ذئاب لاتعرف الحب الفصل الاول والتاني والثالث



 ذئاب لا تعرف الحب 

الفصل الاول والتاني والثالث

بداخل مقهى شعبي في أحد الأحياء البعيدة بداخل القاهرة القديمة ، أمسك شاب ما – ملامحه تشير إلى فقره وغلبه - بكوب زجاجي ، ثم أخــذ يرتشف منه ذاك المشروب الساخن الذي يمتليء به .. وما إن انتهى حتى أسنده على الطاولة الخشبية الصغيرة التي يتسند عليها بمرفقه ..

أخذ ذاك الشاب يراقب المارة بأعين غير مكترثة ، إلى أن لفت إنتباهه تلك السيدة العجوز - ذات الملابس الرثة ، والشعـــر الأشعث – وهي تنوح وتندب حظها ، فضيق عينيه ليرى ما الذي تفعله و...

-تهاني بنبرة باكية ، ونظرات زائغة : خدني لحم ، ورماني عضم .. خد اللي ورايا ، واللي قدامي .. رماني بعد ما سرقني ، منه له ، منه له


ثم أخذت تهاني تضرب صدرها ، وتلطم على وجهها بطريقة هيسترية ، والناس من حولها يتعجبون لحالها ..


أشفق ذلك الشاب على تلك العجوز ، ونهض عن مقعده الخشبي – شبه المتهالك – ثم توجه ناحيتها بخطوات راكضة ، ووقف إلى جوارها و...

-منسي بنبرة منزعجة : ست تهاني ، يا حاجة تهاني ، يامه


حدجته هي بنظرات ساخطة قبل أن تستدير برأسها لتبدأ العويل مجدداً ، فلوى فمه في ضيق ، ثم وضع كف يده على كتفها و...

-منسي بنبرة ضائقة : يا ست تهاني مايصحش اللي بتعمليه ده ، الشارع كل يوم بيتفرج عليكي ، تعالي معايا أما أرجعك عند أهلك

-تهاني بنبرة متشنجة ، ونظرات ضائعة : ضحك عليا ، خد فلوسي كلها ، رماني في الشارع ...!!

-منسي وهو يلوي فمه في امتعاض : لا حول ولا قوة إلا بالله .. معلش يا ست تهاني ، الله يعوض عليكي .. تعالي معايا


ثم أمســــك بها من ذراعها ، وقـــام بسحبها – على مهل – خلفه ، وســــار بها في اتجاه منزلها الكائن بأخــــر الطريق ..


.................................................


في مشفى الجِندي الخاص ،،،


أمسك الطبيب بالمشرط ، وقـــام بشق طولي في جسد المريض المسجى أمامه لتبدأ عملية الجراحة العاجلة لأحــد رجـــال الأعمال الهامين في البلد ..

وقف الطاقم الطبي إلى جوار ذلك الطبيب ذو الملامح الصارمة وهم على أهبة الإستعداد لتلقي الأوامر وتنفيذها ..

-مهاب متسائلاً بنبرة حــــادة ، وهو يلوح بيده : معدل النبض ؟

-طبيب ما يقف خلفه بجدية : منتظم يا د. مهاب


أومــىء الطبيب مهاب برأسه إيماءة خفيفة ، ثم أشـــار لباقي الطاقم بعينيه لكي يباشروا عملهم معه ..


.................................


توقف الشاب منسي أمام بناية شبه متهالكة ومعه تلك العجوز ، ثم رفع رأسه عالياً لينظر إلى الشرفات التي تبرز من جانب المبنى لعله يلمح أي فــرد من عائلتها ، ولكنه لم يرى سوى بعض الملابس المغسولة حديثاً و التي تتدلى من حِبال الغسيل القديمة ..

تنهد منسي في عدم ارتياح ، ثم أطرق رأسه للأسفل ، وظل ممسكاً بالعجوز تهاني ، وأجبرها على السير معه إلى داخل البناية ..

كانت خطواتها متثاقلة ، وبطيئة .. ولم تكف أبداً عن الأنين والشكوى .. ولأنه يعلم بأنها ليست طبيعية فلم يعقب على ما تقوله ، وأثــر الصمت ، وسحبها ناحية الدرج الخشبي ، وأسند كف يدها المجعد والخشن على الدرابزون لتمسك به ، ثم سبقها هو بخطوة ليتأكد من أنها لن تسقط من عليه ...


بعد عنــــاء توقف منسي أمام باب منزل مكون من دلفتين خشبيتين ، ومزود بنافذتين صغيرتين خلف قضبان حديدية – أو ما يُطلق عليه ( شُرّاع ) – ثم بحث عن الجرس ليقرعه ، وانتظر أن يأتيه الرد من الداخل ، ويفتح أحد ما له الباب ..


سمع منسي صوت فتاة عذب يأتي من الداخل ، فابتسم في نفسه لأنه سيريح ضميره ويسلم تلك السيدة لقاطني هذا المنزل ..

لحظات مرت كالدهــر عليه حتى سمع صوت صرير الباب وهو يُفتح ليجد تلك الفتاة ذات التسع عشر ربيعاً وهي تقف أمامه بقميصها القطني الواسع الذي لا يظهر سوى جزء من عنقها الأبيض ، ووجهها ذو البشرة البضّة .. فرفع عينيه للأعلى ليحدق ببعض خصلات شعرها المبعثرة على جبينها ، أما الباقي فمختبيء خلف حجاب صغير ..


اتسعت عيني الفتاة في ذهـــــول حينما رأت خالتها تقف خلف هذا الشاب ، وحالتها تدعو للإشفاق ، فلطمت على صدرها ، و...

-تقى بنبرة مذعورة : خالتي تهاني ! يالهوي ؟ انتي .. انتي نزلتي ازاي ؟؟

-منسي بخشونة : لامؤاخذة يا ست البنات ، أنا لاقيتها ماشية مع نفسها كده ، وعمالة تخطرف بالكلام ، وزي ما انتي عارفة العيال ولاد الهرمة اللي في الشارع عمالين آآ...


