رواية التل بقلم رانيا الخولي الفصل التاسع والعاشر والحادي عشر حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
رواية التل بقلم رانيا الخولي الفصل التاسع والعاشر والحادي عشر حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
فاقت توليب من شرودها على صوت الصغير الذي تململ في نومه فربتت على ظهره وهي تهمس له ببعض الكلمات التي جعلته يهدئ ويعود لنومه مرة أخرى.
تنهدت بتعب من عودة الذكريات التي ظنت بأنها محتها من عقلها
لكن يبدو بأنها اخطأت حينما ظنت ذلك.
فقط هدئت مشاعرها التي استطاعت ترويضها بعد عناء وبكاء ليالي طويلة
لن تسمح بعودتها مرة أخرى فيكفي ما مرت به ولن تعود وتتعذب كما حدث من قبل
سمعت صوت الآذان لصلاة الظهر فنهضت كي تؤدي فرضها وتحاول ألا تشغل نفسها بشئ آخر.
ودعت ربها أن يزيح غمتها بأسرع وقت قبل أن تعود نار الحب التي استطاعت تطفئتها بعد عناء وتشتعل من جديد.
لن تتحمل
❈-❈-❈
في منزل مراد
دلف مؤيد المنزل وأشار لنور بالدخول فدخلت بوجوم انتهى سريعًا عندما وجدت مراد يترجل من الدرج ولم يتفاجئ بوجودها وكأنه كان منتظرها
تقدم منها وهم مؤيد بالحديث لكنه منعه بأشارة من يده وتحدث هو بوقار
_ رايد اجول كلمتين جبل ما تدخلي الدار دي وتعيشي معانا
رفعت عينيها إليه بحيرة وتابع هو حديثه بجدية
_ بصرف النظر عن الطريجة اللي دخلت بيها حياتنا بس في دلوجت روح بتربطك بينا وبتربطنا بيكي ولازمن كل واحد يتغاضى عن اي سوء وأولهم چوازتك الباطلة من أخوي
_ مراد ملوش داعي…
قاطعه مراد بحدة
_ محدش يجاطعني وسيبني اخلص حديتي
تابع بقوة
_ اني كلمت محامي وطلبت منه يحاول يثبت العجد بأي شكل عشان الطفل اللي چاي ده ميتخدش بذنبكم ويجولوا عليه ولد حرام.
رمقته نور بغضب وصاحت به
_ انا مسمحلكش أنك تتهمني…
قاطعها بحدة اشد
_ أنا مجولتش حاچة من دماغي دي حجيجة لا زواچ بدون ولي حتى لو كان عند مأذون وبأشهار
وانتي وافجتي بدون ولي وبدون أشهار يعني چوازة باطلة او بمعنى ادق چواز محرم لو الحكومة اعترفت بيه فالشرع غير معترف
وبعد شهور العدة هيكون فيه حديت تاني.
انهى حديثه وخرج من المنزل متجهًا للصلاة ويستغفر ربه بتضرع حتى وصل للمسجد
نظر مؤيد إليها باحراج وتمتم معتذرًا
_ أني مش عارف اعتذراك ازاي بس…
قاطعته نور بوجوم
_ متقلش حاجة هو عنده حق في كل كلمة قالها بس لو كنت اعرف كل ده مكنتش وافقت أبدًا بس ده قدري ولازم ارضى بيه
اخذت حقيبتها وتحدثت بجدية
_ لو تقدر توفرلي اوضة تانيه هكون شاكرة ليك.
أومأ لها بتفاهم
_ حاضر
نادى على العاملة التي اسرعت إليه
_ نعم يابية.
_ اطلعي مع ست نور ودخليها الاوضة اللي چانب اوضة الدكتور مراد.
تطلعت إليه نور باحراج
_ مفيش اوضة غيرها؟
ابتسم إليها ببشاشة وتحدث برزانة
_ متجلجيش من أي حاچة اطلعي اوضتك واعتبري إن البيت بيتك، بعد أذنك هلحج الصلاة جبل ما تفوتني
خرج مؤيد وحملت هي حقيبتها وصعدت مع العاملة حتى وصلت للغرفة
في الأسفل
دلفت سهر المطبخ وهي تغمغم بحنق
_ عچبك أكدة اديها رچعت تاني.
ابتسمت سلمى التي تقف امام الموقد تحضر الطعام لخالتها وسألتها
_ وانتي ايه اللي مضايقك من وجودها البنت شكلها بنت حلال وطيبة
ردت بسخرية وهي تجلس على المقعد
_ طيبة؟ دي شكلها مش ساهلة واصل وبصراحة اني اخاف على چوزي منيها.
اغلقت سلمى الموقد وفتحت المبرد لتخرج منه بعض الاطعمه وهي تقول بيأس منها
_ لا متخافيش خلي عندك ثقة في نفسك أكتر من كدة.
اغتاظت سهر من حديثها ونظرت اليها بحنق وهي تجهز طاولة بطعام افطار
_ الفطار ده لمين؟
حملت سلمى الطاولة وردت بايجاز
_ للي مضاقتش الاكل من امبارح.
صعدت إلى الطابق العلوي فوجدت حنان تخرج من الغرفة المجاورة لها فسألتها
_ خير ياحنان
_ دي الست نور اخدت الاوضة دي وكنت بنضفها
أومأت لها سلمى
_ طيب روحي انتي
دلفت سلمى بعد أن طرقت الباب فوجدت نور جالسة على الفراش بكمد
رأفت بحالها ووضعت الطعام على المنضدة وجلست بجوارها لتقول بتأثر
_ نور انا أسفة لو مراد قال كلام ضايقك بس صدقيني …..
قاطعتها نور بثبات وهي تنظر إليها
_ بس الدكتور مراد مقلش حاجة غلط هو قال الحقيقة مش أكتر، حقيقة إني أنسانة ساذجة اضحك عليا بكلمتين حب مزيفين وجريت ورا وهمه عشان افوق في الآخر على ألم دمر كل حياتي.
أخذت نفس عميق وأخرجته بآسى
_ صدقيني انا مش زعلانة منه أبدًا
وان كنت وافقت ارجع مع مؤيد فده عشان انقذ ابني من سهام هانم ولو ليا مكان تاني مكنتش قعدت لحظة واحدة هنا.
تبدلت ملامح سلمى للحزن وتمتمت برأفة
_ انا معرفش ايه اللي حصل وخلاكي تمشي كدة بس انا عارفة ان مراد صعب يتقبل حاجة زي دي وممكن يكون قالك كلمة جرحتك لكن هو عمره ما ظلم حد وخليكي واثقة إن محدش مننا هيظلمك لأي سبب من الأسباب.
ربتت على يدها وقالت بحب
_ أنا هنزل افرح خالتو لأن من وقت ما عرفت انك مشيتي ومبطلتش عياط، انا جبتلك حاجة خفيفة تكليها لحد ما نحضر الغدا
هزت نور راسها برفض
_ مليش نفس.
_ مينفعش انتي حامل ولازم تاكلي
ربتت على يدها وخرجت من الغرفة
اما نور فقد تركت لدموعها العنان واخذت تبكي بنحيب تتمزق له القلوب
تبكي على كل شيء
على من ملك فؤادها يومًا واستطاع خداعها ببراعة حتى جعلها تسلم نفسها له بكل رضا
وعلى والدتها التي توفت بحسرتها
وطفلها الذي لم يرى النور بعد وقد لقب بابن حرام.
ماذا لو لم يستطيع المحامي تسجيل العقد؟
ماذا ستفعل حينها؟
بمن سينسب ذلك الطفل؟
زاد بكاءها ولم تستطيع التوقف وقد انهار كل شيء من حولها
❈-❈-❈
عاد وهدان من عمله فيجد بناته وحدهما منتظرين عودته
ترك الحقائب من يده وتقدم منهم بقلق
_ مالكم جاعدين إكدة اومال فين خالتكم؟
قالت زينة وهي ابنته الكبيرة بعمر الثمانية اعوام
_ خالتي مجاتش النهاردة بتجول انها بعافية.
ازداد امتعاضه من تلك المرأة لكن لن يلومها فقد انشغلت في تجهيز عرسها فعاد يسألها
_ اتغديتوا؟
هزت زينة رأسها بنفي فانفطر قلبه عليهم
_ ليه يا زينة؟
_ معرفتش اسيب اخواتي وحديهم واخرچ اچيب وكل.
تقدمت الصغيرة منه والتي لم يتعدى عمرها الثلاث اعوام وتمتمت
_ اني چاعنة
ازدرد غصة في حلقه ونزل لمستواها ليقول بتشجيع
_ ايه رأيكم لو نعمل كلنا الوكل مع بعض
هلل الثلاث فتيات بسعادة فقام بحمل الحقائب ودلف بهم للمطبخ كي يعد لهم الطعام
بعد تناول العشاء اوى الأطفال للفراش الا من الصغيرة التي اعتادت النوم بين ذراعيه منذ وفاة والدتها
وضع طفلته الصغيرة في فراشها وجذب عليها الغطاء وفعل المثل مع الآخرين وجلس يفكر فيما انتواه واجله كثيرًا
خرج من المنزل وطرق على باب احد الجيران القريبة منهم فخرجت له سيدة كبيرة في السن فقال بتهذيب
_ بعد اذنك ياخاله كنت رايدك تجعدي مع البنات لحد ما اروح مشوار وأرچع طوالي.
اومأت المراة برحابة صدر
_ من عينيه ياولدي روح انت واني هفضل معاهم لحد ما ترچع
_ كتر خيرك.
ذهب إلى وجهته وهو يدعوا بداخله أن يوفق في تلك الخطوة
هو بداخله لا يريد لكن عليه ذلك لأجل بناته.
توقف امام باب منزلها ورفع يده بتردد ليطرق بابها لكن فوجئ بالباب يفتح ويجد أختها أمامه فتسأله بريبة
_ انت مين؟
رد بهدوء
_ اني چاي اجابل عمك إذا كان موچود
تقدم صالح من الباب يسألها
_ واجفة إكدة ليه…
نظر إلى وهدان وقال بثبوت
_ مرحب ياولدي اتفضل.
