القائمة الرئيسية

الصفحات

الأخبار[LastPost]

رواية الثائره من المجتمع البارت الأخير والخاتمة بقلم خديجه السيد حصريه وجديده

 رواية الثائره من المجتمع الفصل الأخير والخاتمة بقلم خديجه السيد حصريه وجديده 

رواية الثائره من المجتمع البارت الأخير والخاتمة بقلم خديجه السيد حصريه وجديده 


بعد مرور وقت في منزل عزه، جلست جانبها وهي تمد يديها لها بالكاس الخمر متحدثه بصوت هادئ 


= خدي اشربي وروقي شويه انتٍ الجوازه دي ما كانتش تنفعك من الاول، وانا اللي كنت فاكره انه عشان بيحبك هيبقى معانا يعمل اي حاجه عشانك بس طلع متمسك بام تقاليد المجتمع اللي قرفنا بيها.


رفعت أمينة عينيها ببطء لترد بتردد بينما تضغط بيدها فوق بطنها 


= لا مش هينفع أشرب وانا حامل! مره ثانيه 


عقدت حاجيبها للاعلي سريعاً عندما رأت نظرة الشك التي ارتسمت فوق وجه صديقتها وهي تردد بعدم تصديق 


=الله هي من اولها كده ما قلت لك يا بنتي نزليه وريحي نفسك، و قدامك كلمتك الدكتور وقالي طالما لسه في اول شهر عادي! ولو عاوزانا نروحله من دلوقتي ماشي لكن انتٍ برده اللي مصممة تفكري اكتر قبل ما تاخذي قرار مع اني مش عارفه على ايه هو انتٍ حبيتيه ولا ايه.


أبعدت يدها عن بطنها بحيرة هامسه بصوت مرتجف


= وبعدين بقى يا عزه بطلي كلامك ده انا ولا حبيت ولا حاجه، آآ انا خايفه على نفسي اصلا وطالما مش بحبه يبقى مش هفكر احتفظ بعيل من شخص مش بحبه وعمال يتحكم فيا


لوت شفتاها باستخفاف وهي تقول ساخرة


= طب طالما كده رافضه ليه؟ والله شكلك بقيتي منجذبه لي عشان كده خايفه تنزليه وبعد كده يسيبك ولا انا بتكلم غلط؟ 


لم تتحمل المزيد من كلماتها الصريحة، فهي تشعر بالارتباك بين شخصيتها القديمة و الجديدة، ولا تعرف أين الصواب والخطأ، لذلك تشعر بأنها بحاجة إلى مزيد من الوقت للتفكير في هذا الأمر نهضت بضيق شديد وهي تقول


= انا اتاخرت ولازم امشي، عن اذنك 


غمغمت عزه بسرعه بأسف بينما تربت فوق يدها


=استني بس انتٍ هتتقمصي فكري براحتك يا ستي لو لسه عند قرارك اتصلي بيا وما تخافيش هفضل معاكي لحد ما الدكتور يخلص العمليه واهتم بيكي.. 


ابتسمت أمينة بتعب قبل أن ترد بعدم راحه


= انا مش زعلانه يا عزه خلاص ده موضوعي وانا هخلصه مع نفسي، بس انا لازم امشي مش عاوزه اتاخر وكمان سبت تليفوني القديم عند حد يصلحه عشان عاوزه ارجع صوري انا واميره بتاعه زمان والمفروض اعدي اخده دلوقتي.. مع السلامه هبقى اكلمك بعدين 


هبطت أمينة بالفعل من المنزل وشعرت بالندم على حديثها معها، لأنها لم تفهم مشاعرها، ولم تكن تلك الكلمات التي كانت تتوقعها منها أبدًا، خاصة في ذلك الوقت. لكن ماذا تظن؟ هي تعرف جيدًا صفات تلك الأصدقاء الذين تعرفت عليهم، وكانت تتعمد الاقتراب منهم لتتلوث ببيئتهم السيئة، فلماذا تلومها الآن؟ يجب أن تلوم نفسها أولًا. 


وصلت إلى المتجر الذي تركت فيه الهاتف لإصلاحه، وأردفت بنبرة خافتة


= لو سمحت انا كنت من حوالي ساعتين سبت تليفوني هنا يتصلح وهو قالي في حاجه بسيطه وتعالي خدي بعد ساعتين اقدر اخده دلوقتي.. وكمان قالي انه هيرجعلي الصور وكل حاجه كانت فيه زي ما كانت 


هز رأسه بالايجاب ذلك الشخص واخرج الهاتف لها مرددًا 


=اه اتفضلي هو ده، وشوفي قبل ما تمشي هتلاقي كل حاجه مظبوطه فيه .


أخذت الهاتف منه وبدأت تضغط على الأزرار لتتأكد من إصلاحه، لكنها تفاجأت برسالة صوتية من أميرة لم تفتحها من قبل، وكانت موجودة منذ فترة طويلة لكنها لم ترها إلا الآن بسبب كسر هاتفها سابقًا وعدم اهتمامها بإصلاحه إلا في الوقت الحالي. صاحت بصدمة كبيرة


= ايه ده؟!. 


عقد حاجيبة باستغراب وهو يتسائل باهتمام


=في حاجه حضرتك؟ 


اومأت له أمينة برأسها بالموافقه وهي تردد بعدم استيعاب 


= اصل اكتشفت ان في رساله صوتيه اتبعتلي من اختي اللي ماتت من حوالي سنتين ولسه موجوده زي ما هي انا ما شفتهاش لما وقع مني وباظ.. بس لسه موجوده لحد دلوقتي 


هز رأسه بالايجاب وهو يقول بتفهم


= آه عادي طالما الكارت الميموري سليم و التليفون والخط الحاجات دي بتفضل موجوده.


اخذت تطلع إلي هاتفها بأعين مرتبكه قليلاً ثم تحركت لترحل هاتفه باختصار


= تمام اتفضل الحساب.


❈-❈-❈


عادت أمينة إلي المنزل لتجد مصطفى في انتظارها يجلس بوجه محتقن، هتفت بعدم قدرة على التحدث باقتضاب 


= مالك قاعدلي كده ليه اه عشان نزلت يعني من غير ما استاذنك ما ايه الجديد ما انت عارفني مش هنقعد بقى نفتح موال كل يوم انا راجعه على اخري وتعبانه.. وبعدين ما تخافش ما رحتش مكان اسهر فيه ولا حاجه رحت عند عزه البيت وبعد كده رجعت اخذت التليفون اللي كنت بصلحه 


عقد ما بين حاجبيه بشدة وقد اظلمت عينيه بطريقة قلقتها وهو يسألها ببطء حذر


= لا ما انا عارف انتٍ كنتي فين و ايه اللي بتخططيله اصلك زي ما نسيتي تليفونك الجديد هنا نسيتي كمان تخفي ده؟؟ مش اختبار الحمل ده برده تبعك ؟! 


اتسعت عينيها بخوف وصدمة تتلعثم فى كلماتها هاتفه 


= مالك ومال التليفون شكلك فتحته مش كده دي اسمها خصوصيه بيني وبين صحابي وما ينفعش تعرف احنا بنتكلم ولا بنقول ايه ؟ انا عمري ما بفتش في تليفونك عشان انت كمان تفتش ورايا.. وبعدين لو شاكك فيا أوي كده ما حدش غصبك على الجواز كله كان بمزاجك وانت عارفني ان انا كده 


هتف بها بحدة جعلها تهب فزعا منه قائلاً بنفاذ صبر 


= ما تبطلي ام الكلمه اللي ماسكه فيها دي و مفكرها مبرر ليكي عشان تعملي كل القرف ده براحتك، عارف ان السكينه سرقاكي وعماله تخبطي يمين وشمال ومش فاهمه بتعملي ايه رغم ان عمايلك كلها غلط في غلط وبحاول استحمل وامنعك على قد ما اقدر واستحمل الكلام السم اللي بسمعه في الشركه عليا؟ و اقول معلش اعذرها ما انت عارف الحاله اللي هي فيها.. لكن توصل بيكي القذارة أنك تكوني حامل مني وتتفقي مع صاحبتك تشوفلك حد ينزله من غير ما تقوليلي اهي دي بقي إللي فيها كلام ثاني ومش هسكتلك كمان 


لم تستطع اخباره وعينيها فى عينيه تشعر بالخجل والعار يلفها بحباله حول عنقها فيختنق صوتها اكثر فأكثر لكنه لم يحتمل الصبر حتى تحدث يصرخ بها وقد توتر كل عصب به


=مش عاوزه اسمعلك صوت المره دي انا اللي هتكلم، اصلك مفكراني خايب وهتعرفي تقرطسيني لكن انا سكوتي مش ضعف ولا حتى عشان بحبك هعديلك اي غلطه مهما كانت؟ للاسف انتٍ استغليتي النقطه دي يا أمنية كنت فاكر لما اقول لك بحبك هتتغيري وتقدري حبي على الاقل لكنك استخدمتي ضدي وبقيتي تفضلي تضغطي وتعملي اللي انتٍ عاوزاه وتقولي ما هو بيحبني وهيفضل متمسك بيا وكل ده عشان ايه انتقامك مش كده؟ يا شيخه هو في اكتر من أني جبتهالك صريحه وقلتلك عارف نيتك وراضي عشان عندي امل انك تتغيري وبدل ما تتمسكي بالامل ده تزيديها عليا؟ 


ليمسك ذراعها بقسوة وهو يتابع حديثه يصرخ فيها بجنون 


=يعني انا لو ما كنتش خدت بالي من رسائل تليفونك اللي عماله تتبعت من ساعه ما نزلتي واختبار الحمل كنتي هتنزليه وهتكملي معايا عادي كده من غير ما تقوليلي ده ايه الجبروت اللي انتٍ فيه ده؟ لا بقى الموضوع كده مش موضوع انتقام؟ انتٍ اللي لقيتي نفسك في الجو ده وعجبك وانا اللي ما كنتش واخد بالي.. 