أمسكت تقى بخالتها ، وأدخلتها إلى داخل المنزل و...

-تقى مقاطعة بذعر : حد عملها حاجة ؟ يا نصيبتي لو أمي عرفت ، كتر خيرك يا سي منسي ، مانجيلكش في حاجة وحشة

-منسى وهو يتنحنح بنبرة رجولية : احم .. أنا معملتش حاجة يا ست تقى ، وأنا تحت أمرك في أيُتها خدمة

-تقى بنبرة ممتنة : تُشكر على ذوقك ، لا مؤاخذة أنا مضطرية أقفل

-منسي بجدية وهو محدق بها : خدي راحتك ، اتفضلي ..!


أغلقت هي الباب بهدوء أمام وجهه ، فظل هو محدقاً بأثر طيفها الذي عَلِق برأسه ، وتنهد بحرارة و...

-منسي بخفوت : آآآخ ، لو مكنش الحال معايا واقف ، كنت جيت وخطبتك يا بت عم عوض


ثم تحسس منسي صدره بكف يده ، وســـار في اتجاه الدرج بالرغم من أن رأسه مازال مستديراً في اتجاه ذلك الباب ...


...............................


بداخل منزل تقى عوض الله ،،،


وضعت تقى يدها على ظهر خالتها ، وربتت عليه في حنو بالغ ، ثم اصطحبتها إلى أريكتها الموضوعة بداخل غرفتها الصغيرة ، ثم أجلستها عليها وجثت على ركبتيها أمامها ، وحدقت فيها بنظرات خائفة و...

-تقى بنبرة مرتعدة : ليه بتقلقيني عليكي يا خالتي ، حرام عليكي والله ، أنا .. أنا قلب وقع في رجليا لما لاقيتك واقفة برا

-تهاني بنظرات ضائعة ، ونبرة حزينة : ضحك عليا ورماني في الشارع .. خد عيالي وسابني ..


ابتلعت تقى غصة في حلقها محاولة أن تقاوم تلك العبرات التي تتسابق للسقوط من مقلتيها ، ثم أسندت رأسها في حجر خالتها و..

-تقى بنبرة راجية وهي مغمضة العينين : عشان خاطري يا خالتي ، انسيه بقى ، ربنا هينتقملك منه ..!


....................


تُقى عوض الله محسن هي فتاة بسيطة للغاية ، وابنة وحيدة لأم وأب مكافحين ؛ فالأم عاملة في مصنع للمنسوجات ، والأب رجل طاعن في السن يقضي معظم وقته في رعاية ونظافة المسجد القريب .. كان لديها أخ صغير ولكنه توفي قبل عدة أعـــوام بمرض القلب ، حيث عجز أبويها عن تدبير مصاريف العملية الجراحية الخاصة به ، ومن وقتها خيّم الحزن على جميع من في المنزل ، وما زاد من بؤس وشقاء تلك العائلة هو قدوم الخالة تهاني للعيش معهم بعد أن طلقها زوجها الطبيب المشهور - والمقيم في السعودية – وسلبها أموالها وأولادها ، وألقى بها في الطريق كحيوان ضال ومشرد ، ومن وقتها وهي تعاني من حالة نفسية سيئة ...

مازالت تقى تدرس في العام الثاني والأخير لها في المعهد الفني الصناعي ( تعليم متوسط ) .. وهي تمتلك عينين زرقاوتين ورثتها عن أبيها ، وبشرة بيضاء ورثتها عن والدتها .. كما ورثت عنهما أيضاً ذلك الفقر المدقع .. جسدها هزيل إلى حــــد ما بسبب قلة الطعام ، ولكنه رغم هذا يعطيها مظهر الرشاقة والنحافة التي تحسدها عليها زميلاتها في المعهد ..

كما ترتدي تقى الحجاب لتغطي شعرها البني الناعم و المائل للسواد ذو الخصلات المموجة والمتمردة في بعض الأحيان .. أهدابها كثيفة ، وجفونها تحوي لمحة حـــزن جلية ..

بحثت تقى عن السعادة في أبسط الأشياء فوجدتها ، ولكنها كانت تخشى أن تظهر فرحتها أمام أبويها حتى لا تثير حفيظتهما ، فهما نوعاً ما متزمتين بشأن ظروف الحياة وقسوتها .. فمبدأهما أن الحياة لا ترحم الفقراء ، ولن يشفق عليهما أي أحد طالما مازالوا قابعين في ذلك البؤس ...


....................

تنهدت تقى في مرارة ، ورفعت عينيها عالياً لتنظر إلى خالتها بآسى ، ثم تشدقت بـ ...

-تقى بنبرة منكسرة : لو كان بإيدي يا خالتي كنت جبتلك حقك منه ، بس أنا ايدي مش طايلة وآآ...

-تهاني مقاطعة ببكاء : اللي راح مابيرجعش ، اللي راح مابيرجعش


ثم نهضت تهاني عن الأريكة القديمة ، وســـارت في اتجاه المرحاض القديم وهي تغمغم بكلمات غير مفهومة ..

تابعتها تقى بنظرات حزينة ، ثم استندت على الأريكة لكي تنهض عن الأرضية و..

-تقى بنبرة آسفة : ربنا يتولاكي يا خالتي ..!!!!!


...........................................


في مشفى الجندي الخــــاص ،،،،


انتهى الطبيب مهاب من إكمـــال العملية الجراحية ، ثم دفع باب غرفة العمليات بكتفه ، وتوجه ناحية المرحاض الرخامي الملحق بالغرفة ، وقام بفتح الصنبور بعد أن نزع القفاز الطبي عن يديه ليغسلهما ..

لحق به طبيب أخــــر ، ووقف خلفه ، ثم ..

