روايه مسك الفصل الاول بقلم الكاتبه صفاء أحمد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
روايه مسك الفصل الاول بقلم الكاتبه صفاء أحمد حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
ما بين الحلم وتحقيقه صبر وأمل ودعوة صادقة...
في صباح يوم عادي، استيقظت مسك على صوت المنبه الذي رنّ في السابعة صباحًا، كعادتها في كل يوم. نهضت من فراشها بتثاقل، مسحت النوم عن عينيها، وبدأت في تحضير نفسها لليوم الجديد بعد أن ارتدت ملابسها تناولت إفطارها سريعًا ثم نزلت من شقتها في المبنى، مشيت خطوات قليلة باتجاه المبنى الذي يقيم فيه أصدقاؤها التوأم نور وليان. رغم اختلافهما الشديد في الشكل والطبع والأسلوب إلا أنهما كانا لا يفترقان أبدًا.
وصلت مسك إلى المبنى وخرجت هاتفها من حقيبتها لتتصل بنور، رنه واحدة فقط ثم أغلقت الخط قبل أن تجيب. كان هذا هو الروتين اليومي فدائمًا ما يبدأ يومهم بمكالمات متشابكة ومشادات قد تثير الملل أحيانًا.
وصلت مسك إلى الطابق الذي تسكن فيه نور وليان، وبينما هي على الباب كان الحوار قد بدأ:
مسك قلبت عينيها بملل، متأففة:
"يا ربي على هذه الأسطوانة بتاعة كل يوم!"
نور، وقد بدا عليها بعض الضيق، وهو أمر غير مألوف بالنسبة لها:
"عشان دي واحدة قليلت الأدب، عاوزة تربية من أول وجديد."
ليان تبتسم بسخرية:
"ابقى طلعي قولي الكلام دا قدام أمك، ماشي؟"
مسك، متجاهلة السخرية،:
"كل دا ليه يعني؟"
نور، بشيء من الغضب:
"عشان بصحيها عشان تنزل الكلية."
مسك، بنظرة خفيفة تجاه ليان:
"مش دي الكلية اللي كنا هنموت عليها، ولا هو كلام وخلاص؟"
ليان، مازحة:
"كلام وخلاص."
نور، وهي تغضب أكثر:
"يا ساتر عليكِ، وأنتِ باردة كده ليه؟"
مسك، وهي تحاول إنهاء الحديث:
"طب يلا هنتأخر، وقفوا تاكسي."
كان الحوار سريعًا، ولكنه كان يعكس العلاقة المتشابكة والمليئة بالمواقف اليومية المعتادة بين الأصدقاء الذين لا يفترقون، مهما كانت التحديات أو الخلافات الصغيرة.
بعد فترة قصيرة، وصلوا إلى الجامعة ونزلوا من التاكسي أمام بوابتهم دخلوا مبنى الكلية وتوجهوا إلى المكان المخصص للانتظار قبل بداية المحاضرة. جلسوا في مكانهم المعتاد بينما كانت مسك تتابع الحركة من حولها، وعينيها تجولان بين الطلاب وكالعاده بدأت الاختين تتصالحان وتتصافحان، وقررت مسك أن تتركهما لبعض الوقت بينما تركز على من حولها.
لكن، وكما يحدث دائمًا لم تكن مسك تتوقع ما سيحدث بعدها إذ فجأة لمحت شخصًا بعينه وكان هذا الشخص هو من يجعل يومها كالجحيم بمجرد أن تراه كانت الغصة تملأ قلبها بمجرد أن تراه يقترب.
"قوموا نهرب بسرعة، يلا!" قالت مسك بلهجة ملؤها الاستعجال، "عشان مرارتي هتضرب."
فهمت البنات ما تقصده فورًا، فرفعوا أعينهم إلى حيث كانت مسك تشير، ليكتشفوا هوية الشخص الذي تتحدث عنه.
ليان، وكأنها لم ترغب في خوض المشاجرات:
"طب قومي يلا بدل ما اتخانق مع حد النهاردة."
وبينما بدأوا يتحركون، سمعوا صوتًا يناديهم من وراءهم.
