رواية بنت أبو علي الفصل الاول والثاني والثالث بقلم شيماء الصيرفي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج

 رواية بنت أبو علي الفصل الاول والثاني والثالث بقلم شيماء الصيرفي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


رواية بنت أبو علي الفصل الاول والثاني والثالث بقلم شيماء الصيرفي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


انتِ أفشل بنت في الدنيا، مش محصله بنت عمك اللي طلعت الأولى. 

نزلت كلمات ماما على قلبي زي الخناجر بتطعن قلبي، اتكلمت بنبرة صوت مهزوزه وقلت...

_ هو أنا ساقطة يعني؟! منا واخده مركز.

_ عاشر واخده مركز عاشر، يعني مكان الفشله، قوليلي أوري وشي للناس ازاي دلوقتي!؟

بكرة كلنا نتجمع هتلاقي سهام تتنطط عليا عشان بنتها طلعت الأولى، وأنا مش هقدر اتكلم منا بنتي فاشله.

حاولت أمنع دموعي، لكن خانتني ونزلت، اتكلمت وأنا بمسحهم وقلت...

_ طنط سهام عمرها مهتعمل كده، حضرتك بس اللي...

قطعت كلامي وقالت...

_ اخرسي، فاشلة وكمان بتجاعمي.

نهت كلامها ودخلت المطبخ، قعدت على الكرسي وأنا حاسه إن قلبي اتفتت. كنت متوقعه انها هتفرح لما تعرف إني من أوائل دفعتي أو تاخذني في حضنها وتباركلي. لكن اللي حصل عكس دا تمامًا.

اللي حصل انها سألتني بنت سهام عملت إيه ولما عرفت إنها الأولى فضلت تزعقلي.

حسستني إني معملتش أي نجاح، وإني في قاع المحيط.

ديما حطاني في ضغط وسباق مع يارا بنت عمي، لازم أشوف يارا عملت إيه واعمل اللي أحسن منه.

بتبهدلني لو شافتني قاعده معاها أو مع أي حد من اخواتها، ديما تقولي هما أعدائنا رغم إن عمري مشوفت منهم أي حاجة وحشه.

حتي طنط سهام بتعاملني حلو جدًا رغم أسلوب ماما الوحش معاها. بتعاملني بحب مبشوفوش من ماما نفسها. أوقات كتيرة بتمني إنها تكون والدتي خاصًا لما بشوف تعاملها مع ولادها.

_ اذيك يا وعد، صحتك عامله إيه دلوقتي؟!

خرجت الجملة دي من أسامة ابن عمي.

معرفش ظهر قدامي أمتى، وقفت في جنب من السلم وبصيت لفوق خوفت ماما تكون نازله وتشوفني، رجعت بنظري ليه وقلت...

_ الحمدلله بخير.

_ جرحك كويس،  يارا قالت إنك تعبتي إمبارح في المدرسة.

_ الحمدلله بقيت أحسن.

نهيت جملتي ونزلت بسرعة، سيبته واقف على السلم.

نزلت عند تيتا، كانوا متجمعين سلمت عليهم، ودخلت المطبخ أساعد تيتا وطنط سهام.

_ مامتك نزلت؟

قالتها طنط سهام، ردت تيتا وقالت...

_ منتي عارفه يا سهام، رانيا بتنزل بعد مبنخلص كل حاجة.

حسيت بإحراج من كلام تيتا ووقفت معاهم اساعدهم، كان الحوض فيه صحون عاوزة تتغسل وقفت اغسلهم، بس طنط سهام خرجتني وقالتلي ارتاح عشان جرحي ميتعبنيش.

خرجت قعدت مع ولاد عمي لكن في جانب معزول عنهم. سرحت وافتكرت قله اهتمام ماما بيا لما رجعت امبارح تعبانة، مهتمتش بتعبي وجرحي، وعلى النقيض اهتمام طنط سهام بيا.

_ مالك قاعده ساكته كده، لسه تعبانه؟

قالتها نورهان بنت عمي، اتكلمت وأنا بضحك وقلت...

_ بخير يا نور، بس يارا شكلها فضحتني.

ضحكت نور وقالت...

_ متظلميش يارا أسامة السبب.

قلبي دق بسرعة أول مسمعت اسمه، أخدت نفس وقلت...

_ ازاي؟!

_ كان واقف في البلكونه وشافكم وانتو راجعني ويارا سنداكي، فسأل يارا وعرف.

ضحكت وقلت...

_ قصدك كلكم عرفتوا.

_ انتِ اضايقتي من اللي حصل؟

قالتها يارا هزيت راسي بنفي وقلت...

_ لأ ابدأ، أنا بس اتحرجت شوية.

_ أهلًا وعد، عامله إيه دلوقتي لسه تعبانه يا حبيبتي؟

قالها عمو حسين، بصيتلهم فضحكنا كلنا.

_ في إيه يا بنات! أنا قلت حاجة تضحك؟!

اتكلمت يارا وقالت...

_ أبدًا يا بابا، أصل وعد كانت لسه بتقول كل محد يشوفها يسألها نفس السؤال وحضرتك دخلت.

قرب قعد جمبي وحط إيده على كتفي وقال...

_ المهم بقيتي كويسة.

_ الحمدلله.

قولت كلمتي وسرحت في حركه عمو، رغم إنها حركه تلقائية منه وبيعملها مع نورهان ويارا، لكنها أثرت فيا.

اتمنيت إن بابا يعملها معايا ولو مرة واحده أو يهتم لأمري.

أوقات كتيرة بتمنى أب وأم زي عمو حسين وطنط سهام. بخاف غصب عني أحسد ولادهم على الحب اللي عايشين فيه.

الكل اتجمع على سفرة بيت العيلة اللي بتجمعنا كل فترة. كان فينا اللي فرحان بالتجمع وفينا اللي مغصوب متضايق.

_ مبروك يا وعوده، فرحت أوي لما عرفت من يارا إنك رتبتي.

نهت طنط سهام جملتها بصيت لـ ماما اللي الشر كان بيطير من عيونها، رديت وقلت...

_ الله يبارك فيكي.

اتكلمت طنط سهام تاني وقالت...

_ بصراحة متوقعتش أبدًا إنك ترتبي خصوصًا بعد تعبك والعملية اللي عملتيها. دا لو يارا كانت مكانك كنت قلت بس تنجح. لكن انتِ شطوره، استمري على كده وإن شاء الله السنة الجاية تبقي أحلى دكتورة.

بصيت لـ ماما ورديت على طنط سهام وقلت...

_ إن شاءالله. 

اتغدينا وقعدنا كلنا في جو عائلي، فينا اللي كان قاعد مبسوط بالتجمع دا وفينا اللي قاعد مجبر.

رغم إن الجلسة كانت ممتعه إلا إني التزمت الصمت، وكالعادة كنا أول المنسحبين من القعده.

_ شوفتي سهام وهي بتقول مكنتش متوقعه إنك ترتبي. عاوزاكي تبقي فاشلة وعاوزة بنتها تبقى الأحسن.

قالت ماما كلماتها بعصبيه، اتكلمت وقلت...

_ متظلميش يا ماما وتظني شر، هي تقصد إن تعبي كان صعب ومفيش حد في ظروفي يجيب الدرجات دي.

قصدها تعلي مني، حتى قالت إن يارا لو مكاني مكنتش هتجيب اللي جبته.

ردت ماما بضيق وقالت...

_ أيوة أيوة حللي كلامها على مزاجك، رد انت يا مصطفى على بنتك أنا جبت اخري.

رد باب وهو داخل أوضه المكتب وقال...

_ مش فاضي لكلامكم دا، عندي شغل.

رفعت ماما نبرة صوتها واتكلمت بعصبيه وقالت...

_ ومن أمتى وأنت فاضي لينا.

أخدت نفس وبصيتلي وقالت...

_ سهام  دي حرباية، بتتلون وتضحك على أي حد. أسألني أنا، طول عمرها بتكرهنا وبتحب تغيظني.

 لما كانت حامل مكنتش بتعرفني، خصوصًا من بعد متعبت بعد ولادتك وانكتب عليا إني مخلفش تاني.

مسكت إيد ماما وقاعدتها، اتكلمت بنبرة هادية وقلت...

_ عندك حق ممكن يبقى زي محضرتك بتقولي وممكن برضو انها محبتش تقولك عشان متجرحكيش وتفكري انها بتغيظك عشان هي حامل.

_ ايوة اقعدي براريلها معرفش عملالك ايه؟

_ إطلاقًا، أنا بس بحسن الظن، الميس في المدرسة قالتلنا نحسن الظن باخواتنا وذكرت لينا مثال وهو لو شوفنا حد في خمر بيتقطر من لحيته نحسن الظن ونقول ممكن يكون وقع عليه، ولو شوفنا حد واقف على جبل بيقول أنا ربكم الأعلى نحسن الظن ونقول دا بيقرأ الآية .

نهيت كلامي، سابتني وقامت.

بصيت لطيفها وقومت أنا كمان ودخلت أوضتي، قفلت باب الأوضه وسندت ضهري عليه، افتكرت أسامة لما وقفني ونظره عيونه اللي كان فيها لهفه.

أخدت نفس واتحركت اتجاه سريري سندت ضهري، وأنا بفتكر كلام نورهان لما قالت شافني من الشباك وأنا راجعه تعبانه. هنا أتأكد إنه فعلًا بيبقى واقف، والكام مرة اللي لمحته فيهم كان حقيقي. ابتسمت بحب لما افتكرت لكن الابتسامة دي اختفت بسرعة؛ أسامة دا ابن عمي واستحاله يحصل اي ارتباط بينا.

شيلت الأفكار دي من دماغي، واستغفرت ربي، فضلت أذكر نفسي بكلام معلمة الدين إننا منتبعش خطوات الشيطان.

قطع حبل أفكاري أذان العشاء، قومت اتوضيت وصليت وبدأت اذاكر.

كان لازم أذاكر وأذاكر كتير كمان عشان اتفوق على يارا وارضي ماما، حتى لو مذاكرتي هتيجي على صحتي وراحتي، بس لازم أعمل كده عشان مسمعش كلام يوجعني ويضايقني أكتر.

خلصت السنة بترتيب يرضي ماما ويفرحها، هنا ماما كانت بتنفش نفسها على طنط سهام.

رغم كده طنط سهام كانت بترد عليها بدعاء ليا بالتوفيق. في حين إن ماما كانت بتولع وتفضل تقول أكيد بتدعي عليكي في سرها، حقيقي مكنتش قادرة أفهم ماما بتفكر ازاي، بس كنت بدعيلها طول الوقت بالهدايه.

بدأت في السنة المصيريه في حياتي واللي هي تالتة ثانوي، هنا ماما اتحولت لشخص كل وظيفته إنه يضغط عليا ويكرهني في يارا وتمنعني إني أحضر أي درس هي فيه أو أخد درس في معاد هي فيه، مكنتش عوزاني اقابلها خالص ولا اتجمع معاها في مكان.

كنت بعمل اللي يريحها عشان أخفف الضغط النفسي من عليا، انعزلت بشكل تام وكانت حياتي بتتمثل في الدروس والمذاكره، بدأت اخس من كم الإرهاق والضغط اللي كنت فيه، كنت بدعي إن السنة دي تخلص بأي طريقة.

_ وعد.

قالها أسامة بصوت عالي، اتخضيت لما شوفته، قرب مني بخطوات سريعة وقال...

_ كنتي فين، باقيلك ساعتين متأخره عن معادك؟!

حاولت اتكلم بس معرفتش حسيت إن كل الكلمات اتسحبت مني، وبستوعب اللي بيحصل.

_ متردي ساكته ليه؟

قال جملته بصوت عالي، اتكلمت بهدوء وقلت...

_ كنت في دروسي يا باشمهندس دا أولًا، ثانيا بقا أنا ماسمحش لحضرتك إنك تتكلم معايا بالاسلوب دا.

نهيت كلامي رد عليا بتعجب وقال...

_ باشمهندس وحضرتك! 

_ أه مش حضرتك ابن عمي الكبير، لازم احترمك ويبقى بينا احترام متبادل.

اتكلم بحرج وقال...

_ مقصدش ازعلك، أنا قلقت عليكي لما لاقيتك اتأخرتي على معادك، ومش قادر حتى اسأل والدتك.

_ متقلقش أنا بخلص دروس وبرجع على طول.

بصلي بنظره فيها حنين وقال...

_ مقلقش ازاي؟ انتِ زي نورهان ويارا، لازم أقلق وأخاف عليكي.