دلف وهدان وجلس مع صالح في مضيفته وبعد حديث قصير قرر فتحه في الأمر
_ أنا حابب ادخل في الموضوع على طول
اني چاي اطلب منك ايد بنت اخوك حياة
______________
جلست ياسمين في الحديقة وهي تتنفس لأول مرة رائحة الحرية بعيدًا عن ذلك السجن
لاول مرة منذ أعوام عديدة لم تشعر بأنها تحت ضغط شديد
ما بين قلبها وبين عقلها الذي كان ومازال رافضًا لذلك العشق المحرم
ورغم تحررها إلا إنه مازال رافضًا له
لكن تلك المرة خوفًا عليه
جدها لن يرحمه إن علم بقصتهم فإن وافقت من قبل على حكم الاعدام لأجله فعليها أن تقبل بالبعد الشاق لأجله أيضًا
وكأن التفكير وحده لا يكفي إذ سمعت صوته من خلفها يقول
_ السلام عليكم
اهتزت نظراتها ولم تقوى على الالتفات إليه
وأخذ قلبها يهدر بعنف وخاصة عندما تابع
_ انا چاي اجابل چواد
حمحت ياسمين وكأنها تبحث عن صوتها ونهضت لتجيب دون الالتفات إليه
_ جواد فوج هطلع أناديه
اسرعت بالولوج وأخذ هو ينظر في اثرها حتى اختفت من أمامه
مازالت تلك الفتاة التي يهتز ثباتها عندما ترتبك
وتصتبغ وجنتيها باللون الأحمر عندما تتلعثم أمامه
جلس على مقعدها وجالت الذكريات في خاطره
آتي إلى القصر لأجل الانتقام فيسقط هو صريع العشق الذي احكمه وقيده بقيود الهوى
عاد من شروده على يد جواد التي ربتت على كتفه
_ رچعت للسرحان تاني؟
جلس على المقعد قبالته فابتسم آدم بمصابرة
_ مش سرحان ولا حاچة اني سيبت الجصر وچاي اشتغل عندك.
عاد جواد بظهره للوراء وقد تلاعب الشك بداخله عندما وجده يتهرب بعينيه من مرمى عينيه
_ بس انت من يومين كنت رافض شغلك في المزرعة أيه اللي غير رأيك.
_ مفيش، كل الحكاية إني ملقتش شغل برة الجصر فجلت أجي عنديك إلا إذا بقا مش عايزني معاك
لم يريد الضغط عليه وتركه حتى يأتي ويخبره بنفسه فتحدث بثبوت
_ على العموم اني كنت محتاج لمهندس زراعي ومش هلاجي افضل منيك.
ايده آدم بشدة
_ واني معنديش مانع مع إنك هترچعني للدراسة من تاني لإني نسيت كل حاچة درستها
_ اني واثق إنك قدها المهم احكيلي ايه الاخبار في الجصر؟
_ مفيش چديد من آخر مرة كنت هناك والأمور ماشية زي ما چدك عايز والكل طواعية كالعادة.
❈-❈-❈
اندهش صالح من طلبه لكنه رحب بذلك
فهو يعرفه جيدًا ويعلم بأخلاقه فقال بحيرة
_ والله ياولدي اني مجدرش اجول فيك حاچة بس هي من وجت اللي حصل وهي مش طبيعية وأني خايف لـ اللي حصل مع چواد الخليلي يحصل معاك.
_ متجلجش اني خابر كل حاچة وخابر إنها عملت إكدة من حرجتها على ولدها بس چواد بيه الله يكرمه رفع دعوة بالحضانة وانت خابر زين إن المحامي ده مبيخسرش اي قضية وأني رايدها تعوض حرمنها مع ولادي لأنهم محتاجين أم يعني هم هيعوضوها عن ابنها وهي تعوضهم عن أمهم.
هز رأسه بحيرة
_ والله ياابني الموضوع ده في يدها هي اني هبلغها وارد عليك وإن كان عليا معنديش مانع.
ابتسم وهدان بامتنان واستئذن منه
_ طيب اسمحلي استئذن لأن البنات وحديهم وهستنى ردك.
نهض صالح ليوصله للخارج
_ إن شاء الله
_______________
دلفت ياسمين غرفة توليب فتجدها منطوية على نفسها في الفراش
ويزن يلهو بجوارها
تقدمت منها لتجلس بجوارها وتحدثت بيأس
_ وبعدين يابنتي هتفضلي حابسة نفسك كدة؟
ابتسمت توليب بمرارة وهي تعتدل في جلستها لتتمتم بحزن
_ عايزاني اعمل ايه وانا في اي لحظة ممكن اتحبس ويضيع مستقبلي.
_ اني صحيح معرفش حاچة عن الجواضي والحاچات دي بس اللي كلنا عارفينه إن ده دفاع عن النفس
أولاً ده تعدي بالاغتصاب وثانيًا تعدى على ابوك بالخنق لولا انقذك منه
ولو كنتي سلمتي نفسك في الوقت والحال مكنتش هتاخدي يوم واحد بعد ما يشوفوا أثار الاعتداء عليكي وعلى ابوكي.
ابتسمت بمرارة
_ لو كان بالسهولة دي مكنتش ههرب إطلاقاً بس المواضيع اللي زي دي بتاخد وقت طويل اوي لحد ما يعرضوكي للنيابة والنيابة تحولك للطبيب الشرعي وبعدها للمحاكمة وده اللي خلى بابا عمل كدة ولبس نفسه التهمه بدالي.
_ طيب خلينا نعرف جواد وهو يحكي لمحامي العيلة ونشوف هيجولنا ايه؟
هزت راسها بنفي وتحدثت بتحذير
_ لأ اوعى لو عملتي كدة همشي مش لازم جواد يعرف انا مين؟
ضيقت ياسمين عينيها بحيرة فعدلت توليب حديثها كي لا تشك ياسمين بشيء
_ اقصد يعني إني هتحرج من الموقف فبلاش تعرضيني للاحراج ده
تنهدت باستسلام
_ خلاص اللي تشوفيه مع إني مش معاكي في اللي بتجولية ده.
حدثتها برجاء وهي تمسك يدها
_ معلش ياريت ترحيني كفاية إني ظهرت قدامه من غير النقاب ودي أول مرة تحصل
_ شوفي يا توليب جواد اخوي غيور جوي يعني مستحيل تلاجي حد من رچالته داخل البيت من چوة غير حامد لأن امه وأخته اللي شغالين في البيت بس بوچودي مش هيجدر يدخل تاني بمعني إن ملوش عازة من أساسه وبالنسبة للنقاب.
وبعدين متنسيش إن وجت ما يلاجيكي بالنقاب هيعرفك على طول
تحسست توليب تلك الإصابة التي مازالت آثرها مطبوعة على يدها وهزت راسها بتفاهم
_ إن شاء الله هنزل بس لما اضمن انه برة البيت.
ربتت ياسمين على يدها وتحدثت بمصابرة
_ خلاص اللي تشوفيه اني هنزل اشوف أم نعمة خلصت الغدا ولا لسة وهرچعلك تاني.
خرجت ياسمين بعد أن أخذت يزن كي يرى والده واخذت توليب تتحسس ذلك الجرح الذي مازال تاركًا اثرًا على يدها كما ترك أثره في قلبها عادت إليها ذكريات ذلك اليوم
فلاش باك
انتبهت توليب لصوت إلين التي نادتها
فنظرت إليه لتستئذن منه
_ بعد إذنك انا لازم أرجع
استدارت لتمضي لكنه أوقفها قائلاً
_ لو رايده تتعرفي على الخيل اكتر خلي نعمة تچيبك على الإسطبل بكرة جبل المغربية في الوجت ده الخيل بيكون هادي.
اومأت دون قول شيء وذهبت مع إلين التي إندهش من وقوفها معه
_ معقول توليب تقف مع شاب وتتكلم معاه عجيبة بجد.
صححت لها توليب بابتسامة
_ تقصدي الحصان مش صاحبه
أكدت إلين بغيظ
_ لا اقصد صاحبه مش هو يلا لحسن عمو سألني عليكي.
ظلت توليب طوال الوقت تنتظر تلك المقابلة بفارغ الصبر حتى شعرت بأن الوقت ثابت لا يمر
ارتدت نقابها وتوجهت للشرفة كي تقف بها قليلًا، فإلين نائمة وياسمين في غرفتها
خرجت إليها فتندهش عندما وجدت جواد مازال داخل السياج مع حصانه
ظلت تراقب اهتمامه به والحصان الذي اخذ يمرح داخل السياج ثم يتقدم من مالكه وكأنه يلتمس منه الدلال.
اندهشت من ذلك الترابط بينهم وكأنهم صديقين تحابا منذ الصغر
ودت في تلك اللحظة ان تنزل وتشاركهم ذلك الترابط لكن لا تملك الجرئة لفعلها كما إن دينها لا يسمح بذلك.
عادت للداخل وأغلقت الضوء واستلقت على الفراش وهي تناشد النوم كي تمر تلك الليلة التي طالت كثيرًا
باك
عادت من ذكرياتها على دخول ياسمين
_ يلا ياستي جواد خرچ وجال انه مش هيرچع غير متأخر
تقدمت منها ياسمين تجذب يدها
_ يلا بجى نتغدا ونتمشى شوية في الجنينة
وافقت توليب على مضد ونزلت معها للاسفل وتناولت طعامها مع ياسمين ويزن الذي ألف وجودها وأخذت تطعمه بيدها وهو يلتف حول المائدة بمرح
نظرت توليب إلى ياسمين وسألتها بتردد
_ ياسو ممكن اسألك سؤال
تركت الملعقة من يدها وردت بتأكيد
_ اكيد طبعًا اتفضلي .
تحدثت بإحراج
_ ليه حرمتي نفسك من طفل زي ده يمكن لو خلفتي من خالد كان هيكون دافع له انه يتغير لما يحس انه بقى أب ومسؤليته كبرت.
ابتسمت بمرارة وهي تجيبها
_ هتصدجيني لو جلتلك إني كنت بتمنى ده أكتر من اي حد في الدنيا؟
زادت مرارتها وهي تتابع بحزن
_ بس أني كنت خابرة مصيري زين جوي فمحبتش يكون ابني ولا بنتي مشتتين بعد الطلاج، أنا مفكرتش في الحبوب دي الا بعد ما اتأكدت من خيانته ليا
نظرت إليها بقهر وتابعت
_ خابرة يعني إيه تبجي لساتك عروسة وچوزك يسيبك ويروح لواحدة تانية؟ كأنك مزعتي قلبي بسكينة تلمة ومن وجتها أخدت الحبوب وقررت إن مخلفش منه لحد ما أتأكد أنه اتغير
ابتسمت بسخرية مغمزة بالألم
_ بس للأسف كل مدى ما كانت خيانته بتزيد وعشان إكدة أصريت على الطلاج في الآخر.
نهضت من الطاولة وقالت بتهرب
_ اني هخلي نعمة تعملنا شاي ونشربه في الچنينة هتتبسطي جوي فيها
اومأت لها توليب وتركتها تتهرب من حديثهم ونهضت هي أيضاً كي تغسل يدها وأخذت يزن معها.
_________________
لم تندهش حياة عندما فاتحها صالح في الأمر فقد كانت تلاحظ نظراته لها في المزرعة حتى عندما وقف يحامي لها أمام سيده فقال صالح
_ بصراحة يابنتي اني مش هلاجي افضل منيه ليكي ابن حلال ويستاهل كل خير وكفاية وجفته مع مرته في مرضها وأني كبرت ورايد اطمن عليكي جبل ما أموت.
