القائمة الرئيسية

الصفحات

الأخبار[LastPost]

رواية ذئاب لاتعرف الحب الفصل9/10/11/12



من الفصل التاسع حتي الثاني عشر


في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب ،،،،،


بداخل مكتب السكرتارية ،،،،،


جلس عُدي على طرف مكتب السكرتيرة راندا ، ووضع يده بداخل جيب بنطاله ، وأمسك باليد الأخــرى ملفاً ما في يده ، ثم ..

-عدي متسائلاً بنبرة عادية : يعني هما معادهم معانا على الأسبوع الجاي

-راندا بنبرة هادئة وهي توميء برأسها : أيوه يا فندم ، واحنا مجهزين كل حاجة

-عدي وهو يمط شفتيه في هدوء : طيب كويس ، نكون كمان رجعنا من سفرية أسبانيا ...

-راندا بنبرة جادة ، ونظرات دقيقة : التذاكر والتأشيرات هتكون جاهزة على مكتب حضرتك بكرة إن شاء الله ، أنا كلمت مكتب السفريات وخلصت كل حاجة

-عدي بنبرة إعجاب : برافو عليكي يا راندا ، طول عمرك متمكنة من شغلك

-راندا بنبرة ممتنة : العفو يا فندم ، ده واجبي يا فندم ..!

-عدي لنفسه بفضول : أما أشوف الباشا أوس خلص حواراته مع البت البيئة دي ولا ايه النظام ..!


.....................................


بداخل مكتب أوس ،،،،،


حاولت تقى أن تتحرر من قبضتي أوس المحكمتين حولها ، وظلت تقاومه بحدة رغم ضعفها أمامه ، فإزداد رغباً بها ، و..

-أوس بنبرة ماكرة : متحاوليش ، مش هاتعرفي تهربي مني !

-تقى وهي تصر على أسنانها في قوة مصطنعة : ابعد وإلا قسماً بالله هصوت وأفضحك وألم عليك الناس


ضحك هو بضحكات عالية مستهينة بما قالته مما زاد من حنقها أكثر ، ثم شــد قبضته عليها أكثر ، ونظر مباشرة في عينيها بعينية القويتين ، و...

-أوس بنبرة متحدية : صوتي ، اضربي ، اعملي كل اللي انتي عاوزاه ، محدش هايقدر يعملك حاجة ، ولا هاينجيكي مني

-تقى بصراخ حــــاد : ابعــــــــد عني ، الحقووووني .. !

................................


في نفس اللحظة قام عــدي بفتح باب الغرفة ، وتسمر مكانه حينما رأى كلاهما على تلك الوضعية ..

حاولت تقى أن تستغيث مجدداً ، ولكن كان أوس الأسرع في تكميم فمها بكف يده بعد أن أرخاه عن معصمها ، و...

-أوس بصوت آمـــر وهو يشير بعينيه : اقفل الباب

-عدي متسائلاً بتوجس : في ايه اللي بيحصل هنا ؟؟!!

-أوس بحدة ، ونظرات نارية : اقفل الباب ، مش هاعيد كلامي كتير يا عُدي

-عدي على مضض : طيب


أوصـــد عدي الباب بالمفتاح ، بينما ظلت تقى تتلوى بجسدها مقاومة ذراعي أوس ، ومحاولة تخليص نفسها ، ولكن دون جدوى


اقترب عدي من أوس الذي لم يكف عن إلصاق تقى به ، ثم رمقه بنظرات حادة قبل أن يردف بـ ...

-عدي بنبرة منزعجة : انت اتجننت يا أوس ، ايه اللي بتعمله ده

-أوس بعدم اكتراث : محدش ليه حاجة عندي ، أنا أعمل اللي أنا عاوزه في أي وقت ، وفي أي مكان

-عدي بقلق واضح : بس كده غلط

-أوس بنفاذ صبر : يووووه .. وإهدي انتي كمان


كانت كل ذرة في كيان تقى ترتجف بذعـــر جلي ، خاصة وأنها تجهل ما قد يحدث لها ، هي لم تتوقع أن تكون في أحضان هذا المتوحش ، وعلى مرآى ومسمع من رفيقه الذي ربما يعاونه في الإعتداء عليها ..

مجرد توهم ما قد يصير لها جعلها تنتفض أكثر ، وتقاومه بكل ما أوتيت من قوة حتى لا تنهار في لحظة ، وتخسر الشيء الوحيد الذي تملكه .. الشيء الذي لا يمكن أن يعوض أبداً ..


إنزعج عــدي من تهور أوس والذي قد يؤدي إلى كارثة ما إن لم يتدخل فوراً ، لذا بدون تفكير قـــام بإمساك قبضتي أوس وأبعدهما عن تقى مما جعله يثور غاضباً ، و...

-أوس بنبرة هادرة : انت اتجننت ، إزاي تمسك إيدي كده !!


استغل عــدي جسده في الحــول بينه وبين تقى ، وقــام بدفعه نوعاً ما إلى الخلف بعيداً عنها ، و..

-عدي بنبرة قوية : فوق يا أوس ، اللي بتعمله ده مايصحش هنا ، انت عارف كويس احنا فين


تلاحقت أنفاس تقى ، وشحب لون وجهها بعد الذي عانته للحظات ، ووضعت يدها على صدرها تتحسس نبضات قلبها المتسارعة ..

كادت أن تسقط بعد أن شعرت بأن ساقيها لا تقويان على حملها ، ولكنها قاومت هذا الشعور بالإنهيار .. وأجبرت نفسها على التماسك حتى تهرب من هذا المكان ..

استغلت هي الفرصة ، وركضت في اتجاه الباب ، ثم أدارت المفتاح ، وفتحه ، وهرولت للخـــارج ووجهها يكاد يوحي بأنها رأت شبحاً للتو

...............................


تعجبت السكرتيرة من هيئة تلك الفتاة شعبية المظهر ، ونادت عليها بعد أن نهضت من على مقعدها بـ ...

-راندا بنبرة عالية وهي تشير بيدها : انتي يا .. يا آآ.. استني هنا


لم تستمع إليها تقى ، بل ركضت بأقصى سرعتها إلى الخــارج ، فأشارت راندا إلى حارس الأمن بإصبعها ، و...

-راندا بلهجة آمرة : روح وراها ، واتأكد إنها طلعت برا الشركة

-حارس الأمن بنبرة متشفية : أوامرك يا استاذة


كانت تقى ترتطم بكتفها بكل من تقابله في طريقها ، ورغم نظرات الاشمئزاز والاحتقار لها ، وكذلك بعض التوبيخات الحادة لتصرفها ، إلا أنها لم تهتم ، فشاغلها الأكبر هو الهروب من ذلك المكان ، والإبتعاد عن ذلك المتوحش الهمجي ..


نجحت تقى في الوصـــــول إلى بوابة الشركة ، وهناك تنفست الصعداء ، وشعرت إلى حد ما بأن روحها قد ردت إليها .. نظرت إلى هيئتها ، وتفحصت جسدها ، وتأكدت أن ملابسها لاتزال كما هي غير ممزقة و تغطي جسدها ، وأن حجابها – رغم ما حدث – مازال يخفي شعرها .. نظرت إلى معصميها فوجدت أصابع ذلك البغيض تاركة أثارها عليهما ، فظلت تفركهما بتشنج لكي تمحي تلك الآثار ....


.................................

بداخل مكتب أوس ،،،،


استشاط أوس غضباً بسبب ما فعله عدي ، وكاد يلكمه في وجهه ، ولكن نجح الأخير في تفاديه ، والسيطرة على غضبه ، و...

-عدي بحدة : أنا عاوز مصلحتك

-أوس بزمجرة غاضبة : وانت مالك باللي بأعمله ، انت بعمايلك خليت الزفتة دي تفلت مني ، وأنا كنت عاوز أكسرها

-عدي بضيق : الكلام ده احنا بنعمله برا ، مش هنا في الشركة

-أوس بصوت هــادر : يوووه ، أنا حـــر ، محدش يقدر يراجعني في اللي بأعمله


تنهد عــدي في إرهـــاق ، ثم أحنى رأسه للأسفل و...

-عدي بهدوء حذر : خلاص .. اهدى ، ماحصلش حاجة لكل ده

-أوس بضيق جلي : غبي ..


ظل أوس يزفر في غضب ، وجاب غرفته ذهاباً وإياباً وهو يحك رأسه المشتعل ، ثم توقف عن الحركة حينما لمح حافظة نقود بجوار الباب ، فســـار في اتجاهها ، ثم انحنى بجذعه للأسفل ، وأمسك بها ، وظل يتفحصها بنظرات دقيقة ، و...

-أوس بخفوت لنفسه : أكيد دي بتاعتها


سلط عدي بصره على أوس ، وأخذ يراقب أفعاله ، و...

-عدي متسائلاً بفضول : في حاجة ؟


استدار أوس بجسده ، ورمق عدي بنظرات نارية ، و..

-أوس بإقتضاب : مافيش .. أنا ماشي


ثم اتجه ناحية الأريكة ، وجذب سترته من عليها ، و مشى بخطوات أقرب للركض خارج غرفة مكتبه ....


.............................


لم تعرف تقى كيف ستعود إلى حارتها مجدداً ، فقد تخبطت في الطرقات ، وضلت الطريق ، فجلست على أحد الأرصفة ، ودفنت وجهها بين راحتي يدها ، وأخذت تجهش بالبكاء المرير ..

رأتها إحدى السيدات الوقورات ، فاقتربت منها ، و...

-سيدة ما بنبرة رقيقة : مالك يا بنتي


رفعت هي رأسها ، ونظرت إلى تلك السيدة بعينيها المنتفختين ، و...

-تقى ببكاء حـــار : ماليش .. ماليش


ثم دفنت رأسها مجدداً ، واستمرت في البكاء .. فربتت السيدة على كتفها ، و...

-سيدة ما بهدوء : اهدي يا بنتي ، كل مشكلة وليها حل

-تقى بتشنج : إلا مشكلتي ، مالهاش حل ، خلاص ، كل حاجة راحت ، كل حاجة ضاعت .. أمي والبيت ، وحتى أنا

-سيدة ما بنبرة إشفاق : لا حول ولا قوة إلا بالله ، يا بنتي خلي إيمانك بربنا كبير ، ربنا دايماً بيحب يختبر عبده ، عشان يشوف إن كان هيرضى ويحمده ، ولا هيغضب ويسخط ..

-تقى بنبرة منتحبة : بس .. بس احنا معملناش حاجة لحد ، إحنا غلابة أوي وراضين بحالنا ، بس آآ...

-سيدة ما مقاطعة بنبرة صافية : معلش يا بنتي ، اصبري واحتسبي عند الله ، وإن شاء الله كل حاجة هتتحل


حاولت تلك السيدة أن تخرج تقى من تلك الحالة البائسة ، ثم عرضت عليها مبلغاً من المال ، ولكنها آبت أن تأخذه ، و...

-سيدة ما بإصرار : يا بنتي ده مال الله طالع لله

-تقى بنبرة عنيدة : أنا مش عاوزة فلوس ، أنا عاوزة أمي تطلع من الضيقة اللي هي فيها

-سيدة ما بنبرة متفائلة : إن شــاء الله هاتطلع ، ادعي انتي ربنا ، واكيد هايستجيب ، ماهو سبحانه وتعالى بيقول أنا عند حسن ظن عبدي بي

-تقى بخفوت : ونعم بالله ...


قدمت تلك السيدة الطيبة هذا المبلغ الزهيد إلى تقى والتي أخذته على إستحياء حتى تتمكن من العودة إلى منزلها ، فقد تأخر الوقت ، وأوشك النهار على المغيب ، وهي حتماً لابد أن تعود من أجل أبيها وخالتها المريضة ...


......................................


في قصر عائلة الجندي ،،،،

في غرفة نوم ناريمان ،،،،


تحركت السيدة ناريمان بعصبية في غرفتها وهي ممسكة بهاتفها المحمول ، و...

-ناريمان هاتفياً بنبرة غاضبة : بقولك هو شاكك إن كان في حاجة بينا

-ممدوح هاتفياً بنبرة واثقة : تخاريف يا نيرموو

-ناريمان بحنق وهي تشيح بيدها : دي مش تخاريف ، دي حقيقة ، ده كان ناقص بس يقولي اني نمت معاك

-ممدوح ببرود مستفز : ومـــاله .. يقول ، والشاطر اللي يصدقه

-ناريمات بحدة : انت مجنون ، عارف لو الكلام ده وصل لمهاب ممكن يعمل فيا إيه ؟

-ممدوح بعدم اكتراث : ولا يقدر يقول لمهاب ، ولا لغيره ، ولا في حاجة هاتحصل ، إهدي انتي بس

-ناريمان بتوتر واضح : مقدرش أهدى يا ممدوح ، دي حياتي ، وأنا مش هاستنى أما تتخرب ، لازم أتصرف

-ممدوح متسائلاً بهدوء وهو عاقد حاجبيه : ناوية تعملي ايه يعني ؟

-ناريمان وهي تبتلع ريقها في ارتباك : ناوية أنهي أي حاجة بينا ، أنا مش ناقصة !

-ممدوح بنبرة محذرة : إياكي يا ناريمان ، احنا اللي بينا مش من امبارح وبس ، لأ ده من سنين من أيام تهاني ، وأظنك فاهمة قصدي كويس

-ناريمان بقلق بالغ : أنا خايفة يا ممدوح ، هاموت من الرعب ، انت مش بتشوف نظراته ليا

-ممدوح بنبرة غليظة : بطلي عبط ، وركزي مع بنتك أحسن ، ماشي

-ناريمان بعدم اقتناع : طيب .. طيب

-ممدوح بهدوء : كلها كام يوم وهارجع مصر ، وساعتها هاحط أوس عند حده

-ناريمان بنبرة متعشمة : اووكي .. أما أشوف

-ممدوح بنبرة مغترة : متقلقيش ، ده أنا ممدوح الصاوي ..!!!

