رواية قيود العشق الجزء الثاني الفصل الأول بقلم الكاتبه سيليا البحيري حصريه وجديده على مدونه أفكارنا
![]() |
**الجزائر.... مطار هواري بومدين الدولي.... الساعة 8:25 صباحا بتوقيت الجزائر.... كانت تلك الفاتنة صاحبة ال22 عاما...تجلس على مقعد طائرة الخطوط الجوية الجزائرية.... المتجهة من الجزائر العاصمة إلى القاهرة....و ممسكة بيدها كتابا لرواية أرض زيكولا... و تقرأه بتمعن.... افاقها من تركيزها صوت ابنها الصغير...."مازن".... قائلا....
مازن ( بطفولة): ماما...احنا رايحين فين؟؟
سيليا ( بحنان): رايحين لبلدنا يا حبيبي....
مازن (بحزن طفولي): يعني مش هشوف اصحابي..... تاني؟
سيليا: لا... أبدا يا حبيبي.....
**كادت سيليا أن تكمل كلامها...لكن قاطعهما صوت بكاء طفلتها الصغيرة.... "لينا" نسختها المصغرة......
سيليا ( وهي تمسك بها و تضمها إليها بحنان): خلاص يا حبيبتي....
**لتضع في فمها اللهاية.... و دخلت الطفلة في سبات عميق....**
**بعد حوالي 4 ساعات...وصلت الطائرة إلى مطار القاهرة الدولي.... و نزلت سيليا رفقة اولادها من الطائرة..... و اتمت اجراءات المطار...و عندما خرجت وجدت "رائد" ابن عمتها في استقبالها**
رائد ( بمرح): نورتوا مصر....
سيليا (بإبتسامة): بنورك.....
مازن ( بطفولة وهو يركض نحو رائد): خالو....
رائد ( وهو يحمله و يقبل وجنته): حبيب خالو...عامل إيه ؟
مازن: أنا كويس.....
**انحنى رائد لمستوى زياد.... و أردف قائلا**
رائد: عامل إيه يا زيزو....
زياد ( بحنق طفولي): أنا زياد مش زيزو... بطل تقولي الكلمة دي...مش بحبها....
رائد ( بمشاكسة): حاضر يا زيزو...هفكر....
زياد ( وجهه أحمر من شدة الغضب): أنا زياد.....
**أكمل رائد كلامه**
رائد: يلا .... ماما مستنية وصولكم من امبارح...
سيليا ( بمرح): عارفة..... عمتي هي عمتي...مش هتتغير....
رائد ( بتردد): هتروحي لأهلك ؟؟
سيليا ( بجمود): رائد...اقفل الموضوع ده.... هم صفحة و انطوت..... لو اتكلمت في الموضوع ده تاني هتنخانق...كفاية جاد و قرفه....
رائد ( بنفور): جاد ده.... معرفتش عقلك كان فين لما اتجوزتيه.....
سيليا ( وهي تصعد السيارة): يلا بينا يا رائد... كفاية رغي ملوش لزوم....
رائد ( بيأس): حاضر يا ستي...احنا رايحين اهو....
** ركب رائد في كرسي القيادة...و اتجهوا نحو فيلا ليلى هانم**
*******************
**في مكان آخر...في فيلا كبيرة في الاسكندرية.... يجلس ذلك الرجل...الذي لا زال يحافظ على جماله و صحته رغم تقدمه في السن.... قليلا على سريره... و هو ممسك بصورة ابنته الغائبة منذ 6 سنوات ...**
فؤاد (بحسرة): سامحيني يا بنتي.... ندمت... ندمت.....
**ليضع الصورة...و ينزل للأسفل...ويجد عائلته متجمعة على طاولة الإفطار**
أحمد (بإبتسامة): صباح الخير يا بابا....
فؤاد: صباح النور يا حبيبي...
**ليتجه إليه اولاده الأربعة و يقبلون يده واحدا تلو الآخر..وهو ينظر لهم بفخر.... و حسرة على فقدان ابنته.... **
نجلاء ( زوجته): أنا هروح للمقبرة انهارده.....
**نظر إليها زوجها و اولادها بحزن...و اخفضوا رؤوسهم جميعا**
فؤاد: تمام...هاجي معاكي.....
ريان ( و عينه تكاد تدمع): ياريت كل ده محصلش.... بتمنى افيق...و ألاقي نفسي فكابوس.....
فؤاد (بحكمة): كل حاجة عملها ربنا فيها خيرة.... ده القدر..... بالعافية....
** ليتركهم و يغادر....و ينظر الإخوة لبعضهم بحزن..... **
*********************
**في دبي.... استيقظ ذلك الشاب..... ووجد نفسه في فراش مع احدى العاهر**ات اللواتي يفعلن المحرمات مقابل المال..... زفر بضيق...و لكن نظر إلى الجهة المقابلة...ووجد والدته تنظر له بغضب حارق**
ثريا ( بغضب): يلا قوم....قوم يا ابن بطني.... نهايتي هتكون على ايدك.... يلا.... قدامي....
**حاول الاعتراض...و الدفاع عن نفسه ككل مرة...لكن قاطعته والدته بصرامة**
ثريا: قسما بالله لو فتحت بوقك بكلمة.... هقول لأبوك.....و مش هخبي عليك...كفاية مراتك الغلبانة اللي سايبها في الغربة شقيانة معا اولادك....
جاد (بإعتراض): يا ماما...دي خدامتي بس ..... أصلا اتجوزتها عشان كده....
**زاد غضب ثريا من كلام ابنها....لكن قاطعهم استيقاظ تلك العاهرة....التي أردفت قائلة بدلع**
لوسي (بوقاحة): على فين يا جاد؟؟ خلينا معا بعض اكتر....
**جذبها جاد من شعرها......و أردف قائلا بحدة**
جاد: عندك ...دقيقة...تغوري من شقتي...و م أشوفش وشك دا تاني...
لوسي ( بخوف): حاضر....
**لترتدي ملابسها...و تغادر الشقة... تحت نظرات ثريا المحتقرة.....**
ثريا ( بغضب): قدامي....
**زفر جاد بضيق...و غادر رفقة والدته نحو منزل والده**
******************
**بعد مدة قصيرة.... وصل جاد و ثريا الى منزل العائلة...وكان "كريم" ... والده في انتظاره..وهو يجلس على الأريكة الفاخرة.....و يضع قدما فوق الأخرى...**
كريم (بسخرية): أهلا بالبيه المحترم.... اللي بيقضي الليل كله في الجامع.....
جاد ( بإعتراض): يا بابا... أنا عايز انبسط... و اريح عن نفسي.... شقيان طول النهار في الشركة....
كريم ( وهو ينظر لزوجته): شفتي آخرة دلعك يا ثريا هانم.....
ثريا ( بخوف): يا كريم... أنا حاولت معاه أكتر من مرة.....
كريم ( بغضب و توعد): عندك فرصة أخيرة يا جاد......لو ما تعدلت هطلق سيليا منك...و اساعدها تاخد الاولاد....و انبسط أنت مع الجواري تبعك..... و اجوز سيليا من اللي يقدر يحافظ عليها و يصونها كويس....
**ما إن استمع جاد لكلام والده حتى غلت الدماء في عروقه...و احمر وجهه من شدة الغضب....و أردف قائلا**
جاد: سيليا مراتي...و ملكي أنا وبس.... واللي يفكر مجرد تفكير أنه يقرب منها.... هربيه كويس....عن اذنكم....
**ليترك والديه...و يصعد لغرفته لتبديل ملابسه للذهاب للعمل....تحت نظرات الغضب من كريم و ثريا...و نظرات الحقد من "جيسي" التي أردفت قائلة**
جيسي: منك لله يا سيليا.... علاقة بابا و ابيه باظت بسببك.....
********************
**في فيلا ليلى الشاوي كانت هذه الأخيرة سعيدة للغاية فقد عادت ابنة أخيها من سفرها الذي دام سنتين كاملتين للجزائر**
ليلى (بسعادة): مش مصدقة أن سيليا حبيبتي رجعت
سيليا ( بإبتسامة): صدقي يا عمتو و أنا مش هسافر تاني هفضل معاكي دايما
ليلى ( بفرحة) : بجد ؟
سيليا ( بحب): بجد يا عمتو
رائد ( بمرح): يلا كفاية أحضان أنا جعت و عايز آكل
ليلى ( بضيق مصطنع): يا ولد سيبني اقعد معا بنت أخويا و بعدين ناكل براحتنا
رائد ( بمرح): أنا بقول ناكل دلوقتي قبل ما الولاد يصحوا و يقلبوا الدنيا
سيليا ( بغضب مصطنع): رائد دول ولادي متنساش
رائد ( بملل): اه يا ختي عارف و عارف انهم ورثوا جيناتك الهبلة
سيليا ( وقد احمر وجهها من الغضب): رائد
رائد ( وهو يحتضنها): وهفضل دايمًا جنبك وسند ليكي ولولادك، ومفيش حاجة في الدنيا هتغير ده
**تأثرت سيليا بكلام رائد و ارتمت في حضنه و هي تبكي بشدة و رائد يربت على شعرها و ليلى تنظر لهما بحزن**
**أردف رائد بمرح مغيرا الموضوع**
رائد: يلا مش هناكل ولا إيه ؟؟
سيليا ( بإبتسامة مصطنعة): ههههه محسسني أنك مكلتش من أسبوع
رائد (بضيق مصطنع): ليلى هانم قدامك اهي من ساعة ما اتكلمتي معاها و قلتي أنك هترجعي مصر صارت ساكنة بالمطبخ ليل نهار بعد ما نست المطبخ عامل ازاي
ليلى ( بحنق): بقى كده يا رائد
رائد ( بخوف و وهو ينظر لوالدته التي نزعت الشبشب وهي تصوبه نحوه): خلاص يا ست الكل مقلتش حاجة
سيليا ( بإبتسامة): يلا ناكل زي ما قال رائد نستغل الفرصة و الولاد نايمين
ليلى (بحنان): يلا اتفضلوا يا ولاد
**ليجلس الثلاثة على مائدة العشاء و هم يتحدثون في شتى المواضيع**
************************
**في دبي كان جاد يتابع أعماله بالشركة حتى قاطعه رنين هاتفه من رقم دولي وكانت زوجته سيليا زفر بضيق منها و أردف قائلا**
جاد (بنفور): ودي عايزة ايه كمان ؟؟ مش كفاية أني اصرف عليها و على عيالها
**قاطع كلامه حديث السكرتيرة ناردين الماكرة**
ناردين (بدلع): سيبك من الخاينة دي يا بيبي
جاد ( بحدة ): ناردين سيليا مراتي و لسه على اسمي و مسمحلكش تتكلمي عليها طول ما هي على ذمتي
ناردين ( بخبث): طلقها انتا مستني إيه ؟
جاد (بحقد): آخد منها الولاد بس
ناردين (بخبث): وأنا هحطهم فعينيا
جاد ( بمجاملة): عارف يا حبيبتي مش هتقصري
**ليكمل عمله و ناردين تنظر له بنظرات خبيثة مثل روحها**
******************
**في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة في مصر في فيلا جليل البحيري كانت منار زوجته تقف عند الخدم و تأمرهم بغسل الصحون حتى جاء ابنها تميم فقد كان في مهمة للقبض على تجار المخد**رات أردف منار بحنان و قلق و خوف**
منار: تميم حبيبي أنتا كويس؟
تميم ( بتعب): أنا كويس يا أمي متقلقيش
منار ( بعتاب) كام مرة قلت لك سيب الشغلانة دي و انزل اشتغل معا أبوك بالمكتب احسن
تميم ( بإعتراض): يا أمي، أنا اخترت الطريق ده عشان حماية البلد دي هي رسالتي، وماقدرش أكون غير الضابط اللي اتعلم يدافع عن بلده، مهما كانت المخاطر
منار ( بعناد) يا ابني، أنا خايفة عليك... البلد عمرها ما هتخلص من المشاكل، وانت ضنايا، مش عايزاك تضيع حياتك وسط الخطر. أبوك عنده شركة كبيرة ومستنيك تبقى جنبه، ده اللي هيطمن قلبي عليك
تميم (بحزن شديد): يا أمي، سيليا راحت ضحية للناس دي، وأنا مش هقدر أسكت وأسيب اللي حصل يضيع من غير ما أعمل حاجة. لازم أكمل شغلي وأوقف الناس اللي زيهم، عشان محدش تاني يخسر حد غالي عليه زي ما إحنا خسرناها و لازم اجيب حقها من الناس دول
منار: يا تميم، أنا فاهمة وجعك على سيليا، بس اللي راح خلاص ما بيرجعش. أنا مش عايزة أخسرك إنت كمان، الحياة مش لازم تكون كلها تضحية. فكر في نفسك وفي اللي بيحبوك
**كاد تميم أن يكمل كلامه لكن قاطعهم مجيئ والده جليل ، الذي على ما يبدو أنه استمع لكل شيء**
جليل (بهدوء و فخر): منار، سيبيه يكمل الطريق اللي اختاره. تميم راجل مسؤول، ودايمًا كان على قد المسؤلية. أنا فخور بيه وباللي بيعمله عشان البلد دي. زي ما إحنا ضحينا عشان نربيه، هو كمان مستعد يضحي عشان يحمي الناس. ده ابننا، ويستاهل كل فخر
منار : أنا عارفة إنه مسؤول ودايمًا بيعمل الصح، بس قلبي مش مطاوعني. ما بقدرش أمنع خوفي عليه... بس ماشي يا جليل، خلاص، طالما ده قراره، ربنا يحميه ويكتب له السلامة
✿✿✿يــــتــــبــــع✿✿✿
#قيود_العشق2
فصل 2
**في فيلا ليلى الألفي ،كانت سيليا تجلس على الكرسي في الحديقة وهي تحاول الاتصال بزوجها جاد ، الذي رفض مكالمتها بعد أن اتصلت به مرات عديدة
سيليا (بتوعد): ماشي يا سي جاد ، أنا هوريك مين هي سيليا البحيري
**لتزفر بضيق ، وتتجه نحو غرفتها لتنام قليلا ، فهي لم تنم منذ عدة أيام
********************
**في فيلا البحيري ، كان فؤاد و زوجته نجلاء قد عادا من المقبرة بعد أن قاما بزيارة قبر ابنتهما ، كانت نجلاء منهارة فرغم مرور عدة سنوات على وفاة ابنتها إلا أنها لم تتخطى الصدمة بعد
فؤاد (بدموع متحجرة): خلاص يا نجلاء ، حالتك دي بتقطع قلبي
نجلاء (بإنهيار): هعيش إزاي يا فؤاد؟ كل يوم بيعدي كإني بموتها من تاني، ما عداش يوم من غير ما أحس بفقدانها، كإن روحي راحت معاها
فؤاد (بحسرة): عارف يا نجلاء إن فقدانها كسرنا، بس ولادنا التانيين محتاجيننا. لازم نفضل معاهم، همّ كمان فقدوا أختهم وحاسين بالألم زيّنا. مش هقدر أعوض مكانها، بس إحنا لسه عندنا اللي نعيش عشانه
نجلاء: عارفة يا فؤاد، عارفة إن ولادنا محتاجيننا، بس قلبي مش قادر، كل ما ببص في وشهم بشوفها فيهم. كانت آخر العنقود، وروحي راحت معاها. مش عارفة أعيش من غيرها
**فؤاد مد إيده بحنية، يمسح دموع نجلاء اللي ما بطلتش، وبعدها حضنها بهدوء كأنه بيحاول يشيل معاها الحمل اللي كاسرها. ما اتكلموش تاني، بس السكون بينهم كان بيقول كل حاجة، الحزن، الفقدان، والحب اللي مخلّيهم متماسكين وسط الألم
************************
**في دبي ، جاد وجيسي يجلسان في غرفة المعيشة الواسعة في منزل والدهما، حيث الأثاث التقليدي الأنيق والأرائك الجلدية. تضيء الأضواء الدافئة الغرفة، وتزين الجدران صور عائلية تعكس ذكريات الطفولة. من النافذة، تظهر حديقة المنزل المزدهرة. جاد يستند إلى الكرسي بتهكم، بينما جيسي تجلس على الأريكة، تضحك بسخرية على حديثه
جاد وهو يضحك بتهكم: عارفة يا جيسي؟ كأنها لوحة جميلة معلّقة على الحائط، بس مافيهاش روح. جمالها مش بيكفي، كل يوم بحس إني متجوزة فراغ
جيسي بابتسامة ساخرة: وأنا بقول، إيه الفايدة من الجمال لو مافيش عقل ولا شخصية؟ مجرد ديكور
جاد وهو بيتكلم مع جيسي بسخرية: تخيلي، سافرت علشان ولادة مازن، ولما وصلت، سيليا كانت مشغولة بالولادة ورعاية الأولاد، وأنا كنت بقول لنفسي: 'فين المتعة في كل ده؟' كأنها قاعدة تخوض معركة عائلية وأنا بس ضيف عندها
جيسي بتضحك بسخرية: آه، أكيد هي مش فارقة معها! هي بس مركزه على الأولاد ومسؤولياتها، ونسيت إنك موجود. كأنها مش شايفة قد إيه أنت محتاج اهتمام. بس ما تقلقش، في النهاية، هي مش هتغير، دي هي شخصيتها
**قطع حديثهما الجارح بحق سيليا دخول والدتهما ثريا و على وجهها علامات الغضب
ثريا وهي ، تدخل الغرفة بصوت عالي: يا ولاد، مش شايفين سيليا قد إيه بتتعب وبتضحي عشانكم وعشان ولادها؟ جاد، لو عايز تسخر من مراتك الطيبة، أنا هطلقها منك و مش هاسمح لحد يجرحها أو يقلل من قيمتها! كفاية بقى
جاد، وهو يرد على والدته بنبرة متوترة: ماما، مش أنا اللي بسخر منها! هي اللي مش فاهمةني ومش شايفة غير الأولاد. أنا بحاول أكون موجود، لكن كل اللي يشغلها هو البيت والأطفال. أنا مش حاسس إن في مكان ليه في حياتها
ثريا، وهي تتنهد بأسى: جاد، إنت مش فاهم إن سيليا قاعدة لوحدها مع الأولاد طول السنة؟ إنت مش موجود غير مرتين في السنة، وهي اللي بتتحمل كل المسؤولية. مش معقول إنك تظلمها وتقول إنها مش مهتمة بيك! هي بتضحي بحياتها عشان تربي الأولاد، وأنت بس عايز تضحك وتستمتع من غير ما تشوف تعبها، يا خسارة تربيتي فيك يا ابن بطني ، يا خسارة
**لتتركه و تذهب بخيبة أمل في ابنها، ليلحق بها جاد وهو يحاول أن يراضيها تحت نظرات الحقد من جيسي تجاه سيليا
****************
**في مصر ، في صالة الرياضة ، كان رائد يمارس الرياضة بنشاط و حيوية ، لكن استوقفه دخول سيليا وهي بحالة مزرية و كانت الدموع تتلألأ بعينيها الزرقاوتين الجميلتين ، فزع رائد لمظهرها و اتجه نحوها بهلع و خوف
رائد (بهلع): سيليا حبيبتي ، حصل ايه يا قلب اخوكي؟
سيليا (بإنهيار): تعبت يا رائد ، تعبت والله
رائد ( وهو يمسح على شعرها بحنان و يضمها نحوه): احكيلي يا قلب رائد متخبيش عليا
سيليا ( وهي تمسح دموعها): اتصلت بجاد النهاردة عشان أطلب منه يجي لي ولو مرة، بس ماردش على اتصالاتي، كأني مش موجودة في حياته، حاسة بالوحدة والألم، وكأني عايشة في سجن بعيد عن عائلتي
**شعر رائد بأن الدماء تغلي في عروقه ، و حمل جاد المسؤولية الكاملة لحالة سيليا ،وتوعد له بالأسوء
رائد( بحزم): أنا مش هسمح لجاد إنه يتجاهلك كده، وإنتي مش لوحدك. أنا هنا عشان أساندك، وحقك تكوني مرتاحة وسعيدة. لازم تحسي إن في حد يهتم بيكي وبولادك، وأنا و ماما هنكون معاكي دايما و مش هنسيبك أبدا
**ما إن انهى رائد كلامه حتى انهارت سيليا بالبكاء و بعد لحظات فقدت الوعي بين احضانه**
رائد (بهلع): سيليا! إنتي كويسة؟! فتحي عينيكي، أنا هنا جنبك، مش هسيبك. استني شوية، هجبلك مساعدة، يا كارما ، كارما
**كان رائد يصيح بأعلى صوته مما جعل المدربة الشابة كارما تأتي بسرعة و التي فزعت من منظر رائد و سيليا الفاقدة للوعي بين احضانه
كارما (بفزع): نهارك اسود يا رائد ، هببت إيه ؟
رائد (بحنق): اقفلي بوقك ده يا كارما ، و يلا ساعدني عشان نوديها المشفى
كارما (وهي تومئ له): حاضر ، حاضر
**لتذهب بسرعة و تحضر السيارة و يأخذوا سيليا للمشفى
**********************
**بعد ساعة أو أقل وصلوا للمشفى ،أبواب الطوارئ بتفتح بسرعة، ورائد بيقتحم المكان شايل سيليا بين دراعاته، وملامح الخوف والتوتر باينة على وشه. جنبه كارما، وهي شايلة شنطتها وماشية بسرعة معاه. سيليا، اللي انهارت فجأة في الجيم بعد كلام تقيل عن إهمال جوزها ليها، باينة شاحبة قوي بين دراعاته، وكأن الحياة بتهرب منها شوية بشوية
رائد (بصوت مرتجف وهو داخل بسرعة): "محتاج مساعدة فورًا! هي فقدت وعيها فجأة، مش عارف إيه اللي حصل!"
الطاقم الطبي بيجرى عليهما، ودكتور بيشاور له يحط سيليا على النقالة. رائد واقف للحظة، مش قادر يبص بعيد عن وشها المتعب.
الدكتور (بصوت مطمئن): "حطها هنا، هنفحصها على طول."
رائد بيحط سيليا بحذر على النقالة، ويمسك إيدها بلطف، كأنها هتضيع منه. كارما بتتقدم خطوة لقدام، بتراقب الموقف وهي هادية، بس القلق على صاحبتها باين عليها.
رائد (بصوت مكسور): "دي اختي الصغيرة... كانت في حالة وحشة قبل ما تفقد الوعي"
الممرضة (بلطف وهي بتحاول تهدي رائد): "فاهمة قلقك، بس سيبنا نعمل شغلنا دلوقتي. هنفحصها كويس."
رائد بيتراجع شوية، بس عنيه لسه متعلقة بـ سيليا اللي بترتعش بين لحظات الوعي واللاوعي. لسه ماسك إيدها، مش قادر يسيبها خالص.
الدكتور (بيتكلم مع رائد): "كانت بتشتكي من أي أمراض مزمنة؟ أو مرت بضغط كبير مؤخرًا؟"
رائد (بيهز راسه بألم): "لأ، مفيش أي أمراض. بس الضغط النفسي.... جات لي النهاردة وهي مدمرة من جواها. كانت نفسيتها أكتر من اللي تقدر تستحمله."
الدكتور بيسجل المعلومات وبيوجه الممرضين يعملوا الفحوصات اللازمة. رائد بيتراجع شوية، بيعدي إيده على وشه، وقلبه بينبض بخوف كبير.
رائد (بصوت منخفض وهو بيبص لـ سيليا): "سيليا، ما تسيبينيش. إنتي قوية، كل حاجة هتبقى كويسة، أنا هنا معاكي..."
كارما (بتحط إيدها على كتفه عشان تدعمه): "هي محظوظة إنك موجود جنبها، رائد. هي فعلاً محتاجة حد يهتم بيها."
جهاز المراقبة بيصدر أصوات ثابتة، ورائد بيحس براحة شوية لما بيشوف سيليا تستقر على سرير المستشفى. بيقعد على الكرسي جنبها، ماسك إيدها بلطف.
الممرضة (بتقرب): "حالها استقرت دلوقتي، محتاجة ترتاح. هنراقبها ونتابع حالتها."
رائد (بيتنهّد بارتياح): "الحمد لله... شكرًا ليكم."
بيبص تاني على سيليا، وبعدها بيتلفت لـ كارما بابتسامة صغيرة.
رائد (بصوت هادي): "كنتي دايمًا قوية يا سيليا، وهتعدي منها أقوى من أي وقت فات."
كارما (بابتسامة دافية): "ومادام إنت جنبها، عمرها ما هتبقى لوحدها."
رائد بعد ما سمع كلام كارما واطمأن إن سيليا حالتها استقرت، اتحول وجهه من القلق للغضب المكبوت. عينيه كانت مليانة نار، وحاجبه انعقد بشدة. مسك إيد سيليا برفق، وبعدين بص بعيد، كأنه بيكلم نفسه لكنه بصوت مسموع.
رائد (بصوت غاضب ومكبوت):
"جاد ده...، هو اللي وصلها لكده. مش قادر أصدق إن إنسان ممكن يهمل مراته بالشكل ده ويخلّيها توصل للانهيار."
كارما واقفة جنبه، بتراقب ملامحه اللي بتحول من الحزن للغضب الشديد. حسّت بالتوتر، لكن فاهمة كويس مشاعر رائد العميقة تجاه سيليا.
كارما (بصوت هادي تحاول تهديه):
"رائد، أنا فاهمة إنك غضبان، بس سيليا محتاجة منك تكون قوي دلوقتي. مش لازم نركز على جاد دلوقتي، المهم إنها تتحسن."
رائد (بنبرة حادة وغاضبة):
"كارما، مش هقدر أسيب الموضوع كده. سيليا مش مجرد حد أعرفه... هي زي أختي. جاد أهملها، كسرها، وخلّى حياتها جحيم. إزاي كان يقدر يعيش بعيد عنها بالشكل ده؟! ولادها كمان؟! ازاي سابهم؟! مش هسامحه أبدًا."
سكت شوية، وأيده بتشد على إيد سيليا اللي نايمة قدامه. الغضب بقى واضح أكتر، ووشه بقى مليان كراهية تجاه جاد.
رائد (بحقد واضح):
"لو قابلته... مش هرحمه. هو السبب في كل ده، ولو فكر يرجع أو يتعامل معاها بنفس الطريقة، أنا اللي هتدخل. سيليا مش هتبقى لوحدها تاني، وأنا مش هسمح له يضرها أو يكسرها تاني."
كارما (بنبرة قلق):
"رائد، أنا عارفة إنك بتحبها وبتعتبرها أختك، بس خلي بالك. الغضب مش هيساعد دلوقتي. لازم نبقى هاديين عشان نقدر نساعد سيليا فعلاً."
رائد (بإصرار):
"أنا هادي يا كارما... لكن مش هسكت. جاد لازم يدفع تمن اللي عمله، واللي عمله في ولاده كمان. لو كان فاكر إنه بعيد في دبي ومش هيتحاسب، يبقى غلطان. أنا مش هسيبه يعيش مرتاح وهو السبب في اللي حصل لسيليا."
كارما (بتحاول تتفهم):
"خلاص، خليك معاها دلوقتي، هي محتاجاك. بس خلي بالك من نفسك كمان، ما تخليش الغضب يسيطر عليك."
رائد (بصوت منخفض لكنه مليان غضب):
"الغضب هو اللي مخليني واقف على رجلي دلوقتي. وصدقيني، مش هسكت غير لما أخد حق سيليا."
جلس على الكرسي جنب سيليا تاني، وعينيه بتلمع بالغضب والإصرار. في داخله، كان عارف إنه مش هيسيب جاد يهرب من اللي عمله.
********************
**في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة ،داخل غرفة في مركز للمخابرات المصرية، زين يجلس على مكتب يملأه بعض الملفات السرية. يحدق إلى نقطة بعيدة، غارقًا في تفكير عميق، تسيطر على ملامحه الجدية والقلق. يسمع خطوات خفيفة تقترب بسرعة، ويقطع هذا الهدوء دخول تميم، صديقه وزميله المقرب، بابتسامته المعتادة التي لا تفارقه**
تميم (مبتسمًا وهو يدخل):
"أقول لك، يا زين، لما تكون غرقان في التفكير كده، شكلك بيبقى زي فيلم أكشن من غير صوت!"
زين (بجدية دون أن ينظر إليه):
"كل حاجة عندك سهلة، مش كده يا تميم؟"
تميم (يجلس أمامه ويرفع حاجبيه بمرح):
"مش سهلة، يا صاحبي، بس الحياة فيها مساحة للضحك وسط كل ده. أنت متخيل إنه لو فكرت كتير هتلاقي الحل؟"
زين (بنبرة متأملة):
"الحياة مش لعبة، تميم. في حاجات كبيرة على المحك... حاجات بتحدد مصيرنا ومصير غيرنا."
تميم (يبتسم بثقة ويميل بظهره إلى الوراء):
"عارف، عارف. بس خليني أقول لك حاجة: الكتمان الزايد والتفكير الزايد مش بيجيب نتيجة. إحنا هنا مش عشان نحل كل مشاكل العالم في راسنا. في شغل، بنعمله وبنتحمل مسؤولية قراراتنا. بس ده ما يمنعش إننا نضحك شوية."
زين (يتنهد ويخفض عينيه):
"أحيانًا بفتكر إني مش هقدر أكمل. الضغوط كتير والمسؤولية أكبر."
تميم (يضع يده على كتف زين ويقول بلطف):
"زين، إنت أقوى من كده. إحنا اتدربنا عشان اللحظات دي. كل واحد فينا عنده لحظاته اللي بيحس فيها إنه تعبان. بس أهم حاجة ما تنساش، إنت مش لوحدك."
زين (بنبرة أخف قليلًا):
"عارف إنك دايمًا موجود، يا تميم."
تميم (يبتسم):
"أكيد. ودايمًا موجود لأفكرك إنك تسيب شوية جدية على جنب وتستمتع باللحظة."
زين (يبتسم أخيرًا):
"أنت دايمًا كده، تميم. مش هتعرف تكون جدي أبدًا."
تميم (بضحكة):
"لو بقيت زيك، الدنيا هتبقى كئيبة جدًا. خلينا نكون فريق متوازن."
زين (يتنهد ولكن بنبرة أخف):
"يمكن عندك حق."
تميم (بمرح وهو يقوم من مكانه):
"أكيد عندي حق! هيا بينا نخلص اللي ورانا ونشوف إيه الجديد."
يخرج تميم بضحكة خفيفة، ويعود زين إلى أوراقه، ولكن هذه المرة بروح أقل توترًا، وقد زرع فيه تميم قليلًا من الراحة التي كان يحتاجها
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
#قيود_العشق2
فصل 3
**في المستشفى ، سيليا بتفوق ببطء، تفتح عنيها وتلاقي رائد قاعد جنب السرير، وعنيه مليانة قلق. كارما واقفة على الجانب التاني، شايلة شنطة سيليا اللي سابتها في الجيم.
سيليا (بصوت ضعيف): "أنا فين؟ إيه اللي حصل؟"
رائد (مهدّيها): "إنتِ في المستشفى، أغمي عليكي في الجيم. ماتقلقيش، إنتِ كويسة دلوقتي."
سيليا بتحس بالإحراج وبتفتكر قلقها على جاد، بتحط إيدها على جبينها وبتتكلم بقلق.
سيليا: "جاد... هو اتصل؟ أنا كنت باتصل بيه طول اليوم، بس ما ردش. يا ترى حصل حاجة؟"
رائد (بيحط إيده على كتفها بلطف): "سيليا، اهدي. إنتِ حاولتي تكلميه كتير. هو اللي بيتجاهلك، مش العكس."
كارما (مبتسمة بخفة): "سيليا، كل حاجة هتبقى كويسة. دلوقتي الأهم صحتكِ. كنتِ تحت ضغط كبير."
سيليا (بصوت مليان حزن): "أنا مش فاهمة ليه بيعمل فيا كده... أنا وأولاده. ساعات بحس إني عبء عليه."
رائد بيبص لكارما وبعدها يرجع يبص لسيليا، وبيحاول يتكلم بجدية من غير ما يبين غضبه من جاد.
رائد: "سيليا، لازم تفتكري إنك تستاهلي شأحسن من كده. إنتِ مش عبء على حد، وجاد هو اللي غلطان إنه سايبكِ لوحدكِ كل ده."
كارما بتقف جنب رائد وبتضيف برفق.
كارما: "ما تلوميش نفسكِ، سيليا. ساعات الناس ما بيقدروش اللي عندهم إلا لما يفوت الوقت. بس إحنا هنا علشانكِ."
سيليا بتحس بالدموع بتتسحب لعينيها، بس بتحاول تماسك نفسها. رائد بيبصلها بنظرة ثابتة ومطمئنة.
سيليا (بصوت مرتعش): "حاسه إني تايهة يا رائد... مش عارفة أعمل إيه. الولاد كل شوية يسألوا على أبوهم، وأنا ماعنديش رد ليهم."
رائد (بحزم ولطف): "إنتِ مش لوحدكِ، سيليا. أنا و ماما معاكي. هنعدي الفترة دي مع بعض، وأنا مش هسيبك تتحملي ده لوحدكِ."
سيليا بتبصله بعينين مليانين بالامتنان، وكارما بتبتسم محاولة تطمّن الجو.
كارما (بنبرة مشجعة): "ولو احتاجتي أي حاجة، أنا هنا برضه. ممكن نتكلم أو نخرج نغير جو في أي وقت."
سيليا (بتاخد نفس عميق وتحاول تهدى): "شكرًا... شكرًا ليكم. مش عارفة كنت هعمل إيه من غيركم."
رائد بيبتسم لها بحنان، وبعدها يبص لكارما ويتبادلوا نظرات تفاهم. الجو مليان بالدعم والراحة، رغم كل المشاكل اللي بتواجهها سيليا.
رائد: "إحنا معاكي، سيليا. دايمًا."
***********************
خارج المستشفى وفي ممر هادئ بالقرب من المدخل رائد يخرج من غرفة المستشفى بعد أن اطمأن على سيليا. يتجه نحو زاوية هادئة في الممر ويخرج هاتفه، ثم يتصل بجاد. بعد ثوانٍ من الانتظار، يرد جاد أخيرًا بنبرة لا مبالية.
جاد (ببرود): "أيوة؟ عايز إيه؟"
رائد (بغضب مكبوت): "أنت فين يا جاد؟ فين وإنت سايب مراتك بالشكل ده؟"
جاد (بلا اهتمام): "أنا في دبي يا رائد، مش عارف إيه اللي مزعلك كده. سيليا تمام، مالهاش حاجة."
رائد (بغضب و صوت عالي): "تمام؟! إنت مش عارف إيه اللي بيحصل. سيليا لسه خارجة من حالة إغماء، منهارة تمامًا بسببك. مش قادر ترد على تليفوناتها حتى؟ أنت طينتك ايه يا راجل"
جاد (بسخرية): "إغماء إيه يا رائد؟ هو أنا لازم أكون متاح 24 ساعة؟ دي واحدة متعلقة بيا بشكل مزعج. كنت فاضي أرد دلوقتي."
رائد يشد يده على الهاتف بقوة، صوته يفيض بالغضب.
رائد (بنبرة تهديد): "اسمعني كويس يا جاد... سيليا مش لعبة في إيدك. إنت دمرتها ودمرت ولادها بتصرفاتك. المرة دي أنا مش هاسكت. لو فضلت تهملها أكتر من كده، مش هسيب اللي جاي عليك هيعدي بالساهل."
جاد (يضحك بسخرية): "دمرت إيه يا راجل؟ سيليا دي لسه مش عارفة تعيش من غيري. مهو أنت عارف البنات لما يتعلقوا بشخص، يقلبوها نكد و غم أنا ما عنديش مشكلة إنها تعيش كده طالما هي اللي اختارت الوضع."
رائد (صوته مليان بالاشمئزاز): "إنت فعلاً فاكر إنها بتختار تعيش في الوضع ده؟ إنت فاكر إن إهمالك لها ولولادها ده عادي؟! إنت السبب في كل حاجة بتحصل لها."
جاد (بتهكم): "وأنا المفروض أعمل إيه؟ أعيش معاها في مصر وأسيب شغلي؟ سيليا لازم تتعود على الوضع ده. يا رائد، هي زي أي ست. مفيش داعي نكبر الموضوع."
رائد يوقفه بغضب جارف، ونبرة تهديده تصبح أشد.
رائد: "هي أختي، مش مجرد ست. مش هاسمحلك تكسرها أكتر من كده. لو فضلت تتعامل معاها بالشكل ده، هتلاقي نفسك لوحدك. وأنا مش هقف متفرج."
جاد (ساخرًا): "يا رائد، بلاش الدراما دي. سيليا هي اللي بتمثل دور الضحية. أنا عامل اللي عليا وهي اللي بتضغط على نفسها. لو مش عاجبها الوضع، تقدر تسيبني."
رائد يشعر بغضب أكبر، يشتد في قبضته على الهاتف.
رائد (بنبرة قاطعة): "لو هي مش هتسيبك، أنا اللي هخليها تبعد عنك. والأيام اللي جاية هتثبتلك إنك مش هتفضل تاخد الأمور دي باستهتار."
جاد يضحك ضحكة ساخرة أخيرة.
جاد: "يا رائد، لو عندك شجاعة، جرب. بس سيليا هتفضل ترجع لي في الآخر. إحنا الاتنين فاهمين ده."
رائد يغلق الهاتف بغضب شديد، يقف في الممر لبعض اللحظات محاولًا تهدئة نفسه، ثم يعود إلى غرفة المستشفى، وعينه تلمع بعزم واضح على حماية أخته من جاد بأي ثمن
**************************
**في مكان آخر ، في فيلا فؤاد البحيري ، بتدق الست عزيزة على باب بيت فؤاد. البيت مليان بأصوات الهمس والضحك الخفيف، وريحة الأكل مالية المكان. الوجوه كلها خليط بين السكينة والحزن. فؤاد فتح الباب لعزيزة بابتسامة هادية**
فؤاد:
(بتنهيدة) أهلاً بيكي يا دكتورة عزيزة، اتفضلي.
عزيزة:
(بحزن) شكراً ليك يا فؤاد. إزايكم النهارده؟ عارفة إن اليوم ده مش سهل عليكم.
فؤاد:
(بهدوء) ست سنين عدوا... بس الوجع عمره ما بيختفي.
نجلاء، مراته، ظهرت من وراه وهي بتمسح دمعة خفيفة من عينها، بتحاول تبان قوية، لكن الحزن باين عليها.
نجلاء:
(بصوت متقطع) أهلاً بيكي يا عزيزة. مبسوطين إنك جيتي. سيليا... كانت بتحبك أوي، وبتثق فيكي.
عزيزة:
(بحرارة) وأنا كمان، سيليا كانت بنت مميزة. عمري ما هنسى يوم ما اتولدت... كانت فعلاً ملاك من أول لحظة.
فؤاد:
(يبتسم بسيط) آه، ملاكنا الصغير. آخر العنقود، بس رحيلها ساب فجوة كبيرة في حياتنا.
الولاد بيتجمعوا في الأوضة: أحمد، الكبير، واقف جنب أبوه، شكله صارم لكنه باين إنه بيحاول يتحكم في مشاعره. مراد، التاني، قاعد ساكت، ووشه باين عليه الصمت والتأمل. سامر بيبص في الأرض، ويوسف وريان واقفين قريب من أمهم، كإنهم بيحموها بوجودهم.
عزيزة:
(بتبص ليهم بحنان) عارفة إن كل واحد فيكم حاسس بالحزن بطريقته. بس أنا هنا عشان أفكركم إن سيليا كانت بتحب الحياة، وبتحب تشوفكم مبسوطين.
أحمد:
(بصوت واطي) هي جزء مننا، مش ممكن ننساها أو نتجاوز وجع فقدانها.
مراد:
(بيتنهّد) كل يوم بفكر فيها... كانت دايماً بتسألني عن دراستي وعن حياتي، كانت بتعنيلي كتير.
سامر:
(بمرارة) حتى وهي غايبة، ساعات بحس إنها بتراقبنا، مستنية مننا نبقى أحسن.
يوسف:
(بصوت واطي) سيليا كانت بتحب الضحك، وأنا... بحاول أفتكرها بكل لحظة ضحكتني فيها.
ريان:
(بصوت متأمل) ساعات بشوفها في أحلامي، بتبتسملي. حاسس إنها عايزة مننا نعيش حياتنا، ونبني المستقبل اللي كانت بتحلم بيه.
نجلاء:
(بحزن) كانت عايزة تسافر، وتشوف العالم. بس مرضها خدها مننا قبل ما تحقق أحلامها.
عزيزة:
(بحزم وحنان) النهارده بتكرموها بالصدقة الجارية، وده اللي هيخلي ذكراها عايشة في قلوب الناس. كل خطوة بتاخدوها في حياتكم هي إحياء لذكراها.
فؤاد:
(بيحط إيده على كتف عزيزة) بنشكرك على حضورك وعلى كلامك. اليوم ده صعب، بس وجود صحاب زيك بيخفف شوية من الوجع.
عزيزة:
(بتبتسم بلطف) أنا هنا على طول، أنتم زي أهلي. وعارفة إن سيليا في مكان أحسن دلوقتي، وبصّالنا بابتسامتها الجميلة.
**العيون في الأوضة بتنتقل بين أفراد العيلة، وصمت مؤلم لكنه مليان بالمحبة والتضامن، بعد انتهاء الوليمة جلست عزيزة مع صديقتها نجلاء وهي تواسيها ،و عاد لذاكرتها ذلك الحدث المؤلم**
Flash back ( قبل 7 سنين)
**سيليا تجلس في زاوية الغرفة، وهي ترتجف من البكاء. عزيزة تقترب منها ببطء، تحاول تهدئتها، لكن سيليا كانت تصرخ في هستيريا**
سيليا:
(تصرخ بتوسل) مش أنا! مفيش حاجة حصلت! أقسم بالله أنا بريئة! ليه مش مصدقني، يا بابا؟!
فؤاد يقف في زاوية الغرفة، وهو ينظر إليها بنظرات مليئة بالشك والخوف. نجلاء تبكي في زاوية أخرى، غير قادرة على الكلام.
فؤاد:
(بصوت متردد) سيليا... لو أنتي بريئة فعلا، عزيزة هتقول.
سيليا:
(تبكي وهي تنهار على الأرض) ليه بتعملوا كده فيا؟ ليه بتسمعوا للناس اللي بيحاولوا يفرقوا بينا؟!
مراد يدخل الغرفة بعصبية، يحاول إخفاء غضبه.
مراد:
(بغضب) لازم نعرف الحقيقة... دي سمعة العيلة، سيليا!
سيليا:
(تصرخ بألم) أنا بنتكوا! أنا أختكوا! ليه محدش مصدقني؟
عزيزة تتقدم، تحاول التحدث بهدوء، لكن سيليا تنهار بالكامل، جسمها يرتجف وهي تحتضن نفسها، أحمد ينظر لها بخذلان و سامر و مراد بغضب و يوسف و ريان ينظران لها بألم و كلاهما يتمنى لو يتمكن من مساعدتها
عزيزة:
(بحزن) سيليا، هدي نفسك... أنا هنا عشان أساعدك.
سيليا:
(تبكي) مش أنا... مش أنا اللي عملت حاجة غلط! ليه مش عايزين تصدقوني؟
عزيزة تنظر إلى فؤاد ونجلاء، وتعرف أن الوقت قد حان. تنهض ببطء، وتلتفت للجميع بنظرة جادة.
عزيزة: (بحزم) أنا محتاجة أكلم سيليا لوحدها دلوقتي. مفيش فايدة إن الكل يفضل هنا ويضغط عليها.
فؤاد: (بتردد) بس... عزيزة...
عزيزة: (بنبرة هادئة ولكن حازمة) فؤاد، لو عايز تعرف الحقيقة، لازم ندي سيليا مساحة. الكل يطلع برة.
مراد: (يعترض بعصبية) وأنا مش هخرج. دي أختي وسمعة العيلة على المحك!
عزيزة: (بجدية) مراد، سيليا في حالة نفسية صعبة، خروجكم هيساعدني أتعامل معاها. صدقني، أنا هنا عشان أساعدها وأساعدكم كلكم.
فؤاد ينظر إلى نجلاء بحيرة، لكن نجلاء تشير إليه بإيماءة طفيفة تدل على الموافقة. فؤاد يزفر بعمق ثم يومئ لعزيزة.
فؤاد: (بتردد) طيب... احنا هنستنى برة.
ينصرف الجميع ببطء، وعيونهم ممتلئة بالقلق والتوتر. يغلق فؤاد الباب خلفهم، ويبقى الصوت الوحيد هو شهقات سيليا.
عزيزة تجلس بجوار سيليا، وتضع يدها بلطف على كتفها.
عزيزة: (بلطف) سيليا، أنا هنا عشان أساعدك. مش عشان أحكم عليك. احنا كلنا عايزين نتأكد إنك كويسة.
سيليا: (بدموع وعينين غارقتين في الحزن) محدش مصدقني، يا دكتورة... حتى إنتي هتصدقيهم زيهم.
عزيزة: (بحنان) أنا هنا عشانك، يا حبيبتي. خلينا نتأكد ونريح الكل. الموضوع دا مش هياخد وقت.
بعد لحظات صمت ثقيلة، تستسلم سيليا للواقع وتسمح لـعزيزة بإجراء الفحص. الوقت يمر ببطء، وكل لحظة تشعر كأنها أبدية.
بعد الفحص، تنهض عزيزة وهي تنظر إلى سيليا بعينين مليئتين بالأسى.
عزيزة: (بصوت ناعم) إنتي بريئة، يا سيليا. كل الكلام اللي كانوا بيقولوه غلط.
سيليا تنهار تمامًا، تصرخ بألم وتغطي وجهها بيديها.
سيليا: (تصرخ) ليه؟ ليه عملوا فيا كده؟ أنا طول الوقت كنت بقول الحقيقة! ليه مفيش حد سمعني؟
عزيزة تحاول تهدئتها، لكن سيليا كانت غارقة في الحزن والخوف. كل ما بداخلها انفجر في تلك اللحظة.
سيليا: (بصوت متقطع بين الدموع) بابا... وماما... كلهم صدقوا الناس اللي حاولوا يفرقوا بينا. أنا ماليش ذنب! أنا... أنا مظلومة!
عزيزة تحاول تهدئتها قدر المستطاع، لكن الشعور بالخيانة والخذلان كان أكبر من أن يُحتمل.
عزيزة: (بحزن عميق) عارفة إنك مظلومة، وأنا هقول لكل واحد الحقيقة. مفيش حاجة غلط، سيليا، بس لازم تهدي نفسك دلوقتي.
************************
** في المساء ، فؤاد يقف أمام نافذة غرفته، عينيه ضبابيتين، مشوشة، وكأن العالم من حوله تلاشى. كان يحدق في الفراغ، متجمدًا في مكانه، بينما صوت سيليا في رأسه يرن بصوت عالٍ، كأنها لا تزال تصرخ، تتوسل، وتبكي**
هو لا يستطيع الهروب من ذكرياتها، من تلك اللحظات التي ظن فيها أنه كان يفعل الصواب، بينما كان يقتلع قلب ابنته دون أن يشعر.
فؤاد: (بصوت خافت، وهو يمسح دمعة خفية من عينيه) أنا... أنا كنت المفروض أصدقها. كنت المفروض أوقف في صفها بدل ما أصدق كلام الناس. ليه، يا سيليا؟ ليه مكنتش معاك؟
يضع يده على جبهته، والدموع تتساقط منه دون أن يشعر. يتذكر كل شيء: صوتها الطفولي، ضحكتها البريئة، وحبها الكبير للعائلة. وكيف كان يهتم بها، يراها آخر العنقود، ويشعر بالفخر بها، لكنه في لحظة ضعف، في لحظة غضب، ترك نفسه يصدق الآخرين على حساب ابنته.
فؤاد: (بهمسات، وكأنه يخاطب نفسه) لو كنت صدقتها... لو كنت واقف جنبها، كان كل حاجة بقت غير كده. مش بس أنا اللي ضيعت... أنا ضيعت روح... ضيعت بنوتي اللي كانت كل حياتي.
يتنهد بعمق، ثم يمشي باتجاه صورة لسيليا كانت موضوعة على الطاولة في غرفته . يلتقط الصورة بين يديه، ويحدق في وجهها البريء، وكأنها تنظر إليه، تتساءل عن سبب غياب الثقة.
فؤاد: (بصوت مرتجف) كانت بتحبنا قد إيه... كانت بتحبنا قد إيه، وأنا... أنا اللي جعلتها تشعر إنها لوحدها. لو كنت بس هديت، لو كنت بس... لو كنت أنا اللي صدقتها.
يجلس على الكرسي، يدفن وجهه بين يديه، بينما تدمع عيناه بغزارة. ثم يعود ليتذكر الصوت الذي كان يتردد في أذنه عندما خرج من الغرفة بعد أن ظن أن ما فعله كان الحل الوحيد:
سيليا (في ذاكرته): (بصوت مكسور) ليه مش مصدقني؟ ليه بتسمع لناس مش عايزة خير لينا؟!
فؤاد ينقض على الصورة في يديه بشدة، وكأنها آخر رابط له بالعالم الذي فقده. قلبه يعتصر، ولا يستطيع أن يغفر لنفسه.
فؤاد: (بصوت مكسور) لو رجع بي الزمن... لو رجع بي الزمن، كنت هعمل كل حاجة عشان أحميك. كنت هصدقك، كنت هقول لك إنك مش لوحدك... لكن الزمن ما بيرجعش، وأنا دلوقتي مفيش حاجة أقدر أعملها عشان أرجع اللي فات.
دموعه تتساقط بحرقة، وكأنها مشاعر متراكمه طوال سنوات، لا يقدر أن يعبر عنها بالكلمات. لكن الندم يلتهمه في تلك اللحظة.
فؤاد (بهمس): (مكملًا بنفس الصوت المرتجف) كان المفروض أكون الأب اللي يحمى، مش الأب اللي يتخلى.
*********************
**البيت في صمت قاتل. فؤاد يجلس على الكرسي في الزاوية، عينيه ضائعتان بين الذكريات والندم. جليل يدخل الغرفة بهدوء، وجهه يحمل تجاعيد العمر والتجارب. عندما يرى شقيقه في هذا الوضع، لا يحتاج لكثير من الكلمات. يشعر بما يعانيه فؤاد دون أن يحتاج أن يوضح له**
جليل: (بصوت هادئ، يقترب من فؤاد) فؤاد... ما كانش لازم تصدق الشكوك. ما كانش لازم توصل لحد هنا.
فؤاد يرفع رأسه ببطء، وعينيه مليئتان بالدموع. قلبه مكسور، ولا يزال يشعر بعذاب تلك اللحظات التي كان فيها محاطًا بالظلام، لا يعلم أنه يدمر ما كان أغلى ما لديه.
فؤاد: (بصوت مكسور) جليل... أنا ظلمتها. شكيت في بنتي... ما صدقتش كلامها. واللي عملته ما كانش صح... كانت بريئة، وأنا ما صدقتش.
جليل يقف خلفه، يضع يده على كتفه بشكل أبوي، يحاول أن يخفف من ألم شقيقه، الذي يشعر به كما لو كان هو الآخر في وسط العاصفة.
جليل: (بصوت ثابت، وكأنه يوجه كلمات حكيمة) فؤاد... نحن بشر. كل واحد فينا بيغلط. الندم مش هيرجع لنا سيليا، لكننا لازم نترحم عليها ونعرف إنها راحت بظلم كبير. هي في مكان أفضل دلوقتي، ومهما كان الحزن، لازم نعرف نكمل.
فؤاد يضغط على جبهته بين يديه، كأنه يحاول أن يوقف تدفق الذكريات، لكنه لا يستطيع. هناك شيء في داخله يشعر بأنه لا يستحق الرحمة بعد الذي حدث.
فؤاد: (وهو يختنق بالبكاء) لو كنت سمعت كلامها... لو كنت صدقتها، يمكن كان كل شيء اتغير. كانت هربت... وما كانش لازم تموت كده.
جليل يسحب نفسًا عميقًا، وينظر إلى شقيقه، عينيه مليئتين بالأسى. لكن رغم ذلك، كانت هناك بصيص من الأمل في كلماته.
جليل: (بهدوء) كل شيء انتهى، فؤاد. سيليا راحت، وما فيش حاجة هترجعها. لكن أنت لسه هنا، ولسه عندك فرصة تعيش وتكمل عشانها. الدنيا مش هتقف هنا، وده امتحان لينا جميعًا.
فؤاد يرفع رأسه ببطء، يشكر شقيقه بنظرة مليئة بالعرفان، رغم الألم الذي لا يفارقه.
فؤاد: (بصوت متعب) أنا مكسور يا جليل... مكسور لدرجة إني مش عارف أعيش من غيرها.
جليل ينحني قليلاً نحو فؤاد، ثم يربت على قلبه.
