رواية التل الفصل الثاني بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا

رواية التل الفصل الثاني بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا 


رواية التل الفصل الثاني بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا 


وقفت ياسمين امام الخزانة لتخرج ملابس ترتديها كي تذهب للوحدة كما اتفقت مع جواد

خرج خالد من المرحاض ليجدها تنتقي الملابس بعناية القى المنشفة على المقعد ووقف أمام المرآة يهندم ملابسه وسألها بفتور

_ كل ده عشان رايحة الوحدة؟ 

ردت بفتور مماثل وهي تخرج عباءة سوداء تمتاز بالرقي 

_ انا خارجة سواء بقا رايحة الوحدة او هتمشى شوية مش هتفرق


القى الفرشاة من يده وتقدم منها كي يمنعها من ارتداء عباءتها ليس رغبةً بها بل لأجل وضع ملكيته عليها طلاما لم يستطيع وضع ملكيته على قلبها 

_ ما تأجلي المشوار ده شوية.

ازدردت لعابها بوجل وتمتمت برهبة

_ بس كدة هأخر على ميعاد التطعيم ….

قاطعها وهو يجذبها إليها

_ مفيهاش حاچة لو آخرتي شوية

لم يعطيها فرصة للاعتراض وأخذها إجبرًا كما اعتادت منه.


ترجلت ياسمين على الدرج وهي تحمل ذلك الصغير والذي يبلغ من العمر عام ونصف

توقفت بوجل على صوت حماتها وهي تسألها بترقب

_ اخده الولد ورايحة على فين إن شاء الله يامرات ابني.

انقبض قلبها خوفًا والتفتت إليها وهي تحاول الثبات أمام تلك المرأة الظالمة فتمتمت بثبات لا يخلو من الارتباك

_ ها.. انا رايحة اطعم يزن زي ما جولتلك امبارح يامرات عمي.

ترجلت كريمة حتى وصلت للدرجة التي تقف عليها ياسمين وغمغمت وهي تنظر داخل عينيها

_ واشمعنى المرة دي اللي مصرة تودية انتي؟

رمشت بعينيها وتمتمت برهبة

_ انتي عارفة انه متعلج بيا ومش بيسكت مع حد غيري وبعدين متنسيش اني ابقى عمته 


ساورها الشك لكنها أومأت برأسها وأشارت لها بالذهاب 

وهي تراقبها بعينيها حتى خرجت من المنزل.


خرجت ياسمين وهي تتنهد براحة لتخلصها من اسئلة تلك المرأة

لتتفاجئ به بجوار السيارة يفتح لها الباب.


اهتزت نظراتها وانتفض قلبها خوفًا من مشاعرها التي مازالت كما هي لم تستطيع التغلب عليها.

أما هو فقد اخفض عينيه منتظر صعودها للسيارة وحاله ليس افضل من حالها 

تعاهد كلاهما على الفراق والتزموا به لكن قلوبهم أبت الاعتراف بذلك وظلت على عهدها القديم بأن يظلوا على نهجم مهما فرق بينهم القدر 


تنفست بقوة تحاول التحلي بها وألا تضعف أمام سطوة قلبها وتقدمت لتستقل المقعد الخلفي وهي تحمل يزن في سكون تام.


أغلق الباب بعد أن استقرت في مقعدها  وسرعان ما جلس في مقعده وانطلق بالسيارة إلى وجهتها بناءً على أمر جواد الذي جعله عينيه الأخرى في ذلك القصر

التزم الصمت وعينيه تنظر إلى الطريق دون أن تنزاح من عليه.

 عليه الثبات رغم صعوبة الأمر فهو من أخطأ من البداية عندما سمح لقلبه بعشق حُكم عليه بالفشل قبل بدايته


أما هي فقد كانت تنظر من النافذة بشرود تخبر نفسها بأنها أقوى من ذلك وستستطيع التغلب على ذلك العشق المحرم 

فهي ليست خائنة ولن تكون.


وقف جواد أمام الوحدة ينتظر قدوم ابنه على أحر من الجمر

فقد مر عام لم يلمح فيه طيفه سوى بالفيديوهات التي تبعثها إليه ياسمين

اليوم سيضع حد تلك المهزلة ولن يستطيع أحد ردعه.


توقفت السيارة أمام المبنى وترجلت منها ياسمين  وهي تحمل الطفل 

تقدم منها جواد وهو يسألها بفتور 

_ آخرتي إكدة ليه؟

اندهشت ياسمين وهي تتطلع إليه وكأنها ترى شخص آخر غير جواد أخيها الذي يتسم بالطيبة والحنان 

فتجد أمامها عيون جامحة يحرق لهيبها من تقع عليه نظرته، فردت بوجل

_ ما انت خابر مرات عمك محدش بيعرف يخرچ الا بـ سين وجيم منيها.