رمشت بعينيها مرات متتالية وتمتمت بخفوت
_ بعد الشر عليك يا عمي ربنا يديك الصحة
_ تسلميلي يابنتب بس اني الحمد لله اطمنت على اختك ورايد اطمن عليكي انتي كمان ها جولتي ايه؟
تنهدت بتعب
_ سيبني افكر لول وبعدين أردك عليك
عادت إلى غرفتها وهي تفكر في طلبه، تعلم جيدًا بأنه يود أم لأولاده
ولا تنكر بأنها تريد أيضا اب لابنها عندما يعود إليها
لكن ماذا ستفعل لو تزوجت وخسرت القضية بسبب ذلك، كما إن والدتها متوفاة حتى تترك الحضانة معها
لا لن توافق وتخسر طفلها، وهذا قرارها الأخير.
………
نهضت أمال من الفراش وهي تصر على الذهاب إليها عندما أخبرتها سلمى بعودة نور
_ طيب خليكي ياطنط وانا هبعتلها
ردت آمال بإصرار
_ لأ أني اللي لازمن اطلعلها عشان اعتذر من اللي جاله ابني
وافقتها سلمى وأخذت بيدها لتساعدها على الصعود للدرج
وعندما عاد مراد من الخارج و جد والدته تهم بالصعود على الدرج بمساعدة سلمى علم حينها بأنها ذاهبة إليها
تقدم منهم ليساندها على الصعود لكنها ابت ذلك وغمغمت بامتعاض
_ كتر خيرك يا ولدي مش محتاچة مساعدتك.
تنهد بتعب وتمتم بلوم
_ ليه بس يا أمي، ايه اللي حصل لـ كل ده.
رمقته آمال بعتاب وغمغمت بملامة
_ مكنتش تاچي منك انت ياشيخ مراد اللي حافظ كتاب ربنا
قطب جبينه بحيرة وسألها بجدية
_ واني ايه اللي عملته عشان اكون غضبت ربنا؟
تمتمت بادانة
_ وكنت رايد تعمل ايه اكتر من اللي عملته؟
بدل ما نرحب بيها ونحسسها بأنها وسط أهلها نجوم نتهمها في شرفها ونعاملها بالشكل ده.
استنكر مراد حديثها وتحدث باعتراض
_ أني متهمتش حد أني بعرفها غلط عملتها.
_ مش بالطريجة دي ياولدي ومش وجته، وبعدين انت خابر زين إن الإنسان غير محاسب على وزر ميعرفش حرمانيته والغدر اهنه چاه من أخوك مش منها، كل الحكاية أنها حبته ووثقت فيه وهو اللي غلط مش هي
وهنا دورنا إننا نحتويها ونعتذر بالنيابة عنه مش نعاملها بالطريجة دي.
زم فمه دلاله واضحة على مدى استياءه وغمغم بضيق
_ خلاص ياأمي اني اعتذرتلها وهي هتعيش بعد كدة معززة مكرمة في البيت أهنه لحد عدتها متخلص
عقدت آمال حاجبيها بعدم فهم وكذلك سلمى التي اخذ قلبها يهدر بخوف فسألته آمال
_ تجصد ايه؟
تهرب مراد من اسألتهم
_ كل وجت وله أدان يا أمي بعد أذنكم.
صعد الى غرفته وترك سلمى بقلب ينتفض خوفاً
ماذا يقصد بحديثه؟
ساندت خالتها وصعدت بها إلى غرفة نور والتي مازالت مستمرة في البكاء
وعندما سمعت صوت الباب محت دموعها ونهضت لتفتحه فوجدت آمال وسلمى أمامها فارتدت لتسمح لهم بالدخول فتحدثت أمال بعتاب وهي تجلس على المقعد بارهاق
_ إكدة برضك تمشي وتسيبيني بعد ما رديتي فيا الروح.
اخفضت عينيها بأسف وتمتمت باقتضاب
_ صدقيني غصب عني.
اشارت لها لتجلس بجوارها
_ اني خابرة إنك مصدومة في آسر زي ما انا انصدمت فيه، بس أكيد كان في سبب للي عمله ده.
ابتسمت بمرارة وتمتمت بآسى
_ مش هتفرق خلاص اللي حصل حصل وانتهى مفيش داعي نتكلم فيه.
تقدمت منها سلمى وتحدثت بحيرة
_ بس انا عارفة آسر كويس مش ممكن يعلم حاجة زي دي، ممكن يكون عمل كدة خوف عليكي من أبوه
لم تقتنع نور بدفاعها عنه وتمتمت باباء
_ أنا مرجعتش عشان استمر معاكم كل الحكاية إني هفضل لحد ما المحامي يثبت العقد والاقي مكان مناسب اعيش فيه انا وابني وبعدها همشي من سكات.
_ ليه يابنتي عايزة تحرميني من عوض ابني.
_ انا مش بحرمك بس ده افضل حل للكل، انا عايزة اكمل حياتي مع ابني بهدوء مش عايزة ادخل في صراعات وشك وغيره، وبعدين انا مش همنعه عنكم ولما تحبوا تشوفوه مش همنعكم.
همت آمال بالمعارضة لكن سلمى تحدثت بروية
_ ربنا يسهل لما ييجي وقتها هيكون لينا كلام تاني.
لم تجادل نور وأومأت بصمت نعم ستأجل أي قرار لحين يأتي ذلك اليوم
……
مرت الأيام على الجميع ومازالت توليب حبيسة غرفتها
تعلقت بيزن كما تعلق هو بها وأصبح يقضي وقته معها حتى في نومه يبكي إن لم يجدها بجواره
واثناء الغداء جلس جواد على الطاولة وهو يشعر بالسعادة عندما تقدم منه طفله ونطق تلك الكلمة التي حلم بها كثيرًا
_ با با
ابتسم جواد وهو ينظر إليه بتوق فهم بحمله لكنه اشار بإصبعه الصغير
_ تولي.
نظر جواد لياسمين يستفهم عن مقصده فقالت بارتباك
_ ده يجصد زهرة لأنه اتعود انها تأكله
ضيق جواد عينيه بحيرة وهو يستفهم منها قصة تلك الفتاة
_ انتي بتجولي إن اهلها مسافرين؟
هزت ياسمين رأسها بتأكيد
_ اه بيعملوا عمره وهي ملهاش اخوات فطلبت منها تجعد معاي لحد ما يرچعوا
ايه انت اضايجت من وچودها.
نفى بصدق
_ لأ طبعًا أهلاً وسهلاً بيها في اي وجت بس اني ملاحظ أن يزن اتعلج بيها جوي ولو مشيت هيتعب تاني؟
_ اني بفكر اطلب منها تشتغل عندينا في المزرعة أيه رأيك هي خريجة علوم وممكن تفيدك في المزرعة.
عقد حاجبيه بحيرة وهو يسألها
_ تفيدني في ايه؟
_ أصلها علم حيوان وممكن تفيدك في التعامل مع الخيل.
ازدادت عقدت جبينه
_ واهلها ممكن يوافجوا على شغلها أهنه
لاحظ جواد ارتباكها وخاصة عندما قالت بتلعثم
_ أكيد مش هيوافجوا بس أني ممكن اجنعهم.
نهض جواد وهو يقول بفتور
_ لو احتاچتها هجولك إن شاء الله، اني خارچ ومش هرچع الا وخري إن احتاچتي حاچة كلميني.
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل العاشر
………….
صعدت ياسمين غرفة توليب مع يزن الذي أسرع إليها يلقي نفسه بحضنها والتقفته هي بسعادة
تحدثت ياسمين بغيظ
_ اسكتي كان هيودينا في داهية واحنا على الغدا عمال يشاور على اوضتك ويجول لچواد تولي بس ربنا ستر ومأخدش باله
ابتسمت توليب بحب لذلك الصغير الذي هون عليها كثيرًا وقالت بامتنان
_ بصراحة هون عليا كتير أوي، مش عارفة لولا هو كنت عملت أيه.
تقدمت منها ياسمين تجذبها من يدها وتقول بلهجة لا تقبل نقاش
_ متعمليش حاچة غير إنك تجومي تنزلي معاي دلوجت چواد خرچ وجال أنه مش هيرچع إلا وخري.
وافقت على مضد ونزلت معها للأسفل يتناولون قهوتهم في الحديقة
انتبهت توليب على صوت الخيل فسألتها بحنين
_ هو الخيل قريب من هنا، اصلي بسمع صوته باستمرار
_ لأ الخيل بعيد عن اهنه مفيش غير حصان چواد هو اللي في الإسطبل اللي چار البيت
تمتمت اسمه بخفوت
_ رماح.
_ اه ياستي هو اللي عورك يوم فرحي.
ابتسمت توليب للذكرى وتحسست يدها موضع الجرح وشعرت بحنين جارف للذهاب إليه ورؤيته.
رن هاتف ياسمين ونهضت لتجيب عليه في الداخل تبعها يزن وانتفض قلبها مرة أخرى عندما سمعت صهيله.
ودون إرادة منها وجدت قدميها تأخذها لهناك
سارت حتى وصلت الإسطبل وخدمها الحظ عندما وجدته خاليًا
فتحت الباب ودلفت بروية فوجدت ذلك الحصان الذي خطف قلبها كصاحبه واقفًا بشموخ الأدهم وسواده اللامع
تقدمت بوجل وعادت تتحسس تلك الندبة
وذكريات تلك اللحظة تتشابه أمامها
نفس الوقت ونفس الحصان ولا يختلف سوى المكان
دنت منه حتى لا يفصلها عنه سوى الباب الصغير وابتسمت له بحنين وكأنه عرفها إذ أخفض رأسه وكأنه اعتذار صريح لها مما جعلها تضحك بخفوت
فتمتمت بروية
_ عايز تقولي إنك عرفتني؟ مع إن صاحبك معرفنيش.
رفعت أناملها بعد تردد دام للحظات لتتحسس مقدمة رأسه وظلت تداعبه لسعادة وءكريات لا تنسى تداعب مخيلتها
في الخارج
وقف جواد يشاهد آدم وهو يقوم بعمله بتفحص تلك الافة التي أصابت النباتات
قام بأخذ عينه منه وتقدم من جواد ليقول بأسف
_ الحشرة صابت الزرع كله ولو سيبناها هيحصل كيف ما حصل السنة اللي فاتت.
انزعج جواد مما يحدث ونظر للنبته التي أصيبت بالفعل بشكل يدعوا للقلق وسأله
_ والحل دلوجت؟
_ مفيش حل غير المبيدات
جعد وجهه باستياء وغمغم برفض
_ بس انت خابر إني برفض استخدامها عشان الأمراض اللي بتسببها.
_ الموضوع مش زي ما انت فاهم، المبيدات دي أنواع
من سنين طويلة ظهرت الحشرات اللي دخلت على الزرع ودمرته كله فالإنسان كالعادة فكر في حل يتخلص منها لجل العالم ميدخلش في مچاعة فاخترع المبيدات دي يرش على الزرع ويموت الحشرات ونسي تمامًا أنه زي ما تخلص من الحشرات الضارة اتخلص معها من الحشارات النافعة اللي بتتغذى على السموم اللي في التربة والزرع
ولجى إن بعض الناس اللي أكلوا من الزرع جالهم تسمم خفيف.