جليل: (بحنو) كل واحد فينا بيعيش مع الألم، بس مع الوقت بيبدأ يخف شوية. احنا لسه في هذه الدنيا عشان نكمل، وما نخليش الندم يقتلنا. سيليا هتظل في قلوبنا للأبد.
********************
**في مقر المخابرات المصرية، غرفة صغيرة هادئة، والأضواء خافتة. تميم، الضابط الشاب القوي، يجلس خلف مكتبه وقد غلفه الحزن. عينيه ضبابيتان من التعب والندم. أمامه صديقه المقرب، زين، الذي يراقب تميم بحذر، يعرف جيدًا ما يعانيه صديقه، هو دائما هكذا، تارة يمرح وهو يحاول اخفاء ذنبه و ألمه و تارة اخرى يكون على هذه الحالة**
تميم:
(بصوت مثقل بالحزن) ما كنتش قادر أعمل حاجة، زين. كنت هقبض عليهم... على المجرمين اللي كانوا وراء كل حاجة، بس ... سيليا... راحت قبل ما أقدر أحميها. راحت ظلم.
زين:
(بهدوء، وهو يضع يده على كتف تميم) ما كانش بإيدك، تميم. أنت بتعمل كل اللي تقدر عليه عشان تحمي الناس، بس في حاجات أكبر مننا.
تميم:
(بغصة في صوته) كنت بحاول أوقفهم... كنت متأكد إنهم وراء الجريمة دي. بس بعد ما سيليا ماتت، حسيت إن كل شيء انهار. كل حاجة في حياتي اتغيرت.
زين:
(بصوت دافئ) أنا عارف إنك حاولت، بس ساعات الحياة مش بتديك الفرصة. لازم تتقبل ده، ومهما كان الندم كبير، ما تقدرش تغير اللي حصل.
تميم:
(بصوت مكسور) لو كنت وصلت لهم أسرع، يمكن كان فيه أمل.
زين:
(بتفهم) لكن إنت مش لوحدك، تميم. العيلة كلها متألمة، لكن لازم تكون قوي دلوقتي. مش بس عشان سيليا، لكن عشان نفسك كمان.
تميم يرفع رأسه ببطء، ويحاول السيطرة على مشاعره، لكنه لا يستطيع إخفاء الألم الذي يملأ قلبه.
تميم:
(بصوت حزين) مفيش حاجة هتعوضني عن اللي فقدته. سيليا كانت أكثر من أخت لي. كان عندها حياة، وأحلام، وكل ده اتدمر.
زين:
(بصوت حازم) أنا معاك، تميم. هتكون أقوى من ده كله. سيليا هتظل في قلوبنا، وكلنا هنكمل على خطاها.
تميم ينظر إلى زين، نظرة مليئة بالتقدير والامتنان، لكنه لا يزال غارقًا في حزنه، محاولًا التماسك وسط هذا العذاب الذي لا ينتهي.
*********************
**في شقة فاخرة في دبي، ريحة العطور الثقيلة ماليه المكان، والأنوار الخافتة في الليل بتعكس الظلال على الحيطان. جاد، الشاب الوسيم، قاعد على الكنبة مرتاح، و لارا، عشيقته، قاعدة جنبه، ويديها على صدره. المكان مليان صمت مشحون بالرغبة. الجو بارد شوية، وفي فوضى خفيفة من هدوم متبعثرة وحاجات مش مرتبة**
لارا:
(بتضحك بخبث، ويديها بتلعب في شعره) جاد... هتفضل كده متجنبني؟ سيبت كل حاجة في مصر، وجيت هنا لقيت الراحة معايا، صح؟
جاد:
(من غير ما يهتم، وبصص ليها بعين مليانة لامبالاة) مفيش حاجة جديدة... حياتي كلها كانت لعبه. سيليا والعيال في مصر، وأنا هنا عايش حياتي زي ما أنا عايز. ما دامهم بعيد، مفيش مشكلة.
لارا:
(بتقرب منه أكتر، وبتتكلم بتحدي) يعني لو سيليا عرفت هتقدر تواجهها؟ مش خايف؟ العيال مش هيفهموا؟
جاد:
(من غير ما يهتم، بيضحك ضحكة حازمة) سيليا في مصر، مش هيفهموا حاجة. العيال لسه صغار، وأنا مش فارق معايا فيهم. أنا هنا في دبي عايش لحظات لحالي. مش هبني حياتي على أكاذيب أو على ماضي.
لارا:
(بتحدي أكبر) يعني، سيليا دي بقيت مجرد ذكرى ليك؟
جاد:
(بيضحك ضحكة ساخرة) لو هي ذكرى، فهي كده... وكل حاجة في حياتي هنا ليها الأولوية. سيليا كانت بس ست، وهنا لارا موجودة، وعندي كل حاجة أنا محتاجها.
لارا:
(بهمس، وبتقرب وشها منه) مش عارفة إذا كانت هترضى لو عرفت الحقيقة.
جاد:
(بيضحك بسخرية) أنا عارف أعمل إزاي مع الكل. هي في مصر، والعِيال مش مهمين. أنا هنا في دبي... معاكِ، ده اللي يهمني.
لارا:
(بتردد) بس... لو الدنيا اتقلبت، مش هتكون لوحدك. سيليا، العيال... هيفضلوا لحد ما تروح وتيجي.
جاد:
(بإصرار) مش هيفرق معايا. حياتي هنا أهم من كل حاجة.
في اللحظة دي، عين جاد وقعت على لارا وهي مبتسمة ليه، وهو شارد في أفكاره، بعيد عن ماضيه اللي سيبه في مصر، وحياته اللي اختار يعيشها هنا في دبي.
#قيود_العشق2
فصل 4
**بعد عدة أيام ، في غرفة معيشة فاخرة في قصر ثريا في دبي، ثريا قاعدة على كنبة مخملية وحطّة الموبايل قدامها عشان تعمل مكالمة فيديو مع صاحبتها المقربة ليلى**
ثريا (بابتسامة دافئة): "ليلى، حبيبتي! وحشتيني أوي! بقالنا كتير ما اتكلمناش."
ليلى (تبتسم بحب من الشاشة): "ثريا، يا حبيبتي، إنتي اللي وحشتيني. إزايك؟ وإزاي جاد؟"
ثريا (تتنهد بخفة، ويبان عليها التردد شوية): "جاد... زي ما إنتي عارفة، دايمًا مشغول بشغله. بس... بصراحة يا ليلى، أنا مش قادرة أتجاهل اللي بيحصل ده. سايب سيليا والأولاد لوحدهم في بلد تانية، وعايش حياته هنا وكإنهم مش موجودين."
ليلى (بوجه متضايق وقلق): "عارفة يا ثريا. سيليا بقت تعيط كتير، وأنا مش قادرة أشوفها كده. دي زي بنتي، وجاد لازم يتحمل مسؤوليته."
ثريا (بحزن واضح): "حاولت أتكلم معاه، ليلى. بس جاد عنيد. فاكر إن حياته كلها شغل وتسالي. لكن أسرته... مالهمش مكان في قلبه."
ليلى (بحزم): "ثريا، سيليا صابرة بس للصبر حدود. تعبت كتير، وجاد لازم يفهم إنه لو كمل كده، ممكن يخسرها للأبد. وكمان الأولاد محتاجين أبوهم."
ثريا (بعيون مليانة ندم): "عارفة، ليلى. حاسة إني فشلت كأم. كنت فاكرة إني ديت له كل حاجة عشان يبقى راجل مسؤول. لكن دلوقتي شايفة إني معرفتش أزرع فيه الإحساس الحقيقي بالالتزام."
ليلى (بلطف): "ثريا، ما تلوميش نفسك. جاد هو اللي اختار الطريق ده، بس لسه الوقت قدامنا. لازم نشتغل مع بعض ونصلح اللي حصل قبل ما الأمور تسوء أكتر."
ثريا (بحزم): "بوعدك يا ليلى، هحاول تاني. سيليا تستاهل أحسن من كده، وأنا هفضل جنبها لحد ما جاد يعيد التفكير في اللي عمله."
ليلى (تتنهد): "أنا معاكي في كل خطوة، ثريا. سيليا محتاجة دعمنا دلوقتي أكتر من أي وقت فات."
**تستمر المكالمة و تتحدث السيدتان عن شتى المواضيع و تنتهي بعد ساعات، لتغلق ليلى المكالمة وتهتف بحسرة**
ليلى: يا حظك الوحش يا سيليا يا حبيبتي ، ربنا يقدملك الخير
*********************
**في حديقة الفيلا ،حديقة كبيرة مليئة بالأشجار والزهور في فيلا عمة سيليا. الجو دافئ والهواء منعش، بينما تلعب سيليا مع أولادها تحت ظلال الأشجار. زياد ومازن يركضون حولها بضحكات بريئة، ولينا تجلس في حضنها، تضحك بخفة وهي تحاول الإمساك بإصبع والدتها**
زياد (بحماس وهو يجري حول سيليا): "ماما! بصي بصي أنا سريع زي البرق!"
سيليا (تضحك برقة وهي تشجع زياد): "آه يا زياد، فعلاً سريع أوي! خلي بالك بس من أخوك."
مازن يحاول اللحاق بأخيه، وهو يتعثر قليلاً على العشب، ثم يضحك بدون توقف.
مازن (وهو ينادي سيليا): "ماما، أنا عاوز أبقى زي زياد!"
سيليا (بحنان وهي تحاول حمل لينا بيد وتوجه كلامها لمازن): "أكيد يا حبيبي، هتبقى أسرع منه كمان لو فضلت تلعب كتير."
لينا تصدر أصوات طفولية، تحاول جذب انتباه سيليا وهي تلعب بشعرها.
سيليا (تضحك وهي تنظر إلى لينا): "آه يا لينا، شكلك عاوزة تشاركيهم اللعب!"
سيليا تشعر بالسعادة المؤقتة وهي ترى ضحكات أولادها، لكنها تنظر للحظة بعيداً عنهم، إلى المسافة، وتظهر على وجهها لمحة حزن.
سيليا (بصوت هادئ لنفسها): "يا رب جاد يفتكر إنه عنده عيلة تستناه... الأولاد محتاجينه، مش عارف إزاي هو مش شايف ده."
زياد يتوقف فجأة عن اللعب ويأتي ليجلس بجانب سيليا، ينظر إليها بعيون بريئة.
زياد: "ماما، بابا مش جاي يلعب معانا زي زمان؟"
سيليا تشعر بوخزة في قلبها عند سؤال زياد، وتحاول إخفاء ألمها بابتسامة.
سيليا (بهدوء): "بابا مشغول يا حبيبي. بس هو أكيد بيحبكوا جداً."
مازن (بنبرة تساؤل): "هو مش هييجي دلوقتي؟"
سيليا تحتضن مازن ولينا، وتلمس شعر زياد بلطف.
سيليا (بتنهيدة خفيفة): "إن شاء الله، قريب... قريب هييجي."
تظل سيليا جالسة تحت الشجرة، تحاول أن تبث القوة لأطفالها رغم الألم الذي يعتريها من غياب جاد المستمر، وهي تتمنى أن يتغير الوضع يوماً ما.
*********************
**في صالة رياضية حديثة مليئة بالمعدات والأضواء الخافتة. رائد يجلس على مقعد بعد انتهائه من تمرينه، يتنفس بعمق ويمسح عرقه بمنشفة، بجانبه تجلس كارما، زميلته الشابة التي تبدو أيضاً أنها انتهت للتو من التمرين. الإثنان يبدوان مرتاحين، لكن هناك توتر خفيف في الهواء بينهما، كأن هناك مشاعر غير مُعترف بها**
كارما (بنبرة مرحة وهي تبتسم): "انت شكلك مش هتقدر تكمّل التمرين لو زوّدنا 10 دقايق كمان."
رائد (يضحك بخفة، وهو يمسح عرقه): "يا شيخة! لو زوّدنا دقيقة كمان كان قلبي وقف. بس ده عشانك إنتي، أنا عارف إنتي بتحبّي تتحديني."
كارما (تبتسم وتتظاهر بالجدية): "أيوة طبعاً، مش هتسلم مني بسهولة."
يتبادلان نظرات قصيرة، قبل أن تبدأ كارما في اللعب بأطراف المنشفة حول رقبتها، ثم تلتفت إليه بنظرة خجولة.
كارما (بهدوء وهي تحاول جمع شجاعتها): "رائد... دايماً بنشوف بعض هنا في الجيم ونتكلم، بس... عمرك فكرت إن ممكن نكون أكتر من مجرد زملاء تدريب؟"
رائد ينظر إليها باندهاش للحظة، ثم يبتسم ابتسامة خفيفة، وكأنه كان ينتظر هذا السؤال.
رائد (بصوت دافئ): "بصراحة... فكرت في الموضوع ده أكتر من مرة."
كارما تحمر خجلاً وتنظر بعيداً للحظة، ثم تلتفت له بعينين لامعتين.
كارما (بنبرة مليئة بالتوتر): "بجد؟ يعني... أنا مش عارفة، يمكن كنت بتخيل."
رائد (يميل نحوها قليلاً، بنبرة هادئة وجادة): "لا، مش بتتخيلي. الحقيقة... أنا بحب قضاء الوقت معاكي، ومعرفش ليه، بس حاسس إنك مش مجرد زميلة تدريب. كارما، إنتي... أكتر من كده بالنسبة لي."
كارما تبتسم ابتسامة خفيفة وناعمة، وتنظر في عينيه وكأنها تستجمع شجاعتها للمرة الأخيرة.
كارما (بصوت خافت): "وأنا كمان يا رائد... بحس إنك مختلف، وكأننا فاهمين بعض من غير كلام."
رائد ينظر في عينيها بعمق للحظة، ثم يقترب قليلاً، يمسك بيدها بلطف، ويضغط عليها بخفة.
رائد (بابتسامة دافئة): "إحنا فعلاً فاهمين بعض... وأنا عاوز نكمل مع بعض، مش بس في الجيم."
كارما تضحك بهدوء، وتبادله الابتسامة، وهي تشعر بدفء اللحظة التي طال انتظارها.
كارما: "أنا كمان عاوزة نكمل مع بعض... في كل حاجة."
يتبادلان النظرات في لحظة رومانسية صامتة، حيث الكلمات لم تعد ضرورية، والمشاعر أصبحت واضحة بينهما.
رائد (بنبرة جادة وحنونة): "كارما، أنا مش عاوز العلاقة دي تكون مجرد لحظات بنقضيها سوا في الجيم أو كلمتين في كل مرة نشوف بعض. الحقيقة... أنا عاوز أكتر من كده."
كارما تنظر له بترقب، وتشعر أن قلبها ينبض بسرعة.
كارما (بخجل): "تقصد إيه يا رائد؟"
رائد يمسك بيدها بلطف أكبر وينظر في عينيها بجدية.
رائد: "أنا بقالي فترة بفكر فيك... وبحس إنك الشخص اللي نفسي أكمل حياتي معاه. كارما، أنا بحبك. وبإذن الله قريب هاروح أطلب إيدك من والدك."
كارما تتسع عيناها بالدهشة، ثم تبتسم بفرحة عارمة، وهي تضع يدها على فمها من شدة التأثر.
كارما (بصوت متأثر): "بجد يا رائد؟! أنت فعلاً هتعمل كده؟"
رائد (يبتسم بحب ويهز رأسه): "آه، أكيد. مش هضيع وقت أكتر. هاروح لوالدك وأطلب منك رسمي. إنتي مش مجرد زميلة أو صديقة، إنتي اللي نفسي أعيش معاها باقي حياتي."
كارما تشعر بالدموع تلمع في عينيها من السعادة، ثم تميل نحو رائد وتحتضنه بلطف.
كارما (بصوت مليء بالعاطفة): "أنا كمان بحبك يا رائد... ومن زمان كنت مستنية اللحظة دي. مش مصدقة إنك هتتقدم لي فعلاً."
رائد (وهو يحتضنها بحنان): "أكيد هعمل كده، ووعد... مش هتأخر."
**كارما تنظر له بابتسامة مليئة بالأمل والحب، بينما يشعر رائد بالسعادة لأنه وجد من يريد أن يقضي معها حياته، وقد اتخذ الخطوة الأولى نحو مستقبلهما معاً**
********************
**في مستودع قديم ومهجور على أطراف المدينة، الإضاءة خافتة والجو مليء بالتوتر. الضابط الشاب تميم وزميله زين في موقعهما، يراقبان تحركات تجار المخدرات عبر الكاميرات المثبتة على أسطح بعض المباني القريبة. يتبادلان الإشارات بهدوء وهما ينتظران اللحظة المناسبة للتحرك**
زين (بهمس وهو ينظر عبر المنظار): "تميم، التحركات بدأت. في واحد منهم بيستلم الحقائب... واضح إن العملية شغالة."
تميم (بهدوء وحذر): "تمام. خلي عينك عليهم، مستنيين الإشارة من الفرقة اللي على الجهة التانية. ما نتحركش قبل ما يكون الكل جاهز."
يسمعون عبر السماعات صوت القائد يعطي الأمر.
القائد (عبر اللاسلكي): "فرقة 1، تقدّموا. العملية بدأت."
تميم (بحزم): "يلا زين، الوقت جِه."
تميم و زين يقتربان ببطء من الموقع، يسحبان أسلحتهما ويتجهزان لاقتحام المكان. تزداد نبضات قلوبهما مع كل خطوة، يسمعون أصوات الحديث داخل المستودع.
تاجر المخدرات 1 (من داخل المستودع): "أنت متأكد إن المكان آمن؟"
تاجر المخدرات 2 (بثقة): "ما تخافش، الكل تحت السيطرة. الفلوس جاهزة والبضاعة جاهزة."
تميم يتبادل النظرات مع زين ويشير له بالتحرك. يقتربان أكثر ويأخذان مواقع إستراتيجية حول المدخل. فجأة، يسمع صوت إطلاق صفارة إنذار قصيرة عبر اللاسلكي.
تميم (بصوت خافت): "دي الإشارة. اقتحام دلوقتي!"
تميم و زين يقتحمان المستودع بقوة، مع دخول باقي أفراد القوة من الجهات الأخرى. يصرخ تميم بأعلى صوته.
تميم (بصوت قوي): "الشرطة! إرمي سلاحك على الأرض!"
الضباط يدخلون بسرعة، وتُسمع أصوات طلقات تحذيرية في الهواء. تجار المخدرات يبدؤون في الارتباك.
تاجر المخدرات 1 (بفزع): "إيه اللي بيحصل؟!"
تاجر المخدرات 2 (يحاول الهروب): "نهرب بسرعة!"
زين يلاحق أحد التجار ويمسك به قبل أن يتمكن من الفرار.
زين (وهو يمسك التاجر من ذراعه): "ولا خطوة كمان! إنت محاصر."
تميم يمسك التاجر الآخر الذي يحاول الهرب بالاتجاه المعاكس.
تميم (بحزم): "إنت تحت القبض. خلصت اللعبة!"
الضباط يسيطرون على المكان ويجمعون الأدلة، ويتم القبض على كل أفراد العصابة بنجاح. تميم وزين يتبادلان النظرات بعد انتهاء المهمة.
زين (وهو يتنفس بعمق): "عملية نظيفة، الحمد لله."
تميم (بابتسامة رضا): "أيوة، شغلنا كويس. المهم إننا قبضنا عليهم كلهم."
يتوجه الاثنان نحو القائد لتسليم التقرير الأولي، وهما يشعران بالرضا عن نجاح المهمة بعد أسابيع من التحري والمراقبة.
**بعد انتهاء المهمة ،تميم وزين يجلسان خارج المستودع المهجور بعد انتهاء العملية، الأجواء هادئة قليلاً، ولكن التوتر ما زال يملأ المكان**
تميم يجلس على سلم معدني، ينظر إلى السماء بتعب، بينما زين يقف بجانبه، يمسح عرقه ويفكر في نجاح العملية. تميم يبدو غارقًا في التفكير، وجهه يحمل آثار الحزن والندم.
زين (بنبرة هادئة، وهو يجلس بجانب تميم): "تميم... العملية نجحت. قبضنا عليهم كلهم. ده إنجاز كبير."
تميم يظل صامتًا للحظة، ثم يتنفس بعمق، ويبدأ في الحديث بصوت منخفض.
تميم (بصوت حزين): "أيوة، قبضنا عليهم... بس مفيش حاجة هترجع اللي راح."
زين ينظر إليه بقلق، فهو يعرف أن تميم ما زال يحمل حزنه بخصوص سيليا.
زين (بنبرة هادئة، محاولًا تهدئته): "أنا عارف إنك مش مرتاح يا تميم. لكن إنت عارف كويس إن الناس اللي قبضنا عليهم دول ملوش علاقة باللي حصل لسيليا. هم مش السبب."
تميم يرفع عينيه نحو زين، ويشعر بالندم يتحطم في قلبه.
تميم (بصوت مكسور): "عارف يا زين... بس طول الوقت كنت بفكر لو كانوا دول السبب. لو كنت في وقتها تقدر تنقذها، لو كان عندي الفرصة. كانت لسه هتكون معانا."
زين يهز رأسه، يفهم تمامًا ما يشعر به تميم. هو كان يعرف الحزن الذي يحمله تميم في قلبه.
زين (بحزن وصدق): "الناس اللي قتلوا سيليا دول مش هم اللي قبضنا عليهم دلوقتي. سيليا راحت بسبب عصابة تانية من تجار المخدرات... كانوا أشرار أكتر، وكانوا في وقت تاني تمامًا. أنت عملت اللي عليك، والحقيقة إنها كانت ضحية لناس تانيين."
تميم يغلق عينيه للحظة، ثم يفتحها ويعترف بحسرة.
تميم (بمرارة): "لكن لو كنت لوحدي في وقتها، لو كنت أعرف أتصرف بسرعة... يمكن كنت قدرت أوقفهم قبل ما يحصل. أنا عارف إن سيليا مش هترجع، بس الفكرة إننا لسه عايشين في عالم مليان ظلم من الناس دي."
زين يضع يده على كتف تميم، يحاول أن يمنحه بعض الراحة.
زين (بصدق): "مفيش حاجة كنت تقدر تغيرها يا تميم. لو كنت تقدر، كنت هتعمل كل حاجة علشانها. بس أنت دلوقتي بتقاتل علشان تمنع أي حد تاني يعاني زيها، ده أفضل حاجة تقدر تعملها ليها."
تميم يتنهد بعمق، يشعر بالراحة قليلاً من كلمات زين، لكنه ما زال غارقًا في أفكاره.
تميم (بتصميم): "هفضل أقاتل يا زين، مش هخلي حد تاني يمر بالحاجة اللي مرينا بيها. سيليا لو كانت هنا، كانت هتفتخر بإننا مش هنوقف لحد ما ناخد حقها."
زين يبتسم بتفهم، وهو يعرف أن تميم لن يتوقف الآن. سيظل يقاوم حتى النهاية.
زين: "وأنا معاك، كل خطوة هتاخدها هتكون ليها، ولنا إحنا كمان. ده وقتنا نغير فيه كل حاجة."
**تميم ينظر إلى زين بنظرة مليئة بالثقة، ويقف ليكمل ما بدأه، متحديًا العالم المظلم ليصنع فرقًا**
*******************
**بعد عدة ساعات، زين يدخل إلى منزله بعد يوم طويل من العمل، يشعر بالإرهاق لكنه لا يستطيع إخراج أفكار سيليا من رأسه. يخلع ملابسه ببطء، ويمضي إلى الحمام حيث ينزع عنه آثار اليوم الطويل**
في الحمام:
الماء الساخن ينساب على جسده، ولكن ذهنه مشغول بشكلٍ كامل. سيليا، ابنة عم تميم، صورتها لا تفارق خياله. رغم أنها غادرت الحياة منذ فترة طويلة، إلا أن قلبه لا يزال يشعر بها وكأنها حاضرة.
يخرج من الحمام، يلتف بمنشفة على خصره ويمشي إلى المطبخ لتناول العشاء. لكنه في كل لقمة يشعر بأن فكره مشغول بشيء آخر. يترك الملعقة في يده ويتكئ على الطاولة، يتنهد.
زين (بصوت منخفض، لنفسه): "حتى لو كانت مش معانا، ليه عمري كله ما يطلع منها؟... سيليا، كنتي دايمًا جميلة وطيبة، كنتي دايمًا مصدر فرح للجميع."
ينظر إلى الطاولة التي أمامه، لكن قلبه مشغول بأفكارها. كان يحبها من بعيد في صمت، ولا يستطيع أن يشرح لنفسه مشاعره تجاهها.
زين (بهمسات): "ما كنتش أقدر أقول ليها... ما كنتش أقدر أقول لها إني أحبها... وكل حاجة راحت بسرعة... الناس دي، المجرمين، هما السبب في كل ده. لو كان عندي فرصة... كنت هقول لها إيه؟"
يأخذ نفسًا عميقًا ويمسك بكوب الماء بيده، بينما صور سيليا تتكرر في ذهنه. يتذكر ابتسامتها وبراءتها في كل لحظة، ويتمنى لو كان هناك شيء يمكنه فعله.
زين (بصوت عميق، مستمرًا في أفكاره): "يمكن لو كنت إنتِ هنا، كان كل شيء هيتغير... كنتي هتكوني سعيدة، وكنت هتعيشي بسلام. ليه مش قادر أتوقف عن التفكير فيك؟ ليه قلبي لسه مش قادر يتقبل إنك خلاص مش موجودة؟"
في هذه اللحظة، يتذكر كيف كان يشعر بحزن تميم في تلك اللحظة، وكيف كان يختبئ وراء قوته، بينما هو نفسه يعاني في صمت أيضًا. يشعر بشيء غير محدد يضغط عليه، ويعترف لأول مرة، حتى لو كان لنفسه فقط.
زين (بصوت هادئ ومكسور): "بحبك يا سيليا... بس مش قادر أقولك دلوقتي. بحبك من غير ما تعرفي، وقلبي معاك حتى لو كنتي مش هنا."
**يزفر بعمق ثم يعود إلى طعامه بصمت، وكأن شيئًا في داخله قد تغير، فحتى في غياب سيليا، مشاعره تجاهها لا تزال حية، وفي قلبه، يتمنى لو كان الوقت قد أتى ليقول لها ما يشعر به**
**********************
**في مشهد من مطار القاهرة، كان جاد ماشي ببطء في صالات المطار، وعيونه بتتنقل بين الوجوه المختلفة، وكان باين عليه الضيق. آخر مرة زار فيها مصر كانت من سنة، وماكانش نفسه يرجع تاني، لكن والدته ثريا أصرت عليه ييجي السنة دي علشان تطمّن على مراته سيليا وعياله**
وأثناء ما جاد كان ماشي في الممرات، حس بملل شديد من الزحمة في المكان. ما قالش لحد إنه جاي، وكان مفضل إن كل حاجة تفضل سرية علشان ما يعملش دوشة.
في اللحظة دي، لمح بنت صغيرة ماشيّة جنبه، فابتسم ابتسامة عفوية، وهو بيحاول يخفي تذمره من الوضع.
جاد: (بابتسامة مصطنعة) "أعتقد إني شفتك قبل كده... يمكن في دبي؟"
البنت: (بتفكير) "معتقدش. دي أول مرة ليّا هنا."
جاد: (مكمّل بابتسامة خفيفة) "صح... لكن في حاجة فيكِ بتقول لي إنك جايّة من مكان بعيد. عادةً عايشة فين؟"
البنت: "في القاهرة."
جاد: (بابتسامة نص نص) "آه، يبدو إني غلطت. لكن على كل حال، من حسن حظي إني هنا دلوقتي. في الحقيقة، جاي على مضض علشان أزور عيلتي."
البنت: (بتتعجب) "يعني أنت جاي من برة؟"
جاد: "أيوه، للأسف. عايش في دبي، بس والدتي ، أصرّت إني أجي علشان أطمن على مراتي وعيالي... يمكن الوقت جه علشان أشوف الأمور ماشية إزاي. لكن صدقيني، مكنتش عاوز أرجع."
البنت: (بتفهم) "أفهم. شكلها موقف صعب."
جاد: (بتنهد) "إنتِ صح. لكن، يمكن في وقت تاني، لو إنتِ في مكاني، هنتقابل تاني."
البنت: (بتبتسم) "أتمنى لك زيارة حلوة."
جاد: (مبتسم وهو يلتفت) "شكرًا ليكِ. يمكن نلتقي في مكان تاني."
وبعدين كمل جاد طريقه في المطار، وهو حاسس بالضيق من الضغط اللي حطّته عليه والدته.....
#قيود_العشق2
فصل 5&6
**فيلا ليلى الألفي تتميز بالشياكة الكلاسيكية، حديقة واسعة وشجر حوالين البيت. صوت العيال بيلعبوا في الجنينة مالي الجو، وسيليا قاعدة في الجنينة مع عمتها ليلى ورائد، بيتكلموا عن يومهم. فجأة، باب الفيلا بيتفتح بعنف، وجاد داخل لابس هدوم شيك، ووشه كله تعالي وبرود. سيليا تسكت وتبص ناحية الباب. جاد بيتقدم بخطوات تقيلة، ونظرة احتقار في عنيه، والعيال التلاتة بيجروا ناحيته بفرحة**
زياد (بفرحة): "بابا! بابا رجع!"
مازن (يصرخ بفرحة): "بابا!"
لينا (بتحاول توصله بخطوات متلخبطة): "بابا!"
جاد ينحني بسرعة يحضن العيال من غير ما يبين أي مشاعر حقيقية، بعدين يقوم ويبص نحية سيليا وليلى ورائد اللي واقفين في الخلفية. ملامحهم باينة فيها النفور والتوتر.
زياد (مبتسم ومسك إيده): "بابا... هتفضل معانا؟ مش هتمشي تاني، صح؟"
جاد يبص لزياد من غير ما يرد، عنيه جامدة وما فيهاش أي عاطفة. سيليا، اللي لاحظت التوتر في الجو، تتقدم نحية العيال، وتحط إيدها بهدوء على كتافهم.
سيليا (بهدوء حاسم): "يلا يا حبايبي، نطلع فوق."
العيال يبصوا لجاد، مستنيين منه إجابة، لكن جاد فضل ساكت. سيليا تاخدهم بلطف، وتطلع بيهم للدور اللي فوق من غير ما تبصله. جاد واقف في مكانه، بيتابعهم بنظرة باردة.
جاد يفضل واقف في الجنينة مع ليلى ورائد. ليلى تبصله بنظرة فيها لوم ونفور، ورائد واقف جنبها حاطط إيديه على صدره وباصص لجاد باشمئزاز.
ليلى (بصوت هادي لكن حاسم): "ثريا دايمًا بتحاول تصلح اللي إنت بتبوظه، بس الحقيقة إنك ما تستاهلش العيلة اللي عندك."
جاد يبص لليلى بلامبالاة، يهز كتافه وكأن الكلام مش فارق معاه.
جاد (بتهكم): "أمي بتحب الدراما. شايفة إن الموضوع كله مُبالغة."
رائد (باشمئزاز واضح): "إنت فعلًا ماعندكش ضمير. سيليا والعيال يستحقوا أحسن من كده. كل يوم بتثبت إنك إنسان أناني ما بيفكرش غير في نفسه."
جاد يلتفت نحية رائد، بيحاول يرد لكن يحس إن الكلام مش هيفرق. يبصلهم للحظة، بعدين يلف ببرود ناحية الباب.
جاد (بلامبالاة): "أنا مشغول. لو احتاجتوا حاجة... عارفين إزاي توصلوا لي."
**وبعدها يخرج، سايب وراه ليلى ورائد يبصوله باشمئزاز، بينما سيليا فوق بتحاول تهدي العيال بعيد عن الموقف الموجع ده**
**بعد ما جاد خرج من الفيلا، ساب وراه حالة من الصمت مليانة توتر. ليلى وقفت شوية بتحاول تهدي نفسها، بينما رائد كان باصص لباب الفيلا اللي لسه مقفول، ومش مصدق إن جاد لسه عنده نفس التصرفات دي**
رائد (بغضب مكتوم): "إزاي الشخص ده يبقى جزء من حياة سيليا؟ إزاي العيال دول يتحملوا إنه يبقى أبوهم؟"
ليلى (بتنهد): "سيليا قوية، رائد... بس ماينفعش تفضل مستحملة الوضع ده للأبد. جاد لا بيحبها ولا بيحب العيال حتى."
رائد (بيهز راسه بغضب): "اللي بيضايقني أكتر إنهم فرحوا لما شافوه. زياد كان بيسأله لو هيقعد معاهم... والعيال مش عارفين الحقيقة. جاد بيأذيهم من غير ما ياخد باله."
ليلى (بأسف): "العيال صغيرين، مايفهموش. كل اللي شايفينه إن ده أبوهم، حتى لو هو في وادي وهم في وادي تاني."
في اللحظة دي، سيليا نزلت من فوق بعد ما هدت العيال، صوت خطواتها كان خفيف، بس ملامحها كانت واضحة إنها منهكة ومتضايقة. رائد وليلى بصوا عليها وهي جاية تقف معاهم.
سيليا (بصوت واطي): "مشي؟"
ليلى (بهدوء): "أيوة، مشي. ماقعدش كتير."
سيليا (بحزن): "حتى مع عياله... بيبصلهم كأنهم حمل عليه. زياد كان مستني منه كلمة، يطمنه إنه هيقعد معاهم... بس هو فضل ساكت."
رائد قرب منها، حط إيده على كتفها بحنية ودعم.
رائد (بهدوء وحزم): "سيليا، متخليش وجوده أو غيابه يأثر عليكي أكتر من كده. إحنا هنا معاكي، ومش هنسمح لحد يأذيكي تاني."
سيليا (بنبرة حزينة): "عارفة يا رائد، بس العيال... مش عارفة أعمل إيه عشان أحميهم من تأثيره."
ليلى (بجدية): "سيليا، لازم تفكري في مستقبلك ومستقبل ولادك بعيد عن جاد. الوضع ده ماينفعش يستمر. جاد بيجرحك كل مرة بيظهر فيها، ومهما ندمت ثريا أو طيبتها، هو مش هيتغير."
سيليا هزت راسها بتفكير، وعينيها كانت مليانة حيرة وألم.
سيليا (بهمس): "أنا تعبت... بجد تعبت."
رائد قرب أكتر، ونبرة صوته كانت مليانة إصرار.
رائد (بحزم): "إحنا جنبك يا سيليا، ومش هنسمحلك تفضلي في الوضع ده أكتر. لو احتجتي أي حاجة، إحنا هنا."
*********************
**في فيلا البحيري ، أوضة المعيشة في بيت العيلة، الوقت متأخر في الليل. أحمد قاعد على الكنبة ماسك كوباية شاي، وعينيه سرحانة. مراد ، اخوه يدخل الأوضة ويقعد جنبه، الجو مليان سكون تقيل، كأن الماضي حاضر في كل ركن**
أحمد: (بصوت هادي مليان حزن) "ست سنين... عدوا ست سنين ولسه سامع صوتها كل ليلة."
مراد: (بيبص في الأرض، بيحاول يمسك دموعه) "ماكنتش عارف إن الذنب ممكن يطاردنا كده... كأنه ضل ما بيختفيش."
أحمد: (بياخد نفس عميق) "اللي عملناه مش هيتسامح بسهولة... كنا لازم نسمعها، نفهمها... بس الشكوك غلبتنا."
مراد: (بنبرة مليانة مرارة) "ودلوقتي؟ بعد إيه؟ حياتنا بقت كابوس... كل حاجة فقدت معناها بعد الليلة دي."
أحمد: (بيهز رأسه) "تفتكر هنقدر يوم نعديها؟ نعيش من غير ما نحس بالهم ده؟"
مراد: (بغصة في صوته) "نعديها؟ إزاي نعديها وإحنا ماكناش حتى عارفين الحقيقة؟ الحقيقة راحت معاها... وضاع عمرها بإيدينا."
أحمد: (بيبص لمراد) "مراد... كل ليلة بفكر... لو كانت عندنا فرصة واحدة، لو نقدر نرجع الزمن... كنت هتعمل حاجة مختلفة؟"
مراد: (ساكت لحظة، وبعدين بصوت مكسور) "كل حاجة... كل حاجة كنت هعملها بشكل مختلف."
أحمد: (بيحط إيده على كتف مراد) "إحنا مش نقدر نرجع الزمن، بس ممكن نحاول نكفّر، نعيش بطريقة تخلي روحها ترضى عننا... يمكن."
مراد: (بيبص لأحمد) "يمكن... بس الذكرى دي هتفضل زي الجرح اللي ما بيلمّش."
أحمد: "جرحنا كلنا، يا أخويا... جرحنا كلنا."
مراد: (بيغمض عينيه ويمسح دمعة نزلت) "سيليا كانت النور في حياتنا، وإحنا طفّيناه."
أحمد: (بصوت هادي) "يمكن ما طفّاش كله... يمكن نقدر نرجّع شوية نور من خلال اللي هنعمله."
مراد: "بتمنى كده... بتمنى."
(السكوت بيستمر بينهم، والمشاعر المختلطة بتزيد في الأوضة، وطيف سيليا لسه حاضر في ذاكرتهم.)
**عم الصمت لثوان قبل أن يدخل سامر الغرفة، ووراه يوسف وريان الكل قاعد في سكون، الجو تقيل والذكريات الحزينة بتسيطر على الكل. ريان ويوسف كانوا الأقرب لسيليا، لكن في اللحظة اللي كانت محتاجاهم فيها، سكتوا**
يوسف: (يقعد جنب أحمد) "أنا عارف إني كنت ساكت... لكن كان لازم أقول حاجة. كان لازم أدافع عنها. مافيش يوم بيمر إلا وأنا حاسس بالندم."
ريان: (وهو واقف، صوته متوتر) "إحنا صدقناها يا يوسف... صدقناها من البداية، بس جبنّا منعنا إننا نتكلم."
سامر: (ينظر إليهم بحزن) "كلنا جبناء... مافيش حد فينا عمل الصح. سيليا كانت أختنا... كنا لازم نقف جنبها."
أحمد: (بنبرة حزينة) "الندم مش هيغير اللي حصل... بس دلوقتي إيه اللي ممكن نعمله؟ إزاي نعيش وإحنا عارفين إننا اللي خليناها تموت بالحزن؟"
يوسف: (يحاول كبح دموعه) "كنا ممكن نمنع كل ده... أنا كنت شايف الحقيقة في عينيها، بس سكت."
ريان: (يغلق عينيه، يرفع صوته) "ليه سكتنا؟ ليه ماحدش فينا فتح بقه؟! لو كنت اتكلمت... لو كنت قولت كلمة واحدة... كانت ممكن تعيش."
مراد: (يمسح وجهه بتعب) "كل واحد فينا شايل جزء من الذنب... ماحدش فينا بريء. الظنون هي اللي قتلتها، بس سكوتنا كمان كان السبب."
سامر: (بصوت مكسور) "أنا كنت فاكر إني بحمي العيلة... كنت فاكر إن الصمت هو الصح... بس دلوقتي؟ دلوقتي شايف إن اللي عملناه هو اللي ضيعها."
أحمد: "العيلة دي ضاعت من يوم ما سيليا راحت... وكل واحد فينا مسؤول."
يوسف: "بس سيليا كانت تستحق أكتر... تستحق تدافعوا عنها، وأنا ماعملتش كده."
ريان: (ينظر إلى إخوته) "إحنا لازم نعمل حاجة... مش هينفع نعيش على الندم بس. لازم نكفّر عن ذنبنا بطريقة ما... عشان نقدر نعيش مع نفسنا."
مراد: "إزاي؟ إزاي نصلح اللي كسرناه؟"
أحمد: (يفكر لحظة) "مش عارف... بس لازم نلاقي طريقة. يمكن ده يكون الشيء الوحيد اللي نقدر نقدمه لسيليا."
**(السكوت يسود الغرفة مرة تانية، كل واحد فيهم غارق في أفكاره وندمه، وكأن شبح سيليا لسه موجود وسطهم، بيذكرهم باللي فقدوه وبالذنب اللي مستحيل يتنسى.**
*********************
**بعد أن تفرق كل واحد نحو غرفته ، أحمد جالس على طرف السرير، الإضاءة خافتة، وعيناه مليئتان بالغضب المكبوت. في يده صورة قديمة لـسمر، أحمد ينظر للصورة بعمق، وملامحه متوترة.
أحمد: (بصوت منخفض لكنه مليء بالغضب) "فاكرة نفسك فلتّي؟ فاكرة إن اللي عملتيه عدى وخلاص؟"
(يمسك الصورة بإحكام، وصوته يتصاعد تدريجيًا)
أحمد: "سنين وأنا ساكت... سنين وأنا بحاول أمشي حياتي عادي... لكن كل مرة أتذكر وشّك، النار بتزيد جوايا."
(يرمي الصورة على الأرض، ويقف بغضب، يتحرك في الغرفة بعصبية)
أحمد: "مش هسيبك تعيشي مرتاحة... كل اللي فات ده كان مجرد البداية. أنا عارف كويس إنتي كنتي إيه، وعارف إيه اللي تستحقيه."
(يتوقف للحظة، ينظر نحو النافذة، وكأن الحقد اللي جواه بيحرقه)
أحمد: (بصوت عميق مليء بالتوعد) "هتشوفي... هتشوفي يا سمر. أيامك الجاية مش هتكون سهلة. أنا مش بنسى... وعمري ما هسامح."
(يضرب بقبضته على الحائط بقوة، ملامحه مشدودة، وتظهر عليه علامات الغليان)
أحمد: "انتقام؟ يمكن أكتر من كده. اللي جاي مش مجرد كلام، ووقتها هتعرفي إنك لعبتي بالنار، والنار دي هتحرقك."
(ينظر إلى الصورة الملقاة على الأرض للحظات، ثم يركلها بعيدًا)
أحمد: "مش هتهربي مني، سمر. الحساب قريب... قريب جدًا."
(يخرج من الغرفة بعصبية، تاركًا وراءه الصورة الممزقة كرمز لكل الحقد اللي جواه.)
********************
**في صباح اليوم التالي، كانت سيليا ماشية بسرعة في الشارع، وأفكارها مولعة بالغضب والإحباط. الموبايل كان في إيديها، وصورة جاد جوزها مع عشيقته لسه ظاهرة على الشاشة. قلبها كان بيدق بسرعة، والكلام بيلف في دماغها زي دوامة ما بتقفش.
سيليا (بتكلم نفسها): "مش سيليا البحيري اللي تنكسر يا جاد الشهاوي ، أنا هوريك، اوف ، إيه القرف ده"
في اللحظة اللي رفعت فيها راسها، خبطت فجأة في جسم قوي. اهتزت شوية قبل ما تستعيد توازنها، ولقت قدامها راجل بملامح حادة وعينيه ساحرة، زين. هو كمان كان سرحان، بس دلوقتي، أول ما عينه جات في عينها، الزمن وقف للحظة.
زين (بصوت هادي ومتفاجئ): "آسف... مكنتش واخد بالي."
سيليا (بصوت متلخبط): "لا، عادي... أنا كمان كنت سرحانة."
الاثنين وقفوا ساكتين للحظة، عينيهم بتتلاقى وتفحص الملامح. سيليا كانت شبه لوحة مرسومة، بنقاء وجمال ملائكي، وزين بوسامته وملامحه الرجولية القوية، خلّى قلبها يدق بطريقة مختلفة للحظة.
زين (بيضحك خفيف): "يظهر إن النهارده مش يوم السرحان والمشي."
سيليا (بتبتسم وهي محرجة): "يظهر كده فعلاً."
وهي بتحاول تخفي مشاعرها المتلخبطة، زين فضل يبصلها وكأنه بيدور على حاجة ورا الابتسامة الهادية دي. كان عاوز يفهم إيه اللي شاغلها، لكن صمت اللحظة كان أقوى من أي كلام.
زين (بفضول): "إنتِ كويسة؟ شكلك كأن في حاجة مضايقاكي."
سيليا وقفت للحظة، وترددت قبل ما ترد، مشاعرها كانت متلخبطة بين الغضب من جاد والانجذاب الغريب للضابط الوسيم ده.
سيليا (بتنهيدة): "مش قوي، بس... هبقى كويسة."
زين (بصوت داعم): "أحيانًا الكلام بيبقى مفيد، حتى لو مع حد غريب."
سيليا بصت في عينيه، وتسألت: "يا ترى ممكن الغريب ده يكون الملجأ اللي عمرها ما لاقته مع جوزها؟"
سيليا (بنبرة مترددة): "أنا مش متعودة أتكلم مع حد غريب... بس الحياة ساعات بتفاجئنا بحاجات مش متوقعة."
زين (مبتسم): "فعلاً، ويمكن كمان الغريب يبقى أقربلك في اللحظة دي من ناس تعرفيهم طول حياتك."
سيليا بصت للأرض شوية، بتحاول تجمع شجاعتها تتكلم. عقلها كان مليان بالغضب والخيانة، بس الوقوف قدام زين حسسها بنوع من الراحة اللي مكنتش متوقعة.
سيليا (بصوت هادي): "أنا حياتي معقدة أوي دلوقتي... مش عارفة أقولك إيه."
زين (بحنان): "خدي راحتك، مفيش داعي تقولي حاجة لو مش مرتاحة."
السيارات كانت بتمر جنبهم، صوت الشارع شغال حواليهم، لكن في اللحظة دي كانوا زي ما يكونوا في عالم لوحدهم. سيليا رفعت عينيها وبصت لزين، وحست بنوع من الأمان. كلامه كان بسيط، بس فيه حاجة جواه حسستها إنه بجد مهتم.
سيليا (بتنهيدة): "جوزي... بيخوني. وأنا... مش قادرة أتصرف."
زين اتحرك بخطوة بسيطة قدام، عينيه بقوا مليانين تعاطف.
زين (بصوت حازم): "حد زيك ما يستحقش الخيانة. الناس اللي بتقدم حبها وتضحيتها يستحقوا حد يقدرهم، مش كده."
سيليا بصتله وهي بتحس بتدفق مشاعر مختلطة. الكلام اللي قاله كان زي بلسم لجروحها، بس برضه جواها كان فيه ألم.
سيليا (بمرارة): "كنت فاكرة إننا عيلة... إن كل حاجة بينا حقيقية. بس دلوقتي أنا بسأل نفسي: كل اللي عملته عشانه راح فين؟"
زين (بنبرة صادقة): "اللي بتقدميه من قلبك عمره ما بيروح هدر، حتى لو مش شايفاه دلوقتي. المهم إنك تفكري في نفسك، في اللي إنتِ تستحقيه."
سيليا اتنهدت من تاني، وحست إنها لأول مرة من زمان تتكلم بصدق مع حد من غير خوف أو خجل.
سيليا (بصوت هادي): "يمكن... يمكن إنت عندك حق."
زين (بابتسامة مطمئنة): "مش يمكن... أنا متأكد."
*********************
**في مقهى فاخر في دبي، تجلس جيسي وصديقتها زيزي في زاوية هادئة، تتحدثان بينما تحتسيان القهوة. تتكلم جيسي بلهجة غاضبة وحاقدة، تحرك يديها بعصبية وهي تنظر إلى صديقتها بنظرات تحمل مشاعر الحسد والغيرة**
جيسي: (بغضب) والله يا زيزي، ما بعرف كيف هاي سيليا لسة عايشة مع جاد! ولا بتعمل شي مفيد بحياتها غير إنها قاعدة في مصر مع العيال. جاد ما بيشوفها إلا بالشهور، وأنا لو مكانها كنت خليته يندم على كل لحظة أهملني فيها!
زيزي: (تبتسم بمكر) بس يا جيسي، هي سيليا أم أولاده. يعني مهما صار، عندها مكانة عنده، حتى لو مهملها.
جيسي: (تضحك بسخرية) مكانة؟! إنتي بتحكي عن مكانة! ما في شي اسمه مكانة. هاي قاعدة عايشة في مصر، وجاد هون في دبي، لا يهتم فيها ولا بالأولاد. وأنا اللي شايفة كل شي. إذا هو مش مهتم فيهم، شو قيمتها عنده؟ ولا شي! لو عندها كرامة، كانت تركته زمان.
زيزي: (بابتسامة خبيثة) طيب، وشو فكرتك؟ إنتي بتكرهيها لهالدرجة، شو ناوية تعملي؟
جيسي: (تغمض عينيها بتفكير) والله يا زيزي، جاد يستحق وحدة تكون جنبه، تهتم فيه. سيليا مالها وجود إلا على الورق. لو جاد شاف شو في بنات أحلى منها وأقوى منها، كان نسيها تماماً. وأنا عندي خطة... (تبتسم بخبث).
زيزي: (بحماس) خطة؟ شو ناوية تعملي يا مجنونة؟ قولي!
جيسي: (بهدوء مميت) بدي أخلي جاد يشوف إنه يستحق الأحسن
**زيزي تجلس أمام جيسي وتحاول إخفاء ابتسامتها الخبيثة، فهدفها الأساسي ليس فقط الاستماع لجيسي، بل هي تسعى لأن تكون أقرب لعائلة جاد لتأمين موقعها. تستغل حقد جيسي على سيليا لصالحها**
زيزي: (تبتسم بمكر أكبر) فكرة قوية يا جيسي! وأنا بصراحة شايفة إنك الأجدر تكوني جنب جاد. بس بصراحة، عندي فكرة أحسن!
جيسي: (تحدق فيها بفضول) فكرة أحسن؟ شو قصدك يا زيزي؟
زيزي: (بتصنع الود) شوفي يا حبيبتي، أنا عارفة إنك بتحبي جاد وبتحسي إنه يستحق أفضل من سيليا. بس لازم تكوني ذكية. جاد عنده نفوذ وعائلته مرموقة وثرية، وهذا النوع من الرجال لازم تحسسيه إنه محتاجك مش بس لأنك الأخت الصغيرة، بل لأنك الشخص الوحيد اللي بيفهمه وبيسنده. ومن هنا... ممكن نشتغل معاً.
جيسي: (تشعر بالريبة) معاً؟ كيف يعني؟
زيزي: (تقترب منها وتخفض صوتها) أنا بدي مصلحتك... ومصلحتي كمان. تعرفي إن جاد عائلة كبيرة ومرموقة، وأنا كنت دايماً أحلم إني أتزوج رجل مثله. شو رأيك نشتغل سوا؟ أنا أقرب منه أكثر... ومن هناك، أساعدك في إنه يبعد عن سيليا تماماً.
جيسي: (تضيق عينيها وترد بحذر) يعني إنتي بدك تتزوجي جاد؟ هذا كل الموضوع؟
زيزي: (بتصنع البراءة) بصراحة، جاد فرصة ما تتعوض، وكلنا عارفين إنه زواجه بسيليا انتهى عملياً. إنتي بتكرهيها، وأنا بدي أكون جزء من العائلة... بنقدر نساعد بعض. إذا قدرت أتقرب من جاد، أنا رح أقدر أخلصك من سيليا نهائياً، ووقتها إنتي اللي رح تكوني الأقرب له. بس لازم تفكري بذكاء.
جيسي: (تسكت للحظة، ثم تبتسم بخبث) ماشي يا زيزي... خلينا نشوف إنتي قد إيش شاطرة. لو قدرتي تقربي من جاد وتخليه يبعد عن سيليا، أنا رح أكون معك. بس، ما تنسي، أي حركة غلط... ورح تكوني أنتِ اللي خرجتِ من اللعبة.
زيزي: (تبتسم بارتياح) اتفاق إذن. سوا رح نخلي جاد يشوف مين اللي فعلاً يستحق يكون جنبه
فصل 6
بعد عدة أيام ، لم تتغير الأمور كثيرا ، جاد لازال مقيم في مصر و استمر بتجاهل سيليا و الأولاد ، زين يفكر في تلك الفتاة التي خطفت عقله و قلبه ، رائد لم يفاتح والدته بأمر خطوبته من كارما ، تميم يرهق نفسه بالعمل ، عائلة البحيري كل واحد مشغول بأعماله و لكن سيليا لم تخرج من بالهم أبدا
******************
في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة ، تجلس تلك الشابة التي يبدو عليها الحقد و الكره
سمر(بشر): لازم اخطط كويس عشان ارجع لأحمد ، مش هفضل طول عمري في الفقر
شاهي (بمكر): وأنتي فاكرة أنه هياخدك بالحضن بعد اللي عملتيه
سمر(بخبث): عيلة و غلطت يا شاهي ، مش مستاهلة كل ده ، أحمد عبيط و أنا هضحك عليه بكلمتين حلوين ، متشغليش بالك أنتي
شاهي (وهي تضحك بمياعة): ودي أشوفك بتضحكي عليه فعلاً، سمر. بس لازم تكوني ذكية، ما تجيبيش على نفسك شبهة العاطفة. أحمد مش غبي، هو صح طيب، وأنا بحب لما حد يوقعه في فخه. لو لعبتي صح، هتلاقيه في حضنك بسرعة، لكن خلي بالك من الخطوات الجاية... الدنيا كلها في يدك لو عرفتي تتلاعبين صح.
