رواية ومقبل على الصعيد الفصل السابع حتى الفصل الرابع عشر بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا

 رواية ومقبل على الصعيد الفصل السابع حتى الفصل الرابع عشر بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا 


رواية ومقبل على الصعيد الفصل السابع حتى الفصل الرابع عشر بقلم رانيا الخولي حصريه وجديده على مدونة أفكارنا 


التزمت غرفتها منذ ذلك اليوم، لاتريد رؤية أحد بعد تلك الصدمة التي تلقتها.

يساورها الشك في حديثهم الذي يتنافى تمامًا عمّ أخبرهم به خالد صديق والدهم.

تتسائل دائمًا؛ من الصادق إذًا ومن الكاذب.

نشلتها من أفكارها دخول سمر الغرفة لتجدها بتلك الحالة

زفرت بضيق وهمت بتعنيفها لكنها فضلت التروي حتى لا تنفر منها، فاقتربت  لتجلس بجوارها وتقول بهدوء

_ ممكن أعرف هتفضلي كده لحد أمتى؟

اعتدلت سارة في فراشها وقالت بثبات

_ عايزاني أعمل أيه؟

تحدثت سمر بحده

_ هو أيه اللى تعملي أيه أنتي ناسية إن عندك امتحانات وكمان هتبدأ من بكرة.

ردت باقتضاب 

_ متقلقيش انا لميت المنهج كله.

اغتاظت أكثر من برودها ومن تعلقها الشديد بأشخاص لم تراهم ولم تسمع عنهم من قبل وخاصةً أنهم يعدوا ألد أعداءها فقالت بحده

_ أنا مش فاهمه كل ده ليه؟ عشان مين؟ أومال لو كانوا سألوا فيكم كنتوا عملتوا أيه.

تنهدت سارة بضيق لا تريد الخوض معها في جدال عقيم وقد شعرت بأن هناك شئ غامض وعليها معرفته لكن عليها التمهل قليلًا حتى يظنوا أنهم تناسوا ذلك الأمر وبعدها ستعمل على معرفة الحقيقة فقالت بجدية

_ لو سمحتي ياماما أنا خلاص نسيت الموضوع ده ومش عايزة اتكلم فيه تاني.


نهضت من الفراش لتدلف إلى المرحاض كي تهرب من تعنيفها الدائم في كل شيء تفعله ولا تعرف لما.


زمت سمر فمها بضيق وهي تقول بتهكم

_ فعلًا نسخة تانية من جليلة هانم دي زي ما قال أبوكي.


خرجت من الغرفة متجهه لغرفة مصطفى الذي كان جالسًا على مكتبه يذاكر بجدية وفور رؤيتها سألها باهتمام

_ في حاجه يا ماما؟

أقتربت منه بابتسامه ناعمه وقالت بحب

_ لا ياحبيبي أنا بس كنت بطمن عليك، عايز حاجه اعملهالك؟

تناول مصطفى يدها يقبلها بحب وقال

_ لا ياحبيبتي انا أصلًا شوية كده وهقوم أنام 

أومأت برأسها وهى تقول

_ تمام لو احتاجت حاجه نادي عليا.


اومأ لها وعاد ينظر لكتابه وخرجت هى من الغرفة متجهة إلى غرفتها لتجد منصور مستلقيًا على الفراش ساندًا ظهره فوق الوسادة بشرود

فعلمت ما يفكر به وعليها أن تشجعه على ذلك

 فأقتربت منه لتجلس بجواره وتقول بدهاء

_ سرحان في أيه ياحبيبي؟

يعلم جيدًا تلك النظرة ويعلم جيدًا ما وراءها فيقول بـ إبتسامة ساخرة

_ حبيبي دي وراها حاجه، ياترى ايه هى الحاجة دي؟

حاولت بصعوبة كتم غيظها وردت بـ إبتسامة زائفه

_ أنا طول عمري بقولها ليه مستغربها دلوقت؟

رفع حاجبه ليجيب بفطنة

_ لأن طول عمرك عايزة مش بتكتفي أبدًا فـ بالتالي لازم تقوليها على طول.

لم تعد ألعيبها تجدي معه نفعًا فقررت التحدث بحدية

_ تمام عملت أيه مع جمال 

هز رأسه قائلاً بثبات

_ ولا حاجه

_ يعني إيه ولا حاجة؟

رد بضيق وهو يضع الهاتف على المنضدة ويغلق الضوء

_ يعني حاجة متخصكيش ومتسأليش عنها.

ردت بحده

_ لأ تخصني أى حاجة تخصك بردوا تخصني أنا كمان وده حقنا وحق ولادنا

اعتدل منصور ليقول بغضب

_ حقك اللي بتتكلمي عنه ده اخذتيه وزيادة كمان، وهو الخير اللي انتي وأبوكي عايشين فيه

ولو هنتكلم عن الحقوق فأحنا أخذناه وزيادة، بلاش نضحك على نفسنا ونقول حق.

أشتعلت النيران بداخلها لكنها فضلت التروي كما قال والدها حتى يأخذ المال من أخيه لأجل الصفقة وبعد ذلك تفعل به ما تريد

_ أومال هتجيب فلوس الصفقة منين؟

تهرب منها قائلًا

_ ميخصكيش.

لا يريد التحدث معها في شئ، عليه أن يتحرك في صمت حتى يسترد ما هو له منهم وبعد ذلك سيفاجئكم بضربه قاتـ.تله تطيح بكليهما 

فمنذ أن أستمع لحوارهم في الشركة وهو يتوعد لهم بأشد عقاب، لكن عليه التروى قليلًا قبل اتخاذ أى خطوة.


❈-❈-❈

دلفت الغرفة لتجده غارقًا في شروده

لم تستطيع التحدث معه وهو بتلك الحالة، ستنتظر حتى يهدأ قليلًا ثم تتحدث معه.

فهى أكثر من يعلم بحالته الآن وهو يتمزق شوقًا لرؤية أخية الذي لم يبالي لهم يومًا بل يزداد جشعًا وحقدًا عليهم.

أقتربت منه لتجلس بجواره وتقول بتعاطف

_ تحب أعملك حاچه تشربها؟

هز رأسه دون النطق بشئ

حاولت البحث عن كلمات تخفف بها عنه لكنه لم يتركها تحتار أكثر من ذلك وقال بهدوء

_ أطفي النور ونامي ياوسيلة لإني مش رايد اسمع كلام ملوش عازة

أولاها ظهره متظاهرًا بالنوم لتستسلم هى أيضًا وتغلق الضوء وتستلقي بجواره تنظر إليه نظرة يملؤها الحزن.

أما هو فظل ساهرًا طوال الليل يفكر فيما ينوى عليه والده.


❈-❈-❈

ظلت طوال الليل تداول دروسها كي لا تفكر به لكن لم يترك مخيلتها لحظة واحدة حتى اندهشت من ذلك 


ماذا يحدث لها؟ لما التفكير به رغم أنها لم تراه سوى مرات عديدة

اغلقت الكتاب ووضعته على المنضدة بجوارها بعد أن يئست من طرده خارج مخيلتها لتلجأ إلى النوم ربما يرحمها ولو قليلًا منه 

جذبت الغطاء عليها تحاول النوم، لكن النوم أيضًا آبى أن يرحمها ولو قيلًا


تركت نفسها للتأمل كي تعرف ما يريد تفكيرها الوصول إليه لتتفاجئ بدقات متسارعة من قلبها الذي كان دائمًا محاطًا بجدار صلب لم يستطيع أحدًا إختراقه

كيف استطاعت تلك العينين أن تدمره بتلك السهوله؟

منذ متى وقلبها بتلك السطحية حتى يرضخ بنظرة واحدة ويقع أسيرًا لديها؟

فـ تفكيرها به ليس سوى ضربٍ من الجنون ولن تجني منه سوى المزيد من الألم.

بدأت المخاوف تضرب عقلها بقوة

سيرحل غدًا ولن تراه مرةً أخرى، ماذا ستفعل حينها سوى معالجة قلبها من الألم الذي سينهشه بدون رحمه.


عليها ان تعمل بكل ما أوتيت من عزم على نسيانه بكل الطرق حتى تتخلص من ذلك الوليد الذي نبش أظافره بداخلها ويعود ذلك الجدار إلى موضعه فهل ستستطيع ذلك أم أن القلب إذا هوى لن تستطيع فعل شئٍ حينها..


❈-❈-❈


خرج الدكتور عصام من المرحاض ليجد أمجد شاردًا في تفكيره

فعلم فيما يشرد عقله فسأله بأبتسامه

_ لحقت تشغلك اوام كده؟

انتبه أمجد ليسأله مستفسرًا

_ هى مين؟

تقدم منه ليجلس على المقعد بجوار الفراش ويجيب بتسويف 

_ اللي اخدت تفكيرك.

ابتسم أمجد بحزن وهو يجيبه 

_ مش عارف، بس كل اللي أعرفه إن مينفعش افكر فيها او في غيرها دلوقت، انا حالًا بنام ومش عارف هصحى من النوم ولا لأ 

خارج ومش عارف هرجع ولا لأ، كل الحكاية إني حسيت ناحيتها بإحساس غريب محستش بيه مع شاهى اللى ارتباطنا استمر خمس سنين 

فيها حاجة بتجذبني ليها بس مش عارف هى ايه؟


_ يمكن عشان جميلة مثلًا؟

هز راسه بنفي

_ عمر الجمال بالنسبه.لى ما كان مقياس 


_ متحاولش تفهمني إنك لحقت تحبها من مره ولا اتنين، انت عمرك مـ اعترفت بالحب اللي من أول نظرة ده.

اومأ له ليرد بشرود 

_ ولسه عند رأيي لكن هو في فعلًا في حب من النظرة الأولى بس بيبقى وليد وبيبدأ يكبر مع الوقت، وعشان كده أنا واخد الموضوع ببساطة، لأني متأكد اني مش هشوفها تاني.

رفع عصام حاجبه متسائلًا

_ أيه اللي مخليك واثق كده؟

_ لإني أولًا راجع القاهرة ومظنش إن هيكون فيه فرصة تانية تخليني اجي الصعيد دي حاجه 

الحاجه التانية زي ما قلت الحاله كل مادى مـ بتتأخر ممكن في اى وقت حياتي تنتهي.

رد عصام بتعاطف

_ بس أحنا أملنا في ربنا كبير، وإن شاء الله هنلاقي المتبرع….

قاطعه أمجد بثبات

_ بلاش نضحك على نفسنا ونقول هنلاقي متبرع لإن ده شئ صعب أوى فى مصر، وعشان نقول هنعملها بره مصر فلازم وقت وجود المتبرع وقت وجودي في المستشفى وده اصعب منها.


_ وعشان كده طلبت منك تسافر اليونان بحيث ان وقت ما نلاقي المتبرع تكون انت موجود


تنهد بألم شديد وقال بيأس

_ صعب حاليًا 

تحدث عصام بجدية 

_ أمجد أنت عارف كويس إنك بالنسبه ليا مش مجرد مريض، ولا ابن صديق عمري؛ انت بالنسبالي الابن اللى عوضني عن غياب باسم ابني 

بلاش تستسلم لأن في ناس محتجالك، فكر في أبوك اللي ممكن يموت فيها لو حصلك حاجه، فكر في أخواتك البنات، وغير كل ده شبابك اللي هيضيع 


أومأ برأسه دون قول شيء لتعود صورتها في مخيلته مرة أخرى.

_ سيبها على الله.


❈-❈-❈


في الصباح وعلى مائدة الإفطار أجتمع الجميع ماعدا جاسر وعمران ليندهش جمال ويسأل والدته

_ أومال فين أبوى وجاسر

هزت جليلة كتفيها قائلة

_ مخبراش يا ولدي، لما سألته جالي لما ارجع هتعرفي كل حاجه وخد جاسر ومشيوا.

أخرج هاتفه ليتصل على ابنه لكن وجده قيد الإغلاق 

وضع الهاتف على المائده أمامه وقد ساوره الشك في أمرهم، لكن ليس بيده شئٍ سوى الأنتظار 


ولم يمضي الكثير إلا وقد وجدهم يدلفون المنزل ويبدو أنهم فعلوا ما كان يخشى منه

ساعد جاسر جده على الدخول وأجلسه على المقعد متهربًا من نظرات والده الحادة وقال لجده

_ انا رايح الأرض عايز حاچه؟

ربت عمران على يده قائلاً

_ لا ياولدي عايز سلامتك

وقبل أن يهرب جاسر كان صوت جمال يأمره قائلًا

_ استنى عندك

ازدرد ريقه بصعوبة ثم سمعه يوجه حديثه إلى جده قائلًا

_ كنت فين يابوى؟

تنهد عمران بتعب وقال بهدوء

_ كنت عند المحامي.

هز جمال رأسه بيأس منه وقال بعتاب

_ ليه بس يابوى؟ احنا مش اتكلمنا في الحديت ده ونهناه؟

أنت أكده ظلمت حالك وظلمت أخوي


ضرب عمران بعصاه الأرض وقال بغضب

_ أنا مظلمتش حد، الأرض دي حجك لوحدك، هو سبج وأخذ حجه وأكتر كمان، أنت اللي شجيت وتعبت لحد مـ رچعت الأرض لينا بعد مـ كانت خلاص ضاعت وضاع كل شئ 

هو اللي هملنا ومشي من غير ما يسأل راحوا فين ولا عملوا أيه

وبعد ده كله چاي يطالب بحجه، ملوش عندينا حجوج.

رد جمال برفض

_ لا يابوى، ليه بعد عمر طويل ليك 

ليه نص الأرض ونص البيت، الفلوس اللي اخدها دي كانت وهبه منيك ملهاش صالح بالورث، أنت أكده بتغضب ربنا 

احتد الجدال بينهم ليقول عمران باحتدام

_ لو كان زي مـ بتجول يبجى الأرض دي كمان وهبه مني ليك الفلوس اللى اخدها كانت بتمن الأرض، لو هتبص للأرض دلوجت فدي من شجاك وتعبك السنين اللى فاتت دي، متفتكرش إني كنت راجد في فرشتي معرفش انت تعبت جد أيه؟ لاه اني كان جلبي حاسس بيك وبيبكي بدل الدموع دم، لحد ما وقفت على رجليك من تاني وبجيت أحسن من لول 

الأرض دي ملك لوحدك و أولادك من بعدك غير كده محدش هيخطيها برچله

وخلاص انا نفذت ومفيش كلام تاني هيتجال.


لن يفعلها ولن يستطيع أن يتحمل أبيه ذلك الوزر، فقط سيهاوده وبعد ذلك سيفعل ما يملى عليه ضميره..

_ حاضر يابوى اللي تشوفه.


❈-❈-❈


 فتحت عينيها بتكاسل بعد تلك الليلة التي قضتها في سهاد وكأن صورته طُبعت داخل قلبها قبل عينيها

شئٍ بداخلها يدفعها للذهاب إليه ورؤيته قبل ذهابه

لكن عقلها آبى ذلك 

وأصبحت في صراع بين ذلك القلب الذي يأن شوقًا لرؤيته؛ وبين عقلها الذي يتمسك برأيه

فالفرار من الحب الآن أهون بكثير من الفرار بعد


قامت بتبديل ملابسها ونزلت للاسفل لتجد أبيها جالسًا مع أخيها في وجوم تام وكأن هناك شيئًا قد أزعجهم

اقتربت منه تقبل يده 

_ صباح الخير 

رد جمال بابتسامة أشرقت لها

_ صباح الورد 

نظر في ساعته وأكمل 

_ مأخره النهارده يعني.

إزدردت ريقها بصعوبة وردت بثبات 

_ عندي تدريب النهارده في المستشفى، محتاچ حاچه جبل مـ امشي؟

أجاب بحب

_ عايز سلامتك، بس استني أخلى جاسر يوصلك 

ردت مسرعة

_ لا خليه أني رايحه مع اصحابي وبعدين المستشفى جريبة من أهنه يعني مش مستاهله بعد أذنكم 

انصرفت مسرعة تلاحقها عين جاسر الذي لاحظ ارتباكها، لكنه لم يشك مطلقًا بها..


❈-❈-❈


أستعد أمجد للذهاب مع طبيبه لكنه لم يستطع العودة إلى القاهرة دون رؤيتها 

ظل يتعلل بأعذار واهمه على أمل مجيئها لكن لا فائدة حتى أستسلم أخيرًا واستعد للذهاب


وقفت هي مترددة أمام الغرفة ما بين الولوج بزيها الطبي بحجة الاطمئنان عليه مثله مثل أى مريض 

أم تلوذ بالفرار وتهرب من ذلك الحب الذي لن تجني منه سوى الألم.

انتصر العقل حينها وهمت بالذهاب ولكن كان للقدر رأي آخر حين انفتح الباب ووجدته أمامها لتتسع عيناها ذهولًا كما اتسعت عينيه سرورًا برؤياها ويقول بسعادة 

_ دكتورة ليلى؟

رمشت بعينيها مرات متتالية من شدة الإحراج وردت بارتباك وهي تبحث عن كلمات تساعدها على الخروج من ذلك المأزق

_ أ..أنا ..جيت أطمن عليك أقصد على صحتك و….

انتشلها من ذلك الإحراج الدكتور عصام الذي خرج أيضًا خلفه وعند رؤيتها قال مرحبًا 

_ أهلًا دكتورة ليلى أخبارك أيه؟

ردت ليلى بصوت خافت 

_ الحمد لله بخير

تهربت من أعين الجميع لتتابع بثبات زائف

_ أنا عندي تدريب هنا وقلت أطمن على مستر أمجد قبل ما يمشي.

رد أمجد بإمتنان وعينيه تحفظ ملامحها عن كثب

_ الحمد لله انا بقيت كويس دلوقت، معلش تعبتك معايا 

رفعت عينيها التي خفضتها إحراجًا من الموقف وردت بتلعثم

_ أنا.. معملتش حاجه أنا بس كنت بقوم بدوري مش أكتر.

_ ليلى؟!

كان ذلك صوت جمال الذي جاء ليطمئن على أمجد قبل ذهابه ليتفاجئ بها معه 

مما جعل قلبها ينقبض خوفًا من الموقف وقبل أن تجيبه أنقذها عصام للمرة الأخرى قائلًا

_ أهلًا يا حاج جمال كويس إنك جيت، كنت لسه بقنع دكتورة ليلى بأنها تكمل تدريبها معانا في المستشفى

وشكلها كده متردده 

نظر إليها جمال بوجوم ثم رد قائلًا

_ إن شاء الله بس زى ما قلت لما تخلص السنه دي بالتقدير اللي منتظره منيها ومش عايز أى حاجه دلوجت تشغلها عنيه.

ثم نظر إلى أمجد الذي أستطاع بعد عناء أبعاد عينيها عنها وسأله بجدية 

_ كيفك دلوجت؟

رد أمجد بـ ابتسامه تحمل أحترام وتقدير له

_ الحمد لله كويس وآسف على القلق اللي سببته لحضرتك.

رد جمال بصدق

_ متجولش إكده إنتي زي جاسر ابني 

تحدثت ليلى بثبات

_ طيب أنا هستأذن عشان أكمل مرور

أومأ الجميع لها لتلوذ بالفرار من نظرات أبيها 

وقد حالفها الحظ عندما آتى جاسر بعد ذهابها 

كي ينقل أمجد بسيارته إلى المطار 


❈-❈-❈


ظل يزرع الغرفة ذهابًا وإيابًا وهو يفكر في حيلة أخرى غير الذهاب إليهم.

