رواية لعنة الخطيئه الفصل الثاني والثالث والرابع والخامس بقلم الكاتبه فاطمه أحمد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
رواية لعنة الخطيئه الفصل الثاني والثالث والرابع والخامس بقلم الكاتبه فاطمه أحمد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
الفصل الثاني : ظلامُها.
- آدم !
وقبل أن تستوعب تماما وجوده هنا في هذا الوقت حاوطها ادم بذراعيه ودفن وجهه في ثنايا عنقها متأوها بشوق :
- وحشتيني ...
تسمرت مكانها وقد إستكان إنفعالها قليلا لكن سرعان ما انتفضت عند سماع طرق الباب يليه صوت زوجة عمها جميلة التي نادتها بقلق :
- نيجار في ايه سمعتك بتصوتي في حاجة و الباب مقفول ليه ؟
أجابتها بلجلجة خفيفة محتارة بداخلها عن الباب الذي أدركت للتو أنه مغلق :
- ها الباب ... خبطت رجلي في الباب وانا بقفله عشان ... عشان اغير هدومي فصوتت.
- وقفلتي الباب ليه اصلا مين هيدخل عليكي ... طيب انا رايحة أنام عايزة حاجة مني.
- لا ... لا شكرا تصبحي على خير.
- وانتي من أهله.
بدأ صوت خطواتها يبتعد حتى اختفت نهائيا فزفرت نيجار براحة ثم تمتمت وهي تسأل نفسها :
- الباب ده امتى اتقفل.
أجابها آدم ببساطة كأنه يروي شيئا يفعله يوميا :
- انا دخلت من شباك الأوضة وقت طلعتي انتي عشان تشوفي مين اللي هنا وقفلت الباب بسرعة وجيت.
اتسعت عينا نيجار بدهشة :
- وازاي لحقت تعمل كل ده !
قابلها ببسمة دون رد لتصمت هي ايضا ثم تبعده عنها وتدخل لغرفتها، رفع الآخر حاجبه من حالتها وتبعها متسائلا :
- في ايه مالك ضاربة بوزك شبرين كده ليه ؟
جلست نيجار على سريرها مجيبة بغير رضا :
- بعتقد انك عارف السبب.
- اه عشان اللي حصل النهارده الصبح.
هتف آدم بإدراك ثم إستطرد بجدي :
- اللي بعرفه اننا اتفقنا من قبل ع انك متدخليش في المشاكل اللي بيني وبين صفوان ...
تمام هو ابن عمك وأخوكي في الرضاعة بس احنا الاتنين من البداية عارفين قد ايه العلاقة بين العيلتين وحشة و بالتالي الحوادث ديه هتحصل كتير اوي لو هو مبطلش صياعة وقلة أصل معايا.
إستاءت نيجار من وصفه لإبن عمها بهذه الكلمات فكادت تعارضه لكنه أوقفها بنبرة رخيمة وهو يجلس بجوارها على السرير :
- اسمعيني كويس انا مستحيل اسكت لواحد غلط فيا و صفوان مكتفاش ب انه يعصبني لا هو ضرب راجل في سن أبوه وقدام الناس واتكلم وحش عن أبويا عشان كده كان بيستاهل الاهانة والضرب.
- يعني لو انا مجيتش ووقفتك كنت هتموته ؟!
- مش هكدب عليكي وأقولك اني سامحته بسببك لا، بس لما شوفتك افتكرت ان عنده أم وأخوات فمحبتش اؤذيه حتى وقت كلمني العمدة من شويا وقالي انه هيعاقب صفوان قولتله ان الموضوع بسيط ومبيستاهلش.
كان آدم يتحدث بجدية وثقة تجعل أي شخص يستمع إليه يهابه لذلك قررت نيجار غلق الموضوع فقالت :
- ماشي يا آدم بس ياريتك مجيتش لهنا وأصلا انت ازاي قدرت تدخل مع الحراسة ديه مش فاهمة.
هز كتفاه بدون إكتراث :
- مش عايز ابقى واحد بيمدح نفسه بس انا مفيش باب مبقدرش ادخل منه ولا حارس مقدرش اتجاوزه ... خاصة لو كان الهدف اني اشوف البنت الجريئة اللي دخلت وسط خناقة رجالة ومخافتش من حد.
إبتسمت نيجار متهدجة :
- انا مستعدة اعمل كل حاجة علشان عيلتي.
- وعلشان كده انا معجب بيكي.
هتف بهدوء واضعا يده أسفل ذقنها ثم أدار وجهها إليه متأملا إياها لعدة ثوان قبل أن يزفر هامسا :
- هنفضل كده لحد امتى ؟ بنشوف بعض في السر زي المراهقين وخايفين حد يشوفنا كان ناقص اتشعلق ع الحيطان واهو عملتها بسببك.
- اومال انت عايزنا نعمل ايه ؟
- نتجوز.
رصَّ حروف الكلمة ببساطة متزنة لتقف نيجار كمن لسعتها النار وتتسع عيناها مكررة ما قاله هو :
- نتجوز ! انت بتهزر معايا ؟
رد عليها آدم بجدية :
- انتي شايفاني ههزر في الموضوع ده ؟
وقف قبالتها و حاوطها بذراعيه مستطردا :
- انا سبق وقولتلك هجي اطلب ايدك من أهلك بس انتي رفضتي وطلبتي مني وقت علشان الخلافات اللي مابيننا تتحل ووافقت..
بس انا شايف مفيش فايدة من الانتظار لأنها كده كده مش هتتحل طالما صفوان معتبرني العدو الأبدي بتاعه ولا عيلتي انا هتقبل بسهولة لأني سبق وحاولت ومنفعش علشان كده لازم نتجوز الاول ونحطهم تحت الأمر الواقع ساعتها مش هيقدرو يبعدونا عن بعض.
أشاحت نيجار وجهها عنه وجالت بحدقتيها في المكان دون أن تنبس ببنت شفة، وصمتها هذا فسَّره الآخر على أنه رفض فعبس بتقاسيم وجهه لهنيهة سرعان ما درأه قائلا بلهجة صلبة يواري خلفها ضيقه :
- سكوتك اداني الاجابة واضح انك مش عايزة الجواز علشان كده انا مش هجبرك.
ألقى عليها نظرة شاملة ثم همَّ بالمغادرة فأوقفته نيجار قبل أن يقفز من الشرفة :
- استنى !
توقف آدم و استدار لها مجددا لتدنو منه هي مقلصة المسافة بينهما وتمسك يداه متمتمة :
- انت فهمتني غلط انا مش رافضة الجواز منك بس اقتراحك نزل عليا فجأة ومقدرتش استوعب، انت عارف ان الموضوع ده مش سهل وهيسبب مشاكل كتيرة ليا وليك انا هدخل في دوامة مع عيلتي وكمان مكانتك وشغلك ممكن يتأذوا.
تنهد هو وضغط على أصابعها الممسكة به قائلا بروية :
- انا عارف وفاهمك كويس بس مفيش حل غير ده لو كان في أمل صغيرة علشان يوافقو انا مكنتش هستسلم بس جدتي مبطيقش تسمع اسمكم ولا اخوكي طايقني، وبالنسبة لشغلي ومكانتي متفكريش فيهم انا مأمن نفسي كويس وفي مهمة هنفذها قريبا وتخليني فوق ساعتها حتى العمدة مش هينزعج اوي لاني اتجوزتك من غير محد يعرف.
- مهمة ايه ديه ؟
- متشغليش بالك المهم قوليلي انتي موافقة على طلبي ولا لا.
تلكأت نيجار مكانها ثم تنهدت مردفة :
- ممكن تديني فرصة أفكر شويا ونلتقي بعديها ونتكلم ؟
ورغم إمتعاضه إلا أنه تفهم موقفها وخوفها فأومأ بإيجاب وطبع قبلة على وجنتها هامسا قبل أن يذهب :
- اكيد طبعا وانا هكون مستنيكي في مكاننا ...
_______________
صمت رهيب غرق فيه الرواق وقطعه صوت طرقه على الأرض بحذائه وهو يمشي بخطوات متأنية حتى وصل إلى غرفة المكتب، وقف قليلا يطالع ذلك الجالس على الأريكة يتحسس كدمات وجهه ثم اقترب ووضع كيس الثلج على الطاولة أمامه مغمغما ببلادة :
- خد حط التلج ده هيفيدك ويخبي آثار خيبتك ع الاقل.
حدجه بغيظ قبل أن يلتقط الكيس ويضعه أسفل عينه مرددا من بين تأوهاته الناتجة عن ألمه :
- انا كنت قربت اعلم على ابن سلطان بس هو غفلني وكان هيقتلني أو يوديني لعند العمدة ويشتكيله مني.
جلس الآخر على كرسي مقابل له وهمهم ببساطة :
- ده عشان انت غبي.
توقف صفوان عن تمرير الثلج على كدماته وناظره بسخط معترضا عن إهاناته المستمرة :
- ليه الغلط دلوقتي يا مراد مش انت اللي متعود تحرضني عليه مالك بقيت ضدي فجأة.
ضغط "مراد" على فكه السفلي ممتعضا من سطحية تفكيره ثم إنحنى للأمام قليلا مردفا بنبرة جادة :
- اللي عملته انت غلط مكنش ينفع تحط نفسك في موقف المشكلجي اللي بيتضرب كل شويا !
انا قولتلك لازم تطلع آدم بصورة واحد فاشل مش قد المسؤولية وتخليه يقع من عيون الناس بس انت عملت ايه؟ روحت جبت راجل كبير وقعدت تضرب فيه وتهينه قدام أهل البلد ولما جه آدم اتصرف بوعي و بين انه مش عايز ينزل لمستواك بس بردو انت جلدك حكك والنتيجة اهي واضحة قدامي.
أشار لوجهه بإستهزاء فزفر صفوان بغضب و رمى الكيس هادرا :
- اومال كنت عايزني اعمل ايه وانا شايفه عماله يلمع صورته في عيون الناس والكل واقف في صفه ؟ مش كفاية ان عيلته سرقت حق عيلتي في الزعامة من سنين قام جه هو وكمل عليا ... لولا جده وأبوه كانت عيلة الشرقاوي هي الكل في الكل حاليا.
عند استماع مراد لجملته انقطع تركيزه معه وغاص في الفراغ مستقبلا مقتطفات من الماضي فهمس دون وعي :
- وانا سرقو مني حياتي.
- مسمعتكش ؟
تنحنح عائدا للواقع وتكلم بصلابة إكتسى به صوته :
- انا بقول جه وقت نردله الضربة وناخد اللي يخصنا منه ... انت قدرت تعرف هو حط سبايك الذهب فين ولا لسه ؟
نفى صفوان بفتور :
- لا لسه موصلتش للمكان اللي مخبيهم فيه احنا بندور عليه بقالنا خمس شهور بس مقدرناش نوصل لنتيجة ... آدم ذكي وكتوم صعب ناخد منه اللي احنا عايزينه.
- العمدة اداله الشحنة ديه وكلفه بمهمة الاحتفاظ بيهم عشان يسلمهم للتجار في الميعاد اللي هو محدده ، لو قدر يسلمهم في الوقت المحدد ومن غير اي مشكلة قيمته هتزيد كتير عن الأول وبما ان العمدة معندوش اللي يورثه فمش هستغرب لو ورثه المنصب بتاعه وانت عارف ممكن يحصل ايه ساعتها.
نطق مراد بهذه الكلمات آخذا بعين الإعتبار كل تفصيل ذكره ثم استطرد قائلا :
- انا لقيت كام عنوان كده وهستنى اتأكد منه علشان نخطط للسرقة ولو نجحنا هنكون ضربنا آدم ضربة مستحيل يقدر يقوم منها ديه ثروة بتتقدر بعشرات الملايين في الاخر يعني هندمره كليا.
بس انت كمان اعمل اللي عليك متنساش الخطة ديه مرهونة بيك هتبقى الكل في الكل لما تنجح.
بمجرد تخيل صفوان إنهزام عدوه اللدود شعر بنشوة عظيمة تتسلل إليه و إنشرحت أساريره مستدركا حجم الربح الذي سيعود عليه.
فإضاعة آدم لأمانة العمدة يعني إيقاع الأخير في مشاكل مادية كبيرة مع التجار الأجانب وبالتالي فقدان سمعته وهيبته وسط من يعتبرونه العمدة الأمين الصادق.
وقتها سيتدخل صفوان وينقذه من الفخ الذي أوقعه هو بنفسه فيه وهكذا سوف يسترجع مكانته وينتزع من آدم جميع صلاحياته !