سمر ( بشر): ومش سمر اللي بتخاف ، أنا عارفة ازاي هخليه زي الخاتم في صوباعي ، و وقتها هتصير كل أملاك البحيري ليا أنا و بس
لتكمل سمر و شاهي ضحكاتهما الخبيثة غافلتين عن الذي كان يستمع لكل شيء
*********************
في فيلا ليلى الألفي ، كانت سيليا تحاول الاتصال بجاد للمرة المليون ، لكنه كنسل عليها في المرة الأخيرة ، مما اثار غضب سيليا
سيليا ( بجنون): أنا هوريك يا جاد ، هوريك مين هي سيليا البحيري ، سامع يا جاااااااد
ارتعب الأولاد من صراخ والدتهم ، في حين جاءت ليلى مسرعة نحوها بعد أن سمعت صراخها
ليلى ( بخوف): حصل ايه يا بنتي ، انطقي ، في ايه يا سيليا
سيليا ( بتصميم): أنا هخلع جاد يا عمتو ، و هسيب الأولاد ، من حقي أني اعيش حياتي ، أنا لسه صغيرة و مش هدفن نفسي بالحيا
ليلى ( بشهقة): استهدي بالله يا بنتي ، المشاكل متتحلش كده ، عندك ثريا هانم و كريم بيه واقفين بصفك
سيليا ( بسخرية): اها ، اظهري على حقيقتك يا عمتو ، عايزة بعتيني لجاد عشان الفلوس مش كده
ليلى (بغضب مخفي وراء الهدوء): سيليا، مش معقول كلامك ده! أنا مش عايزة أبيعك لحد عشان فلوس، بس عايزة مصلحتك، وده مش معناه إني ضدك. جاد مش كل حاجة، والأولاد مش مجرد أداة للانتقام. لو كنتِ بتفكري كويس، كنتِ فهمتي إن الحياة مش بتقف عنده، ولا عند فلوسه. الفوضى دي هتأذيك أكتر من أي حاجة تانية
سيليا ( بعناد): وأنا مش هوقف حياتي عند جاد ده ، هخلعه و اسيب الاولاد و ارجع للجزائر ، أنا تعبت حقيقي
كادت سيليا أن تذهب ، لكن استوقفتها ليلى قائلة بخبث
ليلى: استني عندك يا سيليا
سيليا ( بغضب): في ايه تاني ؟
ليلى ( بخبث): فكري كويس ، انتي دلوقتي لو سبتي ولادك لجاد ، و اتطلقتي منه ، هياخد ولاده و يسافر لدبي ، و يتجوز واحدة حرباية ، تاخد ولادك و تكرههم فيكي ، و انتي اولدي و اتعبي و ادفني نفسك بالحيا عشان خاطر اللورد جاد و السنيورة تاخد كل حاجة عالجاهز كده
ثم اكملت قائلة بجدية
ليلى ( بحب صادق) : سيليا ، انتي بنتي اللي مخلفتهاش ، اللي انقذتها من الموت فآخر لحظة ، صدقيني لو كنت أعرف حقيقة جاد مكنتش وافقت على الجوازة دي من الأساس حتى لو كلفني ده خسارة صديقتي الوحيدة ثريا ، بس لسه عندنا وقت عشان نصلح اللي فات ، خدي ولادك فحضنك و اتطلقي من جاد و عيشي حياتك ، أنتي لسه مكملتيش 22 سنة يا بنتي ، و لسه عمر طويل قدامك عشان تعيشيه ، اسمعي الكلام يا سيليا ، و أنا و رائد مش هنسيبك أبدا
سيليا (بتأثر واضح): عمتو... أنا حقيقي تعبت، ومش قادرة أستحمل أكتر من كده. جاد دمرني، خلاني أحس إني مجرد لعبة، ودايماً محسسني إني مش مهمة. بس كلامك صح... مش هقدر أسيب ولادي، مش هقدر أسيبهم لواحدة تانية تربّيهم وتكرههم فيّ.
(تتوقف للحظة وتتنفس بعمق)
سيليا (بصوت مليء بالعزم): بس أنا مش هفضل مستسلمة. هسمع كلامك يا عمتو، هاخد ولادي وأبدأ من جديد. أنا مش ضعيفة، ولازم أفكر في مستقبلي ومستقبلهم. شكراً إنك دايماً جنبي... ما كنتش هعرف أعمل ده لوحدي
ليلى (بحنان): يا حبيبتي، أنا معاك دايماً، مش هسيبك أبداً. إنتي أقوى بكتير مما بتتصوري، وده أول خطوة إنك ترجعي لنفسك وتعيشي حياتك زي ما تستحقي. ولادك محتاجينك، وأنا ورائد جنبك في كل خطوة.
(تضع يدها على كتف سيليا)
ليلى (بابتسامة دافئة): إحنا عيلة، والعيلة مش بتتخلى عن بعضها. هتعدي الأزمة دي، وهتبدأي صفحة جديدة، وصدقيني الأيام الجاية هتكون أحسن بكتير.
في غرفة الأطفال، جلس زياد ومازن معًا على السرير، يحدقان في بعضهما البعض بحيرة. كانت لينا نائمة بجانبهما، بينما كان الصمت يعم المكان، إلا من صوت أنفاسهما.
زياد (وهو ينظر إلى مازن بحزن): ليه بابا مش بيحبنا زي ما رائد بيحبنا؟
مازن (بصوت خافت): ما بعرفش يا زياد... رائد دايمًا بيضحك معانا، بيلعب معانا، بس بابا مش كده. هو مش دايمًا بيكون هنا.
زياد (بتساؤل): يعني هو مش بيحبنا زي رائد؟
مازن (بحزن): بابا مبيجيش إلا لما يبقى عنده وقت، بس رائد كان دايمًا موجود، بيلعب معانا، بيحكي لنا قصص... بابا مبيعملش كده.
زياد (بصوت منخفض): ليه بابا كده؟ هو مش مهتم بينا؟ ليه مبيشوفناش زي رائد؟
مازن (بصوت ضعيف): مفيش حد زي رائد يا زياد. رائد دايمًا معانا، بيحسسنا أننا ولاده، لكن بابا مش بيحس بينا زي كده.
زياد (بصرامة): إحنا مش غلطنا في حاجة، صح؟ رائد مش بابا، بس هو دايمًا معانا.
مازن (بحزن): عارف... بس أنا مش فاهم ليه بابا مش بيقعد معانا زي رائد. رائد يعاملنا كأننا أولاده، لكن بابا مش بيبقى معانا كده.
زياد (بتصميم): مش هنسكت. أنا هحاول مع بابا، عشان هو لازم يحس بينا زي ما رائد بيحس بينا.
مازن (بابتسامة خافتة): وأنا معاك يا زياد. يمكن لو حاولنا مع بعض، بابا يغير رأيه.
كانت الكلمات بين زياد ومازن مليئة بحزنهما وبراءتهما، وتوضح الفرق بين المعاملة الدافئة التي كانا يحصلان عليها من رائد، وبين تجاهل والدهما جاد.
في هذه اللحظات كان رائد يستمع لكلام الأطفال و شعر بالحزن على حالتهم
رائد (في نفسه، وهو يراقب الأطفال بصمت): "هم دول مش أولادك، جاد... هما مش أولادك. إزاي تقدر تتجاهلهم كده؟ إزاي تقدر تتركهم في حالة من الحيرة والضياع؟"
(رائد يتنهد بمرارة)
رائد (بتوعد وغل في قلبه): "أنا مش هسمح لك تضرهم تاني يا جاد. مهما حاولت، مهما عملت، أنا مش هسيبك تبقى بعيد عنهم... الأطفال دول، زي أولادي تمامًا، وأنا مش هخلي حد يفرّق بينهم وبين الحق اللي هما عايشين فيه. أنت مش هتعرف تحس بيهم إلا لما تفقدهم، ومش هتقدر تقرب منهم تاني."
(رائد يغلق قبضته في غضب)
رائد (بصوت خافت): "أنت مش هتقدر تسيطر عليهم زي ما كنت فكر. ليك يوم، يا جاد، يوم هتشوف فيه من معاملة الناس ليك قد إيه كانت فارغة. يوم هتندم على كل لحظة تجاهلت فيها العائلة دي، وخصوصًا أولادك. هخليك تدفع الثمن."
(يتوقف ليتنهد ثم يواصل)
رائد (بتصميم): "مش هتخليهم يعيشوا في ظل شخص مش قادر يكون أب حقيقي. أنا هخليهم يعرفوا مين اللي كان موجود ليهم وقت ما كنت إنت غايب. لو كان فيه حد يستحق التقدير والاحترام، فهو الناس دول. وأنا مش هسمح لأي حد يحطمهم. هتبقى أسوأ لحظة في حياتك لما تعرف إنك فقدت كل حاجة لأنك مش قادر تكون الأب اللي المفروض تكونه."
(يبتسم رائد ابتسامة مريرة وهو ينظر نحو الأطفال، وعيناه مليئة بالعزم على الانتقام من جاد)
************************
كانت الساعة قربت على منتصف الليل، والفيلا هادية جدًا ما عدا صوت خطوات زين وهو داخل من الباب الكبير. النور الضعيف في الصالة كان بيخلي الظلال تظهر على الحيطان البيضا. كانت هناء، والدته، قعدة على الكنبة، عينيها شاردة في الفراغ، مستنياه زي كل مرة. لما شافها، وقف في المدخل لحظة صمت طويلة قبل ما يتكلم.
زين (بغضب مكبوت):
"إنتِ هنا؟ مستنياه في الوقت ده؟ عايزة مني إيه؟"
هناء (مظهرة هدوء مش طبيعي):
"كنت مستنيك ترجع... اتأخرت كتير. كنت عايزة أتكلم معاك."
زين (بصوت منخفض وحاد، وهو بيقرب منها):
"بتتكلمي؟ بعد كل السنين دي؟ هتقوليلي إيه؟ في مبرر للي عملتيه؟ بتفتكري الكلام ده هيرجع حاجة؟"
هناء (تنهدت، بتحاول تتحكم في مشاعرها):
"زين، أنا عارفة اللي حصل، وعارفة إن اللي عملته كان غلط. لكن كنت لسه صغير وقتها... كان عندك عشر سنين، ومش عايزة تفضل الذكرة دي بتمشي وراك."
زين (يقرب منها أكتر، وعينيه متوهجة من الغضب):
"ما تستخفّيش بيا. عشت كل يوم في حياتي وأنا شايف صورتك في دماغي، فاكر كيف خنتِ أبويا قدامي. وإنتِ بتقولي لي كنت صغير؟ كنت عايز أبويا في اللحظة دي، وأنتِ قتلتيه. أيوة، قتلتيه! مات بسببك."
هناء (بصت له، حاولت تبين بعض الندم، لكن عينيها مليانة ضعف):
"أنا... أنا غلطت. مش بطلب منك تسامحني، لكن عايزة تعرف إنني ندمانة على كل حاجة."
زين (بصوت متقطع، مليان وجع وحقد):
"ندمتِ؟ والندم ده هيرجع أبويا؟ هيرجع السنين اللي راحت من حياتي؟ هيرجع لي كرامتي اللي أهنتيها؟"
هناء (قربت منه شوية، وعينيها مليانة دموع):
"أرجوك يا زين، أنا أمك. مش قادرة أعيش في الصمت ده أكتر. عارفة إنك بتكرهني، لكن مش قادرة أعيش وأنا حاسة إنك بترفضني."
زين (ابتعد عنها بشكل مفاجئ، وكأن كلامها ما وصلش لقلبه):
"إنتِ مش أمي! أمي كانت حاجة تانية، كانت واحدة بتحبنا وتحترمنا. إنتِ مجرد واحدة مش تستاهل تتسمى أم. لو كنتي فاكرة إن كل حاجة هترجع زي ما كانت، إنتِ غلطانة. اللي بينا خلص من زمان."
وقف شوية، خد نفس عميق، وبعدين قال وهو ملتفت ناحية الباب:
"مش عايز أشوفك تاني. مفيش مكان ليكِ في حياتي. هاجي هنا بس عشان أطمن على البيت... ده كل حاجة."
قفل الباب وراءه ببطء، وتركها في الصالة، لوحدها، مع ذكرياتها المظلمة اللي مش هتقدر تتخلص منها أبداً
#قيود_العشق2
فصل 7&8
صعد زين إلى الطابق العلوي بخطوات ثقيلة، وهو يشعر بثقل الذكريات يضغط على صدره. فتح باب غرفة والده ببطء، وكأنها ما زالت تحمل رائحته ودفء وجوده. النور الخافت المنبعث من مصباح الطاولة كان يلقي بظلال خافتة على الجدران، ليعيد إحياء مشاهد قديمة من ذاكرته.
توجه زين نحو الخزانة الخشبية القديمة، فتح أحد الأدراج بيدين ترتجفان، وأخرج ألبوم الصور الأسود. جلس على طرف السرير، فتح الألبوم ببطء، وعينيه بدأت تلتهم الصور.
كانت أول صورة له مع والده في حديقة المنزل، زين طفل صغير، يضحك بينما والده يحمله على كتفيه. عادت ضحكته إلى أذنيه وكأنها تسخر من الحاضر. قلب الصفحة، فوجد صورة أخرى لهما وهما يلعبان كرة القدم. والده كان يبتسم بفخر وكأنه يرى فيه امتداداً لحياته.
زين (بصوت مبحوح مليء بالشجن):
"يا ترى... كنت فخور بيا وقتها؟ كنت بتشوفني إزاي؟ كنت بتخطط لمستقبلنا إزاي؟"
مرر أصابعه برفق على وجه والده في الصورة، وكأن اللمس قد يعيده للحياة. كانت الصور التالية تحمل ذكريات يوم ميلاده العاشر، والده يضع له القبعة الورقية على رأسه ويطفئان الشموع معاً.
توقف عند صورة أخرى. نفس الملابس التي كان والده يرتديها في اليوم الأخير. الصورة التي التقطت صباح اليوم الذي تغير فيه كل شيء. دمعت عيناه، وكأن جسده لم يتحمل طوفان المشاعر الذي أغرقه.
زين (بصوت خافت يتخلله البكاء):
"ليه؟ ليه كل حاجة انتهت بالشكل ده؟ ليه كنت لازم أشوفك تنهار قدامي؟... ما كنتش أقدر أعمل حاجة. كنت طفل صغير... ما كنتش أعرف إني هشوفك... تموت."
أسند رأسه إلى الألبوم، وأغمض عينيه، بينما تملأ الغرفة سكوناً مشوباً بالألم.
تذكر اللحظة التي رأى فيها والده يضع يده على صدره ويسقط أرضاً، صرخاته وهو يحاول أن يوقظه، ووجه والدته الذي لم يحمل سوى الصدمة الزائفة. صوت الإسعاف وهو يأخذ والده بعيداً... للأبد.
زين (بغضب مكبوت وهو يشد يده على الألبوم):
"كانت السبب... هي اللي قتلتك. كل حاجة بسببها."
قلب الصفحة الأخيرة من الألبوم، ليجد صورة قديمة تجمع والده ووالدته قبل أن يتغير كل شيء. لم يستطع أن يزيل وجهها من الصورة، لكن بدا وكأنه يحاول إزالتها من ذاكرته.
أغلق الألبوم بعنف، ووضعه على الطاولة بجانب السرير. وقف أمام النافذة المطلة على الحديقة، وأشعل سيجارة، في محاولة يائسة لإخماد الألم الذي يشتعل في صدره.
زين (بصوت حاسم، وكأنه يخاطب نفسه):
"لازم أتحرر من ده كله. ما ينفعش أفضل محبوس في الماضي ده. أنت كنت تستحق حياة أحسن... وأنا لازم أعيشها علشانك."
نظر إلى السماء، وكأنها تحمل روح والده، ثم خرج من الغرفة، حاملاً في داخله وعداً صامتاً بأنه لن يسمح لأي أحد، بما في ذلك والدته، أن يعكر ذكريات والده أو يقترب منها مجدداً.
نزل زين من على السلم بخطوات تقيلة، بس المرة دي كان كل حاجة جواه زي بركان على وشك الانفجار. عينيه مليانة غضب وحقد، وملامح وشه جامدة زي الحجر. لما وصل للصالة، لقاها لسه قاعدة في مكانها، حواليها هدوء مصطنع كأنها بتحاول تبان قوية بعد كلامه.
وقف زين عند آخر السلم، وبص لها بنظرة كلها قرف، وكأنه شايف قدامه السبب في كل حاجة دمرت حياته.
زين (بصوت واطي لكنه مليان احتقار):
"إنتِ قاعدة هنا... مستنية إيه؟ مستنية أعملك كإنك أمي؟ ولا مستنية أصدق الندم اللي بتمثليه ده؟"
ثم أكمل قائلا بسخرية مريرة
زين" اه ، نسيت ،انتي أصلا ملكة التمثيل و ****** يا هناء هانم"
هناء (رفعت رأسها ليه، وعينيها مليانة دموع):
"أنا مش قادرة أرجّع اللي فات، يا زين. كل اللي أقدر أعمله إنّي أطلب منك تسامحني."
زين (ضحك بسخرية مُرة وهو بيقرب منها بخطوات بطيئة):
"تسامحك؟ أسامحك على إيه؟ على إنك خنتي الراجل اللي كان بيشيلك فوق راسه؟ ولا على إنك دمرتي حياته قدامي؟"
هناء (بصوت مهزوز):
"كنت صغيرة .... ضعيفة... غلطت. بس ده مش معناه إنّي..."
زين (مقاطعاً بحدة):
"مش معناه إيه؟ مش معناه إنك خاينة؟ إنك... ****؟ آه، ****! ما تخجليش من الكلمة. عارفة إيه الأصعب؟ إن العاهر**ة العادية على الأقل ما بتهدش بيتها. لكن إنتِ، إنتِ هدمتي بيتنا... هدمتي حياة أبويا... وحياتي أنا كمان."
هناء (انهارت بالبكاء وهي بتحاول تقرب منه):
"زين... أنا أمك. حتى لو غلطت، أنا أمك!"
زين (ابتعد عنها بخطوة، وكأن قربها بيئذيه):
"إنتِ ما تستحقيش تكوني أمي. أمي كانت ست تانية... كانت ست بتحبنا وبتحترمنا. إنتِ مجرد واحدة أنانية ما فكرتيش غير في نفسك. أبويا مات بسببك، وأنا اتحولت لشخص ما بيعرفش يحب ولا يثق في حد... بسببك. كل كلمة بتقوليها، كل دمعة بتنزل منك، مش هتغير أي حاجة."
هناء (بوجع كبير):
"أنا ندمانة... والله ندمانة!"
زين (بص لها نظرة أخيرة مليانة قرف واشمئزاز):
"ندمك ده جه متأخر. كنتِ لازم تندمي يوم ما قررتي تخونيه. دلوقتي... كل اللي أقدر أشوفه فيكِ هو الخيانة. عايزة مني تسامح؟ انسِ، ده مش هيحصل. عمرك ما هتاخديه."
استدار زين ناحية الباب، فتحه وخرج على الجنينة، وسبها في الصالة لوحدها غرقانة في دموعها، وسط ذكرياتها وأخطائها اللي عمرها ما هتعرف تهرب منها.
***********************
في البار ، المكان مليان بالأضواء الملونة وأصوات الموسيقى العالية. الضحك داير حوالين الطاولات، وصوت الكوبايات وهي بتخبط في بعضها واضح. جاد قاعد على ترابيزة ، في إيده كوباية مشروب، متكاسل على الكرسي، وعينيه متسمرة على الناس اللي بترقص على المسرح. جنبه واحدة لابسة فستان لامع يظهر أكثر مما يخفي، بتحاول تلفت انتباهه بابتسامة مغرية.
جاد: (يضيق عينيه ويبتسم بمكر) الليلة دي غريبة... فيها حاجة بتخليني عايز أنسى كل حاجة.
الست: (تقرب منه وتميل بجسمها) أنسى؟ الرجالة زيك ما بيعرفوش ينسوا بسهولة، شكلك بتحاول تهرب من حاجة.
جاد: (يرشف من كوباية المشروب ويضحك بسخرية) أهرب؟ ممكن. أو يمكن أنا بس بدور على لحظة متعة... من غير أي قيود.
الست: (بجرأة وهي بتبصله) إنت متجوز؟
جاد: (يضحك بخفة ويبص في كوباية المشروب) متجوز؟ كلمة كبيرة دي. خلينا نقول... مرتبط بواجب.
الست: (تحط إيدها على كتفه و تقول بدلع) يبقى الليلة دي إنت راجل حر.
جاد: (يبصلها بابتسامة ماكرة) دايمًا حر... حتى لو فيه قيود.
(يقطع كلامهم صوت ضحك عالي جاي من ناحية تانية في البار. جاد يلتفت للصوت ويرفع كوباية المشروب بتحية لصاحبه اللي قاعد على ترابيزة بعيدة.)
جاد: (بنبرة لا مبالية) على فكرة، إنتي شايفة إن السعادة بتيجي لما الواحد يتحمل المسؤولية؟
الست: (تضحك بمياعة) السعادة؟ السعادة تيجي لما الواحد يعيش اللحظة... زي دلوقتي بالظبط.
جاد: (يبتسم ويقوم من الكرسي، متوجه لمنصة الرقص) أهو ده اللي كنت بدور عليه... لحظة ما تخلصش.
(الست تمشي وراه وهو يكمل ليلته وسط الضحك والمزيكا، ناسي تمامًا مراته وعياله اللي سايبهم في بيت بعيد، مستنيين أب يحتويهم و يحسسهم بحنانه )
***********************
في فيلا ليلى الألفي ، في غرفة المعيشة فسيحة ومزينة بذوق راقٍ، تضج بالهدوء الذي يعم المنزل بعد نوم الأطفال. سيليا تجلس على الأريكة وهي ترتدي ملابس منزلية أنيقة، تحمل كوبًا من الشاي بيدها وتبدو على وجهها علامات التفكير العميق. على الكرسي المقابل تجلس عمتها ليلى، امرأة في منتصف العمر، بثوب بسيط ونظرة حنونة لكنها قلقة. بجانب ليلى يجلس رائد، شاب في أواخر العشرينات، ملامحه تعكس الجدية والاهتمام.
ليلى: (بنبرة حنونة) سيليا يا حبيبتي، أنا شايفة الضيق في عينيكي... لكن الكلام اللي بتقوليه مش سهل. إنتي فعلاً قررتي؟
سيليا: (تضع الكوب على الطاولة وتنظر لعمتها بثبات) قررت، يا عمتي. كفاية اللي استحملته من جاد. لا حب، لا احترام، لا اهتمام حتى بأولاده. أنا تعبت من دور الضحية.
رائد: (يتكئ للأمام ويضع كوعه على ركبته) سيليا، أنا فاهم اللي إنتي حاسة بيه، وجاد تصرفاته لا تتغتفر... بس إنتي بتتكلمي عن خطوة كبيرة. التمثيل وعروض الأزياء؟ إنتي واثقة؟
سيليا: (تبتسم بسخرية) واثقة. جاد ما بيشوفش غير المظاهر. بيحب أي حاجة تلمع وتشد الانتباه. طيب، لو دي اللعبة اللي بيعرفها... يبقى أنا كمان هعرف ألعبها.
ليلى: (بتوتر) بس يا بنتي، المجال ده مش سهل. ومش مضمون، وكمان مش لايق عليكي ، أنتي بنت محترمة مش للحوار ده وجاد... هيعمل أي حاجة عشان يحبطك.
سيليا: (بنبرة مليئة بالتحدي) عشان كده، أنا مش هخليه يحبطن و على فكرة يا عمتو أنا مش بنت ليل ، همثل بس ، أنا طول عمري عايشة عشانه، ولعياله، وهو ما قدرش ده. دلوقتي دوري أثبتله إنه مش الوحيد اللي يقدر يكون محط الأنظار.
رائد: (ينظر إليها بإعجاب مخلوط بالقلق) واضح إنك مصممة. وأنا دايمًا جنبك، بس يا سيليا، خدي بالك. اللعبة اللي بتدخليها دلوقتي فيها مخاطر، وجاد مش سهل.
سيليا: (تبتسم بثقة) ولا أنا.
ليلى: (تتنهد) ربنا يهديكي يا بنتي... أنا عارفة إنك قوية، بس متنسيش إنك أم لثلاثة أطفال.
سيليا: (بهدوء، وهي تنظر باتجاه السقف) عشانهم، يا عمتي. عشانهم لازم يشوفوا أم قوية مش واحدة مكسورة.
رائد: (ينهض ويضع يده على كتفها) لو دي خطتك، يبقى أنا معاك. بس وعديني إنك هتبقي حذرة.
سيليا: (تضع يدها على يده وتنظر إليه بامتنان) وعد.
تتبادل سيليا ورائد النظرات بثقة، بينما ليلى تهز رأسها بخوف وحنان.
بعد صعود ليلى و رائد ، بقيت سيليا تجلس على الأريكة وحدها. في يدها صورة قديمة لعائلتها، تحتفظ بها منذ 6 سنوات منذ هروبها في ذلك اليوم ، تنظر في الصورة بصمت، وكأنها تسترجع لحظات كانت مفقودة. تبدو عيناها مليئة بالمرارة، تنهدت بشدة ثم بدأت في الحديث مع نفسها، عاتبة على عائلتها بطريقة لا تخلو من الحزن.
سيليا: (بصوت ضعيف، وهي تنظر إلى الصورة) إزاي، يعني إزاي قدروا يشكوا فيا؟ أنا اللي تربيت وسطهم، أنا اللي كنت كل حاجة ليهم... مش فاهمة لحد دلوقتي ليه شكوا فيا بالشكل ده.
(تأخذ نفسًا عميقًا، ثم تتابع بحزن)
سيليا: (بهمسات) لو كانوا شافوا الألم اللي أنا عشت فيه... لو كانوا حاسوا بيه... هل كانوا هيشكوا فيا؟ هل كانوا هيصدقوا كذبة واحدة من اللي كانوا بيقولها عني؟
(تمسك بالصورة أكثر، وكأنها تحاول أن تجد شيئًا مفقودًا فيها)
سيليا: (بغضب مكتوم) كانوا دايمًا يقولوا إني البنت المدللة، آخر العنقود. ليه دلوقتي لما كنت محتاجة لهم، هما مش موجودين؟ كانوا شايفينني قويّة، وكانوا بيقولوا إن مهما حصل أنا هكون دايمًا في أمان بينهم.
(تسكت قليلاً، عينيها مليئة بالدموع، ثم تكمل بحزن)
سيليا: (بصوت ضعيف) أمي، كنتي دايمًا بتقولي إنك لو احتاجتي حاجة، هتكوني موجودة. لكن ليه ما كنتيش جنبّي؟ ليه ما حاولتيش تدافعوا عني؟
(تنظر بعيدًا، وكأنها تراجع الأحداث في ذهنها)
سيليا: (بهمسات) أخواتي، كلهم كانوا فاكرين إني غلطت... لو كانوا جادين في حبهم ليّ، لو كانوا فعلاً أخواتي، ما كانوا يسيبوني أهرب كده. كنتوا تقدروا تلاقوني، كنتوا تقدروا تساعدوني لو كنتوا فعلاً حاسين بيا.
(تسكت، تعقد يديها معًا، وتظهر علامات الصراع في عينيها)
سيليا: (بصوت مكسور) كان عندكم فرصة تعيشوا معايا الحقيقة، لكن اخترتم إنكم تسمعوا كلام واحد، واحد بس. مش أنتم اللي كنتوا معايا، أنا كنت الوحيدة اللي كنت عايشة في الوجع ده، وحدي.
(تنهض وتتحرك في الغرفة قليلًا، وهي تكمل حديثها بصوت حازم)
سيليا: (بصوت حازم) كان المفروض تكونوا معايا في اللحظات دي، كان المفروض تدافعوا عني، مش تكونوا أول ناس تصدقوا الكذب. أنا مش هقدر أسامحكم على الشك ده، مهما حاولتوا.
(توقف للحظة، وتلملم نفسها كما لو كانت تستعد للمضي قدمًا في حياتها، ولكن الألم لا يزال في قلبها)
سيليا: (بصوت هادئ) مش هنسى، بس مش هخلي ده يقف في طريقي. الحياة مستمرة، وأنا هعيشها من غيركم
فصل 8
مرت عدة أيام دون جديد يذكر ، غير أن سيليا غيرت رأيها و قررت أن تكمل تعليمها في الجامعة بدلا من التمثيل ، بعد أن أصرت عليها عمتها ليلى بذلك
في صباح ذلك اليوم كانت سيليا امام المرآة تجهز نفسها للذهاب للتسجيل في الجامعة ، قاطعها صوت ابنها الصغير زياد قائلا بطفولة
زياد(ببراءة) : ماما ، انتي رايحة فين ؟
سيليا ( بحنان): رايحة الجامعة يا حبيبي ، عشان أدرس و أكمل دراستي
زياد (متفاجئ): "زياد كمان عايز يروح يدرس "
سيليا (بابتسامة): "لما تكبر شوية وتدخل المدرسة السنة الجاية، يا بطل."
زياد (بحماس): "وزياد هيبقى شاطر؟"
سيليا (تضحك): "أكيد، بس النهارده عايزاك تبقى شاطر في البيت و تسمع كلام تيتا ليلى و خالو رائد، وتساعد ماما وتاخد بالك من مازن ولينا."
سيليا (تقبّله على رأسه): "صح، لينا صغيرة وأنت البطل الكبير بتاع البيت، ما تنساش تدي مازن لعبته المفضلة عشان ما يعيطش، ماشي؟"
زياد (بجدية طفولية و هو يلقي تحية الجيش): "ماشي علم و يتنفذ يا فندم
سيليا (بابتسامة): "وأنا لما أرجع هاجيبلك المفاجأة اللي بتحبها."
زياد (بفرحة): "آيس كريم؟"
سيليا (تضحك): "آيس كريم، لو كنت بطل."
قبلت سيليا رأس زياد تاني، وبصت على مازن اللي كان بيلعب بلعبته ولينا اللي كانت بتبصلها بعيونها البريئة. وقالت بلطف: "خد بالك من إخواتك يا زياد، أنت البطل الكبير."
خرجت سيليا من البيت وعينيها مليانة أمل للمستقبل اللي بتحلم بيه ليها ولولادها و قررت أن تضرب كلام جاد و عن طلبه منها ترك الجامعة بعرض الحائط
بعد عدة دقائق ، انهت سيليا تجهيز نفسها وبعد لحظات كانت تنزل مع أولادها باتجاه المطبخ، تحمل رضيعتها لينا بين ذراعيها، بينما زياد ومازن يتسابقان امامها)
زياد (بحماس): "ماما، أنا كسبت مازن!"
مازن (بإعتراض طفولي): "لأ! أنا اللي كسبت!"
سيليا (تضحك): "طيب، كفاية سباق لحد هنا، هتوقعوا على السلالم!"
يدخلون المطبخ ليجدوا عمتها ليلى وابن عمتها رائد يتحدثان
ليلى (مبتسمة): "صباح الخير يا حبايبي! جهزت لكم الفطار."
رائد (ناظرًا إلى سيليا): "أهو جيتِ شايلة لينا كأنك رايحة تحاربي! هاتيها شوية، إيديكي لازم تستريح."
سيليا (بابتسامة): "لأ يا رائد، مش تقيلة عليا، عادي."
رائد (بابتسامة لطيفة): "هاتي بس، اعتبريها أوامر."
يمد يده برفق ليأخذ الرضيعة من بين ذراعي سيليا، وهي تسلمه الطفلة مطمئنة
سيليا (مازحة): "طيب يا أخويا الكبير، خلي بالك منها، دي مش لعبة."
رائد (ضاحكًا): "متقلقيش، ما أنا اللي علمتك إزاي تشيليها من أول يوم."
يجلس رائد على الكرسي ويبدأ بهدهدة لينا برفق، بينما ليلى تضع الطعام على الطاولة
ليلى (ناظرة إلى سيليا): "ما تنسيش تخلصي أوراق التسجيل النهارده في الجامعة، عايزة أشوفك متألقة "
سيليا (بحماس): "أكيد يا عمتي، أنا نفسي متحمسة جدًا أكمل الخطوة دي."
رائد (بجدية مازحة): "بس على شرط، لما تبقي دكتورة ولا مهندسة، ما تنسي إن أنا اللي شجعتك."
سيليا (تضحك): "حاضر يا سيادة المشجع الأول!"
زياد ومازن يجلسان لتناول الطعام، بينما ليلى تنادي عليهما لتناول الحليب، ورائد يواصل اللعب مع لينا التي تضحك بصوت طفولي يملأ المكان بالبهجة
*************************
في فيلا البحيري كان ريان يستعد لأول يوم له كمعيد في الجامعة ،
ريان نازل من أوضته لابس شيك جدًا، ماسك شنطته ووشه كله ابتسامة. العيلة قاعدين في أوضة السفرة والفطار متجهز.
فؤاد (الأب): صباح الخير يا بطل! جاهز لأول يوم؟
ريان (مبتسم): طبعًا يا بابا، ده يوم مهم جدًا بالنسبة لي.
نجلاء (الأم): ربنا يوفقك يا حبيبي. إحنا كلنا فخورين بيك، طول عمرك رافع راسنا.
أحمد (الأخ الكبير): والله يا ريان، أنا واثق إنك هتكون أحسن معيد في الكلية، مش بس بذكاءك، بأخلاقك كمان.
مراد (مازحًا): بس خدها نصيحة مني، ما تبقاش طيب أوي مع الطلبة، هيستغلوك لو عرفوا إنك حنين زيادة.
سامر: فعلًا، لازم تكون جدع وحازم من الأول. التواضع حلو، بس الحزم أهم.
يوسف (مبتسم): ما تقلقش يا معيد، إحنا كلنا ضهرك. لو احتجت حاجة، إحنا موجودين.
ريان (بثقة): شكرًا ليكم كلكم. دعمكم ده هو اللي دايمًا بيخليني أقدر أعدي أي صعب.
نجلاء: طب كُل لقمة بسرعة يا حبيبي، ما ينفعش تروح الجامعة وإنت جعان.
فؤاد (بابتسامة حزينة): فعلاً، بس نفسي اللحظة دي تبقى كاملة... لو سيليا كانت معانا دلوقتي!
الجميع يلتزم الصمت لثوانٍ، ونجلاء تحاول كسر الحزن على وجهها بابتسامة ضعيفة.
نجلاء (بحنين): لو كانت عايشة... كانت خلصت الجامعة هي كمان السنة دي. كانت هتبقى جنب أخوها، ويمكن هي كمان تبقى معيدة يوم من الأيام.
ريان (بدموع متحجرة): أنا متأكد إنها كانت هتبقى حاجة كبيرة، يا ماما. سيليا كانت دايمًا شاطرة ومتفوقة.
فؤاد (بصوت منخفض): كان نفسي أشوفكم كلكم ناجحين مع بعض... لكن دي إرادة ربنا.
نجلاء تضع يدها على يد فؤاد في محاولة لتهدئته، والجو في الغرفة يصبح مشحونًا بمزيج من الفخر والحزن.
أحمد: ربنا يرحمها ويجمعنا بيها في الجنة، يا بابا. إحنا كلنا ورا بعض، وهنفضل كده مهما حصل.
ريان: أكيد، يا أحمد. وأوعدكم إنّي هفضل أرفع راسكم زي ما سيليا كانت بتحب تشوفنا ناجحين.
ريان يودعهم بحماس، ولكن آثار الحديث عن سيليا تظل عالقة في الجو، والجميع يدعو لها بالرحمة بصمت.
يغادر ريان المنزل بابتسامة، والجميع يودعونه بحب ودعوات بالنجاح. بعد أن يغلق الباب، يعود الصمت للحظات في غرفة الطعام.
نجلاء (تتنهد وهي تلتفت إلى أحمد): أحمد... هو إحنا هنفضل نستنّى كتير؟ مفيش أخبار حلوة منك؟
أحمد (يضع كوب الشاي بعصبية على الطاولة): أخبار إيه يا ماما؟
نجلاء (تبتسم بخفة): أخبار جوازك بقى. بصراحة نفسي أشوفك مستقر، البيت محتاج فرحة، وأنت الكبير، و...
أحمد (مقاطعًا وبحدة): مفيش جواز، يا ماما. الموضوع ده مش في حساباتي دلوقتي.
فؤاد (يحاول تهدئته): أحمد، أمك ما قصدتش تضايقك، هي بس بتحلم تشوفك سعيد ومستقر.
أحمد (بغضب مكبوت): سعيد؟ السعادة دي حاجة مش موجودة في حياتي، يا بابا. خاصة بعد... (يصمت فجأة ويشيح بنظره).
نجلاء (بحنان): يا ابني، ما تحرقش دمك كده. ربنا يعوضك عن أي وجع مريت بيه. سمر كانت...
أحمد (يقاطعها بعصبية أكبر): سمر؟ ما تجيبوش سيرتها قدامي تاني! البنت دي كانت أكبر غلطة في حياتي.
الغرفة تمتلئ بصمت ثقيل، ونجلاء تنظر بحزن إلى ابنها، بينما فؤاد يضع يده على كتف أحمد في محاولة لتهدئته.
فؤاد: أحمد، ما تعيشش حياتك في سجن الماضي. الحياة مكملة، والفرص الجديدة موجودة.
أحمد (يخفض صوته): يمكن، بس دلوقتي مش وقتها.
ينهض أحمد من مكانه ويترك الطاولة، متوجهًا نحو الحديقة ليهدأ. نجلاء تنظر إليه بحزن وتهمس لفؤاد.
نجلاء: نفسي أشوفه سعيد يا فؤاد... نفسي أشوفه يلاقي حد يستاهله وينسى اللي حصل.
فؤاد (بهدوء): اديله وقته، يا نجلاء. أحمد قوي، وهيعرف يخرج من اللي هو فيه... بس على مهله.
بعد خروج أحمد إلى الحديقة، يجلس مراد، سامر، ويوسف في غرفة الطعام بصمت لدقائق، يحاولون استيعاب الموقف.
مراد (يتنهد): بصراحة، أنا فاهم أحمد كويس. الخيانة دي حاجة ما حدش يقدر يستحملها. طبيعي إنه يبقى بالشكل ده.
سامر: طبيعي، بس لحد إمتى؟ أحمد ما ينفعش يفضل حابس نفسه في الماضي كده. اللي حصل حصل، ومش كل الناس زي... (يتوقف للحظة ثم يشيح بيده).
يوسف (بهدوء): مش سهل عليه. أحمد كان بيحب بجد، ولما الحب يتحول لجرح، مش أي حد يعرف ينسى بسهولة.
مراد (بصوت أعمق): معاكم حق، بس إحنا كإخواته لازم نساعده يخرج من الحالة دي. ما ينفعش نسيبه كده طول الوقت غارق في الماضي.
سامر (بغضب خفيف): أنا نفسي أفهم إزاي حد ممكن يعمل فيه كده؟ أحمد ما يستاهلش اللي حصل، أبدًا.
يوسف (يضع يده على الطاولة): طيب إحنا نقعد نقول ما يستاهلش وإزاي وكده؟ ده مش هيغير حاجة. الحل إننا نفضل جنبه، نحاول نشغله، نوريه إن الحياة مكملة.
مراد: معاك حق يا يوسف، لكن هو كمان محتاج يقتنع بنفسه. ما حدش هيقدر يخرجه من اللي هو فيه غيره هو.
سامر: يمكن لما يشوف إننا دايمًا وراه ويلاقي حد يستاهله بجد، هيبدأ يغير طريقته في التفكير.
يوسف (بابتسامة خفيفة): أهو ده اللي لازم نركز عليه. أحمد محتاج يشوف إن الدنيا لسه فيها ناس كويسة، وإنه لسه فيه أمل.
مراد (بثقة): وإحنا هنا علشانه. أحمد مش لوحده، مهما طالت المدة.
الجميع يهزون رؤوسهم بالموافقة، ويشعرون بثقل المسؤولية تجاه أخيهم الأكبر الذي عُرف دائمًا بقلبه الطيب وتحمله للمسؤولية.
************************
في مركز للمخابرات المصرية ، كانت الأضواء الخافتة تعكس على شاشات المراقبة المضيئة، والهدوء الثقيل يغلف المكان كأنه يحمل أسرارًا لا يمكن البوح بها. دخل زين إلى الغرفة بخطوات متثاقلة، ووجهه يحمل ظلالًا من حزن عميق. كان يرتدي بدلته الرسمية، لكن نظراته الشاردة كانت تكشف عن صراع داخلي.
رفع تميم رأسه عندما رأى صديقه على هذه الحالة، فتوقف عن مراجعة الملفات وقال بصوت خافت يحمل شيئًا من الحزن:
– إيه اللي مضايقك، يا زين؟
جلس زين بصمت على أقرب كرسي، وكأن الكلمات تخنقه. أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بصوت منخفض مليء بالمرارة:
– كنت في بيت أبوي... وشفتها.
تجمدت ملامح تميم للحظة، لكنه تمالك نفسه وسأله بحذر:
– والدتك؟
هز زين رأسه بإيماءة صغيرة، ثم تابع:
– شفتها قاعدة و هاممها حاجة و لا كانها عملت حاجة . كأن الزمن واقف هناك، يا تميم. كأنها مش شايفة إن البيت دا مش بيتها من يوم اللي عملته... أنا مش قادر أشوفها من غير ما أشوف اللي حصل... أبويا مات قدامي، وهي... هي السبب.
صمت لثوانٍ، ثم ضرب سطح المكتب بقبضته فجأة، وأضاف بصوت مخنوق:
– كان نفسي أصارحها... أصرخ فيها وأقول لها إنها قتلت أبويا، قتلتني أنا كمان. بس ما قدرتش... فضلت أطلع من البيت زي كل مرة وأنا شايل هم الذكرى دي.
حدق تميم فيه بعينين مليئتين بالتعاطف، لكنه لم يعرف بماذا يرد. كان يعرف أن زين يحمل عبئًا ثقيلًا منذ سنوات، لكن رؤية هذا الألم مجددًا على وجهه جعلت الموقف أصعب مما تخيل.
قال تميم بصوت هادئ، محاولًا مواساته:
– زين، الماضي عمره ما هيرجع، بس انت اللي تقدر تحدد إذا كان هيكمل يتحكم فيك... أو هتلاقي طريقة تقفل الجرح دا للأبد.
لكن زين ابتسم بسخرية، وعيناه ممتلئتان بالغضب:
– الجرح اللي سبته أمي؟ مستحيل يقفل.
نظر تميم إلى زين بعينين تحملان مزيجًا من الحزن العميق والحكمة المولودة من الألم، ثم قال بصوت منخفض، لكنه مليء بالعاطفة:
– فاكر لما قلت لك إن الوجع أحيانًا بيبقى أكبر من إننا نعرف نتعامل معاه؟ كنت بتكلم عني... عن سيليا.
توقف لحظة، وكأن الكلمات تثقل لسانه، ثم أكمل:
– سيليا كانت زي أختي... كنت شايفها ملاك وسط عتمة الدنيا. بس إحنا، عيلتنا، شكينا فيها... أهناها... ذليناها... وخليناها تواجه الدنيا لوحدها. ولما عرفت الحقيقة؟ كنت فاكر إن الندم ممكن يصلح اللي حصل، بس الوقت كان أسرع مننا، والمسامحة عمرها ما وصلت.
تغيرت نبرته، وصارت أقرب إلى الوجع:
– لما العصابة اللي كنت بطاردها قتلتها... كنت واقف هناك، شايفها بتموت بين إيديّ، وما قدرتش أعمل حاجة. ما قدرتش أنقذها. لحد النهارده، يا زين، كل مرة أبص لبنتي الصغيرة... بشوف سيليا في ضحكتها، وأفتكر إن اللي ضيعها مش بس العصابة... إحنا كمان.
توقف للحظة، ثم نظر إلى زين نظرة مباشرة، وقال بصوت جاد:
– أنا مش هقدر أغير اللي حصل، زيك ما تقدرش ترجع أبوك. بس اللي تعلمته من اللي حصل مع سيليا... إننا ما ينفعش نسيب الماضي يدمر اللي باقي مننا. مش لازم تسامح، ومش لازم تنسى، بس لازم ما تخليش الحقد يستهلكك. لأنه لو عمل كده... مش هيبقى فيك حاجة تنقذها، لا لنفسك، ولا للي بتحبهم.
ثم أضاف، بعد صمت قصير:
– أبوك لو كان هنا... كان هيطلب منك حاجة واحدة: إنك ما تبقاش زيه، وإنك تعيش حياتك بعيد عن الظل اللي سابته أمك. مش عشانها... عشانك.
نظر زين إلى تميم بعينين مليئتين بالمرارة، وقال بصوت متهدج:
– بس إزاي أعيش وأنا كل ما أبص لنفسي بشوف ابن الراجل اللي مات مقهور؟
أمسك تميم بكتف زين بحزم ونظر إليه بعينين تحملان مزيجًا من الألم والإصرار، ثم قال:
– تعيش لما تثبت لنفسك إنك أقوى من القهر اللي كسر أبوك، وإنك ابن الراجل اللي كان يستاهل تشيل اسمه بفخر، مش بحزن.
التزم زين الصمت، غرق في أفكاره، وملامحه تعكس صراعًا داخليًا بدأ يتفاقم. تشوش عقله مع الذكرى التي قفزت فجأة إلى ذهنه: وجه تلك الفتاة التي التقاها قبل أيام. ملامحها... عينيها... كل شيء فيها يذكره بشيء مألوف.
رفع رأسه فجأة، وحدق في تميم بنظرة مليئة بالفضول والحيرة، وقال:
– تميم... لو افترضنا إن... إن اللي ماتت مش سيليا... يعني لو كانت لسه عايشة، إيه اللي ممكن يخليها تختفي وتعيش حياة تانية؟
نظر تميم إليه بدهشة، ثم رد بحدة:
– زين، إنت بتتكلم عن إيه؟ أنا شفتها بعيني وهي...
قاطعه زين بعصبية:
– استنى... اسمعني بس! قبل كام يوم، وأنا مروّح... قابلت واحدة... كانت ماشية في الشارع، واضح إن جوزها بيخونها أو في مشكلة كبيرة. اللي لفت نظري... إنها شبه سيليا جدًا. نفس الملامح... نفس العينين.
تجمدت ملامح تميم، وكأنه يحاول استيعاب كلام زين، ثم قال بصوت متردد:
– شبهها؟ زين... سيليا ماتت. إحنا دفناها... إنت عارف دهو كنت معانا في العزا
أمسك زين برأسه، وكأنه يحاول ترتيب أفكاره، ثم قال بصوت مخنوق:
– طيب لو ما كانتش هي؟ ليه حسيت إن في حاجة غلط؟ ليه كل كلمة قلتها دلوقتي خلتني أشك؟ أنا مش متأكد، بس تميم... أنا محتاج أعرف الحقيقة.
تميم، رغم محاولته التمسك بالمنطق، لم يستطع تجاهل نظرة زين المتوسلة. شعر بشيء يتحرك بداخله، ربما أمل صغير أو خوف أكبر، لكنه لم يظهر أي منهما، واكتفى بالقول بهدوء:
– زين... لو كنت شاكك فعلاً، لازم تتحقق بنفسك. بس أوعى تتعلق بحاجة ممكن تكسر قلبك أكتر من اللي حصل
عاد الصمت بينهما من جديد و كل واحد منهما غارق في افكاره الخاصة و بدأ الشك يتسلل لعقل تميم ، هل يعقل أن سيليا لا تزال على قيد الحياة ؟؟ نفض هذه الفكرة من راسه و عاد لعمله
********************
في شقة فاخرة في القاهرة ، كان جاد يتابع أعماله من الحاسوب قبل أن يرده إتصال من الحارس
جاد ( بجدية): في ايه ؟
الحارس ( بجدية): المدام سيليا يا جاد بيه
جاد ( ببرود و ملل): فيها إيه الست دي؟
الحارس ( بخوف): أنا كنت مراقبها زي ما طلبت مني و راحت الجامعة دلوقتي
انتفض جاد من مكانه و صاح قائلا بغضب
جاد: نعم ، قلت راحت الجامعة ؟؟؟
الحارس ( بخوف): نعم
جاد ( بغضب و حقد و توعد): بقى كده يا سيليا ، تكسري كلمتي و تتصرفي على راحتك ، أنا هوريكي مين هو جاد الحسيني
(لحظات صمت، كان جاد يمرر يده في شعره بعصبية)
جاد (بصوت منخفض، كأنه يخاطب نفسه): لو فكرّت تخرج عن طاعتي، هتندم.. أنا مش هسيبها
الحارس (بقلق): يعني... أعمل إيه دلوقتي؟
جاد (بحسم): تابع خطواتها، خليها ما تحسش بأي حاجة. لو حصلت حاجة غريبة، خليني عارف فورًا.
الحارس (موافقًا بتردد): حاضر، جاد بيه.
#قيود_العشق2
فصل 9
في الجامعة ، كانت سيليا تسير في الممرات متجهة نحو مكتب العميد و هي عازمة على الإنتقام لكل من آذاها و قلب حياتها لجحيم ، دخلت سيليا مكتب العميد بخطوات سريعة، وقفت قدامه مباشرة وقالت:
سيليا: "صباح الخير، أنا جاية أقدم أوراقي عشان أقدم في الكلية."
رفع العميد عينه من الورق اللي قدامه، راجل في نص عمره بنظرة جدية وصوت هادي.
العميد: "إنتِ سيليا علي؟"
سيليا: "أيوة."
العميد: "معاكي كل الورق المطلوب؟"
مدتله الملف من غير كلام، أخده العميد وبدأ يراجع الورق، وسيليا واقفة مكانها ساكتة.
العميد: "شهادة الثانوية... صورة البطاقة... استمارة التقديم... كل حاجة تمام. إيه اللي أخرك عن التقديم؟"
سيليا (بثبات): "كان عندي ظروف. المهم إني هنا دلوقتي."
العميد قفل الملف وختمه.
العميد: "تمام، طلبك مقبول. روحي مكتب شؤون الطلاب عشان ترتبي جدولك."
سيليا (بهدوء): "شكرًا."
وقفت لحظة، وبعدين قالت:
سيليا: "أنا هبقى من أحسن الطلبة هنا."
العميد (مبتسم): "هنشوف."
سيليا استدارت وخرجت من المكتب بخطوات واثقة، وعزيمة ما بتتهزش
خرجت سيليا من مكتب العميد بخطوات مسرعة، فجأة اصطدمت بفتاة كانت تحمل مجموعة من الأوراق، فتبعثرت على الأرض.
سيليا (بتوتر): "آسفة جدًا، ما خدتش بالي!"
ياقوت (وهي تنحني لتجمع الأوراق): "لا عادي، أنا كمان كنت مستعجلة."
انحنت سيليا لمساعدتها في جمع الأوراق.
سيليا: "معلش، دي غلطتي."
ياقوت (مبتسمة): "ولا يهمك. شكلك لسه جديدة هنا، مش كده؟"
سيليا: "أيوة، لسه مخلصة إجراءات التقديم."
ياقوت: "أنا كمان! شكلك هتبقي معانا في الدفعة."
وقفتا بعد جمع الأوراق.
سيليا: "بجد؟ كويس أوي، أنا اسمي سيليا."
ياقوت (بابتسامة ودودة): "وأنا ياقوت. شكلنا هنشوف بعض كتير."
سيليا (بابتسامة خفيفة): "واضح. مبسوطة إني اتعرفت عليكي."
ياقوت: "وأنا أكتر. يلا نروح نشوف مكتب شؤون الطلاب سوا؟"
سيليا: "تمام، فكرة حلوة."
مشيتا معًا، حديث بسيط بينهما يمهد لصداقة بدأت بمصادفة عابرة
***********************
في مكان آخر أخذ رائد كارما و الأولاد لقضاء بعض الوقت في الحديقة
زياد (يجري بين الأشجار ويصيح): "يا خالو رائد! بص، أنا أسرع منك!"
رائد (يضحك): "مش أسرع مني يا بطل، أنا أسرع واحد هنا!"
بدأ رائد يركض خلف زياد، بينما مازن كان يجلس بجوار كارما على العشب، يحاول بناء شيء باستخدام قطع صغيرة من أغصان الشجر.
كارما (تبتسم لمازن): "إيه ده اللي بتعمله يا شاطر؟"
مازن( ببراءة) : "بيتي! ده البيت بتاعي أنا ولينا."
كارما (تضحك): "طيب، لينا فين؟"
مازن (ينظر للينا التي تجلس على كرسيها الصغير): "هي نايمة، مش عايزة تساعد!"
كارما (تنظر لرائد): "رائد! مازن بيقول إن لينا مش بتساعده في البيت بتاعه!"
رائد (يضحك وهو يرفع زياد عاليًا): "لينا صغيرة لسه، بس مازن يقدر يبني لوحده، مش كده يا مازن؟"
مازن (بفخر): "أيوة، أنا قوي!"