أومأ بجمود وأشار لها بالتقدم كي يتم التطعيم.

كانت تنظر إليه بين الحين والآخر وتندهش من حاله، فقد تبدل حقًا ولم يعد أخيها الذي كانت تشعر معه بالأمان.

لم تراه منذ ذلك الحادث حتى أنه رفض أن تظل معه كي تعتني به في مصابه.

 

انتهى التطعيم وخرجت ياسمين معه لكن تلك المرة هو من يحمل صغيره والذي لم يكف عن البكاء منذ حمله

قالت بتعاطف

_ معلش ياجواد اصله أول مرة يشوفك.

هز راسه بتفاهم وغمغم بثبات

_ اركبي انتي وملكيش صالح انا هعرف اسكته

اندهشت ياسمين وسألته 

_ تجصد ايه مش فاهمة؟

فتح جواد باب السيارة ودفعها عنوة وأغلق الباب وهو يقول بأمر

_ روحي انتي.

حاولت فتح الباب وهي تقول بهلع

_ انت هتعمل ايه يامچنون مرات عمي لو عاودت من غيره هتجتلني

اشار جواد للسائق بعينيه أن ينطلق وقال بثبوت

_ قولي لچدي إن جواد أخد ابنه 

وإن كريمة كلمتك جوليلها اخبطي راسك في اجدعها حيطة

انطلقت السيارة وياسمين تصرخ بالسائق أن ينتظر لكنه لم يستمع لها

حاولت الاتصال مرارًا وتكرارًا لكنه لا يجيب 

نظرت إلى آدم بغضب وغمغمت بتوعد

_ وديني لما اوصل الجصر لجلبه على دماغك.

نظر آدم إليها في المرآة ورد بثبوت

_ انا عبد المأمور وجواد هو اللي أجبرني اعمل أكدة.

ضغطت ياسمين على اسنانها تحاول البحث عن مخرج من تلك المصيبة التي اوقعت نفسها بداخلها وتمتمت بوجل

_ هجول ايه دلوجت لمرات عمي؟

تطلع إليها آدم في المرآة وأراد أن يطمئنها بطريقته كما كان يفعل فيما مضى لكن قضي الأمر ولم يعد باستطاعته حتى التفكير بها، لكنه عاهد قلبه بأن يظل رافضًا إخراجها منه ما حييت.


❈-❈-❈


_ انتي بتجولي ايه يامخبولة انتي؟

قالتها كريمة وهي تهدر بها عندما تفاجئت بها عائده دون حفيدها وأخبرتها بأن جواد أخذ الطفل منها عنوة فتتدخل فادية لتدافع عنها

_ وهي ذنبها ايه بس ياكريمة، بتجولك أنه اخد الواد من يدها بالغصب، كانت هتعمل ايه يعني.

تلاعبت الشياطين أمامها وعقلها يدفعها للذهاب إليه وأخذ حفيدها بالقوة منه لكن خروج حسان من مكتبه جعلها تتراجع

_ في ايه ياكريمة صوتك عالي في الدار ليه؟

تقدمت منه جليلة لتقول باحتدام

_ جواد خطف حفيدي وبيجول انه مش هيرچعه تاني يرضيك ياعمي إكدة؟

عقد حاجبيه مندهشًا ونظر لياسمين يسألها

_ ايه اللي حصل يا ياسمين ومن غير ما تخبي حاچة لإنك خابره زين إن مفيش حاچة بتخفى عليا.


ارتبكت ياسمين ونظرت إلى فادية تستنجد بها فتحسها بعينيها أن تخبرهم الحقيقة، فنظرت إلى جدها لتقول بوجل

_ والله يا چدي أنا مليش ذنب، هو اللي بجاله فترة بيطلب مني يشوف ابنه بس انا كنت برفض وبعدها كلمني وجالي أنه مسافر وعايز بس يشوفه جبل ما يمشي.

قاطعتها كريمة بغضب

_ وانتي صدجتية ياخايبة؟

اوقفها الجد بحدة

_ كريمة.

التزمت الصمت ليس وجل منه بل لأنها لا تريد كسب عداوته الآن حتى يجبر جواد بارجاع حفيدها

تحامت ياسمين خلف فادية وتمتمت برهبة

_ واني كنت هعرف منين أنه ناوي يعمل إكدة، اني صدجته لما جالي انه هيشوفه ويمشي على طول.