-حسن بنبرة إعجاب : ماشاء الله عليك يا د. مهاب ، كل يوم بتثبتلنا إن مافيش حاجة صعبة عليك


اعتدل الطبيب مهاب في وقفته ، ثم حدج حسن بنظرات قوية قبل أن يردف بـ ......

-مهاب بصرامة وهو يشير بإصبعه المبتل : شكراً يا د. حسن ، بس دي أخــر مرة هاسمح لحد انه يغيب عن عملية أنا فيها

-حسن بتلعثم ، ونظرات مرتبكة : آآ.. بس .. بس د. صبحي عيان وآآ...

-مهاب مقاطعاً بحدة : طالما مابلغنيش شخصياً يبقى يستحمل ، أنا مش بهزر هنا ...!!!!!


ثم تركه مهاب – وعلى وجهه عبوس شديد – وانصــرف خارج المرحاض ..

تسمر الطبيب حسن في مكانه ، ولوى فمه في امتعاض و..

-حسن بضيق : واضح كده ان صبحي مش هايكمل معانا


.......................................


في مصنع الرشيدي للمنسوجات ،،،،


انحنت فردوس بجسدها قليلاً للأمـــام لكي تُعّدل من وضعية القماش المسنود على تلك الماكينة ، ثم اعتدلت في وقفتها ، ورفعت يدها على جبينها لتجفف حبات العرق الساخنة ..

تنهدت هي في ارهــاق ، والتفتت حولها لتتابع تلك الثرثرة الروتينية المعتادة بين عاملات المصنع و...

-سعدية بنبرة فضولية : ها وبعدين ؟

-زينات بنبرة متحمسة : بس ياختي قامت الولية أمه مصممة تعمل الدخلة بلدي عشان تتأكد إن كانت البت زي ماهي ولا آآآ... ما انتي فاهمة بقى

-سعدية وهي تمط شفتيها في استنكار : يا جبروتها ، وابنها وافق

-زينات بإمتعاض وهي ترفع أحد حاجبيها : وهو يقدر يعترض ، دي تاكله ، أصلك مش عارفاها


لمحت العاملة سعدية فردوس وهي تتابعهما ، فمالت برأسها للجانب قليلاً و...

-سعدية بنبرة عالية : سمعتي ياختي اللي زينات قالته

-فردوس بضيق : اه ، ومش عاجبني اللي حصل ، دي أعراض ناس


استدارت زينات هي الأخـــرى لتواجه فردوس ، ثم زمت شفتيها قبل أن تتشدق بـ ...

-زينات بتأفف : وهو أنا قولت حاجة من عندي ، ماهو الكل عارف سيرة بنت الـ *** دي

-فردوس بنبرة منزعجة : مالناش دعوة ، احنا ولايا ، وعندنا ولايا ، ربنا يسترها علينا

-زينات وهي تمط شفتيها في عدم اقتناع : طيب .. أما أروح أعملي كوباية شاي لأحسن دماغي هتتفرتك من أم الصداع


ثم انصرفت زينات مبتعدة وهي تتغنج بجسدها الممتليء ، فحدقتها فردوس بنظرات مشمئزة قبل أن تستدير برأسها لتتابع عمل الماكينة ..

وقفت سعدية إلى جوارها ، ثم وضعت كف يدها على كتفها و..

-سعدية بجدية : مردتيش عليا في موضوع الجمعية ؟

-فردوس بنبرة ممتعضة : صعب يا سعدية أخش في أي جمعية الوقتي ، مصاريف البيت قاطمة وسطي ، والبت تقى طلبات المعهد بتاعها مش بتخلص

-سعدية بإصرار : خشي بس وأنا أخليكي تقبضيها الأول ، أهوم قرشين ينفعوكي في الأيام الغبرة اللي احنا فيها

-فردوس بنفاذ صبر : الله يكرمك ما تزنيش على دماغي ، أنا مش ناقصة

-سعدية بنبرة شبه لئيمة وهي تضيق عينيها : يا دوسا صدقيني انتي الكسبانة وربنا ، خدي القرشين وآآ..

-فردوس مقاطعة بحزم : خلاص يا سعدية قفلي الكلام في الموضوع ده ، أنا عاوزة أخلص اللي في أيدي خليني ألحق أخد اذن وأروح

-سعدية وهي تلوي فمها في تأفف: طيب بالراحة عليا ، ده أنا غرضي أفيدك


ثم وضعت يدها بداخل جيب صدرها ، وأخرجت علكة منه ، ثم وضعتها في جوفها وبدأت تمضغها بطريقة مقززة ..


.........................................


في منزل ما بمنطقة المعــــادي ،،،


تململت فتاة ما بظهرها العاري على فراش وثير ، ثم مدت ساقها الطويلة والناعمة من أسفل الغطاء لتكشف عنها بطريقة مثيرة ، وفتحت عينيها تدريجياً ، وتثاءبت بإرهــاق جلي على ملامح وجهها ..

أزاحت تلك الفتاة خصلات شعرها التي تغطي جبينها بأطراف أصابعها ، ثم اعتدلت في نومتها، ولفت ذراعها بحذر خلف ظهرها لتتحسسه وتفركه ، ثم تأوهت قليلاً و..

-فتاة ما بنبرة شبه متآلمة وبخفوت: آآآه .. مش قادرة ، ده طلع مصيبة ، ومش طبيعي


رمشت الفتاة بعينيها في ذعـــر حينما رأته يدلف إلى داخل الغرفة بجسده نصف العاري المشدود - والذي يبرز عضلات صدره وكتفيه القوية - وبوجهه الصــارم ، ثم حدجها بنظرات مهينة من عينيه البنيتين قبل أن يتشدق بـ ...

-أوس بنبرة فظة : قومي البسي يالا

-فتاة ما بنبرة شبه متلعثمة : آآ.. انت .. انت مش .. مش مبسوط مني ؟


ســــار أوس في اتجاهها ، ثم وضع كف يده على رأسه ليمرره في خصلات شعره و...