نظر مصطفي إلي التي تقف كالتمثال المتحجر بعد أن سمعت كل ما أخبرها إياه زوجها و اهانها بقسوة و بحقيقتها المخزية، ليكمل باشمئزاز واحتقار جعلها تدمع عينها بقهر 


= عاجبك تفضلي رايحه جايه تسهري وترقصي مع ده وده يحسس عليكي وممكن ياخدك معاه البيت وانتٍ مش دريانه؟ وعجبك شربك وانتٍ راجعه تطوحي في انصاص الليالي وتخلي نفسك صيده سهله ومطمع للرجاله.. اللي عينهم عليكي ما اصل انتٍ حابه التركيزي عليكي بس كنتي عاملاها حجه اللي حصل لاختك وانتٍ بتنتقمي وتوريهم انك ست اهو بتعملي زيهم وما حدش لي حاجه عندك لكن طلع العكس تماماً وانا إللي ما كنتش واخد بالي انك ناقصه ربيه.. ده انتٍ لما صدقتي لقيتي نفسك في الجو ده ومش عايزه تطلعي منه 


لتنظر له أمينة بتحدي وهي تحارب دموعها حتى لا تتساقط امامه لتقول بألم


= اللي ناقصه ربيه دي كنت زمان هتموت عليها وحفيت عشان توصل لها مش كده؟ ولا هو كان كلام وخلاص واول ما وصلت للي انت عاوزه ما بقتش طايقني! طبعا زيك زي اي راجل حتى لو خدته بالحلال فالمهم انك وصلتله .


تركها وهو يشعر بالقهر والغل منها ليعود صاح باستهزاء وسخريه 


=ما تبطلي بقى خيابه هو انا كنت مصاحبك انا متجوزك؟ واتجوزتك عشان بحبك وكنت عاوز اكمل معاكي مش عشان الافكار الهبله اللي مسيطره على دماغك ولا عشان قابلتي في حياتك رجاله زباله ذي جوز اختك مفكراهم كلهم زيه، و بعدين مالك عشان جيت على الجرح ما هي دي الحقيقه واحده غيرك كانت حاولي تتغير للأحسن مش اول ما جتلها الفرصه قلعت الحجاب واتصاحبت على عيال شمال مش شبهها عشان يعرفوها على اماكن السهر و الشرب وبقيت هي واحده واحده تجيب لهم الاماكن بنفسها كمان لا ماشاء الله ده انتٍ اتطورتي على الآخر.. هو انتٍ مستنيه مني ايه بجد هفضل مستحمل الوضع ده طول حياتي واديكي في اعذار؟ 


لبسحبها مجدداً بعنف وقد تحكمت به شياطين غضبه عليها واقترب منها غير مهتم بدموعها، بل تطلع فيها باستهزاء قاسي مكمل عتابه الحاد بإهانة لاذعه


= انتٍ ما انتقمتيش لحد غير من نفسك يا أمنية بصي على نفسك كويس هو انتٍ لما تعملي زيهم الغلط كده بتنتقمي منهم ولا منك طب ما هما مكملين إيه اللي اتغير غير انتٍ؟؟ وهم عادي لسه مقتنعين بالعادات والتقاليد و لوثوكٍ من اللي هم بيعملوه يبقى فين بقى الانتقام بتاعك منهم.. يبقى ما فيش غير اجابه واحده أنك لما صدقتي لقيتي نفسك واحده منهم؟ يعني بدل ما تغيريهم اتوحلتي معاهم لا و فرحانه ومكملي.. في حياتي ما شفتش حد غبي زيك.


حاولت أن ترد بعصبية وضيق وعيناها ممتلئه بالدموع بحسرة 


= أنت واحد حقيـ..


ليهزها مره ثانيه بعنف وهي ترتعش بشده بين يديه ودموعها تنساب بقوه من عينيها بخزي، مقاطع إياها يصرخ فيها بتحذير وصرامة 


=هشش قصر الكلام انا من اللحظه دي مش طايقك فعلا وبندم ان انا اتجاهلت كل اخطائك على اساس اني اصلحك للاحسن وانتٍ صح ما حدش بيتغير! وده معناه انك كنتي كده من الأول.. انا استحملت اللي ما فيش راجل يستحمله وانتٍ مصممه تكملي كده واكتر من كده مش هقدر.. لكن ده مش معناه انك هتنزلي اللي في بطنك ولو عملتيها اقسملك بالله هسجنك يا أمنية وهنسى اي حب حبيتهلك.. فابقي جربي واعمليها .


تركها بعنف وابتعد ينظر اليها بكراهيه وبخيبة أمل كبيرة قبل أن يردد بقسوة شديدة 


= مع أنك في الحقيقه ولا تنفعي زوجه ولا تنفعي أم؟؟ بس مع الاسف هتكوني أم ابني ودي اكبر غلطه هفضل اتاسف لابني او بنتي اللي جايين عليها طول حياتي .


❈-❈-❈


أخذ مصطفى بعض الملابس الخاصة به قبل أن يغادر، كأنه يريد أن يوصل لها رسالة بأن هذه المرة ليست ككل مرة! لم يكن شجارًا عاديًا بل كان فراقًا ورحيلًا! نظرت إليه بألم ساخر و تحجرت دموع القهر في عينيها، تحاول جهدها ألا تبكي أمامه، وهي تتأمل وجهه وتشعر بألم الفراق والندم والغضب من نفسها قبل أن تغضب منه وبعدها رحل حقًا.


مر الوقت، وكانت أمينة تبكي وهي جالسة على سريرها، تضم ساقيها بذراعيها وتنتحب بشدة ولا تعرف على ماذا تبكي بالضبط أليس هذا هو الانتقام الذي كانت تسعى إليه وأن تكون ثائرة على المجتمع والأفكار والجميع؟ فلماذا تبكي الآن؟ مصطفى تركها ورحل ولم يتحمل أفعالها وكان محقًا في ذلك، فهي كانت تتعمد كل شيء إلا شيء واحد، وهو إجهاض نفسها، حيث كانت ما زالت مترددة وحائرة ولم يفهم مخاوفها من ذلك الطفل، خاصة إذا كانت فتاة.


مسحت دموعها بيدها بيأس وتعب، وسحبت حقيبتها لتبحث عن هاتفها لتتصل بأصدقائها ليخففوا عنها حالتها الصعبة، لكنها وجدت هاتفها القديم! فتذكرت الرسالة الصوتية التي تلقتها من أميرة منذ فترة ولم تفتحها بعد فشعرت بالفضول والاستغراب وهي تفتحها، وفجأة جاء صوت شقيقتها


= ازيك يا امينه لما تسمعي الرساله دي هكون خلاص روحي رجعت للخلقني! انا حاولت اظبط انها تتبعتلك بعد موتي بفتره عشان احاول اهون عليكي حالتك اللي هتبقى صعبه من بعدي، ما تزعليش مني وغلاوتك عندي والله حاولت اتحمل زي ما تيته طلبت و حاولت برده ادافع عن نفسي زي ما كنتي بتنصحيني بس في الحالتين لقيت نفسي بوصل لنفس النتيجه اهانه وضرب! انا ما كنتش مبسوطه خالص في جوازي ولا كنت فرحانه اكيد بالوضع ده ما فيش واحده بتكون متقبله الاهانه وراضيه الا لو هي شخصيه مريضه وانا مش كده يا امينه وانتٍ اكثر واحده عارفاني حساسه جدا ومن اقل كلمه كنت بتضايق وبزعل فلما حياتي كلها تتحول لجحيم مع زوج ما عندوش احساس ولا مشاعر ولا حب ناحيتي.. اهانه وضربي بس تفتكري حالتي هتكون ازاي غير عذاب؟؟. 