رديت بصرامه وقلت...

_ ياريت لو بتخاف عليا زي نورهان ويارا متقفش معايا الواقفه دي تاني، أظن لو نورهان ويارا ليهم ابن عم عمرك ماتحب أبدًا انه يقف معاهم كده.

نهيت كلامي وطلعت شقتنا، قلبي كان بينبض بعنف.

دخلت أوضتي وقفلت الباب، حطيت شنطتي على المكتب وقعدت على الكرسي.

سرحت في اللي حصل بيني وبين أسامة، حمدت ربنا إني رديت عليه الرد دا. أه ممكن يكون ردي قليل الزوق، بس أنا كده قفلت أي باب ممكن الشيطان يفتحه ليا أو ليه.

بصيت على السماء من الشباكي اللي كان مفتوح، رفعت إيدي وقلت...

_ يا رب أنا بشر وأنت وحدك عالم إني ضعيفة وسهل اتفتن، يا رب قويني واعصمني من الوقوع في المعصية، يا رب أقفل أي باب بيني وبين الشيطان واعصمني من إتباع خطواته يا رب.

حسيتني محتاجه إني أهدى وافصل، قومت صليت وفتحت فيديو لـ د هالة سمير عن الحب، فضلت اسمع فيديوهات كتيرة تشحني وتثبتني.

بحب ديما لما أحس إني هضعف، اجري أسمع محاضرة دينية تشحني وتثبتني.

أقدر اقول إني من اليوم دا معتش بشوف أسامة خالص، حتى في أي تجمع عائلي بكون موجوده فيه مبيكونش موجود. أحيانًا كنت بحس بحنين ليه، خاصًا إنه أول شخص حسيسني بأهتمام، بس كنت أرجع أفكر نفسي إن التفكير فيه حرام .

بدأت امتحاناتي، وبدأ الخوف والتوتر يدخل قلبي وكذلك ضغط ماما عليا، كنت بعالج خوفي بذكر الله والصلاة على النبي.

كنت بخرج من كل إمتحان ومنتظره سؤال أسامة عليا، أه العيلة كلها كانت بتطمن عليا حتى بابا اللي كان بينسى إن عنده بنت مخلفها. رغم كده كنت منتظره سؤاله برضو.

كنت بنتظره كل إمتحان لغاية أخر إمتحان، شوفته واقف قدام باب المدرسة ومعاه بوكيه فيه ورد وشيكولاته، مكنتش مصدقه عيوني، مسحتها كام مره عشان اتأكد إنه قدامي.

فضلت واقفه جوا المدرسة وبصاله وهو كان واقف برة، شافني رغم كده عمل نفسه أكنه مشافنيش.

خرجت يارا اللي جريت عليه وهو حضنها لما شافها، عطاها البوكية وهي باسته وحضنته تاني. شوفت المشهد دا وجريت على البيت، مردتش على صحباتي اللي نادوا عليا، نسيت اتفاقنا إننا هنخرج بعد الإمتحان.

دخلت البيت، لاقيت ماما في وشي، سألتني عملت ايه وطمنتها، دخلت أوضتي بسرعة، قفلت الباب عليا وفضلت أعيط.

منكرش إني زعلت من تجاهله ليا، رغم إن دا طلبي، بس أنا مكنتش بيعيط عشان كده، كنت بعيط؛ لإني لوهله سرحت واكتشفت إني مفيش حد حسسني أبدًا بالحب ولا الحنان.

اللي يشوف الصورة من برة يلاقي أب عنده شركة مقاولات مستواه المعيشي فوق المتوسط، زوجته ست راقيه عندهم بنت واحده أكيد بيعاملوها بمنتهى الحب والحنان ومدلعينها أخر دلع.

بس الصورة من جوه غير. بنت عايشة في بيت، الأب فيه ميعرفش حاجة عنها، حياته كلها شغل وبس، يمكن من كتر الشغل نسي إنه مخلف أصلًا. أم هدفها الأول والأخير إنها تبقى أحلى وأشطر ست وبنتها لازم تبقى أشطر بنت حتى لو بنتها مش قادرة تعمل دا أو مش حابه تعمل دا، تعاملها مع بنتها كله زعيق وعلاقتها كلها جفاف.

فضلت أعيط؛ لاني اتمنيت ذرة حب واحدة من اللي عند يارا سواء من أم أو أب أو أخ. عمري محسدت يارا على اللي هي فيه، بس ديما جوايا اتمنى إني ابقى زيها والاقي حنان واحتواء.

_ مبروك يا وعد، جيبتي مجموع يدخلك أي كلية.

قال بابا جملته خرجت انفاسي المحبوسه، أخدت منه الموبيل أتأكد بنفسي.

سيبت الموبيل وسجدت لله شكر على عطائه ليا.

قومت من سجدتي وبصيت لـ ماما انتظرت تباركلي أو تاخذني في حضنها، بس دا محصلش.

_ ادخل شوف بنت سهام عملت ايه؟

نهت ماما جملتها وبصيتلها بتعجب، لحظة هو كل اللي فارقلك بنت سهام.

_ ياااه دي جايبه أقل من وعد بكتير.

قال بابا جملته مسكت ماما الموبيل تتأكد، بعدين اخدني في حضنها وقالت...

_ كده أقول بكل فرحة مبروك يا حبيبتي.

مكنتش قادرة ابادلها الضمه، فضلت متجمده مكاني، مكنتش قادرة استوعب إنها محضنتنيش ولا باركتلي غير لما شافت نتيجة يارا، يعني تعبي وحصادي دا لا يعنيلها شيء غير لما تشوف نتيجة يارا.

دخلت أوضتي وسيبتها تخطط للكلية اللي هدخلها.

وقفت قدام المراية لاقيت شكلي حزين، حاولت ابتسم أو افرح مقدرتش. استغربت حالي، المفروض إن اللحظة دي منتظراها أكتر من سنة، ليه الفرحة معرفتش طريق قلبي؟!

ولا الفرحة وصلت بس اتكسرت على ايدهم قبل متدخل لـ قلبي!

_أهي الدكتورة وصلت أهي. 

قالتها تيتا بفرحه، دخلت الشقة وبدأت تزغرط، أخدتني في حضنها جامد، ضمتها كانت دافيه وفيها حب، حسيت جوا ضمتها بإحساس حلو أوى عمري محسيته.

خرجت من ضمتها وهي بتقول..

_ مبروك يا حبيبتي.

ابتسمتلها بحب وقلت...

_ الله يبارك فيكي يا أحلى تيتا.

نهيت جملتي، لاقيتها فتحت شنطه جملها وخرجت منها علبه قطيفه.

_ دي هدية نجاحك.

أخدتها منها وفتحتها، كانت سلسلة عليها اسمي.

_ الله يا تيتا دي جميلة أوي، دي أحلى هدية جاتلي في 

حياتي.

_ عجبتك يعني؟

_ جدًا يا تيتا فوق ما تتخيلي.

_ وصيت الجواهرجي يعمل واحده بأسمك وواحده بـ اسم يارا، واستنيت يوم النتيجة عشان تاخدوهم.

_ حبيبتي يا تيتا، خدي بقا لبسيهالي.

قضيت اليوم مع تيتا وعماتي اللي جم يباركوا، استنيت يارا تنزل بس منزلتش خالص.

استأذنت تيتا إني همشي وهروح أطمن على يارا.

وقفت قدام الباب وأخدت نفس.قبل ما أخبط، الباب اتفتح كان أسامة، هو اتخض وأنا كمان اتخضيت.

_ مبروك النجاح.

_ الله يبارك فيك.

قلت كلماتي وبصيت في الأرض.

_ اتفضلي ماما واخواتي جوا.

دخلت بحرج وهو نادى عليهم ومشي.

_ أهلًا يا وعد اتفضلي، مبروك يا حبيبتي .

قالت طنط سهام جملتها وباين عليها الحزن.

_ الله يبارك فيكي، مبارك لـ يارا.

_ الله يبارك فيكي يا حبيبتي. 

_ ادخلي.

دخلت وراها بحرج وقلت...

_ ممكن اشوف يارا.

_ في اوضتيها حابسه نفسها من وقت ظهور النتيجة.

_ ينفعل ادخلها؟

_ أه يا حبيبتي تعالي.

مشيت ورا طنط سهام، خبط على يارا وفتحت الباب اتكلمت وقالت...

_ تعالي يا وعد.

دخلت وأول مشوفت يارا قلبي وجعني على حالها.

قربت منها واخدتها في حضني، مكنتش عارفه المفروض اعمل ايه أو اقول إيه.

_ شوفتي اللي حصلي يا وعد؟

_ اللي حصل كله خير، قولي الحمدلله.

_ خير ليكي انتِ بس وشر ليا، بقا أنا اللي كنت بطلع من اوائل المدرسة أجيب المجموع دا!

_ مفيش حاجة اسمها خير لـ حد وشر لـ حد تاني.

كل اللي ربنا بيقدر للعبد الخير وبس، بكرة تعرفي دا مع الايام يا يارا، لو كان ليكي خير في مجموع أكبر من كده أكيد ربنا هيديكي. ممكن كنتي تدخلي في مكان ومتنجحيش فيه أو تتخرجي وتبقي فاشله، تغلطي غلطه ويتشطب اسمك من النقابه، يبقى زيك زي اللي متعلموش.

_ انتِ بتقولي كده عشان جيبتي المجموع اللي انتِ عاوزاه.

_ أبدًا يا يارا، بقولك الكلام دا وأنا مؤمنه بيه مليون في المية؛ لإني عارفه كويس إن اختيارات ربنا ديما الأصلح والأحسن لينا، بيكرمنا بكرم من طريق عمرنا منتخيل إننا ممكن نمشي فيه، نجني منه كل الكرم دا.

أهم حاجة إنك ترضي باللي ربنا كاتبه ليكي واوعي تعترضي على قضاء الله.

_ أعمل إيه يا وعد مش قادرة أبطل عياط وقلبي متفتت من الحزن.

قالت جملتها وبدأت تعيط أكتر.

اخدتها في حضني محاوله إني أهديها شوية، سكنت فبدأت اتكلم واقول..

_ الحزن دا شيء طبيعي أي إنسان من حقه إنه يحزن ويزعل، عيطي وخرجي كل المشاعر السلبية اللي جواكي، بس متستسلميش لدا.

لو فتحتي مصحفك وقرأتي الايات اللي مذكور فيها كلمه الحزن هتلاقي قبلها (ولا). ولا تحزن، ولا هم يحزنون، كل الايات هتلاقي مذكور فيها كده لذلك

حاولي تمسكي زمام الأمور وتفوقي بسرعة، وتشوفي هتعملي إيه الخطوة الجاية. لازم تخططي وتدروي متستسلميش للتنسيق إنه يوديكي أي مكان، دوري من دلوقتي على الكليات واقرأي عنها عشان ميجيش اليوم اللي تندمي فيه وتقولي ضيعت فرصه.

_ شكرًا يا وعد على كل كلامك، هونتي عليا.

_ متقوليش كده يا يارا، إحنا مش اخوات برضو؟

_ أكيد طبعًا.

_ اخرجي من جو العزله دي وقومي خدي شاور وانزلي لـ تيتا عشان تاخدي هديتك، دي معموله مخصوص ليكي.

نهيت كلامي وانا بشاور على سلسلتي، اتكلمت يارا بفرحة وقالت...

_ أنا ليا واحده زي دي.

_ أكيد طبعًا.

_ هنكتب طب بشري أول رغبة.

_ لا طب أسنان.

ردت ماما بصرامه وقالت...

_ هنكتب طب بشري.

_ أنا عاوزة أسنان، حباها أكتر.

_ ايه أسنان دي، يعني تبقي جايه المجموع دا كله وتدخلي اسنان؟

_ أه .

_ لا مش موافقه، أنا بنتي لازم تدخل طب.

_ ماما أنا اللي هدرس المفروض أنا اللي اختار مش حضرتك.

_ انا اللي هختار، أنا مامتك وعارفه مصلحتك، أول رغبة هتبقى طب.

_ بس يا ماما...

_ اخرسي، كلامي اللي يتسمع ويتنفذ.

وبالفعل كلام ماما اللي اتسمع واتنفذ، ودخلت كلية الطب رغمًا عن انفي.

ودا كله ليه؟ عشان حرام أضيع المجموع دا كله، وشكل ماما قدام صاحبتها، ازاي بنتها متبقاش في طب بشري.

بدأت دراسه في الكلية، مكنتش حباها أبدًا بس بدأت اتأقلم مع حالي، فضلت أذكر نفسي إن دي كلها أقدار، ربنا مقدرها لينا وأكيد دا الخير ليا.