-أوس بصلابة ، ونظرات قاسية : مالكيش فيه ، انتي قبضتي فلوسك ، وأنا خدت اللي عاوزه منك !

-فتاة ما بتردد : بس أنا حاسة إنك .. انك مش مبسوط ، أنا والله عملت كل اللي قولتلي عليه ، طب عرفني إن كنت قصرت في حاجة ، أنا مستعدة آآ...


أمسكها أوس من ذراعها بقسوة فتوقفت عن الكلام ، ثم ضغط عليه بشدة ، وجذبها عنوة من على الفراش لتسقط الملاءة عنها وكاشفة عن جسدها ، فارتجفت هي أمامه بشدة ، ونظرت إليه برعب جلي و...


-أوس مقاطعاً بصرامة وهو محدق بها : زيك زي اللي قبلك ، مافيش واحدة ملت دماغي ، كلكم عبيد للفلوس

-فتاة ما بنبرة مختنقة : بس ده كان .. كان طلبك وبرضاك ، وأنا آآ...

-أَوس مقاطعاً بنبرة شبه غاضبة وهو يصر على أسنانه : وأنا مش عاوزه كده ، أنا عاوزه يتعمل بالعافية .. وخدي هدومك وغوري من هنا ....!!!!!!


ثم دفعها بقسوة للخلف فسقطت على ظهرها على الفراش ليحدق هو في جسدها العاري والممتليء بكدمات وأثار يده بنظرات شرسة ، ومن ثم أشـــاح بوجهه بعيداً عنها ، وسار ناحية سترته المعلقة على الأريكة ومد يده داخل جيبها ، وأخرج قداحته ليشعل سيجارة كوبية أخذها من علبة معدنية مزخرفة موضوعة على التسريحة ..

نفث هو دخـــان السيجارة في الهواء ، ثم استدار ليرمق تلك الفتاة بنظرات احتقار و...

-أوس بنبرة باردة وهو يشير بعينيه : في فلوس في الدرج اللي هناك ، خديها واتعالجي


شعرت الفتاة بأن لا قيمة لها ، ثم لملمت حالها ، وغطت جسدها بالملاءة ، ومدت يدها وفتحت الدرج وأخذت المــال الموضوع بداخله ، ثم نهضت عن الفراش ودلفت خــارج الغرفة بعد أن أخذت ملابسها الملاقاة على الأرضية الرخامية اللامعة ..


جلس أوس على الأريكة الوثيرة ، ثم أسند ساقه على مسندها ، وظل يهزها في عصبية وهو يدخن بشراهة ، ثم حدق أمامه بنظرات فارغة لا حياة فيها ...


.................


أوس مهاب الجندي ابن الجراح الشهير مُهاب الجندي صاحب مشفى الجندي الشهير .. هو شاب على مشارف الثلاثينات من عمــره ، يمتلك من المال ما يمكنه من شراء أي شيء ، فهو رئيس مجموعة شركات الجندي للصلب .. تلك الشركات العريقة التي أسسها جده ، وورثها من بعده أبيه وأعمامه ، ولكن تولى هو بحنكته إدارتها بالكامل .. وعمل تحت إمرته أعمامه .. أما والده فاكتفى بعمله في الجراحة وإدارة المشفى ..

بينما والدته هي السيدة ناريمان شوقي ، امرأة من أصـــول راقية ، لم تعرف في حياتها سوى الثراء ..


يمتاز أوس بأنه ذو جسد صلب ، وذراعين قويين ، ووركين ضخمين ، ومنكبين عريضين ، أما ملامح وجهه فهي قوية وحــادة في نفس الوقت ، وتظهر جلياً على شخصيته الصارمة .. حواجبه كثيفة ، وأهدابه طويلة .. عينيه بنيتان وتوحيان بالغموض الممزوج بالشر .. فمه غليظ وقوي .. بشرته قمحية وخشنة .. وعروقه تبرز من عضلاته ..


شخصية أوس سادية إلى حد كبير ، فهو يتلذذ بتعذيب الأخرين ، وخاصة من هم أضعف منه ، وغالبية من يعمل معه يتحاشاه على قدر الإمكان ، فمن يتجرأ ويقف في طريقه يُمحى أثره على الفور ..


وهو متعدد العلاقات النسائية ، وينفق على عشيقاته بسخـــاء من أجل أن يشبعوا رغباته ، ولكنه - إلى الآن - لم يرضْ أبداً عنهن ، فكلهن سواسية رغم تفانيهن في إرضائه ، فهو لم يجد فيهن ضالته المنشودة .. وريثما ينتهي من كل ساقطة يلقي بها كالبهيمة خارج منزله المخصص لهذا .. ومع ذلك تظل تلك الساقطات على صلة به حــال رغبته في تكرار اللقاء معه ..


...........................


أطفىء أوس سيجارته التي لم يكملها في منفضة زجاجية موضوعة على الطاولة الصغيرة المجاورة للأريكة ، ثم أنزل ساقه ، ونهض عن الأريكة ، وقد أمسك بهاتفه المحمول في يده ...

عبث في بعض الأزرار ، ثم وضع الهاتف على أذنه و...

-أوس هاتفياً بنبرة باردة : ألووو ، ايوه

-عدي هاتفياً بنبرة جادة : انت فين يا أوس ؟؟ الدنيا مقلوبة عليك ، في اجتماع مع آآآ..

-أوس مقاطعاً بهدوء مستفز : عـــارف ، وشوية وهتلاقيني جاي

-عدي بضيق : بس كده الناس ممكن تمشي وآآ..

-أوس مقاطعاً بعدم اكتراث : وماله ، يمشوا هيجي ألف غيرهم !


ثم صمت لثانية قبل أن يستأنف بـ ...

-أوس محذراً ، وبنظرات شرسة : بس يستحملوا اللي هيجرالهم ...!!!!!