........................................


عــــادت تقى إلى الحارة ، وأطرقت رأسها في خزي وهي تسير بين المــارة ، وبالطبع لم تسلم من التلميحات المسيئة لها ولوالدتها ، وابتلعت - على مضض - كل هذا ، وخبأت وجهها بطرف حجابها ، وركضت مسرعة ناحية بنايتها لتختبيء في منزلها ..


طرقت تقى على باب المنزل عدة طرقات بعد أن قرعت الجرس لكي يفتح لها والدها الباب أو حتى خالتها ، ولكن دون جدوى ، فإنتفض قلبها ذعراً .. وأخذت تطرق على الباب بحدة ، و...

-تقى بنبرة عالية : بابا .. خالتي ، افتحوا الباب ، أنا .. أنا تقى


صمتت للحظة ، واسندت رأسها على الباب لكي تستمع إلى أي صوت ينبئها بوجود أحد بالمنزل ، ولكن كان الصمت هو المسيطر على الأجواء .. فتملكها الشعور بالتوجس الممزوج بالخوف ..

زادت تقى من حدة الطرقات ، و..

-تقى بنبرة مرتفعة : خالتي ... افتحي ( طق .. طق .. طق ) أنا تقى ، يا خالتي لو سمعاني افتحي ( طق .. طق .. طق )


وعلى إثر تلك الطرقات العنيفة ، فتحت الباب المقابل لهما إحدى الجارات ، والتي تدعى الحاجة إجلال ، ونظرت إلى تقى بنظرات متفحصة ، ثم ..

-إجلال بصوت ضعيف : مين اللي بيخبط


استدارت لها تقى بجسدها ، ورمقتها بعينين مرهقتين ، و...

-تقى بنبرة متلهفة : طنط إجلال ماشوفتيش خالتي تهاني ؟

-إجلال وهي تمط شفتيها في آسى : عيني عليها ، الظاهر إنها طفشت


جحظت مقلتي عين تقى الحمراوتين ، وفغرت شفتيها في صدمة ، و...

-تقى بصدمة : ايييه ؟؟ يعني ايه ؟

-إجلال بتنهيدة متعبة : أصل هي خرجت من غير ما حد ياخد باله منها ، وأبوكي طلع بعدها يدور عليها في الحارة كلها ، بس الظاهر إنه لسه ملاقهاش

-تقى بذعر وهي تلطم على وجنتيها : خالتي ضاعت ، يادي النصيبة اللي احنا فيها ، يادي الغلب ، طب أعمل ايه الوقتي ؟


زمت إجلال شفتيها في إشفاق ، ثم ..

-إجلال بصوت خافت : لا حول ولا قوة إلا بالله ، معلش يا تقى ، نصيبكم كده

-تقى بنبرة منتحبة : أقول لأمي ايه بس ، طب أتصرف أنا ازاي الوقتي

-إجلال بنبرة خافتة : خشي يا بتي شقتك وسبيها على الله ، شوية وتلاقي أبوكي جايبها وجاي

-تقى بنبرة راجية ، ونظرات متعشمة : يا رب أمين


تذكرت تقى أنها فقدت حافظة نقودها ، وليس معاها المفتاح الخاص بمنزلها ، لذا ..

-تقى بتردد : معلش يا طنط إجلال ممكن تشوفيلي شاكوش وأجنة أفتح بيها الباب لأحسن مفتاح نسيته

-إجلال بهدوء : طيب يا بنتي ... ثواني بس أشوف في عدة الحاج اللي جوا

-تقى بتنهيدة إرهاق : خدي راحتك يا طنط


غابت الحاجة إجلال داخل منزلها ، بينما جلست تقى على الدرج ، وأسندت مرفقيها على ركبتيها ، وظلت تطرق بكلتا يديها على رأسها ، وهي تلعن الظروف التي عصفت بحياتها ...


سمعت تقى صوت سيدتان تتحدثان على الدرج وهما تصعدان عليه ، فنهضت من مكانها ، ونفضت عباءتها ، ووقفت إلى جوار باب منزلها ..


وصلت السيدتين إلى الطابق المتواجد به منزل تقى ، وحدقت كلتاهما بها ، و...

-زينات متسائلة بجدية : مش ده بيت الست فردوس

-تقى بإندفاع : أيوه ، دي أمي ، أنتو تعرفوها ؟ هي .. هي كويسة ؟؟ طب هي اللي بعتاكوا ؟؟

-سعدية بنبرة حزينة : لأ يا بنتي ، ده احنا زمايلها في المصنع ، وكنا جايين نسأل عليها


تنهدت تقى في حـــزن ، ثم أطرقت رأسها للأسفل ، و...

-تقى بنبرة مريرة : هي لسه زي ماهي ، محجوزة في القسم

-زينات وهي تزم شفتيها في آسى : ربنا يفك ضيقتها ..


تبادلت كلاً من زينات وسعدية النظرات الغامضة ، ثم فتحت الأخيرة حافظة نقودها ، وأخرجت ورقة بيضاء مطوية ، ومدت يدها في اتجاه تقى و...

-سعدية بجدية : المهم عشان مانضيعش وقتك يا حبيبتي ، ده مبلغ صغير إحنا لمناه من بعض عشان خاطر أمك ، أهوو يساعدكم لحد ما تدبروا حالكم


أبعدت تقى كف يد سعدية ، وهزت رأسها في إعتراض ، و...

-تقى بخفوت : كتر خيركم ، مستورة والحمد لله

-سعدية بإصرار : يا بنتي أمك خيرها على الكل ، نيجي احنا وقت ضيقتها ومانقفش جمبها ، ده حتى عيبة في حقنا


اضطرت تقى آسفة أن تأخذ ذلك المبلغ المالي البسيط من زميلة والدتها ، فهي لا تملك أي شيء لكي توكل حتى محامٍ للدفاع عن والدتها ، وربما يعينها هذا المبلغ في فعل هذا ..


وقبل أن تنصرف كلتاهما ، استدارت زينات برأسها ناحية تقى ، و..

-زينات بنبرة حزينة ومتلعثمة : ومعلش قولي لأمك لما تخرج بالسلامة إن .. إنها تدور على شغل في مصنع تاني ، أصل .. أصلها اتـ.. آآ... اترفدت


أحنت تقى رأسها في خزي أكثر ، وأدمعت عينيها حزناً على مُصاب والدتها .. بينما تابعت زينات بـ ....

-زينات بنبرة راجية : معلش يا بنتي ، ربنا قادر على كل شيء .. سلامو عليكم


ثم أشـــارت لسعدية بعينيها لكي تنصرف كلتاهما ..

ظلت تقى متسمرة في مكانها ، غير مستوعبة كم المصائب الطائلة التي سقطت فوق رأسها ورأس عائلتها ....


خرجت الحاجة إجلال من منزلها بعدما أحضرت الأدوات المطلوبة لفتح باب المنزل ، وتعاونت مع تقى في فتحه ..

...............................


قـــــاد أوس سيارته بسرعة جنونية ، وظل يدور في حلقات مفرغة لكي يفرغ تلك الشحنة الغاضبة التي تسيطر عليه .. فتلك هي المرة الأولى التي تتحداه فتاة أقل ما يُقال عنها أنها لا تليق به .. ولكنها أثارت حنقه ، وأوصلته للجنون ..

ضرب المقود بقبضة يده ، ونظر إلى آثار عضتها المحفورة على كفه ، و...

-أوس بتوعد : مش هاسيبك من غير ما أكسرك ، مش هاسيبك ..!!!


سلط أوس بصره على حافظة نقودها الملاقاة على المقعد المجاور له ، ثم أمسك بها ، وظل يلفها في كل الاتجاهات ، و...

-أوس بنبرة ماكرة : استحالة تهربي مني


صف سيارته بجوار أحد الأرصفة ، وقام بفتح حافظة نقودها ، وتفقد محتوياتها ، فلم يجد إلا مبلغاً زهيداً من المال ، وكذلك بطاقة هويتها الشخصية ، وأيضاً مفتاح صغير ..

أمسك أوس بالمفتاح بإصبعيه ، وظل يقلبه في الهواء ، ثم ظهر شبح ابتسامة شيطانية على زاوية فمه ، و...

-أوس بنبرة لئيمة ، ونظرات متربصة : والفرصة جاتلي لحد عندي ...!


أدار هو محرك السيارة مجدداً ، ثم انطلق بها في اتجاه منزل تقى ...

.................................


في منزل تقى عوض الله ،،،


شكرت تقى الحاجة إجلال على مساعدتها لها ، ودلفت إلى داخل منزلها الذي أصبح موحشاً وكئيباً بعد رحيل جميع من فيه ..

ثم أغلقت باب المنزل بالمزلاج ، واستدارت بجسدها للخلف ، وجابت بعينيها كل ركن من أركان منزلها وهي تتذكر كيف كان ينبض بالحياة حتى الأمس القريب رغم صعوبة الظروف المعيشية الخاصة بهم ..

شعرت أنها غير قادرة على التحمل أكثر من هذا ، فإنهارت باكية بمرارة وآسى على ركبتيها ، وأحنت جسدها أكثر للأسفل ، وأخذت تضرب الأرضية بكفي يدها ...

ثم استسلمت لضعفها ، وتمددت بجسدها كلياً على السجادة القديمة الموضوعة على الأرضية ، وثنيت ركبتيها إلى صدرها ، و...

-تقى ببكاء مختنق : ليه كل ده يحصلنا ، ليه ؟؟ يا رب افرجها علينا ، يا رب ساعدنا ...!


أغمضت تقى عينيها في تعب ، وظلت دموعها تنهمر وتبلل وجنتيها ، ولفت ذراعيها حول نفسها ، وبدأت تغفو في مكانها بعد هذا اليوم المرهق .. ولكن تنبهت حواسها فجـــأة لذلك الصوت الذي يحاول فتح الباب .. ففتحت عينيها على عجالة ، واعتدلت في جلستها ، ثم فركت عينيها بكفي يدها ، ونظرت في اتجاه الباب ..

تأكدت هي بأن هناك من يحاول فتحه ، فعاد الأمــل إليها من جديد حيث ظنت أن والدها قد عــاد ومعه خالتها ، لذا نهضت عن الأرضية ، ونفضت خصرها ، وركضت مسرعة في اتجاه الباب ، ثم وضعت يدها على المزلاج وسحبته للخلف لينفتح الباب ، ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها حينما وجدته أمامها ، و.............................................. !!!


الفصل العاشر :


في منزل تقى عوض الله ،،،


اتسعت عيني تقى في صدمة ممزوجة بالرعب حينما وجدت ذلك المتوحش واقفاً أمام باب منزلها .. ، و...

-تقى بنبرة مذهولة : آآ.. انـ... انت !

-أوس بنبرة ماكرة تحمل في طياتها الوعيد : المرادي مش هاتعرفي تهربي مني


ابتلعت هي ريقها في خوف شديد ، وشعرت أنها قد أصيبت بالشلل التام ، حاولت أن تفتح فمها و تصرخ عالياً ، ولكنها لم تستطعْ بسبب تكميم أوس لفمها بكف يده ، وإحاطته لخصرها بذراعه الأخــر ..

قاومته تقى وحاولت أن تتحرر منه ، ولكنه قام بدفعها بجسده إلى الداخل ، وصفق الباب بقدمه ، ثم تراجع بها للخلف ولم يفلتها من قبضته ..

لاحظ أوس أن الباب لم ينغلق بسبب قفله المكسور ، لذا اضطر أن يترك تقى بعد أن دفعها بعنف على أقرب أريكة ، ثم ركض مسرعاً في اتجاهه لكي يغلقه ، ولكن تلك المرة بالمزلاج ..

سقطت تقى على الأريكة وتأوهت من الآلم ، وحاولت أن تنهض وتلحق به كي تفر من منزلها ، ولكنها كانت متأخرة الخطى .. فلم يكن أمامها سوى الاختباء منه حتى لا تتعرض لأذيته ..

-تقى بنبرة مذعورة : لالالالا .. انت .. آآآ..


استدار أوس بظهره ناحيتها ، ورمقها بنظرات جريئة أرعبتها ، و...

-أوس بنبرة مخيفة : أنا مش هاسيبك النهاردة


ركضت تقى في اتجاه غرفتها ، وحاولت أن تغلق الباب ، ولكن وضع أوس قدمه ليمنعها من غلقه ، فشهقت هي في فزع حينما لمحت طرف قدمه يبرز من الجانب ، و...

-تقى برعب جلي : عـــاااااا ... لألألأ .. ابعد عني ، الحقووني

-أوس بثقة : مش هتقدري تستخبي حتى مني ، وصوتي للصبح


ألقت تقى بثقل جسدها على الباب لكي تدعم في غلقه .. و...

-تقى بنبرة خائفة تحمل القليل من التهديد : امشي من هنا بدل ما ألم عليك رجالة الحارة


ضحك أوس بطريقة مستفزة ، ثم قرب رأسه من الباب ، و...

-أوس بخفوت مخيف : ولا مليون راجل هايقدر يحوشني عنك يا .. يا تقى


لم يحتاج أوس إلى أي مجهود مرهق لكي يتمكن من دفع الباب ومن خلفه تقى ..

فسقطت هي مجدداً على الأرضية ، وانفتح الباب على مصراعيه ، ووقف هو كالجبل الشامخ أمامها ، ثم حدجها بنظراته المتوعدة ..

-أوس بنبرة متحدية : مش قولتلك ، أنا مش هاسيبك النهاردة


نظرت تقى إليه بنظرات زائغة ، وظلت تهز رأسها في فزع ، واستعانت بمرفقيها لكي تزحف إلى الخلف ، في حين قام هو بالتقدم نحوها ، و...