_________________
أشرقت الشمس ببطء من وراء قمم الجبال وبدأ الضباب يتلاشى تدريجيا مع إرتفاع درجات الحرارة معلنين عن بدء يوم خريفي جديد ...
بعد فراغه من ركوب الخيل وممارسة هواية التصويب المعتادة لديه إتجه إلى بستانه الذي يعد من أكبر البساتين في البلدة والمناطق المجاورة ويجمع عشرات العمال ذوي الخبرة فلطالما حرص على أن يشغل الأكِفاء لديه كي يكسب كل مرة أكثر مما مضى ويبقى في صدارته على بقية التجار.
سار يقضي جولته اليومية بين الصفوف الخضراء من أشجار التفاح والتين، التوت البري والرمان وباقي الفواكه الخريفية...
إضافة إلى النباتات و صفوف اليقطين والملفوف وغيرها من الخضر الطازجة في هذا الموسم.
ثم يركز ناظريه على العمال مقيما أداء كل شخص منهم مابين الزراعة والسقي والتنظيف وقطف الثمار الجاهزة للتصدير...
بعد إنتهاء جولته وقف آدم أسفل إحدى الأشجار معلقا عيناه على طول الأفق الذي يبدو له وكأنه يستحيل الوصول إليه، وتذكر لقاءه مع نيجار منذ يومين والشيء الذي عرضه عليها...
لا يعلم إن كان محقا تماما في قرار زواجه منها بالسر أم يجب عليه التريث قليلا في هذا الموضوع لأنه سيتسبب في حصول عدة مشاكل هو في غنى عنها.
كما أنه ليس متعودا على التصرف بتهور هكذا لطالما فكر عشرات المرات قبل الإقدام على خطوة مهمة ولكن منذ تعرفه على نيجار قبل ست أشهر لم تغب عن باله !
قطع خيط ذكرياته لمسة وضعت على كتفه فإستفاق آدم من شروده ورفع عيناه ليجد فاروق بجواره متمتما بإبتسامة جانبية :
- ايه اللي بتفكر فيه وخلاك متاخدش بالك مني انت متعود تنتبه لأي حد يقرب منك خطوتين.
تنهد آدم و إعتدل في وقوفه دون أن يجيب ليستدرك الآخر متوقعا ما يشغل باله :
- طالما سرحان كده يبقى انت بتفكر في بنت الشرقاوي صح.
- ايوة بفكر في نيجار، هي لسه مردتش على عرض الجواز وانا مش عارف اذا هتوافق ولا لأ.
رد عليه بهدوء لم يظهر فيه إمتعاظه لكن فاروق فهم ما يجول بباله فعاد يسأله :
- طب انت هتعمل ايه لو رفضت الجواز منك هترجع تستنى المشاكل تتحل مابين العيلتين ؟
ساد الصمت بينهما للحظات قطعه آدم عندما أجابه بإقرار واضح :
- لا لو موافقتش انا هصرف نظر و اقطع علاقتي بيها أساسا، صحيح عايزها في حياتي بس ده ميعنيش اني افضل اعمل حركات المراهقين ديه واشوفها واكلمها بالسر انا اكبر من كده.
رفع حاجباه بدهشة من رده الذي لم يكن متوقعا وقال :
- ماهو طبيعي أي واحدة في مكانها هتخاف توافق انت عارف طبيعة العلاقة بينك وبين صفوان مستحيل يسكت وهيعتبرها إهانة ... مع اني اكتر واحد هرتاح لو ده حصل وعينه اتكسرت قدامك.
حاد آدم بعينيه ناحيته بحدة ليستطرد الآخر موضحا وجهة نظره :
- بص انت عارف اني من الاول مش مرتاح لعلاقتكم ديه وحاسس في حاجة غلط في الموضوع وانا مش فاهمها وبعدين ااا..
قطع كلامه صوت وصول رسالة فنظر آدم إلى هوية المرسل وابتسم عند رؤية إسمها ليقرأ فحوى الرسالة ويجد أن نيجار تطلب ملاقاته في مكانهما المعتاد ، أخذ نفسا عميقا وزفره ببطء ثم ربت على كتف فاروق مغمغما بثبات :
- انا مروح مشوار وجاي خد بالك من الشغل مش هتأخر.
ألقى آدم جملته وغادر دون أن يتيح له فرصة للحديث، إتجه إلى الإسطبل وأخذ حصانه منطلقا نحو المكان الذي قصدته نيجار وبعد دقائق وصل إليها ووجدها جالسة على طرف البحيرة تحدق في مياهها بشرود وقد بدت عليها علامات الحيرة والقلق.
ترجل من الحصان و إتجه إليها مناديا إياها :
- نيجار !
إنتفضت وإستدارت برعب جلي اختفى عند رؤيته فتنهدت براحة هاتفة :
- خضيتني.
عقد حاجباه بإستغراب منها ثم أحاط ذراعيها وساعدها في الوقوف متسائلا :
- تخضيتي ليه مفيش حد بيجي للمكان ده غيرنا احنا الاتنين يعني محدش هيشوفك.
وضع يده على وجنتها يمسحها برقة مستطردا :
- ولا انتي خايفة من حاجة تانية ؟
بللت نيجار شفتاها مركزة نظرها على الفراغ ثم وجهته ناحية آدم مرددة :
- انا فكرت كويس في الموضوع اللي قولتهولي الصراحة في الاول كنت هرفض بس بعدين لقيت ان كلامك صح انت لو طلبت ايدي من صفوان مش هيوافق اكيد ولو استنينا المشاكل تخلص يبقى هنستنى كتير اوي علشان كده ... انا موافقة على جوازي منك.
تهللت أساريره وشعر بنبضه يعود إليه بعدما فقد إحساسه به للحظات متوقعا رفضها فضمها إليه على حين غرة متهدجا بخشونة :
- انا بوعدك انك مش هتندمي على قرارك ده هنتجوز ونحطهم تحت الأمر الواقع ساعتها محدش من عيلتي او عيلتك هيقدر يبعدنا عن بعض لأنك هتبقي مراتي وفي بيتي ... انا مبسوط عشان وافقتي.
مرر يده على ظهرها يضمها إليه أكثر لكنه شعر بتيبسها بين ذراعيه فأدرك بأنه بالغ في قربه منها لذلك حررها بروية متنحنحا :
- فرحتي نستني نفسي مش عايزك تزعلي مني انتي عارفة ان انا من زمان عايزك تكوني حلالي واقرب منك براحتي والظروف هي اللي منعتنا بس دلوقتي مفيش حاجة هتخلينا بعاد عن بعض.
إبتسمت نيجار ثم عادت تعبس من جديد هاتفة :
- بس انا خايفة ومش عارفة هنعمل كده ازاي بقصد هنتجوز امتى وفين يا آدم ومين اللي هيبقى موجود و ازاي هنكتب الكتاب من غير حد مايعرف.
كان آدم قادرا على تفهم تخبطاتها وتوترها فحاول تهدئتها وهو يملس على شعرها متمتما :
- متشغليش بالك انا عامل حسابي لكل حاجة المأذون والشهود كان فاضل موافقتك بس واهو حصلت عليها.
قابلته نيجار بسؤال آخر قائلة :
- طيب احنا هنكتب كتابنا فين ؟
- والمكان بيهمك ؟
- اكيد مينفعش حد يعرف احنا فين لانهم لو سمعو هتحصل مشكلة كبيرة وهيعملو اي حاجة علشان بمنعونا احنا لازم نكتب في مكان بعيد من غير ما يعرفو ع الاقل لحد ما نخلص.
أجابته بمنطقية ملقية عليه تفاصيل تجاهلها هو من قبل لأنه كان سيوقف أي شخص يحاول منعه في كل الأحوال حتى لو كان صفوان وحتى لو أضطر إلى أذيته، لكن إصرار نيجار جعله يفهم مدى خوفها من كشف خطتهما وتفهمها فصمت يفكر قليلا ثم قال مقترحا :
- في مكان محدش يعرفه غيري انا وفاروق ... بيت بعيد عن هنا شويا وعليه حراسة لأن فيه حاجات مهمة هوديكي ليه يوم كتب الكتاب مع اني عايز نتجوز النهارده قبل بكره بس مع الاسف هاخد وقت لان لازم اجهزله من غير حد ماياخذ باله خاصة جدتي حكمت هانم.
- البيت ده آمن ؟
تنهد آدم وضم وجهها بين يديه هامسا بخشونة :
- معقوله اوديكي لمكان فيه خطر عليكي ... متقلقيش انا لو كرهت حد هعمل أي حاجة علشان ادمره بس لو حبيت حد هقضي حياتي وانا بحميه وانتي البنت اللي بحبها يا نيجار اتأكدي من انك هتفضلي بأمان معايا ... أنا بحبك.
رمشت بعينيها للحظات ثم ردت عليه بهمس مماثل :
- و أنا بحبك.
________________
بعد مرور ثلاث اسابيع وقد أتى اليوم الموعود....
توقف بسيارته أمام منزل كبير يقبع بين التلال ويحيط به عدد قليل من الحراس من كل صوب ثم نظر إلى نيجار التي كانت تطالع المنزل بتدقيق وقال :
- ده البيت اللي حكيتلك عنه وهنكتب كتابنا فيه اليوم المسا.
همهمت بخفوت مرددة :
- مكنتش بعرف ان عندك بيت حلو اوي كده باين عندك اهتمام خاص بيه.
- محدش بيعرفه غيري أنا وفاروق أصلا وكنت مكتر الحراسة عليه بس قللتها النهارده عشان تاخدي راحتك.
ترجل من سيارته وتبعته نيجار إلى داخل المنزل ممسكة بيده، آرشدها آدم للطابق العلوي ثم اتصل بفاروق الذي رد عليه بعد ثوانٍ :
- نعم يا آدم.
بادره بالسؤال مباشرة :
- انت فين ؟
- في بيتكم الست حكمت طلبت مني اجيبلها المستندات و اه سألت عنك وقولتلها ان عندك شغل مع تاجر جديد وقاعد بتتفق معاه ... هخلص اللي ف ايدي و اجيب المأذون و اجي في الوقت المحدد متقلقش.
زفر مستشعرا حصول شيء ما اليوم لكنه آثر تجاهل إحساسه لربما كان هذا الشعور ناتجا عن حماسه وسيزول بمجرد عقد الزواج على المرأة التي يحبها، ثم أغلق الخط و استدار لأحد حراسه مغمغما :
- راقبوا المكان كويس أنا مش عايز جنس مخلوق يدخل لهنا و اول ما يوصل فاروق مع المأذون دخلوهم بعدين امشو.
- أمرك يا بيه.
صعد ادم الى حيث نيجار ودلف بعدما طرق الباب ليجدها تجلس مقابل مرآة التسريحة وحين رأت اِنعكاسه عليها تمتمت بإسمه فاِبتسم و دنى منها هاتفا :
- مش فاضل غير ساعات قليلة وتبقي مراتي ساعتها محدش هيمنعنا من اننا نكون مع بعض.
أومأت بإيجاب فإستدرك متسائلا :
- ملبستيش الفستان اللي جبتهولك ليه ؟
نظرت إلى الثوب الزهري الموضوع على السرير وكان ناعما ذو طبقات من الدونتيل اختاره آدم بعناية من أجل هذا اليوم ، فردت عليه مبتسمة :
- كنت لسه هلبسه دلوقتي بس خايفة يبوظ مني بسبب حماسي.
ضحك بخفة و ردد :
- فداكي بوظيه وانا هجيبلك غيره ... مع ان كان نفسي تلبسي الفستان الأبيض بس مع الاسف الظروف مسمحتلناش ورغم كده هتطلعي جميلة بردو بالفستان ده يلا متتأخريش
طبعا قبلة أعلى رأسها وغادر للخارج وبعد ساعة من الانتظار عاود الإتصال بفاروق مرارا حتى فتح الخط فصاح مباشرة :
- انت هتبات هناك ولا ايه مش اتفقت معايا تجي بعد شويا انت فين لغاية دلوقتي.
بعد دقائق كان آدم ينهب الأرض بخطواته السريعة وهو يصعد إلى نيجار ليجدها واقفة في منتصف الغرفة تطالعه بعدما فتح الباب بقوة ...
تسمر مكانه يتأملها بولهٍ غريب عنه وهي ترتدي الثوب الذي لاءمها وكأنه صنع من أجلها خصيصا مع شعرها المسترسل على كتفيها و شعر للحظات بأنه يملك العالم بين يديه ، مجرد التفكير بأنها ستصبح ملكه يجعله في قمة سعادته...