ابتلع عدي ريقه ، ولوى فمه ، ثم ..

-عدي بترقب : خلاص ، أنا هاتصرف لحد ما تيجي ، بس ماتتأخرش ..!!!!


أنهى أوس المكالمة مع رفيقه ومدير مكتبه عدي الريحاني ، ثم ألقى بجسده على الفراش ، وعقد ساعديه خلف رأسه ، وأخذ يطلق صفيراً خافتاً من بين شفتيه وهو يتذكر كيف يدعس من لا يروقه ببرود قاتل ....


.............................


جلس الحاج عوض الله القرفصاء في زاوية المسجد وهو ممسك بمصحف صغير في يده ، وظل يرتل بصوت خافت بعض آيات الذكر الحكيم .. ثم جلس إلى جواره شيخ المسجد الوقور ، والذي ربت على ظهره و...

-الشيخ أحمد بنبرة امتنان : الله يباركلك يا عم عوض ، المسجد زي الفل ، والحمام نضيف


أنهى الحاج عوض القراءة ، ثم أغلق المصحف ، ورفعه إلى جبينه بعد أن قبله ، وأسنده في الرف المجاور ، ونظر إلى الشيخ أحمد بنظرات إطراء و..

-عوض بصوت ضعيف : كتر خيرك يا سيدنا الشيخ ، انت اللي ناصفني هنا

-الشيخ أحمد بهدوء : الكل بيحبك يا عم عوض ، فمتزعلش من اللي بيقول كلمة كده ولا كده ، رضا الناس غاية لا تدرك

-عوض بنبرة شبه محتجة : بس في ناس اعوذوا بالله منها لا حمد ولا شكرانية ، وهما بيعملوا الحرام عيني عينك ومش عاجبهم واحد غلبان زيي يجوا يتنططوا عليه ، ويتريقوا عليا

-الشيخ أحمد بنبرة عادية : معلش ، دي طبيعة البشر ، المهم انت بتاكل بالحلال ، وبتصرف على أهل بيتك من تعبك ، وربنا بيبارك في القليل ..

-عوض بنبرة راضية : الحمدلله ، فضل ونعمة من ربنا

-الشيخ أحمد بنبرة هادئة : إن شاء الله في ليلة محمدية يوم الجمعة الجاية عاوزين نجهز المسجد قبلها

-عوض بنبرة متحمسة : اللهم صلي عليه ، من عينيا يا سيدنا الشيخ ، أنا هبات من يومها هنا

-الشيخ أحمد مبتسماً في عذوبة : إن شاء الله ، الله يبارلك يا عم عوض ، ومتقلقش أجرك محفوظ

-عوض بلهفة : الله يجازيك خير يا شيخنا


..............................................


في قصر عائلة الجندي ،،،


تعالت قهقهات السيدة ناريمان عالياً في غرفة الصالون وهي تتحدث في هاتفها المحمول مع صديق العائلة المقرب الطبيب ممدوح ، ثم وضعت طرف إصبعها على أنفها لتسيطر على نوبة الضحك ، ومن ثم أخذت نفساً عميقاً قبل أن تتشدق بـ ....

-ناريمان هاتفياً بنبرة رقيقة : شوور .. انت لازم تيجي ، مهاب مش هايقبل بأي أعذار

-ممدوح هاتفياً بنبرة هادئة : عندي شغل وعمليات أد كده يا نريموو

-ناريمان بعذوبة : تؤ .. مش مقبول ، انت هاتحضر البارتي ، ده عيد ميلاد ليان

-ممدوح بنبرة رخيمة : كبرت البنوتة دي بسرعة

-ناريمان بتنهيدة حــارة : ايوه ، وطلبتها كترت معاها ، تخيل عاوزة تسافر أسبانيا وهي عندها امتحانات !

-ممدوح مبتسماً في هدوء : سبيها تدلع شوية

-ناريمان بضيق زائف : لأ برضوه ، أنا عاوزاها تنجح ونخلص بقى ، مش معقول هاتفضل في سنة اولى كده كتير

-ممدوح بنبرة دبلوماسية : عادي ، في بنات زيها كده كتير ، انتي بس ظبطي الدكاترة بتوعها ، وهتلاقيها جابت تقدير

-ناريمان بجدية : هو أنا عارفة ألاقي سكة معاهم ، ده حتى مهاب رافض انه يساعدني ، وأوس شايل ايده خالص منها ، فمش قدامي حد يحللي المشكلة دي

-ممدوح بنبرة لئيمة : وأنا روحت فين ، أنا لما هاجي هاحل كل مشاكلها

-ناريمان بنبرة ناعمة : اوووه بجد يا ممدوح ، I am so grateful ( أنا ممنونة )

-ممدوح بابتسامة عريضة : أنا معملتش لسه حاجة يا نريموو .. !


...................................


في غرفة ليان بالطابق العلوي ،،،،


وقفت ليان ذات الشعر البني الطويل و المجعد – عن عمد – أمام خزانة ملابسها ثم مررت أصابع يدها في خصلات شعرها محاولة التفكير فيما سترتديه اليوم و...

-ليان بضيق واضح : اوووف ، مش عندي حاجة جديدة خالص ، لازم أغير الاستايلات دي فورا ، بجد حاجة خنيقة أوي


ثم أمسكت بهاتفها المحمول واتصلت برفيقتها جايدا و..

-ليان هاتفياً بإنزعاج : جودي أنا كده أوت من العرض

-جايدا هاتفياً بقلق : ليه بس ؟

-ليان هاتفياُ بتشنج وهي تضع يدها في خصرها : مش عندي حاجة استايلش ، ومامي مش هتوافق تجيبلي حاجة الوقتي

-جايدا بضيق : بس كده شلة شيري هاتكسب

-ليان وهي تزفر في عصبية : اوووف ، طب أنا أعمل ايه !