اقترب زياد من مازن بعدما تعب من الركض.
زياد: "أنا أسرع واحد، بس تعبت شوية. ممكن ألعب معاك؟"
مازن( بطفولة) : "لا، ده بيتي، ابني بيتك لوحدك!"
كارما (تتدخل بخفة): "طيب، لو ساعدتوا بعض، هنبني بيت كبير قوي."
زياد (بحماس): "ماشي، أنا هجمع الأغصان!"
بينما بدأ الأطفال يجمعون الأغصان، رفعت كارما لينا من كرسيها الصغير وبدأت تهزها بخفة.
كارما (تبتسم لرائد): "الأطفال دول بيخلوا اليوم أحلى، مش كده؟"
رائد (ينظر لهم بحنان): "أيوة، سيليا محظوظة بيهم، وأنا محظوظ إنهم موجودين في حياتي."
كارما: "وأنا كمان."
واصل الأطفال اللعب، أصوات ضحكاتهم تملأ الحديقة، وسط نظرات الحب والدفء من رائد وكارما.
كان الأطفال منهمكين في اللعب، زياد ومازن يبنيان بيتًا صغيرًا من الأغصان، بينما لينا تجلس على العشب تضحك بصوت بريء وهي تحاول اللحاق بفراشة ما
رائد (ينظر إلى كارما بابتسامة): "عارفة؟ أنتِ أجمل حاجة حصلتلي."
كارما (تبتسم بخجل): "هو ده وقته؟ بص الأطفال هيرجعوا يسمعونا!"
رائد: "مازن وزياد مشغولين بالبناء، ولينا مش فاهمة حاجة. ده أنسب وقت."
كارما (تضحك بخفة): "إنت دايمًا بتعرف تختار كلامك، مش كده؟"
رائد (مبتسم): "معاكي مش محتاج أفكر، الكلام بيطلع لوحده."
كارما: "طيب لو خلصتوا بناء البيت، قولهم يضيفوا اوضة زيادة لي."
رائد (بمزاح): "اوضة بس ؟ أنتِ تستاهلي قصر جنب بيتهم."
التفت زياد فجأة إليهما، وعيناه مليئتان بالحماس.
زياد: "خالو رائد، تعال ساعدنا، البيت وقع!"
رائد (بضحكة): "جايلك حالًا يا بطل. استني يا كارما، هنكمل كلامنا بعدين."
كارما (بخجل): "مش هنخلص منك!"
ذهب رائد إلى الأطفال بينما بقيت كارما تنظر إليه بابتسامة دافئة، تحمل مزيجًا من الحب والسعادة.
بينما كان رائد مشغولًا مع زياد ومازن في إصلاح البيت، و كارما مشغولة بمكالمة هاتفية وردتها ، بدأت لينا تتحرك بخطوات صغيرة مترددة بعيدًا عنهم، عيناها تلمعان ببراءة، حتى وصلت إلى سيدة تجلس على مقعد قريب.
نجلاء (بصوت دافئ): "يا عروسة يا حلوة، جاية تمشي لوحدك كده؟"
مدت يديها وأمسكت بلينا التي توقفت وبدأت تضحك بخجل.
نجلاء (وهي تداعبها): "مين الشطورة دي؟ ما شاء الله، إنتِ جميلة قوي."
بدأت نجلاء تلعب مع لينا، تلوّح لها بقطعة صغيرة من حلوى كانت تمسكها، ولينا تحاول الإمساك بها وهي تضحك بصوت عالٍ.
رائد (منتبهًا لصوت لينا): "لينا؟!"
التفت بسرعة، ووجدها بين يدي السيدة. اقترب منها بخطوات سريعة.
رائد: "آسف جدًا، البنت دي بنتنا وكانت بعيدة شوية."
نجلاء (مبتسمة): "ولا يهمك، لقيتها جاية لوحدها، قلت ألعب معاها شوية."
رائد: "شكرًا لحضرتك. لينا بتحب تستكشف كل حاجة حواليها."
أخذ رائد لينا بين ذراعيه، لكن نجلاء ظلت تنظر إلى الصغيرة بعينين تملؤهما الحنان.
نجلاء (بهمس): "البنت دي جميلة... عيونها تشبه حد أعرفه."
رائد (بهدوء): "آه، ورثت جمالها عن والدتها."
نجلاء (بنبرة مترددة): "والدتها... هي معاك هنا؟"
رائد (يشعر بالارتباك و التوتر): "لا، والدتها مش موجودة دلوقتي."
ابتسمت نجلاء بحزن غريب قبل أن تنهض وتقول:
نجلاء: "ربنا يحفظها. خلي بالك منها، الأطفال دول نعمة كبيرة."
رائد: "أكيد، شكرًا لحضرتك."
غادرت نجلاء ببطء، لكن قلبها كان يضج بشيء لم تستطع تفسيره و قد تذكرت ابنتها سيليا، بينما رائد عاد إلى كارما وهو يحمل لينا، محاولًا تهدئة نبضات قلبه السريعة.
كارما (بقلق): رائد، ماله وشك مخطوف كده؟
رائد( بهلع): دي طنط نجلاء
كارما ( بإستغراب): نجلاء مين ؟
رائد: أم سيليا و مرات خالو فؤاد ، على شوية كانت هتعرف أن لينا بنت سيليا
كارما: يا نهار اسود ، لو عرفت مش هنخلص
رائد (بغموض): هنشوف بعدين ، يلا بينا نروح ناكل
كارما: حاضر
**********************
في فيلا جليل البحيري ، صوت المفتاح وهو بيفتح الباب ببطء. تميم واقف على العتبة، شكله مرهق بعد يوم طويل، بس بيحاول يرسم ابتسامة بسيطة على وشه
منار (الأم): "تميم! يا ضنايا!" (بتجري عليه وتحضنه بكل قوتها.)
تميم (بصوت هادي): "يا أمي... وحشتيني أوي."
منار (وعينيها مليانة دموع): "كل مرة ترجع فيها بالسلامة، بحس إن قلبي بيتولد من جديد."
(جليل بيقرب بخطوات تقيلة وواثقة، بيحط إيده على كتف ابنه.)
جليل (الأب): "حمد الله على سلامتك يا ابني. يومك كان عامل إزاي؟"
تميم (بابتسامة متعبة): "كان طويل... بس خلاص خلص. أنا معاكم دلوقتي."
(ماهر بيخرج من الأوضة، بيجري بسرعة على أخوه ومعاه ورقة في إيده.)
ماهر (بحماس): "تميم! تميم! بص الرسمة دي!"
(تميم بينحني وياخد الورقة، ويبص فيها بتركيز.)
تميم (بابتسامة دافية): "ماهر! دي تحفة! دبابة وشمس؟ دي أنا؟"
ماهر (بيحك راسه بخجل): "طبعًا! أنت البطل!"
تميم (مازحًا): "يبقى لازم تطلع مصمم الشعار الجديد بتاعي في الجيش!"
(من جوه، بيظهر صوت خطوات صغيرة وراها صوت طفولي مليان فرحة.)
سيلين (بصوت عالي): "بابااا!"
(بتجري عليه وتقفز في حضنه. هو بيشيلها ويحكم ضمته ليها.)
تميم: "يا أميرتي الصغيرة! كنتِ شجاعة وأنا مش موجود؟"
سيلين: "كنت شجاعة جدًا! ساعدت جدو و تيتا وماما وماهر. جبت لي حاجة؟"
تميم (بغمزة لطيفة): "يمكن... بس لازم تدوري في شنطتي الأول."
(ليديا بتظهر من المطبخ، بتبتسم بهدوء وبتقرب بخطوات خفيفة.)
ليديا: "أهلا وسهلا بالبطل!"
تميم (بيبصلها بنظرة مليانة حب): "ليديا... شوفتك دي أحلى جايزة ليا."
(بتاخد إيده بهدوء وتبتسم.)
ليديا: "المهم إنك رجعت. إحنا كلنا مستنيينك."
(الكل بيجتمع حواليه، كل واحد بيتكلم في نفس الوقت، وتميم بيضحك وهو بيتنفس بعمق، كأنه بياخد طاقة جديدة من وجودهم حواليه. في اللحظة دي، بيحس إن كل تعبه اختفى.)
تميم (بصوت هادي): "إنتوا الوطن... وكل اللي بحتاجه في حياتي."
(لحظة هدوء مليانة مشاعر، قبل ما سيلين تضحك وتقول:)
سيلين: "بابا! عايزة أوريهم اللي في الشنطة دلوقتي!"
(المشهد بينتهي بصوت ضحك العيلة وهم متجمعين في لحظة دافية، مستحيل تتنسي.)
(تميم جالس على الأريكة، وسيلين تتسلق حضنه وتلعب بلعبتها الصغيرة. عيناه تتبعان حركاتها، لكن ذهنه غارق في الماضي. فجأة، تلاحظ سيلين شيئاً.)
سيلين (ببراءة): "بابا، ليه بتبص لي كده؟"
(يبتسم تميم بحزن، يمسح على شعرها.)
تميم (بصوت هادئ): "كنتي عارفة إنك شبه ملاك؟"
سيلين (تضحك): "لا، أنا أميرة!"
(ضحكتها تعيد صدى ضحكة أخرى في ذاكرته. يغلق تميم عينيه للحظة، وكأن شبح الماضي يزوره.)
تميم (بهمس): "سيليا..."
(تفتح سيلين عينيها بدهشة، وتضع يدها على كتفه.)
سيلين: "مين سيليا يا بابا؟"
(قبل أن يجيبها، يدخل جليل ومنار إلى الغرفة.)
جليل (بتعبير جدي): "سيليا؟ ذكرتها تاني يا تميم؟"
منار (بصوت مليء بالحنين): "يا جليل، كفاية عليه. كلنا بنتذكرها، بس الحمل اللي عليه كان أكبر مننا."
(سيلين تنظر لجدتها وجدها باستغراب، ثم تعود إلى أبيها.)
سيلين: "بابا، مين سيليا؟"
(ليديا تدخل من المطبخ، تمسح يديها بمنشفة، وتنظر لتميم بقلق.)
ليديا: "تميم... كنت حاسة إنك لسه بتفكر فيها. كل مرة بتبص لسيلين بتشوف سيليا، صح؟"
تميم (بصوت مكسور): "مش قادر أنساها، ليديا. كانت زي أختي الصغيرة... زي بنتي."
(ماهر يدخل الغرفة، يحمل كتاباً في يده، ينظر حوله بتعجب.)
ماهر: "سيليا؟ مين سيليا؟ ليه الكل بيتكلم عنها؟"
(ينظر تميم لماهر وسيلين، يحاول أن يجد الكلمات المناسبة.)
تميم (بهدوء): "سيليا كانت بنت عمي... وكانت زي أخت صغيرة ليا. بس إحنا ظلمناها..."
سيلين (بدهشة): "إزاي ظلمتوها؟"
(منار تضع يدها على صدرها، ودموعها تلمع في عينيها.)
منار: "يا بنتي، صدقنا كلام ناس ما يعرفوش الرحمة. ظلمناها واتهمناها بحاجة بريئة منها."
جليل (بحزن): "وبعد ما عرفنا الحقيقة، كانت فات الأوان."
(سيلين تقترب من جدتها، تمسك بيدها الصغيرة.)
سيلين: "هي راحت فين يا تيتة؟"
تميم (بصوت مبحوح): "هي راحت مكان بعيد... مكان مفيهوش حد يظلمها تاني."
(ليديا تقترب من تميم، تضع يدها على كتفه.)
ليديا: "تميم، سيليا كانت ضحية، وكلنا ندمنا. بس ما ينفعش تفضل تعيش جوة الحزن ده. عندك سيلين، عندك عيلة بتحبك."
ماهر (ببراءة): "هي الناس الوحشين اللي عملوا كده اتحاسبوا؟"
تميم (بحزم): "أيوه، كلهم اتحاسبوا... بس سيليا كانت التمن."
(سيلين تنظر للجميع بدهشة، ثم تحتضن أبيها بقوة.)
سيلين: "أنا هنا يا بابا! وأنا عارفة إنك هتحميني، دايماً."
(تميم يضمها بقوة، ثم ينظر إلى الجميع بابتسامة حزينة.)
تميم: "أكيد... هحميكم كلكم. سيليا مش هتتنسى، بس لازم نعيش عشان اللي باقي."
(لحظة صمت ثقيلة، تقطعها سيلين بصوتها الطفولي.)
سيلين: "طب بابا! دلوقتي عايزة أدور في الشنطة على الحاجة اللي جبتها!"
(الكل يضحك بخفة، وتميم ينهض، يحاول أن يطرد شبح الماضي، ليعيش اللحظة مع عائلته.)
***********************
في الجامعة ، سيليا وياقوت تدخلان معًا إلى قاعة المحاضرة سيليا تبدو هادئة، بينما ياقوت تتحدث بحماسة
ياقوت: "النهاردة أول محاضرة في الكلية، متحمسة؟"
سيليا (بابتسامة خفيفة): "آه، شوية."
ياقوت: "أنا سمعت إن الدكتور اللي هيدرسنا جديد ، اتعين معيد من فترة قصيرة ، و سمعت أنه مز و صغير اوي ، وكل اللي درسوا معاه بيقولوا إنه شاطر جدًا في الشرح."
سيليا (بمرح): " يعني ده اللي همك دلوقتي ، جاية تدرسي و لا تشقطي عريس؟"
ياقوت (بحماس): "أيوه! كل حاجة ، ده شاب وبيحب يشرح ويفهمنا المادة. هتحبي طريقة شرحه ، وإن شاء الله يكون لينا نصيب معا بعض "
سيليا (بصوت منخفض): "إن شاء الله."
دخل المعيد الجديد، الذي كان يحمل حقيبته بينما يمشي بثقة تجاه المنصة. سيليا كانت تنظر إليه لحظة دخوله، وابتسامة صغيرة بدأت تختفي من وجهها فجأة.
ياقوت (بفرح): "أهو ده، ده المعيد الجديد اللي هيدرسنا، اسمه ريان، زي ما سمعت!"
سيليا (تجمدت للحظة، وعيناها تلمعان بفزع): "ريان؟"
ياقوت (مندهشة من ردة فعلها): "أيوه، هو ده! ليه؟ في حاجة؟"
سيليا (بصوت متقطع، محاولا كبح قلقها): "لا، مفيش حاجة، بس... ممكن أروح للحمام شويّة."
ثم قامت سيليا بسرعة، وتحركت نحو الباب بسرعة غير معتادة. لم تُعطِ نفسها فرصة للنظر إلى الوراء
ياقوت (مستغربة): "سيليا! استني! في إيه؟"
لكن سيليا اختفت من القاعة بسرعة، والكل كان مركزًا في المعيد الجديد، إلا ياقوت التي شعرت بشيء غريب. لم تستطع منع نفسها من التفكير في سلوك صديقتها غير العادي.
ياقوت (لنفسها): "في حاجة غلط... ليه كانت كده؟ إيه السر؟"
ثم عادت عيناها إلى ريان الذي بدأ محاضرته، لكن قلبها كان مليئًا بالتساؤلات .....
ريان وقف لحظة بعد خروج سيليا من القاعة، عيناه تركزان على الباب الذي أُغلق خلفها، وكان عقله يعيد تساؤلاته مرارًا
ريان (بصدمة): " مستحيل ، سيليا ؟؟؟؟....."
#قيود_العشق2
فصل 10
في مكان آخر نذهب إليه لأول مرة ، و بالتحديد في الحدود المصرية الإسرائيل**ية و في الصحراء المهجورة في، غرفة مظلمة في مخبأ سري
حسن، قائد الجماعة الإرهابية، جالس في النص وبيحاط بيه رجاله. قدامهم ملف وصورة لست لابسة نظارات شمسية، ووشها مش باين.
حسن (بعصبية):
"ست سنين، وإحنا فاكرين إننا دفنا سرها! دلوقتي تقولوا لي إنها متجوزة وعايشة؟"
الرجل الأول (بتردد):
"حسن، الخبر جالنا من يومين بس. لسه مش عارفين تفاصيل حياتها."
حسن (يضرب الطاولة):
"تفاصيل؟ كافية إننا نعرف إنها لسه عايشة. ده معناه إن تميم وزين خدعونا!"
الرجل الثاني (بيحاول يبرر):
"بس تميم مش عارف حاجة. عيلتها فاكرة إنها ماتت، وهي اختارت تختفي."
حسن (بتحدي):
"طب إيه حكاية الجواز؟"
الرجل الأول (بهدوء):
"متجوزة راجل أعمال مصري إماراتي. غني جدًا، مش ليه علاقة بالجيش أو الضباط. متجوزاه من 5 سنين تقريبًا."
حسن (بابتسامة ساخرة):
"ممتاز. يبقى هي مش شبح زي ما كنا فاكرين. دلوقتي عندها اسم، حياة، وجوز ممكن نستخدمه ضدها."
الرجل الثالث (بتردد):
"حسن، هنعمل إيه دلوقتي؟"
حسن (بثقة):
"هنرجعها للظلام، ونستخدمها للإيقاع بتميم وزين. مش هسيب حاجة في الطريق."
الجميع (بصوت واحد):
"أمرك، حسن."
حسن (بابتسامة ماكرة):
"خليكم جاهزين. لو جوزها هيعطلنا، هنتعامل معاه برضه."
حسن (بهدوء وهو بيقلب الملف):
"خلصنا كلام عن الست دي دلوقتي، نرجع للأهم... البضاعة."
الرجل الأول (بجدية):
"الشحنة جاهزة يا حسن. مستنين بس التعليمات للتنفيذ."
حسن (بصرامة):
"التنفيذ مش هزار. الطريق لازم يكون آمن مية في المية. إيه أخبار الحدود؟"
الرجل الثاني (بثقة):
"الطريق اللي جهزناه من الشمال كله تحت السيطرة. معبر جديد ومحدش هيلقطه. الشحنة هتوصل لإسرائيل من غير ما حد يشك."
حسن (وهو بيشعل سيجارة):
"والمجندين اللي بيغضوا الطرف؟ أكيد متأكدين إنهم مأمنين الموضوع؟"
الرجل الثالث (بتأكيد):
"دول مضمونين، وكلهم بيقبضوا اللي يرضيهم. مش هيبصوا حتى على العربيات."
حسن (بنبرة تحذير):
"وأي مشكلة، حتى لو صغيرة، هنلاقي نفسنا في مواجهة مباشرة مع الجيش و حرس الحدود. عايز خطة بديلة لو حصل أي طارئ."
الرجل الأول (بتردد):
"في طريق جانبي ممكن نستعمله، بس هيحتاج وقت أطول."
حسن (بحدة):
"لازم يكون جاهز. الشحنة دي مش زي أي شحنة قبل كده. العملاء مستنيينها هناك، والتأخير مش مقبول."
الرجل الثاني (بسؤال):
"طب وبالنسبة للدفع؟ العملاء أكدوا التحويلات؟"
حسن (بسخرية):
"دفعوا نص، والباقي لما الشحنة توصل. فاهمين اللعبة كويس. مش هيدفعوا جنيه إلا لما يتأكدوا إن كل حاجة ماشية تمام."
الرجل الثالث (بحذر):
"طب لو حصل أي خطأ؟"
حسن (بعصبية):
"مافيش حاجة اسمها خطأ! أي غلطة هتدفعوا تمنها أنتم، فاهمين؟"
الجميع (في صوت واحد):
"فاهمين يا حسن."
حسن (وهو ينهي الحديث):
"تحركوا. لو عدت الشحنة دي بنجاح، الفلوس اللي هتيجي هتفتح لنا أبواب جديدة. وافتكروا، أي عثرة هتجيب علينا النار."
بعد خروج الجميع ، بقي حسن بمفرده
يجلس وحيدًا أمام الطاولة، ينظر إلى الصورة، ثم يشعل سيجارة ببطء.
حسن (بنبرة خافتة مليانة كراهية):
"فاكر يا تميم إنك خلصت مني؟ غلطان... لسه اللعبة في بدايتها."
يأخذ نفسًا عميقًا من السيجارة ويطرد الدخان ببطء.
حسن (بصوت منخفض ولكن حاسم):
"البنت دي؟ هتكون نقطة انهيارك. هخليها ترجع من الظلال بس مش زي ما كنت فاكر. هخليها تبقى سلاح ضدك."
ينهض ببطء، يلتقط الصورة من الطاولة.
حسن (بنبرة أكثر حدة):
"انت وزين فكرتوا إنكم أقوى مني؟ هوريكم مين الأقوى. الجحيم اللي هربتوا منه، هو اللي هيطاردكم دلوقتي."
يضرب الطاولة بيده وينظر بعزم.
حسن (بصوت قاطع):
"استعد يا تميم... أنا جاي، وكل خطوة هتقربكم من نهايتكم."
يخرج من الغرفة بخطوات ثابتة، تاركًا الجو مشحونًا بالوعيد.
***********************
في مكان آخر ، سيليا كانت تجري بسرعة في الشوارع، قلبها ينبض بشدة، والدموع تكاد تملأ عينيها. توقفت فجأة عند زاوية الشارع، تنظر حولها بقلق، كأنها تخشى أن يراها أحد. تلتقط أنفاسها بصعوبة، بينما تتحدث إلى نفسها بصوت منخفض.
سيليا (بتوتر):
"مستحيل، لازم أهرب قبل ما يكتشفوا. لو عرفوا إني أنا... لو عرفوا إنهم كانوا غلط، مش هينفع. أنا ما أستحقش أي حاجة منهم. ما كانش المفروض أرجع هنا، ما كانش المفروض أشوفه تاني."
(تنظر إلى الطريق، ثم تواصل بصوت مرتجف)
"أنا خلاص... خلاص. لو عرفوا، هيفكروا إنني كنت غلطانة طول الوقت، حتى لو الحقيقة اتكشفت... مش هيصدقني. مش هيصدقوني."
(تنظر خلفها بحذر، وكأنها تشعر بأن شخصًا يراقبها)
"هو لسه مش فاهم، مش هيفهم. كل شيء هيبقى زي ما كان. خلاص... خلاص."
كانت سيليا تقف وحيدة شاردة في الشارع ، حتى شعرت بأحد يضع يده على كتفها وكان زين، فتلتفت بسرعة وعيناها مليئتان بالخوف.
زين: "اهدي... إيه اللي حصل؟"
سيليا (بتوتر): "مفيش حاجة، أنا... أنا بس محتاجة أمشي."
زين (بصوت هادئ): "سيليا، إنتِ فاكرة إن الهروب هيحل حاجة؟"
سيليا (تتجمد للحظة): "إزاي... إزاي تعرف اسمي؟"
زين: "مش ممكن أنسى. شفتك قبل كده... وشفت القوة اللي عندك، حتى وإنتِ مكسورة."
سيليا (تخفض عينيها): "قوة؟ أنا؟ أنا ضايعة."
زين (بحزم): "لا، مش ضايعة. اللي واقف قدامي أقوى بكتير مما هي فاكرة."
سيليا (بصوت منخفض): "أنا مش عارفة أعمل إيه... كل حاجة حواليّ بتنهار."
زين: "لو كل حاجة بتنهار، أنا هنا. مش هسيبك لوحدك. عديتِ كتير، وده كفاية. دلوقتي دورك إنك تلاقي السلام."
سيليا (بنبرة خافتة): "ليه بتعمل كده؟"
زين (بنظرة ثابتة): "لأنك تستحقي أكتر. ولو كنت محتاجة حد جنبك، أنا مش هتحرك."
سيليا (تنظر إليه بخجل): "مش متعودة... حد يقول لي الكلام ده."
زين (يبتسم): "اتعودي. من النهارده، كل خطوة تاخديها، مش هتبقي لوحدك."
سيليا (تنظر إليه مطولًا، تتردد قبل أن تهمس):
"مش عارفة... مش عارفة أثق في حد تاني."
زين (بنبرة دافئة):
"مش بقول لك تثقي فيا دلوقتي. خدي وقتك، لكن أوعدك... أنا مش هخذلك."
سيليا (بصوت مرتعش):
"كل اللي وثقت فيهم خذلوني. خايفة... خايفة أجرب تاني."
زين (يقترب خطوة، يضع يده بلطف على كتفها):
"الخوف طبيعي، لكن مش لازم يوقفك. أنا مش هطلب منك حاجة غير إنك تسمحي لنفسك تبقي قوية زي ما أنتِ فعلًا."
سيليا (تنظر إليه بتردد):
"مش عارفة أبدأ منين."
زين (بابتسامة مطمئنة):
"نبدأ خطوة خطوة. مفيش استعجال. وأول خطوة؟... تاخدي نفسك العميق ده، وتفتكري إنك تستحقي فرصة تانية."
سيليا (تغمض عينيها وتأخذ نفسًا عميقًا، ثم تنظر إليه):
"وإنت... ليه يهمك كل ده؟"
زين (بنظرة جادة):
"لأنك شخص يستحق. يمكن أنا ما عرفتش أنقذك أول مرة، لكن المرة دي... مش هسيبك تعدي ده لوحدك."
سيليا (بابتسامة خفيفة):
"يمكن... يمكن أديها فرصة."
كاد زين أن يكمل كلامه لكن قاطعه صوت سيليا قائلة
سيليا (تلمح الساعة على معصمها فجأة وتفزع):
"يا نهار أسود... اتأخرت!"
زين (يتغير تعبيره إلى القلق):
"إيه اللي حصل؟ مستعجلة على فين؟"
سيليا (تحاول تهدئة نفسها):
"لازم أروح... في حد مستنيني."
زين (ينظر إليها بريبة):
"مين؟ ليه حاسة إنك بتحاولي تهربي تاني؟"
سيليا (بصوت خافت):
"مش هروب... أنا عندي أطفال، ولازم أكون معاهم."
زين (يصمت للحظة، ينظر إليها بدهشة):
"أطفال؟... إنتِ أم؟"
سيليا (تهز رأسها):
"آه، وعشانهم لازم أمشي دلوقتي."
زين (يخفض صوته بلطف):
"طيب، بس قبل ما تروحي... لو احتجتي حاجة، لو حسيتِ إنك مش قادرة... ما تتردديش تكلمني."
سيليا (تبتسم ابتسامة خفيفة وهي تتراجع):
"شكراً يا زين... يمكن أكلمك."
زين (ينظر إليها وهي تبتعد):
"هستنى المكالمة دي."
سيليا تلتفت بسرعة وتمضي بخطوات متسرعة، بينما زين يقف مكانه، عيناه تتابعانها وهو يفكر بصمت و أردف قائلا لنفسه
زين: يا ترى إيه حكايتك يا سيليا ، وليه أنا حاسس أنك نفسها سيليا اللي تميم يتحسر عليها
بعد لحظة من التردد، يخرج هاتفه ويتصل بشخص ما.
زين (بنبرة جدية):
"ألو... أدهم؟"
صوت أدهم (من الهاتف):
"أيوه، خير يا زين؟"
زين:
"عاوز منك خدمة ضرورية. في واحدة اسمها سيليا، محتاج أعرف كل حاجة عنها."
أدهم (بنبرة فضول):
"سيليا؟ مين دي؟"
زين:
"شفتها مرتين، وأتأكد إنها بتخبّي حاجة كبيرة. متأكدة إنها بتعيش في ضغط رهيب، وحاسس إن فيه حاجة غلط."
أدهم:
"طب، عندك أي تفاصيل؟ اسمها بالكامل؟ عنوان؟ أي حاجة أبدأ بيها؟"
زين:
"للأسف لا، كل اللي عندي اسمها الأول وبعض المواقف اللي جمعتنا. شوف لو تقدر تبدأ من اسمها سيليا بس، أكيد في حاجة هتوصلنا ليها."
أدهم (بنبرة مطمئنة):
"سيب الموضوع عليا. هبدأ أبحث وأبعت لك أول ما أوصل لحاجة."
زين (بتنهد):
"شكراً يا أدهم. الموضوع ده مهم جدًا بالنسبة لي."
أدهم:
"متقلقش، هتلاقي اللي بتدور عليه."
زين ينهي المكالمة، ويقف لوهلة، عقله مليء بالتساؤلات حول سيليا. يعرف أن هناك سرًا كبيرًا يحيط بها، ولا يستطيع تجاهل إحساسه بأنها تحتاج المساعدة، حتى لو لم تطلبها
**********************
(في فيلا ليلى الألفي، تدخل سيليا وهي ترتجف من البكاء، ملامحها منهارة. ليلى تلاحظ فورًا حالتها وتقترب منها بقلق شديد.)
ليلى: "في إيه يا بنتي؟ شكلك مش طبيعي!"
سيليا (تبكي بحرقة): "تخيلي مين طلع المعيد يا عمتو؟"
ليلى (بدهشة): "مين؟"
سيليا (بسخرية مريرة): "ريان."
ليلى (بصدمة): "ريان؟ أخوكي؟!"
سيليا (بصوت مكسور): "أيوة... أقرب واحد ليا، واللي أول واحد صدق الكذبة وذلني. ما سأليش حتى... رماني زي الغريبة!"
ليلى (بغضب): "ريان؟! كان المفروض يكون أكتر واحد يقف جنبك. بس لا... كلكم ظلمتوها يا فؤاد!"
سيليا (بحزن): "عمتو، شوفته فجأة... ما قدرتش أستحمل، هربت. ما ينفعش يشوفني، أنا مش قادرة أواجهه."
ليلى (بحزم): "ليه تهربي؟ سيليا، إنتِ اللي لازم ترفعي راسك. اللي عدى عليكي كان جحيم، ووجودك هنا دلوقتي دليل إنك أقوى منهم كلهم."
سيليا (بصوت مرتعش): "قوية؟ عمتو، أنا مش عارفة حتى أتنفس قدامه. حسيت بكل حاجة رجعت فجأة، الوجع... الخيانة... كأن اللي حصل من ست سنين بيحصل دلوقتي."
ليلى: "مش هيقدر يأذيكِ تاني. إنتِ اللي معاكي الحق، إنتِ اللي ظلموكي، وهو اللي المفروض يحس بالندم لما يشوفك واقفة قدامه، قوية ومستقلة."
سيليا: "بس عمتو... أنا خايفة. خايفة من نظراته، من كلماته... من كل حاجة."
ليلى (بصوت مطمئن): "سيليا، الخوف هو اللي هيضعفك. كوني زي ما أنا عارفاكِ... قوية. ما حدش هيوقفك، لا ريان ولا غيره."
سيليا (بتنهيدة عميقة): "يمكن... بس المواجهة مش سهلة، وأنا ما عنديش طاقة أرجع أعيش الوجع ده."
ليلى (تضع يدها على كتفها): "إحنا مش هنرجع لوجع الماضي. إنتِ هنا عشان تبدأي حياة جديدة. واللي ظلموكي لازم يشوفوا إنك كنتِ أكبر منهم كلهم."
سيليا (بهمس): "هحاول، عمتو. مش عشانهم... عشان نفسي و عشان ولادي"
( بعد مدة قصيرة ، يدخل رائد إلى المنزل وهو يحمل لينا بين ذراعيه، بينما زياد ومازن يمسكان بيده. كارما تسير خلفه بابتسامة خفيفة، لكن وجهه يتغير فور أن يرى سيليا منهارة بجانب ليلى.)
رائد (بقلق): "إيه اللي حصل؟ سيليا مالها؟"
ليلى (تلتفت إليه): "كانت في الجامعة وشافت... حد ما توقعتوش."
رائد (يقترب بسرعة ويجلس أمام سيليا): "سيليا، مين شوفتي؟ مين ضايقك؟"
سيليا (تنظر إليه بعينين ممتلئتين بالدموع): "ريان..."
رائد (بدهشة): "ريان؟ أخوكي؟!"
سيليا (بغضب مختلط بالدموع): "أيوة... المعيد اللي كنت مفروض أبدأ دراستي معاه."
كارما (بحذر وهي تراقب الموقف): "معيد؟ ده أكيد كان صعب عليكي."
رائد (ينظر بغضب): "صعب؟ ده جحيم! بعد اللي عمله، يظهر في حياتها فجأة؟!"
سيليا (بصوت مرتعش): "هربت، رائد... مقدرتش أبصله، مقدرتش أواجهه."
رائد (بصوت هادئ لكن مليء بالغضب): "كان لازم تواجهيه. هو اللي غلط، مش إنتِ. لازم يشوفك أقوى من كده."
زياد (يقترب من سيليا ببراءة): "ماما، ليه بتعيطي؟"
سيليا (تحضن زياد وهي تحاول التماسك): "مفيش يا حبيبي... ماما بس تعبانة شوية."
رائد (بنبرة حازمة): "كارما، خدي الأولاد و اطلعوا للأوضة."
كارما (بهدوء): "أكيد." (تمسك بيد زياد ومازن وتخرج مع لينا.)
رائد (ينظر إلى سيليا): "إحنا لازم نحط حد للموضوع ده، سيليا. متخليش حد يهزك تاني، خصوصًا الناس اللي كانوا المفروض يحموكي."
سيليا (بضعف): "مش عارفة... المواجهة هتقتلني."
رائد (بحزم): "لا، المواجهة هتطلعك أقوى. وانا هنا معاكي، مش هسيبك تمرّي ده لوحدك."
ليلى (تتدخل): "رائد عنده حق يا سيليا. وجودك هنا مش صدفة. ده الوقت اللي تثبتي فيه إنهم ما قدروش يكسروا سيليا اللي عرفناها."
سيليا (تتنهد بعمق): "هحاول... بس وجوده هيكون اختبار صعب."
رائد (بابتسامة خفيفة): "وإنتِ شاطرة في الاختبارات الصعبة، مش كده؟"
(في اوضة الأطفال، كارما تجلس على الأرض بينما زياد ومازن يلعبان بالمكعبات، ولينا تجلس في كرسيها الصغير تراقبهم ببراءة. تحاول كارما التخفيف من التوتر الذي شعرت به في الصالة.)
زياد (يرفع رأسه): "كارما، ماما زعلانة ليه؟"
كارما (بصوت هادئ ومطمئن): "ماما مش زعلانة منك يا حبيبي، هي بس محتاجة ترتاح شوية."
مازن (بحزن): "هي بتبكي! أنا شفتها."
كارما (تقترب منه وتضع يدها على كتفه): "ماما قوية يا مازن، وهي هتبقى أحسن لما تشوفكم بتلعبوا ومبسوطين."
زياد (بحزن طفولي): "أنا عايز أبقى كبير عشان أقدر أخلي ماما ما تبكيش أبداً."
كارما (تبتسم له بحنان): "وأنا متأكدة إنك هتكون أقوى واحد وتحميها. بس دلوقتي دورك تفرحها وتكون الولد الشاطر اللي هي بتحبه."
مازن (بحماس): "أنا هارسم رسمة لماما! هي بتحب الرسومات."
كارما (بتشجيع): "فكرة جميلة، هات ورق وألوان وأنا هساعدك."
(ينطلق مازن ليحضر الورق، بينما لينا تصدر أصواتًا صغيرة وتحرك يديها.)
كارما (تضحك وتنظر إلى لينا): "وإنتِ يا أميرة، عايزة تقولي إيه؟ بتزعلي إن ماما زعلانة؟"
لينا (تضحك بصوت عفوي): "دا دا!"
زياد (ينظر إلى أخته الصغيرة و هو يمسح على رأسها ببراءة): "لينا كمان بتحب ماما... أنا هأحكي لها قصة علشان تضحك!"
كارما (تربت على رأسه): "أنت بجد رائع، زياد. ماما محظوظة إنها عندها ولد زيك."
(مازن يعود بالألوان والورق ويبدأ بالرسم، بينما كارما تساعد لينا على الإمساك بلعبة صغيرة. الجو في الغرفة يصبح أكثر دفئًا ومرحًا، محاولة منها لرفع معنويات الأطفال وإبعادهم عن أي توتر.)
*******************
في الصالة في بيت كريم وثريا في دبي، ثريا قعدة على الأريكة ماسكة في إيديها تليفونها وبتشوف آخر الترتيبات للسفر لمصر. كريم داخل الغرفة لابس هدوم السفر، باين عليه إنه جاد وفيه حسم.
ثريا:
(بتردد)
كريم، أنت متأكد إننا هنسافر؟ جاد مش مبسوط بفكرة إننا نروح لهم، أنا حاسة إنه زعلان... بس هو محتاجنا، خاصة سيليا والعيال.
كريم:
(بهدوء)
أنا متأكد يا ثريا. إحنا ماينفعش نسيبه يكمل كده. لازم نروح علشان نوريه إن العيلة أهم من أي حاجة تانية. سيليا والعيال محتاجيننا، ومش هنسيبهم في الظروف دي.
ثريا:
(بتنهدة)
عارفة... بس جاد مش فاهم ده. هو ماعاملش سيليا زي ما لازم، ومش مهتم بالعيال ولا فيهم. لحد دلوقتي مش ظهر منه إنه عايز يشوفهم زي ما لازم.
كريم:
(بابتسامة حزينة)
أوقات الراجل بيكون محتاج دفعة، أو يمكن بس تذكير بحاجة مهمة. سيليا طيبة جدًا، وأنتِ عارفة قد إيه بنحبها زي بنتنا. جاد محتاج يراجع نفسه، دي فرصة علشان نوريه إننا لسه هنا علشانه، رغم كل حاجة.
ثريا:
(بتبص لكريم بتفكير)
إنت عندك حق. بس أنا خايفة إن السفر بتاعنا يسبب مشاكل أكتر. جاد وجيسي هيكونوا مزعوجين. خصوصًا جاد، هو مش بيحب إننا نوري اهتمامنا لسيليا والعيال، بس إحنا مش هنقدر نسيبهم لوحدهم.
كريم:
(بحزم)
سيليا والعيال مش هيبقوا لوحدهم. وأنا هنا علشان أساندهم. الموضوع مش عن جاد بس، ده عن العيلة. لازم نكون مع بعض، خصوصًا في الأوقات دي.
ثريا:
(بتنهدة)
إنت دايمًا بتشجعني أكون قوية. طيب، لو ده اللي لازم نعمله، يبقى نأخذ الخطوة دي. يمكن ده يخليه يفكر.
كريم:
(بيقرب منها ويحط إيده على كتفها)
مش هيتغير حاجة لو مافعلناش القرار ده، وكل اللي نقدر نعمله هو إننا نساعدهم. يلا نروح ونوريهم إننا معاهم. وه نحاول نصلح الأمور واحدة واحدة.
ثريا:
(بتبتسم برقة)
إنت عندك حق. يلا نروح.
كريم:
(وهو بياخد شنطته)
يلا بينا. هنتحمل ده مع بعض.
ثريا:
(بتنهض وبتاخد شنطتها)
تمام، يلا بينا. يمكن نلاقي الطريق الصح لكل حاجة.
(كريم وثريا بيخرجوا من الغرفة في طريقهم للمطار، مستعدين للسفر لمصر وفتح صفحة جديدة من الأمل في عيلتهم.)
********************
في المطار، كريم وثريا واقفين جنب منطقة الانتظار، بينما جيسي قاعدة على الكرسي بتتفرج عليهم بنظرات مليانة حقد.
جيسي:
(بتتكلم مع نفسها بس بصوت مسموع، بتسخر)
"بجد! سيليا دي هي اللي هتمثل العيلة؟ يعني فين الأدب وفين الأصول؟ مش عارفة إزاي جاد صبر عليها كل السنين دي."
كريم:
(بيتحول بصوت حاد وهو يبص لجيسي، غضبه ظاهر)
"إنتِ لسه عايشة في وهم؟ بتتكلمي كده ليه؟ سيليا دي زي بنتنا، ولا يمكن تسمحي لنفسك تسخري منها أو تستهزئي بيها بأي شكل. سيليا أفضل منك بكتير، وأنتِ مفروض تكوني شاكرة لها، بدل ما تحقدي عليها."
جيسي:
(بتتراجع وتبص لأرض، وبعدها ترفع راسها بصوت متوتر)
"أنا مش حاقدة، بس مش قادرة أفهم ليه لازم نركز عليها. هي مش قدنا ولا بتستاهل كل ده. جاد كان مفروض ما يتجوزهاش."
ثريا:
(بتنبه جيسي بحزم، معبرة عن استياءها)
"جيسي، اسكتي! كفاية كده! سيليا مينفعش تتقال عنها كده. لو كانت عندك مشكلة معاها، خليها بينك وبين جاد. مش من حقك تهاجميها قدامنا. دي عيلة، والمفروض نتعامل مع بعض بمحبة واحترام."
كريم:
(بيطلع غضبه مرة تانية، بيبص لجيسي بعيون مليانة تأنيب)
"إنتِ كده بتدمريني، جيسي. سيليا دي هي اللي ممكن تكون السبب في إصلاح حاجات كتير ضاعت بسببك وبسبب جادو بسبب استهتاركم و اهمالكم و تبذيركم للفلوس ، لو عايزين تعيشوا في سلام، هتحتاجوا تحترموا العيلة وتفهموا إن في حاجات أهم من كده. خلي بالك، إنتِ دلوقتي مش بنت صغيرة، إنتِ لازم تبقي ناضجة أكتر."
جيسي:
(بتكتئب وتبص للأرض، مش قادرة ترد)
"آسفة يا بابا... بس مش قادرة أتقبل الموضوع ده."
كريم:
(بهدوء، لكن بتأثير حاد)
"الحقد مش هيفيدك، يا جيسي. لو مش قادره تفرحي لسيليا ولا أولادها، على الأقل خليكي محترمة. لو عندك مشاكل مع جاد، دي حاجة بينكم، لكن ما تخلينيش أسمع كلام زي ده تاني."
جيسي ( تقول لنفسها بحقد):" حتى ماما و بابا كسبتيهم لصفك ، ماشي يا سيليا مبقاش جيسي لو ما خليتهم يكرهوكي زي جاد بالضبط
#قيود_العشق2
فصل 11
في فيلا ليلى الألفي كانت سيليا تجلس على الأرض، شعرها فوضوي ودموعها تنهمر بغزارة. عمتها ليلى وكارما تحاولان تهدئتها، لكن سيليا في حالة هستيرية من الحزن والغضب. رائد يقف في الزاوية، يراقب الموقف بقلق
سيليا:
(بصوت مرتجف ومليء بالغضب)
"أنا مش قادرة أستحمل أكتر من كده! كفاية... كفاية! حياتي كلها ظلم... ظلم من أول ما ولدت! أهلي... جاد... كلهم دمروني! أنا إنسانة، ليه محدش شايفني كده؟!"
ليلى:
(بحنان وحزن وهي تحاول تهدئتها)
"يا بنتي، اهدى شوية. إحنا كلنا معاكي. اللي حصل في الماضي انتهى، وده وقتك تعيشي حياتك زي ما إنتي عايزة."
سيليا:
(تصيح بانفعال)
"إزاي أنسى يا عمتي؟ إزاي؟ كل لحظة مع جاد كانت عذاب. عمري ما حسيت إني متجوزة... ولا حتى إنسانة. كان بيكرهني بدون سبب! أنا ما عملتش له حاجة. ليه كان بيبصلي كإني عدوته؟!"
كارما:
(بحزن وهي تضع يدها على كتف سيليا)
"سيليا، إنتي قوية، وقرارك بالطلاق هو أول خطوة إنك تنقذي نفسك. ما تخليش حد تاني يتحكم في حياتك."
سيليا:
(بغضب ودموعها تزداد)
"أنا هطلق... هطلق منه لو آخر حاجة أعملها في حياتي! مش هعيش معاه تاني. هو ما استاهلش حتى أشوفه. أنا خلاص تعبت، عايزة أربي أولادي بعيد عن ذلّه وعن ظلمه."
رائد:
(يتقدم خطوة للأمام، يتحدث بحزم)
"وأنا هكون جنبك في كل خطوة. لو جاد فكر يعترض على الطلاق أو يحاول يضايقك، أنا مش هسمح له."
ليلى:
(بتنهيدة)
"قرارك ده شجاع يا سيليا، بس لازم تكوني مستعدة لأي تحديات جاية. جاد مش هيكون سهل."
سيليا:
(تصيح وهي تضرب الأرض بيدها)
"مش فارق معايا! أنا مش هسمح له يتحكم في حياتي أكتر من كده. عايزة أعيش لنفسي... لأولادي... من حقي أكون إنسانة سعيدة!"
سيليا تنفجر بالبكاء مجددًا، وتضع رأسها بين يديها. ليلى تربت على ظهرها برفق، وكارما تجلس بجانبها تمسك بيدها. رائد ينظر إليها بنظرة مليئة بالغضب تجاه جاد والتصميم على مساعدتها
رائد:
(بهدوء وحزم)
"سيليا، إحنا هنكون معاكي. ما تخافيش، الطريق صعب، بس إحنا مع بعض هنعدي كل ده."
سيليا:
(بصوت متقطع بين البكاء)
"مش عايزة حاجة غير الحرية... الحرية من كل حد ظلمني."
ليلى:
(بابتسامة مشجعة)
"وهتكوني حرة يا بنتي. هتكوني حرة."
********************
فجأة يُفتح باب الفيلا بعنف، ويدخل جاد غاضبًا. صوته يعلو وهو يبحث عن سيليا، مما يجعل الجميع يلتفتون نحوه
جاد:
(بغضب شديد)
"سيليا! إنتي فاكرة نفسك بتلعبي مع مين؟! مين سمحلك تخرجي من البيت وتعملي اللي في دماغك من غير إذني؟"
سيليا تقف ببطء، عيناها مليئة بالدموع ولكن مظهرها صارم. تنظر إلى جاد بثبات وبدون خوف
سيليا:
(بصوت قوي رغم انكسارها)
"أنا مش لعبة في إيدك، جاد. ومش محتاجة إذنك عشان أعيش حياتي! خلصت أيام الذل اللي كنت فيها تحت رحمتك. أنا مش هعيش تحت طوعك تاني!"
جاد:
(يقترب منها بغضب، مشيرًا بإصبعه نحوها)
"إنتي نسيتي نفسك ولا إيه؟ إنتي مراتي، وأنا اللي أقرر تعملي إيه وما تعمليش إيه!"
سيليا:
(تصرخ وهي تشير إلى نفسها)
"مراتك؟! إنت فاكر إنك جوزي؟ جوزي اللي بيحبني ويحترمني؟ إنت عمرك ما كنت جوزي! كنت مجرد سجّان. عمري ما حسيت معاك غير بالظلم والقهر. كل يوم معاك كان عذاب!"
جاد:
(يحاول كتم غضبه ولكن صوته يرتجف)
"أنا اللي ظلمتك؟! إنتي اللي طول عمرك ناكرة للجميل. أنا اللي وفرتلك حياة مستقرة!"
سيليا:
(تضحك بمرارة)
"حياة مستقرة؟ إنت بتتكلم عن بيت كنت فيه مجرد شبح؟ عن أولادك اللي ما تعرفش عنهم حاجة؟ عن سنين من الإهمال والخيانة؟ لا، يا جاد، إنت ما وفرتش غير الألم."
ليلى:
(تحاول التدخل لتهدئة الموقف)
"جاد، مش بالطريقة دي تتكلم مع سيليا. شوف حالك، إنت السبب في كل اللي وصلنا له دلوقتي!"
جاد:
(يصيح)
"ماحدش يتدخل بيني وبين مراتي!"
رائد:
(يتقدم بخطوة لحماية سيليا)
"سيليا مش لوحدها هنا. لو فاكر إنك هتستمر في التحكم بيها فأنت غلطان. سيليا حرة، وهتعمل اللي هي شايفاه صح."
سيليا:
(تواجه جاد بجرأة)
"أيوة، أنا حرة. وهطلق منك مهما حاولت تمنعني. أنا كرهتك... كرهتك من كل قلبي. كنت فاكرة إن أسوأ حاجة في حياتي ظلم أهلي ليا، لكنك أثبتت إنك أكبر غلطة ارتكبتها في حياتي."
جاد:
(يحاول كتم تأثير كلامها عليه، لكنه يلتفت غاضبًا)
"إنتي مش هتقدري تعيشي من غيري. أولادك، حياتك، كل حاجة تحت سيطرتي!"
سيليا:
(تصرخ بألم)
"حياتي ما كانتش حياتي وأنا معاك. كل اللي باقيلك هو اسمك. لكن قلبي وروحي اتحرروا منك من زمان. أنا هاخد أولادي وهكمل حياتي، وهتشوفني واقفة على رجلي من غيرك!"
كارما:
(تقف بجانب سيليا)
"جاد، كفاية. سيليا مش هتخضع ليك تاني. خلّي عندك شوية كرامة وانسحب قبل ما تخسر أكتر."
جاد:
(ينظر إلى الجميع بغضب، ثم إلى سيليا بتحدٍ)
"هنشوف مين اللي هيكسب في الآخر، سيليا. بس أوعدك، مش هيكون بالسهولة اللي إنتي فاكرة."
يدفع الباب بعنف ويغادر، وصداه يترك الجو مشحونًا بالتوتر. سيليا تنهار جالسة على الأريكة، تغطي وجهها بيديها، والدموع تسيل من عينيها
سيليا:
(بصوت مخنوق بالبكاء)
"كرهته... كرهته أكتر من أي حاجة في حياتي. يا رب خلّصني منه، أنا تعبت... تعبت أوي!"
ليلى:
(تجلس بجانبها وتحتضنها بحنان)
"اهدّي يا بنتي، كل ده هيعدي. إنتي أقوى من كل اللي ظلمك."
رائد:
(بغضب مكبوت)
"وإحنا مش هنسكت. سيليا مش لوحدها، وإحنا هنا عشان نحميها."
كارما تمسك بيد سيليا، تحاول طمأنتها، بينما الجميع ينظر إليها بحب ودعم، مصممين على مساعدتها للوقوف ضد جاد وظلمه
*********************
بعد ساعة أو أكثر وصل جاد لفيلا والديه بمصر و كان كريم يجلس على الأريكة، ملامحه غاضبة وواضحة الجدية. ثريا تجلس بجانبه، تعقد ذراعيها بحزم. جاد يقف أمامهما، متوتراً ولكنه يحاول التظاهر بالقوة، بينما جيسي تجلس على الكرسي القريب، تنظر بعصبية وتحاول التدخل
كريم:
(بغضب مكتوم، ينظر إلى جاد بحدة)
"إيه اللي بسمعه عنك يا جاد؟ إنت متخيل إنك في حرب مع مراتك وأولادك؟! فين عقلك؟!"
جاد:
(يحاول الدفاع عن نفسه)
"بابا، سيليا هي اللي بتعاندني. هي اللي مش عايزة تسمع الكلام. بدل ما تحاسبوني أنا، شوفوا هي بتعمل إيه!"
ثريا:
(تقاطع بغضب واضح)
"بتعمل إيه يا جاد؟ بتكمل تعليمها؟ دي جريمة؟! من إمتى بقت الست لما تحاول تبني حياتها تبقى غلطانة؟! سيليا ضحت بكل حاجة عشانك، وإنت بدل ما تحترمها، قررت تحطمها!"
جاد:
(يرفع صوته)
"هي بتخرج عن طوعي، يا ماما! أنا جوزها وليا حق عليها!"
كريم:
(يضرب الطاولة بيده غاضبًا)
"وطي صوتك، يا جاد! إنت فاكر الجواز يعني تتحكم في مراتك كأنها عبدة عندك؟! إنت مسؤول عنها وعن أولادك، مسؤول إنك تكون ليهم سند، مش تكون مصدر ألمهم!"
جاد:
(بتوتر)
"أنا ما ظلمتهاش، بس هي اللي مش عايزة تعيش معايا زي ما أنا عايز!"
ثريا:
(تنظر إليه بحدة)
"تعرف إيه؟ لو فضلت تعاملها بالشكل ده، أنا شخصيًا هقف جنبها وأساعدها تخلعك و تاخد الطلاق منك. إنت مش فاهم قيمة البنت دي، بس أنا فاهمة."
جاد:
(بصدمة)
"إيه؟! ماما، إنتي بتهددي ابنك؟!"
ثريا:
(ترد بحزم)
"أيوة، لو ده الحل الوحيد عشان تنقذها منك ومن عنادك. سيليا تستحق الراحة، تستحق زوج يحترمها، مش واحد يعتبرها جزء من ممتلكاته."
كريم:
(بصوت أكثر هدوءًا ولكنه حازم)
"جاد، إحنا جينا هنا عشان نصلح الأمور، مش عشان نسمع أعذارك. لو فضلت على عنادك ده، هتخسر كل حاجة: مراتك، أولادك، واحترامنا ليك كمان. القرار في إيدك."
جيسي:
(تتدخل بعصبية)
"بابا، ماما، إنتوا دايمًا بتقفوا في صف سيليا! هي مش مظلومة زي ما بتدّعي، كل ده عشان تلفت انتباهكم وتكسب تعاطفكم."
ثريا:
(تنظر لجيسي بغضب)
"جيسي، كفاية كلام ملوش معنى! سيليا مش محتاجة تكسب تعاطف حد، إحنا عارفين مين هي ومين إنتي. بدل ما تزودي النار، فكري شوية إزاي تصلحي أخوكي وتدعمي مرات أخوكي وأولاده."