هز عامر رأسه وأشار لها بالانصراف فتصعد إلى غرفتها مسرعة وهي تلعن جواد بداخلها.

نظرت كريمة إلى حسان وسألته بحيرة

_ هتعمل ايه ياعمي؟

ضرب بعصاه الأرض وتحدث بقوة

_ مش عايز حديت تاني في الموضوع ده؟

عقدت حاجبيها بدهشة ودنت منه تسأله

_ حديتك ده معناه ايه؟ 


_ يعني ده ابنه وأخده ومحدش يجدر يمنعه.

صدمت من رده بعد أن أمر بترك الطفل معها كي يعوضها عن فقدان ابنتها فكيف إذًا يترك صفها الآن

_ يعني انت موافجه في اللي عمله وانت خابر زين انه عوضي عن موت بنتي اللي حفيدك جتلها؟


تطلع إليها بغضب لصوتها الذي عالى على صوته وهتف بحزم

_ صوتك ما يعلاش وده أولًا 

وثانيًا مش رايد حديت في الموضوع ده نهائي.

دنى منها أكثر وتابع بسخط

_ وأوعي تكوني فاكرة إنك أخدتي الولد عشان يعوضك والكلام اللي بتضحك بيه على چوزك وخلتيه يمشي كيف الخروف وراكي، لا أني خابر زين إنك عملتي إكدة بس عشان تكسري حفيدي بس سيبتك وجلت بكرة تعجل بس انتي كل مدى ما بتطغي فيها ومن بعد النهاردة محدش له كلمة في الموضوع ده.


تركها ودلف غرفة مكتبه وعينيها تنظر في اثره بغضب جحيمي

لن تتركه يفرح بنصره عليها وستحاول بشتى الطرق كسر شوكته كما كسرها هي بقتل ابنتها.


❈-❈-❈


دلف جواد منزله وهو يحمل ابنه الذي لم يكف عن البكاء خوفًا من ابيه والذي لم يراه من قبل مما جعله يزداد سخطًا عليهم.

نادى بصوته الحاد 

_ أم نعمة.

خرجت ام نعمة من المطبخ لتتفاجئ به واقفًا يحمل ابنه الذي يبكي بشدة فنظرت إليه بعتاب تلاشاه هو وتحدث آمرًا

_ خدي الولد سكتيه وابعتي للمربية خليها تاچي دلوجت

أخذت الطفل من يده وقالت بطاعة

_ حاضر ياولدي.

أخذت الطفل وذهبت به إلى الغرفة التي خصصها له من قبل وحاولت تهدئته حتى تعب من البكاء ونام باكيًا

دلفت نعمة لتجد والدتها تضعه في الفراش فسألتها بهمس

_ نام؟

اشارت لها والدتها بالصمت وجذبتها وخرجت من الغرفة.

سألتها 

_ كلمتي البنت ولا لسة؟

ردت بهدوء

_ اه كلمتها وجالت انها مش هتجدر تاچي وهتبعت واحدة غيرها وزمانه على وصول 

_ طيب روحي عرفيه وربنا يستر


بحثت عنه لتجده واقفًا في حديقة منزله يتحدث مع أحد رجاله

انتظرت حتى أنهى تعليماته ثم سألها بعينيه عن سبب وقوفها فقالت بارتباك

_ البنت اللي طلبتها مش هتجدر تاچي وجالت إنها هتبعت أختها

زم فمه باستياء وهو يعصر الهاتف بيده ثم سألها 

_ مش البنت دي متزوچة؟

_ لا اطلجت من فترة إكدة ورچعت البلد.

التزم الصمت قليلًا ثم تحدث بانفعال

_ طيب روحي دلوجت

انصرفت نعمة ونادى هو على حامد الذي آتى مسرعًا

_ نعم يا بيه

قال بأمر 

_ ساعة بالكتير وتچيبلي أخبار البنت اللي چاية دي.

أكد حامد 

_ نص ساعة وهچبلك كل أخبارها


❈-❈-❈


انتهت حياة من وضع ملابسها داخل الحقيبة وقامت بحملها وهي تنظر بوجل إلى منى 

_ انا بجيت چاهزة يلا معاي عشان تعرفيني الطريج.

نظرت منى بحزن على حال أختها وقالت بتأثر

_ بلاش تروحي الله يرضى عليكي، اني جلجانة جوي من شغلك معاه.

تنهدت حياة بحزن وتمتمت بشجى

_ وهو يعني اللي ارتاحنا ليهم عملوا ايه؟ ضحكوا علينا والآخر خطف ابني وهرب بيه، خلينا اشتغل يمكن الشغل يعوضني عن فراج ابني.