فهي المرأة التي أحبها من قلبه والمرأة التي ستسعده ... لن يتخلى عنها ولو اضطر إلى محاربتهم جميعا !
اقترب منها و أمسك يداها مقبلا إياهما بشغف :
- انا مبسوط اوي لأنك معايا وبتمنى لو كنت بقدر اخليكي ع اسمي حالا بس لازم نمشي من هنا فورا لأن ...
وقبل إنهاء جملته صدع صوت رصاص متتالي في الخارج كاد يخترق الجدران من قوته فجفل ادم وتحركت يده تلقائيا ناحية حزامه من الخلف لينتشل سلاحه مغمغما بإحتراز :
- غالبا عيلتك عرفت بالخبر وجم ياخدوكي أو واحد تاني اتهجم عليا ومتعمد يأذيني ... احنا لازم نطلع بسرعة عشان متحصلكيش حاجة امشي معايا !
قبض آدم على ذراعها كي يسحبها معه لكنه توقف عند شعوره بقدميها لم تتزحزحا من على الأرضية فإلتفت إليها قائلا :
- انتي واقفة كده ليه يلا نمشي !
رشقته نيجار بنظرات مختلفة عن نظراتها السابقة وهذه المرة هي من اقتربت حتى كادت تلتصق به وهمهمت محدقة في عينيه مباشرة :
- انا هطلع من هنا ... بس انت لا.
لم يفهم مقصدها أو بالأحرى لم يستوعب في هذه الأثناء خاصة مع الرصاص الذي كان يتدفق بسرعة تدفق قطرات المطر في ليلة عاصفة، و حينما كاد يسألها عن مقصدها، أحس على حين غرة بسهم من نار يخترق خاصرته !
توقف الزمن من حوله ، وإنعكست صورتها الدامية على عيناه اللتان طالما حدقتا بها بغرام ...
فمد يده يلامس المكان المخترق، لكنه إصطدم بالخنجر المغروس في نفس موضع يده، وبالسائل الدافئ المنساب منه ...
حينها سمع صوتها يأتي من بعيد رغم أنها ملتصقة به ، وأحس بهمستها التي حطت على وجهه بحرارة الشر :
- قولتلك قبل كده يا ابن سلطان ... انا مستعدة اعمل كل حاجة علشان عيلتي.
حينها افترقت يداهما بعدما امتزجتا بدمه، و انتشلت نفسها منه فسقط على ركبتيه مع صدمته قبل أن تغلق جفونه، ويستسلم للظلام الغارق فيه ...
__________________
انتهى الفصل الثاني.
حدث مفاجئ خرق موازين الرواية ونيجار طعنت آدم
رايكم بالفصل وهل كنتو بتفكرو ان ده ممكن يحصل ؟
توقعاتكم ؟
الفصل الثالث
________________
ملقي بجسد واهن على الأرضية الصلبة ، بعينين نصف مفتوحتين و أنفاس متقطعة تُلفظ بصعوبة كمن أُدحم وجهه داخل كيس فطفق يتوسل الهواء ...
يشعر بدمائه تغلي وبعروقه تتآكل كأن هناك شيء غير الخنجر ينخره ... خنجر ؟
نعم، نيجار طعنته، هذه حقيقة وليس كابوسا ظن أنه عاشه عندما استيقظ منذ دقائق ليجد نفسه في الغرفة التي جمعته بها ...
صدر من بين شفتيه المتصلبتين أنين خفيض تماهى حين لمح ألسنة من النار تتسلل تدريجيا وقد بدأت تحرق الشباك ! ثم تصاعد اللهب لينتقل إلى السقف فتراءت له من بين لفحاته صورتها ... وهي تبتسم له وتعانقه ... ثم أخرى وهي تخبره كم أنها تحبه ...
و أخيرا، صورتها وهي تغرز خنجرا في خاصرته، أو قلبه !!
حينها فقط أسدل يده إلى جانب خصره المدموم، و سكنت حدقتاه الخاليتان من الروح وهو يلفظ أنفاسه المتبقية ملونا همسته الأخيرة بمرارة :
- نيجار.
________________
قبل ساعات.
فور إنهاء مكالمته مع سيد عمله ورفيقه زفر بنزق ممتزج بالتوتر ثم خرج من غرفة العمل الملحقة بالسرايا وسار بخطوات مستعجلة مبرطما :
- انا مش عارف ايه اللي مخليه يحب بنت الشرقاوي ويتجنن عليها كده ! خايف يودي نفسه و يوديني معاه في داهية ربنا يستر.
توقف فجأة عندما كاد يصطدم بشكل عرضي بالجدة حكمت فتراجع للخلف فورا مدمدما باِعتذار لتطالعه الأخرى بنظرات حسابية ضاعفت إحساسه بالاِرتباك تلتها كلماتها :
- انت مروح ع ملى وشك كده فين يا فاروق.
تنحنح مفكرا بكذبة سريعة تنقذه منها الآن ثم أجابها :
- انا رايح اشوف الارض اللي هنبدأ نشتغل عليها لأن آدم بيه وصاني اطمن لو كان في حاجة ناقصة ولا لا.
- طيب حفيدي مش موجود دلوقتي تقدر ترتاح كام ساعة كده مش هتضر.
اكفهرت ملامح فاروق بذهول وكاد يعارضها متحججا إلا أنها حسمت النقاش عندما تحركت بصرامة وتجاوزته متجهة إلى المطبخ السفلي وهي تردد بنبرة غير قابلة للجدال :
- تعالى ورايا.
بعد لحظات كان يجلس على الطاولة أمامها يحدق في كل ركن بالمطبخ إلا بها هي ، بينما حدجته حكمت بجمود أحرق أعصابه أكثر حتى قالت موجهة حديثها للخادمة :
- جيبيله كوباية مياه يا أم محمود علشان يبل ريقه ويرجع لون وشه بعدين اطلعي برا.
نفذت الأخرى أمر سيدتها سريعا وخرجت فساد الصمت بينهما حتى تمتم فاروق بإرتباك :
- حضرتك ممكن تسمحيلي اروح لو مفيش حاجة مهمة ؟
- ليه انت عندك ايه تعمله انا بنفسي سمحتلك تاخد استراحة .. إلا لو عندك حاجة تانية ناوي تعملها علشان كده انت مستعجل.
تشدقت حكمت بدهاء معتاد منها ورشقته بنظرات تحذره من الكذب عليها، ثم اِستطردت :
- انا ملاحظة من فترة عليكم انت و آدم انكم مخططين تعملو حاجة من ورايا علشان كده مكنتوش بتسيبو بعض طول الاسبوعين اللي فاتو وامبارح سمعته بيكلمك وبيقولك تنجز المطلوب منك ومتخليش حد ياخد باله ... و على فكرة حكاية الارض اللي رايحلها دلوقتي انا عارفة انها كدبة ف يلا من غير كلام كتير قولي عايزين تعملو ايه.
تبكم فاروق وشعر بخلايا عقله تتوقف عن التفكير وهو يستمع إلى كلماتها بذهول غير مستوعب بأنها لاحظت كل ماكان يجري منذ مدة !
يبدو أن لا نفع للتهرب الآن لكنه لا يستطيع خيانة آدم والإفشاء بسره إذا ماذا سيفعل وكيف سيتصرف.
تنهد بيأس وهو يرطب شفته السفلى بلسانه ثم عقد يداه مبرطما :
- بعتذر منك بس انا مش هقدر اقول حاجة لحضرتك لأن الموضوع طلع من ايدي لما آدم بيه يرجع ااا...
قاطعته حكمت بضرب يدها على سطح الطاولة وتبعها هتافها بصوت غاضب :
- كفاية كده انا مش قاعدة بلعب معاك ! انت عارف كويس اني بعتبرك زي حفيدي وعمري ماشوفتك مجرد شغال عندي علشان كده متخيبش ظني فيك لان لو ادم اتضرر بسبب سكوتك مش عارفة ساعتها ايه اللي هعمله فيك !
_________________
بحلول الليل واِرتداء السماء الحلة السوداء
كانت قد توقفت السيارة عند بوابة سرايا الشرقاوي لينظر إلى تلك القابعة بجواره تضم ذراعيها وتسند رأسها على زجاج النافذة بشرود ثم يهتف بجدية :
- احنا وصلنا يا نيجار.
انتفضت بخفة محدقة به وهزت رأسها بعشوائية من دون أن تتكلم أو تتحرك فتنهد صفوان مردفا :
- انا عارف انك مضايقة وخايفة بس مش عايزك تعملي في نفسك كده وتندمي افتكري دايما انك عملتي الصح علشان عيلتك.
- بس مع ذلك مكنتش عايزة الأمور توصل لكده.
غمغمت بصوت بليد شابه بلادة قلبها الذي أصبحت تشعر به وكأنه حجر خاصة بعد فعلتها هذه، إلا أن صفوان أخذ نفسا عميقا وزفره بمهل هاتفا بمسايرة :
- محدش كان عايز ده يحصل احنا اتفقنا في البداية تقربي منه وتعرفي مكان السبايك عشان نقدر ناخدهم و ينزل من عيون العمدة بعدين تسبيه بس آدم كان حريص اوي ومجابش سيرتهم خالص علشان كده انتي اضطريتي تمثلي انك موافقة على عرض الجواز عشان نقدر نوصل للبيت بسهولة وناخد الذهب منه.
لولاكي انتي مكنش حد مننا قدر ياخدهم افضلي فاكرة ان ليكي الفضل في اننا استرجعنا كرامة عيلة الشرقاوي.
أنهى كلامه بطبطبة خفيفة على يدها وكأنه يؤكد مدى صدقه فكان من شأنه تخفيف الذنب من عليها وإقناعها بأن ما فعلته صحيح.
نعم لقد لعبت على آدم سلطان الصاوي ورسمت عليه الحب لكي تصل إلى مرادها وستفعلها مجددا إن عاد الزمن للوراء ، لكنها الآن خائفة منه وترتعب خشية أن يصل إليها وينتقم منها.
لذلك نظرت إلى إبن عمها و سألته بقلق :
- طيب انت قولتلي هتسفرني بعيد عن هنا قبل ما آدم يفوق هروح امتى لاني خايفة يقدر يوصلي ويؤذيني.
أشاح صفوان نظره عنها لثوان ثم عاد ونظر إليها مبتسما :
- متقلقيش انا هدبر الوضع ومحدش هيعرف يوصلك اهم شي تتعاملي عادي قدام أمي وسلمى ومتبينيش ان في حاجة حصلت اتفقنا.
عضت نيجار باطن شفتها السفلى وهي تشعر بالشحنات السلبية تؤثر عليها فتجعل وتيرة نبضها تنخفض ونفسها يضيق، ولسبب ما لم تسترح لكلامه إلا أنها لم تملك خيارا آخر سوى تصديقه وإقناع نفسها بأن كل شيء بخير فأخذت نفسا عميقا ثم زفرته على دفعات مهمهمة بكلمات مفادها بأنها موافقة على ما يقوله وغادرت ...
بينما بقي الآخر يراقب دخولها إلى منزلهم وفجأة اِعتلت إبتسامة مستهزئة شفتاه متمتما بتهكم خبيث :
- قال آدم هيوصلي ويأذيني مش عارفة انه مش هيفوق اصلا لانها خلصت عليه بنفسها وانا كملت عليه لما ولعت في البيت ومش هيلاقو غير آثار جثته المحروقة.
رن هاتفه فجأة وكان المتصل مراد ففتح الخط كي يبشره بما فعله غير أن الآخر غمغم بصوت آمر :
- تعالى للمكتب عندي فورا.
رفع صفوان حاجبه بتعجب منه خاصة عندما أغلق في وجهه لكنه ذهب إليه على أي حال وفور وصوله ودخوله إلى غرفة المكتب قال مهللا بملامح فخورة بإنجازه :
- مبروك علينا اخيرا خلصنا من ابن سلطان ولازم نحتف...
رافق كلمته الأخيرة صرخة متألمة صدرت عنه عندما اقترب مراد منه ولكمه بعنف على وجهه، اِرتد إلى الخلف قليلا وصاح بإستهجان غاضب :
- انت اتجننت !
