجواره بعد تردد كثير عندما اقنعت نفسها بأنها ستستيقظ قبله ولن يشعر بها.

كان يوليها ظهره لهذا استطاعت النوم بسهولة دون قلق.


❈-❈-❈


أسرعت سمر بالخروج من غرفتها اثر صوت طرقات عنيفة على الباب 

ذهبت الخادمة لتفتح لكنها اوقفتها

_ استني انتي انا هفتح

نزلت الدرج وذهبت لتفتح لتتفاجئ بمصطفى أمامها ومن هيئته شعرت بأنه قد علم ما حدث نظرت إليه باشتياق وهى تردد اسمه بشوق

_ مصطفى.

…….


جلس مصطفى بجوارها على الأريكة بعد أن عادوا من سيارة جده، فحدثها بعتاب

_ ليه ياماما مقولتليش؟

 إزاي جدي يموت ويدفن من غير مـ اعرف.

ربتت سمر على ساقه وهي تقول بروية

_ محبتش اكسر فرحتكم، وبعدين انا نفسي ملحقتش أودعه

احتار مصطفى وسألها

_ بس انا كنت سايبه كويس أيه اللي حصل؟

ها قد جاءت فرصتها ولن تضيعها 

شرحت له ما حدث منذ البداية حتى تلك اللحظة وإندهشت هى عندما شعرت بأنه لم يبدي اى رد فعل فسألته بتوجس

_ سكت ليه؟

تنهد مصطفى 

 _ عايزاني اقول أيه؟

_ في ايه مالك

ابتسم بسخرية وهو يقول

_ في إني عرفت كل حاجة 

ضيقت عينيها بعدم استيعاب

_ تقصد أيه؟

نظر إليها بقوة وهو يقول

_ انتي فاهمة كويس انا اقصد ايه

اهتزت نظراتها وقالت بتلعثم

_ أنا كنت بعيد تمامًا عن الموضوع.

وبعده هو عمل كدة لإنه عارف إن أخوه ادها وهيقدر يخرج من المشكلة دي بسهولة 

إنما بقى لو كان دفع الفلوس اللي معاه مكنش هيقدر يعمل حاجة ولا يقدر يوصل للمستوى ده.

تحدث مصطفى بحدة

_ بس دول اهله وكان لازم يقف جانبهم، كان لازم يبقى ضهر وسند زي مـ عمي عمل، إنما هو كان اناني وانتي شجعتيه على كدة 

أجابت بنفي

_ لا هو اللي كان جاي وعينيه بتطلب مني أشجعه على ده، انا مكنتش معاهم وعمك بيطلب منه الفلوس 

مكنتش معاه لما سابهم في أزمتهم وفي مرض أبوه ومشي

هو صحيح اخد رأيي وانا قلتله ده مستقبلك ولازم تفكر فيه كويس، وده اللي حصل لا اكتر ولا اقل 

جدال عقيم لن يخرج منه بشئ

فقال بجمود

_ وانا كمان قررت اشوف مستقبلي وهخلص السنة دي واسافر اكمل دراستي بره

قطبت جبينها بعدم فهم وسألته

_ يعني ايه الكلام ده؟

أجاب ببساطة

_ زي ما سمعتي، انا هروح البيت اجيب شنطتي وآجي اعيش معاكي لأن أصولي تمنعني إني أسيبك تعيشي لوحدك 

ثم تركها وغادر 


❈-❈-❈


أستيقظ جاسر ليفتح عينيه بتثاقل وقد وجد الغرفة تسبح في ظلام دامس إلا من إضاءه خافته من الشرفة 

رفع جفنيه أكثر ليتفاجئ بوجهها في مد بصره وقد احجبت خصلاتها جزء كبير منه.

تفاجئ بفعلتها لكنه لا ينكر سعادته بذلك

مهما عاند او انكر إلا إنه يعلم جيدًا أنه عاشق حتى النخاع

وكم جابه شوقه الذي يحسه على طوي صفحات الماضي وبدأ صفحة اخرى بيضاء، لكن عقله يرفض ذلك.

دقق النظر في محياها ويده التي تحركت دون إرادة منه ليرفع خصلاتها التي احجبت وجهها عنه

اخذ يتطلع إليها بأريحية ويحفر ملامحها في عقله ربما يلين ولو قليلًا

نزلت يديها إلى شفتيها التي استبغت بحمرة طبيعية دون زيف، نعم يعترف لنفسه بأنها لا تتصنع ولا تزيف، واضحة كوضوح الشمس أمامه

حارب شوقه الذي يأخذه لتذوق تلك الشفاه برغبة ملحة، لكن عقله يأبى الرضوخ لمشاعره

أكتفى بأن مرر إصبعه على شفتيها الرخوة ليشعر بنعومتها مما جعل تحكمه يزداد صعوبة.

ارتدت يده سريعًا عندما وجدها ترمش بعينيها فأسرع هو بتغميض عينيه متظاهرًا بالنوم كي لا يخرجها.


فتحت عينيها بتثاقل لتندهش من ظلام الغرفة

أسرعت بالنظر إلى جاسر لتتنهد براحة عندما وجدته مازال نايمًا

نهضت بريبة ثم نظرت في ساعة يدها لوحدها السابعة مساءًا 

كيف استطاعوا النوم كل هذه المدة.

لكنها حمدت ربها بأنه لم يستيقظ ويجدها بجواره على الفراش.

همت بالولوج إلى المرحاض لكنها سمعت طرق خافت على الباب 

ذهبت لتفتح لوحدها وسيلة التي قالت باحراج

_ معلش يا سارة اني جلجتكم بس جبتلكم لجنة تاكلوها، انتو مـ اكلتوش حاچة طول النهار.

رد جاسر وهو ينهض من فراشه

_ خلي الوكيل تحت ياامي هننزل نتعشا معاكم.

_ كيف ده يا ولدي…

قاطعها بلهجه لا تقبل نقاش

_ مفيش حاچة اتغيرت ياأمي قلتلك هنزل اتعشا معاكم 

نظرت إلى سارة كي تقنعه لكنها أيضًا أيدته

_ أنا بردوا عايزة اتعشا معاكم

ردت باستسلام

_ اللي تشفوه

خرجت من الغرفة واغلقت الباب خلفها 

أما جاسر فتحدث بجدية

_ اللي هجوله دلوجت يتنفذ بالحرف

حياتنا قبل الچواز زي بعده، مفيش حاچة اتغيرت…

قاطعته سارة بجمود

_ من غير مـ تقول انا فاهمه ومش محتاجة اللى يعرفني.

دول مش أهلك لوحدك، ومش انت بس اللى بتحبهم 

انا حاربت كتير اوي عشان اوصلهم 

ومش عايزة اقضي ثانية واحدة بعيد عنهم 

يعني مجتش هنا عشان أداري عاري زي مـ اتهمتني.

شعر بأنه قد تمادى في قسوته عليها 

تركها ودلف المرحاض صافقًا الباب خلفه بحدة.

  

يتبع 


بداية الروايه من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


أجدد وأحدث الروايات من هنا



روايات كامله وحصريه من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺



إرسال تعليق

أحدث أقدم