-أوس بصوت أقرب للفحيح : ماتخلقتش لسه اللي تتحدى أوس


حاولت تقى أن تصرخ ، ولكن كان صوتها ضعيفاً مبحوحاً بسبب ما مرت به ، فإزدادت إرتجافتها ، وفكرت في أن تنهض من على الأرضية ، وتتجه ناحية أريكة خالتها ، وتقفز عبرها إلى النافذة المجاورة ..

وعلى ما يبدو أن أوس قد قرأ أفكارها ، فنظر إلى حيث نظرت بعينيها المذعورتين ، لذا أسرع في خطاه ، ثم جثى فوقها ، ومنعها من النهوض ، وأمسك بمعصميها ، ثم أرجعهما خلف رأسها ، وثبتهما على الأرضية ، وأخفض رأسه ناحية رأسها ، وحدق مباشرة في عينيها بنظراته القوية والجريئة ، بينما استمرت هي في تحريك جسدها لكي تتخلص منه ، فزاد هو من إحكام قبضته عليها ، و...

-أوس بخفوت : ماتقاوميش احسنلك ، لأنك مش هاتعرفي تفلتي مني


فشلت هي حتى في تحريك جسدها ، وعجزت عن تحرير معصميها ، بينما استمر هو في الضغط عليها بقوة آلمتها ، كما جعل عينيها تذرفان الدمع من شدة الآلم ..

-تقى وهي تشهق باكية : إهيء ..حرام عليك .. آآ.. ابعد عني .. إهيء ..


استمتع أوس برؤيتها خاضعة مرعوبة منه ، وشعر بنشوة الانتصـــار تسيطر عليه .. فأخذ نفساً عميقاً ، وزفره بتمهل شديد لتلفح تلك الأنفاس الحارة وجنتيها .. وكأنه يتعمد أن يقتلها بأنفاسه الكريهة ...

أشاحت بوجهها للجانب ، وحاولت أن تبعده قـــدر الإمكان عن أنفاسه ، بينما اقترب هو اكثر منها حتى أصبح فمه على بعد سنتيمترات من أذنها ، فهمس لها بـ ...

-أوس بخفوت : مافيش واحدة استعصت على أوس الجندي


أغمضت تقى عينيها وهي تستمع لفحيح كلماته ، كما دبت القشعريرة في أوصالها ، وارتجفت أكثر ، وحاولت أن تفلت منه ، ولكنه استمر في الضغط عليها ، وإبراز قوته الجسمانية ليشعرها بعجزها وضعفها وأنها مهما فعلت فهي تحت سيطرته ...

-تقى بنبرة مختنقة وضعيفة : حرام عليك ، أنا عملتلك ايه ، ابعد عني ، أنا .. انا آآ...

-أوس مقاطعاً بنبرة ثابتة : انتي هاتدفعي تمن غلطتك معايا ، وأنا مش بسيب حقي

-تقى بنبرة شبه منفعلة : أنا مغلطتش أصلاً


تعمد أوس أن يضغط أكثر على معصميها ليتلذذ برؤيتها تعاني ، و...

-أوس بحنق : لأ غلطتي ، يوم ما فكرتي تقفي قصادي ، فاستحملي بقى


بدأت الدمـــوع تنهمر من مقلتيها ، فالآلم أكبر من قدرتها على التحمل ، لذا نظرت إليه بعينيها المتورمتين ، و..

-تقى بنبرة مختنقة : أنا موقفتش قصادك ، أنا بس عاوزة أساعد أمي ، عاوزة أطلعها من المصيبة اللي مالهاش يد فيها ، صدقني والله ، وإن .. وإن كنت غلطت فأنا أسفة بس أرجوك سيبني ..!


لوى هو فمه في عدم اقتناع ، واستمر في التحديق في عينيها ، و...

-أوس باستخفاف : لا والله ، المفروض أصدقك

-تقى برجاء : والله ما بكدب ، أمي مظلومة ، أنا غرضي أساعدها ، وأنا قولتلك كده أنا مستعدة أعمل أي حاجة عشان اطلعها من اللي هي فيه

-أوس بنظرات وضيعة ، ونبرة ماكرة : وأنا مستعد إني أسامحك بس بشرط آآآ...

-تقى مقاطعة بخوف : لألألألأ .. أنا .. أنا آآآ...

-أوس مقاطعاً ببرود : مالك خايفة ليه ، مش ده اللي عاوزاه ، تلاقيكي بس مكسوفة تطلبي ، بس أنا آآآ....


لم يكمـــل أوس عبارته الأخيرة حيث سمع صوت قرع لجرس الباب ، فالتفت برأسه للخلف لينظر إليه ..

أرادت تقى أن تصـــرخ عالياً لتستغيث بالطارق ، ولكن أسرع أوس بضم معصميها بقبضة يد واحدة ، وكمم باليد الأخرى فمها ، ونظر إليها بنظرات محذرة ، و...

-أوس بنبرة صارمة : لو سمعت حسك مش هايحصل طيب


هزت تقى رأسها موافقة وهي تكاد تموت رعباً من أسفله ..

استمع كلاهما إلى صوت الجارة إجلال وهي تصدح بـ ....

-إجلال بنبرة عالية وهي تطرق باب المنزل : تقى يا بنتي ، افتحي يا حبيبتي ، أنا جيبالك العشا ، افتحي يا حبيبتي تلاقيكي على لحم بطنك من الصبح


ارتسمت ابتسامة متهكمة على زاوية فم أوس ، و...

-أوس بنبرة ساخرة : الظاهر إن خدمة الـ room service وصلت


حـــاولت تقى أن تتحدث ، ولكن كانت كف يده يضغط على شفتيها بقوة آلمتها ، فلم تستطعْ حتى أن تتنفس منه ، بينما استمرت الجارة إجلال في التحدث بــ....

-إجلال بإصرار : يا بت افتحي ، أنا عارفة إنك جوا ، خدي مني الأكل ، ده انتي أمك صاحبة واجب ، وأنا مش هامشي إلا لما أطمن عليكي


انزعج أوس بسبب إلحاح تلك الجارة على عدم الرحيل ، وفكر للحظة في طريقة للتخلص منها ، و...

-أوس بنبرة محذرة : شوفي يا قطة ، إنتي هاتفتحي الباب للولية الخرفانة اللي برا دي ، تزحلقيها بالراحة كده ، ولو بس فكرتي لثانية واحدة إنك تفتحي بؤك بكلمة ، أنا هانسفك إنتي وعيلتك وكل الحارة دي ،واظنك مجرباني


هزت هي رأسها مجدداً ، فتابع هو بـ ...

-أوس بنبرة أكثر صرامة : أنا هاشيل ايدي من على بؤك، وإنتي تقومي تفتحيلها ، وتطيريها ، فاهمة !

-تقى وهي توميء برأسها عدة مرات : ممممم...ممم..

-أوس بنبرة متوعدة : ولو عملتي حاجة غير كده ، أو أنا حسيت إنك ناوية على حاجة ، هتلاقيني طالع قدامك وهاقول إنك كنتي نايمة معايا جوا ، شوفي بقى الست جارتك هاتقول عنك إيه.. أقل حاجة إنك بت شمــال ، يعني هاتتفضحي


اتسعت عينيها في رعب وشحب لون وجهها في فزع وهي تتخيل وقع ما قد يقوله على سمعتها وسمعة عائلتها ..

أيقن أوس من نظراته المرتعدة أن مغزى رسالته قد وصلها ، لذا اعتلى ثغره ابتسامة انتصار ، و...

-أوس بنبرة إعجاب : كده انتي بتفهمي ..


ثم أزاح يده بعيداً عن شفتيها اللاتين ازدادتا إحمراراً بسبب ضغطه المستمر عليهما ، وارخى قبضته عن معصميها .. ثم ابتعد بجسده عنها ، ونهض عن الأرضية .. في حين لملمت هي شتات نفسها ، وإعتدلت في جلستها ، وفركت معصميها لتخفف من حدة الآلم ...

انحنى أوس بجذعه ناحيتها وهو ممدد لذراعه لكي يساعدها على النهوض ، فحدجته تقى بنظرات مشمئزة ، ورفضت أن تمسك بكفه ، ونهضت بنفسها ..


ســـارت تقى بخطوات مرتبكة وكادت أن تتعثر في مشيتها بسبب حالة الرعب المسيطرة عليها ..

تابعها هو بأعينه الثاقبة ، وتفحص جسدها بنظرات شهوانية طامعة ..

التفتت برأسها في فزع للخلف ، فوجدته محدقاً بها ، فإزدادت رعشتها المذعورة منه ، وأسرعت أكثر في مشيتها ..

وقفت تقى أمام باب المنزل ، وقامت بفتح المزلاج ، ونظرت إلى الجارة إجلال بنظرات خائفة ..

-إجلال بنبرة معاتبة : كل ده يا بنتي عشان تفتحي ، ده أنا إيدي وجعتني من كتر الخبط

-تقى بنبرة مرتعشة : آآ.. أصل .. آآ.. انا.. آآ.. يعني كنت آآ...

-إجلال مقاطعة بنبرة دافئة : خلاص يا بنتي مايهمكيش ، أنا عارفة الظروف والحالة اللي انتي فيها ..


ثم مدت يدها بالصينية الصغيرة المغطاة بـ ( مفرش ) صغير من اللون الأبيض و...

-إجلال بنبرة هادئة : خدي يا بنتي الأكل ده ، قوتي بيه نفسك بدل ما تقعي من طولك

-تقى بنبرة ضعيفة : أنا .. أنا .. مش عاوزة

-إجلال بإصرار : مش عاوزة إيه بس ، لازم تاكلي عشان صحتك ، وعشان خاطر أمك الغلبانة دي ربنا يفك سجنها

-تقى بإرهاق : بس . بس أنا

-إجلال مقاطعة بحزم : تقى هي كلمة ، خدي الأكل ، واتعشي ونامي كويس ، والصباح رباح إن شــاء الله ، وأكيد هتسمعي أخبار حلوة ، وأنا مش هاسيبك ، هافضل متبعاكي ، وكل شوية هتلاقيني عندك


خافت تقى إن أطالت أكثر في الحديث مع الجارة إجلال أن ينفذ أوس تهديده ، لذا أخذت الصينية منها وأمسكتها بيديها المرتجفتين ، و..

-تقى بنبرة متلعثمة : آآ.. مـ.. متشكرة أوي


انتظرت تقى للحظة حتى تبتعد الجارة عن الباب ، فأمسك بالصينية بيد واحدة ، ثم باليد الأخــرى أغلقت الباب ..

ولكنها شهقت في فزع وكادت تسقط الصينية من يدها ، حينما وجدت يد أوس تمتد عالياً لتغلق المزلاج ، و..

-أوس بخفوت : برافو عليكي ، كده تعجبيني


ثم مـــد يده الأخرى ليتناول الصينية منها ، وكشف الغطاء عنها ، و...

-أوس وهو يزم شفتيه في استغراب : ممممم... لأ واضح إن جارتك متوصية بيكي


بدأ يختطف أوس عدة لقيمات متنوعة من محتوى الصينية ، وهو يسير في اتجاه الأريكة التي تتوسط الصالة ، ثم جلس عليها بعد أن أسند الصينية على طاولة الطعام ..

وضع ساقه فوق الأخرى ، وأسند مرفقيه على مسندي الأريكة ، وسلط بصره على تقى .. و...

-تقى بنبرة راجية : لو سمحت ممكن تمشي بقى ، كفاية لحد كده ، أنا معنتش قادرة

-أوس بنبرة لئيمة ، ونظرات خبيثة : تعبانة ؟ طب ما أنا موجود وممكن أريحك !!


احتقن وجهها سريعاً بدماء الغضب الممزوجة بالحرج الشديد ، كما قطبت جبينها في إنفعال ، وأوشكت على أن تنهال عليه بوابل من السباب القوي والحاد ، وتتطاول عليه بالألفاظ النابية ، ولكنها منعت نفسها في أخـــر لحظة من الإندفـــاع حيث خشيت أن يتهور معها ، فأخذت نفساً مطولاً ، وزفرته على مهل ، و...

-تقى وهيتصر على أسنانها في حنق : من فضلك امشي

-أوس ببرود : مش قبل ما نتفق

-تقى بضيق : على ايه ؟

-أوس بلؤم وهو يغمز لها : على اللي انتي عاوزاه مني

-تقى بإندفاع : وأنا مش عاوزة حاجة خلاص ، أمي يتولاها ربنا ، وأنا هاتصرف وأشوفلها محامي يثبت برائتها

-أوس بسخرية : وانتي تقدري تأكلي نفسك لما هاتدفعي مصاريف محامي


ابتلعت تقى مرارة الإهانة ، ونظرت إليه بنظرات ثابتة و...

-تقى بتحدي : أنا هاتصرف ، دي حاجة تخصني ، وربنا مع المظلوم وهاينصره في الأخــر حتى لو بعد سنين

-أوس بنبرة رخيمة : طب وليه تستني سنين لما ممكن نحل الموضوع ده في كلمة ونص


إزداد حاجبيها إنعقاداً ، وارتسمت علامات الحيرة أكثر على ملامح وجهها ، و....

-تقى بعدم فهم : قصدك ايه ؟


نهض أوس عن الأريكة ، وتحرك في اتجاه تقى إلى أن وقف قبالتها ، و...

-أوس بنبرة جادة : مش انتي عاوزاني أطلع أمك من القضية دي فوراً

-تقى وهي تبتلع ريقها في توجس : ايوه

-أوس بنبرة هادئة ، ونظرات دقيقة : يبقى تدفعي تمن الخاتم اللي هي سرقته

-تقى وهي فاغرة شفتيها في صدمة : نعم ؟؟ أدفع تمنه منين ؟؟؟ هو إحنا حيلتنا حاجة

-أوس بنبرة متغطرسة : كويس إنك عارفة ده كويس ، عشان تشوفي أد إيه أنا كريم معاكي

-تقى بحيرة : أنا مش فاهمة حاجة

-أوس بنبرة جادة : انتي هاتشتغلي عندي وتسددي دين أمك في مقابل إني أطلعها من السجن

-تقى متسائلة بذهول : هـــاه .. آآ.. أشتغل عندك ؟!!