لكن مراد الذي كان الغضب ينضح من عينيه بشكل مريب لم ينصت إليه وهو يهب ليجذبه من ياقة قميصه هادرا بعنف :
- انت عملت ايه يا غبي ازاي تتجرأ تبعت بنت عمك عشان تطعنه وتولع في البيت ؟
- ومالك متعصب كده ليه المفروض تفرح لأن خطتنا نجحت.
أجابه صفوان محاولا إزاحته عنه لكن الآخر لم يتزحزح وهو يصرخ :
- احنا متفقناش على ده انا اتعاونت معاك علشان نقدر ناخد سبايك الدهب ونحط آدم في موقف صعب قدام العمدة وسمعته تتشوه مقولتلكش روح اقتله وكمان تولع فيه مين قالك تعمل كده ومن غير ماترجعلي !
نجح في إبعاده ونظر إليه مستهجنا :
- انا قولتلك قبل كده اني هنتقم منه ع اللي عمله فيا قدام الناس ونفذت كلامي ولو على خوفك من اننا نتكشف ف متقلقش انا دبرت كل حاجة عشان يعتبروها عملية سطو من جماعة تانية ومحدش هيعرف ان لينا ايد في اللي حصله ... بس مش فاهم سبب غضبك للدرجة ديه اللي يشوفك وانت متعصب كده هيقول أنك زعلان عليه.
تجاهل مراد جملته الأخيرة حين اِستدار يوليه ظهره زافرا بقوة وقطرات العرق تتصبب من جبينه ثم اِلتف له مجددا مستدركا بسخط :
- بالنسبة للسبايك انا بعت عربيات النقل ودخلتهم للمستودع بتاعي وهنبقى نتفق نعمل فيهم ايه بعد ما الاوضاع تهدا ... ودلوقتي اطلع برا عندي شغل اعمله.
ضغط على يده بعصبية وكاد يحاسبه على وقاحته لكنه فكر بأنه لا يجدر به إفساد علاقتهما الآن لأنه لن يستطيع إنجاز المهمة بحذافيرها دون مساعدة مراد واِستعمال نفوذه فقرر السكوت حاليا إلى حين قضاء مصلحته.
لذلك هز رأسه بإيجاب وخرج بينما طفق مراد يلعنه ثم اِتصل بأحد رجاله وأمره بنبرة حاول جعلها ثابتة قدر الإمكان :
- روح شوف الأوضاع هناك وقولي ايه اللي بيحصل ... و اتأكد لو كانو لقو آدم ولا لا.
أنهى المكالمة واضعا هاتفه على سطح المكتب ووقف متسمرا مكانه وعقله شارد في أحداث كثيرة ...
________________
إنقضت الليلة وبزغت شمس يوم جديد على الجميع ... إلا عليها هي ...
كانت جالسة في غرفتها تمشط شعرها حين سمعت ضجة تصدر من البهو في الأسفل فخرجت تستطلع الأمور لتجد فردا من الحراس واقفا أمام سلمى وزوجة عمها التي كانت تسأله بإرتياب :
- انت متأكد من الكلام ده ؟
- ايوة يا ست هانم احنا سمعنا اللي حصل امبارح بليل وافتكرناها إشاعة بس من شويا واحد من رجالتنا شاف العمدة مروح لبيتهم و ع الاغلب هما مش عايزين الموضوع يتعرف دلوقتي على ما يتأكدو.
ضربت جميلة على فخذيها بجلل منتحبة :
- يالهوي لو كان صفوان ليه يد في اللي حصل محدش هيخلصه من إيد بيت الصاوي المرة ديه.
شعرت نيجار ببرودة قاسية تلفح بشرتها فجأة فاِرتعشت دون شعور منها وضغطت على فستانها تستمد منه طاقة وهمية كي تتمالك نفسها، ثم تكلمت ساعية لإخراج حروفها كاملة :
- في ايه ماله صفوان ؟
تركت سلمى والدتها تحدث الحارس ودنت منها هامسة بإرتياب :
- الدنيا قايمة قاعدة ده في بيت ولع ف الهضبة امبارح المسا وبيقولو ان البيت ده لعيلة الصاوي و آدم كان جواه وقت مسكت النار فيه ... ومات.
_________________
ستوووب انتهى البارت
رايكم باللي عملته نيجار ؟ وتوقعاتكم للأحداث الجاية.
الفصل الرابع 👇🏻
بالمناسبة التفاعل على الفصل الثالث ناقص جدا مع ان نسبة المشاهدة عماله ترتفع فكل بارت ف اتمنى اي حد يقرا البارت يحط لايك عشان نقدر نتابع
الفصل الرابع : شعلة الخطيئة
________________
"إن الناس صناديق مغلقة .. !! مهما رأيتم منها،يظل عمقها مخفيا ومظلما.. فلا تنخدعوا بنصف حقيقة الذي تراه من البشر،
أو بما يبدونه لك...
هناك دائمًا خير لا يُرى، وشرٌ لايُستبان..!!"
- بيقولو ان البيت ده لعيلة الصاوي و آدم كان جواه وقت مسكت النار فيه ... ومات.
وكأن الزمن توقف من حولها، وسحبت الأرض من تحت قدميها دفعة واحدة فسقطت غارقة في الفراغ الذي هاجمها على حين غرة حين تلقي الكلمات التي أردتها في مقتل...
طالعتها بخواء مجفل وشرعت تحرك شفتيها كي تستفسر عن الأمر لكن دخول صفوان جعلها تركز عليه بينما ينظر لهن ببرود يحسد عليه :
- في ايه انتو واقفين ليه كده.
إتجهت جميلة ناحيته وصرخت غاضبة ملتاعة :
- انت ليك علاقة باللي حصل لحفيد حكمت ؟
- انتي بتقصدي ايه يامَّا ايه اللي حصل ... ااا حكاية النار اللي مسكت في آدم وهو قاعد في بيت بعيد عن هنا لا مسمعتش غير دلوقتي بس افتكرتها إشاعات هي القصة طلعت بجد ولا ايه ؟
رد عليها متجاهلا نظرات نيجار الموجهة له بينما قبضت عليه جميلة بعصبية :
- بقولك ايه كلمني كويس ومتستهبلش عليا ده آدم ابن سلطان وحفيد الست اللي ممشية البلد بصوابعها انت عارف كويس هي هتعمل ايه فيك وفينا لو شكي طلع صحيح.
زفر صفوان بملل ثم أزاحها من عليه مغمغما بسماجة :
- متقلقيش يامَّا انا مليش علاقة بجد ولسه متأكدناش اذا اللي بنسمعه صحيح ولا كدب ... المهم انا طالع لأوضتي اريح شويا ولو في جديد عرفوني علشان نروح نعزيهم ده واجب بردو.
تركها واقفة تحدجه بصدمة وذهب إلى غرفته باِبتسامة منشرحة وصدر متسع من السعادة، كاد يجلس على فراشه لكنه تفاجأ بالباب يفتح بعنف ملتصقا بالحائط من الخلف وظهرت نيجار هادرة بتوحش :
- ايه اللي سمعته انا تحت هو الكلام ده صحيح النار مسكت في بيت الهضبة و آدم جواه ؟ رد عليا انا بكلمك !
صرخت بأقصى قوتها عندما وجدته غير مكترث فنظر لها صفوان بهدوء ثم وقف أمامها مجيبا :
- ايوة صحيح وانا اللي ولعت فيه.
نفت برأسها بسرعة واِرتجفت شفتاها بهستيرية قائلة :
- احنا متفقناش على ده ... انت قولتلي انك هتاخد السبايك وبعدين تعالجه بنفسك وتتفاوض معاه عشان ترجعهاله مقابل ان هو يرجعلك الاراضي اللي سرقوها مننا ... مقولتش انك هتقتله.
لم يظهر عليه التأثر بصدمتها بل على العكس تماما كان يبدو عليه اِستنكار رد فعلها وحين سمع آخر جملة إنفلتت منه ضحكة مستفزة ليردد :
- بس مش انا اللي قتلته انتي اللي عملتي كده.
- بطل كدب الطعنة كانت خفيفة ويدوب تخدشه وتخليه يغمى عليه.
رفع صفوان كتفاه باِستمتاع مصححا لها فكرها :
- ايوة فعلا الطعنة كانت سطحية بس الخنجر اللي ضربتيه بيه مسموم وانا بنفسي غطسته في سم قوي يخليه ميقومش منها ... يعني انتي اللي قتلتي آدم وانا كل اللي عملته اني غطيت ع جريمتك بس.
نضى اللون من بشرة نيجار لتصبح شاحبة كالأموات وتحجرت معدتها بعنف فتك بها للحظات فاِختل توازنها وترنحت ليلتقطها الآخر قبل أن تقع.
لكنها دفعته سريعا كأنه شيء تقرف منه ثم همست بإرتجاف :
- ازاي ... ازاي تعمل فيا كده ...
رد عليها صفوان مستهزئا :
- ومالك عامله كده ليه اوعى تكوني حبتيه بجد علشان كده قلبتيها مناحة.
رفعت رأسها إليه وطالعته بعيناها الحمراوتان هنيهة ظن فيها أنها ستصمت وتغادر لكنها صدمته عندما رفعت يدها ونزلت بها على وجهه في صفعة عنيفة تسببت بجرح شفته !
تأوه بألم مرتدا للخلف وقبل أن يقوم برد فعل معاكس قبضت عليه نيجار من ياقته صارخة بشراسة رغم دموعها التي تنزل دون توقف :
- انت قاعد تستهبل عليا وبتقولي حبيتيه ! انت مش مستوعب اني بقيت قاتلة خلصت على واحد غدر ازاي جه من قلبك تلعب عليا اللعبة الرخيصة ديه انا وثقت فيك وخاطرت بنفسي علشانك وفي الأخر تطلع بتلعب عليا.
حدق فيها بجمود كاتما غيظه كي لا يتهور ويضربها فتزيد أحوال هذه المجنونة سوءًا وتُقدم على ما لايحمد عقباه...
لذلك فكر بأن عليه تهدئتها الآن ليستطيع السيطرة عليها فأحكم قيده على ذراعيها متحدثا بنبرة لينة لعله يحجم غضبها:
- انتي عملتي اللي لازم بنت عيلة الشرقاوي تعمله ابن سلطان و جدته أذونا كتير وسرقوا مننا حقنا واحنا انتقمنا منهم أخيرا وهنخليهم يبكو بدل الدموع دم عشان كده لازم تبقي مبسوطة وفخورة بنفسك.
تهكمت بحدة وتحركت كي تفك قيوده عليها لكن صفوان شدد عليها متابعا :
- متنسيش ان عمك وجدك ماتو بحسرتهم على العمودية والزعامة و آدم لو فضل عايش كانو هيخلوه الذراع اليمين للعمدة وزعيم علينا عشان كده كان لازم يموت يا نيجار ... صحيح انا خبيت عليكي بس ده علشان مكنش عندي وقت اقنعك كان لازم اقرر بسرعة.
لذلك اهدي شويا وبطلي التصرفات ديه مينفعش حد يسمعنا ومتنسيش ان احنا الاتنين عملنا كل حاجة مع بعض يعني لو حد مننا اتكشف التاني هيروح في داهية.
كان يرسل إليها تلميحات مبطنة بأنه أشركها في جريمته وبذلك لن تكون لها فرصة التحدث أو الاِعتراف بما اِقترفه هو.
ويبدو أن نيجار فهمته ولثوان شعرت بأنها تريد أن تبصق عليه إلا أن الشعور بالغثيان من قربه غلبها فتحررت منه ورفعت اصبعها في وجهه هاتفة بحدة :
- عمري ماهسامحك يا صفوان وهخليك تدفع تمن اللي عملته فيا غالي بس لما يجي وقته.
مسحت دموعها بتجلد وخرجت تصفق الباب خلفها تاركة إياه يتحسس شفته النازفة بألم حتى مالت في إبتسامة خفيفة ليتمتم :
- ولية قادرة ... بس بتستحق تبقى بنت عيلة الشرقاوي.
***
دلفت لغرفتها ركضا و استندت على التسريحة تسحب الهواء إلى رئتيها وترزح تحت وطأة الصدمة التي تلقتها منذ قليل !
وقعت في فخ صفوان وقتلت آدم ... آدم الذي أوقعته في شباكها بطلب من إبن عمها لكي تستطيع الوصول للذهب الذي سيسلمه بعد بضعة أشهر...
آدم الذي عرف بصلابته ورجاحة عقله اللتان جعلتاها تتوقع فشل خطتها في كل مرة ولكن تبين أنه مثل سائر الرجال الذين يصيبهم العمى بسبب الحب ...