نعم آشتاق لهم ولوالدته التي يتمنى رؤيتها في كل لحظة تمر عليه 

لكنه لن يستطيع تحمل نظرات العتاب التي سيراها في أعين الجميع، كان ينتظر منهم إرسال النقود دون النطق بشئ 

ليخلف أخيه ظنه به ويقبل بطلبه بمقابل العودة إليهم 

وهو لن يستطيع فعلها

ولن يستطيع أيضًا التصدي لهم خشيةً من عناد أبيه ومن الممكن أن يسجل كل شئ بإسم أخيه.

لكن ماذا سيفعل بشأن تلك الصفقة؟

فكر قليلًا لتنتابه فكرة شيطانية مقررًا العمل عليها لكن عليه أن تكون بأتقان حتى يشك أحدًا به..


❈-❈-❈


وقفت تنظر إليه وهو يخرج من المشفى بصحبتهم تتسائل

هل ستراه مرة أخرى؟ أم ستسجل تلك النظرة الوداع الأخير الذي لا لقاء بعده

ظلت تنظر للسيارة بدقات قلب غير رتيبة حتى اختفت من أمام عينيها

إلى أين يا من تركت قلبًا ينبض بعشقٍ لم يختبره من قبل ولا يعرف كيف ينزعه من داخله.


أما هو فقد شعر بأنه فارق قلبه كما فارقها، وآبى قلبه الذهاب معه وبقى مع تلك العينين التي وقع صريعًا بعشقها 

لتقلع الطائرة وهو مازال شاردًا بها دون إرادته

لديه شعور غريب بأنه ترك شيئًا هامًا وعليه العودة إليه

وكان طبيبه يرمقه بنظرات مشفقه وقد لاحظ أيضًا تبادل المشاعر من الطرفين

لم يخفى عليه نظراتها المشتتة وهي تحاول بصعوبة بالغة كبت مشاعرها 

عليه أن يقربها منه حتى تكون دافعًا له للتشبث بالبقاء


عاد أمجد إلى القاهرة وقد تحسنت صحته بعد تلك الليلة التى قضاها في المشفى

عاد إلى منزله وإلى حياته ضاربًا بتنبيهات الطبيب عرض الحائط

فقد اقترب أجله وعليه أن ينهى كل المعضلات التي ستواجه والده بعد وفاته.

فقد نجى تلك المره بأعجوبة وقد لا ينجى مره أخرى.

لم تغيب عن مخيلته لحظه واحده لكن عليه نسيانها، فليس له أمل في عيش حياة هنيئه سواءً معها أو مع غيرها

وخاصةً بعد تلك التي تخلت عنه وقت أن علمت بمرضه.

لا يلومها على تركها له، فهى من حقها أن تقضي حياتها مع من يسعدها 

وليس رجلًا تقضي ما تبقى له في المشفى.


❈-❈-❈


عادت ليلى إلى المنزل وهى تحاول بصعوبة الثبات أمام الجميع، وخاصةً والدها الذي كان يرمقها بنظرات غريبة وكأنه يستشف ما يدور بخلدها الآن

يتساءل هل رؤيتها معه بمحض الصدفة أم رغبةً منها في رؤيته

فما يراه الآن في عينيها التي تتهرب منه يجعله ييقن بأن هناك شئٍ بداخلها تحاول إخفاءه وعليه معرفته 

لينهض من مقعده موجهاً حديثه لها

_ ليلى تعالي ورايا.

أنقبض قلبها خوفًا لكنها استطاعت بعد عناء الثبات كي لا يشعر أحد بشئ ودلفت خلفه المكتب لتجده واقفًا موليًا لها ظهره 

_ نعم يابوى

التفت إليها لينظر داخل عينيها التي لا تستطيع الكذب ولأول مره ينظر داخلهم ولا يستطيع أن يقرأ ما بداخلهم، إذًا عليه ان يكون هادئًا معها حتى لا تضطر للكذب 

فأشار لها بالجلوس ويجلس بجوارها يسألها بجدية 

_ ممكن أعرف من وجت ما رجعتي من المستشفى وانتي مسهمه إكده ليه؟

إزدردت ريقها بصعوبة وهى تجيب بثبات كي لا يشك بشئ، وقررت الخروج من دائرة الشك بأن تسايره في حديث آخر لتقول بعتاب

_ بفكر في عرض الدكتور عصام اللي انت رفضته.


نظر داخل عينيها يستشف صدق كلامها واستطاعت هى بعد عناء أن ترتدي قناع الثبات مما جعله يسألها مرة أخرى 

_ بس أكده.

هزت رأسها بتأكيد 

_ هو ده هين؟ ده مستجبلي وفرصة مش هتتعوض بلاش تقف ادام مستجبلي، دي فرصه ولو ضاعت مني هخسر كتير 

أمسكت يده لتقول برجاء

_ أرچوك يابوى توافج وأنا أوعدك إني وجت ما أخلص سنة الامتياز هرچع على طول، جلت أيه 

ربت بيده الأخرى على يدها التي تتشبث بيده برجاء وتحدث بهدوء

_ حاضر موافج بس على شرط

ردت بلهفه

_ موافجه على أى شئ.

ضحك جمال على لهفتها ليتابع

_ يكون اول الدراسه لأني مش هطمن عليكى وانتى لوحدك..

همت بمقاطعة حديثه لكنه منعها مردفًا 

_ أخواتك عايزين يدرسو في چماعة القاهرة واني قررت اخد لكم شجة هناك وتكونى معاهم لحد ما تخلصي السنه دي

اندفعت تعانقه بسعادة غامرة مما جعله يضحك بسرور لسعادتها.


❈-❈-❈


في اليوم التالي

وفي الشركة جلس منصور وشريف وسمر في مكتبه حتى يصلوا لحل حتى يستطيعوا تحضير المبلغ المطلوب فيقول منصور 

_ أنا موافق على القرض بس بشرط

سألته سمر بتوجي

_ شرط؟! شرط إيه؟

عاد منصور بظهره للوراء ويقول بمكر

_ هنعدل شوية حاجات في الشركة

اندهش شريف ليسأله مستفسرًا

_ يعني أيه مش فاهم

 أجاب بجدية

_ يعني القرض ده هجيبه باسمي وانا اللى هسدده وهنا هتكون نسبتي في الأسهم هتعلى يعني بدل ما هتكون ٦٠٪ هتكون ٨٠٪

وانا اللي همسك منصب رئيس مجلس الإدارة وكده ولا كده هو من نصيبي، يعنى مش بطالب بحق مش حقي

نظر شريف بصدمه إلى أبنته التي قالت برفض

_ مستحيل اوافق على اللي انت بتقوله ده 

هز كتفه ببساطة قائلًا

_ والله اللى تشوفيه أنا عن نفسي مش متشجع لموضوع القرض ده لو عايز تسحبه انت باسمك معنديش مانع بس متخافش كلنا هنشارك فيه، ها قلت أيه؟

حاول شريف بصعوبة كظم غيظه منه لكن عليه الموافقة كي لا يشك بشئ ورد بهدوء رغم الحقد الذي يشتعل بداخله

_ تمام اللي تشوفه 

همت سمر بالاعتراض لكن شريف منعها 

_ من حقه وأنا معنديش مانع ولو عايز تمضي العقود من بكرة موافق 

وقف منصور وهو يقول بثبات كى لا أحد بأنه كشف ألاعيبهم 

_ تمام أنا هروح البنك وابدأ في الإجراءات وهكلم المحامي يجهز العقود بعد إذنكم 

خرج من المكتب وابتسامة نصر مرتسمه على وجهه متوعدًا لهم بالمزيد والمزيد حتى يلقيهم خارج الشركة كما أدخلهم فيها.


بعد انصرافه نظرت سمر إلى والدها لتسأله بانفعال

_ انت إزاي توافقه على حاجه زي دي؟ كده هتكون كل حاجه بيده ومهنقدرش نوصل لحاجة

عاد شريف بظهره للوراء وهو يقول 

_ كنتي عايزاني أعمل أيه؟ لو عارضته في حاجه زى دى كان هيشك فينا وإنتي بالذات مينفعش تعارضي لأنه جوزك وكل ده في الأول والاخر لولادك، وأنا لو اتكلمت مش هيكون ليا حق لإن نسبتي أقل بكتير من نسبته

سألته بغضب 

_ طب وبعدين؟

تنهد بحيره 

_ مش عارف بس كل اللي خططنا ليه خلاص مبقاش ليه لازمه ولازم نشوف خطة غيرها 

❈-❈-❈

بعد مرور ثلاثة أشهر 


خرجت ليلى من غرفتها وهي تحمل حقائبها بسعادة غامرة

طرقت غرفة حازم ومعتز الذي فتح لها لتقول عند رؤيته 

_ خد الشنطة بتاعتي نزلها لحد ما اشوف ابوك 

تركت الحقائب وطرقت غرفة والديها ففتح لها جمال لتقول له بسعادة 

_ صباح الجمال على أحلى جمال في الدنيا 

_ صباح النور عليكي 

ألقت نظرة إلى الداخل 

_ أومال أمي فين 

_ جاعدة چوه وعاملة مناحه أدخلي طيبي خاطرها بكلمتين لحد ما اشوف جاسر.

خرج جمال ليتركها مع وسيلة التي لم تكف عن البكاء لغياب ابنتها 

جلست بجوارها لتقول بمرح

_ مالك بس ياوسيلة انتى محسساني إني رايحه ومش راچعه تاني، كلها سنه بالكتير وتلاجيني وياكي.

نظرت إليها وسيلة لتقول بعتاب 

_ هى سنه جليلة؟ انتى عمرك مـ غبتي عني لحظة واحدة عايزاني كيف يعني اقعد المدة دي كلياتها متحمله بعادك 

ردت ليلى بتعاطف

_ والله أنا زيك واكتر كمان بس ده مستجبلي يرضيكي يعني إني أضيع فرصة زي دي؟

وبعدين أنا هنزل الأجازة مع حازم ومعتز كل اسبوعين، عايزة ايه تاني 

قبلت وجنتها بشقاوة وتابعت 

_ وهكلمك كل يوم في التليفون اطمنك عليا، خلاص بقى 

لم تستطيع وسيلة الوقوف أمام سعادتها لتقول بإستسلام

_ خلاص ياحبيبتي ربنا معاكي، بس تكلميني كل يوم اول ما توصلي المستشفى وبعد ما تعاودي

أيدت كلامها 

_ من غير مـ تقولي حاضر يالا بقى نفطر مع بعض قبل مـ أمشي

نهض الإثنين وتناولوا الإفطار معًا بسعادة يشوبها بعض الحزن لفراقهم ..


ومقبل على الصعيد

الفصل الثامن

❈-❈-❈


دلفوا إلى الشقة التي ابتاعها لهم جمال بسعادة لا توصف وهي تخطو أولى خطواتها داخلها

نظرت إلى جاسر الذي يرمقها ببهجة على سعادتها تلك وكأنها خاضت حرب ضارية وانتهت بالفوز 

نظرت إليه لتجده يرمقها بنظرات محبه، تعلم جيدًا مدى تعلقه الشديد بها، لكن خوفه الأشد عليها يظهر عكس ذلك وتعلم جيدًا بأنه يصعب عليه بعدها عنه 

فقالت بغيظ

_ طبعًا أنت مش طايق نفسك دلوقت.

ضحك جاسر واقترب منها قائلًا بمرح

_ مين جال إكده، دا انا سعادتي لا توصف إني أخيرًا هرتاح منكم ومن نقاركم كل دجيجة صحيح إني كنت رافض الفكرة دي بس مدام هشوف السعادة الذي طاله من عنيكي دي فلازم أوافج 

تحدثت ليلى بحب 

_ ربنا يخليك ليا وميحرمني منك واصل، اطمن عليا أختك بميت راچل 

رد بصدق

_ خابر زين وواثق من إكده بس انا بردو هفضل جلجان عليكي


قبل جبينها بحب ثم نظر إلى عينيها ليتابع بحب

_ أوعي تفتكري إني بجف في طريق سعادتك، أنا بس خوفي عليكي هو اللي بيخليني أعارضك إكده

نظر إلى أخويه الذين دلفوا غرفهم 

ابتسمت بامتنان 

_ عارفه وعشان كده عمري مـ زعلت منيك 

ربت على كتفها ثم قال بجدية 

_ طيب انا هنزل أجيب عشا لحد ما تغيروا 


❈-❈-❈


استيقظ أمجد من نومه على آلام مفرطة في قدمه 

نهض من فراشه ناظرًا إليها ليجدها متورمة قليلًا 

حاول التحامل والوقوف عليها لكنه شعر بالألم يزداد 

حتى آلام قلبه أصبحت تلك الفترة لا تحتمل 

أمسك هاتفه ليحدث طبيبه الذي ما إن وجده يتصل عليه حتى أسرع  بالرد قائلاً 

_ وبعدين ياأمجد أنت مجتش ليه في ميعادك

رد أمجد بألم وهو يعاود الجلوس على الفراش 

_ غصب عني البنات كانوا موجودين ومكنش ينفع أسيبهم بس

 انا جاي لحضرتك النهارده وبتصل عشان تحدد أجيلك أمتى.


_ صوتك بيأكد إنك تعبان 

وضع يده مكان الألم 

_ شوية بس، المشلكة دلوقت في رجلي لاحظت إن فيها تورم 

حدث ما كان يخشاه 

_ طيب تعالى دلوقت أنا موجود في المستشفى


تحامل على نفسه وقام بأخذ حمام دافئ ربما يساعده ولو قليلًا ثم ذهب إلى المشفى 


❈-❈-❈


استعدت ساندي للذهاب إلى الجامعة لتجد اخيها يخرج من غرفته فقالت بابتسامة 

_ صباح الخير يا وائل 

اقترب منها ليقبل رأسها قائلاً 

_ صباح الخير يا حبيبتى رايحة الجامعة؟

أومأت برأسها وهي تحمل حقيبتها 

_ اه انت عارف النهارده اول يوم 

أخرج بعض النقود من حافظته ليشير بهم 

_ها على اتفاقنا؟ ولا غيرتي رأيك 

ردت ساندي ببغض وهى تأخذ منه النقود

_ انت محسسني إن اللى خلقها مخلقش غيرها، ما فيه بنات كتير أجمل واحسن منها أشمعني ده بالذات وبعدين دي أهلها صعايدة لو عرفوا حاجة زي دي مش هيرحموك


رد وائل بضيق

_ أولًا اه هى بالنسبالى متخلقش غيرها 

وثانيًا هى متقدرش تفتح بوقها لأنها ببساطة هتخاف من أهلها و هتطر أنها توافق على اى وضع 

ولو أعترفت لأهلها هنكر واقول أنها بتقول كده عشان تخليني اتجوزها ولو مش متأكدين اكشفوا على بنتكم وتأكدوا

وهنا هتطلع هى اللى كدبت 


تعلم مكر أخيها جيدًا لكن لم تتخيل يومًا ان يكون بكل ذلك الدهاء

_ طيب لو اتجوزتها وعرفت انك كنت بتضحك عليها هتعمل إيه وقتها؟

رد ببساطة 

_ ولا أى حاجه، وقتها هتكون وقعت بين إيديه وخلاص وبعدين متنسيش أني هاخدها واسافر على طول، يعني مش هتلاقي حد تلجأله 

_ ماشي يا سيدي بس هى توافق تيجي معايا 


_ انتي وشطارتك بقى عايز أخلص كل حاجه قبل ميعاد السفر 


_ تمام 


❈-❈-❈


خرجت من المحاضرة بصحبة أخيها لتتوقف عن السير عندما سمعت نداءها 

_ سارة

التفتت اليها سارة لتبتسم بسعادة وهى تقول 

_ ساندي إزيك 

نظر إليها مصطفى ببغض لم يستطيع إخفاءه وقال لأخته 

_ طيب انا هستناكي بره ، بااى


اقتربت منها ساندي تقبلها بترحيب وهى تنظر إلى مصطفى الذي تركهم وغادر

_ عامله ايه ياقلبي

ردت سارة بحب

_ بخير الحمد لله المهم إنتي طمنيني عليكي.

تحدثت ساندي بخبث 

_ والله أنا النهارده محتجالك جدًا وعايزاكي تساعديني.


قطبت سارة جبينها وهي تسألها 

_ خير ياساندي 

تحدثت ساندي بمكر 

_ أصل النهارده وائل أخويا راجع من السفر وبما إن النهاردة عيد ميلاده فكنت عايزة اعمله مفاجأة وكنت عايزاكي تساعديني.

تراجعت سارة عند ذكر أسمه فهى لم تتقبله مطلقًا وتخشى دائمًا من نظراته لها فقالت بأعتذار 

_ أنا آسفه والله كان نفسي اساعدك بس زي ما انتي عارفه مينفعش آجي عندك وهو موجود 

ردت ساندي بسرعة 

_ لأ متخافيش هو مش هييجي إلا بالليل يعني نكون خلصنا كل حاجه وروحتى كمان 

معلش ياسارة بس انتي عارفه إني مليش أصحاب غيرك 

ترددت كثيرًا قبل أن ترد بإستسلام

_ تمام بس لازم أرجع البيت قبل ما يوصل 

هزت راسها بتأكيد 

_ اكيد طبعًا يالا بقى بسرعة 


❈-❈-❈


دلفت ليلى المشفى بسعادة بالغة لتسأل عن مكتب الدكتور عصام الذي كان ينتظرها 

طرقت الباب ودخلت عندما سمح لها بالولوج وعند رأيتها نهض يستقبلها بترحاب 

_ أهلًا ياليلى أخيرًا الحاج وافق إنك تكملي عندنا 

اشار لها بالجلوس وهي تقول بحبور

_ الحمد لله وافق أخيرًا

ظل يتحدث معها عن طبيعة عملها في المشفى حتى طرق الباب ودلف أمجد الذي هم بالإعتذار والعودة لكن الكلمات وقفت في حلقه من هول المفاجأة

هل ما يراه الآن حقيقة أم يخيل له كما يحدث معه دائمًا منذ ان فارقها 

هل هي حقًا تقف الآن أمامه بعينيها التي ألقت عليه سحرها من النظرة الأولى، أم أنه أصبح يراها في كل أمرأه تقع عيناه عليها .


أما هى فقد ألجمتها الصدمة وعادت إليها تلك المشاعر التي ظنت يومًا أنها فارقتها لتعود الآن لكن بقوة وعنف جعلت وتيرة تنفسها تزداد وتزداد 

لتنظر لعصام وكأنها تطالبه أن ينتشلها من تلك اللحظة كما يفعل دائمًا وكأنه قرأ أفكارها ليقول بهدوء

_ أهلًا ياأمجد اتفضل


ازدردت أمجد ريقه وهو يتقدم منهم قائلًا بترحيب

_ إزيك يادكتورة ليلى

أهتزت نظراتها وأصبحت تبحث عن كلمات تجيب بها لكن وكأنها تناست أبجدية الكلمات ليرحمها عصام من حالتها تلك 

_ الدكتورة ليلى اتعينت معانا هنا في المستشفى وتقدر تقول كده هتكون دراعي اليمين.