-أوس بنبرة مغترة : أيوه ..


ثم صمت للحظة ، واستدار بظهره ، وســـار مبتعداً عنها وهو واضع كلا يديه في جيبي بنطاله ، و...

-أوس مكملاً بجدية : من حقك ترفضي عرضي ده ، بس متلوميش إلا نفسك بعد اللي هاعمله في أمك


تخبطت تقى في أفكارها ، وشعرت أن رأسها يدور وهي تتخيل التطور السيء بل الأسوأ في حياتها وحياة عائلتها البائسة التي تحاول جمع شملها ..


ظل أوس مولياً إياها ظهره ، ولكن إزدادت ابتسامته الواثقة إتساعاً ، فهو متأكد من أنها ستقبل بعرضه المغري دون أدنى تفكير ، وهو لن يتهاون للحظة في إذلالها ، وكســـر كبرياؤها الذي تجرأ عليه ..


تنهدت تقى في حـــزن ، وأطرقت رأسها للأسفل ، ثم ...

-تقى متسائلة بنبرة متلعثمة تحمل المرارة : وانت .. آآ.. عــ.. عاوزني أشتغل ايه في شركتك ؟


استدار بجسده كلياً ليواجهها ، ونظر في عينيها مباشرة قبل أن يتشدق بـ ...

-أوس بنبرة استغراب : شركتي ؟!

-تقى بخفوت : أه ، مش انت هاتشغلني فيها ؟ بس أنا .. أنا مش عندي شهادات زي موظفينك ، وآآآ...

-أوس مقاطعاً بجدية : ومين قالك إنك هاتشتغلي في شركتي ؟!

-تقى متسائلة في حيرة ممزوجة بالقلق : أومــال .. انت .. انت عاوزني أشتغل في آآ...


صمتت تقى للحظة لتحاول جمع شجاعتها الغائبة ، وكذلك لدفع الكلمات للخروج من جوفها ، و..

-تقى متابعة بنبرة خائفة تحمل التحذير : أنا .. أنا واحدة شريفة وماليش في أي أفكار زبالة في دماغك

أرجع هو رأسه للخلف وهو يقهقه عالياً من الضحك ، و...

-تقى متسائلة في فزع : أنا واحدة شريفة و.. واستحالة أعمل حاجة تغضب ربنا ، أو .. أو أذل عيلتي وأحط راسهم في الطين

-أوس بنبرة ساخرة : حلو جو الشرف ده ، بجد كل شوية بتبهريني


أخـــذ هو نفساً عميقاً ، ثم زفره على عجالة ، و...

-أوس بنبرة متصلبة : أنا لو عاوزك هاخدك غصب عنك ، ومحدش هايمنعني منك ، بس أنا عاوز أكسرك ، عاوز أسففك التراب زي ما بيقولوا

-تقى بصوت مبحوح : ليه كل ده

-أوس بحدة ، ونظرات مشتعلة : مزاجي كده ، أشوفك مدمرة قدامي


أدركت تقى أنها لا تتحدث مع شخص طبيعي ، وإنما مع شيطان متجسد في هيئة بشري .. وهي قد وقعت في شباكه اللئيمة دون قصد ..


أرهقها كثرة التفكير ، فحسمت أمرها بـ...

-تقى متسائلة بحيرة : طب أنا .. أنا هاشتغل فين ؟

-أوس بهدوء قاسي : في القصر عندي

-تقي بنظرات متسعة من الذهول ، ونبرة متعجبة : قصرك !!

-أوس وهو يهز رأسه في هدوء : أيوه .. انتي هاتكوني زي ما تقولي كده .. الـ ... آآ.. الخدامة بتاعتي

-تقى بنبرة مصدومة : نعم ؟!!

-أوس ببرود : زي ما سمعتي ، انتي خدامتي في القصر وبس

-تقى بتردد : بس آآ..

-أوس بجدية : ده العرض بتاعي ، وده اللي يليق عليكي ، أنا هستناكي بكرة في عنواني ده ، لو جيتي يبقى أمك هاتخرج ، لو ماجتيش يبقى قولي على نفسك وعلى عيلتك يا رحمن يا رحيم


لم تنبس تقى بكلمة واحدة ، وظلت تتابع إنفعالات أوس المستفزة لها ، ونظراته الشامتة فيها في صمت مرير ..

اقترب هو مجدداً منها ، ووقف قبالتها ، وحدق في عينيها بنظرات ثابتة و..

-أوس بنبرة هادئة تحمل الوعيد : استعدي بقى للي جـــاي معايا ، سواء وافقتي أو رفضتي


أخفض هو عينيه ليتفحص جسدها بنظراته الجريئة ، فارتجفت هي منه ، وتراجعت خطوة للخلف ، ولفت ذراعيها حول صدرها ، فابتسم في تشفي ، و...

-أوس بغرور وهو يكور قبضة يده : حياتك بقت ملكي غصب عنك


ثم ســــار ناحيتها ، بينما استمرت هي في التراجع إلى أن استندت بظهرها على باب المنزل ، فإزدادت ابتسامته الشيطانية اتساعاً ، ومـــد إصبعه ليلمس طرف ذقنها ، فمالت هي برأسها للجانب لتتفاداه ، وبدأ جسدها يرتجف بشدة مجدداً ، فرمقها بنظرات متحدية ، و...

-أوس بخفوت مستفز : حظك الاسود وقعك في سكتي .. وأنا زي ما قولتلك مش هارحمك


أغمضتت عينيها لتتجنب النظر إليه ، وظلت تبعد وجهها عنه ، فنفخ هو في وجنتها بأنفاسه الحارة ليزيد من رجفتها التي تثيره ..

ضغطت تقى على عينيها بجفونها ، وأوشكت مقلتيها على ذرف الدموع ، ولكنها تحاملت على نفسها حتى لا تنهار باكية أمامه ، فيزداد تشفياً فيها ..

تابع هو التغيرات البادية على ملامح وجهها بفضول شديد ، ورغب في إذلالها أكثر ، فتشدق بــ...

-أوس بنبرة متوعدة تحمل الإهانة : استعدي للي جاي معايا يا .. يا بنت الـ ***


سقطت عبرة من عينيها عقب إهانته الأخيرة لها ، فلمحها ومد إصبعه ليمسحها عن وجنتها ، ففتحت عينيها في رعب ، وشهقت في فزع ، في حين رفع إصبعه المبتل بتلك العبرة أمام عينيه ، و...

-أوس بنبرة شامتة : بكرة تبكي بدل الدموع دي دم .... سلام يا .. يا قطة


ثم تراجع خطوة للخلف ، ورمقها بنظرات متأففة ، ومد كف يده ليقبض على ذراعها ، ثم تعمد غرس أظافره بقسوة فيه ليؤلمها ، فتأوهت من الآلم ، ونظرت إليه بنظرات راجية ممزوجة بالهلع حتى تركها ، ثم قام بدفعها بعيداً عن الباب ، و نظر لها شزراً ، و...

-أوس بنبرة واثقة : مستنيكي بكرة


ثم سحب المزلاج ، وفتح الباب ، ودلف للخـــارج وصفقه بقوة خلفه ، ولكنه ارتد مفتوحاً ، فارتمت هي بجسدها على الباب ، وقامت بغلقه سريعاً من المزلاج ، ثم انهارت تشهق وتبكي على الأرضية الصلبة لبرهة من الزمن ، و...

-تقى بنبرة مختنقة وهي تدفن وجهها بين راحتي يدها : أعمل ايه الوقتي ، معدتش قدامي حاجة اعملها غير .. غير إني أوافق أكون ... آآ.. خدامة عند الحيوان ده ........................................!!

الفصـــل الحادي عشر :


غفت تقى في مكانها على الأرضية حيث إنهارت باكية بالأمس عليها ، ولم تستيقظ إلا على صوت الضوضاء اليومية لأهالي الحارة التي تقطن بها ..

شعرت تقى بأن عظامها تؤلمها ، تمنت لو كان كل ما تمر به مجرد كابوس ، ولكن للأسف الواقع كان أسوأ بكثير مما تعتقد ..

وضعت هي يدها خلف ظهرها لتتحسسه وتضغط على فقراته التي تصدر أنيناً داخلياً بسبب نومتها الغير صحيحة عليه .. ثم استندت بكف يدها على الأرضية لكي تتمكن من النهوض ..

تمطعت تقى بجسدها ، وفردت ذراعيها في الهواء ، ثم نظرت حولها وتذكرت ذلك الحوار الجريء والوقح مع هذا البغيض الذي بات لزاماً عليها أن تكون خادمته ..

تنهدت في آســى ، ثم سارت في اتجاه المرحاض لتغسل وجهها ، وتستعد ليومها المثقل بالهموم ...


..........................................


في قصر عائلة الجندي ،،،،


لم تصدق ليان عينيها حينما فتح أوس كف يده لترى خاتمها ذو الثمن الباهظ موضوعاً بداخل راحته ..

وضعت هي يديها على فمها المكتنز ، وارتسمت علامات الاندهاش الممزوجة بالسعادة على ثنايا وجهها ، ثم قفزت عدة مرات وهي تصرخ بـ ...

-ليان بنبرة عالية ، ونظرات متسعة : واو .. مش ممكن ، انت بجد رهيب يا أوس


ثم مدت يدها لتمسك بالخاتم ، ومن ثم ارتمت في أحضان أخيها ، وقبلته من وجنته بعد أن لفت ذراعيها حول عنقه ، و...

-ليان بنبرة ممتنة : ثانكس أوي يا أوس ، أنا مش مصدقة إنك عرفت ترجعه تاني ، بجد أنا فرحانة أوي أوي أوي


وضع أوس قبضتي يده على ذراعي أخته ، ثم أبعدها عنه ، ونظر مباشرة في عينيها بنظرات ثابتة ، و....

-أوس بنبرة مغترة : أنا أوس مهاب الجندي ، مش مجرد حد عادي والسلام

-ليان وهي تمط شفتيها في إعجاب : مممم .. بصراحة حقك تتغر بنفسك ، أنا لو زيك هاعمل أكتر من كده

-أوس بغطرسة جلسة : محدش عمره هايبقى زيي


أمسكت ليان بالخاتم بين إصبعيها ، وقربته من عينيها ، وظلت ترمقه بنظرات الاشتياق ، و...

-ليان بنبرة فرحة : واو .. زي ماهو الخاتم ، مافيش حاجة حصلته ..


ثم صمتت للحظة ، وتنهدت في ارتياح ، وتحركت بضعة خطوات للأمـــام و...

-ليان بنبرة هادئة : اووف ، أنا كنت خايفة مامي تعرف وتعملي حكاية


وضع أوس يديه في جيبي بنطاله ، وانتصب في وقفته ، و....

-أوس بنبرة جادة : خدي بالك بعد كده ، لأن لو اتكرر الموضوع أنا مش هادخل تاني

-ليان بعدم اكتراث : أوكي ... اوكي


لم تستدرْ ليان لأوس ، بل ركضت مسرعة في اتجاه غرفتها وهي تتمتم بكلمات خافتة ، ولكن قبل أن تختفي تماماً عن ناظريه ، التفتت إليه برأسها ، و...

-ليان بنبرة عالية : على فكرة احنا رايحين الساحل يومين قبل عيد ميلادي ، هاتيجي معانا ؟

-أوس باستغراب : الساحل ؟!

-ليان وهي توميء برأسها إيجابياً : أها ..

-أوس متسائلاً بنبرة جافة : وأنتو مين اللي رايحين بقى ؟

-ليان بنبرة متحمسة : أنا ومامي وجايدا صاحبتي ومامتها ، واحتمال كبير أونكل ممدوح لو جــه من السعودية


إزداد إنعقاد حاجبي أوس ، وضاقت عينيه ، ثم كور قبضة يده بعد أن أخرجها من جيبه و...

-أوس بنبرة شبه محتقنة : ممدوح ..!!!

-ليان مبتسمة ابتسامة صافية : اها .. مامي قالتلي انه راجع بالكتير على بكرة ، فـ sure هايحصلنا

-أوس بنبرة ساخطة : وطبعاً الدكتور مهاب مالوش في الليلة دي كلها


تلاشت ابتسامة ليان سريعاً ، وحــل محلها الجمود ، و..

-ليان بنبرة غير مبالية : بابي مش فاضي كعادته

-أوس بتهكم صريح : ايوه ، هو مش فاضي ، لكن سي ممدوح فاضي !

-ليان بنبرة متشنجة : على الأقل بيعوضني عن غياب بابي المستمر ، وبيعتبرني زي بنته


لــــوى أوس فمه في تأفف ، وأشاح بوجهه للجانب ، ثم ...

-أوس بنبرة خافتة تحمل السخط : مش انتي بس اللي بيعوضك ، ده أمك كمان

-ليان متسائلة بفضول : بتقول حاجة يا أوس ؟

-أوس ببرود : لأ .. روحي شوفي اللي وراكي


ثم حــــدق مباشرة في الفراغ أمامه ، و...

-أوس لنفسه بخفوت يحمل التوعد : وخليني أشوف أنا كمان اللي ورايا ..!


انصــــرف أوس مبتعداً عن الرواق ، بينما اختفت ليان داخل غرفتها وهي ترقص طرباً من السعادة ...


.....................


في منزل تقى عوض الله ،،،،


خرجت تقى من المرحاض وهي تلف شعرها المبتل بالمنشفة ، ثم عدلت من وضعيتها على رأسها كي لا تسقط ، وقامت بغلق الأزرار الخاصة بقميصها القطني – ذو اللون الوردي – وشدته عن خصرها للأسفل قليلاً ..