-جايدا بإنفعال : كونتي قوليلي من بدري يا لولو ، أنا هاتصرف ازاي

-ليان بتبرم : معرفش ، و I don't care .. ( لا أهتم )


ثم أنهت المكالمة وهي تسب في تعصب ، ورمت بثقل جسدها على فراشها الوثير والمليء بالوسادات و..

-ليان بعصبية : اووف منك جودي ، أوووف !!


..................


ليان مهاب الجندي ، هي الابنة الصغرى للطبيب مهاب ، تدرس إدارة أعمــال في الجامعة الأمريكية ، ولكنها لا تكترث بالدراسة ، لذا رسبت العام الماضي ، فشاغلها الأكبر هو عالم الموضة بكل ما فيه ..

تمتلك هي عيني والدتها العسلية ، وشعرها الناعم ، ولكنها قررت أن تجعله هذا العام مجعداً لتتشبه بـ ( مريام فارس ) فتثير غيرة زميلاتها .. وتحصد لقب جميلة الجامعة .. أما جسدها فهو متناسق مع طولها ...


..........................................


تجاوزت دقات الساعة الثالثة بقليل حينما مرت فردوس من أمام القهوة الموجودة على ناصية الطريق ..

زفـــرت في إرهاق ، وتوقفت للحظة عن السير لتلتقط أنفاسها ، ثم أخذت نفساً مطولاً قبل أن تبدأ بالتحرك مجدداً وهي ممسكة لحقائب بلاستيكة تحوي على بعض الخضار الغير طازج والذي ستكافح به من اجل إعداد طعام الغذاء لعائلتها البائسة ..


وصلت فردوس إلى بنايتها القديمة ، ودلفت إلى داخل ذلك المدخل الرمادي الكئيب ذو الحوائط المتصدعة ، والطلاء المشقق ، لتصعد على الدرج بخطوات بطيئة وهي مطرقة لرأسها و..

-فردوس بتذمر : لسه موال كل اليوم الغدا ، وبعده الغسيل ، والنهادرة المفروض أحمي تهاني ، ياربي .. مش هارتاح أبداً من الغلب ده


ثم اصطدمت هي بدون قصد بإحدى السيدات ، و..

-حكمت بإنزعاج : مش تاخدي بالك يا آآ..

-فردوس مقاطعة بخفوت : لامؤاخذة


فرفعت رأسها لتجد جارتها حكمت تقف أمامها وعلى وجهها ابتسامة غبية و...

-حكمت بنبرة متشوقة : فردوس ، ازيك يا حبيبتي ، معلش مشوفتكيش

-فردوس بتعب : ولا يهمك يا حكمت ، أنا اللي غلطانة ، واخدة في وشي ومش مركزة

-حكمت وهي تزم شفتيها في فضول : من ايه يا حبيبتي ؟

-فردوس بإرهاق : غلب كل يوم ، الهم اللي انا فيه ، مافيش حاجة بتخلص


تغنجت حكمت بجسدها المترهل عمداً لكي تلفت انتباه فردوس إلى ذلك الفستان الرخيص الذي ترتديه ، وبالفعل نجحت في جذب انتباهها ، و..

-حكمت بنبرة شبه متعالية : شوفتي الفستان ده ، من وكالة البلح ، تقفيل بلاده ، حاجة فخيمة تليق بيا

-فردوس وهي تلوي فمها على مضض : أه باين

-حكمت بنبرة لئيمة ، ونظرات حادة : لو بس تسمعي كلامي هتلبسي زيي وهتفوقي لنفسك بدل وجع القلب ده

-فردوس بنبرة معترضة ، ونظرات محذرة : لأ يا حكمت ، أنا مقابلش إن بنتي تشتغل خدامة ، أومــال كنت بطفح الدم ليه ، مش عشان تخلص تعليمها وتتوظف وتشيل عني الهم ، أقوم أنا أخليها تخدم في البيوت

-حكمت بنبرة مُصرة : والله انتي عبيطة ، بتك لهلوبة وشاطرة ، والقرش هيجري في ايدها ، وهتغننك

-فردوس بنبرة جادة : طب ماتشغلي بنتك رحمة معاكي بدل ما انتي مركزة مع تقى

-حكمت بإنزعاج : بت فقر ، يا ريتني أقدر عليها ، لكن هي قادرة ، و طالع في نافوخها تبقى أبصر ايه ده اللي بيسموه مو.. مو.. يوووه ، مش عارفة أنطقها ، اللي هي بتاعة الكليبات ، أل ايه عاوزة ترقص وتغني ، وهي صوتها وحش

-فردوس وهي تتنهد في إرهــاق : ربنا يهديها ، عن اذنك بقى لأحسن خلاص درعاتي خدلت ، ومش قادرة أقف على رجلي

-حكمت وهي توميء برأسها ، وبنبرة متحمسة : وماله يا حبيبتي ، اطلعي بيتك ، بس فكري في اللي بقولك عليه

-فردوس بإقتضاب وهي تصعد الدرج : ربنا يسهل


راقبت حكمت فردوس وهي تتجه للأعلى بنظرات ثاقبة ، ثم ..

-حكمت بخفوت لنفسها : بكرة تيجي تسترجيني أشغل بتك لما الديانة يجوا أول الاسبوع الجاي يطالبوا بالكمبيلات .. ساعتها بس هاتعرفي مقامك ، و تبطلي الأنعرة الكدابة اللي انتي عايشة فيها ................................................... !!!

ذئاب لا تعرف الحب

الفصل الثالث :


ركل ذلك الطفل الصغير – ذو السنوات الإحدى عشر - الكرة بقدمـــه لتهرب منه وتختبيء أسفل الفراش الموجود بغرفة والده ، فوثب عالياً في براءة ، ثم استدار برأسه ليبتسم إلى مربيته التي ترعـــاه أثناء غياب والديه ، ومن ثم ركض خلفها وهو يضحك في عفوية ..