ربتت منى على كتفيها وقالت بثقة

_ إن شاء الله ربنا هيرجعهولك سالم غانم وينتجم من اللي كان السبب.

أومأت لها حياة وخرجوا كلاهما من المنزل متجهين إلى تلك المزرعة.


❈-❈-❈


وقفت حياة أمام بوابة المزرعة وهي تشعر برهبة وشعور غريب

وكأن هذا المكان هو ملاذها الذي كانت تبحث عنه

فتح الباب وخرج منه وهدان أحد رجال جواد المخلصين يسألها 

_ خير؟

اهتزت نظراتها بوجل وردت بتردد

_ أ..أنا.. المربية اللي طالبها جواد بيه.

هز رأسه بتذكر وقام بفتح الباب وهو يقول بترحيب

_ يا أهلًا اتفضلي.

ردت باحترام وهي تدلف للداخل

_ يزيد فضلك

أمر الرجل المكلف بحراسة البوابة وقال بأمر

_ اجفل البوابة ووصلها للبيت چوه.

خرج وهدان وأغلق الرجل الباب خلفه 

_ اتفضلي يا بنتي تعالي معايا.

ابتسمت بروية وسارت خلفه وهو يتقدمها كي يصلها إلى داخل المنزل حتى وصل لاعتابه ونادي 

_ يا نعمة 

خرجت نعمة من المنزل وهي تحكم الغطاء على رأسها جيدًا و ترد عليه

_ ايوة يابا چاية.

اشار لها على حياة

_ خدي …

نظر إليها يسألها عن اسمها فأجابت بثبات

_ حياة.

_عاشت الأسامي يابنتي، خديها يانعمة وخليها تجابل چواد بيه.

_ من عينيه.

سارت حياة بجوارها لتدخل ذلك المنزل الكبير وعينيها تجوب المكان برهبة.

ماذا ينتظرها هنا؟

طرقت نعمة الباب وسمعت صوته الحاد الذي أجفلها وهو يسمح لهم بالولوج، فإذا كان بتلك الحدة وهو يسمح لهم بالدخول فماذا يكون حاله عندما يغضب 

 دلفت الغرفة وقلبها يدق بعنف وأخذت عينيها تجوب الغرفة حتى سقطت عينيها عليه

وهو واقفًا أمام الشرفة يوليهم ظهره وعندما استدار 

وجدته حقًا كما تخيلته بتلك العيون الحادة وفمه القاسي وقطبت جبينه التي استلذة موضعها وأقسمت ألا تتركه.


قاطعت نعمة تفكيرها وهي توجه حديثها إليه 

_ دي المربية اللي جنابك طلبتها.


نظر إليها بوجوم ولم يحتاج أن يسألها عن شيء وقد أخبره حامد بكل ما يتعلق بها كما إن حالتها وعيونها التي تقطر حزنًا تخبرهم بحقيقة مرة عاشت بها تلك الفتاة فعمرها لا يتعدي الثانية والعشرون كما أخبره حامد لكنها تبد كوردة ذابلة في مهب ريح

 فتحدث بجمود

_ اظن إن حامد اتفج معاكي على كل شيء وخبرك باللي هتمشي عليه.

رمشت بعينيها مرات متتالية تحاول الثبات أمامه وقالت بخفوت

_ أيوة خبرني.

أومأ لها ثم أشار لهم بالانصراف وظل يتبعها بعينيه حتى خرجت من الغرفة


صعدت حياة بصحبة نعمة إلى غرفة الصغير وعينيها تجوب المكان بحثًا عنه حتى وقع نظرها عليه وهو نائم في فراشه وآثار البكاء واضحة عليه

ابتسمت وهي تتقدم منه بتروي تملي عينيها منه وكأنها ترى به وحيدها 

مدت يدها لتتحسس خصلاته الفاحمة كخصلات أبيه 

جال بخاطرها عينيه الآسرة والتي رآت خلف جفاءها وقوتها حزن دفين حصيلة أعوام عديدة من الآلام

انتبهت على صوت نعمة التي تسألها 

_ حياة مبترديش ليه؟

تطلعت إليها وهي تجيب بتيهه

_ ها

تعجبت نعمة وردت بروية

_ بجولك إن چواد بيه سمحلك إنك تباتي معاه لحد ما يتعود عليكي.

أومأت برأسها وتطلعت إلى نعمة وهي تخرج وتغلق الباب خلفها فعادت بنظرها إلى يزن لتملس على خصلاته وهي تقول بحب

_ قد ايه بريء زي الملايكة بكرة الدنيا تصنع منك وحش كيف الوحوش اللي عايشين وسطيهم بس انا مش هسمحلها تحولك زييهم.