اعتدلت أمينة متفاجئ بجزع وهي تندفع سريعا تعلي الصوت بتركيز واهتمام، وكأن قلبها قد توقف عن النبض من شدة الصدمة والتوجس، لتسمع باقي الحديث


= عارفه ان اللي بعمله مش حل بس والله العظيم ما قادره اتحمل اكثر من كده حاسه ان انا في مره هموت من كتر الزعل والضغط على نفسي! ومش عاوزه اشيلكم حملي برده انتم مش مجبورين وانا اللي اخترت في لحظه تسرع حياتي دي، حتى عشان بنتي مش قادره اكمل والله واصله لمرحله صعبه اللي قدامكم بتضحك وتحاول تهزر بس انتم ما تعرفوش جواها ايه ولا لما تنفرد لوحدها ايه اللي بيحصل لها؟ حتى لو كنا ملناش الا بعض يا امينه حياتي الجديده علمتني ازاي اخبي وجعي وحاولتني لشخصيه اتوجع بصمت، بس دي كانت اكتر حاجه معذباني في حياتي ان حتى الشكوى مش قادره عليها.


لتنتحب أختها ببكاء متأثرة وهي تمسك بيديها الهاتف وتسمع كلماتها بصوتها المرتعش


=امينة عشان خاطري ما تزعليش من تيته ولا تلوميها بعد موتي هي ملهاش ذنب انا اللي اخترت برده الرحيل بمزاجي، هي برده اتربت وطلعت لقيت العادات والتفكير ده واحنا لو كنا مكانها برده كنا هنقتنع بكده و انه صح، مش قادره تقتنع بالحقيقه وأن خلاص الدنيا اتغيرت عن زمن ولا هي ولا ناس كتير زيها بتشوف ان شكوه البنت من جوزها خيبه منها وانها مش عارفه تحافظ عن بيتها.. مش قادرين يقتنعوا ان البنت كمان ليها حق ولما تشتكي مش عيب ولا حرام ولما تطلق عشان اهانتها دي تبقى اسمها بتحافظ على كرامتها.. انا كنت فاهمه وعارفه كل ده والله يا امينه من غير ما تتعبي نفسك وتحاولي تفهميني بس اللي على ارض الواقع كان غير او انا اللي ما كنتش قادره اواجه.. وعارفه كمان ان لو اتطلقت كنت هتقدري تصرفي عليا بس انتٍ مش ملزمه والله يا حبيبتي تشيلي همي . 


كانت تستند الي اطار الفراش بوجه شاحب و ظلال سوداء تحيط بعينيها المنتفخه و دون سابق ارتفعت منتحبه بشهقات مرتفعه، مع شحوب وجهها.


بينما صوت أميرة استمر بالهاتف مغمغمه بصوت حزين بيأس 


= اخر حاجه هقولها لك غير انك ما تزعليش مني وتسامحيني انك ما تحاوليش تتغيري يا أمينه مهما العالم كله يقول لك انك تفكيرك غلط اقفي قوليلهم انا الصح، اوعي تبقي زيي ضعيفه ومستسلمه.. اوعي في يوم يكون دي نهايتك زيي ضعف إيمان وضعف قوه! انتٍ صح يا امينه خليكي فاكره اوعي تتغيري سمعاني.. اوعي تتغيري.


وضعت أمينة يدها على فمها بذهول بعد أن انتهت من سماع رسالة وداع شقيقتها، وهي تهز رأسها غير مصدقة، ثم انهارت على أرض الغرفة تبكي بشدة وبهيستيريا، خاصة عندما سمعت وصيتها الأخيرة لها بأن لا تتغير من أجلها أو من أجل أي شخص آخر، بل من أجل نفسها فقط لكنها للأسف، كانت تفعل العكس تمامًا.


❈-❈-❈


شعرت أمينة بالحاجة إلى شخص بجانبها ليخفف عنها صدمتها بعد سماع كلمات شقيقته، التي جعلتها تشعر أخيرًا بالندم و التهور في تصرفاتها بعد فوات الأوان. وأول ما خطر ببالها كان زوجها، لكنها تذكرت أيضًا المشاحنات التي حدثت بينهما قبل أن يرحل ويتركها ومع ذلك، ركضت بسرعة نحوه في العمل وعندما دخلت المكتب، ساد الصمت التام في المكان، كانت تقف أمامه ترتعش أوصالها في انتظار عاصفة غضبه، التي كان له كل الحق في الشعور بها لكنه وقف كالصنم لا يتحرك حتى عينيه، حيث سلط نظراته المظلمة عليها وهي تقف أمامه كمن ينتظر حكم إعدامه. كانت اللحظات تمر ببطء قاتل حتى تحدث أخيرًا بخشونة وحدّة


= نعم خير جاية ورايا هنا كمان ليه 


حاولت ابتلاع غصة بكاء حتى تجيبه وهى تشهق باكية كطفلة صغيرة قائلة بتوسل 


= مصطفى ما تسيبنيش عشان خاطري انا محتاجه ليك دلوقتي أوي.. عايزه اتكلم مع حد


لوي شفته بسخرية وهو يقول بجمود 


= وده من امتى؟ طول عمرك كارهه وجود اي راجل جنبك حتى لو جوزك! انتٍ مش محتاجه لحد جنبك يا امينه غير نفسك طالما هتمشي بدماغك وما تسمعيش كلام اي حد.. وطالما مش عاوزاني اتحكم فيك زي ما بتدعي طول الوقت يبقي ما تخليش حد جنبك واكتفي بذاتك


هزت رأسها باعتراض وهي تصر بين بكائها الحارق تتوسل باحتياج 


=لا لا سيبك من الكلام ده عشان خاطري كله انا عاوزاك جنبي وبس


تحدث ببرود وقسوة وهو يتأمل وجهها الشاحب بدقه 


=سبتلك البيت ومشيت زي ما كان نفسك و بعت وانتٍ فرحتي وما هانش عليكي حتى تتنزلي عن كبريائك شويه وتوقفيني جايه بعد ما عرفتي قيمتي تدوري عليا انا اسف يا امينه 

من اللحظه دي انا طلعتك من حياتي وانتٍ كمان لازم تطلعيني وتنسي حاجه اسمها مصطفى وكل اللي هيربطني بيكي ابنك وبس


لتنظر اليه وعينيها تمتلئ بالدموع وهي تفشل باستجماع افكارها لتقول بتقطع


=مصطفى لا استنى عشان خاطري.. مصطفي انا مش هستحمل كسره ولا خساره حد تاني 

انت في حاجات كتير ما تعرفهاش عني! موت اختي ما كانش سهل عليا انا كرهت نفسي في اللحظه دي عشان ما فهمتش اخر مكالمه بيني وبينها انها كانت بتودعني وكرهت تيته انها كانت طول الوقت بترجعها وانا بحذرها اكتر من مره ان اخرتها هيحصل لها حاجه، لاني والله كنت حاسه أن دي النهايه لكن ما حدش كان بيسمعني..و لما انتحرت وصلت لدرجه صعب اوي لدرجه كرهوني في نفسي وفي المجتمع وكل حاجه حواليا 


دفعها مصطفي بحده مبعداً اياها عنه هاتفاً بشراسه و بتحدى دون رحمه وهو شاعراً بالدماء تغلي بعروقة 


=كلنا بيحصلنا مصايب وبلاوي سوداء بس عمرنا ما بنوصل للدرجه اللي انتٍ وصلتلها؟ راحوا زيك خلعوا حجابهم ولا مشيوا مشي بطال مع ناس مش كويسه؟ لا يا أمينة انتٍ عاجبك أوي مصطفى اللي مطاطي ليكي واي حاجه ماشي وتمام حتى لو علي حساب كرامته مش فارقه الناس بتقول عليه ايه بسببك.. مش انا اصلا كنت من ضمن انتقامك للمجتمع برده 


لتنظر له بضعف ودموعها تتساقط وهي تقول بمراره


= انت مش فاهم حاجه انا من زمان وانا كارهه كل العادات والتقاليد المقرفه دي وكنت بحارب من قبل ما اختي يحصلها حاجه ولما حصلها حسيت ان الدنيا كلها اتقفلت في وشي وجالي احاسس اني لازم اعمل حاجه واحده بس انتقم من الناس كلها واي واحد بيفكر بالطريقه دي لازم يندم حتى لو ما عملليش حاجه.. اميره دي كانت اطيب واحده ممكن تتعامل معاها وتشوفها بريئه.. اسم على يسمى بس هم ما عرفوش قيمتها ولا يتعاملوا معاها ازاي انا الوحيده اللي كنت عارفه بس انا برده ما قدرتش اعملها حاجه.. وكانت الوحيده اللي مصبراني على القرف ده، كانت اكتر من اختي ليا فراقها بجد كسرني.. افهموني بقى .