دلف الطفل إلى داخل غرفة والده ، بينما بقيت المربية في الخــارج تتغنج بجسدها الرشيق أمام المرآة الموجودة بالرواق ..

انحنى ذلك الصغير بجسده الضئيل بجوار الفراش بعد أن أسند كفه على طرفه ، ثم جثى على ركبتيه و مـــال برأسه أكثر ليبحث عن مكان كرته ، وبالفعل وجدها قابعة أسفل الفراش ، لذا زحف بكامل جسده تحت الفراش ليمسك بها ..


ثم سمع هو صوت همهمات تأتي من الخـــارج ، وصوت صراخ مكتوم، فانتفض فزعاً ، وبلل ملابسه رغماً عنه ، وتملكته ارتجافة قوية .. وحـــاول ألا يتحرك من مكانه ...


بدأ الصوت يقترب تدريجياً منه ، وعينيه الصغيرة تتحركان وترمشان بسرعة رهيبة ...

لمح الصغير بطرف عينيه من أسفل تلك الملاءة التي تتدلى من الفراش أقداماً لرجلين ، وكذلك قدمي إمرأة معهما ولكنها على ما يبدو تحاول الابتعاد عنهما ..

كان صوت ذلك الرجل مألوفاً بالنسبة له ، وصــوت صراخ المرأة يعهده جيداً ..

استطاع هو أن يتعرف على الاثنين من صوتهما .. نعم إنها مربيته ، وأبيه .. ولكنه لم يألف صوت الرجل الأخـــر

لم يفهم هذا الصغير ما الذي يحدث مع المربية، ولكن يبدو أنها في خطــر محدق ، وعاجزة عن الهرب ، ووالده متورط في أذيتها ..

اهتز الفراش بعنف من أعلاه ، وسمع أصوات غريبة تأوهــات من الصراخ المكتوم ممزوجة بهمهمات خافتة للغاية ، ثم إزدادت الاهتزازات بشدة فإعتقد أن الفراش سيسقط فوق رأسه ، لذا صرخ الصغير بصوت مبحوح ، فتوقفت الاهتزازات فجـــأة ، ورأى تلك الأقدام الرجالية تقترب منه بهدوء مخيف ، ثم رأى رأس ذلك الغريب تنكشف من أسفل الملاءة المتدلية على الفراش ، وحدق بعينين متسعتين في رعب حقيقي في عينيه الشرستين التي لم ترمشا لثانية


خفق قلب الصغير بقوة ، وصـــرخ تلك المرة عالياً ، ولكنه لم يجرؤ على التحرك من مكانه ، وفجــــأة وجد أذرعاً تمتد إليه من الناحية الأخـــرى لتجذبه من أسفل الفراش وتحمله عالياً في الهواء من خصره ...


أغمـــض الصغير عينيه كي لا يرى نظرات الغريب المخيفة ، وظل يركل بقدميه في الهواء ، ويتلوى كالدودة الصغيرة ليتحرر من تلك الأذرع القابضة عليه ، ثم سمع صوت والده يهمس له في أذنه بـ ...

-مهاب بصرامة شديدة : بتعمل ايه عندك ؟


عجز أوس عن الرد على والده ، وظل مغمضاً لعينيه ، ولم يكف عن الركل بقدميه ، في حين اقترب منه ذلك الغريب الذي اخترقت رائحه سجائره الكريهة أنفه بقوة و...

-ممدوح مبتسماً ، وبنبرة شيطانية : الواد باينه عاوز يطلع خلبوص زي أبوه ، سيبهولي


فتح أوس عينيه فوجد الطبيب ممدوح محدقاً فيه بعينيه الشريرتين ، فارتعدت فرائصه أكثر ، ثم لمح بطرف عينه مربيته وهي شبه عارية على الفراش ومقيدة من ذراعيها ، وعلى وجهها علامات رضا وسعادة غريبة ، فجحظت عينيه أكثر في رعــــب ...

-مهاب بحدة : ده لازم يتعلم الأدب ، ازاي يدخل أوضتي وأنا مش فيها ، وانتي كنتي فين ؟؟؟؟

-المربية بنعومة : انت مادنتيش فرصة أقولك إنه موجود في السكن

-مهاب بحنق : يا سلام ، بالبساطة دي ، طب أهوو شاف كل حاجة ، إيه العمل بقى !!


أشاحت المربية بوجهها ، وتمطعت بجسدها على الفراش قبل أن تسحب الملاءة لتغطي بها جسدها المتعري ...


بينما ارتسمت ابتسامة لئيمة على وجه ممدوح ، وحدج أوس بنظرات خبيثة ذات مغزى و...

-ممدوح بنبرة تشبه فحيح الأفعى : هاتهولي وأنا هاتصرف معاه

-مهاب بنبرة غاضبة ، ونظرات محتقنة : هاتعمله ايه ؟؟ ده ممكن يفضحنا ويقول لتهاني على اللي بيحصل هنا

-ممدوح بثقة زائدة : اطمن ، مش هاتعرف حاجة ، دي مراتي وأنا هاسيطر عليها

-مهاب بنبرة متصلبة : لأ ، أنا عـــارف ابني ، هايقولها ، وهي مش هاتسكت ، ويمكن تنفذ تهديدها معايا وتقول لناريمان

-ممدوح بنبرة عازمة ، ونظرات أكثر ضيقاً : أنا مش هاخليه يفتح بؤه تاني

-مهاب بنبرة محذرة : اياك تعمل في ابني حاجة

-ممدوح بهدوء مخيف : ماتخفش ، أنا بس هاعرف إزاي اسكته


ثم مد يده في اتجاه مهاب ، وأخــــذ الصغير أوس من ذراعيه ، وقام بحمله وأحكم قبضتيه عليه حتى لا يفلت منه بسبب مقاومته الزائدة ، ودلف به إلى خــــارج الغرفة ...

