اصوات صامتة الفصل الأول: لغز في المخبز بقلم خوله محمد فتحي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
اصوات صامتة الفصل الأول: لغز في المخبز بقلم خوله محمد فتحي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
كان صباحًا باردًا في المدينة القديمة، حيث تسللت أشعة الشمس بخجل بين السحب الكثيفة، كاشفةً عن أزقة ضيقة ومبانٍ عتيقة تعج بالتاريخ والأسرار. في المخبز الصغير لحسن، كانت الحياة تدب، حيث كان الحطب يتقد في الفرن الكبير، ناشرًا رائحة الخبز الطازج التي أسرت قلوب المارة وجذبتهم كالنسيم العليل. حسن، الخباز المعروف بابتسامته الطيبة ووجهه البشوش، كان منهمكًا في عمله، يسكب جهده وروحه في كل رغيف يخبزه.
كان حسن واقف في المخبز زي كل يوم، منهمك في عجن العيش وتحضيره. المخبز كان ريحته تجنن، كل اللي يعدي من قدامه لازم يقف لحظة ويشم الرائحة اللي بتفتح النفس. حسن كان راجل بسيط، عمره ما تعب من شغله ولا اشتكى، بس النهارده كان فيه حاجة مش طبيعية في الجو.
فجأة، الباب الخشبي اتفتح بعنف، ودخلت ست غريبة. كانت لابسة عباية سودا طويلة مغطيها من فوق لتحت، وما كانش باين منها غير عينيها اللي مليانة خوف وتوتر. مشيت بسرعة، حطت قالب خشب كبير على الطرابيزة قدام حسن، وملامحها كانت متوترة بطريقة تخلي أي حد يشك.
"من فضلك..." قالت بصوت مهزوز، "حط القالب ده في الفرن... أنا هرجع آخده بعدين."
حسن اتلخبط شوية، وبص لها بحيرة. بس قبل ما يلحق يسألها أي سؤال، لقاها خرجت بسرعة وكأن حد بيطاردها. حمل القالب بحذر، وهو مستغرب وزنه اللي كان تقيل بشكل غريب. حطه في الفرن، وكمل شغله، بس كان عنده إحساس مش مريح، زي ما يكون فيه حاجة غلط.
عدى شوية وقت، وبدأ يشم ريحة غريبة بتنتشر في المخبز. مش ريحة عيش محروق ولا أكل عادي... كانت ريحة لحم محروق، والريحة دي كانت كفيلة إنها تعمل له قشعريرة في جسمه كله. قرب من الفرن، ويده بتترعش، وفتح القالب بحذر.
اللي شافه خلاه يتراجع لورا بخضة، وهو بيشهق: جثة صغيرة، متفحمة، لملامح رضيع مش واضحة. صرخ حسن بأعلى صوته، وصرخته ملأت المكان، مخلياه يتحول من مخبز مليان حياة لملهى مخيف. الناس اتلمت، والهمس والخوف انتشروا في الأرجاء.
الشرطة وصلت بسرعة، والضابط عمرو كان أول واحد يدخل. بعينين مركزة وحركة حاسمة، دخل المخبز وسأل حسن، اللي كان لسه مش قادر يستوعب اللي حصل.
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