كريم:
(يضع يده على كتف ثريا ليهدئها، ثم ينظر لجاد)
"دي آخر فرصة ليك، يا جاد. لو استمريت بالطريقة دي، سيليا هتاخد ولادها وتبعد عنك للأبد و أنا بنفسي هساعدها، وساعتها مش هتلاقي حد يدعمك. فكر كويس، ومستني أشوف تصرفك اللي يليق برجل مسؤول مش عيل عنيد."
جاد:
(ينظر لوالده ثم لوالدته بغضب مكبوت، قبل أن يدير ظهره ويغادر الغرفة)
"هنشوف مين اللي هيكسب في الآخر."
(ثريا تنهض بتوتر، تنظر إلى كريم بإحباط.)
ثريا:
"مش عارفة إزاي جاد طلع كده، كريم. ما كانش ده اللي اتمنيته لسيليا أو لأولادها."
كريم:
(بتنهيدة ثقيلة)
"هنحاول يا ثريا، بس هو اللي لازم يقرر يتغير. إحنا عملنا اللي علينا."
تجلس ثريا بجانب كريم، وكلاهما يبدو عليهما القلق، في حين تظل جيسي جالسة في صمت، تضرب بأصابعها ذراع الكرسي بتوتر
***********************
في شارع مزدحم في قلب مدينة القاهرة، الأضواء بتلمع في المساء، وصوت العربيات مليان في الجو. أحمد ماشي بخطوات واثقة، لابس بدلة شيك، وعنيه فيها قوة راجل عدى على كتير في حياته. فجأة، يسمع صوت مألوف بينادي عليه. يلف ويلاقي قدامه سمر، مبتسمة ابتسامة كلها خبث مصطنع.
سمر (بنبرة مغرية):
يا نهار أبيض! أحمد! مش مصدقة إني شفتك! عامل إيه؟
أحمد (بصوت بارد ونظرة حادة):
سمر؟ عمري ما كنت أتخيل أشوفك هنا.
سمر (بتقرب منه وهي بتحاول تتودد):
عارف؟ أنا وحشني صوتك، بصراحة، أنت دايمًا كنت الشخص اللي مستحيل يتنسي.
أحمد (بياخد خطوة لورا):
النسيان؟ متقلقيش، أنا ما نسيتش حاجة. إزاي ممكن أنسى اللي علمني معنى ال خيانة؟
سمر (بتضحك ضحكة خفيفة مليانة تصنع):
يا أحمد، بلاش القسوة دي، إحنا كنا عيال صايعة وقتها، أيام وعدّت.
أحمد (بصوت هادي لكنه مليان غضب):
عيال صايعة؟!؟ بلاش تعملي نفسك بريئة، سمر. إنتِ كنتِ عارفة كويس أوي إنتِ بتعملي إيه. كنتِ بتلعبي بمشاعري وبتستغلينيو طماعة في فلوس و ثروة عيلتي
سمر (بتحاول تسيطر على الحوار):
أحمد، بلاش تفتكر الماضي بالشكل ده. أنا اتغيرت، وبجد متأكدة إن قلبك كبير وبتعرف تسامح.
أحمد (بيقاطعها):
قلب كبير؟ القلب اللي كنتِ بتضحكي عليه ده اتكسر يوم ما شفتك فحضن الواطي وائل
سمر (بنبرة غضب مكتومة):
يعني مش هتنساها أبدًا؟ كل الناس بتغلط يا أحمد.
أحمد (بصوت صارم):
الغلط بييجي لما يكون وراه ندم، وإنتِ لحد دلوقتي ما عندِكيش نقطة ندم واحدة. بس ما تقلقيش، أنا متشكر ليكِ. بفضلك، اتعلمت أفرق بين الحب الحقيقي والزيف.
سمر (بتوتر):
أحمد...
أحمد (بيقاطعها):
خلص الكلام يا سمر. في حاجات في الحياة ما تستاهلش فرصة تانية، وإنتِ واحدة منها.
بيخلص أحمد كلامه وبيمشي بخطوات ثابتة وهو سايب سمر واقفة في نص الشارع، متلخبطة ما بين غضب وذهول تحاول استيعاب الموقف. فجأة، تظهر شاهي، صديقة سمر، التي كانت تراقب المشهد من بعيد، وتتقدم نحوها بابتسامة شماتة.
شاهي (تقترب منها وهي تضحك بخبث):
يا حرام يا سمر! واضح إن أحمد مش بس قفّل الباب، ده كمان قفّله بمفتاح ورماه في البحر.
سمر (تنظر إليها بغضب مكتوم):
بلاش شماتة يا شاهي، مش ناقصة سخافاتك.
شاهي (بتتهكم):
سخافاتي؟ لا يا حبيبتي، أنا واقفة أستمتع بس وأنا شايفة اللي كنتي فاكرة نفسك ماسكة بيه ينفض من حياتك كأنك ما كنتيش.
سمر (تضغط على أسنانها محاولة تمالك أعصابها):
سيبيه يمشي، أحمد مش نهاية العالم. فيه ألف طريقة أرجعه بيها لو عايزة.
شاهي (بضحكة ساخرة):
ترجّعيه؟ إنتِ لسه فاكرة نفسك بتلعبي زي زمان؟ أحمد دلوقتي غير، وحتى لو جربتي ألف لعبة، ده بقى فاهمك و حافظك كويس.
سمر (بنبرة مليانة حقد):
عارفة يا شاهي؟ مش هو اللي مضايقني. اللي بيقهرني فعلاً هي سيليا.
شاهي (تتفاجأ):
سيليا؟ أخت أحمد؟ هي إيه دخلها؟
سمر (بنظرة مليانة غل):
سيليا كانت دايمًا شايفة نفسها عليا. بنت العيلة المدللة، اللي الكل بيحبها. أحمد كان بيعبدها، وكانت بتحسسني إني أقل منها، دايمًا تنتقدني وتتعامل معايا كأني وصمة عار في حياتهم.
شاهي (بخبث):
وده كان وقتها، دلوقتي ما بقيتش موجودة عشان تعمل كده و كمان سمعت أنها فآخر أيامها اتعرضت لفضيحة جامدة اوي
سمر (بترد بقسوة):
بس صدقوها في النهاية ، و ما تفتكريش إني زعلت لما ماتت. بالعكس، ارتحت. بس كل ما أفتكر إن ذكراها لسه عايشة في قلوبهم، بحس إن وجودها عامل لي لعنة
شاهي (بصوت منخفض ومخيف):
يا سمر، إنتِ فعلاً شريرة.
سمر (تبتسم بسخرية):
شريرة؟ لا يا شاهي، أنا واقعية. والواقع يقول إن الناس زي سيليا وأحمد مكانهم تحت رجلي، مش فوق راسي.
(شاهي تهز رأسها بخبث، وتغمغم وهي تبتعد):
على العموم، حظ سعيد، يا سمر. شكلك داخلة على جولة جديدة مع أحمد وعيلته، وربنا يستر عليكِ.
تبتعد شاهي تاركة سمر واقفة في مكانها، تغلي بالغضب والحقد، وعيناها تلمعان بتصميم خبيث
*********************
في فيلا ليلى الألفي ، سيليا تجلس على الأريكة، تحاول استعادة هدوئها بعد انهيارها السابق. ليلى بجانبها تربت على يدها بحنان، بينما رائد يقف بالقرب، يراقب الوضع بقلق. كارما تدخل الغرفة بهدوء، تحمل نظرة مترددة، وتشعر بثقل الموقف.
سيليا: (تتنهد بتعب وتمسح دموعها) الأولاد... شافوني كده، مش كده؟
كارما: (تجلس بجانبها وتمسك بيدها) أيوة، يا سيليا. شافوكي زياد ومازن كانوا خايفين شوية، ولينا بدأت تبكي لما شافتك كده... بس حاولت أطمنهم.
سيليا: (تغطي وجهها بيديها وتبدأ بالبكاء مجددًا) أنا أم فاشلة... إزاي أسمح لنفسي إنهم يشوفوني في الحالة دي؟ المفروض أكون قوية عشانهم
ليلى: (بحزم وحنان) سيليا، كفاية جلد ذاتك. إنتي مش فاشلة. إنتي إنسانة، ومن حقك تضعفي. الأولاد بيحبوكي وبيحسوا بكل حاجة، و اللي حصل مش غلطك.
كارما: (بنبرة مطمئنة) زياد كان بيقول إنه عايز يحضنك، ومازن ما سابش إيدي طول ما كنا طالعين. هما بس محتاجين يشوفوكي هادية عشان يطمنوا.
سيليا: (تنظر إلى كارما بعينين مليئتين بالندم) أنا السبب في خوفهم، كارما... جاد دمر حياتي، وأنا دمرت حياتهم من غير قصد. مش عايزة الأولاد يكرهوني زي ما هو بيكرهني.
رائد: (يتقدم بخطوة نحوها) سيليا، كفاية لوم نفسك. لو في حد يتحمل مسؤولية اللي حصل، فهو مش إنتي. الأولاد محتاجين يشوفوا أمهم القوية اللي بتحارب عشانهم. وإحنا هنا عشان نساعدك.
ليلى: (تربت على كتفها) حبيبتي، بكرة لما تشوفيهم، حضنيهم كويس، وخليهم يحسوا إنك كويسة. إحنا هنا عشان ندعمك.
سيليا: (تمسح دموعها وتتحدث بحزم لكنها مكسورة) أنا مش عايزة يبقوا زيي... مش عايزة يشوفوا أكتر من اللي شافوه. لازم أخلص من جاد، وأعيش عشانهم، عشان يلاقوا حياة تستحقهم.
كارما: (تبتسم بخفة وتشد على يدها) وهما هيفتخروا بيكي لما يشوفوكي بتاخدي خطواتك دي. صدقيني، يا سيليا.
سيليا: (تنظر للجميع بنظرة امتنان ممزوجة بالألم) شكراً، يا جماعة... أنا فعلاً ما كنتش هقدر أعمل أي حاجة من غيركم.
رائد: (بابتسامة داعمة) إحنا هنا دايمًا، يا سيليا. وهنفضل هنا مهما حصل.
سيليا: (تنظر لكارما) طيب... زياد ومازن ولينا نايمين دلوقتي؟
كارما: (تهز رأسها) أيوة، نيمتهم بصعوبة بعد ما طمنتهم شوية. زياد كان عايز يتأكد إنك كويسة.
سيليا: (بصوت مكسور لكن مليء بالحب) هشوفهم الصبح وأحضنهم، وأوعدهم إن مفيش حاجة هتخوفهم تاني.
ليلى: (تقف) وهما هيحسوا بالأمان طول ما إنتي معاهم.
سيليا تنظر للجميع بحزم جديد، كأنها تستعيد قوتها تدريجيًا من أجل أولادها. يتبادل الجميع نظرات مطمئنة، وكلهم متفقون على دعمها في مواجهة أي تحدٍ قادم
*************************
في فيلا البحيري كانوا جميعا متجمعين في صالون القصر في أجواء ثقيلة يغمرها الحزن والندم. نجلاء تحمل بين يديها دمية صغيرة، تتأملها بصمت وكأنها تعيد ذكرى دفينة. فؤاد يجلس على كرسي بجانبها، عيناه غارقتان في التفكير. سامر يقف بالقرب من النافذة، يحدق في الخارج بشرود، بينما مراد ويوسف يجلسان على الأريكة بوجوه تعكس الإرهاق النفسي.
نجلاء: (بصوت مكسور) قابلت بنوتة صغيرة النهارده في الحديقة... ملامحها حسستني بحاجة غريبة، كأنها... (تتوقف وهي تبتلع دموعها) كأنها كانت بتشبه سيليا.
فؤاد: (ينظر إليها باهتمام) بنوتة؟ فين؟
نجلاء: (تمسح دموعها) كانت مع واحد شكله طيب. الطفلة دي... حسيت إنها تناديني، بس أكيد دي خيالاتي.
مراد: (يتنهد بعمق) مفيش لحظة في حياتنا بتمر إلا ونتمنى إنها تكون معانا.
سامر: (بتوتر وهو يدير وجهه من النافذة) بس مش هي... سيليا ماتت، والندم مش هيرجعها.
يوسف: (بصوت هادئ لكنه مؤلم) ساعات بحس إننا بنتعاقب كل يوم. كل مرة نشوف فيها طفلة صغيرة، بنتذكر إنها كان المفروض تكون هنا، معانا.
يدخل فجأة خادم العائلة، معلنا وصول ريان، الذي كان في الجامعة. يحييهم، لكنه يبدو متوترا قليلاً
ريان: (يضع حقيبته) مساء الخير.
فؤاد: (يلتفت إليه) مساء الخير، يا ابني. شكلك مرهق... إيه الأخبار في أول يوم كمعيد؟
ريان: (يتردد) عادي... شفت حاجة غريبة بس.
نجلاء: (تقترب منه بقلق) غريبة إزاي؟
ريان: (ببطء، وكأنه يفكر في كل كلمة) وأنا في الجامعة، لمحِت بنت... كانت شبه سيليا... شبهها لدرجة مش طبيعية.
مراد: (يهز رأسه) ريان، كفاية أوهام. إحنا شوفنا جثتها بعينينا.
ريان: (يتحدث بصوت أعلى) أنا عارف! بس اللحظة اللي شفتها فيها... كانت نفس الملامح، نفس الارتباك في عينها لما لمحتني. قبل ما أقدر أفكر، كانت اختفت.
سامر: (بغضب مكبوت) سيليا ماتت، يا ريان! إحنا لازم نتقبل ده بدل ما نفتح جراح قديمة كل يوم.
نجلاء: (بعينين ممتلئتين بالدموع) يمكن ربنا بيعاقبنا... يمكن كل وجه بنت صغيرة أو حركة عابرة بيجي عشان يذكرنا بالذنب اللي مش هنقدر نتخلص منه أبدا.
فؤاد: (يحاول أن يتماسك) الحقيقة إننا فشلنا... كأهل، كعيلة. سيليا كانت ملاك، وإحنا دمرنا حياتها.
يوسف: (يتنهد) لو الزمن رجع بينا، تفتكروا كنا هنصدقها؟ ولا كنا هنكرر نفس الغلطة؟
ريان: (يتحدث بنبرة يملؤها الحزن) ما أقدرش أقول إني كنت هتصرف غير كده... كنا كلنا مغيبين. بس دلوقتي... أنا متأكد إن كان في حاجة غلط. واللي شفته النهارده خلاني أشك.
نجلاء: (تضم الدمية الصغيرة لصدرها) بنتي ماتت بسببنا... وإحنا اللي هنعيش بعقابنا ده طول حياتنا.
فؤاد: (بنبرة قاطعة) كل اللي نقدر نعمله دلوقتي إننا ندعي لها بالرحمة... ونطلب من ربنا إنه يسامحنا.
يسود الصمت من جديد، وكل فرد يغرق في مشاعره. ريان يبقى واقفاً، يفكر في الصورة التي رآها، وكأن فكرة معينة بدأت تتشكل في ذهنه، لكنه يبقيها لنفسه
********************
بعد مدة قصيرة ، يدخل أحمد إلى الفيلا بخطوات غاضبة، يرمي حقيبته على الكرسي بعنف، ووجهه يكسوه الغضب. عائلته، الذين كانوا يجلسون في غرفة المعيشة غارقين في ذكرياتهم الحزينة، ينتبهون فور دخوله.
نجلاء: (بقلق) أحمد، في إيه؟ مالك؟
أحمد: (بغضب مكتوم) قابلتها... سمر.
فؤاد: (ينظر إليه بحدة) سمر؟ إيه اللي جاب سيرتها؟
أحمد: (يجلس بقوة على الأريكة) كانت واقفة مستنياني برا الشركة. نفس الوش اللي يجيب الغثيان، ونفس الأسلوب الخبيث. بتحاول تلعب دور الضحية، وكأننا ننسى هي عملت إيه.
سامر: (يبتسم بمرارة) ولسه عندها الجرأة تيجي قدامك بعد كل اللي حصل؟
أحمد: (يهز رأسه) جرأتها دي عمرها ما كانت في محلها. بدأت تمثل إنها ندمانة، وإنها بتحاول تصلح كل حاجة... بس خلاص، أنا مش أحمد بتاع زمان.
نجلاء: (بتوتر) قالت لك إيه؟
أحمد: (بصوت مرتفع قليلاً) حاولت تقنعني إنها كانت ضحية، وإن كل اللي عملته كان بسبب ضغط وظروف! بتلوم الدنيا كلها إلا نفسها... ولا حتى لحظة قالت كلمة ندم على اللي عملته في سيليا.
مراد: (بغضب) النوع ده من البشر ما يعرفش الندم.
فؤاد: (يأخذ نفساً عميقاً) لازم تبقى قوي، أحمد. إحنا كلنا عارفين إنها كانت السبب في كل المصايب اللي حصلت.
أحمد: (يضرب الطاولة بيده) أنا مش ضعيف، يا بابا. قلت لها في وشها إن الكذب بتاعها مش هينفع تاني. قلت لها إنها كانت السبب في تدمير أختي، وإنها مهما حاولت، عمري ما هصدقها ولا هرجع لها.
يوسف: (يبتسم بخفة) ردك ده هو أقل حاجة تستحقها.
نجلاء: (تحاول تهدئته) أحمد، أنا عارفة إن سمر أذت العيلة كلها، بس مش لازم تضيع طاقتك عليها.
أحمد: (بصوت منخفض لكنه غاضب) مش هضيع طاقتي، بس كان لازم تعرف إن خلاص... انتهت. مهما عملت، هتفضل هي الجزء الأسود اللي ما ينمحيش من ذاكرتنا.
ريان: (بنبرة جادة) هي مش بس جزء أسود... هي البداية لكل اللي حصل لسيليا.
أحمد: (ينظر إلى ريان بحدة) وعشان كده، وعد مني... مش هسمح لها تدخل حياتنا تاني. انتهت، للأبد.
فؤاد: (يضع يده على كتف أحمد) إحنا كلنا معاك، يا ابني. المهم إنك ما تخليش غضبك يأكلك.
أحمد: (ينظر إلى والده) مش هخلي غضبي يأكلني... بس هفضل أفتكر، عشان ما نكرر نفس الغلطة مع أي حد تاني.
يسود الصمت مرة أخرى، وكل فرد في العائلة يغرق في أفكاره، خاصة عن الماضي الذي ما زالت ظلاله تطاردهم. أحمد ينهض متجهاً إلى غرفته، وعيناه تحملان مزيجاً من الألم والتحدي
********************
في مكتب زين في مقر المخابرات ،كان زين جالسًا خلف مكتبه، يحدق في أوراق أمامه بعينين شاردتين. يشعر بشيء غامض يجذبه نحو سيليا، شيء يتجاوز الشبه بينها وبين ابنة عم تميم. الباب يُفتح بهدوء، يدخل أدهم حاملًا ملفًا سميكًا.
أدهم (بنبرة جدية):
"باشا، المعلومات اللي طلبتها جاهزة."
زين (يرفع عينيه ويركز على أدهم):
"اتفضل، قول."
أدهم (يجلس على الكرسي المقابل للمكتب، يفتح الملف):
"اسمها سيليا... نفس الاسم اللي قلت عليه. متزوجة من ست سنين من واحد اسمه جاد، غني جدًا، بس حياته ماشية في سكة تانية تمامًا. زير نساء وما بيهتمش بمراته ولا أولاده."
زين (ببرود واضح):
"الأولاد؟"
أدهم (يكمل):
"عندهم 3 أولاد: زياد عنده 4 سنين، مازن 3 سنين، ولينا عندها سنة. سيليا عايشة في مصر مع عمتها ليلى وابن عمتها رائد. أما جاد، عايش في دبي مع أهله، مهملهم تمامًا."
زين (بحاجبين مرفوعين):
"عمتها ليلى؟"
أدهم (يهز رأسه):
"أيوة، ليلى دي حسب اللي عرفته أخت والد سيليا فؤاد ووالد تميم جليل. بس فؤاد وجليل ما يعرفوش إن عندهم أخت أصلاً. واضح إن العيلة متقطعة من زمان، طاهر بيه كان متجوز واحدة تانية و خلف منها الست ليلى "
صمت زين للحظة، يحاول هضم المعلومات. قلبه بدأ ينبض بسرعة.
زين (بصوت خافت لكن حازم):
"سيليا... نفس الاسم، نفس التفاصيل... أدهم، أنت متأكد من كل ده؟"
أدهم (بنبرة حازمة):
"100% يا باشا. ما فيش مجال للشك. كل التفاصيل اللي طلعت بتأكد إنها هي."
زين (يقف فجأة، يضع يديه على المكتب):
"يعني اللي كنت شاكك فيه طلع حقيقي... سيليا، اللي تميم وعيلته فاكرين إنها ماتت من 6 سنين... عايشة؟ ومش بس عايشة، متجوزة وعندها أولاد؟"
أدهم (بهدوء):
"أيوة، هي نفسها. ما حدش كان عارف إنها لسه عايشة، حتى عيلتها."
زين (بنبرة حادة):
"جاد ده، اللي متجوزها، إيه تفاصيل حياته؟"
أدهم (ينظر في الملف):
"زي ما قلت، عايش في دبي، مستهتر، وعلاقاته النسائية كتير جدًا. سيليا عايشة لوحدها تقريبًا بتربي الأولاد. الظاهر إنهم متجوزين شكليا بس، ما فيهاش أي مشاعر أو اهتمام من ناحيته."
زين (يشد أنفاسه ويحاول تهدئة نفسه):
"كويس. تمام، شكراً يا أدهم. شغلك كان دقيق كالعادة."
أدهم (وهو يغلق الملف):
"لو في حاجة تانية عايزني أعملها يا باشا، أنا جاهز."
زين (بجملة قاطعة):
"دلوقتي مفيش. بس خليك قريب، ممكن نحتاج نتحرك قريب."
أدهم يقف ويحييه قبل أن يخرج من الغرفة. زين يجلس على كرسيه مجددًا، يضع رأسه بين يديه قائلا
"سيليا ، أخيرا لقيتك ، يا سيليا البحيري..... الاميرة المفقودة...."
#قيود_العشق2
فصل 12
في اليوم التالي ، استيقظت سيليا مبكرا وهي كلها عزيمة و ارادة لإكمال تعليمها و الوقوف على قدميها من جديد ، سيليا بعد ما ادت فرضها و دعت الله أن يوفقها و يحفظ لها اولادها كانت ترتدي ثيابها للإستعداد للجامعة، لينا قاعدة في سريرها بتضحك بهدوء. جنبها في السرير، زياد ومازن نايمين ومش حاسين بحاجة. سيليا تبص حوالين الغرفة وهي بتبتسم.
سيليا (وهي بتهمس وبتبص على لينا): "إيه يا شقية ؟ صحيتي بدري كده؟
(تقوم بهدوء عشان ما تصحيش زياد ومازن، وتاخد لينا في حضنها.)
لينا (تضحك وتمسك طرحتها): "ما... ما!"
سيليا (تضحك وهي بتفك الطرحة من إيدها الصغيرة): "آه يا ماما، هو كل حاجة تمسكها تبقى لعبة؟ أنا كده مش هعرف أجهز للجامعة!"
(تروح سيليا تقعد على طرف السرير، تبص على زياد ومازن، وتكمل بصوت واطي.)
سيليا: "بصّي على الرجالة دول، نايمين زي الملائكة. أول ما يصحوا هنلاقي الحفلة الصباحية بدأت!"
لينا (بتصدر صوت فرحة وتخبط بإيديها): "دا... دا!"
سيليا (تبتسم وهي بتطبطب عليها): "أيوة يا روحي، بس مش دلوقتي. ماما لازم تقوم تلحق تلبس قبل ما يتقلب البيت."
(تحط لينا على السرير وتديها لعبتها الصغيرة.)
سيليا: "خدي يا قمر، العبّي شوية لحد ما ماما تخلص. بس بالله عليكي متعمليش دوشة، عايزين زياد ومازن يفضلوا نايمين شوية."
(تبدأ سيليا تجهز بسرعة، تلبس طرحتها وتاخد شنطتها. تبص على الساعة بقلق.)
سيليا (تتمتم): "يا نهار أبيض، الوقت بيجري! لازم أخلص بسرعة قبل ما الشباب يصحوا ويقلبوا الدنيا."
فجأة يستيقظ زياد و يفرك عينيه وما إن رأى والدته حتى هرع إليها قائلا بقلق
زياد: ماما ، أنتي كويسة ؟
ابتسمت سيليا لذلك الطفل الكبير الذي يسعى جاهدا لحماية والدته و اخوته الصغار
سيليا (بحب): أنا كويسة يا حبيبي متقلقش ، ماما دلوقتي هتروح الجامعة و هترجع بعدين و هنروح لمكان حلو ، بس لازم بالأول تخلي بالك من مازن و لينا و تسمع كلام تيتا ليلى و خالو رائد
زياد ( بحماس): بجد يا ماما ، هنروح فين ؟؟
سيليا ( بغموض): هقولك لما ارجع
زياد: حاضر
لتقبله سيليا من وجنته و هي عازمة على فعل أمر ما
نزلت للأسفل وهي تحمل لينا بين ذراعيها و زياد يسير بجانبها في حين أن مازن لايزال نائما بالأعلى ، وجدت عمتها ليلى و رائد جالسين يتحدثان
ليلى ( بحب): صباح الخير يا حبايبي ، إيه اللي مصحيكم دلوقتي
سيليا ( بجدية): عمتو ، بعد الجامعة هنروح لبابا و ماما
صعقت ليلى و رائد من كلام سيليا في حين صاحت ليلى قائلة بتردد
ليلى: ايه اللي خلاكي تقولي الكلام ده يا سيليا ؟؟
سيليا (بإصرار) : أولا أنا لازم اخلع جاد و اخلص منه فأقرب وقت
رائد: أنتي متأكدة انك مبتحبيش جاد يا سيليا ؟؟
سيليا (بكره): جاد من ساعة ليلة جوازنا شلته من قلبي و من حياتي و كنت هطلق منه بعد شهور من جوازنا بس ربنا قدر اني احمل بزياد و قلت اعطيه فرصة عشان يتغير بس لاء ، كل ما اخلف له ولد يتغير بشكل عكسي نحو الأسوء و أنا فعلا قرفت من كل ده ، طلاقنا أنا وجاد هو الحل الأنسب لأنه الحياة بينا بقت مستحيلة
ليلى (بتردد): طيب ، و الولاد ، ذنبهم إيه عشان يعيشو بين أم و اب منفصلين ؟؟
سيليا ( بإستغراب): عمتو ، أنتي جرا لعقلك حاجة ؟؟ أنتي مش عايزاني اطلق من جاد ؟؟؟ مش شايفة حياتي بقت ازاي ؟؟
ليلى: لا ، مقصدتش كده يا حبيبتي ، بس أنتي هتطلقي و أيوه أنا واثقة انك هتربي ولادك أحسن تربية ، بس هيجي يوم و تتجوزي و ساعتها ولادك مصيرهم هيكون ازاي ؟؟
سيليا ( ببرود): ومين قالك اني هتجوز تاني؟؟ أنا هعيش لولادي وبس
رائد: خلاص يا ماما ، أنا معا سيليا و أكيد ربنا هيقدم اللي فيه الخير
سيليا: أما بالنسبة لموضوع عيلتي ، أيوه أنا فكرت طول الليل و قررت أني هرجع ، بس مش هسامحهم أبدا ، أنا عارفة و متأكدة انهم عرفوا الحقيقة و ماتوا من عذاب الضمير ، من حق ولادي انهم يعرفوا أن ليهم عيلة و كده كده ريان هو المعيد بتاعي في الجامعة و مش هقدر اهرب منه على طول ، يبقى نلعب عالمكشوف أحسن
نهضت ليلى و امسكت بيد سيليا و أردفت قائلة بحنان
ليلى: وأنا معاكي دايما في كل خطوة يا بنتي ، ربنا عوضني بيكي بعد ما خسرت بنتي و جوزي في الحادث و بقيت اربي رائد لوحدي
سيليا ( بإبتسامة): وأنا متأكدة من ده يا عمتو ،
ثم اكملت قائلة بمرح
سيليا: مش عايزة تتعرفي على اخواتك يا ست ليلى
ليلى ( بشوق): اكدب لو قلت لاء ، بس كل ما اشوفهم في الجرائد و المجلات افتكر ابويا و اللي عمله فأمي...
سيليا: ومن امتا ناخد حدا بذنب حدا يا عمتو ؟؟
ليلى ( بفخر ): كل يوم افتخر أنك موجودة يا سيليا ،ربنا يوقفك يا بنتي ، يلا دلوقتي اقعدي عشان تفطري و متتأخريش عن الكلية
سيليا ( بإبتسامة): حاضر
لتجلس سيليا و تتناول الإفطار و ليلى تطعم لينا و رائد يطعم زياد الذي لم يفهم شيئا مما يحدث حوله
(بينما كانت سيليا تتناول إفطارها بسرعة، وزياد يجلس بجانبها يتناول لقيمات صغيرة بيديه، انطلقت أصوات خطوات صغيرة قادمة من الدرج. رفعت سيليا رأسها وهي تبتسم بخفة.)
سيليا (بصوت حنون): "آه، صاحب الحفلة الصباحية وصل."
(كان مازن يمشي بخطوات ثقيلة، يفرك عينيه الصغيرتين ويجر بطانيته خلفه.)
مازن (بتذمر وهو يتثاءب): "ماما... أنا جعان."
(قبل أن ترد عليه سيليا، أصدرت لينا صوت ضحكة صغيرة وهي تضرب الملعقة على الطاولة. فجأة مدت يدها الصغيرة وسحبت بطانية مازن، وبدأت تشدها بقوة.)
مازن (بغضب طفولي): "لينا! رجعي البطانية!"
(تضحك لينا بصوت عالٍ وتستمر في شد البطانية، مما جعل مازن يقترب ويحاول استرجاعها منها.)
سيليا (بحزم ولكن بابتسامة): "لينا، سيبي البطانية، يا شقية. مازن لسه صاحي ومش ناقص إزعاجك."
(لكن لينا تجاهلت كلام سيليا وبدأت تزحف نحو مازن وهي تمسك البطانية بيدها الصغيرة، ثم فجأة تسحبها بقوة، فيسقط مازن على الأرض.)
مازن (يصرخ): "ماما! لينا وقعتني!"
زياد (يضحك وهو يشاهد المشهد): "لينا قوية يا مازن، مش هتعرف تكسبها!"
سيليا (تمسك مازن وتجلسه في حضنها وهي تهدئه): "مازن، معلش، هي مش فاهمة يا حبيبي. لينا صغيرة وشقية شوية."
(ثم تمسك سيليا بلينا وتضعها في كرسيها الصغير على الطاولة.)
سيليا (تنظر إلى لينا بجدية): "بس يا لينا، مش عايزين دوشة الصبح. خليكي شاطرة ولعبي بلعبتك."
(لينا تنظر إلى سيليا ببراءة ثم تضحك مجددًا وتضرب الملعقة على الطاولة، مما يثير ضحك زياد ومازن.)
ليلى (تقترب وتبتسم وهي تمسك بطبق): "يلا يا مازن، تعال عند تيتا عشان تفطر وسيب ماما تهتم بالشقية الصغيرة."
مازن (يتردد للحظة): "طيب، بس خلي بالك من لينا. دي مش هتخليني أعيش!"
رائد (يضحك): "مازن خايف من بنت صغيرة! ههههه!"
مازن (بغضب): "مش خايف، هي بس مزعجة!"
(بينما انشغل مازن وليلى، حاولت سيليا استغلال اللحظة لتكمل استعدادها، ولكن لينا بدأت تضرب الملعقة على الطاولة مرة أخرى وتصدر أصواتًا، مما جعل الجميع يضحك مجددًا.)
سيليا (تتنهد بابتسامة): "الحفلة الصباحية بدأت رسميًا. يا رب اليوم يعدي على خير!"
لتودع اولادها و عمتها و رائد و تذهب للجامعة
**********************
بعد مدة قصيرة ، يقف زين أمام بوابة الفيلا الحديدية المزخرفة، ينظر إليها بحدة، وكأنه يحاول أن يخترق الجدران العالية بنظراته. في يده ملف يحوي الصور والمعلومات التي جمعها. طرق على الجرس، ثم انتظر للحظات حتى جاء الحارس.
الحارس:
"حضرتك مين؟ وعاوز مين؟"
زين (بهدوء جاف):
"زين... أنا عاوز أقابل مدام ليلى الألفي."
الحارس (ينظر إليه بتردد):
"المدام ما بتقابلش حد من غير موعد."
زين (بصوت صارم):
"قول لها زين حسن الحريري عاوز يقابلها."
يتردد الحارس للحظات، ثم يختفي داخل الفيلا. بعد دقائق، تُفتح البوابة بصوت آلي، ويدخل زين إلى الحديقة الأمامية. يشعر بالهدوء الذي يحيط بالمكان، لكنه يعلم أن هذا الهدوء يخفي خلفه أسرارًا ثقيلة.
(داخل الفيلا)
يجلس زين في صالون فخم، أعمدة من الرخام، وستائر حريرية. خطوات تقترب، ويظهر منها امرأة أنيقة في منتصف العمر، وجهها يحمل مزيجًا من الصرامة والحذر. إنها ليلى الألفي.
ليلى (بهدوء بارد):
"حضرتك زين حسن؟ قالي الحارس إنك عاوزني."
زين (ينظر إليها بتركيز):
"أيوه، أنا زين حسن الحريري ضابط شرطة... وزميل تميم جليل البحيري "
تتغير ملامح ليلى قليلاً عند ذكر اسم تميم، لكنها تخفي انزعاجها.
ليلى:
"تميم؟ مال تميم؟"
زين (بصوت واثق):
"مش جاي هنا أتكلم عن تميم، عن سيليا."
يتجمد وجه ليلى للحظة، لكنها تعود لتظهر صرامتها.
ليلى:
"ما عنديش فكرة أنت بتتكلم عن إيه."
زين (يخرج صورة لسيليا وأولادها ويضعها على الطاولة):
"سيليا... اللي عيلتها كلها افتكرت إنها ماتت واتحرقت. اللي قعدوا سنين يبكوا عليها بعد ما اكتشفوا الحقيقة إنها بريئة. أنتِ اللي أنقذتيها وأخدتيها بعيد عنهم... ليه؟"
ليلى (تتردد قليلاً، ثم بصوت بارد):
"مش فاهمة أنت جاي هنا ليه. لو فعلاً أنقذتها، فده لأن عيلتها ما كانتش تستحقها. شتموها، أهانوا شرفها، وطردوها زي ما تكون... عدوهم."
زين (بحدة):
"واللي حصل غلط! بس هم عرفوا الحقيقة، وعاشوا في ندم السنين دي كلها. ليه خبيتيها؟ ليه ما رجعتيهاش؟"
ليلى (تنظر إلى زين بغضب مكبوت):
"وكنت تتوقع إيه؟ إنها ترجع لعيلة دمرتها؟ لمجتمع كان مستعد يحكم عليها من غير دليل؟ أنا اخترت أحميها، اخترت أعطيها فرصة تبدأ حياتها من جديد بعيد عن الناس اللي خانوا ثقتها."
زين (بصوت هادئ لكن مليء بالاستنكار):
"وإنتِ فكرتي إنك بتحميها؟ وهي دلوقتي في حياة مع راجل بيهملها، وولادها محرومين من أبوهم؟ فكرتي في التمن اللي دفعتوه إنتِ وهي بسبب هروبكم؟"
ليلى (بحدة):
"كانت حياتها معايا أفضل من إنها ترجع تعيش مع ناس ما قدروش قيمتها. أنا عملت اللي كان لازم أعمله!"
زين (يقف، ينظر إليها بثبات):
"ده رأيك... بس سيليا؟ هي اللي عاشت الوحدة والخوف. هي اللي كانت تستحق قرارها الخاص. كنتوا الاثنين غلطانين... العيلة لما خانوها، وإنتِ لما حرمتِها من فرصة التصالح معاهم."
تظل ليلى صامتة للحظات، ثم تلتفت بعينيها بعيدًا عن زين، وكأنها تحاول الهروب من الحقيقة التي طرحها.
زين (بنبرة هادئة):
"أنا مش جاي ألومك. أنا جاي أسمع منك... ليه؟ وإزاي هتحلي اللي حصل؟ سيليا تستحق إنها تعيش حياة أفضل، وأولادها كمان. عيلتها تستحق تصالح معها. لكن القرار في إيدك دلوقتي."
يترك زين الملف على الطاولة، وينظر إلى ليلى نظرة أخيرة قبل أن يغادر، تاركًا إياها في مواجهة الحقائق التي حاولت الهروب منها لسنوات.
***********************
بعدما انتهى النقاش الحاد بين زين وليلى، وقبل أن يغادر زين، يسمع صوت بكاء طفولي خافت قادم من الغرفة المجاورة. يلتفت زين بحذر، يحاول استيعاب الموقف.
زين (بنبرة استفسارية):
"الصوت ده... صوت طفل؟"
ليلى (تتنهد وهي تضع يدها على جبينها):
"دي لينا... بنت سيليا. أنا اللي بهتم بيها، لأنها صغيرة وسيليا في جامعتها "
يقترب زين من الباب بحذر، ويفتحه ليجد طفلة صغيرة بعمر سنة واحدة تجلس على السجادة، عيناها الواسعتان تحدقان فيه ببراءة، ودموعها لا تزال تبلل وجنتيها. ترفع الطفلة يدها نحوه وكأنها تطلب منه حملها.
زين (بنبرة ناعمة مليئة بالمشاعر):
"دي... بنت سيليا؟"
ليلى (بهدوء):
"أيوة. اسمها لينا. أصغر أطفالها، و... يمكن أكتر واحدة بتحتاج رعاية."
ينحني زين ويحمل الطفلة بين ذراعيه. تتوقف لينا عن البكاء وتنظر إليه بفضول، ثم تمسك بشعره بأصابعها الصغيرة وهي تضحك بخفة.
زين (يبتسم رغمًا عنه):
"سبحان الله... شبهها. شبه سيليا بشكل كبير."
لينا تضحك مرة أخرى وتضع رأسها على كتفه، وكأنها وجدت راحة في حضنه. زين يشعر بثقل المشاعر يغمره، ويفكر في سيليا وحياتها الصعبة.
زين (بصوت منخفض لنفسه):
"طفلة بريئة... زيها زي أمها. تستاهلوا حياة أفضل."
ليلى (بصوت أكثر لينًا):
"زين... افهمني ، أنا لازم احمي سيليا و الولاد "
زين ( بجدية)
"أقدر أفهم خوفك، لكن ده ما يمنعش إن سيليا تستحق تكون وسط عيلتها. تستحق فرصة تصلح اللي فات، ولينا لازم تعرف الحقيقة عن أمها وجدودها."
لينا (تضحك وتصدر صوتًا غير واضح):
"دااا!"
يبتسم زين ابتسامة خفيفة وهو ينظر إلى الطفلة الصغيرة، ثم يعيد عينيه إلى ليلى.
زين:
"أنا مش هقف هنا وأتفرج. سيليا تستحق تعيش حياة أفضل، وأنا هساعدها، حتى لو كنتِ إنتِ مش موافقة."
ليلى (تنظر إليه بتردد):
"لو كنت فعلاً بتحب الخير لسيليا، ما تضغطش عليها أكتر. هي عندها أسبابها، وزمانها مش زي دلوقتي."
يضع زين لينا برفق على السجادة، ثم ينحني لمستواها وينظر إليها بابتسامة دافئة.
زين (بلطف):
"هترجعي لعيلتك يا لينا. بوعدك."
ينهض زين وينظر إلى ليلى بحزم قبل أن يغادر الفيلا، وقد ازداد تصميمه على كشف الحقيقة وإعادة الأمور إلى نصابها
**********************
بعد أن وضع زين لينا على السجادة، وقبل أن يغادر، أردفت ليلى
ليلى (بصوت منخفض):
"في حاجة تانية لازم تعرفها، زين."
زين (يتوقف ويعقد حاجبيه):
"إيه هي؟"
ليلى (بتردد):
"سيليا قررت... النهاردة بالليل. قررت إنها تواجه عيلتها."
زين (يتقدم نحوها بحذر):
"تواجههم؟ قصدك إنها هتروح لهم؟"
ليلى (تهز رأسها):
"أيوة. قبل ما تخرج للجامعة النهارده الصبح، قالتلي إنها مش قادرة تكمل حياتها وهي شايلة كل الحزن والوجع ده جواها. عايزة تخبرهم إنها لسه عايشة، وإنها ما سامحتهمش."
زين (بدهشة وحذر):
"ما سامحتهمش؟ يعني هي مش راجعة عشان تصالحهم؟"
ليلى (بحزم):
"لأ. قالت إنها مش قادرة تنسى اللي عملوه فيها. قالت إنها محتاجة تشوف نظرات الندم في عيونهم، محتاجة تواجههم باللي عملوه."
زين (يصمت لبرهة، ثم يتحدث بنبرة جادة):
"دي خطوة خطيرة، ليلى. لو العيلة عرفت إنها عايشة من غير ما تكون مستعدة نفسياً، ممكن الأمور تخرج عن السيطرة. أنتِ متأكدة إنها جاهزة للمواجهة دي؟"
ليلى (بتنهيدة):
"مش عارفة. بس سيليا عنيدة. لما بتحط حاجة في دماغها، محدش يقدر يغيرها. النهاردة بالليل، هنروح لهم."
زين (يفكر للحظات ثم ينظر إليها بحزم):
"طيب، أنا هاجي معاكم. مش هسيبها تروح هناك لوحدها وتتعرض لأي ضغط أو أذى. لازم أكون موجود لو حصل أي حاجة."
ليلى (تنظر إليه بتردد):
"بس دي مواجهتها، زين. أنت مش واحد من العيلة."
زين (بصوت مليء بالإصرار):
"أنا مش محتاج أكون من العيلة عشان أحميها. سيليا... هي مش مجرد قضية بالنسبة لي. أنا هكون هناك، سواء وافقتي أو لأ."
ليلى (تخفض نظرها بتردد):
"زي ما تحب... بس خلي بالك، زين. الليلة دي ممكن تغير كل حاجة."
زين (بهدوء وحزم):
"أحيانًا التغيير هو اللي بنحتاجه. خليني أعرف تفاصيل اللقاء بالضبط، وأوعدك إني مش هتدخل إلا لو الأمور خرجت عن السيطرة."
تنظر ليلى إليه بصمت لثوانٍ، ثم تهز رأسها موافقة، وعينها على الطفلة لينا التي تجلس على السجادة تلعب ببراءة، غير مدركة للعاصفة التي على وشك أن تهز عالمها.
*************************
خرج زين من البوابة الرئيسية للفيلا، وهو غارق في أفكاره حول ما قالته ليلى عن سيليا. فجأة، توقفت سيارة سوداء صغيرة أمام البوابة. نزل منها شاب وسيم يبلغ من العمر حوالي 27 سنة، يمسك بيد طفلين صغيرين: زياد ومازن
الشاب (بابتسامة ودية، لكنه متوجس قليلاً من رؤية زين):
"حضرتك مين؟ بتعمل إيه عند الفيلا؟"
زين (ينظر إليه بتمعن، ثم يجيب بهدوء):
"أنا زين. كنت عند مدام ليلى في شغل مهم."
الشاب (بصوت جاد):
"زين؟ طيب، وشغلك إيه مع والدتي؟"
زين (يبتسم ابتسامة خفيفة):
"كنت محتاج أتكلم معاها بخصوص موضوع يخص سيليا."
الشاب (عيناه تضيقان بحذر):
"سيليا؟ إنت تعرف سيليا منين؟"
زين (ينظر إلى الطفلين للحظة، ثم يعود بعينيه إلى رائد):
"الموضوع معقد شوية، بس تقدر تقول إن سيليا شخص مهم بالنسبالي. أنت رائد، صح؟ ابن مدام ليلى؟"
رائد (بتحفظ):
"أيوة. وإنت إزاي تعرفني؟"
زين (يجيبه بثقة):
"سيليا حكيتلي عنك. واضح إنك كنت دايماً سند ليها."
رائد (يشعر بالمفاجأة، لكنه لا يزال متحفظاً):
"أيوة، سيليا زي أختي الصغيرة، ودايماً هكون جنبها. بس لسه ما قلتليش علاقتك بيها إيه."
في تلك اللحظة، يركض زياد نحو زين، يمسك بقميصه الصوفي بلطف، ويرفع رأسه لينظر إليه بعيون بريئة.
زياد (بفضول):
"إنت بتعرف ماما؟"
زين (ينخفض لمستواه بابتسامة هادئة):
"أيوة، يا زياد. بتعرفني كويس."
رائد (ينظر إلى زين بدهشة):
"إنت متأكد؟ ما أظنش إنها جابت سيرتك قبل كده."
مازن (يتمسك بيد رائد، وينظر بخجل إلى زين):
"أنت هتروح معانا عند ماما؟"
زين (ينظر إلى مازن بابتسامة مطمئنة):
"لا، يا بطل. بس أنا هنا عشان أتأكد إن ماما وأنتوا في أمان."
رائد (بصوت أكثر جدية):
"طيب، لو بتحب تطمّن، سيليا في أمان معانا. أنا وأمي عمرنا ما هنسمح لأي حد يأذيها أو يأذي ولادها."
زين (ينهض، وينظر إلى رائد بعينيه الحادتين):
"دي حاجة كويسة، لأن سيليا تستاهل الأمان. بس خلي بالك، لو حصل حاجة... أنا موجود."
رائد (بصوت حازم، وعيناه تضيقان):
"مش فاهم إنت مين بالظبط، ولا جاي ليه. بس واضح إنك عارف أكتر من اللازم. لو عندك حاجة تضايق سيليا، أوّل حد هيتصدى لك هو أنا."
يتبادل الاثنان نظرات مليئة بالشك والحذر، قبل أن يدخل رائد مع الطفلين إلى الفيلا. يتجه زين إلى سيارته، وأفكاره تتسارع بين كشف الحقيقة وحماية سيليا بأي ثمن.
*********************
في قاعة المحاضرات في الجامعة . ريان واقف قدام السبورة، بيشرح الموضوع بتركيز. صوت الطلاب في القاعة مليان، وكل واحد منهم بيكتب ملاحظاته. ريان رفع عينيه علشان يطمن على الحضور، وفجأة وقف في مكانه. اتجمد في مكانه وهو بيبص على واحدة قعدة في الصف التاني.
ريان (بصوت هادي ومرتبك): "ده... مش ممكن..."
بيركز في البنت اللي قعدة قدامه، ملامحها مش غريبة عليه. هو مش مصدق، لكن... ده مستحيل! هي ماتت!
ريان (في نفسه): "لا... مش معقول تكون سيليا. احنا دفناها بأيدينا... لكن... دي هي! نفس ملامحها... نفس عينيها!"
إيديه ابتدت ترجف وهو ماسك الطباشيرة جامد. وقف عن الكلام، وفيه صمت غريب في القاعة. الطلاب بدأوا يبصوا عليه مستغربين.
طالب: "دكتور ريان؟ انت تمام؟"
ريان (بصوت ضعيف): "آه... آه... أنا... آسف."
بيحاول يرجع نفسه، لكن عينيه مش قادرين يبصوا في أي حتة تانية غير البنت دي. كل ما يبص فيها أكتر، كل ما يتأكد إنه مش بيحلم.
ريان (صوته ضعيف ومهتز): "إنتِ... إسمكِ إيه؟"
البنت رفعت عينيها ليه وقالت بصوت واثق ساخر: "سيليا، أختك يا ريان بيه"
الطباشيرة وقعت من يد ريان، ورايح خطوة ورا كأنه ضربه في قلبه.
ريان (صوت مرتجف): "مستحيل..."
ذكرياته بتطلع قدامه زي الطوفان: أيام لعبه مع شقيقته، حزنه لما فقدها، وكل وعد أخده إنه يحافظ على ذكراها. دلوقتي هي قدامه، عايشة.
ريان (صوته بيتهز بين الفرح والرعب): "سيليا؟! إنتِ فعلاً... سيليا؟!"
القاعة كلها ساكتة في حالة دهشة.
ريان (صوته عالي، ومش قادر يصدق): "إزاي؟ إزاي؟!"
وريان واقف في مكانه، عيونه مليانة دموع وذهنه مش قادر يستوعب اللي شافه.
#قيود_العشق2
فصل 13
سيليا تقف من مكانها ببطء، تنظر إلى ريان نظرة خليط بين التحدي والألم. القاعة كلها في حالة صدمة، والطلاب يهمسون فيما بينهم عن سبب هذا التوتر الغريب بين المعيد والطالبة
سيليا (ببرود وهدوء): "إيه؟ مش مصدق؟ فكرت إن لما تدفن جثة وتبكي عليها خلاص تبقى أنهيت الموضوع؟"
ريان (بنبرة مختلطة بين الذهول والندم): "سيليا... أنا... إحنا كنا بندور عليكِ... ما كناش عارفين... ما كناش نقدر نصدق إنك حية..."
سيليا (تقاطعه بصوت عالٍ ولكن مشحون بالوجع): "كفاية يا ريان! أنتوا دفنتوني وأنا حية. أنا متت من ست سنين... متت لما قررتوا تصدقوا الكذبة بدل ما تسألوني أو تسمعوني. لما حطيتوني في موقف ما ينحطش فيه حد!"
ريان يتقدم نحوها خطوة، والدموع تملأ عينيه. يحاول أن يتحدث ولكن صوته يخونه. سيليا تشير إليه بإصبعها بنبرة حادة
سيليا: "ما تقربش! أنا مش هنا عشان أتصالح معاكم أو أسمع تبريرات. أنا هنا عشان أكمل حياتي، أدرس، أربي ولادي، وأبني مستقبلي بعيد عن الماضي اللي دمرته أنت وأهلي!"
ريان (بصوت متهدج): "سيليا... أنا فاهم وجعك، أنا... إحنا ندمنا، ندمنا بكل معنى الكلمة... بس كنا مغيبين، كنا خايفين... سامحينا، سيليا. أعطينا فرصة نعوضك."
(سيليا تهز رأسها بقوة، تبتسم بسخرية مليئة بالحزن.)
سيليا: "سامح؟ كلمة سهلة يا ريان، لكن مش بقدر أنسى إنكم شككتوا في شرفي. شرفي! وبدل ما تحموني، سلّمتوني للعالم وأنا لوحدي!"
(ريان ينحني رأسه، يشعر بعجزه أمام كلماتها التي تحمل وجع السنوات. الطلاب ينظرون إليهما في صمت، يشعرون بثقل اللحظة.)
سيليا: "دلوقتي أنا مش أختك يا ريان. أنا مجرد طالبة. شوفني كده... معيد وطالبة. ولا كلمة أكتر ولا كلمة أقل."
(سيليا تمسك حقيبتها وتستدير لتغادر القاعة. ريان يحاول أن يناديها، ولكن صوته يختنق.)
ريان (بهمس): "سيليا... أرجوكِ..."
(تتوقف سيليا عند باب القاعة، تستدير ببطء وتنظر إليه نظرة أخيرة، مليئة بالوجع والتحدي.)
سيليا: "الكلام ده انتهى من زمان يا ريان. أنا مش محتاجة حاجة منكم. ولا حتى عذر."
تغادر القاعة بخطوات ثابتة، تاركة ريان ودموعه تنهمر أمام طلابه الذين لا يزالون في حالة ذهول
**********************
ريان لم يستطع تحمل فكرة مغادرة سيليا بهذه الطريقة. ترك القاعة على عجل وسط همسات الطلاب المندهشين. وجدها في الممر خارج القاعة، تسير بخطوات سريعة وواثقة، ولكن عينيها مليئة بالدموع
ريان (يناديها بهدوء): "سيليا... استني، من فضلك."
تتوقف سيليا للحظة، تأخذ نفسًا عميقًا وكأنها تحاول السيطرة على مشاعرها، ثم تستدير ببطء نحوه، عيناها مليئتان بالحذر
سيليا (ببرود): "عايز إيه يا ريان؟ مش قلنا كل حاجة جوه؟"
ريان (بصوت خافت): "لا، ما قلناش كل حاجة. سيليا، أرجوك... اديني فرصة أتكلم معاكي، فرصة أوضح... فرصة أطلب السماح."
سيليا تنظر إليه لثوانٍ طويلة، ثم تشير إلى زاوية هادئة بعيدًا عن الممر الرئيسي
سيليا (بهدوء): "ماشي، نتكلم هنا. لكن أوعى تتوقع مني حاجة غير اللي سمعته."