ثم قامت بالإنحناء للأسفل لتفرد السجادة المثنية ، وتعيد ترتيب أثاث المنزل المبعثر ..

بعد برهـــة كانت هي قد انتهى من ترتيب كل شيء ، ونزعت عن شعرها تلك المنشفة ، وسارت في اتجاه غرفتها لتبدأ في تمشيط شعرها الطويل ، ثم عقصته كحكة ، وربطت حول شعرها ( إيشارباً ) قصيراً من اللون الأصفر ...

أمسكت هي بالمكنسة العادية وبدأت في ( كنس ) الأتربة وبعض الأشياء العالقة عن غرف المنزل ، وبعدها قامت بمسح الأرضيات كلها ..

حاولت تقى أن تلهي عقلها عن التفكير في كل ما مرت به ، ولكنها عجزت عن هذا ، فكيف تنسى والدتها وخالتها وأبيها .. الكل اختفى فجـــأة من حياتها .. وعليها أن تعيد لم شمل أسرتها من جديد ..


ثم قطع تفكيرها صوت قرع جرس الباب، فانتفضت فزعاً في مكانها ، وظنت أن ذلك البربري المتوحش قد عــاد إليها مجدداً .

أمسكت هي بالمكنسة جيداً ، وقبضت عليها بقوة ، وعقدت العزم على استخدامها كوسيلة للدفاع عن نفسها إن حاول الاقتراب منها ..


قـــرع الجرس مجدداً ، فتملكها الرعب ، وارتجفت أوصالها ، ثم هدأت تدريجياً حينما سمعت صوت ...

-الشيخ أحمد بنبرة قوية وهادئة : افتح يا عم عوض ، أنا الشيخ أحمد


تنفست تقى الصعداء ، وأغمضت عينيها في ارتياح ، ثم عاودت فتحهما ، وســارت بخطوات سريعة ناحية الباب ، وجذبت المزلاج لينفتح الباب على مصرعيه ، و...

-تقى بنبرة شبه متلعثمة : شـ.. شيخ أحمد


أجفل الشيخ أحمد بصره للأسفل ، وظل يحرك مسبحته بأصابعه في هدوء ، و...

-الشيخ أحمد بنبرة خافتة : السلام عليكم يا بنتي


حدقت تقى في الشيخ أحمد ، وشعرت نوعاً ما بالإطمئنان لوجوده ، و...

-تقى بتلهف : وعليكم السلام يا شيخ أحمد ، بابا اللي باعت حضرتك تطمن عليا صح ؟

-الشيخ أحمد بهدوء : للأسف لأ يا بنتي ، ده أنا جاي أسألك عنه ، هو مجاش الجامع من امبارح ، فأنا قلقت عليه ، و..آآ...

-تقى مقاطعة بخوف : يعني.. يعني حضرتك مش عارف عنه أي حاجة

-الشيخ أحمد بنبرة عادية : لأ يا بنتي ، هو عامل ايه ؟

-تقى بتوجس : بابا مش موجود من امبارح في البيت

-الشيخ أحمد متسائلاً بحيرة : ليه يا بنتي ؟

-تقى بنبرة مريرة : حضرتك عارف إن .. آآ.. إن ماما اتقبض عليها في قضية ظلم ، وآآ.. وخالتي بعدها تاهت مننا ، وبابا نزل يدور عليها ، وآآ.. وهو لسه مرجعش .. أنا .. انا افتكرت انه راح الجامع وبات فيه

-الشيخ أحمد بنبرة رخيمة : لأ يا تقى يا بنتي ، هو مجاش خالص الجامع ، وانا فضلت منتظره حتى في صلاة الفجر ، وقولت لما النهار يطلع أعدي أطمن عليه

-تقى بنبرة ممتنة : كتر خيرك يا سيدنا الشيخ

-الشيخ أحمد بنبرة جدية : طب انتي يا بنتي مش عاوزة حاجة ؟ مايلزمش اي خدمة أعملهالك

-تقى بنبرة حزينة : ادعيلنا يا شيخنا ربنا يفرجها علينا ، وينصر امي ويظهر الحق ، وينجينا من اللي احنا فيه

-الشيخ أحمد بنبرة راجية : ربنا يكرمك يا بنتي بالخير كله ويصلح حالك ، ويريح بالك ، ويفرج عنك كربك

-تقى بنظرات متوسلة ، ونبرة متعشمة : أميييين يا رب العالمين

-الشيخ أحمد بصوت رزين : طيب يا بنتي ، هاستأذن أنا ، ولو في جديد عرفيني

-تقى وهي تتمتم بخفوت : حاضر

-الشيخ أحمد بجدية : اقفلي الباب ، وأنا هاتوكل على الله ، سلامو عليكم


ثم أشــــار لها بيده وهي مطرق الرأس ، فأومــأت هي برأسها ، ودلفت إلى داخل منزلها ، وأغلقت الباب بالمزلاج ...


نزل الشيخ أحمد على درجات السلم وهو يعبث بمسبحته ، و...

-الشيخ أحمد بخفوت : اللهم يسر ولا تعسر ..!!


توقف هو عن النزول فجـــأة حينما لمح بزاوية عينه فتاة مــا صاعدة عليه وهي تتغنج في مشيتها وتتبختر بخيلاء ، ترتدي ملابس شبه فاضحة تظهر مفاتنها كأنثى و...

-رحمة بصوت أنثوي دافيء : عم الشيخ أحمد ، منور عمارتنا الكحيانة دي


حدجها الشيخ بنظرات مشمئزة قبل أن يخفض بصره للأسفل ، و...

-الشيخ أحمد بجدية : استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم


وضعت هي يدها في منتصف خصرها ، ومالت للجانب قليلاً ، ثم رمقت الشيخ بنظرات متفحصة قبل أن تتشدق بـ ...

-رحمة بتهكم : ايه يا عم الشيخ ، هو انت شوفت عفريت لا سمح الله ..


ثم صمتت لثانية قبل أن تهز كتفيها في غرور ، و...

-رحمة بنبرة مغرية تحمل الدلال : ده أنا رحمة ست البنات ، ونجمة الكليبات ، وموديل جامد في الإعلانات

-الشيخ أحمد بنبرة قوية وجافة : لا عفريت ، ولا غيره ، الله يهديكي يا بنتي


ثم تنحى للجانب قليلاً ، ونزل الدرج وهو يستغفر الله كثيراً ، فرمقته هيبنظرات متعالية قبل أن تتابع بـ ...

-رحمة بتهكم : ربنا يهديك ويهدينا يا سيدنا الشيخ ، كفاية انت تدعيلنا .....!!

...........................................


في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب ،،،،،


ظل عُدي يطرق بأصابع يده على سطح المكتب ، وباليد الأخرى وضع هاتفه المحمول على أذنه، و...

-عدي لنفسه بضيق : اوووف ، انا مش عارف انت مجتش ليه !!


انتظر عدي أن يُجيب أوس على اتصاله ، ولكن دون جدوى ، فعاود المحاولة مجدداً ، فأجاب عليه الأخير بـ...

-أوس هاتفياً ببرود : خير

-عدي بنبرة منفعلة قليلاً : ايه يا أوس ، انت فين كل ده ؟ عندنا النهاردة آآ....

-أوس مقاطعاً بغير اكتراث : ششش .. اهدى يا عُدي ، أنا مش جاي النهاردة


نهض عُدي عن المقعد ، وحدق أمــــامه بصدمة ، و...

-عدي بنبرة مذهولة : نعم ؟

-أوس ببرود مستفز : زي ما سمعت ، أنا مش جاي


إزداد انعقاد ما بين حاجبيه ، وجلس على المقعد الجلدي ، و...

-عدي متسائلاً بفضول : طب ليه ؟

-أوس بهدوء : عندي شغل

-عدي متسائلاً بحيرة أكبر : شغل ايه ده ؟؟ حاجة أنا معرفهاش !!

-أوس مبتسماً بثقة : يعني

-عدي بفضول شديد : حاجة ايه دي ، ما تقول يا سيدي

-أوس بإقتضاب : بعدين هاقولك

-عدي وهو يزم شفتيه في انزعاج زائف : ماشي ، براحتك ، بس كله مع الوقت بيبان

-أوس بنبرة جافة : أنا مش فاضي ، سلام


تعجب عُدي كثيراً من حالة أوس الغريبة ، وألقى بهاتفه على سطح المكتب ، و...

-عدي بحيرة : غيابك ده يا أوس وراه حاجة خطيرة ، وأنا لازم أعرفها ..!!

............................................


في قصر عائلة الجندي ،،،،،


وقفت السيدة ناريمان أعلى الدرج ، وأمسكت بالدرابزون ، و...

-ناريمان بنبرة عالية وآمرة : حد يجي ينزل الشنط بسرعة

-خادمة ما بنبرة مرتبكة : حــ.. حاضر يا هانم


ثم ركضت مسرعة على الدرج لكي تنفذ أوامر ربة عملها ...


دلف أوس خــــارج غرفته وهو مرتدي لبنطاله القماشي الرمادي اللامع ، ومن الأعلى قميصه الأبيض الذي يبرز عضلات صدره القوية ، وترك أزراره مفتوحة ، ووقف يرمق والدته بنظرات استنكار ، و...

-أوس بنبرة قانطة : واضح انك مستعجلة أوي


انتفضت ناريمان في مكانها ، واستدارت ببخلف لتجد ابنها الأكبر أوس يرمقها بتلك النظرات المهينة ، فابتعلت ريقها في توتر ، و...

-ناريمان بنبرة متلعثمة : آآ.. قصدك ايه ؟

-أوس بنبرة متصلبة : انتي فهماني كويس أوي ، مافيش داعي نضحك على بعض

-ناريمان بنفاذ صبر : يوووه ، انت كل شوية هاتتكلم بالأسلوب اللي بينرفز ده معايا

-أوس ببرود مستفز ، ونظرات قاسية : بكرة يجي اللي يروق بالك ، ويعدل مزاجك ..

-ناريمان وهي تبتلع ريقها في توتر : آآآ.. أنا .. محتاجة أغير جو ، مخنوقة أوي ، باباك مش سائل فيا ، ايه مش من حقي أفك عن نفسي شوية

-أوس بنبرة فجة ، ونظرات ساخطة : من جهة انك هاتفكي ، فأنا متأكد أوي انك هتعملي ده

-ناريمان بحدة : اخرس ، انت ولد مش متربي ، وسافل وآآ...

-أوس مقاطعاً بصرامة : تربيتك انتي وصديق العيلة ، تحبي أقول تربيتكم كانت عاملة إزاي؟

-ناريمان بإنفعال : بطل كلامك ده ، مش هاتعيده كل شوية عليا ، أنا أصلاً غلطانة اني بأقولك أي حاجة عني ، أنا ماشية


ثم اتجهت ناحية الدرج ، ونزلت عليه وهي تحاول إخفاء علامات الارتباك التي بدت واضحة للعيان على كل ذرة في كيانها ...

تبعها أوس بنظراته القوية والمشتعلة من الغضب ، و...

-أوس لنفسه بنبرة محتقنة : مش هانسى أبداً اللي عملتوه انتو الاتنين فيا وفي أبويا ، ولا في ..آآآ.... ...!!!

-ليان مقاطعة بفضول : ايه ده هو انت بتكلم نفسك يا أوس ؟


إزدادت ملامح وجهه عبوساً ، وضاقت عينيه أكثر ، و...

-أوس بنظرات حادة ، ونبرة جامدة : نعم ؟


استغربت ليان من حالة أخيها المنزعجة ، و...

-ليان بنبرة عادية : في ايه ؟ مال وشك قلب كده ؟

-أوس ببرود : عادي ، مافيش

-ليان بعدم اهتمام : اوكي براحتك ، أنا مسافرة مع مامي خلاص ، عاوز حاجة يا أوس

-أوس بإيجاز : لأ..

-ليان بنبرة متحمسة : واو .. أنا متوقعة ان السنادي هاتكون special ( مميزة ) على الأخـــر ، فسح وبارتي ، وسفر .. واو

-أوس وهو يلوي فمه في استهزاء : ده مع سقوطك

-ليان بضيق جلي : نعم ؟ سقوطي ؟؟

-أوس بتهكم : ماتنسيش ده كمان ، حطيه في الليستا ( القائمة )

-ليان بإنزعاج : خلاص يا أوس ، كفاية أوي ، انت قفلتني على الأخـــر


ظلت ليان تغمغم بخفوت وهي تسير مبتعدة عنه ، بينما استدار هو عائداً إلى غرفته ، و...

-أوس لنفسه بنبرة جادة ، ونظرات مترقبة : لسه الدور جاي على القطة ، أما أشوف هاتعمل ايه معايا !


.........................................


في منزل تقى عوض الله ،،،،


بدلت تقى ثيابها ، وارتدت عباءتها السوداء ، ثم مشطت شعرها بيدها ، وعقصته برباط مطاطي ، وارتدت الحجاب على رأسها ، وتنهدت في توتر ، و...

-تقى لنفسها بقلق : يا رب عديها على خير ، أنا مضطرية أروح للحيوان ده عشان خاطر أمي وبس ..


تأملت هي البيت من حولها ، وشعرت بغصة في حلقها ، ووضعت يدها بعد أن كورتها على صدرها و...

-تقى بتوجس : قلبي مش مطمن للي ممكن يحصل ، بس مافيش قدامي إلا كده


أحضرت تقى حقيبة بلاستيكية سوداء ، ووضعت بها حافظة نقودها الصغيرة ، ثم منشفة قماشية صغيرة ، وعباءة منزلية فضفاضة قديمة تخص والدتها ، ثم أغلقت الحقيبة ، وانحنت بجسدها للأسفل في اتجاه فراشها لتبحث عن حذائها ، فلم تجده ، ثم جثت على ركبتيها لتبحث أسفل أريكة خالتها ، وبالفعل وجدته ، فمدت يدها وسحبته للخارج ، ثم نهضت عن الأرضية ، واعتدلت في وقفتها ، وارتدته ، ثم أخذت نفساً عميقاً ، و...