كنت بذاكر بكل جد والحمدلله كنت بحصد نتائج تعبي في نهاية كل عام.

_ جايلك عريس إنما إيه لوقطه.

_ عريس إيه يا ماما، أخلص دراستي الأول وبعدين أفكر في الجواز.

_ دراسه إيه بس! كده كده هتخلصي، دلوقتي نفكر في الجواز. 

والده شريك بابا وهو دكتور وعنده صيدلية ووالدته ست شيك، عيلة استقراطية.

_ بس أنا مش عاوزة جوازة زي دي ولا عيلة زي دي.

ردت ماما بصرامه وقالت...

_ انتِ مفكره إني جايه أخد رأيك، أنا جايه أعرفك بس.

والقرار ليا ولـ بابا وهنعمل اللي شايفينه صح من وجه نظرنا حتى لو عكس اللي انتِ عوزاه.

نهت كلامها وخرجت، بصيت على الباب اللي اتقفل بحزن وبصيت لـ كتبي وبدأت أعيط.

عزمت جوايا على الرفض مهما كان التمن؛ لإني عارفه  اختياراتها كويس، بتبص على الشكل الظاهري ومبتبصش للمضمون. مادام الشكل كويس وشيك قدام الناس يبقى دا المطلوب حتى لو المضمون صفر على الشمال.

فضلت افكر هعمل إيه عشان أوقف الجوازة دي؟

أكلم عمو حسين يقف جمبي؟ بس افتكرت الخلافات اللي حصلت بينا بعد وفاة تيتا وبقينا زي الأغراب، أكيد مش هيحب يتدخل ويحصل خلافات تانية خصوصًا إن ماما هتكبر الدنيا وهتصر على اللي في دماغها.

افتكرت تيتا وترحمت عليها، لو كانت عايشه كانت وقفت في ضهري وخلت بابا يسيبني على راحتي.

دماغي كانت هتنفجر من التفكير، مش عارفه هعمل إيه، بس اللي عارفاه كويس إني مش هستسلم وأواجه لغاية لما أوقف الجوازه دي مهما كان.

امتنعت عن الأكل كتهديد لماما لدرجة إني تعبت ودخلت المستشفي.

لما تعبت قولت في نفسي أكيد قلبها هيحن، بس دا محصلش؛ لأن وقتها ماما قالتلي أقسى جملة ممكن أم تقولها لـ بنتها وهي...

" انتِ مفكره بعمايلك دي إننا هنوقف الجوازة، إحنا هنجوزك حتى لو انتِ في النعش"

الكلمة فضلت تتردد في دماغي وأنا بحاول استوعب إن ماما ممكن تقول كده.

أه هي قاسية عليا بس مش لدرجادي، من كلامها حسيت انها بتكرهني ومبتحبنيش.

تجوزني لشخص من داخله تافه وسطحي وابن أمه، عشان شكلها قدام الناس.

ترمي بنتها لمجرد إن جالها عريس أهله أغنياء وعندهم فلوس، ترمي بنتها عشان تتفاخر قدام صاحبتها إن بنتها شاطرة ودكتورة وكمان اتزوجت بدري.

هو دا الإنجاز يا أمي؟

الإنجاز إنك تكسري بنتك مليون مرة عشان الناس وكلام الناس، عشان تظهري إنك أم مثالية وانتِ متعرفيش حاجة عن الأمومة؟

الإنجاز بنسبالك إنك ديما تضغطي على بنتك وعاوزاها تبقى أحسن واحده في كل اللي حواليها حتى لو قدراتها مش تألها لـ دا؟

الإنجاز بنسبالي إنك تجبري بنتك على كل حاجة هي مش عوزاها، لمجرد إن اختياراتك هتخلي شكلك مثالي قدام الناس اللي بتهمتمي لكلامهم وبس؟

لو دا انجازك يا أمي، أحب أقولك إنك وصلتي وبجداره، لكن وصلتي لتدمير وكسر بنتك.

خرجت من المستشفى ورجعت أهتم بنفسي وصحتي؛ لأنها الحاجة الوحيده اللي بقيالي.

خلصت امتحاناتي وزوجوني على طول.

حسيسوني إني كنت حمل تقيل عليهم ومصدقوا يخلصوا منه ويرموه لأول حد يخبط على بابهم.

كنت بحاول أهون على نفسي، كنت ديما أقول لعله الخير، يمكن ربنا قدر كل دا ويبقى هو عوضي وأماني.

يعوضني عن سنين الجفاء اللي عشتها بسنين مليانه حب وحنان.

 أحسنت الظن بالله؛ لإني عارفه إن ربنا كريم وبيجازي أضعاف مضاعفه عن كل الحزن والأسى اللي الإنسان شافه.

تزوجت ومر أسبوعين كانوا كويسين وهاديبن جدًا، يمكن كانوا أهدى أسبوعين مروا عليا في حياتي.

حياة هادية زي ما اتمنيت، أحمد بيتعامل معايا بأسلوب كويس وراقي، معاملته فيها حنان وكلامه مليان لطف.

كنت مفكره إن حياتي هتفضل هادية زي الأسبوعين دولي، لكن حصل اللي مكنتش متوقعاه أبدًا.

يتبع...

كنت مفكره إن حياتي هتفضل هاديه زي الأسبوعين اللي عدوا، لكن حصل اللي مكنتش متوقعاه أبدًا.

صحينا في يوم من النوم على صوت خبط جامد على الباب والجرس مبيفصلش، قومنا مخضوضين.

 فتح أحمد الباب، كانت والدته.

_ خير يا ماما حصل حاجة؟ أنتو كويسين؟!

طبطبت عليه وقالت...

_ أه يا حبيبي كويسين متقلقش، ناديلي مراتك عاوزاها.

لبست إسدالي وخرجت، كنت متوترة ومش مطمنه.

_ خير يا طنط؟

_ خير يا حبيبتي، أنا لاقيتك نايمة لغاية دلوقتي قلت أطلع اصحيكي.

اتكلمت بتعجب وقلت...

_ لغاية دلوقتي؟! الساعة لسه سابعة إلا ربع؟

_ يلا يا حبيبتي اتأخرنا يدوب تنزلي تجهزي الفطار لعمك عشان يروح الشغل وتبدأي في شغل البيت.

فضلت شوية ساكته استوعب اللي قالته.

_ مالك مبلمه كده ليه؟

_ الكلام دا ليا أنا؟!

ردت بضيق وقالت...

_ أمال لمين؟ للحيطه اللي وراكي!

_ هو مش حضرتك عندك ست بتساعدك في شغل البيت برضو؟

_ مشيتها منتي خلاص جيتي وهتعملي كل حاجة.

اتكلمت بدهشه وقلت...

_ نعم؟

_ نعم الله عليكي يا حبيبتي، متشوف مراتك يا أحمد، دي هتناطحني كلمة بكلمة.

مسكني من دراعي جامد وقال...

_ بلاش تبدائيها بطوله لسان وانزلي يلا مع ماما.

كنت واقفه مستغربه حاسه الدنيا بتلف بيا.

نزلت وجهزت الفطار، عملت قهوة لعمو قبل ميروح الشغل. جيت أطلع شقتي لاقيت حماتي وقفالي وبتسألني بأسلوب استجواب وقالت...

_ رايحه فين.

أخدت نفس بحاول أهدي نوبة الغضب اللي جوايا وقلت..

_ طالعة شقتي.

ردت عليا بأسلوب سوقي وقالت...

_ شقة مين دي اللي تطلعيها، انتِ مش هتطلعي غير لما أنا اللي أقولك تطلعي.

كشرت وقلت...

_ مش معنى إني نزلت تقدير لحضرتك زي والدتي إنك تتعاملي معايا زي الخدامة.

_ كويس إنك عارفه المعامله اللي هتتعاملي بيها، انتِ مش هتطلعي من هنا غير لما تخلصي كل شغل البيت.

حاولت أكتم غيظي واتجهت للباب، لكنها وقفت قدام الباب وقالت بصوت عالي..

_ انتِ مبتفهميش قولتلك مش هتطلعي.

 نهت كلامها وهي بتزقني جامد.

_ مالك يا أمي بتزعقي ليه؟

اتكلمت بصوت حزين وفيه كسرة وقالت..

_ تعالي شوف مراتك، بتناطحني كلمة بكلمة ومش عاوزة تساعدني في شغل البيت، وأنا ست كبيرة ومش قادرة أعمل حاجة.

_ مش عاوزة تساعدي ماما ليه يا وعد؟

نقلت نظاراتي اللي كلها تعجب بينه وبينها، اتكلمت وقلت..

_ الموضوع مش كده.

قطعت مامته كلامي وقالت...

_ شوف بتكدبني ازاي، شوف مراتك يا أحمد بنت الحسب والنسب، اللي كنا مفكرينها متربية.

اتعصبت لما ذمت في تربيتي وقلت..

_ لوسمحتي يا طنط أنا مسمحلكيش إنك تتكلمي عن تربيتي.

اتكلمت بكسرة وقالت..

_ شوف شوف بترد ازاي؟ دي عاوزة تتربي.

رد أحمد بشر وقال...

_ وأنا هربيها من أول وجديد يا أمي.

نهى كلامي وبدأ يضربني بعنف، فضلت أصرخ واستنجد بحد، بس مفيش حد ينجدني.

سابني لما تعب، عدل هدومه وقال...

_ أنا ماشي يا أمي ولو معملتش اللي هتطلبيه منها، هيكون حسابها عسير معايا.

في الوقت دا فهمت معني كسرة الكرامية وقهر النفس، مكنتش قادرة أقوم من مكاني من كم الألم اللي اتعرضتله سواء ألم نفسي أو جسدي.

اتعدلت بصعوبه وسط كلماتي حماتي السخيفه وتهديدها ليا.

كنت مفكره إني خلصت من حياة متوترة ودخلت حياة هادية، لكن اكتشفت إني دخلت حياة جحيميه.

اتشقلت حياتي رأس على عقب وبقيت خدامة لحماتي. كلمة بتمرمطني كانت بسيطة على اللي كانت بتعمله فيا.

كنت بحس إنها بتتلزز تزلني وتكسر نفسي، لما كنت اتمرد عليها وأحاول أوقفها عند حدها، تسخن أحمد عليا ويضربني بكل عنف.

لما كنت أشكي لماما على اللي بيحصل كانت تقولي اتحملي كل ست بتقابل صعوبات في أول حياتها.

كنت اقولها خلي بابا يكلمه ويوفقه عند حده، كانت تقولي بلاش تعملي مشكلة وبكرة تتعودي وحياتك هتتظبط.

وفي مرة كنت في زيارة عندها ووريتها آثار الضرب اللي في جسمي، وقولتلها أنا عاوزة أطلق.

يومها صوتت في وشي وقالتلي، دا لو هيموتك مفيش طلاق، انتِ عاوزة الناس تقول علينا إيه؟ دا غير شماته سهام وعماتك. 

حياتي كانت مُرة وصعبة بكل ما تحمله الكلمة. خسيت النص، بقا شكلي باهت، عيوني حواليها هالات سوداء بشكل يخوف، أهملت دراستي وبعد مكنت برتب على دفعتي بقيت يدوب أعدي صافي لغاية مخلصت كلية.

كنت بدور في الورق على شهادة التخرج، وأنا بدور وقع في إيدي ورقة لأحمد.

قرأت محتواها، حسيت إن في جردل ماية ساقع نزل عليا في عز البرد.

 يعني إيه خريج دبلوم صنايع مش دكتور صيدلي زي مفهمونا.

_ إيه دا يا أحمد؟

كنت بتكلم بمنتهى الغضب، قام من مكانه مخضوض أول مشاف الورقة اللي في إيدي، أخدها بعصبيه وقال...

_ انتِ ازاي تفتشي في ورقي؟

_ أنت خريج دبلوم مش دكتور صيدلي زي مفهمتنا؟ 

_ وانتِ مالك خريج إيه؟ دي حاجة تخصني أنا وبس.

اتكلمت بنفعال وقلت...

_ متخصكش لوحدك، أنت إزاي تكذب عليا في حاجة زي دي؟ كان لازم تصارحني في الأول وتسيبلي حرية الإختيار.

ضحك بصوت عالي وقال...

_ اختيار إيه؟ على أساس إن أهلك مش أجبروكي على جوازك مني؟ حتى لو كنت قولت كان أبوكي أجبرك عارفه ليه؟

بصيتله بتوهان كمل كلامه وقال...