يجلسان على مقعد في الزاوية، ريان يبدو متوترًا ويداه ترتعشان قليلاً. بينما سيليا تحافظ على جمودها، عيناها تخفيان بحرًا من المشاعر
ريان (بصوت مكسور): "سيليا... عارفة إن كل كلمة أقولها مش هتعوضك عن اللي حصل، لكن والله العظيم كنا ضايعين وقتها. لما حصلت الحكاية دي، حسينا إن العالم كله انهار. كنا مغيبين... غبيين... ما كناش بنفكر."
سيليا (بحدة ولكن بصوت منخفض): "ما كنتوش بتفكروا؟ ما كنتوش بتفكروا إن عندكم بنت صغيرة محتاجة دعمكم بدل ما تحكموا عليها؟ كنتوا عيلتي، أقرب ناس لي، ومع ذلك اخترتوا تصدقوا الكذب بدل ما تسألوني حتى سؤال واحد!"
ريان (ينظر إلى الأرض، صوته مليء بالندم): "عندك حق... كل كلمة بتقوليها صح. إحنا ظلمناكي، ما عنديش أي تبرير غير إننا كنا خايبين. لحظة الشك كانت أكبر من أي حاجة، وعارف إننا فقدنا حقنا نطلب منك السماح."
سيليا (بصوت مرتجف): "ريان، فاكر آخر مرة شفتوني فيها؟ فاكر الإهانة؟ فاكر نظراتكم لي؟ فاكر كلامك وكلام أحمد ومراد و يوسف و سامر و اهانات بابا و نظرة الكسرة في عيون ماما؟"
ريان يهز رأسه، عيناه تلمعان بالدموع
ريان: "فاكر، ومش قادر أنساه، حتى لو حاولت. الكلام ده قتلني من يومها، سيليا. لما عرفنا الحقيقة، كل واحد فينا كان عايز يموت. عشنا ست سنين بنلوم نفسنا، بنعاقب نفسنا كل يوم. بس عارف إن ده مش كفاية."
سيليا تصمت للحظات، ثم تبتسم بسخرية
سيليا: "وأنا؟ أنا دفعت تمن غلطتكم. تهجرت، خسرت عيلتي، دُمرت حياتي. حتى لما لقيت فرصة أعيش، كل لحظة كان فيها ألم الذكريات. تعرف إيه هو أكتر شيء كان يوجعني؟ مش إنكم صدقتوا الكذبة... لكن إنكم ما صدقتوش أنا."
ريان ينظر إليها بعجز، وكأنه يبحث عن كلمات مناسبة ولكنه يعجز عن قول أي شيء. أخيرًا، يرفع رأسه
ريان: "أنا ما أقدرش أغير الماضي، سيليا. لكني مستعد أعمل أي حاجة عشان أكفر عن اللي عملناه. إحنا فقدناكي مرة، بس مش مستعدين نفقدك تاني. حتى لو مش هتسامحينا، ارجعي لعيلتك. ارجعي ليهم... خلي ولادك يعرفوا إنهم عندهم عيلة بتحبهم."
سيليا تبتسم ابتسامة حزينة، تهز رأسها بخفة
سيليا: "رجوعي مش ليكم، ريان. رجوعي لأولادي. ولادي اللي أستحقوا يعرفوا جدهم وتيتتهم وأخوالهم. لكن مسامحتي ليكم... ما أظنش إنها حاجة أقدر أقدمها."
ريان يحاول الرد، لكن سيليا ترفع يدها لتوقفه
سيليا: "مش دلوقتي. يمكن يومًا ما. لكن دلوقتي، خليني أحاول أكمل حياتي من غير ما أرجع أدفع تمن الماضي."
سيليا تقف، تنظر إليه نظرة أخيرة قبل أن تبتعد. ريان يبقى في مكانه، عينيه تتابعانها وهي تمشي بعيدًا، وكل خطوة من خطواتها تمثل له ثقل الذنب الذي سيحمله دائمًا
************************
ريان كان مصدومًا من كلمات سيليا السابقة، لكن شيء في حديثها الأخير جذب انتباهه بشكل أكبر. وقف فجأة ونظر إليها بعيون متسعة، وكأنه يحاول استيعاب ما قالته للتو
ريان (بصوت متردد ومصدوم): "أولاد؟ إنتِ... عندك أولاد يا سيليا؟"
سيليا توقفت عن المشي، تنفست بعمق، ثم التفتت إليه ببطء. نظرت إليه بنظرة تجمع بين الحذر والتحدي
سيليا (بهدوء): "أيوة. عندي تلاتة."
ريان شعر وكأن الأرض تهتز تحت قدميه. وضع يده على صدره وكأنه يحاول أن يلتقط أنفاسه
ريان (بصدمة): "تلاتة؟! إنتِ... إنتِ أم؟! إزاي؟ مين... مين أبوهم؟"
سيليا عبست قليلًا وهي تنظر إليه ببرود
سيليا: "مش موضوعك، ريان. حياتي بقت بعيدة عنكم من زمان. إنت آخر واحد ليه حق يسألني عن حاجة تخصني."
ريان شعر بمزيج من الغيرة، الغضب، والحزن. اقترب خطوة منها، لكن عيونه كانت مليئة بالتوسل
ريان: "سيليا، أنا مش بسأل عشان أتدخل... أنا بس مش قادر أصدق. بعد كل اللي حصل، كنت فاكر إنك... إنك لو رجعتي، حياتك هتكون متوقفة عند اللي فات. لكن دلوقتي... عندك حياة جديدة، عيلة جديدة..."
سيليا نظرت إليه بعينين حادتين، وكأنها تحاول أن تُبعد كل المشاعر التي تحاول التسلل إلى قلبها
سيليا: "عيلة جديدة؟ عيلتي هي أولادي وبس، ريان. لو كنتوا موجودين وقتها، لو كنتوا صدقتوني، كان ممكن تكونوا جزء من حياتي. لكن ده ما حصلش. عيلتي القديمة ماتت يوم ما قررتوا تصدقوا الكذبة بدل ما تصدقوني."
ريان ابتلع ريقه بصعوبة، يشعر بعجز لا يوصف
ريان: "سيليا، أرجوكِ... حتى لو مش هتسامحينا، حتى لو شايفة إننا ما نستحقش. بس أنا... أنا أخوكي. ما أقدرش أتخيل إنك عايشة حياة كاملة وأنا مش عارف عنها حاجة."
سيليا شعرت بارتعاش طفيف في يدها، لكنها سرعان ما تمالكت نفسها
سيليا (بحزم): "ريان، في حاجات لازم تبقى مجهولة بالنسبة ليك. أولادي مش هيدخلوا حياتكم إلا لما أقرر أنا كده. ومش هسمح لأي حد يأذيهم زي ما أنا تأذيت."
ريان شعر بشيء ينكسر داخله، لكنه لم يستطع الرد. سيليا تنهدت وبدأت تمشي مبتعدة عنه، تاركة إياه واقفًا في مكانه، يحاول استيعاب الحقيقة الجديدة التي قلبت كيانه رأسًا على عقب
***********************
سيليا حاولت المشي سريعًا بعيدًا عن ريان، لكن خطواته كانت قريبة منها صوته المرتجف ملاً أذنيها، وكلماته كانت كالسكاكين التي تقطع قلبها شيئا فشيئا.
ريان (يتوسل، وصوته مليء بالندم): "سيليا، أرجوك... ما تمشيش. أنا عارف إني ما أستحقش منك حتى نظرة، بس ما تقدريش تسيبيني كده. أنا تعذبت ست سنين... ست سنين، سيليا، وأنا بعيش كل لحظة فيها بلوم نفسي على اللي حصل !"
سيليا توقفت فجأة أنفاسها كانت متسارعة، لكنها لم تستدر. حاولت أن تظل قوية، لكن كلمات ريان ضربت أضعف نقطة في قلبها.
ریان( بصوت مكسور ):"سيليا، أنا ما نسيتش صوتك... ما نسيتش ضحكتك... ما نسيتش حتى أيامك معانا كل يوم كنت أفتكر إننا السبب في إنك رحتي من حياتنا. لو كنت تعرفي كم مرة تمنيت أموت بدل ما أشوف اليوم اللي دفناك فيه !"
سيليا بدأت تشعر بتأثير كلامه. عيناها بدأت تلمع بالدموع، لكنها حاولت كتمانها استدارت أخيرًا، ونظرت إليه بعينين مليئتين بالحزن والغضب.
سيليا بصوت متقطع: "ريان... انتو... انتو خنتوني خنتوا ثقتي فيكم. أنا كنت بنتكم..... أختكم.... كنت حبيبتكم إزاي قدرتوا تصدقوا الكذب عني ؟ إزاي ؟!"
ریان اقترب بخطوات بطيئة، لكنه كان منهارًا تماما. سقط على ركبتيه أمامها، وعيناه مملوءتان بالدموع
ريان: "لأننا كنا أغبياء... لأننا ما كناش نستحقك. لكن سيليا، أنا... أنا مستعد أعمل أي حاجة عشان أرجعك. سامحيني... حتى لو مش هتسامحي الباقي... سامحيني أنا سيليا. أنا اللي وعدتك يوم ما كنت صغيرة إني هكون سندك دايمًا، وخنت الوعد."
سيليا شعرت بأن جدرانها تنهار صوت بكاء ريان وكلماته المكسورة، وندمه الصادق... كل هذا حطم الحاجز الذي بنته حول قلبها دون أن تدرك الدموع بدأت تتساقط بغزارة على وجهها.
سيليا تصرخ وهي تبكي: "ريان! أنا تعبت... تعبت من كل حاجة ست سنين وأنا لوحدي، ست سنين وأنا بحاول أكون قوية، بس أنا مش قوية زي ما فكرت!"
ريان وقف بسرعة، ومد يده لها بتردد. حين رأى انهيارها، لم يستطع منع نفسه من احتضانها بقوة.
ریان بصوت متهدج: "سيليا، أنا آسف... آسف على كل حاجة ما كنتش المفروض أسمح لشيء يأذيكي. سامحيني، أرجوك."
سيليا أخيرًا استسلمت وانهارت في حضنه. بكاؤها كان مثل عاصفة، لكنه كان عاصفة طال انتظارها. لأول مرة منذ سنوات، شعرت بأن هناك من يحتضن ألمها ويفهمه.
سيليا وهي تبكي في حضنه: "ريان.... أنا وحشتني عيلتي... بس أنا لسه موجوعة... لسه مش قادرة أنسى."
ریان بصوت حنون: مش مهم تنسي سيليا. المهم إنك هنا، وأنا مش هسيبك تاني مهما حصل، أنا معاك، زي ما المفروض أكون من البداية."
ظلا على هذا الحال لبضع دقائق، بينما كانت الشمس تشرق عبر النوافذ، وكأنها ترحب بعودة الأخت والأخ بعد سنوات طويلة من الألم والفراق.
**********************
كان الطريق إلى فيلا ليلى هادئًا على السطح، لكن داخل السيارة كان التوتر يملأ الجو. سيليا كانت تقود بهدوء، بينما ريان بجانبها يجلس في حالة من الصدمة والارتباك. ظل يحدق في وجهها بين الحين والآخر وكأنه يحاول التأكد من أن ما يحدث حقيقي
ريان (ينظر إليها بدهشة): "سيليا... مش قادر أصدق. إنتي فعلاً قدامي... بتتكلمي... وعايشة. أنا طول السنين دي عشت وأنا فاكر إنكِ... إنكِ ميتة."
سيليا (بهدوء مشوب بالمرارة): "ميتة؟ أيوه، بالنسبة لكم كنت ميتة، لكن الحقيقة كانت أصعب من كده بكتير."
ريان يحاول أن يفهم كلماتها، لكن صوته يخرج متقطعًا
ريان: "إيه... إيه اللي حصل؟ أنا مش قادر أفهم حاجة. إنتي هربتي؟ وبعدين... ازاي؟... الجثة؟ إحنا شفناكي، دفناكي، سيليا!"
تتنهد سيليا بعمق، ويدها تشد على المقود
سيليا (بهدوء ممزوج بالألم): "الجثة اللي دفنتوها مش أنا. دي كانت مؤامرة... الإرهابيين اللي كانوا بيطاردوا تميم خطفوني. كنت مجرد ورقة ضغط بالنسبالهم."
ريان (بصدمة): "إرهابيين؟! مستحيل... مستحيل ده كله يكون حقيقي."
سيليا: "صدق أو لا تصدق يا ريان، دي الحقيقة. كنت هكون ميتة لو ما ظهرتش عمتنا ليلى... اللي أنتو ما كنتوش تعرفوا إنها موجودة. هي وابنها رائد أنقذوني من الموت."
ريان (بعيون متسعة): "عمتنا؟... ليلى؟! إحنا عندنا عمة؟!"
سيليا (تهز رأسها): "أيوه. شقيقة بابا وعمنا جليل. بس الجد أبوهم قطع علاقته بيها من زمان لأنه خان تيتا و اتجوز أم عمتو ليلى
ريان (يحاول استيعاب): "طب... ليه ما قالتش لبابا؟ ليه ما رجعتش البيت؟"
سيليا (بصوت منخفض): "رجعتلكم... لكن مش زي ما كنتِ تتوقع. لما رجعت، كنتوا كلكم مصدقين إني... إني شرفي راح. كنتوا كلكم ضدي، ريان. عمرك تتخيل وجع إنكِ تكوني بريئة وكل اللي بتحبيهم يتخلوا عنكِ؟"
ريان يضع يديه على وجهه، وعيناه تلمع بالدموع
ريان (بصوت مختنق): "سيليا... إحنا... كنا أغبياء. إحنا صدقنا حاجة ما كانش المفروض نصدقها أبدًا. سامحيني، بالله عليكِ سامحيني!"
سيليا (بصوت ثابت ولكن متألم): "سامحتك يا ريان. بس اللي حصل بعد كده، كان النهاية بالنسبالي. لما كنتوا بتدوروا عليّ، كانوا الإرهابيين سلموني ليكم... محروقة."
ريان (يهتز من صدمة كلماتها): "محروقة؟! الجثة اللي دفناها؟!"
سيليا (تومئ): "كانت حيلة منهم عشان يبعدوا أي شكوك. بس زي ما قلتلك، ليلى ورائد أنقذوني في آخر لحظة. أخدوني عندهم، ودوني حياة جديدة."
ريان يهز رأسه ببطء، يحاول جمع كل ما سمعه، لكنه يفشل
ريان (بصوت مختنق): "ومع جاد؟... إزاي حصل ده؟"
سيليا (بابتسامة مريرة): "كان جزء من حياتي الجديدة، لكنه كان أسوأ قرار في حياتي. جاد مش إنسان، كان مجرد وهم. و دلوقتي، أنا مش بس بحاول أعيش... أنا بحاول أحمي ولادي منه."
ريان يبقى صامتًا للحظة، يحاول السيطرة على مشاعره المتضاربة. ثم يضع يده على يدها التي تمسك المقود
ريان (بصوت مرتجف): "سيليا، ما كنتش موجود لما احتجتيني، لكن دلوقتي... أنا هنا. مهما حصل، مش هسيبكِ تاني."
سيليا تنظر إليه للحظة، ثم تهز رأسها بخفة، وعيناها تلمع بالدموع. السيارة تتابع طريقها، لكن شعورًا جديدًا من الأمل يلوح في الأفق
*******************
ريان يحاول تهدئة نفسه بعد كل الصدمات التي سمعها، لكن مع كل كلمة كانت سيليا تقولها، كان غضبه يزداد. قبضته تشددت على ركبته، وعيناه تمتلئان بالغضب
ريان (بصوت هادئ لكنه مليء بالتهديد): "سيليا... جاد ده... هو السبب في كل اللي انتي بتعانيه دلوقتي؟"
سيليا (بنبرة هادئة ومرة): "مش بس هو، يا ريان. جاد دمرني بعد كل اللي حصل. كنت فاكرة إني ببدأ من جديد لما تزوجته، لكنه كان أسوأ كوابيسي. أنا عشت معاه حياة كلها إهمال، خيانة، وظلم. لو ما كانش أولادي موجودين، يمكن ما كنتش هبقى عايشة لحد دلوقتي."
ريان يضغط بفكه بقوة، ويشعر بالغليان داخله. عينيه تضيقان وكأنهما تحاولان رسم صورة لجاد في ذهنه
ريان (بصوت خفيض مليء بالغضب): "سيليا، احكيلي أكتر. عايز أعرف كل حاجة عن جاد... كل حاجة عملها فيكي."
سيليا (تنظر إليه بتردد): "ريان، ما تضغطش على نفسك. أنا خلاص قررت أنهي العلاقة دي وأبعد عنه تمامًا. المحكمة هتاخد حقي."
ريان (بصوت غاضب وقاطع): "محكمة؟! انتي متخيلة إن واحد زي ده ممكن يفلت من اللي عمله بس لأنه طلقك؟! لا، يا سيليا، ده مش كفاية. الراجل ده لازم يدفع تمن كل لحظة وجع عاشتيها بسببه. أنا مش هسمح لواحد زيه يعيش مرتاح وهو دمر حياتك."
سيليا (بقلق): "ريان، مش عايزة مشاكل. جاد عنده نفوذ وفلوس، و..."
ريان (يقاطعها بغضب): "ونفوذه ده مش هيحميه مني. سيليا، أنا أخوكي. كان المفروض أكون جنبك من الأول وما حصلش. دلوقتي دوري إني أحميك، وأنتقم لكل لحظة ألم عشتيها بسببه."
ريان يمرر يده على وجهه، يحاول استعادة السيطرة على غضبه، لكنه يفشل
ريان (بإصرار): "احكيلي كل حاجة عن جاد. مكان شغله، بيته، أي حاجة ممكن تخليه يندم إنه قابل أختي في حياته."
سيليا (بنبرة هادئة): "ريان، أنا مش عايزاك تعمل حاجة تندم عليها. أولادي هما الأهم، وعايزاك تكون موجود عشاني وعشانهم."
ريان ينظر إليها، والغضب في عينيه يبدأ يتلاشى قليلاً، لكن تصميمه يظل واضحًا
ريان (بصوت أكثر هدوءًا): "أولادك هما أولادي، سيليا. مش هسمح لحد يهدد حياتك أو حياتهم. بس صدقيني... جاد مش هيهرب من الحساب. سواء على إيدي أو على إيد القانون."
سيليا تنظر إلى ريان، ثم تبتسم بخفة، تمسح دمعة تسللت إلى وجنتها
سيليا: "ما كنتش أعرف إنك لسه قادر على إنك تكون الأخ الكبير اللي بحتمي فيه."
ريان (يبتسم بخفة): "دايمًا كنت كده، سيليا. بس أنا اللي غلطت. ودلوقتي دوري أصلح كل حاجة."
السيارة تصل إلى الفيلا، وقرار ريان واضح في عقله: جاد سيدفع الثمن، بأي طريقة كانت
**********************
وصلت السيارة أمام بوابة الفيلا الهادئة، توقفت سيليا قليلاً قبل أن تنزل. تنهدت بخفة، ثم استجمعت شجاعتها، ونظرت إلى ريان بجانبها
سيليا: "مستعد؟ مشهد الترحيب هنا بيبقى صاخب شويتين."
ريان (بابتسامة متوترة): "لو هما زي ما قلتي، يبقى أكيد هيتقبلوني، حتى لو أنا مش قادر أستوعب كل اللي بيحصل."
تفتح سيليا الباب، وتركض نحوها ثلاثة ظلال صغيرة. زياد ومازن يقفزان باتجاهها، بينما لينا تمد يديها الصغيرة من بعيد
زياد (بحماس): "ماما! ماما!"
مازن: "جبتيلي حاجة؟!"
تضحك سيليا بينما تنحني لتحضنهم جميعًا دفعة واحدة
سيليا (بحب): "أيوه يا رجالتنا، بس دلوقتي في مفاجأة كمان."
زياد ينظر إلى ريان الذي يقف بجانب السيارة بتوتر، عيناه الصغيرة مليئة بالفضول
زياد (بصوت خافت): "مين ده يا ماما؟"
مازن يتشبث بسيليا وهو ينظر إلى ريان بحذر، بينما لينا تضرب يديها الصغيرة معبرة عن حماسها دون أن تفهم شيئًا
سيليا: "ده خالكم يا حبايبي. اسمه ريان."
ريان (بصوت هادئ وابتسامة): "أهلاً يا أبطال."
زياد (بدهشة): "خالنا؟ إحنا عندنا خال؟"
مازن (بتذمر): "أنا كنت عايز لعبة مش خال!"
سيليا تضحك بخفة وتربت على رأس مازن
سيليا: "مازن، مش عيب كده؟ قول مرحبًا لخالك."
قبل أن يكمل الأطفال دهشتهم، تظهر ليلى من باب الفيلا، تنظر إلى المشهد غير مصدقة. خلفها يظهر رائد، عابسًا قليلاً من المفاجأة
ليلى (بصدمة): "ريان؟! إنت هنا؟"
ريان (بصوت مفعم بالندم): "حضرتك ليلى؟ عمتنا ؟"
ليلى (تتقدم نحوه بخطى مترددة): "أيوه... بس إيه اللي جابك؟ وإزاي... إزاي قابلت سيليا؟"
رائد يعبر بخطوات أسرع، يقف أمام ريان مباشرة، ونظراته مليئة بالريبة والحذر
رائد: "إنت مين بالضبط؟ وإيه اللي جابك عندنا؟"
( ملحوظة .....رائد لم يكن يعرف شكل إخوة سيليا)
سيليا تتدخل بسرعة، تضع يدها على ذراع رائد لتهدئته
سيليا: "رائد، ده أخويا ريان. احنا كنا في الجامعة، واتقابلنا صدفة."
يهدأ رائد قليلاً، لكن الحذر لا يزول من عينيه
رائد: "ريان، أظن إنك كنت واحد من الناس اللي..."
سيليا (تقاطعه بلطف): "رائد، كفاية. ريان معايا دلوقتي. خلينا نحاول نبدأ صفحة جديدة."
زياد ينظر إلى ريان ثم يسأل ببراءة
زياد: "هو خالنا هيبقى معانا على طول؟"
ريان (بابتسامة): "لو مامتك موافقة، أكيد. هبقى موجود عشانكم."
مازن ينظر إلى ريان بفضول
مازن: "إنت بتلعب بلاي ستيشن؟"
ريان (يضحك): "ممكن أتعلم عشان ألعب معاك."
تقترب ليلى من سيليا وتمسك بيدها بخفة
ليلى (بحنان): "أهم حاجة إنك مرتاحة، يا بنتي."
سيليا (بابتسامة صغيرة): "أيوه يا عمتو، مرتاحة أكتر مما كنت متخيلة."
يتقدم الجميع نحو داخل الفيلا، بينما ريان ينظر حوله، يحاول استيعاب المشاعر المتداخلة بين الذنب والفرح لرؤية شقيقته مرة أخرى
**********************
بينما يدخل الجميع إلى الفيلا، تجلس سيليا على الأريكة، تحمل لينا بين ذراعيها. الرضيعة تنظر إلى ريان بفضول شديد، تمد يديها الصغيرة نحوه وهي تصدر أصواتًا عشوائية مليئة بالحماس
لينا: "دا... دا...!"
ريان ينظر إلى الصغيرة بابتسامة دافئة، يتردد للحظة، ثم يجلس على ركبتيه ليكون بمستواها
ريان (بلطف): "إيه يا أميرة؟ بتندهيني؟"
تمد لينا يدها وتمسك بأنف ريان فجأة، ثم تضحك بصوت عالٍ
ريان (يضحك بخفة): "آه يا مشاغبة! أنف خالك مِلكِكِ رسميًا؟"
سيليا (تضحك وهي تهز رأسها): "متستغربش، لينا لازم تسيب بصمتها على كل حد جديد في حياتها."
لينا (تصدر صوت فرح): "دااا!"
تحاول أن تزحف نحو ريان بين ذراعي سيليا، مما يجعل سيليا تسلمها له
سيليا: "اتفضل يا خالو، دي طلباك."
يحمل ريان لينا بحذر، يبدو عليه التوتر في البداية، لكن ابتسامتها الصغيرة تزيل أي حرج. تبدأ الصغيرة بلمس وجهه وتمد يدها إلى شعره
ريان (بمزاح): "إيه؟ شكلي عجبك يا شقية؟"
رائد (من الخلف وهو يضحك): "أظن إنك اتقبلت رسميًا في نادي الأطفال هنا."
زياد (ينظر إلى لينا بغيرة طفولية): "ليه هي اللي تلعب مع خالو الأول؟ أنا الكبير!"
ريان (يبتسم لزياد): "أنت الكبير فعلاً، لكن الصغار ليهم حقوق برضه. أول ما تخلص لينا، الدور عليك."
مازن (متذمر): "وأنا؟"
ريان: "أكيد يا مازن، مش هنسيبك."
لينا تصدر صوتًا آخر وتضرب بيدها الصغيرة على صدر ريان، مما يجعله يضحك بخفة
ريان (ينظر إلى سيليا): "أطفالكِ... هم النعمة اللي ما كنتش عارف إنهم موجودين في حياتنا. يا خسارة على الوقت اللي راح."
سيليا (بحب وحنان): "لسه في وقت، يا ريان. أهم حاجة إنك هنا دلوقتي."
لينا تصدر صوتًا يشبه الضحك، وتضرب يديها الصغيرتين بحماس، مما يثير موجة ضحك بين الجميع
ليلى: "شايفة؟ الصغيرة عارفة إنها جمعت العيلة النهارده."
يتبادلون النظرات المليئة بالحب والأمل، بينما لينا تظل مركز الاهتمام بين ذراعي ريان
#قيود_العشق2
فصل 14
جوه أوضة الجلوس في بيت ليلى. سيليا باينة عليها متوترة، واقفة قدام ريان اللي بيحاول يلبس جاكيت علشان يرجع لبيت العيلة. العيال نايمين في الأوض التانية، وليلى قاعدة من بعيد بتراقب بصمت
سيليا: (بتتحرك فجأة وتقف قدام الباب علشان تمنعه يخرج، صوتها بيرتعش) ريان... لو سمحت.
ريان: (بيبصلها باستغراب ورافع حواجبه) فيه إيه يا سيليا؟
سيليا: (عينيها بتتوسل، بتقرب منه خطوة بخطوة) ما تقولهمش... بالله عليك ما تقولهمش إني لسه عايشة.
ريان: (صوته مستغرب ومعصب شوية) إنتي بتقولي إيه؟ إزاي أخبي حاجة زي دي؟ العيلة لازم تعرف إنك عايشة، ده إحنا اتدمرنا بسببك!
سيليا: (بتصرخ فجأة، بتقطع كلامه) وأنا؟! أنا ما اتدمرتش؟! ست سنين يا ريان، ست سنين عشتهم لوحدي، مذلولة، موجوعة! سابوني أواجه الدنيا لوحدي... افتكروني خنتهم، دبحوني بشكهم... ودلوقتي؟ عايزني أرجع كأن حاجة ما حصلتش؟
ريان: (بيحاول يهدّيها، بيحط إيده على كتفها) سيليا، همّا كانوا غلطانين، وندموا، الكل بيعاني بسبب غيابك.
سيليا: (بتشيل إيده من عليها، عينيها مليانة دموع) ما ينفعش أرجع دلوقتي، مش بالساهل كده... أنا مش مستعدة أبص في وشوشهم وأشوف فيها شفقة أو تأنيب ضمير. أنا محتاجة وقت، محتاجة أسترجع نفسي الأول.
ريان: (بتردد، بيبصلها في عينيها، بيحاول يفهم وجعها) وطب وهمّا؟ هيعيشوا في العذاب أكتر؟
سيليا: (بتنزل على ركبتها قدامه، ماسكة إيده بقوة، صوتها مخنوق بالعياط) أرجوك، ما تعملش كده. لو إنت فعلاً أخويا... لو إنت بتحبني... ما تموتنيش تاني بإنك تقولهم. أنا محتاجة وقت... بس وقت.
ريان: (ساكت شوية طويل، بيبصلها بحزن، بيمسح على شعرها بهدوء) ماشي يا سيليا... بس ده مش سهل عليا.
سيليا: (بامتنان كبير، عينيها مليانة دموع وهي بتبصله) شكراً... شكراً يا ريان.
ريان: (بيستدير ناحية الباب، بس قبل ما يخرج، بيتلفت يبصلها) ما تتأخريش كتير يا سيليا. العيلة محتاجاك زي ما إنتي محتجاهم...
بيخرج وسيليا قاعدة على الأرض، المكان مليان صمت تقيل بيعكس قراراتها وحزنها
**********************
ريان خرج وفضلت سيليا قاعدة على الأرض، ودموعها بتنزل بصمت. ليلى وابنها رائد واقفين قريب منها، ليلى بتبصلها بحنية، ورائد باين عليه القلق عليها
ليلى: (بتقرب منها وبتحط إيدها على كتفها) سيليا... لسه خايفة؟
سيليا: (بصوت مبحوح، من غير ما ترفع راسها) أنا مش خايفة، يا عمتي... أنا مدمرة. مش قادرة أتخيل إن حياتي كلها بقت كده... كأني عايشة كابوس.
رائد: (بيجلس جنبها على الأرض، صوته هادي ومليان حزم) بس إنتِ مش لوحدك يا سيليا. إحنا معاكي، وهنفضل معاكي لحد ما تقفي على رجلك تاني.
سيليا: (بتبصله بعيون مليانة دموع) أنا تعبت، يا رائد. تعبت من كل حاجة... من الخوف، من الذكريات، ومن إن كل حاجة حواليا بتضغط عليا.
ليلى: (بتمسك إيدها بحنية) يا بنتي، أنا فاهمة وجعك... بس اللي حصل النهارده خطوة كبيرة. إنك واجهتي ريان وسامحتيه، دي بداية جديدة ليكي.
سيليا: (بصوت ضعيف) بس أنا مش عارفة إذا كنت أقدر أكمل... إذا كنت أقدر أواجه الباقي.
رائد: (بصوت جاد) هتقدري، سيليا. إنتِ أقوى بكتير مما فاكرة. شوفتي قد إيه عديتي حاجات مستحيلة؟ ده دليل إنك تقدر ترجعي وتكملي حياتك، بس خطوة بخطوة.
سيليا: (بتنهد وتبص لتحت) يمكن... بس مش عارفة إذا كنت جاهزة دلوقتي.
ليلى: (بابتسامة مطمئنة) محدش هيضغط عليكي، يا حبيبتي. خدي وقتك، بس فكرّي دايمًا إن العيلة دي هتفضل مستنياكي، لأنك مهما حصل... قلبهم.
سيليا: (بهمس وهي تنظر إلى ليلى ورائد) شكراً ليكم... لولاكوا ما كنتش عارفة أعيش ولا آخد الخطوة دي.
رائد: (بابتسامة خفيفة) إحنا عيلتك برضه، سيليا... ومهما حصل، إحنا هنا علشانك.
***********************
في غرفة طعام فخمة في فيلا كريم. الأسرة تجلس حول طاولة العشاء. الجو مشحون بالبرود. ثريا تحاول الحفاظ على أجواء ودية، بينما جيسي تستغل اللحظة لبث سمومها
جيسي: (بصوت هادي لكنه مليان حقد، وهي تقطع قطعة من طعامها) على فكرة يا جاد، أنا مستغربة إزاي لسه مستحمل سيليا وأولادها لحد دلوقتي؟ يعني... بصراحة، البنت دي جايبة معاك مشاكل من يوم ما دخلت البيت.
جاد: (يتنهد بضيق، يحرك كرسيه قليلاً) جيسي، مش وقته الكلام ده.
جيسي: (بتضحك بسخرية) مش وقته؟ إزاي يعني؟ أنا بقول الحقيقة بس. سيليا عارفة تستغل طيبة ماما وبابا علشان تحسسك إنك الغلطان، الحقيقة واضحة... هي طول عمرها مش قد المستوى.
ثريا: (بصرامة مفاجئة، تضع الشوكة والسكين بصوت مسموع على الطاولة) كفاية، جيسي. ما بحبش الكلام ده في بيتي.
جيسي: (تتظاهر بالبراءة) ماما، أنا بس بقول اللي في قلبي. إنتِ عارفة إنها...
ثريا: (تقاطعها، نبرة صوتها صارمة) قلت كفاية، جيسي. سيليا جزء من عيلتنا، واحترامها احترام لنا كلنا. مش هسمحلك تكملي الكلام ده.
جاد: (ينهض فجأة من على الطاولة، يمسك بالكأس أمامه، صوته مليان ضيق) الموضوع ده اتقفل خلاص. مش عايز أسمع اسمها ولا سيرة الأولاد هنا.
كريم: (ينظر لجاد بحدة، يرفع حاجبه) جاد! تصرفك ده مرفوض. إذا كنت مش عايز تشوف عيلتك أو تتحمل مسؤوليتك، ده ما يديكش الحق تهينهم أو تهرب.
جاد: (بنبرة باردة، ينظر لوالده) بابا، مشكلتي مع سيليا. أنا كنت واضح من البداية.
ثريا: (بتحاول تهدي الوضع، لكن نبرتها حزينة) واضح إن المشكلة مش في سيليا، يا جاد... المشكلة فيك.
جيسي: (تحاول تهرب من الموقف، تضحك بهدوء وهي تشرب من كوبها) طيب، أظن إن العشاء بقى مش حلو زي ما توقعت.
كريم: (ينظر لها بغضب، يرفع صوته لأول مرة) وجيسي! كفاية لعب بالكلام. عيلتنا محتاجة تتعدل، وإنتِ جزء من الخراب اللي حاصل.
جاد يأخذ معطفه ويخرج بسرعة من الغرفة. جيسي تحاول التظاهر بعدم الاكتراث، بينما ثريا تمسح على جبهتها بضيق وكريم ينظر للطاولة بعيون مليانة حزن
ثريا: (بهمس وهي توجه الكلام لنفسها) يا رب، عاوزة أشوفهم متصالحين مع نفسهم قبل ما أموت.
********************
كريم ينظر إلى جيسي بحدة بعد خروج جاد، بينما ثريا تجلس بصمت تحاول تهدئة غضبها الداخلي. الجو متوتر
كريم: (ينهض بهدوء لكنه بحزم، يلتقط معطفه من الكرسي) جيسي... اللي بتعمليه ده مش تصرف بنت محترمة، وأكيد مش بنتي.
جيسي: (بتحاول ترد بتحدي وهي تميل بظهرها على الكرسي) بابا، مش فاهمة إزاي أنا اللي غلطانة هنا! أنا بس بقول اللي كلنا عارفينه عن سيليا.
كريم: (بصرامة، يوجه إليها نظرة شديدة) سيليا مرات أخوكي وأم ولاده، واحترامها مش خيار. آخر مرة أسمع منك كلام زي ده، فاهمة؟
جيسي: (تبتلع كلماتها، لكنها ترد بتمتمة واضحة) طيب، واضح إنكم كلكم واقفين في صفها.
كريم: (بصوت حاسم وهو ينظر لها نظرة أخيرة) صف الحق دايمًا هو اللي لازم نقف فيه.
كريم يلتفت إلى ثريا، يضع يده على كتفها برفق، ويخرج دون أن ينظر مرة أخرى إلى جيسي. يبقى الصمت للحظات قبل أن تقطعه ثريا بنبرة هادئة لكنها حادة
ثريا: (تنظر لجيسي بنظرة عتاب وحنق) قولي لي يا جيسي، إنتي إمتى بالظبط بقيتي البنت دي؟ البنت اللي شايفة في الشر أسلوب حياة؟
جيسي: (بتحاول تبرر، لكنها تشعر بعدم الراحة تحت نظرات أمها) ماما، أنا مش شريرة. بس سيليا مش مناسبة لجاد، وأنا شايفة ده من أول يوم.
ثريا: (تضرب الطاولة بيدها برفق لكن بصرامة) كفاية! كفاية تبريرات سخيفة. سيليا أم ولاد أخوكي، وأنا بحبها زيك . كل مرة تفتحي سيرة عنها بالشكل ده، بتجرحيها وبتجرحيني.
جيسي: (بغضب مكتوم، وهي ترفع يديها استسلامًا) طيب، ماشي، هسكت. بس لما يحصل اللي أنا متوقعة، ما تلوميش غير نفسك.
ثريا: (تقف ببطء، تضع يديها على الطاولة وتنظر مباشرة في عينيها) اللي أنا متأكدة منه، إن يوم هتيجي تندمي على كل كلمة سمّيتي بيها الجو ده. وسيليا، لما تكون فوق اللي بتقولي عنها، إنتِ اللي هتبقي تحت، لوحدك.
*********************
ثريا تنهض من مكانها بعد أن ألقت كلماتها الأخيرة، تنظر لجيسي بنظرة مليئة بالعتاب، ثم تستدير لتخرج. يبقى الصمت للحظات بعد خروجها، وجيسي وحدها على الطاولة، تمسك شوكتها بعصبية وتضغط عليها بإصبعها
جيسي: (تتحدث مع نفسها بغضب مكتوم، تهمس بصوت منخفض) سيليا... سيليا... كل حاجة بقت سيليا!
تدفع الكرسي للخلف بعنف، تنهض وهي تدور حول الطاولة ببطء
جيسي: (تتمتم، لكن صوتها يعلو تدريجيًا مع غضبها) الكل شايفها ملاك... البنت الطيبة اللي اتبهدلت... والكل نسي إنها السبب في اللي إحنا فيه!
تلتقط كأس ماء من الطاولة وترميه بعصبية على الحائط، فيتناثر الماء والزجاج
جيسي: (بصوت أعلى، وكأنها تخاطب شخصًا غائبًا) هي السبب في بعد جاد عننا... السبب في غضب بابا... حتى ماما اللي دايمًا بتدعمني، بقت تفضلها عليا!
تجلس على الكرسي مجددًا، تضع رأسها بين يديها للحظات، ثم ترفع رأسها بعينين مليئتين بالشر والحقد
جيسي: (بصوت منخفض لكنه مليء بالتوعد) لو فاكرين إنهم هيعيشوا مبسوطين، يبقوا بيحلموا... سيليا، أنا مش هسيبك. هخلي حياتك جحيم... إنتِ وأولادك!
********************
داخل فيلا البحيري، الساعة تشير إلى الحادية عشرة مساءً. الجميع مجتمعون في غرفة الجلوس الواسعة
الباب يُفتح فجأة، يدخل ريان متعبًا، يحمل حقيبته على كتفه. جميع العيون تتجه نحوه
نجلاء: (توقف ما بيدها وتنظر إليه بحدة) ريان، الساعة بقت كتير، كنت فين لحد دلوقتي؟
ريان: (يحاول التظاهر بالهدوء، يخلع معطفه) كنت في الجامعة يا أمي، عندي شغل كتير... محاضرات وتحضير.
نجلاء: (تضع الحياكة جانبًا وتقترب منه بخطوات بطيئة) ريان، متأكد؟ شكلك مش طبيعي...
فؤاد: (يقطع الحديث بصوت حازم) أمك بتسأل، جاوبها كويس. ليه شكلك مضطرب؟
ريان: (ينظر إليهما ثم يخفض نظره) مفيش حاجة يا بابا، شوية ضغط شغل... ده كل اللي في الموضوع.
جليل: (بنبرة شك) ريان، لو في حاجة، احكي، إحنا عيلة واحدة.
ريان: (يرفع رأسه ويحاول تغيير الموضوع) بجد، كله تمام. أنا بس تعبان شوية... لو تسمحولي، عايز أطلع أوضتي أريح.
نجلاء: (تمسك يده قبل أن يتحرك، بنبرة ملؤها القلق) ريان، لو في حاجة مخبيها، إحنا هنفهم، متزودش همومنا أكتر.
ريان: (يبتسم ابتسامة باهتة) متخافيش يا أمي، مفيش حاجة... صدقيني.
يرفع حقيبته ويتجه نحو الدرج، لكن قبل أن يصعد، يوقفه صوت يوسف
يوسف: (ينظر إليه بريبة) ريان، عادي لو سألناك سؤال؟
ريان: (يلتفت ببطء، يحاول ضبط نفسه) طبعًا، قول يا يوسف.
يوسف: ليه حاسس إنك بتخبي حاجة؟ مفيش حد بيتأخر في الجامعة كده...
ريان: (يضحك بارتباك) أنا فعلاً ماشي صح، إنتم بس شايلين هم أكتر من اللازم.
ريان يسرع بالصعود قبل أن يكمل أحد الحديث. الجميع يتبادلون النظرات المستفهمة، ونجلاء تنظر لفؤاد بحيرة، في حين أن تميم كان متأكد أن ريان يخفي شيئا ما
نجلاء: (تتنهد) أنا حاسة إنه مخبي حاجة كبيرة.
فؤاد: (بصوت هادئ ولكن صارم) لو في حاجة فعلاً، هيبان... مفيش حاجة بتستخبى للأبد.
صعد ريان لغرفته ، أغلق الباب خلفه بإحكام. جلس على سريره، وضع رأسه بين يديه، وتحدث مع نفسه بصوت خافت
ريان: (بصوت منخفض) يا رب، ساعدني... ماقدرش أقولهم، مش دلوقتي... مش وأنا وعدتها.
ليمسك رأسه بيده، بينما تتردد في ذهنه كلمات سيليا وهي تتوسل إليه أن يبقي سرها طي الكتمان
**********************
في غرفة الجلوس. العائلة لا تزال مجتمعة. سيلين، ابنة تميم، تركض هنا وهناك، تلعب بدمية صغيرة. الجو هادئ، لكن الحزن يخيم على الأجواء كلما وقعت أعينهم على الصغيرة التي تذكرهم بسيليا
ريان ينزل ببطء من الدرج، يحاول التصرف بشكل طبيعي، لكنه يبدو متوتراً. يجلس على طرف الأريكة بجانب يوسف
فؤاد: (ينظر إلى سيلين بابتسامة حزينة) البنت دي... سبحان الله، شبه سيليا بالظبط وهي صغيرة.
الجميع يصمت فجأة، عيونهم تتحول إلى الصغيرة التي تجلس على الأرض وتضحك
نجلاء: (تتنهد وتمسح دمعة بصمت) فعلاً، حتى ضحكتها زيها...
سامر: (بصوت منخفض) كانت أحلى حاجة في حياتنا.
مراد: (ينظر إلى ريان) ساعات بحس إنها لسه معانا... مش كأنها اختفت.
ريان: (يبتلع ريقه، يحاول السيطرة على توتره) يعني... ذكراها دايماً في قلوبنا.
تميم: (يضع يده على رأسه بإحباط) لو ماكنتش طاردت الجماعة دي... يمكن ماكنش حصل اللي حصل.
أحمد: (بهدوء، لكنه يحمل نبرة حزن عميقة) مش ذنبك، تميم. كلنا قصرنا في حقها...
يوسف: (ينظر إلى ريان بريبة) بس إحنا المفروض نبطل نلوم نفسنا... مش كده يا ريان؟
ريان: (ينهض فجأة، يحاول الابتعاد) صح... أنا محتاج أطلع أوضتي شوية.
فؤاد: (ينظر إليه بحيرة) مالك يا ابني؟ ليه من ساعة ما جيت شكلك متوتر ومش عايز تقعد معانا؟
ريان: (يتظاهر بالابتسام) مفيش يا بابا، تعبان شوية من الشغل...
يسرع ريان بالصعود إلى غرفته، يترك خلفه جواً من الشك. الجميع ينظرون لبعضهم البعض بصمت
مراد: (يكسر الصمت) إيه حكاية ريان؟ بقاله ساعة و هو غريب.
أحمد: (يعقد حاجبيه) أكيد مخبي حاجة...
يوسف: (يضيف بنبرة جدية) وإحنا لازم نعرف إيه هي.
سامر: (يشير نحو الدرج) يمكن حاجة تخص الجامعة؟
تميم: (يضع يده على الطاولة بصرامة) مش متأكد... بس في حاجة أكبر من كده.
فؤاد: (يضع يده على رأسه، بنبرة حزن) لو في حاجة فعلاً، يا ترى لها علاقة بسيليا؟
نجلاء: (تقاطعه) فؤاد، كفاية عذاب... سيليا مش راجعة.
يوسف: (بصوت خافت) يمكن مش راجعة... بس في حاجة غريبة.
الجميع يصمت مجدداً، وكل منهم غارق في أفكاره، بينما تستمر سيلين في اللعب مع ماهر ، ببراءة غير مدركين ما يحدث من حولهما
************************
في غرفة نوم ليلى،جلست هذه الأخيرة لتتصل بزين، ، سيليا نائمة في غرفتها، أولادها بجوارها في أسرتهم. رائد، في الخارج يعمل في النادي الرياضي. ليلى تجلس على الأريكة، هاتفها في يدها، تتحدث مع زين. صوتها متوتر
ليلى: (بتردد) زين، ريان عرف الحقيقة و كان هنا من كام ساعة... ، بس سيليا كانت مرعوبة.
زين: (من الطرف الآخر، بلهجة جادة) وقلتي له إيه؟
ليلى: (تنهد) سيليا توسلت له... طلبت منه ما يخبرهم. قالت إنها مش مستعدة للرجوع لبيتها.
زين: (بقلق) ليه؟ سيليا لازم تواجههم. هو ده الوقت المناسب، موش لازم تهرب أكتر من كده.
ليلى: (بحذر) مش سهلة، زين. سيليا مرّت بأيام صعبة، وعشان كده مش مستعدة تفتح الجراح من جديد.
زين: (بتنفس ثقيل) لو تأخرت، الموضوع هيصعب أكتر... ريان مش هيقدر يسكت كتير ، مش هيقدر يخبّيها.
ليلى: (بغضب مكبوت) أنا عارفة، بس سيليا مش هتقدر تتعامل مع كل ده دلوقتي. لو رجعت عشان مواجهة كده، ده هيكسرها.
زين: (بصوت منخفض لكنه حازم) يعني هتخليها تهرب للأبد؟ مش هتقدر تعيش في الخوف ده كل حياتها، ليلى.
ليلى: (تنظر إلى سيليا وهي نائمة، ثم تتنهد) هي خايفة، زين. خايفة من الناس اللي هي بتحبهم، مش عاوزة تصدق إنهم ظلموها.
زين: (بتوتر) ليلى، أنا لو مكانك، كنت هنصحها إنها تقابلهم النهاردة قبل بكرة. خليها تواجه الواقع... خليها تكون قوية.
ليلى: (بصوت هادئ) هي مش قوية كفاية دلوقتي. أنا هخليها تتكلم لما تكون جاهزة، مش دلوقتي.
زين: (بعد صمت قصير) لكن لازم تعرف إن ما فيش وقت ضايع أكتر... ولازم تبقى جنبها.
ليلى: (تغلق عينيها وهي تمسك الهاتف) أنا هكون جنبها، زين. بس سيليا هي اللي لازم تقرر.
صمت طويل قبل أن يقطع زين المكالمة
زين: (من الهاتف، بنبرة حنونة) خلي بالك منها، ليلى.
ليلى تغلق الهاتف، وتتنهد بعمق، ثم تخرج من الغرفة بهدوء و تتجه لتجلس في الحديقة رغم برودة الجو ، تفكر في حياتها و حياة سيليا و رائد
و تفكر في الأيام القادمة وما قد تحمله من تحديات
#قيود_العشق2
فصل 15
بعد أسبوع ،في فيلا كريم الأنصاري
صوت جرس الباب بيرن. ثريا تفتح الباب بحماس
ثريا: (بصوت دافئ) أهلاً وسهلاً! البيت نوّر والله!
تنحني تحيي الأطفال اللي واقفين جنب سيليا
ثريا: يا خبر، شوفوا العسل ، تعالوا يا حبايبي، جدتكم نفسها تشوفكم من زمان.
سيليا: (بابتسامة خجولة) متشكرة قوي على العزومة، يا طنط
كريم: (يظهر من ورا ثريا مبتسم) عزومة إيه يا بنتي! ده بيتك وبيت ولادك. اتفضلوا، ما تقفوش على الباب.
الجميع يدخلوا الصالة الكبيرة اللي مليانة دفء وراحة
الأطفال يجروا على كريم، اللي ينزل على ركبته علشان يستقبلهم.
كريم: (بيضحك) زياد، مازن، ولينا العسولة! وحشتوني يا ولاد.
زياد: (بحماس) جدو! هتلعب معانا النهارده؟
كريم: (يمسح على رأس زياد) طبعًا، عندي ليكم مفاجأة جامدة جدًا.
مازن: (باحتراس) إيه المفاجأة دي، جدو؟
كريم: (بيغمز بثقة) هتعرفوا حالًا!
بياخد كريم الأطفال على أوضة جنب فيها ألعاب وهدايا
في الصالة، ثريا قاعدة جنب سيليا.
ثريا: (بحنان) يا حبيبتي شكلك تعبان. كل حاجة تمام؟
سيليا: (بتتنهد) مرهقة أوي يا طنط، بس بحاول أتماسك علشان ولادي.
ليلى: (بهدوء) سيليا قوية، وقدها .
ثريا: (تمسك إيد سيليا) إحنا هنا معاكِ، ودايمًا في ضهرك.
رائد واقف جنب كريم بعد ما رجع من اللعب مع الأطفال.
كريم: (بيضحك وهو قاعد) يا نهار أبيض، الطاقة دي كلها جايبينها منين؟ أرهبوني!
رائد: (مبتسم) الطاقة دي واخدينها من أمهم، واضح إنهم ورثوا قوتها.
كريم: (بيبص لسيليا بفخر) وأنتِ يا سيليا، إحنا عيلتك، ومافيش حاجة هتغير ده.
سيليا تبتسم بخجل وتحس براحة لأول مرة من زمان
في الخلفية، صوت جيسي جاي من فوق وهي بتتكلم في التليفون مع جاد
جيسي: (بصوت عالي وساخر) مش مصدقة إنكم عازمينها هي وعيالها!
ثريا وكريم يبصول بعض، وبعدين يتجاهلوا الكلام
ثريا: (بتغير الموضوع بابتسامة) سيليا، أنا محضّرة لك أكل مخصوص. عايزة أشوفك بتاكلي كويس، ما تهلكيش نفسك.
سيليا: (مبتسمة بحرج) متشكرة قوي يا طنط.
الأطفال بيضحكوا و بيلعبوا مع جدهم، وثريا بتبص لسيليا وليلى بحب واضح، وعزمها إنها تكون دايمًا في ضهرها مهما حصل
جيسي بتنزل من السلم، خطواتها مسموعة بوضوح، ونظراتها مليانة حقد وهي داخلة الصالة. ثريا بتبصلها بحذر، وكريم بيتجاهلها كأنه مش واخد باله
جيسي: (ببرود) أوه، الكل مجتمع هنا، ما شاء الله! شكل الجو لطيف جدًا.
بتبص لسيليا وليلى بطريقة مستفزة، وبنبرة متعالية
جيسي: ما كنتش عارفة إن الضيوف الكرام ليهم زيارة النهارده.
ثريا: (بحزم) سيليا مش ضيفة، ده بيتها.
جيسي: (بابتسامة مصطنعة) آه طبعًا، أكيد.
بتقرب جيسي من الأطفال بابتسامة مصطنعة عشان تخفي مشاعرها
جيسي: (بصوت ناعم مصطنع) زياد يا روحي، تعال عند عمتك جيسي.
زياد يبص لها بتوتر ويشد إيده بعيد عنها
زياد: (بيهز رأسه) لا.
جيسي تحاول ما تظهرش إحراجها، وتلف لجهة مازن
جيسي: طب إيه رأيك إنت يا مازن؟ تعال هنا، عمتك هتجيب لك حاجة حلوة.
مازن يبعد خطوتين للخلف، بصوته الطفولي
مازن: لا، عايز أروح عند جدو.
جيسي تتنهد بغيظ، وتحاول تسيطر على أعصابها، وبعدها تبص للينا الصغيرة اللي قاعدة على حضن ثريا
جيسي: (بصوت مليان تصنّع) وآه، دي بقى لينا العسولة! تعالي يا حبيبتي لعمتك الجميلة.
جيسي تمد إيديها عشان تشيلها، لكن لينا تبص لها بعيون صغيرة مشمئزة، وتبدأ تبكي بهدوء وهي تلف وشها ناحية ثريا
ثريا: (بابتسامة خفيفة وهي تحضن لينا) أصل لينا مش بتتعود على حد بسرعة.
جيسي تضغط على أسنانها وهي بتحاول تخبي إحراجها، وبصوت متوتر
جيسي: (بضحكة خفيفة) آه، الأطفال ساعات بتكون غريبة في تعاملها.
بتقعد جيسي على الكنبة بتكبر واضح، وتحاول تخبي نار الغيظ اللي مولعة جواها
كريم: (بيرمقها بنظرة جانبية وهو بيكلم زياد) تعال يا زياد، جدك عايز يعرف مين اللي كسب في اللعب!
زياد يجري على كريم ويقعد جنبه، وسيليا تبص لجيسي بنظرة هادئة وواثقة، كأنها بتقول إنها مش مهتمة باستفزازها
ليلى تنظر لرائد وتبتسم، وكأنها بتقول له بهمس "واضح مين الكسبان هنا.