رغم الفرحة التي اعترته برؤيتها إلا أنه شعر بالاستياء لبقائها في مكان شديد التواجد به 

كان يعمل على نسيانها بكل الطرق وقد بائت محاولاته بالفشل عند رؤيتها الآن 

ليرد بإقتضاب

_ الف مبروك 

ضغط عصام على الزر لتدلف إحدى الممرضات وتسأله 

_ أُمر يافندم 

اشار لها على ليلى قائلًا

_ وصلي دكتورة ليلى لمكتبها في قسم الجراحة 

نهضت ليلى بسرعة وتلوذ بالفرار من أمامه وقالت بجدية

_ متشكرة جدًا لحضرتك، بعد إذنك 

وبدون إرادة منها التفتت عيناها إليه وهى تمر من جواره لتجده ينظر إليها بنظرات مبهمه  لتتشابك العينان قليلًا قبل أن تخرج

 وتغلق الممرضة الباب خلفها 


جلس أمجد على المقعد في وجوم وقد اعتراه القلق من تواجدها 

فبنظرة واحدة منها أحيت بداخله ذلك العشق الذي عمل تلك الفترة الفائتة على إخماده، نعم لم ينجح بذلك لكنه أيضًا إستطاع التحكم به.

لابد أن يبتعد وإلا سيحكم على كلاهما بالشقاء

فليس له أمل بحياة هانئه معها أو مع غيرها

 ابتسامة رضى لاحظها على وجه عصام فتطلع إليه بحيرة ويسأله 

_ ليه الإبتسامه دي؟

رد بهدوء وهو يتلاعب بقلمه

_ عادي يعني ، أصلي كنت منتظر منك ترحب بيها اكتر من كده.

أخفض عينيه وهو يقول بثبات زائف

_ كده أفضل 

رفع حاجه متسائلًا

_ أفضل في أيه، أنا شايف إن البنت جميلة ورقيقة وبنت ناس، أيه اللي يخليك تكتم حبها جواك ومتديش نفسك فرصة تعيش الحب ده

ابتسم بتهكم وقد تحولت نظراته إلى حزن قاتم

_ لو فـ ظروف تانية مكنتش اترددت ثانية واحدة 

إنما واحد في ظروفي دي صعب آوى 

_ بس أنا مش شايف سبب يمنع وخصوصًا اني ملاحظ إن هى كمان بتبادلك نفس المشاعر

هز رأسه بنفي وأكد قائلًا 

_ ده أسمه تعاطف مش أكتر إيه اللي يخليها تعلق نفسها بواحد بينه وبين الموت خطوة واحدة وزي ما قلت دكتورة وجميله وبنت ناس وأى واحد يتمناها 


آلمه حالة اليأس التي تمكنت منه وجعلته زاهد دنياه بكل ذلك اليأس 

_ بس إحنا أملنا في ربنا كبير والدكتور ليون بيجاهد معانا ووقت ما بيلاقي حالة أدامه بيعمل التحاليل فورًا بس للأسف بيبقى أختلاف في زمرات الدم أو العمر 

ووقت مـ يلاقي توافق هنسافر على طول

تراقص الأمل بداخله ليقول بمزاح

_ وقتها بقى لو رفضتني أقدر أقولك إني هخطفها واتجوزها بالأجبار.

ضحك الأثنين ثم تحدث عصام بجدية

_  المهم هتيجي معايا دلوقت أعملك الفحوصات اللي جنابك أتخرت عليها ونشوف هنعمل ايه 


❈-❈-❈


دلفت سارة بصحبة ساندي إلى شقتهم وقد ابتاعت ما يلزمهم من أشياء وقامت بوضعها على الطاوله وهي تنادي 

_ تعالي ياسارة مفيش حد

وضعت سارة باقي الأشياء على الطاولة وهي تقول 

_ بسرعة بس عشان مأخرش 

ردت ساندي وهي تدلف المطبخ 

_ أكيد طبعًا بس هعمل حاجه نشربها عشان الحر ده.

أخرجت العصائر من المبرد ووضعت نوعها المفضل في الكوب بعد أن أضافت المخدر الذي تركه لها أخيها ثم قامت بالأتصال به 

_ أيوة يا وائل أنا حطيت المخدر في العصير زي ما قلتلي 

رد وائل بخبث 

_ خلاص خمس دقايق كده وأتحججي بأى حاجه واخرجي 

اغلقت الهاتف ووضعت الكوب على الحامل  وخرجت إليها لتجدها تخرج الأشياء من الحقائب فتناولها الكوب قائله

_ اتفضلي الأول يا سارة أشربي العصير ده 

أخذت سارة الكوب من يدها وقد شعرت بالظمأ فتتناوله بسرعة كي تنهي تلك الأشياء وتعود سريعًا قبل مجيئه


❈-❈-❈


انتهى عصام من فحصه ليتحدث بعده بجدية 

_ للأسف ياأمجد الحاله كل مدى مـ بتزداد سوء بسبب المجهود اللي بتعرض نفسك ليه، فأنا مطر احجزك عندي في المستشفى لحد ما نشوف رد الدكتور ليونايدس.

نهض أمجد من السرير وتحدث برفض

_ مش هينفع أنت عارف كويس إني مش بحب جو المستشفيات ده

تحدث عصام بحده

_ دي مش رحلة مش حابب جوها دي صحتك اللي بتدمرها وبتدمر ابوك معاك 

واللى انت متعرفوش انه كلمني امبارح عشان يتاكد ان كنت جانبك كويس ولا لأ واطريت اني اكذب عليه 

ودي هتكون آخر مرة 

يا تسمع كلامي وتسافر ياإما تفضل هنا لحد ما نلاقي المتبرع


لم ينتبه لشئ مما قيل سوى والده الذي يشك بأمره والذي لن يتحمل إذا علم بحقيقة مرضه 

_ بس أنا مش عايز بابا ياخد خبر بالموضوع

تحدث عصام بجدية 

_ لأ طبعًا ضروري يعرف لأنه لازم يكون موجود اثناء العملية  

وبما اننا لازم نكون جاهزين لأتصال الدكتور في أي وقت فـ لازم يعرف 

فكر قليلًا ثم قال بتسويف

_ خلاص نأجل الموضوع شوية لحد ما الدكتور يأكد ووقتها نعرفه وأنا هقوله إني مسافر تبع الشغل 

هم عصام بالرفض لكنه قاطعه برجاء 

_ أرجوك ياعمي أنا عارف بابا كويس لو عرف هتلاقيه بيموت كل لحظة وهو شايفني ادامه بالشكل ده، أرجوك ده لمصلحته هو 

وافق عصام مرغمًا لأنه أدرى بصديقة الذي حقًا لن يتحمل رؤية إبنه الوحيد وهو يضيع أمامه


❈-❈-❈

كانت سارة تعمل على إنهاء الأمر بسرعة حتى تعود إلى منزلها قبل عودت والدتها 

شعرت بنعاس شديد وظنت أنه بسبب الأرق الذي تنتابها الفترة الأخيرة 

وعندما لاحظت ساندي ذلك قالت بخبث

_ معلش ياسارة هسيبك خمس دقايق أروح بسرعة أجيب التورته لإني نسيتها خالص.

لم تنتبه لكلامها بسبب الدوار الذي أشتد بها، كانت تود أن تطالبها بعدم الذهاب لكنها لم تستطع التفوه بشيء 

حتى خرجت ساندي من المنزل ولفها الظلام لا تدري بشئٍ بعدها 

❈-❈-❈

عاد جمال إلى منزله مساءًا ليجدها منزوية في غرفتها وقد ذبلت عينيها من البكاء

تقدم منها ليجلس بجوارها وقد آلمه رؤيتها بتلك الحالة 

تحدث بتعاطف

_ هتفضلي أكده كتير؟ أومال لما تزوچيها هتعملي أيه؟

رفعت عينيها التي احمرت من شدة البكاء وقالت

_ ومين جالك إني هزوچها بعيد عني.

أجابها بهدوء 

_ النصيب اللي بيجول مش إحنا

هزت راسها برفض وهى تقول بعناد 

_ لاه شرطي للي رايد يتزوچها إنها متبعدش عني أني مجدرش أعيش وهى بعيد عن عينيه

ضحك جمال ورد بمزاح

_ وماله ولو رايده كمان يعيشوا معانا أهنه معنديش مانع.

بس وجتها متحزنيش لو چات واحدة واخدت منك جاسر وجالت أمها مجدرش أعيش وهي بعيد عني.

تنهدت بضيق وردت بنفور

_ اعمل ايه بس، أول مره تبات بعيد عني وجلجانه جوي عليها.

أحاطها بذراعيه ليقربها إليه ويطبع قبله حانيه على جبينها 

_ متحلجيش ليلى ميتخافش عليها واصل 

تحولت نظراته إلى مكر وهو يقول 

_ بجالك سبوعين جلباها علينا نكد ونسيتي جمال وشاغله نفسك بولاده ينفع إكده؟

ابتسمت مرغمه وهى تتطلع إليه بحب لم يقل يومًا بل يزداد يومًا بعد يوم

_ لازمن اشغل نفسي بيهم لأنهم حته منيك كل واحد فيهم واخد منيك حاچه وكلهم على بعضيهم إكده بيكملوا جمال تاني

عقد حاجبيه متسائلًا

_ عايزة تجولي إني جاسر فيه حاچه واحدة مني؟

ده في الشكل منصور أخوى، وفي الطبع جده عمران واخد أيه مني؟

ردت بحب وهى تملي عينيها من ملامحه العاشقة لتفصيلها 

_ واخد منك حنيتك وحبك للي حواليك وقلبك الأبيض، صحيح هو حمجي حبتين ومش بيعرف بين عواطفه بس حنية الدنيا كلها فيه

و حازم ومعتز دول واخدين خفت دمك 

أما ليلى دي واخده عقلك الكبير وأخلاجك اللي مفيش زييها صحيح هي مندفعة حبتين بس بتعرف في الاخر تصلح أخطائها

 كل الحاجات الحلوة دي فيك أنت واتوزعت على ولادنا

لم يجد الكلمات التي يوصف بها جمال تلك المرأة التي تقبع الآن أمامه 

وقال بحب 

_ إنتي أحلى حاچة دخلت حياتي ونورتها وبتمنى دايمًا إن ربنا يقدرني واعوضك عن الشجى اللي عيشتيه معايا و…

وضعت يدها على فمه تمنعه من مواصلة حديثة وتقول بعتاب

_ أوعاك تجول الكلام ده تاني، أنت نعمة كبيرة جوى في حياتي وبحسد نفسي عليها 

أيام التعب اللي بتجول عليها دي كنت لما بترجع وتترمي في حضني كنت وجتها بنسى كل حاچة وبكتفي بيك عن الدنيا كلها هو ده كان أحلى عوض، وچودك في حياتي ياأغلى الناس.

التزمت الصمت لكن شفتيه عزفت أجمل الألحان وهى تأسر شفتيها بينهم في قبله حانيه أراد بها إثبات مدى حبه لها بالأفعال وليس بالكلمات 

أما هى فكانت مرحبه بتلك المشاعر التي لم تهدئ بينهم رغم مرور السنين بل يزداد الأشتياق أكثر وأكثر

ليأخذها تغرق معه في بحور العشق والهوى الذي كتب عليهم 

❈-❈-❈

استيقظت من غفوتها لتجد نفسها في غرفة غريبة مستلقية على ذلك الفراش 

انقبض قلبها خوفًا لتنتفض بخوف عندما وجدته يقف أمام المرآة يهندم من ملابسه وعندما رآى انعكاس صورتها في المرآة قال بابتسامة خبيثة

_ أخيرًا صحيتي 

التفت إليها ليردف وهو يقترب منها 

_ مش عارف أقولك صباحية مباركة لأننا بقينا المغرب 

تظاهر بالتفكير وهو يتابع

_ نمشيها مساء الورد لأحلى عروسه شوفتها في حياتي .

الفصل التاسع 

ومقبل على الصعيد


❈-❈-❈


استيقظت من غفوتها لتجد نفسها في غرفة غريبة مستلقية على ذلك الفراش 

انقبض قلبها خوفًا لتنتفض برعب عندما وجدته يقف أمام المرآة يهندم من ملابسه وعندما رآى انعكاس صورتها في المرآة قال بابتسامة خبيثة

_ أخيرًا صحيتي 


التفت إليها ليردف وهو يقترب منها بخطوات بطيئة جعل قلبها تزداد وتيرته

_ مش عارف أقولك صباحية مباركة لأننا بقينا المغرب 

تظاهر بالتفكير ثم تابع قائلًا 

_ نمشيها مساء الورد لأحلى عروسه شوفتها في حياتي .

اتسعت عينيها ذهولًا مما يحدث وزاد أكثر عندما وجدت نفسها عارية تمامًا إلا من ذلك الغطاء الذي يسترها من نظراته الوقحة لتهز رأسها بعدم أستيعاب لما يحدث وكأنها داخل كابوس وتريد بشدة الإستيقاظ منه فتردد برعب

_ أنت عملت فيا أيه؟ 

صرخت بعلو صوتها 

_ عملت فيا أيه؟

تقدم منها ونظراته تلتهمها برغبة مما جعلها تنزوي في الفراش بخوف وتشدد الغطاء أكثر عليها 

_ متخافيش أنا مستعد أصلح غلطتي، انا عملت كده بس عشان أجبرك توافقي عليا بس أوعدك إني مش هكررها تاني إلا برضاكي

عايزك كده زي الشاطرة تاخديلي ميعاد من أبوكي عشان نلحق الموضوع قبل ما نتفضح قلتي أيه؟


لم تجد الكلمات التي تصف بها مدى الاشمئزاز الذي شعرت به في تلك اللحظة وكأنها تقف أمام شيطان 

استحل ما ليس له ليزداد بغضها له أضعافًا وهى تقول بحرقة 

_ مستحيل أتجوز واحد ندل وحقير زيك حتى لو فيها موتي 

رفع حاجبيه وهو يقول ببساطة

_ براحتك بس متزعليش مني بقى فـ اللي هعمله 

مع إنك هتبقى مراتي ولا زم أخاف على سمعتك بس إنتي اللي بتطريني أعمل كده.

تحولت نظراته إلى غضب وهو يميل عليها ويتابع بتهديد

_ يا توافقي تتجوزيني يا إما متزعليش من اللي هعمله

أنا خارج قبل ما ساندي ترجع وتشوفك في الموقف ده وانتي البسي هدومك وفكري براحتك 

جوازنا ادام فضيحتك وابوكي الصعيدي لما يعرف أن بنته كانت بتستغفله ومقضياها مع كل واحد شوية

خرج من الغرفة ليتركها تصرخ بألم على حظها العثر الذي أوقعها في شباكه 

بيد مرتعشه تناولت ملابسها الملقاة بإهمال على الأرض وقامت بارتدائها وخرجت من الغرفة لتجده جالسًا على المقعد بهدوء وكأنه لم يفعل شئ 

تقدمت منه وهي تنظر إليه باشمئزاز قائله

_ من وقت ما شوفتك وانا عارفه إنك إنسان حقير وملكش آمان بس متخيلتش إن الحقارة توصل بيك للشكل ده.

عارفه إني مهما اقولك مش هيصحى ضميرك الميت ده بس كل اللي هقوله

حسبي الله ونعم الوكيل فيك.

أنتهت جملتها ثم أسرعت بالخروج من المنزل وهى لا تعرف إلى أين 

لن تعود إلى المنزل كي لا يعلموا بالحقيقة كما هددها ويجبرونها على الزواج منه 

عليها ان تلوذ بالفرار من  براثن ذلك الشيطان الذي سيظل يطاردها أينما ذهبت 

لكن مازالت تتساءل إلى أين؟

لم تدري كيف ومتى وجدت نفسها داخل محطة القطار وكأن قوة خفية ساقتها إلى هناك دون أن تدري

إذًا فقد حان الوقت لتذهب إليهم تحتمى بهم من غدر الدنيا وقسوتها 

 

خطت بقدميها داخل القطار لتجلس على المقعد تنظر من نافذته وكأنها تودع كل شئ من حولها ولا تدري هل ستعود يومًا أم ستذهب دون عودة


❈-❈-❈


وقفت سمر في الردة تنظر في ساعتها بين الحين والآخر تتساءل عن تأخيرها كل هذا الوقت 

حاولت الاتصال مرارًا وتكرارًا لكن لا فائدة مازال قيد الأغلاق 

عاد منصور من الخارج ليجدها بتلك الحالة فيسألها مستفسرًا 

_ واقفه كده ليه؟

أجابته بقلق

_ بنتك مرجعتش لحد دلوقت 

وضع حقيبته على المقعد وسألها بقلق 

_ مسألتيش مصطفى ليه؟

_ سألته وقال لي انها خرجت مع ساندي والمشكلة إني معرفش رقمها ولا بيتها حتى 

نظر في ساعته ليجدها قد تعدت التاسعة مساءًا ازداد قلقه أكثر عليها ليسألها باهتمام 

_ اومال فين مصطفى

_ راح يشوف حد يوصله لصاحبتها 

لم تكمل جملتها حتى سمعوا صوت الجرس ليظن كلاهما أنها عادت أسرع منصور بفتح الباب ليجده مصطفى فيسأله بلهفه

_ لقيت أختك؟

دلف مصطفى من الباب وهو هز رأسه بنفي

_ لأ ملقتهاش بس قدرت أوصل لرقم البنت دي 

صاح به 

_ طيب مستني أيه رن بسرعة 

أخرج الهاتف ليتصل على الرقم منتظرين الرد وعند سماع صوتها اخذت سمر الهاتف بسرعة 

_ أيوة يا ساندي انا مامت سارة 

ارتبك ساندي وهى تنظر إلى أخيها فيشير لها بفتح سماعة الهاتف وتجيب 

_ أهلًا وسهلًا ياطنط خير؟

سألتها بخوف

_ سارة كانت معاكي النهاردة صح؟

اشار لها ان تجاريها لتجيب بتلعثم

_ اه كانت معايا بتساعدني في حاجه في البيت بس مشيت من بدري 

ازداد قلق الجميع ليأخذ منصور الهاتف ويسألها بحده

_ خرجت من عندك امتى بالظبط 

إزداد ارتباكها أكثر وأجابت بخوف

_ على المغرب كده، ليه هى لسه مرجعتش ؟

انقبض قلب الجميع وهم لا يعرفون ماذا حدث لها لتأخذ سمر الهاتف وتحدثها برجاء

_ ارجوكي يا ساندي لو تعرفي أى حاجة قولي، وهى خارجه من عندك ما قالتش هى رايحة فين؟

ازداد خوفها أكثر وكذلك وائل الذي يستمع للمحادثة وتفكيره ذهب به إلى إنتـ.ـحارها 

_ لأ مقلتش هى رايحة فين وأنا افتكرت أنها روحت 

ازدادت الأسئلة من سمر وساندي تجيبها بمقدار معرفتها حتى انتهت المحادثة وأغلقت ساندي الهاتف 

ونظرت إلى أخيها برعب وهى تصيح به 

_ عجبك كده؟ البنت شكلها كده انتـ.ـحرت 

ظهر الخوف واضحًا عليه وقد ساوره الشك أيضًا بأنها لجأت إلى الإنتحـ.ـار 

فيجيبها بخوف

_ مظنش انها ممكن تعمل حاجه زي دي مع أني طلبت منها تاخد ميعاد مع أبوها

جلست على المقعد لهى تقول برعب 

_ أنا خايفة للموضوع ده ينكشف وأهلها يخلصوا علينا 

إزداد خوفه حقًا وقال يطمئنها 

_ لا أكيد راحت عند حد من قرايبها لحد ما تهدي وترجع تاني 

هكذا أقنع أخته كما اقنع نفسه أيضًا مقررًا الذهاب لخطبتها غدًا ..