آدم الذي أخبرها بأنه سيواجه عائلتيهما من أجل أن يكونا معا ووثق بها لدرجة أخذها إلى مكانه السري وتقليل عدد الحراسة كي لا تشعر بكسر خصوصيتها ولم يكن يعلم بأنها تعمدت جعله يقللهم حتى يعجز عن حماية البيت.
إلا أنه قد إتضح بأن روحه قد سلبت مع ذلك الذهب أيضا !!
تأوهت نيجار بغصة ورفعت رأسها فقابلتها المرآة وواجهتها حقيقتها ..
حقيقة بأنها قاتلة، قضت على عدو عائلتها الذي طمح للزواج منها ، فظلت تحدق بملامحها حتى توصلت إلى حلَّين، إما أن تعترف وتأخذ جزاتها، وإما أن تسكت ضميرها وتحتفل بنجاحها...
ومع الأسف ... كان خيارها هو الحل الثاني فإستقامت في وقفتها ومسحت عبراتها المتساقطة وقد أطفأت شعلة ضميرها...
________________
وقف مستندا على الشرفة التابعة لغرفة مكتبه وهو يراقب سير دخان السيجارة التي أوشك على إنهائها حتى سمع طرق الباب يليه الدخول فقال بصوت مرتفع نسبيا دون الإلتفاف وراءه :
- تعالى يا صفوان.
تقدم الآخر حتى وقف خلفه متهدجا :
- مبسوط لأنك هديت ومبقتش متعصب زي امبارح ... مع اني عتبان عليك لأن مش معقول تعامل شريكك بطريقة وحشة عشان حاجة متستاهلش.
لم يكن مراد في مزاج يسمح له بالتعامل مع ثرثرته الخرقاء فتجاهلها ونظر إليه قائلا بجدية :
- عدى يومين على القصة اللي حصلت بس مطلعش صوت من بيت سلطان الصاوي مش ع اساس طلعت إشاعة موت آدم والناس روحو لحكمت هانم عشان يعزوها اومال هي أنكرت ليه وقالت ان آدم بخير بس سافر عشان شغل ؟
رد عليه صفوان بثقة :
- ده لأنها عارفة ان سبايك الذهب اتسرقت ولو العمدة عرف هيوديهم في داهية عشان كده هي كدبت ع الكل وقالتلهم ان حفيدها مسافر ودلوقتي العمدة فاكر ان الذهب ف أمان مع ابن سلطان.
حدق فيه بصمت حائر لعدة ثوان يحاول فيها الإقتناع بما يسمعه، ولاحظ الآخر ذلك فسأله :
- انت مش مصدق ان آدم مات ؟
تنهد مراد مفصحا عما يجول داخل عقله :
- مش مقتنع بسكوت حكمت هانم هي بتعز حفيدها اوي وبتحاول تحميه دايما اومال سكتت ليه المرة ديه وقدرت تتمالك نفسها.
ارتفع جانب من شفته للأعلى وهو يجيبه ساخرا :
- لا حكمت مش ساكتة بس هي عاملة كده بتبقى مستنية الفرصة المناسبة عشان تهاجم ... وغالبا هي لسه مش فاهمة علاقتنا بالحادث و اول ما تعرف هتهاجم عشان تسترجع السبايك وتنتقم لإبنها.
- مين قالك انها مش عارفة ؟
- أنا اتأكدت من ده النهارده الصبح...
flash back
( راقبه من زجاج السيارة وهو يجلس على إحدى المقاعد بشرود فإبتسم وخرج متوجها إليه، ثم أطل عليه من فوق هاتفا بأسف مصطنع :
- العوض بسلامتك يا فاروق.
التف خلفه بتفاجؤ وسرعان ما إنكمشت تقاسيم وجهه بوحشية هادرا بحدة وهو ينتصب واقفا ليقبض على ياقة قميصه :
- يا ندل يا **** انت ازاي تتجرأ تجي هنا !
ضحك صفوان بإستفزاز ثم رفع يداه في الهواء ببراءة :
- انا جاي أعزيك لاني عارف معزة المرحوم عندك هو كان معتبرك صاحبه مش الخادم بتاعه بس.
شدد الأخير الخناق عليه مغمغما من بين أسنانه :
- انا عارف انك انت اللي عملت كده انت اللي هاجمت بيت الهضبة وولعت فيه وبسببك انت آدم ...
بلع آخر كلماته بصعوبة لتنشرح أسارير صفوان هاتفا بمكر :
- انت كده بتعترف انه بجد مات صح اومال ليه مخبيين الحقيقة كنا ع الاقل هنعمل الواجب ... في الاول والاخر المرحوم كان هيبقى صهري وبيننا عيش وملح.
- انت ... انت ...
همس فاروق بتقطع مطالعا إياه بعدم تصديق ثم طفق يسترجع أنفاسه مفكرا بصوت عال حتى قال بإدراك :
- انت كنت عارف ان آدم هيتجوز نيجار عشان كده قتلته ... ونيجار كمان كانت ...
قاطعه صفوان ببرود بعدما أزاحه عنه ودفعه للخلف بعنف :
- لا ده موضوع بين الرجالة متجيبش سيرة الحريم خاصة نيجار ديه حتى كانت هتبقى عروسة بيت الصاوي لولا فشلك في حماية العريس ... مش كنت هتبقى شاهد ع كتب الكتاب بردو.
ظهرت على فاروق ملامح الإرتباك من تلميحه ليتابع الثاني بدهاء :
- حكمت مش عارفة بالتفاصيل صح ديه فاكرة انه كان هناك عشان شغل بس ياترى هتعمل ايه لما تعرف ان فاروق الخادم المخلص بتاعها كان مشترك مع حفيدها في اسرار خفية ومقالهاش عن حاجة لانها لو عرفت كانت أكيد هتقنع حفيدها يتراجع وبالتالي يفضل عايش وسبايك الدهب تفضل ف أمان.
صرخ فاروق بعصبية :
- متفرحش اوي كده انا هروح وأقولها ع كل اللي حصل ساعتها انت هتدفع تمن اللي عملته.
- لو ناوي تقولها فعلا مكنتش هتسكت لحد دلوقتي بس انت خبيت الحقيقة قبل الحادث وخبيت عنها بعد الحادثة بردو لأنك عارف كويس ان حكمت هتحملك المسؤولية وتوديك في داهية أنت وأهلك.
- انت عايز مني ايه دلوقتي ؟
- تسكت ... عايزك تسكت وتعمل نفسك مش عارف ازاي آدم انتقل لرحمة ربه ومين السبب و السبايك عند مين وبكده هتبقى بتحمي نفسك قبل ما تحميني انا... )
back
تابع صفوان بعدما إنتهى من سرد ما حدث بينه وبين مساعد آدم هاتفا بروية :
- انا بظن فاروق مش هيسكت كتير وحتى لو سكت هي هتعرف عاجلا ام آجلا علاقتنا بالحادثة بس عبال ما تعرف هنكون احنا كسبنا وقت نهرب السبايك ونتقاسمهم مابيننا و اول ما صبر العمدة يخلص ويطالب بالدهب بتاعه انا هظهر بدور الشهم اللي عايز يساعده في أزمته المالية و استرجع مكانة عيلتي عنده.
رفع مراد حاجبه بتعجب :
- مش شايف انك بتخاطر وخطواتك سريعة زيادة عن اللزوم خد بالك عشان متتقلبش عليك كل حاجة في الآخر.
- متقلقش انا بقالي كتير بخطط للموضوع ده بس بتوقع انك خايف مع ان اللي بيشوفك بيقول ان انت يستحيل تخاف من حاجة.
تهكم مراد بسخرية معقبا عليه بينما يخرج سيجارة أخرى من العلبة :
- الخوف كويس بيدل ع انك لسه انسان من لحم ودم وبتعرف تفكر بس اللي مش كويس هو انك تدخل في دوامة انت مش قدها عشان تثبت انك مبتخافش ... علشان كده انا بقولك خد بالك.
_______________
"يُعرف الناس بالقرب لا بالمراقبة وتُبنى العلاقات بالود الخالص ، لا بالتودد المفتعل.."
خرجت من الحمام بعدما إرتدت منامتها ووقفت أمام المرآة تجفف شعرها بالمنشفة مفكرة ... مرَّت ثلاث أسابيع على الحادث ولم يطرأ جديد بعد، الجميع يبحث عن آدم بعدما إنتشرت إشاعات مفادها بأنه هرب والسيدة حكمت تصر على أنه ذهب إلى المدينة من أجل مهمة عمل وسيعود قريبا وبحوزته أمانة العمدة.
لكنها الوحيدة التي تعرف أنه لن يعود فهو مات مقتولا، وهي من شاركت في جريمة قتله.
زفرت نيجار بضجر من أفكارها وطفقت تحاول إستعادة رشدها مهمهمة :
- ازاي قدرت اعمل كده ازاي قتلته ياربي ... بس انا مكنتش اعرف ان الخنجر مسموم لو عرفت مستحيل كنت هعمل كده ودلوقتي حصل اللي حصل و مفيش فايدة ف اني اندم.
توقفت عن تجفيف شعرها ورمت المنشفة ثم فتحت هاتفها تتصفح الشقة التي استأجرتها فهي قررت السفر إلى المدينة كي تحمي نفسها من عائلة الصاوي لأنها لا تثق في المدعو فاروق وتعلم جيدا بأنه سيكشف كل شيء لسيدته والعمدة عاجلا أم آجلا لذلك يجب عليها الهرب.
بعيدا عن جرائمها وكابوس آدم وصفوان والجميع...
تنهدت نيجار بتعب وذهبت كي تنام بعدما رفضت الجلوس على طاولة العشاء رغم عدم وجود صفوان عليها إلا أنها لا تملك الشهية للأكل.
رفعت الوسادة كي تعدلها لكن سرعان ما صرخت وهي تقفز بهلع بعدما لمحت دمًا على يدها، أو هذا ما كانت تظنه !
إزدردت ريقها بإرتجاف وقد بدأت قطرات العرق تتشكل على جبينها ثم نظرت لأصابعها الملطخة باللون الأحمر لتكتشف أنه نتج عن طلاء الأظافر الذي يبدو أنها تركته مفتوحا فوقع على الفراش أثناء تحركها عليه وإنسكب...
أغمضت عيناها تزفر براحة وهرعت تغير الأغطية بأخرى جديدة لكن هذه المرة إنتبهت لوجود قلادة كان قد أعطاها آدم لها في السابق فإلتقطتها متأملة إياها بإستغراب :
- مش انا ضيعتها يوم الحادثة ايه اللي جابها عندي ... يمكن مكنتش ضايعة وحد لقاها وحطها ع سريري هبقى اسألهم بكره.
شعرت بالبرودة تلفح بشرتها في نفس الوقت الذي لمحت فيه باب الشرفة موارب لتتأفف وتتجه ناحيته كي تغلقه، وحين إقترابها خُيِّل لها أنها رأت ظلا يتحرك ففتحت الباب فورا كي تنظر من هو لكنها وجدت الشرفة فارغة.
إلتفت يمينا ويسارا تتأكد من عدم وجود أحد حولها حتى إقتنعت بأنها كانت تتخيل حقا فعادت لفراشها وأغمضت عيناها مستسلمة للنوم ...
*** بعد مرور بضع ساعات.
إستيقظت على صوت رنين الهاتف بوصول رسالة لتفتح عيناها بإنزعاج وعند قراءة إسم المرسل زفرت بخنق متمتمة :
- صفوان عايز ايه دلوقتي مش هو ...
وتبعثرت حروف كلماتها الأخيرة !
أحست كما لو أن أحدهم طعنها في منتصف قلبها ! فتشنج في نفس اللحظة التي إحتشدت فيها أنفاسها بحلقها وهي تصرع برؤية مقطع فيديو لصفوان وهو يتكوم على الأرض تنقض عليه أقدام من العدم تركل جسده ووجهه دون رحمة حتى إختلطت دماؤه بتراب الأرضية المكوم فوقها.
شهقت نيجار بعنف تكرر مشاهدة الفيديو وبصعوبة بالغة إستطاعت طلب رقمه، وبمجرد فتح الخط وجدت نفسها تصرخ بأعصاب تالفة :
- انت مين وصفوان فين انتو عملتو ايه في أخويا ؟!