جيسي قاعدة متجمدة، ونار الحقد باينة في عينيها، بينما العيلة بتكمل الليلة بشكل عادي، كأن وجودها مجرد تفصيل صغير
سيليا تقعد في مكانها بهدوء وهي بتحاول تهدي لينا الصغيرة اللي رجعت لحضنها، وبعدين ترفع عينها بهدوء تبص لجيسي اللي قاعدة مكانها، ملامحها متوترة ومليانة غيظ واضح
سيليا: (بابتسامة هادية وواثقة) الأطفال أوقاتهم أغلى من أي حاجة... بيعرفوا دايمًا مين اللي بيحبهم بجد.
جيسي تحاول تحافظ على برودها، بس عينيها باينة فيها نار الغيظ، وترد بصوت متوتر
جيسي: (بتصنع) آه، الأطفال دايمًا عندهم تصرفات غريبة. يمكن بس محتاجين شوية وقت يتعودوا على الناس الكبيرة اللي في حياتهم.
سيليا تضحك ضحكة خفيفة، بنبرة كلها ثقة، وتبص لجيسي مباشرة
سيليا: (بنبرة هادية) أكيد. بس الحب الحقيقي ما بياخدش وقت... بيبان من أول لحظة.
جيسي تحاول تخفي إحراجها، وتبص بعيد وهي ماسكة كوب العصير قدامها بإحكام لدرجة إن صوابعها بتبيض. كريم يلاحظ الموقف، ويفتح كلامه بهدوء عشان يخفف التوتر
كريم: (بابتسامة) آه، الأطفال دول أذكياء قوي... بيعرفوا كويس مين اللي فعلاً بيهتم بيهم.
ثريا تبص لجيسي بنظرة مليانة عتاب
ثريا: جيسي، تعالي شوفي لينا، يمكن لو لعبتي معاها بهدوء، تتعود عليكي.
جيسي تبتسم ابتسامة متصنعة
جيسي: (بتوتر) لا، مش عايزة أضغط عليها... الأطفال محتاجين مساحة.
سيليا تضحك ضحكة خفيفة، وتحضن لينا اللي بدأت تضحك هي كمان، بينما نظراتها المليانة ثقة بتفضل على جيسي اللي شكلها بيزداد غضب و غيظ
ليلى تقرب من سيليا وتهمس لها وهي مبتسمة
ليلى: (بهمس) كده كتير يا بنتي، هتفجريها!
سيليا ترد عليهم بهمس وهي مبسوطة
سيليا: (بهدوء) خلينا نشوف آخرتها إيه.
جيسي تقوم من مكانها فجأة، وتتكلم بنبرة عصبية متصنعة الهدوء
جيسي: (بسرعة) أنا طالعة أوضتي. مش بحب الازدحام ده.
جيسي تطلع على السلم بخطوات سريعة، بينما سيليا تبص لليلى بابتسامة المنتصر وتكمل تهز لينا برفق وهي تضحك
بعد فترة قصيرة ، باب الفيلا بيفتح، وجاد داخل لابس بدلة شيك وهو ماسك شنطته. صوته بيدوي في المكان
جاد: مساء الخير!
يبص حوالين الصالة، يلاقي الكل قاعدين، الأطفال بيلعبوا مع كريم، وسيليا قاعدة جنب ثريا وبتتكلم بهدوء مع ليلى
ثريا: (بحماس) جاد! أخيرًا جيت، اتفضل ارتاح.
جاد بيبتسم بسمة خفيفة، وبعدين يبص للأطفال
جاد: (بنبرة متصنعة) تعالوا هنا عند بابا.
زياد، مازن، ولينا يبصوله لحظة، وبعدين يكملوا لعب مع كريم وكأنهم ما سمعوش
جاد: (بيكرر بصبر مزيف) زياد؟ مازن؟ تعالوا فحضن بابا.
زياد يقوم واقف، بس بدل ما يروح لجاد، يجري نحية ثريا ويستخبى وراها وهو بيقول بصوته الطفولي
زياد: لا، مش عايز!
مازن يبص لجاد وبعدين يهز راسه ويقرب من كريم
مازن: (بصوت بريء) جدو كريم أحسن من بابا.
جاد يتسمر مكانه للحظة، ونظرة إحباط خفيفة بتظهر على وشه، بس بيحاول يخبيها
جاد: (بتوتر) ولينا؟ إنتِ أكيد هتيجي عند بابا، صح؟
جاد يقرب علشان يشيلها، بس لينا الصغيرة تلتف بسرعة ناحية كريم وتبدأ تمد إيديها ليه وهي تبكي و بتبص لجاد بخوف
سيليا تبص للمشهد وهي بتحاول تحافظ على ملامحها الهادئة، لكن ليلى تشوف ابتسامة خفيفة على وشها
جاد: (بيتنهد ويحاول يتصنع الضحك) شكلهم مش متعودين عليّ، ده كل اللي في الموضوع.
كريم: (بنبرة فيها عتاب) ولادك محتاجينك، جاد. وجودك معاهم هو اللي هيعودهم عليك.
جاد: (بنبرة دفاعية) شغل كتير يا بابا، ومش دايمًا عندي وقت.
ثريا تهز راسها بأسى
ثريا: الولاد أهم من أي شغل يا جاد. دي حاجات ما بتتعوضش.
جاد يبص لسيليا، اللي بتتجنبه وبتحاول تهدي لينا، ونار الغيظ والحيرة تشتعل جواه وهو بيحاول يخفيها بابتسامة متوترة
جاد: (بجفاف) أنا هطلع أغير وأريح شوية.
جاد يسيبهم ويطلع فوق، وكل الموجودين يحسوا بالثقل اللي سابه وراه، بينما الأطفال بيكملوا لعبهم وكريم وثريا بيحاولوا يغيروا الجو
بعد فترة قصيرة ، الكل كان متجمع حوالين طاولة العشاء. كريم وثريا قاعدين على رأس الطاولة، سيليا قاعدة جنب ليلى، والأطفال حوالين الجد والجدة بيضحكوا ويلعبوا، جاد قاعد على الطرف المقابل وباين عليه إن مفيش كلام كتير بينه وبين حد. جيسي قاعدة جنب جاد وبتاكل بصمت، واضح عليها إنها متضايقة
كريم: (بنبرة فخورة) على فكرة، سيليا، أنا عرفت من ليلى إنك رجعتي الجامعة وكملتي دراستك. بصراحة، أنا فخور جدًا بيكي.
سيليا تبتسم بهدوء وبثقة
سيليا: (بنبرة ممتنة) شكراً يا عمو كريم، التعليم كان دايماً حلمي، والحمد لله قدرت أرجع أكمله.
ثريا: (بحماس) ودي حاجة تستاهل كل التقدير، يا حبيبتي. إنك تفكري في مستقبلك ومستقبل أولادك... ده شيء عظيم.
جاد يرفع عينه من الطبق، يبص لهم باستهزاء خفيف
جاد: (بنبرة جافة) الجامعة في الوقت ده؟ مش شايفة إن ده مجهود زيادة ملوش لازمة؟
كريم يرد بسرعة وبحدة لطيفة
كريم: (بحزم) بالعكس يا جاد، التعليم عمره ما كان مجهود على الفاضي. سيليا بتعمل اللي لازم يتعمل علشان تبني مستقبلها ومستقبل الأولاد.
ثريا: (بتأييد) بالظبط! واحنا كلنا هنا ندعمها. الحقيقة، أنا شايفة إن ده قرار شجاع جدًا منها.
جيسي تبص بنظرة حادة لسيليا، وترد بتصنع
جيسي: (بفتور) آه، شجاعة أكيد... بس برضه مش عارفة إزاي بتوفق بين الجامعة والأولاد. دي مسئولية كبيرة.
سيليا ترد بهدوء وبابتسامة واثقة
سيليا: (بثقة) كل حاجة بتتظبط لما تكوني عارفة إيه اللي عايزة توصليه. وأنا عندي هدف واضح.
رائد يقطع الحديث وهو بيحط شوية أكل للأطفال
رائد: (بحماس) وأنا شايف إنها قدها وأكتر. سيليا ما شاء الله عليها، بتعرف توازن بين كل حاجة.
ليلى: (بفخر) وده مش غريب عليها، سيليا طول عمرها قوية وبتعرف تاخد قراراتها بنفسها.
كريم يبص لجاد بنظرة مليانة معاني
كريم: (بحزم وهدوء) جاد، يمكن لازم تتعلم حاجة أو اتنين من سيليا... الإرادة والتصميم.
جاد يحاول يتجاهل التعليق ويرجع يأكل بصمت، بينما سيليا تبص لكريم وثريا بابتسامة امتنان وتكمل تناول العشاء بهدوء وثقة
الجميع على طاولة العشاء، الجو مشحون بعد التعليقات اللي فاتت. سيليا تبص لجاد بنظرة حازمة، وكأنها قررت تنهي أي شيء معلق بينهم. تسند ظهرها للكرسي وتتكلم بثقة وهدوء، وكل العيون تركز عليها
سيليا: (بحزم وهدوء) جاد، أنا مش هطول عليك... أنا قررت إني أخلّص من العلاقة دي للأبد. عايزة طلاق، وبكل احترام، عايزة أعيش حياتي بعيد عنك أنت وأفعالك.
الجميع يندهش للحظة، لكن ملامح كريم وثريا تبان عليها علامات الفهم والقبول. جاد يبتسم ابتسامة مستفزة ويضحك ضحكة خفيفة
جاد: (باستهزاء) طلاق؟ وأخيراً قررتي تطلبي اللي كان واضح من زمان؟ كنت مستني اللحظة دي، الحقيقة.
سيليا تبتسم بثقة، ترفع راسها وترد بثبات
سيليا: (بنبرة قوية) أنا مش طالبة الطلاق عشان أهرب، ولا عشان أستسلم. أنا بطلبه عشان أستعيد حقي في حياة كريمة ليا ولأولادي... الحياة اللي أنت عمرك ما فكرت فيها غير بنفسك.
ثريا تبص لجاد بحزن واضح، وتحاول تتدخل، لكن كريم يشاور لها بهدوء إنها تسيبهم يكملوا
جاد: (بنبرة تهكم) كريمة؟ ده كلام كبير أوي يا سيليا... الحياة مش فيلم درامي زي ما بتتخيلي.
سيليا: (بحزم) الحياة بالنسبة لي دلوقتي هي أولادي ومستقبلهم. أنت كنت موجود بالاسم بس... لا حسيت بالمسئولية ولا حاولت تبقى أب ليهم. وأنا مش ناوية أضيع سنين تانية في علاقة من طرف واحد.
رائد ينظر لجاد بنظرة احتقار واضحة، ويمسك بكوب الماء عشان يهدي نفسه. ليلى تبص لجاد وتتكلم بهدوء
ليلى: (بهدوء) سيليا عندها حق، وجاد، لو عندك أي ذرة إحساس بالمسئولية، هتوافق على الطلاق من غير مشاكل.
جاد يهز كتفيه وكأنه الموضوع ملوش أهمية بالنسبة له، ويبتسم ابتسامة ساخرة
جاد: (بلامبالاة) ماشي... عايزة الطلاق؟ خلاص، زي ما تحبي. أنا مش متمسك بحاجة.
سيليا تبتسم ابتسامة صغيرة، وكأنها انتصرت في حرب طويلة، وتبص لجاد مباشرة
سيليا: (بثقة) شكراً، وأتمنى إنك في يوم ما تفتكر اللي عملته في أولادك وتحاول تصلحه، لو لسه عندك فرصة.
ثريا تبكي بصمت، بينما كريم يهز رأسه بحزن ويقول بهدوء
كريم: (بهدوء) كنت متمنى أشوفك شخص أحسن من كده يا جاد... بس القرار قراركم.
الجميع يعودون لتناول العشاء بصمت، وسيليا تبص لأطفالها اللي بدأوا يلعبوا مع جدهم وجدتهم وكأنها أخيراً شافت الضوء في نهاية النفق
#قيود_العشق2
فصل 16
بعد لحظة من الصمت على طاولة العشاء، زياد، الطفل البالغ من العمر 4 سنوات، يتوقف عن اللعب مع أخويه وينظر إلى والده جاد. ينهض من كرسيه الصغير ويتجه نحو جاد بخطوات صغيرة لكنها واثقة. الجميع يلاحظ تصرفه، وكأنهم ينتظرون ما سيقوله
زياد: (بنبرة جادة لا تناسب عمره) بابا... ممكن أسألك سؤال؟
جاد يرفع عينه ببطء وينظر لزياد بدهشة خفيفة، يحاول إخفاء استغرابه بابتسامة ساخرة
جاد: (بتصنع) طبعاً يا زياد، قول يا بطل.
زياد: (بنظرة بريئة لكنها مليانة عتاب) ليه مش بتحبنا؟
الجميع يندهش من كلام زياد، وسيليا تحاول تتدخل بهدوء
سيليا: (بلطف) زياد، حبيبي...
زياد: (مقاطعاً والدته) لأ، يا ماما. أنا عايز أعرف. هو بابا ليه مش بيقعد معانا زي جدو كريم و خالو رائد؟ ليه مش بيلعب معايا زي ما صحابي بيلعبو معا باباهم؟
ثريا تضع يدها على فمها محاولة كتمان دموعها، وكريم ينظر لجاد بنظرة تأنيب
جاد: (مرتبكاً قليلاً) إيه الكلام ده، يا زياد؟ طبعاً أنا بحبك... بس الشغل كتير.
زياد: (يهز رأسه) لا... جدو برضه بيشتغل، بس بيلاقي وقت يلعب معايا. حتى خالو رائد بيقعد معانا. إنت دايماً بتقول مشغول... حتى لما بنبقى في نفس المكان، إنت مش بتتكلم معايا.
جاد يحاول يبتسم لكنه يفشل في إخفاء توتره
جاد: (بتلعثم) أصل... أصل الشغل مهم علشانكم، علشان مستقبلكم.
زياد: (ببراءة قاتلة) بس إنت مفيش مرة قلتلي إني وحشتك... أو إني ولد شاطر. حتى لما كنت برسم في الحضانة، ما جيتش تبص على رسمي زي ما جدو عمل.
سيليا تبكي بصمت وهي تنظر لزياد، بينما ثريا تضع يدها على قلبها من التأثر. رائد يراقب الموقف بصمت لكنه يبتسم بفخر لصراحة زياد
زياد: (يكمل بنبرة حزينة) بابا، أنا كنت نفسي تبقى زينا... بس شكلك مش عايز.
زياد يلف ويرجع لطاولته الصغيرة، ويجلس بهدوء. الجميع يظل صامتاً، وجاد يبقى مذهولاً للحظات، يحاول الكلام لكنه يعجز. كريم يضع كوبه بهدوء على الطاولة وينظر لجاد بحزم
كريم: (بهدوء) أعتقد إنك سمعت اللي زياد قاله... لو عندك أي رد، إحنا كلنا بنسمعك.
جاد ينظر للجميع، ثم يخفض رأسه في صمت، غير قادر على الرد. سيليا تنظر لزياد بفخر ودموعها لا تزال تملأ عينيها، وتبتسم له بحنان
بعد لحظة من صمت الأطفال، ينظر مازن بعينيه البريئتين إلى والده جاد. يمسك بلعبته الصغيرة، ويقترب بخطوات مترددة، لكنه يتوقف فجأة في منتصف الطريق، ويقول بصوت خافت لكنه مليء بالوضوح الطفولي
مازن: (بنبرة حزينة) بابا... أنا مش بحبك.
الجميع على الطاولة يتجمد في مكانه، ينظرون إلى الطفل الصغير بدهشة ممزوجة بالحزن. جاد يرفع حاجبيه بتعجب، لكن بدلاً من الشعور بالذنب، يظهر تأففه المعتاد
جاد: (ببرود) مازن، إنت بتقول إيه؟
مازن: (ينظر إلى والده بجرأة طفولية) بقولك إني مش بحبك... بحب خالو رائد أكتر. هو دايماً بيلعب معايا وبيحضني، لكن إنت دايماً بعيد.
زياد ينظر إلى أخيه بدهشة، بينما سيليا تضغط شفتيها بقوة لتمنع دموعها من الانهمار. رائد ينظر إلى جاد بنظرة تعبر عن مزيج من الغضب والأسف
جاد: (بتنهيدة ثقيلة وتأفف) مازن، ما تبقاش درامي كده. أنا أبوك، يعني لازم تحبني، ده الطبيعي.
مازن: (ببراءة حزينة) مش لازم. الحب بيجي لوحده. وإنت عمرك ما حاولت تخلي حد يحبك، حتى ماما...
كلمات مازن الصغيرة تضرب الجميع كالصاعقة. ثريا تضع يدها على فمها مصدومة، بينما كريم يهز رأسه بخيبة أمل. جيسي تنظر إلى أخيها جاد بتوتر، غير قادرة على التدخل. سيليا تمسك بيد ابنها بلطف، ثم تقف بجانبه وكأنها درعه الحامي
سيليا: (بهدوء) جاد، مازن مش بيبالغ. الحقيقة واضحة في عيون الأطفال، وأظن كلامه دليل كفاية على اللي عملته فينا السنين اللي فاتت.
جاد ينظر إلى الجميع، ثم يهز رأسه بلا مبالاة ويقف من على الكرسي
جاد: (بصوت متأفف ومستفز) خلاص، زهقت من الدراما دي. لما تخلصوا تقلبوا العشا لحفلة مشاعر، ابقوا قولولي.
جاد يخرج من الغرفة دون أن يلتفت إلى الوراء، تاركاً الجميع في حالة من الصدمة الصامتة. مازن يمسك بيد أمه بشدة، بينما زياد يربت على كتفه بحنان، وكأنهم معاً أقوى من غياب والدهم العاطفي. ثريا تقترب من الأطفال وتضمهم بحنان، محاولة تخفيف الألم الذي زرعه ابنها في قلوبهم
ثريا: (بحزن) حقكم عليا، يا حبايبي... إحنا هنا عشانكم.
سيليا تنظر لأطفالها بحب وتصميم، وتهمس لنفسها بهدوء وكأنها تعدهم بمستقبل أفضل
جيسي تجلس على الطاولة، ملاحظة ما حدث للتو، وتبدأ تضحك بسخرية، بينما تراها سيليا بتوتر. جيسي تحاول فرض سطوتها، غير مكترثة بمشاعر أحد
جيسي: (ساخرة) بجد يا سيليا؟ جايبالي الولاد دول يشتكوا من أبوهم قدامنا؟ بقى لهم عقل دلوقتي؟ ده أكيد أنتِ اللي مليتي دماغهم بكلام فارغ. إيه يعني لو جاد مش بيهتم بيهم؟ هما مش محتاجين حب ولا اهتمام، دول عندهم ألعاب ولبس جديد وخلاص!
سيليا تحاول أن تظل هادئة، لكنها تكاد تشتعل من الداخل. جيسي تواصل في سخريتها، غير مهتمة بالأجواء المحبطة التي سادت بين الجميع
جيسي: (بتعالي) مش عارفة ليه مش قادرين تتقبلوا الحقيقة! جاد مش غلطان، هو مش ملزم يكون بطل عاطفي. أنتم اللي لسه متعلقين بفكرة الأب المثالي اللي في أفلام الخيال.
ثريا تبتسم ابتسامة متوترة، لكنها لا تستطيع أن تقاوم، فتقف فجأة من مكانها لتواجه جيسي بحزم
ثريا: (بغضب خفيف ولكن بحزم) جيسي، مش دي الطريقة اللي هنتعامل بيها مع الأطفال دول. أنتِ لو فاكرة إن الكلام ده يمر من غير حساب، تبقى غلطانة. سيليا مش ناقصة تعليقاتك السخيفة.
جيسي تتنهد بتكبر وتحدق في ثريا، لكنها لا ترد مباشرة، بل تدير وجهها بحقد
جيسي: (بسخرية) آه، طبعاً، فالأطفال دول أصبحوا معصومين من الخطأ دلوقتي، مش كده؟ لكن لو كنتِ شايفة إن كلامي مش صحيح، ليه أنتم عايشين في نفس البيت مع اللي حصل؟
ثريا: (بغضب) أنا مش هسمح لك تهيني أولاد سيليا قدامنا، ولا حتى تسخري منهم. نضوجهم مش من حقك تحكمي عليه. سيليا حرة في تربية أولادها بالطريقة اللي تشوفها مناسبة.
جيسي تحاول أن ترد، لكن كلام ثريا كان حاسماً جداً. ثريا تنظر إلى سيليا وتطمئنها بنظرة داعمة، بينما تلتفت جيسي بحنق إلى جانب آخر من الغرفة
جيسي: (بهمس مستفز) آه، طبعاً، كلكم ضدي.
ثم تترك الجميع في الجو المشحون، بينما سيليا تشد يدي أولادها برفق، مع نظرة مليئة بالحزم والثقة، تدرك أن الأمور لن تعود كما كانت. كريم يراقب الموقف بصمت، ثم ينظر إلى ثريا ويهمس لها بابتسامة حزينة
كريم: (بهمس) الأمور هتتحسن، بس لازم نكون جنبهم أكتر.
ثريا تبتسم برقة، وتربت على كتف سيليا، وهي تعلم أن دعمها لهم هو المفتاح للمستقبل
الجميع في غرفة الجلوس بعد العشاء، ومازن، الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، يجلس على ركبتي سيليا، وهو يتحدث ببراءة وهو يلوح بيديه
مازن: (ببراءة، وهو يبتسم) ماما، خالو ريان طيب جداً!
سيليا تبتسم بحنان وتضع يدها على رأسه
سيليا: (بلطف) إيه اللي عمله خالك ريان علشان تحبه كده؟
مازن: (بحماس) خالو ريان بيحكي لي قصص حلوة قوي! دايماً بيضحك معايا وبيخليني ألعب معاه، وهو مش زي بابا جاد... بابا جاد مش بيبص عليا ولا على زياد، بس خالو ريان دايماً معايا... (يتوقف للحظة ثم يواصل) خالو ريان بيقول لي إني شاطر!
سيليا تشعر بألم في قلبها ولكنها تخفيه بابتسامة، بينما جاد وأسرته يبدو عليهم الاستغراب، خاصة جيسي التي ترفع حاجبها في دهشة
جاد: (بدهشة، بنبرة متعالية) خالك ريان؟! مين ريان ده؟
سيليا تنظر إلى جاد بنظرة هادئة، لكنها تختار ألا ترد مباشرة على سؤاله. ثم تنظر إلى مازن وتبتسم له بحنان
سيليا: (بلطف) ريان هو أخويا، يا حبيبي، وهو إنسان طيب قوي.
جيسي تدخل في الحديث بتعجب، وعلامات الاستفهام تظهر على وجهها
جيسي: (بحقد وكأنها لا تصدق) أخوكي؟! يعني ريان ده، شقيقك؟! ده إزاي؟!
الجميع يتبادل النظرات في حالة من الاستغراب، بينما مازن يظل جالسًا مبتسمًا، غير مدرك لتأثير حديثه على المحيطين
مازن: (ببراءة) أيوة! خالو ريان هو دايماً معايا!
ثريا تتدخل، محاولة أن تكون مهذبة رغم استغرابها
ثريا: (بلطف) بس هو مش في مصر، مش كده؟ ليه ما سمعناش عن ريان ده قبل كده؟
سيليا تشعر بالحرج من الأسئلة ولكنها تظل ثابتة في إجاباتها، تبتسم بشكل هادئ
سيليا: (بهدوء) ريان ساكن في مكان بعيد عنكم، بس هو قريب مني.
الجميع يظل في حالة صمت، يستوعبون ما قالته سيليا، وجاد يبدو عليه الغضب المختلط بالاستفهام. جيسي لا تستطيع أن تخفي دهشتها
جاد: (بتهكم) يعني عندك أخ اسمه ريان ومحدش فينا يعرفه؟ دي أول مرة نسمع عنه.
سيليا تشعر بأن الأمور بدأت تصبح معقدة أكثر، ولكنها تبقى هادئة ومتماسكة
سيليا: (بتحفظ) ريان كان في مكان بعيد، وده مش وقت الحديث عن الماضي، أنا هنا دلوقتي مع أولادي.
الموقف يصبح محملاً بالشكوك والدهشة، والجميع يبادل بعضهم النظرات الحائرة
الجميع في الغرفة يشعر بالحرج والاستغراب بعد حديث مازن عن ريان. كريم، والد جاد، يلاحظ الجو المشحون في الغرفة ويحاول تهدئة الأجواء
كريم: (بتفهم، وهو ينظر إلى جاد وجيسي) كفاية كده، يا جماعة، لازم نهدأ شوية. يمكن الموضوع مش زي ما إحنا فاكرين.
ثريا: (بابتسامة هادئة، محاولة تغيير الموضوع) صحيح، يمكن يكون في سوء فهم. مش لازم نضغط على سيليا دلوقتي.
كريم يلتفت إلى سيليا بتعبير طيب وحنون
كريم: (بمودة) سيليا، إحنا عارفين إنك مررتي بظروف صعبة، ودايماً كان عندنا نية طيبة معاكِ ومع الأولاد. موضوع ريان ده ممكن نتكلم عنه في وقت تاني لما تكوني مستعدة.
جيسي تنظر إليهم باستهزاء، ثم تلتفت إلى سيليا بعينين مشككتين
جيسي: (بتنفس ساخر) أوكي، يعني الموضوع كله ملوش علاقة لنا، صح؟ ريان ده جاي منين يعني؟ ياريت تحترمي ذكائنا شوية.
لكن كريم يتدخل بسرعة لتهدئة الموقف
كريم: (بصوت هادئ) جيسي، كفاية. مش وقته نفتح مواضيع مؤلمة. سيليا تحت ضغط كفاية.
ثريا تضع يدها برفق على يد جيسي، محاولة تهدئتها
ثريا: (بهدوء) جيسي، بلاش تعقيد الأمور. الموضوع ده ممكن يكون له تفسير آخر، وكل واحد فينا عنده أسرار وخصوصيات.
سيليا تشعر ببعض الراحة بعد أن تتدخل ثريا وكريم وتخففان التوتر، لكنها تبقى صامتة، غير راغبة في الخوض أكثر في الموضوع الآن
سيليا: (بهدوء) شكراً ليكم يا عمو كريم و طنط ثريا. أنا مش جاهزة دلوقتي للحديث عن كل التفاصيل.
الجميع يبقى في صمت لحظات، يحاولون استيعاب الموقف والتفكير فيما سيحدث بعد ذلك
كريم: (بابتسامة خفيفة) طيب، خلونا نوقف هنا دلوقتي. وإحنا كلنا معاكِ يا سيليا. دايمًا حابين نكون بجانبك.
ثريا: (بلطف) أكيد، مش لازم نتسرع في كل حاجة. المهم إنك لسه معانا.
جيسي تظل صامتة للحظة، ثم تلتفت بنظرة غاضبة إلى سيليا، لكنها تجلس على الكرسي دون أن تتكلم
جيسي: (بهمس) زي ما تحبوا.
المحادثة تتوقف، وكل واحد يشعر بمشاعر متناقضة. الجو في الغرفة يصبح هادئًا، لكن التوتر لا يزال موجودًا في الهواء
**********************
في فيلا جليل البحيري ، في غرفة تميم و ليديا، كان تميم قاعد على الأريكة جنب مراته ليديا، وسيلين الصغيرة كانت بتلعب على الأرض جنبهم. الغرفة كانت منورة بضوء خفيف من لمبة الطاولة، وده خلق جو دافيء وهادي في المكان. تميم بصة ليديا بابتسامة هادية، لكن كانت عينيه مليانة حزن.
تميم: (بصوت هادي) "أوقات بحس إني في حلم... حلم بعيد عن الواقع."
ليديا: (بتبتسم برقة وبتقعد جنبه) "يعني إيه الكلام ده، تميم؟"
تميم: (بياخد نفس عميق) "إنتِ عارفة إني فقدت حاجات كتير... بس مش قادر أبطل أفكر في سيليا... في اللحظة اللي كان المفروض أكون فيها جنبها عشان أحميها."
ليديا: (حطت إيدها على إيده وبصت في عينيه) "إنت كنت هناك علشاننا كلنا. لو ما كنتش رحت في اللحظة دي، مكنش عندنا السلام اللي إحنا فيه دلوقتي. إنت ضابط مخابرات، ولولا ده، كانت حياتنا هتتغير."
تميم: (بهمسات) "بس احنا خسرناها للأبد "
ليديا: (بتحاول تهديه) "وأنت دلوقتي معانا، ده المهم. مش هنعيش في الماضي، تميم. إحنا عايشين دلوقتي علشان سيلين."
تميم: (بص على سيلين، وبعدين رجع يبص على ليديا) "سيلين... شبه سيليا جدًا، مش كده؟"
ليديا: (بتبتسم وبتلمس شعر سيلين برفق) "أيوه، شبهها قوي. لكن في عينيها كمان بحس بحبنا، وسلامنا."
تميم: (بصوت حزين) "أوقات، بحس إن في وجه سيلين ملامح من سيليا، وبحس إني بعيش لحظات ضايعة."
ليديا: (بتحتضن إيده بحنية) "لكن مش هنخلي الماضي يتحكم فينا، صح؟ إحنا عايشين في الحاضر، وبنسعى علشان المستقبل."
تميم: (بص ليها بعينين مليانين حب وامتنان) "إنتِ صح، ليديا. وإنتِ السبب في قوتي النهاردة. بحبك."
ليديا: (بتبتسم، وبتحط راسها على كتفه) "وأنا بحبك. مع بعض، هنواجه كل حاجة."
في اللحظة دي، حس تميم بحياة جديدة بدأت تدخل قلبه. رغم كل الألم والماضي المظلم، كان عنده دلوقتي عيلة بيحبها، وهو مستعد يحمى عيلته مهما كانت التحديات.
********************
في فيلا فؤاد البحيري ، كان ريان قاعد على الأريكة في غرفة الجلوس، بيفكر في عيون والده فؤاد. كان التوتر مالي قلبه، وأفكاره بتجري بسرعة بين الماضي والحاضر. بعد شوية من الصمت، قرر يسأل السؤال اللي كان شاغل باله من ساعة ما اكتشف الحقيقة.
ريان (بصوت واطي ومتردد):
"بابا... أنت عندك أخت؟"
فؤاد (مستغرب ورافع حاجبيه):
"أخت؟... يعني إيه؟ ما عنديش أخت."
ريان (مستغرب شوية، وبيحاول يخفي توتره في صوته):
"يعني مفيش واحدة من العيلة... كنت فكرت إنك ممكن يكون عندك أخت أو حاجة زي كده؟"
فؤاد (بص له مش فاهم، وبعدين هز راسه):
"لا... مفيش أخت. عندي أخويا جليل وأنت عارف ده كويس. ليه بتسأل؟"
ريان (بيحاول يتظاهر إنه مش مهتم، لكن عينيه بتكشف قلقه):
"لا... كنت بفكر في حاجة... ممكن يكون سؤال غريب. مفيش حاجة."
فؤاد (تنهد شوية، وبعدين ابتسم بابتسامة هادية):
"ممكن تكون متوتر بسبب حاجات تانية. ما تشيلش هم. كله تمام."
ريّان ابتسم ابتسامة خفيفة، وبعدين طأطأ راسه شوية وهو بيحاول يتمالك نفسه. لكن جواه، كان قلبه بيدق بسرعة
بعد فترة قصيرة، كان يوسف قاعد مع ريان فأوضته. الجو كان مشحون بالتوتر، والضوء الخافت كان بينعكس على وشوشهم، وريان قاعد بيبص في موبايله من غير ما يظهر عليه أي اهتمام، بينما يوسف كان بيراقب توتره. من كام يوم، كان ريان باين عليه حاجة غريبة، وكل ما يوسف يحاول يسأله، كان بيتهرب من الإجابة. لكن النهاردة، قرر يوسف إنه مش هيسكت لحد ما يعرف الحقيقة.
يوسف (بصوت جاد، وبص له بتوجس):
"ريان... في حاجة مش طبيعية معاك، أنا عارفك كويس، وعمرك ما كنت كده. ليه أنت متوتر؟ في حاجة مقلقاك؟"
ريان (بيحاول يظهر هادي، لكن مش قادر يخبي توتره):
"مفيش حاجة، يوسف... أنا كويس، يمكن الشغل والمشاكل اليومية اللي بتتراكم."
يوسف (ينحني للأمام، عينيه متثبتة في عيون ريان):
"أنت مش كويس، وأنا عارف. مش زيك... دايمًا كنت بتقول لي كل حاجة. إيه اللي بيحصل؟"
ريان (بيبتسم بحزن، وبعدين بيحط الموبايل جنب):
"يوسف... أرجوك، خلي الموضوع يعدي. مفيش داعي تدور على حاجات ما ليهاش قيمة."
يوسف (بعناد، صوته بيزيد إصرار):
"ريان، أنا أخوك، مش غريب عليك. لو في حاجة... لازم تقولي. مفيش حاجة لازم تحتفظ بيها جواك."
ريان (بيغمض عينيه لحظة، وبعدين بيأخذ نفس عميق، بيقرر يواجه الحقيقة):
"يوسف... في حاجة كبيرة... حاجة مش سهلة أقولك عليها."
يوسف (باندهاش، مش قادر يخبّي قلقه):
"إيه فيها؟ قول لي... مفيش حاجة في الدنيا تستاهل إنك تحملها لوحدك."
ريان (بينفخ بعمق، وبعدين بيبص في عيني يوسف):
"سيليا... هي... لسه عايشة."
يوسف (مفاجأ، فمه بيفتح من الصدمة، ويقوم فجأة):
"إيه؟! إزاي؟! إزاي... إزاي هي لسه عايشة؟"
ريان (بيخفض رأسه شوية، وحاسس بتأنيب الضمير):
"أنا وعدتها إني ما أقولش لحد... لكن هي ما ماتتش، يوسف. هي موجودة."
يوسف (رجف، مشاعره متداخلة بين الدهشة والألم):
"لكن... إزاي؟... إزاي؟ هي كانت... كانت ميتة... إزاي عاشت؟"
ريان (بيبص للأرض، وحاسس إن يوسف مش عارف كل حاجة):
"كانت مؤامرة، يوسف... الأمور معقدة قوي. وهي دلوقتي... في مكان تاني. لكني وعدتها إني هاسكت."
يوسف (وقف مش قادر يتكلم لحظة، صدمته ملياها، وبعدين همس بصوت واطي):
"لكن... ليه؟ ليه؟... إزاي هي عايشة هناك؟ وإزاي... إزاي قدرت تتحمل وحدها كل السنين دي؟"
ريان وقف جمب يوسف، وتنهد، وهو حاسس إن السر ثقيل عليه جدًا، ويوسف فضل في حالة صدمة، مش قادر يستوعب اللي سمعه، وعينيه بتسأل عن المستقبل، وعن الألم اللي مروا بيه كلهم طول الست سنين اللي فاتت.
ريان (بيحاول يهدّيه، حط إيده على كتفه):
"هي عايشة، يوسف... هي كانت عايشة طول السنين دي. لكن كان لازم أخبي عنك كل حاجة. وعدتها."
يوسف (بصوت مرتجف، أخد نفس عميق وبعدين قام فجأة):
"لو هي عايشة... ليه ما قولتناش؟ ليه ما خبرتنيش؟ كان ممكن أكون جنبها! ليه كل ده؟!"
ريان (خفض رأسه، بصوت حزين):
"كان لازم ألتزم بوعدي، يوسف. هي كانت في خطر، وكل حاجة كانت عشان تحميها. ما كانش لازم يعرف حد."
يوسف (شعر بفرحة شديدة فجأة، وعينيه لامعة):
"لكن هي عايشة! ده الأهم! هي عايشة! أنا... مش قادر أصدق، ريان، مش قادر أصدق. لازم أخدني ليها، لازم أشوفها، لازم أكون جنبها بعد كل اللي حصل."
ريان (بتردد، باين عليه الصراع الداخلي):
"ما ينفعش تروح لها، يوسف. وعدتها إني ما أخبرش حد... وما كانش لازم هي تكون في خطر."
يوسف (وعينيه مليانة رجاء):
"لكن ممكن أشوفها، صح؟ ممكن تخليني أشوفها؟ مش قادر أعيش وأنا مش عارف هي إزاي! في أي طريقة؟"
ريان (بصوت واطي، حاسس بثقل الموقف):
"في فرصة... يوم من الأيام لما تروح الكلية... أنا معيد هناك. ممكن تشوفها من بعيد."
يوسف (ابتسم، وقلبه بيدق فرحة وأمل):
"على الأقل ده حاجة... شكراً يا ريان، شكراً."
يوسف ابتسم لأول مرة من سنين، كأن جزء من قلبه رجع للحياة، لكنه عارف إن لقاؤه بسيليا هيكون محاط بالقيود. ريّان فضّل ساكت، بيحاول يسيطر على مشاعره، لأنه مش قادر يكسر وعده رغم رغبته العميقة إنه يشوف أخته ويسمع صوتها تاني.
********************
في مقر للمخابرات ، كان تميم يخطو بسرعة نحو مكتب أدهم ملامحه مشدودة وتعب وجهه من قلة النوم. دخل المكتب ووجد أدهم جالسًا على مكتبه، يراجع بعض الأوراق.
تميم، بتوتر، سأل:
– أدهم، فين زين؟
أدهم رفع رأسه من الأوراق، وقال بصوت هادئ:
– زين في مهمة ميدانية، مش هنا دلوقتي.
تميم، محاولًا إخفاء القلق في صوته، رد سريعًا:
– مهمة؟ طيب، هيرجع امتا؟
أدهم نظر إليه للحظة، ثم قال بحذر:
– ما عنديش فكرة عن الوقت، المهمات دي غالبًا بتأخذ وقت طويل.
ثم، بشكل غير متوقع، زل لسان أدهم وقال:
– بس لو كنت بتسأل عن سيليا، فهي لسه عايشة.
تميم تجمد في مكانه، وعينيه اتسعت في صدمة غير قابلة للتصديق. كانت الكلمات التي خرجت من أدهم كالصاعقة التي ضربت رأسه، ولم يستطع استيعاب ما سمعه.
– إزاي؟ سيليا... لسه عايشة؟
أدهم، الذي أدرك الآن خطأه الفادح، حاول أن يشرح بسرعة:
– تميم، أنا آسف... ما كانش لازم أقول كده. بس زين اكتشف إنها لسه حية.
تميم، وقد بدأ قلبه يخفق بسرعة، ابتعد خطوة إلى الوراء، وعينيه مليئة بالدهشة:
– ازاي؟ اختفت ليه؟ و ليه ما حدش قال لنا؟
أدهم، في محاولة لتوضيح الموقف، قال:
– التفاصيل مش واضحة، بس الحقيقة إنها عايشة. زين كان بيدور عليها و لقاها.
تميم ظل في مكانه، عقلها مشوشًا، جسده شبه متجمد من وقع المفاجأة. بعد لحظات من الصمت، همس تميم بصوت مكسور:
– سيليا... لسه عايشة...
#قيود_العشق2
فصل 17
تميم خرج من المكتب بخطوات ثقيلة، أنفاسه تتلاحق، وكأنه يحاول استيعاب الصدمة. المشهد في ممر المقر بدا غريبًا، وكأن كل شيء حوله يتحرك ببطء شديد. همهمات الموظفين وضجيج الهواتف، حتى خطواته، كانت كلها تبدو كأنها جزء من حلم غريب.
توقف للحظة عند باب المقر، التفت حوله وكأنه يبحث عن شيء. لم يكن يعلم ما الذي يجب أن يفعله الآن. شبح سيليا الذي كان يطارده في كوابيسه طوال السنوات الست الماضية عاد ليطارده الآن، ولكن في يقظته.
تمتم لنفسه بصوت مبحوح:
– "سيليا... مش ممكن... كانت ميتة. شفت الجثة. شفت النار اللي حرقتها. ازاي؟"
ركب سيارته ويداه ترتجفان على عجلة القيادة. جلس للحظات يحاول تهدئة نفسه، ولكن الصور القديمة اجتاحت ذاكرته كالعاصفة. سيليا وهي تذل و تهان... وجهها البريء المليء بالدموع... أخبار موتها المفاجئ... جنازتها... والآن، الحقيقة التي قلبت كيانه.
شغل السيارة وانطلق بلا وجهة محددة. عقله كان يغلي بأسئلة لا نهاية لها. كيف ظلت سيليا على قيد الحياة؟ ولماذا لم تتصل بالعائلة؟ ومن هؤلاء الذين أخفوها؟ وما الذي حدث لها خلال السنوات الماضية؟
توقف عند مكان هادئ على جانب الطريق. ترجل من السيارة وسار بخطوات متوترة باتجاه حافة صغيرة تطل على البحر. وقف هناك، والرياح الباردة تعبث بشعره، بينما كان نظره مثبتًا على الأفق.
أخرج هاتفه بتردد، وبدأ يفتح قائمة الأسماء. بحث عن اسم "زين" ثم توقف. يده كانت ترتجف بشدة. ضغط على الاسم وأخذ الهاتف يرن. بعد ثوانٍ، جاء صوت زين الهادئ:
– "أيوة، تميم؟"
تميم، بصوت متوتر وكأنه يلهث:
– "زين... سيليا... إنت لقيتها؟"
زين تنهد بصوت مسموع، وكأنه كان يتوقع هذا الاتصال.
– "تميم، مش وقتها دلوقتي... الموضوع معقد جدًا."
تميم رفع صوته بغضب:
– "مش وقتها إيه؟! أنا مش هستنى دقيقة واحدة! لازم أعرف كل حاجة دلوقتي! فين هي؟"
زين، محاولًا تهدئته:
– "تميم، أرجوك تهدى. أنا مش هقدر أقول أي حاجة في التليفون. تعالى نتقابل ونتكلم بهدوء."
تميم ضغط على أسنانه وأغلق الهاتف قبل أن يرد زين. عاد إلى سيارته، وانطلق بسرعة جنونية. عقله كان مشوشًا بين الحزن، الغضب، والفرحة المختلطة بالخوف. شيء واحد كان واضحًا في ذهنه...
– "أنا لازم أشوفها... مهما كان الثمن."
********************
في مقر الجماعات الارهابية في الصحراء ، فأوضة ضلمة، في نصها ترابيزة خشب قديمة حواليها رجالة مسلحين. قائد الجماعة، حسن، قاعد على رأس الترابيزة، ملامحه غاضبة وعنيه فيها تركيز. الكل ساكت ومركز معاه.
حسن (بصوت حاد): "سيليا لسه خطر علينا. مش عاوز أي غلطة، لازم نخلص منها بسرعة."
واحد من الرجالة: "بس هي دلوقتي تحت حماية الحكومة، صعب نوصلها."
حسن (بعصبية): "مافيش حاجة اسمها صعب. لو تحت حماية، نستهدف اللي بيحموها. شغلوهم في حتة تانية."
واحد تاني: "أنا شايف نراقب تحركاتها. يمكن نلاقي فرصة وهي لوحدها."
حسن: "راقبوها كويس. مش عاوز أي حد يتحرك من غير ما أعرف. ولو مافيش فرصة، إحنا اللي هنخلقها."
الرجالة بيهزوا راسهم بالموافقة وبيبدأوا يناقشوا تفاصيل الخطة.
حسن (بصوت واطي وحاسم): "افتكروا، دي آخر فرصة ليكم لو فشلتم."
الصمت يسيطر على المكان، والرجالة يخرجوا من الأوضة عشان ينفذوا الأوامر.
********************
في فيلا البحيري ، فأوضة ريان ريان (بيحاول يلتقط أنفاسه، وحاسس إن اللي هيقوله هيكون أصعب):
"يوسف... في حاجة تانية لازم تعرفها."
يوسف (بعينيه مليانة قلق وترقب):
"إيه؟ قول لي، ريان، أنا مش هقدر أستحمل نص الحقيقة."
ريان (بتردد، بيحاول يختار كلماته بعناية):
"عندنا عمة اسمها ليلى؟"
يوسف (باندهاش):
"عمتنا ؟! إيه اللي بتقوله ده؟! و ليه ما حدش عمره اتكلم عنها."
ريان (بتنهيدة عميقة):
"هي السبب إن سيليا عايشة. هي اللي أنقذتها."
يوسف (بصدمة، قرب خطوة من ريان):
"إيه؟! يعني إيه أنقذتها؟ منين طلعت ليلى دي فجأة؟! وإزاي أصلاً ما حدش قال لنا عنها حاجة؟!"
ريان (بهدوء، لكن صوته متأثر):
"بعد اللي حصل مع سيليا... لما هربت، ليلى كانت في المكان الصح في الوقت الصح. أنقذتها، وأخذتها معاها لمكان بعيد. من وقتها، كانت هي اللي بتعتني بيها، لكن فضلت القصة كلها سر."
يوسف (بغضب مكبوت):
"يعني كانت في حياتنا كل السنين دي واحنا فاكرينها ميتة؟! ليه؟! ليه ما قالتش حاجة؟!"
ريان (بتبرير، وحاول يهدّيه):
"سيليا كانت خايفة، يوسف. كانت فاكرة إن لو رجعت، هتتكرر نفس القصة. كانت محتاجة تعيش بسلام بعيد عن الألم اللي مرّت بيه."
يوسف (بصوت مليان غضب):
"بسلام؟! وهي دلوقتي عايشة بسلام؟! قول لي، ريان، إيه اللي حصل بعد كده؟!"
ريان (بهدوء، لكنه متردد يكمل):
"سيليا اتجوزت، من خمس سنين و دلوقتي عندها 3 اطفال
يوسف (بنبرة دهشة وغضب مختلط):
"اتجوزت؟! مين؟!
ريان (بحزن واضح):
"اسمه جاد. لكنه... مش زي ما تتوقع. للأسف، معاملته ليها كانت... قاسية. كان بيهملها، يوسف. بيهجرها لفترات طويلة، كأنها مش موجودة. دلوقتي هيطلقوا."
يوسف (اشتعل غضبه فجأة، وصوته علي):
"جاد؟! وده مين ده أصلاً؟! إزاي يتجرأ ويعاملها كده؟! بعد كل اللي مرت بيه؟! كان المفروض يحميها، يعوضها عن كل حاجة، مش يزيد أوجاعها!"
ريان (حاول يهدّيه، لكنه هو نفسه متأثر):
"يوسف، أنا فاهم غضبك، لكن سيليا كانت بتحاول تعيش حياتها بعيد عن كل حاجة، بعيد عن الماضي. ما كنتش تقدر تتحكم في قراراتها كلها."
يوسف (بصوت مليان حقد و غضب):
"مش هسيبها تتأذى أكتر. جاد ده لازم يتحاسب. أنا مش هقف أتفرج عليها بتتألم تاني، و تاني، ازاي ليلى دي تقبل بده تعرف، قبل 5 سنين سيليا كان عندها 17 سنة، عارف أنها طفلة متمتش السن القانوني، و أنت بتقول أنها هتطلق، تتطلق وهي عندها 21 سنة و معاها 3 أطفال، إيه الجبروت ده؟"
ريان (بتردد):
"سيليا ما كانتش عايزة حد يعرف، يوسف. وعدتها إني ما أتكلمش، لكن... حسيت إنك لازم تعرف."
يوسف (بحزم):
"وأنا هتدخل، سواء وافقت أو لا. سيليا أختنا، مش مجرد سر. لو جاد دا مش هيقدّرها، يبقى هو اللي خسر، لكن هي مش هتخسر أكتر من كده."
ريان (بابتسامة حزينة):
"بس حاول تكون هادي، يوسف. سيليا محتاجة دعمنا، مش مشاكل جديدة."
يوسف (بثبات، لكن غضبه واضح):
"الدعم ده هيوصلها، وأكتر من اللي تستحق. محدش هيقرب منها تاني إلا وهو عارف قيمتها."
ريان سكت، وفضل يراقب أخوه اللي كان الغضب والشغف ظاهرين عليه. يوسف كان عازم على استرجاع سيليا، سواء عاطفيًا أو واقعيًا، ومهما كلفه الأمر
**********************
بعد عدة أيام ، ريان ويوسف قاعدين في عربية ريان قدام باب الجامعة. الجو هادي برة، والطلبة داخلين الجامعة واحدة واحدة. ريان باين عليه التوتر، ويوسف متحمس وبيبص من الشباك منتظر يشوفها. فجأة، سيليا ظهرت وهي ماشية بخطوات واثقة ناحية باب الجامعة. يوسف يبصلها في صمت، ودموعه تنزل ببطء.
يوسف (بصوت مهزوز وهو مركز عليها):
"ريان... دي هي؟ دي سيليا؟ ... إزاي بقت كده؟ شكلها اتغير جدًا... بقت زي الملاك."
ريان (بياخد نفس عميق وبص ليوسف):
"أيوة، دي سيليا... بس مش هي البنت اللي كنا نعرفها. السنين غيرتها كتير... الألم غيرها."
يوسف (بيمسح دموعه بسرعة، بس عنيه لسه عليها):
"إزاي قدرت تعدي ده كله لوحدها؟ إزاي عاشت بعيد عننا؟ ريان... أنا حتى مش مستحق أشوفها... بس قلبي مش قادر يتحمل بعد ما شفتها."
ريان (بصوت هادي بس حاسم):
"يوسف، هي قوية. سيليا عاشت حاجات صعبة ونجت. بس افتكر، أنا وعدتها إني مش هقول لحد إنها عايشة. هي لسه موجوعة، ومش هتسامح بسهولة."
يوسف (بياخد نفس طويل وصوته مليان ندم):
"مش بطلب إنها تسامحني... بس مش قادر أشوفها كده وأعمل نفسي مش واخد بالي. كان نفسي أجري عليها، أحضنها وأقول لها قد إيه وحشتني... بس حتى لو من بعيد، وجودها بيخليني أتنفس."
ريان (بلهجة مترددة):
"عارف إحساسك... بس الأحسن نفضل هنا. سيبها تاخد وقتها. سيليا مش البنت الصغيرة اللي كنا نعرفها. دي دلوقتي ست شالت هموم أكبر مننا كلنا."
يوسف (بيبص عليها تاني، وهي داخلة الجامعة):
"ريان... أنا مستعد أستنى عمري كله، المهم أعرف إنها بخير. سيليا بالنسبة لي مش مجرد أخت... دي جزء مني كان مفقود. أنا مبسوط بس عشان شوفتها."
ريان يحط إيده على كتف يوسف، والاتنين يقعدوا في صمت، بيتفرجوا على سيليا وهي بتختفي وسط الناس. اللحظة مليانة حب وندم، بس فيها أمل إن الفرصة جاية عشان يصلحوا اللي اتكسر
ريان ويوسف ما زالوا في السيارة بعد أن رأيا سيليا من بعيد. يوسف فجأة يتذكر أن ريان أخبره من قبل عن زواج سيليا وأولادها. يدير وجهه نحو ريان بحماس مفاجئ.
يوسف (بحماس):
"ريان! لحظة واحدة... أنت قلت لي قبل كده إن سيليا متجوزة وعندها أولاد، صح؟!"
ريان (بهزة رأس بسيطة):
"أيوة، عندها تلاتة... زياد و مازن و لينا
يوسف (عينيه بتلمع):
" طب... طب معاك صور ليهم؟ نفسي أشوفهم!"
ريان يبتسم ابتسامة صغيرة ويطلع موبايله من جيبه. يفتح ألبوم الصور ويبحث عن صور الأولاد. بعد لحظات، يدير الموبايل ويوجهه نحو يوسف.
ريان (بهدوء وهو بيوريه الصور):
"اتفضل... دي صورة لزياد ومازن وهما بيلعبوا ، ودي صورة للينا وهي نايمة في حضن سيليا."
يوسف يثبت نظره على الصور، وابتسامة كبيرة تملأ وجهه، وعينيه تدمع من الفرحة.
يوسف (باندهاش وفرحة):
"ياااه... دول ملايكة! زياد شبهها جدًا... نفس العيون! ومازن شكله شقي أوي. ولينا... دي حتة سكر! مش مصدق إن دول أولاد أختي."
ريان (بصوت هادي):
"سيليا بتحبهم جدًا. هما السبب اللي خلاها تقدر تكمل وتواجه كل اللي عدّى عليها."
يوسف (بفرحة ممزوجة بالأسى):
"كنت نفسي أشوفهم من زمان... كنت نفسي أكون موجود في حياتهم. بس أنا مبسوط إنهم مع أمهم... سيليا أكيد أم عظيمة."
ريان (بنبرة جادة):
"وأكتر من كده. هي بتعمل كل حاجة عشانهم، رغم كل التعب اللي مرت بيه."
يوسف (بحماس):
"ريان... وعدني لما تيجي فرصة، تخليني أشوفهم في الحقيقة. حتى لو من بعيد زي ما شفت سيليا."
ريان (بابتسامة صغيرة):
"أوعدك، بس على شرط... سيليا لازم تكون جاهزة لده. متسرعش الأمور."