❈-❈-❈


انتهى دوامها في المشفى وقد أستفادت كثيرًا من تواجدها مع في المكان 

لكن أكثر ما كان يأخذ تفكيرها هو صدمته عند رؤيتها والوجوم الذي ظهر عليه بعدها 

كانت تود أن تسأل عن صحته لكن خشيت أن تجرحه بكلمتها ولذلك التزمت الصمت 

طرق الباب ليخرجها من شرودها ودخلت الممرضة تخبرها بأن المدير يود مقابلتها 


حملت حقيبتها وذهبت إليه لتطرق الباب وتدلف 

وعند رؤيتها قال د.عصام

_ تعالي يا ليلى اقعدي 

دلفت ليلى لتجده يضع أمامه مجموعة من الأشعة والتحاليل فيضعهم أمامها قائلًا

_ الحالة دي أنا عايزك تراجعيها كويس لأنك هتتابعيها معايا 

تناولت منه الملفات وردت بهدوء

_ مريض قلب؟

هز رأسه بتأكيد 

_ اه عنده عيب خلقي في عضلة القلب كل حاجه عايزة تعرفيها هتلاقيها في التقارير اللي ادامك 

بس عايز اقولك إن الحالة دي بالذات تخصني آوي تقدري تقولي كده أبني اللي مخلفتوش 

  

لا تعرف لما انقبض قلبها خوفًا من كلماته 

وكأنه يلمح لشئٍ ما

نظرت إلى الاسم لتزداد وتيرة تنفسها وهي تتأكد من صحته لتحاول بصوبة التماسك امامه

_ انا فكرة الحالة دي كويس، ده مستر أمجد مش كده 

 

أكد قائلًا

_ بالظبط بس للأسف الحالة كل مدى مـ بتسوء ولحد دلوقت مش لاقين متبرع بنفس زمرة الدم 

والأدهى انه مش حتى بيساعد نفسه ومستسلم لليأس تمامًا

 وزي ما انتي عارفه أهم حاجة في العلاج نفسية المريض وأن يكون في دافع يخليه يتمسك بالحياة.


شعرت ليلى بأنه يقصدها بذلك تساءلت هل لاحظ نظرات الحب بداخل عينيها؟

هل أصبحت بتلك الشفافية حتى يلاحظ عليها ذلك من مرات قليلة تواجدت فيها معه؟

لترد بكلمات مقتصده

_ حاضر أنا هدرس الحالة كويس وإن شاء الله خير 

بعد إذن حضرتك.


❈-❈-❈


توقف القطار ولكن عبراتها لم تتوقف أخرجت هاتفها من حقيبتها لتبعث لهم برسالة صوتية تخبرهم فيها بذهابها إلى أهلها ثم اغلقت الهاتف حتى لا يستطيع ذلك الرجل الوصول إليها.

ترجلت من القطار وسارت بضياع وهى تنظر إلى تلك القرية التي تمنت كثيرًا المجئ إليها، وها قد جائتها لكن مكسورة الخاطر والفؤاد، آتت هاربة من براثن ذلك الشيطان الذي دمرها وقضى عليها بكل جبروت، ترى هل ستجد الراحة والسلوان في ذلك المكان التي آتت إليه تلتمس منه العزاء، أم كتب عليها أينما ذهبت تلاحقها الشياطين.

سارت بخطوات منهكه وقد تأخر الوقت كثيرًا

لم يخطئ العنوان الذي علمته من خالد لتقف الآن أمام  ذلك المنزل الذي يحتوي تلك العائلة التي سمعت عنها الكثير والكثير منه، لكن ماذا سيكون رد فعلهم عندما يعلموا من تكون.

طرقت الباب قبل ان يفتح ذلك الذي يعد نسخة مطابقة لأبيها مما جعلها تتأكد أكثر من أنها لم تخطئ هدفها فتسأله بتوجس

_ مش ده بيت الحاج عمران المنشاوي؟

أندهش جاسر من رؤية تلك الفتاة التي تأكد لهجتها وملابسها أنها لا تنتمي إلى البلدة ليجيب بتعجب

_ أيوة هو عايزة مين؟

شعرت بالبرودة تجتاح جسدها رغم حرارة جو الصعيد وردت بثبات على ذلك اللفظ وهي تخبره باسمها كاملًا

_ أنا سارة منصور عمران

ساد الصمت قليلًا وقد ألجمته الصدمه لحظات قبل أن يستعيد وعيه وقبل أن يجيب سمعت صوت قوي يتقدم منهم ويسأل مستفسرًا

_ مين ياجاسر 

نظر جمال إلى تلك الفتاة التي تقف بإنهاك ويجيب جاسر باستياء 

_ دي واحدة بنتجول انها بنت منصور

رغم الصدمة التي اعترته برؤيتها إلا ان الشبه الذي يقربها من والدته جعله يصدق ما تقول دون أن يستفهم منها، أو بالأصح هيئتها تلك وكأنها على وشك الأغماء لا تسمح بالأستفسار ابتسم بحب وهو يرحب بها 

_ أهلًا يابنتي أتفضلي نورتي الدار 

دلفت معه المنزل لتشعر براحة عجيبة داخله إلا من تلك العينين التي تخترقها 

لتقف أمام أعين أخرى تتساءل من تكون ليقترب منها جمال ويخبرها بسعادة وهو يعرفها عليهم

_ ده جدك عمران  وجدتك جليلة

ثم أشار على زوجته وأردف 

_ ودي وسيلة مرات عمك.

ثم قدمها إليهم 

_ ودي بنت منصور أخوي

نهض الجميع من أماكنهم إلا من عمران الذي لم تسعفه قدماه على الوقوف ويكتفي بالنظر إليها، ليسمع جليلة تقول بسعادة 

_ إنتي سارة بنت منصور ولدي.

إندهشت من معرفتها لاسمها وأومأت دون قول شيء لكنها أقتربت منها لتجذبها جليلة لأحضانها وهي تقول بسعادة 

_ أهلًا ببنت الغالي نورت الدار ياغالية 

إندهشت من استقبالهم الحار لها ثم تقدمت من جدها الذي كان ينظر إليها بعتاب واضح كانه يعاتبها على تأخرها عليه لتقبل يده بإحترام وتقول بصوت خافت 

_ إزيك جدو

ربت على كتفها وهو يقول بحب 

_ زين والحمد لله كيفك انت وكيفه أخوكي

إزدردت ريقها بصعوبة وردت بثبات

_ الحمد لله كويس كان نفسه ييجي معايا بس مقدرش 

نظرت إليها وسيلة التي ترمقها بامتنان واقتربت منها قائله

_ ازيك يا طنط 

رحبت بها وسيلة بسعادة 

_ بخير الحمد لله نورتي الدار والنجع كلاته 

نظرت إلى عمها الذي ينظر إليها بحب وردت 

_ منورة بأهلها 

ربت بيده على كتفها ونظر إلى وسيلة قائلًا 

_ يالا ياأم جاسر خلي سعدية تحضر العشا بسرعة عشان تتعشي وتطلع ترتاح في اوضة ليلى لأنها بينها مش واخده عـ السفر وجو الصعيد والصبح يبجى اتحددتوا معها كيف مـ انتوا عايزين 

ردت وسيلة 

_ لا انا بنفسي اللي هحضر لها العشا

لم تجادل لانها حقًا تشعر بالجوع فأشار لها جمال بالجلوس لتجلس بجوار جليلة التى لم تصدق عيناها حتى الآن

لم تتخيل يومًا ذلك الأستقبال منهم لولا تلك العينين التي تنظر إليها بغضب جحيمي، ولما لا وقد تلاعب الشك بداخله ظنًا منه أنهم بعثوها إليهم كي تحنن قلب جدها عليه فسألها بهدوء

_ وانتي جايه لحالك إكدة؟

اهتزت نظراتها بارتباك عندما تذكرت ما حدث لتجيب بألم لم تستطيع إخفاءه

_ أنا جاية لوحدي.

تحولت نظراته لاستهزاء وعاد يسألها 

_ ومنصور سابك تاچي لحالك؟

_ جاسر بكفياك أسأله

قالها جمال بتحذير من تماديه في أسئلته لتجيب هي بهدوء

_ بابا ميعرفش إني جاية هنا إلا لما نزلت من القطر 

لأنه رافض …..

التزمت الصمت عندما وجدت حديثها يأخذها بدون قصد لأحزان الجميع ليكمل عنها جاسر ببغض 

_ رافض انك تاچي أهنه، مش أكده 

نظر جمال بحده لابنه كي يلتزم الصمت فيقول جاسر بامتعاض وهو يهم بالذهاب

_اني داخل اوضتي 

نظرة سارة في آثره وهى تجاهد كي لا تتحرر دموعها وعندما لاحظ جمال ظن انها حزنت من بغض ابنه معها فرفع عنها الحرج قائلاً 

_ المهم إنك طمنتيه عليكي 

أومأت برأسها دون قول شئ حتى دخلت وسيلة 

_ العشا چاهز تعالي 

جلست سارة على المائدة لتناول طعامها بشرود 

مندهشة من طريقة استقبالهم لها وفرحتهم بها 

تتساءل لما شوهت والدتها صورتهم بكل ذلك الكذب 

فما تراه الآن لا ينتمي بصلة لتلك الصور التي رسمتها لها 

أبيها لم يتحدث بل كان ينهرها إذا تحدثت عنهم بالسوء 

إذًا فهناك حلقةً مفقودة وعليها معرفة الحقيقة من جدها

 

❈-❈-❈


كانت سمر تزرع الردهه ذهابًا وإيابًا وكأنها تسير على جمر ملتهب 

_ المجرمة تستغفلنا كلنا وتعمل العمله دي 

ثم نظرت لمصطفى الذي كان أيضًا مصدومًا من فعلتها وسألته باتهام

_ أنت كنت عارف أنها رايحه عندهم 

رد مصطفى بشرود 

_ خالص أنا مستغرب زيكم وأكتر كمان 

أما منصور فقد كان ملتزمًا الصمت يفكر في رد فعلهم عندما يعلموا من تكون، كيف تم استقبالهم لها؟

هل رحبوا بها؟ هل يتخذها جمال فرصة كي يخبرها بحقيقته؟

كل تلك الأسئلة تدور بخلده الآن 

لينتبه على صوتها وهى تسأله 

_ممكن أعرف انت ساكت ليه؟

نهض منصور ليقول بحدة

_ عايزاني أعمل أيه؟ اروح اجيبها من شعرها؟

صرخت به 

_ يعني أيه هـ تسيبها كده تروح لهم عادي وتبقى فرصة لجمال ومراته يشوهوا صورتنا ادامها؟

مسح بيده على وجهه يحاول السيطرة على أعصابه وقال بثبات 

_ هتصرف

_ هتعمل أيه؟

أغمض عينيه محاولاً ضبط أعصابه قائلًا بهدوء

_ هكلم خالد يروح يجيبها.

همت بالمعارضة لكنه تحدث بتحذير 

_ كلمة تاني وهطربق البيت عـ اللي فيه انا مش طايق نفسي

ثم تركها وصعد إلى غرفته 


جلست سمر على المقعد تهز قدميها بغضب شديد تفكر في طريقة تعيد بها ابنتها دون الذهاب إليهم

 تقدم مصطفى منها ليجلس بجوارها وقال بهدوء

_ معلش ياماما هى كان نفسها تشوفهم وتتعرف عليهم وبعدين هترجع تاني، يعني يومين بالكتير وهتلاقيها رجعت

زمت شفتيها بضيق تحاول العثور على حل ثم 

نظرت إلى مصطفى وقالت بأمر 

_ روح انت اوضتك وسيبني دلوقت.

ذهب مصطفى إلى غرفته وهو يعاتبها على ذهابها من دون أن تخبره

حاول الاتصال بها لكنه ما زال قيد الإغلاق 

ألقى هاتفه على الفراش وهو يفكر في طريقة يقنعهم بها فـ الذهاب إليها 


❈-❈-❈


ولجت الغرفة مع وسيلة التي قالت بسرور

_ اتفضلي دي أوضة ليلى بنتي 

تساءلت سارة عندما لم ترى أحد اخرى غير ذلك الشاب 

_ اومال هى فين؟

أجابت وسيلة 

_ في مصر أصرت انها تكمل سنة الإمتياز في مستشفى مش فاكرة اسمها، كان هيچراها حاچة لو مراحتش مرديناش نزعلها راحت مع اخواتها حازم ومعتز هما كمان يكملوا علامهم هناك ردت بهدوء

_ ربنا يوفقهم 

لم تريد ان تطيل عليهم أكثر من ذلك 

_ طيب اسيبك انا بجى ترتاحي من الطريج والصبح نكملوا حديتنا 

خرجت وسيلة لتتركها لعذابها ولحظة إستيقاظها لا تترك مخيلتها لحظة واحدة.


❈-❈-❈


عادت وسيلة إلى غرفتها لتجد منصور شاردًا فعلمت انه يفكر في أمر أبنة أخيه 

جلست بجواره تسأله باهتمام 

_ سرحان في أيه؟

هز جمال رأسه بحيرة وهو يقول 

_ مش عارف اجولك ايه، بس جلبي حاسس إن في مشكلة كبيرة خلاتها تاچي من ورا منصور إكده، وشاكك اكتر إن ممكن يكون السبب فيها منصور او سمر 

ردت وسيلة بنفس حيرته 

_ انا كمان مستغربه زييك واكتر كمان، بس البنت شكلها زينة جوي وكيف النسمه أكيد حدا منهم زعلها وهو ده اللي خلاها تاچي غصب عنيهم 

أومأ جمال ثم قال بجدية 

_ أني عايزك تاخدي بالك منيها زين وأوعاكم تحكولها حاچه عن اللي عمله أبوها زمان 

وخلي ابنك ميضيجهاش بأسئلته البايخه دي ولا يتحددت معها واصل 

لحد ما تهدى وترتاح وبعدين هجعد معاها واعرف ايه اللي مزعلها منيهم

الفصل العاشر والحادى عشر 


ومقبل على الصعيد

رانيا الخولي

الفصل الحادي عشر


كان خالد جالسًا في مكتبه عندما رن جرس الباب 

خرج من الغرفة ليجد منال زوجته تتجه لفتحه فمنعها  قائلاً 

_ خليكي انتي انا هفتح ده أكيد منصور

عادت إلى الغرفة مرة أخرى 

 وفتح خالد الباب ليجده منصور فقد أتصل عليه اليوم وأعلمه بمجيئه يعلم جيدًا سبب تلك الزيارة لكن لن يخبره بمعرفة ذلك

_ أهلًا يا منصور أتفضل

دلف منصور ليصطحبه خالد إلى غرفة مكتبه وأغلق الباب خلفه وسأله 

_ ايه يابني في ايه؟ قلقتني.

جلس منصور على الاريكة واضعًا رأسه بين يديه 

وأجابه بتعب

_ سارة سابت البيت وقبلت على الصعيد.

رد خالد ببساطة

_ وأيه المشكلة، والله فيها الخير وعملت اللي حضرتك معملتوش بقالك خمسة وعشرين سنة

هز منصور راسه بسام وقال بحده

_ أنا بتكلم في ايه وانت بتتكلم في إيه؟! بقولك البنت سافرت وقافله الزفت الموبايل ومش عارف أوصلها.

ولازم ترجع دلوقت عشان جامعتها.

رد خالد بتهكم وهو يجلس قبالته

_ عشان جامعتها برده ولا أنت اللي رافض مروحها هناك.

لم يجيبه ليتابع خالد

_ أنا مش عارف انتوا منعنهم ليه، ولادك من حقهم يعرفوا أهلهم ويودوهم ملهمش هما ذنب في المشاكل اللي بينكم دي، وبعدين تقدر تقولي أنت مقاطعهم ليه؟ أيه اللي حصل منهم عشان تبعد بالشكل ده؟!

لم يريد التطرق في ذلك الحوار وقال متهربًا

_ أنت ليه بتخرجني من الموضوع الاساسي اللي جايلك فيه.

رد خالد بلهجه حاده

_ لأن ده هو الموضوع الأساسي اللي لازم نتكلم فيه قبل أى حاجه، نبهتك كتير وقلتلك بلاش تمشي ورا شريف وبنته ومصدقتنيش والآخر سمعت بودنك اتفاقهم عليك وأنهم بيدبروا إزاي يخلصوا منك 

مش سمر دي اللي قاطعتهم عشانها، مش ده شريف اللي قوى قلبك على أبوك وخلاك تتخلى عنهم في محنتهم؟

تقدر تقلي سايبها على ذمتك ليه بعد ما عرفت حقيقتها؟

تنهد بضيق وهو يجيبه

_ مش بسهولة كده لازم انتقم منهم الأول

_ هتنتقم من مين؟ من أم ولادك وجدهم؟ 

وتقول لولادك أيه؟ 

نهض منصور وقد سأم من الخوض في ذلك الحديث 

_ هقولهم حقيقة أمهم؟

رد خالد مأيدًا

_ تمام وبالمرة أحكيلهم حقيقة أبوهم.

رد منصور بسخرية

_ وأنت فاكر أنها معرفتش حاجه؟ زمانهم حكولها على كل شيء من البداية.

نهض خالد ووقف أمامه قائلًا بمصابرة

_ لأ متخفش بنتك هناك معززة مكرمة والكل مبسوط بيها 

قطب جبينه بدهشة ليسأله

_ وأنت عرفت إزاي؟

لن يخبره بأنه من أعطاها العنوان كي لا يشك في الأمر ورد بهدوء

_ جمال أتصل عليا في الوقت اللي وصلت فيه، وسألني لو كان حد ضايقها لأنها واضح عليها الزعل

انا من رأيي تسيبها وتسيب مصطفى كمان لحد ما تخلص حربك مع مراتك

هناك هيكونوا في آمان بعيد عن الشر اللي أنتوا فيه

بدل مـ سمر وأبوها يلعبوا في عقلهم زي مـ لعبت في عقلك، أسمع كلامي وسيبهم.

نعم محق في كل كلمه عليهم أن يبعدهم عنها حتى يطمئن عليهم.

وسأله بحيرة

_ بس هبعت مصطفى إزاي، أكيد سمر هتمنع.

أقترح خالد قائلاً 

_ مصطفى رايح يجيب أخته لأن مينفعش ترجع لوحدها فهمت؟

أومأ برأسه مقررًا إبقاءهم بعيداً عن الحرب التي يخطط لها مع شريف وأبنته حتى يسترد حقه كاملًا


❈-❈-❈


عاد جاسر في وقت متأخر ليجد وسيلة تجلس في الردهة تنتظر عودته بقلق بالغ وعند رؤيته سألته بقلق

_ جاسر ايه اللي مأخرك بره البيت لحد دلوجت؟ دي أول مرة تعملها.

جلس جاسر على المقعد وهو ينظر إلى الأعلى مكان غرفتها وقال بهدوء

_ عادي ياأمي كنت سهران مع يحيى.