_ يعني چاه يحارب الطبيعة حارب نفسه.
ضحك آدم وتحدث بتأكيد
_ بالظبط إكدة، بس چاه بعدها خفف المبيد بحيث أنه ميقضيش على كل الحشرات، يعني لو محربتش الطبيعة هي اللي هتحتربك.
تحدث جواد بسخرية
_ وتجول إنك نسيت؟!
هز كتفيه ببساطة مصطنعة
_ كنت فاكر إكدة
_ طيب أني راچع البيت دلوجت لإني افتكرت معادي مع المحامي باشر انت العمال لحد ما ارچع.
عاد جواد إلى المنزل وكعادته يذهب إلى الإسطبل كي يطمئن على حصانه
تقدم من المكان وانتبه لحركة وصوت انثوي في الداخل
قطب جبينه بحيرة وفتح الباب بهدوء فيتفاجئ بتلك الفتاة تداعب رماح وما زاده حيرة أنه يبادلها بغنج
فذلك الحصان لا أحد يستطيع الإقتراب منه سواه
ظل يؤكد النظر بها يريد أن ينظر لعينيها فهو لن يخطئ في تلك العينين التي اسقطته صريعًا لها منذ أن رآها للمرة الثانية في الإسطبل
يذكر ذلك اليوم جيدًا بكل تفاصيله وكأنه الأمس
رفعت يدها كي تمررها على مقدمة الحصان فيهدر قلبه بعنف وتزداد وتيرة تنفسه عندما لاحظ تلك الندبة
هي نعم هي، لم يخطئ قلبه عندما أخبره في البداية بأنها هي
ماذا حدث إذًا جعلها بذلك الانطواء
تدارى مسرعًا خلف أحد الأعمدة عندما استدارت لتنصرف وخرجت من المكان بعد أن جعلت قلبه ينبض بعنف كما فعلتها من قبل
انتبه جواد لصوت هاتفه فأخرجه من جيبه ليجيب
_ وعليكم السلام
_…..
_ اه مستنيكم في المزرعة
اغلق الهاتف وألقى نظرة أخيرة على حصانه وكأنه يطالبه بالتأكد أكثر
عليه ان يتأكد هو بنفسه
عاد إلى المنزل وفور دخوله نادى ام نعمة والتي اسرعت إليه
_ نعم ياولدي.
_ خلي نعمة تروح مع حامد عند حياة وتچيبها وتاچي دلوجت
أومأت أم نعمة وهمت بالذهاب لكنه اوقفها
_ انتي تعرفي البنت صاحبة ياسمين دي؟
هزت راسها بنفي وهي تجيبه
_ لا والله ياولدي اول مرة أشوفها عندينا، وبعدين انت خابر إن ياسمين ملهاش اصحاب غير البنتين اللي حضروا فرحها.
_ يعني هي مش واحدة منهم؟
نفت أم نعمة بتأكيد
_ لأ طبعًا مش هي اني فاكرة الاتنين زين ولو شوفتها هعرفها إنما دي غيرهم
هز رأسه بتفاهم بعد ان اصيب بخيبة أمل أخرى
_ طيب روحي انتي.
عادت أم نعمة للمطبخ وعين توليب تسألها بوجل
_ سألك عني؟
نظرت إليهم بامتعاض وهتف بهم
_ مش عيب عليكم تخلوا واحدة في السن ده تكدب؟
هزت ياسمين كتفيها بحيرة
_ انا برضه مخبراش انتي مش عايزاه يعرف بوچودك ليه؟
رمشت بعينيها وهي تحاول التحدث بثبات
_ معلش ريحوني الفترة اللي قعداها معاكم وبلاش اسأله كتير.
خرجت من المطبخ عندما تأكدت من ذهابه وصعدت إلى الغرفة وأغلقت الباب خلفها لتسمح لدموعها العنان
لقد رآها وشك بها ولولا انتباهها لوجوده لعرفها ولن تستطيع أن تظهر أمامه بعد الآن
عليها أن ترحل باسرع وقت
أخذت هاتف ياسمين الموضوع على المنضدة وقامت بالاتصال على والدها
وحينما أجابها اجهشت في البكاء وهي تحدثه
_ بابا
نهض توفيق من مقعده والقى نظرة على سلوى التي تقف في المطبخ تعد الطعام ثم دلف غرفته واغلق الباب خلفه
فهو لا يريد أن يسمع أحد حديثهم
_ انا معاكي ياحبيبتي وكنت منتظر مكالمة زي دي.
اجهشت بالبكاء وقد انتهى تظاهرها بالثبات وتمتمت بحرقة
_ عايزة ارجع لحياتي مش عايزة اعيش العذاب ده من تاني.
رق قلبه لحزنها لكن عليه أن يكون أكثر حزماً معها كي تقوى على ضعفها وتحدث بقوة
_ انتي اللي بتعديه من تاني قلتلك الغي تفكير المشاعر وخليكي عقلانية عشان تقدري تنسي، لكن رجعتي مشاعرك تاني تسيطر عليكي من وقت ما شوفتيه.
هزت راسها تنفي كلامه بالكذب
_ بس انا مش بعيط عشانه
سألها بتمهل كي لا تواصل الكذب عليه
_ أومال عشان ايه؟
اغمضت عينيها لتتساقط الدموع المعلقة باهدابها وهي تجيب بضياع
_ عايزة أرجع لعيلتي ولدراستي ولحياتي
مش عايزة اعيش حياة الهروب دي وخايفة لحد يعرفني واكون مهددة بالسجن في أي وقت أرجوك يابابا أنا عايزة أرجع
تنهد بتأثر وهو مكبل اليدين لا يستطيع فعل شيئاً لها
فرغم امتعاضه من ذهابها لذلك المكان إلا إنه المكان الوحيد الآمن لها
_ معلش اتحملي شوية لحد الأزمة دي ما تعدي وإن شاء الله قريب أوي
وإن كان على قلبك اشغليه بحاجات تانية بلاش تديله فرصة يرجع ذكرياته وانتي كمان بلاش تتواجدي في مكان هو فيه وافتكري أنه ليه بيت وعيلة مش هنكون سبب ابدًا في هدمها، انا واثق في بنتي وعارف انها متقدرش تكون سبب في تعاسة حد.
لم تخبره بأمر جواد فإن فعلت ذلك ستثبت له بأنها مازالت عاشقة ذلك الرجل.
اغلقت الهاتف بعد أن تطمئنت والدتها عليها واعادت الهاتف إلى المنضدة
مسحت دموعها التي لا تكف عن النزول ودلفت المرحاض كي تتوضأ وتقيم صلاتها كي تتضرع إلى ربها وتطلب منه أن يرحمها من ذلك العشق كما رحمها من قبل
أما هو فقد دلف الغرفة والحيرة لا ترحمه
قلبه يخبره بأنها هي
لكن الجميع حوله يؤكدوا بأنها ليست هي
وكلامهم الأصدق، فهو لم يراها بدون غطاء الوجه ذلك لكنهم رأوها وتعاملوا معها
لما قد تنكر أخته أو العاملة ذلك
كما إن توليب لا تهدئ مطلقًا فقد كانت شديدة المرح ولا تكف عن الثرثرة عندما كان يشاهدها من البعيد مع اصدقائها
لكن تلك دائمًا منطوية وصوتها مغلف بالانكسار.
جلس على الفراش وقد اصبحت قدمه تؤلمه تلك الفترة إذا استمر في الضغط عليها
قام بنزعها وقرر اخذ قسط من الراحة حتى يأتي المحامي.
وضع يده أسفل الوسادة وأخرج (اسكتش) الرسم الخاص به وقام بفتحه وأخذ ينظر إلى الصور الذي رسمها لها
تلك الخبيئة التي جذبته إليها بمرحها وعفويتها
نظر إلى الرسمة التي تحتويها وهي ترفع يدها لمقدمة الأدهم دون خوف كما حال الجميع
وأخرى لها وهي تستند بيديها على السياج تشاهد الحصان وهو يمرح أمامها
وأخرى بهياج الحصان وهي أمامه بيد نازفة
وكان ذلك المشهد الأخير الذي أنهى البداية
عودة للماضي
كان واقفًا يباشر العمال لكن بذهن شارد
ينتظر مرور الوقت حتى يراها مرة أخرى
فلأول مرة يصادف أحد يشاركه عشقه للخيل
افترى فمه عن ابتسامة عندما تذكر اسمها
"توليب" فهي أيضاً زهرته المفضلة
ها قد آتي الوقت أخيرًا عندما وجدها تخرج من البوابة الخلفية مع نعمة متجهين إلى الإسطبل
سينتظر قليلًا حتى لا ينتبه إليهم أحد
لكن صوت حامد الذي يناديه وهو يتقدم منه مسرعًا اربكه فسأله
_ خير ياحامد في ايه؟
أخذ حامد يلتقط أنفاسه وتمتم بوجل
_ الحصان رجله رچعت تنزف تاني وثاير هناك وكل ما حدا يجدم منه يهيج عليه
انقبض قلبه خوفًا عليها أسرع لاتجاه الإسطبل كي يمنعها من الدخول لكنها سبقته إليه
دلفت توليب المكان وشعرت بالسعادة عندما وجدت الحصان داخل غرفة صغيرة وباب قصير
يسمح لها برؤيته قالت نعمة بوجل
_ اني هستناكي برة عشان بخاف من الحصان ده جوي
جذبتها توليب من ذراعها وهي تقول برفض
_ لا طبعاً مينفعش تسيبيني لوحدي اصبري شوية لما اتصور معاه
أخرجت الهاتف من حقيبتها الصغيرة ودنت منه وهي توليه ظهرها كي تلتقط الصورة لكن ما إن تقدمت منه حتى ثار الحصان وأخذ يرفع قدمه في الهواء وكادت قدمه أن تصيبها لولا تلك اليد التي انتشلتها بسرعة من أمامه لكن حوافره أصابت يدها إصابة بالغة فيسقط كلاهما ويصاب جواد في كتفه
صرخت نعمة واسرعت تنادي على الرجال
أما جواد فقد ارتعب عليها ونهض لينظر إلى يدها التي تنزف بغزارة وتضغط عليها بيدها الأخرى وهي تتألم بشدة
جذب يدها بخوف شديد كي ينظر للجرح
_ وريني يدك
لكنها شعرت بالحرج ولم تسمح له بذلك وتمتمت بألم وهي تنهض
_ اطمن ده جرح بسيط.