يوسف يهز رأسه بالموافقة، وعينيه ما زالت على الصور، وهو يتخيل لحظة لقائه بأولاد أخته لأول مرة.
يوسف (بحب):
"سيليا... مهما كانت زعلانة مننا، هي علمتهم يكونوا زيها... قلوبهم نقية ووجوهم بريئة. نفسي أكون جزء من حياتهم، ريان... نفسي أرجّع اللي ضاع."
ريان يضع يده على كتف يوسف في محاولة لتهدئته، بينما يتركا المكان بقلوب مليئة بالحنين والأمل
يوسف ما زال ينظر إلى صور أولاد سيليا، ولكن فجأة يتحول وجهه من السعادة والحنين إلى ملامح غاضبة مليئة بالإصرار. يضع الموبايل على الكرسي بجانبه وينظر إلى ريان بنظرة حادة.
يوسف (بصوت منخفض لكنه مليء بالغضب):
"ريان... إزاي جاد ده يعامل سيليا بالشكل ده؟ هي وأولادها... إزاي يسيبها تعاني وهي أم أولاده؟!"
ريان (بحذر):
"يوسف، أنا عارف إنك زعلان... بس الموضوع معقّد، وسيليا ما كانتش عاوزة حد يتدخل. هي قررت تواجه ده لوحدها."
يوسف (بنبرة أكثر غضبًا):
"سيليا أختنا! أنا مش هقف أتفرج عليها وهي بتتوجع... لو هو راجل فعلاً، ماكانش يسيبها تعاني بالشكل ده. جاد ده هيعرف قيمتها غصب عنه."
ريان (يحاول تهدئته):
"يوسف، أنا فاهم اللي حاسس بيه، بس سيليا مش عايزة المشاكل تزيد. هي دلوقتي قررت تطلب الطلاق وتركز على نفسها وأولادها. أهم حاجة دلوقتي إننا ندعمها، مش نزود عليها الأعباء."
يوسف (بإصرار):
"أنا مش ناوي أعمل مشكلة. بس أوعدك، لو شفته في يوم من الأيام... هيفهم إنه مش من حقه يعاملها بالطريقة دي. سيليا مش لوحدها، وأنا مش هسمح لأي حد يقلل منها أو يؤذيها تاني."
ريان (يتنهد):
"طيب، بس وعدني إنك تفكر كويس قبل ما تعمل أي خطوة. سيليا محتاجة دعمنا بهدوء، مش مشاكل جديدة."
يوسف (بحزم):
"مفيش مشاكل، ريان... بس أنا كمان مش هسكت. جاد لازم يعرف إن سيليا ليها إخوات ورجالة وراها، وإن اللي عمله فيها مش هيعدي بسهولة."
ريان ينظر إلى يوسف بإعجاب ممزوج بالقلق، يدرك حماس يوسف لحماية شقيقته لكنه يخشى أن يتحول الغضب إلى مواجهة مباشرة تزيد الأمور تعقيدًا. يوسف يعيد نظره إلى الصور، وابتسامة صغيرة تظهر وسط ملامح غضبه.
يوسف (بهدوء وهو ينظر للصور):
"سيليا... هتشوفي يوم، وإحنا كلنا هنبقى جنبك. الجرح اللي سببه جاد هيتعالج، وهتعيشي حياة تستاهلها."
ريان يضع يده على كتف يوسف في محاولة لتهدئته، بينما يشعر كلاهما بمسؤولية كبيرة تجاه أختهما التي عانت كثيرًا
*****************
عاد زين من مهمته الميدانية، وعيناه تحملان شعورًا غريبًا من القلق والترقب. وصل إلى المكتب حيث كان تميم يجلس على مكتبه يراجع بعض التقارير، وكأن شيء ما قد تغير بينهما بعد تلك اللحظات التي انفجر فيها أدهم بالكلمات التي غيرت كل شيء.
زين اقترب من تميم، وألقى نظرة حادة عليه قبل أن يتحدث بجدية:
– تميم، لازم نتكلم.
تميم رفع عينيه ببطء من الأوراق، وعيناه مليئة بالتساؤلات والدهشة. كان يدرك أن زين يخبئ شيئًا مهمًا، وكان قلبه ينبض بشدة بسبب الموضوع الذي دار في ذهنه طوال الأيام الماضية.
– عن إيه بالضبط؟
زين أخذ نفسًا عميقًا، وأغلق الباب خلفه ليمنع أي شخص من سماع ما سيقال:
– عن سيليا.
تميم تجمد في مكانه، وكأن الكلمات التي سمعها كانت صادمة مرة أخرى. أغمض عينيه لفترة قصيرة، ثم سأل بلهجة منخفضة:
– إزاي؟ إيه اللي حصل؟
زين اقترب منه أكثر، وعيناه مليئتان بالتصميم:
– سيليا لسه عايشة، تميم. الحقيقة كلها ظهرت قدامي، واللي حصل قبل سبع سنين كان غير اللي كنا فاكرينه.
تميم، وقد بدت عليه ملامح الصدمة، تكلم بصوت مرتجف:
– يعني... مامتتش؟
زين هز رأسه وقال بصوت حازم:
– لا. هي عايشة، متجوزة، وعندها حياة جديدة.
تميم، وقد أصبحت ملامحه أكثر تكتلًا، نظر إلى زين باحثًا في عينيه:
– بتقول إيه؟ يعني هي كانت... لسه عايشة طول الوقت ده؟
زين جلس أمامه، وبدأ يروي له كل شيء بتفاصيل دقيقة:
– لما رجعت من مهمتي قبل 3 شهور، عرفت الحقيقة من مصدر موثوق. سيليا كانت في حياة جديدة، بس مش في المكان اللي كنا فاكرينه. هي هربت منكم بعد ما كنتوا فاكرين إنها ماتت. والسبب في كل ده كان الخوف من العائلة، من وصمة العار اللي تم إلصاقها بيها.
تميم ظل ساكتًا للحظة، ثم سأله بقلق:
– ليه ما قالتلناش؟ ليه ما رجعتش؟
زين قال بصوت منخفض، وكأن الحقيقة كانت ثقيلة عليه:
– لأنها كانت متأثرة جدًا، وأنت عارف الكارثة اللي حصلت مع العائلة. الناس كانوا عايشين في شكوك وأحكام ظالمة. سيليا اختارت الهروب عشان تحمي نفسها.
تميم، وقد بدأ يسيطر على مشاعره، قال بصوت حاد:
– وما كنتش عارف من قبل؟ زين... ليه ما قلتليش من البداية؟
زين نظر إليه بتمعن وقال، وهو يحاول إخفاء الحيرة في صوته:
– كنت خايف، تميم. خايف إنك تنصدم زي ما أنا اتصدمت. الحقيقة أكبر من أي حاجة كنا متوقعينها.
تميم تنهد بعمق، وعيناه تائهتان في الزمان والمكان، وعينيه مليئة بالندم:
– يعني كل السنين دي كانت كذب؟ أنا كنت عايش في وهم؟
زين جالسه أمامه وقال بصدق:
– كلنا كنا عايشين في وهم، تميم. الحقيقة أخفتها سيليا عن الكل، وده كان اختيارها. بس دلوقتي، لو عايز تلاقيها، لازم تتقبل الحقيقة بالأول.
تميم نظر إلى زين، ثم أغلق عينيه للحظة وكأنما يعيد ترتيب كل شيء في عقله، قبل أن يقول بصوت خافت:
– لازم نلاقيها. مش هسمح لحد تاني ياخدها مننا
******************
في أحد أروقة الجامعة، كان ريان يسير بهدوء وهو يحمل بعض الأوراق في يده، وفجأة يلتقي بسيليا التي كانت تخرج من أحد القاعات. ابتسمت سيليا لرؤيته، وهو رد الابتسامة بحب وأخوة. يقترب منها ريان بحذر، يحاول أن يظهر رغبته في التحدث معها، لكنه يشعر بشيء من التوتر.
ريان (بابتسامة ودية):
"إزيك يا سيليا؟ عامل إيه؟"
سيليا (بابتسامة خفيفة ولكنها مرهقة):
"أنا بخير، إنت عامل إيه؟ كل حاجة تمام؟"
ريان (بصوت منخفض وهو يقترب أكثر):
"تمام الحمد لله... بس انتِ شكلك متعبة شوية. كده المذاكرة مش هتنجح."
سيليا (تبتسم بحزن):
"أيوة... الدراسة مش سهلة. وفيه حاجات لازم أركز فيها. بس... مش مشكلة، هتعدي."
ريان (بتشجيع):
"مش هتعدي لو مافيش حاجة مريحة. لو عاوزة تساعدني في حاجة أو لو في أي صعوبة، أنا هنا."
سيليا (بابتسامة خفيفة):
"شكراً ليك يا ريان... فعلاً كان نفسي الدنيا تمشي بشكل أسهل من كده."
ريان ينظر إليها بقلق، يشعر بالألم في قلبه لرؤيتها متعبة بهذه الطريقة. يلاحظ أن سيليا تحاول إخفاء الكثير من مشاعرها وراء ابتسامتها، لكنه يعرف جيدًا أن الأمور ليست على ما يرام.
ريان (بحنان):
"إنتِ مش لوحدك يا سيليا، أنا جنبك دايمًا. حتى لو كنتِ مش قادرة تقولي، أنا عارف إن في حاجات بتحزنك. ولو عاوزة أي حاجة، تفضلي قولي لي."
سيليا (بعيون متأثرة):
"أنا عارفة... والله عارفة... أنا بس مش عاوزة أزود عليك. أنا مش عايزة أكون عبء على حد."
ريان (بصوت حازم ولكن مليء بالعاطفة):
"أنتِ مش عبء، سيليا. إحنا أخوات... أنا اخوكي و أنتي اختي ،إنتِ عارفة ده. ما فيش حد في الدنيا هيكون جنبك زي ما أنا هكون جنبك."
سيليا تتنهد قليلاً، ثم تبتسم بصدق، وتضع يدها على ذراع ريان بلطف.
سيليا (بابتسامة ضعيفة):
"مفيش حد زيك يا ريان... لو كنتِ عارف إن أنا كنت بحاول أواجه كل حاجة لوحدي، مكنتش هخليك تحس إن في حاجة صعبة. بس الحمد لله، في ناس زيك في حياتي."
ريان (بابتسامة دافئة):
"أنا هنا علشانك في كل وقت، سيليا"
سيليا تشعر بشيء من الراحة، فهي تعرف أنه رغم كل شيء، ستظل تجد في ريان الأخ الذي يحمل قلبًا مليئًا بالحب والدعم. يظل الأخوان يتبادلان النظرات الحانية، وكل منهما يدرك أن حياتهما لن تكون سهلة، لكن معًا سيواجهان كل الصعاب.
#قيود_العشق2
فصل 18&19
في كافيه هادية - زين وتميم قاعدين على ترابيزة جنب الحيطة
زين شكله متوتر شوية، وتميم باصص له بنظرات حادة وهو مشدود بعد ما عرف إن سيليا لسه عايشة. الجو مليان غضب وتوتر.
تميم (بعصبية):
زين، إزاي كنت عارف إنها عايشة ومقلتش؟ إزاي قدرت تخبي عليا الموضوع ده؟
زين (بياخد نفس ويحاول يهدي):
تميم، اسمعني الأول. أنا مكنتش متأكد في الأول، ومكنتش عايز أعمل دوشة أو أقول حاجة تأذيك من غير دليل.
تميم (مقاطعًا بصوت عالي):
"مكنتش متأكد"؟! سيليا بالنسبة لي أختي الصغيرة. أنا دفنتها بإيدي! ودلوقتي بتقول إنها عايشة وأنت ساكت طول الوقت ده؟
زين (بحزم وهو بيحاول يبرر):
متعليش صوتك عليا يا تميم. أنا مقدر غضبك، ولو كنت مكانك كنت هحس بنفس الحاجة. بس كنت محتاج وقت أتأكد. خليني أشرح.
تميم (بيضرب الترابيزة بإيده):
اتكلم!
زين (بيبدأ بهدوء):
أول مرة شفتها كان في شغل ميداني. مكنتش عارف هي مين. كانت واقفة قدام بيتها، غضبانة وبتزعق عشان جوزها اللي عرفت إنه بيخونها. ساعتها الموضوع كان شكله مشاكل عادية، لكن مكنتش رابط بينها وبين سيليا اللي كنتوا فاكرين إنها ماتت.
تميم (ساخر):
والمرة التانية؟
زين:
المرة التانية كانت مختلفة. شوفتها بالصدفة في مول. كان في حاجة في شكلها مألوفة. بدأت أشك، خصوصًا لما لاحظت ارتباكها لما شافتني وحاولت تهرب.
تميم (بنبرة أهدى شوية، لكن الغضب باين في عينيه):
وبعدين عملت إيه؟
زين:
بدأت أتحرى وطلبت من أدهم إنه يدور ورا الموضوع. وبعد شوية بحث، اتأكدنا إنها هي. الصدمة كانت كبيرة بالنسبة لي.
تميم (بضيق عينيه، بنبرة مشككة):
وإيه اللي عملته بعد ما تأكدت؟
زين (بصراحة):
روحت قابلت واحدة اسمها ليلى. هي اللي أنقذتها وخبتها طول السنين دي. ليلى دي عمتك يا تميم. أخت أبوك وعمك فؤاد.
تميم (غاضب جدًا):
ليلى؟! عمة مين؟ إحنا معندناش عمة اسمها ليلى!
زين:
عارف إن الموضوع صادم، بس الحقيقة إنها أخت أبوك. هي وابنها رائد أنقذوا سيليا لما كنتوا فاكرين إنها ماتت.
تميم (بيتعصب أكتر وبيقوم فجأة):
إزاي تعمل كده؟ وإزاي تخبي الحقيقة دي؟
زين (بيقوم وراه، بيحاول يهديه):
تميم، اسمعني! أنا مقصدتش أخبي حاجة بنية وحشة. كنت محتاج وقت أفهم القصة كلها. مكنش ينفع أقولك حاجة ناقصة.
تميم (بياخد نفس عميق وهو بيحاول يسيطر على غضبه):
زين، دي مش مسألة وقت. دي أمانة. كان لازم تقولي من أول لحظة.
زين (بيحط إيده على كتف تميم):
عارف إنك زعلان، وحقك. بس دلوقتي اللي فات مات. المهم دلوقتي إننا نفكر إزاي نرجّع سيليا لأهلها ونصلح اللي اتكسر.
تميم (بيرجع يقعد وباين عليه إنه سرحان):
ليلى... عمة؟ وسيليا عايشة؟ الموضوع كبير عليا يا زين. بس عندك حق. لازم نبدأ نصلح كل حاجة.
زين بيبتسم بهدوء، وتميم بيبص بعيد وهو غرقان في التفكير. واضح إنه قرر يبدأ خطواته عشان يرجع سيليا لمكانها الطبيعي بين أهلها
******************
في منزل ليلى ، سيليا قاعدة على الكنبة في غرفة المعيشة، بتحاول تذاكر لكنها مشغولة بأولادها الصغيرين، و ريان معاها ،راحوا معا بعض عشان يذاكرلها ،
ريان (بنبرة مترددة):
سيليا... ممكن أتكلم معاكي؟
سيليا (بتسيب الكتاب وبتبص له):
خير يا ريان؟ شكلك مش طبيعي.
ريان (بياخد نفس عميق وبيقعد قدامها):
أنا... أنا محتاج أقولك حاجة، بس أرجوكي تسمعيني للآخر.
سيليا (بتشد حواجبها باستغراب):
إيه اللي حصل؟ أنت عملت إيه؟
ريان (بصوت هادي ومحاول يثبت نفسه):
يوسف... يوسف عرف الحقيقة.
سيليا (بتقوم بسرعة وهي مصدومة):
إيه؟! إزاي؟ مش إحنا اتفقنا إنك مش هتقول لحد؟
ريان (بحزن وندم):
ما قلتلوش، هو اللي ضغط عليا. يوسف مش غبي و له عبيط، لاحظ إني متوتر وفضل يسألني ويزن عليا. حاولت أتهرب، حاولت بجد، بس في الآخر انهارت واعترفت.
سيليا (بتتكلم بصوت عالي وبغضب):
إزاي يا ريان؟ إزاي تعمل كده؟ أنا وثقت فيك! إنت وعدتني!
ريان (بيقف ويحاول يهدّيها):
عارف إني غلطان، وعارف إني خيّبت ظنك. بس يوسف مش هيعمل حاجة تضرّك، وعدني إنه مش هيقول لحد.
سيليا (بتضحك بسخرية):
وعدك؟ زي ما أنت وعدتني؟ أنا دلوقتي مش عارفة أصدق مين ولا أعمل إيه.
ريان (بحزن):
سيليا، أنا آسف بجد. كان لازم أكون أقوى، بس... يوسف أخوكي برضو. هو زيي، ندمان على كل حاجة حصلت.
سيليا (بتلف وشها عنه وهي بتحاول تهدي نفسها):
مش كفاية الندم دلوقتي يا ريان. أنا مش جاهزة أواجههم، ومش عارفة أتعامل مع الوضع ده.
ريان (بيقرب منها):
أنا هنا عشانك، وسيليا، يوسف مش هيخونك. هو فعلاً عايز يصلح كل حاجة.
سيليا (بتهز رأسها وهي مش مقتنعة):
أنا مش عارفة أصدق ده دلوقتي. سيبني أفكر.
ريان (بنبرة ندم):
أنا فعلاً آسف، وأوعدك إني مش هسمح لحد تاني يعرف من غير إذنك.
سيليا بتلف وشها بعيد، مش قادرة ترد عليه، ريان مش قادر يبصلها
**********************
في شركة البحيري ، أحمد جالس على مكتبه، منهمك في العمل. فجأة، تُفتح الباب دون استئذان، وتدخل سمر بابتسامة مصطنعة وملامح واثقة. أحمد يرفع نظره ليجدها أمامه، وعيناه تمتلئان بالاشمئزاز.
أحمد (بنبرة حادة):
إيه اللي جابك هنا يا سمر؟
سمر (بنبرة ناعمة ومتصنعة):
وحشتني يا أحمد. قلت أجي أشوفك، يمكن نبدأ صفحة جديدة.
أحمد (بيرمي القلم بعصبية وبيقف):
صفحة جديدة؟ إنتي بتهزري؟ بعد كل اللي عملتيه، جاية بكل بجاحة تطلبي ده؟
سمر (بتتكلم بثقة وكأنها مش سامعة كلامه):
أحمد، ده كان زمان. كلنا بنغلط. وبعدين، فاكر الأيام الحلوة اللي قضيناها مع بعض؟
أحمد (بيرد بحدة):
أيام حلوة؟ إنتي بتستعبطي؟ إنتي كنتي السبب في تدمير أختي، تدمير عيلتي، وجاية دلوقتي تتكلمي عن أيام حلوة؟
سمر (بتضحك بسخرية):
تدمير عيلتك؟ ده عشانكم كنتوا أغبياء وصدقتوا كل حاجة بسهولة. أنا مالي؟
أحمد (بيقرب منها وعينيه مليانة غضب):
إنتي مالك؟ إنتي اللي زرعتي الشك فينا، إنتي اللي لعبتي على مشاعرنا وسممتي دماغنا ضد سيليا.
سمر (بتهز كتفيها بلا مبالاة):
كنت صغيرة ومتهورة. وبعدين، ليه الموضوع كبير كده؟ دي حياتكم مشيت بعدها، مش كده؟
أحمد (بصوت عالي وغاضب):
حياتنا مشيت؟ إنتي عندك فكرة إحنا مرينا بإيه بسبب كذبك؟ إنتي دمرت أختي، دمرت ثقتي في كل حاجة، وجاية دلوقتي بكل برود كأنك ما عملتيش حاجة؟ و اختي تحت التراب دلوقتي بسببك يا هانم ، انتي مش مستوعبة حجم المشكلة و الكارثة اللي عملتيها؟؟
سمر (بتحاول تلمس إيده بإغراء):
أحمد، أنا هنا عشان أصلح كل حاجة. ليه مش بتدي نفسك فرصة؟
أحمد (بيسحب إيده بسرعة وبنبرة اشمئزاز):
مش هديكي ولا نفسي أي فرصة. إنتي بالنسبة لي ماضي أسود، وجودك هنا بيخليني أتأكد إنك عمرك ما هتتغيري.
سمر (بابتسامة مستفزة):
أنت كده بتقاوم بس، أحمد. بس في الآخر هترجع لي، عارف ليه؟ لأن مفيش حد هيحبك زيي.
أحمد (بيقفل الملف اللي كان بيشتغل عليه بعصبية):
لا سمر، مفيش حد هيكرهك زيي. إنتي مجرد ذكرى قذرة بحاول أنساها. وأظن المفروض تمشي دلوقتي قبل ما أفقد أعصابي اكتر و اعمل فيكي جريمة دلوقتي
سمر (ببرود وابتسامة ساخرة):
زي ما تحب، بس أنا هفضل موجودة. هتشوف.
تخرج سمر من المكتب بخطوات واثقة، بينما أحمد يقف مكانه، يحاول يسيطر على أعصابه. بعد ما تقفل الباب، يضرب مكتبه بيده وهو بيكتم غضبه
*********************
على الناحية الاخرى ، مراد جالس على كرسيه، يراجع بعض الملفات. فجأة تُفتح الباب وتدخل شاهي بدون استئذان، بابتسامة متصنعة ونظرة مغرية. مراد يرفع نظره إليها ببرود.
مراد (بهدوء وبرود):
فيه حاجة يا شاهي؟
شاهي (بتتكلم بنبرة دلال مصطنعة):
مش معقول يا مراد، دايماً رسمي كده معايا؟ جيت أشوفك، قلت يمكن نتكلم شوية ونغير جو.
مراد (بيرجع بظهره على الكرسي وبيبصلها ببرود):
نتكلم؟ عن إيه بالظبط؟
شاهي (بتقرب بخطواتها وبتجلس على الكرسي قدامه):
عن أي حاجة. عنك، عن حياتك، عن اللي مضايقك... أهو نفضفض.
مراد (بنبرة جافة):
ما فيش حاجة مضايقاني، وبصراحة مش محتاج أفضفض مع حد بالخصوص أنتي
شاهي (بتحاول تضحك بلطافة):
يا مراد، أنا مش زي سمر، أنا مختلفة عنها. فاكرني زيها؟
مراد (بلهجة حادة):
أيوة، فاكر إنك زيها بالظبط. صاحبتها الروح بالروح، وشبهها في كل حاجة.
شاهي (بصوت متصنع ومندهش):
مراد! أنا مش زيها، سمر غلطت، لكن أنا جاية هنا عشان أقولك إني دايماً معجبة بيك، ومن زمان قوي.
مراد (بيقطع كلامها بسرعة):
معجبة؟ شاهي، أنا مش مهتم، لا بيكي ولا بأي حاجة ليها علاقة بيكي.
شاهي (بتحاول تستميله):
ليه دايماً بتصدني كده؟ يمكن لو حاولت تشوفني بجد، تتغير نظرتك ليا.
مراد (بصوت قوي وحازم):
وأنا مش مهتم أحاول. إنتي وسمر، نفس الأسلوب، نفس التصرفات، ونفس الطمع و نفس الهدف ، وأنا مش عايز أشوفك هنا تاني.
شاهي (بتحاول تستفزه بابتسامة):
أنت بتقاوم بس، مراد. عارف؟ أنا هفضل أحاول.
مراد (بيشاور على الباب):
لو كنتي فعلاً بتعرفي حدودك، دلوقتي تخرجي من مكتبي. وإلا مش هسكت و انده للأمن يطلعوكي بره
شاهي بتقوم ببطء، تخرج وهي بتضحك بسخرية، ومراد بيرجع يركز على شغله، وعينه مليانة استياء
**********************
في مطار القاهرة الدولي ،جاد وجيسي واقفان ينتظران وصول زيزي. جاد يبدو عليه الضيق من الموقف، بينما جيسي متحمسة وهي تحمل باقة ورد صغيرة. تظهر زيزي مرتدية ملابس فاخرة وتقترب منهما بخطوات واثقة وابتسامة واسعة.
زيزي (بصوت مرح):
جاد! جيسي! وحشتوني أوي!
جيسي تحتضن زيزي بحرارة، بينما جاد يكتفي بهزة رأس وجملة مقتضبة.
جاد (ببرود):
أهلاً، أخبارك؟
زيزي (تتحدث بنبرة دلال مصطنعة):
أنا تمام لما شوفتكم! خصوصاً إنت يا جاد، إيه الحلاوة دي كلها؟ شكلك زي ما هو، يمكن أحلى كمان.
جيسي (تضحك بخبث):
جاد دايماً كده، مفيش جديد.
جاد يتجاهل تعليق زيزي ويدير وجهه للباب للخروج، لكن زيزي تمسك بذراعه برفق.
زيزي (بدلال):
استنى شوية، إيه الاستعجال ده؟ كنت لسه عايزة أعرف أخبارك.
جاد (بنبرة ضجر):
زي ما إنتِ شايفة، الشغل، الحياة... كلها عادية.
زيزي (بتبتسم بسخرية):
آه طبعاً، عادية قوي لما تكون متجوز واحدة زي... اسمها إيه؟ آه، سيليا.
جيسي (تضحك بخبث):
آه، الزوجة المثالية اللي ما حدش طايقها.
جاد (بتأفف):
سيليا؟ ما تتكلميش عنها. العلاقة بيننا انتهت خلاص، وده أحسن شيء حصل لي.
زيزي (تضحك بتعليق لاذع):
طبعاً أحسن حاجة، كنت دايماً مستغرب إزاي واحد زيك يقبل بواحدة زيها. أكيد غلطت غلطة عمرك.
جاد (يهز رأسه):
ما كانتش غلطة، كانت كابوس. بس خلاص، الموضوع انتهى.
زيزي (بنبرة خبث):
طيب، عايز رأيي؟ إنت تستحق حد يفهمك، يعرف يعيش معاك. مش حد تقليدي وكئيب زي... سيليا.
جيسي (تبتسم بخبث):
بالضبط، حد يعرف يقدّر إن جاد مش مجرد زوج، دا جاد حكاية!
جاد (بنبرة حاسمة):
كفاية بقى الكلام ده، مش ناقص نقاشات عن موضوع منتهي. خلونا نخرج من هنا.
زيزي تبتسم بثقة وتنظر إلى جيسي وكأنها تؤكد أنها ستظل تحاول، بينما جاد يتقدم إلى الأمام متجاهلاً تصرفاتهما
*********************
في فيلا ليلى الألفي ، سيليا تجلس على الأريكة في حالة غضب، وعيونها ممتلئة بالدموع، بينما ريان يقف أمامها مرتبكًا يحاول تهدئتها.
سيليا (بنبرة عتاب وغضب):
إنت وعدتني، ريان! قلت مش هتقول لأي حد، ليه كسرت وعدك؟
ريان (يتنهد ويحاول التبرير):
سيليا، والله ما كان قصدي. يوسف ضغط عليا، لاحظ إني متوتر وكل شوية يسألني... ما قدرتش أتحمل.
سيليا (تصيح بغضب):
يعني أول ما الأمور تبقى صعبة شوية تخون ثقتي؟ أنا كنت فاكرة إنك الوحيد اللي ممكن أثق فيه، ريان!
ريان (يتوسل):
أنا آسف، سيليا. بس يوسف يستاهل يعرف. هو أخونا برضه، وندمان على كل اللي حصل.
سيليا (تهز رأسها بحزن):
ندمان؟ الندم مش هيرجع اللي ضاع. أنا ميتة بالنسبة لكم من زمان، ليه دلوقتي عايزين يعرفوا الحقيقة؟
ريان ينظر إلى الأرض بصمت، لا يجد ما يقوله. فجأة يرن جرس الباب. سيليا تلتفت نحو الباب بقلق.
سيليا (بقلق):
مين ده؟
ريان (بهمس):
يوسف...
سيليا تحدق فيه بصدمة، صوتها ينخفض كأنه لا تصدق.
سيليا:
إنت... إنت بعتله العنوان؟
ريان (يحاول تهدئتها):
سيليا، هو بس عايز يشوفك...
سيليا (بغضب):
إزاي تعمل كده؟ إزاي؟
يطرق الباب مرة أخرى. سيليا تبتعد بسرعة نحو إحدى الزوايا، تضع يديها على وجهها محاولة تهدئة نفسها. ريان يتجه لفتح الباب ببطء. يظهر يوسف واقفًا أمام الباب، وجهه يعكس مزيجًا من القلق والحزن.
يوسف (بصوت مختنق):
سيليا...
سيليا تتجمد في مكانها عندما تسمع صوته. تلتفت ببطء لتنظر إليه، عيناها تفيض بالدموع. يوسف يقترب منها بحذر، وكأن أي خطوة قد تجعلها تهرب.
يوسف (يتوسل):
سيليا، أرجوكي... سامحيني.
سيليا تنهار بالبكاء فجأة، وتغطي وجهها بيديها. يوسف يقترب منها بسرعة ويمسك بكتفيها بلطف.
يوسف (بصوت مكسور):
أنا آسف، أنا... أنا غلطت، ما كنتش أستحق أكون أخوكي.
سيليا تسقط في أحضانه، تبكي بشدة وكأن سنوات الألم تنفجر في تلك اللحظة. يوسف يضمها بقوة، ودموعه تنهمر على وجهه، يربت على رأسها بحنان وحزن.
يوسف (يبكي):
سامحيني، يا سيليا... والله ندمان على كل لحظة.
ريان يقف بعيدًا، يشاهد المشهد وعيناه تلمعان بالدموع، بينما سيليا ويوسف يستسلمان لدموعهما في عناق طويل مليء بالحزن والندم.
فصل 19
داخل فيلا ليلى الألفي ، سيليا لا تزال تبكي في أحضان يوسف، الذي يضمها بقوة وكأنها قد تضيع منه مرة أخرى يحاول أن يتحدث، لكن صوته مكسور من البكاء
يوسف (بدموع وتوسل):
سيليا، أرجوكي... سامحيني. أنا كنت أعمى، ما شفتش الحقيقة... ما صدقتش اللي كان المفروض أصدقه.
سيليا تحاول التحدث وسط بكائها، لكنها لا تستطيع. يوسف يمسك بيديها، ينظر في عينيها، وصوته مليء بالندم
يوسف (بإلحاح):
كل يوم كنت بدعي ربنا يغفر لي، وكنت بقول يا ريت أرجع بالزمن وأصلح اللي عملته. بس الزمن ما بيرجعش، سيليا... اللي فاضل هو إنك تسامحيني.
سيليا (بصوت مكسور):
يوسف... إنت عارف قد إيه وجعتوني؟ إزاي كلكم صدقتوا إني ممكن أعمل حاجة زي دي؟
يوسف (يمسك بكتفيها برفق):
عارف، عارف إننا ظلمناكي... وأكتر واحد أنا. كنت المفروض أكون أخوكي اللي يحميكي، مش اللي يشك فيكي. أنا ما أستاهلش إنك حتى تسمعي كلامي... بس بترجاكي تسامحيني.
ريان، الذي كان واقفًا بعيدًا، ينفجر بالبكاء بصوت مكتوم. يقترب منهما وينحني بجانب سيليا، يمسك بيدها.
ريان (بدموع):
سيليا، أنا كمان غلطت... سامحينا، إحنا كنا وحشين، كنا ظالمين.
سيليا تنظر إليهما، دموعها تتدفق بلا توقف. تتذكر سنوات الألم والوحدة، لكنها ترى الندم الحقيقي في عيونهما. تأخذ نفسًا عميقًا وتحاول التحدث.
سيليا (بصوت مرتعش):
يوسف... ريان... أنا...
تتوقف للحظة، ثم تمد يدها لتلمس وجنة يوسف بلطف.
سيليا:
سامحتك، يا يوسف. سامحتك لأنك أخويا، ولأن الوجع اللي جوايا مش هيقل غير لما أسامحكم.
يوسف ينفجر بالبكاء مرة أخرى، يحتضنها بقوة.
يوسف (يبكي):
شكرا... شكرا، يا سيليا. والله عمري ما هنسى إنك سامحتيني.
ريان ينحني ويضمها هو الآخر، والبكاء يسيطر على الجميع. لحظة صمت مليئة بالمشاعر، فقط أصوات بكائهم تُسمع.
ريان (بدموع):
سيليا... مش هنسيبك تاني. هتفضلي وسطنا ومعانا طول العمر.
سيليا تهز رأسها بإيجاب، وهي لا تزال تبكي، لكن دموعها هذه المرة ممزوجة ببعض الراحة التي افتقدتها لسنوات
**********************
سيليا ما زالت في أحضان يوسف، ودموعها تبلل كتفه. ريان يقف بجوارهما، يمسح دموعه بصمت. فجأة، يسمعون صوت خطوات صغيرة، غير ثابتة، على الأرضية الرخامية. يتوقف الجميع عن البكاء، ويلتفتون نحو مصدر الصوت.
لينا، تظهر وهي تمشي بتعثر، تحمل دميتها الصغيرة بإحدى يديها، وتحاول أن تصل إلى والدتها.
يوسف (باندهاش):
لينا؟... هي دي لينا اللي كنت بشوفها في الصور؟
سيليا تبتسم ابتسامة صغيرة لكنها متعبة، ثم تمسح دموعها بسرعة وتحاول الوقوف لاستقبال طفلتها
سيليا (برقة):
آه... دي لينا، حبيبتي الصغيرة.
يوسف ينظر إلى لينا بدهشة، ثم ينزل على ركبتيه ليكون في مستوى نظرها. الطفلة تقترب بخطوات متعثرة، تضحك ضحكتها البريئة
يوسف (بصوت هادئ):
تعالي هنا... تعالي عند خالك يا أميرة.
لينا تتوقف للحظة، تنظر إليه بفضول، ثم تواصل المشي نحو سيليا. تصل إلى والدتها، وتسحب طرف فستانها لتلفت انتباهها
سيليا (تضحك بخفة):
إيه يا لينا؟ جيتي دلوقتي علشان تشوفي خالك؟
يوسف يمد يديه نحو الطفلة بحذر
يوسف (بصوت مليء بالعاطفة):
ممكن أشيلها؟
سيليا تنظر إليه للحظة، ثم تومئ برأسها موافقة. يوسف يحمل لينا بين ذراعيه بحذر، وكأنه يحمل كنزًا ثمينًا
يوسف (بهمس):
يا رباه... شبهك يا سيليا. دي جميلة زيك.
لينا، التي لا تفهم شيئًا، تضحك بصوت عالٍ، وتمسك بأنف يوسف بخفة. يوسف يبتسم، ودموعه تتجمع مجددًا في عينيه
يوسف (ينظر إلى سيليا):
سيليا... أنا مش هسامح نفسي أبدًا على اللي فات. مش بس ظلمتك... ده أنا كنت بعيد عن حاجات زي دي، عن عيلتك، عن بنتك.
ريان (يضحك بخفة):
لينا كسبت خال جديد النهارده.
سيليا تنظر إلى يوسف ولينا، ثم تقترب وتلمس خد طفلتها بحنان.
سيليا (بصوت دافئ):
لينا مش بس بنتي... دي بداية حياتي الجديدة. والنهارده، يمكن نبدأ صفحة جديدة كلنا.
يوسف يقبل جبين لينا بخفة، ثم ينظر إلى سيليا بابتسامة مليئة بالامتنان.
يوسف:
إن شاء الله يا سيليا... إن شاء الله
**********************
يوسف يجلس على الأريكة، واضعًا لينا على ركبتيه، يلعب معها بخفة. سيليا تجلس بجانبه، تبدو أكثر هدوءًا بعد اللقاء العاطفي. ريان يقف بجانب النافذة، ينظر إلى المشهد بابتسامة خفيفة، لكن فجأة يتحول وجه يوسف إلى الجدية.
يوسف (بنبرة جادة):
سيليا... في حاجة لازم أتكلم معاكي فيها.
سيليا (تنظر إليه بتوجس):
في إيه يا يوسف؟
يوسف (ينظر إلى ريان):
ريان قالي عن جاد... عن اللي بيعمله معاكي.
سيليا تشحب ملامحها، وتخفض نظرها نحو الأرض.
سيليا (بصوت متردد):
يوسف... الموضوع ده مالوش داعي دلوقتي.
يوسف (بحزم):
إزاي مالوش داعي، سيليا؟! جاد المفروض يبقى زوجك... وأبو ولادك. هو بدل ما يحميكي ويكون سندك، بيهملك وبيكره ولاده؟
ريان يتقدم بخطوة، يحاول التخفيف من حدة الحوار.
ريان (بلطف):
يوسف... سيليا مش ناقصة ضغط أكتر. إحنا هنا عشان نساندها، مش نزيد عليها.
يوسف (بغضب مكبوت):
ريان، أنا مش هسكت على الموضوع ده. خمس سنين وهي متجوزاه، وخلال الفترة دي كلها بيهينها ويخونها؟ لا... جاد لازم يتحاسب.
سيليا (بصوت ضعيف):
يوسف، أرجوك... أنا متفقة مع جاد على الطلاق. الموضوع خلاص بينتهي.
يوسف ينظر إليها بذهول.
يوسف:
طلاق؟! يعني هو قرر يسيبك بعد كل اللي عمله؟
سيليا (بهدوء):
لأ... أنا اللي طلبت الطلاق. أنا تعبت، يوسف. تعبت من إهماله، من كرهه ليا ولأولادي... مفيش حاجة تربطني بيه غير الورق.
يوسف (بغضب):
وأنا مش هسيبه. مش هسيب واحد زي ده يفلت كده بسهولة بعد اللي عمله.
ريان يحاول التدخل مرة أخرى.
ريان:
يوسف، الموضوع مش بالسهولة دي. جاد عنده نفوذ وشغله قوي... ممكن يقلب الموضوع ضدنا.
يوسف (بصرامة):
نفوذه مش هيمنعه لما أقف قدامه. ده متجوزها وهي لسه طفلة عندها 17 سنة، وبعدين يعاملها بالشكل ده؟ دي مش رجولة.
سيليا تمسك يد يوسف، تحاول تهدئته.
سيليا (برقة):
يوسف... أرجوك، سيب الموضوع لي أنا. الطلاق خلاص قريب، وأنا عايزة أعيش بهدوء بعد اللي عديت بيه.
يوسف (بحنان):
سيليا... إنتي أختي الصغيرة، وأنا مش هقف أتفرج تاني. اللي عمله فيكي وفي أولادك مش هعديه بالساهل.
سيليا تبتسم بخفة، لكن الخوف يظهر في عينيها.
سيليا (بتوسل):
بس، يوسف... أوعدني إنك مش هتعمل حاجة تتهور فيها. أنا مش عايزة مشاكل أكتر.
يوسف (يأخذ نفسًا عميقًا):
ماشي... أوعدك إن مفيش حاجة هتحصل دلوقتي. بس صدقيني، يا سيليا... جاد هياخد جزاءه، بالطريقة اللي يستحقها.
ريان ينظر إلى يوسف بسيطرة هادئة، لكن القلق يسيطر على وجهه.
ريان:
يوسف، إحنا هنقف مع سيليا في أي حاجة تختارها، بس لازم نفكر بعقل.
يوسف يومئ برأسه ببطء، لكنه ينظر إلى لينا التي تبتسم ببراءة في حضنه، وكأنه يقرر في داخله أنه لن يترك الأمور كما هي
********************
بعد فترة قصيرة ، يوسف لا زال يحمل لينا التي تضحك وتلعب في حضنه. سيليا تجلس بجانبه تنظر بحذر إلى يوسف، بينما ريان يقف بجانب النافذة يراقب الشارع. فجأة يُفتح الباب، ويدخل رائد وهو يحمل حقيبة صغيرة بيد، وفي اليد الأخرى يمسك بيد زياد ومازن، اللذين يدخلان وهما يركضان نحو الداخل.
رائد (ينادي بحيوية):
رجعنالكوا... الحضانة كانت زحمة جدًا النهارده!
يتوقف فجأة عندما يلمح يوسف جالسًا، عيونه تضيق بحدة ويميل رأسه قليلاً، متسائلاً.
رائد (بنبرة حذرة):
مين ده؟
يوسف ينظر إلى رائد بارتباك واضح، ثم ينقل نظره إلى ريان.
يوسف (يشير إلى رائد):
مين ده؟
ريان يضع يده على جبينه بتوتر.
ريان:
آه... لحظة، لحظة. رائد، ده يوسف... أخويا الكبير. يوسف، ده رائد... ابن عمتنا ليلى.
رائد يصدم للحظة، ملامحه تصبح متصلبة، ويخطو خطوة إلى الأمام.
رائد (بدهشة):
أخوها الكبير؟ يعني... ده يوسف؟
يوسف يقف من مكانه، يضع لينا على الأريكة برفق، وينظر إلى رائد بتساؤل.
يوسف (بحدة لكن بنبرة محترمة):
أيوة، وأنا عايز أفهم إنت مين بظبط؟
رائد (يرد بسرعة):
أنا ابن ليلى... عمتك.
يوسف يفتح عينيه على مصراعيهما، ويبدو وكأن صدمة جديدة تسقط عليه.
يوسف:
عمة مين؟ إحنا معندناش عمة اسمها ليلى.
سيليا (بتردد):
يوسف... في حاجات كتير متعرفهاش. ليلى هي أخت بابا اللي محدش كان يعرف عنها حاجة... وهي اللي أنقذتني.
يوسف يبدو مذهولًا، لكنه لا يتكلم. فجأة، يقترب زياد ومازن ببطء، ينظران إلى يوسف بحذر.
زياد (بصوت طفولي):
مين ده؟
مازن (يتمسك بيد رائد):
رائد... مين الراجل ده؟
يوسف ينحني ليصبح في مستوى الأطفال، يبتسم بخفة ليخفف توترهم.
يوسف:
أنا... أنا خالكم يا زياد ومازن.
زياد ومازن ينظران إلى بعضهما البعض بذهول، ثم يركضان نحوه بابتسامة واسعة.
زياد (بفرح):
إنت خالنا؟ بجد؟
مازن:
يعني زي خالو ريان ؟
يوسف (يضحك ويحتضنهما):
أيوة... زي ريان بالضبط.
سيليا تنظر إلى المشهد بعيون ممتلئة بالدموع، بينما رائد يقف بجانب الباب، ينظر إلى يوسف بحذر لكنه يتنفس بعمق، محاولًا استيعاب الموقف.
رائد (يخاطب سيليا):
واضح إن في كلام كتير لازم يتقال... بس مش هنا.
سيليا (بابتسامة خفيفة):
عارفة يا رائد... عارفة.
يوسف يحمل زياد ومازن، ويلعب معهما بحب واضح، بينما سيليا تراقب المشهد بمزيج من الحزن والفرح
***********************
سيليا، يوسف، رائد و ريان يجلسون في الغرفة. زياد ومازن يلعبان مع لينا في زاوية الغرفة، بينما يوسف يتحدث مع سيليا ويضحك على ذكريات قديمة. رائد يجلس في الزاوية الأخرى، ملامحه جامدة ومستاءة، لكنه لا يظهر استياءه. فجأة، يُفتح الباب وتدخل ليلى تحمل أكياس تسوق، لكنها تتوقف فجأة عندما ترى يوسف.
ليلى (بدهشة):
يوسف؟!
يوسف ينظر إلى ليلى، يحدق فيها للحظات، ثم يقف ببطء. عينيه تمتلئان بالدهشة.
يوسف (بصوت خافت):
...إنتِ؟
ليلى (تقترب بخطوات مترددة):
إنت... ابن فؤاد؟ يوسف؟
يوسف يهز رأسه ببطء، وكأنه يستوعب الحقيقة تدريجيًا.
يوسف (بصوت مرتجف):
عمة ليلى... إنتِ فعلاً موجودة؟
ليلى تبتسم ابتسامة حزينة، تضع الأكياس على الطاولة، وتنظر إليه مطولاً.
ليلى (بهدوء):
أيوة يا يوسف... موجودة.
يوسف ينظر إلى سيليا، ثم إلى ليلى، وكأن الأسئلة تتراكم في ذهنه.
يوسف:
بس... ليه؟ ليه طول السنين دي ما حدش كان عارف عنك حاجة؟ وليه سيليا كانت عندك؟
ليلى تنظر إلى سيليا، ثم تأخذ نفسًا عميقًا.
ليلى (بحزن):
دي حكاية طويلة اوي، ظلموني زي ما ظلمتوا سيليا
يوسف يخفض رأسه، يشعر بالعار والندم، بينما سيليا تضع يدها على كتف ليلى محاولة تهدئتها.
سيليا:
عمة ليلى... يوسف ما كانش يعرف. محدش كان يعرف... وهو هنا علشان يتأسف.
يوسف (يرفع رأسه):
فعلاً يا عمة. أنا ما كنتش أعرف عنك حاجة، وما كنتش أعرف إنك كنتي الملجأ الوحيد لسيليا. بس أنا هنا علشان أصلح الغلط اللي عملناه... لو لسه في مجال.
ليلى تنظر إلى يوسف بتمعن للحظة، ثم تهز رأسها بخفة.
ليلى (بهدوء):
مش بسهولة كده يا يوسف. اللي عملتوه في سيليا كان كابوس... ولسه شايلة جواها ألم السنين دي كلها.
يوسف يقترب بخطوة نحو ليلى، عينيه ممتلئتان بالندم.
يوسف:
عارف.... أنا مستعد أعمل أي حاجة علشان أعوض سيليا... وعلشان أثبت إننا ندمنا بجد.
ليلى تنظر إلى سيليا، التي تبتسم بخفة وتومئ برأسها. ثم تتنهد ليلى ببطء، وكأنها تقبل وجود يوسف في حياتهم.
ليلى (بصوت منخفض):
هنشوف يا يوسف... الزمن هو اللي هيحكم.
رائد ينظر إلى الحوار بصمت، ملامحه ما زالت جامدة، لكنه يختلس النظر إلى سيليا التي تبتسم بخفة، وكأنه يحاول فهم قرارها بمسامحة عائلتها.
تتبادل ليلى النظرات مع يوسف ، بينما سيليا تجلس في الوسط، تحاول أن تكون الجسر بين الماضي والمستقبل
***********************
الجميع يجلس في صمت بعد الحوار الأول. ليلى تأخذ نفسًا عميقًا، ترفع رأسها وتنظر إلى سيليا، يوسف، وريان.
ليلى (بهدوء):
كنتم دايمًا بتسألوا ليه أنا بعيدة عنكم؟ ليه ماحدش يعرفني؟ الوقت جه علشان تعرفوا الحقيقة.
يوسف ينظر إليها بترقب، وريان يضع يده على كتف سيليا ليواسيها، بينما رائد يجلس في زاوية الغرفة، يراقب بصمت.
ليلى:
جدكم... والد فؤاد وجليل... كان شخص عنيد. لكن في نفس الوقت، كان بيهرب من أي حاجة مش على مزاجه.
يوسف (بحذر):
إيه اللي حصل؟
ليلى (بحزن):
جدكم كان متجوز جدتكم... اللي خلف منها فؤاد وجليل. لكن حياتهم مع بعض كانت مليانة مشاكل. وبدل ما يواجهها، اختار الهروب. ساب جدتكم، وراح اتجوز واحدة تانية... والدتي.
ريان يفتح عينيه بدهشة، بينما سيليا تضع يدها على فمها.
ريان:
يعني... إحنا وإنتي من نفس الجد؟
ليلى (تومئ برأسها):
أيوة، أنا عمتكم... أخت فؤاد وجليل من أبوكم.
يوسف ينظر إلى الأرض، يحاول استيعاب الكلام.
يوسف:
طب... ليه ماحدش كان يعرف ده؟
ليلى (بمرارة):
لأن لما جدكم رجع لجدتكم، قرر ينسى كل حاجة عن والدتي... وعن وجودي. كانت بالنسبة له نزوة. سابها وهي حامل... ورجع لبيته الأول.
صمت ثقيل يملأ الغرفة، وسيليا تمسح دموعها بخفة.
سيليا (بصوت منخفض):
يعني... عشتي كل الألم ده لوحدك و احنا منعرفش
ليلى (تبتسم ابتسامة حزينة):
أنا ما كنتش لوحدي. كان عندي زاهر ابو رائد و ابني رائد ومن يوم ما أنقذت سيليا، بقت هي بنتي التانية.
رائد ينظر إلى ليلى بعيون مليئة بالغضب المكتوم.
رائد (بصوت هادئ لكنه حاد):
وبالرغم من ده كله، العيلة دي دايمًا بتعيد نفس الأخطاء. زي ما سابوكي زمان، عملوا نفس الشيء مع سيليا.
يوسف يخفض رأسه، يشعر بالخجل. ريان يحاول التحدث لكنه يتراجع.
ليلى (تنظر إلى رائد):
رائد... هما هنا علشان يصلحوا اللي فات.
رائد (بجفاء):
اللي فات؟ اللي فات كان سنين من الألم والندم اللي مستحيل يتعوضوا بسهولة.
سيليا تضع يدها على ذراع رائد، تحاول تهدئته.
سيليا (برفق):
رائد... هما غلطوا، وأنا سامحتهم. ده اللي مهم دلوقتي.
رائد (ينظر إليها):
سامحتيهم بسرعة أوي، سيليا. بس يمكن لأنك نسيتي كل اللي عدتي فيه.
ليلى تتدخل بحزم، تقطع التوتر المتزايد.
ليلى:
رائد، كفاية. الغضب مش هيغير الماضي. لازم نركز على المستقبل... نصلح اللي نقدر عليه.
يوسف يرفع رأسه، عينيه ممتلئتان بالندم.
يوسف (بصوت منخفض):
أنا مش عارف أقول إيه... بس كل كلمة بتقولها صحيحة، رائد. إحنا أخطأنا، وأنا مستعد أعمل أي حاجة علشان أثبت إننا ندمنا بجد.
رائد ينظر إليه بصمت، ثم يهز رأسه بخفة دون أن يقول شيئًا. المشهد ينتهي بتبادل نظرات حزينة بين الجميع، بينما يسيطر الصمت على الغرفة
**********************
في مقر للمخابرات ، تميم يجلس على كرسيه، يضع رأسه بين يديه. المكتب هادئ، والساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل. أمامه تقارير مفتوحة لكنه لا يقرأ أي شيء، وعينيه مثبتتان على نقطة غير مرئية في الأفق.
تميم (بهمس لنفسه):
سيليا... معقولة؟ كل ده كان كذب؟ كل الألم والندم اللي عيشناه... كانت حية طول الوقت؟
يتنهد بقوة، يدفع الكرسي للخلف وينهض. يبدأ في المشي ببطء في مكتبه، يمرر يده على وجهه بعصبية.
تميم (يكلم نفسه):
زين... زين عرف وسكت؟ ليه؟ كان مفروض يقولي على طول... بس... هل أنا جاهز أقابلها؟
يتوقف فجأة أمام النافذة، ينظر إلى المدينة المظلمة، أضواء الشوارع الخافتة تضفي جوًا كئيبًا على المشهد.
تميم (يهمس):
ست سنين... ست سنين وأنا فاكر إنها ماتت. ست سنين وأنا فاكر إننا السبب في موتها.
صوت طرق خفيف على الباب يقطعه، لكنه لا يلتفت.
تميم (بصوت مبحوح):
ادخل.
يدخل أدهم، يقف مترددًا خلف الباب.
أدهم:
سيدي... كنت فاكر إنك غادرت.
تميم (يلتفت إليه ببطء):
لا، لسه هنا. عايز حاجة؟
أدهم (يتردد):
لا، بس... إذا كنت محتاج أي مساعدة أو حاجة، أنا موجود.
تميم ينظر إليه طويلًا، ثم يهز رأسه بخفة.
تميم:
شكراً يا أدهم. روح ارتاح، أنا تمام.
أدهم يخرج بهدوء، يغلق الباب خلفه. تميم يعود إلى كرسيه، يجلس ويمسك بقلم على المكتب، يديره بين أصابعه وهو شارد.
تميم (بصوت أعلى، لنفسه):
طيب... لو رحت وشوفتها، إيه اللي ممكن أقوله؟ إزاي أبرر اللي حصل؟ هل هي حتى مستعدة تسمعني؟
يتذكر وجه سيليا عندما كانت طفلة صغيرة، تبتسم له عندما كان يزورهم، تذكر كيف كانت تتوسل لهم في ذلك اليوم ، لكن لم يصدقها أحد ، تذكر نظرة الكسرة و الخذلان فعينيها
تميم (يتنهد بعمق):
كانت زي أختي الصغيرة... وسبتها تضيع.
يضرب سطح المكتب بقبضته فجأة، صوته يخرج مشحونًا بالغضب والحزن.
تميم:
لازم أروح. لازم أشوفها... حتى لو ده آخر شيء أعمله.
ينظر إلى الساعة على الحائط، ثم ينهض بحسم. يلتقط معطفه من على الكرسي ويخرج من المكتب بسرعة، وجهه يعكس مزيجًا من الحيرة، الغضب، والأمل
يتبع