لم تصدق وسيلة حديثة فتسأله بعتاب

_ كنت سهران مع يحيى ولا مش عايز ترچع البيت؟

أشاح بوجهه بعيدًا عنها فتقترب منه وسيلة وتقول بإستياء

_ انا عايزه اعرف مالك ومالها مضيجاك في أيه؟ دي البنت كيف النسمه والكل أتعلج بيها إشمعنى إنت؟

ألتفت إليها جاسر ليقول بحدة

_ خابرة ليه؟ لأنها بنت منصور، ومهما تعمل مش هجبلها ولا هجبل وجودها أهنه لإني خابر زين إنها مش سهلة زي مـ انتو فاكرين، دي باعتها منصور لغرد اول ما توصله هتظهر على حجيجتها.


تعبت وسيلة من الجدال معه لأنه لن يجدي نفعًا وقالت بتعب

_ مين اللي ملى دماغك بالكلام ده….

قاطعها جاسر بألم

_ مش هى دي الحجيجة، مش دي بنت الراجل اللي ساب  أبوه في عز محنته وأتخلى عنيه 

مش هو اللي أخد الفلوس وهمل البلد وساب أخوه يتعذب ويشجى عشان يسد ديون الأرض وهو عايش  حياته ولا همه شئ، لا وكمان بيطالب بورثه وچدي لساته عايش

_ أهدى ياولدي وخرج الهم ده من چواك وبلاش تدخل نفسك في حاچه زي دي دول مهما كان  أخوات ومسيرهم يرچعوا لبعض تاني

وصدجني سارة دي غيرهم هى بجالها يومين معانا مشفناش منها غير كل خير، أرچوك ياولدي بلاش تظلمها.

تنهد بألم وهو يحاول بصعوبة بالغة السيطرة على حريق قلبه الذي لم يهدئ قط منذ أن علم الحقيقة، نظر إلى والدته وتحدث باعتذار

_ أني آسف لو كنت انفعلت عليكي بس صدجيني غصب عني

ربتت وسيلة على صدره وقالت بتفاهم

_ خابره ياولدي بس بلاش تجسى عليها دي مهما كان في بيتنا وحتى لو كانت زي ما بيتجول مينفعش نعاملها غير بالخير عشان ردها علينا برده يكون بالخير، فهمت ياولدي

أمسك يدها ليقبلها بحب ورد بهدوء

_ حاضر ياأمي هحاول 

ابتسمت له بحب وقالت

_ طيب يلا بجى اطلع نام لأن الوجت آخر جوى، تصبح على خير 

_ وانتي من أهله

وقبل أن يتحرك من مكانه أسرعت سارة بالولوج إلى غرفتها وهى لا تصدق ما تسمعه أذناها

هل حقًا ما سمعته حقيقة وأن والدها ليس بتلك المثالية التي كان يخدعهم بها؟

هل حقًا تخلى عن أهله وهم في أشد الحاجة إليه؟

أسئلة كثيرة تود إجابتها لكن من يجيبها؟

وقفت تنظر من الشرفة  الدموع تنهمر من عينيها، لقد اكتشفت بعد كل تلك الأعوام انها داخل كذبه كبيرة سواء من والديها أو صديقتها.

فـماذا يخبئ لها القدر أكثر من ذلك.


❈-❈-❈


عاد منصور إلى المنزل فيجدها جالسة في الردهة تتلاعب بهاتفها وتهز قدماها دلالةً على عدم الصبر 

أغلق الباب بحده كي يعلمها بمجيئه وعند رؤيته أسرعت إليه تسأله بتوجس

_ ها عملت أيه؟

واصل سيره حتى جلس على الأريكة ورد بهدوء

_ يومين كده وهبعت مصطفى يجيبها 

عقدت حاجبيها بدهشة وتحدتث بحيرة

_ يعني أيه مصطفى يروح يجيبها؟ وخالد مرحش ليه؟

زفر بضيق ورد بصبر نافذ

_ خالد مش قاعد تحت أمرك، مشغول الفترة دي ومش هيقدر يسافر

وخليته كلم منصور أدامي وحتى بيقول ان البنت نفسيتها تعبانه 

ردت سمر بحدة

_ وتعبانه ليه إن شاء الله ؟

رد بتهكم

_ والله بقى ده سؤال تسأليه لنفسك، أيه اللي تاعب نفسية البنت وازاي تسيبيها لحد ما تجيب اخرها وتلجئ لحد غيرك

اومال انتي لزمتك ايه بالظبط

اندهشت أكثر من طريقته الفظه معاها لم يعد ذلك الرجل الذي كان دومًا يتمنى رضاها، بل تحول وكأنه شخصٌ آخر لا تعرفه فردت بمصابرة 

_ انت عارف كويس إن الفترة اللي فاتت كنت مشغوله معاكم فـ الشركة وممكن يكون هو ده اللي ضايقها، أو لأننا منعناها هى وأخوها من السفر للصعيد 

مسح على وجهه متوعدًا لها على أهمالها أيضًا لأولاده  وقال بهدوء يتنافى تمامًا عمّ بداخله من غضب

_ على العموم حصل خير وزي ماقلت يومين ومصطفى يبقى يسافر ويجيبها وياريت متفتحيش الموضوع ده تانى.

نهض من مقعده بكل هدوء جعلها تود قذفه بما أمامها

وتوجه إلى غرفته.


❈-❈-❈


دلف صابر غرفة أبنه بعد أن سمح عصام بزيارته

كانت ليلى ملتزمة غرفته لا تتركه سوى ساعات قليلة في المساء إذا لم يكن لديها مناوبة

نهضت من المقعد عندما وجدته يدلف إليه وتحدثت بتعاطف

_ اتفضل ياعمي 

أقترب صابر منه ليجلس على المقعد ويسألها بحزن

_ صارحيني يابنتي، هو عامل ايه دلوقت؟

بللت شفتيها التي جفت من شدة التوتر وردت بثبات

_ الحمد لله أحسن بكتير، وإن شاء الله هيفوق في أسرع وقت

امسك صابر يده وقال بخوف

_ بس ده بقاله خمس أيام في غيبوبة أنا خايف ميفوقش منها 

كيف تطمئنه وهي تريد من يطمئنها فردت بمهنية 

_ طبيعي لأن في حالته دي الغيبوبة بتستمر من خمس لعشر أيام بس ده بالكتير آوي، و احنا أملنا في ربنا كبير 

دلف عصام الغرفة ليجد صابر يتحدث معها 

تقدم منهم ليطلع على مؤشراته ثم تحدث بأمل

_ أطمن ياصابر إبنك الحمد لله بيتحسن ومسألة وقت وإن شاء الله هيفوق

رد صابر بتمني

_ يارب 

نظر إلى ليلى وأردف

_ مش هترتاحي شوية، أنتي عندك عملية بالليل ولازم تكوني مركزه

اخفضت عينيها وردت بهدوء

_ حاضر بعد أذنكم 

خرجت ليلى من الغرفة متجهه إلى مكتبها وعند ولوجها رن هاتفها الذي لم يكن سوى حازم أخيها وعندما أجابته سألها بجدية

_ ايه ياليلى مرجعتيش ليه لحد دلوجت؟

جلست على المقعد بإرهاق وأجابته بتعب

_ مش راجعه النهاردة لأن عندي عملية بالليل

سألها بشك

_ عملية بس؟

تنهدت بتعب وردت بثبات

_ اه ياحبيبي عملية بس أطمن

شعر حازم بحماقة كلماته وقال بتفاهم

_ ماشي ياحبيبتي ربنا يوفقك.


أغلقت ليلى الهاتف ووضعته على المكتب وقد شعرت حقًا بالإرهاق، فهي لا تستطيع النوم بأريحية في المنزل خوفًا وترقبًا من حدوث شئٍ له أثناء غيابها 

وإذا كانت لديها مناوبة ليلية فهي تنام على المقعد بجواره بعد انتهائها.

خرجت من مكتبها وذهبت لأستراحة الطبيبات كي ترتاح قليلًا قبل ميعاد العملية.


❈-❈-❈


فى منزل عمران 

جلسوا جميعهم في حديقة المنزل من دون جاسر الذي تعلل بالنوم مبكرًا لذهابه صباحًا إلى القاهرة

تحدثت جليلة باشتياق

_ الجاعدة اشتاجت للغايبين، هما جالوا هيرجعوا ميتى؟

ردت وسيلة وهى تنظر إلى جمال بغيظ

_ كانوا بيجولوا بعد ١٥ يوم يعني المفروض ينزلوا كمان يومين، بس مـبينش.

نظرت جليلة إلى سارة التي تتلاعب بهاتفها بشرود وسألتها

_ إنتي لساتك بتدرسي بردك؟

انتبهت سارة لسؤالها وأجابت

_ اه بس في آخر سنة

نظرت إلى عمها وأردفت

_ بعد اذن حضرتك ياعمي لو مش هضايقكم أنا كنت عايزة انقل السنة دي في الجامعة اللي هنا.

أندهش الجميع وقد تأكد ظنهم بأن هناك خطبًا ما جعلها تترك أبيها وتأتي إليهم، فسألها عمران بشك

_ ومنصور ولدي عارف اللي ناوية تعمليه

هزت راسها بنفي دون قول شئ فقال جمال بجدية

_ أولًا البيت ده بيتك ونشيلك جوه عنينا بس مفتكرش إن منصور هيوافج، ولو وافج ولدتك مستحيل تجبل بكده

ردت سارة بإصرار

_ ميهمنيش رأيهم، وده قرار أخدته بعد تفكير 

أنا من زمان وانا نفسي آجي واعيش معاكم هنا ومش مستعده أسيب البلد بعد ما لقيت الفرصة

نظرت لجدها وتابعت

_ إلا إذا كنت مش عايزني اقعد معاكم.

رد عمران بصدق

_ كيف ده دا إن مشلتكيش الارض تشيلك عيونا ومدام دي رغبتك أني هجف معاكي 

نظر جمال لوالده بعينين حائرتين هو يعلم جيدًا بأنه لن يوافق على ترك أبنته هنا ولا حتى زوجته، فكيف إذًا يوافقها وهو يعلم علم اليقين بأنهم لن يتركوها له

فأردفت سارة 

_ وانا هكلم عمو خالد يساعدني في نقل الورق

رد جمال بإستسلام

_ اللي تشوفيه يابنتي.

تطرقوا جميعًا في حديث أخر وقررت هى فتح هاتفها كي تهاتف خالد  لتتفاجئ برسالة من ذلك الشيطان وكان محتواها 

" أفتحي فونك ياإما هحكي لأبوك كل حاجه"

انقبض قلبها خوفًا من كلماته فانسحبت بهدوء دون أن يراها أحد وتسللت إلى الجانب الآخر في حديقة المنزل 

وقامت بالاتصال عليه ليجيبها مسرعًا

_ أهلًا باللي سابت البيت وهربت مش كنتي قلتلي وأنا كنت اخدتك معايا 

صاحت به بقوة زائفة

_ عايز مني إيه؟

رد وائل بحده

_ أنا قلتلك حددي ميعاد مع أبوكي واتفاجئت بعدها إنهم بيدوري عليكي لو بتفكري تهربي مني فأنتي الخسرانه، يا ترجعي وتوافقي على جوازنا ياأما هروح لأبوك وأقوله إنك غلطتي معايا وجاي أصلح غلطتي، وشوفي بقى أبوكي الصعيدي هيعمل فيكي أيه؟

لم يزيدها حديثه سوى بغض ونفور منه لن توافق على الأرتباط بخائن مثله حتى لو كلفها حياتها فقالت ببغض

_ مستحيل أتجوز واحد ندل وخاين زيك أستحل شرفي ودمرني بالشكل ده، الاشمئزاز اللي حساه من ناحيتك يخليني افضل الموت ولا انك تلمسني تاني

بس انت مش غلطان لوحدك أنا اللي أستاهل إني وثقت في أختك ودخلت بيتكم.

قامت باغلاق الهاتف وكادت أن تلقى به لولا تلك اليد التي وضعت على فمها تسحبها خلف تلك الشجرة العتيقة في حديقة المنزل، حاولت الإفلات من بين يديه برعب لكنه أحكم قبضته عليها حتى تأكد من خلو المكان وأدارها إليه لتواجه تلك العينين التي تشبه فوهة بركان تقذف حممًا نارية من هول الغضب الذي سيطر عليهم وسألها بفحيح يشبه فحيح الأفعى

_ اللي سمعته ده صُح؟


إنقبض قلبها خوفًا من نظراته التي تكاد تحرقها بلهيبها فلم تستطيع الرد من يده التي وضعها بعنف على فمها فصاح بها بغضب هادر

_ إنطجي اللي سمعته دلوجت ده صُح


هزت رأسها بنفي وقد شعرت بقدميها كالهلام من شدة الخوف، وخاصةً عندما وجدته يردف بتحذير


_ أكدبي مرة تانية وانا ادفنك مُطرحك وأجولهم غسلت عار منصور بيدي، مين اللي عمل معاكي إكده؟


تساقطت دموعها على يده التي مازالت موضوعه على فمها مما جعله يبعدها وكأنه أصيب بحرق نارى فتمتد يده إلى عنقها ضاغطًا عليه وهو يقول بحده

_ جولى لخلص عليكي، مين اللى غلطتى معاه يافاچره


لا داعي للكذب، فقد علم وأنتهى الأمر فـ ترد ببكاء وهى تحاول التنفس بصعوبة

_ والله ماعملت كده برضايا، ده كان غصب عني.

اغتاظ مما تفوهت به وسألها بسخط

_ كيف يعني خطفك من عالطريج إياك


أجهشت أكثر في البكاء وردت بانهيار وهي تتذكر تلك اللحظة

_ لأ كنت عندهم وحطلي المنوم في القهوة، فُقت لقيته معايا في الاوضة، أقسملك إن دي الحقيقة.


لم يرق قلبها لدموعها التي تنهمر بغزارة على وجنتيها فـ تحدث باستهزاء وبداخله براكين تغلي 

_ وإنتي إيه اللي وداكي عنديه يا فاچرة، طبيعي ماهو ملكيش راجل يسألك رايحة فين وچاية منين ، تعملى ما بدالك.


أزاحها من أمامه حتى كادت أن تسقط لولا أن تمسكت بجذع الشجرة فتتدارى خلفها وتجهش فـ البكاء على حظها العثر الذي يوقعها بين يدي من لا يرحم.


اما هو فقد وقف حائرًا لا يعرف ماذا يفعل في تلك المعضلة التي حطت فوق رؤوسهم.


ماذا يفعل؟ هل يقتلها ويغسل عارها؟ 

لكن إذا فعل ذلك ماذا سيكون مصير عائلتهم، ستظل وصمة عار في تاريخهم، وقد يلحق الضرر بأخته.

نظر إليها بغضب وقام بجذبها من خصلاتها وهو يقول بصوتٍ جهوري

_ كانت خابر إنك چاية بمصيبة بس محدش صدجني

اني لازم أجتلك وأخلص من عارك.

بكت سارة بألم من شدة قبضته على خصلاتها وقالت بألم

_ اقسملك انه مكنش برضايا، وجيت هنا أتحمي فيكم 

احتقنت الدماء في عروقه وأزاحها من أمامه وقال بغضب عارم

_ تتحامى فينا ولا تفضحينا

اشتدت ملامحه حده كالفولاذ وهو يتابع

_ كنت خابر إن منصور مش هياچي من وراه غير الخراب، بس متخيلتش إنك تعملي فينا إكده 

بس هجول ايه العيب مش عليكي العيب على اللي سايبك تدوري على حل شعرك لحد مـ جيبتنا مصيبة

لم تستطيع البقاء وسماع المزيد من كلماته السامة التي تمزق قلبها بكل قسوة

عادت إلى غرفتها لتغلق الباب خلفها ثم تستند عليه بظهرها وتجهش بالبكاءالذي جعل جسدها يهتز بعنف وهى تحاول كبت شهقاتها 


أما هو فقد جلس على الفراش واضعًا رأسه بين يديه يفكر في حل لتلك المعضلة


لن يستطيع التحدث مع جده فلن يتحمل مثل تلك الصدمة

ووالده يكفي ما حدث من والدها لن يحزنه أكثر بفعلتها 

ظل يفكر حتى توصل إلى حل أخيرًا.

وسيكون بذلك إستطاع هزم منصور وكسره دون أن يعلم أحد، سيأخذها إليها ويلقي بالخبر في وجهه وحينها سيكون بذلك هدئ نيران قلبه المشتعلة بداخله وهو يراه بذلك الخزي وحينها سيكون رد الصاع بصاعين.


ومقبل على الصعيد

الفصل الثاني عشر 


❈-❈-❈


خرجت من غرفة العمليات وهى تشعر بالإنهاك كانت تود أن ترتاح قليلًا لكنها لم تستطع الذهاب للراحة دون الاطمئنان عليه

دلفت الغرفة لتجد الممرضة تبدل له المحاليل وهو على نفس وضعه

تقدمت لتأخذ منها الأدوية وهى تقول بثبات

_ روحي أنتي ياسهى وانا هبدل المحاليل 

ردت سهى بتعاطف مع حالتها تلك

_ بس أنتي شكلك تعبان ومرهقة آوي روحي انتي ارتاحي وانا هاخد بالي منه.

ردت ليلى بإصرار وهى تقوم بوضع الأدوية داخل المحلول

_ لأ أنا هفضل معاه مش هسيبه روحي أنتي 

أومأت سهى وهى تنظر إليها بتعاطف فهى شاهدة على ذلك الحب الذي يجمعها به وتركت لها المحاليل لتقوم بتعليقها 

وهي تتضرع لربها بالشفاء له 

بعد خروج الممرضة انتبهت ليلى على صوت همهمة خافته 

نظرت إليه لتجده يحاول رفع جفنيه بصعوبة بالغة 

وكان يجاهد كي يرفع يده ويزيل ذلك العائق الذي وضع على أنفه

لكن يد ليلى منعته من ذلك وأعادت يده مكانها وهى تقول بسعادة 

_ أمجد أنت كويس

لم يستطيع التحدث وأكتفى بإيماءة بسيطة من عينيه التي لم يستطيع فتحها جيدًا

فقامت بمعاينته وابتسامة مشرقة مرتسمه على ثغرها لاحظها هو برغم التعب الذي انهكه

قامت بالضغط على الزر لتدلف الممرضة 

_ نعم يا دكتورة 

ردت ليلى بسعادة

_ بلغي الدكتور عصام إن مستر أمجد فاق

أومأت الممرضة وأسرعت بالذهاب لتنظر ليلى إلى أمجد وتقول بفرحة لم تستطيع أخفاءها

_ حمد لله على السلامة

شعر بجفاف حاد في حلقة وهذا ما شعرت بيه ليلى لتقوم بوضع القطنة في الماء ثم تعسرها بالقرب من شفتيه كي ترطب حلقه قليلًا 


دلف عصام الغرفة وقد سعد كثيرًا بذلك الخبر 

فتحدث بسعادة وهو يقترب منه و يراقب مؤشراته

_ حمد لله على السلامة يابطل كل ده نوم

أغمض عينيه وكأنه يشعر بالألم 

فبدأ عصام يسأله بعض الأسئلة وهو يجيبه بعينيه

اما هى فقد كان قلبها ينبض ببهجة لم تشعر مثلها من قبل.

تحدث أمجد بوهن

_ عايز أخرج من هنا.