_ عشان والدك كان مديون للركب وكان هيخسر كل حاجة ولولا إن بابا شاركه مكنش هيبقى لسه موجوده.

وطبعًا لما طلبنا إيدك والدك مكنش يقدر يرفض؛ لأنه عارف إنه هيخسر كل حاجة.

بصريح العبارة كده يا حبيبتي أبوكي باعك لينا.

نهى كلامه وسابني. قعدت على الكنبة بوهن، والدنيا بدأت تلف بيا. معقول بابا وماما يعملوا فيا كده، يبيعوني ليهم، عشان كده لما اشتكي لماما بتتجاهل شكواتي.

مطلعتش خايفه عليا بعد الطلاق زي مقالتلي، طلعت خايفه على مركزها ومنزلتها والطبقة اللي عايشه فيها، خايفه تخسر كل دا، بس عادي تخسر بنتها!

_ رايحة فين يا حلوة؟

أخدت نفس وحاولت أرد بهدوء وقلت...

_ رايحة شغلي.

_ شغل إيه دا يا أم شغل؟

_ حضرتك ناسية إني دكتورة؟

ردت بستخفاف وقالت...

_ دكتورة، دكتورة، دكتورة، عرفنا يا ختي زي ميكون مفيش دكتورة غيرك.

جيت امشي مسكت إيدي وقالت...

_ مفيش خروج.

_ أنا ورايا شغل ومسؤولية.

_ يا عيني على المسوؤلية، كنتي شوفتي مسؤوليتك في بيتك وخلفتي عيل بدل منتي عامله زي الأرض البور كده.

نهت كلامها، سحبت إيدي بقوه ومشيت.

مشيت وأنا سمعاها بتزعق وتتحلفلي، خرجت من بوابة العمارة، أخدت نفس عميق واتجهت لشغلي.

كلمتها الأخيرة فضبت تتردد في ودني " أرض بور " منكرش إنها وجعتني وكسرتني رغم كده كنت بحمد ربنا إني حتى الآن مخلفتش.

مر تلت سنوات على زواجي، مدة كافيه تخليني أشك أو أكشف، لكني معملتش كده...

خايفه أجيب طفل يعاني طول حياته، خايفه أجيب طفل في بيئة زي دي تخليه غير سوي نفسيًا.

جوايا حاجة بترفض إن أحمد يكون أب ولادي، جوايا حاجة بتتمنى لو فضلت زوجته  أفضل كده بدون أطفال.

خلصت شغلي ورجعت البيت، دخلت عند حماتي لاقيت حمايا قاعد باين عليه الإرهاق وأحمد متعصب، هنا عرفت إن حماتي عملت الواجب وسخنته عليا.

_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قلت جملتي ودخلت، اتكلم أحمد وقال...

_ كنتي فين يا هانم؟

رديت بهدوء وقلت...

_ كنت في المستشفى.

_ لغاية دلوقتي؟

_ أنت عارف إن كل ثلاثاء بيبقى عندي نبطشيه! 

رد بعصبية وقال...

_ بدام انتِ متنيله عارفه إن عندك نبطشيه مبتعمليش الغداء قبل مَـ تمشي ليه؟

أخدت نفس وبحاول اكتم عيظي من حركات حماتي، اتكلمت بهدوء وقلت...

_ مين قالك كده؟ أنا عامله الغداء قبل ما أمشي وعارفه إني هرجع على وصولكم وهسخن الأكل.

_ مدام انتِ عملتي الغداء، حماتك بتعمل ايه جوا؟!

قال حمايا جملته، رديت بهدوء واحترام وقلت..

_ معرفش يا عمو، السؤال دا حضرتك تسأله ليها.

خرجت حماتي من المطبخ بتدَعي التعب وقالت...

_ قصدك إني بكذب يا بنت رانيا، هما شايفين بعينهم.

شوف يا أحمد مراتك بتكذبني ازاي؟ يا بني دا أنا قولتلها معلشي يا بنتي قبل متمشي اعمليلي أي حاجة وساعديني بيها، دا أنا ركبي مش شيلاني، مردتش عليا ورزعت الباب وراها ولا أكني واقفه بكلمها.

مسكني من شعري واتكلم بنبرة حاده وعيون كلها غضب وقال..

_ الكلام دا حصل؟

_ أبدًا والله يا أحمد. 

ردت حماتي وهي بتدعي الإنهزام وقالت...

_ شوف بتكدبني ازاي؟

نزلت كلمات حماتي على أحمد بمثابة النار اللي أشعلت فتيل القنبلة، وبدأ يضربني بقوة وعنف أول مرة اشوفه.

حمايا كان بيحاول يبعده عني لكنه مقدرش؛ كان بيضربني بغل مش طبيعي.

كنت بصرخ من قلبي، بس محدش قدر ينجدني من تحت إيده، يمكن مامته بعدته عني لما حسنت إني خلاص هموت تحت إيده.

_ سيبها، سيبها، متزفرش إيدك بدمها، دي تعيش كده مزلوله زي الكلاب.

بعد عني، وأنا كنت زي الجثة، مكنتش قادرة اتحرك كنت حاسه إن عضمي كله اتكسر.

كل الدموع اللي نزلت مني مكنتش دموع من الألم اللي في جسمي، كانت دموع قهر وخذلان ووجع.

وجع من الذل اللي بتعرضله. خذلان من أهلي اللي رموني ومهما طلبت منهم مساعده أو إنهم يوقفوا أحمد ومامته عن حدهم بيخذلوني. بابهم اللي بيقفلوا في وشي كل مبطلب منهم مساعده، حضنهم اللي ديما قافلينه وعمرهم مفتحوا ليا.

الليلة دي كانت من أصعب الليالي اللي مرت عليا.

كنت بدعي ربنا وبشكيله؛ لأنه الوحيد اللي ديمًا فاتح بابه ليا.

كنت بحكيله عن حالي رغم إني عارفه إنه مطلع وشايف وحاسس باللي جوا قلبي. كنت بحكي وبعيط وادعي إنه يحررني من البيت دا عاجلًا غير أجلًا.

كنت بقول يا رب أنا عارفه إنه إبتلاء وأنا راضيه وصابره، أنت خلقتني بشر وعالم إني تعبت ومعتش قادرة. يا رب عجل بالجزاء والفرج وأكرم قلبي بفرحه قريب يا رب.

فضلت ادعي وأقول( اللهم إني لا أعلم كيف ولكنني أعلم أنك على كل شيئًا قدير) 

فضلت ادعي الدعاء دا بنيه إن ربنا يحررني من الزواج والبيت اللي أنا فيه دا لغاية لما روحت في النوم.

مر أسبوع، حسيت بحاجة جوايا بتقولي أروح عند أهلي، رغم إني معتش بحب أروح هناك.

_ أحمد بعد اذنك هروح عند بابا وماما بعد الشغل.

رد بسخرية وقال...

_ هه هو فين بابا وماما دولي اللي عمرهم مدخلوا عليكي؟

_ هو مش والدتك طردهم من هنا أخر مرة وقالتلهم ميجوش تاني ولما يحبوا يشوفوني اروحلهم؟

_ قصدك مصدقوا ماما تقولهم كده!

_ أحمد بعد اذنك متتكلمش بالأسلوب دا عن أهلي.

ضحك بسخرية وقال...

_ بس متقوليش أهلك.

مسك طبق الترمس وبص للتلفزيون بعدين قال...

_ متتأخريش وتكوني في البيت قبل المغرب ومتنسيش تخبي العلامات اللي في وشك دي، ليقولوا إني بعذبك ولا حاجة.

نهى كلامه وفضل يضحك.

صحيت بدري كالمعتاد، نزلت عن حماتي، خلصت شغل البيت وطبخت. طلعت تاني، غيرت هدومي وروحت لشغلي.

وصلت المستشفى وبدأت أمارس شغلي بس في نص اليوم كلمتني دكتورة زميلة وقالتلي إن انهاردة نبطشيتها وحصلها ظروف ومش هتقدر تييجي واشيل مكانها.

كلمت أحمد أكتر من مرة عشان أعرفه إني هتاخر في المستشفي وبعدين أروح عند أهلي بس مكنش بيرد، بعتله ماسج على الواتساب اشرحله اللي حصل.

الماسج وصلتله ودا طمني إنه هيشوفها بسرعة ويتفهم أنا هتأخر ليه.

خلصت شغلي بعد العصر واتجهت لبيت أهلي، وصلت المغرب.

دخلت العمارة وأنا مش عارفه هل ماما هتقابلني زي كل مرة بلامبالاه ولا هتختلف المرادي.

فتحت كاميرا موبيلي بتأكد إن خماري مداري آثار الجروح اللي في وشي، مفيش غير الكدمة اللي تحت عيني، الحاجة الوحيدة اللي مقدرتش اخبيها.

طلعت على السلم وأنا بفتكر ذكريات كتيرة ليا، مريت من قدام بيت جدتي وأنا بفتكر تجمعنا كل جمعة والضحكات اللي كانت بتملى البيت.

عمري مكنت اتخيل إننا هنتفرق والشقة دي تتقفل والضحكات تختفي.

طلعت الدور اللي بعده واللي كان شقه عمي سمعت صوت ضحكات، فعرفت إن الضحكات اتمحت من حياتي أنا بس.

_ إي دا وعد وحشتيني اوي؟

قالتها يارا لما فتحت باب شقتهم صدفه وأنا معديه طالعه لشقتنا.

اخدتني جامد في حضنها، بادلتها الحضن وقلت...

_ عامله إيه يا يارا وحشتني كتير.

ردت عليا بحنان وقالت...

_ متتخيليش مشتقالك قد إيه؟

جت طنط سهام علينا وهي بتقول..

_ منزلتيش ليه يا يارا؟ 

شافتني وقالت بصدمه 

_ وعد! اذيك يا بنتي؟

اخدتي في حضنها ، وهنا الكل انتبه لوجودي.

دخلت، لاقيت العيلة كلها متجمعه عند عمي، فرحوا لما شافوني واتخضوا من شكلي في نفس الوقت.

قربت عمتو مني بخضه وقالت...

_ إيه اللي حصلك يا وعد؟ مالك يا بنتي خسيتي كده ليه؟ ووشك دبلان! وايه الكدمات اللي في وشك دي؟!

حاولت أقلل جو الإستجواب اللي كساه توتر وقلت...

_ طب قولي اذيك، دا أنا باقيلي زمن مشوفتكيش.

قربت مني ورجعت خمار اللي كنت مقرباه من وشي بطريقة مبالغ فيها وقالت..

_ مين عمل فيكي كده يا وعد

بلعت ريقي بتوتر وقلت...

_ حادثه بسيطة.

اتكلم عمو حسين وقال

_ حادثة إيه بس دي ضربه، صوابع حد معلمه على وشك. أحمد اللي عمل فيكي كده؟

مقدرتش ارد وفاجئة لاقتني بعيط.

قربت عمتو بحنان وقالت...

_ مالك يا وعد!؟

في اللحظة دي مقدرتش أتمالك نفسي وانهرت من العياط، خرجت عياط أربع سنوات، زي ميكون كنت منتظرة حد يقولي مالك وهنفجر وأطلع كل اللي جوايا.

حاولوا يهدوني كتير عشان أخد نفسي بس مكنتش قادرة أبطل عياط، كل دا وهما مش فاهمين ولا عارفين في إيه.

_ خدي اشربي ماية.

أخدت كوباية الماية من نورهان وبدأت اشرب وبحاول أهدى واظبط أنفاسي.

_ مين يا بنتي اللي ضربك وعمل فيكي كده؟

قالها عمو بهدوء، حسيتني محتاجة احكي واتكلم وبدأت احكي عن كل الذل والإهانة والكسره اللي أنا عايشه فيها، وقد إيه بتعرض لضرب وعنف.

_ فين عمي من كل دا؟

قالها أسامة بعصبية.

_ خايف على الشراكه اللي بينه وبين والد أحمد؛ لانه لو اتكلم هيفضوا الشراكة وبابا هيخسر كتير وهيبقى عليه ديون.

_ ازاي يعني يا بنتي أكيد لأ؟

رديت على عمو وقلت...

_ كنت بقول زيك لما عرفت الكلام دا من أحمد، بس لما طلبت من بابا يطلقني منه رفض، وقالي طلاقي هيخسره كل اللي بناه وتعب فيه وماما قالتلي اتحمل كل ست بيحصل في حياتها مشاكل ولازم تتحمل.

اتكلمت عمتو بندفاع وقالت...