هتف بعصبية منفعله وعينيه مسلطه فوق زوجته بغل


= ما كفايه بقى الاسطوانه المشروخه بتاعتك، 

انا اللي كان مسكتني الأيام اللي فاتت عشان الكلام ده و أفضل ادي مبررات واعذار لكن لحد كرامتي كفايه، انتٍ اللي اخترتي يا أمينة فكملي في طريقك وما فيش رجوع 


انطلقت كلماته كالرصاص تستقر فى قلبها ينزف بين اضلعها يئن بألم، بينما تحرك من مكانه باتجاه الخارج بعدم اهتمام لها وهي تقدمت تجرجر قدميها تحت انظار الجميع المراقبة لاتستطيع الافراج عن صرخة واحدة تعبر بها عن ألمها وفى تلك اللحظة وقد علمت بانها النهاية بينهم فليس هناك من يستطيع ان يغفر تلك الأفعال او يتخطاها بسهولة توقفت عن بعد وعيونها تغشاها الدموع ومع ذلك لم يتأثر بها وهي تردد برجاء بصوتها المرتعش 


= انت هتسيبني فعلا؟ امال فين الحب اللي قرفني بيه سنين طويله، مصطفى اقف هنا و رد عليا زي ما بكلمك؟؟ مـــصــطفـــى لااا


بينما هو اكمل رحيله بعدم مبالاة وبكل قسوة شعرت بها .


❈-❈-❈


= الباب مفتوح يا اللي بتخبط زقه وادخل عشان مش قادره اقوم! 


قالت ذلك زاهيه عندما استمعت الى طرقات فوق باب منزلها مما جعلها تستغرب فلا احد يزرها بعد وفاه أميره ورحيل أمينه...


بينما دخلت أمينه بالفعل بجمود وخرجت من جمودها هذا فور سماعه الشهقه التي صدرت من خلفها استدارت لتجد جدتها تتراجع الي الخلف و عينيها مغرورقتين بالدموع يرتسم بها الالم بوضوح حاول النهوض والاقتراب منها لكنها تراجعت للخلف بتصدي 


= امينه يا حبيبتي أخيراً شفتك من تاني تعالي يا قلبي في حضني.. كده يا بنتي هونت عليكي تسيبيني المده دي كلها وما تطمنيش عليكي، ده انا فكرتك خلاص نسيتيني ومش هشوف وشك تاني يا حبيبتي وحشتيني أوي 


شعرت زاهية بالسعاده من عودتها لها من جديد واشارت اليها لتجلس قائلة بتردد 


= تعالي اقعدي يا حبيبتي، تعالي اقعدي يا غاليه ده انتٍ الوحيده اللي فاضله ليا من الحبايب ما تسيبنيش تاني يا بنتي والله عرفت غلطتي خلاص وكل يوم بفضل الوم نفسي على اللي عملته في اختك.. بس كفايه عقاب ربنا ليا اللي حتى في نومي بقلق لما بفضل احلم بيكي وافتكر اللي كنت بعمله زمان.. ما تعاقبينيش انتٍ كمان يا امينه وما تحرمنيش منك 


تضايقت جدتها من عدم ارتداء حجابها لكنها لم تعلق علي ذلك الان، لتقول زاهية باستفهام وعينيها مازالت ممتلئه بالدموع برجاء 


= ما بترديش ليه يا حبيبتي؟ لسه زعلانه مني صح معاكي حق انا السبب في اللي حصل لاختك لو ما كنتش برجعها كل مره بالغصب ذي ما انتٍ بتقولي وقللت منها وكنت اخذت موقف ممكن كانت الأمور اتصلحت عن كده من زمان بس هقول ايه قله عقل مني.. وعشان كبرت واتربيت واتعودت على القرف اللي عايشين فيه واتربينا عليه زمان.. بس صغير ولا كبير كان لازم نغيره.. مش كلام يعني ربنا لازم نمشي عليه وننفذه بالحرف دي شويه عادات وتقاليد في الأخر احنا اللي اخترعناها ونقدر نبطلها برده .


لم تجيب ايضا لكن لاحظت نظراتها الى تلك الطفله لتقول بابتسامه باهته 


= انتٍ مش فاكراها ولا ايه دي زينه بنت اختك.. بنت المرحومه أميرة، صدقتي لما قلتي بعد العزي هينسوها وما حدش هيترحم عليها رموا ليا البنت وراح اتجوز بعد شهر واحد الرمه ولا كانها بني ادمه اللي ماتت وانا من ساعتها اللي بربيها واهي قاعده معايا وفين وفين لما بيرموا ليا مصاريفها كمان.. 


ابتلعت أمينة ريقها بتوتر وهي تجذب الصغيره في احضانها وتقول بصوت هامس باشتياق


= تعالي يا زينه تعالي في حضني.. وحشتيني أوي.. ريحتك شبها حتى ملامحك.


وخلال لحظات بدأت تتذكر الماضي عن اميره وحياتهما مع بعضهم البعض، كيف كانت تمزح وتضحك معها 


= بجد يا اميره أحسن حاجه عملتيها ان البنت دي كلها شبهك مش شبه جوزك واهله العرر 


ضحكت أميرة وهي تردف يتحذيز


= يا بنتي اتلمي عيب الكلام ده قدام البنت! و بعدين لا هي شبهك انتٍ وحاسه كمان من كتر ما انا كنت حامل فيها وكنت على طول معاكي وجنبك هتاخد لمطك، وعنادك اللي محدش قادر عليه .


وبالواقع أغمضت أمينة عينيها بألم و أمرت زاهيه الطفله بصوت حنون


= روحي يا حبيبتي كملي لعب بالعجله شويه بس ما تبعديش زي ما اتفقنا .


أفاقت الأخري من الماضي الذي لم يعد ولم تعود معه أميره بكل تاكيد، ثم وجهت أخيرا حديثها الى جدتها هاتفه بسخرية مؤلمة


= اتغيرتي أوي يا تيته عماله تقولي عن العادات والتقاليد أنها ممكن تتغير وسبتيها كمان تنزل تلعب بالعجله مش ده برده لعب ولاد وكنتي بتمنعيني منه وانا صغيره.. مش قادره اصدقك بصراحه ايه التغير الكبير اللي حصل ده، انا لو كان حد قالي ان ده هيحصل ما كنتش صدقت.


همست زاهية بصوت مرتجف وقد بدأت تدرك مدي حماقة فعلتها بالماضي 


= أميره ماتت بعد ما غيرتني يا أمنية وخلتني افتح عيني واكتشف اخطائي وكل الحاجات الغلط اللي كنت مصدقاها.. عارفه اني فوقت متاخر وهي راحت بس حسيت ان ربنا بعت بنتها ليا عشان اكفر عن ذنبي واللي كنت بحرمكم منه زمان بسبب العادات والتقاليد و الناس.. وعدت نفسي هعمل العكس مع بنتها 

تعرفي انا لو حد قالي ان كنت هعترف ان انا ست ظلمه ما كنتش هصدق واني هندم على كل لحظه كنت بقسي عليكم وكنت فاكره نفسي كده بربيكم صح، اتاريني في النهايه وديتكم بالنار بايدي؟ واحده من كتر ظلمي 

وضغطي عليها انفجرت وانتحرت والثانيه سابتني واتبرت مني واكيد لسه مش طايقاني حتى لو رجعت.


لتهز زاهية رأسها بندم متأخر وهي تتابع حديثها بحسرة وعينيها تمتلائان بالدموع


= كان معاكي حق يا امينه لما قلتلي في النهايه ساعه الحساب انا اللي هقول لابنك انك ما عرفتيش تحافظي على الامانه ولا تصونيها سامحيني يا بنتي! سامحيني عشان انا كمان اقدر اسامح نفسي 


هتفت أمينة بحده غير قادره علي السيطره على ألم فراق أختها الذي ينبش بقلبها


= تيته خلاص انا مش جايه افتح في القديم 

ومش هكدب واقول لك ان انا قدرت اسامح وانسى عشان اللي راحت دي اغلى حاجه في حياتي، لكن خلينا نبص للموضوع من جهه تانيه ان ده كان هيحصل لاميره مهما كنا عملنا هي مكتوب ليها كده ربنا يغفر لها بقى .