دلف الرجال ومن ضمنهم عدي الذي سألها بقلق عندما رأي حالة الحصان والدماء التي تنزف منه ومن تلك الفتاة
_ خير ياچواد ايه اللي حصل؟
وضع جواد يده على جرح ذراعه وتمتم بثبات وهو ينظر إلى نعمة التي لفت جرح توليب بشالها كي تمنع نزيفه
_ مفيش حاجة ابعتوا للدكتور ضياء بسرعة يشوف الحصان
وچهزوا العربية عشان تروح المستشفى
نظر الجميع إلى يد توليب التي تنزف بشدة وكذلك هو وقال عدي
_ وانت كمان دراعك بيزنف
حاولت توليب الاعتذار لكن جواد تحدث بألم مماثل لألمها
_ لازمن تروحي لأن حوافر الحصان حادة وبتسبب مشاكل كبيرة
وافقت توليب وذهبت معه وقد تولى عدي القيادة ونعمة جلست بجوارها في المقعد الخلفي
كان الألم غير محتمل لكنها ظلت ثابتة كي لا تقلقه وخاصة وهي تراه يراقبها في مرآة السيارة
وصلوا للمشفى وتوليب لم تعد تستطيع تحمل الألم فقالت وهي على وشك البكاء كطفلة صغيرة
_ حد يكلم بابا بسرعة.
تحدث عدي بحكمة
_ خلينا نطمن لول عشان ميجلجش عليكي.
ابت ذلك وأصرت على مجيئه
اخذتها الممرضة ودلفت بها لداخل إحدى الغرف ودلف خلفهم الطبيب وكذلك حدث مع جواد
باك
عاد إلى حاضره على صوت الباب فنهض ليرتدي القدم الصناعية وذهب ليفتحه وقالت نعمة
_ المحامي تحت ومعاه ست حياة.
_ طيب حضري الجهوة واني چاي حالاً.
لم تستطيع حياة رفع عينيها عندما دلف جواد بل اخفضتها بإحراج من فعلتها
الق عليهم السلام فأجابت بخفوت وجلس جواد على مكتبه وسأل المحامي
_ عملت ايه؟
زم الرجل فمه باستياء وتحدث بأسف
_ للأسف رفعت الدعوة بس اكتشفنا إن طليقها اخد الولد وسافر.
اتسعت عين حياة بصدمة وقد شعرت بالعالم يتوقف من حولها
هل معنى ذلك أنها لن تراه مرة أخرى انتبهت لصوت جواد الذي سأله
_ اتأكدت من الخبر ده بنفسك
اكد له عبد المجيد بثقة
_ اه طبعاً واتأكدت انه سافر بالفعل لشغله في دبي بس عرفت انه هينزل اجازة قريب وكلفت حد يعرفني وقت نزوله عشان نعيد رفع الدعوة
تطلعت إليهم حياة بتشتت وتمتمت بوهن وهي تحيط جسدها بذراعيها
_ يعني مش هشوف ابني تاني؟
رمشت بعينيها وهي لا تستوعب ما يدور حولها
_ هيعيش بعيد عن حضني، مش هلاجي حضن اتدارى فيه من جسوة الدنيا اللي مش راضية ترحمني؟
رفعت عينيها إلى جواد وسألته
_ وانت ودعتني إنك هترچعه لحضني
ضيقت عينيها برجاء وهي ترجوه
_ أرچوك رچعلي ولدي، هو الحاچة الحلوة اللي بجيالي نفذ وعدك ورچعه ابوس يدك.
اغمض جواد عينيه بغضب من نفسه
فهو لم يستطيع الوفاء بوعده لها فحدثها بثبوت
_ متجلجيش ابنك هيرچعلك ويكون في حضنك واول ما يظهر هچيبه لعندك من غير قضايا، اني جلت امشيها قانوني بس بما انه لاوع معانا يبجى يتحمل.
خرجت من منزل جواد وهي تشعر بألم شديد فقد ضاع أملها في عودة ابنها إليها
وقد خذلتها الحياة تلك المرة لكن بأشد وأقسى
خرجت من المزرعة تسير بلا هوادة ولم تبالي بذلك السائق الذي امره جواد بإعادتها إلى منزلها
خيم الليل عليها وهي تسير بتشتت وكأنها تسير وفق خطوات لا تعرف وجهتها
ماذا يخبئ لها القدر بعد ذلك
أخذت ترتجف إثر تلك النسمات الباردة التي واجهتها فأخذت تلف جسدها بذراعيها تلتمس الدفئ
اشتدت الظلمة في طريقها لكنها لم تبالي وواصلت طريقها دون الالتفات حولها
رغم أنه لم يتركها لحظة واحدة منذ ان خرجت من المزرعة وظل يسير خلفها يكتفي بمراقبتها والاطمئنان عليها حتى تصل إلى منزلها
توقفت عن السير حينما شعرت بخطوات خلفها
استدارت لتعرف هويته فوجدته هو
لم تشعر بالخوف منه بل لامست فعلته قلبها
لم يتركها كما تركها الآخرين ولم يبالوا بسيرها وحيدة في هذا الطريق الخالي ولا في ذلك الوقت المتأخر
تقابلت نظراتهم والتي تحكي عن احتياج كل منهما للآخر
اجفلت عندما وجدته يتقدم منها وعادت تحتضن جسدها كما تفعل عندما تبتجل لكن نظراته الهادئة جعلتها تستكين بهدوء وخاصة عندما وجدته يقول بروية وهو يقف أمامها
_ متخافيش اني بس خفت عليكي من الطريج وجلت امشي وراكي لحد يتعرضلك
اهتزت نظراتها وشعرت برعشة تنتابها من كلماته التي تصف مشاعر لم تصادف صدقها من قبل
_ روح لحالك ياابن الناس أني جضية خسرانة مفيش مني رچا.
ابتسم بحزن ورد آسى
_ كلنا إكدة مش انتي لوحدك بس أدينا بنعافر جصاد الدنيا مرة بتشد ومرة بترخي وأهي ايام وبتمر من عمرنا.
تاهت نظراتها كما تشتت عقلها وهي لا تعرف ماذا تفعل
تذهب معه وتعوض احتياجها مع اطفاله أم تعود لوحدتها تنتظر عودة ذلك الرجل بابنها
فقال وهدان بصوت أشبه للرجاء
_ جولتي ايه؟
_______________
في غرفة مراد
تجلس على الفراش تنظر إليه وهو يمشط خصلاته أمام المرآة
لا تعرف لما بدأ الخوف يتسرب إلى قلبها
منذ أن سمعت حديثه مع نور
ما الذي ينوي فعله اثر انتهاء عدتها
هل يفكر مراد في الزواج منها؟
هزت راسها بنفي فقد أخبرها من قبل بأنه لن يفعلها وهي تثق بوعده لها.
لكنه أيضاً لم يعدها بشيء لقد طمئنها فقط عندما أخبرها أبيها بأنه سيحن يومًا للأنجاب وسيجبر حينها على الزواج من أخرى.
ماذا ستفعل لو فعل ذلك؟
هي تعلم جيدًا بأنها لن تتحمل رؤيته مع أخرى
ولن تتحمل أيضًا أن يظل وحيدًا دون طفل يحمل اسمه ويكون سندًا له
انتبه مراد لشرودها فألقى الفراشاه من يده وتقدم منها بابتسامة بدلتها إياه تمحي بها قلقها
فاستلقى بجوارها وهو يتمتم بابتسامة
_ مالك سرحانة في ايه؟
هزت كتفيها بنفي وقالت برقة
_ فيك طبعاً
رفع حاجبيه متمتمًا بمزاح
_ بس اكدة؟
هزت راسها بتأكيد
_ انت عارف ومتأكد إني معنديش غيرك افكر فيه.
_ بس انا برضك خابرك زين وخابر إن فيه حاچة شغلاكي بجالك فترة
شعرت بأن حديثه يخفي شيئًا او يود التطرق لأمر ما فقالت بدون مقدمات
_ مراد انت ممكن تتجوز عليا؟
لم يتفاجئ بسؤالها فهو يعلم بأن وجود نور سيسبب الغيرة لها ولزوجة أخيه
فرد بجدية بها بعض المماطلة
_ شوفي ياسلمى أحنا عايشين في الدنيا دي بنفذ الأقدار اللي ربنا قسمها علينا من جبل حتى ما نتولد
انا مجدرش اوعدك بحاچة اني معلمش الغيب فيها، بس حجيجي أني مش رايد غيرك في حياتي.
ازداد قلقها بعد حديثه وخاصة عندما أولاها ظهره واغلق الضوء
لا يفعل ذلك إلا عندما يود الهرب من مواجهتها، يبدو أن حديث والدها صحيحًا حينما أخبرها بأنه سيفعلها عاجلاً أم آجلاً
ماذا ستفعل لو فعلها حقًا؟
كيف ستتحمل مشاركة أخرى فيه
فالانسحاب غير وارد في قاموسها فهي لن تستطيع البعد عنه مهما حدث
رغم أنها تعلم جيدًا بأن ما يشعور به تجاهها ليس سوى مودة خالصة
أما هو فقد شعر بنصل حاد يخترق قلبه وهو يرى خداعه لها
لكن ماذا يفعل وكل شيء يوضع أمامه تحت الإجبار
علمه والده منذ صغره أن يكون الحمل الأكبر من نصيبه ولذا عليه أن يواصل التحمل مهما بلغ الحمل على كاهله
أما نور فقد ظلت حبيسة تلك الغرفة لا تفارقها مهما حاولوا الضغط عليها
فقد قررت الانتظار حتى توضع طفلها ويتم تسجيله شرعًا وحينها لن تظل لحظة واحدة في ذلك المكان فقط عليها التحمل والصبر
حتى يأتي ذلك اليوم
………
_ جولتي ايه موافجة تكملي معايا ولا لاه.
التقت عيناهما وكل واحد فيهما ينظر إلى الآخر بأسئلة كثيرة حتى شعروا بأن العالم توقف من حولهم ولن يكمل مسيرته حتى تتم الإجابة عليها
لكن صوتها الخافت انهى كل تلك الأسئلة وكان جوابًا واحدًا كافي بأن يرد على الجميع
_ موافقة.
لاحت ابتسامة على فمه لكنها لم تظل طويلاً
حينما تابعت
_ بس هيكون حبر على ورج.
لم يرفض أو يجادل سيكتفي بذلك ولن يضغط عليها
_ وأني موافج، يلا عشان اوصلك لأن الوجت أخر جوي.
اومأت له بصمت وسارت معه حتى وصلوا إلى المنزل وانتظر حتى رآها تدلف وعاد إلى منزله.
للمرة التي لا يعرف عددها يجد أطفاله لوحدهم في المنزل مستلقين بإهمال على فراشهم دون غطاء في ذلك البرد القارس
تقدم منهم لينثر الغطاء عليهم وذهب إلى المطبخ فتتفاجئ بأن خالتهم لم تعد لهم طعام العشاء وناموا جوعا
انفطر قلبه على حالهم وقام بإعداد اطعمه خفيفة وذهب إليهم كي يوقظهم لتناول الطعام
استطاع ايقاظهم بعد عناء وأخذ يطعم الصغيرة التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات فلاحظ ملابسها المتسخة وكذلك الآخرين
لم تعد خالتهم تهتم بهم منذ خطوبتها ولا يلومها على ذلك
نظر إلى زينة وتحدث بتردد
_ أني بفكر.. يعني أجيبلكم واحدة تفضل معاكم أهنه وتاخد بالها منيكم.