❈-❈-❈


اسرعت للذهاب إلى المشفى الخاصة بهم تتأكد من ذلك الخبر الذي دمر كل شئ وقد كانت الصدمة التي قضت عليها وهي تستمع لصرخات عمته ونحيب ابوه

اغمضت عينيها والشعور بكل شئ ينهار من حولها يزداد ويزداد 

تساقطت الدموع منها بغزارة ولم تجد سوى ذلك الجدار التي ألقت حملها عليه وتبكي بكاءً يمزق القلوب

ليتها لم تتركه يذهب، بل ليتها كانت معه وانتهت حياتهم معًا 

بكت كما لم تبكي من قبل ولم تجد من يواسيها 

ويخفف عنها مصابها 

انتهت الحياة بالنسبة لها ولم يعد لها معنى بعد فراق ذلك الحبيب 

وضعت يدها على جوفها تتحس قطعة منه لتكون الذكرى الوحيدة المتبقية لها

ها هو يخرج موضوعًا على ذلك الحامل مغطي الوجه والجميع يلتف من حوله ماعدا هي 

رغم انها الأحق به منهم 

جلست على الأرضية الصلبة وسمحت لصرخاتها بالانطلاق لتحكي للمارة مدى العناء التي بثته في تلك الصرخات 

صخرت وبكت ونادته لكن ما من مجيب 

وظلت صرخاتها تمزق قلب من يقع سمعه عليها حتى تراخت بين يدي الممرضات الذين رأفوا بحالها ووضعوها في إحدى الغرف بعد فقدانها للوعي.


أما والدتها فقد ظلت تباشر عملها في سكون تام ظن الجميع بأنه حزنًا على ابن سيدها 

ولم يدري أحد بمصابها 

ماذا تفعل الآن؟

هل تخبره وتتعرض للعواقب

أم تصمت وتداري عار ابنتها بيدها

فهي أكثر من يعلم بهؤلاء لا تعرف الرحمة لقلوبهم طريق.

تتذكر جيدًا مدى قسوتهم على زوجته والتي تركت ابنها وفرت هاربة من براثينهم وعادت لبلدتها في الصعيد 

فهل سيقبل والده ذلك المتحجر بزواج ابنه الوحيد من ابنة الخادمة 

وبعد موته هل سيقبل بذلك الطفل الذي يعد حفيدًا غير شرعيًا أمام مجتمعه؟!


دلفت سعاد لتقول برجاء

_ معلش ياأم نور روحي انتي قدمي القهوة لولدته واللي جايين معها 

أومأت لها بصمت فعادت تسألها

_ أومال فين نور كانت جات ساعدتنا

انقبض قلبها خوفًا عليها فلم تدري عنها شيء منذ ما حدث 

فقالت بثبات رغم خوفها

_ أكيد في البيت لأنها كانت تعبانة أوي امبارح.

نهضت نادية وقد شعرت بالدوار حتى كادت أن تسقط

أسرعت سعاد تساندها وقالت بقلق

_ مالك يانادية؟ انتي اخدتي الأنسولين

استجمعت نادية قواها وتحاملت على نفسها وهي تتمتم بثبات

_ اه أخدته متقلقيش انا كويسة


في بهو المنزل كانت والدته تجلس على المقعد في وجوم وعينيها تزرف الدموع في صمت مطبق

فقد فارقها فلذة كبدها دون أن يسمحوا لها بوداعه

فقط اكتفوا بتلك الكلمة(تعالي خدي عزا ابنك)

وكأنهم يخبروها من باب العلم بالشيء

لكن هي من أخطأت حينما تركته بين ايديهم ولم تحارب كي تسترده منهم، سيظل الندم حليفها منذ اليوم 


تقدم منها أحدهم وقال بثبوت

_ يلا ياأمي بكفياكي جعاد عنديهم.

رفعت عينيها التي غشاها الدموع إليه واستجابت ليده التي ساعدتها على النهوض واسرعت سلمى تساندها وكذلك هيام اختها ووالدت سلمى فتتمتم بحزن على حال أختها 

_ شدي حيلك ياآمال ربنا يصبر قلبك

اخذاها للخارج وساعدها على الصعود للسيارة وقال مراد لزوجته

_ خليكي جانبها لحد ما ارن على مؤيد 

نظرت سلمى لوالدتها وسألتها

_ ماما هتيجي معانا؟

ارتبكت هيام وقالت بتسويف

_ لأ، سافروا انتو وانا هاجي مع باباكي إن شاء الله.