-تقى بتوتر : يا رب نجيني من أي شر ، يــــا رب


طوت هي الحقيبة البلاستيكة ، وأغلقت الإضاءة الخاصة بالغرفة ، ودلفت إلى خـــارج منزلها ، واستعانت بقفل خارجي لتتمكن من غلق الباب المكسور ..

ثم توجهت ناحية منزل الجارة إجلال ، وقرعت الجرس ، وانتظرت بجواره ..

بعد لحظات فتحت لها الجارة إجلال الباب ، و...

-إجلال باستغراب : تقى ! خير يا بنتي


مـــدت تقى يدها بنسخة من مفتاح القفل ، و...

-تقى بنبرة حزينة : اتفضلي يا طنط المفتاح ده بتاع القفل اللي أنا حطاه على الباب ، لو بابا جه من برا اديهوله


أخـــذت الجارة إجلال المفتاح ، وقبضت عليه بكف يدها ، ونظرت إلى قى بحنو و...

-إجلال بنبرة دافئة : حاضر يا بنتي ..

أخفضت الجارة إجلال عينيها للأسفل لتجد حقيبة بلاستيكة في يدها ، فعقدت حاجبيها في استغراب ، و...

-إجلال وهي تزم شفتيها في خفوت : ايه الشنطة دي ؟


قبضت تقى على الحقيبة أكثر بأصابعها ، ونظرت إلى جارتها بإرتباك ، و...

-تقى بنبرة متلعثمة : آآآ... أنا .. أنا رايحة شغلانة جديدة

-إجلال باستغراب : شغلانة ؟؟!! هو انتي سبتي معهدك ؟

-تقى وهي تبتلع غصة ما في حلقها : حاجة زي كده

-إجلال بنبرة آسفة : معلش يا بنتي ، الله يعوض عليكي

-تقى بنبرة مخزية : يا رب ، المهم ماتنسيش يا طنط المفتاح معاكي أهوو

-إجلال بنبرة واثقة : اطمني يا تقى ، أنا واخدة بالي كويس

-تقى بنبرة ممتنة : كتر خيرك يا طنط


أمسكت تقى بالدرابزون ، ونزلت إلى الأسفل وهي تكاد تموت رعباً مما هي مقبلة عليه .....

....................................


في قصر عائلة الجندي ،،،،


أعطى أوس أوامر مشددة لحراسة القصر بالسماح لخادمة جديدة تدعى تقى عوض الله بالمرور إلى الداخل فور وصولها ، وظل هو في غرفة المكتب السفلية ينتظر قدومها بفارغ الصبر ..

لم يكف هو عن التحديق في ساعة الحائط تارة ، وفي ساعة هاتفه المحمول تارة أخرى ..

-أوس لنفسه بتوعـــد : يا ويلك لو فكرتي ماتجيش ، هاتكون حياتك جهنم


دلفت إحدى الخادمات إلى داخل غرفة المكتب بعد أن سمح لها بالدخول ، ثم أسندت صينية صغيرة بها فنجان من القهوة الساخنة على سطح المكتب ، وانصرفت مسرعة دون أن تنطق بكلمة ..


راقب أوس النافذة بأعين ثاقبة كالصقر ، ثم زفر في انزعـــاج ، و...

-أوس لنفسه بضيق : هو أنا هافضل أفكر فيها كتير ، بس مافيش واحدة استعصت عليا ، أنا هاكسرها ، وهاتشوف ...!


.............................


ترجلت تقى من الحافلة وهي تسب وتلعن هؤلاء المتحرشين الأوغـــاد الذين يتعمدون تلمس أجساد النساء وسط الزحـــام ، ثم عدلت من وضعية حجابها المتدلي ، وســـارت بخطوات أقرب للعدوْ في اتجاه القصر ..

مع كل خطوة كانت تخطوها ، كان قلبها يزداد خفاقاً وإرتباكاً .. حاولت أن تستعيد رباطة جأشها ، وتبقى صامدة حتى لا تظهر ضعيفة منكسرة أمامه فيشمت بها ، ويذلها أكثر ..


توقفت تقى أمام بوابة حديدية عملاقة مغطاة بالزجاج الغير شفاف ..

حدقت هي في تلك البوابة الشاهقة بأعين متسعة ، وشعرت فجــأة أن حلقها قد جف تماماً ، لذا وضعت يدها على عنقها ، وظلت تفركه في توتر .. و...

-تقى لنفسها بنبرة مرتعدة : استرها عليا يا رب ، أنا مش عارفة مستخبيلي ايه جوا القصر ده .. كن يا رب السند ليا جواه ، عيني على الناس اللي عايشة فيه


ثم تنهدت في قلق ، وســـارت بخطوات متثاقلة في اتجاه البوابة ..

لمحت تقى بعض الحرس الخاص من ذوي الأجســـاد الضخمة والعريضة فنظرت إليهم بتوجس شديد ، ثم اقتربت من أحدهم على استحياء ، و...

-تقى بنبرة خافتة ، ونظرات مرتبكة : آآ.. لـ... لو سمحت


انتبه لها الحارس – جمال - ذو الحلة الرسمية ، ورمقها بنظرات متفحصة لهيئتها الشعبية الغير مناسبة بالمرة لطبيعة قاطني تلك المنطقة المعروفة للجميع ، و...

-جمال بنبرة متصلبة : عاوزة ايه ؟

-تقى بتوتر وارتباك : أنا .. آآ.. قصدي .. يعني ، مش ده بيت أوس بيه

-جمال وهو يلوي فمه في امتعاض يحمل السخرية : نعم ، بيت !! قصدك قصر أوس باشا

-تقى وهي تبتلع ريقها في توجس : آآ.. لا مؤاخذة .. هو .. هو المفروض عارف إني جاية

- جمال بإستهزاء : ليه إن شاء الله ؟؟؟


انتبه حــــارس الأمن الأخـــر – ويدعى أحمد - لتلك الفتاة ذات المظهر الغير لائق ، وتذكر تعليمات أوس الصارمة بشأن مجيء فتاة ما تحمل صفات مقاربة لها ، فاضطربت ملامحه ، و...

-أحمد : لأحسن تكون هي ، أووبا لو الباشا عرف إنها جت وإحنا طنشناها


ركض الحارس أحمد في اتجاه زميله ، ووضع يده على ظهره ، فانتبه الأخير له ، ثم مــال أحمد على أذنه ، وهمس له بــ...

-أحمد بقلق : سيبها يا جمال ، أنا هاتعامل معاها


حدجه جمال بنظرات حادة قبل أن يتابع بـ ....

-جمال متسائلاً بنبرة رسمية : انت تعرفها ؟

-أحمد بجدية : لأ طبعاً ، بس واضح من شكلها إنها اللي الباشا أوس قايل عليها


اضطربت ملامح وجه الحارس جمـــال ، وانتصب في وقفته ، ثم رمق زميله بنظرات منزعجة ، و...

-جمال بنبرة شبه هلعة : طب أنا هاتصل بالأمن الداخلي وأبلغه بإن آآآ..


لم يكمل هو جملته الأخيرة حيث التفت برأسه ناحية تقى ، و...

-جمال متسائلاً بنبرة جادة : انتي اسمك ايه ؟

-تقى بتردد : آآ.. أنا .. انا تقى عوض الله


أمسك جمـــال باللاسلكي الذي يحمله في يده ، وقربه من فمه ، ثم بدأ يتحدث فيه بكلمات مقتضبة حول هوية تقى ومواصفاتها ، ثم ...

-حارس أمن ما بصوت جاد : دخلها أوام ، الباشا منتظرها

-جمال بهدوء : ماشي


أشـــــار جمال برأسه لزميله أحمد ، فأومىء الأخير برأسه موافقاً ، ثم اتجه ناحية مبنة صغير ملحق بجوار البوابة ، وقام بالضغط على عدة أزرار لتنفتح البوابة قليلاً ، ثم أشــــار جمال بعينيه الجادتين لها ، و...

-جمال بصوت آمـــر : خشي جوا ، هتلاقي اللي هيوديكي عند الباشا

-تقى بنبرة مرتجفة : مـ... ماشي


ثم ســــارت نحو البوابة ، ومرت عبرها ، وبالفعل وجدت حارسي آمن ضخام البنية في انتظارها ، ثم قاموا بإصطحابها عبر ممر طويل مصنوع من الطوب الرخامي إلى البوابة الرئيسية للقصر ..

اختلست تقى النظرات طوال سيرها لتتأمل ذلك المكان الضخم الذي ستعمل به ..

لم يأتْ ببالها أبداً أنها ستعمل في مكان أقرب إلى الجنة في هيئته ، ولكن شاءت الأقدار أن تكون فيه ..

ورغم الجمال الآخـــاذ لهذا المكان إلا أن قلبها كان ينبض بالخوف الشديد مما ستواجهه .. فهي قد أصبحت فريسة سهلة في عرين ذلك الوحش ، وعليها أن تواجهه بكل ما أوتيت من قوة ....


بعد دقائق قليلة ، توقف الحارسان أمام بوابة خشبية عريضة ذات ألوان ذهبية براقة ، واستدار أحدهما برأسه ناحية تقى ، و...

-الحارس بنبرة رسمية : هنا هايستقبلك الباشا

-تقى بإرتباك واضح : مـ.. ماشي


قرع الحارس الأخـــر جرس الباب ، ثم أشـــــار لزميله بعينيه لكي ينصرف معه ، و...

-الحارس الأخر بنبرة جادة : دورنا انتهى لحد كده

-الحارس الأول بهدوء : يالا بينا على البوابة ، أوامر الباشا إننا نوصلها لحد هنا ، وبس

-الحارس الأخر بجدية : طب يالا


ثم تركاها الاثنين بمفردها ، وســـارا مبتعدين عنها ، فتابعتهما بقلق شديد ..

كانت تقى ترتعد بشدة في داخلها ، وظلت تنظر حولها في قلق بالغ ..

تريد أن تهرب ، أن تفر قبل أن يُفتح الباب ، ولكن سرعان ما زاد توترها الممزوج بالفزع حينما سمعت صوت صرير الباب و...................................................... !!!!!!


الفصل الثاني عشر :


في منزل الجـــــارة أم بطة ،،،،


بدأت الفتيات صغيرات السن – واللاتي تتراوح أعمارهن ما بين الخامسة عشر والسابعة عشر – في التوافد على منزل الجارة أم بطة من أجل المشاركة في حفل الحنــــاء الخاص بالعروسة فاطمة ، والتي يناديها الجميع باسم شهرتها ( بطة ) ..

كانت معظمهن ترتدين عباءات فضفاضة أو إسدال للصلاة ، وريثما صعدن إلى هناك ، قامت الغالبية منهن بنزع ملابسهن ، وارتدين بدلاً منها ملابس تكشف أنوثتهن المبكرة ..


جلست بطة في المنتصف بعد أن ارتدت قميص حمالات قصير يظهر أنوثة طاغية مبكرة ، والتفت حولها الفتيات ، وبدأت امرأة ما كبيرة في السن بـ ...

-سيدة بنبرة عالية : يالا يا بت انتي وهي سمعونا الزغاريد لأحلى عروسة في الحتة كلها


وضع الجارة أم بطة كف يدها أمام فمها ، ثم بدأت في إطلاق الزغاريد ، و...

-أم بطة بصوت مسموع للجميع : لووووولووووولي ، عقبال عندكم جميعاً ، لوووولووولي ، ابدأي يا سيدة يالا ، خلي البت تنور قدام عريسها

-سيدة بنبرة مرحة : اه طبعاً ، وهو في زي عروستنا في جمالها ، ولا حلاوتها ، ده كله طبيعي ورباني ، مدي ايدك يا عروسة خليني أشوف شغلي

-بطة بنبرة خجلة : ماشي

-سيدة بصوت صادح : هيصوا يا بنات ، وزأططوا ، لوووولووولي ، سمعوني الزغاريد


تسابقت الفتيات في إطلاق الزغاريد المصحوبة بالضحكات الرقيعة ، ثم اتجهت إحداهن ناحية المسجل ، وبدأت في تشغيل بعض الأغاني الصاخبة ، وهنا تعالت التهليلات ، والتصفيقات ، وبدأت جميعهن في التباري في إظهار موهبة الرقص لديهن ..


جزت بطة على أسنانها بسبب الآلم المصاحب لتجميلها ، وأدمعت عينيها قليلاً ، فاقتربت منها والدتها ، وهمست لها بـ ...

-أم بطة بنبرة خافتة : معلش يا عروسة ، علقة تفوت ولا حــد يموت

-بطة بنبرة متآوهة : آآآآآه .. مش قادرة يا ماما

-أم بطة بإصرار : يا بت انشفي كده ، أومـــال هاتعملي ايه مع عريس الهنا . ههههههههههه !!

-سيدة بنبرة سعيدة : وربنا هايشوف الهنا والسعد على ايد عروستنا

-أم بطة بنبرة راجية : يا رب ياختي

-سيدة بنبرة عادية : شوفيلنا كده الحاجة جهزت يا ست أم بطة عشان أكمل شغلي

-أم بطة بنبرة متلهفة : على طول أهوو ... !!


ثم ســـــارت بضع خطوات للأمــــام ، واستدارت برأسها لتتابع الفتيات اللاتي يميل بأجسادهن في دلال ، و...

-أم بطة بنبرة عالية : سكتوا ليه يا بنات ، يالا زغرطوا ، وهيصوا كده ، دي بطة مش أي حـــد


تعالت الزغاريد مرة أخــرى ، واستمرت الفتيات في إظهار مواهبهن في الغناء والرقص ...


....................