أخفضت عينيها بحزن عميق وفهمت بانها مهما فعلت لم تنسى الأخري أفعالها لان نتيجه تلك الافعال قد ادت الى فراق شقيقتها و تسببت بألم الاثنين، لتقول باهتمام كبير


=كنتي فين الفتره اللي فاتت وكنتي بتعملي ايه.. انا رحتلك مكان شغلك وسألت كل اصحابك عليكي بس ما حدش كان يعرف طريقك حتى في جدع كده ربنا يجازي خير اسمه تقريبا مصطفى كان ساعات بيجي هنا يزورني و كان بيدور عليكي معايا وكان دايما يسالني ايه اللي حصل قوليلي اي معلومه تفيدني عشان اعرف اوصلها و اضطرت احكيله اللي حصل في الآخر وانك زعلانه مني بسبب اختك اللي راحت سبتيني ومشيتي.. وهو زعل عليكي وقالي لازم نلاقيها اكيد نفسيتك وحشه دلوقتي ولازم حد يكون جنبك، عملتي ايه في الفتره دي وكنتي فين 


لمعت عينيها بشغف وألم عند ذكر اسم مصطفى وكأن اهتمامه يسيطر عليها حتى عندما تكون بعيدة عنه يا إلهي، شعرت أن خسارته كبيرة ولا يمكن تعويض شخص مثله. أجابت أمينة بصوت عميق وهي شاردة الذهن


= دورت على شغل جديد بمكان تاني في محافظه تانيه، حاولت اتغير عشان انسى و كنت مبسوطه باللي انا بعمله، و كل ما الاقي في عين واحد ولا واحده نظره دونيه على ان ست وبعمل كده ويبصوا لراجل بيعمل نفس اللي انا بعمله بنظره عاديه من غير عتاب.. كنت بفرح وبحس بالانتصار واني ماشيه صح وافضل اتمادي واكمل بس بعد كده فوقت متأخر واعترفت ان محدش كان بيخسر غيري في الموضوع ده 


عقدت حاجيبها باستغراب وهي تسألها بقلق


= انا مش فاهمه حاجه انتٍ كويسه طمنيني عليكي يا أمنية من ساعه ما سبتيني وانا هموت واطمن عليكي 


جلست فوق الأريكة بجانبها بصمت بينما تمسح وجهها بيد مرتجفه قبل أن ترد بقوة زائفة 


=انا كويسه ما تقلقيش! زي ما قلتلك اشتغلت في مكان جديد واللي إسمه مصطفى ده قابلني هناك وعرض عليا الجواز واتجوزنا وبقيلي خمس شهور تقريبا بس هو هيطلقني برده.. وانا السبب خسرته بعد ما عرفت انه كان اغلى حاجه في حياتي بعد اختي


اتسعت عينا زاهية بزعل لانها تزوجت دون ان تخبرها لكنها أسرعت تقول بعدم تفاجئ 


=والله كنت شاكه انه بيعمل كده عشان عينه منك بس كان شكله جدع كويس ليه يا بنتي كده، طب حاولي معاه طالما عرفتي قيمته وعاوزاه هو طيب وابن حلال اكيد هيسامح


ابتلعت بصعوبه الغصه التي تشكلت بحلقها وأجابت بصوت حزين مقهور 


= للاسف مش هينفع زعلته مني جامد أوي، رغم لحد اخر لحظه كان متمسك بيا وحارب عشاني واستحمل حاجات محدش يستحملها الفتره الصعبه اللي كنت بمر بيها.. بس انا هديت كل حاجه لما واجهته وقلت له كلام صعب وأني هنزل إللي في بطني عشان خايفه اخلف بنت والمجتمع يظلمها بعاداته وتقاليده.. صعب يتحمل كل ده برده، ربنا يوفقه باللي احسن مني .


شعرت بالسعادة لأنها حامل لكن أيضا شعرت بأنها ليس على ما يرام فلأول مره تراها بذلك الضعف ولم تستطيع ان تنكر الاحساس الذي وصل اليها هل هي نادمه على انفصال زوجها عنها بالفعل؟ هل امينه التي كانت تعرفها بالسابق وقعت في حب رجل أخيراً وتعترف انها بحاجه اليه ونادمه على رحيله؟؟. 


وفي تلك اللحظه انقبض قلب أمينة داخل صدرها فور ان سمعت الى عده اصوات بالاسفل تدل على شجار يحدث نهضت و دلفت للشرفة لتجد جمال زوج شقيقتها و والدته وباقي أسرته متجمعين حوله بقله حيله هم وباقي الجيران و بينما صوت تلك السيده الغريبة عنها يعلو صائحه بصوت مغلول بتشفي 


= اتفرجوا يا عالم على الراجل العره بعد ما عملت تمكين من الشقه وخدتها عشان انا حاضنه ومعايا عيل منه، مش ضربني قدامكم وقال عليا مش ست اديني بعرفكم اللي فيها هو اللي مش راجل عشان كده كل واحده بيتجوزها يطلع ضعف رجولته عليها وخيبته 

واديني كمان هسجينك يا عره الرجاله عشان تعرف تضربني كويس اتفو عليكوا عيله واطيه.


نظرت نعمه الى الشرطه التي تجذب ابنها رغم عنه بكل قسوة وهو يترجاهم يتركوه مثل الطفل الصغير ويبكي حرفيا بخوف، لذلك صاحت امه بقهر وغل 


= حسبي الله ونعم الوكيل فيكي وفي اهلك يا شيخه انتٍ إيه جبروت؟ خدتي الشقه وشقي و تعب الواد وما كفكيش كمان ورحتي بلغتي عنه وعملتلي محضر في القسم.. منك لله على الفضايح دي عاجبك منظره والحكومه داخله تاخده مننا وسط اهله كده انتٍ ايه ما عندكيش رحمه ولا انسانيه.


في تلك الأثناء، كانت أمينة تتابع الموقف بهدوء وشماته لكنها لم تستطع السيطرة على نفسها فعادت إلى تصرفاتها القديمة عندما أخذت بعض المشابك من فوق الحبل و أسقطتها تجاههم لتلفت انتباههم، وبالفعل نجحت في جذب انتباه الأم والابن! أسرعت حينها وأشارت أمينة بيديها كوداع استفزازي ونظرت إليهم بنظرة نارية مع ابتسامة سعيدة، مما زاد من غضب الاثنين.


وعندما نظرت جانبًا بلا اهتمام، تفاجأت برؤية مصطفى في الأسفل يتابع الموقف باستنكار، وسرعان ما رفع يده نحوها ليشير مثلها مبتسمًا باستخفاف عقدت حاجبيها بدهشة وهمست بقلق 


=ده ايه اللي جابه؟ وعرف مكاني ازاي؟ 


وفي تلك اللحظة من الخلف جاءت زاهيه وهي تتساءل بقلق وفضول 


= هو ايه الصوت اللي في البلكونه ده يا بنتي ومالك واقفه كده ليه؟ 


❈-❈-❈


أغلق مصطفى باب سيارته بينما صعد الدرج، وقبل أن يطرق الباب وجد أمينة تفتح له و تستقبله بوجه متورد وقبل أن يتحدث، أسرعت للخروج من منزل جدتها وأغلقت الباب بإحكام، دون أن تشعر جدتها فكانت مشغولة بمشاهدة ما يحدث لعائلة جمال..


جذبت أمينة زوجها بسرعة إلى السطح وهو لا يفهم ما بها وعندما صعدت بدأت تتحدث بتوجس


= تعالي بسرعه مش عايزه تيته تشوفك، تعالى فوق على السطوح! وبعدين هو انت عرفت منين مكاني 


ليقول مصطفي بهدوء وهو يحاول السيطره على غضبه


=بالراحه في ايه مالك سحباني كده ليه؟ هو احنا ماشيين مع بعض انا لسه جوزك على فكره فيها ايه لما حد يشوفني؟ وبعدين مين الست اللي تحت دي وكانت الحكومه بتاخد ابنها و انتٍ فرحانه فيها أوي كده عملت لك ايه 


تركت يده بحرج هامسه بصوت مرتجف


= دول يبقوا نسايب اختي اللي ماتت بسببهم ما تشغلش نفسك بيهم، اهو ذنب ناس بتخلصوا ناس تانيه، عرفت مكاني منين وجي ورايا ليه يا مصطفى؟ تيته لو شافتك انا عارفه هترجع لعادات زمان وهتجبرك تبقى معايا وهتجبرني انا كمان على الوضع ده فبلاش تعمل حاجه انت مش عاوزها.


هز رأسه بتفهم ثم تجاهل ذلك الأمر الآن وعاد يسألها بصوت ذات معني


=طب وانتٍ مش عاوزه برده! يعني لو جبرتك هترفضي ترجعيلي؟ 


صمتت لحظة تشرد بالماضي دون تفكير بالان 

لترد بسخرية مريرة و قد امتلئت عينيها بالدموع من جديد


= طول عمري ضد افكارها والتقاليد المتمسكه بيها لكن في اللحظه دي هتمنى فعلا انها تعملها وتجبرني ارجعلك، انا لحد دلوقتي مش مصدقه ان انت فعلا هتطلقني يا مصطفى وخلاص زهقت مني 


اشرق وجه مصطفي بابتسامه مشرقه لكنها شهقت عندما انتبهت الى كلماتها التي سببت لها وله هذه الصدمه لتقول بسرعه بارتباك وحرج 


=آآ أنا ما اعرفش قلت كده ازاي ما تركزش في كلامي اهو كلام اتقال كده في لحظه غضب وخلاص. 