اومأت سلمى وعلمت بأن والدها رفض ذهابها معهم

فاستئذنت منهم وذهبت إلى حيث ينتظرها زوجها.


صعدت سلمى بجوار آمال وأخذت تنظر إلى والدها الذي ذهب دون أن يطلب رؤيتها

ماذا فعلت لتستحق ذلك العقاب.

هل لأنها أحبت ابن خالتها وأختارته هو بدل ابن صديقه، أم لأنه ناقمًا على خالتها التي تركت صديقه وتزوجت غيره.


ابتعد جواد عنهم قليلًا كي يهاتف أخيه 

_ أيوة يا مؤيد يلا عشان راچعين البلد

_ …..

تحدث بانزعاج

_ انت مش شايف معاملتهم لينا كأننا چايين نتطفل عليهم.

_…..

طيب يلا جوام عشان نلحق نعاود 

اغلق الهاتف وعاد لسيارته ولم يمضي دقائق حتى جاء مؤيد واستقل مقعده وانطلقوا عائدين إلى بدلتهم


واثناء عودتهم

حاولت آمال التحلي بالصبر كي لا يضيع أجرها ويجعل الله من صبرها نصيبًا من جنة الخلد بقصر فيها كما وعدنا

لم يستطيع أحد التفوة بكلمة وظلوا على صمتهم كلاً في واديه 

فهي حقًا فاجعة لهم جميعاً وسيترك جرحها اثرًا قويًا لن تمحوه السنين


عادوا إلى منزلهم ليقيموا عزاء في بلدتهم 

وقلوبهم تحترق شوقًا على قطعة منهم.


في منزل حمدان

وقفت سهر امام غرفة والديها تنتظر خروجهم على أحر من الجمر وقلبها يتمزق على حبيبها 

لابد أن تنهي خصامهم وتعود إليه لتقف بجواره.

خرج حمدان وزوجته ليجد ابنته تقف على جمر ملتهب فأسرعت إليه تقول 

_ يلا يابا بسرعة افتح الدار جبل ما يوصلوا

أومأ له وتحدث برزانة

_ يلا يابنتي ربنا يصبر جلوبهم عليه 

خرجت مع والديها وتركت طفلها مع اختها حتى ينتهي العزاء 

وفور وصولهم للمنزل أمر حمدان رجاله بتجهيز كل شيء خاص بالعزاء 

وكذلك سهر التي ساعدتها والدتها 

وقد شعرت بتأنيب ضميرها لعدم تواجدها معهم في تلك المحنة.

عادوا جميعاً إلى المنزل فيجدوا أهل البلدة في انتظارهم كي ينعوا مصابهم.


أما سهر فما إن رأت حماتها حتى دنت منها تقبل رأسها بحب 

_ البقاء لله ياأمي.

بصوت بالكاد يخرج ردت آمال

_ ونعم بالله.

ساندتها هي وسلمى واجلسوها على المقعد وظلوا بجوارها لم يفارقوها لحظة واحدة.


❈-❈-❈


دلفت لبنى الغرفة لتجد نور تنهض من الفراش فأسرعت إليها تمنعها 

_ رايحة فين يانور انتي لسة تعبانه.

ردت نور بإصرار وهي ترتدي حذائها 

_ لازم اروح لابوه واحكيله على كل حاجة.

امسكت حقيبتها فتحاول لبنى منعها

_ استني بس هتروحي تقوليلهم ايه؟ انتي ناسية ان القسيمة مش معاكي؟

_ معنديش حل تاني لازم اروحلهم واللي يحصل يحصل وبعدين القسيمة في الشقة آسر ادهاني قبل الحادثة كأنه كان عارف أنه عيموت.

خرجت نور من شقة صديقتها وتوجهت إلى منزلهم كي تبدل ملابسها

فمنذ أن خرجت من المشفى بصحبة لبنى وهي تقيم لديهم حتى مر ثلاث ايام تعاني فيهم ويلات العذاب 

دلفت منزلهم لتجد والدتها تجلس على الأريكة في حزن وانكسار 

تركت الحقيبة من يدها وتقدمت من والدتها وجلست اسفل قدميها لتقبل يدها باعتذار 

_ سامحيني ياماما أرجوكي سامحيني

نظرت إليها نادية بعتاب ثم اشاحت بوجهها بعيدًا عنها فلم يعد الاعتذار يجدي نفعًا بعد تلك المصيبة التي حطت فوق رأسهم

فعادت تقول برجاء

_ ارجوكي ياماما متبقيش انتي والزمن عليا


نظرت إليها نادية وتمتمت بعتاب

_ انتي اللي عملتي في نفسك كدة وانتي اللي تتحملي النتيجة لوحدك.