توجهت الجارة أم بطة إلى المطبخ ، ولحقت بها إحدى الجارات ، ثم نادت عليها ، و...

-سكينة بنبرة مرتفعة : يا أم بطة ، يا أم بطة


انتبهت لها أم بطة ، ووقفت قبالتها ، و..

-أم بطة وهي ترفع أحد حاجبيها في حيرة : خير يا سكينة


أسندت هي كف يدها على كتف أم بطة ، و...

-سكينة بنبرة أقرب للهمس : عاوزاكي في كلمتين


إزداد انعقاد حاجبيها ، وتبدلت ملامح وجهها للقلق السريع ، و...

-أم بطة متسائلة بتوجس : هو في حاجة ؟ ماتنطقي يا ولية قلقتيني

-سكينة بنبرة أقرب للهدوء : لأ يا ختي اطمني ، والله مافي حاجة تخوف

-أم بطة بنبرة آمرة : طب اتكلمي على طول ، انتي هاتنقطيني بالكلام

-سكينة بنبرة هامسة : انتي قولتي لبتك على اللي بيحصل في ليلة الدخلة ؟


ارتفع حاجبي الجارة أم بطة في صدمة ، و...

-أم بطة فاغرة شفتيها : هــــاه

-سكينة بصوت أقرب للفحيح : بنات اليومين دول خبرة وعارفين كل حاجة من الدش والنت ، وآآآ...

-أم بطة مقاطعة بحدة : أنا بنتي مش بتاعة الكلام ده ، أنا مربياها كويس

-سكينة وهي تلوي فمها في امتعاض : وهو أنا قولت حاجة عيب لا سمح الله ، ده أنا بس بوعيكي ، لازم البت تبقى داخلة على نور وفاهمة كل حاجة

-أم بطة بإقتضاب : جوزها يبقى يفهمها .. فضينا من الكلام الفاضي ده !


ثم وضعت يدها على ظهر الجارة سكينة ، ولكزتها برفق ، و...

-أم بطة بإنزعاج : ويالا لأحسن اتأخرنا على الجماعة اللي برا


زمت هي شفتيها في عدم اقتناع ، ورفعت أحد حاجبيها ، و....

-سكينة على مضض : طيب..!!


.......................


في قصر عائلة الجندي ،،،،


فُتح باب القصر على مصراعيه ، فارتجف جسد تقى بشدة ، وتراجعت خطوة للخلف وهي تبتلع ريقها في هلع ، ثم حدقت بعينيها المذعورتين في تلك السيدة ذات الملامح الصارمة والجادة و التي فتحت لها ، في حين رمقتها الأخيرة بنظرات متفحصة أرعبتها أكثر ، و.....

-عفاف متسائلة بجدية وهي تشير بعينيها : انتي تقي ؟


لم تجبها تقى بل اكتفت بإيماءة خفيفة برأسها ، بينما تابعت مدبرة القصر عفاف حديثها - وهي ترمقها بنظرات احتقار - بـ ....

-عفاف بلهجة آمــرة وهي تشير بإصبعها : طيب تعالي ورايا ، بس امسحي الشوز بتاعك الأول هنا

-تقى بخفوت : حـ.. حاضر


خطت تقى فوق السجادة الصغيرة المخصصة لمسح الأحذية ، ثم ســـارت بخطوات مرتبكة في اتجاه ردهــــة القصر الواسعة ..

تأملت بعينيها ذلك الصـــرح الضخم ، فالبهو حقاً متسع ومثلما تراه في الأفلام ، كما تتخلله بعض الأعمدة الجرانيتية البراقة والمتراصة بطريقة هندسية بحتة ، والأرضية لامعة للغاية فهي تكاد ترى انعكاسة جسدها عليه ، أما الحوائط فألوانها زاهية ، ومزدانة بلوحات شهيرة رسمها فنانون عظمــاء ..

حبست تقى أنفاسها ، وتبعت تلك المدبرة ذات الملابس الرسمية إلى حيث ســـارت ، ثم استدارت فجــأة برأسها للخلف ، و....

-عفاف بلهجة آمرة رغم هدوئها : استني هنا لحد ما أبلغ الباشا بوجودك

-تقى بصوت مبحوح : طـ... طيب


طرقت المدبرة عفاف الباب بطرقات خفيفة ، ثم فتحته ، ودلفت إلى الداخل وأغلقت الباب من خلفها .. في حين وقفت تقى في مكانها محاولة استيعاب ما يحدث ..

لوهلة شعرت هي بإرتجافة باردة تتسرب إلى جسدها ، فجعلتها تنكمش أكثر على نفسها ، وتقبض أكثر على حقيبتها البلاستيكية ...

التفتت حولها لتمعن النظر أكثر في هذا القصر المهيب ، وأعجبت بتصميمه الفريد ، وأثاثه الباهظ ، ولكن اتسعت عينيها بدرجة كبيرة حينما رأت صورة مكبرة لهذا البغيض تتوسط أحـــد الجدران ، وإلى جواره أشخاص يشبهونه في هيبته إلى حد كبير ، ولكنها لا تعرفهم .. فابتلعت ريقها في خوف ، ولم تحيد ببصرها عن الصورة و...

-تقى لنفسها بإرتعاد : ايه اللي أنا بأعمله ده ، أنا.. جيت هنا ليه ؟ أيوه .. عشان خاطر أمي ، بس .. بس أنا مش مطمنة خالص ، أنا .. انا خايفة منه .. شكله يخوف بصراحة ،


سيطر الرعب على تقى ، ولم تتمالك أعصابها أكثر من هذا ، و...

-تقى لنفسها بقلق بالغ : أنا مش لازم أفضل هنا .. أنا هاشتغل في أي حتة تانية ، لكن وجودي هنا لوحدي غلطة كبيرة أوي لازم أصلحها بسرعة .. كان فين مخي وقت ما وافقت على ده


لملمت تقى نفسها ، واستدارت بجسدها كلياً للخلف ، وســـارت مهرولة في اتجاه الباب الذهبي الضخم .. ولكنها كادت أن تتعثر في خطواتها حينما سمعت صوته الرجولي يصدح من خلفها بــ....

-أوس بلهجة صارمة : استني هنا ، أنا أذنتلك تمشي ..!!!!


.......................................


في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب ،،،،


طرقت السكرتيرة باب مكتب عُدي ، فسمح لها بالدخـــــول ، فتحركت ناحيته بخطوات ثابتة ، وهي تحمل في يدها بعض الملفات ، ثم وقفت إلى جوار مقعده ، و..

-السكرتيرة بنبرة ناعمة : اتفضل يا مستر عدي ، دول أوراق الصفقة الجديدة

-عدي بهدوء : تمام

-السكرتيرة بنبرة رقيقة : هنحتاج لتوقيع أوس باشا كمان

-عدي وهو قاطب جبينه : مممم... طيب

-السكرتيرة متابعة بنبرة عادية : وقت ما الباشا يوصل هاخد منه التوقيع ، وبعد كده هابعت العقود وملفات الصفقة لمحامي المجموعة عشان يطلع عليهم ، ويتأكد من آآآ...

-عدي مقاطعاً بجدية : إزاي هاتبعتي العقد للمحامي بعد التوقيع ، مش المفروض قابله يا أستاذة !

-السكرتيرة بتوتر : آ.. أوس باشا ، مـ.. متوعد بعد ما بيوقع على العقود بيبعتها تتراجع عشان لو في جزئية فاتته


لم يقتنع عدي بما قالته السكرتيرة ، لذا حدجها بنظرات جامدة قبل أن يردف بـ .....

-عدي بنبرة رسمية : سيبيلي الورق ده كله هنا ، وأنا هاشوف هاعمل ايه فيه

-السكرتيرة بنبرة معترضة : بس كده الورق هيتأخر و..آآ...

-عدي بصرامة : يتأخر ولا يولع ، ده مايخصكيش ، أظن إن أنا فاهم شغلي كويس

-السكرتيرة بإرتباك : أكيد يا فندم ، عــ.. عن اذنك


تنحنحت السكرتيرة في حـــرج ، ثم استدارت بجسدها واتجهت ناحية باب الغرفة .. بينما تابعها عدي بنظرات حادة قبل أن يعاود النظر إلى تلك الأوراق ..

-عدي لنفسه بسخط : ورق ايه اللي يتبعت للمحامي بعد ما يتوقع ! افرض كان فيه مصيبة !!!

.........................................


في قصر عائلة الجندي ،،،،


تسمرت تقى في مكانها ، وأغمضت عينيها في خوف ، وصرت على أسنانها في فزع ، وانحنت قليلاً للأمـــام ..

-تقى لنفسها برعب : انا كده ضعت


أقبل أوس عليها ، ووقف على بعد عدة خطوات منها ، و...

-أوس بلهجة صارمة للغاية وهو يحدجها بنظراته القوية : انتي مش حرة نفسك عشان تمشي وقت ما تحبي


لم تجبه تقى ، بل ظلت مطرقة لرأسها ، وعضت على شفتها السفلي أكثر بسبب توترها الشديد منه ..

أشــــار أوس للمدبرة بإصبعيه للخلف لكي تنصرف ، وبالفعل تركتهما بمفردهما وعادت إلى المطبخ ، ثم عقد ساعديه أمام صدره ، و...

-أوس بنبرة جافة : لو كنتي اتأخرتي شوية كمان ، كنت هاخليكي تيجي زحف ليا


زفرت تقى في ضيق ، وظلت مولية إياه ظهرها .. بينما أمعن هو النظر إلى تفاصيل جسدها ، وأخفض بصره حتى وصل إلى خصرها الغير بارز بسبب تلك العباءة الواسعة ، وجــابه بعينيه ، ثم نــزل ببصره إلى ساقيها ، وحاول أن يتخيلهما من أسفل تلك العباءة المستفزة إلى أن وصــل إلى ( شبشبها ) البالي ، فلوي فمه في تهكم ، ثم تشدق بـ ...

-أوس بهدوء ذو مغزى : هاتفضلي مدياني ظهرك كده كتير ، ده حتى جسمك من ورا شكله آآآ....


رفعت هي رأسها للأعلى وحدقت أمامها بأعين متسعة ، فقد فهمت أن وراء كلماته الجريئة تلك نوايا شيطانية ، فانتفضت فزعة ، وارتعدت في مكانها .. و..

-تقى لنفسها برعب : ده .. ده قصده إنه آآ.. يعني هو آآ.. بيبص على آآ..


انكمشت تقى على نفسها ، وقبضت أكثر بأصابعها على حقيبتها البلاستيكية ، وضمت كتفيها للأمــام ، ولم تلتفت إليه .. بينما اعتلى ثغر أوس ابتسامة وضيعة حيث أدرك أن الغرض من كلماته المقتضبة قد وصـــل إليها ..


ثم ســــار بخطوات ثابتة – غير مسموعة – ناحيتها حتى لم يعد يفصلهما سوى خطوة واحدة فقط ..

فأخذ نفساً عميقاً ، وزفره على مهل ، وتعمد أن يصل إلى وجنتها لتشعر هي بقربه الشديد والمخيف منها ، و...

-أوس بنبرة أقرب للخفوت وتحمل الإهانة: اللي بيدخل عندي مش بيطلع إلا لما دوره يخلص عندي ، وأرميه في الشارع ، زيك بالظبط .. للمكان اللي جيتي منه


أبعدت هي وجهها وتحركت خطوتين للأمام لتتجنب هواء فمه الذي يزيد من اضطرابها ، ثم استجمعت شجاعتها بعد تلك الإهانة المريرة التي تلقتها منه ، و...

-تقى بنبرة تحمل القليل من الكبرياء : وأنا مش هاستنى أما اللي زيك يرميني ، أنا ماشية من هنا ، واللي عندك اعمله ، أنا آآآآ...


ولم تكمل جملتها الأخيرة حيث تفاجئت به يقبض على ذراعها ، ويعصره بقبضة يده بقوة و....

-أوس وهو يصر على أسنانه بحدة : أنا مخلصتش كلامي عشان تمشي بدون إذني

-تقى وهي تتأوه من الآلم : آآآه .. سيب دراعي


قبض هو أكثر على ذراعها ، ولواه خلف ظهرها ، ثم اقترب أكثر منها حتى كاد أن يلتصق بها ، فدبت قشعريرة رهيبة في كل ذرة في كيانها ، وحاولت جاهدة أن تحرر نفسها منه ، ولكنه لم يترك لها الفرصة لتفلت من قبضته القاسية ، ثم صـــر هو على أسنانه ، و...

-أوس بنبرة جامدة ، ونظرات ضيقة : متخلقتش لسه اللي تقول لأوس لأ ...!


حاولت هي أن تحرك ذراعها ، فتسبب هذا في إيلامها أكثر ، وبدأت عينيها تدمعان قليلاً ، و...

-تقى بنبرة شبه متحشرجة : انت ايه ؟؟ بتفتري على الأضعف منك كده ليه ؟ سيبني أروح لحالي حرام عليك !!


قست ملامح وجهه أكثر ، وضيق عينيه ، ثم ...

-أوس بنبرة قاسية : عشان ماينفعش مع أمثالكم إلا كده ، الرحمة للي زيكم نعمة ، لكن أنا مش هاخليكي لا انتي ولا غيرك يحسوا بيها حتى ، هاحول حياتكم لجحيم ، جهنم بالنسبالكم تبقى جنة ..!


إزدادت حدة الآلم في ذراعها ، وباتت على وشـــك الإنهيار ، فهي تحاول أن تبدو قوية ، ولكنها فقدت هذا الشعور ، فتملكها الإنفعال الشديد ، و...

-تقى بصراخ هـــادر : بس بقى ، كفاية ، عارفة انك جايبني هنا عشان تذلني ، وأنا وافقت على ده ، بس مش عشانك ، عشان خاطر أمي ، انت مش هتعرف قيمة الأم لأن اللي زيك معندوش قلب ، مش هايحس بـ..آآآ...