ظل أوس يصرخ بفزع شديد كي يتركه ممدوح ويبتعد عنه ، ولكنه لم يعبء به ، واتجه به إلى غرفة نومه الصغيرة ..


أغلق ممدوح باب الغرفة عليهما بعد أن ألقى بالصغير – الذي لم يكف عن الصراخ - على الفراش ، ثم حدجه بنظرات بثت الرعب في نفس أوس و..

-ممدوح بنبرة مخيفة : اخرس خالص ، ماسمعش حسك

-أوس بصوت عالي ومرتعد : ماما .. ماما ، أنا عاوز ماما ، أنا هاقولها عليك ، يا ماما تعالي

-ممدوح بنبرة قوية ، ونظرات مرعبة : بــــس ، مافيش ماما هنا ..!!


ثم اقترب منه ، وأمسك به من ياقته ، وحمله عالياً في الهواء ، ونظر مباشرة في عينيه ، و...

-ممدوح بنبرة متصلبة تحمل التهديد ، ونظرات أكثر ضيقاً : لو فتحت بؤك يا أوس بأي حاجة شوفتها في أوضة أبوك أنا هاعمل فيك زي ما أبوك بيعمل في الخدامة فوق

-أوس بصراخ طفولي : ماما .. أنا هاقولها عليك ، عـــااا

-ممدوح بنبرة مرعبة : مش هاتقدر ، وهاقول عليك كداب

-أوس بنبرة طفولية مختنقة : الناني ( الدادة ) هتقول لماما

-ممدوح مبتسماً في استخفاف : الناني مبسوطة ومش هاتقول حاجة

-أوس بنبرة مذعورة : لأ .. ده .. ده كدب

-ممدوح بخبث : واضح كده إنك متعرفش عمك ممدوح كويس ، والظاهر إنك عاوز تشوف أنا هاعمل فيك ايه ..!


بلل الصغير أوس بنطاله مجدداً من الفزع ، وارتعش أكثر وهو يرى تهديدات ممدوح الصريحة له ، في حين ارتسمت ابتسامة شيطانية على فم الأخير وهو يرى تأثيره الجلي والمخيف عليه و...

-ممدوح بهمس مخيف ، ونظرات مفزعة : مممم.. تعرف أنا بفكر في ايه ،

صمت ممدوح للحظة لكي يراقب ردة فعل الصغير عليه ، ثم تابع بـ ...

-ممدوح بنبرة مفزعة ، ونظرات ثابتة : أنا هاقطع منك حتة صغيرة ، ومحدش هايعرف بده


ثم أخفض عينيه للأسفل ليشير بهما إلى ذلك الجزء الذي يهدد بإيذائه فيه ، في حين شحب لون وجـــه أوس على الفور ، وهربت الدمـــاء من وجهه ، فأيقن ممدوح أنه قد نجح في بث الرعب فيه نفسه ، فتملكه الغرور أكثر ، واقترب من أذن أوس ، و...

-ممدوح متابعاً بصوت ثقيل : و انت أصلاً ضعيف ، مش هاتقدر تعمل حاجة ، و حتى معندكش قوة تواجهني بيها ، الخدامة يمكن أقوى منك وهتعرف تتصرف مع أبوك ، لكن انت لأ ..


هــــز أوس رأسه في فزع ، وحـــاول أن يتملص من قبضتي ممدوح الممسكة به من ذراعيه الضئيلين و..

-أوس بتلعثم وخوف : أنا .. أنا ...

-ممدوح بخفوت مخيف يحمل التهديد : انت هاتنسى اللي حصل في الأوضة ، وإلا ....

ثم صمــت لثوانٍ لكي يشير بعينيه إلى جســـد الصغير حتى يتأكد أنه قد فهم رسالته ، و..

-ممدوح بنبرة تشبه الفحيح : انت عارف أنا هاعمل ايه !


ومـــال برأسه عليه ، ثم ..........................


في تلك اللحظة أفـــــاق أوس من نومه وهو يتصبب عرقاً غزيراً ، وصدره يعلو ويهبط وكأنه قد قطع أشواطاً في الركض لمسافات بعيدة ..

ظل لبرهة محدقاً في الفراغ أمامه ، متصلباً في مكانه ، محاولاً تهدئة أنفاسه اللاهثة ..

أغمض عينيه للحظة ، ثم أخـــذ نفساً عميقاً وزفره بقوة ، وفتح عينيه مجدداً ليتأكد أنه متواجد بغرفته في منزله الخاص بالمعادي ..

-أوس لنفسه بتوتر شديد : كان كابوس ، كابوس ، مافيش حاجة من دي موجودة ...!


مـــد أوس يده في اتجاه الكومود ليسحب الهاتف المحمول من عليه ، ثم نظر في شاشته ليرى أن التوقيت قد تجاوز الرابعة صباحاً ..

ألقى هو بالهاتف على الفراش دون اكتراث ، ثم أنــزل ساقيه عن الفراش أولاً ، وانحنى بجذعه للأمـــام قليلاً ، ووضع كلتا يديه على فروة رأسه ، وظل يمرر أصابعه في شعره ، وأخــذ يحك رأسه بشدة حتى ينفض تلك الذكريات الآليمة والمفزعة عن عقله ..

زفــــر هو مجدداً ، ثم نهض كلياً عن الفراش ، وســـار في اتجاه باب الغرفة ، ودلف إلى الخـــارج – وهو عـــاري الصدر – ليطل على رفيقه عُدي ...


كان عُدي شبه فاقد للوعي على الأريكة الموجودة بصالة المنزل من أثر الخمر ، وإلى جواره عدد من الزجاجات الفارغة ، وكذلك بقايا الطعام الجاهز ..

تأمل أوس هيئة عُدي المزرية ، وحدجه بنظرات متأففة ، ثم تركه وســــار في اتجاه المرحاض لكي يغتسل لعله يتمكن من نسيان ذلك

إرسال تعليق

أحدث أقدم