رد عصام بهدوء

_ إن شاء الله بس الأول لازم نسيبك تحت الملاحظة لحد الصبح تحسبًا لأى ظرف وهنقلك بعدها في اوضه عادية.

لم يستطيع أمجد المجادلة بسبب ضعفه وعاد للنوم مرة أخرى.

نظرت إلى عصام وسألته بقلق

_ انا قلقانه ليرجع للغيبوبة تاني

تنهد عصام براحة وأجابها 

_ لا إطمني هو كويس بس ده طبيعي لأن الغيبوبة أستمرت فترة طويلة الصبح هيكون كويس.

خارج عصام ليتركها معه ولأول مرة تشعر حقًا برغبة شديدة في النوم 

لم تستطع تركه واطمأنت لأنه لن يستيقظ قبل الصباح 

وما إن جلست على المقعد حتى ضاعت هى أيضًا داخل سباتها.


❈-❈-❈


في الصباح انتفضت ساره من نومها على تلك اليد التي تهزها بحدة فتحت عينيها بخوف لتجده جاسر و نظرات الاشمئزاز مازالت مرتسمة على وجهه 

اعتدلت في فراشها ليقول بحدة

_ خمس دجايج وتكوني چاهزة.

اتسعت عينيها خوفًا وترقبًا منه وسألته بتوجس

_ هنروح فين؟

رد بسأم 

_ هتعرفي، جومي يالا 

نهضت من الفراش وهى تحاول التحلى بالشجاعة

_ مش هخرج من هنا إلا لما أعرف.

مهما تظاهرت بالشجاعة إلا إنا عينيها تظهر عكس ذلك، كانت قسوة نظراتها تنذرها من تحديه لكنها رغم هشاشتها إلا إنها تتمسك بتلك القوة الهشه كي تعرف أولًا ما ينتوي على فعله

_ جلتلك هتعرفي، ومتخافيش انا لو عايز أجـ.ـتلك مفيش حاچة واصل هتمنعنى، يعني اطمني.

وافقت على مضد ليخرج هو كي تبدل ملابسها منتظرها أمام الغرفة خرجت بعد قليل وهى تلبس عباءة جسمت خصرها قليلًا لكن دون قصد منها وخصلاتها التي عقدتها للخلف  جعلت الدماء تغلى بعروقه وقال بحدة

_ إنتي فاكرة إنك هتمشي چاري باللبس ده.

نظرت إلى العباءة ولم تجد بها شئ فقالت 

_ دي عباية وبتتلبس في البلد عادي.

اشار لها ببغض على شعرها وقال امرًا 

ادخلي البسي طرحة وأتحشمى كيف الخلج 

أزدردت مرارة كلماته وقالت بحزن

_ حاضر 

كانت الساعة السادسة صباحًا عندما خرجوا من المنزل وأمرها بركوب السيارة 

كان ينتابها خوفٌ شديد لكنها لم تبالي إن أراد قتـ.ـلها فليفعل إذًا وستكون مرحبه بذلك 

لكن ما إن أتخذ الطريق المتجه إلى القاهرة حتى انقبض قلبها خوفًا وسألته بريبة

_ أنت موديني فين؟

لم يجيبها والتزم الصمت فعادت تسألها بإنفعال 

_ رد عليا موديني فين؟

إغتاظ من انفعالها عليه وقال بسخط

_ عالي صوتك عليا تاني وأني أرميكي للديابة أهنه

تلاشى الخوف من داخلها فلم تعد تُعني بشئ بعد الآن فصاحت به

_ عايزة أعرف انت موديني فين.

رد جاسر بإمتعاض وهو ينقل بصره بينها وبين الطريق أمامه

_ هرميكي لمنصور

اتسعت عيناها ذهولًا مما نطق بها لتهز رأسها بعدم أستيعاب وقالت برفض

_ مستحيل أرجع القاهرة لو فيها موتي 

إزداد سخطة عليها ليجيب بغضب

_ مش بكيفك، مصيبته وهو اللي يشيلها إحنا ملناش صالح بيه

لا

لن تعود إلى القاهرة وتظل تحت رحمة ذلك الشيطان لن يحدث وإذا أصروا على ذلك في ستكون أكثر من مرحبة بذلك الموت الذي يريحها من ذلك العذاب الذي كتب عليها

وبدون تردد قامت بفتح السيارة لتلقي نفسها خارجها.


❈-❈-❈


أستيقظ أمجد من سباته ليجد نفسه مازال داخل غرفة العناية ليزداد سأمه

هم بالنهوض لكنه لم يستطيع فهو لم يسترد عافيته بعد 

هم بالضغط على الزر لكنه تراجع عندما رآها نائمة على المقعد 

تراخت ملامحه

واخذ ينظر إليها بنظرات تحمل بين طياتها الكثير والكثير من الأشتياق

نعم يشتاق لتلك التي لم تخرج من مخيلته منذ ان رآها للمرة الأولى 

لم تخلوا أحلامه منها بل ظلت تجول بأحلامه حتى أرهقته باشتياق لا يرحم وتساءل 

لما اتيتى وراء قلب لن تأخذي منه سوى الآلم 

أخرجته من شروده سهى التى دلفت كي تباشر عملها وما إن همت بالتحدث حتى أشار لها بالصمت 

نظرت إلى ليلى التي تنام على المقعد وقالت بصوت خافت

_ ميعاد العلاج حضرتك 

أومأ لها قائلاً

_ ياريت من غير صوت عشان متقلقهاش 

قامت الممرضة بوضع المحاليل وهي تحاول كتم ابتسامتها فهي شاهدة على كل شئ وخاصةً معاناتها منذ أن آتى للمشفى 

بعد الأنتهاء نظرت إليه وقالت بدهاء

_ على فكرة الدكتورة ليلى مسبتش حضرتك لحظة واحدة.

أنهت جملتها وخرجت من الغرفة وهى ترفع يديها بمرح تدعوا أن تجد مثل ذلك الحب.


ظل ينظر إليها رغم رغبته الشديدة في العودة إلى النوم  حتى رآى ملامحها تنكمش وترمش بأهدابها فعلم أنها تتألم بسبب تلك الوضعية الغير مريحة 

أغمض عينيه مسرعًا كي لا يشعرها بالحرج  عندما رآها تعتدل فتصدر منها آهه خفيفه وقد تيبست عضلاتها 

نظرت إلى المنضدة فلم تجد الأدوية فعلت أن أحد الممرضات قد وضعتها له 

اقتربت منه لتمسك بيده كي تجس نبضة وعند تلك النقطة لم يستطيع التظاهر بالنوم أكثر من ذلك ليرفع جفنه ناظرًا إلى ملامحها عن قرب لتزداد وتيرة دقاته

نظرت إليها لتجده ينظر إليها بابتسامة لترتبك هى وتحاول التحدث بثبات

_ حمد لله على السلامة

رد أمجد بإمتنان وعينيه تلتهم ملامحها 

_ الله يسلمك، معلش بتعبك معايا.

ردت بإبتسامة رغم خجلها منه 

_ لا تعب ولا حاجه المهم تتحسن وتبقى كويس.

أختفت ابتسامته ويحل محلها اليأس 

_ تحسن أيه بقى مـ خلاص.

آلمها نظرة اليأس التي أحتلت عينيه مما جعل قلبها يأن آلمًا عليه وقالت بتفاؤل

_ انا ظني بالله خير وإن شاء الله هنلاقي المتبرع بأسرع وقت 

هز رأسه بنفي وأردف

_ مش عايز أعلق نفسي بأمل كاذب وخصوصًا إني عارف حالتي كويس

تنهدت ليلى وتحدثت بحكمه

_ العلم والطب مش بيعترفوا بالمستحيل لأنهم لو اعترفوا بيه مش هيكون فيه تقدم وهنفضل محلك سر

ياما ناس كتير آوي ربنا نجاهم في وقت متأخر جدًا 

وناس كتير خرجت من الموت بإعجوبة

يعني كل دي أقدار بإيد ربنا، هو اللي قادر على كل شيء.

رد أمجد بإيمان

_ ونعم بالله 

نظرة في ساعتها وقالت بأسف

_ أنا مطرة أمشي دلوقت لأن لو أخرت اكتر من كده هلاقي حازم جايلي المستشفى 

أبتسم أمجد عندما تذكر ذلك التوأم وسألها 

_ هما جوم معاكي؟

اومأت له

_ اه هما هنا في كلية حقوق وانا اللي جيت معاهم، بعد أذنك 

همت بالخروج لكنه اوقفها بلهفه وكأن روحه ستفارقه معها 

_ ليلى 

التفتت إليه لتجده يرمقها بنظرات رجاء وأكمل

_ متتأخريش

اومأت بأبتسامة أرهقت قلبه وخرجت من الغرفة بسعادة لا توصف.


❈-❈-❈


همت ليلى بألقاء نفسها خارج السيارة لكن يده أمسكت بها بإحكام وأوقف السيارة بسرعة حتى جعلها تصدر صريرًا قويًا حتى كادت أن تنقلب، فصاح بها بغضب 

_ انتي أتچننتي 

حاولت ليلى جذب ذراعها من يده وقالت بإنهيار

_ انا كده ولا كده ميته، سيبني اخلص من العذاب ده وأرتاح.

لم يرق قلبه لها ورد بحنق

_رايدة تموتي حالك يبجى بعيد عنينا، أني هوديكي لمنصور وهو يتصرف فيكي

نظرة إليه بسخط من جبروته فهو ليس شبيها لوالدها في الملامح فقط بل بقسوة القلب أيضًا مما جعلها تجذب ذراعها من يده وترجلت من السيارة تحاول الهرب منه، لن تعود إلى القاهرة حتى لو تركت نفسها لتلك الذئاب فهي ستكون رحيمة بها عن تلك الذئاب البشرية التي تود نهشها.

ضرب جاسر المقود بقبضته وهو يسب ذلك اليوم الذي آتت إليهم فيه وينزل مسرعًا خلفها حتى وصل إليها 

حاولت الإفلات منه لكنه أحكم قبضته عليها وقال ببغض

_ هتاچي معاي غصب عنيكي

هزت رأسها وهي تقول بانهيار

_ مستحيل أرجع هناك، لو رجعت مش هيسيبنى وأنا مستحيل اتجوزه، أرجوك بلاش ترجعني ليه وأنا هعيش معاكم وكأني مش موجودة بس أرجوك مترجعنيش ليهم.

هم بمعارضتها لكنها أمسكت بيده وهى تجثو على ركبتيها وتقول بتوسل

_ أرجوك مترجعنيش ليهم بابا لو عرف هيخليني أتجوزه غصب عني وأنا الموت عندي أهون، أرجوك 

 ترابط الدم بينهما جعله يرضخ لتوسلاتها حتى وجد نفسه يرد بهدوء

_ طيب اركبي وبعدين نتكلم

ظلت على إصرارها وقالت بتوسل

_ أبوس إيدك بلاش ترجعني

نظر إلى دموعها التي تنهمر بغزارة وحالتها التي تشبه من يقاد الى الموت فأومأ لها وهو يقول بثبات

_ خلاص مش هوديكي لمنصور وهنروح لچدك

نظرت له بشك ليأكد هو يحسها على النهوض

_ هنرچع متخافيش 

سارت معه حتى وصلوا إلى السيارة وأمرها بالصعود إليها وصعد هو بجوارها وانطلق بها عائدًا إلى المنزل.


❈-❈-❈


شعرت وسيلة بالقلق عندما لم تجد سارة في غرفتها 

بحثت عنها في أرجاء المنزل لكن لا أثر لها 

زاد خوفها أكثر ظنًا منها بأن جاسر أجبرها على الذهاب أو أن يكون أخذها عنوة ليعيدها إلى والدها

_ وسيلة واجقفة عندك بتعملي أيه؟

كان ذلك جمال الذي وجدها تقف أمام باب المنزل ويبدو عليها القلق

التفتت إليه وسيلة لتجيبه بخوف

_ سارة بنت اخوك ملهاش آثر في الدار وخايفة يكون جاسر زعلها وخلاها تهملنا.

قطب جبينه بدهشة وتحدثت بحيرة

_ وأيه اللي هيخليها تمشي من غير ما تجولنا، تلجاه بتتمشي شوية وراچعه تاني.

هزت رأسها بنفي وقالت 

_ لأ دي بتخاف تطلع بره الدار وحديها، إزاي هتخرج لحالها ومن غير ما تعرفينا.

تلاعب الشك بداخله وأخرج هاتفه كي يحدث جاسر لكنه توقف عندما وجد سيارته تدلف من بوابة المنزل 

دقق النظر بداخلها فيجد سارة جالسة بجواره لتتنهد وسيلة براحة وتقول 

_ الحمد لله رجعوا 

ترجل جمال تلك الدرجتين وهو ينظر بحدة لجاسر الذي نزل من السيارة وهى معه فأمر وسيلة أن تأخذ سارة وتدلف إلى الداخل، ولم تجادل سارة بل ذهبت مع وسيلة دون أن ترفع بصرها بأحد.


تقدم جمال منه ثم سأله 

_ كنتوا فين؟

أرتبك جاسر قليلًا ثم أجابه بهدوء

_ كنت باخد رأيها في حاچة أكده

ضيق جمال عينيه وسأله بتوجس

_ حاچة أيه اللي تخليك تاخدها من البيت بدري أكده ومن غير علمي.

زم شفتيه قليلًا وكأنه يجد صعوبة كبيرة في التحدث ورد بهدوء

_ كنت بطلب يدها.

عقد جمال حاجبيه بعدم أستيعاب لما يقول وسأله بدهشة

_ يعني أيه مش فاهم.

عم الصمت قليلًا وجمال يريد أن يخترق تفكير ولده الذي أجاب بثبات

_ يعني أني رايدها وعايز اتجوزها.

هز جمال رأسه بصمت فليس هذا المكان المناسب للخوض في هذه الأمور كما أنه يشك بخطبٍ ما وخصوصًا حالتها التي ترجلت بها من السيارة.

_ اتفضل جوه في المكتب خلينا نعرف أيه الحكاية

مينفعش الكلام أهنه.

دلف جاسر مع والده إلى المكتب كي يتحدث معه في ذلك الأمر وهو يشعر بثقل يجثم على قلبه، لكن عليه فعل ذلك إذا أراد أن ينتقم حقًا من عمه.


❈-❈-❈


خرجت ليلى من الغرفة فتصادف عصام في طريقها إلى الغرفة فسألها باهتمام

_ ها ياليلى أمجد أخباره أيه؟

ردت ليلى بملامح مشرقة 

_ الحمد لله أحسن بكتير 

نظر إلى حقيبة يدها وسألها 

_ أنتي مروحة؟

_ اه مروحة لإني مطبقة من أمبارح 

ابتسم لها بامتنان وقال 

_ طيب احتمال أمجد يسافر اليونان في أى وقت هتسافري معانا وتحضري العملية ولا أيه

انحسر الدم عن وجهها عند ذكر أمر العملية وقالت بقلق

_ مش عارفه بابا هيوافق ولا لأ.

أومأ بتفاهم

_ العملية دي لو حضرتها هتتسجل في تاريخك المهني، فأنا أرجح إنك تحضريها، فكري كويس ولو أقنعتي والدك جهزي نفسك للسفر في أي وقت

تركها وذهب إلى أمجد الذي ظهرت عليه أبتسامة رضا عندما أخبره بأنهم قد تم وضع أسمه على أول القائمة فسأله بمكر

_ غريبة يعنى الرضا اللى شايفه دلوقت مع انك مكنتش متشجع خالص لموضوع العملية ده.

ابتسم أمجد وهو يجيبه بشرود

_ لأن بقى عندى دافع يخليني أتمسك بالحياة، وإني لازم أقاوم عشانه.

أبتسم عصام برضا وقال بتأييد

_ عايز أقولك إن الدافع ده كان بيموت حرفيًا وهو عاجز أدامك وهو مش عارف يعمل ايه، مكنتش بتسيبك غير ساعات بسيطة وترجع تاني، فعلًا تستاهل إنك تقاوم عشانها.

عاد اليأس يزحف إلى قلبه مرة أخرى وهو يقول 

_ وده اللي زود خوفي أكتر، خايف العملية تفشل أو بمعنى آخر ملقيش متبرع وتعيش اللي فاضلي من حياتي في ألم وعذاب.


_ بس الكلام ده متأخر آوى هى بالفعل حبتك أفعالها وخوفها وكل حاجة أدامي بتأكد حبها ليك، حارب وقاوم عشانها يمكن ربنا بعتهالك في الوقت المناسب عشان تكون دافع ليك.

تنهد أمجد بتعب وقال 

_ بلاش نسبق الأحداث وخلينا نشوف أيه اللي هيحصل.


ومقبل على الصعيد

الفصل الثالث عشر


❈-❈-❈


وقف جاسر أمام  أبية الذي يخترق عينيه بنظراته يود أن يعلم ما يدور بداخله، وسأله برجائه

_ احكيلي بجى ايه اللى حصل بالظبط؟ وايه اللي نزل عليك مرة واحدة خلاك تطلبها أكده.

حاول التحلى الثبات أمامه ورد بهدوء

_ مفيش حاچة حصلت كل الحكاية إنها دخلت جلبي من وجت ما شوفتها وعشان أكده كنت بهاجمها عشان أهاجم مشاعري وأنت خابر السبب التاني زين، ولما لجيتها خارچه تتمشى شوية طلبت منها إني أتمشي معها ونتحدتوا شوية ولجيتها زينة زي زي ما حكيتوا عنها 

ولما فاتحتها في الموضوع لجيتها هى كمان بتبادلني نفس المشاعر وعشان أكده طلبتها للزواچ 

حاول جمال الثبات وألا ينفعل عليه، فهو لا يستخدم الغضب في التعامل مع أولاده وخاصةً هو وسأله بهدوء يتنافى تمامًا عمّ بداخله من غضب

_ وزينة بنت خالك، ناوي تعمل أيه معاها؟

تنسى تمامًا أمر زينة كما يتلاشاها دائمًا فتظاهر بالحزن قائلًا

_ انت خابر زين إن عمري ما حبيتها ووافجتكم لإني في الوقت ده مكنتش أعرف يعنى أيه حب ولما عرفته قررت إني أتمسك بيه لأن سعادتي هتكون معها هى مش مع زينة 

شعر جمال بمدى صدقه مما جعله يحتار أكثر

فإن هذا الزواج مرفوض من جهات كثيرة وأولهم منصور

كما إنه أعطى كلمة لوليد ولن يستطيع التراجع عنها تحت أى مسمى

شعر جاسر بما يدور بخلده فرفع عنه الحرج قائلاً

_ لو بتفكر في فـ خالي وچدي أني ملزوم إني أصلح غلطي، وخابر زين كيف أقنعهم

وإن كان على زينة هتكون أسعد واحدة بفسخ الخطوبة دي.

جلس جمال على الأريكة ومازال شاردًا في تفكيره

يفكر في الأمر من كل الجهات

من جهة هي ابنة أخيه الوحيد الذي رحل دون عودة وسيكون ذلك الزواج دافعًا له للعودة إليهم 

ومن جهة أخرى وليد صديق عمره الذي لم يتخلى عنه كما فعل أخيه 

ومن جهة ثالثة صدق مشاعر والده الذي ذاق مرار العشق وإن لم يسانده سيقضي عمره في مرارة لن يتحملها.