"أحمم مسك!"
التفتت مسك وراءها، ونظرت إلى الشخص الذي كان يناديها بغيظ وقالت في مرارة:
"هيا، مسك دي بنت خالتك عشان تنادي بالعشم ده؟"
مازن، مبتسمًا بمزاح:
"أحمم يعني بما إننا زمايل، فا احنا نعرف بعض."
مسك، بنبرة ضيقة:
"لا يا سيدي ما نعرفش بعض دا أنا حتى معرفتش اسمك إلا بالصدفة."
مدَّ يده إليها بابتسامة خفيفة:
"مازن الخولي ياستي كده عرفتي."
مسك، وقد بدت متعجلة:
"طب حلو اسمك عرفته ممكن نمشي بقى ولا إيه؟"
مازن، مصممًا على التحدث أكثر:
"كنت حابب أتكلم معاك شوية."
ليان، متأففة:
"يا سيدي، وهي مش حابة، هوا إيه غصب عننا؟"
مازن، مشيرًا إلى ليان بيديه:
"اخرجي منها انتي وهي هتحب."
نور، بنبرة حازمة:
"بقولك إيه، ابعد عن هنا دلوقتي عشان ما نبلغش عميد الكلية إنك بتضايق مسك."
مسك، بشيء من الزهق:
"عن إذنك، مش فاضيين للكلام."
تركوا مازن في مكانه، بينما مشوا مبتعدين لكنه ظل في مكانه، يراقبهم منذ اللحظة التي رآها فيها، كان يشعر بأن مسك قد أحرجته ولكنه كان لا يزال يصر على محاولة التعرف عليها.
كانت هي وأصدقاؤها يحيطون بأنفسهم بطريقة لم تسمح لأحد بالاقتراب منهم تركوه مشوشًا في تفكيره، وكان عقله لا يزال مشغولًا بما حدث لتوه.
أحمد، أحد أصدقائه، ضاحكًا:
"نفضتلك تاني برضه! مش عارف هي معلقه معاك ليه هي حلوة وجميلة، بس في زيها كتير في الكلية، وحتى برا الكلية."
مازن، وقد بدا عليه الضيق:
"زيها كتير، بس مش هي."
تدخلت ماهي، إحدى الفتيات في مجموعة مازن، وهي معجبة به:
"على فكرة عادية جدًا إنت بس اللي بتحب اللي ينفضلك."
مازن، بعصبية:
"اسكتي يا ماهي، واطلعي منها محدش يقدر يعمل كده مع مازن الخولي البنات هي اللي بتحاول تكلمني، يبقى حتة بت مش هعرف أوصلها."
أحمد، مبتسمًا بسخرية:
"طب وهتوصلها إزاي؟"
مازن، وهو غارق في تفكير عميق:
"مش هيا مؤدبة ومحترمة، يبقى نوصلها بالحلال."
ماهي، غاضبة وغير راضية:
"لأ دا أنت اتجننت، أنا ماشيه."
أحمد نظر إلى ماهي وهي تمشي بعيدًا:
"ماكنش لازم تقول كده قدامها، أنت عارف إنها بتحبك."
مازن، غير مهتم بكلام أحمد:
"متهمنيش، سيبني دلوقتي أفكر هعمل إيه."
♡♡♡♡
بينما كانت مسك وأصدقاؤها يمشون باتجاه الخروج من الكلية، بدأت ليان بالتحدث بنبرة غاضبة:
"لا دا زودها، ولازم يتربى!"
وردت نور بسرعة، وكأنها تفكر في حل:
"أنا بقول يا مسك، نقدم فيه شكوى للعميد، يمكن يتراجع ويبعد عنك."
مسك تنهدت بملل، وأجابت:
"معتقدش إنه من النوع اللي ينفع معاه الإجبار يا نور، الناس العاليه دي مبيهمهاش الكلام ده منتيش شايفة ساقط كام مرة عشان يفضل وسط البنات؟ دا أكبر واحد في الكلية هنا."
نور بلهجة متفهمة:
"ربنا يستر... يلا، المحاضرة هتبدأ."