ساد الصمت إلا من صوت أنفاسها المختنقة وأنفاس ذلك الذي أجاب عليها، ثم أغلق الخط و بعث رسالة أخرى إليها ففتحتها على الفور تنهش الحروف بعينيها الحمراوتين " لو عايزة أخوكي يفضل عايش يبقى لازم تجي لحد عنده عشان تساعديه وإلا هبعثهولك جثة "
نزلت دموعها كالشلال ونفت برأسها بذعر لتكتب له " انت مين وعايز ايه "
"انتي شكلك مش عايزاه يعيش"
"لا لا خلاص انا هعمل اللي انت عايزه بس ارجوك متعملوش حاجة قولي انت فين"
"احنا في المكان اللي نهبتو فيه رزق غيركم ... صدقيني لو عدت ساعة وملقتكيش قدامي مش هيرجعلكم حي وأوعى تفكري تقولي لحد او تطلبي مساعدة"
هل يحبس صفوان في بيت الهضبة ! ولكن لماذا ؟
فكرت نيجار بأنه فاروق أو أحد رجال حكمت التي من الواضح أنها علمت بما حدث لحفيدها لهذا خطفت صفوان كي تنتقم، ولكن مالذي عليها فعله الآن هل تذهب بمفردها في هذا الوقت المتأخر وتقع ضحية فخهم أم تستنجد بأحد وبالتالي سيُقتل إبن عمها.
شدت نيجار على شعرها بعصبية ثم حسمت قرارها وهرعت ترتدي ملابسها على عجل وتغادر السرايا من الباب الخلفي خفية، ثم توجهت نحو المكان الذي ترقد فيه فرسها وركبت عليها لأنها تعلم جيدا بأن السيارة ستصدر صوتا وبالتالي سوف ينتبهون لها.
إنطلقت بالفرس تعدو بها وسط الأراضي الزراعية وتشق تلافيف الليل محاولة التغلب على رعبها وبعد مدة معتبرة وصلت إلى الهضبة فدخلت سريعا عند سماع أصوات ضرب تصدر من الطابق العلوي.
كان البيت مهترئا ويملؤه الرماد نتيجة الإحتراق الكبير الذي شهده فساهم ذلك في زيادة خوف نيجار لكنها تحاملت على نفسها وصعدت بدموع منادية :
- صفوان ... صفوان !
قابلت أمامها غرفة مفتوحة لتلج إليها بإرتجاف مرددة للفراغ :
- لو فاكر اني هخاف واعيط تبقى غلطان ... أيا كان انت مين انا هحاسبك ع اللي عملته ده ولو طمعان ف عيلة الشرقاوي تحميك بتبقى غلطان جدا هما مبيساعدوش حد بس أوعدك لو رجعتلي أخويا احنا هنسامحك ونعوضك كمان.
لم تسمع سوى السكون المرير حتى بدأت تفكر جديا بأنها داخل كابوس مرعب ومايحدث هو من نسج خيالها فقط، ساورها الإحساس بالإختناق نتيجة إستنشاق رائحة الرماد وكادت تخرج لكنها سمعت صوتا يأتِ من الشرفة فهرعت ناحيتها هاتفة بلهفة :
- صفوان.
في هذه اللحظة سمعت أحدهم يغلق الباب ثم يقف خلفها وصوت أنفاسه يقترب منها رويدا رويدا وهنا أدركت بأنها وقعت في فخهم حقا وهاهو المتربص يحاصرها داخل منزل مهترئ يبعد عدة كيلومترات عن منزلها !
لم تفكر نيجار مرتين وهي تستل سلاحها الأبيض من غمده المدسوس في كم معطفها وإستدارت بسرعة حتى تشق أول ما يعترضها إلا أن يده سبقتها وقبضت على خاصتها بعنف فصاحت بإنهيار تنازعه :
- سيب إيدي ... بقولك سيبني وإلا هقتلك !
- ده أنا عندي أموت ولا اني اسيب ايدك ياحبيبتي.
إنطلق صوته القاتم يشق الظلام فتيبست نيجار مكانها وأسقطت السكين من يدها هامسة :
- لا ... مستحيل ...
أغمضت عيناها تعتصر دموعها المرتعبة وأعادت فتحها فتراءى لها ضوء القمر المنعكس على المكان وبالضبط على وجهه الذي رغم عدم وضوحه إلا أن عيناه كانتا كفيلتان بإظهار هويته ، إنه آدم !
لم يتسنَّ لها الإستيعاب لأنها بلمح البصر وجدت نفسها تقف عند حافة الشرفة إثر دفعة قوية منه تليها ركلة موجهة على الحاجز الخشبي المهترئ الذي تحطم سريعا فوجدت نيجار نفسها معلقة في الهواء و لاشيء يبعدها عن السقوط سوى يده التي تمسك خاصتها...
أصاب جسدها حالة من الهلع وإزدادت ضربات قلبها بدوي مؤلم وهي تُحس بدمائها تنسحب من جسدها وساهم في ذلك الهواء البارد الذي يضربها دون هوادة مبعثرا شعرها وثوبها ...
تجمدت دموعها أسفل رموشها مستشعرة ذراعه الأخرى التي تلتف حول خصرها فظنت أنه سيعيدها إليه لكنها صعقت عندما وجدت أصابعه تزحف على بشرتها وترتفع لتقبض على عنقها، ورويدا رويدا بدأت ترتفع قدماها عن الحافة حتى لم تعد تشعر بهما...
ومن بعيد سمعت نيجار صوت آدم يعلو على صوت لهاثها والرياح حولهما، بينما يقول بصوت بارد صلب إلى أقصى درجة :
- قوليلي يا حبيبتي ... ايه اللي بيمنعني دلوقتي من اني أشيل ايدي من عليكي ؟
_______________
ستووب انتهى البارت
رايكم بظهور ادم ؟
ايه اللي هيحصل لصفوان ؟
توقعاتكم لمواجهة ادم ونيجار ؟
الفصل الخامس : بداية الحساب.
________________
الذعر، الذعر، الذعر ... هو كل ما تشعر به الآن ، اِستوطن الخوف جسدها واِرتجفت شفتاها بشدة بل هي بأكملها ترتجف، ليس بردا بل خوفا ...
لم تكد تستوعب وقوفه أمامها حتى وجدت نفسها قاب قوسين أو أدنى من الموت وظنت بأنها تتخيله لكن هذا صوته وهذه لمسة يده ما يعني أنه حي حقا ...
حاولت نيجار تحريك رأسها غير أن يد آدم المطبقة على عنقها ضغطت عليها أكثر فتوقفت فورا خوفا من أن تنزلق من بين ذراعه وتسقط...
صوته البارد بعث فيها رهبة اِرتعشت بسببها وتأكدت من جديته التي لا تحتمل المزاح لتغمض عيناها مجددا منتظرة الموت ...
وعندما أيقنت بأنها ستحلق في الهواء بعد بضع ثوانٍ فقط شعرت بجسدها يندفع إلى الأمام على حين غرة فتقع على الأرضية الصلبة !
أطلقت نيجار صرخة ألم صاحبها تحسسها لنفسها غير مصدقة بأنها لم تطر في الهواء، ثم نظرت له مهمهمة كمن ترى وحشا أمامها :
- ازاي ... انت ازاي ...
لم تقدر على تكملة سؤالها فإبتسم الآخر وإنحنى عليها هامسا :
- ازاي انا لسه عايش ؟ عمر الشقي بقى ياحبيبتي ده انا رجعت عشانك حتى.
رفع يده يملِّس على وجنتها مردفا :
- هو انا موحشتكيش ولا ايه.
نفضت يده عنها سريعا وتراجعت زاحفة إلى الوراء بوجه شاحب وأنفاس مسحوبة تطالعه كمن رأت شبحا أمامها وكان هذا يبدو عليها جيدا فتبسم آدم متأملا إياها باِستمتاع ورضا حتى تمالكت نيجار نفسها ورددت بتحشرج :
- ازاي ده ... انا ...
- انتي ايه ؟
- صفوان ... فين صفوان انت عملتله ايه.
قضب آدم حاجباه بعتاب مزيف :
- طب احنا قاعدين نتسلى مع بعضينا ايه اللي جاب سيرة صفوان دلوقتي ... ده حتى الجواب مش هيعجبك.
اشتعلت النيران في عيني نيجار واِحتدت ملامحها بغضب مرددة :
- بقولك صفوان فين انت عملت ايه في اخويا ؟!
هنا اِختفت تعبيرات الهزل من وجهه وعادت تقاسيمه ترسم حقدا أهوجا اِمتلأ قلبه به حتى ذعرت نيجار وتوقعت أن يقوم بقتلها، غير أن آدم عاد في ثانية لبروده مغمغما :
- قلقانة على شريكك طبعا، ماشي مادام ملكيش نفس تقعدي معايا يبقى هقوم اوديكي بنفسي لعنده.
إلتقط معصمها بعنف وأوقفها ساحبا إياها خلفه حتى دخلا لإحدى الغرف وصعقت نيجار عندما وجدت صفوان يجثم على الأرض بتقاسيم دامية وقوى خائرة لكنه حين لمحها من بين جفونه الشبه مغلقة تقف أمامه عاد وفتح عيناه المتورمتان هامسا :
- نيجار.
صاحت نيجار بلوعة منادية بإسمه وإنتفضت متجهة إليه لكن آدم شدد قبضته عليها وأعادها لجواره مرددا :
- ايه رايك بالمفاجأة ديه حلوة مش كده.
حاول صفوان النهوض إلا أنه لم يستطع فإكتفى بالإستناد على مرفقه موجها نظراته نحوهما ليغمغم بصوت يكاد يسمع :
- سيبها ... متأذيهاش.
لاحت على وجهه إبتسامة متوحشة وهو يقول :
- بصي يا نيجار احنا إستفضناه عندنا من كام ساعة وعملنا معاه واجب الضيف بس معرفش ليه صفوان مضايق مننا ومش عايز يقعد معانا شوية كمان.
تململت بين يديه محاولة التنصل من قيده لكن آدم لم يتأثر ولم يتحرك إنشا واحد فصرخت بفقدان أعصاب :
- انت عايز ايه ؟!
كان الإجرام ينضح من عينيه بوضوح، لم تنكر نيجار هذا وهي تراه يوزع نظراته بينها وبين جسد صفوان المكوَّم بلا حول ولا قوة وهذا ما جعل جسدها يرتجف وأسنانها تصطكّ ريثما تنتظر أن يرفع السلاح الذي يمسكه بيده الأخرى ويرديها قتيلة.
بَيد أنها خابت حينما أشاح آدم وجهه عنها لهنيهة دامت بضع ثوانٍ ثم عاد وحدق بها مغمغما :
- السبايك اللي سرقتوهم بعد ما داهمتو البيت وولعتو فيه ... انا عايز اعرف انتو وديتوهم ع فين.
لم يتسنى لها اِستيعاب ما يقوله لأن تأوهات صفوان الضعيفة صدرت في ذلك الوقت وهو يردد بتقطع :
- هي مبتعرفش حاجة عنهم ... قولتلك سيبها ... مشكلتك معايا انا.
اِنزلقت ضحكة مستهزئة من آدم الذي علق عليه هاتفا بتقدير زائف :
- لا راجل ماشاء الله عليك، بس انا بقى بحب احشر الحريم في عداوتي مع الرجالة عشان اوصل لهدفي اعمل ايه ديه طبيعتي، ودلوقتي ردي عليا يا حبيبتي وقوليلي انتو خدتو سبايك الدهب ووديتوهم ع فين.
تدحرجت الدموع من عينيها وقد إشتد خوفها من الموقف الذي هي واقعة فيه الآن وشعرت بقدميها كخيط من الهلام لا تقدران على حملها فوهن جسدها لكن آدم أوقفها بقسوة مغمغما :
- يلا يا فاروق.
فاروق ؟ رفعت نيجار وجهها لتلاحظ وجوده للتو وتزيد صدمتها بعدما كانت تعتقد بأنه قد إتفق مع صفوان ليخفيا حقيقة موت آدم ولا يتضرر أحد منهما.
إذا هل قام فاروق بهذه الخدعة مع ادم من البداية وزيفوا موته كي يوقعوهم في الفخ ؟
لم تجد نيجار الفرصة للتحليل لأنه سرعان ما رأته يحمل عصا ضخمة ويوجهها ناحية رأس صفوان فصرخت بهستيريا :
- صـفـوان لا ارجوك وقف متعملش كده ابوس ايدك يا آدم متقتلوش.
أشار له آدم بالتوقف ثم وجه كلامه إليها بحدة :
- طالما مش عايزاني اموته يبقى لازم تقوليلي وديتو سبايك الذهب ع فين ومين اللي ساعدكم.