فسأله بحيرة

_ أنت خابر لو أصريت على رأيك ده ممكن يخسرنا جدك وخالك، وأنا لو هختار بين الاتنين بيجى أتخلى عن الموضوع أفضل.

هو حقًا يحتار مثله، لكن الأمر أخطر بكثير من مجاملات والتزام بوعود.

تقدم من والده وقال برزانه

_ أنا خابر كل ده زين بس صدجني زينة عمرها ما حبتني 

وإن كان على خالي فهو كل اللي يهمه سعادة بنته وسعادتها عمرها ما هتكون معايا 

اني هروح النهاردة لچدي وأتحددت معاه وهو كل اللي يهمه سعادتنا.

مازال جمال على حيرته وكذلك جاسر الذي يعاتب ذلك القدر الذي أوقعها في طريقه فتابع قائلًا

_ متجلجش يابوى أني هحل الموضوع ده.

رد جمال بحيرة

_ تحله كيف بس؟

طمأنة قائلًا

_ هتعرف.


❈-❈-❈


عادت ليلى إلى المنزل بسعادة لكن يشوبها القلق

تفكر جيدًا في أمر السفر لكن هل سيوافق والدها على ذلك؟ مأكد لا فهو وافق بأعجوبة ولولا وجود حازم ومعتز ما كان ليقبل بالعمل خارج البلدة 

وإذا علم جاسر بأنها تود السفر لأجله فلن يرحمها.

ويرغمها على العودة للبلدة


ظلت داخل غرفتها لا تعرف ماذا تفعل، هى حقًا تود الذهاب معه، لن تتحمل ذهابه دونها

ماذا إذا رفض والدها؟ 

هل سترضخ لرفضه؟

ام تحاول إقناعه بكل الطرق؟

وبعد تفكير عميق قررت الذهاب لعمل جواز السفر كي تستغل الوقت

ستذهب إلى البلدة بعد يومين وتتحدث معه إذا وافق ستكون على أتم الاستعداد للسفر معه.

وبالفعل وقبل أن تبدل ملابسها أسرعت بالذهاب إلى قسم جوازات السفر والعمل عليه بأسرع وقت.


❈-❈-❈


لم تصدق وسيلة كلمة واحدة مما قالها جاسر لوالده 

وشعرت بوجود خطب ما، هى تعلم جيدًا حقيقة مشاعره لإبنة خاله وكذلك هى لكن كيف يتعلق بمن كان يهاجمها دائمًا ويرفض وجودها معهم تحت سقفٍ واحد 

فقال عمران بحيرة

_ بس احنا لو وافجنا على طلبه هنخسر عاصم وولده، صحيح الموضوع كان مجرد كلام بس احنا ادينا كلمتنا إزاي هنتراجع فيها.

تحدثت جليلة بروية

_ عنديك حج وكمان الموضوع مش بالساهل أكده لازمن نفكر زين.

نظر جمال إلى وسيلة وسألها بجدية

_ أنتي اتحدتي معاها 

هزت وسيلة رأسها بالإيجاب وقالت 

_ بتجول انها موافجة وانها اتعلجت بيه غصب عنيها

وبصراحة حسيتها صداجه في كلامها.

إزدادت حيرة عمران واصبح عاجزًا لا يعرف أيكسر بخاطر أحفاده أم يحزن صديق عمره.

فقال جمال بيأس

_ هنعملوا إيه دلوجت؟

رد عمران باضطراب

_ والله العمل عمل ربنا خليني اجعد معاه واعرف أيه اللي في دماغه بالظبط

وبعدين متنساش منصور أخوك مظنش أنه هيوافج بالساهل أكده

ردت جليلة باستياء

_ ليه يعني هو هيلاجي لبنته أحسن منيه إياك.

زينة الشباب وأى بنت تتمناه

تحدث عمران بفتور 

_ روحوا أنتوا وأبعتولي جاسر اتحدت وياه وحدينا


خرج الجميع ولم يمضي الكثير ودلف جاسر إلى جده وهو يقول بإحراج

_ نعم ياجدي

أشار له عمران بالجلوس

_ أجعد ياولدي 

جلس جاسر بجوارة وأخذ عمران ينظر إليه بملامحه التي تشبه كثيرًا لعمه وتحدث بتبصر

_ شوف ياجاسر من يوم مـ اتولدت وشيلتك بين إيديا حسيت بإن الروح عادت ليا من تانى بعد ما فارجتني بفراجه وبخذلانه لينا

وكل ما تكبر كل مـ ملامحك بتميل ليه

لكن ماخدتش شئ من طباعه

او ده اللي افتكرته لحد ما سمعت اللي سمعته النهاردة 

عقد جاسر حاجبيه مستفهمًا عن قوله ليتابع عمران بحزم

_ أيه اللي في دماغك ياولد جمال؟

ظل جاسر على ثباته كي لا يشك بشئ ورد برزانه

_ مفيش حاجة ياچدي غير إني حبيتها، حاولت كتير أتصدى لمشاعري دي بس معرفتش لحد ما استسلمت في الآخر وأعترفت بحبي ليها.

كان عمران ينظر إلى عينيه يستشف صدق حديثه 

وجاسر يثبت نظراته كي لا يُكشف أمامه ويقول عمران بشك

_ لحجت تعشجها في سبوع واحد؟!

عند تلك النقطة اهتزت نظراته وكأن قناع الثبات سقط عند سماع تلك الكلمة وقال بريبة

_هو دا اللي حصل 

تنهد عمران وهو يعود بظهره للوراء قائلًا بتسويف

_ والمطلوب ياولدي؟

ازدرد ريقه بصعوبة وقال برجاحة

_ عايز أتزوچها 

رفع حاجبيه مأيدًا 

_ خابر بس اللي هتعمل أيه مع چدك وخالك فـ الكلمة اللي أتربطنا فيها، وإزاي هتجدر تجابل عمك منصور وتطلبها منه وأنت مطايجش أسمه حتى، فهمني


احتدت نظراته عند ذكر اسم منصور ورد بإنفعال

_ أني بطلبها من اللى اكبر منيه

رد عمران بخشونة

_ وده ميدنيش الحج أني أزوچ بنته بدون موافجته

اطبق جاسر فمه دلالة على عدم تحكمه في أعصابه مما جعل عمران يتابع

_ عرفت بجى إن الموضوع مش سهل زي مـ أنت فاكر؟

قطب جاسر وجهه وسأله بحده

_ يعني أيه ياچدي أني بجولك إني رايدها ليه مش عايز تجف معاي؟

تحامل عمران على نفسه ونهض مستندًا على عصاه وقال بشدة

_اني مجلتش إني برفض أو مش معاك بس الموضوع محتاچ شوية صبر وعجل نفكروا بيه

وأهم من كل ده بنت خالك اللي هتجرحها وهى ملهاش ذنب في كل ده

_ ومين جالك أنها جبلاني من أساسه! هى مرغمة عليا وأني خابر أكده زين 

كان جاسر يتحدث وبداخلها عذاب لا يرحم وكأنه كتب عليه أن يُرغم على من لا أهل بذلك

وضع عمران يده على كتفة وقال بتعاطف

_ أصبر ياولدي وأني أوعدك إني هجف معاك، بس لازمن نحل الموضوع الأول مع خالك.

اومأ جاسر مرغمًا فليس بيده شئ


❈-❈-❈


عادت ليلى إلى المنزل بعد أن أنهت الإجراءات فوجدت معتز 

يفرغ الأكياس على المائدة فقال بإبتسامة

_ تعالي ياليلى حماتك بتحبك.

أغلقت الباب خلفها وتقدمت منه 

_ كنت صبرت شوية وكنت هعملكم أكلم 

رد بمرح وقد أنتهى من وضع الأطباق

_ لا بلاش أنتي أكل المطاعم أرحم بكتير وبعدين كلها يومين وهنرجع البلد ناكل من أيدين وسيلة 

لاحظ معتز عبوسها فتقدم منها يسألها بقلق

_ خير ياليلى مالك انتي لساتك حزينه عليه؟

جلست على مقعد المائدة وقالت بحزن

_ لأ هو الحمد لله فاق النهاردة.

_ اومال مالك

ترددت قليلًا قبل أن تخبره بعرض الدكتور عصام لها بالسفر لحضور العملية 

ساد الصمت قليلًا ومعتز يفكر في الأمر وقالت ليلى بحزن

_ وطبعًا أبوك عمره مـ هيوافج على السفر مهما جلتله

رد معتز بتأييد

_ بصراحة هيبجى عنده حج، أنا نفسي هرفض سفرك معاه ومفيش أى حاچة بتربطكم ببعض، هتروحي معاه بصفتك إيه؟

ردت بإطراق

_ بصفتي دكتورة وحضور عملية زي دي هتتسجل في تاريخي ومع دكتور كبير زي ده

خرج حازم من غرفته وقد أستمع لحديثهم فتقدم منهم قائلًا

_ مش هينفع

نظرت إليه ليلى وهي تقول برجاء

_ ليه بس أنا دكتورة والقسم اللي انا دخلته ده هيجبرني على السفر وحضور مؤتمرات.

جلس حازم على المقعد وبدأ بتناول طعامه وهو يقول ببرود

_ مستحيل أبوكي يوافج على حاچة زي دي، دا يعتبر وافج بإعجوبة على شغلك أهنه ولولا أننا معاكي مكنش هيوافج.

نظرت إلى معتز تستنجد به فيهز كتفه بقلة حيلة 

فيتابع حازم

_ متحاوليش أني عارف اللي فيها

أيد معتز رأيه 

_ وأني رأيي من رأية، بس كلميه بردك يمكن يوافج

نهضت لتدلف غرفتها فيسألها حازم

_ على فين؟ مـ تاكلي معانا لول 

هزت راسها برفض

_ مليش نفس.

جلس معتز على المقعد ليتناول طعامه فيقول حازم بامتعاض

_ عاچبك أكده، جلتلك لازمن نتعامل في الموضوع بحزم عشان تشيله من عجلها، أديها عايزة تسافر معاه وشوف بجى جاسر أخوك لو عرف هيعمل فينا ايه؟

بدأ معتز أيضًا بتناول طعامه وتحدث برجاحة

_ بس بصرف النظر عن تواجده معاها واحد في حالته دي مش هيقعد هناك يتغزل فيها، واديك سوفت بعينك حالته كانت كيف وهو عيندينا في البلد 

ياريت منجفش أدام مستجبلها

رد حازم بشدة

_ مينفعش تحت أى مسمى، فكرة السفر نفسها مرفوضة ولو اصريت أكتر من أكده أني هخبر جاسر بكل شئ، دي أختي الوحيدة ولازمن أخاف عليها.

صمت قليلاً ثم أردف بتروي

_ على العموم أحنا نشوف هتجدر تقنع أبوك ولا لا، مع إني واثق من رفضه.


❈-❈-❈


لم يمضي الكثير وبدأ شريف بمباشرة إجراءات القرض كما طلب منه منصور رغم تعند سمر لتلك الفكرة 

وقد نجحت أُولى خطته وعليه اليوم أن يرسل أبنه كي يبعده عنهم.

وأثناء تناولهم للغداء تحدث منصور بأمر

_ مصطفى، أنت هتسافر بكرة البلد عشان تجيب أختك.

لم يصدق مصطفى ما تسمعه أذناه ليهز رأسه بفرحة

_ حاضر بابابا.

همت سمر بالمعارضة لكنه تحدث بلهجة حادة لا تقبل نقاش

_ مش عايز كلام كتير، مصطفى بكرة هيروح يجيب أخته ويرجع بيها مفيش داعي للك كتير.

حاولت بصعوبة بالغة التحكم في غضبها لكنها لم تستطيع وقالت بحده

_ هو انا خلاص مبقاش ليا رأي في البيت ده؟

نفى منصور حديثها ببرود وهو يتناول طعامه 

_ لأ طبعًا ليكي بس بعد كلمتي أنا، اما بالنسبة لأى حاجة تخص ولادي فأنا المتحكم الوحيد 

قطبت سمر جبينها بحيرة وكأن من أمامها الآن شخصٌ آخر غير منصور الذي كان يتمنى ابتسامه منها 

هل علم بشئ مما يسعون خلفه؟ لكن إذا علم بذلك ما الذي جعله يصمت كل ذلك الوقت 

أما منصور فقد قرر تهدئة الأمر كي لا يشك بشئ

فقال لمصطفى

_ عايز تروح بالطيارة ولا القطر؟

أجاب مصطفى براحة

_ لأ انا بفضل القطر 

كل ذلك يحدث وسمر تخترق عينيه بنظراتها تحاول معرفة ما يدور بخلده 

ولم يمهلها منصور الكثير لينهص من مقعده ويذهب إلى مكتبه قائلاً

_ خلي فاطمة تجيبلي القهوة على المكتب.

دلف مكتبه وابتسامه متوعدة مرتسمة على وجهه مقرر أخذ هدنة غدًا لكي يمحو ذلك الشك الذي زحف إلى عقلها.


❈-❈-❈


في منزل عمران 

لم تستطيع سارة الخروج من غرفتها حتى بعد محاولات كثيرة من وسيلة 

فهى لن تستطيع مواجهة أحد وتشعر بالإحراج منهم 

طرقات خافته سمعتها على باب غرفتها فنهضت من فراشها لتفتح فتتفاجئ بعمها الذي أبتسم في وجهها قائلاً

_ أيه رأيك لو نتحددوا شوية؟

ردت سارة بإحترام 

_ أكيد ياعمي أتفضل.

دلف جمال وجلس على الأريكة واشار لها بالجلوس بجواره وتحدث برجاحة

_ جاسر كلمني النهارده انه رايد يتزوچك، وأني خايف ليكون أجبرك ولا حاچة وعشان أكده جلت أعرف رأيك بنفسي.

بإرادة قوية منها على الثبات ردت سارة بنفي

_ لأ طبعًا ياعمي هو أخذ رأيي وأنا وافقت بإرادتي.

أنا عايزة أفضل هنا معاكم لاني حبيتكم واتعلقت بيكم، وبالنسبة لجاسر هو أبن عمي وانسان كويس يعتمد عليه مش عايزة اكتر من كده.

_ طيب ومنصور تفتكري هيوافج؟

عند ذكر أسمه وجدت الدموع تتجمع داخل عيناها استطاعت ردعها بصعوبة وهي تقول بألم

_ مش عارفه، بس أنا مش عايزة أرجع ليهم تاني

عقد حاجبيه مندهشًا من موقفها وسألها بجدية

_ ليه؟

لا تعرف كيف تخبره بأنها سمعت حوار زوجة عمها مع جاسر وعلمت بحقيقة والديها فقالت بحزن

_ لإني عرفت الحقيقة.

ازدادت حيرته وعاد يسألها 

_ حجيجة أيه؟ وضحي اكثر 

أخذت نفس عميق كى يساعدها على ردع الدموع التي تحارب للتحرر وقالت 

_ سمعته هو وماما بيتكلموا عـ اللي حصل منهم زمان وأنه أتخلى عنكم في عز أزمتكم وهو ده اللى خلانى سيبتهم وجيت.

لم يصدق جمال أن هذا هو السبب الرئيسي، ويعلم جيدًا بأن هناك سبب آخر فقال بحنو 

_ ممكن يكون ده سبب من أسباب تانية ولو شايفني أب ليكي بصحيح أحكيلي ومتخافيش.

ردت سارة بارتباك

_ صدقني ياعمي مفيش سبب تاتي أنا من زمان وانا عايزة اشوفكم واتعرف عليكم.

رد جمال بتفاهم

_  أنا خابر إنك حاولتي كتير أنك تاچي عندينا بس منصور كان بيرفض، لكن انا جلبي حاسس إن في سبب تاني يخليكي ترفضي إنك تعاودي ليهم

جولي ومتخافيش، طول ماأنتي معاي متخافيش من حاچه واصل 

الحنان الذي كان يغدقها به  جعلها تقترب منه بدون أراده منها وتضع رأسها على كتفه تلتمس منه الآمان 

وقالت بألم

_ بلاش تسألني لأني مش هقدر اجاوب أرجوك ياعمي خليني وسطيكم.

أحاطها جمال بذراعيه وقد ازداد قلقه إزاء ذلك الأمر، سيأجل الحديث به حتى لا يضغط عليها وهى بتلك الحالة 

باعدها عنه قليلًا كي ينظر إليها وقال بثقة

_ جلتلك متخافيش من حاچه واصل طول ما أنا عايش واللي يمسك بكلمة حسابه هيكون واعر جوي

واوعي تفتكري إن اللي حصل من أبوكي هيخلي حد منينا يمسك بحرف أو يضايق منيكي، لا إنتي بنتنا ودمك دمنا وإن مشتلكيش الأرض تشيلك عنينا فهمتي؟

تدحرجت دموع حاره على وجنتيها مسحتهم بظهر يدها وقالت بامتنان 

_ ربنا يخليك ليا ياعمي، بس ارجوك خليني معاكم 

ابتسم لها بحب وقال 

_ حاضر اللي انتي عايزاه، وأني هتكلم مع خالد في الموضوع ده وأخليه يكلم منصور.

حاچة تاني؟

هزت رأسها بنفي وابتسامة مشرقة مرتسمه على ثغرها لذلك الرجل الذي خطف قلبها بحنانه.


ومقبل على الصعيد

الفصل الرابع عشر


❈-❈-❈


في غرفة مصطفى


كان يحضر ملابسه داخل الحقيبة بسعادة لا توصف كي يستعد للسفر

فقد استطاع أخيرًا وبعد عناء الذهاب إليهم 


دلف منصور الغرفة ليجد أبنه بتلك السعادة، ليندهش من تعلقه بهم رغم أنه لم يراهم ولا يعرف عنهم شيئًا، فأيقظ بداخله ذلك الأشتياق الذي أرق مضجعه أعوام كثيرة

لكنها استطاعت بسهولة القضاء على ما تبقى بداخله من حنين لهم ولبلدته.


تقدم منه ليقول بابتسامة

_كان لازم يعني تسافر بالليل كده؟

أغلق مصطفى الحقيبة ورد بهدوء

_ انت عارف انى بحب سفر الليل بيبقى مريح أكتر


_ للدرجة فرحان إنك هتروح الصعيد؟


أقترب مصطفى من والده أكثر وقال برزانه

_القصة مش قصة صعيد أو غيره، بس انا نفسي أشوف أهلي واتعرف عليهم، مهما حصل بينكم من خلافات، فإحنا ملناش علاقه بيها.

اومأ منصور بتفاهم وقد إزداد الأشتياق بداخله فتحدث بلين

_ على فكرة لو عايز تقعد معاهم أسبوع ولا أكتر أنا معنديش مانع.

رفع مصطفى حاجبه بدهشة وتحدث بسرور

_ عايز أوى

وضع منصور يده على كتفه وقال بإبتسامه

_ خلاص أقعد زي ما أنت عايز بس وقت ما أتصل عليكم تيجوا على طول 

أومأ مصطفى برأسه 

_ إن شاء الله.

فخرج منصور من الغرفة متجهًا إلى غرفته كي يبدأ بمسلسل جديد يعيد به ثقتها  ليجدها مستلقية على الفراش تتلاعب بهاتفها.