-أوس مقاطعاً بحدة : أيوه أنا معنديش احساس ولا عمري هاحس بأي مشاعر تجاه أي حد حتى الأم ، انا بكره اللي زيكم ، بستنى أي فرصة عشان أفعصكم تحت جزمتي ، وآآآ....

-تقى مقاطعة بزمجرة عالية : عمرك ما هاتقدر ، حتى لو عملت ايه ، انت بتفتري بس على الضعيف بجشمك، وفي يوم هايجي الأقوى منك وهيدوس عليك في لحظة ، ووقتها محدش هايقف جمبك

-أوس بتذمر شديد : اخـــرسي ، الكلام ده أوهـــام ، مش هايحصل ، وهاتشوفي


ثم لـــــوى ذراعها أكثر حتى كاد أن يكسره ، فصرخت هي عالياً بطريقة هيسيترية مفزعة من الآلم مما دفع مدبرة القصر للتدخل فوراً ، حيث اقترب من أوس ، وحاولت إزاحة يده عن قبضتها ، و...

-عفاف بنبرة قلقة : أوس باشا ، اهدى من فضلك ، البنت كده ممكن يحصلها حاجة ، وتعمل مشكلة .. من فضلك يا باشا


واستمرت هي في التوســل إليه ولكنه لم يهتم برجائها ، فقد كان شاغله الأكبر هو أن يتلذذ بتعذيب تلك البائسة ..

رن هاتفه المحمول فاضطر أخيراً أن يترك تقى بعد أن نظر إلى اسم المتصل على الشاشة ، لذا أرخى قبضته عنها ، وحدجها بنظرات متوعدة و...

-أوس بنبرة غليظة : راجعلك تاني

لم تكف هي عن البكاء المصحوب بالأنين .. وظلت تشهق بصوت مكتوم ..


ثم ترك كلتاهما وانصـــرف غاضباً في اتجاه غرفة مكتبه .. بينما ظلت تقى تنتحب وهي تفرك معصمها من الآلم .. لقد رأت أثـــار أظافره مغروسة فيه مما أصابعها بخدوش بارزة عليه ..

أشفقت المدبرة عفاف على حـــال تقى ، و...

-عفاف بنبرة متوجسة ، ونظرات آسفة : تعالي معايا


لفت المدبرة عفاف ذراعها حول كتف تقى ، واصطحبتها معها إلى المطبخ ...


.......................................


في السيارة الخاصة بعائلة الجندي ،،،،


كانت علامات التوتر الممزوجة بالإنزعـــاج مرسومة جلية على وجه السيدة ناريمان ، و...

-ناريمان لنفسها بقلق : لازم ممدوح يتصرف ، أنا مش هافضل لوحدي في القلق ده ، تلميحات أوس وكلامه ممكن يقلب بمصيبة ، أنا مش هاقدر أستحمل حرقة الأعصاب دي


جلست ليان إلى جوار والدتها وعلى ثغرها ابتسامة رقيقة .. كانت هي ممسكة بهاتفها المحمول ، وتبادل أحد ما رسائل نصية من نوع خاص ..

حاولت ليان أن تبدو حذرة في تصرفاتها أمام والدتها حتى لا تشك في امرها ..

وضعت هي هاتفها على الوضعية الصامتة ، وبدأت تقرأ الرسالة التالية الخاصة و...

(( عــاوز أشوفك على الطبيعة ، أنا خلاص هاتجنن عليكي ، نفسي فيكي أوي ))


ازدادت ابتسامتها اتساعاً ، و..

-ليان لنفسها بخفوت : مجنون يا فارس ، طب أرد عليك بإيه


ظلت هي حائرة للحظات تفكر في رد ما لكي ترسله إليه ، ثم توصلت إلى كتابة الرد التالي ....

(( ما أنا حاطة صوري على الفيس ، وكلها على طبيعتي ))


ثم ضغطت على زر الارســـال ، واستدارت برأسها للجانب لتتابع الطريق ، ولكن بالها مشغول بما سيكتبه حبيبها الخفي فارس في رسالته التالية إليها ..

وبالفعل لم تمر سوى بضعة ثوان حتى اهتز هاتفها معلناً عن وصــول رسالة أخرى ، فضغط عليها ، وقرأت ما أرسله ....

(( لأ أنا عاوز أقابلك بجد ... ليوو أنا مش هاقدر أكتم مشاعري أكتر من كده ، أنا بحبك ))


تنهدت هي في سعادة خفية حينما قرأت اعترافه بحبه لها .. لم تتوقع أن يحبها أي أحـــد بجنون مثلما فعل هو معها ..

هي لم تقابله من قبل ، ولم تعرف عنه أي شيء سوى ما يكتبه في الحياة الإفتراضية على مواقع التواصل الإجتماعية ... ورغم هذا سيطر عليها كلياً ، وشغل تفكيرها بدرجة لم تتخيلها ...


...............................


في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب ،،،،،


إطلع عُدي على الملف الموضوع أمامه ، ثم أرجع رأسه للخلف بعد أن أمالها للجانبين يميناً ويساراً ، و...

-عدي بنبرة مرهقة : أوس لازم ياخد باله من الشرط الجزائي ده ويقراه كويس ، لأنه أوفـــر عن المعتاد ..!


نهض بعدها عن مقعده ، ثم جمع أوراق الملف ووضعها في الحقيبة الجلدية ذات الماركة الشهيرة ، ووضع هاتفه في جيب سترته بعد أن ارتدائها ، ثم التقط مفاتيح سيارته بإصبعيه ، و...

-عدي لنفسه بجدية : يدوب ألحق أديه الملف ، وأرجع الفيلا أغير عشان سهراية بالليل ..!


ثم اتجــــه إلى خـــارج مكتبه ، ومـــر عبر مكتب السكرتارية ، ورمق المتواجدين به بنظرات حادة قبل أن ينصرف تماماً ....


..........................


في قصر عائلة الجندي ،،،،


جلست تقى تبكي على المقعد المجاور للطاولة التي تنتصف المطبخ بعد أن وضعت حقيبتها البلاستيكية عليها ، وظلت تنتحب في آسى مرير .. راقبتها المدبرة عفاف بنظرات تحمل الإشفاق ، ثم تنهدت بعمق ، واتجهت ناحية البراد لتعد لها شراباً بارداً ..


اقتربت عفاف منها بعد أن انتهت من تجهيزه ، وأسندت الكوب الزجاجي أمامها ، و...

-عفاف بنبرة دافئة : خدي يا بنتي اشربي الليمون ده


رفعت تقى رأسها للأعلى قليلاً لترمق المدبرة عفاف بأعينها الدامعة ، و..

-تقى بنبرة مبحوحة : مش عاوزة حاجة ، كتر خيرك

-عفاف بإصرار : لأ اشربيه ، ده كويس عشانك ، وهيهديكي


ثم أمسكت بالكوب ، ومدت يدها في اتجاهها ، وأجبرتها على إرتشاف بضع قطرات منه ..

نظرت لها تقى بإمتنان ، ثم ارتشفت منه مرة أخرى ، و...

-تقى بصوت ضعيف : أنا .. أنا عاوزة أمشي من هنا

-عفاف بنبرة شبه جادة : للأسف مش هاينفع ، أوس باشا لازم هو اللي يقرر ده بنفسه ، وإلا آآآ...


ثم صمتت عفاف لتتابع ردة فعل تقى التي لم ترمش للحظة رغم امتلاء مقلتيها بالدموع ، و...

-عفاف متابعة بنفس النبرة الجدية : أنا مش عاوزة أقلقك ، بس صدقيني أحسنلك تنفذي أوامر أوس باشا عشان تتقي شره

-تقى بنبرة حزينة : هو بيعمل كده ليه ؟ أنا معملتش فيه حاجة ؟ أنا عمري أصلاً مافكرت أذيه أو حتى آآ...

-أوس مقاطعاً بنبرة غليظة : ولا هاتقدري في لحظة إنك تفكري في ده ..!


انتفضت تقى فزعاً من مكانها وسقط الكوب الزجاجي من يدها التي ارتجفت بشدة حينما رأته أمامها فتهشم إلى أجزاء صغيرة بعد أن أحدث دوياً عالياً ...


أشـــــار أوس بإصبعيه للمدبرة عفاف لكي تنصرف من المطبخ ، فأومـــأت الأخيرة برأسها ، وسارت مسرعة نحو الخـــارج ..


تملك الخوف كل جزئية من كيان تقى ، وجحظت بعينيها وهي تنظر إلى عينيه الجامدتين ..

لوى أوس فمه قليلاً ، وارتسم على ملامح وجهه علامات الوعيد ، فانقبض قلبها أكثر ، وإزدادت رجفته .. و...

-أوس بنبرة باردة : الوقتي نقدر نتفاهم


ابتلعت تقى ريقها ، وحاولت أن تتراجع للخلف لتترك مسافة كبيرة بينها وبينه تمكنها من الفرار إن قرر مباغتتها أو التعرض لها .. ولكنها تعثرت في مشيتها وهي تتراجع للخلف ، وعلق رغماً عنها إحدى فردتي ( شبشبها ) في المقعد ، فأصبحت قدمها اليمنى حافية ، وخطت فوق القطع الزجاجية المتناثرة دون وجود أي حائل يمنع تعرضها للجرح ..


رمقها أوس بنظراته المخيفة ، وتفحصها جيداً ، و...

-أوس بنبرة شبه جامدة : أنا قولتلك قبل كده إنك مش هاتمشي من هنا إلا لما أخد حسابي منك ومن عيلتك ، وإنتي لسه مادفعتيش اللي عليكي

-تقى بتلعثم ، ونظرات خائفة : بـ... بس آآ..


أشـــــار لها أوس بكف يده لكي تصمت ، وحدجها بنظرات قوية ، و..

-أوس بنبرة متصلبة : ماتكلميش قبل ما أديكي الأمر بده ، غير كده تخرسي خالص ..! فاهمة !!!


أومـــأت برأسها إيجابياً في خوف ، وتراجعت ببطء للخلف ..


شعرت تقى بآلام حادة في باطن قدمها ، وعضت على شفتها السفلى وهي تتألم ، وتحاملت على نفسها حتى لا تجعل ذلك البغيض يشعر بما تعانيه فيزداد تشفياً فيها ...


كان أوس على وشـــك الحديث مجدداً ، ولكن رن هاتفه المحمول الموجود في جيب بنطاله ، فوضع يده بداخله ، وأخـــرجه ، ثم نظر إلى شاشته ، وضغط على زر الإيجاب ، ومن ثم وضعه على أذنه ، ونظر إلى تقى بنظرات جامدة وهو يجيب بـ ...

-أوس هاتفياً بنبرة قاتمة : ألوو .. في ايه ؟

-عدي هاتفياً بنبرة جادة : أيوه يا أوس ، انت موجود في القصر ؟


ظل أوس محدقاً في تقى بنفس النظرات المخيفة ، فابتلعت هي ريقها في توجس أشــد ، وحاولت أن تسحب قدمها بعيداً عن الزجاج المحطم وهي تجاهد لعدم التأوه من الآلم ..

-عدي هاتفياً بإهتمام : انت معايا ؟ أنا بسأل انت لسه موجود في القصر ؟

-أوس بإقتضاب وهو ينظر شزراً لتقى : اه .. ليه بتسأل ؟

-عدي بجدية : في حاجة مهمة تخص الشغل ، وأنا محتاج أتكلم معاك فيها قبل ما توقع على الورق زي تملي

-أوس بإنزعاج : طب ما تقولهالي في التليفون

-عدي بنبرة رسمية : لأ مش هاينفع ، أنا عشر دقايق وهاكون عندك

-أوس على مضض : بقولك ايه ؟ استنى ، أنا آآآ...

-عدي مقاطعاً بجدية شديدة : لأ مش هاتستنى ، باي


زفـــــر أوس في ضيق ، ثم أخفض رأسه قليلاً ، ووضع يده على رأسه ، ومررها في خصلات شعره ، و...

-أوس لنفسه بنبرة ضائقة : مش وقتك خالص ، وأنا أصلاً مش عاوزك تشوف الزفتة دي هنا ، مش ناقص أسئلة مالهاش لازمة ..!


تابعت هي عن كثب التغيرات المتوترة البادية عليه ، ونظرت إليه بنظرات زائغة .. وفجـــأة وجدته يرفع عينيه في اتجاهها ، فاضطربت على الفور ، وارتجفت أكثر و....

-أوس بنبرة منزعجة : حظك إنك فلتي النهاردة مني..

ثم رمقها بنظرات مشمئزة قبل أن يتابع بــ..

-أوس بحدة وهو يشير بيده لحقيبتها البلاستيكية : لمي الزبالة بتاعتك من هنا ، و بكرة تكوني عندي من الساعة 1 الضهر ، فاهمة ...!!!!!


هزت هي رأسها عدة مرات لتعلن موا



فقتها على ما قاله للتو ، فاليوم قد نجت ببدنها من براثنه ..

ســارت هي بخطوات بطيئة على مقدمة أصابع قدمها اليمنى في اتجاه الطاولة لتلملم أشيائها ، ولكنها تسمرت في مكانها حينما وجدته يجذب حقيبتها من على الطاولة ، وجحظت عينيها في ذهول حينما وجدته يفتحها لينظر إلى محتوياتها وعلى ثغره ابتسامة سخيفة بعد أن أسند هاتفه المحمول على الطاولة ، و...

-أوس بنبرة تحمل الإهانة : أمثالك إنتي وأمك لازم يتفتشوا تفنيش ذاتي ، محدش عارف ممكن في ثانية تسرقوا ايه


ابتلعت هي مرارة الإهانة ، واحتقنت عينيها من الغضب ، وكورت قبضة يدها في إنفعال ..


لقد كان آلم الإهانة أشــــد وطـــأة عليها من هذا الآلم ال

تعليقات