هزت رأسها نافية بهستيرية صارخة :
- معرفش ... انا مش عارفة فين السبايك صدقني مش عارفة.
تنهد بملل وعلى حين غرة وجدته نيجار يرفع يده ويطلق على صفوان فتنطلق منها هي صرخة حارقة إخترقت الجدران وأفزعت الطيور في أعشاشها !
حاولت التملص منه وهي تضربه بمرفقيها وتصرخ بجنون كمن مسّها الخبل كي يتركها إلا أن آدم لم يتأثر بحالتها التي كان ليموت لو رآها بهذا الشكل قبل شهر فقط، بل قبض على وجهها بعنف وأجبرها على النظر إليه هاسًّا بنبرة خالية من الآدمية :
- هسألك لآخر مرة ولو مجاوبتنيش اوعدك مش هيبقالكو قبر يلمكم انتو الاتنين.
ثم أفلتها فسقطت على ركبتيها بإنهيار تبكي بلوعة وهي تردد :
- في واحد اسمه مراد هو اللي خد السبايك وخباهم عنده عشان يبيعوها.
إنحنى عليها وسألها بتأهب :
- مين مراد ده وخباهم فين وعلشان ايه.
- معرفش مين هو ... كل اللي بعرفه انه بعت رجالته يداهمو بيت الهضبة وهو خد الدهب وخباه عنده عشان يبيعوه وبعدين صفوان يعرض مساعدة مادية ع العمدة وينقذه من المشكلة اللي هيقع فيها بسببك وبكده يقدر ياخد مكانك.
- يبيعوهم امتى ؟
- كانو متفقين يبعتوهم في شاحنات الليلة ديه لمكان تاني وغالبا هيعدو من طريق *** بس أنا مش متأكدة.
طفقت نيجار تلقي مابجعبتها دون حساب بل وحرصت على إخباره بكل تفصيل تعرفه لعله يرضى بالدرجة الكافية التي تجعله يشفق على صفوان ويتركه في حال سبيله، بينما شرد آدم في حديثها وقد غامت عيناه بسحابة سوداء وأحس بنقمة هوجاء في قلبه إتجاه من حرقت روحه وطعنت رجولته.
إنها جالسة أمامه وكل مافيها يحفزه على فقدان السيطرة على نفسه، هي بوجهها وعينيها ودموعها ...
بصوتها الذي كان بمثابة موسيقى بالنسبة له في الماضي وبشعرها الذي كان يموت شوقا ليتلمسه براحته ولكن الإختلاف هو كيفية رؤيته لها الآن فلقد كان يراها في السابق كحبيبة وزوجة...
أما الآن فهاقد إنقشع القناع عن وجهها وتبيَّن المسخ بداخلها، ساقطة مخادعة لعبت عليه لعبة الحب بكل نذالة ثم غدرت به محاولة قتله وكل هذا من أجل المال فقط ...
حدق آدم للمرة الأخيرة في وجهها بعينان مشروختان كأسد مجروح ثم تصلبت ملامحه ونهض يسحبها ليلقيها على جسد إبن عمها هادرا بقسوة :
- ديه فرصتك عشان تلحقو تودعو بعض قبل ما تموتو.
إنتفضت نيجار وصاحت بهلع :
- انت قولتلي هتنقذه لما اعترفلك بالحقيقة ازاي هتسيبنا دلوقت وتمشي ؟ آدم انت عمرك ماخلفت بوعدك.
متعجرفة ... أنانية ... وقحة وعديمة الإتزان !
أن تنتظر منه المساعدة وتلومه على تركه لها بعدما طعنته يوم زفافهما كأن تطلق النار على أحدهم ثم تغضب منه لأنك أهْدرت رصاصة بسببه !
لم يكترث آدم بها أو يلتف لينظر إليها، بل إكتفى بإمالة رأسه قليلا ثم غمغم بجمود :
- يبقى ده هو شعور الواحد لما يتغدر فيه ... فاروق املي البيت ده بنزين وولع فيه.
تحرك ليغادر وقد رافقته صرخات نيجار طوال طريقه إلى الخارج والتي جعلته يشعر برضا كبير وحينما كاد ينطلق بسيارته أوقفه أحد رجاله قائلا بجدية :
- آدم بيه حارس العمدة اتصل بيك وقال انه طالبكو انت وصفوان الشرقاوي تروحو لعنده بعد بكره عشان تخلصو إجراءات الصفقة اللي اتفقتوا عليها.
رد عليه بجدية :
- مبقاش في صفوان انا هروح لوحدي.
تدخل فاروق في الحوار قائلا :
- بس يا آدم بيه الصفقة محتاجة وجودكم انتو الاتنين بما أن عيلة الشرقاوي جزء منها ولو عرف العمدة انك قتلته هو وبنت عمه هتحصل مشكلة كبيرة ده غير اننا مش متأكدين اذا هنعرف نسترجع الدهب ولا لأ.
طحن ضروسه بأنفعال وحدق فيه مجلجلا :
- يعني ايه انا مضطر انقذ ال*** اللي خططو لقتلي وده عشان نعرف نكمل الصفقة مع التجار ؟ مبقاش يهمني تكمل ولا لأ أهم حاجة عندي دلوقتي صفوان وأخته يموتو جوا لوحدهم بعد ما يتعذبو كفاية.
كان فاروق متفهما تماما لغضبه وحتى أنه يوافقه فيما يريد فعله لكنه لن يسمح لحقده بأن يجعله يخطئ مجددا ويقترف شيئا يندمون عليه لاحقا لهذا دنى منه هامسا بصوت خافت :
- الصفقة ديه مهمة لينا كلنا يا آدم وهتنقلنا لمكان أعلى ولو متنفذتش هنقع في مشكلة كبيرة ، اهدى ومتخليش غضبك يسيطر عليك استنى لحد لما الصفقة تتم وبعدها اعمل اللي انت عايزه.
أغمض عيناه بعدم رضا عما يسمعه رغم علمه جيدا بأن فاروق محق ثم فتحهما وتشدق بنزق موجها كلامه لمساعده:
- جيبوله طبيب يعالجه هنا و اوعى اللي حصل ده يطلع لبرا، وانت يا فاروق كلم الرجالة تحاوط طريق *** وأول لما الشاحنات تظهر اعملوا الازم.
__________________
ومع بزوغ الفجر وإنبلاج أول خيوط من ضوء النهار، رن هاتفه يقطع خلوة الصمت المخيم على جميع أنحاء المنزل فرمش بعينيه اللتين أغلقتا منذ ساعتين فقط ثم فتحهما ووقع نظره على الجسد المسطَّح على السرير لينهض من مقعده فورا ويغادر الغرفة مجيبا على الإتصال بتوجس :
- خير في ايه ؟
وصله صوت الطرف الآخر يلهث بإرهاق :
- الحق يا مراد بيه في جماعة تهجموا علينا واحنا مروَّحين لمكان التسليم معرفش مين هما.
إنتفض مراد بذهول وكان قاب قوسين من الجنون عندما جلجل بحدة :
- ايه اللي بتقوله ده هجوم ايه وامتى ومين اللي عمل كده ! السبايك فين ؟
- سامحنا يا بيه مقدرناش نحافظ عليهم احنا كنا عاملين حسابنا وواخدين معانا عدد كبير من الرجالة عشان نحمي الشحنة بس هما خدونا على خوانة وكانوا أكتر مننا ومقدرناش نعرف مين الريس بتاعهم.
أطلق مراد سُباباً لاذعا وهو يلكم الجدار أمامه بسخط حاول كتمه قدر الإمكان حتى لا تنتبه له تلك النائمة في الداخل ثم أغلق الخط وغادر المنزل متجها إلى الموقع الذي أرسله مساعده لينصدم حينما رأى عدد المصابين المستلقيين على الأرض وآخرون يقفون بوجوه مكدومة خائبة.
إقترب من رئيسهم وأمسكه من تلابيب قميصه متشدقا بغضب :
- انتو عارفين حجم المصيبة اللي وقعتوني فيها يا شوية فشلة ازاي يقدرو ياخدو ثروة منكم وانتو واقفين تتفرجو عليهم زي ال***
أنكس الآخر رأسه بخضوع متمتما :
- صدقني حضرتك احنا حاولنا نقاوم بس حاصرونا من الجهتين واستولوا على الشاحنات اللي معانا بنعتذر منك.
جز مراد على أسنانه بإنفلات أعصاب ثم دفعه بعيدا عنه صارخا :
- هيفيدني ب إيه إعتذاركم ده !
زفر بوحشية مطلقة مستوعبا حجم المصيبة التي تعرض لها وفي ثواني عاد إلى بروده الإعتيادي وهو يردد :
- في حد غيركو كان عارف انكو هتنقلو السبايك أوعى يكون حد منكو طلع الخبر لبرا ؟
أرسل إشارات إتهام وتهديد عبر إستفهامه الأخير وفهم مساعده ذلك فأجاب بجدية :
- كل اللي دخل في المهمة ديه موثوق يا باشا محدش منهم يقدر يخوننا ومحدش كان عارف بالتفاصيل غيرنا احنا و صفوان.
- صفوان ...
همهم مراد ناطقا إسمه وقد إستنار عقله بإدراك نضح من عينيه المشتعلتين وهو يتمتم :
- صفوان إقترح عليا نعدي بعربيات النقل من الطريق ده عشان الحراسة عليه قليلة وهو مختفي من امبارح ومبيردش على إتصالاتي ... معقول يكون ...
ضرب رأسه بعصبية مفكرا في إحتمالية أن يكون صفوان نصب له فخا وهاجم رجاله ليحصل على سبائك الذهب ويحتفظ بهم لنفسه فقط ، فتنفس بحدة ووجه أوامره لمساعده قائلا بصوت عالٍ :
- انا عايزكم تعرفو صفوان وتجيبوه في أقرب وقت ... اقسم بالله لو ليه علاقة باللي حصل هخليه يتمنى الموت وميطولوش !
__________________
بعد شروق الشمس وإتضاح معالم اليوم الجديد وصلت الشاحنات إلى المكان المطلوب فوقف قبالتها بملامح جامدة لا يُعرف منها شيء وعيناه مرتكزتان عليها ، وبمجرد توقفها خرج سائقوها ليفتحوا الأبواب الخلفية فتظهر السبائك المصطفة فوق بعضها البعض بترتيب ولمعان إنعكس على أعين الناظرين ...
دنى فاروق منه وهتف مبتسما :
- الحق رجع لأصحابه أخيرا كانو فاكرين أنهم هيقدرو يسرقونا وإحنا نفضل ساكتين بس دلوقتي عرفو هما غلطو مع مين.
- الدهب متسرقش.
غمغم آدم بقتامة ونظر إلى الآخر الذي ظهرت الحيرة على وجهه فتابع :
- أنا اللي قدمته ليهم بنفسي وخليتهم ياخدوه مني بسهولة ... لولايا مكنتش حصلت حاجة زي ديه أبدا.
أنكس فاروق رأسه حتى لا تتضح تعبيرات الشفقة على ملامحه فينزعج منه سيده، ثم تمالك نفسه وهتف بمواساة :
- متحملش نفسك ذنب كل حاجة ده مش غلطك ... والمهم أنك طلعت سليم من اللعبة ديه وهتدفعهم تمن اللي عملوه.
- مكنتش هطلع سليم لو أنكو ملحقتونيش في آخر لحظة ...
Flash back
( يوم الحادث.
بعد حصار حكمت لفاروق والضغط عليه حتى يخبرها إلى أين سيذهب ومالذي يخطط له آدم رفض أن يتكلم فغضبت وإنتفضت تصرخ عليه حتى يفصح عن الحقيقة ولا يضيع وقتها.
إنتفض فاروق بهلع من إنفعالها ولعن نفسه بداخله لأنه جعل من حاله بيدقا بين الجدة والحفيد كل منهما يعطيه أمرا مختلفا عن الثاني ويجب عليه هو ألا يخالف أحدهما ، وأخيرا فتح فمه ليتحدث إلا أن رنين هاتفه قاطعه فنظر إلى الشاشة و إرتعب عند معرفة هوية المتصل.
ولسوء حظه إنتبهت حكمت لتشنجه فسحبت الهاتف من يده على حين غرة وأجابت مكانه لتسمع الطرف الآخر يردد :
- السلام عليكم ، انت فين يابني مش قولتلي هتجي توديني لبيت صاحبك عشان اكتب كتابه اومال لسه موصلتش ليه مش هقدر اضيع وقت اكتر احنا ورانا مصالح عايزين ننجزها.