_ وخالتي؟
_ خالتك خلاص مبجتش فاضية عشان بتچهز لفرحها وكمان اللي هتاچي دي هتفضل معاكم وتبات كمان ها جولتي ايه؟ موافجة؟
ردت برضا
_ اه موافجة بس هتاچي ميتى؟
سعد لموافقتها وقال بحب
_ في اجرب وجت إن شاء الله.
لم يستطيع تركهم للنوم بتلك الملابس فقام بتبديلها لهم ثم وضعهم على الفراش ليناموا
❈-❈-❈
بعد مرور مرور أسابيع قليلة
استقبل مراد ومؤيد صديق آسر المقرب والذي كان مقيم معه في الخارج
وبعد الترحيب تحدث بجدية وهو يضع حقيبة صغيرة امام مراد
_ الشنطة دي فيها بعض المتعلقات بآسر الله يرحمه كان ناسيها في أمريكا ولما نزلت قلت أجيبها معايا يمكن تكون فيها حاجة مهمة ولما روحت لوالده رفضوا وقالوا انه تعبان ومش هيقدر يقابل حد فقلت اجيبها ليكم أفضل
شكره مؤيد لكن مراد شعر بالرهبة من تلك الحقيبة لا يعرف لما
وبعد انصرافه قام مراد بفتح الحقيبة ليكتشف أنها اوراق طبيه وبعض التحاليل
ظل يقلب بينهم حتى وجد أحد التحاليل والتي تثبت بأن أخيه لا يستطيع الإنجاب.
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الحادي عشر
……………..
ظل مراد يعيد قراءة ذلك المحتوى مرارًا وتكرارًا وهو لا يستوعب ما يراه
أخذ يبحث في المختبرات الأخرى والنتيجة مماثلة
_ سلمى
صدح صوته في المنزل جعل سلمى تسرع الخطى إليه بقلق وهي تراه واقفًا بحالة لم تراه بها من قبل
_ في ايه يامراد؟
أشار لها بالصعود قائلاً بأمر
_ اطلعي جدامي.
لم تفهم منه شيء لكنها طاوعته وصعدت معه للطابق الثاني وقال بحدة وهو يشير ناحية غرفة نور
_ خبطي عليها.
سألته بوجل
_ طيب في ايه طمني.
صاح بها
_ جولتلك خبطي من سكات.
أومأت له مجبرة وطرقت على الباب حتى فتحت لها نور وحينها نحى سلمى من أمامه ودفع الباب ليقف أمامها ويشير لها بالاوراق التي بيده وتمتمت بسخط
_ ممكن تفهميني ايه اللي موچود في الورجة دي.
نظرت للأوراق التي بيده ثم رفعت بصرها إليه لتسأله
_ أوراق ايه مش فاهمة
رفع الورقة أمام عينيها وتحدث بحنق
_ اوراج بتجول إن آسر أخوي عقيم ولا يستطيع الأنجاب، يبجى ده معناه ايه؟
❈-❈-❈
ذهب وهدان إلى منزل عمها كي يعيد طلبه
رحب عمها بشدة وقد اخبرته حياة بموافقتها
_ أهلاً ياولدي اتفضل.
دلف وهدان وهو مخفض بصرة وتمتم بامتنان
_ يزيد فضلك يا حاچ.
جلس في المضيفة وبعد حديث طويل قال وهدان بثبوت
_ أني چاي النهاردة عشان اعرف ردكم على طلبي.
ابتسم صالح وهو يربت على كتفه وقال مازحاً
_ مستعجل على ايه مش لما تشرب الشاي لول.
رد وهدان بابتسامة
_ اعذرني أني سايب البنات وحديهم لأن خالتهم مشغولة اليومين دول ومش هتجدر تكون معاهم.
بعد قليل دلفت حياة وهي تحمل القهوة بين يديها ووضعتها على الطاولة وهي تمتمت بصوت خافت
_ السلام عليكم
رد الاثنين سلامها
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
واضاف عمها
_ اجعدي يا حياة لأن الكلام اللي هجوله ده لازمن تكوني شاهده عليه
القت نظرة إلى وهدان الذي بادلها النظرات بأخرى هادئة بثت الاطمئنان بداخلها وقالت بثبوت
_ حاضر ياعمي
سألها صالح رغم معرفة اجابتها
_ وهدان چاي عشان يعرف رأيك وجبل أي حاچة هو محتاچ أم لأولاده تعوضهم عن الحنان اللي اتحرموا منيه دول بنات ومحتاچين راعية خاصة، محتاچين صدر كبير وحنين لأنهم لو ملقوش ده في بيتهم هيدوروا عليه برة وهيكون ذنبهم في رجبتك
شايفة نفسك جدها نتوكل على الله ونوافج لو شايفة نفسك مش جدها يبجي ترفضي ويا دارك ما دخلك شر.
لا تنكر بأن حديثه أربكها لكن هي عاشت ذلك الحرمان وتود أن تعوض تلك الفتيات كما وجدت من يعوضها رفعت عينيها إلى وهدان الذي انتظر اجابتها فوجدت فيهما احتياج حقًا فلم تستطع الرفض وتمتمت بخفوت
_ موافجة
سعد قلبه قبل محياة الذي اعلن عن مدى فرحته لكنها قلبت كل شيء رأساً على عقب عندما اردفت
_ بس هكون أم للبنات مش زوجة.
جرحته بحديثها وخاصة أمام عمها
والتي ما فعلت ذلك إلا لكي يكون شاهدًا عليه فهذا يدل بأنها لا تثق به فغمغم عمها باحراج من وهدان
_ بس يابنتي…
قاطعه وهدان بثبات
_ مفيش بس ده حجها واني مجدرش اغصب عليها.
اهتزت نظراتها وشعرت بأنها اخطأت في ذكر ذلك الأمر مرة اخرى بعد أن أخبرته من قبل واعطاها موافقته
فعادت عنادها
_ وان ابني رچع هيعيش معايا.
وافقها بصدق
_ هيكون زي ابني واخ للبنات.
اعجب صالح بذلك الرجل وربت على كتفه متحدثًا بفخر
_ صدج اللي جال اللي خلف مامتش ربنا يجعل جدمها جدم سعد عليك ياولدي.
_ إن شاء الله، بس كنت رايد اعچل بالفرح، رايد يكون الخميس الچاي يعني بعد اسبوع عشان خالتهم هتتزوچ كمان اسبوعين.
نظر صالح إلى حياة ينتظر رأيها
فتمتمت بهدوء
_ اللي يشوفه عمي.
_ واني موافج.
نهضت حياة بحرج واستئذنت منهم واسرعت بالخروج تتبعها عين وهدان الذي اقسم بداخله ان يعوضها عن ذلك العذاب الذي عاشته.
❈-❈-❈
لم تستوعب نور معنى حديثه وسألته بعدم استيعاب
_ انت بتقول ايه مش فاهمة
زم فمه دلاله على مدى صعوبة تحكمه في غضبه وغمغم بانفعال
_ زي ما سمعتي وصلتني تحاليل بتجول إن آسر أخوي ميقدرش يخلف يبجى ده معناه ايه؟
اتسعت عينيها بصدمة كبيرة لا تتخيل ما يحدث، كيف ذلك وهي تحمل طفله في أحشاءها
هل يقصد بأنها خائنة أم ماذا
_ مش بيخلف إزاي وانا حامل منه؟
رفع حاجبيه مؤيدًا
_ ده بجى اللي رايد اعرفه، مادام هو مش بيخلف يبجى حامل كيف؟
عقدت حاجبيها بصدمة وسألته باندفاع
_ انت كداب والتحاليل دي مش حقيقة.
نظر إليها بسخط ومد يده بالاوراق وهو يهدر بها
_ اتفضلي اتأكدي بنفسك وبعدين اتهميني بالكدب، وخصوصاً إن العقم عندهم وراثة ابوه مخلفش غيره وكانت بعد عمليات كتيرة ومتكررتش تاني رغم انه اتزوچ بدل المرة خمس مرات بس محصلتش تاني
وعمه اللي مات بنفس النظام
مد يده بالاوراق وتابع بأمر
_ اتفضلي اتأكدي لول
أخذت الأوراق من يده وأخذت تنقل عينيها من ورقة لأخرى وكلها بالفعل تثبت ذلك
رفعت بصرها إليه
_ التحاليل دي مش صحيحة
تدخلت سلمى التي تشاهد الموقف بصدمة وقالت باقتراح
_ ياريت نهدي ونفكر بالعقل
والعقل بيقول إننا نعمل تحليل دي إن إيه عشان نقطع الشك باليقين ونقفل صفحة الشك دي نهائي.
مازالت لا تستوعب شيئًا مما يحدث ولا الحقائق التي تظهر تباعًا خلف بعضها بأنها كانت مجرد وسيلة للوصول لمبتغاه، او بشكل ادق فأر تجارب ولذلك كان يسألها دائمًا بحجة أن الحمل هو وحده من سيجبر والده على الموافقة.
محال أن يكون ما تمر به حقيقة بل مسلسل هابط تجسدت هي دور بطلته
رفعت عينيها إلى سلمى التي خفضت عينيها بإحراج وذلك الذي يشيح بوجهه بعيدًا عنها مدعيًا للتدين وهو ابعد ما يكون عنه.
عليها الذهاب من هذا المكان وتلك المرة دون رجعة
لا تريد البقاء تحت ضغط مستمر مع ذلك الرجل الذي يتصيد لها الأخطاء
فقالت بثبات رغم ما يعتمل بداخلها من نيران
_ وانا موافقة اننا نعمل التحليل بس بشرط
ضيق عينيه متسائلًا
_ شرط ايه؟
اجابت بقوة زائفة
_ التحليل هيتعمل النهاردة وبعد ما تظهر النتيجة وتتأكدوا أنه ابن اخوك وقتها همشي من البيت ده ومحدش منكم يمنعني
اجفل من حديثها والثقة التي تتحدث بها مما يدل بأنها حقًا صادقة، لكن تلك التحاليل صحيحة فهو طبيب ومتأكد من صحتها
فعاد إليه شكه وغمغم بموافقة
_ واني موافج
نظر إلى زوجته وقال بحدة
_ انا مستنيكم تحت في العربية
خرج مراد ونظرت سلمى إليها بإحراج وتمتمت
_ انا آسفة لو كنت جرحتك بالاقتراح ده بس انا واثقة فيكي وعشان كدة حبيت انهي اي شك جواهم من ناحيتك بالطريقة دي.
اغمضت نور عينيها تحاول منع عبراتها من النزول وقالت بألم
_ صدقني من وقت ما عرفت حقيقته مبقاش يفرق معايا اي شيء بالعكس انا مبسوطة اوي إني عرفت الحقيقة، صحيح متأخر بس عرفتها وخلاص.
ربتت سلمى على كتفها ولم تجد شيء تقوله فالتزمت الصمت وخرجت من الغرفة
….