تساقطت دموع نور بألم وتمتمت بآسى

_ انا عارفة اني غلطت بس كان غصب عني، حبيته ووثقت فيه وهو وعدني أن جوازنا هيكون في السر لحد ما يقدر يقنع ابوه.

التوت شفتيها بطيف ابتسامة محملة بالمرارة

_ وتفتكري إن ابوه ممكن يوافق علينا، دي امه كانت من اكبر عيلة في الصعيد ومع ذلك كانوا بيتعالوا عليها ويقولوا الفلاحة تفتكري هيقولوا عليكي ايه يابنت الخدامة.

انتهى ثبات نادية وأخذت تندب على وجهها وهي تصرخ بها

_ ياخسارة شقايا وتعبني، منك لله يابنتي منك لله.

لم تستطيع منع والدتها بل شاركتها البكاء، فقد اخطأت وعليها تحمل نتيجة فعلتها..


❈-❈-❈


في غرفة توليب

كانت مندمجة في تداول دروسها عندما طرق الباب ودلفت والدتها

_ توليب يلا ياحبيبتي الغدا جاهز.

لا تعرف لما خطرت في بالها تلك الفكرة الشيطانية فقالت بحزن مصطنع

_ لا ياماما اتغدوا انتو انا مليش نفس

علمت والدتها بمكرها فردت بفتور

_ براحتك.

خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها وعادت إليه.

تطلع إليها يسألها

_ اومال فين توليب؟

جلست سلوى على مقعدها وقالت بعدم اهتمام

_ ملهاش نفس.

قطب جبينه بعدم فهم وسألها

_ يعني ايه ملهاش نفس؟ لازم تتغدا.

قال تميم وهو يمد يده ليأخذ نصيبها من الطعام

_ احسن وفرت

نظر إليه توفيق شزرًا وقال بأمر

_ سيب الطبق بتاعها.

احتفظ تميم بالطبق أمامه وقال بتعند

_ المكرونة لو بردت بنتك مش بترضى تاكلها فـ هكلها انا بدل ما تترمي.

زفر توفيق بيأس وتحدث بحزم

_ قلتلك حط الطبق مكانه.

وافقه تميم على مضد واعاد الطبق موضعه


اما توفيق فظل يتظاهر بعدم الاهتمام ويأكل بغير شهية لكنه لم يستطيع 

محاولات متكررة لأنه لم يعتاد غيابها عن طاولة الطعام والهدوء الذي عم المكان حتى اضطر لترك الملعقة من يده ونهض قائلًا

_ هروح اجيبها

نظر تميم إلى والدته وقال بحيرة

_ هموت واعرف البنت دي عملتله السحر فين عشان اعمل زيه.


كانت توليب تنتظر مجيئه بثقة فهو لما يفعلها من قبل ولن يستطيع

وقد كان لها ما أرادت

إذ طرق الباب ودلف يقول بجمود 

_ يلا على الغدا.

حاولت اخفاء ابتسامتها وتظاهرت بالحزن وهي تجيب

_ ما انا قلت لماما مليش نفس.

_ وانا قلت لازم تاكلي المكرونة هتبرد ومش هتعرفي تكليها بعدين.

لم تستطيع التحكم بابتسامتها اكثر ونهضت من مكتبها وهي تتقدم منه لتقول بمرح

_ عشان متبردش ولا عشان مش قادر تاكل من غير ياقلبي انت.

حاول الثبات أمامها وتظاهر بالجمود وهو يقول بقوة

_ مين قالك كدة محصلش.

تطلعت في عينيه وهي تقول بمزاح

_ طيب عينيك في عيني كدة؟

قرر الانسحاب قبل أن يضعف أمامها وغمغم بثبات وهو يعود للطاولة

_ والله بقى انتي حرة خلي تميم يخلص طبقك.

وهنا اتخذها تميم فرصة كي يأخذ طبقها لكنها اسرعت بأخذه وهي تقول بأمر

_ أوعى تقرب من طبقي.

نظر لها تميم بغيظ وعاد إلى مقعده وهي كذلك

فتنهد توفيق براحة وبدأ في تناول طعامه


كان جالسًا أمام التلفاز يتابع الأخبار عندما تقدمت منه سلوى لتضع القهوة أمامه 

أخذها منها وهو يتمتم بشكر

_ متشكر ياسلوى.