بالكاد إستطاعت حكمت إغلاق الخط بعد الحديث الذي سمعته ثم وضعت يدها على صدرها موضع قلبها مهمهمة بهذيان :
- مأذون وكتب كتاب ... مين اللي هيكتب كتابه ؟
أغمض فاروق عيناه بإستسلام ملقيا ما بجعبته :
- آدم ... اقصد آدم بيه هيكتب كتابه النهارده في السر عشان عارف انك مش هترضي ولا عيلة البنت هترضى ... وحضرتك عارفة كويس مين البنت ديه.
- بنت الشرقاوي.
همست حكمت بإدراك وقد بدأت تربط الخيوط ببعضها بداية من تذكرها يوم جاءها آدم وأخبرها بأنه يرغب بنيجار ويريدها زوجة له ورفضها هي للموضوع ، ثم إستمرار خروجه السري في منتصف الليل لمكان مجهول وأخيرا معرفتها بأنه ينوي عقد قرانه عليها، على نيجار التي تملك من الخبث الكثير !
استقامت واقفة وصاحت بصوت أرعبه :
- انت اتجننت فاهم ايه اللي بتقوله ده ! نيجار مين اللي يكتب كتابه عليها انتو بتعملو ايه معندكمش حد يحكمكم ولا ايه فاكرين الدنيا سايبة.
نهض فاروق فورا وهتف مبررا يدافع عن نفسه :
- انا حاولت كتير اقنعه يتراجع ويستنى الأمور تهدا بعدين يخطبها حسب الأصول بس هو ااا...
قاطعته حكمت برعونة :
- يا أهطل ديه مش مسألة مشاكل بين العيلتين ويمكن تتحل وانا مرفضتش عشان كده اصلا، بس نيجار ديه عمري ما اطمنتلها من اول ماشوفتها من شهور واقفة مع آدم حسيت أن في حاجة هي ناوية عليها.
- مش فاهم قصد حضرتك.
- انت مسألتش نفسك ازاي نيجار اتقلبت مرة واحدة وبقت تحب آدم بعدما كانت بتكرهنا وتتهمه انه سرق حق عيلتها من الاراضي والبساتين ؟ مسألتش نفسك ازاي ممكن توافق تتجوزه في السر وتجي لداري وهي عارفة اني مبحبهاش وازاي هتقف قصاد عيلتها اللي متعلقة بيهم وكل ده علشان واحد مشافتوش غير من كام شهر...
- يعني ... يعني في حاجة تانية غير اللي احنا فاكرينه ؟
تساءل فاروق بصدمة مدركا كم هي محقة في كلامها وحتى هو لم يكن مرتاحا لعلاقتهما إلا أنه صمت أمام إصرار آدم الذي أصبح مثل الأعمى أمام تلك الفتاة...
ورغم هذا هز رأسه بإنكار وتشدق بتريث :
- يا حكمت هانم حضرتك عارفة ان آدم بيه راجل ذكي وواعي اكيد لو في حاجة زي ديه مكنش هيحبها ويثق فيها آدم مش شخص بيقع في فخ واحدة ست.
مالت شفة حكمت للأعلى بإستهزاء مدمدمة بصوت لا يسمع :
- لا هيقع ... أبوه عملها من قبل و إبنه هيعملها دلوقتي...
وغالبا نيجار تنوي الدخول لبيتها واللعب عليهم كما تريد ونقل أخبارهم لصفوان كي يستطيع إيذاءهم ! ورغم أن هذا يبقى مجرد احتمال فقط إلا أنه عليها منع الزواج ريثما تتأكد من صحة شكوكها.
قطع سيل أفكارها رنين هاتف فاروق الذي كان مايزال بين يديها فأجابت فورا صارخة :
- انت ايه اللي رايح تعمله ده انت اتجننت !
أغمض آدم عيناه مطلقا مسبة من بين أسنانه مدركا بأن جدته علمت بالأمر فتنحنح متكلما :
- ستي انا ...
قاطعته حكمت بلهجة شديدة :
- بلا ستي بلا زفت انت سبق وقولتلي انك عايز تخطبها وأنا رفضت يبقى ازاي تعمل كده من دماغك انت مش مستوعب خطورة اللي بتعمله ديه بنت الشرقاوي ازاي تأمنلها وتروح تكتب كتابك عليها في السر كده فاكر اني مش هقدر اعرف !
ورغم الموقف الذي وضع فيه الآن إلا أنه رفض بإستماتة الإنصياغ لها وهدر بجدية :
- لو وافقتي وساعدتيني نقنع عيلتها مكنش ده هيحصل انا بحبها ومش هصرف نظر عنها زي ما طلبتي مني وهتجوزها يا حكمت هانم.
- آدم انت مش فاهم انا حاسة ان في حاجة هتحصل وشاكة ف ااا...
لم يدعها تنهي كلامها وأغلق الخط فجن جنون حكمت وفقدت زمام تحكمها في أعصابها لتنهار واقعة على الكرسي بصدمة مما يفعله حفيدها الذي لطالما عرف بحكمته ورصانته.
وبعد دقائق تمالكت نفسها وهمست بالصراخ وهي تغادر المطبخ متجهة ناحية الباب الخارجي :
- امشي نروحلهم دلوقتي ونوقف اللي عايز يعمله ده هو غاطط فين ؟
- في بيت الهضبة.
رد عليها فاروق بإستعجال وهو يركض خلفها لكنه توقف فجأة يمنع إصطدامه بها بعدما توقفت هي على حين غرة و إلتفت محدقة فيه بذهول ممزوج بالإنفعال :
- في بيت الهضبة ... البيت اللي حاطين فيه سبايك الدهب ؟
وقبل أن يجيبها فُتح الباب فنظرت حكمت بلهفة منتظرة أن يكون آدم هو القادم لكن خاب ظنها عند دخول حفيدتها الصغرى ليلى التي لاحظت إضطراب الجو فتساءلت بحذر :
- في ايه يا ستي ؟
لم تتح الفرصة لحكمت بالكلام حين رأت السائق محمد والذي هو شقيق فاروق يدخل للسرايا مرددا بهلع :
- في مسلحين هجمو على بيت الهضبة يا ست حكمت ومعاهم شاحنات نقل ... وآدم بيه قاعد هناك لوحده ... )
Back
ينقطع سيل ذكريات فاروق وحمد ربَّه لأنه إعترف للسيدة حكمت قبل فوات الأوان وعند علمهم بإندلاع حريق في بيت الهضبة تحاملت الجدة على نفسها وإندفعت تركب السيارة بصلابة تليق بها وتأمرهم بالقيادة واللحاق بحفيدها.
وحين وصولهم وجدوا أن بعضا من رجالهم نجحوا في إخماد النار نسبيا فأمرت حكمت البقية بمساعدتهم ليتم الأمر وتصعد باحثة عن حفيدها ... و تراه ملقيا على الأرض وسط دمائه ووجهه لا يبشر ببقائه على قيد الحياة !
كادت تنهار باكية عليه لكن حين تأكدها من وجود النبض به مسحت دموعها بتجلُّدٍ وصاحت في فاروق الذي كان يقف مطالعا آدم بصدمة :
- تعالو طلعوه من هنا وجيبو الحكيم بسرعة ... و ابعت حد يروح يتأكد من السبايك ....
Flash back
( وقفت قبالته وهو نائم بلا حول ولا قوة بينما يعالجه ذلك الطبيب وهي ترشقه بنظرات ملتاعة وضعف يداعب قلبها لأول مرة منذ سنوات.
رفعت رأسها ناحية فاروق وأشارت له حتى يخرج معها ثم همست :
- واضح أن الهجوم على آدم متخططله من زمان وهدفهم كان أنهم ياخدو سبايك الدهب ويخلصو عليه ... وده اللي حصل.
إعتصر فاروق عيناه بندم وذنب يمزقان نياط قلبه وأردف :
- كل ده بسببي لو عملت واجبي و...
قاطعه حكمت بصلابة :
- الكلام ده مبيفيديش حد دلوقتي إحنا لازم نعرف مين اللي عمل كده بس نطمن على آدم الاول.
رافق جملتها خروج الطبيب قائلا :
- الضربة مصابتش مكان حيوي في جسمه الحمد لله بس ...
تحفز فاروق وإنتفضت حكمت متسائلة :
- بس ايه ؟
أجابهما قائلا بإضطراب :
- الجرح ملتهب بشكل غريب وسخونيته عالية ... أنا بعتقد أن السلاح اللي اتضرب بيه مسموم.
إنتفض الإثنان بحرقة بينما يتابع :
- انا عالجت الجرح وخيطته و اديته إبرة تخليه ينام وميحسش بالوجع بس لازم تاخدو بالكم من صحته وكويس أنه مفضلش فترة طويلة جوا النار والرئتين متضررتش بسبب الدخان.
أكمل تعليماته عليهما وغادر، وعادت حكمت إلى المنزل تتدبر أمر الإشاعات التي إنتشرت بشأن موت آدم وجاء العمدة مستفسرا عنه فأخبرته بأنه سافر في مهمة عمل بعدما خبأ السبائك في مكان آمن... )
Back
قطع رنين الهاتف غرقه عندما كان سينجرف في ذكريات لحظة إستيقاظه فنظر له ليجد جدته تتصل ورد عليها :
- أيوة يا ستي.
- أنت كويس طمني عليك عملت ايه.
قابله سؤالها فورا ليجيبها بتريث :
- انا استرجعت الدهب منهم وعرفت أن في واحد كان متعاون مع ولاد الشرقاوي وهبدأ تدور عليه واعرفه.
- الحمد لله كنت عارفة أنك مش هتخيب ظني بيك ... طيب وبالنسبة للشياطين اللي خدتهم لعندك أنت خلصت عليهم صح.
- لأ.
- إيه ؟ مش انت كنت ناوي تقتلهم معملتش كده ليه ؟
- العمدة طلبنا احنا الاتنين يا ستي وأنا لو قتلت صفوان كنت هضطر اشرح السبب للعمدة وإنتي عارفة إني مش عايز حد يعرف باللي حصلي بسبب نيجـ ... بسبب غبائي.
ردد بكلمات حاقدة ناقمة على نفسه قبل أن تنقم على غيره ثم تحجج بإنشغاله وأغلق الخط ليسأل فاروق مباشرة :
- هما قاعدين في انهي داهية دلوقتي ؟
أدرك أنه يقصد نيجار وإبن عمها فتوجس خيفة من إقدامه على مالا يحمد عقباه وأراد نصحه إلا أن آدم إستطرد مغمغما :
- متقلقش أنا مش هعمل حاجة بس عايز اطمن على عديم الشرف بنفسي.
*** قضت الليلة بطولها تبكي خوفا على نفسها وعلى إبن عمها الذي كاد يموت ،في البداية إنهارت أعصابها وإنفجرت في بكاء مرير وهي تجد نفسها وحيدة مع صفوان الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة غير أنها تفاجأت بإقتحام بعض الرجال للمكان وأخذهم لصفوان كي يتعالج ورغم عدم فهمها لما يحصل إلا أنها كانت إكتفت حاليا بنجاة إبن عمها...
والآن هاهي تجلس في هذه الغرفة الرطبة بجانب صفوان النائم لا تعلم ماذا سيحدث معها، رأسها يكاد ينفجر من شدة التفكير في آدم وكيف لم يمت وظهر لها فجأة كشبح الكوابيس.
وقلبها يختض بين ضلوعها بذعر متخيلة ماسيُقدم عليه معهما، هل سينهي حياتها مثلما كادت تفعل هي أم ينتقم منها بطريقة أخرى.
زفرت نيجار بإختناق وكومت وجهها بين كفي يديها بتعب تتوسل زوال ألم رأسها لكنها إنتفضت على حين غرة عند فتح الباب ودخوله بهيئته الضخمة عليها، وقفت وإتسعت عيناها البنيتان برعب تحدق في آدم الذي كان يحدجها بملامح أبعد ما تكون عن الإنسانية لدرجة أنها أحست بالدموع تتجمع بين جفونها فحادت نحو صفوان بتلقائية تتوسل مساعدته لكنه لم يكن في وضع يسمح له بالتحرك إنشا واحدا حتى !
_________________
إنتهى البارت
رايكم بظهور آدم ؟
ايه اللي هيعمله مع نيجار بعدما استرجع سبايك الذهب ؟
توقعاتكم للأحداث القادمة
تابعووووني
الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر من هنا
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