رماها مصطفي بتلك النظرة الخاصة وقال لها


= لا انتٍ عارفه الكلام ده اتقال ليه؟ عشان طلع من قلبك وهي دي الحقيقه اللي مصممه تخفيها وتمشي في طريق غلط.. 


قفزت الكلمات من جوفها بسرعة بندم بعد أن ظهر بكائها الحاد أمامه وتلقيها بأنفاس متقطعة كأنها حمم تحرقها 


=ونفترض انها الحقيقه هتفيد بايه ما انت خلاص قررت هتسيبني وطلعت كل اللي في قلبك وقد ايه بتكرهني وما عدتش طايقني، حتى لما فكرت اروحلك تاني قلتلي مش هعمل حاجه تاني على حساب كرامتي ومش عاوزك 

وانا مش بلومك انت صح اتحملت كتير ومش مضطر كمان تكمل على الوضع ده! وعلى ايه اصلا هتفضل تدي واللي قدامك عمره ما افكر يبدلك 


احتقن وجهه ونفرت عروقه كأعمدة بركانية تتدفق حممه سُخطًا ليهتف


= لو هي دي مشكلتك الكلام اللي انا قلته! فكان لازم اقوله عشان ما افضلش شايله في قلبي وعشان تفوقي كمان كان لازم اكون قاسي معاكي بس مش هنكر برده ان ده كان فعلا غضب جوايا وعمال اضغط على نفسي من ساعه ما اتجوزتك بسبب حاجات كتير ضدي مبادئ ومش عجباني وما ينفعش اسكت عليها لو انا راجل فعلا.. يا امينه انا لو سكت علي الوضع ده كان لازم تقلقي مني 


ازالت الدموع العالقه بوجهها هامسه بضعف


= تعرف ان اميره الله يرحمها كانت سايبه لي رساله وداع قبل ما تموت على تليفوني بس هو اتكسر مني وانا ما شفتهاش الا متاخر لما كنت بصلحه، واتفاجئت انها لسه موجوده وانا سمعتها كانت بتودعني وبتطلب مني اسامحها واكثر طلب اثر فيا قالتلي ما تتغيريش عشان انتٍ كنتي صح من البدايه بس انا للاسف كنت اتغيرت.. يا ريتني كنت شفتها من زمان كانت حاجات كتير هتتغير 


تفهم الآن سبب حالتها المؤلمة تلك ولما جاءت له العمل تترجاه باحتياج وضعف،رفرف بعينيه ثم قال مستنكرا بعتاب رقيق


= انتٍ لسه اهو موجوده تقدري ترجعي زي زمان! وتنسي العالم المقرف ده اللي غصبتي نفسك تدخليه يا امينه انتٍ لو كده ما كانش اي كلمتين بقولهم ولا سمعتيهم من اختك قبل ما تموت أثروا فيكي مش كده؟ انتٍ لسه جواكي حد كويس وتقدري 


أبدت ابتسامة ناعمة على شفتيها رغم التعب ثم استرسلت والدموع تتجمع بعينيها وصدرها يئن ألما فتشعر انها لا تستحق كل ذلك الحب


=مصطفى هو انت ازاي كده؟ حبك للدرجه دي مخليك تتغاضى اي حاجه غلط فيا وتفضل متمسك ولا انت اللي كده وشخص كويس اصلا انا عمري ما شفت حد زيك ولا هشوف.. ولو في حاجه هندم وازعل عليها في التجربه دي هو اني خسرت حد زيك والله بتمنيلك من قلبي فعلا تلاقي اللي يقدرك وما يعذبكش زي ما انا عذبتك وانا اسفه على كل حاجه عملتها معاك سامحني .


هدر بحزم بها وقد ضاق عقله وقلبه من جفاءها السابق 


= لو عاوزاني اسامحك فعلا اثبتيلي انك هتتغيري، ابعدي عن الناس دول وبطلي تعملي العمايل دي.. وانتٍ فاهماني كويس صح.. انتٍ للاسف مفهوم الحريه عندك كان غلط يعني أنا مفهومي عن الحريه كشاب ان اعمل الشيئ اللي أشوفه في مصلحتي واحدد اللي مناسب لمستقبلي دون الوقوع تحت ضغط أي حد طالما الشئ ده مش غلط.. الحريه هى الكرامه اعمل الشئ إللي يعجبنى وارتاح، الا بشرط يكون فيه ضرر للاخرين بل لازم يكون فيه منفعة لمعظم الناس وان اامن فى مسكنى واامن على نفسى و مع الناس اللي هكمل معاهم طريقي .


عضّت شفتها ثم أطرقت رأسها هاتفه بذنب


= انا قبل ما اجي مسحت نمر اصحابي دول فعلا وعزه كانت صديقه الى حد ما قريبه مني عشان كده فهمتها ان انا هسافر وعاوزه ابعد عن الكل، بس برده هقطع علاقتي بيها عشان مش طايقه افتكر المرحله دي وان انا كنت ازاي بعمل كده وعمري ما حكمت عقلي؟ على فكره انا كنت عاوزه اتحجب من قبل ما اجي من تاني بس خفت! خفت الموضوع يجي في لحظه اندفاعيه وارجع اقلعه تاني هزعل من نفسي أوي ساعتها عشان كده فكرت بيني وبين نفسي اهدى شويه واخد خطوه خطوه بهدوء عشان اقدر اتمسك بيها طول حياتي فاهمني .


أومأ مصطفي بوجهه بامتعاض وقال باستياء


=فهمك وانتٍ عملتي الصح ومع الوقت والايام هيبان ان فعلا التغيير ده نابع منك ولا لحظه دفاعيه وهتروح لحالها و هترجعي تاني.. بس انتٍ وسط كل ده نسيتي اهم تغيير اللي في بطنك لسه برده مصممه تنزليه 


هزت رأسها ومر طيف حزن في عينيها ثم قالت بعد دقائق بتنهيدة شكوى رقيقة معاتبة


= انتٍ ما فهمتنيش على فكره ولو فعلا شفت الرسائل اللي بيني وبين عزه كنت هتفهم انها هي اللي اقترحت موضوع انزله وانا حتى ما ردتش عليها بشكل مباشر وقلت لها ايوه هعمل كده؟ 


أمسك بيدها بحده وتذمّر لها مصطفي مبررا بدفاعية


=ما هو عدم ردك برده بانك مش هتنزلي خالص يقلق ويبين انك موافقه .


تطلعت إليه وسرعان ما كسا ملامحها عبوس شديد وحاولت أن تفلت يدها منه وهي تقول بوجل و رفض واضح


= مش موافقه ولا زفت انا خفت! خايفه اجيب بنت وما اقدرش احميها من المجتمع ده ولا العادات ولا التقاليد هم مش هيتغيروا مهما عملت على رايك وانا لما رجعت اللي كنت بعمله ما كنتش بنتقم الا من نفسي فعلا و عملت زيهم من غير ما اخد بالي يعني هم اللي جذبوني ليهم مش انا اللي جذبتهم للصح ليا.. هقدر اقنعها بقناعاتي بتاعه زمان وان محدش يدوسلها على طرف وما ينفعش تسكت عن الاهانه خصوصا لو جت من جوزها و لازم ترفض وضع زي ده لو اتحطت فيه وتقول لا؟ ولا تفتكر على راي تيته لما كانت بتقولي لما تخلفي هتعملي زيي وهخاف من كلام الناس لما تبقى مطلقه 


حافظ على تواصله البصري بعينيها ووجهها بعبارات ترفع من عزيمتها وتحثّها على التقدم أكثر


= أمينة خوفك من حاجه غلط تعمليها ده في حد ذاته كويس انك هتفضلي طول الوقت بتحذري وتفكري في الوضع ده ومش هتعمليه، وان شاء الله مش هيحصل لولادنا حاجه وحشه.. وبعدين بدل ما احنا عمالين نفكر فاللي ممكن يحصل واحتمال كبير يحصل الصالح ليهم ونكون ليهم احسن اب وام ليه ما نجربش ونشوف بنفسنا لما نخوض الوضع هتفرق غير لما احنا نحكم عليه واحنا لسه ما اخذناش التجربه كلها 


ارتبكت أمينة من سؤاله المباغت قائلة بحيرة 


= ممكن صح! بس شايفك عمال تقول ولادنا قصدك يعني ممكن اكون حامل في توأم بس لا ما اعتقدش؟ ولا في حاجه بتلمح عليها تانيه 