اخذها بسيارته وذهب بها إلى معمل خارج البلدة كي لا يعلم أحد بذلك الأمر
يعلم جيدًا بأنه سيجد صعوبة بذلك خاصةً بأنه أمر غير قانوني لكن عليه ذلك كي يمحي اي شك بداخله
لكن ماذا إذا كانت صادقة حقًا وقررت الذهاب؟
هل سيسمح برحيلها؟
انقبض قلبه عن تلك النقطة
لكن لما؟
نظر لانعكاس صورتها في المرآة ولاحظ الحزن المرتسم على وجهها وكم آلمه رؤيتها بتلك الحالة.
وجه نظر للطريق أمامه واستغفر ربه ودعاه أن يدله على الحقيقة
توقف عن التفكير عندما وصل امام المعمل ونظر إلى زوجته قائلاً
_ خليكم اهنه لحد ما أجيلكم.
دلف للمشفى وذهب لقسم التحاليل ليقابل الدكتور المختص في تلك الحالات وأراد أن تكون المقابلة سرية
دلف معه مكتبه وتحدث الدكتور
_ اتفضل حضرتك.
جلس مراد وهو يشعر بإحراج كبير لكنه اجتازه وتحدث بعملية
_ أنا دكتور اطفال وكنت چاي بناءً على طلب أم رايدة تثبت نسب عشان الزوج متوفي وعايزة تعمل تحليل الدي إن إيه عشان الميراث
هز الدكتور رأسه بتفاهم وتحدث بجدية
_ بس الموضوع ده مش بيمشي سهل زي ما انت فاهم ده لازم هياخد اجراء قانوني غير إن…..
قاطعه مراد بثبات
_ انا عايز الموضوع يمشي بسرية تامة عشان الشوشرة وانا جاهز في كل اللي تؤمر بيه
فكر الدكتور قليلًا ثم تحدث بجدية
_ طيب كدة عايزين عينه من العم أو الجد.
شعر مراد بالحرج وتمتم برتابة
_ هو اللي موجود عم من الأم مش من الأب.
عدل الطبيب من وضع نظراته وتحدث بتريس
_ تمام، هما جاهزين دلوقت؟
_ اه جاهزين.
_ خلاص انا هكلم الدكتورة نهلة تاخد عينه من دم الجنين.
نهض مراد وذهب إليهم قائلاً بأمر
_ اتفضلوا.
ترجل الاثنين وذهبت نور معه لتجري التحليل
لا تصدق بأنها وافقت على تلك المهزلة، كان عليها أن تنسحب بهدوء لكن ما فعلته هو الصواب إذا كان عليها الذهاب فلتذهب مرفوعة الرأس لا هاربة تحت انظارهم
نظرت إلى الطبيبة والتي تحمل الإبرة التي ستأخذ بها العينة فشعرت بغصة مؤلمة في قلبها يفوق ذلك الألم الناتج عن أخذ العينة
لكن هي اخطأت وتجني ثمار ما زرعته
فلتتحمل إذًا.
بعد الانتهاء رفضت نور يد سلمى التي قدمتها للمساعدة
ابت أن تستند على أحد
فقد قدت الثقة في كل شيء حولها
عادت إلى المنزل وتوجهت إلى غرفتها لتبكي في الخفاء
لن تسمح لقلبها أن يظهر ضعفه أمامهم فيكفي ما رأه حتى الآن
أما هو فقد قرر العودة للمشفى كي ينشغل بعمله ولا يفكر في ذلك الشعور الذي اصبح يراوضه منذ أن رآها تخرج من المعمل بذلك الانكسار، وقد ازداد الخوف بداخله من صدقها
استدار بسيارته وتوجه إلى المشفى ولم يعود تلك الليلة منها
بل فضل المبيت بها كي لا يعود ويجد فرصة للتفكير في الأمر.
شعور غريب قد اقتاحه لا يعرف ماهيته
كل ما يعرفه بأنه أخطأ باتهامها فمن الممكن أن يكون تعالج اثناء وجوده في امريكا ولهذا لف شباكه حول تلك الساذجة التي لا تملك خبره في الحياة كي يأخذها حقل تجارب
فمن هذه حتى تقف امام عاصم الهلالي
لكن إذا كانت حقًا صادقة وأصرت على الذهاب كيف سيتحمل ذلك البعد؟
مهلًا
ولما لا يتحمله؟
فهي مجرد فتاة عابرة مرت من أمامه.
وضع رأسه بين يديه والتفكير بالأمر لا يرحمه
ماذا فعلت به تلك الفتاة؟ لما اقتحمت حياته التي كان راضيًا بها
كان قلبه يهدر بعنف وشعور الخوف يكتنفه من رحيلها
رفع رأسه ينظر للفراغ أمامه
هل ما يشعر به الآن……
هز رأسه بنفي هو لم يختبره يومًا كيف يعرفه الآن، ليس اكثر من مجرد تعاطف
فما يفكر به هو ضرب من الجنون
نعم هو يفكر في امر الزواج بها كي ينتشل ابن أخيه من عار سيظل ملازمًا له طوال عمره
لكن أيضًا لن يستطيع جرح سلمى وهي لا ذنب لها سواء فيما تعرضت له أو فيما أجبر هو عليه.
نهض من مكتبه ونظر من الشرفة وهو يدعوا ربه أن ينتشله من تلك العقبة
والأدهى من ذلك هو ذلك القلب الخائن الذي دق لغير مالكه، هذه هي الحقيقة التي يرفض عقله الاعتراف بها
لكن قضي الأمر.
❈-❈-❈
مرت ايام أخرى بشقاء على قلوب الجميع
بين توليب التي اصبحت تتدارى في غرفتها كي لا يراها
وإن صادفته تخفض عينيها كي لا يخترقهما بنظراته ويعرفها
أما هو فقد ظل حائرًا بين قلبه الذي يؤكد له بأنه لم يكن مخطئًا عندما تعرف عليها وبين عقله الذي صدق حديثهم بأنها فتاة أخرى وليست هي
لكن تلك الندبة التي رآها على يدها لم يكن ليخطئ بها مطلقًا
وفي نفس الوقت قد تكون حادثة مشابهة
فقد أكد له ذلك الرجل بأنها تزوجت وسافرت مع زوجها ولم تعود حتى الآن.
ومراد الذي أخذ يفكر في امر تلك الفتاة التي ارهقت قلبه بنظرات عتاب منها وهي تخرج من المعمل، لم ترحمه من وقتها وظلت تأرق منامه
وسلمى التي بدأت تشعر بالقلق إزاء حالته تلك، فهي لا تعرف حتى الآن ما ينتوي فعله
إحساس غريب أصبح يراوضها بأنه لن يتركها ترحل إن أثبتت براءتها وانه يخطط لأمر ما.
ماذا ستفعل حينها؟
هل ستقبل بقراره؟
ام تنسحب بكرامتها كما يخبرها والدها.
وحياة التي تعلقت بالفتيات وقت أن جاءوا مع والدهم للتعرف عليها فعلمت حينها بأن الدنيا بدأت توارب لها باب السعادة
فلأول مرة تشعر بأنها مسؤولة عن حق وأصبح لوجودها شأن
وها قد جاء يوم عقد القران ولأول مرة تشعر بالرضا عن شيء تفعله
تم عقد القران وها قد جاء موعد ذهابها معه.
رمشت بعينيها عندما وجدته يتقدم منها ومعه عمها كي يأخذها
رفعت عينيها إليه عندما توقف أمامها ينظر إليها ببشاشة وتمتم بحبور
_ چاهزة؟
اهتزت نظراتها بوجل وعادت تنظر إلى عينيه دون إرادة منها تبحث داخلهم عن قسوة أو بغض مخفي كالذي رأته من قبل وكذبت عينيها
لكن الأدهى أنها لم تجد سوى سعادة وفرحة يحاول إخفاءها
فوجدت نفسها تومأ له دون قول شيء
وكأنه بانتظار حركتها تلك فاتسعت ابتسامته وأشار لها قائلاً باحتواء
_ طيب اتفضلي.
خرجت حياة معه وكان آدم ينتظرهم بسيارة جواد الذي لم يستطيع الحضور كي لا تشعر حياة بالحرج منه
كانت ضربات قلبها تهدر بقوة وهي تترقب كل نظرة منه ويده التي يقبضها ويبسطها لا تعرف إذا كانت دلالة على فرحته أم رفضه لما يحدث.
وكأن آدم علم بما يدور بخلدهم فظل يحدثهم طوال الطريق يخفف من وطئة ضغوطهم
حتى وصلوا إلى منزله
تهادت القلوب وقتها ووجدت نفسها تنظر إلى منزله وكأنه جنتها
ابسط بكثير من ذلك المنزل الذي سكنته مع زوجها الأول لكنه دافئ تخرج منه نسائم حب معطرة بزهور الاقحوان.
ترجلت من السيارة ووقفت تنتظر انهاء حديثه مع آدم ثم استدار إليها قائلاً
_ اتفضلي زمان البنات لسة صاحيين مستنيينك.
اومأت له بثبات رغم ارتباكها ودلفت معه لتجد البنات بالفعل مستيقظين ومعهم خالتهم التي نظرت إلى حياة ببغض وقالت باقتضاب وهي تنهض لتستعد للذهاب
_ مبروك.
نظرت حياة إلى وهدان كأنها تستنجده بالرد نيابة عنها فقال بتهذيب
_ الله يبارك فيكي.
رمقت حياة بغيرة واضحة وغمغمت بحنق
_ اني كنت ناوية أخد البنات معاي لجل ما تكونوا براحتكم بس هما موفجوش
تحدث وهدان بمثابرة
_ كتر خيرك بس انتي خابرة زين إن بناتي مش هيباتوا بره حضني.
نظرت لحياة وتمتمت بسخرية
_ ما خلاص انشغل بغيرهم وربنا يستر من اللي چاي.
خرجت من المنزل بعد أن ودعت الفتيات وصفقت الباب خلفها بعنف اجفل حياة قبل الفتيات
تطلع إليها مبتسمًا وتحدث بلهجة حانية
_ متخديش في بالك منيها، ده اسلوبها في الحديت مع الكل.
أومأت له بتفاهم وتمتمت بحرج
_ طيب أني هدخل احضر العشا عشان ياكلوا جبل ما يناموا.
نظرت إلى زينة وقالت بابتسامة مشرقة
_ تاچي تچهزي معاي؟
اومأت زينة بسعادة
_ ايوة اني بعرف اعمل كل حاچة.
أخذ وهدان ينظر إليها وهي تتحرك داخل المطبخ وتعاونها زينة بفرحة
كم افتقد ذلك الجو الأسري منذ رحيل زوجته وخاصة عندما اجتمعوا ليتناولوا عشاءهم
كانت تطعم الصغيرة بيدها وتنتبه لطعام الأخرى وبعدها ساعدتهم بتبديل ملابسهم والاستعداد للنوم.