_ تتحملي دي لما يبقى مشاكل بسيط سوء تفاهم، مش ذل وإهانه وضرب وقلة قيمة.

_ لو ابوكي خذلك يا بنتي فأنا هقف لجوزك وهطلقك منه.

دخل الأمل جوا قلبي لكن سرعان ما افتكرت إن مش هيهمه عمي وهييجي ياخدني غصب عني وهيضربني يذلني ويكسرني أكتر وأكتر.

_ لا لا يا عمو مش عاوزة أعملكم مشاكل، هو أصلًا مش هيسيبني.

_ ليه مفكره مش وراكي رجاله.

قال أسامة جملته وبصلي بنظره خوفتني.

فاجئة سمعت صوت أحمد بيزعق بصوت عالي ويشتم ويذم في أخلاقي.

جريت وطلعت فوق لاقيته واقف قدام باب الشقة بيزعق قدام بابا وماما.

_ اهدي بس يا بني وادخل نتكلم جوا، مش عاوزين مشاكل.

قال بابا جملته بهدوء رد أحمد بصوت عالي وقال...

_ أهدى إيه؟ بنتك بتغفلني وبتقولي هروح عند أهلي وهي ماشيه على حل شعرها.

طلعت لفوق، أول مشوفته اتكلمك بخوف وقلت..

_ والله محصل يا أحمد أنا كنت تحت عند عمي.

أول مَـ شافني قرب مني زي الأسد اللي بينقض على فريسته، مسكني جامد من شعري وفضل يزعق ويخبط دماغي في الحيطة مع كل كلمة يقولها.

حاول بابا وعمي يبعدوه عنه، لكن كل مادا يتعصب ويخبطني أكتر.

_ كنتي فين يا زباله كل ده؟ أنا قايلك تبقي في البيت قبل المغرب.

رديت وأنا بصوت وأعيط وبقول...

_ شيلوني شغل زيادة واتصلت بيك اقولك ومردتش.

_ بدام أنا مردتش بتيجي هنا ليه وتتأخري؟

قال كلماته وهو بيخطني بعنف، حسيت إن الدنيا بتلف بيا، رديت بضعف وقلت..

_ بعتلك على الواتساب.

هنا تدخل أسامة وقال...

_ أبعد عنها وروح شوف دنيتك بعيد عن هنا.

رد أحمد وقال...

_ أبعد أنت يا شاطر دي مراتي أعمل فيها اللي عاوزه، أضربها أموتها أنا حر وابوها دا ميقدرش يتكلم.

بصيت لبابا لاقيته ساكت، حسيت بسكاكين بتطعن قلبي، قلبي اتفتت من كم الخذلان اللي حس بيه، حتى وهو بيهيني قدامه مصعبتش عليه ولا قلبه رق ليا.

اتكلم عمي بجديه وقال...

_ لو أبوها ميقدرش يتكلم احنا نقدر.

بعدني عنه، لكن أحمد شدني أكتر اتجاهه.

_ سيب وعد وروح شوف حالك بعيد عنها.

_ وربي مـ هسيبها، ولو سيبتها هكون سايبها جثة.

قرب عمو مني لكن أحمد زقني بعيد وبقوة، وقعت ودماغي اتخبطت جامد في السلم.

حسيت بحاجة سخنه بتنزل من راسي وبدأت أنفاسي تقل وعيوني قفلت.

قفلت عيوني وأنا بتمنى مفتحهوش تاني.


الفصل الثالث 


_ وعد انتِ كويسة يا حبيبتي؟

قالها بابا بخوف أول مفتحت عيوني، غمضت عيوني بتعب، اتكلمت ماما برجاء وقال...

_ عشان خاطري يا وعد افتحي عيونك، طمنيني عليكي هموت من الخوف.

سمعت كلمتها وفضلت مغمضه عيوني؛ لاني مش مصدقه إنها ممكن تكون خايفه عليا.

فتحت عيوني بعد فترة، كان في ناس كتيرة حواليا وكلهم بيحاولوا يكلموني، مكنتش برد على حد، كنت ببكي في صمت.

 زعلانه إني لسه عايشة، بفكر أحمد هيعمل فيا إيه لما أخرج من هنا أكيد هياخدني غصب عني.

الباب خبط ودخل عمو حسين وأسامة، قرب عمو مني، فتكلمت طنط سهام وقالت...

_ من وقت مفتحت عينها وهي بتعيط ومش راضية ترد علينا.

قرب عمو وقال...

_ بطلي عياط عشان أقولك على خبر هيفرحك.

بصيتله بإهتمام فقال...

_ أمسحي دموعك دي بس.

مسحت دموعي وقلت..

_ إيه الخبر اللي يفرح؟

_ أنا وأسامة كنا في القسم وقدمنا محضر في جوزك باللي حصل وأخدنا تفريغ الكاميرا اللي قدام الشقة، واثبتنا اللي عمله، الحمدلله اتقبض عليه.

اتكلمت بفرحة وقلت...

_ صحيح يا عمو.

_ أه والله، هتاخدي حقك وحريتك هترجعلك.

_ أنا مش مصدقه.

قلت كلماتي وأنا بعيط، اتكلمت طنط سهام وقالت..

_ بتعيطي ليه بس دا خبر يخلي الواحد يزغرط.

_ بعيط من الفرحة مكنتش مصدقه إن اليوم دا ممكن ييجي.

بصيت لماما وبابا لاقيتهم بيبصولي بكسوف وخجلانين إنهم خذلوني ومجبوليش حقي والغريب هو اللي حررني وجابلي حقي.

رجعت بيت أهلي ورجعت لأوضتي اللي يأست في يوم من الأيام إني ممكن ارجعلها تاني.

أول مدخلت بصيت لكل ركن فيها بإشتياق، قعدت على مكتبي. سرحت وافتكرت لما مكنتش بفارق المكتب دا عشان أنجح وأوصل لهدفي وابقى معيدة في الكلية.

نزلت دمعة من عيني على الحلم اللي حلمته وضاع.

ضاع واندثر زي أحلام كتيرة ضاعت واندثرت بسبب أحمد ومامته، قومت من على الكرسي وأنا بحسبن عليهم بقلبي.

بدلت هدومي واتجهت لسرير، اكتشفت ان جسمي مليان كدمات ومش قادرة انام، جرح راسي مخليني مش لاقيه وضع مريح.

لوهله كنت هعيط، بس فضلت أهون علي نفسي إنه خلاص أخر وجع هحس بيه والفرج جاي، وبكرة ربنا هيغرقني في العوض.

صحيت تاني يوم على صوت حماتي ووالدتي، كنت خايفه أفتح باب أوضتي والاقي أحمد طلع وجاي ياخدني. فضلت اترعش واعيط من الخوف.

باب اوضتي اتفتح، فصرخت بخوف.

قربت ماما مني بحنان أول مرة اشوفه، ضميتني تهديني وتطميني. قالتلي حماتي برة ومصره تشوفني ومش راضية تمشي رغم إن ماما طردتها.

سألتها بخوف وقلت...

_ هي هي جاية تاخدني؟! انتِ هتسبيها تاخدني؟!

قلت جملتي والدموع بتنزل شلالات على خدي ودماغي بتعيد سيناريو حياتي قدام عيني.

ردت ماما وهي بتمسح دموعي بحنان وقالت...

_ محدش يقدر ياخدك من هنا، الرابط اللي بينك وبينهم اتقطع وعمره مهيرجع.

غيرت هدومي وخرجت، قابلتني بمقابلة أول مرة اشوفها، كانت بتترجاني إني اتنازل عن القضية واخرج ابنها من السجن.

اترجتني لدرجة انها باست ايدي، وقتها افتكرت في مرة ابنها كان بيضربني واترجتها تبعده عني، وفضلت تسخن فيه أكتر.

حسيت بإحساس نصر واتكلمت بكل كره وقلت...

_ تبقى غلطة عمري لو عملت كده، عارفه لو ابنك بيموت والدوا في إيدي هسيبه يموت قدامي.

اتبدل حالها وقالت...

_ دا انتِ طلعتي جاحده، طب اعملي حساب للعشرة والراجل اللي كنت عايشه في بيته وتحت جناحه.

_ لو كنت جاحده زي مبتقولي فانتِ وابنك اللي علمتوني الجحود.

علت صوتها وقالت...

_ كنا بنعمل فيكي ايه عشان تقولي كده؟!

رديت بغضب وقلت..

_ يا قسوة قلبك، بعد كل اللي عملتوا فيا ومش عارفه عملتوا إيه؟ دا ابنك كان هيقتلني قصاد أهلي.

قطعت كلامي وقالت...

_ عشان انتِ قليلة الرباية وعاوزة اللي يأدبك.

_ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم.

_ بتحسبني عليا في وشي يا بنت رانيا؟

رديت بغل وكره وقلت...

_ هفضل احسبن عليكي طول عمري. عارفه لو بينكم وبين الجنة مسامحتي ليكم فأنا مش مسمحاكم، وبكرة تشوفي كل اللي عملتيه فيا في بنتك اللي بتخافي عليها من الهوا الطاير.

صرخت في وشي أول مجت سيرة بنتها وقالت...

_ وديني يا وعد لأوقف حالك ومهخلي راجل على الدنيا دي يرضي يبصلك وبكرة تيجي زاحفه على بطنك عاوزة ضفر ابني.

نهت كلامها وخرجت من البيت. 

قعدت على الكرسي بوهن وكلامها بتردد في ودني، فضلت أعيط بصمت. ماما كانت بتكلمي وتهون عليا وتقول متقدرش تعمل حاجة.

بس انا كنت في دنيا تانية وخايفة، رفعت عيني للسماء ونطق قلبي برجاء يطلب من ربه يجبره ويبعد عنه شر العيلة دي.

جروحي بدأت تلم واستعدت جزء من صحتي ونزلت شغلي تاني، بدأت ارجع لحياتي تدريجي.

اهتميت بصحتي الجسدية اللي كنت اهملتها، بدأت اعمل انشطة تساعدني إني ارجع لحياتي الطبيعية.

حاولت كتير أبقى إنسان طبيعي، للأسف مقدرتش ودا خلاني أتأكد إني محتاجة طبيب نفسي يساعدني إني اعالج واداوي كل الجروح والألم النفسي اللي بينهش فيا وفي قلبي. يساعدني اتخلص من الكوابيس والهواجس اللي بتجيلي، يساعدني أصدق إن خلاص مفيش أحمد تاني وبقيت حرة.

الكل كان بيتعامل معايا بود وحب وبيحاولوا بكل الطرق يخرجوني من صمتي وسكوني الطويل. للأسف أغلب محاولاتهم كانت بتبوء بالفشل، يمكن شوية بعد مروحت لطبيبة نفسية قدرت أكون متواجده.

العيلة اتلم شملها تاني بعد وقوف عمي جمبي في ازمتي، رجعنا نفتح شقة تيتا ونقضي فيها يوم الجمعة.

بقت ماما تصر إني احضر بعد مكانت بتكره التجمعات دي.

في اوقات كتيرة كنت برفض أنزل، رغم كده مكنوش بيسيبوني لوحدي. بنات عمي وعمتي كانوا يطلعوا ياخدوني غصب عني.

_ مستعده؟!

قالتها د نورا بحماس، رديت عليها وقلت..

_ إن شاء الله.

_ لو مش قادرة دلوقتي ممكن نأجل كلامنا في الجزء دا بعدين.

_ متقلقيش قادرة، أنا عاوزة اتخلص من كل الوجع والألم اللي جوايا.

نهيت جملتي وبدأت احكي عن كل شيء وجعني وألمني، حكيت عن كل كسرة وخذلان مريت بيهم.

بدأت احكي عن حياتي من طفولتي ومعامله أهلي، لامبالاة بابا.

 عصبية وشدة ماما معايا، ضغطها المستمر إني ابقي أحسن حد سواء عاوزة دا أو لأ. حكيت عن إجباري في كل شيء في حياتي، سواء لبسي شكلي، تعليمي زواجي كل حاجة.

حكيت عن زواجي من أحمد وكل الذل والأذى الجسدي والنفسي اللي شوفته منه ومن أهله.

حكيت عن خذلان أهلي ليا في كل وقت استنجدت فيه بيهم. 

صارحتها بالكره اللي بقا جوايا وبغضي للحياة وانعدام ثقتي بالبشر.

صارحتها بالنظره التشاؤميه اللي بدأت تنتصر عليا.

خلصت الجلسة واللي يعتبر كانت من أصعب الجلسات، مبطلتش عياط من أول مبدأت لغاية مخرجت، كنت في حالة صعبة جدًا لدرجة إني مقدرتش أرجع لوحدي واتصلت على والدي ييجي ياخدني.