نظر إليها بحب متدفق وابتسامته ثابتة لا تتزحزح ليقول بنبرة ذات معني


=طب وليه استنى اخمن أني ممكن اجيب توأم ما احنا اكيد لما نكمل حياتنا مع بعض هنخلف ولاد تاني مش كده؟ 


بث قلبها بفرحة فى صدرها تبتسم ببلاهة وعينيها تلتمع بعد كلماته تلك وقد اراد بها ان يوضح لها سبب رفضه و غضبه منها حتى لا يقفز الى عقلها الى شيء اخر كعادتها معه، لتقول بعدم تصديق 


= انت بجد هترجعلي مش هتسيبني؟ انا مش عارفه اقولها ازاي بس انا محتاجه لك ومش عاوزه اكمل التجربه دي لوحدي كلها أن أرجع زي زمان ولا أجيب طفل على الدنيا دي و أنا ثائرة منهم 


انزلقت شفتاه عن ابتسامة جانبية وهو يرد بثبات


= هو مين قال لك ان هسيبك اولاني انتٍ ما ركزتيش في كلامي من الاول قلت لك كان لازم اضغط عليكي وابقى قاسي عشان تفوقي واضطريت اكمل لما جيتيلي المكتب وعشان تعرفي ان مش متاح في اي وقت ما يعجبك ولا انا فعلا ممكن في مره ابعد واسيبك لو فضلتي كده، وبما اني وصلت للي انا عاوزه والرساله اللي سبتها لك اختك كمان اثرت فيكي وقلتي بنفسك هتتغيري يبقى ليه اسيبك.. هو انتٍ ليه لحد دلوقتي مش مصدقه ان انا فعلا بحبك ومش قادر ابعد عنك 


لاحت ابتسامتها مرة أخرى على ثغرها على استحياء بروح مفعمه بمشاعر نقيه، ثم هتفت ببحة المشاعر المتدافعة نحوه غصبًا عن تفكيرها المتمنع


= مصطفى انت احلى حاجه حصلتلي في حياتي انا اسفه على كل اللي كنت بعمله زمان معاك وتعاملي الوحش! ما تبعدش عني و تسيبني فعلا مهما عملت حاول معايا زي كده وسيطر على عنادي بس ما تسيبنيش 


شعر بصحة قراره بعد ان التفت ذراعيها حول عنقه بسعادة طاغية تحتضنه بقوة جعلته يبتسم بحنان يضمها اليه هو الاخر بقوة وهو يهمس لها


= لو كنت اقدر اسيبك كنت عملتها من زمان افهمي بقى! وبعدين انا سبق وقلت لك ان قوتك وعنادك كان احلى حاجه عاجبني فيكي من زمان.. خصوصا لما تستخدميهم في الحق 


أخفضت رأسها بخجل وسعادة وهي تقول بصراحة مذهله 


= انا عمري في حياتي ما تخيلت ان انا ممكن انجذب لراجل بالطريقه دي واطلب منه كمان ما يسيبنيش! وشكلي كمان هحبه، بس الاكيد ان انا محتاجه له ومش هقدر اخبي اكتر من كده مشاعري اللي بدأت تظهر ناحيته .


ابعدها عنه يضع جبهته فوق جبهتها وانامله تزيح دموعها ويختفى من عينيه اى اثر لظلامها السابق لتشرق بالعشق لها قائلا بصوت اجش 


= انا كمان خدت القرار ومش هخبي مشاعري تاني ناحيتك، انا بحبك أوي يا أمينة فانتٍ كمان ما تسيبنيش مهما حصل! وحاولي عشان خاطر تتنزلي عن جزء كده بسيط في عنادك


طفح التأثر منها فانبجس الحب من مقلتيها بينما تنطق متحشرجةً


=انت لسه من شويه مش بتقول احلى حاجه بتحبها فيا قوتي وعنادي؟ يبقى عاوز اتنازل عنهم ليه؟ انتٍ خدتني كده يبقى لازم تقبلني كده بكل اخطائي 


رفع هو كف يده التي كانت تحيطها يميل رأسها إليه، طابعًا قبلة مطولة أعلى جبينها بيأس ثم أدار كفها بين يديه يلثمه بباطنه وهو يتحدث بصوت ماكر 


=ما فيش فايده فيكي، الظاهر شخصيه امينه بتاع زمان لازم تاثر فيكي وتسيب جزء بسيط مش كده.. وانا اللي هيطلع عيني فيه.. 


ابتسمت له ابتسامة بامتنان وهو تردف بنبرة هادئة


=انت اللي عودتني على كده لازم تحتويني! بس ما تخافش الجزء اللي هيفضل من امينه بتاعه زمان.. هي الجزئيه اللي خلتني ارضخ لحبك وقبولي انك تكون في حياتي، يعني هتكون لمصلحتك فما تقلقش 


مصطفى وهو يرفع وجهها إليه واضعًا سبابته أسفل ذقنها و إبهامه يداعب شفتيها برقة 


=لا اذا كان كان كده يبقى فلازم احتويكي فعلا في حضني و بذمه! 


لم يجد طيف من مقاومتها عندما اختطف كلماتها القادمه وهو ينحنى عليها يقبلها بكل شوق ولهفة يسرق معها لحظات من العمر الذي سبق بالماضي لكنه سيظل يتغنى له قلبه عمره بأكمله حتى نفذت منهم الانفاس فيبتعد عنها بصعوبة بأنفاس متلاحقة سريعة لم تكن انفاسها بأبطأ منها وقبل أن يتحدث أحد 

انحنى عليها مجدداً يحتضن شفتيها بشفتيه يقبلها بتمهل شديد وهي كانت بين ذراعيه شفتيها ترتعش تحت شفتيه ولكن بأستجابة و ذلك جعله سعيد جدآ حتي فاقوا الاثنين علي صوت زاهية الصادم خلفهم جعله ليبتعد عنها فوراً ويتطلع اليها بذهول قلق 


= هو في ايه؟ و اللي بيحصل هنا بالظبط مش انت مصطفى برده اللي كنت بتيجي هنا تطمن عليا وساعات وبتسال على امينه.. ومش ده برده يا امينه اللي قلتلي عليه في بينكم مشاكل وهتطلقوا اطلع الاقيكم بالشكل ده طب اتلموا مش قدام الطيور يا مفضوحين طالما عاوزين تتصالحوا مش ليكم بيت يلمكم.. 


شهقت كلا من أمينة و مصطفى فلقد أخذهما الحديث والاقتراب ولم تنتبها لوجودها خلفهما، لتفكر مهلا فلقد رأيتهم بذلك الشكل ألم يكفيها ما حدث وأنها كانت تبادله ليزيدها الموقف حرجًا وخجلًا؟!


توهج وجه أمينة مرة أخرى واعتلت الحمرة وجنتيها، واسرع مصطفي يهتف مبتسماً بحرج شديد 


=ازيك يا حجه زاهيه، معلش احنا اسفين وهنمشي دلوقتي 


كانت سعيدة جداً بداخلها بأنها تصالحوا لكن مع ذلك رسمت مصطنعة الجمود وهي تردد بحذر


=تعالوا الاول كلوا لقمه وبعد كده نشوف موالكم هتطلقوا ولا هتفضلوا تحبوا ببعض كده.. انا نازله وبلاش فضايح لاحسن حد من الجيران يشوفكم هم لسه ما يعرفوش انكم متجوزين كفايه ان انا شفتكم ويلا قدامي.


هزت أمينة رأسها بالايجاب وهي مازالت تخفض بصرها بخجل، من اندفاع مشاعرها المخزية واستجابتها الطائشة وعندما رحلت اقترب مصطفى وأخذت يده تصلح ما أفسدته بخصلاتها منذ قليل حتى هدأت نوبة جنونهما، ثم رفع كف يدها يلثم إياه كأنه يصل إليها لقد سقط في بحور هواها مجبر ومخير بنفس الوقت، عندما التقطها قلبه راغبا و بِلوعة شاكي.!. 


❈-❈-❈


بعد مرور تسعة أشهر، تغيرت الأوضاع كثيرًا، وبدأت أمينة تعود إلى طبيعتها السابقة بالفعل. فقد حدثت تغييرات كثيرة وتحسنت الأمور، فلم تعد متمسكة بموقفها السابق. على سبيل المثال، يجب أن تطيع زوجها طالما أنه يأمرها بلطف وليس بأشياء سيئة، خاصة إذا كان شخصًا جيدًا ومعاونًا وذو أخلاق طيبة مثل مصطفى لقد أدركت قيمته في حياتها وحبه الحقيقي، لذا تغيرت من أجله ومن أجل نفسها ومن أجل طفلتها القادمة.


وفي سبوع ولادة طفلتها، التي سمتها أميرة تيمناً بأعز الناس عليها، دخل مصطفى ليأخذ زوجته إلى الخارج، حيث كان الجميع في انتظارها ليكونوا معًا ليردف بسرعة 


= أمينه يلا عشان الناس كلها تحت في السبوع ومستنينكٍ انتٍ و اميره الصغيره عشـ..