وفي نفس الوقت عند مازن كان في حالة من الترقب والتلهف.
يبدو أنه كان ينتظر أي خبر يتعلق بمسك.
"هاا، عرفت حاجة؟" سأل مازن، وهو يبدو متحمسًا.
أحمد، الذي كان يبدو أكثر هدوءًا، أجاب بتنهيدة:
"آه، عرفت شوية حاجات عنها هي واللي معاها."
مازن، بنبرة مفعمة بالتساؤل:
"المهم هي."
أحمد ببطء:
"هي ساكنة في... و أصحابها جمبها بشارع تقريبًا. أهلها متوفين من كذا سنة وعايشة لوحدها... يعني ملهاش حد هنا غير صحابها."
مازن، وهو يفكر بعمق:
"إيوا يعني لما أفكر أتقدم لها، أروح لمين لما هي ملهاش حد؟"
أحمد:
"هتروح لأبو أصحابها اللي ماشيين معاها، لأنه بيعتبرها زي بناته بما إنهم أصحاب من زمان وكمان كان صديق أبوها."
مازن، وقد بدا عليه التفكير العميق:
"إيوا، أصحابها... يبقى اتعقدت من الأول."
أحمد بابتسامة ساخرة:
"البس يا معلم."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد انتهاء المحاضرات، خرجت مسك وأصدقاؤها ليلاً من بوابة الكلية، ولكن ما إن وطأت أقدامهن أرض الشارع حتى فوجئوا بمازن يقف بجانب سيارته، مستندًا عليها وكأنما يراقبهن.
مسك، وهي تلاحظ وجوده، قالت بسرعة:
"يلا بسرعة، هيا أيام مش فايته، أنا عارفة الحظ دا."
نور، التي بدت مستاءة:
"قولتلك نعمل أي حاجة تخليه يبعد."
ليان، وهي تضغط على كلامها:
"فعلاً يا مسك، لازم نعمل أي حاجة حتى لو هنقول لبابا..."
مسك بتنهيدة ثقيلة:
"طب يلا، وربنا يحلها بعدين."
وانطلقت البنات، عائدات إلى شقة أسامة، والد ليان ونور كان عم أسامة دائمًا إلى جانب مسك بعد وفاة صديقه ياسين النجار، والد مسك ولم يتركها أبدًا، بل كان يعاملها كما يعامل بناته كانت مسك تأكل معهم، تذاكر معهم، وتعيش حياتها بينهم وكأنها جزء من العائلة. ورغم أنه كان مصممًا على أن تعيش معهم دائمًا إلا أن مسك رفضت صعوبة فراق منزل والدها وذكرياتها فيه كانت أكبر من أن تتحملها فتركها العم أسامة تعيش في بيتها بحرية، دون أن يشعرها بأنها مقيدة.
وصلت البنات إلى الشقة، ودخلوا لتغيير ملابسهم والجلوس قليلاً قبل موعد الغداء.
ليان كانت تفكر في شيء ما:
"هتعملي إيه يا بنتي؟ أنا بفكر دلوقتي أروح أقول لبابا."
مسك ردت بتفكير:
"تقريبًا مفيش حل غير كده."
نور، التي سمعت صوت الباب يطرق، قالت بسرعة:
"الباب بيخبط أنا هروح أفتح وبعد الغداء نتكلم مع بابا."
وعندما ذهبت نور لفتح الباب، لم تستطع النطق من شدة مفاجأتها كان مازن يقف أمام الباب.
مازن، وهو يبتسم قال:
"أحممم... إزايك يا نور؟ معلش ممكن أقابل والدك؟"
نور، التي كانت في حالة صدمة، أجابت:
"خير؟ جاي ليه يا مازن؟"
مازن، وهو يرد بثقة:
"جاي في كل خير والله."
ثم تدخل عم أسامة في الحديث، قائلاً:
"مين يا نور... مين حضرتك يا بني؟ ادخلي إنتي يا نور."
مازن مد يده ليصافح عم أسامة:
"إزايك يا عمي؟ أنا مازن الأسيوطي، زميل بنات حضرتك في الكلية."
يتبع
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