موبيلي رن باسم بابا فعرفت إنه وصل، نزلت ومكنتش لاقياه. كنت لسه هتصل بس لاقيت عربية بتزمرلي، كانت عربية أسامة. نزل بابا وجه تجاهي يطمن عليا،

طمنته إني بخير ومشيت معاه، ركبت معاهم واتحركنا.

كنت بحاول امنع دموعي بس للأسف كانت بتخوني وبتنزل غضب عني. جوايا كنت متضايقه إن أسامة شايفني بالحالة دي، وزعلانه إنه عرف إني بتابع مع طبيبة نفسية.

خرجت مني شهقة قوية، مقدرتش اتحمل أكتر من كده، ودخلت في نوبة البكاء والصراخ اللي كنت بأجلها، مكنتش قادرة اتنفس من شدة البكاء.

وقفوا العربية على جمب وفتحوا الشباك ويحاولوا يهدوني، للأسف معرفوش ؛ لأن كل التراكمات اللي كانت في قلبي قررت تخرج.

بعد فترة بدأت انفاسي تنتظم وشهقاتي تقل، شربت ماية وبدأت أحس إني أحسن.

_ بقيت كويسة؟! حاسة انك أحسن؟

قال أسامة جملته هزيت راسي بهدوء وقلت...

_ أه الحمدلله.

اتكلم بابا وقال...

_ نتحرك؟

هزيت دماغي بأه وقلت...

_ ماشي.

اتكلم بابا وقال...

_ يلا يا أسامة.

رجعوا لـ أماكنهم واتحرك أسامة، غمضت عيوني وأنا حاسه نفسي في دنيا غير الدنيا، مش عاوزة ارجع البيت، كان نفسي اقوله ممكن تلف بينا شوية.

فتحت عيوني لاقيت أسامة بيصلي كل شوية من المراية، غمضت عيوني هربًا من الحصار اللي حسيت بيه، مفتحتهاش غير لما رجعنا البيت.

أول ماوصلنا نزلت أول واحده. طلعت بسرعة قبل ما اي حد يسألني عن شيء، دخلت اوضتي وقفلت عليا الباب بالمفتاح.

بمجرد مقفلت بالمفتاح، الباب فضل يخبط، استسلمت وفتحته.

_ وعد افتحي يا بنتي متقلقنيش عليكي.

فتحت الباب وبصيت لماما بلامبالاه وقلت...

_ غريبة قلقانه عليا؟ من أمتى وانتِ بتقلقي عليا! 

_ انتِ كويسة؟

قالها بابا رديت وقلت...

_ من أمتى وأنا أمري يهمك، طول عمرك همك شغلك وثروتك.

_ وعد اتكلمي بأسلوب كويس، متنسيش انتِ بتكلمي بابا وماما.

ضحكت بإنهزام وقلت...

_ غريبة، بس حضرتك نسيت إن عندك بنت، يمكن افتكرتها لما اترمت جثة تحت رجلك.

_ وعد.

_ ايه يا ماما مش دي الحقيقة، انتو عمركم محسيستوني إني بنتكم ولا بتحبوها.

خرجت شهقه غصب عني وبعدين كملت كلامي وقلت...

_ ماما انتِ ولا مرة حسيستيني بحب الأم ولا حنانها، كل حاجة شخط وزعيق واوامر، عمرك سألتيني أنا عاوزة إيه أو نفسي في إيه.

كل حاجة في حياتي انتِ اللي بتعمليها وبترسميها، أنا بنسبالك عروسة لعبه بتحركيها زي مبتحبي، عمرك سأليني انتِ عاوزة دا.

ديما ضاغطه عليا عشان أوصل للمكان دا، سواء أنا عاوزة ولا مش عاوزة، قادرة أوصل ولا صعب عليا وعلى قدراتي. 

بتضغطي وبس عشان بنتك تكون وصلت للي انتِ عاوزاه، عشان تقعدي مع صحباتك وتقولي بنتي عملت كذا وكذا... عشان شكلك مش أكتر.

انتِ دمرتيني ودمرتي حياتي. زوجتيني من شخص مش عاوزاه وكرهاه غصب عني، سلمتيني لواحد يكسرني ويضربني يعمل كل ما بداله، قفلتي بابك وحضنك في كل مرة بلجألك فيها، تقوتيلي كل ست بتتحمل، رغم أنك لو مكاني يا أمي، كنتي قلبتي الدنيا ومرضيتيش بيه لنفسك، بس رضيتي بيه لبنتك عشان شكلك عشان متبقيش ام المطلقة اللي فشلت في حياتها.

مسحت دموعي اللي نزلت وبصيت ل بابا وقلت...

_ مش عارفه ألومك على حاجة؛ لأنك بنسبالي عمرك مكنت موجود، عمرك مكنت أمان ولا سند ولا ضهر ليا، أنت مجرد اسم وبس.

في كل مرة كنت ترفض تسمعني فيها كنت اقول لنفسي ايه الجديد. بس كسرتني أوي يوم ...

حاولت اسيطر على شهقاتي وكملت وقلت...

_ كسرتني يوم مـ ذم فيا وفي شرفي وضربني قدامك، وانت متهزش ليك شعره ولا رمشلك جفن، ولا اكنك تعرفني.

نهيت كلامي ودخلت اوضتي، على عكس اللي توقعته معيطتش ولا حصلي انهيار تاني؛ يمكن لأني خرجت كل اللي كان في قلبي. وكل التراكمات والأذي اللي جوايا قل.

من هنا بدأت فصل جديد في حياتي، فصل اتمنيت أبدأه من زمان.

بدأت أعيش حياتي زي ما أنا حابه، مفيش حد بيفرض عليا رأيه أو يقيدني بشيء مش حباه، بقيت أعمل اللي عاوزاه ويريحني.

بدأ ماما وبابا يصلحوا علاقتهم بيا، في البداية كنت بصدهم، لكن بعد فترة سمعت ليهم إنه يخترقوا حياتي؛  لأني كنت محتاجه لدا، رغم كده مقدرتش انسى اللي حصل.

بدأت في الماجستير، هنا اكتشفت إن المذاكرة وحشتني واكتشفت قد إيه كنت بحب المذاكرة.

بدأت فيه لما الدكتورة قالتلي لازم أعمل أنشطة جديدة في حياتي، زي إني أجيب كتب تلوين وألون، أتعلم حرف يدوية. 

قررت اسيت كل دا واعمل الماجستير، لما حكيتها شجعتني وقالتلي خطوة حلوة وجت في وقت المناسب.

مر سنة على طلاقي، بدأت أرجع لحياتي تدريجي واتعافى شوية بشوية. أخيرًا رجعت أضحك وأحس بطعم السعادة. وبدأت النظرة التشاؤمية اللي كانت عندي تختفي ورجع الأمل تاني. 

رغم التغير النفسي اللي حصل في حياتي إلا إني لازلت مستمرة في قول " حسبي الله ونعم الوكيل " ومنتظرة ربنا ياخدلي حقي منهم في الدنيا والآخرة.

خاصًا بعد لما طلعوا عليا اشاعات كلها افتراء، قالوا إن أحمد كان بيضربي وهيموتني عشان كنت بخونه ودا السبب اللي خلاه يتسجن.

حماتي بخت كلامها لكل الناس، الأهل، الصحاب، الزملاء والمعارف. ومش بس كده كانت بتبعت ناس تتكلم عليا بسوء في شغلي وكل مكان بتردد عليه.

_ بعد اذنكم احترموا قراري.

قلت جملتي ردت ماما بإنفعال وقالت...

_ نحترم قرارك دا لو الشخص فيه عيب أو انتِ مش متقبلاه أو مش مرتاحه، أما سيادتك مش عاوزة تشوفيه ولا تقعدي معاه، إيه ناوية تترهبني؟!

_ أه يا ماما مش هتزوج خالص، كانت غلطة مش هتتكرر تاني.

_ طب شوفيه واقعدي معاه، ولو مش شايفه كويس مكنتش هقولك عليه أصلًا.

نهي كلامه، رديت بعصبية وخوف من تكرار التجربة وقلت...

_ واللي قبله مش كنتوا شايفينه كويس ووافقوا عليه. قصدي أجبرتوني واللي حصل بعد كده كان هيتقلني.

أنا مش مستعده اتزوج تاني وييجي واحد يضرب ويشتم ويطلع عقد النقص عليا، ولو طلبت نجده ملاقيش ضهر ولا سند.

اتكلم بابا بحزن باين في عيونه وقال...

_ انا عارف إني خذلتك كتير وسببتلك ألم نفسي عميق من سلبيتي معاكي. بس فوقت لما شوفتك هتروحي مني في ثانية. مكنتش متخيل إنه وحشي لدرجادي، كنت مفكرك بتبالغي.

صدقيني يا وعد الشخص دا مختلف كتير، أنا وافقت عليه؛ لأنه راجل وشايل مسؤولية من صغره، وافقت علشان شخصيته مش علشان اللي عند ابوه، إحنا غلطتنا مرة ومش هنكررها تاني.

كل اللي طالبه منك تشوفيه وتقعدي معاه والقرار بعد كده ليكي.

وافقت على مضدد وقولتلهم هصلي استخارة الأول ولو حاسه الدنيا متيسره ييجي.

مر يومين كنت بصلي فيهم استخارة بعد كل صلاة. داعيت في كل سجده سجدتها خلال اليومين دولي إن ربنا يختارلي الصالح ومش يخيرني.

عرفت بابا إني موافقه نعمل مقابله، وفي نفس اليوم العريس رد وقاله إنه هييجي بالليل.

كنت مستغربه ليه مستعجل كده، واستغربت أكتر على اصراره، لما عرفت إني دي مش المرة الاولي اللي يتقدم فيها.

_ يلا يا وعد قاعد برة في انتظارك.

قال بابا جملته، خرجت وراه وأنا كلي خجل، كنت مستغربه إنه ليه حاسه بكل الخجل دا.

دخلت الصالون وقعدت، ملقتش حد، بس استغربت من وجود أسامة وشياكته، قلت في بالي ممكن بابا يكون طلب منه يحضر بحيث يشوفه من نظرته كـ شاب هيبقى العريس كويس ولا لأ.

_ خرجتني ليه بدام لسه مجاش؟

قلت كلماتي بتعجب، رد عليا أسامة وقال...

_ مين اللي لسه مجاش منا قدامك أهو.

فضلت شوية استوعب كلماته وكأني فقدت قدرتي على الكلام. 

_ أه أنا العريس، وأنا اللي طلبت من عمي إنه ميقولكيش.

نهى كلامه، اتكلم بابا وقال..

_ هسيبكم تتكلموا وأنا هقعد قدامكم هنا قصاد التليفزيون.

خرج بابا قعد قصادنا بالظبط، نقل أسامة قعدته وقعد قريب مني.

كنت ساكته ومنطقتش كلمه، بس دماغي كانت بتعيد عليا ذكراياتي مع أسامة، طفولتي، مراهقتي وشبابي. 

بحاول استوعب إن الشخص اللي أعجبت بيه في أغلب فترات حياتي قاعد قدامي بيطلبني للزواج.

_ مالك ساكته وسرحانه كده ليه؟ 

أخدت نفس وقلت...

_ بصراحة يا أسامة وبدون لف ودوران، أنا كنت ناويه أطفش العريس اللي جاي، وبما إنه طلع أنت، فأنا بقولك بمنتهى الصدق أنا شايله فكرة الزواج دي من دماغي خالص.

نهيت كلامي، ابتسم وقال...

_ أول مرة تقوليلي يا أسامة مش يا باشمهندس.

حمحمت بحرج وقلت...

_ أنا بقول إيه، وانت بتقول ايه؟

عدل نضارته وقال...

_ أنا بقول نعمل كتب كتاب الأسبوع الجاي وبعدين نشوف الفرح بعدين.

_ يا الله، أنت بتتكلم في إيه بس؟

رد بجديه وقال...

_ انا بتكلم في اللي جاي ليه.

أخدت نفس كبير وقلت...

_ أنت حد كويس وطيب ونقي من جوا، تستاهل بنت أحسن مني بكتير، بنت تكون أنت أول زوج في حياتها، تكون طيبة ونقيه زيك، وتكون سوية نفسيًا وتقدورا تعيشوا حياة سوية وسعيدة.

رد بهدوء وحنين وقال...

_ بس أنا مش عاوز حد غيرك يا وعد، أدى نفسك فرصة.