بإبتسامة باهته دارى بها مكره إقترب منها منصور ليأخذه ويضعه على المنضدة ويجلس بجوارها تحت دهشتها من تصرفه وقال بخبث

_ البيت خلاص فضي علينا أيه رأيك ناخد اجازة ونروح نقضي يومين في السخنة

قطبت جبينها بحيرة وتحدثت بدهشة

_هو مصطفى مش هيجيب أخته وييجي على طول.

تناول منصور خصلة بين يديه يتلاعب بها وقال بمكر

_ تؤ مش هينفع يروح وييجي في نفس اليوم هو أنا قولتله يبات ويبقى ييجوا بعد يومين 

همت بالمعارضة لكنه وضع أنامله على فمها يمنعها وقال بشاعرية 

_ أنا اللي طلبت منه كده عشان نفضل لوحدنا شوية

نظرت له بشك وقالت

 _من إمتى الكلام ده.

قرب وجهه أكثر من وجهها وقال بمكر

_ من زمان وأنتي عارفه كده كويس، بس إنتي اللي انشغلتي عني.

شعرت بحرارة أنفاسه على عنقها مما جعلها تنزوى قليلًا وقالت

_ أنا منشغلتش انت اللي بقيت قاسي أوي

قبل جانب عنقها وقال بتروي

_ حقك عليا كنت مضغوط بسبب الصفقة، بس خلاص الصفقة تمت والعيال مش في البيت و احنا لوحدينا نستغل ده ولا أيه؟

استطاع خداعها بكلماته مما جعلها تتجاوب للمساته وسألته بثبوت

_ لسه بتحبني؟

ضغط منصور على قبضته كي يستطيع أخراج كلماته الزائفة بسلاسة

_ أكيد طبعًا، هو أنا لو مش بحبك كنت عيشتك معايا للنهارده

خرجت كلماته الأخيرة دون إرادة منه وعندما لاحظ الشك في عينيها صحح قائلًا

_ هو أيه اللي يجمع الزوجين غير الحب؟ ولو مفيش حب أكيد مفيش حياة مشتركة بينهم

تساءلت

_ الأولاد مثلًا.

عندما تحدث تلك المرة كانت الرغبة هى المسيطرة فخرجت الكلمات بسلاسة ويسر 

_ سبب ضعيف بس الأقوى هو الحب

لم يمهلها فرصة للرد عليه وقام بجذبها وتقبيلة رغبة لكن خاليه من أى الحب.


❈-❈-❈


في منزل عاصم


دلفت ياسمين غرفتها كي تتحدث مع وليد في أمر أبنتها

تعلم جيدًا أنه سيعارض بشدة لكن عليها التحدث معه ربما تقنعه 

وضعت كوب القهوة على المنضدة وجلست بجانبه وهى تقول 

_ وليد كنت رايده اتحدت وياك في موضوع مهم.

اعتدل وليد في فراشه ونظر إليها بانتباه

_ خير يا ياسمين في حاچه؟

أومأت برأسها وقالت 

_ بصراحة انا عايزة اكلمك في موضوع زينة وجاسر 

عقد حاجبيه متسائلًا

_ مالهم في أيه؟

ترددت كثيرًا قبل أن تخبرها عن حديثها معها وختمت قائله

_ وبصراحه عندها حج؛ جاسر أبن أختك طبعه شديد جوي مش هينفع مع بنتنا؛ دي زينه بتعيط من النسمه إزاي هتعرف تتعامل مع جاسر بشدته دي؟

أيد وليد رأيها لكن لن يستطيع فعل شئ، فهو يخشى إحزان أخته فتحدث بحيرة

_ أنا معاكي في كل ده بس اني مش عايز أزعل وسيلة ولا جمال، وإن كان على طباعه اكيد هيتغير بعد الجواز.

زمت شفتيها بضيق

_ يعني مفيش فايدة؟ 

تنهد بحيره لأنه يعرف جيدًا أن أبنته لن تتحمل وخاصةً عندما لاحظ فتورهم وقال 

_مش عارف أجولك أيه بس هحاول افتح الموضوع مع وسيلة واشوف رايها.


❈-❈-❈


في المشفى 

كان صابر في قمة سعادته وهو جالس مع ابنه في غرفة عادية بعد أن تم نقله من العناية المركزه، عارض عصام كثيرًا لكنه أصر على ذلك

وعندما لاحظ صابر غياب ليلى 

تساءل

_ أومال فين الدكتورة اللي كانت متواجده معاه على طول مش شايفها يعني؟

رد عصام بمكر وهو ينظر إلى أمجد الذي تتبدل ملامحه فور سماع أى شيئًا عنها

_ راحت ترتاح شوية بصراحة إبنك تعبها آوى الفترة اللي فاتت دي، حتى وهو في الصعيد.

قطب صابر جبينه بدهشة وسأل أمجد 

_ هى من الصعيد؟ 

اومأ أمجد قائلًا 

_ دي تبقى حفيدة عمران المنشاوى اللي كنت عندهم 


_ بنت جمال ولا منصور

لم يعرف أمجد شيئًا عن منصور لهذا جاوب بتأكيد

_ بنت جمال 

أكمل عصام مكره

_ بصراحه بنت ممتازة؛ جميلة  أخلاق عالية ودكتورة شاطره وبنت ناس، كنت بفكر أخطبها لابني بس النصيب 

علما صابر بأنه يشاكس أبنه الذي تبدلت ملامحه 

ليس لغيره كما توقع إنما لحزن أوجع قلبه هو، فينظر إلى عصام بعتاب ليرد عليه الآخر بنظرة يأكد فيها أنه يقصدها وخاصةً عندما تابع

_ أصل بصراحة في دكتور زميلها فاتحني أنه عايز يتقدم لها وقررت أكلمها في الموضوع أول مـ تيجي

قاطع حديثه أمجد الذي قال بحده

_ لو سمحت يا بابا عايز أرتاح شوية

أومأ صابر بتفاهم 

_ حاضر ياحبيبي

نهض من مقعده ونظر إلى عصام بعتاب وخرجوا من الغرفة 

فور خروجهم نظر صابر إلى عصام وتحدث بخشونة

_ مكنش ينفع الكلام اللى قولته ده ياعصام

رد عصام بهدوء

_ لأ ينفع ده جزء من العلاج، هى دي اللي هتخلي أمجد يقاوم

أنت متعرفش أبنك قبل ما يعرفها كان مستسلم إزاي

إنما لما شافها اتغيرت كل حاجه جواه 

صحيح لسه يأس من الحياة بس بيتمنى يعيش عشانها، وعشان كده كل مـ ألاقيه بييأس بفوقه بيها.

زاد الحزن بداخله أكثر على ابنه وسأله بقلق

_ الدكتور اللي كلمتني عنه مردش عليك؟

زم عصام فمه وقال

_ للأسف كل الحالات اللي بيقابلها غير متوافقه معاه 

بس ما علينا بالدعاء.


❈-❈-❈


في منزل عاصم


وقف جاسر أمام منزل جده متردد لا يعرف ماذا يفعل 

هل يجازف ويحزن خاله؟ أم يلقي بتعقله عرض الحائط وينفذ ما انتواه من البداية بأن يلقيها له.

لكن هو أيضًا مجبر على ذلك، فالأمر ليس بالهين

هى ترفض العودة لوالدها وهو يخشى من معرفة أحد بالأمر، لن يتحمل جده صدمة أخرى منه

ومن المستحيل أن يقص على خاله ما حدث وسبب فراقه عن ابنته.

كان جده محق فيما قال الأمر أصعب بكثير مما تخيل.

همّ بالانصراف لولا فتح الباب وخروج عمر ابن خاله الذي سأله بدهشة 

_ جاسر؟! واجف أكده ليه؟ أتفضل چوه

بوغت جاسر بـ خروج عمر مما جعله يستسلم للأمر الواقع وقال بتشوش

_ هو خالي موچود 

أكد عمر 

_ اه موچود اتفضل

دلف جاسر وقد زادت ضربات قلبه حده وهو يصادف جده يجلس في الردهة 

_ أهلًا جاسر تعالى 

تقدم جاسر من جده التي تعجب من هيئته وسأله 

_ مالك أكده في حاچة حصلت؟

ازدرد ريقه بصعوبة وجلس أمامه لا يعرف ماذا يفعل 

عاد عاصم يسأله بقلق

_ في إيه ياجاسر جلجتني.

واستطاع بصعوبة أن يلملم شتات أمره وقال باضطراب

_ چدي أنا كنت رايد أتكلم معاك في موضوع أكده

قطب عاصم جبينه

_ خير ياولدي؟

تردد كثيرًا قبل أن ينطقها ليقول بالأخير

_ كنت عايز أجولك إني مجبر أتزوچ بنت عمي وياريت محدش يسألني ليه.

لم يساوره الشك إزاء أى أمر سوى أنه يود الأنتقام من عمه بها لتتبدل ملامحه للشدة وهو يقول 

_ ومن ميتى احنا بناخد الولاد بذنب أهلهم

هم جاسر بمقاطعته لكنه أكمل بحده

متحاولش تكدب عليا لإني عارفك زين، وعارف اد أيه انت بتكره منصور ونفسك تاچيك الفرصة عشان تردله اللي عمله مع أبوك وچدك.

بس صدجني الطريج ده محدش هيرچع منه خسران غيرك.

استاء من نفسه، ما الذي يجبره على وضع نفسه أمام ذلك الأتهام

هو لا ينكر إن به القليل من الحقيقة وهو أن ينتقم من منصور بحرمانه منها لكن السبب الأهم هو ما لا أحد يعرفه سواه.

_ الموضوع مش أكده خالص بس أنت خابر زين إن ارتباطي بزينة كان عن طريجكم أنتم، لا هي حبتني ولا أنا شايفها جدامي غير ليلى أختي، وصدقني الأنتجام اللي بتجول عليه ده مش حجيجي، كل الحكاية إني رايدها مش أكتر من أكده

تنهد عاصم بتعب ثم تحدث بروية

_ شوف ياجاسر إنت أول فرحتي، أول حفيد شيلته بين أيديا وأخد جلبي من وجتها، خابر زين إنك عمرك مكدبت عليا، زي مـ خابر انك مبتعترفش بالحب واصل

هصدجك واقجول إنك حبيتها بس يكون في علمك إن منصور هيفضل بيناتكم وكل مـ تبصلها هتفتكر كرهك لأبوها.

فكر زين ياولدي وإن كان على زينا هى فاتحتني امبارح أنها شيفاك زي أخوها، ولو صبرت شوية كنت هفاتحك فيها.

دلف وليد ليسمع كلمة والده الأخيرة 

_ هو ايه يابوي اللى هتفاتحه فيها 

نظر جاسر لجده كي يرفع عن أثنيهم الحرج ليتحدث عاصم بثبات 

_ تعالي ياولدي كنت عايزك في موضوع مهم

جلس وليد بجوارهم وتساءل

_ خير يابوي؟

تنهد عاصم ونظر إلى جاسر وقال 

_ كنت شيعت لجاسر عشان أفاتحه في موضوع زينة

عقد وليد حاجبيه بدهشة وسأل والده وهو ينظر إلى جاسر

_ مالها زينا

أراد عاصم أن يحفظ ماء الوجه بالنسبة للجميع وقال بجدية 

_ زينة اتحدت معاي أمبارح أنها عايزة تلغي خطوبتها بجاسر، ولما كلمته لقيته متفاهم وجالي إن كل شئ جسمة ونصيب 

شعر وليد بالحرج من موقفه وقال 

_ صدجني ياجاسر…..

قاطع جاسر حديثة كي يرفع الحرج عنه وهو يقول برصانه

_ متجولش حاچة ياخالي زينة هتفضل زي أختي ومفيش حاچة هتتغير 

نهض ليهم بالخروج

_ أستأذن لأن عندي مشوار ضروري لازمن اروحه.

خرج من المنزل وقد أزيل ذلك الحمل الذي أجثم على صدره والآن عليه بالمواجهة الكبرى وهى منصور.


❈-❈-❈


في اليوم التالي في المشفى 


نهض أمجد من الفراش بمساعدة فارس صديقة

لكنه لم يستطيع السير على قدمة فقد تورمت بشكل يدعوا للقلق فقال فارس بمصابرة

_ معلش ياأمجد أتحمل شوية الدكتور عصام اصر انك تمشى ولو دقيقتين بس.

حقًا لم يستطيع ليعود إلى الفراش مرة أخرى وقد شعر بالإنهاك من تلك الخطوة.

_ حقيقي مش قادر

أستسلم فارس وساعده على الاستلقاء

فسمعوا طرق الباب فسمح فارس بالولوج فدخلت ليلى التي ما ان رآها حتى اشرق وجهه بابتسامة وديعة وقال بترحيب

_ اهلًا دكتورة ليلى اتفضلي

شعرت ليلى بالإحراج لوجود شخص آخر فيرفع عنها فارس ذلك الإحراج وقال 

_ طيب انا هروح أشوف عمي وارجعلك.

اومأ له أمجد وما إن إقترب من الباب حتى التفت غمز له بعينيه جعل أمجد يضحك مرغمًا 

نظرت ليلى خلفها لتجده قد خرج وأغلق الباب خلفه فتساءلت 

_ بتضحك على إيه

رد أمجد بمرح

_ ولا حاجة، المهم أخرتي كده ليه؟

زاد احراجها وردت باضطراب

_ بس أنا ماخرتش

نظرت إلى ساعة يدها وتابعت

_ الساعة دلوقت تسعة 

أكد قائلًا وهو يلتهم ملامحها بعينيه

_ بردوا آخرتي.

قررت التعامل معه بمهنية كي تجعله يخفي تلك الإبتسامه التي ترهقها 

فتقدت منه كي تنظر إلى التقرير الذي أعده الدكتور عصام صباحًا وقالت بروية

_ الحمد لله بقينا أحسن بكتير

رد أمجد بامتنان

_ ده بفضلك إنتي ياليلى 

اهتزت نظراتها عندما نطق اسمها بتلك الشفافية وكأنه معتاد على ذلك 

لما كل كلمة تخرج من فمه لها تربك كيانها بذلك الشكل، فشعرت بأن وجودها معه خطر لا محالة 

لملمت شتات أمرها وتعللت قائله

_ أنا عندي مناوبة دلوقتى ولازم أمشي

وقبل أن تهم بالمغادرة أمسك رسغها يمنعها قائلاً

_ ليلى استني

جذبت ليلى يدها بسرعة لتنظر إليه بقوة وتقول بخشونة

_ أيه اللي عملته ده؟

إغتاظ من تصرفه ورد معتذرًا 

_ انا اسف معلش أتصرفت بعفوية، بس….

توقف عن تكملت حديثه

غلن تقبل منه حديث وهي بذلك العبوس فأكمل

_ كنت عايز اقولك أبعتي الدكتور عصام عشان عايزة ضروري 

أومأت بصمت وخرجت من الغرفة وهي تتحسس مكان يده على رسغها 

علمت أنه كان يود قول شئ لكنه تراجع خوفًا من رد فعلها بعد ما حدث، نعم ذلك أفضل كي لا يتمادى معها.


❈-❈-❈


كلما تقدم ذلك القطار من تلك البلده كلما رق قلبه شوقًا لرؤياها.

يتمنى الوصول إلى بلدته بأسرع وقت، حتى شعر بأن القطار ثابت لا يتزحزح.

لو أخبرته بذهابها لم يكن يتوانى لحظة واحدة عن الذهاب معها، فقد كان ذلك اتفاقهم حتى تم إكتشاف أمرهم

ها قد وصل القطار، وها هو ذا يقف على أعتابها تلفح وجهه نسماتها النقية ..

يتحرى شوقًا لرؤية من دمرت والدته صورتهم الوردية، لكن عبثًا، لم يصدق كلمة واحدة مما قيل.


❈-❈-❈


في غرفة جاسر طرقت وسيلة الباب لتدخل بعد أن سمح لها جاسر 

وكان جالسًا على الأريكة شاردًا كعادته فتقدمت منه تجلس بجواره وتسأله بجدية

_ عملت أيه مع بنت خالك؟

تنهد جاسر بتعب ورد بهدوء

_ اطمني يا أمي خلصت كل حاچه مع چدي، واللي انتي متعرفوش انها هى كمان فاتحت چدي في الموضوع، يعني إكده ولا إكده الچوازة مكنتش هتكمل 

تنهدت وسيلة براحة وعادت تسأله

_ وعمك منصور هتعمل معاه أيه؟

ضغط على أسنانه بحدة يكي يهدئ من حدته وقال بعناد

_ انا طلبتها من چدي وهو وافج، وده اللي يهمني 

همت بالحديث لكنها منعها قائلًا بشدة

_ جولت اهم حاچة رأي چدي وده اللي يهمني عايزين تجلوله انتوا حرين لكن أني لا.

هزت راسها بيأس منه ومن عناده، من قال أنه يشبه منصور فقط في ملامحه بل وعناده أيضًا.

فقالت باستسلام 

_ طيب جوم أفطر لول معاهم وشوف هتوصلوا لأيه.

نهض جاسر ونزل معها للأسفل 

ليسمع طرقات أخرى على الباب نظر إلى والدته وقال 

_ روحي إنتي ياأمي وأني هشوف مين 


فتح جاسر الباب ليرى ذلك الشاب أمامه وتلك الحقيبة التي يحملها وسأله 

_ مش ده بيت الحاج عمران المنشاوي؟

مأكد مصيبة أخرى من مصائبه فرد جاسر بسؤال

_ وأنت مصطفى مش أكد 

أكد مصطفى تكهنه

_ بالظبط

أشار له جاسر بالولوج وقد جلسوا جميعًا على مائدة الأفطار منتظر عودة جاسر

تفاجئت سارة بمجيء مصطفى لتنهض مقتربة منه بسعادة 

_ مصطفى

نظر الجميع ناحيته فعلموا فور أحتضانه لها أنه مصطفى أخيها 

ارتمت سارة في أحضانه وهي تقاوم البكاء، فلم يفترقوا يومًا عن بعضهم البعض إلا عند مجيئها 

وكان الجميع ينظر إليهم ببهجة؛ سوى ذلك الذي ينظر إليهم بسخرية.

ابتعدت عنه قليلًا كي تنظر إليه وقالت بعتاب

_ وحشتني آوى يامصطفى 

قبل مصطفى جبينها وهو يقول بحب

_ وأنتي أكثر ياحبيبتي، بس انتي اللي سيبتينى وجيتي لوحدك 


_ تعالى ياولدي.

نظر مصطفى إلى عمران الذي علم فور رؤيته بأنه جده عمران الذي لم يكف خالد عن المدح فيه  وتقدم منه ليقبل يده بإحترام

_ إزي حضرتك ياجدي

_ زين ياولدي بشوفتك، تعالى 

نظر إلى جليلة التي ألجمتها الفرحة وقال 

_ أنتي جدتي جليلة 

اومأت له بسعادة فيتقدم منها لتحتضنه بشغف وكأنها تحتضن وليدها الغائب.

_ ايوة ياضي عيني.

بدأ أول لقاء له معهم بفرحة ظاهرة على الجميع فينظر إلى أخته التي عادت الدماء لوجهها فور رؤيته 

لتومأ له بأنهم كذلك.

لكن كان لذلك المحتج رأي آخر………


الفصل الخامس عشر حتى الفصل العشرون من هنا


بداية الروايه من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


أجدد وأحدث الروايات من هنا



روايات كامله وحصريه من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


إرسال تعليق

أحدث أقدم