صمت فجاه ونبض قلبه وانتعشت نفسه عندما وجدها ترتدي الحجاب من جديد اقترب بذهول يمسكها بيده مما جعلها مبتسمة تناظر عينيه الصاخبة بحب فاضح، ثم تُشددت على يده باعتيادية سلسة لتشعر بدعمه وهي تسأله مبتسمة باتساع 


= ايه رايك شكلي حلو! عجبك حتى مش مبينه الشعرايتين اللي كانوا مضايقينك زمان.. بس انا عملت كده عشان انا مقتنعه بيه 

مش عشان اخلص من كلامهم .


رمش عينه غير مصدق بانها أخيرا ارتدته من جديده وبالطريقة الصحيحه، ترك مصطفي لعينيّه حرية النظر بشغف وحبه عليها وهو يضحك بعذوبة متحدثاً قبل أن يضمها بحنو إليه 


= ده بجد اتحجبتي خلاص انا كنت خايف لا تكوني نسيتي؟ خصوصا انك الفتره اللي فاتت ما كنتيش بتتكلمي خالص عن الموضوع تاني و كان لما حد بيفتحه معاكي كنتي ما بترديش بس انا كان نفسي تعمليها أوي 


لمعت عينا أمينة بلهفة ونظرات الحب تتلألأ بعينيها وهي تردد بصوتٍ مفعم بالحماس


= ما كنتش عاوزه حد ياثر عليا سواء بالسلبي ولا بالايجابي عاوزه القرار يطلع مني انا من نفسي! مش عشان ارضي حد ولا عشان اخلص من كلام الناس عشان بعد كده ما اقلعوش تاني.. والتزم بي على الطريقه الصحيحه، يا ريتهم يفهموا كده النصيحه ليها اسلوبها الخاص! ومجرد كلمه مش غصب حتى لو بعمل حاجه غلط وهم بينصحوني بالالتزام.. لازم برده اعمله وانا مقتنعه بيه عشان استمر عليه .


أرخي مصطفي أجفانه ويده عنها وهو بجيبها بصوتٍ أجش متوتراً من سعادته الكبيرة لها


=عارف.. عارف والله كل ده عشان كده ما حاولتش افتح معاكي الموضوع زيهم بس و الله كنت بدعيلك بس غصب عني زعلت لما فكرتك خلاص استغنيتي عن الموضوع ده رغم انك اتغيرتي عن زمان في حاجات كثير الا ده.. بس انتٍ فاجئتينا كلنا مبروك.. انا فرحتي النهارده فرحتين بالمولوده الجديده اميره بنتنا واول فرحتنا وبيكي.


ابتسمت على كلامه والفرح يشع من عينيها.. وكانت تستطيع أن ترى بعينيه المحدقتين بها شعوره بالفخر لما فعلته، والاعتزاز بها فما فعلته بالنسبة إليه فخر حقا وانتصار علي الأخطاء.. بالإضافة إلى أنه لطالما دعمها على تحقيق أهدافها الشخصية والمهنية كما منحها حريّة التصرف والوثوق بقراراتها والاعتماد عليها، فأجابت أمينة وعينيها تقطر قلوبًا


= وانا فرحتي بيك بكل خطوه بتدعمني فيها ما تتوصفش.. بحبك أوي يا مصطفى 


أخذ يناظرها بهيام وأعجاب وهي عادت لخجلها مرة أخرى ثم مد يده هاتفا بحب


= هاتي ايدك يلا عشان نطلع للناس.. عشان نكمل باقي الطريق مع بعض بعد ما بقينا ثلاثه!


ناظرته بأعين يلمع بها الحب والعشق والتقدير لاحتوائه لها طوال الوقت، فلقد كانت بحاجة لتلك الكلمات ليطمئنها وذلك الرجل جانبها يشعر بأن ما حدث كان أمر صعب عليها و متفاهم إلي ابعد حدود، حتي أن أخبرته بأنها كانت تسعي لفعل ذلك للانتقام، فهي لم تكن تنتقم الا من نفسها فقط واذا اكملت كانت ستكون اكبر خاسره حقا... و لولا دعمه بالأخير قد هون عليها سخطها على نفسها من تلك الإستجابة للخطأ و مشاعرها الغادرة نحوه وكان ذلك الجزء الناجح.


❈-❈-❈


في الخارج، نظرت أمينة إلى الأجواء من حولها بطيب خاطر وسعادة حقيقية، والتفتت نحو زوجها بحب وهو مشغول مع الأصدقاء والأقارب، ثم عادت لتنظر إلى جدتها التي كانت تحمل أميرة الصغيرة وزينة بجانبها لقد تغيرت حقًا عما كانت عليه سابقًا، وأخذت وعدًا على نفسها أنها ستعيد بناء ما لم تزرعه في أحفادها القدماء مع أحفادها الجدد.. 


وستعيد تربيتهم ليس على طريقة الزمن القديم أو الجديد، بل على الطريقة الصحيحة والحق! والاعتراف بمتطلبات الفتاة، مهما كانت، من تعليم وحقوق ورغبات في الزواج، وغيرها من الأمور المهمة.


لاحظت أمينه وجود شخص تعرفه لتسال جدتها بعبوس مستنكراً 


= تيته هي مش الست اللي واقفه هناك دي كانت جارتنا وتقريبا كان ليها بنت اسمها ملك وكانت دايما بتشتكي من خطيبها انه بيعملها وحش ومره مد ايده عليها وكانت امها وانتٍ دايما تقوليلها كملي زي ما كنتم بتعملوه مع اميره؟ هو اتغير معاها ولا حاجه اصل شايفاها مبسوطه وعماله ترقص هي ووالدتها.


غمغمت زاهية مُتنهدة بخفوت وبنبرة نادمه 


= انتٍ لسه فاكراها ايوه هي! وخطيبها ما تغيرش ولا حاجه بس امها خافت من اللي حصل لاميره لا تكون زيها في يوم وهي اللي خلتها تسيبه ولاول مره تكون في صفها مش ضدها.. يعني تقريباً صحيت بدري وعملت اللي المفروض اعمله من زمان بس مش متاخر ولا بعد فوات الاوان زيي.. أميره زي ما موتها كسرنا لكن جي بفايد لغيرنا يا امينه ربنا يغفر لها ويسامحها .


التفتت زاهية برأسها لتقبل الفتاتين، وكأن الله يمنحها فرصة ثانية لتكون المسؤولة وتكفر عن ذنبها السابق، لكن هذه المرة كانت مختلفة حقًا لأنها تعلمت الدرس حتى وإن كانت قد خسرت الكثير! 


أما أمنية، فقد امتلأ قلبها بالحنين لتلك الذكريات مع توأمها وامتلأت عيناها بالشجن وهي تفكر في فقدان أميرة، الذي كان خسارة كبيرة لها، لكنه كان أيضًا مكسبًا للآخرين، لذلك لم تنسها طوال حياتها ولن تنسى تلك التجربة أبدًا. فتنهّدت وهي تردد بصوتٍ مبحوح مليء بالاشتياق 


= عمري ما هنساكي يا اميره انتٍ كنتي بالنسبه لي نصفي التاني! وهفضل ادعي ذي تيته ربنا يسامحك ويغفرلك عشان نتقابل في الآخره...


نظرت إلى الأمام وحاولت أن تتأقلم مجددًا مع الأجواء، فالحياة تسير رغم الأحزان والآلام و الأهم هو تجاوز الصعوبات وعدم البقاء في مكان واحد نبكي فيه على الأطلال طوال العمر! رغم كل الفوضى التي واجهتها في حياتها، إلا أنها حققت ما تريده، ولم تسمح لنفسها أن تكون ضحية مثل شقيقتها أو أن تتقيد بقيود المجتمع الخاطئة لذا، بعد أن كانت ثائرة على المجتمع، أصبحت ملكة في حياة رجل حقيقي ومهما كانت الظروف، ستربي طفلتها على مبدأ واحد فقط: ألا تتبع العادات والتقاليد التي وضعها أشخاص، بعضهم موجود والبعض الآخر رحل عن الحياة ولا يعرفون شيئًا عن الدين، بل تتبع عادات ربها فقط، الذي دائمًا بجانبنا ويدعو للمغفرة والتسامح مهما كانت الأخطاء الشائعة.


الـنـهـايــــة

ولنا لقاء قريب مع الحكاية التالية


بداية الروايه من هنا


🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹

ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇

من غير ماتدورو ولاتحتارو جبتلكم أحدث الروايات حملوا تطبيق النجم المتوهج للروايات الكامله والحصريه مجاناً من هنا


وكمان اروع الروايات هنا 👇

روايات كامله وحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

تعليقات