بلعت ريقي وقلت...

_ كان ممكن أدى نفسي فرصة لو كانت التجربة الأولى ليا، بس صدقني أنا مينفعش أبقى زوجة.

أنا بقايا إنسان محطم بيحارب إنه يبقى كويس، مش هتقدر تعيش معايا.

اتكلم بتعجب وقال...

_ مين قالك كده؟! وعلى أي أساس حكمتي!؟

اتكلمت بضعف بحاول إني معيطتش.

_ أسامة أنا كل يوم بحلم بكوابيس، بصحى منها أصرخ وابكي بالساعات، حتي الآن بيظهرلي في أحلامي وهو بيضربني ويعذبني.

حسيت إن ملامح وشه اتغيرت ودا أكدلي إن كلامي أثر فيه.

_ أنت تستاهل كل حاجة حلوة. إن شاء الله ربنا يرزقك بزوجة طيبة تحبك وتعينك على طاعة الله وعبادته.

نهيت كلامي اتكلم بنبرة أول مرة اسمعها منه وقال...

_ بس أنا عاوزك انتِ، وعد أنا بحبك.

مكنتش مصدقة اللي سمعته، حسيت بإحساس غريب لما سمعت اعترافه، حسيت برعشه في قلبي وبدأ  ينبض بعنف.

_ بحبك من وانتِ طفلة صغيرة، كل يوم حُبي وخوفي عليكي بيزيد عن اليوم اللي قبله، خوفي عليكي كان من نفسي قبل أي حد، كنت بحافظ عليكي من نفسي عشان ربنا يكرمني بيكي. كنت ولازلتي دعوتي المستمرة.

كنت بسمع كلامه وأنا بعيط، معرفش بعيط ليه، مكنتش قادرة أوقف دموعي.

مسحت دموعي وقلت...

_ انا بروح لدكتورة نفسيه، وشخصيتي مش متزنه ومش سوية.

_ عارف كل دا ومتقبله كمان .

نهى كلامه وحلت لحظة صمت، قطع الصمت وقال...

_ ساكته ليه؟

_ مش عارفه أرد بـ ايه؟!

اتكلم برجاء وقال...

_ ردي بإنك تفكري وتنسي كل الماضي وتخططي لحياتك الجاية وتحاولي تدي لنفسك فرصة ولو رفضتي هختفي من حياتك ومش هتشوفيني للأبد.

نهى كلامه وخرج.

قومت بعد فترة ودخلت اوضتي. قعدت قدام مرايتي، بصيت لنفسي وسرحت.

افتكر نظارته وخوفه عليا وقت تعبي لما عملت العملية، افتكرت كلامه معايا وخوفه اللي كان ظاهر لما اتأخرت عن معاد الدرس.

نظرة عينه اللي كان فيها حزن لما شافني قبل تحريري.

نظرة الخوف الممزوج بحب لما تعبت وجاتلي نوبة الانهيار في العربية. مواقف كتيرة فضلت تتكرر قصاد عيني وافتكر فيها نظراته ليا.

غمضت عيني محاوله إني أبطل أفكر، بس جملته الأخيرة فضلا تتردد في ودني " ولو رفضتي هختفي من حياتك ومش هتشوفيني للأبد"

مر أسبوع، خلال الأسبوع دا فضلت أفكر كتير واصلي استخاره. اتكلمت مع د نورا، شاركت معاها اللي جوايا وسمعت منها. استقريت على قراري وهو الرفض.

عرفتهم بقراري وبابا عرفه.

رفضي كان مبني على حاجات كتيرة وعميقه جوايا.

انا منفعش أبقى زوجة ولا أقدر اتحمل مسؤولية في الوقت الحالي دا ولا حتى بعد سنة.

محتاجة وقت كتير عشان أقدر اتعافى واخد خطوة كبيرة زي دي. 

فكرت في الذرية وممكن ربنا يرزقني بمجرد زواجي، هخرجهم أسوياء ازاي وأنا مش سوية نفسيًا، ازاي هقدر اربي واعمل وأنا مش أهل دا.

فكرت في ردود افعالي اللي بقت عنيفه، قله ثقتي في كل اللي حواليا، الخوف اللي بقا زي الوحش بينهش فيا.

اعتراضي على أي قرار يخصني حتى لو صح.

حاجات كتيرة جدًا أسامة مكنش هيقدر يتأقلم عليها وكنا هنفشل بسرعة.

فكرت مليون مرة هل أنا قادرة إني أكرر التجربة دي تاني، واجابتي في كل مرة كانت لأ.

حتى لو كان في حب أو إعجاب كل دا هيتمحي باضطراب شخصيتي وطبعي اللي بقا صعب التأقلم عليه.

أسامة شخص كويس ويستاهل زوجة أفضل مني بكتير أوي. 

أوقات بنختار اختيارات عكس رغباتنا وبتوجعنا، بس في المستقبل بتقى الأفضل لينا. في أهم القرارات لازم نسمع صوت العقل ونركن القلب والعواطف؛ لأنها في الغالب هتخلينا نختار غلط.

بعد رفضي لزواجي من أسامة، قدمت على منحة وسافرت ألمانيا أكمل دراستي هناك.

السفر جالي في الوقت المناسب، كنت محتاجة أبعد وأفصل مع نفسي. اداوي جراحي بعيد عن أي حاجة سلبية وأعيش حياتي لنفسي وأطورها.

بعد فترة من استقراري بألمانيا، بدأت أحس إني محتاجة اتابع تاني مع طبيب نفسي. 

بعد بحث كتير لاقيت طبيبة لبنانية. كملت معايا مسيره د نورا وساعدتني كتير إني استرد ثقتي بنفسي وكياني. ساعدتني ابقى إنسان سوي، عالجت كل الجروح اللي في قلبي بس فضل الأثر اللي مهما حاولنا نعالجه هيفضل موجود.

خلصت ماجستير وبدأت في الدكتوراه، بعدها على طول اشتغلت في الجامعة وبقيت ادرس فيها.

حققت أحد أحلامي إني ابقى معلمة.

كنت سعيدة أوي لما حققت الحلم دا؛ يمكن لأني من طفولتي امنيتي ابقى معلمة مش طبيبة.

يومي كان مليان ما بين، دراستي وشغلي في الكلية والمستشفي. مكنتش بسمح لنفسي يبقى عندي وقت فراغ، ودا كان خطوة أساسية من طرق العلاج.

_ وأنا هلاقي د عمرو فين دا كمان؟! 

قلت كلماتي بضيق وأنا ببص في التقرير اللي في إيدي.

خرج شخص من العدم ووقف قدامي وقال...

_ انا د عمرو.

اتخضيت ورجعت خطوة لـ ورا، أخدت نفس ،اتكلمت بالالماني اعتذرله لكنه رد بالعربي وقال...

_ مصرية صح؟

هزيت دماغي بأه، اتكلم بسعادة وقال...

_ أخيرًا شوفت حد مصري في المستشفى دي.

اتكلمت بتعجب وقلت...

_ حضرتك عربي؟

_ مصري كمان، أنا عارف إنك مستغربة من شكلي ولهجتي، والدي مصري ووالدتي ألمانية. بس انا مصري أوي أوي.

ابتسمت وقلت...

_ باين جدًا، التقارير دي قالولي إن حضرتك لازم تطلع عليها، وتعطي القرار هل هنعمل عملية ولا لأ.

أخد مني التقارير وقال...

_ هدرسها وأعرفكم بالقرار.

نهى كلامه ومشيت، لكنه نادي وقال..

_ دكتور

بصيتله بتعجب وقلت...

_ نعم.

ابتسم وقال..

_ لو احتاجتي حاجة، اعتبريني من أهلك.

_ ان شاءالله. 

_ متعرفتش اسم حضرتك ايه؟

بصيت لـ lable اللي محطوط على البالطو بتاعي وقلت...

_ وعد.

نهيت كلمتي ومشيت، كنت مستغربة الشخص دا، عمري مكنت اتخيل إنه هيطلع عربي وبالأخص مصري، ملامحه أجنبية جدًا.

بس لما اتكلم اتأكدت إنه مصري من أسلوبه. 

من اليوم دا وبدأت اشوف د عمرو في طريقى، أو يمكن بدأت أركز واخد بالي منه وهو كذلك بدأ ياخد باله مني.

_ د وعد انتِ كويسة؟!

قالها د عمرو بقلق، رديت بتوهان وقلت...

_ أه، أه.

قعدت وبدأت أحس الدنيا بتلف بيا.

_ شكلك تعبان أوي.

رديت بنفي وقلت...

_ لا انا بخير.

_ هنادي د هيلينا تكشف عليكي.

خرج وبعد دقايق جت د هيلينا، كشفت عليا، كان ضغطي عالي، أخدت دواء بعد فترة اتحسنت، استأذنت ومشيت.

اتجهت للعيادة النفسية، أخرج للطبيببة اللي حصل وسبب في رفع ضغطي وذكرني بألام قربت تتنسي.

اتكلمت معايا كتير وساعدتني ازاي أهدى نفسي وإني هقابل كلام زي دا كتير ولازم ابقي متزنه ومسمحش لكلام حد يأثر فيا.

نهيت جلستي وخرجت، قابلت د عمرو في العيادة.

كانت صدفة غربية جدًا، أنا وهو بنتعالج في نفس العيادة، بصينا لبعض ثواني، وبعدين خرجت ومشيت.

 اتمشيت لغاية محطة الباص وأنا بفكر في اللي شوفته.

صدفة غريبة أوي، هل د عمرو كمان بيعاني من اضطرابات نفسية وبيتعالج ولا جاي مع حد وشافني صدفة.

استغربت من كم الصدف اللي بقا بيحصل وملاقاتي بيه طول الوقت، فضلت أفكر هل دي فعلًا صدف، ولا أنا اللي بدأت أركز وأفكر فيه.

عزمت جوايا إني مركزش في حاجة، ولا اسمح لـ أبواب مقفوله انها تتفتح، حتى لو البيئة اللي أنا فيها منفتحه وبتساعد على كده.

 بقيت بحس إنه بيظهرلي في كل مكان في الشغل، حتى عند الطبيبة النفسية، ديما يصادف أما يكون قبلي أو بعدي.

أوقات كتيرة كنت بحس اني محتاجة احكي للدكتورة على اللي بيحصل، بس كنت أتراجع واخاف، معرفش ليه كنت بخاف، يمكن خوفي من إني أوهم نفسي وأصدق إن في إعجاب تجاهه واتفتن.

مر عليا خمس سنوات في غربتي، مدة كفيله إنها تغيرني وتشفي الآلام الماضي.

وصلت للنسخة اللي أنا عاوزاها وبقيت شخص سوي نفسيا قادر إنه يعيش ويواجه الحياة.

أخدت قرار إني انزل مصر بعد الغياب دا كله، يمكن لأني اشتقت لبلدي وأهلي، وحسيت اني محتاجه اشوفهم واقعد معاهم.

حجزت ونزلت بدون معرفهم، وصلت يوم جمعة وبالأخص الجمعة اللي العيلة كلها متجمعه فيها.

وصلت البيت، بمجرد مدخلت العمارة اتعاد قدامي شريط حياتي، ابتسمت بقوة إني قدرت انتصر على الذكريات الأليمه وقضيت على الشخصية الهشه والضعيفه اللي كانت جوايا.

دلوقتي رجعت وانا شخص تاني خالص، شخصية اقرب للمثالية زي مبيقولوا.

طلعت السلالم وأنا شامه ريحه الأكل اللي وحشني، قربت من باب الشقة اللي كان مفتوح، دخلت كانوا متلمين على السفرة.

اتكلمت بإبتسامة كلها فرح وقلت...

_ باين إن حماتي بتحبني أوي.

كلهم بصولي بصدمه ومش مصدقين، البنات صرخوا من الصدمة، ماما وبابا عيطوا.

قاموا من أماكنهم وسلموا عليا، اكتشفت إني اشتقت ليهم أوي. اتأثرت جدًا وأنا بحضن ماما وبابا، لأول مرة أحس بحب ليا في قلبهم، ضميتهم بإشتياق كبير، كان نفسي مخرجش من ضمتهم.

سلمت على العيلة كلها بحرارة وحب، وقعدت معاهم على سفرة الغداء. اتغدينا وقعدنا كلنا في جلسة عائلية.

_ والله دي أحلى مفاجئة، حمدلا على سلامتك يا بنتي.

قالها عمو حسين، رديت عليه بحب وقلت...

_ الله يسلمك يا عمو.

_ شكلك اتغير خالص، أنا معرفتكيش.