ساد الصمت ارجاء المنزل الصغير بنومهم وأخذت حياة تنظر حولها ناحية الغرف ولم تملك الجرئة لتسأله عن غرفتها
لكنه علم بذلك فتقدم منها ليتحدث بعقلانية
_ ممكن نتحدت شوية
ازدردت لعابها بوجل وقد تلاعبت بها الظنون من أن يكون قد أخلف بوعده لها
ولاحظ وهدان ارباكها فصحح لها
_ متجلجيش من حاچة انا عند وعدي ليكي بس كل الحكاية إني رايد تنامي معايا في الأوضة.
……..
وقف حسان أمام النافذة في مكتبه يفكر في قصة تلك الفتاة والتي استطاع بعد عناء أن ينحيها من حياة حفيده، ما الذي جعلها تعود إليه مرة أخرى؟
ولما في ذلك الوقت خاصة
هل عادت عندما علمت بموت زوجته؟
أم إنها مصادفة وليس أكثر من ذلك
فمنذ أن أخبروه بوجود فتاة صديقة لياسمين في المزرعة حتى أيقن حينها بأنها تلك الفتاة فحفيدته لا تعرف غيرها
اندهش عندما بدلت اسمها ولم تخبره بهويتها وتأكد بأن حفيده أيضًا لم يتعرف عليها
ولكن لما
لا ضير في وجودها بجانبه الآن فقد رحلت حفيدته ولن يظل هكذا
وقد تكون هذه فرصته للموافقة عليها مقابل عودته للقصر.
عليه أولاً أن يعرف سبب تخفيها وبقاءها كل ذلك الوقت في البلدة
لم يقتنع بقصة اداء والديها لأداء العمرة مؤكد هناك شيء آخر وسيعمل على معرفته
فتلك الفتاة تعد بطاقة رابحة الآن وعليه أن يستغلها جيدًا
اما جواد فمازالت تشغله وتأرق مضجعه
هي؟
أم لا؟
وإذا كانت هي لما تخلت عن نقابها رغم أنها تمسكت به بقوة عندما أُصيبت ولم تقبل بطلب الطبيب لخلعه كي يرى إصابة وجهها، وحينها بعث جواد لاحدى الطبيبات كي تعاينها
لو لم تقوم الطبيبة بمعالجة ذلك الجرح بخياطة تجميلة لاستطاع معرفتها فورًا
فلاش باك
وقف ينتظر خروج مراد من غرفتها والذي خرج إليهم يطمئنهم
_ متجلجوش الچرح اللي في اديها عميق صحيح بس صغير مش كبير وانا خيطته دلوجت وسيطرت على النزيف بس واضح إن فيه جرح في وشها لكن رافضة ترفع النقاب جدامي
انقبض قلبه خوفًا عليها وقال بقلق واضح
_ طيب شوفلنا أي دكتورة يامراد بسرعة.
اندهش الجميع من لهفته مما جعله يعدل من موقفه
_ دي ضيفة ومش رايدين ضرر ليها وابوها زمانه في الطريج عايزين نطمنه عليها.
اقتنع الجميع ما عدا مراد لكن ليس وقته الآن
اخرج هاتفه واتصل على إدارة المشفى
_ ابعتلي الدكتورة وسام بسرعة
تطلع إلى جواد بشك وتحدث بمغزى
_ دجيجة بالكتير وهتاچي، تعالى انت بجى اشوف جرحك ده واعرف حكايته.
في غرفة مراد انتهى أخيرًا من تضميد جرحه ثم خلع قفازيه ونظر إليه بشك
_ ايه حكايتك يا ابن الخليلي؟ شكلك مش عاچبني
نهض جواد من مقعده وجلس على الكرسي المقابل لمراد وتحدث متهربًا
_ حكاية ايه ما انت خابر بكل حاچة.
_ وعشان إكدة بسألك لهفتك على البنت دي مش مريحاني.
ابتسم بألم لم يستطيع اخفاءه
_ لا ارتاح جوي لأن اللي زي مش مكتوب عليه الفرح.
تأثر مراد برد صديقه وتتحدث بعقلانية
_ انت اللي معذب حالك، جلتلك حاول تحبها وترضى بحياتك معها عشان حتى ابنك ولا بنتك اللي چايين.
تطلع إليه جواد بابتسامة مليئة بالأسى
_ مش غريبة شوية لما انت اللي تجول إكدة؟
رد مراد ببساطة وهو يعود بظهره للوراء
_ ومين جالك إني مش راضي؟ بالعكس أني سعيد چدًا بحياتي معها رغم إن فيه أختلاف بيني وبينك، انت بكرة بالكتير هتكون بالنسبالك ام ابنك إنما أنا لا مفيش مقارنة.
ضيق جواد عينيه بشك
_ رايد تفهمني انك مش هتفكر في يوم من الأيام انك تتچوز عشان تخلف؟
تحدث مراد بصدق
_ لأ عمري ما هفكر اظلمها هي بتعمل المستحيل عشان تسعدني فمش هجدر إن اچرحها بحاچة زي دي واكون سبب تعاستها.
نظر جواد إلى صديقه باعجاب وتحدث باعتزاز
_ مع اني مش معاك في اللي بتجوله بس ربنا يوفقك.
انتبه جواد لصوت توفيق بالخارج فقال لمراد
_ ابوه چاه هروح اطمنه.
وفور خروجه تفاجئ بشمس واقفة بجوار عدي تسأل عنه وصادف ذلك خروج توليب من الغرفة وانتهى الأمر فور أن اسرعت إليه شمس بلهفة
_ جواد حبيبي انت بخير؟
لم ينسى تلك النظرات التي تنقلت بينه وبين شمس وبين جوفها الممتلئ فتتحول نظرات الصدمة لأخرى عاتبة قبل أن يسقط قلبه حين سقطت هي بين يدي والدها
باك
عاد من ذكرياته على صوت هاتفه فنظر إلى المتصل فيجده مراد
_ السلام عليكم
اعتدل جواد من فراشه ورد بهدوء
_ وعليكم السلام كيفك
_ بخير الحمد لله، انت فين دلوجت؟
_ في المزرعة
_ طيب نص ساعة وهكون عندك جهز الخيل لحد ما اچيلك.
اغلق جواد الهاتف ونهض ليرتد ساقه ثم خرج من الغرفة
………..
اتسعت عين حياة بصدمة وقبل أن تتلاعب بها الظنون قال برزانة
_ وجبل ما عجلك ياخد لبعيد هفهمك
انتي خابرة إن البنات لسة صغيرين وأكيد هيتعرضوا لاستجواب من خالتهم وستهم عن اللي بيحصل في الدار ومش عايز حد يشك إن چوازنا مش طبيعي، هتنامي معاي في الأوضة بس هتنامي على السرير واني هنام على الكنبة.
عادت ترمش بعينيها دلالة على مدى ارتباكها وشعرت بأنها ربما تكون طريقة يستطيع أن يصل بها لمراده وعندما لاحظ ذلك تابع بلهجة بثت الاطمئنان بداخلها
_ وانا بعيد كلامي وبجولك متخافيش لأن حاچة زي دي مش هتاچي أكدة، إن مكنتش بالتراضي يبجى ملهاش عازة عندي.
ادخلي غيري هدومك وانا هستناكي لحد ما تخلصي.
وافقت حياة وشعر هو بالسعادة لثقتها به وأقسم ان يكون أهلًا لتلك الثقة
……..
جلس مراد مع جواد بعد جولة قضاها الاثنين على الخيل
علم جواد بأن هناك ما يشغله
فهو لا يأتي إلى المزرعة إلا لكي ينسى
ولهذا لابد من وجود خطب ما يؤرقه.
_ ايه اللي حصل؟
قالها جواد بحيرة جعلت مراد يشتد وجومه فهو لا يعرف ماذا يقول
لن يستطيع فضح أمرها أمام صديقه وهو صِدقًا يود أن يستمع إلى نصائحة
فرغم ان صداقتهم اهتزت منذ أن شارك مراد في العملية لكنه لن ييأس وسيظل خلفه حتى يسامح
فقد رفض قرار الأطباء حينها لكنه حقًا لم يجدوا حلًا آخر ولذلك قام باجراءها
تنهد مراد بتعب وتطلع إليه بحيرة
_ مش عارف، بس كل الحكاية ان بين يوم وليلة كل حاچة في حياتي اتبدلت
لم يضغط عليه جواد وتركه يتحدث إذا أراد
_ آسر أخوي كانت متچوز من ورا أبوه، كان خايف يعرف ويأذيها وعشان إكدة مسجلش العجد.
عقد جواد حاجبيه متسائلًا
_ عرفي؟
انكر مراد مسرعًا
_ لا، بس دلوجت بتلاجي المؤذون راكن دفتر على چانب إكدة للچوازات اللي زي إكدة، بيكتبها للي بيزوچوا بناتهم جبل السن القانوني ولما بتوصل للسن المناسب بيعملوا عجد چديد
بس المشكلة إن هي متعرفش حاچة عن كل ده وهي دلوجت حامل.
_ وأهلها رأيهم ايه في حاچة زي دي؟
_ والدها متوفي وولدتها توفت بعد حادثة أخوي.
_ يبجى مفيش جدامك حل تاني.
فهم مراد ما يرمي إليه صديقه لكنه مازال يفكر في مشاعر زوجته.
_ ومرتي؟
_ بس الضرورة بتحكم أولًا العجد ده يعتبر مزور يعني لو فكرت تثبت به الطفل المأذون هيروح في داهية وممكن ينكر حاچة زي دي
ده إن جدرت توصله.
زم مراد فمه باستياء وغمغم بضيق
_ كل حاچة اتعجدت من حوليا ومش عارف اتصرف ازاي، سلمى متستاهلش إني اچرحها
وفي نفس الوجت مش هجدر احافظ على امانة أخوي.
_ اتحدث معها وفهمها إن مفيش حل تاني وبعدين هيكون چواز صوري لجل ما تثبت الطفل فيه باسمك، يا إما هيعيش حياته كلها بوصمة عار في بلدنا أهنه، خليها تضحي مرة زي انت مضحيت.
_ ولو رفضت؟
_ لو شايف إن مرات مؤيد ممكن ترحمها اقنعه يشيل الليلة بدالك.
_______________
امتطى جواد حصانه بعد ذهاب مراد وانطلق به ناحية التل فوجد آدم ينتظر بحصانه على مشارفه.
اوقف جواد حصانه وتحدث بقوة
_ عملت ايه؟
رد آدم بجدية
_ زي ما جولت بالظبط حامد اللي بينجل كل الأخبار لجدك ولما طلب مني انجله أخبارك كان جاصد يتأكد من صدقه، وخالد وعدى الفلوس اللي اختلسوها من المصنع جدموها في اسهم لشركة المحمدي بس لسة ممضوش العجود.
أومأ جواد وتحدث بتوعد
_ إكدة حسابهم تجل أوي
نظر إليه بجديدة وتابع
_ انت هتاخد الفلوس اللي حولتهالك وتشتري انت الأسهم دي بسعر أعلى وتفضل هناك لحد ما ييجي الوجت المناسب اللي هترچع فيه.
_ بس اني جولتلك جبل سابج أني مش هخطي خطوة واحدة بره التل جبل ما انتجم لأبويا وأمي من حسان ……..
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