جلست بجواره ولاحظ نظراتها المستاءه فسألها 

_ مالك بتبصيلي كدة؟

غمغمت بامتعاض

_ عشان عقابك لتوليب طول أوي 

رد بإصرار وهو يأخذ فنجانه

_ ومش هكلمها برضه إلا لما تعترف بغلطها 

زمت فمها بغيظ منه وقالت بحكمة

_ ياتوفيق ياحبيبي توليب كبرت ومبقتش البنت الصغيرة اللي ربتها وبدأت تحس أنها تقيلة أوي وتتحرج تطلب منك فلوس.

نظر إليها بامتعاض وهتف بها

_ انتي السبب، قلتلك الفلوس كلها معاكي ومتديش بنتك فرصة تحس أنها محتاجة لفلوس

قلتلك عرفيها مكانها وقولي لها لو احتاجتي خدي اللي انتي عايزاة من غير ما تطلبي

بس ازاي لازم تخلي البنت تطلب كل شوية لدرجة إنها تزهق وتروح تسحب فلوسها من البنك وتقل مني بالشكل ده.

نفت سلوى اتهامه وقالت بصدق 

_ لا عاش ولا كان اللي يصغرك بس انت عارفها حساسة أوي، عشان خاطري لو صلحتك تاني كلمها ومتزعلهاش

أومأ لها بصبر نافذ

_ ماشي ياستي هكلمها وأمري لله


_ ايه ده؟ ده بجد؟

التفت الجميع على صوتها وهي تقف خلفهم فهز توفيق رأسه بيأس منها والتفت هي لتجلس بجواره وقالت بمرح

_ بجد هتصالحني خلاص.

حاول توفيق الثبات وألا يضعف أمامها وغمغم بنفي

_ لأ انا قلت هفكر 

رفعت النقاب وتمتمت بمكر

_ لا انت شكلك بتتلكك عشان زهقت مني.


شعر بمكرها، فمكر مكرها

_ اه زهقت عندك مانع؟ وبفكر اتجوز تاني اجيب بنت تعوضني عنك

وكزته سلوى بغضب وغمغمت بتوعد

_ اعملها وانا اقتـ  تلك.

وافقتها توليب

_ وانا معاكي ياماما مادام فيها خيانة، انتي عشان هيتجوز عليكي وانا عشان هيجيب بنت يحبها عليا.

قطب توفيق جبينه بامتعاض

_ ايه شغل ريا وسكينة ده، اقولك انا قايم وسايبهالكم

سألته سلوى 

_ رايح فين إن شاء

أخذ سترته ليرتديها وهو يفتح الباب

_ خارج مع اصحابي واحتمال نتعشى برة.


تفاجئ توفيق بمن يقف أمام الباب، ذلك الرجل البغيض جارهم والذي تحدث بسماجه

_ أزيك يااستاذ توفيق

حاول اخفاء امتعاضه منه ورد بثبات

_ أهلاً ياحسين جاي تخبط في حاجة تاني؟

حمحم حسين باحراج وهو ينظر للداخل يبحث عنها

_ لا ابدًا اصلي حسيت اني زودتها اوي وقلت آجاي اتأسف وخصوصاً اني مسافر الليلة دي.

شعر توفيق بالراحة لذهابه وقال بهدوء 

_ توصل بالسلامة 

لم يتزحز حسين من مكانه وعينيه تخترق الباب الذي رجله توفيق قليلًا فقال بامتعاض

_ تسمحلي أمشي

تنحى حسين جانبًا وتمتم بسماجة

_ اه طبعًا اتفضل 

خرج توفيق واغلق الباب خلفه وهو يزفر براحة للتخلص من ذلك الرجل.


❈-❈-❈


في المساء 

كانت توليب جالسة على مكتبها تداول دروسها عندما طرق الباب ودلفت والدتها 

_ انا رايحة عند خالتك ياحبيبتي عايزة حاجة قبل ما امشي؟

ردت توليب بابتسامة

_ لا ياماما تسلميلي

خرجت سلوى وتركتها وحدها ولم تمضي دقائق معدودة حتى سمعت صوت الباب فعلمت حينها بأنه تميم فهذا موعد عودته من الخارج

فتحت الباب لتغلقه مسرعة ما إن وجدت ذلك الرجل البغيض أمامها لكنه منعها بأن وضع قدمه يمنع غلقها له ودفعه بقوة كادت أن تسقطها وأغلق الباب خلفه وهو ينظر إليها بشر.


الفصل الثالث من هنا


بداية الروايه من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


أجدد وأحدث الروايات من هنا



روايات كامله وحصريه من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


إرسال تعليق

أحدث أقدم