قالها عمتو، ابتسمت وقلت....

_ اتغير للأحسن ولا للأوحش؟

ردت بسرعة وقالت...

_ للأحسن طبعًا، أنا أول مرة اشوفك حلوة كده، وشك بدر منور.

نهت كلامها وفضلنا تضحك.

_ ناوية على إيه بقا في حياتك الجاية، هترجي ولا هتستقري هنا؟

قالتها طنط سهام.

_ لسه مقررتش، بس احتمال كبير أرجع.

ردت ماما بسرعة وقالت...

_ لا مفيش رجوع ولا غربة تاني، أنا مصدقت أشوفك.

اتكلمت عمتو وقالت...

_ كلام مظبوط، كفاية كده، احنا نشوفلك عريس ونجوزك، مفاضلش غيرك.

ضحكت بصخت وقلت...

_ عريس ايه بس أنا شيلت الموضوع دا من دماغي.

_ يا سلام، أول عريس هيخبط على بابك هتوافقي عليه وبكرة تقولي عمتي قالت.

ضحكت بصخب وقلت...

_ بكرة نشوف.

اتكلمت نورهان وقالت...

_ احكيلنا بقا عملتي ايه في المدة دي كلها.

_ كملت الماجستير وعملت دكتوراه، واستمريت بقا في الدراسة والابحاث، اشتغلت في الجامعة باقيت بدرس فيها، بالإضافة لشغلي الأساسي طبيبة في مستشفى.

تقدري تقولي إني حققت أحلامي.

_ ربنا يوفقك يا رب ويكتبلك الخير ويرزقك بالزوج الصالح.

قالت يارا جملتها ضحكت وقلت...

_ برضو الزوج الصالح.

اتكلمت عمتو وقالت...

_ ربنا لما خلق أدم خلق من ضلعه حواء وجعلها سكن ليه وهو كمان سكن ومأوي ليها. دي سنة الحياة يا بنتي كل واحد بيدور على السكن. مش معنى إن كان ليكي تجربة فاشلة إنك تيأسي، بالعكس دا يشجعك إنك تختاري صح.

أخدت نفس وقلت...

_ أنا مؤمنه إن كل شيء في الدنيا دي أرزاق وأنا لو ليا رزق في حاجة هاخدها.

عرفوني على الأفراد الجديدة اللي انضمت للعيلة من أزواج وزوجات وكذلك الأحفاد، فرحتلهم كلهم أن حياتهم مستقره وسعيدة والأهم من كل دا حياة سوية.

أكتر حد فرحتله من كل قلبي هو أسامة، خاصًا لما شوفت زوجته، اللي كانت زميله لينا.

 اتبسط أوي إنه اختارها؛ لأنها جوهرة تستاهل حد زي أسامة وكذلك أسامة يستاهل حد زيها.

طلعت شقتنا ودخلت أوضتي، حسيت بحنين واشتياق ليها، بدلت هدومي ونمت على سريري.

غمضت عيوني وأنا بفتكر لما حكيت لدكتورة على أسامة واعجابي بيه ورفضي للزواج منه.

وافقتني الرأي وقالتلي إن قراري هو القرار الصائب، وضحتلي إن اللي كنت بحس بيه تجاهه هو إعجاب؛ لانه كان الشاب الوحيد في المحيط اللي أنا فيه، فطبيعي كنت بهتم بيه وأمره ودا السبب اللي خلاني أحس بكده.

انهاردة اتأكدت إن كلامها صح؛ لإني متأثرتش لما شوفته، كان بنسبالي شخص عادي، ومزعلتش ولا حسيت بغيره إنه اتزوج وخلف بالعكس فرحتله من كل قلبي، هنا بس اتأكدت إني اتعالجت ونضجت وبقيت شخص سوي نفسيًا.

_ د وعد.

بصيت ورايا لاقيت بنت بتنادي عليا، قربت مني فعرفتها.

_ اذيك يا أسماء عامله ايه؟!

_ الحمدلله، انتِ فكراني.

رديت وأنا ببتسم وقلت...

_ أكيد طبعًا.

_ من وقت ما اطلقتي وأنا نفسي أشوفك، فرحت إني شوفتك تاني.

نهت جملتها وحضنتني، بادلتها الحضن وقلت...

_ تعالي نشرب حاجة مع بعض.

دخلنا الكافية اللي كان بيبعد عننا خطوات، قعدنا بدأت هي الحديث بحماس وقالت...

_ ما شاء الله بقيت حلوة أوي.

ضحكت بكسوف وقلت...

_ شكرًا يا أسماء دا من زوقك.

_ أكيد حلاوتك زادت بعد معرفتي إن ربنا جابلك حقك.

رديت بتعجب وقلت...

_ ربنا جابلي حقي؟!

_ أه انتِ متعرفيش اللي حصل لـ طليقك وعيلته.

هزيت دماغي بنفي وقلت...

_ لأ، انا كنت برة مصر ولسه راجعه، ايه اللي حصلهم؟

_ ياااه دا حصلهم كتير أوي، الكل دلوقتي بقا يقول دا ذنب الدكتورة وعد.

بعد لما أحمد خرج من السجن مامته جوزته لبنت حلوة أوي، كانت بتسعى تجيب أحلى منك، كانت تقول لازم أكسرها. وبرضو جوزت بنتها لعيلة إيه ونسب إيه.

مفيش شهر ولاقينا الآية اتقلبت، مرات ابنها طلعت عليها القديم والجديد، شغلتها خدامه عندها وقلبت ابنها عليها وبقا زي الخاتم في صباعها، طلعت على حماتك كل اللي عملته فيكي.

أما بنتها بقا اتجوزت واحد أمه عملت فيها أكتر من اللي حصلك، من تاني يوم الفرح وهو بيصبحها بعلقه ويمسيها بعلقه، وحامتها شديدة شده متتخيليهاش.

البت زهقت من جوزها وحياتها وبيقولها والله اعلم انها كانت تعرف رجاله وجوزها قفشها، فضحها في الشارع، وضربها قدام الناس لغاية لما مامتت.

مأخدش فيها يوم؛ لأنه اثبت إنها خاينه.

أمها بعد اللي حصل جالها جلطه واتشلت، مبتقدرش تحرك إيدها ولا رجليها.

بقا يعاملوا زي العيل الصغير، بيغيرولها ويلبيسوها.

وحماكي خسر كل فلوسه وباع كل حاجة، وهنا بقا مرات طليقك متحملتش وطلبت الطلاق وأخدت كل اللي باقي عندهم وسجنت أحمد بالباقي.

حالهم بقا يصعب على الكافر وعايشين على الصدقات، بعد مكانوا مش لاقيين حاجة يصرفوا فيها الفلوس.

نهت كلامها، اتكلمت وقلت...

_ أعوذ بالله من تقلب الحال.

_ أنا فكرتك عارفه باللي حصل.

_ لا، خالص.

_ ربنا أخدلك حقك منهم وبكرة يعوضك بإبن الحلال اللي يستاهلك.

نهت كلامها وهي بتبص على إيدي.

_ اللهم أمين يا رب.

أمنت بقلبي قبل لساني.

انتهت جلستنا ورجعت البيت وكلام أسماء بيتردد في ودني، معقول كل دا حصلهم، مصدقتش إني دعوتي اللي داعتها عليها شافتها في بنتها.

مكنتش متخيله إن دعاء ( حسبي الله ونعم الوكيل ) الثابت على لساني يعمل كل دا.

رفعت راسي للسماء وحمدت ربنا، نزلت دمعة فرح من عيني، مش مصدقه اللي حصل وان ربنا انتقملي منهم.

في اللحظة دي حسيت إن أثار كل الجروح اللي قلبي اتمحت وخلاص هقدر أعيش وأكمل حياتي.

رجعت حكيتلهم اللي عرفته، اكتشفت أنهم كانوا عارفين بس مرضيوش يعرفوني خافوا اتأثر لما يفكروني.

حسيت إني محتاجه أكمل حياتي بشكل صحيح، لذلك وافقت إني أقابل العريس المتقدملي.

_ د عمرو.

اتعجبت لما شوفته قدامي.

ابتسم وقال...

_ اقعدي بعدين استغربت براحتك.

قعدت قدامه، وعقلي بيحاول يستوعب المفاجئة اللي قدامه، قطع الصمت وقال...

_ لما اتأكدت إني معجب بيكي ورضيت بيكي زوجة، قلت لنفسي لازم أتقدملك بالأصول، مش المصريين بيعملوا كده برضو.

ضحكت وقلت...

_ صح.

_ ساكته ليه؟!

_ مستغربه، خاصًا إنك معرفتنيش.

_ لو كنت عرفتك كنت هفتح علينا باب فتنه عظيم، إحنا بشر وبطبيعتنا ضعاف، خوفت نتبع خطوات الشيطان، لذلك عزمت جوايا إني أحافظ عليكي وعلى نفسي من الفتنه واتقدملك في بيتك.

_ مكنتش متخيله إنك ملتزم.

حسيت اني عكيت الدنيا، فتراجعت وقلت..

_ أقصد..

قطع كلامي وقال...

_ عيلة والدتي كلهم مسلمين، المسلمين برة بيبقوا ملتزمين شوية غير العادي، فهتلاقيني متربي على كده، بالإضافة بقا العرق المصري وتربيتي على الأصول.

الكلام سحبنا لمناقشات كتيرة، عرفت منه إنه كان عارف إني مطلقه، عرفني إنه هو كمان خاض تجربة زواج وفشل فيها وبسببها كان بيتابع مع الطبيبة النفسية. لما عرفت فضلت أضحك ووضحتله إني أنا كمان كنت بتعالج لنفس السبب.

اتناقشنا في حاجات كتيرة في حياتنا لو حصل نصيب بينا، هنستقر ونعيش فين، هنربي ولادنا ازاي. 

أستخرت الله وأخدت وقتي في التفكير، وفي النهاية وافقت على زواجي من د عمرو.

اختياري المرادي كان عقلاني ومبني على حاجات كتيرة جدًا.

أتأكد بعد الزواج إنه اختيار صح، كان بيحترمني جدًا، احترم وقدر فكرة إن كل فترة بحتاج اتابع مع طبيبتي النفسية.

وأنا كمان احترمت وقدرت الجزء دا فيه، كان بيحاول بكل الطرق يفرحني ويعوضني عن كل سنين الجفاء اللي شوفتها في حياتي.

 حنون جدًا وبيخاف عليا، كان بيغرقني في حبه واهتمامه.

في ليلة هادية ،الجو في نسمات بارده والقمر منور في السماء، لفيت نفسي بالشال أخدت قهوتي وقعدت في البلكونه اتأمل جمال الكون.

نسمات الهواء بدأت تخبط وشي، سرحت وبدأت ذكراياتي تتعاد قدام عيوني زي فيلم قديم.

شوفت شريط حياتي، شوفت كل لحظة وجع وحزن مريت بيها، كل دمعة نزلت من عيوني وكل كلمة كسرتني. كنت متوقعه إني هحس بالقهر بس دا محصلش حسيت بـ امتنان.

امتنان لكل لحظة ضعف خلتني قوية، لكل مرة وقعت فيها وقومت تاني من جديد.

ابتسمت وانا برفع راسي للسماء، عيوني كانت مليانه بالدموع، مش دموع حزن دموع راحه واطمئنان.

رفعت إيدي للسماء وقلت...

_ الحمد لك والشكر لك يا ربي انك انعمت عليا وعوضتيني خير عن كل لحظة حزن بفرح وعم كل كسره بجبر الحمدلله عن السلام والهدوء اللي جوايا.

أخدت نفس عميق مليت بيه صدري، بصيت قدامي وقلت لنفسي...

_ دلوقتي أنا وعد الجديدة، وعد اللي مبتخافش من حاجة، وعد اللي اختارت تعيش لنفسها وتعرف قيمتها. كل اللي فات كان مجرد بداية... واللي جاي أجمل مليان كرم وعوض من الله 

ضحكت وأنا بكمل:

"مستعدة، مستعدة لكل خير كاتبولي يا رب."

فضلت قاعدة شوية، وقلبي مليان سلام. لأول مرة من سنين، كنت حاسة إن الحياة أخيرًا بتبتسم لي.


يتبع 


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺


قارئاتي وقمراتي وقرائي الغاليين بعد ما تخلصوا القراءه هتلاقوا الروايات الجديده والحصريه إللي هتستعموا بيها من هنا 👇 ❤️ 👇 💙 👇 ❤️ 👇 




🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺


إرسال تعليق

أحدث أقدم